سورة القيامة
قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): ( سورة القيامة: مكية، وجميعها محكم غير قوله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16] معناها لا لفظها بقوله: {سنقرئك فلا تنسى} [الأعلى: 6] ). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 63]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (سورة القيامة
نزلت بمكّة وهي محكمة إلّا قوله تعالى {لا تحرّك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه} هذا محكم والمنسوخ قوله تعالى {لا تحرّك به لسانك} نسخ الله ذلك بقوله {سنقرئك فلا تنسى} ).[الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 190]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (سورة القيامة: لا نسخ فيها، وقالوا في قوله عز وجل: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16]، إنه منسوخ بقوله عز وجل: {سنقرئك فلا تنسى} [الأعلى: 6] وهذا خلف من القول؛ لأن الله عز وجل لم يأمره بالنسيان ثم نهاه عنه، وأظنهم توهموا ذلك، وأن (لا) في قوله {فلا تنسى} للنهي، وما هي للنهي لا من جهة المعنى ولا من جهة اللفظ، أما اللفظ فغير مجزوم، وأما المعنى فليس النسيان مما يقدر الإنسان على اجتنابه فينهى عنه، وهذا خبر أخبر الله عز وجل به عن نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقرئه فلا ينسى، فما معنى النسخ؟.
فإن قالوا: كان يعجل بالقرآن خوف النسيان فقال الله عز وجل: {سنقرئك فلا تنسى} [الأعلى: 6]، قلت: فأين النسخ؟ والآيتان في معنى واحد، قال ابن عباس: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يلقى في التنزيل شدة، فكان يحرك شفتيه كراهية أن يتفلت منه، فأنزل الله جل ذكره: {لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 16-17] أي: جمعه في صدرك وأن تقرأه، {فإذا قرآناه فاتبع قرآنه} [القيامة: 18] أي: فأنصت واستمع، {ثم إن علينا بيانه} [القيامة: 19] أي: علينا أن نبينه بلسانك، قال: فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه جبريل عليه السلام يستمع، فإذا انطلق قرأه كما قرأ).
وقال الضحاك: كان يفعل ذلك مخافة أن ينساه فقيل له: إن علينا أن نحفظه في قلبك وأن تقرأه بعد حفظه.
وروي ذلك عن ابن عباس أيضا ومجاهد وقتادة.
وقال قتادة: {إن علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 17] أي: جمعه في قلبك حتى تحفظه، {وقرآنه} أي: تأليفه.
فأي فرق بين هذه الآية وبين آية "الأعلى"، فالقول بأن هذا منسوخ بذاك خطأ من جهة أن الخبر لا يدخله النسخ، ومن جهة أن المعنى فيهما واحد، وما كان ينبغي أن يتكلم على هذا، فإنه لفساده يوقع كلام المتكلم عليه في الضيم). [جمال القراء: 1/388-389]