العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة التوبة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 ربيع الثاني 1434هـ/10-03-2013م, 03:42 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 شعبان 1435هـ/19-06-2014م, 08:42 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 21 شعبان 1435هـ/19-06-2014م, 08:43 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: يا أيّها الّذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل اللّه اثّاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدّنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدّنيا في الآخرة إلاّ قليلٌ (38) إلاّ تنفروا يعذّبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولا تضرّوه شيئاً واللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ (39)
هذه الآية هي بلا اختلاف نازلة عتابا على تخلف من تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وكانت سنة تسع من الهجرة بعد الفتح بعام غزا فيها الروم في عشرين ألفا بين راكب وراجل، وتخلف عنه قبائل من الناس ورجال من المؤمنين كثير ومنافقون فالعتاب في هذه الآية هو للقبائل وللمؤمنين الذين كانوا بالمدينة، وخص الثلاثة كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية بذلك التذنيب الشديد بحسب مكانهم من الصحبة إذ هم من أهل بدر وممن يقتدى بهم، وكان تخلفهم لغير علة حسب ما يأتي، وقوله ما لكم استفهام بمعنى التقرير والتوبيخ، وقوله قيل يريد النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن صرفه الفعل لا يسمى فاعله يقتضي إغلاظا ومخاشنة ما، و «النفر» هو التنقل بسرعة من مكان إلى مكان لأمر يحدث، يقال في ابن آدم نفر إلى الأمر ينفر نفيرا ونفرا، ويقال في الدابة نفرت تنفر بضم الفاء نفورا، وقوله اثّاقلتم أصله تثاقلتم أدغمت التاء في الثاء فاحتيج إلى ألف الوصل كما قال فادّارأتم وكما تقول ازين، وكما قال الشاعر [الكسائي]: [البسيط]
تولي الضجيع إذا ما استافها خصرا = عذب المذاق إذا ما اتّابع القبل
وقرأ الأعمش فيما حكى المهدوي وغيره «تثاقلتم» على الأصل، وذكرها أبو حاتم «تتثاقلتم» بتاءين ثم ثاء مثلثة، وقال هي خطأ أو غلط، وصوب «تثاقلتم» بتاء واحدة وثاء مثلثة أن لو قرئ بها، وقوله اثّاقلتم إلى الأرض عبارة عن تخلفهم ونكولهم وتركهم الغزو لسكنى ديارهم والتزام نخلهم وظلالهم، وهو نحو من أخلد إلى الأرض، وقوله: أرضيتم تقرير يقول أرضيتم نزر الدنيا على خطير الآخرة وحظها الأسعد، ثم أخبر فقال إن الدنيا بالإضافة إلى الآخرة قليل نزر، فتعطي قوة الكلام التعجب من ضلال من يرضى النزر بدل الكثير الباقي). [المحرر الوجيز: 4/ 314-315]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله إلّا تنفروا الآية، إلّا تنفروا يعذّبكم شرط وجواب، وقوله يعذّبكم لفظ عام يدخل تحته أنواع عذاب الدنيا والآخرة، والتهديد بعمومه أشد تخويفا، وقالت فرقة يريد يعذبكم بإمساك المطر عنكم، وروي عن ابن عباس أنه قال: استنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبيلة من القبائل فقعدت فأمسك الله عنها المطر وعذبها به، و «أليم» بمعنى مؤلم بمنزلة قول عمرو بن معديكرب: [الوافر] أمن ريحانة الداعي السميع وقوله ويستبدل قوماً غيركم توعد بأن يبدل لرسول الله صلى الله عليه وسلم قوما لا يقعدون عند استنفاره إياهم، والضمير في قوله ولا تضرّوه شيئاً عائد على الله عز وجل أي لا ينقص ذلك من عزه وعز دينه، ويحتمل أن يعود على النبي صلى الله عليه وسلم وهو أليق، واللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ أي على كل شيء مقدور وتبديلهم منه ليس بمحال ممتنع). [المحرر الوجيز: 4/ 315]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: إلاّ تنصروه فقد نصره اللّه إذ أخرجه الّذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إنّ اللّه معنا فأنزل اللّه سكينته عليه وأيّده بجنودٍ لم تروها وجعل كلمة الّذين كفروا السّفلى وكلمة اللّه هي العليا واللّه عزيزٌ حكيمٌ (40)
هذا أيضا شرط وجواب والجواب في الفاء من قوله فقد وفيما بعدها، قال النقاش: هذه أول آية نزلت من سورة براءة، ومعنى الآية أنكم إن تركتم نصره فالله متكفل به، إذ فقد نصره في موضع القلة والانفراد وكثرة العدو، فنصره إياه اليوم أحرى منه حينئذ، وقوله إذ أخرجه الّذين كفروا يريد فعلوا من الأفاعيل ما أدى إلى خروجه، وأسند الإخراج إليهم إذ المقصود تذنيبهم، ولما كان مقصد أبي سفيان بن الحارث الفخر في قوله: من طردت كل مطرد. لم يقرره النبي صلى الله عليه وسلم، والإشارة إلى خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة وفي صحبته أبو بكر، واختصار القصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينتظر أمر الله عز وجل في الهجرة من مكة، وكان أبو بكر حين ترك ذمة ابن الدغنة قد أراد الخروج من مكة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «اصبر فلعل الله أن يسهل في الصحبة»، فلما أذن الله لرسوله في الخروج تجهز من دار أبي بكر وخرجا فبقيا في الغار الذي في جبل ثور في غربي مكة ثلاث ليال، وخرج المشركون في أثرهم حتى انتهوا إلى الغار فطمس عليهم الأثر، وقال أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم: لو نظر أحدهم لقدمه لرآنا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما ظنك باثنين الله ثالثهما.
ويروى أن العنكبوت نسجت على باب الغار، ويروى أن الحمامة عششت عند باب الغار، ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يجعل ثماما في باب الغار فتخيله المشركون نابتا وصرفهم الله عنه، ووقع في الدلائل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه نبتت على باب الغار راءة أمرها الله بذلك في الحين، قال الأصمعي: جمعها راء وهي نبات من السهل.
وروي أن أبا بكر لما دخل الغار خرق رداءه فسدّ به كواء الغار لئلا يكون فيها حيوان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم.
وروي أنه بقيت واحدة فسدها برجله فوقى الله تعالى، وكان يروح عليهما باللبن عامر بن فهيرة مولى أبي بكر رضي الله عنه،
وقوله ثاني اثنين معناه أحد اثنين، وهذا كثالث ثلاثة ورابع أربعة فإذا اختلف اللفظ فقلت رابع ثلاثة فالمعنى صير الثلاثة بنفسه أربعة، وقرأ جمهور الناس «ثاني اثنين» بنصب الياء من «ثاني». قال أبو حاتم: لا يعرف غير هذا وقرأت فرقة «ثاني اثنين» بسكون الياء من ثاني، قال أبو الفتح: حكاها أبو عمرو بن العلاء، ووجهه أنه سكن الياء تشبيها لها بالألف.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فهذه كقراءة ما بقي من الربا وكقول جرير: [البسيط]
هو الخليفة فارضوا ما رضي لكم = ماضي العزيمة ما في حكمه جنف
و «صاحبه» أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وروي أن أبا بكر الصديق قال يوما وهو على المنبر: أيكم يحفظ سورة التوبة، فقال رجل أنا، فقال اقرأ فقرأ، فلما انتهى إلى قوله إذ يقول لصاحبه لا تحزن إنّ اللّه معنا بكى وقال أنا والله صاحبه، وقال الليث: ما صحب الأنبياء مثل أبي بكر الصديق، وقال سفيان بن عيينة: خرج أبو بكر بهذه الآية من المعاتبة التي في قوله: إلّا تنصروه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: أقول بل خرج منها كل من شاهد غزوة تبوك ولم يتخلف، وإنما المعاتبة لمن تخلف فقط، أما إن هذه الآية منوهة بأبي بكر حاكمة بقدمه وسابقته في الإسلام رضي الله عنه، وقوله:
إنّ اللّه معنا يريد به النصر والإنجاء واللطف، وقوله تعالى: فأنزل اللّه سكينته عليه الآية، قال حبيب بن أبي ثابت: الضمير في عليه عائد على أبي بكر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل ساكن النفس ثقة بالله عز وجل.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا قول من لم ير السكينة إلا سكون النفس والجأش، وقال جمهور الناس: الضمير عائد على النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أقوى، و «السكينة» عندي إنما هي ما ينزله الله على أنبيائه من الحياطة لهم والخصائص التي لا تصلح إلا لهم، كقوله تعالى: فيه سكينةٌ من ربّكم [البقرة: 248] ويحتمل أن يكون قوله فأنزل اللّه سكينته إلى آخر الآية يراد به ما صنعه الله لنبيه إلى وقت تبوك من الظهور والفتوح لا أن تكون هذه الآية تختص بقصة الغار والنجاة إلى المدينة، فعلى هذا تكون «الجنود» الملائكة النازلين ببدر وحنين، ومن رأى أن الآية مختصة بتلك القصة قال «الجنود» ملائكة بشروه بالنجاة وبأن الكفار لا ينجح لهم سعي، وفي مصحف حفصة «فأنزل الله سكينته عليهما وأيدهما»، وقرأ مجاهد «وأأيده» بألفين، والجمهور «وأيّده» بشد الياء، وقوله: وجعل كلمة الّذين كفروا السّفلى يريد بإدحارها ودحضها وإذلالها، وكلمة اللّه هي العليا قيل يريد لا إله إلا الله، وقيل الشرع بأسره، وقرأ جمهور الناس «وكلمة» بالرفع على الابتداء، وقرأ الحسن بن أبي الحسن ويعقوب «وكلمة» بالنصب على تقدير وجعل كلمة، قال الأعمش: ورأيت في مصحف أنس بن مالك المنسوب إلى أبيّ بن كعب «وجعل كلمته هي العليا»). [المحرر الوجيز: 4/ 315-318]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 21 شعبان 1435هـ/19-06-2014م, 08:43 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21 شعبان 1435هـ/19-06-2014م, 08:43 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها الّذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل اللّه اثّاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدّنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدّنيا في الآخرة إلا قليلٌ (38) إلا تنفروا يعذّبكم عذابًا أليمًا ويستبدل قومًا غيركم ولا تضرّوه شيئًا واللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ (39)}
هذا شروعٌ في عتاب من تخلّف عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في غزوة تبوك، حين طابت الثّمار والظّلال في شدّة الحرّ وحمارّة القيظ، فقال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل اللّه} أي: إذا دعيتم إلى الجهاد في سبيل اللّه {اثّاقلتم إلى الأرض} أي: تكاسلتم وملتم إلى المقام في الدّعة والخفض وطيّب الثّمار، {أرضيتم بالحياة الدّنيا من الآخرة} أي: ما لكم فعلتم هكذا أرضًا منكم بالدّنيا بدلًا من الآخرة
ثمّ زهّد تبارك وتعالى في الدّنيا، ورغّب في الآخرة، فقال: {فما متاع الحياة الدّنيا في الآخرة إلا قليلٌ} كما قال الإمام أحمد.
حدّثنا وكيع ويحيى بن سعيدٍ قالا حدّثنا إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن قيسٍ، عن المستورد أخي بني فهر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما الدّنيا في الآخرة إلّا كما يجعل إصبعه هذه في اليم، فلينظر بما ترجع؟ وأشار بالسّبّابة.
انفرد بإخراجه مسلمٌ
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا بشر بن مسلم بن عبد الحميد الحمصي، حدّثنا الرّبيع بن روح، حدّثنا محمّد بن خالدٍ الوهبيّ، حدّثنا زيادٌ -يعني الجصّاص -عن أبي عثمان قال: قلت: يا أبا هريرة، سمعت من إخواني بالبصرة أنّك تقول: سمعت نبيّ اللّه يقول: "إنّ اللّه يجزي بالحسنة ألف ألف حسنةٍ" قال أبو هريرة: بل سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "إنّ اللّه يجزي بالحسنة ألفي ألف حسنةٍ" ثمّ تلا هذه الآية: {فما متاع الحياة الدّنيا في الآخرة إلا قليلٌ}
فالدّنيا ما مضى منها وما بقي منها عند اللّه قليلٌ.
وقال [سفيان] الثّوريّ، عن الأعمش في الآية: {فما متاع الحياة الدّنيا في الآخرة إلا قليلٌ} قال: كزاد الرّاكب.
وقال عبد العزيز بن أبي حازمٍ عن أبيه: لمّا حضرت عبد العزيز بن مروان الوفاة قال: ائتوني بكفني الّذي أكفّن فيه، أنظر إليه فلمّا وضع بين يديه نظر إليه فقال: أما لي من كبير ما أخلّف من الدّنيا إلّا هذا؟ ثمّ ولّى ظهره فبكى وهو يقول أفٍّ لك من دارٍ. إن كان كثيرك لقليلٌ، وإن كان قليلك لقصيرٌ، وإن كنّا منك لفي غرورٍ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 153-154]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ توعّد تعالى على ترك الجهاد فقال: {إلا تنفروا يعذّبكم عذابًا أليمًا} قال ابن عبّاسٍ: استنفر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حيًّا من العرب، فتثاقلوا عنه، فأمسك اللّه عنهم القطر فكان عذابهم.
{ويستبدل قومًا غيركم} أي: لنصرة نبيّه وإقامة دينه، كما قال تعالى: {إن تتولّوا يستبدل قومًا غيركم ثمّ لا يكونوا أمثالكم} [محمّدٍ: 38].
{ولا تضرّوه شيئًا} أي: ولا تضرّوا اللّه شيئًا بتولّيكم عن الجهاد، ونكولكم وتثاقلكم عنه، {واللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} أي: قادرٌ على الانتصار من الأعداء بدونكم.
وقد قيل: إنّ هذه الآية، وقوله: {انفروا خفافًا وثقالا} وقوله {ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلّفوا عن رسول اللّه} [التّوبة: 120] إنّهنّ منسوخاتٌ بقوله تعالى: {وما كان المؤمنون لينفروا كافّةً فلولا نفر من كلّ فرقةٍ منهم طائفةٌ} [التّوبة: 122] روي هذا عن ابن عبّاسٍ، وعكرمة، والحسن، وزيد بن أسلم. وردّه ابن جريرٍ وقال: إنّما هذا فيمن دعاهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى الجهاد، فتعيّن عليهم ذلك، فلو تركوه لعوقبوا عليه.
وهذا له اتّجاهٌ، واللّه [سبحانه و] تعالى أعلم [بالصّواب] ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 154]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إلا تنصروه فقد نصره اللّه إذ أخرجه الّذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إنّ اللّه معنا فأنزل اللّه سكينته عليه وأيّده بجنودٍ لم تروها وجعل كلمة الّذين كفروا السّفلى وكلمة اللّه هي العليا واللّه عزيزٌ حكيمٌ (40)}
يقول تعالى: {إلا تنصروه} أي: تنصروا رسوله، فإنّ اللّه ناصره ومؤيّده وكافيه وحافظه، كما تولّى نصره {إذ أخرجه الّذين كفروا ثاني اثنين [إذ هما في الغار]} أي: عام الهجرة، لمّا همّ المشركون بقتله أو حبسه أو نفيه، فخرج منهم هاربًا صحبة صدّيقه وصاحبه أبي بكر بن أبي قحافة، فلجأ إلى غار ثورٍ ثلاثة أيّامٍ ليرجع الطّلب الّذين خرجوا في آثارهم، ثمّ يسيرا نحو المدينة، فجعل أبو بكرٍ، رضي اللّه عنه، يجزع أن يطّلع عليهم أحدٌ، فيخلص إلى الرّسول، عليه السّلام منهم أذًى، فجعل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يسكّنه ويثبّته ويقول: " يا أبا بكرٍ، ما ظنّك باثنين اللّه ثالثهما"، كما قال الإمام أحمد: حدّثنا عفّان، حدّثنا همّامٌ، أنبأنا ثابتٌ، عن أنسٍ أنّ أبا بكرٍ حدّثه قال: قلت للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ونحن في الغار: لو أنّ أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه. قال: فقال: "يا أبا بكرٍ، ما ظنّك باثنين اللّه ثالثهما".
أخرجاه في الصّحيحين
ولهذا قال تعالى: {فأنزل اللّه سكينته عليه} أي: تأييده ونصره عليه، أي: على الرّسول في أشهر القولين: وقيل: على أبي بكرٍ، وروي عن ابن عبّاسٍ وغيره، قالوا: لأنّ الرّسول لم تزل معه سكينةٌ، وهذا لا ينافي تجدّد سكينةٍ خاصّةٍ بتلك الحال؛ ولهذا قال: {وأيّده بجنودٍ لم تروها} أي: الملائكة، {وجعل كلمة الّذين كفروا السّفلى وكلمة اللّه هي العليا}
قال ابن عبّاسٍ: يعني {كلمة الّذين كفروا} الشّرك و {كلمة اللّه} هي: لا إله إلّا اللّه.
وفي الصّحيحين عن أبي موسى الأشعريّ، رضي اللّه عنه، قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الرّجل يقاتل شجاعةً، ويقاتل حميّة، ويقاتل رياءً، أيّ ذلك في سبيل اللّه؟ فقال: "من قاتل لتكون كلمة اللّه هي العليا فهو في سبيل اللّه"
وقوله: {واللّه عزيزٌ} أي: في انتقامه وانتصاره، منيع الجناب، لا يضام من لاذ ببابه، واحتمى بالتّمسّك بخطابه، {حكيمٌ} في أقواله وأفعاله). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 154-155]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة