العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة طه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 07:16 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة طه [ من الآية (83) إلى الآية (89) ]

{وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86) قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88) أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 07:19 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما أعجلك عن قومك يا موسى (83) قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك ربّ لترضى}.
يقول تعالى ذكره: وما أعجلك؟ وأيّ شيءٍ أعجلك عن قومك يا موسى، فتقدّمتهم وخلّفتهم وراءك، ولم تكن معهم؟). [جامع البيان: 16/129]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور والبيهقي في الشعب من طريق عمرو بن ميمون عن رجل من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: فعجل موسى إلى ربه فقال الله: {وما أعجلك عن قومك يا موسى (83) قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى} قال: فرأى في ظل العرش رجلا فعجب له، فقال: من هذا يا رب قال: لا أحدثك حديثه لكن سأحدثك بثلاث فيه: كان لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله ولا يعق والديه ولا يمشي بالنميمة). [الدر المنثور: 10/225-226]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: وانطلق موسى إلى ربه يكلمه، فلما كلمه قال له: {وما أعجلك عن قومك يا موسى}. قال: {هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى}. قال: {فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري}. فلما خبره خبرهم قال: يا رب، هذا السامري أمرهم أن يتخذوا العجل، أرأيت الروح من نفخها فيه؟ قال الرب: أنا. قال: يا رب، فأنت إذن أضلتهم.
ثم رجع {موسى إلى قومه غضبان أسفا}. قال: حزينا، {قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا} إلى قوله: {ما أخلفنا موعدك بملكنا} يقول: بطاقتنا {ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم} يقول: من حلي القبط: {فقذفناها فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار} فعكفوا عليه يعبدونه وكان يخور ويمشي، فقال لهم هرون: {يا قوم إنما فتنتم به} يقول ابتليتم بالعجل، قال: {فما خطبك يا سامري} ما بالك، إلى قوله: {وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه} قال: فأخذه فذبحه ثم خرقه بالمبرد، يعني سحكه ثم ذراه في اليم، فلم يبق نهر يجري يومئذ إلا وقع فيه منه شيء ثم قال لهم موسى: اشربوا منه فشربوا، فمن كان يحبه خرج على شاربيه الذهب فذلك حين يقول: {وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم}، قال: فلما سقط في أيدي بني إسرائيل حين جاء موسى {ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين} فأبى الله أن يقبل توبة بني إسرائيل إلا بالحال التي كرهوا أنهم كرهوا أن يقاتلوهم حين عبدوا العجل {قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم} فاجتلد الذين عبدوه والذين لم يعبدوا بالسيوف فكان من قتل من الفريقين شهيدا حتى كثر القتل حتى كادوا أن يهلكوا حتى قتل منهم سبعون ألفا وحتى دعا موسى وهرون: ربنا هلكت بنو إسرائيل ربنا البقية، البقية، فأمرهم أن يضعوا السلاح وتاب عليهم فكان من قتل منهم كان شهيدا ومن بقي كان مكفرا عنه فذلك قوله تعالى: {فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم}، ثم إن الله تعالى أمر موسى أن يأتيه في ناس من بني اسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل فوعدهم موعدا {واختار موسى قومه سبعين رجلا} ثم ذهب ليعتذروا من عبادة العجل فلما أتوا ذلك قالوا: {لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة} فإنك قد كلمته فأرناه {فأخذتهم الصاعقة} فماتوا فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول: رب، ماذا أقول لنبي إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم {رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} فأوحى الله إلى موسى أن هؤلاء السبعين ممن اتخذوا العجل، فذلك حين يقول موسى: {إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء} الآية). [الدر المنثور: 10/231-233]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (قال {هم أولاء على أثري} يقول: قومي على أثري يلحقون بي. {وعجلت إليك ربّ للترضى} يقول: وعجلت أنا فسبقتهم ربّ، كيما ترضى عنّي.
وإنّما قال اللّه تعالى ذكره لموسى: ما أعجلك عن قومك؟ لأنّه جلّ ثناؤه، فيما بلغنا حين نجّاه وبني إسرائيل من فرعون وقومه، وقطع بهم البحر، وعدهم جانب الطّور الأيمن، فتعجّل موسى إلى ربّه، وأقام هارون في بني إسرائيل، يسير بهم على أثر موسى.
- كما: حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: وعد اللّه موسى حين أهلك فرعون وقومه ونجّاه وقومه، ثلاثين ليلةً، ثمّ أتمّها بعشرٍ، فتمّ ميقات ربّه أربعين ليلةً، تلقّاه فيها بما شاء، فاستخلف موسى هارون في بني إسرائيل، ومعه السّامريّ، يسير بهم على أثر موسى ليلحقهم به، فلمّا كلّم اللّه موسى، قال له {ما أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك ربّ لترضى}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وعجلت إليك ربّ لترضى} قال: لأرضيك). [جامع البيان: 16/129-130]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور والبيهقي في الشعب من طريق عمرو بن ميمون عن رجل من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: فعجل موسى إلى ربه فقال الله: {وما أعجلك عن قومك يا موسى (83) قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى} قال: فرأى في ظل العرش رجلا فعجب له، فقال: من هذا يا رب قال: لا أحدثك حديثه لكن سأحدثك بثلاث فيه: كان لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله ولا يعق والديه ولا يمشي بالنميمة). [الدر المنثور: 10/225-226] (م)

تفسير قوله تعالى: (قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال فإنّا قد فتنّا قومك من بعدك وأضلّهم السّامريّ (85) فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفًا قال يا قوم ألم يعدكم ربّكم وعدًا حسنًا أفطال عليكم العهد أم أردتّم أن يحلّ عليكم غضبٌ من ربّكم فأخلفتم موعدي}.
يقول اللّه تعالى ذكره قال اللّه لموسى: فإنّا يا موسى قد ابتلينا قومك من بعدك بعبادة العجل، وذلك كان فتنتهم من بعد موسى.
ويعني بقوله: {من بعدك} من بعد فراقك إيّاهم. يقول اللّه تبارك وتعالى: {وأضلّهم السّامريّ} وكان إضلال السّامريّ إيّاهم دعاءه إيّاهم إلى عبادة العجل). [جامع البيان: 16/130]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني أبو الحسين محمّد بن أحمد بن تميمٍ الحنظليّ، ثنا جعفر بن محمّد بن شاكرٍ، ثنا عفّان، ثنا أبو عوانة، وأخبرنا أبو الحسين، ثنا جعفرٌ، ثنا سعد بن عبد الحميد، ثنا هشامٌ، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " يرحم اللّه موسى ليس المعاين كالمخبر أخبره ربّه أنّ قومه فتنوا بعده فلم يلق الألواح، فلمّا رآهم وعاينهم ألقى الألواح. وقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «رحم اللّه موسى لو لم يعجّل لقصّ من حديثه غير الّذي قصّ» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/412]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال انطلق موسى إلى ربه فكلمه فلما كلمه قال له: {وما أعجلك عن قومك يا موسى} {قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى} قال: {فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري} فلما خبره خبرهم قال: يا رب هذا السامري أمرهم أن يتخذوا العجل، أرأيت الروح من نفخها فيه قال الرب: أنا، قال: يا رب، فأنت إذا أضللتهم، ثم رجع {موسى إلى قومه غضبان أسفا} قال: حزينا {قال يا قوم ألم} ). [الدر المنثور: 10/222]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: وانطلق موسى إلى ربه يكلمه، فلما كلمه قال له: {وما أعجلك عن قومك يا موسى}. قال: {هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى}. قال: {فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري}. فلما خبره خبرهم قال: يا رب، هذا السامري أمرهم أن يتخذوا العجل، أرأيت الروح من نفخها فيه؟ قال الرب: أنا. قال: يا رب، فأنت إذن أضلتهم.
ثم رجع {موسى إلى قومه غضبان أسفا}. قال: حزينا، {قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا} إلى قوله: {ما أخلفنا موعدك بملكنا} يقول: بطاقتنا {ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم} يقول: من حلي القبط: {فقذفناها فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار} فعكفوا عليه يعبدونه وكان يخور ويمشي، فقال لهم هرون: {يا قوم إنما فتنتم به} يقول ابتليتم بالعجل، قال: {فما خطبك يا سامري} ما بالك، إلى قوله: {وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه} قال: فأخذه فذبحه ثم خرقه بالمبرد، يعني سحكه ثم ذراه في اليم، فلم يبق نهر يجري يومئذ إلا وقع فيه منه شيء ثم قال لهم موسى: اشربوا منه فشربوا، فمن كان يحبه خرج على شاربيه الذهب فذلك حين يقول: {وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم}، قال: فلما سقط في أيدي بني إسرائيل حين جاء موسى {ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين} فأبى الله أن يقبل توبة بني إسرائيل إلا بالحال التي كرهوا أنهم كرهوا أن يقاتلوهم حين عبدوا العجل {قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم} فاجتلد الذين عبدوه والذين لم يعبدوا بالسيوف فكان من قتل من الفريقين شهيدا حتى كثر القتل حتى كادوا أن يهلكوا حتى قتل منهم سبعون ألفا وحتى دعا موسى وهرون: ربنا هلكت بنو إسرائيل ربنا البقية، البقية، فأمرهم أن يضعوا السلاح وتاب عليهم فكان من قتل منهم كان شهيدا ومن بقي كان مكفرا عنه فذلك قوله تعالى: {فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم}، ثم إن الله تعالى أمر موسى أن يأتيه في ناس من بني اسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل فوعدهم موعدا {واختار موسى قومه سبعين رجلا} ثم ذهب ليعتذروا من عبادة العجل فلما أتوا ذلك قالوا: {لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة} فإنك قد كلمته فأرناه {فأخذتهم الصاعقة} فماتوا فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول: رب، ماذا أقول لنبي إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم {رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} فأوحى الله إلى موسى أن هؤلاء السبعين ممن اتخذوا العجل، فذلك حين يقول موسى: {إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء} الآية). [الدر المنثور: 10/231-233] (م)

تفسير قوله تعالى: (فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فرجع موسى إلى قومه} يقول: فانصرف موسى إلى قومه من بني إسرائيل بعد انقضاء الأربعين الليلةً {غضبان أسفًا} يعنى بقوله {أسفًا} متغيّظًا على قومه، حزينًا لما أحدثوه بعده من الكفر باللّه.
- كما: حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {غضبان أسفًا} يقول: حزينًا. وقال في الزّخرف: {فلمّا آسفونا} يقول: أغضبونا، والأسف على وجهين: الغضب، والحزن.
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {غضبان أسفًا} يقول: حزينًا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولمّا رجع موسى إلى قومه غضبان أسفًا} أي حزينًا على ما صنع قومه من بعده.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {أسفًا} قال: جزعاً.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
وقوله: {قال يا قوم ألم يعدكم ربّكم وعدًا حسنًا} يقول: ألم يعدكم ربّكم أنّه غفّارٌ لمن تاب وآمن وعمل صالحًا ثمّ اهتدى؟ ويعدكم جانب الطّور الأيمن، وينزّل عليكم المنّ والسّلوى، فذلك وعد اللّه الحسن بني إسرائيل الّذي قال لهم موسى: ألم يعدكموه ربّكم.
وقوله: {أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحلّ عليكم غضبٌ من ربّكم} يقول: أفطال عليكم العهد بي، وبجميل نعم اللّه عندكم، وأياديه لديكم، أم أردتم أن يحلّ عليكم غضبٌ من ربّكم: يقول: أم أردتم أن يجب عليكم غضبٌ من ربّكم فتستحقّوه بعبادتكم العجل، وكفركم باللّه، فأخلفتم موعدي. وكان إخلافهم موعده عكوفهم على العجل، وتركهم السّير على أثر موسى للموعد الّذي كان اللّه وعدهم، وقولهم لهارون إذ نهاهم عن عبادة العجل، ودعاهم إلى السّير معه في أثر موسى: {لن نبرح عليه عاكفين حتّى يرجع إلينا موسى} ). [جامع البيان: 16/131-132]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله غضبان أسفا يعني جزعا والأسف الجزع). [تفسير مجاهد: 399]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال انطلق موسى إلى ربه فكلمه فلما كلمه قال له: {وما أعجلك عن قومك يا موسى} {قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى} قال: {فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري} فلما خبره خبرهم قال: يا رب هذا السامري أمرهم أن يتخذوا العجل، أرأيت الروح من نفخها فيه قال الرب: أنا، قال: يا رب، فأنت إذا أضللتهم، ثم رجع {موسى إلى قومه غضبان أسفا} قال: حزينا {قال يا قوم ألم} ). [الدر المنثور: 10/222] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن علي رضي الله عنه قال: لما تعجل موسى إلى ربه عمد السامري فجمع ما قدر عليه من حلى بني إسرائيل فضربه عجلا ثم ألقى القبضة في جوفه فإذا هو عجل جسد له خوار فقال لهم السامري: {هذا إلهكم وإله موسى} فقال لهم هرون: {يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا} فلما أن رجع موسى أخذ رأسه أخيه فقال له هرون ما قال فقال موسى للسامري: {فما خطبك} فقال: {فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي} فعمد موسى إلى العجل فوضع عليه المبارد فبرده وهو على شطر نهر فما شرب أحد من ذلك الماء - ممن كان يعبد ذلك العجل - إلا اصفر وجهه مثل الذهب فقالوا: يا موسى ما توبتنا قال: يقتل بعضكم بعضا فأخذوا السكاكين فجعل الرجل يقتل أباه وأخاه وابنه لا يبالي من قتل حتى قتل منهم سبعون ألفا فأوحى الله إلى موسى: مرهم فليرفعوا أيديهم فقد غفرت لمن قتل وتبت على من بقي). [الدر المنثور: 10/227] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: وانطلق موسى إلى ربه يكلمه، فلما كلمه قال له: {وما أعجلك عن قومك يا موسى}. قال: {هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى}. قال: {فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري}. فلما خبره خبرهم قال: يا رب، هذا السامري أمرهم أن يتخذوا العجل، أرأيت الروح من نفخها فيه؟ قال الرب: أنا. قال: يا رب، فأنت إذن أضلتهم.
ثم رجع {موسى إلى قومه غضبان أسفا}. قال: حزينا، {قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا} إلى قوله: {ما أخلفنا موعدك بملكنا} يقول: بطاقتنا {ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم} يقول: من حلي القبط: {فقذفناها فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار} فعكفوا عليه يعبدونه وكان يخور ويمشي، فقال لهم هرون: {يا قوم إنما فتنتم به} يقول ابتليتم بالعجل، قال: {فما خطبك يا سامري} ما بالك، إلى قوله: {وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه} قال: فأخذه فذبحه ثم خرقه بالمبرد، يعني سحكه ثم ذراه في اليم، فلم يبق نهر يجري يومئذ إلا وقع فيه منه شيء ثم قال لهم موسى: اشربوا منه فشربوا، فمن كان يحبه خرج على شاربيه الذهب فذلك حين يقول: {وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم}، قال: فلما سقط في أيدي بني إسرائيل حين جاء موسى {ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين} فأبى الله أن يقبل توبة بني إسرائيل إلا بالحال التي كرهوا أنهم كرهوا أن يقاتلوهم حين عبدوا العجل {قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم} فاجتلد الذين عبدوه والذين لم يعبدوا بالسيوف فكان من قتل من الفريقين شهيدا حتى كثر القتل حتى كادوا أن يهلكوا حتى قتل منهم سبعون ألفا وحتى دعا موسى وهرون: ربنا هلكت بنو إسرائيل ربنا البقية، البقية، فأمرهم أن يضعوا السلاح وتاب عليهم فكان من قتل منهم كان شهيدا ومن بقي كان مكفرا عنه فذلك قوله تعالى: {فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم}، ثم إن الله تعالى أمر موسى أن يأتيه في ناس من بني اسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل فوعدهم موعدا {واختار موسى قومه سبعين رجلا} ثم ذهب ليعتذروا من عبادة العجل فلما أتوا ذلك قالوا: {لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة} فإنك قد كلمته فأرناه {فأخذتهم الصاعقة} فماتوا فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول: رب، ماذا أقول لنبي إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم {رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} فأوحى الله إلى موسى أن هؤلاء السبعين ممن اتخذوا العجل، فذلك حين يقول موسى: {إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء} الآية). [الدر المنثور: 10/231-233] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {أفطال عليكم العهد} يقول: الوعد وفي قوله: {فأخلفتم موعدي} يقول: عهدي وفي قوله: {ما أخلفنا موعدك بملكنا} بأمر ملكنا {ولكنا حملنا أوزارا} قال: أثقالا من زينة القوم وهي الحلي الذي استعاروه من آل فرعون {فقذفناها} قال: فألقيناها {فكذلك ألقى السامري} قال: كذلك صنع {فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار} قال: حفيف الريح فيه، فهو خواره والعجل ولد البقرة). [الدر المنثور: 10/233]

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله ما أخلفنا موعدك بملكنا قال بطاقتنا). [تفسير عبد الرزاق: 2/18]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة قال لما استبطأ موسى قومه قال لهم السامري إنما احتبس عنكم من أجل ما عندكم من الحلي وكانوا استعاروا حليا من آل فرعون فجمعوه فأعطوه السامري فصاغ منه عجلا ثم أخذ القبضة التي قبض من أثر فرس الملك فنبذها في جوفه فإذا هو عجل جسد له خوار فقال هذا إلهكم وإله موسى ولكن موسى نسي ربه عندكم). [تفسير عبد الرزاق: 2/18]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {أوزارًا} [طه: 87] : «أثقالًا» {من زينة القوم} [طه: 87] : «وهي الحليّ الّتي استعاروا من آل فرعون، وهي الأثقال»). [صحيح البخاري: 6/95]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهد أوزارا أثقالًا ثبت هذا لأبي ذرٍّ وهو عند الفريابيّ من طريقه.
قوله من زينة القوم الحليّ الّذي استعاروا من آل فرعون وهو الأثقال وصله الفريابيّ أيضًا وقد تقدّم في قصّة موسى وروى الحاكم من حديث عليٍّ قال عمد السّامريّ إلى ما قدر عليه من الحليّ فضربه عجلًا ثمّ ألقى القبضة في جوفه فإذا هو عجلٌ له خوارٌ الحديث وفيه فعمد موسى إلى العجل فوضع عليه المبارد على شفير الماء فما شرب من ذلك أحدٌ ممّن كان عبد العجل إلّا اصفرّ وجهه وروى النّسائيّ في الحديث الطّويل الّذي يقال له حديث الفتون عن بن عبّاسٍ قال لمّا توجّه موسى لميقات ربّه خطب هارون بني إسرائيل فقال إنّكم خرجتم من مصر ولقوم فرعون عندكم ودائعٌ وعواريّ وأنا أرى أن نحفر حفيرةً ونلقي فيها ما كان عندكم من متاعهم فنحرقه وكان السّامريّ من قومٍ يعبدون البقر وكان من جيران بني إسرائيل فاحتمل معهم فرأى أثرًا فأخذ منه قبضةً فمرّ بهارون فقال له ألا تلقي ما في يدك فقال لا ألقيها حتّى تدعو اللّه أن يكون ما أريد فدعا له فألقاها فقال أريد أن يكون عجلا له جوف يخور قال بن عبّاسٍ ليس له روحٌ كانت الرّيح تدخل من دبره وتخرج من فيه فكان الصّوت من ذلك فتفرّق بنو إسرائيل عند ذلك فرقًا الحديث بطوله). [فتح الباري: 8/433]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد {أوزارا} أثقالا {من زينة القوم} الحليّ الّذي استعاروا من آل فرعون فنبذتها فألقتها {ألقى} صنع {فنسي} موسى هم يقولونه أخطأ الرب {ألا يرجع إليهم قولا} العجل همسا حس الأقدام {حشرتني أعمى} عن حجتي وقد كنت بصيرًا في الدّنيا {أزري} ظهري {المثلى} الأمثل
قال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 87 طه {ولكنّا حملنا أوزارا من زينة القوم} قال الحليّ الّذي استعاروا من آل فرعون وهي الأنقال). [تغليق التعليق: 4/253] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مجاهدٌ أوزاراً أثقالاً
أي: قال مجاهد في تفسير قوله تعالى: {ولكنّا حملنا أوزاراً من زينة القوم} (طه: 87) أي: أثقالاً، وهو جمع وزر ويراد به العقوبة الثّقيلة، سمّاها وزراً تشبيها في ثقلها على المعاقب وصعوبة احتمالها بالحمل الّذي يقدح الحامل ويفضض ظهره، أو لأنّها جزاء الوزر. وهو الإثم.
من زينة القوم الحليّ الّذي استعاروا من آل فرعون أشار به إلى قوله تعالى: {ولكنّا حملنا أوزاراً من زينة القوم} (طه: 87) وفسّر زينة القوم بقوله: الحليّ الّذي استعاروا، أي: استعار بنو إسرائيل من الحليّ الّذي هو من آل فرعون، يعني: من قومه، وأسنده أبو محمّد الرّازيّ من حديث ابن أبي نجيح عن مجاهد، وفي بعض النّسخ: وقال مجاهد: من زينة القوم إلى آخره). [عمدة القاري: 19/57-58]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد) في قوله تعالى: {ولكنا حملنا} ({أوزارًا}) [طه: 87] أي (أثقالًا) كذا لأبوي ذر والوقت ولأبي ذر وحده أيضًا أوزارًا وهي الأثقال ({من زينة القوم}) أي (الحلي الذي) ولأبي ذر وهي الحلي التي (استعاروا من آل فرعون) وهذا وصله الفريابي وعند الحاكم من حديث علي قال عمد السامري إلى ما قدر عليه من الحلي فضربه عجلًا ثم ألقى القبضة في جوفه فإذا هو عجل له خوار وعند النسائي أنه لما أخذ القبضة من أثر الرسول أي من تربة موطئ فرس الحياة التي كان راكبها جبريل لما جاء في غرق فرعون فأمر بهارون فقال له ألا تلقي ما في يدك فقال لا ألقيها حتى تدعوا الله أن تكون ما أريد فدعا له فألقاها وقال أريد أن تكون عجلًا له جوف يخور). [إرشاد الساري: 7/237]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({فقذفتها} «فألقيتها»). [صحيح البخاري: 6/95]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله فقذفتها ألقيتها ألقى صنع فنسي موسى هم يقولونه أخطأ الرّبّ لا يرجع إليهم قولًا العجل تقدّم كلّه في قصّة موسى). [فتح الباري: 8/433]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد {أوزارا} أثقالا {من زينة القوم} الحليّ الّذي استعاروا من آل فرعون فنبذتها فألقتها {ألقى} صنع {فنسي} موسى هم يقولونه أخطأ الرب {ألا يرجع إليهم قولا} العجل همسا حس الأقدام {حشرتني أعمى} عن حجتي وقد كنت بصيرًا في الدّنيا {أزري} ظهري {المثلى} الأمثل
قال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 87 طه {ولكنّا حملنا أوزارا من زينة القوم} قال الحليّ الّذي استعاروا من آل فرعون وهي الأنقال
وبه في قوله 96 طه {فقبضت قبضة من أثر الرّسول فنبذتها} قال ألقيتها). [تغليق التعليق: 4/253-254] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (فقذفناها فألقيناها
أشار به إلى قوله تعالى: {فقذفناها فكذلك ألقى السامري} (طه: 87) وفسّر قوله: (فقذفناها) بقوله: (فألقيناها) وقال الثّعلبيّ: أي: فجمعناها ودفعناها إلى السامري فألقاها في النّار لترجع أنت فترى فيه رأيك، وفي بعض النّسخ: فقذفتها فألقيتها). [عمدة القاري: 19/58]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (فقذفتها) أي (فألقيتها) في النار وفي نسخة (فقذفناها) فألقيناها والضمير لحلي القبط التي كانوا استعاروها منهم حين هموا بالخروج من مصر وقيل هي ما ألقاه البحر على الساحل بعد إغراقهم فأخذوه). [إرشاد الساري: 7/237]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({ألقى} [طه: 87] : «صنع»). [صحيح البخاري: 6/95]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله فقذفتها ألقيتها ألقى صنع فنسي موسى هم يقولونه أخطأ الرّبّ لا يرجع إليهم قولًا العجل تقدّم كلّه في قصّة موسى). [فتح الباري: 8/433] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد {أوزارا} أثقالا {من زينة القوم} الحليّ الّذي استعاروا من آل فرعون فنبذتها فألقتها {ألقى} صنع {فنسي} موسى هم يقولونه أخطأ الرب {ألا يرجع إليهم قولا} العجل همسا حس الأقدام {حشرتني أعمى} عن حجتي وقد كنت بصيرًا في الدّنيا {أزري} ظهري {المثلى} الأمثل
قال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 87 طه {ولكنّا حملنا أوزارا من زينة القوم} قال الحليّ الّذي استعاروا من آل فرعون وهي الأنقال
وبه في قوله 96 طه {فقبضت قبضة من أثر الرّسول فنبذتها} قال ألقيتها
وفي قوله 87 طه {فكذلك ألقى السامري} قال صنع). [تغليق التعليق: 4/253-254] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (قال ابن جبيرٍ والضّحّاك بالنّبطيّة طه يا رجل: وقال مجاهدٌ ألقى صنع
أي: قال مجاهد في قوله تعالى: {يا موسى إمّا أن تلقي وأما أن نكون أول من ألقى} (طه: 65) أي: صنع، وقد مر هذا في قصّة موسى عليه الصّلاة والسّلام، في أحاديث الأنبياء عليهم السّلام، وكذلك يأتي لفظ: ألقى، في قوله: {فكذلك ألقى السامري} (طه: 87) وفسّر هناك أيضا بقوله: صنع، والمفسرون فسروا كليهما في الإلقاء وهو الرّمي). [عمدة القاري: 19/56] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ألقى صنع
أشار به إلى قوله تعالى: {فكذلك ألقى السامري} وفسّر: (ألقى) بقوله: (صنع) وفي التّفسير: {فكذلك ألقى السامري} أي: ألقى ما معه، معناه: كما ألقينا). [عمدة القاري: 19/58]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({ألقي}) من قوله: {فكذلك ألقى السامري} [طه: 87] أي (صنع) مثلهم من إلقاء ما كان معه من الحلي). [إرشاد الساري: 7/237]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( (بملكنا) : «بأمرنا»). [صحيح البخاري: 6/95]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله بملكنا بأمرنا سوى منصّفٌ بينهم يبسًا يابسًا على قدرٍ على موعدٍ سقط هذا كلّه لأبي ذرٍّ وقد تقدّم في قصّة موسى أيضًا). [فتح الباري: 8/434]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس {هضما} لا يظلم فيهضم من حسناته {عوجا} واديا {أمتا} رابية {سيرتها} حالتها الأولى {النهى} التقى {ضنكا} الشّقاء {هوى} شقي {المقدّس} المبارك {طوى} اسم الوادي {بملكنا} بأمرنا وقال مجاهد {مكانا سوى} منتصف بينهم {يبسا} يابسا {على قدر} على موعد {ولا تنيا} تضعفا {يفرط} عقوبة
قال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي ابن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله 112 طه {فلا يخاف ظلما} قال لا يخاف ابن آدم يوم القيامة أن يظلم فيزاد في سيئاته
وبه في قوله 107 طه {لا ترى فيها عوجا} يقول واديا
وفي قوله 107 طه {ولا أمتا} يقول رابية
وبه في قوله 121 طه {سيرتها الأولى} يقول حالتها الأولى
وقال ابن جرير ثنا علّي هو ابن داود ثنا عبد الله بن صالح ثنا معاوية عن علّي عن عبّاس في قوله 54 طه {إن في ذلك لآيات لأولي النهى} قال التقي
وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله 124 طه {معيشة ضنكا} قال الشّقاء
وبه في قوله 81 طه {هوى} يقول شقي
وبه في قوله 12 طه {المقدّس} يقول المبارك
وبه في قوله 12 طه {طوى} يقول اسم الوادي
وبه في قوله 87 طه {بملكنا} قال بأمرنا). [تغليق التعليق: 4/255-256] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (بملكنا بأمرنا
أشار به إلى قوله تعالى: {قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا} (طه: 87) وفسره بقوله: (بأمرنا) هذا على كسر الميم وعليها أكثر القرّاء، ومن قرأ بالفتح فهو المصدر الحقيقيّ، ومن قرأ بالضّمّ فمعناه: بقدرتنا وسلطاننا، وسقط هذا لأبي ذر). [عمدة القاري: 19/59]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({بملكنا}) بكسر الميم في قوله تعالى: {قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا} [طه: 87] وهي قراءة أبي عمرو وابن كثير وابن عامر أي (بأمرنا) وعاصم ونافع بفتحها وحمزة والكسائي بضمها وثلاثتها في الأصل لغات في مصدر ملكت الشيء). [إرشاد الساري: 7/238]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنّا حمّلنا أوزارًا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السّامريّ (87) فأخرج لهم عجلاً جسدًا له خوارٌ فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي}.
يقول تعالى ذكره: قال قوم موسى لموسى: ما أخلفنا موعدك، يعنون بموعده: عهده الّذي كان عهده إليهم.
- كما: حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، ح، وحدّثنا الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {موعدي} قال: عهدي.
وذلك العهد والموعد هو ما بيّنّاه قبل.
وقوله: {بملكنا} يخبر جلّ ذكره عنهم أنّهم أقرّوا على أنفسهم بالخطأ، وقالوا: إنّا لم نطق حمل أنفسنا على الصّواب، ولم نملك أمرنا حتّى وقعنا في الّذي وقعنا فيه من الفتنة.
وقد اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة: {" بملكنا "} بفتح الميم.
وقرأته عامّة قرّاء الكوفة: ( بملكنا ) بضمّ الميم.
وقرأه بعض أهل البصرة: ( بملكنا ) بالكسر.
فأمّا الفتح والضّمّ فهما بمعنًى واحدٍ، وهما بقدرتنا وطاقتنا، غير أنّ أحدهما مصدرٌ، والآخر اسمٌ، وأمّا الكسر فهو بمعنى ملك الشّيء وكونه للمالك.
واختلف أيضًا أهل التّأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه: ما أخلفنا موعدك بأمرنا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ما أخلفنا موعدك بملكنا} يقول: بأمرنا.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {بملكنا} قال: بأمر ملكنا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
وقال آخرون: معناه: بطاقتنا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا} أي بطاقتنا.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا} يقول: بطاقتنا.
وقال آخرون: معناه: ما أخلفنا موعدك بهوانا، ولكنّا لم نملك أنفسنا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ما أخلفنا موعدك بملكنا} قال: يقول بهوانا، قال: ولكنّه جاءت ثلاثةٌ، قال ومعهم حليّ استعاروه من آل فرعون وثيابٌ.
وكلّ هذه الأقوال الثّلاثة في ذلك متقاربات المعنى، لأنّ من لم يهلك نفسه، لغلبة هواه على أمر، فإنّه لا يمتنع في اللّغة أن يقول: فعل فلانٌ هذا الأمر، وهو لا يملك نفسه وفعله، وهو لا يضبطها وفعله، وهو لا يطيق تركه. فإذا كان ذلك كذلك، فسواءٌ بأيّ القراءات الثّلاث قرأ ذلك القارئ، وذلك أنّ من كسر الميم من الملك، فإنّما يوجّه معنى الكلام إلى ما أخلفنا موعدك ونحن نملك الوفاء به لغلبة أنفسنا إيّانا على خلافه، وجعله من قول القائل: هذا ملك فلانٍ لما يملكه من المملوكات، وأنّ من فتحها، فإنّه يوجّه معنى الكلام إلى نحو ذلك، غير أنّه يجعله مصدرًا من قول القائل: ملكت الشّيء أملكه ملكًا وملكةً، كما يقال: غلبت فلانًا أغلبه غلبًا وغلبةً، وأنّ من ضمّها فإنّه وجّه معناه إلى ما أخلفنا موعدك بسلطاننا وقدرتنا، أي ونحن نقدر أن نمتنع منه، لأنّ كلّ من قهر شيئًا فقد صار له السّلطان عليه. وقد أنكر بعض النّاس قراءة من قرأه بالضّمّ، فقال: أيّ ملكٍ كان يومئذٍ لبني إسرائيل، وإنّما كانوا بمصر مستضعفين، فأغفل معنى القوم وذهب عن مرادهم ذهابًا بعيدًا، وقارئو ذلك بالضّمّ لم يقصدوا المعنى الّذي ظنّه هذا المنكر عليهم ذلك، وإنّما قصدوا إلى أنّ معناه: ما أخلفنا موعدك بسلطانٍ كانت لنا على أنفسنا نقدر أن نردّها عمّا أتت، لأنّ هواها غلبنا على إخلافك الموعد.
وقوله: {ولكنّا حمّلنا أوزارًا من زينة القوم} يقول: ولكنّا حملنا أثقالاً وأحمالاً من زينة القوم، يعنون من حليّ آل فرعون، وذلك أنّ بني إسرائيل لمّا أراد موسى أن يسير بهم ليلاً من مصر بأمر اللّه إيّاه بذلك، أمرهم أن يستعيروا من أمتعة آل فرعون وحليّهم، وقال: إنّ اللّه مغنمكم ذلك، ففعلوا، واستعاروا منهم حليّ نسائهم وأمتعاتهم، فذلك قولهم لموسى حين قال لهم {أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحلّ عليكم غضبٌ من ربّكم فأخلفتم موعدي قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنّا حمّلنا أوزارًا من زينة القوم}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولكنّا حمّلنا أوزارًا من زينة القوم} فهو ما كان مع بني إسرائيل من حليّ آل فرعون، يقول: حظينا بها أصبنا من حليّ عدوّنا.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {أوزارًا} قال: أثقالاً.
وقوله: {من زينة القوم} قال: هي الحليّ الّتي استعاروا من آل فرعون، وهي الأثقال.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ {ولكنّا حمّلنا أوزارًا} قال: أثقالاً {من زينة القوم} قال: حليّتهم.
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {ولكنّا حمّلنا أوزارًا من زينة القوم} يقول: من حليّ القبط.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولكنّا حمّلنا أوزارًا من زينة القوم} قال: الحليّ الّذي استعاروه والثّياب ليست من الذّنوب في شيءٍ، لو كانت الذّنوب كانت حملناها نتحملها، فليست من الذّنوب في شيءٍ.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأ عامّة قرّاء المدينة وبعض المكّيّين: {حمّلنا} بضمّ الحاء وتشديد الميم بمعنى أنّ موسى يحمّلهم ذلك.
وقرأته عامّة قرّاء الكوفة والبصرة وبعض المكّيّين: ( حملنا ) بتخفيف الحاء والميم وفتحهما، بمعنى أنّهم حملوا ذلك من غير أن يكلّفهم حمله أحدٌ.
والقول عندي في تأويل ذلك أنّهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى، لأنّ القوم حمّلوا، وأنّ موسى قد أمرهم بحمله، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ الصّواب.
وقوله: {فقذفناها} يقول: فألقينا تلك الأوزار من زينة القوم في الحفرة {فكذلك ألقى السّامريّ} يقول: فكما قذفنا نحن تلك الأثقال، فكذلك ألقى السّامريّ ما كان معه من تربة حافر فرس جبريل.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
- ذكر من قال ذلك:
حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {فقذفناها} قال: فألقيناها {فكذلك ألقى السّامريّ} فكذلك صنع.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ {فقذفناها} قال: فألقيناها {فكذلك ألقى السّامريّ} فكذلك صنع.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فقذفناها} أي فنبذناها). [جامع البيان: 16/132-138]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ما أخلفنا موعدك أي عهدك). [تفسير مجاهد: 399]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله فقذفناها فألقيناها). [تفسير مجاهد: 399]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد بملكنا أي بأمر نملكه). [تفسير مجاهد: 399]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله حملنا أوزارا يعني أثقالا). [تفسير مجاهد: 399-400]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد من زينة القوم وهو الحلي استعاروها من آل فرعون وهي الأثقال أو الأنفال). [تفسير مجاهد: 400]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله فكذلك ألقى السامري أي كذلك صنع السامري). [تفسير مجاهد: 400]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان السامري رجلا من أهل باجرما وكان من قوم يعبدون البقر فكان حب عبادة البقر في نفسه وكان قد أظهر الإسلام في بني إسرائيل فلما فصل موسى إلى ربه قال لهم هرون: إنكم قد حملتم {أوزارا من زينة القوم} آل فرعون ومتاعا وحليا فتطهروا منها فإنها رجس وأوقد لهم نارا فقال: اقذفوا ما معكم من ذلك فيها فجعلوا يأتون بما معهم فيقذفون فيها ورأى السامري أثر فرس جبريل فأخذ ترابا من أثر حافره ثم أقبل إلى النار فقال لهرون يا نبي الله ألقي ما في يدي قال: نعم، ولا يظن هرون إلا أنه كبعض ما جاء به غيره من ذلك الحلي والأمتعة فقذفه فيها فقال: كن {عجلا جسدا له خوار} فكان للبلاء والفتنة، فقال: {هذا إلهكم وإله موسى} فعكفوا عليه وأحبوه حبا لم يحبوا مثله شيئا قط: يقول الله: {فنسي} أي ترك ما كان عليه من الإسلام يعني السامري {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا} وكان اسم السامري: موسى بن ظفر وقع في أرض مصر فدخل في بني إسرائيل فلما رأى هرون ما وقعوا فيه قال: {يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري}. {قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى}. فأقام هارون في من معه من المسلمين ممن لم يفتتن، وأقام من يعبد العجل على عبادة العجل، وتخوف هارون إن سار بمن معه من المسلمين أن يقول له موسى: فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قوله. وكان له هائبا مطيعا). [الدر المنثور: 10/228-229]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: وانطلق موسى إلى ربه يكلمه، فلما كلمه قال له: {وما أعجلك عن قومك يا موسى}. قال: {هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى}. قال: {فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري}. فلما خبره خبرهم قال: يا رب، هذا السامري أمرهم أن يتخذوا العجل، أرأيت الروح من نفخها فيه؟ قال الرب: أنا. قال: يا رب، فأنت إذن أضلتهم.
ثم رجع {موسى إلى قومه غضبان أسفا}. قال: حزينا، {قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا} إلى قوله: {ما أخلفنا موعدك بملكنا} يقول: بطاقتنا {ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم} يقول: من حلي القبط: {فقذفناها فكذلك ألقى السامري (87) فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار} فعكفوا عليه يعبدونه وكان يخور ويمشي، فقال لهم هرون: {يا قوم إنما فتنتم به} يقول ابتليتم بالعجل، قال: {فما خطبك يا سامري} ما بالك، إلى قوله: {وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه} قال: فأخذه فذبحه ثم خرقه بالمبرد، يعني سحكه ثم ذراه في اليم، فلم يبق نهر يجري يومئذ إلا وقع فيه منه شيء ثم قال لهم موسى: اشربوا منه فشربوا، فمن كان يحبه خرج على شاربيه الذهب فذلك حين يقول: {وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم}، قال: فلما سقط في أيدي بني إسرائيل حين جاء موسى {ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين} فأبى الله أن يقبل توبة بني إسرائيل إلا بالحال التي كرهوا أنهم كرهوا أن يقاتلوهم حين عبدوا العجل {قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم} فاجتلد الذين عبدوه والذين لم يعبدوا بالسيوف فكان من قتل من الفريقين شهيدا حتى كثر القتل حتى كادوا أن يهلكوا حتى قتل منهم سبعون ألفا وحتى دعا موسى وهرون: ربنا هلكت بنو إسرائيل ربنا البقية، البقية، فأمرهم أن يضعوا السلاح وتاب عليهم فكان من قتل منهم كان شهيدا ومن بقي كان مكفرا عنه فذلك قوله تعالى: {فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم}، ثم إن الله تعالى أمر موسى أن يأتيه في ناس من بني اسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل فوعدهم موعدا {واختار موسى قومه سبعين رجلا} ثم ذهب ليعتذروا من عبادة العجل فلما أتوا ذلك قالوا: {لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة} فإنك قد كلمته فأرناه {فأخذتهم الصاعقة} فماتوا فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول: رب، ماذا أقول لنبي إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم {رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} فأوحى الله إلى موسى أن هؤلاء السبعين ممن اتخذوا العجل، فذلك حين يقول موسى: {إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء} الآية). [الدر المنثور: 10/231-233] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {أفطال عليكم العهد} يقول: الوعد وفي قوله: {فأخلفتم موعدي}
يقول: عهدي وفي قوله: {ما أخلفنا موعدك بملكنا} بأمر ملكنا {ولكنا حملنا أوزارا} قال: أثقالا من زينة القوم وهي الحلي الذي استعاروه من آل فرعون {فقذفناها} قال: فألقيناها {فكذلك ألقى السامري} قال: كذلك صنع {فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار} قال: حفيف الريح فيه، فهو خواره والعجل ولد البقرة). [الدر المنثور: 10/233] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {بملكنا} قال: بأمرنا). [الدر المنثور: 10/233]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ما أخلفنا موعدك بملكنا} قال: بطاقتنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي مثله). [الدر المنثور: 10/233]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {بملكنا} قال: بسلطاننا). [الدر المنثور: 10/233]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن يحيى أنه قرأ {بملكنا} وملكنا واحد). [الدر المنثور: 10/234]

تفسير قوله تعالى: (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة قال لما استبطأ موسى قومه قال لهم السامري إنما احتبس عنكم من أجل ما عندكم من الحلي وكانوا استعاروا حليا من آل فرعون فجمعوه فأعطوه السامري فصاغ منه عجلا ثم أخذ القبضة التي قبض من أثر فرس الملك فنبذها في جوفه فإذا هو عجل جسد له خوار فقال هذا إلهكم وإله موسى ولكن موسى نسي ربه عندكم). [تفسير عبد الرزاق: 2/18] (م)
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({فنسي} [طه: 88] : «موسى هم يقولونه أخطأ الرّبّ»). [صحيح البخاري: 6/95]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله فقذفتها ألقيتها ألقى صنع فنسي موسى هم يقولونه أخطأ الرّبّ لا يرجع إليهم قولًا العجل تقدّم كلّه في قصّة موسى). [فتح الباري: 8/433] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد {أوزارا} أثقالا {من زينة القوم} الحليّ الّذي استعاروا من آل فرعون فنبذتها فألقتها {ألقى} صنع {فنسي} موسى هم يقولونه أخطأ الرب {ألا يرجع إليهم قولا} العجل همسا حس الأقدام {حشرتني أعمى} عن حجتي وقد كنت بصيرًا في الدّنيا {أزري} ظهري {المثلى} الأمثل
قال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 87 طه {ولكنّا حملنا أوزارا من زينة القوم} قال الحليّ الّذي استعاروا من آل فرعون وهي الأنقال
وبه في قوله 96 طه {فقبضت قبضة من أثر الرّسول فنبذتها} قال ألقيتها
وفي قوله 87 طه {فكذلك ألقى السامري} قال صنع
وفي قوله 88 طه {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} هم يقولونه قومه أخطأ الرب). [تغليق التعليق: 4/253-254] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (فنسي موسى هم يقولونه أخطأ الرّبّ. لا يرجع إليهم قولاً العجل
أشار به إلى قوله تعالى: {هذا إلهكم وإله موسى فنسي (88) أفلا يرون ألاّ يرجع إليهم قولا} (طه: 89) قوله: (هم يقولونه) ، أي: السامري ومن تبعه يقولون: فنسي موسى ربه، أي: أخطأ حيث لم يخبركم أن هذا إلهه، وقيل: قالوا: فنسي موسى الطّريق إلى ربه، وقيل: نسي موسى إلهه عندكم وخالفه في طريق آخر). [عمدة القاري: 19/58]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({فنسي}) أي (موسى هم) أي السامري وأتباعه (يقولونه) أي (أخطأ) موسى (الرب) الذي هو العجل أن يطلبه ها هنا وذهب يطلبه عند الطور أو الضمير في نسي يعود على السامري فيكون من كلام الله أي فنسي السامري أي ترك ما كان عليه من إظهار الإيمان وفي آل ملك وغيره الرب بالرفع وسقط من قوله فنسي إلى هنا لأبي ذر). [إرشاد الساري: 7/237]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فأخرج لهم عجلاً جسدًا له خوارٌ} يقول: فأخرج لهم السّامريّ ممّا قذفوه وممّا ألقاه عجلاً جسدًا له خوارٌ، ويعني بالخوار: الصّوت، وهو صوت البقر.
ثمّ اختلف أهل العلم في كيفيّة إخراج السّامريّ العجل، فقال بعضهم: صاغه صياغةً، ثمّ ألقى من تراب حافر فرس جبرائيل في فمه فخار.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فكذلك ألقى السّامريّ} قال: كان اللّه وقّت لموسى ثلاثين ليلةً ثمّ أتمّها بعشرٍ، فلمّا مضت الثّلاثون قال عدوّ اللّه السّامريّ: إنّما أصابكم الّذي أصابكم عقوبةً بالحليّ الّذي كان معكم، فهلمّوا وكانت حليًّا تعيّروها من آل فرعون، فساروا وهي معهم، فقذفوها إليه، فصوّرها صورة بقرةٍ، وكان قد صرّ في عمامته أو في ثوبه قبضةً من أثر فرس جبرئيل، فقذفها مع الحليّ والصّورة {فأخرج لهم عجلاً جسدًا له خوارٌ} فجعل يخور خوار البقر، فقال: {هذا إلهكم وإله موسى}.
- حدّثنا الحسن قال: حدّثنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، قال: لمّا استبطأ موسى قومه قال لهم السّامريّ: إنّما احتبس عليكم لأجل ما عندكم من الحليّ، وكانوا استعاروا حليًّا من آل فرعون فجمعوه فأعطوه السّامريّ فصاغ منه عجلاً، ثمّ أخذ القبضة الّتي قبض من أثر الفرس، فرس الملك، فنبذها في جوفه، فإذا هو عجلٌ جسدٌ له خوارٌ، قالوا: هذا إلهكم وإله موسى، ولكنّ موسى نسي ربّه عندكم.
وقال آخرون في ذلك بما؛
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: أخذ السّامريّ من تربة الحافر، حافر فرس جبرئيل، فانطلق موسى واستخلف هارون على بني إسرائيل وواعدهم ثلاثين ليلةً، فأتمّها اللّه بعشرٍ، قال لهم هارون: يا بني إسرائيل إنّ الغنيمة لا تحلّ لكم، وإنّ حليّ القبط إنّما هو غنيمةٌ، فاجمعوها جميعًا، فاحفروا لها حفرةً فادفنوها، فإن جاء موسى فأحلّها أخذتموها، وإلاّ كان شيئًا لم تأكلوه، فجمعوا ذلك الحليّ في تلك الحفرة، فجاء السّامريّ بتلك القبضة فقذفها فأخرج اللّه من الحليّ عجلاً جسدًا له خوارٌ، وعدّت بنو إسرائيل موعد موسى، فعدّوا اللّيلة يومًا، واليوم يومًا، فلمّا كان لعشرين خرج لهم العجل، فلمّا رأوه قال لهم السّامريّ: {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} فعكفوا عليه يعبدونه، وكان يخور ويمشي {فكذلك ألقى السّامريّ} ذلك حين قال لهم هارون: احفروا لهذا الحليّ حفرةً واطرحوه فيها، فطرحوه، فقذف السّامريّ تربته.
وقوله: {فقالوا هذا إلهكم وإله موسى} يقول: فقال قوم موسى الّذين عبدوا العجل: هذا معبودكم ومعبود موسى.
وقوله {فنسي} يقول: فضلّ وترك.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في قوله {فنسي} من قائله ومن الّذي وصف به وما معناه، فقال بعضهم: هذا من اللّه خبرٌ عن السّامريّ، والسّامريّ هو الموصوف به، وقالوا: معناه: أنّه ترك الدّين الّذي بعث اللّه به موسى وهو الإسلام.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني محمّد بن إسحاق، عن حكيم بن جبيرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: يقول اللّه: {فنسي} أي ترك ما كان عليه من الإسلام، يعني السّامريّ.
وقال آخرون: بل هذا خبرٌ من اللّه عن السّامريّ، أنّه قال لبني إسرائيل، وأنّه وصف موسى بأنّه ذهب يطلب ربّه، فأضلّ موضعه، وهو هذا العجل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ {فقذفناها} يعني زينة القوم حين أمرنا السّامريّ لمّا قبض قبضةً من أثر جبرائيل عليه السّلام، فألقى القبضة على حليّهم فصار عجلاً جسدًا له خوارٌ {فقالوا هذا إلهكم وإله موسى} الّذي انطلق يطلبه {فنسي} يعني: نسي موسى. يعنى: ضلّ عنه فلم يهتد له.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فنسي} يقول: طلب هذا موسى فخالفه الطّريق.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة {فنسي} يقول: قال السّامريّ: موسى نسي ربّه عندكم.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {فنسي} موسى، قال: هم يقولونه: أخطأ الرّبّ العجل.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ {فنسي} قال: نسي موسى، أخطأ الرّبّ للعجل، قوم موسى يقولونه.
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {فنسي} يقول: ترك موسى إلهه ههنا وذهب يطلبه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} قال: يقول: فنسي حيث وعده ربّه ههنا وعده، ولكنّه نسي.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} يقول: نسي موسى ربّه فأخطأه، وهذا العجل إله موسى.
والّذي هو أولى بتأويل ذلك القول الّذي ذكرناه عن هؤلاءٍ، وهو أنّ ذلك خبرٌ من اللّه عزّ ذكره عن السّامريّ أنّه وصف موسى بأنّه نسي ربّه، وأنّه ربّه الّذي ذهب يريده هو العجل الّذي أخرجه السّامريّ، لإجماع الحجّة من أهل التّأويل عليه، وأنّه عقيب ذكر موسى، وهو أن يكون خبرًا من السّامريّ عنه بذلك أشبه من غيره). [جامع البيان: 16/138-143]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا حماد ابن سلمة عن سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار قال مر هارون عليه السلام بالسامري وهو يصنع العجل فقال له ما تصنع قال أصنع ما يضر ولا ينفع قال هارون اللهم أعطه ما سألك على ما في نفسه فلما قفي هارون قال السامري اللهم إني أسألك أن يخور فخار فكان إذا خار سجدوا وإذا خار رفعوا رؤوسهم وإنما خار لدعوة هارون). [تفسير مجاهد: 400-401]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فنسي يعني موسى عليه السلام نسي قومه يقولون أخطأ الرب أي العجل نسيه عندكم قال والعجل ولد البقرة). [تفسير مجاهد: 401]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثني عليّ بن حمشاذ العدل، ثنا محمّد بن سليمان بن الحارث، ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ إسرائيل، ثنا أبو إسحاق، عن عمارة بن عمرٍو السّلوليّ، وأبي عبد الرّحمن السّلميّ، عن عليٍّ رضي اللّه عنه، قال: " لمّا تعجّل موسى إلى ربّه عمد السّامريّ فجمع ما قدر عليه من الحليّ، حليّ بني إسرائيل فضربه عجلًا، ثمّ ألقى القبضة في جوفه، فإذا هو عجلٌ له خوارٌ فقال لهم السّامريّ: هذا إلهكم وإله موسى فقال لهم هارون: يا قوم ألم يعدكم ربّكم وعدًا حسنًا. فلمّا أن رجع موسى إلى بني إسرائيل وقد أضلّهم السّامريّ أخذ برأس أخيه فقال له هارون ما قال فقال موسى للسّامريّ ما خطبك؟ قال السّامريّ: قبضت قبضةً من أثر الرّسول فنبذتها وكذلك سوّلت لي نفسي. قال: فعمد موسى إلى العجل فوضع عليه المبارد فبرده بها وهو على شفّ نهرٍ، فما شرب أحدٌ من ذلك الماء ممّن كان يعبد ذلك العجل إلّا اصفرّ وجهه مثل الذّهب، فقالوا لموسى: ما توبتنا؟ قال يقتل بعضكم بعضًا. فأخذوا السّكاكين فجعل الرّجل يقتل أباه وأخاه ولا يبالي من قتل حتّى قتل منهم سبعون ألفًا فأوحى اللّه إلى موسى مرهم فليرفعوا أيديهم فقد غفرت لمن قتل وتبت على من بقي «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/411]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال أحمد بن منيعٍ: حدثنا يزيد، ثنا حمّاد بن سلمة عن فرقدٍ السّبخيّ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما قال: " كان - أي العجل - إذا خار سجدوا، وإذا سكت رفعوا رؤوسهم "). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/51]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وحدثنا يزيد، ثنا جويبرٌ، عن الضّحّاك في قوله تعالى: {خوارٌ} [الأعراف: 148] قال: خار خورةً، لم يثنّ ألم تر أن الله عز وجل قال: {ألّا يرجع إليهم قولًا}، وقال جل وعلا: {ألم يروا أنّه لا يكلّمهم ولا يهديهم سبيلًا} ). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/52]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن هرون مر بالسامري وهو يتنحت العجب فقال له: ما تصنع قال: اصنع ما لا يضر ولا ينفع فقال هرون: اللهم أعطه ما سأل على نفسه ومضى هرون فقال السامري: اللهم إني أسألك أن يخور فخار، فكان إذا خار سجدوا له وإذا خار رفعوا رؤوسهم). [الدر المنثور: 10/222]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن بني إسرائيل استعاروا حليا من القبط فخرجوا به معهم فقال لهم هارون: قد ذهب موسى إلى السماء اجمعوا هذه الحلي حتى يجيء موسى فيقضي فيه ما قضى فجمع ثم أذيب فلما ألقى السامري القبضة تحول {عجلا جسدا له خوار} فقال: {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} قال: إن موسى ذهب يطلب ربه فضل فلم يعلم مكانه وهو هذا). [الدر المنثور: 10/222]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن وهب بن مالك رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إن الله لما وعد موسى أن يكلمه خرج للوقت الذي وعده فبينما هو يناجي ربه إذ سمع خلفه صوتا فقال إلهي إني أسمع خلفي صوتا قال: لعل قومك ضلوا قال: إلهي من أضلهم قال: السامري، قال: كيف أضلهم قال: صاغ لهم {عجلا جسدا له خوار} قال: إلهي هذا السامري صاغ لهم العجل: فمن نفخ فيه الروح حتى صار له خوار قال: أنا يا موسى قال: فبعزتك ما أضل قومي أحد غيرك، قال: صدقت، قال: يا حكيم الحكماء لا ينبغي حكيم أن يكون أحكم منك). [الدر المنثور: 10/226]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير في تهذيبه عن راشد بن سعد قال: إن موسى لما قدم على ربه - واعد قومه أربعين ليلة - قال: يا موسى إن قومك قد افتتنوا من بعدك، قال: يا رب كيف يفتنون وقد نجيتهم من فرعون ونجيتهم من البحر وأنعمت عليهم وفعلت بهم قال: يا موسى إنهم اتخذوا من بعدك عجلا له خوار قال: يا رب فمن جعل فيه الروح قال: أنا، قال: فأنت يا رب أضللتهم، قال: يا موسى يا رأس النبيين ويا أبا الحكام إني رأيت ذلك في قلوبهم فيسرته لهم). [الدر المنثور: 10/226-227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن علي رضي الله عنه قال: لما تعجل موسى إلى ربه عمد السامري فجمع ما قدر عليه من حلى بني إسرائيل فضربه عجلا ثم ألقى القبضة في جوفه فإذا هو عجل جسد له خوار فقال لهم السامري: {هذا إلهكم وإله موسى} فقال لهم هرون: {يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا} فلما أن رجع موسى أخذ رأسه أخيه فقال له هرون ما قال فقال موسى للسامري: {فما خطبك} فقال: {فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي} فعمد موسى إلى العجل فوضع عليه المبارد فبرده وهو على شطر نهر فما شرب أحد من ذلك الماء - ممن كان يعبد ذلك العجل - إلا اصفر وجهه مثل الذهب فقالوا: يا موسى ما توبتنا قال: يقتل بعضكم بعضا فأخذوا السكاكين فجعل الرجل يقتل أباه وأخاه وابنه لا يبالي من قتل حتى قتل منهم سبعون ألفا فأوحى الله إلى موسى: مرهم فليرفعوا أيديهم فقد غفرت لمن قتل وتبت على من بقي). [الدر المنثور: 10/227]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما هجم فرعون على البحر وأصحابه - وكان فرعون على فرس أدهم حصان هاب الحصان أن يقتحم البحر فمثل له جبريل على فرس لأنثى فلما رآها الحصان هجم خلفها وعرف السامري جبريل - لأن أمه حين خافت أن يذبح خلفته في غار وأطبقت عليه - فكان جبريل يأتيه فيغذوه بأصابعه في واحدة لبنا وفي الأخرى عسلا وفي الأخرى سمنا فلم يزل يغذوه حتى نشأ فلما عاينه في البحر عرفه فقبض قبضة من أثر فرسه، قال أخذ من تحت الحافر قبضة وألقى في روع السامري: إنك لا تلقيها على شيء فتقول: كن كذا إلا كان فلم تزل القبضة معه في يده حتى جاوز البحر فلما جاوز موسى وبنو إسرائيل البحر أغرق الله آل فرعون، قال موسى لأخيه هرون (اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين) ومضى موسى لموعد ربه وكان مع بني إسرائيل حلي من حلي آل فرعون فكأنهم تأثموا منه فأخرجوه لتنزل النار فتأكله فلما جمعوه قال السامري: بالقبضة هكذا فقذفها فيه وقال: كن عجلا جسدا له خوار فصار {عجلا جسدا له خوار} فكان يدخل الريح من دبره ويخرج من فيه يسمع له صوت فقال {هذا إلهكم وإله موسى} فعكفوا على العجل يعبدونه، فقال هارون: {يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري} {قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى} ). [الدر المنثور: 10/227-228]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما هجم فرعون على البحر وأصحابه - وكان فرعون على فرس أدهم حصان هاب الحصان أن يقتحم البحر فمثل له جبريل على فرس لأنثى فلما رآها الحصان هجم خلفها وعرف السامري جبريل - لأن أمه حين خافت أن يذبح خلفته في غار وأطبقت عليه - فكان جبريل يأتيه فيغذوه بأصابعه في واحدة لبنا وفي الأخرى عسلا وفي الأخرى سمنا فلم يزل يغذوه حتى نشأ فلما عاينه في البحر عرفه فقبض قبضة من أثر فرسه، قال أخذ من تحت الحافر قبضة وألقى في روع السامري: إنك لا تلقيها على شيء فتقول: كن كذا إلا كان فلم تزل القبضة معه في يده حتى جاوز البحر فلما جاوز موسى وبنو إسرائيل البحر أغرق الله آل فرعون، قال موسى لأخيه هرون (اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين) ومضى موسى لموعد ربه وكان مع بني إسرائيل حلي من حلي آل فرعون فكأنهم تأثموا منه فأخرجوه لتنزل النار فتأكله فلما جمعوه قال السامري: بالقبضة هكذا فقذفها فيه وقال: كن عجلا جسدا له خوار فصار {عجلا جسدا له خوار} فكان يدخل الريح من دبره ويخرج من فيه يسمع له صوت فقال {هذا إلهكم وإله موسى} فعكفوا على العجل يعبدونه، فقال هارون: {يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري} {قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى} ). [الدر المنثور: 10/227-228] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان السامري رجلا من أهل باجرما وكان من قوم يعبدون البقر فكان حب عبادة البقر في نفسه وكان قد أظهر الإسلام في بني إسرائيل فلما فصل موسى إلى ربه قال لهم هرون: إنكم قد حملتم {أوزارا من زينة القوم} آل فرعون ومتاعا وحليا فتطهروا منها فإنها رجس وأوقد لهم نارا فقال: اقذفوا ما معكم من ذلك فيها فجعلوا يأتون بما معهم فيقذفون فيها ورأى السامري أثر فرس جبريل فأخذ ترابا من أثر حافره ثم أقبل إلى النار فقال لهرون يا نبي الله ألقي ما في يدي قال: نعم، ولا يظن هرون إلا أنه كبعض ما جاء به غيره من ذلك الحلي والأمتعة فقذفه فيها فقال: كن {عجلا جسدا له خوار} فكان للبلاء والفتنة، فقال: {هذا إلهكم وإله موسى} فعكفوا عليه وأحبوه حبا لم يحبوا مثله شيئا قط: يقول الله: {فنسي} أي ترك ما كان عليه من الإسلام يعني السامري {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا} وكان اسم السامري: موسى بن ظفر وقع في أرض مصر فدخل في بني إسرائيل فلما رأى هرون ما وقعوا فيه قال: {يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري}.
{قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى}. فأقام هارون في من معه من المسلمين ممن لم يفتتن، وأقام من يعبد العجل على عبادة العجل، وتخوف هارون إن سار بمن معه من المسلمين أن يقول له موسى: فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قوله. وكان له هائبا مطيعا). [الدر المنثور: 10/228-229] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: وانطلق موسى إلى ربه يكلمه، فلما كلمه قال له: {وما أعجلك عن قومك يا موسى}. قال: {هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى}. قال: {فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري}. فلما خبره خبرهم قال: يا رب، هذا السامري أمرهم أن يتخذوا العجل، أرأيت الروح من نفخها فيه؟ قال الرب: أنا. قال: يا رب، فأنت إذن أضلتهم.
ثم رجع {موسى إلى قومه غضبان أسفا}. قال: حزينا، {قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا} إلى قوله: {ما أخلفنا موعدك بملكنا} يقول: بطاقتنا {ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم} يقول: من حلي القبط: {فقذفناها فكذلك ألقى السامري (87) فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار} فعكفوا عليه يعبدونه وكان يخور ويمشي، فقال لهم هرون: {يا قوم إنما فتنتم به} يقول ابتليتم بالعجل، قال: {فما خطبك يا سامري} ما بالك، إلى قوله: {وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه} قال: فأخذه فذبحه ثم خرقه بالمبرد، يعني سحكه ثم ذراه في اليم، فلم يبق نهر يجري يومئذ إلا وقع فيه منه شيء ثم قال لهم موسى: اشربوا منه فشربوا، فمن كان يحبه خرج على شاربيه الذهب فذلك حين يقول: {وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم}، قال: فلما سقط في أيدي بني إسرائيل حين جاء موسى {ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين} فأبى الله أن يقبل توبة بني إسرائيل إلا بالحال التي كرهوا أنهم كرهوا أن يقاتلوهم حين عبدوا العجل {قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم} فاجتلد الذين عبدوه والذين لم يعبدوا بالسيوف فكان من قتل من الفريقين شهيدا حتى كثر القتل حتى كادوا أن يهلكوا حتى قتل منهم سبعون ألفا وحتى دعا موسى وهرون: ربنا هلكت بنو إسرائيل ربنا البقية، البقية، فأمرهم أن يضعوا السلاح وتاب عليهم فكان من قتل منهم كان شهيدا ومن بقي كان مكفرا عنه فذلك قوله تعالى: {فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم}، ثم إن الله تعالى أمر موسى أن يأتيه في ناس من بني اسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل فوعدهم موعدا {واختار موسى قومه سبعين رجلا} ثم ذهب ليعتذروا من عبادة العجل فلما أتوا ذلك قالوا: {لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة} فإنك قد كلمته فأرناه {فأخذتهم الصاعقة} فماتوا فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول: رب، ماذا أقول لنبي إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم {رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} فأوحى الله إلى موسى أن هؤلاء السبعين ممن اتخذوا العجل، فذلك حين يقول موسى: {إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء} الآية). [الدر المنثور: 10/231-233] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {أفطال عليكم العهد} يقول: الوعد وفي قوله: {فأخلفتم موعدي}
يقول: عهدي وفي قوله: {ما أخلفنا موعدك بملكنا} بأمر ملكنا {ولكنا حملنا أوزارا} قال: أثقالا من زينة القوم وهي الحلي الذي استعاروه من آل فرعون {فقذفناها} قال: فألقيناها {فكذلك ألقى السامري} قال: كذلك صنع {فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار} قال: حفيف الريح فيه، فهو خواره والعجل ولد البقرة). [الدر المنثور: 10/233] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم في قوله: {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} قال: نسي موسى أن يذكر لكم: أن هذا إلهه). [الدر المنثور: 10/234]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {فنسي} قال هم يقولونه قومه: أخطأ الرب العجل {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا} قال: العجل {ولا يملك لهم ضرا} قال: ضلالة). [الدر المنثور: 10/234]

تفسير قوله تعالى: (أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (لا يرجع إليهم قولًا: «العجل»). [صحيح البخاري: 6/95]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله فقذفتها ألقيتها ألقى صنع فنسي موسى هم يقولونه أخطأ الرّبّ لا يرجع إليهم قولًا العجل تقدّم كلّه في قصّة موسى). [فتح الباري: 8/433] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد {أوزارا} أثقالا {من زينة القوم} الحليّ الّذي استعاروا من آل فرعون فنبذتها فألقتها {ألقى} صنع {فنسي} موسى هم يقولونه أخطأ الرب {ألا يرجع إليهم قولا} العجل همسا حس الأقدام {حشرتني أعمى} عن حجتي وقد كنت بصيرًا في الدّنيا {أزري} ظهري {المثلى} الأمثل
قال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 87 طه {ولكنّا حملنا أوزارا من زينة القوم} قال الحليّ الّذي استعاروا من آل فرعون وهي الأنقال
وبه في قوله 96 طه {فقبضت قبضة من أثر الرّسول فنبذتها} قال ألقيتها
وفي قوله 87 طه {فكذلك ألقى السامري} قال صنع
وفي قوله 88 طه {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} هم يقولونه قومه أخطأ الرب
وفي قوله 89 طه {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا} قال العجل). [تغليق التعليق: 4/253-254] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (فنسي موسى هم يقولونه أخطأ الرّبّ. لا يرجع إليهم قولاً العجل
...
قوله: (لا يرجع إليهم قولا) ، يعني: لا يكلمهم العجل ولا يجيبهم). [عمدة القاري: 19/58]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({لا يرجع}) في قوله تعالى: {أفلا يرون أن لا يرجع} ({إليهم قولًا}) [طه: 89] أي (العجل) أي أنه لا يرجع إليهم كلامًا ولا يرد عليهم جوابًا وسقطت لا من قوله لا يرجع لأبي ذر). [إرشاد الساري: 7/237]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أفلا يرون ألاّ يرجع إليهم قولاً ولا يملك لهم ضرًّا ولا نفعًا (89) ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنّما فتنتم به وإنّ ربّكم الرّحمن فاتّبعوني وأطيعوا أمري (90) قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتّى يرجع إلينا موسى}.
يقول تعالى ذكره موبّخًا عبدة العجل والقائلين له {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} وعابهم بذلك، وسفّه أحلامهم بما فعلوا وقالوا منه: أفلا يرون أنّ العجل الّذي زعموا أنّه إلههم وإله موسى لا يكلّمهم، وإن كلّموه لم يردّ عليهم جوابًا، ولا يقدر على ضرٍّ ولا نفعٍ، فكيف يكون ما كانت هذه صفته إلهًا؟
- كما: حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ،. قال: حدّثنا عيسى، ح، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {ألاّ يرجع إليهم قولاً} العجل.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ {أفلا يرون ألاّ يرجع إليهم قولاً} قال: العجل.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال اللّه: {أفلا يرون ألاّ يرجع إليهم} ذلك العجل الّذي اتّخذوه {قولاً ولا يملك لهم ضرًّا ولا نفعًا} ). [جامع البيان: 16/143-144]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولا يعني العجل). [تفسير مجاهد: 401]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان السامري رجلا من أهل باجرما وكان من قوم يعبدون البقر فكان حب عبادة البقر في نفسه وكان قد أظهر الإسلام في بني إسرائيل فلما فصل موسى إلى ربه قال لهم هرون: إنكم قد حملتم {أوزارا من زينة القوم} آل فرعون ومتاعا وحليا فتطهروا منها فإنها رجس وأوقد لهم نارا فقال: اقذفوا ما معكم من ذلك فيها فجعلوا يأتون بما معهم فيقذفون فيها ورأى السامري أثر فرس جبريل فأخذ ترابا من أثر حافره ثم أقبل إلى النار فقال لهرون يا نبي الله ألقي ما في يدي قال: نعم، ولا يظن هرون إلا أنه كبعض ما جاء به غيره من ذلك الحلي والأمتعة فقذفه فيها فقال: كن {عجلا جسدا له خوار} فكان للبلاء والفتنة، فقال: {هذا إلهكم وإله موسى} فعكفوا عليه وأحبوه حبا لم يحبوا مثله شيئا قط: يقول الله: {فنسي} أي ترك ما كان عليه من الإسلام يعني السامري {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا} وكان اسم السامري: موسى بن ظفر وقع في أرض مصر فدخل في بني إسرائيل فلما رأى هرون ما وقعوا فيه قال: {يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري}.
{قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى}. فأقام هارون في من معه من المسلمين ممن لم يفتتن، وأقام من يعبد العجل على عبادة العجل، وتخوف هارون إن سار بمن معه من المسلمين أن يقول له موسى: فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قوله. وكان له هائبا مطيعا). [الدر المنثور: 10/228-229] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {فنسي} قال هم يقولونه قومه: أخطأ الرب العجل {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا} قال: العجل {ولا يملك لهم ضرا} قال: ضلالة). [الدر المنثور: 10/234] (م)


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 07:23 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83)}

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وما أعجلك عن قومك يا موسى {83} قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك ربّ لترضى {84}} [طه: 83-84] قال: هم أولاء ينتظرونني من بعدي بالّذي آتيهم به، وليس يعني أنّهم يتّبعونه.
وقال بعضهم: يعني السّبعين الّذي اختاروا فذهبوا معه للميعاد). [تفسير القرآن العظيم: 1/271]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قال هم أولاء على أثري...}

وقد قرأ بعض القراء (أولاي على أثري) يترك الهمز، وشبّهت بالإضافة إذا ترك الهمز، كما قرأ يحيى بن وثاب {ملّة آباي إبراهيم} {وتقبّل دعاي ربّنا}). [معاني القرآن: 2/189،188]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : {وقوله عزّ وجلّ: (قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك ربّ لترضى }
(أولاء) مبني على الكسر، (على أثري) من صلة (أولاء)، ويجوز أن يكون خبرا بعد خبر، كأنّه قال: هم على أثري هؤلاء، والأجود أن يكون صلة.
ورويت أولاي على أثري ولا وجه لها، لأن الياء لا تكون بعد الألف آخرة إلا للإضافة نحو هداي، ولا أعلم أحدا من القراء المشهورين قرأ بها وذكرها الفراء، ولا وجه لها).
[معاني القرآن: 3/371،370]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فإنّا قد فتنّا قومك من بعدك وأضلّهم السّامريّ} [طه: 85] يقول: إنّ السّامريّ قد أضلّهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/271]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(قوله: {قال فإنّا قد فتنّا قومك من بعدك وأضلّهم السّامريّ}

أي ألقيناهم في فتنة ومحنة، واختبرناهم.
{وأضلّهم السّامريّ}.قال بعض أهل التفسير: السّامريّ علج من أهل كرمان، والأكثر في التفسير أنّه كان عظيما من عظماء بني إسرائيل من قبيلة تعرف بالسّامرة.
وهم إلى هذه الغاية في الشام يعرفون بالسامريين). [معاني القرآن: 3/371]

تفسير قوله تعالى:{فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفًا} [طه: 86] سعيدٌ، عن قتادة قال: أي حزينًا على ما صنع قومه من بعده.
وقال الحسن: شديد الغضب.
{قال يا قوم ألم يعدكم ربّكم وعدًا حسنًا} [طه: 86] في الآخرة على التّمسّك بدينه.
وقال السّدّيّ: {حسنًا} [طه: 86] يعني حقًّا.
{أفطال عليكم العهد} [طه: 86] قال مجاهدٌ: الوعد.
{أم أردتم أن يحلّ عليكم غضبٌ من ربّكم} [طه: 86]
[تفسير القرآن العظيم: 1/271]
قال قتادة: أن ينزل عليكم غضبٌ من ربّكم.
وهو مثل الحرف الأوّل). [تفسير القرآن العظيم: 1/272]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {أسفاً} أي شديد الغضب).
[تفسير غريب القرآن: 281]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال يا قوم ألم يعدكم ربّكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحلّ عليكم غضب من ربّكم فأخلفتم موعدي}
{غضبان أسفا}.أسف: شديد الحزن مع غضبه.
وقوله: {أن يحلّ عليكم غضب من ربّكم}.
القراءة فيها بالكسر في حاء يحل، على معنى أنه يجب عليكم، فالضم يجوز فيها على معنى أن ينزل عليكم غضب من ربكم). [معاني القرآن: 3/371]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({فأخلفتم موعدي {86} قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا} [طه: 86-87] سعيدٌ، عن قتادة قال: بطاقتنا.
{ولكنّا حمّلنا} [طه: 87] وهي تقرأ أيضًا: حملنا، خفيفةً.
{أوزارًا} [طه: 87] قال الحسن: آثامًا.
وقال مجاهدٌ: أثقالًا.
وهو واحدٌ، ذلك الثّقل الإثم.
{من زينة القوم} [طه: 87] يعني قوم فرعون.
{فقذفناها فكذلك ألقى السّامريّ} [طه: 87] وذلك أنّ موسى كان واعدهم أربعين ليلةً، فعدّوا عشرين يومًا وعشرين ليلةً فقالوا: هذه أربعون، قد أخلف موسى الوعد.
وكانوا استعاروا من آل فرعون حليًّا لهم، كان نساء بني إسرائيل استعاروا من نساء آل فرعون ليوم الزّينة، يعني يوم العيد الّذي واعدهم موسى.
وكان اللّه أمر موسى أن يسري بهم ليلًا، فكره القوم أن يردّوا العواري على آل فرعون فيفطن بهم آل فرعون، فأسروا من اللّيل والعواري معهم.
فقال لهم السّامريّ بعد ما مضت عشرون يومًا وعشرون ليلةً في غيبة موسى في تفسير الكلبيّ، وقال قتادة بعد ما مضى الثّلاثون: إنّما ابتليتم بهذا الحليّ فهاتوه.
وألقى ما معه من الحليّ، وألقى القوم ما معهم وهو قوله: {فقذفناها فكذلك ألقى السّامريّ} [طه: 87] ما معه كما ألقينا ما معنا.
فصاغه عجلًا، ثمّ ألقى في فيه التّراب الّذي كان أخذه من تحت حافر فرس جبريل.
سعيدٌ، عن قتادة قال: كان اللّه تبارك وتعالى وقّت لموسى ثلاثين ليلةً
[تفسير القرآن العظيم: 1/272]
ثمّ أتمّها بعشرٍ، فلمّا مضت الثّلاثون قال السّامريّ: إنّما أصابكم الّذي أصابكم عقوبةً للحليّ الّذي معكم فهابوه.
وهو الحليّ الّذي استعاروا من آل فرعون.
فدفعوا إليه الحليّ، فصوّر لهم منها صورة بقرةٍ.
وقد كان صرّ في عمامته قبضةً من أثر فرس جبريل يوم جاز بنو إسرائيل البحر، فقذفها فيها). [تفسير القرآن العظيم: 1/273]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ما أخلفنا موعدك بملكنا...}

برفع الميم. (هذا قراءة القراء) ولو قرئت بملكنا (وملكنا) كان صواباً. ومعنى (ملكنا) في التفسير أنا لم نملك الصّواب إنما أخطأنا.
وقوله: {ولكنّا حمّلنا أوزاراً مّن زينة القوم} يعني ما أخذوا من قوم فرعون حين قذفهم البحر من الذهب والفضّة والحديد، فألقيناه في النار. فكذلك فعل السّامريّ فاتّبعناه. فلما خلصت فضّة ما ألقوا وذهبه صوّره السّامريّ عجلاً وكان قد أخذ قبضة من أثر فرس كانت تحت جبريل (قال السّامريّ لموسى: قذف في نفسي أني إن ألقيت تلك القبضة على ميّت حيى، فألقى تلك القبضة في أنف الثور وفي دبره فحيى وخار) ... وفي تفسير الكلبيّ أن الفرس كانت الحياة فذاك قوله: {وكذلك سوّلت لي نفسي} يقول زيّنته لي نفسي.
ومن قرأ بملكنا بكسر الميم فهو الملك يملكه الرجل تقول لكل شيء ملكته: هذا ملك يميني للمملوك وغيره مما ملك والملك مصدر ملكته ملكاً وملكة: مثل غلبته غلبا وغلبةً.
والملك السّلطان وبعض بني أسدٍ يقول مالي ملك، يقول: مالي شيء أملكه وملك الطريق وملكه: وجهه قال الشاعر:
أقامت على ملك الطريق =لها ولمنكوب المطايا جوانبه
ويقال مع ملك الطريق: فملكه. أقامت على عظم الطريق وعلى سجح الطريق وعلى سننه وسننه). [معاني القرآن: 2/190،189]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {بملكنا}: بما ملكت أيدينا. ومن قرأ {بملكنا} فالمعنى بسلطاننا). [غريب القرآن وتفسيره: 248]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ما أخلفنا موعدك بملكنا} أي بقدر طاقتنا.
{ولكنّا حمّلنا أوزاراً من زينة القوم} أي أحمالا من حليّهم.
{فقذفناها} يعنون في النّار). [تفسير غريب القرآن: 281]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله عز وجل: {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ} أي إثمك. وأصل الوزر: ما حمله الإنسان على ظهره.
قال الله عز وجل: {وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ} أي أحمالا من حليّهم. فشبه الإثم بالحمل، فجعل مكانه، وقال في موضع آخر: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} يريد آثامهم). [تأويل مشكل القرآن: 140] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنّا حمّلنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السّامريّ }
يجوز الضم والكسر والفتح في الميم. بملكنا، وبملكنا، وبملكنا.
فأصل الملك السلطان والقدرة، والملك ما حوته اليد، والملك المصدر.
تقول: ملكت الشيء أملكه ملكا.
وقيل في بعض التفسير: ما أخلفنا موعدك بأن ملكنا الصواب.
وجائز أن يكون ما أخلفنا موعدك بسلطان كان لنا ولا قدرة، ثم أخبروا سبب تأخرهم عنه فقالوا: (ولكنّا [حملنا] أوزارا من زينة القوم).
ويقرأ (حمّلنا أوزارا)، بتشديد الميم وكسرها، يعنون بالأوزار حليا كانوا أخذوها من آل فرعون حين قذفهم البحر فألقاهم على ساحله، فأخذوا الذهب والفضة، وسميت أوزارا لأن معناها الآثام، وجائز أن يكون سمّيت أوزارا يعنون بها أثقالا، لأن الوزر في اللغة الحمل، وسمّي الإثم وزرا لأن صاحبه قد حمّل بها ثقلا، قال اللّه تعالى: {ووضعنا عنك وزرك * الّذي أنقض ظهرك}.
فقالوا: حملنا حليّا فقذفناها في النار، وكذلك فعل السامريّ، أي ألقى حليّا كان معه). [معاني القرآن: 3/372،371]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بِمُلْكِنـا}: بما ملكت أيدينا.
{بِمِلْكِنا}: بسلطاننـا). [العمدة في غريب القرآن: 202]

تفسير قوله تعالى: {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {فأخرج لهم عجلا جسدًا له خوارٌ} [طه: 88]، جعل يخور خوار البقرة.
فقال عدوّ اللّه: {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} [طه: 88] قال قتادة: وكان السّامريّ من عظماء بني إسرائيل، من قبيلةٍ يقال لها: سامرة، ولكن نافق بعدما قطع البحر مع موسى.
قال: {فأخرج لهم عجلا جسدًا له خوارٌ} [طه: 88] يخور خوار البقرة.
وقال مجاهدٌ: {له خوارٌ} [طه: 88] حفيف الرّيح فيه بخواره.
فقال: {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} [طه: 88] سعيدٌ، عن قتادة قال: {فنسي} [طه: 88] أي: فنسي موسى.
يقول: إنّ موسى إنّما طلب هذا ولكن نسيه وخالفه في طريقٍ آخر). [تفسير القرآن العظيم: 1/273]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فنسي...}

يعني أن موسى نسي: أخطأ الطريق فأبطأ عنهم فاتّخذوا العجل فعيّرهم الله فقال. أفلا يرون أن العجل لا يتكلّم ولا يملك لهم ضراً ولا نفعاً). [معاني القرآن: 2/190]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي}
واختلف في تفسير خواره، فقيل إنه كان يخور كما يخور الثور من الحيوان، فإذا خار سجدوا له، وإذا عاد الخوار رفعوا من السجود، وقال بعضهم: إنما خار خورة واحدة،
ودليله: {أفلا يرون ألّا يرجع إليهم قولا}.
وقال مجاهد: خواره حفيف الريح إذا دخلت جوفه.
ويروى أن هارون عليه السلام مر بالسّامريّ وهو يصنع العجل فقال له: ما تصنع؟
قال أصنع ما لا ينفع ولا يضر، وقال: أدع، فقال هارون اللّهمّ أعطه ما يسأل كما يحبّ.
فسأل اللّه عزّ وجلّ أن يجعل للعجل خوارا، والذي قاله مجاهد من أن خواره حفيف الريح فيه، أسرع إلى القبول لأنه شيء ممكن.
والتفسير الآخر وهو أنه خوار ممكن في محنة اللّه عزّ وجلّ - أن امتحن القوم بذلك، وليس في خوار صفر ما يوجب عبادته لأنهم قد رأوه معمولا مصنوعا، فعبادتهم إياه لو خار وتكلّم كما يتكلّم الآدمي لم تجب به عبادته.
فقالوا: {هذا إلهكم وإله موسى فنسي}.
قيل إن السّامريّ نسي ما كان عليه من الإيمان، لأنه نافق لما عبر البحر، المعنى فترك ما كان عليه من الإيمان، وقيل إن السّامريّ قال لهم إن موسى عليه السلام أراد هذا العجل فنسي وترك الطريق الذي يصل إليه). [معاني القرآن: 3/373،372]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {فنسي} أخبرنا أبو عمر - قال: أنا ثعلب، عن ابن الأعرابي - قال: فنسي، أي: فترك ما أمره موسى به من الإيمان، وضل). [ياقوتة الصراط: 349]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {أفلا يرون} [طه: 89] أنّ ذلك العجل لا {يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرًّا ولا نفعًا {89} } [طه: 89]). [تفسير القرآن العظيم: 1/273]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {فنسي أفلا يرون ألاّ يرجع إليهم قولاً} مجازه أنه لا يرجع إليهم قولاً ومن لم يضمر الهاء نصب " أن لا يرجع ").

[مجاز القرآن: 2/24]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {أفلا يرون ألّا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرّا ولا نفعا}
كما قال: {ألم يروا أنّه لا يكلّمهم ولا يهديهم سبيلا}.
ويجوز أن لا يرجع بنصب بأن، والاختيار مع رأيت وعلمت وظننت أن لا يفعل، في معنى قد علمت أنه لا يفعل). [معاني القرآن: 3/373]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 07:38 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) }
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
كالسامري يقول إن حركته = دعني فليس علي غير إزاري
قوله: كالسامري يقول هو في ضلاله كالسامري الذي يتيه فلا يدري أين يتوجه لأنه تائه وهو من قول الله عز وجل: {وأضلهم السامري} يقول فأنت تضل قومك كما أضل السامري قومه فتاهوا في الأرض). [نقائض جرير والفرزدق: 331]

تفسير قوله تعالى: {فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (أبو عبيدة: أخلفت الرجل في موعده وأخلفته وجدت موعده خلفًا؛ قال ومنه قول الأعشى:
أثوى وقصر ليلة ليزودا = فمضى وأخلف من قتيلة موعدا).
[الغريب المصنف: 2/627] (م)
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

في كل يوم أرى منه مبينة = تكاد تسقط مني منة أسَفَا
...
والأسف: الحزين: والأسفان: الغضبان. قال: والأسيف في غير هذا الموضع: الرقيق القلب، ومنه الحديث: ((إن أبا بكر كان رجلا أسيفا)) ). [شرح ديوان كعب بن زهير: 70] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( وأخلفت حرف من الأضداد؛ يقال: أخلفت موعد فلان إذا وعدته ولم أفِ له، ويقال: أخلفت موعده، إذا وعدني ولم يف لي، فتأويله: صادفت وعده خلفا، قال الأعشى:
أثوى وقصر ليلة ليزودا = فمضى وأخلف قتيلة موعدا
أراد صادف وعدها خلفا). [كتاب الأضداد: 233-234]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87) }
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (وقال نهشل بن حري:
...

فا أيهذا المؤتلي إن نهشلا = عصوا قبل ما آليت ملك بني نضر
قال الرياشي: مَلْكَ يعني المَلِكَ. والمُلْكُ: السُّلطان). [النوادر في اللغة: 448]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (أبو عبيدة: أخلفت الرجل في موعده وأخلفته وجدت موعده خلفًا؛ قال ومنه قول الأعشى:
أثوى وقصر ليلة ليزودا = فمضى وأخلف من قتيلة موعدا). [الغريب المصنف: 2/627] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال بعض أهل الأدب: إنما قيل " ديوان " لموضع الكتبة والحسّاب لأنه يقال: للكتّاب بالفارسية " ديوان " أي شياطين، لحذقهم بالأمور ولطفهم، فسمّي موضعهم باسمهم.

في معنى الوزير
وقال آخر: إنما قيل لمدير الأمور عن الملك " وزير " من الوزر وهو الحمل، يراد أن يحمل عنه من الأمور مثل الأوزار وهي الأحمال، قال اللّه عز وجل: {ولكنّا حمّلنا أوزارًا من زينة القوم} أي أحمالاً من حليهم، ولهذا قيل للإثم: وزر، شبّه بالحمل على الظهر، قال اللّه تبارك وتعالى: {ووضعنا عنك وزرك الذّي أنقض ظهرك} ). [عيون الأخبار: 1/50]

تفسير قوله تعالى: {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88) }

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب آخر أن فيه مخففة
وذلك قولك قد علمت أن لا يقول ذاك وقد تيقنت أن لا تفعل ذاك كأنه قال أنه لا يقول وأنك لا تفعل
ونظير ذلك قوله عز وجل: {علم أن سيكون منكم مرضى} وقوله: {أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولاً} وقال أيضاً: {لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شيءٍ}.
وزعموا أنها في مصحف أبيٍ (أنهم لا يقدرون).
وليست أن التي تنصب الأفعال تقع في هذا الموضع لأن ذا موضع يقين وإيجابٍ). [الكتاب: 3/165-166] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن لا إذا دخلت على أن جاز أن تريد ب أن الثقيلة، وأن تريد الخفيفة.
فإن أردت الثقيلة رفعت ما بعدها؛ لأنه لا يحذف منها التثقيل إلا مع الإضمار. وهذا لك في باب إن وأن. وإنما تقع الخفيفة والثقيلة على ما قبلها من الأفعال ولا يجوز الإضمار إلا أن تأتي بعوض.
و العوض: لا، أو السين، أو سوف، أو نحو ذلك مما يلحق الأفعال.
فأما لا وحدها فإنه يجوز أن تريد ب أن التي قبلها الخفيفة، وتنصب ما بعدها؛ لأن لا لا تفصل بين العامل والمعمول به، تقول: مررت برجل لا قائم ولا قاعد؛ كما تقول: مررت برجل قائم، وقاعد. وذلك قولك: أخاف ألا تذهب يا فتى، وأظن ألا تقوم يا فتى؛ كما قال: {إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله}.
و في ظننت وبابها تكون الخفيفة والثقيلة كما وصفت لك. قال الله عز وجل: {وحسبوا أن لا تكون فتنةٌ} وأن لا يكون فالرفع على: أنها لا تكون فتنة. وكذلك {أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولاً}: أي أنه لا يرجع إليهم قولاً. لا يرون في معنى يعلمون، فهو واقع ثابت.
فأما السين وسوف، فلا يكون قبلهما إلا المثقلة. تقول: علمت أن سيقومون، وظننت أن سيذهبون، وأن سوف تقومون؛ كما قال: {علم أن سيكون منكم مرضى}. ولا يجوز أن تلغى من العمل والعمل كما وصفت لك.
و لا يجوز ذلك في السين وسوف؛ لأنهما لا يلحقان على معنى لا، فإنما الكلام بعد لا على قدر الفصل. قال: {لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون}. فـ (يعلم) منصوبةٌ، ولا يكون إلا ذلك؛ لأن لا زائدة. وإنما هو لأن يعلم. وقوله: {أن لا يقدرون} إنما هو: أنهم لا يقدرون. وهي في بعض المصاحف (أنهم لا يقدرون) ). [المقتضب: 2/30-31] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما الأفعال التي تشترك فيها الخفيفة والثقيلة فما كان من الظن. فأما وقوع الثقيلة فعلى أنه قد استقر في ظنك: كما استقر الأول في علمك. وذلك قولك: ظننت أنك تقوم، وحسبت أنك منطلق. فإذا أدخلت على المحذوفة العوض قلت: حسبت أن سيقومون، وكذلك تقول: ظننت أن لا تقول خيرا، تريد: أنك لا تقول خيرا. وأما النصب فعلى أنه شيء لم يستقر، فقد دخل في باب رجوت وخفت بهذا المعنى. وهذه الآية تقرأ على وجهين: {وحسبوا أن لا تكون فتنةٌ} و{أن لا تكون فتنةٌ}، فانتصب ما بعد لا وهي عوضٌ؛ كما أوقعت الخفيفة الناصبة بعد ظننت بغير عوض. وذلك قوله عز وجل: {تظن أن يفعل بها فاقرةٌ}، لأن معناها معنى ما لم يستقر. وكذلك: {إن ظنا أن يقيما حدود الله}. وزعم سيبويه أنه يجوز: خفت أن لا تقوم يا فتى، إذا خاف شيئاً كالمستقر عنده، وهذا بعيد. وأجاز أن تقول: ما أعلم إلا أن تقوم، إذا لم يرد علماً واقعا، وكان هذا القول جارياً على باب الإشارة؛ أي: أرى من الرأى؛ وهذا في البعد كالذي ذكرنا قبله. وجملة الباب تدور على ما شرحت لك من التبيين والتوقع. فأما قول الله عز وجل: {أفلا يرون أن لا يرجع إليهم} فإن الوجه فيه الرفع، والمعنى: أنه لا يرجع إليهم قولا؛ لأنه علم واقع. والوجه في قول الشاعر:
أفنى عرائكها وخدد لحمهـا = أن لا تذوق مع الشكائم عودا
الرفع؛ لأنه يريد: إن الذي أفنى عرائكها هذا. فهذا على المنهاج الذي ذكرت لك). [المقتضب: 3/7-8] (م)

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 08:16 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 08:17 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 08:24 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وما أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا}
قصص هذه الآية أن موسى عليه السلام لما شرع في النهوض ببني إسرائيل إلى جانب الطور الأيمن حيث كان الموعد أن يكلم الله موسى بما فيه شرف العاجل والآجل، رأى - على جهة الاجتهاد - أن يتقدم وحده مبادرا إلى الله عز وجل، وحرصا على القرب، وشوقا إلى مناجاته، واستخلف هارون عليه السلام على بني إسرائيل، وقال لهم موسى عليه السلام: تسيرون إلى جانب الطور، فلما انتهى موسى عليه السلام وناجى ربه، زاده في الأجل عشرا، وحينئذ وقفه على معنى استعجاله دون القيام ليخبره موسى أنهم على الأثر فيقع الإعلام له بما صنعوا). [المحرر الوجيز: 6/119]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأت فرقة: "أولاء"، وقرأت فرقة أخرى: "أولاي" بفتح الياء. وقوله: "على
[المحرر الوجيز: 6/119]
أثري" يحتمل أن يكون في موضع رفع خبرا بعد خبر، ويحتمل أن يكون في موضع نصب على الحال، وقرأت فرقة: "على أثري" بفتح الهمزة والثاء، وقرأت فرقة: "على إثري" بكسر الهمزة وسكون الثاء.
وأعلمه موسى عليه السلام أنه إنما استعجل طلب الرضا). [المحرر الوجيز: 6/120]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (فأعلمه الله تعالى أنه قد فتن بني إسرائيل، أي اختبرهم بما صنعه السامري، ويحتمل أن يريد: ألقيناهم في فتنة، أي في ميل مع الشهوات، ووقوع في اختلاف كلمة، وقوله: "من بعدك" أي من بعد فراقك لهم. وقرأت فرقة: "وأضلهم السامري " على إسناد الفعل إلى السامري، وقرأت فرقة: "وأضلهم السامري " بضم اللام على الابتداء والخبر عن السامري أنه أضل القوم.
و " السامري " رجل من بني إسرائيل، ويقال: إنه كان ابن خال موسى عليه السلام، وقالت فرقة: لم يكن من بني إسرائيل، بل كان أصله من العجم من أهل كرمان، والأول أصح، وكان قصص السامري أنه كان منافقا عنده حيل وسحر، وقبض القبضة من أثر جبريل عليه السلام، وعلم بما أقدره الله عليه لفتنة القوم أنه يتهيأ له بتلك القبضة ما يريد مما يجوز على الله تعالى؛ لأنه لو ادعى النبوءة مع ذلك العجل لما صح ولا جاز أن يخور ولا أن تتم الحيلة فيه، لكنه لما ادعى له الربوبية، وعلامات كذبه قائمة لائحة صحت الفتنة به وجاز ذلك على الله تعالى، كقصة الدجال الذي تخرق له العادات لأنه مدعي الربوبية، ولو كان مدعي نبوءة لما صح شيء من ذلك. فلما رأى السامري موسى قد غاب، ورأى بقية بني إسرائيل في طلبهم من موسى آلهة حين مروا على قوم يعبدون أصناما على صفة البقر. وقيل: كانت بقرا حقيقة - علم أنه سيفتنهم من هذه الطريق. فيروى أنه قال لهم: إن الحلي الذي عندكم من مال القبط قبيح بكم حبسه، ولكن اجمعوه عندي حتى يحكم الله لكم فيه، وقيل إن هارون عليه السلام أمرهم بجمعه ووضعه في حفرة حتى يجيء موسى ويستأذن فيه ربه، وقيل: بل كان المال الذي جمعوه للسامري مما لفظ البحر من أموال القبط الغارقين مع فرعون، فروي - مع هذا الاختلاف - أن الحلي اجتمع عند السامري، وأنه صاغ العجل وألقى القبضة فيه فخار. وروي - وهو الأصح والأكثر - أنه ألقى الناس الحلي في حفرة أو نحوها، وألقى هو
[المحرر الوجيز: 6/120]
عليها القبضة، فتجسد العجل، وهذا وجه فتنة الله تعالى لهم، وعلى هذا نقول: انخرقت للسامري عادة، وأما على أن يصوغه فلم تتخرق له عادة، وإنما فتنوا حينئذ بخواره فقط، وذلك الصوت قد يولد في الأجرام بالصنعة). [المحرر الوجيز: 6/121]

تفسير قوله تعالى: {فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (فلما أخبر الله تعالى موسى عليه السلام بما وقع رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا عليهم من حيث له قدرة على تغيير منكرهم.
وقوله: "أسفا" أي: حزينا، من حيث علم أنه موضع عقوبة لا بد له بدفعها، ولا بد منها، و"الأسف" في كلام العرب متى كان من ذي قدرة على من دونه فهو غضب، ومتى كان من الأقل على الأقوى فهو حزن. وتأمل ذلك فهو مطرد إن شاء الله.
قوله عز وجل: {قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار}
وبخ موسى عليه السلام قومه بهذه المقالة، و"الوعد الحسن" هو ما وعدهم من الوصول إلى جانب الطور الأيمن، وما بعد ذلك من الفتوح في الأرض، والمغفرة لمن تاب وآمن، وغير ذلك مما وعد الله تعالى به أهل طاعته. وقوله: {وعدا}، إما أن يكون نصبا على المصدر، والمفعول الثاني مقدر، وإما أن يكون بمعنى الموعود، ويكون هو المفعول الثاني بعينه.
ثم وقفهم على أعذار لم تكن ولا تصح لهم، وهي طول العهد؛ حتى يتبين لهم خلف في الموعد. وإرادة غضب الله تعالى، وذلك كله لم يكن، ولكنهم عملوا عمل من لم يتدين. وسمي العذاب غضبا من حيث هو ناشئ عن الغضب، والغضب إن جعل بمعنى الإرادة فهو صفة ذات، وإن جعل ظهور النقمة والعقاب فهو صفة فعل، فهو من التردد بين الحالين). [المحرر الوجيز: 6/121]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ نافع، وعاصم: "بملكنا" بفتح الميم، وقرأ حمزة، والكسائي: "بملكنا" بضمها، وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر: "بملكنا" بكسرها، قال أبو علي: هذه لغات.
[المحرر الوجيز: 6/121]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ظاهر الكلام أنها بمعنى واحد، ولكن أبا علي - وغيره - قد فرق بين معانيها، فأما ضم الميم فمعناه - على قول أبي علي - لم يكن لنا ملك فنخلف موعدك بقوته وسلطانه، وإنما أخلفناه بنظر أدى إليه ما فعل السامري، وليس المعنى أن لهم ملكا، وإنما هو كقول ذي الرمة:
يشتكي سقطة منها وقد رقصت بها المفاوز حتى ظهرها حدب
أي: لا يكون منها سقطة فتشتكي، قال: وهذا كقوله تعالى: {لا يسألون الناس إلحافا}، أي: ليس منهم سؤال فيكون منهم إلحاف.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا كله في هذه الأمثلة غير متيقن من قول أبي علي، وإنما مشى في ذلك أثر الزجاج دون تعقب، وقد شرحت هذا المعنى في سورة البقرة في قوله تعالى: {لا يسألون الناس إلحافا}، وتبين أن هذه الآية ليست كهذه الأمثلة لأنهم لم يرفعوا الاختلاف، والأمثلة فيها رفع الوجهين.
[المحرر الوجيز: 6/122]
وأما فتح الميم فهو مصدر من ملك، والمعنى: ما فعلنا ذلك بأنا ملكنا الصواب ولا وفقنا له، بل غلبتنا أنفسنا.
وأما كسر الميم فقد كثر استعماله فيما تحوزه اليد، ولكنه يستعمل في الأمور التي يبرمها الإنسان، ومعناها كمعنى التي قبلها. والمصدر مضاف في الوجهين إلى الفاعل. والمفعول مقدر، أي: بملكنا الصواب، وهذا كما قد يضاف أحيانا إلى المفعول والفاعل مقدر، كقوله تعالى: {بسؤال نعجتك إلى نعاجه}، وقوله تعالى: {من دعاء الخير}.
وقرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، وحفص عن عاصم: "حملنا" بضم الحاء وشد الميم، وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي: "حملنا" بفتح الحاء والميم. و"الأوزار": الأثقال، ويحتمل أن تكون هذه التسمية من حيث هي ثقيلة الأجرام، ويحتمل أن تكون من حيث تأثموا في قذفها وظهر لهم أن ذلك هو الحق فكانت آثاما لمن حملها. وقوله: {فكذلك ألقى السامري} أي: فكما قذفنا نحن فكذلك ألقى السامري ما كان بيده.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذه الألفاظ تقتضي أن العجل لم يصغه السامري). [المحرر الوجيز: 6/123]

تفسير قوله تعالى: {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر الله تعالى عن فعل السامري بقوله: {فأخرج لهم عجلا جسدا}، ومعنى
[المحرر الوجيز: 6/123]
"جسدا" أي شخصا لا روح فيه، وقيل: معنى "جسدا": لا يتغذى، و"الخوار": صوت البقر، وقالت فرقة: كان هذا العجل يخور ويمشي.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهكذا تكون الفتنة من قبل الله تعالى، قاله ابن عباس رضي الله عنهما، وقالت فرقة: إنما كان خواره بالريح، كانت تدخل من دبره وتخرج من فيه فيصوت لذلك.
قوله عز وجل: {فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى}
الضمير في قوله: "فقالوا" لبني إسرائيل، أي: ضلوا حين قال كبارهم لصغارهم، و"هذا" إشارة إلى العجل، وقوله تعالى: {فنسي} يحتمل أن يكون من كلام بني إسرائيل، أي: فنسي موسى عليه السلام ربه وإلهه وذهب يطلبه في غير موضعه، ويحتمل أن يكون "فنسي" إخبارا من الله تعالى عن السامري أنه نسي دينه وطريق الحق.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فالنسيان في التأويل الأول بمعنى الذهول، وفي الثاني بمعنى الترك). [المحرر الوجيز: 6/124]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم قرن الله تعالى موضع خطابهم بقوله: {أفلا يرون}، المعنى: أفلم يتبين هؤلاء الذين ضلوا أن هذا العجل إنما هو جماد لا يتكلم ولا يرجع قولا، ولا يضر ولا ينفع؟ وهذه خلال لا يخفى معها الحدوث والعجز؛ لأن هذه الخلال لو حصلت له أوجبت كونه إلاها. وقرأت فرقة: "ألا يرجع" برفع العين، "وأن" -على هذه القراءة - مخففة من الثقيلة، والتقدير: أنه لا يرجع، وقرأت فرقة: "ألا يرجع"، "وأن" - على هذه القراءة - هي الناصبة). [المحرر الوجيز: 6/124]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 9 محرم 1440هـ/19-09-2018م, 05:43 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 9 محرم 1440هـ/19-09-2018م, 05:52 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما أعجلك عن قومك يا موسى (83) قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك ربّ لترضى (84) قال فإنّا قد فتنّا قومك من بعدك وأضلّهم السّامريّ (85) فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفًا قال يا قوم ألم يعدكم ربّكم وعدًا حسنًا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحلّ عليكم غضبٌ من ربّكم فأخلفتم موعدي (86) قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنّا حمّلنا أوزارًا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السّامريّ (87) فأخرج لهم عجلا جسدًا له خوارٌ فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي (88) أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرًّا ولا نفعًا (89)}.
لـمّا سار موسى عليه السّلام ببني إسرائيل بعد هلاك فرعون، وافوا {على قومٍ يعكفون على أصنامٍ لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهةٌ قال إنّكم قومٌ تجهلون * إنّ هؤلاء متبّرٌ ما هم فيه وباطلٌ ما كانوا يعملون} [الأعراف: 138، 139] وواعده ربّه ثلاثين ليلةً ثمّ أتبعها له عشرًا، فتمّت [له] أربعين ليلةً، أي: يصومها ليلًا ونهارًا. وقد تقدّم في حديث "الفتون" بيان ذلك. فسارع موسى عليه السّلام مبادرًا إلى الطّور، واستخلف على بني إسرائيل أخاه هارون؛ ولهذا قال تعالى: {وما أعجلك عن قومك يا موسى}). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 309]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال هم أولاء على أثري} أي: قادمون ينزلون قريبًا من الطّور، {وعجلت إليك ربّ لترضى} أي: لتزداد عنّي رضًا). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 309]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال فإنّا قد فتنّا قومك من بعدك وأضلّهم السّامريّ} أخبر تعالى نبيّه موسى بما كان بعده من الحدث في بني إسرائيل، وعبادتهم العجل الّذي عمله لهم ذلك السّامريّ. وفي الكتب الإسرائيليّة: أنّه كان اسمه هارون أيضًا، وكتب اللّه تعالى له في هذه المدّة الألواح المتضمّنة للتّوراة، كما قال تعالى: {وكتبنا له في الألواح من كلّ شيءٍ موعظةً وتفصيلا لكلّ شيءٍ فخذها بقوّةٍ وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأريكم دار الفاسقين} [الأعراف: 145] أي: عاقبة الخارجين عن طاعتي المخالفين لأمري). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 309-310]

تفسير قوله تعالى: {فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفًا} أي: بعد ما أخبره تعالى بذلك، في غاية الغضب والحنق عليهم، هو فيما هو فيه من الاعتناء بأمرهم، وتسلّم التّوراة الّتي فيها شريعتهم، وفيها شرفٌ لهم. وهم قومٌ قد عبدوا غير اللّه ما يعلم كلّ عاقلٍ له لبٌّ [وحزمٌ] بطلان [ما هم فيه] وسخافة عقولهم وأذهانهم؛ ولهذا رجع إليهم غضبان أسفًا، والأسف: شدّة الغضب.
وقال مجاهدٌ: {غضبان أسفًا} أي: جزعًا. وقال قتادة، والسّدّيّ: {أسفًا} أي: حزينًا على ما صنع قومه من بعده.
{قال يا قوم ألم يعدكم ربّكم وعدًا حسنًا} أي: أما وعدكم على لساني كلّ خيرٍ في الدّنيا والآخرة، وحسن العاقبة كما شاهدتم من نصرته إيّاكم على عدوّكم، وإظهاركم عليه، وغير ذلك من أياديه عندكم؟ {أفطال عليكم العهد} أي: في انتظار ما وعدكم اللّه. ونسيان ما سلف من نعمه، وما بالعهد من قدمٍ. {أم أردتم أن يحلّ عليكم غضبٌ من ربّكم} "أم" هاهنا بمعنى "بل" وهي للإضراب عن الكلام الأوّل، وعدولٌ إلى الثّاني، كأنّه يقول: بل أردتم بصنيعكم هذا أن يحلّ عليكم غضبٌ من ربّكم {فأخلفتم موعدي}). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 310]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قالوا} أي: بنو إسرائيل في جواب ما أنّبهم موسى وقرّعهم: {ما أخلفنا موعدك بملكنا} أي: عن قدرتنا واختيارنا.
ثمّ شرعوا يعتذرون بالعذر البارد، يخبرونه عن تورّعهم عمّا كان بأيديهم من حلي القبط الّذي كانوا قد استعاروه منهم، حين خرجوا من مصر، {فقذفناها} أي: ألقيناها عنّا. وقد تقدّم في حديث "الفتون" أنّ هارون عليه السّلام هو الّذي كان أمرهم بإلقاء الحليّ في حفرةٍ فيها نارٌ.
وفي رواية السّدّيّ، عن أبي مالكٍ، عن ابن عبّاسٍ: إنّما أراد هارون أن يجتمع الحلي كلّه في تلك الحفيرة ويجعل حجرًا واحدًا. حتّى إذا رجع موسى يرى فيه ما يشاء. ثمّ جاء [بعد] ذلك السّامريّ فألقى عليها تلك القبضة الّتي أخذها من أثر الرّسول، وسأل هارون أن يدعو اللّه أن يستجيب له في دعوته، فدعا له هارون -وهو لا يعلم ما يريد- فأجيب له فقال السّامريّ عند ذلك: أسأل اللّه أن يكون عجلًا. فكان عجلًا له خوار، أي: صوتٌ، استدراجًا وإمهالًا ومحنةً واختبارًا؛ ولهذا قالوا: {فكذلك ألقى السّامريّ * فأخرج لهم عجلا جسدًا له خوارٌ}
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن عبادة بن البختريّ حدّثنا يزيد بن هارون أخبرنا حمّاد عن سماكٍ، عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ؛ أنّ هارون مرّ بالسّامريّ وهو ينحت العجل، فقال له: ما تصنع؟ فقال: أصنع ما يضرّ ولا ينفع فقال هارون: اللّهمّ أعطه ما سأل على ما في نفسه ومضى هارون، فقال السّامريّ: اللّهمّ إنّي أسألك أن يخور فخار، فكان إذا خار سجدوا له، وإذا خار رفعوا رؤوسهم.
ثمّ رواه من وجهٍ آخر عن حمّادٍ وقال: [أعمل] ما ينفع ولا يضرّ.
وقال السّدّيّ: كان يخور ويمشي.
فقالوا -أي: الضّلال منهم، الّذين افتتنوا بالعجل وعبدوه -: {هذا إلهكم وإله موسى فنسي} أي: نسيه هاهنا، وذهب يتطلّبه. كذا تقدّم في حديث "الفتون" عن ابن عبّاسٍ. وبه قال مجاهدٌ.
وقال سماك عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ: {فنسي} أي: نسي أن يذكّركم أنّ هذا إلهكم.
وقال محمّد بن إسحاق، عن حكيم بن جبيرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ فقالوا: {هذا إلهكم وإله موسى} قال: فعكفوا عليه وأحبّوه حبًّا لم يحبّوا شيئًا قطّ يعني مثله، يقول اللّه: {فنسي} أي: ترك ما كان عليه من الإسلام يعني: السّامريّ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 310-311]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه تعالى ردًّا عليهم، وتقريعًا لهم، وبيانًا لفضيحتهم وسخافة عقولهم فيما ذهبوا إليه: {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرًّا ولا نفعًا} أي: العجل {أفلا يرون} أنّه لا يجيبهم إذا سألوه، ولا إذا خاطبوه، {ولا يملك لهم ضرًّا ولا نفعًا} أي: في دنياهم ولا في أخراهم.
قال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنه لا واللّه ما كان خواره إلّا أن يدخل الريح في دبره فيخرج فيه، فيسمع له صوتٌ.
وقد تقدّم في متون الحديث عن الحسن البصريّ: أنّ هذا العجل اسمه بهموت.
وحاصل ما اعتذر به هؤلاء الجهلة أنّهم تورّعوا عن زينة القبط، فألقوها عنهم، وعبدوا العجل. فتورّعوا عن الحقير وفعلوا الأمر الكبير، كما جاء في الحديث الصّحيح عن ابن عمر: أنّه سأله رجلٌ من أهل العراق عن دم البعوض إذا أصاب الثّوب -يعني: هل يصلّي فيه أم لا؟- فقال ابن عمر، رضي اللّه عنه: انظروا إلى أهل العراق، قتلوا ابن بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -يعني: الحسين- وهم يسألون عن دم البعوض؟). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 311]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة