العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 06:44 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 58 إلى 76]

{وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (58) وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (59) فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ (60) قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ (61) وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (62) فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (63) قَالَ هَلْ آَمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64) وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (65) قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آَتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (66) وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (67) وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (68) وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69) فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70) قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ (71) قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73) قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ (74) قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76)}

تفسير قوله تعالى: {وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (58)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (59)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {خير المنزلين} أي خير المضيفين). [تفسير غريب القرآن: 218]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولمّا جهّزهم بجهازهم قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أنّي أوفي الكيل وأنا خير المنزلين}
وهذا - واللّه أعلم - قد كان قبله كلام جرّ إليه ما يوجب طلب أخيهم منهم، - لأنه لا يقول ائتوني بأخ لكم من أبيكم من غير أن يجري ما يوجب هذا القول.
فكأنّه - واللّه أعلم - سألهم عن أخبارهم وأمرهم وعددهم، فاجترأ لقول هذه المسألة.
{ألا ترون أنّي أوفي الكيل وأنا خير المنزلين} لأنه حين أنزلهم أحسن ضيافتهم). [معاني القرآن: 3/117-116]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولما جهزهم بجهازهم قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم}
قيل في الكلام حذف والمعنى سألهم عن أمورهم فلما خبروه وجرى الكلام إلى هذا قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين
قيل لأنه أحسن ضيافتهم). [معاني القرآن: 3/439]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ (60)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا تقربون...}
في موضع جزم، والنون في موضع نصب حذفت ياؤها. ولو جعلتها رفعاً فنصبت النون كان صوابا على معنى قوله ولستم تقربون بعد هذه كقوله:
{فبم تبشّرون} و{الّذين كنتم تشاقّون فيهم} ). [معاني القرآن: 2/48]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون}
القراءة بكسر النون، ويجوز الفتح بفتح النون لأنها نون جماعة كما قال: (فبم تبشرون) بفتح النون، وتكون (ولا تقربون) لفظه لفظ الخبر ومعناه معنى الأمر). [معاني القرآن: 3/117]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ (61)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا سنراود عنه أباه وإنّا لفاعلون}
(وإنّا لفاعلون) توكيد). [معاني القرآن: 3/117]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (62)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وقال لفتيانه...}
و (لفتيته) قراءتان مستفيضتان.
وقوله: {لعلّهم يعرفونها إذا انقلبوا} قيل فيها قولان: أحدهما أن يوسف خاف ألاّ يكون عند أبيه دراهم، فجعل البضاعة في رحالهم ليرجعوا.
وقيل إنهم إن عرفوا أنّها بضاعتهم وقد اكتالوا ردّوها على يوسف ولم يستحلّوا إمساكها). [معاني القرآن: 2/48]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلّهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلّهم يرجعون}
{وقال لفتيانه}.
ولفتييه، قرئتا جميعا، والفتيان والفتية المماليك في هذا الموضع.
{اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلّهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلّهم يرجعون}
وفي هذا وجهان، أي إذا رأوا بضاعتهم مردودة عليهم، علموا أن ما كيل لهم من الطعام لم يؤخذ منهم ثمنه، وأن وضع البضاعة في الرحال لم يكن إلا عن أمر يوسف،
ويجوز أن يكون {لعلهم يرجعون} يرّدون البضاعة.
لأنها ثمن ما اكتالوه. ولأنهم لا يأخذون شيئا ألا بثمنه). [معاني القرآن: 3/117]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقال لفتيته}
قيل يراد بالفتية والفتيان ههنا المماليك
ثم قال: {اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون}
قال أبو جعفر في هذا قولان:
أحدهما أن المعنى إذا رأوا البضاعة في رحالهم وهي ثمن الطعام رجعوا لأنهم أنبياء لا يأخذون شيئا بغير ثمن
وقيل إذا رأوا البضاعة في الرحال علموا أن هذا لا يكون من أمر يوسف فرجعوا). [معاني القرآن: 3/440-439]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وقال لفتيانه} أي: لغلمانه ومماليكه، ومن قرأ (لفتيانه) أي: لحشمه الأحرار من حوارييه،
ومنه قوله: (إنهم فتية آمنوا بربهم) لأنهم كانوا أحرارا). [ياقوتة الصراط: 276-275]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (63)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فأرسل معنا أخانا نكتل...}
قرأ أصحاب عبد الله (يكتل) وسائر الناس (نكتل) كلاهما صواب من قال (نكتل) جعله معهم في الكيل. ومن قال (يكتل) يصيبه كيل لنفسه فجعل الفعل له خاصّة لأنهم يزادون به كيل بعير). [معاني القرآن: 2/49]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {فلمّا رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منّا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنّا له لحافظون }
{فأرسل معنا أخانا نكتل وإنّا له لحافظون} أي إن أرسلته معنا اكتلنا، وإلا فقد منعنا الكيل). [معاني القرآن: 3/117]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هَلْ آَمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {فاللّه خيرٌ حافظاً...}
وحفظاً وهي في قراءة عبد الله {والله خير الحافظين} وهذا شاهد للوجهين جميعاً. وذلك أنك إذا أضفت أفضل إلى شيء فهو بعضه، وحذف المخفوض يجوز وأنت تنويه. فإن شئت جعله خيرهم حفظاً فحذفت الهاء والميم وهي تنوي في المعنى وإن شئت جعلت (حافظا) تفسيراً لأفضل. وهو كقولك: لك أفضلهم رجلاً ثم تلغي الهاء والميم فتقول لك أفضل رجلاً وخير رجلاً. والعرب: تقول لك أفضلها كبشا، وإنما هو تفسير الأفضل...
- حدّثنا أبو ليلى السجستانيّ عن أبي حريز قاضي سجستان أن ابن مسعود قرأ (فالله خير حافظا) وقد أعلمتك أنها مكتوبة في مصحف عبد الله (خير الحافظين)
وكان هذا - يعني أبا ليلى - معروفا بالخير. وحدّثنا بهذا الإسناد عن عبد الله أنه قرأ {فلا أقسم بموقع النّجوم} {وإنّا لجميعٌ حاذرون} يقولون: مؤدون في السلاح آدى يؤدي). [معاني القرآن: 2/49]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {قال هل آمنكم عليه إلّا كما أمنتكم على أخيه من قبل فاللّه خير حافظا وهو أرحم الرّاحمين}
أي كذلك قلتم لي في يوسف: {أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنّا له لحافظون}.
فقد ضمنتم لي حفظ يوسف وكذلكم ضمانكم هذا عندي.
(فاللّه خير حفظا)
وتقرأ (حافظا). وحفظا منصوب على التمييز، و (حافظا) منصوب على الحال، ويجوز أن يكون حافظا على التمييز أيضا). [معاني القرآن: 3/118-117]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل}
لأنهم قالوا في أخيه أرسله معنا غدا نرتع ونلعب وإنا له لحافظون
وقالوا في هذا فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون
فضمنوا له حفظهما). [معاني القرآن: 3/440]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (65)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يا أبانا ما نبغي...}
كقولك في الكلام ماذا تبغي؟ ثم قال {هذه بضاعتنا} كأنهم طيّبوا بنفسه. و(ما) استفهام في موضع نصب. ويكون معناها جحداً كأنهم قالوا: لسنا نريد منك دراهم.
والله أعلم بصواب ذلك). [معاني القرآن: 2/49]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (ونمير أهلنا) من مرت تمير ميراً وهي الميرة، أي نأتيهم ونشترى لهم طعومهم، قال أبو ذؤيب:

أتى قريةً كانت كثيراً طعامها= كرفع التراب كلّ شئ يميرها
(كيل بعيرٍ) أي حمل بعير يكال له ما حمل بعير). [مجاز القرآن: 1/314]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({نمير أهلنا}: من الميرة ومن كلامهم " ما عنده خير ولا مير"). [غريب القرآن وتفسيره: 184]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ونمير أهلنا} من الميرة. يقال: مار أهله ويميرهم ميرا وهو مائر أهله، إذا حمل إليهم أقواتهم من غير بلدة.
{ونزداد كيل بعيرٍ} أي حمل بعير). [تفسير غريب القرآن: 219]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولمّا فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردّت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردّت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير}
{وجدوا بضاعتهم ردّت إليهم} وتقرأ ردّت بكسر الراء، والأصل رددت، فأدغمت الدال الأولى في الثانية وبقيت الراء مضمومة.
ومن كسر الراء جعل كسرتها منقوله من الدال.
كما فعل ذلك في قيل وبيع لتدل أن أصل - الدال الكسر.
وقد حكى قطرب أنه يقال في ضرب زيد؛ ضرب زيد وضرب زيد - بكسر الضاد. أسكن الراء، ونقل كسرتها إلى الضاد.
وعلى هذه اللغة يجوز في كبد كبد.
{قالوا يا أبانا ما نبغي} أي ما نريد، وما في موضع نصب، المعنى أي شيء نريد وقد ردّت علينا بضاعتنا، ويجوز أن يكون (ما) نفيا، كأنّهم قالوا ما نبغي شيئا.
{هذه بضاعتنا ردّت إلينا}.
{ونمير أهلنا} يقال: مرتهم أميرهم ميرا إذا أتيتهم بالمير.
{ونزداد كيل بعير} لأنه كان يكال لكل رجل وقر بعير.
{ذلك كيل يسير} أي ذلك كيل سهل، أي سهل على الذي يمضي إليه). [معاني القرآن: 3/119-118]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قالوا يا أبانا ما نبغي}
يجوز أن يكون المعنى أي شيء نبغي وقد ردت إلينا بضاعتنا
ويجوز أن يكون المعنى ما نبغي شيئا ويكون ما نافية
ثم قال: {ونمير أهلنا ونحفظ أخانا}
يقال مار أهله يميرهم ميرا وميرة إذا جاء بأقواتهم من بلد إلى بلد
ثم قال جل وعز: {ونزداد كيل بعير}
قال ابن جريج لأنه كان يعطي كل رجل منهم كيل بعير
قال مجاهد يعني وقر حمار
وقال بعضهم يسمى الحمار بعيرا يعني أنها لغة
فأما أهل اللغة فلا يعرفون أنه يقال للحمار بعير والله أعلم بما أراد
ثم قال: {ذلك كيل يسير} أي سهل عليه). [معاني القرآن: 3/441-440]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ذلك كيل يسير} أي على الملك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 115]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {نَمِيرُ}: من الميرة). [العمدة في غريب القرآن: 162]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آَتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (66)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إلاّ أن يحاط بكم...}
يقول: ألاّ أن يأتيكم من الله ما يعذركم). [معاني القرآن: 2/50]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إلّا أن يحاط بكم} أي تشرفوا على الهلكة وتغلبوا.
{واللّه على ما نقول وكيلٌ} أي كفيل). [تفسير غريب القرآن: 219]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال لن أرسله معكم حتّى تؤتون موثقا من اللّه لتأتنّني به إلّا أن يحاط بكم فلمّا آتوه موثقهم قال اللّه على ما نقول وكيل}
{إلا أن يحاط بكم}.
فموضع أن نصب، والمعنى لتأتنّني به إلّا لإحاطة بكم، أي لا لتمتنعوا من الإتيان به إلا لهذا، وهذا يسمى مفعولا له، وإلا ههنا تأتي بمعنى تحقيق الجزاء،
تقول: ما تأتي - إلا لأخذ - الدراهم وإلا أن نأخذ الدراهم، ومعنى الإحاطة بهم، أنه يحال بينهم وبينه فلا يقدروا على الإتيان به). [معاني القرآن: 3/119]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إلا أن يحاط بكم} أي إلا أن تهلكوا وتغلبوا [معاني القرآن: 3/441]
ثم قال جل وعز: {فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل} أي كفيل). [معاني القرآن: 3/442]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {إلا أن يحاط بكم} أي تشرفوا على الهلكة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 115]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (67)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يا بنيّ لا تدخلوا من بابٍ واحدٍ...}
يقول: لا تدخلوا مصر من طريق واحد. كانوا صباحا تأخذهم العين). [معاني القرآن: 2/50]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وقال يا بنيّ لا تدخلوا من بابٍ واحدٍ وادخلوا من أبوابٍ متفرّقةٍ}، يريد: إذا دخلتم مصر، فادخلوا من أبواب متفرقة. يقال: خاف عليهم العين إذا دخلوا جملة). [تفسير غريب القرآن: 219]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقال يا بنيّ لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرّقة وما أغني عنكم من اللّه من شيء إن الحكم إلّا للّه عليه توكّلت وعليه فليتوكّل المتوكّلون}
قد خاف عليهم العين، وأمر العين صحيح - واللّه أعلم - وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه عوّذ الحسن والحسين فقال في دعوته: وأعيذكما من كل عين لامّة).
[معاني القرآن: 3/119]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( قوله جل وعز: {وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة}
قال الضحاك خاف عليهم العين
وقال غيره العين حق لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ الحسن والحسين رضي الله عنهما فيقول أعيذكما بكلمات الله التامة من كل لامة
وقيل كره أن يلحقهم شيء فيتوهم أنه من العين فيؤثم في ذلك
والدليل على صحة هذا القول حديث النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تقدموا عليه وجواب آخر أن يكون كره أن يدخلوا فيستراب بهم والله عز وجل أعلم). [معاني القرآن: 3/443-442]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (68)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإنّه لذو علمٍ لّما علّمناه...}
يقول: إنه لذو علم لتعليمنا إيّاه ويقال: إنه لذو حفظ لما علمناه). [معاني القرآن: 2/50]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولمّا دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من اللّه من شيء إلّا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنّه لذو علم لما علّمناه ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون}
أي إلا خوف العين، وتأويل {ما كان يغني عنهم من اللّه من شيء}
قدّر أن تصيبهم لأصابتهم وهم متفرقون كما تصيبهم مجتمعين.
وجائز أن يكون: لا يغني مع قضاء الله شيء.
{وإنّه لذو علم لما علّمناه} أي لذو علم لتعليمنا إياه، ونصب حاجة استثناء ليس من الأول، المعنى لكن حاجة في نفس يعقوب قضاها). [معاني القرآن: 3/119]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يعني عنهم من الله من شيء إلا حاجة}
قيل المعنى أنه لو قضي عليهم شيء لأصابهم دخلوا مجتمعين أو متفرقين
وقيل المعنى لو قضي أن تصيبهم العين لأصابتهم متفرقين كما تصيبهم مجتمعين
ثم قال جل وعز: {إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها} قال مجاهد يعني خوفه عليهم العين). [معاني القرآن: 3/443]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها} ، قال: الحاجة: خاف عليهم العين). [ياقوتة الصراط: 276]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فلا تبتئس...}
معناه: لا تستكن من الحزن والبؤس. يقول: لا تحزن). [معاني القرآن: 2/50]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {آوى إليه أخاه} وهو يؤوى إليه إيواءً، أي ضمّه إليه). [مجاز القرآن: 1/314]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {آوى إليه أخاه}: ضمه إليه.
{فلا تبتئس بما كانوا يعملون}: لا تستكن لذلك ولا تبال به). [غريب القرآن وتفسيره: 185]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {آوى إليه أخاه} أي ضمّه إليه. يقال: آويت فلانا إليّ بمد الألف -: إذا ضممته إليك.
وأويت إلى بني فلان - بقصر الألف -: إذا لجأت إليهم.
{فلا تبتئس} من البؤس). [تفسير غريب القرآن: 219]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولمّا دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إنّي أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون}
{آوى إليه أخاه} أي ضمّ إليه أخاه.
{فلا تبتئس}: أي لا تحزن ولا تستكن). [معاني القرآن: 3/119]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه}
يقال آويت فلانا بالمد إذا ضممته إليك وأويت إليه أي لجأت إليه
ومعنى {فلا تبتئس} فلا تحزن من البؤس). [معاني القرآن: 3/444-443]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {آوَى إِلَيْهِ}: ضم إليه
{فَلاَ تَبْتَئِسْ}: لا تحزن). [العمدة في غريب القرآن: 162]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فلمّا جهّزهم بجهازهم جعل السّقاية...}
جواب وربّما أدخلت العرب في مثلها الواو وهي جواب على حالها؛ كقوله في أول السورة {فلمّا ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجبّ وأوحينا إليه} والمعنى - والله أعلم -:
أوحينا إليه. وهي في قراءة عبد الله {فلما جهّزهم بجهازهم وجعل السّقاية} ومثله في الكلام: لمّا أتاني وأثب عليه كأنه قال: وثبت عليه. وربما أدخلت العرب في جواب لمّا لكن.
فيقول الرجل: لمّا شتمني لكن أثب عليه، فكأنه استأنف الكلام استئنافا، وتوهّم أنّ ما قبله فيه جوابه. وقد جاء (الشعر في كل ذلك) قال امرؤ القيس:
فلمّا أجزنا ساحة الحيّ وانتحى =بنا بطن خبت ذي قفافٍ عقنقل
وقال الآخر:

حتّى إذا قملت بطونكم =ورأيتم أبناءكم شبّوا
وقلبتم ظهر المجنّ لنا =إنّ اللّئيم العاجز الخبّ
قملت: سمنت وكبرت). [معاني القرآن: 2/51-50]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {السّقاية} مكيال يكال به ويشرب فيه). [مجاز القرآن: 1/314]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {السقاية}: مكيال). [غريب القرآن وتفسيره: 185]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {السّقاية}: المكيال. وقال قتادة: مشربة الملك.
{ثمّ أذّن مؤذّنٌ} أي قال قائل، أو نادى مناد.
{أيّتها العير}: القوم على الإبل). [تفسير غريب القرآن: 219]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فلمّا جهّزهم بجهازهم جعل السّقاية في رحل أخيه ثمّ أذّن مؤذّن أيّتها العير إنّكم لسارقون }
أي أعلم معلم، يقال آذنته بالشيء فهو مؤذن به أي أعلمته وأذنت أكثرت الإعلام بالشيء.
{أيّتها العير إنّكم لسارقون}.
المعنى: يا أيها الأصحاب للعير، ولكن قال: أيتها العير، وهو يريد أهل العير، كما قال: {واسأل القرية} يريد أهل القرية وأنّث " أيّا " لأنه جعلها للعير). [معاني القرآن: 3/120]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه}
قال قتادة هي مشربة الملك
وقال الضحاك هو الإناء الذي يشرب فيه الملك
وروى شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال صواع الملك شيء من فضة يشبه المكوك من ذهب وفضة مرصع بالجواهر يجعل على الرأس وكان للعباس واحد في الجاهلية
وقوله جل وعز: {ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون} أي أعلم ونادى يقال آذنت أي أعلمت وأذنت أي أعلمت مرة بعد مرة والمعنى يا أصحاب العير
وقال إنكم لسارقون ولم يسرقوا الصواع
قيل لأنهم أخذوا يوسف فباعوه فاستجاز أن يقول لهم إنكم لسارقون
وقيل يجوز أن يكون الصواع جعل في رحالهم ولم يعلم الذي ناداهم بذلك فيكون كاذبا
وقال أحمد بن يحيى أي حالكم حال السراق وهكذا كلام العرب وكان المنادي حسب أن القوم سرقوه ولم يعلم بصنيع يوسف
وقيل يجوز أن يكون أذان المؤذن عن أمر يوسف واستجاز ذلك بهم أنهم قد كانوا سرقوا سرقة في بعض الأحوال يعني بذلك تلك السرقة لا سرقتهم الصواع
وقال بعض أهل التأويل كان ذلك خطأ من فعل يوسف فعاقبه الله عز وجل إذ قالوا له إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل). [معاني القرآن: 3/446-444]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {السِّقَايَةَ}: المكيال). [العمدة في غريب القرآن: 162]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ (71)}

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قالوا نفقد صواع الملك...}
وقوله: الصّواع ذكر. وهو الإناء الذي كان الملك يشرب فيه. والصاع يؤنّث ويذكّر. فمن أنّثه قال: ثلاث أصوع مثل ثلاث أدؤر. ومن ذكّره قال: ثلاثة أصواع مثل أبواب.
وقوله: {وأنا به زعيمٌ} يقول: كفيل. وزعيم القوم سيّدهم). [معاني القرآن: 2/51]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {صواع الملك} والجميع صيعان خرج مخرج الغراب والجمع غربان، وبعضهم يقول: هي صاع الملك والجميع أصواع خرج مخرج باب والجميع أبواب.
{وأنا به زعيمٌ} أي كفيل وقبيل، قال المؤسّىّ الأزديّ:

فلست بآمرٍ فيها بسلم= ولكنّي على نفسي زعيم
بغزوٍ مثل ولغ الذئب حتى= ينوء بصاحبي ثأرٌ منيم).
[مجاز القرآن: 1/315]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( (الصواع): وهو الصاع وجماعه صياع وجماعه الصاع أصوع والصواع ذكر. والصاع يؤنث ويذكر وهما واحد.
{وأنا به زعيم}: أي كفيل). [غريب القرآن وتفسيره: 186-185]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {صواع الملك} وصاعه واحد.
{وأنا به زعيمٌ} أي ضمين). [تفسير غريب القرآن: 220-219]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم}
وقرئت " صواع الملك "، وقرئت " صاع الملك "، قرأ أبو هريرة صاغ الملك، وقرئت صوغ الملك - بالغين معجمة.
{ولمن جاء به حمل بعير} أي حمل بعير من الطعام
{وأنا به زعيم} أي كفيل.
الضواع هو الصاع بعينه، وهو يذكر ويؤنث، وكذلك الصاع يذكر ويؤنث، وجاء في التفسير أنه إناء مستطيل يشبه المكوك، كان يشرب به الملك، وهو السقاية.
وقيل إنه كان مصنوعا من فضة مموّها بذهب.
وقيل إنه كان من مسّ، وقيل إنه كان يشبه الطاس). [معاني القرآن: 3/120]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقول جل وعز: {وأنا به زعيم}
قال الضحاك أي كفيل
وقال قتادة أي حميل
قال الفراء زعيم القوم رئيسهم ومتكلمهم
قال أبو جعفر وهذا قريب من الأول لأن حميلهم هو رئيسهم
وروى أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال والزعيم غارم مختصر
يعني بالزعيم الضامن). [معاني القرآن: 3/447-446]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {زعيم} أي ضامن). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 115]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الصُوَاعَ): الصاع الذي يكال به
{زَعِيمٌ}: كفيل). [العمدة في غريب القرآن: 162]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {تاللّه...}
العرب لا تقول تالرحمن ولا يجعلون مكان الواو تاء إلاّ في الله عزّ وجلّ. وذلك أنها أكثر الأيمان مجرى في الكلام؛ فتوهّموا أنّ الواو منها لكثرتها في الكلام، وأبدلوها تاء كما
قالوا: التّراث، وهو من ورث، وكما قال: {رسلنا تترى} وهي من المواترة، وكما قالوا: التخمة وهي من الوخامة، والتّجاه وهي من واجهك.
وقوله: {لقد علمتم مّا جئنا لنفسد} يقول القائل: وكيف علموا أنهم لم يأتوا للفساد ولا للسرقة؟ فذكر أنهم كانوا في طريقهم لا ينزلون بأحد ظلما، ولا ينزلون في بساتين الناس فيفسدوها فذلك قوله: {مّا جئنا لنفسد في الأرض وما كنّا سارقين} يقول: لو كنّا سارقين ما رددنا عليكم البضاعة التي وجدناها في رحالنا). [معاني القرآن: 2/51]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {تالله} التاء بمنزلة واو القسم لأن الواو تحّول تاءً، قالوا: تراث وإنما هي من ورثت،
وقالوا: تقوى، وأصلها وقوى لأنها من وقيت). [مجاز القرآن: 1/315]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {تالله}: في معنى والله). [غريب القرآن وتفسيره: 186]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا تاللّه لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنّا سارقين}
معنى تاللّه: واللّه، إلا أن التاء لا يقسم بها إلا في (اللّه) لا يجوز تالرحمن ولا تربّي لأفعلنّ، والتاء بدل من الواو كما قالوا في وراث تراث،
وكما قالوا - يتزن، وأصله يوتزن من الوزن وإنّما قالوا: {لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض}، لأنهم كانوا لا ينزلون على قوم ظلما.
ولا يرعون زرع أحد وجعلوا على أفواه إبلهم الأكفة لئلا تعبث في زرع، وقالوا: {وما كنّا سارقين}.
لأنهم قد كانوا فيما روي ردوا البضاعة التي وجدوها في رحالهم، أي فمن ردّ ما وجده كيف يكون سارقا). [معاني القرآن: 3/121-120]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض}
يروى أنهم كانوا لا ينزلون على أحد ظلما ولا يرهبون زرع أحد وأنهم جعلوا على أفواه إبلهم الأكمه لئلا تعيث في زروع الناس
ثم قال جل وعز: {وما كنا سارقين}
يروى أنهم ردوا البضاعة التي جعلت في رحالهم أي فمن رد ما وجده كيف يكون سارقا). [معاني القرآن: 3/447]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَاللّهِ}: والله). [العمدة في غريب القرآن: 162]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ (74)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين}
يقال إن هذه هي الحيلة التي ذكرها الله في قوله: {كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك}
قال الضحاك أي في سلطان الملك وذلك أنه كان حكم الملك إذا سرق إنسان شيئا غرم مثله وكان حكم يعقوب إذا سرق إنسان استعبد فرد الحكم إليهم لهذا). [معاني القرآن: 3/448]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قالوا جزاؤه من وجد في رحله...}
(من) في معنى جزاء وموضعها رفع بالهاء التي عادت. وجواب الجزاء الفاء في قوله: (فهو جزاؤه) ويكون قوله (جزاؤه) الثانية مرتفعة بالمعنى المحمّل في الجزاء وجوابه.
ومثله في الكلام أن تقول: ماذا لي عندك؟ فيقول: لك عندي إن بشّرتني فلك ألف درهم، كأنه قال: لك عندي هذا. وإن شئت جعلت (من) في مذهب (الذي) وتدخل الفاء في خبر (من) إذا كانت على معنى (الذي) كما تقول: الذي يقوم فإنّا نقوم معه. وإن شئت جعلت الجزاء مرفوعاً بمن خاصّة وصلتها، كأنك قلت: جزاؤه الموجود في رحله.
كأنك قلت: ثوابه أن يسترقّ، ثم تستأنف أيضاً فتقول: هو جزاؤه. وكانت سنّتهم أن يترقّوا من سرق). [معاني القرآن: 2/52-51]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه} أي يستعبد بذلك. وكانت سنة آل يعقوب في السارق)[تفسير غريب القرآن: 220]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين* قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظّالمين}
أي مثل هذا الجزاء نجزي الظالمين، وكان جزاء السارق عندهم أن يستعبد بسرقته، يصير عبدا لأنه سرق.
فأمّا رفع {قالوا جزاؤه من وجد في رحله} فمن جهتين: أحدهما أن هو جزاؤه ابتداء، ويكون من وجد في رحله الخبر، ويكون المعنى جزاء السّرق الإنسان الموجود في رحله السّرق.
ويكون قوله (فهو جزاؤه) زيادة في الإبانة.
كما تقول: جزاء السارق القطع فهو جزاؤه. فهذا جزاؤه، زيادة في الإبانة.
ويجوز أن يكون يرتفع بالابتداء، ويكون {من وجد في رحله فهو جزاؤه}.
هذه الجملة خبر الجزاء، والعائد عليه من الجملة " جزاؤه " الذي بعد قوله " فهو "، كأنّه قيل: قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو هو، أي فهو الجزاء، ولكن الإظهار كان أحسن ههنا لئلا يقع في الكلام لبس، ولئلا يتوهم أن (هو) إذا عادت ثانية فليست براجعة على الجزاء، والعرب إذا أقحمت أمر الشيء جعلت العائد عليه إعادة لفظه بعينه.
أنشد جميع النحويين:
لا أرى الموت يسبق الموت شيء= نغص الموت ذا الغنى والفقيرا
ولم يقل: لا أرى الموت يسبقه شيء). [معاني القرآن: 3/122-121]

تفسير قوله تعالى: {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عليم}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (ثم قال: {ثمّ استخرجها...}
ذهب إلى تأنيث السّرقة. وإن يكن الصّواع في معنى الصّاع فلعلّ هذا التأنيث من ذلك. وأن شئت جعلته لتأنيث السّقاية.
وقوله: {نرفع درجاتٍ مّن نّشاء} (من) في موضع نصب، أي نرفع من نشاء درجاتٍ. يقول: نفضّل من نشاء بالدرجات.
ومن قال (نرفع درجات من نشاء) فيكون (من) في موضع خفض.
وقوله: {وفوق كلّ ذي علمٍ عليمٌ} يقول: ليس من عالم إلاّ وفوقه أعلم منه). [معاني القرآن: 2/52]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثمّ استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلاّ أن يشاء اللّه نرفع درجاتٍ مّن نّشاء وفوق كلّ ذي علمٍ عليمٌ}
وقال: {ثمّ استخرجها من وعاء أخيه} فأنث وقال: {ولمن جاء به حمل بعيرٍ} لأنه عنى ثمّ "الصّواع" و"الصّواع" مذكّر، ومنهم من يؤنثّ "الصّواع" و"عنى" ههنا "السّقاية" وهي مؤنثة. وهما اسمان لواحد مثل "الثّوب" و"الملحفة" مذكّر ومؤنّث لشيء واحد). [معاني القرآن: 2/53]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {كدنا ليوسف} أي احتلنا له. ولكيد: الحيلة. ومنه قوله: إن كيدهن عظيم.
{في دين الملك} أي في سلطانه). [تفسير غريب القرآن: 220]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثمّ استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلّا أن يشاء اللّه نرفع درجات من نشاء وفوق كلّ ذي علم عليم}
(ثمّ استخرجها من وعاء أخيه) رجع بالتأنيث على السقاية، ويجوز أن يكون أنث الصواع.
{كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك} أي في سيرة الملك، وما يدين به الملك، لأن السارق في دين الملك
كان يغرم مثلي ما سرق، وكان عند آل يعقوب وفي مذهبهم أن يصير السارق عبدا يسترقه صاحب الشيء المسروق.
{إلّا أن يشاء اللّه} موضع (أن) نصب، لما سقطت الباء أفضى الفعل فنصب، المعنى ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا بمشيئة اللّه.
{نرفع درجات من نشاء} على إضافة الدرجات إلى " من " ويجوز (درجات) بالتنوين، على أن يكون (من) في موضع نصب، المعنى نرفع من نشاء درجات. ويجوز رفع درجات من نشاء، وهي حسنة، ولا أعلمها رويت فلا تقرأن بها إن لم تصح فيها رواية.
(وفوق كلّ ذي علم عليم) قيل في التفسير: فوق كل ذي علم عليم حتى ينتهي العلم إلى اللّه عزّ وجلّ). [معاني القرآن: 3/122]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله} أي إلا بمشيئته تعالى
ثم قال تعالى: {نرفع درجات من نشاء} ويقرأ درجات من نشاء بمعنى من نشاء درجات
ثم قال تعالى: {وفوق كل ذي علم عليم} قيل حتى ينتهي العلم إلى الله جل جلاله
وروى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال يكون ذا أعلم من ذا والله فوق كل عالم
وروى سفيان عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير قال كنا عند ابن عباس رحمه الله فتحدث بحديث فتعجب منه رجل فقال سبحان الله وفوق كل ذي علم عليم فقال ابن عباس بئس ما قلت الله العليم وهو فوق كل عالم). [معاني القرآن: 3/449-448]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وكذلك كدنا ليوسف} أي: دبرنا له ؛ قال وذلك أن السنة كانت أيام العزيز - من سرق أخذ بسرقته وملك). [ياقوتة الصراط: 276]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {كدنا ليوسف} أي احتلنا له.
{في دين الملك} أي في سلطانه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 115]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 06:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 77 إلى 93]

{قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (77) قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78) قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ (79) فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80) ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ (81) وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (82) قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83) وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84) قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85) قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86) يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (88) قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89) قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آَثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93)}

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (77)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فأسرّها يوسف في نفسه...} أسرّ الكلمة.
ولو قال: (فأسرّه) ذهب إلى تذكير الكلام كان صواباً؛ كقوله: {تلك من أنباء الغيب} و{ذلك من أنباء الغيب} {ولم يبدها لهم}: أضمرها في نفسه ولم يظهرها). [معاني القرآن: 2/52]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قالوا إن يسرق فقد سرق أخٌ له من قبل}، يعنون يوسف وكان سرق صنما يعبد، وألقاه). [تفسير غريب القرآن: 220]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرّها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شرّ مكانا واللّه أعلم بما تصفون}
يعنون يوسف، ويروى أنه كان في صغره أخذ صورة مما كان يتعبد به بعض من يخالف أهل ملّة الإسلام من ذهب، وهذا الذي أخذه كان على جهة الإنكار، لئلا يعظّم مثل ذلك.
{فأسرّها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم} أي لم يظهرها لهم.
{قال أنتم شرّ مكانا} وهذا إضمار على شريطة التفسير، لأن قوله {قال أنتم شرّ مكانا} بدل من (ها) في قوله: {فأسرّها}.
المعنى: فأسرّ يوسف في نفسه قوله: {أنتم شرّ مكانا} المعنى - واللّه أعلم - {أنتم شرّ مكانا} في السرق بالصحة لأنكم سرقتم أخاكم من أبيكم.
{واللّه أعلم بما تصفون} أي اللّه أعلم أسرق أخ له أم لا). [معاني القرآن: 3/123-122]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل}
قال مجاهد يعنون يوسف
ويروى أنه كان رأى صورة تعبد فأخذها ورمى بها وإنما فعل ذلك إنكارا أن يعبد غير الله
ثم قال جل وعز: {فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم}
ثم بين الذي أسر بقوله: {قال أنتم شر مكانا} أي أنتم سرقتم على الحقيقة إذ بعتم أخاكم
ثم قال تعالى: {والله أعلم بما تصفون} أي الله أعلم أسرق أخوه أم لا). [معاني القرآن: 3/450-449]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فقد سرق أخ له من قبل} يعني يوسف. قيل: كان سرق صنما يعبد وألقاه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 115]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ويكون بمعنى: الحبس والأسر، قال الله تعالى: {فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ} أي: احبسه.
وقال تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ} أي: ائسروهم {وَاحْصُرُوهُمْ} أي: احبسوهم.
ويقال للأسير: أخيذ). [تأويل مشكل القرآن: 502]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا يا أيّها العزيز إنّ له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنّا نراك من المحسنين} والعزيز الملك
{إنّ له أبا شيخا كبيرا} {شيخا}. من نعت أب، وأب منصوب بـ (إنّ) و (كبيرا) من نعت شيخ.
{فخذ أحدنا مكانه إنّا نراك من المحسنين} أي ممن يحسن ولا يعامل بالتحديد في واجب لأنه كان أعطاهم الطعام وأعطاهم ثمنه في رده البضاعة لهم، فطالبوه بأن يحسن).
[معاني القرآن: 3/123]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ (79)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {معاذ اللّه...}
نصب لأنه مصدر، وكل مصدر تكلّمت العرب في معناه بفعل أو يفعل فالنصب فيه جائز. ومن ذلك الحمد لله لأنك قد تقول في موضعه يحمد الله.
وكذلك أعوذ بالله تصلح في معنى معاذ الله). [معاني القرآن: 2/52]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال معاذ اللّه أن نأخذ إلّا من وجدنا متاعنا عنده إنّا إذا لظالمون}
{معاذ اللّه} منصوب على المصدر المعنى أعوذ باللّه معاذا، وموضع أن نصب، المعنى أعوذ باللّه من أخذ أحد إلا من وجدنا متاعنا عنده، فلما سقطت (من) أفضى الفعل فنصب.
{إنّا إذا لظالمون} أي إن أخذنا غيره فنحن ظالمون). [معاني القرآن: 3/124]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {خلصوا نجيّاً...}
و[نجوى] قال الله عزّ جلّ {ما يكون من نجوى ثلاثةٍ} وقوله: {قال كبيرهم ألم تعلموا أنّ أباكم قد أخذ عليكم مّوثقاً مّن اللّه ومن قبل ما فرّطتم} (ما) التي مع (فرّطتم) في موضع رفع كأنه قال: ومن قبل هذا تفريطكم في يوسف.
فإن شئت جعلتها نصباً، أي ألم تعلموا هذا وتعلموا من قبل تفريطكم في يوسف. وإن شئت جعلت (ما) صلة كأنه قال: {ومن قبل فرّطتم في يوسف} ). [معاني القرآن: 2/53]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {استيئسوا منه} استفعلوا من يئست.
{خلصوا نجيّاً} أي اعتزلوا نجيّاً يتناجون، والنجى يقع لفظه على الواحد والجميع أيضاً وقد يجمع، فيقال: بجىٌ وأنجية، وقال لبيد:

وشهدت أبجية الأفاقة عالياً= كعبي وأرداف الملوك شهود).
[مجاز القرآن: 1/315]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {فلمّا استيأسوا منه خلصوا نجيّاً قال كبيرهم ألم تعلموا أنّ أباكم قد أخذ عليكم مّوثقاً مّن اللّه ومن قبل ما فرّطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتّى يأذن لي أبي أو يحكم اللّه لي وهو خير الحاكمين}
وقال: {خلصوا نجيّاً} فجعل "النجيّ" للجماعة مثل قولك: "هم لي صديق".
وقال: {قال كبيرهم} فزعموا أنه أكبرهم في العقل لا في السن). [معاني القرآن: 2/53]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {خلصوا نجيا}: اعتزلوا يتناجون يقال هم نجي وهم نجوى وجمع نجي أنجية). [غريب القرآن وتفسيره: 186]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فلمّا استيأسوا منه} أي يئسوا. خلصوا نجيًّا أي اعتزلوا الناس ليس معهم غيرهم، يتناجون ويتناظرون ويتسارّون.
يقال: قوم نجيّ، والجميع أنجية.
قال الشاعر:
إنّي إذا ما القوم كانوا أنجيه =واضطربت أعناقهم كالأرشية
{قال كبيرهم} أي أعقلهم. وهو: شمعون. وكأنه كان رئيسهم. وأما أكبرهم في السن: فروبيل. وهذا قول مجاهد.
وفي رواية الكلبي: كبيرهم في العقل، وهو: يهوذا)[تفسير غريب القرآن: 221-220]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فلمّا استيأسوا منه خلصوا نجيّا قال كبيرهم ألم تعلموا أنّ أباكم قد أخذ عليكم موثقا من اللّه ومن قبل ما فرّطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتّى يأذن لي أبي أو يحكم اللّه لي وهو خير الحاكمين}
المعنى خلصوا يتناجون، أي خلصوا متناجين فيما يعملون في ذهابهم إلى أبيهم، وليس معهم أخوهم، و " نجيّ " لفظ واحد في معنى جمع، وكذلك {وإذ هم نجوى}.
ويجوز قوم نجيّ وقوم نجوى وقوم أنجية.
قال الشاعر:
إني إذا ما القوم صاروا أنجيه
واختلف القول اختلاف الأرشية
هناك أوصيني ولا توصي بيه
ومعنى خلصوا انفردوا وليس معهم أخوهم.
وقوله عزّ وجلّ: {ومن قبل ما فرّطتم في يوسف}.
أجود الأوجه أن يكون (ما) لغوا، فيكون المعنى: ومن قبل فرّطتم في يوسف - ويجوز أن يكون ما في موضع رفع، فيكون المعنى ومن قبل تفريطكم في يوسف، أي وقع تفريطكم في يوسف، ويجوز أن يكون (ما) في موضع نصب نسق على (أنّ)، المعنى ألم تعلموا أن أباكم، وتعلموا تفريطهم في يوسف.
(فلن أبرح الأرض حتّى يأذن لي أبي) أي لن أبرح أرض مصر، وإلا فالناس كلهم على الأرض.
{أو يحكم اللّه لي} نسق على {حتّى يأذن}، ويجوز أن يكون " أو " على جواب " لن " المعنى لن أبرح الأرض حتى يحكم اللّه لي). [معاني القرآن: 3/125-124]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا} أي يئسوا تركوا أخاهم وانفردوا يتناجون كيف يرجعون إلى يعقوب وليس معهم
ثم قال تعالى: {قال كبيرهم ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله} قيل كبيرهم يهوذا
قال مجاهد هو شمعون وليس بكبيرهم في السن لأن روبيل أكبر منه
يذهب مجاهد إلى أن المعنى قال كبيرهم في العقل ورئيسهم لا كبيرهم في السن وقال قتادة في قوله تعالى: {قال كبيرهم} هو روبيل ذهب إلى أنه كبيرهم في السن والله أعلم بحقيقة ذلك
وقوله تعالى: {فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي}
يعني أرض مصر لأن كل أحد على الأرض). [معاني القرآن: 3/451-450]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {خلصوا نجيا} أي انفردوا، يتناجون ويتناظرون ويتشاورون في أمر أخيهم الذي حبس). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 115]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {اسْتَيْأَسُواْ}: من اليأس
{خَلَصُواْ}: اعتزلوا
{نَجِيًّا}: يتناجون). [العمدة في غريب القرآن: 163]

تفسير قوله تعالى: {ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ (81)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّ ابنك سرق...}
ويقرأ (سر‍ّق) ولا أشتهيها؛ لأنها شاذّة. وكأنه ذهب إلى أنه لا يستحلّ أن يسرّق ولم يسرق: وذكر أن ميمون بن مهران لقي رجاء بن حيوة بمكّة، وكان رجاء يقول: لا يصلح الكذب في جد ولا هزل. وكان ميمون يقول: ربّ كذبة هي خير من صدق كثير. قال فقال ميمون لرجاء: من كان زميلك؟ قال: رجل من قيس. قال: فلو أنك إذ مررت بالبشر قالت لك تغلب: أنت الغاية في الصدق فمن زميلك هذا؟ فإن كان من قيس قتلناه، فقد علمت ما قتلت قيسٌ منّا، أكنت تقول: من قيس أم من غير قيس؟ قال: بل من غير قيس. قال: فهي كانت أفضل أم الصدق؟ قال الفراء: قد جعل الله عزّ وجلّ للأنبياء من المكايد ما هو أكثر من هذا. والله أعلم بتأويل ذلك.
وقوله: {وما كنّا للغيب حافظين} يقول: لم نكن نحفظ غيب ابنك ولا ندري ما يصنع إذا غاب عنا.
ويقال: لو علمنا أن هذا يكون لم نخرجه معنا). [معاني القرآن: 2/53]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وما كنّا للغيب حافظين} يريدون: حين أعطيناك الموثق لنأتينّك [به]، أي [لم] نعلم أنه يسرق، فيؤخذ).
[تفسير غريب القرآن: 221]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إنّ ابنك سرق وما شهدنا إلّا بما علمنا وما كنّا للغيب حافظين}
{إنّ ابنك سرق} ويجوز سرق، إلا أن سرق آكد في القراءة، وسرّق يكون على ضربين، " سرّق علم أنه سرق، وسرّق اتهم بالسرق). [معاني القرآن: 3/125]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق}
وحكي أنه قرئ (سرق)
حدثني محمد بن عمر قال حدثني أبو بكر أحمد بن محمد بن عثمان بن شبيب قال نا أبو جعفر أحمد بن أبي سريج قالا نا علي بن عاصم عن داو وهود ابن أبي هند عن سعيد بن جبير قال نا ابن عباس يقرؤها يا أبانا إن ابنك سرق
وحدثني محمد بن أحمد بن عمر قال نا ابن شاذان قال نا أحمد بن سريج البغدادي قال سمعت الكسائي يقرأ يا أبانا إن ابنك سرق مرفوعة بالسين
و سرق تحتمل معنيين
أحدهما اتهم بالسرقة
والآخر علم منه السرق
ومعنى بل سولت أي بل زينت). [معاني القرآن: 3/452-451]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وما كنا للغيب حافظين} أي لم نعلم حين أعطيناك العهد أنه يسرق فيؤخذ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 115]

تفسير قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (82)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} تقول العرب إذا أرادت تعظيم مهلك رجل عظيم الشأن، رفيع المكان، عامّ النفع، كثير الصنائع: أظلمت الشمس له، وكسف القمر لفقده، وبكته الرّيح والبرق والسماء والأرض.
يريدون المبالغة في وصف المصيبة به، وأنها قد شملت وعمّت. وليس ذلك بكذب، لأنّهم جميعا متواطئون عليه، والسّامع له يعرف مذهب القائل فيه.
وهكذا يفعلون في كل ما أرادوا أن يعظّموه ويستقصوا صفته. ونيّتهم في قولهم: أظلمت الشمس، أي كادت تظلم، وكسف القمر، أي كاد يكسف.
ومعنى كاد: همّ أن يفعل ولم يفعل. وربما أظهروا كاد، قال ابن مفرّغ الحميريّ يرثي رجلا:
الرِّيحُ تبكِي شَجْوَهُ = والبرق يَلْمَعُ في غَمَامَه
وقال آخر:
الشَّمسُ طالعةٌ ليست بكاسفةٍ = تبَكي عليكَ نُجومَ اللَّيلِ والقَمَرا
أراد: الشمس طالعة تبكي عليك، وليست مع طلوعها كاسفة النجوم والقمر، لأنّها مظلمة، وإنما تكسف بضوئها، فنجوم الليل بادية بالنهار.
وهذا كقوله النابغة وذكر يوم حرب:
تبدوا كواكبه والشمس طالعة = لا النّور نورٌ ولا الإظلامُ إظلام
ونحوه قول طرفة في وصف امرأة:
إِنْ تُنَوِّلْهُ فَقَد تَمْنَعُهُ = وُتِرِيهِ النَّجْمَ يَجري بالظُّهُر
يقول: تشقّ عليه حتى يظلم نهاره فيرى الكواكب ظهرا.
والعامة تقول: أراني فلانّ الكواكب بالنّهار، إذا برَّح به.
وقال الأعشى:
رجعت لما رمت مستحسرا = ترى للكواكب ظُهْرًا وَبِيصَا
أي: رجعت كئيبا حسيرا، قد أظلم عليك نهارك، فأنت ترى الكواكب تعالي النّهار بريقا.
وقد اختلف الناس في قول الله عز وجل: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ}.
فذهب به قوم مذاهب العرب في قولهم: بكته الريح والبرق. كأنه يريد أنّ الله عز وجل حين أهلك فرعون وقومه وغرّقهم وأورث منازلهم
وجنّاتهم غيرهم- لم يبك عليهم باك، ولم يجزع جازع، ولم يوجد لهم فقد.
وقال آخرون: أراد: فما بكى عليهم أهل السماء ولا أهل الأرض. فأقام السماء والأرض مقام أهلهما، كما قال تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}، أراد أهل القرية.
وقال: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا}، أي يضع أهل الحرب السّلاح.
وقال ابن عباس: لكل مؤمن باب في السماء يصعد فيه عمله، وينزل منه رزقه، فإذا مات بكى عليه الباب، وبكت عليه آثاره في الأرض ومصلّاه. والكافر لا يصعد له عمل،
ولا يبكي له باب في السماء ولا أثره في الأرض). [تأويل مشكل القرآن: 167-170] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (... وقال عز وجل: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} أي خلق العجل من الإنسان، يعني العجلة.
كذلك قال أبو عبيدة.
ومن المقلوب ما قلب على الغلط كقول خِدَاش بن زهير:
وتركبُ خيلٌ لا هوادَة بينها = وتعصِى الرِّمَاح بالضَّيَاطِرَةِ الحُمْرِ
أي: (تعصي الضياطرة بالرّماح) وهذا ما لا يقع فيه التّأويل، لأن الرماح لا تعصى بالضّياطرة وإنما يعصى الرجال بها، أي يطعنون.
ومنه قول الآخر:
أسلَمْتُه في دمشقَ كما = أسلمَتْ وحشيَّةٌ وَهَقَا
أراد: (كما أسلم وحشية وهق) فقلب على الغلط.
وقال آخر:
كانت فريضةَ ما تقول كَمَا = كان الزِّنَاءُ فريضةُ الرَّجْمِ
أراد (كما كان الرجم فريضة الزنى).
وكان بعض أصحاب اللغة يذهب في قول الله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً} إلى مثل هذا في القلب،
ويقول: وقع التشبيه بالراعي في ظاهر الكلام، والمعنى للمنعوق به وهو الغنم. وكذلك قوله سبحانه: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} أي: تنهض بها وهي مثقلة.
وقال آخر في قوله سبحانه: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} أي: وإن حبّه للخير لشديد.
وفي قوله سبحانه: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} أي: اجعل المتّقين لنا إماما في الخير.
وهذا ما لا يجوز لأحد أن يحكم به على كتاب الله عزّ وجلّ لو لم يجد له مذهبا، لأنّ الشعراء تقلب اللفظ، وتزيل الكلام على الغلط، أو على طريق الضرورة للقافية،
أو لاستقامة وزن البيت.
فمن ذلك قول لبيد:
نحن بنو أمّ البنين الأربعة
قال ابن الكلبي: هم خمسة، فجعلهم للقافية أربعة.
وقال آخر يصف إبلا:
صبَّحن من كاظمة الخصَّ الخَرِب = يحملْنَ عَبَّاسَ بنَ عبدَ المطَّلِب
أراد: (عبد الله بن عباس) فذكر أباه مكانه.
وقال الصّلتان:
أرى الخطفيَّ بذَّ الفرزدقَ شعرُه = ولكنَّ خيرًا مُن كُليب مُجَاشع
أراد: «أرى جريراً بذَّ الفرزدق شعره» فلم يمكنه فذكر جدّه.
وقال ذو الرّمة:
عشيَّةَ فرَّ الحارثيُّون بعدَما = قضى نَحْبَه في ملتقى القوم هَوْبُرُ
قال ابن الكلبي: هو (يزيد بن هوبر) فاضطرّ.
وقال (أوس):
فهل لكم فيها إليَّ فإنّني = طبيب بما أعيا النِّطاسيَّ حِذْيَمَا
أراد: (ابن حذيم) وهو طبيب كان في الجاهلية وقال ابن ميّادة وذكر بعيرا:
كأنَّ حيثُ تلتقي منه المُحُلْ = من جانبيه وَعِلَينِ وَوَعِل
أراد: وَعِلَينِ من كل جانب، فلم يمكنه فقال: وَوَعِل.
وقال أبو النجم:
ظلَّت وَوِرْدٌ صادقٌ مِن بالِها = وظلَّ يوفِي الأُكُمَ ابنُ خالِها
أراد فحلها؛ فجعله ابن خالها.
وقال آخر:
مثل النصارى قتلوا المسيح
أراد: اليهود.
وقال آخر:
ومحور أخلص من ماء اليَلَب
واليلب: سيور تجعل تحت البيض، فتوهّمه حديدا.
وقال رؤبة:
أو فضّة أو ذهب كبريتُ
وقال أبو النجم:
كلمعة البرق ببرق خلَّبُه
أراد: بخلّب برقه، فقلب.
وقال آخر:
إنَّ الكريم وأبيك يعتَمِلْ = إن لم يجد يوماً على مَن يَتَّكِلْ
أراد: إن لم يجد يوما من يتكل عليه.
في أشباه لهذا كثيرة يطول باستقصائها الكتاب.
والله تعالى لا يغلطُ ولا يضطرُّ، وإنما أراد: ومثل الذين كفروا ومثلنا في وعظهم كمثل الناعق بما لا يسمع، فاقتصر على قوله: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا}، وحذف ومثلنا،
لأنّ الكلام يدل عليه. ومثل هذا كثير في الاختصار.
وقال الفراء: أراد: ومثل واعظ الذين كفروا، فحذف، كما قال: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا}، أي: أهلها.
وأراد بقوله: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ}، أي: تميلها من ثقلها.
قال الفراء أنشدني بعض العرب:
حتى إذا ما الْتَأَمَتْ مفاصِلُه = وَنَاءَ فِي شِقِّ الشِّمَالِ كَاهِلُه
يريد: أنه لما أخذ القوس ونزع، مال عليها.
قال: ونرى قولهم: (ما سَاءك ونَاءَك)، من هذا.
وكان الأصل (أناءك) فألقي الألف لما اتبعه (ساءك) كما قالوا: (هَنَّأَنِي وَمَرَّأَنِي)، فاتبع مرأني هنأني. ولو أفرد لقال: أمرأني.
وأراد بقوله: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}، أي: وإنه لحبّ المال لبخيل، والشدة: البخل هاهنا، يقال: رجل شديد ومتشدّد.
وقوله سبحانه: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}، يريد: اجعلنا أئمة في الخير يقتدي بنا المؤمنون، كما قال في موضع آخر: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا}، أي: قادة،
كذلك قال المفسّرون.
وروي عن بعض خيار السلف: أنه كان يدعو الله أن يحتمل عنه الحديث، فحمل عنه.
وقال بعض المفسرين في قوله: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}، أي: اجعلنا نقتدي بمن قبلنا حتى يقتدي بنا من بعدنا. فهم على هذا التأويل متّبعون ومتّبعون).
[تأويل مشكل القرآن: 205-197] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (باب الحذف والاختصار
من ذلك: أن تحذف المضاف وتقيم المضاف إليه مقامه وتجعل الفعل له.
كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} أي سل أهلها.
{وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} أي حبّه.
و{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} أي وقت الحج.
وكقوله: {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} أي ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات). [تأويل مشكل القرآن: 210] (م)

تفسير قوله تعالى: {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أمراً فصبرٌ جميلٌ...}
الصبر الجميل مرفوع لأنه عزّى نفسه وقال: ما هو إلا الصبر، ولو أمرهم بالصبر لكان النصب أسهل،
كما قال الشاعر:
يشكو إليّ جملي طول السّرى =صبراً جميلاً فكلانا مبتلى
وقوله: {فصبرٌ جميلٌ} يقول: لا شكوى فيه إلاّ إلى الله جلّ وعزّ). [معاني القرآن: 2/54-53]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قال بل سوّلت لكم أنفسكم أمراً فصبرٌ جميلٌ عسى اللّه أن يأتيني بهم جميعاً إنّه هو العليم الحكيم}
وإنما قال: {عسى اللّه أن يأتيني بهم جميعاً} لأنه عنى الذي تخلف عنهم معهما وهو كبيرهم في العقل). [معاني القرآن: 2/53]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال بل سوّلت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى اللّه أن يأتيني بهم جميعا إنّه هو العليم الحكيم}
أي زيّنت لكم أنفسكم وحببت إليكم أنفسكم.
{فصبر جميل}.
المعنى فأمري صبر جميل أو فصبري صبر جميل، وقد فسرنا هذا فيما سبق من السور). [معاني القرآن: 3/125]

تفسير قوله تعالى: {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يا أسفي على يوسف} خرج مخرج النّدبة، وإذا وقفت عندها قلت: يا أسفاه، فإذا اتصلت ذهبت الياء كما
قالوا: يا راكباً إمّا عرضت فبّلغن
والأسف أشدّ الحزن والتندم، ويقال: يوسف مضموم في مكانين، ويوسف تضمّ أوله وتكسر السين بغير همز، ومنهم من يهمزه يجعله يفعل من آسفته). [مجاز القرآن: 1/316]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وتولّى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضّت عيناه من الحزن فهو كظيمٌ}
وقال: {يا أسفى على يوسف} فإذا سكت ألحقت في آخره الهاء لأنها مثل ألف الندبة). [معاني القرآن: 2/54]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وقال يا أسفى} الأسف: أشدّ الحسرة.
{فهو كظيمٌ} أي كاظم. كما تقول: قدير وقادر. والكاظم: الممسك على حزنه، لا يظهره، ولا يشكوه). [تفسير غريب القرآن: 221]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وتولّى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضّت عيناه من الحزن فهو كظيم}
{يا أسفى على يوسف} معناه يا حزناه، والأصل يا أسفي إلا أن " يا " الإضافة يجوز أن تبدل ألفا لخفة الألف والفتحة.
{فهو كظيم} أي محزون). [معاني القرآن: 3/125]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وتولى عنهم وقال يا أسفا على يوسف}
قال ابن عباس أي يا حزنا
وقال مجاهد أي يا جزعا
ثم قال تعالى: {وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم}
قال قتادة أي لم يقل باسا
وكذلك هو في اللغة يقال فلان كظيم وكاظم أي حزين لا يشكو حزنه). [معاني القرآن: 3/453-452]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الأسف) شدة الحسرة.
{كظيم} أي ممسك لحزنه، لا يظهره ولا يشكوه، وأصله التمسك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 115]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قالوا: {تالله تفتؤا...}
معناه لا تزال تذكر يوسف و(لا) قد تضمر مع الأيمان؛ لأنها إذا كانت خبرا لا يضمر فيها (لا) لم تكن إلا بلام؛ ألا ترى أنك تقول: والله لآتينّك، ولا يجوز أن تقول:
والله آتيك إلاّ أن تكون تريد (لا) فلمّا تبيّن موضعها وقد فارقت الخبر أضمرت،
قال امرؤ القيس:
فقلت يمين الله أبرح قاعداً =ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
وأنشدني بعضهم:
فلا وأبي دهماء زالت عزيزةً =على قومها ما فتّل الزّند قادح
يريد: لا زالت. وقوله: {حتّى تكون حرضاً} يقال: رجل حرض وامرأة حرض وقوم حرض، يكون موحّداً على كلّ حالٍ: الذكر والأنثى، والجميع فيه سواء، ومن العرب من يقول للذكر: حارض، وللأنثى حارضة، فيثنّى ها هنا ويجمع؛ لأنه قد خرج على صورة فاعل وفاعل يجمع. والحارض: الفاسد في جسمه أو عقله. ويقال للرجل: إنه لحارض أي أحمق. والفاسد في عقله أيضاً. وأمّا حرض فترك جمعه لأنه مصدر بمنزلة دنف وضنىً. والعرب تقول: قوم دنف، وضنىً وعدل، ورضا، وزور، وعود، وضيف. ولو ثنّي وجمع لكان صواباً؛ كما قالوا: ضيف وأضياف. وقال عزّ وجلّ: {أنؤمن لبشرين مثلنا} وقال في موضع آخر: {ما أنتم إلاّ بشرٌ} والعرب إلى التثنية أسرع منهم إلى جمعه؛ لأن الواحد قد يكون في معنى الجمع ولا يكون في معنى اثنين؛ ألا ترى أنك تقول: كم عندك من درهم ومن دراهم، ولا يجوز: كم عندك من درهمين. فلذلك كثرت التثنية ولم يجمع). [معاني القرآن: 2/55-54]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {تفتؤ تذكر يوسف} أي لا تزال تذكره، قال أوس بن حجر:
فما فتئت خيلٌ تثوب وتدّعى= ويلحق منها لاحقٌ وتقطّع
أي فما زالت، قال خداش بن زهير:
وأبرح ما أدام الله قومي= بحمد الله منتطقا مجيدا
معنى هذا: لا أبرح لا أزال {حتّى تكون حرضاً} والحرض الذي أذابه الحزن أو العشق وهو في موضع محرض، قال:
كأنك صمٌّ بالأطبّاء محرض
وقال العرجىّ:
إلّى امرؤٌ لجّ بي حبٌّ فأحرضني=حتى بكيت وحتى شفّني السّقم
أي أذابين. فتبقى محرضاً.
{أو تكون من الهالكين} أي من الميّتين). [مجاز القرآن: 1/317-316]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قالوا تالله تفتؤا تذكر يوسف حتّى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين}
وقال: {تالله تفتؤا تذكر يوسف} فزعموا أنّ (تفتأ) "تزال" فلذلك وقعت عليه اليمين كأنهم قالوا: "و الله ما تزال تذكر يوسف"). [معاني القرآن: 2/54]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {تفتأ}: بمعنى تزال.
{حرضا}: بمعنى فاسدا والحرض الفاسد الذي لا خير فيه ولا يلتفت إليه. والجمع والواحد فيه سواء. وفي التفسير: تكون حرضا دون الموت.
{أو تكون من الهالكين}: أي ميتا). [غريب القرآن وتفسيره: 186-187]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {تاللّه تفتأ تذكر يوسف} أي لا تزال تذكر يوسف.
قال أوس بن حجر:
فما فتئت خيل تثوب وتدّعي حتّى تكون حرضاً
أي دنفا. يقال: أحرضه الحزن، أي: أدنفه. ولا أحسبه قيل للرجل الساقط: حارض، إلّا من هذا. كأنّه الذاهب الهالك.
{أو تكون من الهالكين} يعني: الموتى). [تفسير غريب القرآن: 221-222]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه: أن تحذف (لا) من الكلام والمعنى إثباتها.
كقوله سبحانه: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} أي لا تزال تذكر يوسف.
وهي تحذف مع اليمين كثيرا.
قال الشاعر:
فقلت يمين الله أبرح قاعدا = ولو ضربوا رأسي لديك وأوصالي
وقال آخر:
فلا وأبي دهماء زالت عزيزة = على قومها ما فَتَّلَ الزَّندَ قادحُ).
[تأويل مشكل القرآن: 224]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا تاللّه تفتأ تذكر يوسف حتّى تكون حرضا أو تكون من الهالكين}
معنى تاللّه: واللّه، و " لا " مضمرة، المعنى واللّه لا تفتأ تذكر يوسف أي لا تزال تذكر يوسف.
(حتّى تكون حرضا).
والحرض الفاسد في جسمه، أي حتى تكون مدنفا مريضا.
والحرض الفاسد في أخلاقه، وقولهم: حرضت فلانا على فلان، تأويله أفسدته عليه.
وإنما جاز إضمار " لا " في قوله {تاللّه تفتأ تذكر يوسف} لأنه لا يجوز في القسم تاللّه تفعل حتى تقول لتفعلن. أو لا تفعل.
والقسم لا يجوز للناس إلا باللّه عزّ وجلّ، لا يجوز أو يحلف الرجل بأبيه.
ولا ينبغي أن يحلف بالأنبياء، ولا يحلف إلا باللّه، ويروى عن النبي عليه السلام أنه قال لعمر: لا تحلفوا بآبائكم، ومن كان حالفا فليحلف باللّه.
فإن قال القائل: فما مجاز القسم في كتاب اللّه عزّ وجلّ في قوله: {والليل إذا يغشى}، {والسماء ذات البروج} }{والتين والزيتون}
وما أشبه هذه الأشياء التي ذكرها اللّه جل جلاله في كتابه؟
ففيها أوجه كلها قد ذكرها البصريون، فقالوا: جائز أن يكون اللّه عزّ وجلّ أقسم بها لأن فيها كلها دليلا عليه وآيات بينات،
قال اللّه - عزّ وجلّ -: {إنّ في خلق السّماوات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار} إلخ الآية.
وقال: {وفي خلقكم وما يبثّ من دابّة آيات}.
فكان القسم بهذا يدل على عظمة اللّه.
وقال قطرب جائز أن يكون معناها: ورب الشمس وضحاها، وربّ التين والزيتون، كما قال: (والسماء ذات البروج).
وقال: {والأرض وما طحاها}.
وقال: {فوربّ السّماء والأرض إنّه لحقّ}.
وقالوا أيضا: جائز أن يكون وخلق السماوات والأرض، وخلق التين والزيتون.
وقالوا: يجوز أن يكون لما كان معنى القسم معنى التحقيق، وأن هذه الأشياء التي أقسم اللّه بها حق كلها، وكذلك ما أقسم عليه حق فالمعنى كما أن التين والزيتون حق، لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم.
وأجود هذه الأقوال ما بدأنا به في أولها). [معاني القرآن: 3/127-125]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قالوا تالله تفتؤ تذكر يوسف}
روى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس تفتأ أي لا تزال
وقال مجاهد تفتؤ أي تفتر
والأول المعروف عند أهل اللغة يقال ما فتئ وما فتأ أي مازال
ثم قال تعالى: {حتى تكون حرضا}
قال ابن جريج عن مجاهد أي دون الموت
وقال الضحاك أي باليا مبرا
والقولان متقاربان يقال أحرضه المرض فحرض ويحرض إذا دام سقمه وبلي
قال الفراء الحارض الفاسد الجسم والعقل وكذلك الحرض
وقال أبو عبيدة الحرض الذي قد أذابه الحزن
وقال غيره منه حرضت فلانا أي أفسدت قلبه
ثم قال تعالى: {أو تكون من الهالكين}
وقال الضحاك أي من الميتين). [معاني القرآن: 3/454-453]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {حتى تكون حرضا} قال: الحرض، الذي لا ينتفع به عند
العرب من كل شيء). [ياقوتة الصراط: 277-276]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {من الهالكين} أي: من الميتين). [ياقوتة الصراط: 277]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تفتؤ تذكر} أي لا تزال تذكر.
{حرضا} أي دنفا.
{أو تكون من الهالكين} أي ميتا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 116]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَفْتَأُ}: لا تزال
{حَرَضًا}: هالكاً
{الْهَالِكِينَ}: الموتى). [العمدة في غريب القرآن: 163]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إنّما أشكوا بثّي وحزني إلى الله} البثّ أشد الحزن، ويقال: حزن، متحرك الحروف بالفتحة أي في اكتئاب، والحزن أشدّ الهمّ). [مجاز القرآن: 1/317]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( و(البثّ لا (أشد الحزن. سمي بذلك: لأن صاحبه لا يصبر عليه، حتى يبثّه، أي يشكوه). [تفسير غريب القرآن: 222]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله}والبث أشد من الحزن
قال قتادة {ولا تيأسوا من روح الله} أي من رحمته). [معاني القرآن: 3/455]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (والبث) أشد الحزن). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 116]

تفسير قوله تعالى: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {اذهبوا فتجسّسوا} أي تخبّروا والتمسوا في المظان). [مجاز القرآن: 1/317]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن قرأ: {فرُوحٌ وريحانٌ} بضم الراء، أراد فرحمة ورزق.
والريحان: الرزق.
قال النّمر بن تولب:
سلام الإله وريحانه = ورحمته وسماء درر
فجمع بين الرّزق والرحمة، كما قال الله تعالى: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ}، وهذا شاهد لتفسير المفسرين.
قال أبو عبيدة فرُوحٌ، أراد: حياة وبقاء لا موت فيه.
ومن قرأ: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} بالفتح، أراد: الرّاحة وطيب النّسيم.
وقد تكون الرَّوح: الرحمة، قال الله تعالى: {وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ}، أي من رحمته. سمّاها روحا لأنّ الرّوح والرّاحة يكونان بها). [تأويل مشكل القرآن: 488-487]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (88)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وجئنا ببضاعةٍ مّزجاةٍ...}
ذكروا أنهم قدموا مصر ببضاعة، فباعوها بدراهم لا تنفق في الطعام إلاّ بغير سعر الجياد، فسألوا يوسف أن يأخذها منهم ولا ينقصهم. فذلك قوله: {فأوف لنا الكيل وتصدّق علينا} بفضل ما بين السّعرين). [معاني القرآن: 2/55]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {مزجاةٍ} يسيرة قليلة،
قال: وحاجةٍ غير مزجاة من الحاج). [مجاز القرآن: 1/317]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {مزجاة}: قليلة. وقال المفسرون رديئة زيوف). [غريب القرآن وتفسيره: 187]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ببضاعةٍ مزجاةٍ} أي قليلة، ويقال: رديئة، لا تنفق في الطعام، وتنفق في غيره. لأن الطعام لا يؤخذ فيه إلّا الجيد.
{وتصدّق علينا} يعنون: [تفضل بما] بين البضاعة وبين ثمن الطعام). [تفسير غريب القرآن: 222]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {فلمّا دخلوا عليه قالوا يا أيّها العزيز مسّنا وأهلنا الضّرّ وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدّق علينا إنّ اللّه يجزي المتصدّقين}
{وجئنا ببضاعة مزجاة} قالوا {مزجاة} قليلة، وقالوا كانوا جاءوا بمتاع الأعراب كالصوف والسمن.
وما أشبه ذلك مما يبيعه الأعراب، وقيل إن البضاعة كانت مما لا يتفق مثله في الطعام، لأن متاع الأعراب كذلك كان تحته رديء المال.
وتأويله في اللغة، أن التزجية الشيء القليل الذي يدافع به، تقول: فلان يزجّي العيش أي يدفع بالقليل ويكتفي به.
فالمعنى على هذا: إنا جئنا ببضاعة إنما يدافع بها أي: يتقوّت، ليس مما يتسع به.
قال الشاعر:
الواهب المائة الهجان وعبدها= عودوا تزجّي خلفها أطفالها
أي تدفع أطفالها). [معاني القرآن: 3/128-127]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة}
وروى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال أي ورق رديئة لا تجوز إلا بوضيعة
وقال مجاهد أي قليلة
وقال قتادة أي يسيرة
وقال عبد الله بن الحارث كان معهم متاع الأعراب من سمن وصوف وما أشبههما
وهذه الأقوال متقاربة وأصله من التزجية وهي الدفع والسوق يقال فلان يزجي العيس أي يدفع والمعنى أنها بضاعة تدفع ولا يقبلها كل أحد
واحتج مالك بقوله تعالى: {فأوف لنا الكيل} في أن أجرة الكيال والوزان على البايع). [معاني القرآن: 3/456-455]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مزجاة} قليلة، وقيل: رديئة، وقيل: كاسدة، وقيل: رثة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 116]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مُّزْجَاةٍ}: قليلة رديئة). [العمدة في غريب القرآن: 163]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89)}

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {قالوا أإنّك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد منّ اللّه علينا إنّه من يتّق ويصبر فإنّ اللّه لا يضيع أجر المحسنين}
{أإنّك لأنت يوسف} فيها أربعة أوجه:
بجمع الهمزتين -، قالوا أئنك - على تحقيقهما، ويجوز أئنك - على أن يجعل الثانية بين الياء والهمزة.، وقرئت. (أئنك) على إنك بفصل بين الهمزتين بألف لاجتماع الهمزتين.
قال الشاعر:
أيا ظبية الوعساء بين جلاجل= وبين النّقا آأنت أم أمّ سالم
ويجوز قالوا إنك لأنت على لفظ الخبر). [معاني القرآن: 3/128]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آَثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وإن كنّا لخاطئين} مجازه: وإن كنا خاطئين، وتزاد اللام المفتوحة للتوكيد والتثبيت، وخطئت وأخطئت واحد،
قال امرؤٌ القيس:
يا لهف هندٍ إذ خطئن كاهلا
أي أخطأن،
وقال: أميّة بن الأسكر:
وإنّ مهاجرين تكنّفاه= غداة إذٍ لقد خطئا وحابا).
[مجاز القرآن: 1/318]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لا تثريب عليكم اليوم} أي لا تخليط ولا شغب ولا إفساد ولا معاقبة). [مجاز القرآن: 1/318]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللّه لكم وهو أرحم الرّاحمين}
وقال: {لا تثريب عليكم اليوم} (اليوم) وقفٌ ثم استأنف فقال: {يغفر اللّه لكم} فدعا لهم بالمغفرة مستأنفا). [معاني القرآن: 2/54]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لا تثريب عليكم}: لا تخليط ولا فساد). [غريب القرآن وتفسيره: 187]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قال لا تثريب عليكم اليوم}: لا تعيير عليكم بعد هذا اليوم بما صنعتم. وأصل التّثريب: الإفساد.
يقال: ثرّب علينا، إذا أفسد.
وفي الحديث: «إذا زنت أمة أحدكم: فليجلدها الحدّ، ولا يثرّب» أي لا يعيّرها بالزنا). [تفسير غريب القرآن: 222]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللّه لكم وهو أرحم الرّاحمين} أي لا إفساد عليكم). [معاني القرآن: 3/128]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال لا تثرتب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين}
التثريب التعيير واللوم وإفساد الأمر ومنه ثربت أمره أي أفسدته
ومنه الحديث إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب أي ولا يعيرها بالزنا). [معاني القرآن: 3/456]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {لا تثريب عليكم} أي: لا توبيخ). [ياقوتة الصراط: 277]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لا تثريب عليكم} بعد الموت بفعلكم، وأصله الفساد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 116]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لا تَثْرَيبَ}: لا تخليط). [العمدة في غريب القرآن: 163]

تفسير قوله تعالى: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يأت بصيراً...} أي يرجع بصيراً). [معاني القرآن: 2/55]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يأت بصيراً} أي يعد بصيراً أي يعد مبصراً). [مجاز القرآن: 1/318]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 06:53 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 94 إلى آخر السورة]

{وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (95) فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (96) قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104) وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107) قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109) حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لولا أن تفنّدون...}
يقول: تكذّبون وتعجّزون وتضعّفون). [معاني القرآن: 2/55]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لولا أن تفنّدون} أي تسفّهوني وتعجّزوني وتلوموني، قال هانئ بن شكيم العدويّ:

يا صاحبيّ دعا لومي وتفنيدي= فليس ما فات من أمرٍ بمردود).
[مجاز القرآن: 1/318]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {تفندون}: تسفهوني وتحموقني. وقال آخرون تكذبوني. والفند الكذب). [غريب القرآن وتفسيره: 187]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لولا أن تفنّدون} أي تعجّزون. ويقال: لولا أن تجهّلون يقال: أفنده الهرم، إذا خلّط في كلامه). [تفسير غريب القرآن: 222]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولمّا فصلت العير قال أبوهم إنّي لأجد ريح يوسف لولا أن تفنّدون}
{لولا أن تفنّدون} معناه لولا أن تجهّلون، ويروى تسفهّون). [معاني القرآن: 3/128]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف}
قال ابن عباس هاجت ريح فشم ريح القميص من مسيرة ثمانية أيام ثم قال: {لولا أن تفندون}
قال ابن عباس تسفهون
وقال عطاء والضحاك أي تكذبون
والقول الأول هو المعروف يقال فنده تفنيدا إذا عجزه كما قال
أهلكتني باللوم والتفنيد
ويقال أفند إذا تكلم بالخطأ والفند الخطأ من الكلام والرأي كما قال الشاعر:
إلا سليمان إذ قال المليك له = قم في البرية فاحددها عن الفند).
[معاني القرآن: 3/457-456]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {لولا أن تفندون} أي: لولا تضعفون رأيي). [ياقوتة الصراط: 277]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تفندون} تعجزون، وقيل: تجهلون وتسفهون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 116]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَصَلَتِ}: خرجت
{تُفَنِّدُونِ}: تسفهون). [العمدة في غريب القرآن: 163-164]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (95)}

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (96)}

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنّا كنّا خاطئين }
يقال قد خطئ يخطأ خطأ وخطأ، وأخطأ يخطئ إخطاء.
قال امرؤ القيس:
يا لهف هند إذ خطئن كاهلا=القاتلين الملك الحلاحلا).
[معاني القرآن: 3/128-129]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {سوف أستغفر لكم ربّي...}
قال: حدّثنا الفراء (عن) شريك عن السّدّي في هذه الآية أخّرهم إلى السّحر (قال أبو زكريا وزادنا حبّاًن عن الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عبّاس قال: أخّرهم إلى السحر) ليلة الجمعة). [معاني القرآن: 2/55]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {قال سوف أستغفر لكم ربّي إنّه هو الغفور الرّحيم}
قال ذلك يعقوب إرادة أن يستغفر لهم في وقت وجه السّحر، في الوقت الذي هو لإجابة الدعاء لا أنه ضنّ بالاستغفار وذلك أشبه بأخلاق الأنبياء.
أعني المبالغة في الاستغفار، وتعمد وقت الإجابة). [معاني القرآن: 3/129]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ (99)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فلمّا دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء اللّه آمنين}
{آوى إليه أبويه} أي ضمّ إليه أبويه). [معاني القرآن: 3/129]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين}
قال ابن جريج أي سوف أستغفر لكم ربي إن شاء الله
قال وهذا من تقديم القرآن وتأخيره
يذهب ابن جريج إلى أنهم قد دخلوا مصر فكيف يقول ادخلوا مصر إن شاء الله). [معاني القرآن: 3/458-457]

تفسير قوله تعالى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ( {على العرش} أي السرير.
{من البدو} وهو مصدر بدوت في البادية.
{من بعد أن نزغ الشّيطان} أي أفسد وحمل بعضنا على بعض). [مجاز القرآن: 1/319]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ( و{العرش}: السرير.
{والبدو}: البادية). [غريب القرآن وتفسيره: 187]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ورفع أبويه على العرش} أي على السرير). [تفسير غريب القرآن: 222]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ورفع أبويه على العرش وخرّوا له سجّدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربّي حقّا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السّجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشّيطان بيني وبين إخوتي إنّ ربّي لطيف لما يشاء إنّه هو العليم الحكيم }
{العرش} السرير.
{وخرّوا له سجّدا} كان من سنة التعظيم في ذلك الوقت أن يسجد للمعظّم.
وقيل: {وخرّوا له سجّدا} وخروا للّه). [معاني القرآن: 3/129]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {ورفع أبويه على العرش}
قال قتادة أي على السرير
ثم قال تعالى: {وخروا له سجدا}
وقال قتادة وكان هذا من تحيتهم
قال ابن جريج كانوا يفعلون هذا كما تفعل فارس
والمعنى وخروا لله سجدا
والقول الأول أشبه وهو سجود على غير عبادة وإن كان قد نهي المسلمون عن هذا فإنه على ما روي أنها تحية كانت لهم
قال الحسن كان بين مفارقة يوسف أباه إلى أن اجتمع معه ثمانون سنة لا يهدأ يعقوب فيها ساعة عن البكاء وليس أحد في ذلك الوقت أكرم على الله من يعقوب
والقي في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة وعاش بعد لقائه يعقوب ثلاثا وعشرين سنة ومات وهو ابن عشرين ومائة). [معاني القرآن: 3/459-458]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {على العرش} أي السرير). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 116]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْعَرْشِ}: السرير). [العمدة في غريب القرآن: 164]

تفسير قوله تعالى: {رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ربّ قد آتيتني من الملك وعلّمتني من تأويل الأحاديث فاطر السّماوات والأرض أنت وليّي في الدّنيا والآخرة توفّني مسلما وألحقني بالصّالحين}
فيها قولان:
أعني في دخول " من ": جائز أن يكون أراد علّمتني بعض التأويل، وآتيتني بعض الملك.
وجائز أن يكون دخول " من " لتبين هذا الجنس من سائر الأجناس، ويكون المعنى: رب قد آتيتني الملك وعلمتني تأويل الأحاديث، مثل قوله عزّ وجلّ: {تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء} يدل على أن " من " ههنا إنما هي لتبيين الجنس، ومثله قوله: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان} ولم يؤمروا باجتناب بعض الأوثان، ولكن المعنى: واجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان.
وقوله عزّ وجلّ: {فاطر السّماوات والأرض}
ينتصب على وجهين:
أحدهما على الصفة لقوله {ربّ قد آتيتني من الملك}.
والمعنى: يا ربّ قد آتيتني، وهذا نداء مضاف في موضع نصب.
ويكون {فاطر السّماوات والأرض} صفة للأول.
وجائز أن ينتصب على نداء ثان، فيكون المعنى: يا فاطر السماوات والأرض أنت وليّي.
{وألحقني بالصّالحين} أي ألحقني بمراتبهم من رحمتك وغفرانك). [معاني القرآن: 3/130-129]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث}
ويجوز أن تكون من ههنا للتبعيض أي قد آتيتني بعض الملك وعلمتني بعض التأويل
ويجوز أن تكون لبيان الجنس أي أتيتني الملك وعلمتني تأويل الأحاديث
ويدل على هذا الجواب تؤتي الملك من تشاء). [معاني القرآن: 3/459]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون}
هذا خطاب للنبي عليه السلام، المعنى الذي قصصنا عليك من أمر يوسف وإخوته من الأخبار التي كانت غائبة عنك.
فأنزلت عليه دلالة على إثبات نبوته، وإنذارا وتيسيرا بتفصيل قصص الأمم السالفة.
وموضع (ذلك) رفع بالابتداء ويكون خبره {من أنباء الغيب}.
ويكون {نوحيه إليك} خبرا ثانيا، وإن شئت جعلت " نوحيه " هو الخبر، وجعلت ذلك في موضع الذي.
المعنى الذي من أنباء الغيب نوحيه إليك ذلك). [معاني القرآن: 3/130]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وما أكثر النّاس ولو حرصت بمؤمنين}
معناه وما أكثر الناس بمؤمنين ولو حرصت على أن تهديهم لأنك لا تهدي من أحببت ولكنّ الله يهدي من يشاء). [معاني القرآن: 3/130]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} أي لست تقدر على هداية من أردت). [معاني القرآن: 3/460-459]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما تسألهم عليه من أجر إن هو إلّا ذكر للعالمين}
أي وما تسألهم على القرآن وتلاوته وهدايتك إيّاهم من أجر.
{إن هو إلّا ذكر للعالمين} أي ما هو إلا تذكرة لهم، بما هو صلاحهم ونجاتهم من النّار ودخولهم
الجنة، وإنذارهم وتبشيرهم، فكل الصلاح فيه). [معاني القرآن: 3/131-130]

تفسير قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وكأيّن مّن آيةٍ في السّماوات والأرض...}
فآيات السّموات الشمس والقمر والنجوم. وآيات الأرض الجبال والأنهار وأشباه ذلك). [معاني القرآن: 2/55]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وكأيّن من آيةٍ} أي كم من دليل وعلامة في خلق {السّماوات والأرض يمرّون عليها وهم عنها معرضون} ).
[تفسير غريب القرآن: 223-222]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وكأيّن من آية في السّماوات والأرض يمرّون عليها وهم عنها معرضون}
أي من علامة ودلالة تدلّهم على توحيد اللّه، من أمر السّماء وأنها بغير عمد لا تقع على الأرض، وفيها من مجرى الشمس والقمر ما فيها، وفيها أعظم البرهان والدليل على أن الّذي خلقها واحد، وأن لها خالقا، وكذلك فيما يشاهد في الأرض من نباتها وبحارها وجبالها.
{وهم عنها معرضون} أي لا يفكرون فيما يدلّهم على توحيد اللّه - عزّ وجلّ - والدليل على أنهم لا يفكرون فيما يستدلون به قوله عزّ وجلّ:
{وما يؤمن أكثرهم باللّه إلّا وهم مشركون} ). [معاني القرآن: 3/131]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون}
أي فكم من آية في رفع السموات بغير عمد ومجاري الشمس والقمر والنجوم وفي الأرض من نخلها وزرعها أي يعلمونها). [معاني القرآن: 3/460]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وكأين من آية} معناه: وكم من آية). [ياقوتة الصراط: 277]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلاّ وهم مّشركون...}
يقول: إذا سألتهم من خلقكم؟ قالوا: الله، أو من رزقكم؟ قالوا: الله، وهم يشركون به فيعبدون الأصنام. فذلك قوله: {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلاّ وهم مّشركون} ). [معاني القرآن: 2/55]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلّا وهم مشركون} يريد: إذا سئلوا: من خلقهم؟ قالوا: اللّه. ثم يشركون بعد ذلك.
أي يجعلون للّه شركاء). [تفسير غريب القرآن: 223]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (فمن الإيمان: تصديق باللسان دون القلب، كإيمان المنافقين. يقول الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا}،
أي آمنوا بألسنتهم وكفروا بقلوبهم. كما كان من الإسلام انقياد باللسان دون القلب.
ومن الإيمان: تصديق باللسان والقلب. يقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}، كما كان من الإسلام انقياد باللسان والقلب.
ومن الإيمان: تصديق ببعض وتكذيب ببعض. قال الله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}، يعني مشركي العرب، إن سألتهم من خلقهم؟
قالوا: الله، وهم مع ذلك يجعلون له شركاء.
وأهل الكتاب يؤمنون ببعض الرّسل والكتب، ويكفرون ببعض. قال الله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا}، يعني: ببعض الرسل والكتب، إذ لم يؤمنوا بهم كلّهم).
[تأويل مشكل القرآن: 482-481]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما يؤمن أكثرهم باللّه إلّا وهم مشركون}
أي إن اعترفوا بأن الله خالقهم وخالق السّماوات والأرض، أشركوا في عبادته الأصنام، وأشركوا غير الأصنام). [معاني القرآن: 3/131]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}
قال عكرمة هو قوله تعالى: {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله}
فإذا سئلوا عن صفته وصفوة بغيرها ونسبوه إلى أن له ولدا
وقال أبو جعفر يذهب عكرمة إلى أن الإيمان ههنا إقرارهم). [معاني القرآن: 3/460]

تفسير قوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {غاشيةٌ من عذاب الله} : مجلّلةٌ.
{أو تأتيهم السّاعة بغتةً} أي فجأة، قال ابن ضبّة وهو يزيد ابن مقسم الثّقفي، وأمه ضبة التي قامت عنه أي ولدته:
ولكنّهم بانوا ولم أدر بغتةً= وأفظع شئٍ حين يفجأك البغت).
[مجاز القرآن: 1/319]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {غاشية من عذاب الله}: مجللة). [غريب القرآن وتفسيره: 188]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {غاشيةٌ من عذاب اللّه} أي مجلّلة تغشاهم. ومنه قوله تعالى: {هل أتاك حديث الغاشية} أي خبرها).
[تفسير غريب القرآن: 223]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب اللّه أو تأتيهم السّاعة بغتة وهم لا يشعرون }
أي أن يأتيهم ما يعجزهم من العذاب {أو تأتيهم السّاعة بغتة}.
أي فجأة، و (بغتة) مصدر منصوب على الحال، تقول لقيته بغتة وفجأة، ومعناه من حيث لم أتوقع أن ألقاه). [معاني القرآن: 3/131]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله}
قال مجاهد أي تغشاهم
قال أبو جعفر ومعناه تجللهم ومنه هل أتاك حديث الغاشية
ثم قال تعالى: {أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون}
أي فجأة من حيث لا يقدروا). [معاني القرآن: 3/461]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {غاشية} أي مجللة تغشاهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 116]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {غَاشِيَةٌ}: مجللة). [العمدة في غريب القرآن: 164]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أنا ومن اتّبعني...}
يقول: أنا ومن اتّبعني، فهو يدعو على بصيرة كما أدعوا). [معاني القرآن: 2/55]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {قل هذه سبيلي} قال أبو عمرو: تذكر وتؤنّث، وأنشدنا:
فلا تبعد فكل فتى أناسٍ= سيصبح سالكاً تلك السبيلا
{على بصيرةٍ أنا} يعني على يقين). [مجاز القرآن: 1/319]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أدعوا إلى اللّه على بصيرةٍ} أي على يقين. ومنه يقال: فلان مستبصر في كذا، أي مستيقن له). [تفسير غريب القرآن: 223]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة} أي على يقين ومنه فلان مستبصر بهذا). [معاني القرآن: 3/461]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولدار الآخرة...}
أضيفت الدار إلى الآخرة وهي الآخرة وقد تضيف العرب الشيء إلى نفسه إذا اختلف لفظه كقوله: {إنّ هذا لهو حقّ اليقين} والحقّ هو اليقين. ومثله أتيتك بارحة الأولى،
وعام الأوّل وليلة الأولى ويوم الخميس. وجميع الأيّام تضاف إلى أنفسها لاختلاف لفظها. وكذلك شهر ربيع. والعرب تقول في كلامها - أنشدني بعضهم -:

أتمدح فقعساً وتذمّ عبساً =ألا لله أمّك من هجين
ولو أقوت عليك ديار عبس= عرفت الذلّ عرفان اليقين
وإنما معناه عرفاناً ويقيناً). [معاني القرآن: 2/56-55]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وما أرسلنا من قبلك إلّا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الّذين من قبلهم ولدار الآخرة خير للّذين اتّقوا أفلا تعقلون}
{ولدار الآخرة خير للّذين اتّقوا}.
وفي غير موضع وللدار الآخرة، فمن قال الدار الآخرة فالآخرة نعت للدار، لأن لجميع الخلق دارين، الدار التي خلقوا فيها وهي الدّنيا، والدار الآخرة التي يعادون فيها خلقا جديدا، ومن قال " دار الآخرة " فكأنّه قال: ودار الحياة الآخرة، لأنّ للناس حياتين، حياة الدنيا وحياة الآخرة، ومثل هذا في الكلام الصلاة الأولى، وصلاة الأولى.
فمن قال الصّلاة الأولى جعل الأولى نعتا للصلاة، ومن قال صلاة الأولى أراد صلاة الفريضة الأولى، والساعة الأولى). [معاني القرآن: 3/132-131]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {حتّى إذا استيأس الرّسل وظنّوا أنّهم قد كذبوا...}
خفيف. وقرأها أهل المدينة بالتثقيل، وقرأها ابن عباس بالتخفيف، وفسّرها: حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يؤمنوا، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا جاءهم نصرنا.
وحكيت عن عبد الله (كذّبوا) مشدًّدة وقوله: {فنجي من نشاء} القراءة بنونين والكتاب أتى بنون واحدة.
وقد قرأ عاصم (فنجّي من نّشاء) فجعلها نوناً، كأنه كره زيادة نون ف (من) حينئذ في موضع رفع.
وأما الذين قرءوا بنونين فإن النون الثانية، تخفى ولا تخرج من موضع الأولى، فلمّاً خفيت حذفت، ألا ترى أنك لا تقول فننجي بالبيان.
فلمّا خفيت الثانية حذفت واكتفى بالنون الأولى منها، كما يكتفى بالحرف من الحرفين فيدغم ويكون كتابهما واحداً). [معاني القرآن: 2/56]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {حتّى إذا استيأس الرّسل} مفسّر في كتاب «تأويل المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 223]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ}.
قد تكلم المفسرون في هذه الآية بما فيه مقنع وغناء عن أن يوضّح بغير لفظهم.
فروى عبد الرّزاق، عن معمر، عن قتادة، أنه قال: {اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ} من قومهم {وَظَنُّوا} أي: علموا {أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا} وكان يقرؤها بالتشديد.
وروى عبد الرزّاق، عن معمر، عن الزّهري، عن عروة، عن عائشة أنها قالت: استيئس الرّسل ممن كذّبهم من قومهم أن يصدّقوهم، وظنّت الرّسل أن من قد آمن بهم من قومهم قد كذّبوهم، جاءهم نصر الله عند ذلك. وكانت تقرأ فكذبوا بضم الكاف وتشديد الذال.
وروى حجّاج، عن ابن جريج: عن ابن أبي مليكة، عن عروة، عن (عائشة)، أنها قالت: لم يزل البلاء بالرّسل حتى خافوا أن يكون من معهم من المؤمنين قد كذّبوهم.
وروى حجّاج، عن ابن جريج، عن مجاهد أنه قرأها قد كذبوا بفتح الكاف والذال وتخفيف الذال، يريد: حتى إذا استيئس الرسل من إيمان قومهم فظنّ قومهم أنّ الرّسل قد كذبوا فيما بلّغوا عن الله عز وجل.
وروى حجّاج، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس أنه قرأ: كذبوا بضم الكاف، وكسر الذال، وتخفيفها. وقال: كانوا بشرا، يعني الرسل، يذهب إلى أن الرسل ضعفوا فظنّوا أنهم قد أخلفوا.
وهذه مذاهب مختلفة، والألفاظ تحتملها كلّها، ولا نعلم ما أراد الله عز وجل، غير أنّ أحسنها في الظاهر، وأولاها بأنبياء الله صلوات الله عليهم، ما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها). [تأويل مشكل القرآن: 412-410]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {حتّى إذا استيأس الرّسل وظنّوا أنّهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجّي من نشاء ولا يردّ بأسنا عن القوم المجرمين}
قرئت كذبوا وكذّبوا، بالتخفيف والتشديد، وقرئت " كذبوا " فأمّا من قرأ وظنوا أنهم قد كذبوا بالتشديد - فالمعنى حتى إذا استيأس الرّسل من أن يصدّقهم قومهم جاءهم نصرنا.
ومن قرأ قد كذبوا بالتخفيف، فالمعنى وظن قومهم أنهم قد كذبوا فيما وعدوا، لأن الرسل لا يظنون ذلك.
وقد قال بعضهم وظنوا أنهم قد أخلفوا أي ظن الرسل، وذلك بعيد في صفة الرسل.
يروى عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوعد شيئا أخلف فيه وفي الخبر:
ومعاذ اللّه أن يظنّ الرسل هذا بربّها.
ومعنى: (وظنّوا أنّهم قد [كذبوا]) ظنّ قومهم أيضا أنهم قد كذبوا.
وقوله عزّ وجلّ: {فنجّي من نشاء}.
قرئت فننجّي، وفننجي، وقرئت فنجا من نشاء.
وقرأ عاصم (فنجّي من نشاء) بفتح الياء.
فأمّا من قرأ (فننجي) فعلى الاستقبال، والنون نون الاستقبال.
أعني النون الأولى، ومن قرأ (فننجّي) - بإسكان الياء - فحذف النون الثانية لاجتماع النونين، كما تقول: أنت تبيّن هذا الأمر، تريد تتبيّن، فحذف لاجتماع تاءين، ومن قرأ (فنجا من نشاء) عطف على قوله جاءهم نصرنا فنجا من نشاء على لفظ الفعل الماضي،
ومن قرأ (فننجّي من نشاء) فبمعنى الماضي على ما لم يسمّ فاعله، ويكون موضع " من " رفعا.
ويعلم بالمعنى أن اللّه عزّ وجلّ - نجّاهم). [معاني القرآن: 3/133-132]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا}
روى الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها في قوله جل وعز: {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا}
قالت استيأس الرسل من إيمان من كذبهم من قومهم وظنوا أن من آمن من قومهم قد كذبوهم لما لحقهم من البلاء والامتحان
وروى ابن أبي مليكة عن عروة عن عائشة قالت لحق المؤمنين البلاء والضرر حتى ظن الرسل انهم قد كذبوهم لما لحقهم
وقال قتادة حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم وأيقنوا أن قومهم قد كذبوهم جاءهم نصرنا
يذهب قتادة إلى أن الظن ههنا يقين وذلك معروف في اللغة والمعنى أن الرسل كانوا يترجون أن يؤمن قومهم ثم استيأسوا من ذلك فجاءهم النصر
والقول الأول أشبه بالمعنى وهو أعلى إسنادا والله أعلم بما أراد
وقرأ عبد الله بن مسعود وابن عباس وظنوا أنهم قد كذبوا بالتخفيف وضم الكاف
قال أبو جعفر في معناه عن ابن عباس روايتان: أ. روى ابن أبي مليكة عنه أنهم ضعفوا قال إنهم بشر، ب. والقول الثاني أنه روي عن سفيان عن عطاء عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم وظن قومهم قد كذبوا جاءهم نصرنا
قال أبو جعفر الضمير في كذبوا يعود على القوم على هذا
وقرأ مجاهد وظنوا أنهم قد كذبوا بالتخفيف وفتح الكاف
وفسره وظن قومهم أنهم قد كذبوا وهو كالذي قبله في المعنى
وروي عنه في قوله تعالى: {حتى إذا استيأس الرسل} قولان:
أحدهما حتى إذا استيأس الرسل أن يأتي قومهم العذاب
والقول الثاني أحسن وهو حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم). [معاني القرآن: 3/464-461]

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق...}
منصوب، يراد به: ولكن كان تصديق ما بين يديه من الكتب: التوراة والإنجيل. ولو رفعت التصديق كان صواباً كما تقول: ما كان هذا قائماً ولكن قاعداً وقاعد.
وكذلك قوله: {ما كان محمّدٌ أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله} و{رسول الله} فمن رفع لم يضمر كان أراد: ولكن هو رسول الله). [معاني القرآن: 2/57-56]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ما كان حديثاً يفترى} أي يختلق ويصنع). [تفسير غريب القرآن: 223]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - عزّ وجلّ - {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الّذي بين يديه وتفصيل كلّ شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون}
{ولكن تصديق الّذي بين يديه} أي الذي تقدمه من الكتب.
ونصب " تصديقا " على معنى كان، المعنى: ما كان حديثا يفترى ولكن كان تصديق الذي بين يديه.
ويجوز: {ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الّذي بين يديه}.
فمن قرأ هكذا رفع الباقي المعطوف على تصديق، ويكون مرتفعا على معنى ولكن هو تصديق الذي بين يديه.
ويكون ([وتفصيل] كلّ شيء وهدى [ورحمة] لقوم يؤمنون) نسقا عليه.
وهذا لم تثبت بقراءته رواية صحيحة، وإن كان جائزا في العربية لا اختلاف بين النحويين في أنه جيّد بالغ، فلا تقرأنّ به ولا تخالف الإجماع بمذاهب النحويين). [معاني القرآن: 3/133]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب} قال مجاهد يعني يوسف وإخوته
ثم قال جل وعز ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه
قال سفيان يعني التوراة والإنجيل والكتب وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون). [معاني القرآن: 3/464]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:57 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة