العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 محرم 1432هـ/8-12-2010م, 02:42 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 88 إلى 116]

(قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88) قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89) وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (90) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ (92) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آَسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (93) وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ 94) ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آَبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (95) وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100) تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102) ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103) وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104) حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105) قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110) قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112) وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114) قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115) قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) )

تفسير قوله تعالى: (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (قال الملأ الّذين استكبروا من قومه لنخرجنّك يا شعيب والّذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودنّ في ملّتنا قال أولو كنّا كارهين (88)
المعنى: ليكونن أحد الأمرين، ولا تقارّ على مخالفتنا.
وقوله: (قال أولو كنّا كارهين).
أي أتعيدوننا في ملتكم وإن كرهناها.
فإن قال قائل: كيف قالوا لشعيب: أو لتعودنّ في ملّتنا، وشعيب نبيّ؟
ففيه قولان:
أحدهما: لما أشركوا الذين كانوا على ملّتهم قالوا: أو لتعودنّ في ملّتنا. وجائز أن يقال: قد عاد عليّ من فلان مكروه، وإن لم يكن سبقه مكروه قبل ذلك وإنما تأويله إنّه قد لحقني منه مكروه). [معاني القرآن: 2/355]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا} [آية: 88]
يقال كيف قالوا هذا لشعيب وهو نبي فعلى هذا جوابان
أحدهما أن يكون معنى لتعودن لتصيرن كما تقول عاد علي من فلان مكروه
والجواب الآخر أنهم لما خلطوا معه من آمن منهم جاز أن يقولوا أو لتعودن في ملتنا يعنون من آمن
قال أولو كنا كارهين أي أنعود في ملتكم ولو كنا
كارهين وقوله: {وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا} على التسليم لله كما قال تعالى: {وما توفيقي إلا بالله}
والدليل على هذا أن بعده وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق قال قتادة أي اقض بيننا وبين قومنا بالحق
وروى إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قوله تعالى: {افتح بيني وبينهم فتحا} قال معناه النصر). [معاني القرآن: 3/54-55]

تفسير قوله تعالى: (قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ربّنا افتح بيننا...}
يريد: اقض بيننا، وأهل عمان يسمون القاضي الفاتح والفتاح). [معاني القرآن: 1/386]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ) (88) أي احكم بيننا. قال: والقاضي يقال له الفتاح، قال:
ألا أبلغ بنى عصمٍ رسولا... بأني عن فتاحتكم غنىّ
وهو لبعض مراد). [مجاز القرآن: 1/220-221]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {افتح بيننا وبين قومنا}: احكم ومنه {خير الفاتحين}). [غريب القرآن وتفسيره: 148]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ربّنا افتح بيننا} أي احكم بيننا. ويقال للحاكم: الفتاح). [تفسير غريب القرآن: 170]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال عز وجل: {ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ} [سبأ: 26] أي: يقضي، {وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف: 89]: أي خير القضاة.
وقال أعرابي لآخر ينازعه: بيني وبينكم الفتاح، يعني الحاكم.
وقال ابن عباس في قول الله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] كنت أقرؤها ولا أدري ما هي، حتى تزوجت بنت مشرح فقالت: فتح الله بيني وبينك، أي حكم الله بيني وبينك). [تأويل مشكل القرآن: 492-493]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (قد افترينا على اللّه كذبا إن عدنا في ملّتكم بعد إذ نجّانا اللّه منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلّا أن يشاء اللّه ربّنا وسع ربّنا كلّ شيء علما على اللّه توكّلنا ربّنا افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ وأنت خير الفاتحين (89)
(وما يكون لنا أن نعود فيها إلّا أن يشاء اللّه).
اختلف الناس في تأويل هذا، فأولى التأويلات باللفظ أن يكون:
(وما يكون لنا أن نعود فيها إلّا أن يشاء اللّه)
لأنه لا يكون غير ما يشاء اللّه.
وهذا مذهب أهل السنة.
قال اللّه عز وجل: (وما تشاءون إلّا أن يشاء اللّه).
والمشيئة في اللغة بيّنة لا تحتاج إلى تأويل.
فالمعنى: ما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يكون الله عزّ وجلّ قد سبق في علمه ومشيئته أنا نعود فيها.
وتصديق ذلك قوله: (وسع ربّنا كلّ شيء علما).
ثم قال (على اللّه توكّلنا).
وفي موضع آخر: (وما توفيقي إلّا باللّه عليه توكّلت).
وقال قوم: (وما يكون لنا أن نعود فيها إلّا أن يشاء اللّه ربّنا)
أي فاللّه لا يشاء الكفر، قالوا: هذا مثل قولك: لا أكلّمك حتى يبيضّ الفار ويشيب الغراب، والفار لا يبيض، والغراب لا يشيب.
قالوا فكذلك تأويل الآية.
قال أبو إسحاق: وهذا خطأ لمخالفته أكثر من ألف موضع في القرآن لا تحتمل تأويلين، ولا يحدث شيء إلا بمشيئته وعن علمه.
إما أن يكون علمه حادثا فشاءه حادثا، أو علمه غير حادث فشاءه غير حادث.
ولا يجوز لما مكن الخلق من التصرف أن يحدث الممتنع موجودا، ولا يكون ما علمه أنّه يوجد ممتنعا.
وسنة الرسول عليه السلام تشهد بذلك ولكن اللّه تبارك وتعالى غيب عن الخلق علمه فيهم، ومشيئته من أعمالهم فأمرهم ونهاهم.
لأن الحجة إنما تثبت من جهة الأمر والنهي، وكل ذلك جائز على ما سبق في العلم وجرت به المشيئة، قال الله تعالى: (وما تسقط من ورقة إلّا يعلمها).. الآية.
فسقوط الورقة منسوب إليها وهو خلقه فيها كما خلقها، وكذلك إلى آخر الآية.
وقال: (يعلم ما في أنفسكم فاحذروه)، وما في النفوس من الخواطر الجائلة والهم الجائل والعزم الجائل فيها. فلا يجوز عدم ما علمه كائنا فيها، ولا يجوز كون ما علمه معدوما.
فحذرهم مخالفة ظاهر أمره ونهيه لأن عليهم السمع والطاعة للأمر إذا أمروا به، وهم جارون على ما علم منهم أنّهم يختارون الطاعة، ويختارون المعصية، فلا سبيل إلى أن يختاروا خلاف ما علم أنهم يختارونه.
وإن لم يكن الأمر على ما قلنا وجب أن يكون قولهم: علم اللّه أفعال العباد قبل كونها إنما هو علم مجاز لا علم حقيقة.
واللّه تعالى عالم على حقيقة لا مجاز، والحمد للّه.
وقال قوم - وهو بعد القول الأول قريب -:
إن المعنى: (وما يكون لنا أن نعود فيها إلّا أن يشاء اللّه ربّنا).
أي قد تبرأنا من جميع ملّتكم فما يكون لنا أن نعود في شيء منها إلا أن يشاء اللّه وجها من وجوه البر الذي تتقربون به إلى اللّه، فيأمرنا به، فنكون بهذا قد عدنا.
قال أبو إسحاق: والذي عندي - وهو إن شاء اللّه الحقّ - القول الأول.
لأن قوله: (بعد إذ نجّانا اللّه منها)، إنّما هو، النجاة من الكفر وأعمال المعاصي لا من أعمال البر.
وقوله: (وسع ربّنا كلّ شيء علما).
(علما) منصوب على التمييز.
وقوله: (ربّنا افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ).
أهل عمان يسمون القاضي الفاتح والفتاح.
وجائز أن يكون افتح بيننا وبين قومنا بالحق، أي أظهر أمرنا حتى ينفتح ما بيننا وبين قومنا وينكشف، فجائز أن يكون يسألون بهذا أن ينزل بقومهم من العذاب والهلكة ما يظهر به أن الحق معهم). [معاني القرآن: 2/355-358]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({افْتَحْ بَيْنَنَا} احكم، ويقال للحاكم: الفتاح). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 85]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {افْتَحْ}: احكم). [العمدة في غريب القرآن: 136]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (90) )

تفسير قوله تعالى: (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (الرّجفة) (90): من رجفت بهم الأرض أي تحركت بهم). [مجاز القرآن: 1/221]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (فأخذتهم الرّجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين (91)
هي الزلزلة الشديدة.
وقوله جلّ وعزّ: (فأصبحوا في دارهم جاثمين).
أي أجساما ملقاة في الأرض كالرماد الجاثم). [معاني القرآن: 2/358]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ (92) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (كأن لم يغنوا فيها) (91) أي لم ينزلوا فيها ولم يعيشوا فيها، قال مهلهل


غنيت دارنا تهامة في الده..=. ر وفيها بنو معدٍّ حلولا
وقولهم مغاني الديار منها، واحدها مغنىً قال:
أتعرف مغنى دمنةٍ ورسوم). [مجاز القرآن: 1/221]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {الّذين كذّبوا شعيباً كأن لّم يغنوا فيها الّذين كذّبوا شعيباً كانوا هم الخاسرين}
وقال: {كأن لّم يغنوا فيها} وهي من "غنيت" "تغنى" "غنى"). [معاني القرآن: 2/14]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {يغنوا فيها}: يكونوا فيها والمغاني المنازل التي نزلوها. واحدها مغني). [غريب القرآن وتفسيره: 148]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {كأن لم يغنوا فيها} أي لم يقيموا فيها. يقال: غنينا بمكان كذا: أقمنا. ويقال للمنازل: مغان. واحدها مغنى). [تفسير غريب القرآن: 170]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (الّذين كذّبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الّذين كذّبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين (92)
(كأن لم يغنوا فيها).
أي كأن لم ينزلوا فيها.
قال الأصمعي: المغاني المنازل التي نزلوا بها، يقال غنينا بمكان كذا وكذا، أي نزلنا به.
ويكون (كأن لم يغنوا فيها). كأن لم ينزلوا كان لم يعيشوا فيها مستغنين، كما قال حاتم طيّ:
غنينا زمانا بالتّصعلك والغنى... فكلاّ سقاناه بكأسيهما الدهر
فما زادنا بغيا على ذي قرابة... غنانا ولا أزرى بأحسابنا الفقر
والعرب تقول للفقير الصعلوك). [معاني القرآن: 2/358]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {كأن لم يغنوا فيها} [آية: 92]
قال قتادة أي كأن لم يعيشوا ولم يتنعموا
قال الأصمعي يقال غنينا بمكان كذا أي أقمنا فيه والمنازل يقال لها المغاني
ومعنى فكيف آسى فكيف أحزن والأسى أشد الحزن). [معاني القرآن: 3/55-56]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} أي لم يُقيموا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 86]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لم يَغْنَوْا}: يكونوا). [العمدة في غريب القرآن: 136]

تفسير قوله تعالى: (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آَسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (93) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (فكيف آسى) (92) أي أحزن وأتندم وأتوجع، ومصدره الأسى، وقال:
وانحلبت عيناه من فرط الأسى). [مجاز القرآن: 1/222]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (فتولّى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربّي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين (93)
أي حين نزل بهم العذاب تولى عنهم.
(وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربّي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين).
معنى آسى أحزن - أي كيف يشتد حزني.
يقال: أسيت على الشيء آسى أسى إذا اشتد حزنك عليه.
قال الشاعر:
وانحلبت عيناه من فرط الأسى). [معاني القرآن: 2/358-359]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: (وما أرسلنا في قرية من نبيّ إلّا أخذنا أهلها بالبأساء والضّرّاء لعلّهم يضّرّعون (94)
يقال لكل مدينة قرية، وإنما سمّيت بأنه يجتمع فيها الناس، يقال قريت الماء في الحوض إذا جمعته فيه، فسمّيت قرية لاجتماع الناس فيها.
ومكة أم القرى، لأن أهل القرى يؤمونها أي يقصدونها.
وقوله: (إلّا أخذنا أهلها بالبأساء والضّرّاء).
قيل: البأساء كل ما نالهم من شدّة في أموالهم، والضراء ما نالهم من الأمراض، وقيل: الضراء ما نالهم في الأموال، والبأساء ما نالهم في أنفسهم.
وقوله: (لعلّهم يضّرّعون).
أي يخضعون، والأصل يتضرعون، فأدغمت التاء في الضاد). [معاني القرآن: 2/359]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء} [آية: 94]
قال مرة عن ابن مسعود البأساء الفقر والضراء المرض
وقيل البأساء المصائب في المال يقال بئس الرجل يبأس بأسا وبأساء إذا افتقر
والضراء ما لحق من الأمراض والمصائب في البدن
لعلهم يضرعون أي يخضعون ويستكينون). [معاني القرآن: 3/56]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آَبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (95) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (حتّى عفوا) (94) مجازه: حتى كثروا، وكذلك كل نبات وقوم وغيره إذا كثروا: فقد عفوا، قال لبيد:

فلا تتجاوز العطلات منها..=. إلى البكر المقارب والكروم
ولكنّا نعضّ السّيف منها.=.. بأسوق عافيات اللّحم كوم
أي كثيرات اللحم (الضّرّاء والسّرّاء) (94) أي الضّرّ، والسّرّ وهو السرور). [مجاز القرآن: 1/222]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({حتى عفوا}: كثروا. يقال قد عفا بنو فلان إذا كثروا. وعفا النبت إذا كثر). [غريب القرآن وتفسيره: 148]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {حتّى عفوا} أي كثروا. ومنه الحديث «أن رسول اللّه أمر أن تحفى الشّوارب وتعفى اللحى» أي توفّر). [تفسير غريب القرآن: 170]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (ثمّ بدّلنا مكان السّيّئة الحسنة حتّى عفوا وقالوا قد مسّ آباءنا الضّرّاء والسّرّاء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون (95)
أي كثروا وكثرت أموالهم.
وقوله: (قد مسّ آباءنا الضّرّاء والسّرّاء).
فأخذهم الله ليعتبروا ويقلعوا عن الكفر وتكذيب الأنبياء، فقالوا مسّ
آباءنا مثل هذا، أي قد جرت عادة الزمان بهذا، وليست هذه عقوبة، فبين اللّه تأولهم بخطئهم، وقد علموا أن الأمم قد أهلكت بكفرهم قبلهم.
وقوله: (فأخذناهم بغتة) أي فجأة (وهم لا يشعرون).
فهذا ما أخبر اللّه تعالى به عن الأمم السالفة لتعتبر أمّة محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال:
(ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتّقوا لفتحنا عليهم بركات من السّماء والأرض ولكن كذّبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون (96) ). [معاني القرآن: 2/359-360]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله تعالى: {ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة} [آية: 95]
قال مجاهد السيئة الشر والحسنة الرخاء والولد
ثم قال جل وعز: {حتى عفوا} [آية: 95]
قال مجاهد أي كثرت أموالهم وأولادهم
وذلك معروف في اللغة ومنه الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أعفوا اللحى أي كثروها
ثم خبر جل وعز عنهم أنهم لم يعتبروا بما أصابهم وقالوا إن العادة في الزمان الخير والشر فقال تعالى: {وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة} [آية: 95]
أي فجأة). [معاني القرآن: 3/56-57]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {عَفَوا} كثروا، وهو من الأضداد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 86]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الضَّرَّاء}: من الضر.
{السَّرَّاء}: من السرور). [العمدة في غريب القرآن: 136]

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (لفتحنا عليهم) (95) أي لأنزلنا عليهم.
يقال: قد فتح الله على فلان ولفلان، وذلك إذا رزق وأصاب الخير وأقبلت عليه الدنيا؛ وإذا ارتج على القارئ فتحت عليه فلقنته). [مجاز القرآن: 1/222-223]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( (ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتّقوا لفتحنا عليهم بركات من السّماء والأرض ولكن كذّبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون (96)
أي أتاهم الغيث من السماء والنبات من الأرض. وجعل ذلك زاكيا كثيرا). [معاني القرآن: 2/360]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا}[آية: 96]
يقال للمدينة قرية لاجتماع الناس فيها من قريت الماء إذا جمعته
والبركات التي تأتي من السماء المطر والتي تأتي من الأرض النبات). [معاني القرآن: 3/57]

تفسير قوله تعالى: (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون (97)
أي ليلا، أي أفأمنت الأمة التي كذبت النبي محمدا - صلى الله عليه وسلم - أن يأتيهم بأسنا بياتا. أي ليلا.
(وهم نائمون).
يقال نام الرجل ينام نوما فهو نائم. وهو حسن النيمة، ورجل نومة إذا كان خسيسا لا يؤبه له، ورجل نومة إذا كان كثير النوم، وفلان حسن النّيمة أي حسن هيئة النوم، والنّيم - الفرو.
والفاء في قوله: (أفأمن) والواو في قوله (أو أمن) أمن، فتحت لأنها واو عطف وفاء عطف دخلت عليها ألف الاستفهام.
وقوله: (وهم يلعبون).
يقال لكل من كان في شيء لا يجدي أو في ضلال: إنما أنت لاعب.
وإنّما قيل لهم: (ضحى وهم يلعبون). أي وهم في غير ما يجدي عليهم). [معاني القرآن: 2/360]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون} [آية: 97]
أي أفأمن من كذب محمدا أن يأتيهم بأسنا بياتا أي ليلا). [معاني القرآن: 3/58]

تفسير قوله تعالى: (أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) )
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحًى وهم يلعبون}
وقال: {أو أمن أهل القرى} فهذه الواو للعطف دخلت عليها ألف الاستفهام). [معاني القرآن: 2/14]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون} [آية: 98]
ومعنى وهم يلعبون أي وهم فيما لا يجدي عليهم
يقال لكل من كان فيما يضره ولا يجدي عليه لاعب). [معاني القرآن: 3/58]

تفسير قوله تعالى: (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (أفأمنوا مكر اللّه فلا يأمن مكر اللّه إلّا القوم الخاسرون (99)
أي وأمنوا عذاب الله أن يأتيهم بغتة وهم لا يشعرون). [معاني القرآن: 2/360]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {أفأمنوا مكر الله} [آية: 99]
أي عذابه إذا وقع بهم ولم يعلموا أنه واقع بهم). [معاني القرآن: 3/58]

تفسير قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أن لّو نشاء أصبناهم بذنوبهم...}
ثم قال: {ونطبع} ولم يقل: وطبعنا، ونطبع منقطعة عن جواب لو؛ يدلّك على ذلك قوله: {فهم لا يسمعون}؛ ألا ترى أنه لا يجوز في الكلام: لو سألتني لأعطيتك فأنت غنيّ، حتى تقول: لو سألتني لأعطيتك فاستغنيت. ولو استقام المعنى في قوله: {فهم لا يسمعون} أن يتصل بما قبله جاز أن تردّ يفعل على فعل في جواب لو؛ كما قال الله عز وجل: {ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون} فنذر مردودة على {لقضي} وفيها النون. وسهّل ذلك أنّ العرب لا تقول: وذرت، ولا ودعت؛ إنما يقال بالياء والألف والنون والتاء؛ فأوثرت على فعلت إذا جازت؛ قال الله تبارك وتعالى: {تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك} ثم قال: {ويجعل لك قصورا} فإذا أتاك جواب لو آثرت فيه (فعل على يفعل) وإن قلته ينفعل جاز، وعطف فعل على يفعل ويفعل على فعل جائز، لأن التأويل كتأويل الجزاء). [معاني القرآن: 1/387]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (أو لم نهد للّذين) (99) مجازه: أو لم نبين لهم ونوضح لهم). [مجاز القرآن: 1/223]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (ونطبع على قلوبهم) (96) مجازه: مجاز نختم). [مجاز القرآن: 1/223]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {أولم يهد للّذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لّو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون}
وقال: {أولم يهد للّذين يرثون الأرض من بعد أهلها} يقول: "أولم يتبيّن لهم" وقال بعضهم {نهد} بالنون أي: أولم نبيّن لهم {أن لّو نشاء أصبناهم بذنوبهم}). [معاني القرآن: 2/14]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ} [الأعراف: 100]، أي ألم يبيّن لهم.
فالإرشاد في جميع هذه بالبيان). [تأويل مشكل القرآن: 443]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (أولم يهد للّذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون (100)
وتقرأ (نهد) بالنون، فمن قرأ نهدي بالنون فمعناه أولم نبين.
لأن قولك: هديته الطريق معناه بيّنت له الطريق.
ومن قرأ بالياء كان المعنى أو لم يبين الله لهم أنّه لو يشاء أصبناهم بذنوبهم.
وقوله: (ونطبع على قلوبهم).
ليس بمحمول على أصبناهم.
المعنى ونحن نطبع على قلوبهم، لأنه لو حمل على أصبناهم لكان ولطبعنا، لأنه على لفظ الماضي، وفي معناه.
ويجوز أن يكون محمولا على الماضي، ولفظه لفظ المستقبل كما أن لو نشاء معناه لو شئنا). [معاني القرآن: 2/361]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أولم يهد للذين يرثون الأرض} [آية: 100]
قال مجاهد أي أو لم يبين ومعنى يهد بالياء يتضح ويبين). [معاني القرآن: 3/58]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : (وقوله: (أولم يهد للذين يرثون الأرض): أي: أولم يبين). [ياقوتة الصراط: 230]

تفسير قوله تعالى: (تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) )
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {تلك القرى نقصّ عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبيّنات فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل كذلك يطبع اللّه على قلوب الكافرين}
وقال: {نقصّ عليك من أنبائها} صيّر "من" زائدة وأراد "قصصنا" كما تقول "هل لك في ذا" وتحذف "حاجة".
وقال: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل} فقوله: {بما كذبوا} والله أعلم يقول: "بتكذيبهم" جعل - والله أعلم - {ما كذّبوا} اسما للفعل والمعنى: "لم يكونوا ليؤمنوا بالتكذيب" أي لا نسميهم بالإيمان بالتكذيب). [معاني القرآن: 2/14]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله (تلك القرى نقصّ عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبيّنات فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل كذلك يطبع اللّه على قلوب الكافرين (101)
وهذا إخبار عن قوم لا يؤمنون.
كما قال جلّ وعزّ: (أنّه لن يؤمن من قومك إلّا من قد آمن).
وكما قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -:
(قل يا أيّها الكافرون (1) لا أعبد ما تعبدون (2) ولا أنتم عابدون ما أعبد (3).
فهذا إخبار من الله جل وعز أنّ هؤلاء لا يؤمنون.
وقال قوم: (فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل..) أي ليسوا مؤمنين بتكذيبهم، وهذا ليس بشيء، لأن قوله: (كذلك يطبع اللّه على قلوب الكافرين).. يدل على أنهم قد طبع على قلوبهم.
وموضع الكاف في " كذلك " نصب.
المعنى مثل ذلك يطبع الله على قلوب الكافرين). [معاني القرآن: 2/361-362]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل} [آية: 101]
قال مجاهد هذا مثل قوله تعالى: {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه}
وقال غيره هذا مخصوص به أقوام بأعيانهم خبر الله جل وعلا أنهم لا يؤمنون
وأما قول من قال معنى فما كانوا ليؤمنوا ليحكم لهم بالإيمان فلا يصح في اللغة ويدل على بطلانه أن بعده كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين فدل بهذا على أنه قد طبع على قلوبهم هذا قول أبي إسحاق جزاء بما عملوا). [معاني القرآن: 3/59]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (وما وجدنا لأكثرهم من عهدٍ) (101) مجازه وما وجدنا لأكثرهم عهداً أي وفاء ولا حفيظة؛ ومن من حروف الزوائد وقد فسرناها في غير هذا الموضع.
(وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين) (101): أي لكافرين، ومجازه: إن وجدنا أكثرهم إلاّ فاسقين، أي ما وجدنا، وله موضع آخر أن العرب نؤكد باللام كقوله:
أمّ الحليس لعجوز شهر به
(فظلموا بها) (101) مجازه: فكفروا بها). [مجاز القرآن: 1/223]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين (102)
هذه " إن " تدخل واللام على معنى التوكيد واليمين.
وتدخل على الأخبار. تقول: إن ظننت زيدا لقائما). [معاني القرآن: 2/362]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وما وجدنا لأكثرهم من عهد} [آية: 102]
من زائدة وهي تدل على معنى الجنس ولولا من
لجاز أن يتوهم أنه واحد في المعنى
قال أبو عبيدة المعنى وما وجدنا لأكثرهم حفظا ولا وفاء). [معاني القرآن: 3/59-60]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (ثمّ بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملإه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين (103)
(فظلموا بها).
أي بالآيات التي جاءتهم، لأنهم إذا جاءتهم الآيات فكفروا بها فقد ظلموا أبين الظلم، لأن الظلم وضع الشيء في غير موضعه، فجعلوا بدل وجوب الإيمان بها الكفر، فذلك معنى قوله (فظلموا بها) ). [معاني القرآن: 2/362]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين} [آية: 103]
أصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه فلما كفروا بها جعلوا موضع ما يجب من الإيمان الكفر فقيل ظلموا بها بمعنى كفروا بها). [معاني القرآن: 3/60]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104) )

تفسير قوله تعالى: (حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {حقيقٌ على أن لاّ أقول...}
ويقرأ: (حقيقٌ عليّ أن لا أقول) وفي قراءة عبد الله: (حقيق بأن لا أقول على الله) فهذه حجة من قرأ (على) ولم يضف. والعرب تجعل الباء في موضع على؛ رميت على القوس، وبالقوس، وجئت على حال حسنةٍ وبحال حسنةٍ). [معاني القرآن: 1/387]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (حقيقٌ علىّ أن لا أقول) (104): مجازه: حق علىّ أن لا أقول إلاّ الحقّ، ومن قرأها (حقيق على أن لا أقول ولم يضف على إليه فإنه يجعل مجازه مجاز حريص على أن لا أقول، أو فحق أن لا أقول). [مجاز القرآن: 1/224]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {حقيقٌ على أن لاّ أقول على اللّه إلاّ الحقّ قد جئتكم ببيّنةٍ مّن رّبّكم فأرسل معي بني إسرائيل}
وقال: {حقيقٌ على أن لاّ أقول على اللّه إلاّ الحقّ} وقال بعضهم {على أن لا أقول} والأولى أحسنهما عندنا، أراد: واجبٌ علي أن لا أقول. والأخرى: أنا حقيقٌ علي أن لا أقول على الله. ويريد: بأن لا أقول على الله. كما قال: {بكلّ صراطٍ توعدون} في معنى "على كلّ صراطٍ توعدون"). [معاني القرآن: 2/15]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله (حقيق على أن لا أقول على اللّه إلّا الحقّ قد جئتكم ببيّنة من ربّكم فأرسل معي بني إسرائيل (105)
(حقيق على أن لا أقول على اللّه إلّا الحقّ).
وتقرأ (حقيق عليّ أن لا أقول)
ومن قرأ حقيق عليّ أن لا أقول فالمعنى واجب عليّ: ترك القول على اللّه إلا بالحق). [معاني القرآن: 2/362]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق} [آية: 105]
قال أبو عبيدة أي حريص
قال أبو عمرو بن العلاء رحمه الله وهي قراءة عبد الله حقيق أن لا أقول وهذا يدل على التخفيف لأن حروف الجر
تحذف مع أن
وقال الكسائي هي في قراءة عبد الله حقيق بأن لا أقول على الله إلا الحق
قال الفراء معنى على أن لا وبأن لا واحد كما يقال جاء فلان على حال حسنة وبحال حسنة
ومن قرأ (حقيق علي أن لا أقول على الله إلا الحق) فإن معناه عنده واجب علي). [معاني القرآن: 3/60-61]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصّادقين (106)
قد أوجب فرعون أنّه ليس بآية كما ادعى، لأنه قد أوجب له الصدق إن أتى بآية يعجز عنها المخلوقون). [معاني القرآن: 2/362]

تفسير قوله تعالى: (فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فإذا هي ثعبانٌ...}
هو الذكر؛ وهو أعظم الحيّات). [معاني القرآن: 1/388]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (ثعبانٌ مبين) (106) أي حية ظاهرة). [مجاز القرآن: 1/225]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ثعبان}: حية). [غريب القرآن وتفسيره: 148]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله (فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين (107)
إن شئت قلت: " عصا هو " بالواو. والأجود حذفها، أعني الواو لسكونها وسكون الألف، والهاء ليست بحاجز.
وقوله: (فإذا هي ثعبان مبين).
قال أبو عبيدة وغيره: الثعبان الحية.. وقال غيره: الحية الذكر.
وقال اللّه في موضع آخر (فإذا هي حيّة تسعى).
ومعنى (مبين).
أي مبين أنّها حيّة). [معاني القرآن: 2/362-363]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين} [آية: 107]
الثعبان الحية الذكر ومعنى ونزع يده أظهرها
قال مجاهد أخرجها من جيبه بيضاء من غير برص
ويروى أن موسى كان آدم اللون فلما أخرج يده بيضاء كان ذلك آية). [معاني القرآن: 3/61]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ثُعْبَانٌ}: حية). [العمدة في غريب القرآن: 136]

تفسير قوله تعالى: (وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (ونزع يده) (107) أخرج يده (فإذا هي بيضاء) (107) من غير سوء، ولكنها كانت آية لأنه كان آدم). [مجاز القرآن: 1/225]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (ونزع يده فإذا هي بيضاء للنّاظرين (108)
معنى نزع يده أظهرها وأبانها.
وقال في موضع آخر (وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء).
وفي موضع آخر (واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء).
فهذا دليل أن معنى نزع يده إخراجها من جيبه وإخراجها من جناحه.
وجناح الرجل عضده وقلّ جناح الرجل عطفه.
وتأويل الجناحين من الإنسان أنهما كالجناحين من الطائر.
وهما العضدان.
وقوله: (تخرج بيضاء من غير سوء).
أي تخرج لونها أبيض حوريّا.
وكان موسى فيما يروى أدم.
(من غير سوء).
أي تخرج بيضاء بياضا ليس ببرص، بياضا يدل على أنّه آية.
وكانت عصا موسى إنما تكون حيّة، عند إظهارها بها الآية، ثم تعود عصا، كما قال اللّه عزّ وجلّ: (سنعيدها سيرتها الأولى) ). [معاني القرآن: 2/363-364]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (نزع يده) أي: أخرج يده). [ياقوتة الصراط: 230]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (قال الملأ من قوم فرعون إنّ هذا لساحر عليم (109)
وفي هذا الموضع (قال الملأ من قوم فرعون).
الملأ هم الوجوه، وذوو الرأي، وإنما سمّوا ملأ لأنهم ملئوا بما يحتاج إليه منهم.
وقرئت لسحّار عليم). [معاني القرآن: 2/364]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال الملأ من قوم فرعون} [آية: 109]
الملأ عند أكثر أهل اللغة الأشراف وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل قال يا محمد أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى
وقال بعض أهل اللغة الملأ الرهط والنفر الرجال الذين لا نساء معهم). [معاني القرآن: 3/62]

تفسير قوله تعالى: (يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يريد أن يخرجكم مّن أرضكم فماذا تأمرون...}
فقوله: {يريد أن يخرجكم مّن أرضكم} من الملأ {فماذا تأمرون} من كلام فرعون. جاز ذلك على كلامهم إياه، كأنه لم يحك وهو حكاية. فلو صرّحت بالحكاية لقلت: يريد أن يخرجكم من أرضكم، فقال: فماذا تأمرون. ويحتمل القياس أن تقول على هذا المذهب: قلت لجاريتك قومي فإني قائمة (تريد: فقالت: إني قائمة) وقلّما أتى مثله في شعر أو غيره، قال عنترة:

الشاتمي عرضي ولم أشتمهما =والناذرين إذا لقيتهما دمي
فهذا شبيه بذلك؛ لأنه حكاية وقد صار كالمتصل على غير حكاية؛ ألا ترى أنه أراد: الناذرين إذا لقينا عنترة لنقتلنّه، فقال: إذا لقيتهما، فأخبر عن نفسه، وإنما ذكراه غائبا. ومعنى لقيتهما: لقياني). [معاني القرآن: 1/388]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يتصل الكلام بما قبله حتى يكون كأنه قول واحد وهو قولان:
نحو قوله: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً}، ثم قال: {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} [النمل: 34]، وليس هذا من قولها، وانقطع الكلام عند قوله: {أَذِلَّةً}، ثم قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}.
وقوله: {الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [يوسف: 51]، هذا قول المرأة، ثم قال يوسف: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} [يوسف: 52]، أي ليعلم الملك أني لم أخن العزيز بالغيب.
وقوله: {يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا}، وانقطع الكلام، ثم قالت الملائكة: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يس: 52].
وقوله حكاية عن ملأ فرعون: {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ}
هذا قول الملأ، ثم قال فرعون: {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} [الأعراف: 110]). [تأويل مشكل القرآن: 294-295]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( (يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون (110)
قال فرعون مجيبا لهم: (فماذا تأمرون).
ويجوز أن يكون " فماذا تأمرون " من قول الملأ، كأنهم خاطبوا فرعون ومن يخصّه، وجائز أن يكون الخطاب لفرعون وحده، لأنه يقال للرئيس المطاع: ما ترون في هذا؟ أي ما ترى أنت وجندك.
و " ماذا " يصلح أن تكون " ماذا " اسما واحدا، ويكون في موضع نصب.
ويكون المعنى أي شيء تأمرون.
ويصلح أن يكون " ذا " في موضع الذي، وتكون ما في معنى رفع.
ويكون المعنى ما الذي تأمرون). [معاني القرآن: 2/364-365]

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أرجه وأخاه...}
جاء التفسير: احبسهما عندك ولا تقتلهما، والإرجاء تأخير الأمر. وقد جزم الهاء حمزة والأعمش. وهي لغة للعرب: يقفون على الهاء المكنيّ عنها في الوصل إذا تحرك ما قبلها؛ أنشدني بعضهم:
أنحى عليّ الدهر رجلا ويدا = يقسم لا يصلح إلا أفسدا
* فيصلح اليوم ويفسده غدا *
وكذلك بهاء التأنيث؛ فيقولون: هذه طلحه قد أقبلت، جزم؛ أنشدني بعضهم:

لما رأى أن لاّدعه ولا شبع = مال إلى أرطاة حقف فاضطجع وأنشدني القنانيّ:
لست إذاً لزعبله إن لم أغـ = يّر بكلتي إن لم أساو بالطول
بكلتي: طريقتي: كأنه قال: إن لم أغيّر بكلتي حتى أساوى. فهذه لامرأة: امرأة طولى و[نساء] طول). [معاني القرآن: 1/389]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (أرجه وأخاه) (110) مجازه: أخّره). [مجاز القرآن: 1/225]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين}
وقال: {أرجه وأخاه} وقال: {ترجي من تشاء منهنّ} لأنه من "أرجأت" وقد قرئت {أرجه وأخاه} خفيفة بغير همزة وبها نقرأ و{ترجي من تشاء} وهي لغة تقول: "أرجيت" وبعض العرب تقول: "أخطيت" و"توضّيت" لا يهمزون). [معاني القرآن: 2/15]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ((أرجئه وأخاه): أخره. يقال أرجأت الأمر وأرجيته أخرته). [غريب القرآن وتفسيره: 148]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( (أرجه) أي أخره. وقد تهمز. يقال: أرجأت الشيء وأرجيته ومنه قوله تعالى: {ترجي من تشاء منهنّ} [سورة الأحزاب آية: 51] يقرأ بهمز وغير همز. ومنه سمت المرجئة). [تفسير غريب القرآن: 170]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله (قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين (111)
تفسير (أرجه) أخرّه، ومعناه أخّر أمره ولا تعجل في أمره بحكم فتكون عجلتك حجة عليك.
وفي قوله (أرجه) ثلاثة أوجه قد قرئ بها.
قرأ أبو عمرو: أرجئه وأخاه.
وقرأ جماعة من القراء: أرجه وأخاه، وقرأ بعضهم أرجه وأخاه - بإسكان الهاء.
وفيها أوجه لا أعلمها قرئ بها. يجوز أرجهو وأخاه، وأرجهي.
وأرجئهي، وأرجهو بغير همز. فأمّا من قرأ أرجه بإسكان الهاء فلا يعرفها الحذاق بالنحو، ويزعمون أن هاء الإضمار اسم لا يجوز إسكانها.
وزعم بعض النحويين أن إسكانها جائز.
وقد رويت لعمري في القراءة إلا أن التحريك أكثر وأجود.
وزعم أيضا هذا أن هاء التأنيث يجوز إسكانها وهذا لا يجوز.
واستشهد في هذا بشعر مجهول، قال أنشدني بعضهم:
لمّا رأى أن لا دعه ولا شبع مال إلى أرطاة حقف فاضطجع
وهذا شعر لا يعرف قائله ولا هو بشيء، ولو قاله شاعر مذكور لقيل أخطأت، لأنّ الشاعر قد يجوز أن يخطئ.
وأنشد أيضا آخر أجهل من هذا وهو قوله:
لست إذن لزغبله..=. إن لم أغيّر بكلتي
إن لم أساو بالطول.
فجزم الهاء في زغبله، وجعلها هاء، وإنما هي تاء في الوصل.
وهذا مذهب لا يعرج عليه). [معاني القرآن: 2/365-366]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: (قالوا أرجئه وأخاه) [آية: 111]
قال قتادة أي احبسه
والمعروف عند أهل اللغة أن يقال أرجأت الأمر إذا أخرته
ومن قرأ {أرجه وأخاه} ففي قراءته قولان:
أصحهما أنها لغة وإن كانت ليست مشهورة
والقول الآخر حكي عن أبي العباس قال هو من رجا يرجو أي اتركه يرجو). [معاني القرآن: 3/62-63]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَرْجِهِ} أي أخره). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 86]

تفسير قوله تعالى: (يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (يأتوك بكلّ ساحر عليم (112)
وسحّار جميعا قد قرئ بهما). [معاني القرآن: 2/366]

تفسير قوله تعالى: (وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (إنّ لنا لأجراً) (113) ثواباً وجزاءً، واللام المفتوحة تزاد توكيداً). [مجاز القرآن: 1/225]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إنّ لنا لأجراً} أي جزاء من فرعون). [تفسير غريب القرآن: 170]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (قال نعم وإنّكم لمن المقرّبين (114)
أي لكم مع الأجر المنزلة الرفيعة عندي). [معاني القرآن: 2/366]

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إمّا أن تلقي وإمّا أن نّكون نحن الملقين...}
أدخل (أن) في (إما) لأنها في موضع أمر بالاختيار. فهي في موضع نصب في قول القائل: اختر ذا أو ذا؛ ألا ترى أن الأمر بالاختيار قد صلح في موضع إمّا.
فإن قلت: إن (أو) في المعنى بمنزلة (إمّا وإمّا) فهل يجوز أن يقول يا زيد أن تقوم أو تقعد؟ قلت: لا يجوز ذلك؛ لأن أول الاسمين في (أو) يكو خبرا يجوز السكوت عليه، ثم تستدرك الشكّ في الاسم الآخر، فتمضى الكلام على الخبر؛ ألا ترى أنك تقول: قام أخوك، وتسكت، وإن بدا لك قلت: أو أبوك، فأدخلت الشكّ، والاسم الأول مكتفٍ يصلح السكوت عليه. وليس يجوز أن تقول: ضربت إمّا عبد الله وتسكت. فلمّا آذنت (إمّا) بالتخيير من أول الكلام أحدثت لها أن. ولو وقعت إمّا وإمّا مع فعلين قد وصلا باسم معرفة أو نكرة ولم يصلح الأمر بالتمييز في موقع إمّا لم يحدث فيها أن؛ كقول الله تبارك وتعالى: {وآخرون مرجون لأمر الله إمّا يعذّبهم وإمّا يتوب عليهم} ألا ترى أن الأمر لا يصلح ها هنا، فلذلك لم يكن فيه أن. ولو جعلت (أن) في مذهب (كي) وصيّرتها صلة لـ (مرجون) يريد أرجئوا أن يعذبوا أو يتاب عليهم، صلح ذلك في كل فعل تامّ، ولا يصلح في كان وأخواتها ولا في ظننت وأخواتها. من ذلك أن تقول آتيك إما أن تعطى وإما أن تمنع. وخطأ أن تقول: أظنك إما أن تعطى وإما أن تمنع، ولا أصبحت إما أن تعطى وإما أن تمنع. ولا تدخلنّ (أو) على (إما) ولا (إما) على (أو). وربما فعلت العرب ذلك لتآخيهما في المعنى على التوهّم؛ فيقولون: عبد الله إما جالس أو ناهض،
ويقولون: عبد الله يقوم وإما يقعد. وفي قراءة أبيّ: (وإنا وإيّاكم لإمّا على هدى أو في ضلال) فوضع أو في موضع إما. وقال الشاعر:

فقلت لهن امشين إمّا نلاقه =كما قال أو نشف النفوس فنعذرا
وقال آخر:

فكيف بنفس كلما قلت أشرفت =على البرء من دهماء هيض اندمالها
تهاض بدارٍ قد تقادم عهدها =وإمّا بأمواتٍ ألمّ خيالها
فوضع (وإمّا) في موضع (أو). وهو على التوهم إذا طالت الكلمة بعض الطول أو فرقت بينهما بشيء هنالك يجوز التوهم؛ كما تقول: أنت ضارب زيدٍ ظالما وأخاه؛ حين فرقت بينهما بـ (ظالم) جاز نصب الأخ وما قبله مخفوض. ومثله {يا ذا القرنين إمّا أن تعذّب وإمّا أن تتّخذ فيهم حسناً} وكذلك قوله: {إمّا أن تلقي وإمّا أن نّكون أوّل من ألقى}). [معاني القرآن: 1/390]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (سحروا أعين الناس) (115) أي غشّوا أعين الناس وأخذوها.
(واسترهبوهم) (115) وهو من الرهبة مجازه: خوفوهم). [مجاز القرآن: 1/225]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {واسترهبوهم}: أرهبوهم). [تفسير غريب القرآن: 170]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (قال ألقوا فلمّا ألقوا سحروا أعين النّاس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم (116)
(واسترهبوهم).
أي استدعوا رهبتهم حتى رهبهم الناس). [معاني القرآن: 2/366]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {واسترهبوهم} [آية: 116]
أي استدعوا منهم الرهبة). [معاني القرآن: 3/63]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2 محرم 1432هـ/8-12-2010م, 02:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 117 إلى 141]


{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122) قَالَ فِرْعَوْنُ آَمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123) لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124) قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (125) وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِآَيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126) وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127) قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129) وَلَقَدْ أَخَذْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130) فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (131) وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آَيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139) قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (140) وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (141)}

تفسير قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {تلقف ما يأفكون...}
و{تلقّف}: يقال لقفت الشيء فأنا ألقفه لقفا، يجعلون مصدره لقفانا، وهي في التفسير: تبتلع). [معاني القرآن: 1/390]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({تلقف ما يأفكون} أي تلهم ما يسحرون ويكذبون أي تلقمه). [مجاز القرآن: 1/225]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({تلقف}: تلتهم وتلقم). [تفسير غريب القرآن: 170]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله {وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون}
وتلقف مخففة ومثقلة، يقال لقفت الشيء ألقفه.
ومعنى قوله (يأفكون): أي يأتون بالإفك وهو الكذب، وذلك أنهم زعموا أن حبالهم وعصيهم حيات فكذبوا في ذلك، وإنما قيل إنهم جعلوا الزئبق وصوّروها بصور الحيّات، فاضطرب الزئبق لأنه لا يستقر.
وقوله: {يخيّل إليه من سحرهم أنّها تسعى} فلمّا ألقى موسى عصاه بلعت عصيهم وحبالهم.
قال الشاعر:
أنت عصا موسى التي لم تزل = تلقف ما يأفكه السّاحر
هذا البيت أنشد لأبي عبيدة، وزعم التوزي صاحب أبي عبيدة أنّه لا يعرفه. وهو صحيح في المعنى). [معاني القرآن: 2/366-367]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فإذا هي تلقف ما يأفكون}
ومعنى {تلقف}: تلتهم.
قال أبو حاتم: وبلغني في بعض القراءات (تلقم) بالميم والتشديد.
وقال خارجة: قرأ الحسن (تلقم) بفتح القاف.
قال مجاهد: معنى {ما يأفكون} ما يكذبون أي به، وكذبهم أنهم يجعلون الحبال حيات.
ويجوز أن يكون فماذا تأمرون جوابا من فرعون للملأ حين قالوا {إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم فقال فرعون فماذا تأمرون}
ويجوز أن يكون الملأ قالوا هذا لفرعون ومن يخصه
قال مجاهد: معنى {فوقع الحق}: فظهر.
ومعنى {أفرغ علينا صبرا}: أنزل علينا صبرا يشملنا). [معاني القرآن: 3/63-64]

تفسير قوله تعالى: {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فوقع الحقّ...}
معناه: أن السحرة قالوا: لو كان ما صنع موسى سحرا لعادت حبالنا وعصينّا إلى حالها الأولى، ولكنها فقدت. فذلك قوله (فوقع الحق): فتبين الحق من السحر). [معاني القرآن: 1/391]

تفسير قوله تعالى: {فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119)}

تفسير قوله تعالى: {وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120)}

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121)}

تفسير قوله تعالى: (رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122) )

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فِرْعَوْنُ آَمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {آمنتم به...}
يقول: صدّقتموه. ومن قال: (آمنتم له) يقول: جعلتم له الذي أراد). [معاني القرآن: 1/391]

تفسير قوله تعالى: {لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ثمّ لأصلّبنّكم...}
مشدّدة، و(لأصلبنّكم) بالتخفيف قرأها بعض أهل مكة. وهو مثل قولك: قتلت القوم وقتّلتهم؛ إذا فشا القتل جاز التشديد). [معاني القرآن: 1/391]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (125)}

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِآَيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أفرع علينا} أنزل علينا). [مجاز القرآن: 1/225]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وما تنقم منّا إلاّ أن آمنّا بآيات ربّنا لمّا جاءتنا ربّنا أفرغ علينا صبراً وتوفّنا مسلمين}
وقال: {وما تَنقِمُ منّا}، وقال بعضهم {وما تَنْقَمُ منّا} وهما لغتان "نَقَمَ يَنْقِمُ" و"نَقِمَ يَنْقَمُ" وبها نقرأ. أي بالأولى). [معاني القرآن: 2/15]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({أفرغ علينا صبرا}: أنزل). [غريب القرآن وتفسيره: 149]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({أفرغ علينا صبراً} أي صبّه علينا). [تفسير غريب القرآن: 170]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله جلّ وعز: {وما تنقم منّا إلّا أن آمنّا بآيات ربّنا لمّا جاءتنا ربّنا أفرغ علينا صبرا وتوفّنا مسلمين}
يقال نقمت أنقم، ونقمت أنقم، الأجود نقمت أنقم والقراءة ما تنقم وهي أفصح اللغتين.
وقوله: {ربّنا أفرغ علينا صبرا} أي، يشتمل علينا.
وقوله: {وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتّل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنّا فوقهم قاهرون}
ويقرأ (وإلاهتك) ويجوز (ويذرك وآلهتك).
فمن نصب " (ويذرك) ردّه على جواب الاستفهام بالواو، المعنى أيكون منك أن تذر موسى، وأن يذرك.
ومن قال (ويذرك) جعلة مستأنفا، يكون المعنى: أتذر موسى وهو يذرك وآلهتك.
والأجود أن يكون معطوفا على (أتذر) فكون أتذر موسى وأيذرك موسى.
أي أتطلق هذا له.
وأمّا من قرأ وآلهتك، فإنّ المعنى أن فرعون كانت له أصنام يعبدها قومه تقربا إليه). [معاني القرآن: 2/367]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَفْرِغْ}: ثبت). [العمدة في غريب القرآن: 136]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ويذرك وآلهتك...}
لك في (ويذرك) النصب على الصرف؛ لأنها في قراءة أبيّ (أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض وقد تركوك أن يعبدوك) فهذا معنى الصرف. والرفع لمن أتبع آخر الكلام أوّله؛ كما قال الله عز وجل: {من ذا الذي يقرض اللّه قرضاً حسناً فيضاعفه} بالرفع. وقرأ ابن عباس (وإلاهتك) وفسّرها: ويذرك وعبادتك؛ وقال: كان فرعون يعبد ولا يعبد). [معاني القرآن: 1/391]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({الملأ من قوم فرعون}: أشرافهم ووجوههم.
وكذلك الملأ من قومه [في كل موضع] ). [تفسير غريب القرآن: 171]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ويذرك وآلهتك}
وقرأ ابن عباس (إلاهتك) وقال معناه وعبادتك؛ لأن فرعون كان يعبد ولا يعبد.
وقال من احتج لهذه القراءة: الدليل على أنه كان يعبد ولا يعبد أنه قال (ما علمت لكم من إله غيري)
ومن قرأ (وآلهتك) فإنه يذهب إلى جهتين:
إحداهما: أنه يعني بالآلهة ههنا من كان يطيعه فرعون كما قيل في قول الله تعالى: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله} أنهم ما عبدوهم ولكن أطاعوهم فصار تمثيلا.
والجهة الأخرى أن سليمان التيمي قال: بلغني أن فرعون كان يعبد البقر.
قال التيمي: فقلت للحسن: هل كان فرعون يعبد شيئا؟ فقال: نعم إن كان ليعبد شيئا قد جعله الله في عنقه
وقال إسماعيل: قول فرعون {أنا ربكم الأعلى} يدل على أنهم كانوا يعبدون شيئا غيره.
وقد يكون معنى {وآلهتك} أنها آلهة يأمرهم بعبادتها). [معاني القرآن: 3/64-66]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128)}
تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا...}
قال: فأما الأذى الأوّل فقتله الأبناء واستحياؤه النساء. ثم لمّا قالوا له: أنذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض قال: أعيد على أبنائهم القتل واستحي النساء كما كان فعل. وهو أذى بعد مجيء موسى). [معاني القرآن: 1/391]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({قال عسى ربّكم} وعسى من الله عز وجل في كل القرآن أجمع واجبة). [مجاز القرآن: 1/225]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربّكم أن يهلك عدوّكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون}
"عسى" طمع وإشفاق، إلا أن ما يطمع اللّه فيه فهو واجب، وهو معنى قول المفسرين: إن عسى من اللّه واجب.
ومعنى: {فينظر كيف تعملون} أي يرى ذلك بوقوع منكم، لأن اللّه جلّ وعزّ لا يجازيهم على ما يعلمه منهم من خطيئاتهم التي يعلم أنهم عاملوها لا محالة، إنما يجازيهم على ما وقع منهم). [معاني القرآن: 2/367]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز قالوا: {أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا}
قال مجاهد: أي من قبل أن ترسل إلينا.
وقال غيره: الأذى الذي لحقهم من قبل أن يرسل إليهم قتل أبنائهم، والأذى الذي لحقهم بعد أن فرعون قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم). [معاني القرآن: 3/66]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولقد أخذنا آل فرعون بالسّنين...}
أخذهم بالسنين: القحط والجدوبة عاما بعد عام). [معاني القرآن: 1/392]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولقد أخذنا آل فرعون بالسّنين} مجازه ابتليناهم بالجدوب في آل فرعون أهل دين فرعون وقومه). [مجاز القرآن: 1/225]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({أخذنا آل فرعون بالسنين}: بالجدوب يقال: أصابتهم سنة إذا أصابهم جدب). [غريب القرآن وتفسيره: 149]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أخذنا آل فرعون بالسّنين} بالجدب. يقال: أصابت الناس سنة: أي جدب). [تفسير غريب القرآن: 171]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ولقد أخذنا آل فرعون بالسّنين ونقص من الثّمرات لعلّهم يذّكّرون}
السنين في كلام العرب الجدوب، يقال مستهم السّنة، ومعناه جدب السنة وشدّة السنة ونقص الثمرات.
{لعلّهم يذّكّرون}.
إنما أخذوا بالضراء لأن أحوال الشدة ترق القلوب وترغب فيما عند اللّه وفي الرجوع إليه، ألا ترى إلى قوله جلّ وعزّ: {وإذا مسّكم الضّرّ في البحر ضلّ من تدعون إلّا إيّاه}، وقال جل وعز: {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسّه الشّرّ فذو دعاء عريض}). [معاني القرآن: 2/368]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين}
قال مجاهد: أي بالجوائح.
وهذا معروف في اللغة أن يقال أصابتهم سنة أي جدب، وتقديره سنة جدب ثم حذف.
ثم قال جل وعز: {ونقص من الثمرات}
قال مجاهد: أي دون ذلك.
ثم قال جل وعز: {لعلهم يذكرون} أي يعتبرون بما أصابهم). [معاني القرآن: 3/66-67]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({بِالسِّنِينَ} أي بالجدب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 86]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({بالسِّنِينَ}: بالحرث
{آلَ فِرْعَونَ}: قومه). [العمدة في غريب القرآن: 136-137]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (131)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه...}
والحسنة ها هنا الخفض.
وقوله: {لنا هذه} يقولون: نستحقّها {وإن تصبهم سيّئةٌ} يعني الجدوبة (يّطّيروا) يتشاءموا (بموسى) كما تشاءمت اليهود بالنبيّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فقالوا: غلت أسعارنا وقلّت أمطارنا مذ أتانا). [معاني القرآن: 1/392]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ألا إنّما طائرهم عند الله} مجازه: إنما طائرهم، وتزاد ألا للتنبيه والتوكيد، ومجاز طائرهم: حظهم ونصيبهم). [مجاز القرآن: 1/226]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فإذا جاءتهم الحسنة} يعني الخصب. قالوا لنا هذه أي هذا ما كنا نعرفه وما جرينا على اعتياده.
{وإن تصبهم سيّئةٌ} أي قحط {يطّيّروا بموسى} قالوا: هذا بشؤمه.
{ألا إنّما طائرهم عند اللّه} لا عند موسى). [تفسير غريب القرآن: 171]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا * مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}.
الحسنة هاهنا: الخصب والمطر. يقول: إن أصابهم خصب وغيث قالوا: هذا من عند الله.
والسيئة: الجدب والقحط. يقول: وإن تصبهم سيئة يقولوا: هذه من عندك. أي بشؤمك، يقول الله تعالى: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}.
ومثل هذا قوله حكاية عن فرعون وملئه: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ} يريد إذا جاءهم الخصب والمطر قالوا: هذا هو ما لم نزل نتعرّفه.
{وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ} أي يتشاءمون بهم.
{أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} أي ما تطيّروا بموسى- لمجيئه- من عند الله). [تأويل مشكل القرآن: 391](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيّئة يطّيّروا بموسى ومن معه ألا إنّما طائرهم عند اللّه ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} أي إذا جاءهم الخصب قالوا أعطينا هذا باستحقاق.
{(وإن تصبهم سيّئة} أي جدب أو ضر.
{يطّيّروا بموسى ومن معه} المعنى: يتطيّروا. فأدغمت التاء في الطاء، لأنهما من مكان واحد من طرف اللسان وأصول الثنايا.
وتفسير قوله: (يطّيّروا): يتشاءموا، وإنما قالت العرب الطيرة ويتطير فيما يكرهون، على ما اصطلحوا عليه بينهم، جعلوا ذلك أمرا يتشاءمون به فقال عزّ وجلّ: {ألا إنّما طائرهم عند اللّه} ، المعنى: ألا إنما الشؤم الذي يلحقهم هو الذي وعدوا به في الآخرة لا ما ينالهم في الدنيا، وقال بعضهم: " طائرهم " حظهم، والمعنى واحد). [معاني القرآن: 2/368-369]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه}
قال مجاهد: الحسنة ههنا العافية والرخاء لنا هذه أي بحق أصابتنا.
وقال غير مجاهد: أي كذا العادة أن يصيبنا الخير.
ثم قال جل وعز: {وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه}
قال مجاهد: السيئة ههنا البلاء، ومعنى يطيروا يتشاءموا.
ثم قال جل وعز: {ألا إنما طائرهم عند الله}
قال مجاهد: ألا إنما طائرهم عند الله؛ أي إنما الشؤم فيما يلحقهم يوم القيامة مما وعدوا به من الشر.
ثم قال جل وعز: {ولكن أكثرهم لا يعلمون} أي هم غافلون عن هذا). [معاني القرآن: 3/67-68]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فَإِذَا جَاءَتْهُمْ الْحَسَنَةُ} أي الخصب.
{وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} أي قحط. {يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى} ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 86]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آَيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقالوا مهما تأتنا به من آيةٍ لّتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين}
وقال: {وقالوا مهما تأتنا به من آيةٍ} لأن {مهما} من حروف المجازاة وجوابها {فما نحن}). [معاني القرآن: 2/15]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فأرسلنا عليهم الطّوفان} السيل العظيم. وقيل: الموت الكثير الذريع، وطوفان الليل: شدة سواده. وقال الراجز:
وعمّ طوفان الظلام الأثأبا).
[تفسير غريب القرآن: 171]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (مهما
مهما: هي بمنزلة «ما» في الجزاء. قال الله تعالى: {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آَيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ}، أي ما تأتنا به من آية.
وقال الخليل في مهما: هي (ما) أدخلت معها (ما) لغوا كما أدخلت مع (متى) لغوا، تقول: متى تأتني آتك، ومتى ما تأتني آتك. وكما أدخلت مع (ما) أيّ لغوا، كقوله: {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} أي أيّا تدعوا.
قال: ولكنهم استقبحوا أن يكرروا لفظا واحدا فيقولوا: (ما، ما) فأبدلوا الهاء من الألف التي في الأولى.
هذا قول الخليل.
وقال سيبويه: وقد يجوز أن تكون (مه) ضم إليها (ما) ). [تأويل مشكل القرآن: 532]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين}
زعم بعض النحويين أن أصل "مهما": ما تأتنا به، ولكن أبدل من الألف الأولى الهاء، ليختلف اللفظ، فما الأولى هي ما الجزاء، وما الثانية هي التي تزاد تأكيدا للجزاء، ودليل النحويين على ذلك إنّه ليس شيء من حروف الجزاء إلا و " ما ".. تزاد فيه، قال اللّه جلّ ثناؤه: {فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد بهم من خلفهم} كقولك إن تثقفهم في الحرب فشردهم.
وقوله: {وإما تعرضنّ عنهم} أيضا وهذا في كتاب الله كثير.
وقالوا: جائز أن تكون "مه" بمعنى الكف)، كما تقول مه أي أكفف.
وتكون "ما" الثانية للشرط والجزاء، كأنهم قالوا واللّه أعلم - أكفف ما تأتينا به من آية.
والتفسير الأول هو الكلام وعليه استعمال الناس.
وهذا ليس فيما فيه من التفسير شيء لأنه يخل اختلاف هذين التفسيرين بمعنى الكلام.
وقوله: {فأرسلنا عليهم الطّوفان والجراد والقمّل والضّفادع والدّم آيات مفصّلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين}
قال الأخفش: الطوفان جمع طوفانه.
وقيل في التفسير إن الطوفان المطر الذي يغرق من كثرته.
قال الله جلّ وعزّ في قصة نوح: (فأخذهم الطّوفان وهم ظالمون).
وقيل الطوفان الموت العظيم.
وقوله: (والقمّل).
قال فيه أبو عبيدة: هو الحنمان؛ صغار القردان.
واختلف في تفسيره فقال بعضهم هي دواب أصغر من القمل.
(والدّم).
قيل إن اللّه جلّ وعزّ: جعل ماءهم دما، فكان الإسرائيلي يستقي الماء عذبا صافيا، فإذا أخذه القبطى تحوّل دما صافيا.
وقوله: {آيات مفصّلات} أي إن بعضها منفصل من بعض، ويقال إنه كان بين الآية والآية ثمانية أيّام، وأرسلت عليهم الضفادع تدخل في ثيابهم وفي طعامهم.
و(آيات) منصوب على الحال، وهي العلامات). [معاني القرآن: 2/369-370]

تفسير قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فأرسلنا عليهم الطّوفان...}
أرسل الله عليهم السماء سبتا فلم تقلع ليلا ونهارا، فضاقت بهم الأرض من تهدّم بيوتهم وشغلهم عن ضياعهم، فسألوه أن يرفع عنهم، فرفع فلم يتوبوا، فأرسل الله عليهم (الجراد) فأكل ما أنبتت الأرض في تلك السنة. وذاك أنهم رأوا من غبّ ذلك المطر خصبا لم يروا مثله قطّ، فقالوا: إنما كان هذا رحمة لنا ولم يكن عذابا. وضاقوا بالجراد فكان قدر ذراع في الأرض، فسألوه أن يكشف عنهم ويؤمنوا، فكشف الله عنهم وبقي لهم ما يأكلون، فطغوا به وقالوا (لن نؤمن لك) فأرسل الله عليهم (القمل) وهو الدّبى الذي لا أجنحة له، فأكل كلّ ما كان أبقى الجراد، فلم يؤمنوا فأرسل الله (الضفادع) فكان أحدهم يصبح وهو على فراشه متراكب، فضاقوا بذلك، فلمّا كشف عنهم لم يؤمنوا، فأرسل الله عليهم (الدم) فتحوّلت عيونهم وأنهارهم دما حتى موّتت الأبكار، فضاقوا بذلك وسألوه أن يكشفه عنهم فيؤمنوا، فلم يفعلوا، وكان العذاب يمكث عليهم سبتا، وبين العذاب إلى العذاب شهر، فذلك قوله: {آياتٍ مّفصّلاتٍ} ثم وعد الله موسى أن يغرق فرعون، فسار موسى من مصر ليلا. وبلغ ذلك فرعون فأتبعه - يقال في ألف ألف ومائة ألف سوى كتيبته التي هو فيها، ومجنّبتيه - فأدركهم هو وأصحابه مع طلوع الشمس. فضرب موسى البحر بعصاه فانفرج له فيه اثنا عشر طريقا. فلمّا خرجوا تبعه فرعون وأصحابه في طريقه، فلما كان أوّلهم يهمّ بالخروج وآخرهم في البحر أطبقه الله تبارك وتعالى عليهم فغرّقهم. ثم سأل موسى أصحابه أن يخرج فرعون ليعاينوه، فأخرج هو وأصحابه، فأخذوا من الأمتعة والسلاح ما اتخذوا به العجل). [معاني القرآن: 1/392-393]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({الطّوفان} مجازه من السيل: البعاق والدّباش وهو دباش شديد سيله، ومن الموت الذريع المبالغ السريع.
{والقمّل} عند العرب هو الحمنان، والحمنان: ضرب من الفردان واحدتها حمنانة). [مجاز القرآن: 1/226]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فأرسلنا عليهم الطّوفان والجراد والقمّل والضّفادع والدّم آياتٍ مّفصّلاتٍ فاستكبروا وكانوا قوماً مّجرمين}
وقال: {الطّوفان} فواحدتها في القياس "الطوفانة". قال الشاعر:
* غير الجدّة من آياتها خرق الرّيح وطوفان المطر *
وهي من "طاف" "يطوف"). [معاني القرآن: 2/15-16]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({القمل}: الدبا). [غريب القرآن وتفسيره: 149]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({آياتٍ مفصّلاتٍ} بين الآية والآية فصل ومدّة). [تفسير غريب القرآن: 171]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فأرسلنا عليهم الطوفان}
قال عطاء: (الطوفان): الموت.
وقال مجاهد: هو الموت على كل حال.
وقال قتادة: سال عليهم الماء حتى قاموا قياما فسألوا موسى أن يدعو الله أن يكشفه ففعل.
وقال الضحاك: جاءهم من المطر شيء كثير فسألوا موسى أن يدعو الله أن يكشفه عنهم ويرسلوا معه بني إسرائيل، فدعا الله فكشفه عنهم وأمرعت البلاد وأخصبت، فعادوا ولم يرسلوا معه بني إسرائيل فصب الله على زرعهم الجراد فأكله، فسألوا موسى فدعا الله فكشف ذلك عنهم ثم عادوا.
قال أبو جعفر: "الطوفان" في اللغة: ما كان مهلكا من موت أو سيل أي ما يطيف بهم فيهلكهم
قال مجاهد: أرسل الله عليهم الجراد فأكل مسامير أرتجتهم وثيابهم، وأرسل عليهم القمل وهو الدبى فكان يدخل في ثيابهم وفرشهم
وقال عكرمة: (القمل): الجنادب بنات الجراد.
وقال حبيب بن أبي ثابت: (القمل) الجعلان.
و(القمل) عند أهل اللغة: ضرب من القردان.
قال أبو الحسن الأعرابي العدوي: القمل دواب صغار من جنس القردان إلا أنها أصغر منه، واحدتها قملة.
وليس هذا بناقض لما قاله أهل التفسير؛ لأنه يجوز أن تكون هذه الأشياء كلها أرسلت عليهم وهي كلها تجتمع في أنها تؤذيهم.
قال مجاهد: كانوا يجدون الدم في ثيابهم وشرابهم وطعامهم.
ومعنى {آيات مفصلات} بعضها منفصل عن بعض بين كل واحدة منهم مدة
يروى أنه بين الآية والآية ثمانية أيام). [معاني القرآن: 3/68-71]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الطُّوفَانَ} السيل العظيم، وقيل: الموت الكثير.
{وَالْقُمَّلَ} الذر.
{آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ} أي متفرقة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 86]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْقُمَّلَ}: الصغار من الجراد). [العمدة في غريب القرآن: 137]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({الرّجز} مجازه: العذاب.
{بما عهد عندك} مجازه: أوصاك وأعلمك). [مجاز القرآن: 1/227]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({والرّجز}: العذاب). [تفسير غريب القرآن: 171]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الرِّجْزُ: العذاب. قال الله تعالى- حكاية عن قوم فرعون: {لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ} أي العذاب.
ثم قد يسمّى كيد الشيطان: رجزا، لأنّه سبب العذاب. قال الله تعالى: {وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ} ). [تأويل مشكل القرآن: 471]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ولمّا وقع عليهم الرّجز قالوا يا موسى ادع لنا ربّك بما عهد عندك لئن كشفت عنّا الرّجز لنؤمننّ لك ولنرسلنّ معك بني إسرائيل}
و(الرجز) اسم للعذاب.
{قالوا يا موسى ادع لنا ربّك بما عهد عندك لئن كشفت عنّا الرّجز لنؤمننّ لك ولنرسلنّ معك بني إسرائيل} وكانوا قد أخذوا بني إسرائيل بالكد الشديد حتى قالوا لموسى: {أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا}.
فيقال إنهم كانوا يستعملون بنى إسرائيل في تلبين اللّبن، وكان فرعون وأصحابه من القبط يفعلون ذلك ببني إسرائيل، فلما بعث موسى أعطوهم اللّبن يلبّنونه، ومنعوهم التبن ليكون ذلك أشق عليهم). [معاني القرآن: 2/370-371]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولما وقع عليهم الرجز}
وقرأ سعيد بن جبير ومجاهد (الرجز).
قال مجاهد: وهو العذاب.
{قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك} ، قال أبو عبيدة: بما أوصاك وأعلمك.
{لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل} يروى أنهم كدوهم في العمل.
قال مجاهد إلى أجل هم بالغوه إلى عدة مسماة من أيامهم فأغرقناهم في اليم وهو البحر). [معاني القرآن: 3/72-72]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {فلمّا كشفنا عنهم الرّجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون}
وهو البحر، وكذلك هو في الكتب الأول). [معاني القرآن: 2/371]

تفسير قوله تعالى: {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({في اليمّ} أي في البحر، قال: كباذخ اليمّ سقاه اليمّ). [مجاز القرآن: 1/227]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(اليم): البحر). [تفسير غريب القرآن: 171]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليمّ بأنّهم كذّبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين}
{وكانوا عنها غافلين} أي كانوا لا يعتبرون بالآيات التي تنزل بهم). [معاني القرآن: 2/371]

تفسير قوله تعالى: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأورثنا القوم الّذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها...}
فتنصب مشارق ومغارب تريد: في مشارق الأرض وفي مغاربها، وتوقع (وأورثنا) على قوله: {الّتي باركنا فيها}. ولو جعلت (وأورثنا) واقعة على المشارق والمغارب لأنهم قد أورثوها وتجعل (التي) من نعت المشارق والمغارب فيكون نصبا، وإن شئت جعلت (التي) نعتا للأرض فيكون خفضا.
وقوله: (وما ظلمونا) يقول: وما نقصونا شيئا بما فعلوا، ولكن نقصوا أنفسهم. والعرب تقول: ظلمت سقاءك إذا سقيته قبل أن يمخض ويخرج زبده. ويقال ظلم الوادي إذا بلغ الماء منه موضعا لم يكن ناله فيما خلا؛ أنشدني بعضهم:
يكاد يطلع ظلما ثم يمنعه = عن الشواهق فالوادي به شرق
ويقال: إنه لأظلم من حيّة؛ لأنها تأتي الجحر ولم تحفره فتسكنه. ويقولون: ما ظلمك أن تفعل، يريدون: ما منعك أن تفعل، والأرض المظلومة: التي لم ينلها المطر، وقال أبو الجراح: ما ظلمك أن تفيء، لرجل شكا كثرة الأكل. ويقال صعق الرجل وصعق إذا أخذته الصاعقة، وسعد وسعد ورهصت الدابة ورهصت). [معاني القرآن: 1/397-398]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون} مجازه: يبنون وبعرش ويعرش لغتان، وعريش مكّة: خيامها). [مجاز القرآن: 1/227]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وأورثنا القوم الّذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها الّتي باركنا فيها وتمّت كلمة ربّك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون}
وقال: {وما كانوا يعرشون} و"يعرشون" لغتان وكذلك {نبطش} و"نبطش" و"يحشر" و{يحشر}، و{يعكف} و{يعكف}، و{ينفر} و{ينفر}). [معاني القرآن: 2/16]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({وما كانوا يعرشون}: يبنون والعرش في هذا الموضع البناء). [غريب القرآن وتفسيره: 149]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وما كانوا يعرشون} أي: يبنون، والعروش: البيوت والعروش: السقوف). [تفسير غريب القرآن: 172]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأورثنا القوم الّذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها الّتي باركنا فيها وتمّت كلمت ربّك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون}
يعني بني إسرائيل، وكان منهم داود وسليمان ملكوا الأرض
وقوله: {وتمّت كلمت ربّك الحسنى} يعنى ما وعدهم اللّه به من إهلاك عدوّهم واستخلافهم في الأرض.
(ودمّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون).
و(يعرشون) جميعا. يقال عرش يعرش ويعرش، إذا هو بنى). [معاني القرآن: 2/371]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها}
(القوم) ههنا: بنو إسرائيل، وكان فيهم داود وسليمان عليهما السلام.
قال قتادة: التي بورك فيها الشام.
وقيل: مصر.
ثم قال عز وجل: {وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا}
قيل يعني بالكلمة {عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض}
قال مجاهد في قوله جل وعز: {وما كانوا يعرشون} قال: يبنون البيوت والمساكن). [معاني القرآن: 3/72-73]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَعْرِشُونَ} أي يبنون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 86]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَعْرِشُونَ}: يبنون). [العمدة في غريب القرآن: 137]

تفسير قوله تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وجاوزنا ببني إسرائيل البحر} مجازه: قطعنا.
{يعكفون} أي يقيمون، ويعكفون لغتان). [مجاز القرآن: 1/227]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({يعكفون على أصنامٍ لهم} أي يقيمون عليها معظّمين. كما يقيم العاكفون في المساجد). [تفسير غريب القرآن: 172]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنّكم قوم تجهلون}
ومعنى: {(يعكفون على أصنام لهم} أي يواظبون عليها ويلازمونها، يقال لكل من لزم شيئا وواظب عليه.
عكف يعكف ويعكف. ومن هذا قيل للملازم للمسجد معتكف). [معاني القرآن: 2/371]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ومعنى {يعكفون} يواظبون ويلازمون ومنه قيل اعتكف فلان). [معاني القرآن: 3/73]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَعْكُفُونَ} أي يقيمون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 86]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({متبّرٌ ما هم فيه} أي مبيّتٌ ومهلك). [مجاز القرآن: 1/227]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({إن هؤلاء متبر ما هم فيه}: مهلك والتبار والتباب الهلاك). [غريب القرآن وتفسيره: 150]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({متبّرٌ ما هم فيه} أي مهلك. والتّبار: الهلاك). [تفسير غريب القرآن: 172]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {إنّ هؤلاء متبّر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون}
(متبّر) مهلك ومدمّر، ويقال لكل إناء مكسّر متبّر، وكسارته يقال له التبر). [معاني القرآن: 2/371]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ومعنى {متبر}: مهلك ومدمر ويقال تبرت الشيء إذا كسرته واسم ما انكسر منه التبر). [معاني القرآن: 3/73]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ({إن هؤلاء متبر ما هم فيه} أي: مهلك ما هم فيه، ومدمر عليهم). [ياقوتة الصراط: 230]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مُتَبَّرٌ} أي مُهلَك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 86]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مُتَبَّرٌ}: مهلك). [العمدة في غريب القرآن: 137]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (140)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أبغيكم إلها} أي أجعل لكم). [مجاز القرآن: 1/227]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال أغير اللّه أبغيكم إلها وهو فضّلكم على العالمين}
أي أغير اللّه أطلب لكم إلها: (وهو فضّلكم على العالمين) ). [معاني القرآن: 2/371-372]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {قال أغير الله أبغيكم إلها}
معنى أبغي أطلب ومعنى يسومونكم يولونكم). [معاني القرآن: 3/73]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (141)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وفي ذلكم بلاءٌ من ربّكم} أي في إنجائه إياكم نعمة من اللّه عظيمة). [تفسير غريب القرآن: 172]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وإذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يقتّلون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربّكم عظيم}
المعنى: واذكروا إذ أنجيناكم من آل فرعون.
{يسومونكم سوء العذاب} معنى (يسومونكم) يولونكم). [معاني القرآن: 2/372]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم}
- يجوز أن يكون المعنى وفي إنجائه بني إسرائيل نعمة.
- ويجوز أن يكون المعنى في سومكم بني إسرائيل سوء العذاب بلية عظيمة). [معاني القرآن: 3/73]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2 محرم 1432هـ/8-12-2010م, 02:58 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 142 إلى 155]


{وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142) وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144) وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145) سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (147) وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ (148) وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (149) وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (151) إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (152) وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآَمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (153) وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154) وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155)}

تفسير قوله تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتمّ ميقات ربّه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتّبع سبيل المفسدين}
(وواعدنا موسى) (ووعدنا موسى).
{ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر}
- قيل أمره الله أن يصوم ثلاثين يوما، وأن يعمل فيها بما يقربه إلى اللّه.
- وقيل في العشر أنزلت عليه التوراة وكلّم فيها.
- وقال بعضهم لما صام ثلاثين يوما أنكر خلوف فيه فاستاك بعود خرّوب، فقالت الملائكة إنا كنا نستنشئ من فيك رائحة المسك فأفسدته بالسواك. فزيدت عليه عشر ليال.
وقد قال في موضع آخر: {وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة} فهذا دليل أن المواعدة كانت أربعين ليلة كاملة، واللّه جلّ وعزّ أعلم.
وقوله: {وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي}
يجوز (هارونَ) بالفتح وهو في موضع جر بدلا من أخيه، ويجوز (لأخيه هارونُ) بضم النون، ويكون المعنى: وقال موسى لأخيه، يا هارون {اخلفني في قومي}). [معاني القرآن: 2/372]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر}
قال مجاهد: الثلاثون ذو القعدة والعشر عشر من ذي الحجة.
والفائدة في قوله: {فتم ميقات ربه أربعين ليلة} أنه قد دل على أن العشر ليال وأنها ليست بساعات
- وقيل هو توكيد.
- وقيل هو بمنزلة فذلك أي فليس بعدها شيء يذكر). [معاني القرآن: 3/74]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({جعله دكّاً} أي مستوياً مع وجه الأرض، وهو مصدرٌ جعله صفة، ويقال: ناقة دكّاء أي ذاهبة السّنام مستوٍ ظهرها أملس، وكذلك أرض دكّاء، قال الأغلب: هل غير غارٍ دكّ غاراً فانهدم). [مجاز القرآن: 1/228]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ولمّا جاء موسى لميقاتنا وكلّمه ربّه قال ربّ أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقرّ مكانه فسوف تراني فلمّا تجلّى ربّه للجبل جعله دكّاً وخرّ موسى صعقاً فلمّا أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين}
وقال: {جعله دكّاً} لأنه حين قال: {جعله} كان كأنه قال "دكّه" ويقال: {دكّاء} وإذا أراد ذا فـ[قد] أجري مجرى {وسئل القرية} لأنه يقال: "ناقةٌ دكّاء" إذا ذهب سنامها.
وقال: {فلمّا تجلّى ربّه للجبل} يقول "تجلّى أمره" نحو ما يقول الناس: "برز فلان لفلان" وإنّما برز جنده.
وأمّا قوله: {ربّ أرني أنظر إليك} فإنما أراد علما لا يدرك مثله إلاّ في الآخرة فأعلم الله موسى أن ذلك لا يكون في الدنيا. وقرأها بعضهم {دكّاء} جعله "فعلاء" وهذا لا يشبه أن يكون. وهو في كلام العرب: "ناقةٌ دكّاء" أي: ليس لها سنام. والجبل مذكر إلا أن يكون "جعله مثل دكّاء" وحذف "مثل"). [معاني القرآن: 2/16-17]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({جعله دكا}: مستويا يقال ناقة ذكاء إذا ذهب سنامها واستوى بظهرها). [غريب القرآن وتفسيره: 150]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({تجلّى ربّه} أي ظهر. أو ظهر من أمره ما شاء. ومنه يقال: جلوت العروس: إذا أبرزتها. ومنه يقال: جلوت المرآة والسيف: إذا أبرزته من الصدأ والطبع، وكشفت عنه.
{جعله دكًّا} أي ألصقه بالأرض. يقال: ناقة دكّاء: إذا لم يكن لها سنام. كأنّ سنامها دكّ - أي ألصق - ويقال: إنّ دككت، ودققت فأبدلت القاف فيه كافا. لتقارب المخرجين.
{وخرّ موسى صعقاً} أي مغشيا عليه). [تفسير غريب القرآن: 172]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه عام يراد به خاص:
كقوله سبحانه حكاية عن النبي، صلّى الله عليه وسلم: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}، وحكاية عن موسى: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} ولم يرد كل المسلمين والمؤمنين، لأن الأنبياء قبلهما كانوا مؤمنين ومسلمين، وإنما أراد مؤمني زمانه ومسلميه). [تأويل مشكل القرآن: 281](م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الصّعق: الموت، قال تعالى: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} ، وقال تعالى: {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} أي ميّتا، ثم ردّ الله إليه حياته). [تأويل مشكل القرآن: 501](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({ولمّا جاء موسى لميقاتنا وكلّمه ربّه قال ربّ أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقرّ مكانه فسوف تراني فلمّا تجلّى ربّه للجبل جعله دكّا وخرّ موسى صعقا فلمّا أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أوّل المؤمنين}
(ولمّا جاء موسى لميقاتنا) أي للوقت الذي وقتنا له.
{وكلّمه ربّه} كلم الله موسى تكليما. خصّه اللّه أنه لم يكن بينه وبين الله جل ثناؤه وفيما سمع أحد، ولا ملك أسمعه اللّه كلامه، فلما سمع الكلام {قال ربّ أرني أنظر إليك} أي قد خاطبتني من حيث لا أراك، والمعنى أرني نفسك.
وقوله: (أرني أنظر) مجزوم جواب الأمر.
(قال لن تراني) ولن نفي لما يستقبل.
{ولكن انظر إلى الجبل فإن استقرّ مكانه فسوف تراني}.
{فلمّا تجلّى ربّه للجبل} أي ظهر وبان.
(جعله دكّا).
يجوز "دكّا" بالتنوين، ودكاء بغير تنوين، أي جعله مدقوقا مع الأرض؛ يقال دككت الشيء إذا دققته، أدكه دكّا، والدكّاء والدّكاوات الروابي التي مع الأرض ناشزة عنها، لا تبلغ أن تكون جبلا.
وقوله: {وخرّ موسى صعقا}
(صعقا) منصوب على الحال، وقيل إنه خرّ ميّتا، وقيل خرّ مغشيا عليه.
{فلما أفاق}: ولا يكاد يقال للميت قد أفاق من موته، ولكن للذي غشي عليه والذي يذهب عقله قد أفاق من علته، لأن الله جلّ ثناؤه قال في الذين ماتوا: {ثمّ بعثناكم من بعد موتكم}.
وقوله: {قال سبحانك} أي تنزيها لك من السوء.
جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن قوله " سبحان اللّه " تنزيه للّه من السوء.
وأهل اللغة كذلك يقولون من غير معرفة بما فيه.
عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولكن تفسيره يجمعون عليه.
وقوله: {وأنا أوّل المؤمنين} أي أوّل المؤمنين بأنك لا ترى في الدنيا.
هذا معنى {أرني انظر إليك} إلى آخره الآية، وهو قول أهل العلم وأهل السنة.
وقال قوم: معنى (أرني أنظر إليك)، أرني أمرا عظيما لا يرى مثله في الدنيا مما لا تحتمله بنية موسى، قالوا فأعلمه أنّه لن يرى ذلك الأمر، وأن معنى. {فلمّا تجلّى ربّه للجبل}: تجلى أمر ربّه.
وهذا خطأ لا يعرفه أهل اللغة، ولا في الكلام دليل أن موسى أراد أن يرى أمرا عظيما من أمر اللّه، وقد أراه اللّه من الآيات في نفسه ما لا غاية بعده.
قد أراه عصاه ثعبانا مبينا، وأراه يده تخرج بيضاء من غير سوء وكان أدم، وفرق البحر بعصاه. فأراه من الآيات العظام ما يستغنى به عن أن يطلب أمرا من أمر الله عظيما، ولكن لما سمع كلام الله قال: رب أرني أنظر إليك، سمعت كلامك فأنا أحب أن أراك. فأعلمه الله جل ثناؤه إنّه لن يراه.
ثم أمره الله أن يشكره، فقال: {يا موسى إنّي اصطفيتك على النّاس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشّاكرين}). [معاني القرآن: 2/372-374]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {ولما جاء موسى لميقاتنا} أي للميقات الذي وقتناه له.
{وكلمه ربه} أي خصه بذلك.
وقوله جل وعز: {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا}
- قال قتادة: دك بعضه بعضا.
- وقال عكرمة: إنما هو جعله دكاء من الدكاوات، والتقدير على هذه القراءة: جعله أرضا دكاء؛ وهي الناتئة لا تبلغ أن تكون جبلا.
قال عكرمة: لما نظر الله جل وعز إلى الجبل صار صحراء ترابا.
ثم قال جل وعز: {وخر موسى صعقا} قيل ميتا
وقال سعيد بن عروبة عن قتادة: مغشيا عليه {فلما أفاق قال سبحانك إني تبت إليك}
قال مجاهد: أي تبت من أن أسألك الرؤيا وأنا أول المؤمنين أي أول من آمن أنه لا يراك أحد في الدنيا إلا مات؛ لأن سؤاله كان في الدنيا.
قال قتادة: لما أخذ الألواح فرأى فيها وصف أمة محمد وتقريظهم فقال: يا رب اجعلهم أمتي. فقال: تلك أمة أحمد، فقالك فاجعلني منهم، قال: إنك لن تدركهم، وقال: يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي. فرضي موسى). [معاني القرآن: 3/74-76]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({تَجَلَّى} ظهر. أي ظهر من أمره ما شاء الله عز وجل.
{جَعَلَهُ دَكّاً} أي ألصقه بالأرض). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 87]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({دَكًّا}: مستوياً). [العمدة في غريب القرآن: 137]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({يا موسى إنّي اصطفيتك على النّاس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشّاكرين}
أي اتخذتك صفوة على الناس.
(برسالاتي وبكلامي)
ولو كان إنما تبع كلام غير الله لما قال برسالاتي وبكلامي، لأن الملائكة تنزل إلى الأنبياء بكلام اللّه.
وقوله: {فخذ ما آتيتك وكن من الشّاكرين}). [معاني القرآن: 2/374-375]

تفسير قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ثم أعلم اللّه جل ثناؤه أنّه قد أعطاه من كل شيء يحتاج من أمر الدّين مع ما أراه من الآيات فقال جلّ وعزّ: {وكتبنا له في الألواح من كلّ شيء موعظة وتفصيلا لكلّ شيء فخذها بقوّة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأريكم دار الفاسقين} وقيل في التفسير إنهما كانا لوحين. ويجوز في اللغة أن يقال للوحين ألواح. ويجوز أن يكون ألواح جمع أكثر من اثنين.
وقوله: {فخذها بقوة) أي خذها بقوة في دينك وحجتك.
وقوله: (وأمر قومك يأخذوا بأحسنها).
في هذا وجهان، وهو نحو قوله: (الّذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه) ونحو قوله: (واتّبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربّكم).
فيحتمل وجهين:
أحدهما: أنّهم أمروا بالخير ونهوا عن الشر، وعرفوا ما لهم في ذلك، فقيل {وأمر قومك يأخذوا بأحسنها}
ويجوز أن يكون نحو ما أمرنا به من الانتصار بعد الظلم، ونحو القصاص في الجروح؛ إذ قال: {ولمن صبر وغفر إنّ ذلك لمن عزم الأمور}.
{ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل}
فهذا كله حسن والعفو أحسن من القصاص والصبر أحسن من الانتصار). [معاني القرآن: 2/375]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وكتبنا له في الألواح من كل شيء}
قال سفيان: أي من الحلال والحرام.
ثم قال تعالى: {موعظة وتفصيلا لكل شيء}
قال سعيد بن جبير: أي تفصيلا لما أمروا به ونهوا عنه.
ثم قال جل وعز: {فخذها بقوة} أي بقوة في دينك وحجتك وقيل بجد وعزم
ثم قال جل وعز وأمر قومك يأخذوا بأحسنها} وكلها حسنة
- فقيل المعنى أنهم أمروا أن يأخذوا بما هو أحسن مما هو مطلق لهم وإن لن آتانا جعيعاء مطلقين نحو قوله تعالى: {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} فهذا مباح والعفو أحسن.
- وقيل: بأحسنها بالأحسن منها.
- وقيل: أمروا بشيء وخبروا بما لهم فيه ونهوا عن شيء وخبروا بما عليهم فيه فقيل لهم خذوا بأحسنها
- وقيل: بالناسخ.
ثم قال تعالى: {سأريكم دار الفاسقين}
- قال الحسن: يعني جهنم.
- وقال مجاهد: يعني مصيرهم في الآخرة.
وقرأ قسامة بن زهير (سأورثكم دار الفاسقين)). [معاني القرآن: 3/76-78]

تفسير قوله تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {سأصرف عن آياتي الّذين يتكبّرون في الأرض بغير الحقّ وإن يروا كلّ آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرّشد لا يتّخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغيّ يتّخذوه سبيلا ذلك بأنّهم كذّبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين}
أي اجعل جزاءهم الإضلال عن هداية آياتي.
ومعنى (يتكبّرون) أي أنهم يرون أنهم أفضل الخلق وأن لهم من الحق ما ليس لغيرهم.
وهذه الصفة لا تكون إلّا للّه جلّ ثناؤه خاصة لأن الله تبارك وتعالى هو الذي له القدرة والفضل الذي ليس مثله، وذلك يستحق أن يقال له: المتكبر، وليس لأحد أن يتكبر لأن الناس في الحقوق سواء.
فليس لأحد ما ليس لغيره واللّه جل ثناؤه المتكبر.
أعلم الله أن هؤلاء يتكبرون في الأرض بغير الحق.
وقوله: {وإن يروا كلّ آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرّشد لا يتّخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغيّ يتّخذوه سبيلا}.
وسبيل الغي هو سبيل الضلال، يقال: غوى الرجل يغوي غيّا وهو غاو إذا ضل.
وقوله: {ذلك بأنّهم كذّبوا بآياتنا}.
"ذلك" يصلح أن يكون رفعا، أي إن أمرهم ذلك، ويجوز أن يكون نصبا على معنى فعل اللّه بهم ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا.
(وكانوا عنها غافلين).
"غافلين" يصلح أن يكون -واللّه أعلم- كانوا في تركهم الإيمان بها والنظر فيها والتدبر لها بمنزلة الغافلين.
ويجوز أن يكون (وكانوا) عن جوابها غافلين كما تقول: ما أغفل فلانا عما يراد به). [معاني القرآن: 2/376]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق}
- قال سفيان بن عيينة: أي أمنعهم من كتابي.
- قال أبو إسحاق: المعنى سأجعل جزاءهم على كفرهم الإضلال عن هداية آياتي.
- وقيل: سأصرفهم عن نفعها
- وقيل: عن عزها
ومعنى {يتكبرون}: يحقرون الناس ويرون أن لهم فضلا عليهم ويتكبرون عن الإيمان واتباع النبي صلى الله عليه وسلم
وقوله جل وعز: {وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا}
ويقرأ (سبيل الرشد)، وقرأ عبد الرحمن المقرئ (سبيل الرشاد)
- قال أبو عمرو بن العلاء: (الرشد) الصلاح والرشد في الدين.
- قال غيره: الغي الضلال.
وقوله جل وعز: {ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين}
- ويجوز أن يكونوا في تركهم الإيمان وتدبر الحق بمنزلة الغافلين
- ويجوز أن يكون غافلين عما يجازون به كما يقال ما أغفل فلانا عما يراد به). [معاني القرآن: 3/78-80]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (147)}

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ (148)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {عجلاً جسداً لّه خوارٌ...}
كان جسدا مجوّفا. وجاء في التفسير أنه خار مرة واحدة). [معاني القرآن: 1/393]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({له خوارٌ} أي صوت كخوار البقر إذا خار، وهو يخور). [مجاز القرآن: 1/228]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({واتّخذ قوم موسى من بعده من حليّهم عجلاً جسداً لّه خوارٌ ألم يروا أنّه لا يكلّمهم ولا يهديهم سبيلاً اتّخذوه وكانوا ظالمين}
وقال: {من حليّهم} وقال بعضهم {حليّهم} و{حليهم} {عجلاً جسداً لّه خوارٌ} وقال بعضهم {جوارٌ} وكلٌّ من لغات العرب.
وأمّا قوله: {من حليّهم} بضم الحاء فإنه "فعول" وهي جماعة "الحلي" ومن قال: {حليّهم} في اللغة الأخرى [فـ] لمكان الياء كما قالوا: "قسيّ" و"عصيّ"). [معاني القرآن: 2/17]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({له خوار}: له صوت كما تخور البقرة). [غريب القرآن وتفسيره: 150]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {واتّخذ قوم موسى من بعده من حليّهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنّه لا يكلّمهم ولا يهديهم سبيلا اتّخذوه وكانوا ظالمين}
و (من حليّهم) و(من حليّهم)..
- فمن قرأ (من حليهم) فالحلي اسم لمّا يحسّن به من الذهب والفضة.
- ومن قرأ (من حليهم) بضم الحاء - فهو جمع حلي على حليّ مثل حقو وحقيّ، ومن كسر الحاء فقال - من حليّهم - أتبع الحاء كسر اللام.
ومعنى (من بعده) أي من بعد ما جاء الميقات، وخلفه هارون في قومه.
وكان لهم حلي يجمعونه في أيام زينتهم، وكان للقبة حلى عند بني إسرائيل.
فقال لهم السامري، وكان رجلا مطاعا فيهم ذا قدر، وكانوا قد سألوا موسى أن يجعل لهم إلها يعبدونه كما رأوا قوم فرعون يعبدون الأصنام.
فجمع السامري ذلك الحلي، وهو قولهم: (ولكنّا حمّلنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها) أي ألقيناها.
{فكذلك ألقى السّامريّ} أي وكذلك طرح السّامريّ ما كان عنده من الحلي فصاغه في العجل.
فقال اللّه تعالى: {واتّخذ قوم موسى من بعده من حليّهم عجلا جسدا}.
والجسد هو الذي لا يعقل ولا يميز، إنما معنى الجسد معنى الجثة فقط.
(له خوار): أي له صوت.
وقيل له خوار -بالحاء والجيم- وكلاهما من الصوت، وكان قد عمله.
كما تعمل هذه الآلات التي تصوّت بالخيل، فجعله في بيت وأعلمهم أن إلههم وإله موسى عندي.
ويقال في التفسير إنّه سمع صوته مرة واحدة فقط.
فقال الله عزّ وجلّ: {ألم يروا أنّه لا يكلّمهم ولا يهديهم سبيلا} أي لا يبين لهم طريقا إلى حجة). [معاني القرآن: 2/376-378]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار} أي من بعد ما جاء للميقات
{من حليهم} يقال لما حسن من الذهب والفضة حلي والجمع حلي وحلي.
{عجلا جسدا} أي عجلا جثة أي لا يعقل ولا يميز.
- وقيل لم يكن له رأس إنما كان جسدا فقط، له خوار؛ أي صوت.
قال مجاهد: جمع الحلي فأخذ قبضة من أثر فرس جبريل فرماها عليه). [معاني القرآن: 3/80-81]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ((له خوار) أي: صياح). [ياقوتة الصراط: 230]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({خُوَارٌ}: صوت). [العمدة في غريب القرآن: 138]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (149)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ولمّا سقط في أيديهم...}
من الندامة. ويقال: أسقط لغة. و(سقط في أيديهم) أكثر وأجود. {قالوا لئن لّم يرحمنا ربّنا} نصب بالدعاء (لئن لم ترحمنا ربنا) ويقرأ (لئن لم يرحمنا ربّنا) والنصب أحبّ إليّ؛ لأنها في مصحف عبد الله (قالوا ربّنا لئن لم ترحمنا) ). [معاني القرآن: 1/393]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ولّما سقط في أيديهم} يقال لكل من ندم وعجز عن شئ ونحو ذلك: سقط في يد فلان). [مجاز القرآن: 1/228]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ولمّا سقط في أيديهم ورأوا أنّهم قد ضلّوا قالوا لئن لّم يرحمنا ربّنا ويغفر لنا لنكوننّ من الخاسرين}
وقال: {ولمّا سقط في أيديهم} وقال بعضهم {سقط} وكل جائز والعرب تقول: "سقط في يديه" و{أسقط في أيديهم}). [معاني القرآن: 2/17]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({ولما سقط في أيديهم}: ندموا). [غريب القرآن وتفسيره: 150]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ولمّا سقط في أيديهم} أي ندموا. يقال: سقط في يد فلان: إذا ندم). [تفسير غريب القرآن: 172]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ولمّا سقط في أيديهم ورأوا أنّهم قد ضلّوا قالوا لئن لم يرحمنا ربّنا ويغفر لنا لنكوننّ من الخاسرين}
يقال للرجل النادم على ما فعل الخسر على ما فرط منه، قد سقط في يده وأسقط، وقد رويت سقط في القراءة، فالمعنى: ولما سقط الندم في أيديهم، كما تقول للذي يحصل على شيء - وإن كان مما لا يكون في اليد - قد حصل في يده من هذا مكروه، تشبّه ما يحصل في القلب وفي النفس بما يرى بالعين). [معاني القرآن: 2/378]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا}
يقال للنادم المتحير سقط في يديه وأسقط.
و يقرأ (ولما سَقَطَ في أيديهم): أي ولما سقط الندم في أيديهم). [معاني القرآن: 3/81-82]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ((ولما سقط في أيديهم) أي: ندموا عندما فعلوا.
قال أبو عبد الله: ومنه قوله تعالى: (لم يروا أنه لا يكلمهم) أي: عاب العجل بذلك، وهذا دليل على أن الله يتكلم، ولم يزل متكلماً، لأنه لا يكون هو بصفة ما عاب). [ياقوتة الصراط: 231]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (و{سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} ندموا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 87]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({سُقِطَ فَي أَيْدِيهِمْ}: ندموا). [العمدة في غريب القرآن: 138]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أعجلتم أمر ربّكم...}
تقول: عجلت الشيء: سبقته، وأعجلته استحثثته.
وقوله: {وألقى الألواح} ذكر أنهما كانا لوحين. وجاز أن يقال الألواح للاثنين كما قال {فإن كان له إخوةٌ} وهما أخوان وكما قال {إن تتوبا إلى اللّه فقد صغت قلوبكما} وهما قلبان.
وقوله تبارك وتعالى: {قال ابن أمّ} يقرأ (ابن أمّ، وأمّ) بالنصب والخفض، وذلك أنه كثر في الكلام فحذفت العرب منه الياء. ولا يكادون يحذفون الياء إلا من الاسم المنادى يضيف المنادي إلى نفسه، إلاّ قولهم: يا بن عمّ يا بن أمّ. وذلك أنه يكثرا استعمالهما في كلامهم. فإذا جاء مالا يستعمل أثبتوا الياء فقالوا: يا بن أبى، ويا ابن أخي، ويا بن خالتي، فأثبتوا الياء. ولذلك قالوا: يا بن أمّ، ويا بن عمّ فنصبوا كما تنصب المفرد في بعض الحالات، فيقال: حسرتا، ويا ويلتا، فكأنهم قالوا: يا أمّاه، ويا عمّاه. ولم يقولوا ذلك في أخ، ولو قيل كان صوابا. وكان هارون أخاه لأبيه وأمّه. وإنما قال له (يا ابن أم) ليستعطفه عليه.
وقوله: {فلا تشمت بي الأعداء} من أشمت...
- حدّثنا سفيان بن عيينة عن رجل - أظنه الأعرج - عن مجاهد أنه قرأ (فلا تشمت بي) ولم يسمعها من العرب، فقال الكسائيّ: ما أدري لعلهم أرادوا (فلا تشمت بي الأعداء) فإن تكن صحيحة فلها نظائر، العرب تقول فرغت: وفرغت.
فمن قال فرغت قال: أنا أفرغ، ومن قال فرغت قال أنا أفرغ، وركنت وركنت وشملهم شر، وشملهم، في كثير من الكلام.
و(الأعداء) رفع لأن الفعل لهم، لمن قال: تشمت أو تشمت). [معاني القرآن: 1/393-394]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({غضبان أسفاً} من شدة، يقال: أسف وعند وأضم، ومن شدّة الغضب يتأسف عليه أي يتغيظ). [مجاز القرآن: 1/228]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ولمّا رجع موسى إلى قومه غضبان أسفاً قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربّكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجرّه إليه قال ابن أمّ إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظّالمين}
وقال: {ابن أمّ إنّ القوم}. وذلك - والله أعلم - أنه جعله اسما واحدا مثل قولهم "ابن عمّ أقبل" وهذا لا يقاس عليه وقال بعضهم {يا ابن أمي لا تأخذ} وهو القياس ولكن الكتاب ليست فيه ياء فلذلك كره هذا.
وقال الشاعر:
يا ابن أميّ ولو شهدتك إذ تد = عو تميماً وأنت غير مجاب
وقال بعضهم {يا ابن أمّ}، فجعله على لغة الذين يقولون هذا غلام قد جاء "أو جعله اسما واحدا آخره مكسور" مثل "خازباز".
وقال: {وكادوا يقتلونني} فثبتت فيه نونان واحدة للفعل والأخرى للاسم المضمر وإنما ثبتت في الفعل لأنه رفع، ورفع الفعل إذا كان للجميع والاثنين بثبات النون إلا أن نون الجميع مفتوحة ونون الاثنين مكسورة، وقد قال: {أتعدانني أن أخرج} وقد يجوز في هذا الإدغام والإخفاء). [معاني القرآن: 2/17-18]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({غضبان آسفا}: الأسف أشد الغضب). [غريب القرآن وتفسيره: 150]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أسفاً} شديد الغضب. يقال: آسفني فأسفت. أي: أغضبني فغضبت. ومنه قوله: {فلمّا آسفونا انتقمنا منهم}). [تفسير غريب القرآن: 173]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه جمع يراد به واحد واثنان:
كقوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}: واحد واثنان فما فوق.
وقال قتادة في قوله تعالى: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ}-: كان رجل من القوم لا يمالئهم على أقاويلهم في النبي صلّى الله عليه وسلم، ويسير مجانبا لهم، فسماه الله طائفة وهو واحد.
وكان «قتادة» يقول في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ}: هو رجل واحد ناداه: يا محمد، إنّ مدحي زين، وإنّ شتمي شين.
فخرج إليه النبي، صلّى الله عليه وسلم، فقال: «ويلك، ذاك الله جل وعز»، ونزلت الآية.
وقوله سبحانه: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ}، أي أخوان فصاعدا.
قوله سبحانه: {وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ}، جاء في التفسير: أنهما لوحان). [تأويل مشكل القرآن: 282-283](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولمّا رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربّكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجرّه إليه قال ابن أمّ إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظّالمين}
(غضبان) منصوب على الحال، وهو على مثال فعلان، وله فعلى نحو غضبى - لم ينصرف، لأن فيه الألف والنون، كألفي حمراء، والأسف:
الشديد الغضب، قال الله جلّ وعزّ: (فلما آسفونا انتقمنا منهم)، أي فلما أغضبونا.
وقوله: {أعجلتم أمر ربّكم}
يقال عجلت الأمر والشيء سبقته، وأعجلته استحثثته.
(قال ابن أمّ). بالفتح وإن شئت ابن أمّ بالكسر، فمن قال ابن أمّ بالفتح فإنه إنما فتحوا في ابن أمّ وابن عم لكثرة استعمالهم هذا الاسم.
وأن النداء كلام محتمل للحذف فجعلوا " ابن " و " أمّ " شيئا واحدا نحو خمسة عشر.
ومن قال ابن أمّ - بالكسر - فإنه أضافه إلى نفسه بعد أن جعله اسما واحدا، ومن العرب من يقول: يا ابن أمّي بإثبات الياء.
قال الشاعر:
يا ابن أمي ويا شقيق نفسي = أنت خليتني لدهر شديد). [معاني القرآن: 2/378-379]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا}
الأسف الشديد الغضب المغيظ ويكون الحزين
ومعنى {أعجلتم أمر ربكم} أسبقتم ولم تنتظروا أمره ونهيه
ثم قال جل وعز: {وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه}
قال مجاهد: كانت من زمردة خضراء.
قال مجاهد في قوله: {ولا تجعلني مع القوم الظالمين}يعني الذين عبدوا العجل). [معاني القرآن: 3/82-83]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ((غضبان أسفا) أي: ممتلئ غيظاً). [ياقوتة الصراط: 232]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((الأَسِف): أشد الغضب). [العمدة في غريب القرآن: 138]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (151)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {قال رب اغفر لي ولأخي}
أي: اغفر الغضب الذي ألقيت من أجله الألواح، واغفر لأخي ما كان من مساهلته في بني إسرائيل؛ إذ كان ذلك من خشية غضب موسى حين قال: (إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي)
وقيل: إنما استغفر لذنوب كانت قبل هذا الوقت؛ لأن غضبه أيضا كان لله جل وعز، وهارون عليه السلام إنما أخر بني إسرائيل لئلا يتفرقوا ويتحاربوا.
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لم يبق من الألواح إلا سدسها). [معاني القرآن: 3/83]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (152)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {إنّ الّذين اتّخذوا العجل سينالهم غضب من ربّهم وذلّة في الحياة الدّنيا وكذلك نجزي المفترين}
المعنى: اتخذوا العجل إلها.
وقوله: {وذلّة في الحياة الدّنيا} لحقتهم الذلة أنهم رأوا أنهم قد ضلوا وذلّوا، والذلّة هو ما أمروا به من قتل أنفسهم، وقيل إن الذلّة أخذ الجزية، وأخذ الجزية لم يقع في الذين عبدوا العجل، لأن الله جلّ وعزّ تاب عليهم بقتلهم أنفسهم). [معاني القرآن: 2/379]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم}
المعنى: إن الذين اتخذوا العجل (إلها) حذف لعلم السامع.
وقيل معنى {وذلة في الحياة الدنيا} إنها الجزية.
وقيل هو ما أمروا به من أن يقتل بعضهم بعضا، وما رأوه من ضلالهم. قال الله جل وعز: ورأوا أنهم قد ضلوا.
قال أبو جعفر: وهذا القول أصح من الأول؛ لأن الجزية لم تؤخذ منهم، وإنما أخذت من ذريتهم). [معاني القرآن: 3/84]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): (قال أبو عبد الله: وقوله جل وعز {وكذلك نجزي المفترين}
قال يعني: أهل البدع). [ياقوتة الصراط: 232]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآَمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (153)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ولّما سكت عن موسى الغضب} أي سكن لأن كل كافٍ عن شيء فقد سكت عنه أي كف عنه وسكن، ومنه: سكت فلم ينطق). [مجاز القرآن: 1/229]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ولماّ سكت عن مّوسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدًى ورحمةٌ لّلّذين هم لربّهم يرهبون}
وقال: {ولماّ سكت عن مّوسى الغضب} وقال بعضهم {سكن} إلاّ أنّها ليست على الكتاب فتقرأ {سكت} وكلٌّ من كلام العرب.
وقال: {لّلّذين هم لربّهم يرهبون}، كما قال: {إن كنتم للرّؤيا تعبرون} أوصل الفعل باللام.
وقال بعضهم {من أجل ربّهم يرهبون}). [معاني القرآن: 2/18]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({ولما سكت عن موسى الغضب}: سكن). [غريب القرآن وتفسيره: 150]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ولمّا سكت عن موسى الغضب} أي سكن.
{وفي نسختها} أي فيما نسخ منها). [تفسير غريب القرآن: 173]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(اللام) قد تزاد، كقوله سبحانه: {لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}). [تأويل مشكل القرآن: 250]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ولمّا سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للّذين هم لربّهم يرهبون}
يقال: سكت يسكت سكتا؛ إذا هو سكن، وسكت يسكت سكوتا وسكتا؛ إذا قطع الكلام، ويقال: رجل سكّيت بيّن السّكوت والساكوتة إذا كان كثير السكوت، وأصاب فلانا سكّات إذا أصابه داء منعه من الكلام، والسّكيت - بالتخفيف والتشديد - الذي يجيء آخر الخيل.
وروى بعضهم: "ولما سكت عن موسى الغضب" ولا تقرأن به لأنه خلاف المصحف.
قول بعضهم: {ولمّا سكت عن موسى الغضب} معناه: ولمّا سكت موسى عن الغضب، على القلب، كما قالوا: أدخلت القلنسوّة في رأسي.
المعنى أدخلت رأسي في القلنسوة.
والقول الذي معناه (سكن) قول أهل العربية). [معاني القرآن: 2/379]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولما سكت عن موسى الغضب} معناه سكن
قال أبو إسحاق: يقال سكت يسكت سكتا؛ إذا سكن. وسكت يسكت سكوتا وسكتا؛ إذا قطع الكلام.
ومعنى {وفي نسختها} وفيما نسخ منها أي فيها هدى ورحمة.
قال ابن كيسان: {وفي نسختها} فيه قولان:
أحدهما: أنها جددت له في لوحين.
وقيل فيما انـتسخ منها، وكانت قد تكسرت فذهب أكثرها، وانتسخ ما قدر عليه منها، وفي تلك النسخة {هدى} أي بيان {ورحمة} أي ما يدل على ما يوجب الرحمة ولهذا قال {هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون}
- يجوز أن يكون معنى اللام معنى من أجل كما تقول أنا أكرم فلانا لك.
- ويجوز أن يكون المعنى رهبتهم لربهم). [معاني القرآن: 3/85-86]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ({ولما سكت عن موسى الغضب} أي: سكن). [ياقوتة الصراط: 232]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَلَمَّا سَكَتَ} أي سكن). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 87]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({سَكَتَ}: سكن). [العمدة في غريب القرآن: 138]

تفسير قوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {واختار موسى قومه سبعين رجلاً...}
وجاء التفسير: اختار منهم سبعين رجلا. وإنما استجيز وقوع الفعل عليهم إذ طرحت (من) لأنه مأخوذ من قولك: هؤلاء خير القوم، وخير من القوم. فلما جازت الإضافة مكان (من) ولم يتغير المعنى استجازوا أن يقولوا: اخترتكم رجلا، واخترت منكم رجلا.
وقد قال الشاعر:
فقلت له اخترها قلوصا سمينة = وناباً علينا مثل نابك في الحيا
فقام إليها حبتر بسلاحه = فللّه عينا حبترٍ أيّما فتى
وقال الراجز:
* تحت الذي اختار له الله الشجو *
وقوله: {أتهلكنا بما فعل السّفهاء منّا} وذلك أن الله تبارك وتعالى أرسل على الذين معه - وهم سبعون - الرجفة، فاحترقوا، فظنّ موسى أنهم أهلكوا باتخاذ أصحابهم العجل، فقال: أتهلكنا بما فعل السفهاء منا، وإنما أهلكوا بمسألتهم موسى (أرنا الله جهرة).
وقوله: {ثم اتخذوا العجل} ليس بمردود على قوله: {فأخذتهم الصاعقة} ثم اتخذوا؛ هذا مردود على فعلهم الأوّل. وفيه وجه آخر: أن تجعل (ثم) خبرا مستأنفا. وقد تستأنف العرب بثم والفعل الذي بعدها قد مضى قبل الفعل الأوّل؛ من ذلك أن تقول للرجل: قد أعطيتك ألفا ثم أعطيتك قبل ذلك مالا؛ فتكون (ثم) عطفا على خبر المخبر؛ كأنه قال: أخبرك أني زرتك اليوم، ثم أخبرك أني زرتك أمس.
وأمّا قول الله عزّ وجلّ: {خلقكم من نفسٍ واحدةٍ ثم جعل منها زوجها} فإن فيه هذا الوجه؛ لئلا يقول القائل: كيف قال: خلقكم ثم جعل منها زوجها والزوج مخلوق قبل الولد؟ فهذا الوجه المفسّر يدخل فيه هذا المعنى. وإن شئت جعلت (ثم) مردودة على الواحدة؛ أراد - والله أعلم - خلقكم من نفس وحدها ثم جعل منها زوجها، فيكون (ثم) بعد خلقه آدم وحده. فهذا ما في ثم. وخلقة ثمّ أن يكون آخر. وكذلك الفاء. فأمّا الواو فإنك إن شئت جعلت الآخر هو الأوّل والأوّل الآخر. فإذا قلت: زرت عبد الله وزيدا، فأيهما شئت كان هو المبتدأ بالزيارة، وإذا قلت: زرت عبد الله ثم زيدا، أو زرت عبد الله فزيدا كان الأوّل قبل الآخر، إلا أن تريد بالآخر أن يكون مردودا على خبر المخبر فتجعله أوّلا). [معاني القرآن: 1/395-396]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({واختار موسى قومه سبعين رجلاً} مجازه: اختار موسى من قومه.
ولكن بعض العرب يجتازون فيحذفون من، قال العجاج:
تحت التي اختار له الله الشّجر
أي تحت الشجرة التي اختار له الله من الشجر). [مجاز القرآن: 1/229]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({واختار موسى قومه سبعين رجلاً لّميقاتنا فلمّا أخذتهم الرّجفة قال ربّ لو شئت أهلكتهم مّن قبل وإيّاي أتهلكنا بما فعل السّفهاء منّا إن هي إلاّ فتنتك تضلّ بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت وليّنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين}
وقال: {واختار موسى قومه سبعين رجلاً} أي: اختار من قومه، فلما نزع "من" عمل الفعل. وقال الشاعر:
منا الذي اختير الرجال سماحةً = وجوداً إذا هبّ الرّياح الزعازع
وقال آخر:
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به = فقد تركتك ذا مالٍ وذا نشب
وقال النابعة:
نبّئت زرعة والسفاهة كاسمها = يهدي إليّ أوابد الأشعار). [معاني القرآن: 2/18-19]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({واختار موسى قومه} أي اختار من قومه. فحذف «من» والعرب تقول: اخترتك القوم. أي اخترتك من القوم). [تفسير غريب القرآن: 173]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن ذلك حذف الصفات...
وقوله: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا}. أي اختار منهم.
وقال العجّاج:
تحت الذي اختار له الله الشّجر
أي اختار له من الشجر). [تأويل مشكل القرآن: 229]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلمّا أخذتهم الرّجفة قال ربّ لو شئت أهلكتهم من قبل وإيّاي أتهلكنا بما فعل السّفهاء منّا إن هي إلّا فتنتك تضلّ بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت وليّنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين}
معناه {واختار موسى من قومه} وكان موسى اختار من اثني عشر سبطا من كل سبط ستة رجال، فبلغوا اثنين وسبعين رجلا فخفّف منهم رجلين.
ومعنى اختار قومه، اختار من قومه فحذفت " من " ووصل الفعل فنصب.
يقال اخترت من الرجال زيد واخترت الرجال زيدا.
وأنشدوا:
ومنا الذي اختار الرجال سماحة = وجودا إذا هب الرياح الزعازع
وقوله: {فلمّا أخذتهم الرّجفة} وهي الحركة الشديدة والزلزلة الشديدة.
يقال إنه رجف بهم الجبل فماتوا فقال: {قال ربّ لو شئت أهلكتهم من قبل وإيّاي} أي: لو شئت أمتّهم من قبل أن تأتيهم بما أوجب عليهم الرجفة). [معاني القرآن: 2/379-380]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا}
أي: ممن لم يعبدوا العجل والمعنى من قومه.
ثم قال جل وعز: {فلما أخذتهم الرجفة}
- قال مجاهد: أميتوا ثم أحيوا.
والرجفة في اللغة: الزلزلة الشديدة. ويروى أنهم زلزلوا حتى ماتوا.
- قال ابن عباس: إنما أخذتهم الرجفة لأنهم لم ينهوا من عبد العجل ولم يرضوا عبادته.
{قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي} أي أمتهم كما قال تعالى: {إن امرؤ هلك}
قال ابن كيسان: أي لو شئت أهلكتهم من قبل لأنهم أذنبوا بأنهم لم ينهوا من عبد العجل، وإياي بذنبي حين قتلت القبطي فقد رحمتنا ولم تهلكنا بذنوبنا نحن أفتهلكنا بذنوب السفهاء الذين عبدوا العجل وأنت متفضل علينا بالعفو قبل هذا.
قال أبو جعفر: حقيقة المعنى لست تهلكنا وألف الاستفهام تدل على هذا المعنى في كثير من المواضع كما تقول ما أنا أفعل مثل هذا أي لست أفعله إن هي إلا فتنتك تضل بها أي بالفتنة من تشاء أن تبتليه فتجعله عاصيا). [معاني القرآن: 3/86-88]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2 محرم 1432هـ/8-12-2010م, 03:06 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 156 إلى 170]

(وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159) وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (160) وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (161) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ (162) وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167) وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170) )

تفسير قوله تعالى: (وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (إنّا هدنا إليك) (155) مجازه: إنا تبنا إليك هو من التهويد في السير ترفق به وتعرج وتمكث). [مجاز القرآن: 1/229]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({واكتب لنا في هذه الدّنيا حسنةً وفي الآخرة إنّا هدنا إليك قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كلّ شيءٍ فسأكتبها للّذين يتّقون ويؤتون الزّكاة والّذين هم بآياتنا يؤمنون}
وقال: {ورحمتي وسعت كلّ شيءٍ} أي: وسعت كل من يدخل فيها لا تعجز عن من دخل فيها، أو يكون يعني الرحمة التي قسمها بين الخلائق يعطف بها بضعهم على بعض حتى عطف البهيمة على ولدها). [معاني القرآن: 2/19]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (156- {هدنا إليك}: تبنا إليك). [غريب القرآن وتفسيره: 151]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (156 - {إنّا هدنا إليك} أي تبنا إليك. ومنه: {ومن الّذين هادوا} [سورة المائدة آية: 41] كأنهم رجعوا عن شيء إلى شيء). [تفسير غريب القرآن: 173]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ويكون كتب بمعنى جعل، كقوله: {كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ} [المجادلة: 22].
وقوله: {فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 53]. وقال: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الأعراف: 156]). [تأويل مشكل القرآن: 462-463] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (واكتب لنا في هذه الدّنيا حسنة وفي الآخرة إنّا هدنا إليك قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كلّ شيء فسأكتبها للّذين يتّقون ويؤتون الزّكاة والّذين هم بآياتنا يؤمنون (156)
(إنّا هدنا إليك).
معناه تبنا إليك.
(ورحمتي وسعت كلّ شيء).
أي كل ما خلقته فبرحمتي وفضلي يعيش، فمعناه ورحمتي وسعت كل شيء في الدنيا.
وقوله عزّ وجلّ: (فسأكتبها للذين يتقون).
في الآخرة، أي أجازيهم بها في الآخرة). [معاني القرآن: 2/380]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (140 - وقوله عز وجل: {واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك} [آية: 156]
قال مجاهد وأبو العالية وقتادة في قوله تعالى: {إنا هدنا إليك قالوا تبنا}
141 - ثم قال جل وعز: {قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء} [آية: 156]
قال الحسن وقتادة وسعت البر والفاجر في الدنيا وهي للتقي خاصة يوم القيامة
142 - وقوله جل وعز: {فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة} [آية: 156]
روى حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كتبها الله جل وعز لهذه الأمة). [معاني القرآن: 3/88-89]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (156- {هُدْنَا إِلَيْكَ} أي تبنا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 87]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (156- {هُدْنَـا}: تبنا). [العمدة في غريب القرآن: 138]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (157 - {الّذي يجدونه مكتوباً عندهم} أي يجدون اسمه مكتوبا، أو ذكره.
{ويحرّم عليهم الخبائث} فكل خبيث عند العرب فهو محرّم.
{ويضع عنهم إصرهم} أي الثّقل الذي كان بنو إسرائيل ألزموه.
وكذلك {الأغلال} هي الفرائض المانعة لهم من أشياء رخّص فيها لأمة محمد صلّى اللّه عليه وعلى آله.
{عزّروه}: عظّموه.
(الأسباط): القبائل. واحدها سبط).[تفسير غريب القرآن: 173]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله سبحانه: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 157]. الإصر: الثُّقْلُ الذي ألزمه الله بني إسرائيل في فرائضهم وأحكامهم، ووضعه عن المسلمين، ولذلك قيل للعهد: إِصْر.
قال تعالى: {وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي} [آل عمران: 81] أي عهدي، لأن العهد ثقل ومنع من الأمر الذي أخذ له.
والأغلال: تحريم الله عليهم كثيرا مما أطلقه لأمّة محمد، صلّى الله عليه وسلم، وجعله أغلالا لأن التحريم يمنع كما يقبض الغلّ اليد، فاستعير.
قال أبو ذؤيب:
فليس كعهد الدّار يا أمّ مالك = ولكن أحاطت بالرّقاب السّلاسل
وعاد الفتى كالكهل ليس بقائل = سوى العدل شيئا فاستراح العواذل
يقول: ليس الأمر كعهدك إذ كنا في الدّار ونحن نتبَسَّط في كل شيء ولا نتوقَّى، ولكن أسلمنا فصرنا من موانع الإسلام في مثل الأغلال المحيطة بالرِّقاب القابضة للأيدي). [تأويل مشكل القرآن: 148-149] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله عزّ وجلّ: (الّذين يتّبعون الرّسول النّبيّ الأمّيّ الّذي يجدونه مكتوبا عندهم في التّوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحلّ لهم الطّيّبات ويحرّم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال الّتي كانت عليهم فالّذين آمنوا به وعزّروه ونصروه واتّبعوا النّور الّذي أنزل معه أولئك هم المفلحون (157)
الأمّيّ: هو على خلقة الأمّة، لم يتعلم الكتاب فهو على جبلّته.
وقوله: (الّذي يجدونه مكتوبا عندهم في التّوراة والإنجيل).
وهذا أبلغ في الاحتجاج عليهم لأنه إخبار بما في كتبهم.
والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يكتب ولا قرأ التوراة والإنجيل، ولا عاشر أهلهما فإتيانه بما فيهما من آيات الله العظام.
ومحال أن يجيء مدّع إلى قوم فيقول لهم ذكري في كتابكم، وليس ذلك فيه. وذكره قد أنبأ من آمن من أهل الكتاب به.
وقوله: (يأمرهم بالمعروف).
يجوز أن يكون (يأمرهم) مستأنفا.
وقوله: (ويحلّ لهم الطّيّبات).
أي يحل لهم ما حرّم عليهم من طيبات الطّعام.
ويجوز (ويحلّ لهم الطّيّبات) أي ما أخذ من وجهه طيّبا.
(ويحرّم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم).
والإصر ما عقدته من عقد ثقيل.
(والأغلال الّتي كانت عليهم)
والأغلال تمثيل، ألا ترى أنك تقول: جعلت هذا طوقا في عنقك.
وليس هناك طوق، وإنما تأويله أني قد ولّيتك هذا وألزمتك القيام به، فجعلت لزومه لك كالطوق في عنقك.
والأغلال التي كانت عليهم: - كان عليهم أنه من قتل قتل، لا يقبل في ذلك دية، وكان عليهم إذا أصاب جلودهم شيء من البول أن يقرضوه، وكان عليهم ألا يعملوا في السبت. فهذه الأغلال التي كانت عليهم.
وقوله: (فالّذين آمنوا به).
أي بمحمد - صلى الله عليه وسلم -.
(وعزّروه ونصروه).
اختلف أهل اللغة في معنى قوله: (وعزّروه) وقوله: عزرت فلانا أعزره وأعزره عزرا، قال بعضهم: معنى عزرته رددته، وقال بعضهم معنى عزرته أغثته، وقال بعضهم: يقال عزرت الرجل أعزره إذا لمته، ويقال عزّرت فلانا، قال بعضهم عزّرت فلانا نصرته، وقال بعضهم منعت منه.
فالمعنى: (فالّذين آمنوا به وعزّروه ونصروه) معنى عزّروه منعوا أعداءه من الكفر به.
وقال بعضهم: عزّروه بمعنى نصروه، والمعنى قريب لأن منع الأعداء منه نصرته.
ومعنى عزّرت فلانا إذا ضربته ضربا دون الحدّ، يمنعه بضربه إياه عن معاودة مثل عمله.
وقوله: عزّرته رددته يجوز أن يكون منه التعزيز، أي فعلت به ما يردّه عن المعصية.
وقوله: (واتّبعوا النّور الّذي أنزل معه).
أي واتبعوا الحقّ الذي بيانه في القلوب كبيان النور في العيون). [معاني القرآن: 2/381-382]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (143 - وقوله جل وعز: {الذين يتبعون الرسول النبي الأمي} [آية: 157]
الأمي الذي لا يكتب
وقيل نسب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أم القرى وهي مكة
الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل فكان هذا من براهينه صلى الله عليه وسلم لأنه خبرهم بما في كتابهم
فيجوز أن يكون يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر بما هو مكتوب عندهم
ويجوز أن يكون مستأنفا
ويحل لهم الطيبات
يجوز أن يكون الحلال
ويجوز أن يكون ما حرم عليهم من الطعام
{ويحرم عليهم الخبائث} العرب تقول لكل حرام خبيث
{ويضع عنهم إصرهم}
قال سعيد بن جبير الإصر شدة العبادة
وروي عن مجاهد فيه قولان:
روى عنه ابن أبي نجيح أنه قال كانوا قد شدد عليهم في أشياء فمن أسلم وآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم خفف عنه
وروى موسى بن قيس عنه أنه قال هي عهود كانت عليهم
والقولان متقاربان أي ما يثقل عليهم
وكذلك الأغلال التي كانت عليهم إنما هو تمثيل أي أشياء قد كلفوها وضمنوها فهي بمنزلة الأغلال
ويروى أن أحدهم كان إذا أصاب جلده بول وجب عليه أن يقطعه وإذا قتل رجل رجلا لم يكن بد من قتله ولا تؤخذ منه دية
144 - ثم قال جل وعز: {فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه} [آية: 157] وقيل معنى وعزروه وعظموه
وقيل ومنعوا منه أعداء والمعاني متقاربة
واتبعوا النور الذي أنزل معه بمنزلة النور في البيان). [معاني القرآن: 3/89-91]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (ويضع عنهم إصرهم) اْْلإصر: الثقل في كل شيء من الكلام والفعال والدين). [ياقوتة الصراط: 232]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (157- {الْخَبَائِثَ} المحرمات.
{إِصْرَهُمْ} الثقل الذي ألزموه أنفسهم.
{عَزَّرُوهُ} عظموه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 87]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) )
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال: {فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته} [آية: 158]
قال مجاهد معنى يؤمن بالله وكلمته يؤمن بالله وبعيسى
وقال غيره الكلمة والكلام ههنا واحد). [معاني القرآن: 3/91-92]

تفسير قوله تعالى: (وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (ومن قوم موسى أمّة يهدون بالحقّ وبه يعدلون (159)
أي يدعون الناس إلى الهداية بالحق.
(وبه يعدلون).
أي وبالحق يحكمون). [معاني القرآن: 2/382]

تفسير قوله تعالى: (وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (160) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وقطّعناهم اثنتي عشرة...}
فقال: اثنتي عشرة والسبط ذكر لأن بعده أمم، فذهب التأنيث إلى الأمم. ولو كان (اثني عشر) لتذكير السبط كان جائزا). [معاني القرآن: 1/397]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (أسباطاً) الأسباط (159) قبائل بنى إسرائيل واحدهم سبط يقال: من أي سبط أنت، أي من أي قبيلة وجنس.
قال أبو عبيدة: (فانبجست) (159) أي انفجرت). [مجاز القرآن: 1/230]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (المنّ) شيء يسقط على الشجر.
(والسّلوى) (12) طائر يظنون أنه السّمّاني، والسماني أيضاً مخفف، وله موضع آخر لكل شيء سلا عن غيره، ومنه السلوان قال:
لو أشرب السّلوان ما سليت
وعلى التخفيف: (سماني لبادي)، تقول الصبيان إذا نصبوا له يستدرجونه: سماني لبادي أي يلبد بالأرض أي لا يبرح). [مجاز القرآن: 1/229-230]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقطّعناهم اثنتي عشرة أسباطاً أمماً وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بّعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عيناً قد علم كلّ أناسٍ مّشربهم وظلّلنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المنّ والسّلوى كلوا من طيّبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}
وقال: {اثنتي عشرة أسباطاً} أراد اثنتي عشرة فرقة ثم أخبر أن الفرق أسباط ولم يجعل العدد على الأسباط). [معاني القرآن: 2/19]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (160- {الأسباط}: القبائل وكل سبط قبيلة.
160- (انبجست): انفجرت يقال للرجل يستخرج العين قد بجسها). [غريب القرآن وتفسيره: 151]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (160 - {فانبجست} أي انفجرت. يقال: انبجس الماء، كما يقال: تفجر). [تفسير غريب القرآن: 173]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (وقطّعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كلّ أناس مشربهم وظلّلنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المنّ والسّلوى كلوا من طيّبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (160)
(وقطّعناهم اثنتي عشرة أسباطا)
ويجوز عشرة- بكسر الشين - المعنى قطعناهم اثنتي عشرة فرقة أسباطا
من نعت " فرقة " كأنه قال: جعلناهم أسباطا وفرقناهم أسباطا فيكون أسباطا بدلا من اثنتي عشرة. وهو الوجه.
وقوله: (أمما) من نعت (أسباطا).
قال بعضهم: " السّبط القرن الذي يجئ بعد قرن، والصحيح أن الأسباط في ولده إسحاق بمنزلة القبائل في ولد إسماعيل " فولد كل من ولد من أولاد يعقوب سبط وولد كل من ولده من ولد إسماعيل قبيلة.
وإنما سمّي هؤلاء بالأسباط، وهؤلاء بالقبائل، ليفصل بين ولد إسماعيل وولد إسحاق.
ومعنى القبيلة من ولد إسماعيل معنى الجماعة يقال لكل جماعة من ولد قبيلة وكذلك يقال لكل جمع على شيء واحد:
قبيل، قال اللّه جلّ وعزّ: (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم).
فأما الأسباط فهو مشتق من السّبط، والسّبط ضرب من الشجر تعلفة الإبل، ويقال للشجرة لها قبائل.
فكذلك الأسباط من السّبط. كأنه جعل إسحاق بمنزلة شجرة، وجعل إسماعيل بمنزلة شجرة.
وكذلك يفعل النسابون في النسب يجعلون الوالد بمنزلة الشّجرة ويجعلون الأولاد بمنزلة أغصانها، ويقال: طوبى لطرح فلان، وفلان من شجرة صالحة - فهذا - واللّه أعلم - معنى الأسباط والسّبط). [معاني القرآن: 2/382-383]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (145 - وقوله جل وعز: {وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما} [آية: 160]
الأسباط الفرق والواحد سبط والأسباط في ولد إسحاق صلى الله عليه وسلم بمنزلة القبائل في ولد إسماعيل
والأسباط مأخوذ من السبط وهو شجر تعلفه الإبل
ومعنى فانبجست فانفجرت). [معاني القرآن: 3/92]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (160- {فَانْبَجَسَتْ} أي انفجرت). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 87]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (160- (انبَجَسَتْ): انفجرت
160- {الأَسْبَاط}: القبائل).[العمدة في غريب القرآن: 138]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (161) )

تفسير قوله تعالى: (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ (162) )

تفسير قوله تعالى: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {واسألهم عن القرية الّتي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السّبت...}
والعرب تقول: يسبتون ويسبتون وسبت وأسبت. ومعنى اسبتوا: دخلوا في السبت، ومعنى يسبتون: يفعلون سبتهم. ومثله في الكلام: قد أجمعنا، أي مرّت بنا جمعة، وجمّعنا: شهدنا الجمعة. قال وقال لي بعض العرب: أترانا أشهرنا مذ لم نلتق؟ أراد: مرّ بنا شهر.
{ويوم لا يسبتون} منصوب بقوله: {لا تأتيهم}). [معاني القرآن: 1/398]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (إذ يعدون في السّبت) (162) إذ يتعدّون فيه عما أمروا به ويتجاوزونه (شرّعاً) (162) أي شوارع). [مجاز القرآن: 1/230]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (163- {يعدون في السبت}: يتعدون في السبت ويجوزون الحد). [غريب القرآن وتفسيره: 151]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (163 - {إذ يعدون في السّبت} أي يتعدّون الحق. يقال: عدوت على فلان، إذا ظلمته.
{شرّعاً} أي شوارع في الماء. وهو جمع شارع). [تفسير غريب القرآن: 174]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ ثناؤه: (واسألهم عن القرية الّتي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السّبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرّعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون (163)
السؤال على ضربين، فأحد الضربين أن قال لتستخبر عما لا تعلم لتعلم، والضرب الثاني أن تسأل مستخبرا على وجه التقرير، فتقول للرجل أنا فعلت كذا؛ وأنت تعلم أنك لم تفعل، فإنما تسأله لتقرره وتوبخه.
فمعنى أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسأل أهل الكتاب عن أهل هذه القرية - وقد أخبر الله جلّ ثناؤه بقصتها ليقررهم بقديم كفرهم، وأن يعلمهم ما لا يعلم إلّا بكتاب أو وحى.
(إذ يعدون في السّبت).
أي إذ يظلمون في السبت، يقال أعدا، فلان يعدو عدوانا، وعداء وعدوا، وعدوّا - إذا ظلم.
وقوله: (إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم).
حيتان - جمع حوت، وأكثر ما تسمي العرب السمك الحيتان والنينان.
(إذ يعدون في السّبت)
موضع " إذ " نصب، المعنى سلهم عن عدوهم في السبت، أي سلهم عن وقت ذلك.
(إذ تأتيهم).
في موضع نصب أيضا ب (يعدون).
المعنى سلهم إذ عدوا في وقت الإتيان.
(شرّعا).
أي ظاهرة، وكانت الحيتان تأتي ظاهرة فكانوا يحتالون بحبسها في يوم السبت ثم يأخذونها في يوم الأحد ويقال إنهم جاهروا بأخذها في يوم السبت.
وقوله: (كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون).
أي مثل هذا الاختبار الشديد نختبرهم.
وموضع الكاف نصب بقوله: (نبلوهم بما كانوا يفسقون).
أي شددت عليهم المحنة بفسقهم. ويحتمل - على بعد - أن يكون: ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك أي لا تأتيهم شرعا، ويكون نبلوهم مستأنفة، وذلك القول الأول قول الناس وهو الجيّد). [معاني القرآن: 2/383-385]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (146 - وقوله جل وعز: {واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر} [آية: 163]
أمره أن يسألهم سؤال توبيخ ليقررهم بما يعرفونه من عصيان آبائهم ويخبرهم بما لا يعرف إلا من كتاب أو وحي
حدثنا أبو جعفر قال نا محمد بن إدريس قال نا يونس قال أخبرنا ابن وهب وكذا أخبرني حيوة عن عقيل عن ابن شهاب قال القرية التي كانت حاضرة البحر طبرية والقرية التي قال فيها واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إنطاكية
وعن ابن عباس التي كانت حاضرة البحر أيلة
ومعنى يعدون يعتدون ويجاوزون الحق
والشرع الظاهرة
وقرأ الحسن يسبتون أي يدخلون في السبت
مثل أهللنا ومن فتح الباء قال معناه يعظمون السبت
كما كانوا يعظمونه هذا قول الكلبي وأبي عبيدة
قال مجاهد كانت الحيتان تأتيهم يوم السبت من غير أن يطلبوها ابتلاء من الله جل وعز لهم أي اختبارا). [معاني القرآن: 3/92-94]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (163- {يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} أي يتعدون.
{شُرَّعاً} أي شوارع، ظاهرة في الماء). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 87]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (163- {يَعْدُونَ}: يتعدون).[العمدة في غريب القرآن: 139]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قالوا معذرةً...}
إعذارا فعلنا ذلك. وأكثر كلام العرب أن ينصبوا المعذرة. وقد آثرت القراء رفعها. ونصبها جائز. فمن رفع قال: هي معذرة كما قال: {إلا ساعة من نهارٍ بلاغ}). [معاني القرآن: 1/398]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( (وإذ قالت أمّة منهم لم تعظون قوما اللّه مهلكهم أو معذّبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربّكم ولعلّهم يتّقون (164)
الأصل لما، ولكن الألف تحذف مع حروف الجر نحو لم وعم وبم.
قال الله تعالى: (فبم تبشّرون)، (عم يتساءلون).
ومعنى الآية أنهم لاموهم في عظة قوم يعلمون أنهم غير مقلعين.
هذا الأغلب عليهم في العلم بهم.
(اللّه مهلكهم أو معذّبهم عذابا شديدا).
ومعنى (أو) - واللّه أعلم - أنهم أخبروهم - على قدر ما رأوا من أعمالهم - أنهم مهلكون في الدنيا أو معذبون في الآخرة لا محالة.
وقوله: (قالوا معذرة إلى ربّكم).
المعنى قالوا موعظتنا إياهم معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون.
فالمعنى أنهم قالوا: الأمر بالمعروف واجب علينا، فعلينا موعظة هؤلاء لعلهم يتقون، أي وجائز عندنا أن ينتفعوا بالمعذرة ويجوز النصب في " معذرة " فيكون المعنى في قوله: (قالوا معذرة إلى ربّكم) على معنى يعتذرون معذرة). [معاني القرآن: 2/385]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (147 - وقوله جل وعز: {وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا} [آية: 164]
معنى أو ههنا لأحد الأمرين أي قد ظهر منهم ما سيلحقهم من أجله أحد هذين
قالوا معذرة إلى ربكم أي موعظتنا معذرة أي إنما يجب علينا أن نأمرهم بالمعروف ولعلهم يرجعون بموعظتنا
فلما نسوا ما ذكروا به أي تركوا أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس
قال ابن عباس ما أدري ما فعل بالفرقة التي لم تأمر ولم تنه
وقال غيره نجيت لأنها لم تشارك كالذين عصوا
قال مجاهد بئيس أليم شديد وهذا معروف في اللغة يقال بؤس فهو يبأس إذا اشتد
ومن قرأ بيس ففيه قولان:
قال الكسائي الأصل فيه بئس خففت الهمزة فالتقت ياءان فحذفت إحداهما وكسر أوله كما يقال رغيف وشهيد
وقيل أراد بئس على فعل فكسر أوله وخففت الهمزة وحذفت الكسرة كما يقال رحم ورحم
قال أبو إسحاق بئيس أي شديد وقد بئس إذا افتقر وبؤس إذا اشتد
قال علي بن سليمان بيس رديء وليس بجار على الفعل أنما هو كما يقال ناقة نضو والعرب تقول جاء ببنات بيس أي ببنات شيء رديء
قال أبو جعفر وفيه قراءات سوى هاتين سنذكرها في الإعراب إن شاء الله). [معاني القرآن: 3/94-96]

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (بعذابٍ بئيسٍ) (164) أي شديد. قال ذو الإصبع العدوانيّ
أان رأيت بني أبي... ك مجمّحين إليك شوسا
حنقاً علىّ وما ترى... لي فيهم أثراً بئيسا).[مجاز القرآن: 1/231]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (165- {بعذاب بئيس}: شديد من البأس). [غريب القرآن وتفسيره: 152]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (165 - {بعذابٍ بئيسٍ} أي شديد). [تفسير غريب القرآن: 174]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: (فلمّا نسوا ما ذكّروا به أنجينا الّذين ينهون عن السّوء وأخذنا الّذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون (165)
(نسوا) يجوز أن يكون في معنى تركوا، ويجوز أن يكون تركهم بمنزلة من نسي.
وقوله: (أنجينا الّذين ينهون عن السّوء وأخذنا الّذين ظلموا بعذاب بئيس).
أي شديد، يقال بئس يبؤس بأسا إذا اشتد، وقيل إنّ القوم كانوا ثلاث فرق، فرقة عملت بالسوء، وفرقة نهت عن السوء، وفرقة أمسكت عن النهي.
وقيل كانوا فرقتين، فرقة نهت عن السوء وفرقة عملت بالسوء، وبعض الفرقة التي فيها من نهى عن السوء مؤمن غير راض بما فعل أهل السّوء فدخلوا في النجاة مع الذين ينهون عن السوء، ونزل العذاب بالذين عدوا في السبت). [معاني القرآن: 2/386]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (بعذاب بئيس) أي: شديد). [ياقوتة الصراط: 232]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (165- {بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} أي شديد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 87]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (165- {بَئِيسٍ}: شديد). [العمدة في غريب القرآن: 139]

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (قردة خاسئين) (165) أي قاصين مبعدين، يقال: خسأته عنى وخسأ هو عني). [مجاز القرآن: 1/231]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (فلمّا عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين (166)
العاتي: الشديد الدخول في الفساد، المتمرد الذي لا يقبل موعظة.
وقوله: (قلنا لهم كونوا قردة خاسئين).
جائز أن يكونوا أمروا بأن يكونوا كذلك بقول سمع، فيكون أبلغ في الآية والنازلة بهم، وجائز أن يكون " فقلنا لهم " من قوله:
(إنّما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون (82).
ومعنى " خاسئين ": أي مبعدين.
وقال قوم: جائز أن تكون هذه القردة المتولّدة أصلها منهم وقال قوم المسخ لا يبقى ولا يتولد، والجملة أنا أخبرنا بأنهم جعلوا قردة، والقردة هي التي نعرفها.
وهي أكثر شيء في الحيوان شبها بابن آدم، واللّه أعلم كيف كان أمرهم بعد كونهم قردة).[معاني القرآن: 2/386-387]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {من يسومهم سوء العذاب...}
الجزية إلى يوم القيامة).[معاني القرآن: 1/398]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (وإذ تأذّن ربّك) (166) مجازه: وتأذن ربك، مجازه: أمر وهو من الإذن وأحلّ وحرّم ونهى). [مجاز القرآن: 1/231]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (167- {وإذا تأذن ربك}: من الإذن). [غريب القرآن وتفسيره: 152]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (167 - {وإذ تأذّن ربّك} أي أعلم. وهو من آذنتك بالأمر.
{من يسومهم سوء العذاب} أي يأخذهم بذلك ويوليهم إيّاه. يقال: سمت فلانا كذا. وسوء العذاب: الجزية التي ألزموها إلى يوم القيامة والذلة، والمسكنة). [تفسير غريب القرآن: 174]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (وإذ تأذّن ربّك ليبعثنّ عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إنّ ربّك لسريع العقاب وإنّه لغفور رحيم (167)
قال بعضهم: تأذّن: تألّى ربك ليبعثن عليهم، وقيل: إن تأذّن أعلم.
والعرب تقول: تعلم أن هذا كذا، في معنى أعلم.
قال زهير:
تعلّم أن شرّ الناس حي... ينادي في شعارهمو يسار
وقال زهير أيضا:
فقلت تعلّم أن للصيد غرة... وإلا تضيعها فإنك قاتله.
وقوله: (ليبعثنّ عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب).
أي من يوليهم سوء العذاب.
فإن قال قائل قد جعلوا قردة فكيف يبقون إلى يوم القيامة؟
فالمعنى أن الذكر لليهود، فمنهم من مسخ، وجعل منهم القردة والخنازير ومن بقي فمعاند لأمر اللّه، فهم مذلّون بالقتل، إلا أن يعطوا الجزية، فهم مذلّون بها وهم في كل مكان أذلّ أهله.
قال الله عزّ وجلّ: (ضربت عليهم الذّلّة أين ما ثقفوا إلّا بحبل من اللّه وحبل من النّاس).
أي إلا أن يعطوا الذمّة والعهد). [معاني القرآن: 2/387-388]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (148 - وقوله جل وعز: {وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب} [آية: 167]
قال أهل التفسير معناه أعلم ربك
وهذا قول حسن لأنه يقال تعلم بمعنى أعلم وأنشد أبو إسحاق لزهير في مثل هذا:
فقلت تعلم إن للصيد غرة = فإن لا تضيعها فإنك قاتله
وروي عن ابن عباس أنه قال في قوله جل وعز: {ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب} قال يعني أخذ الجزية
فإن قيل فهم قد مسخوا فكيف تؤخذ منهم الجزية
فالجواب إنها تؤخذ من أبنائهم وقد مسخوا ولحق أولادهم الذل فهم أذل قوم وهم اليهود
حدثنا أبو جعفر قال نا أحمد بن محمد بن سلامة قال نا عيسى بن إسحاق الأنصاري قال نا يحيى بن عبد الحميد الحماني عن يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد ابن جبير في قول الله تعالى: {وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة} قال العرب من يسومهم سوء العذاب قال الخراج
وقيل عليهم على اليهود بين أنه كان أخبر بذلك). [معاني القرآن: 3/96-97]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (167- {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ} أي أعلم.
{مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} أي يأخذهم بذلك، ويوليهم إياه. و(سوء العذاب) الجزية التي أُلزموها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 87]

تفسير قوله تعالى: (وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (وقطّعناهم في الأرض أمماً) (167) أي فرّقناهم فرقاً). [مجاز القرآن: 1/231]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقطّعناهم في الأرض أمماً مّنهم الصّالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسّيّئات لعلّهم يرجعون}
وقال: {مّنهم الصّالحون ومنهم دون ذالك} لا نعلم أحدا يقرؤها إلاّ نصبا). [معاني القرآن: 2/20]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (168 - {وقطّعناهم في الأرض} أي فرقناهم.
{وبلوناهم بالحسنات والسّيّئات} أي اختبرناهم بالخير والشر، والخصب والجدب). [تفسير غريب القرآن: 174]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ} [الأعراف: 168]، أي اختبرناهم).[تأويل مشكل القرآن: 469]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (149 - ثم قال جل وعز: {وقطعناهم في الأرض أمما} [آية: 168]
أي فرقناهم فرقا
150 - وقوله جل وعز: {وبلوناهم بالحسنات والسيئات} [آية: 168] أي واختبرناهم بالشدة والرخاء والخصب والجدب). [معاني القرآن: 3/97-98]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (168- {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ} أي اختبرناهم بالخير والشر، والخصب والجذب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 88]

تفسير قوله تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فخلف من بعدهم خلفٌ ورثوا الكتاب...}
و{خلف أضاعوا الصلاة} أي قرن، بجزم اللام، والخلف: ما استخلفته، تقول: أعطاك الله خلفا مما ذهب لك، وأنت خلف سوء، سمعته من العرب). [معاني القرآن: 1/399]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (فخلف من بعدهم خلفٌ) (168) ساكن ثاني الحروف، وإن شئت حركت الحرف الثاني وهما في المعنى واحد كما قالوا: أثر وأثر، وقوم يجعلونه إذا سكّنوا ثاني حروفه إذا كانوا مشركين، وإذا حركوه جعلوه خلفاً صالحاً.
(عرض هذا الأدنى) (168) أي طمع هذا القريب الذي يعرض لهم في الدنيا.
(ودرسوا ما فيه) (168) مجازه: من دراسة الكتب ويقال: قد درست إمامي أي حفظته وقرأته، يقال: ادرس على فلان أي اقرأ عليه). [مجاز القرآن: 1/232]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فخلف من بعدهم خلفٌ ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرضٌ مّثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم مّيثاق الكتاب أن لاّ يقولوا على اللّه إلاّ الحقّ ودرسوا ما فيه والدّار الآخرة خيرٌ لّلّذين يتّقون أفلا تعقلون}
وقال: {فخلف من بعدهم خلفٌ} إذا قلت "خلف سوءٍ" و"خلف صدقٍ" فهما سواء. و"الخلف" إنما يريد به الذي بعد ما مضى خلفاً كان منه أو لم يكن خلفاً إنّما يكون يعني به القرن الذي يكون بعد القرن و"الخلف" الذي هو بدل مما كان قبله قد قام مقامه وأغنى غناه. تقول: "أصبت منك خلفا".
وقال: {يأخذون عرض هذا الأدنى} فأضاف "العرض" إلى "هذا" وفسر "هذا" بـ"الأدنى" وكل شيء فهو عرضٌ سوى الدراهم والدنانير فإنها عينٌ. وما كان غير ذلك فهو عرضٌ وأما "العرض" فهو كل شيء عرض لك تقول: "قد عرض له بعدي عرضٌ" أي: "أصابته بليّةٌ وشرّ" وتقول: "هذا عرضةٌ للشرّ" و"عرضةٌ للخير" كلّ هذا تقوله العرب. وقال: {ولا تجعلوا اللّه عرضةً لأيمانكم} وتقول: "أعرض لك الخير" و"عرض لك الخير" وقال الشاعر: [من الكامل وهو الشاهد السابع عشر بعد المائتين]:
أعرفنّك معرضاً لرماحنا = في جفّ تغلب وارد الإمرار
و"العارض" من السحاب: ما استقبلك وهو قول الله عز وجل: {فلمّا رأوه عارضاً} وأما "الحبيّ": فما كان من كل ناحية وتقول: "خذوه من عرض الناس" أي: مما وليك منهم، وكذلك "اضرب به عرض الحائط" أي: ما وليك منه وأما "العرض" و"الطول" فإنه ساكن. وأما قوله [من الطويل وهو الشاهد الثامن عشر بعد المائتين]:
[لهنّ عليهم عادةٌ قد عرفنها] = إذا عرضوا الخطّيّ فوق الكواثب
وأعرضوا فهذا لأن: عرض عرضاً. و: "عرضت عليه المنزل عرضاً" و"عرض لي أمرٌ عرضاً" هذا مصدره. و"العرض من الخير والشرّ": ما أصبت عرضاً من الدنيا فانتفعت به تعني به الخير. و"عرض لك عرض سوءٍ"). [معاني القرآن: 2/20-21]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (169 - {فخلف من بعدهم خلفٌ} والخلف: الرّدئ من الناس ومن الكلام، يقال: هذا خلف من القول). [تفسير غريب القرآن: 174]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على اللّه إلّا الحقّ ودرسوا ما فيه والدّار الآخرة خير للّذين يتّقون أفلا تعقلون (169)
يقال للذي يجئ في أثر قرن خلف.
والخلف ما أخلف عليك بدلا مما أخذ منك، ويقال: في هذا خلف أيضا، فأمّا ما أخلف عليك بدلا مما ذهب منك فهو الخلف بفتح اللام.
وقوله: (ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى).
قيل إنهم كانوا يرتشون على الحكم، ويحكمون بجور، وقيل إنهم كانوا يرتشون ويحكمون بحق، وكل ذلك عرض خسيس.
وقوله: (ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه).
فالفائدة أنهم كانوا يذنبون بأخذهم الرشي، ويقولوا سيغفر لنا من غير أن يتوبوا، لأن قوله: (وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه)
دليل على إصرارهم على الذنب، واللّه جلّ وعزّ وعد بالمغفرة في العظائم التي توجب النار مع التوبة. فقال:
(ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على اللّه إلّا الحقّ ودرسوا ما فيه).
أي فهم ذاكرون لما أخذ عليهم). [معاني القرآن: 2/388]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (151 - وقوله جل وعز: {فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب} [آية: 169]
قال مجاهد يعني النصارى
وقال غيره يعني أبنائهم
قال أبو جعفر وهذا أولى القولين والله أعلم لأنه يقال لولد الرجل خلفه يقال للواحد وللاثنين والجمع والمؤنث على لفظ واحد والجمع خلوف
وقيل إنما يستعمل للردئ من الأبناء
فأما الخلف بتحريك اللام فهو البدل من الشيء من ولد أو غيره
152 - ثم قال جل وعز: {يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا} [آية: 169]
قال ابن عباس رحمه الله يستقبلون الدنيا فيأكلونها ويتأولون كتاب الله هذا معنى قوله تعالى: {وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه}
قال مجاهد يأخذون في يومهم ما كان من حلال أو حرام وإن وجدوا ذلك لغد أخذوه
وقال غيره يأخذون الرشى في الحكم ويقولون سيغفر لنا وهم لا يتوبون
ودل على أنهم لا يتوبون قوله تعالى: {وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه}
والعرض في اللغة متاع الدنيا أجمع
والعرض بتسكين الراء ما كان من المال سوى الدنانير والدراهم وما كان من الدنانير والدراهم قيل له نقد وغيره
ومعنى ودرسوا ما فيه أي قد قرأوه وهم قريبو عهد بقراءته). [معاني القرآن: 3/98-100]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (فخلف من بعدهم خلف) الخلف: الردئ من كل شيء). [ياقوتة الصراط: 233]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (169- {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} أي الردئ من الناس). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 88]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والّذين يمسّكون بالكتاب...}
ويقرأ (يمسكون بالكتاب) ومعناه: يأخذون بما فيه). [معاني القرآن: 1/399]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (والّذين يمسّكون بالكتاب وأقاموا الصّلاة إنّا لا نضيع أجر المصلحين (170)
" الذين " في موضع رفع، وفيها قولان، أعني في (إنّا لا نضيع أجر المصلحين)، قال قوم: إنا لا نضيع أجر المصلحين منهم، وهو الذي نختار؛ لأن كل من كان غير مؤمن وأصلح فأجره ساقط، قال اللّه جلّ وعزّ:
(الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل اللّه أضلّ أعمالهم).
وقال: (وجوه يومئذ خاشعة (2) عاملة ناصبة (3) تصلى نارا حامية (4).
فالمعنى: (والّذين يمسّكون بالكتاب) أي يؤمنون به، ويحكمون بما فيه إنا لا نضيع أجر المصلح منهم والمصلح المقيم على الإيمان المؤدّى فرائضه اعتقادا وعملا، ومثله: (إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملا) أي لا نضيع أجر من أحسن منهم عملا.
وقال قوم: المصلحون لفظ يخالف لفظ الأول، ومعناه معنى الأول فعاد الذكر في المعنى وإن لم يكن عائدا في اللفظ، ولا يجيز هؤلاء زيد قام أبو عمرو. لأن أبا عمرو لا يوجبه لفظ زيد.
فإن قال قائل: المؤمن أنا أكرم من اتقى اللّه، جاز، لأن معنى من اتقى اللّه معنى المؤمن، فقد صار بمنزلة قولك زيد ضربته، لأن الذكر إذا تقدّم فالهاء عائدة عليه، لا محالة، وإن كان لفظها غير لفظه، لأن ضمير الغائب لا يكون إلا هاء في النصب). [معاني القرآن: 2/388-389]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (153 - ثم قال تعالى: {والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المحسنين} [آية: 170]
معنى يمسكون بالكتاب يتبعون ما فيه ويحكمون به
إنا لا نضيع أجر المحسنين أي من أصلح منهم وآمن ولم يعاند). [معاني القرآن: 3/100]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 2 محرم 1432هـ/8-12-2010م, 03:16 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 171 إلى 188]

(وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171) وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177) مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178) وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180) وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (181) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (184) أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186) يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (187) قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) )

تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإذ نتقنا الجبل...}
رفع الجبل على عسكرهم فرسخا في فرسخ. (نتقنا): رفعنا. ويقال: امرأة منتاق إذا كانت كثيرة الولد). [معاني القرآن: 1/399]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (وإذ نتقنا الجبل فوقهم) (170) أي رفعنا فوقهم، وقال العجّاج:
ينتق أقتاد الشّليل نتقا
أي يرفعه عن ظهره، وقال رؤبة:
ونتقوا أحلامنا الأثاقلا). [مجاز القرآن: 1/232]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (171- {وإذ نتقنا الجبل فوقهم}: زعزعناه وحركناه. قال الشاعر:
ونتقوا أحلامنا الأثاقلا
وقال بعضهم علقناه فوقهم رفعناه. وامرأة منتاق إذا كانت كثيرة الولد. ونتق ما في الجراب إذا نثره). [غريب القرآن وتفسيره: 153]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (171 - {وإذ نتقنا الجبل} أي زعزعناه. ويقال: نتقت السّقاء: إذا نفضته لتقتلع الزبدة منه. وكان نتق الجبل أنّه قطع منه شيء على قدر عسكر موسى فأظل عليهم. وقال لهم موسى: أما أن تقبلوا التوراة إما أن يسقط عليكم). [تفسير غريب القرآن: 174]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (154 - وقوله جل وعز: {وإذا نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة} [آية: 171]
يقال نتقت الشيء أنتقه نتقا ونتوقا إذا زعزعته ورميت به أو قطعته منه امرأة ناتق أي كثيرة الولد كأنها ترمي بالأولاد
ويقال نتقت السقاء إذا نقضته لتخرج ما فيه من الزبد
قال قتادة رفع الجبل على رؤوسهم وقال لهم موسى إن قبلتم ما في الكتاب وإلا سقط عليكم
ومعنى بقوة بجد). [معاني القرآن: 3/100-101]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (وإذ نتقنا الجبل) أي: رفعناه). [ياقوتة الصراط: 233]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (171- {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ} أي زعزعناه وقلعناه.
وقيل: قطع منه قطعة على قدر عسكر موسى صلى الله عليه وسلم فأظلَ عليهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 88]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (171- {نَتَقنا}: علقنا). [العمدة في غريب القرآن: 139]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (وإذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذرّيّتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنّا كنّا عن هذا غافلين (172)
موضع (إذ) نصب. المعنى واذكر (إذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم).
(من ظهورهم) بدل من قوله: (من بني آدم) المعنى وإذ أخذ ربك ذريتهم وذرياتهم جميعا.
وقوله: (وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى).
قال بعضهم: خلق اللّه الناس كالذّر من صلب آدم، وأشهدهم على توحيده، وهذا جائز أن يكون جعل لأمثال الذّر فهما تعقل به أمره.
كما قال:
(قالت نملة يا أيّها النّمل ادخلوا مساكنكم)
وكما قال: (وسخّرنا مع داوود الجبال يسبّحن).
وكل مولود يولد على الفطرة معناه أنه يولد وفي قلبه توحيد اللّه، حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه وينصرانه.
وقال قوم: معناه أنّ الله جل ثناؤه، أخرج بني آدم بعضهم من ظهور بعض.
ومعنى (وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم).
أن كلّ بالغ يعلم أنّ اللّه واحد، لأن كل ما خلق الله تعالى دليل على توحيده، وقالوا لولا ذلك لم تكن على الكافر حجة.
وقالوا فمعنى (وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم) دلّهم بخلقه على توحيده). [معاني القرآن: 2/389-390]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (155 - وقوله جل وعز: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم} [آية: 172]
أحسن ما قيل في هذا ما تواترت به الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله جل وعز مسح ظهر آدم فأخرج منه ذريته أمثال الذر فأخذ عليهم الميثاق
فكأن يفهمهم ما أراد جل وعز كما قال تعالى: {قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم}
وفي الحديث كل مولود يولد على الفطرة
أي على ابتداء أمره حين أخذ عليهم العهد
حدثنا أبو جعفر قال نا عبد الله بن إبراهيم المقرئ البغدادي بالرملة قال نا عباس الدوري قال نا عبد الله بن موسى قال نا أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية عن أبي بن كعب في هذه الآية {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم} إلى قوله: {المبطلون} قال جمعهم فجعلهم أزواجا ثم صورهم ثم استنطقهم فقال ألست بربكم قالوا بلى شهدنا إنك ربنا وإلهنا لا رب لنا غيرك ولا إله لنا غيرك قال فأرسل إليكم رسلي وأنزل عليكم كتبي فلا تكذبوا رسلي وصدقوا وعيدي وإني سأنتقم ممن أشرك بي ولم يؤمن بي فأخذ عهدهم وميثاقهم وذكر الحديث
قال أبو جعفر ونذكر حديث عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في معنى هذه الآية في الإعراب وغيره إن شاء الله
156 - ثم قال جل وعز: {قالوا بلى} [آية: 172]
وهذا التمام على قراءة من قرأ أن تقولوا بالتاء
قال أبو حاتم وهي مذهبنا لقوله: {ألست بربكم} يخاطبهم فقال على المخاطبة {أن تقولوا} أي لأن لا تقولوا
وقرأ ابن عباس وسعيد بن جبير وغيرهما (أن يقولوا) بالياء والمعنى على هذه القراءة وأشهدهم على أنفسهم كراهة أن يقولوا). [معاني القرآن: 3/101-103]

تفسير قوله تعالى: (أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) )

تفسير قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174) )

تفسير قوله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (175- {فأتبعه الشيطان واتبعه}: لغتان. وكأن اتبعه قفاه واتبعه حذا حذوه. ولا يجوز أن تقول اتبعناك وأنت تريد اتبعناك: لأن معناها اقتدينا بك). [غريب القرآن وتفسيره: 153]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (175 - {فأتبعه الشّيطان} أي أدركه. يقال: أتبعت القوم: إذا لحقتهم، وتبعتهم: سرت في إثرهم). [تفسير غريب القرآن: 174]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (واتل عليهم نبأ الّذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشّيطان فكان من الغاوين (175)
هذا نسق على ما قبله، المعنى اتل عليهم إذ أخذ ربك من بني آدم.
واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها).
هذا فيه غير قول، قيل إنه كان عنده اسم اللّه الأعظم فدعا به على
موسى وأصحابه، وقيل إنه أميّة بن أبي الصلت، وكان عنده علم من الكتب، وقيل إنه يعني به منافقو أهل الكتاب.
وقوله: (فكان من الغاوين).
أي الفاسدين الهالكين). [معاني القرآن: 2/390-391]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (157 - وقوله جل وعز: {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها} [آية: 175]
وروى شعبة عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله قال هو بلعام
وروى ابن أبي جريج عن عبد الله بن كثير عن مجاهد عن ابن عباس قال هو بلعام بن باعر من بني إسرائيل
قال سعيد بن جبير كان معه اسم الله الأعظم فسألوه أن يدعوا الله على موسى عليه السلام وأصحابه فقال أخروني وكان لا يدعو على أحد حتى يرى ذلك في نومه فبات فنهي في نومه فعادوا إليه وكان موسى قد جاءهم في ثمانين ألفا خلف الفرات فلما سألوه أن يدعو عليه بعدما نهي قال لهم أخرجوا إلى أصحابه النساء ليفتتنوا فتنتصروا عليهم فانسلخ مما كان فيه وكان قد أمر في نومه أن يدعو له
قال عبد الله بن عمرو بن العاص رحمهما الله هو صاحبكم أمية بن أبي الصلت
وقال عكرمة هو من كان من اليهود والنصارى لم يصح إسلامه
يذهب إلى أنهم منافقو أهل الكتاب
وقال ابن عباس في قوله تعالى: {فانسلخ منها} هو ما نزع منه من العلم
158 - ثم قال جل وعز: {فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين} [آية: 175]
يقال اتبعه إذا أدركه وتبعه إذا سار في أثره هذا الجيد
وقيل هما لغتان). [معاني القرآن: 3/103-105]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (175- {فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ} أي أدركه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 88]

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولكنّه أخلد إلى الأرض...}
ركن إليها وسكن. ولغة يقال: خلد إلى الأرض بغير ألف، وهي قليلة. ويقال للرجل إذا بقى سواد رأسه ولحيته: إنه مخلد، وإذا لم تسقط أسنانه قيل: إنه لمخلد). [معاني القرآن: 1/399]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (أخلد إلى الأرض) (176) لزم وتقاعس وأبطأ؛ يقال فلان مخلد أي بطئ الشّيب، والمخلد الذي تبقى ثنيتاه حتى تخرج رباعيتاه، وهو من ذاك أيضاً). [مجاز القرآن: 1/233]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ولو شئنا لرفعناه بها ولكنّه أخلد إلى الأرض واتّبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذّلك مثل القوم الّذين كذّبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلّهم يتفكّرون}
وقال: {ولكنّه أخلد إلى الأرض} ولا نعلم أحدا يقول {خلد}. وقوله: {أخلد} أي: لجأ إليها). [معاني القرآن: 2/21]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (176- {أخلد إلى الأرض}: سكن إليها وركن وحكى الليحاني أخلد بي فلان وألظ بي إذا لزمني). [غريب القرآن وتفسيره: 153]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (176 - {أخلد إلى الأرض} أي ركن إلى الدنيا وسكن. {إن
تحمل عليه} تطرده {يلهث} وهذا مفسر في كتاب «المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 174-175]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: 176].
كلّ شيء يلهث فإنما يلهث من إعياء أو عطش أو علّة، خلا الكلب، فإنّه يلهث في حال الكلال، وحال الرّاحة، وحال الصحة والمرض، وحال الريّ والعطش.
فضربه الله مثلا لمن كذّب بآياته فقال: إن وعظته فهو ضالّ، وإن لم تعظه فهو ضالّ، كالكلب إن طردته وزجرته فسعى لهث، أو تركته على حاله أيضا لهث.
[تأويل مشكل القرآن: 369]
ونحوه قوله: {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ} [الأعراف: 193]). [تأويل مشكل القرآن: 370]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (ولو شئنا لرفعناه بها ولكنّه أخلد إلى الأرض واتّبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الّذين كذّبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلّهم يتفكّرون (176)
أي لو شئنا أن نحول بينه وبين المعصية لفعلنا، (ولكنّه أخلد إلى الأرض).
معناه ولكنه سكن إلى الدنيا، يقال أخلد فلان إلى كذا وكذا، وخلد إلى كذا وكذا، وأخلد أكثر في اللغة، والمعنى أنه سكن إلى لذات الأرض.
(واتبع هواه).
أي لم يرفعه بها لاتباعه هواه.
وقوله: (فمثله كمثل الكلب).
ضرب اللّه عزّ وجلّ: بالتارك لآياته والعادل عنها. أحسن مثل في أخسّ أحواله، فقال عز وجل: (فمثله كمثل الكلب) إذا كان الكلب لهثان، وذلك أن الكلب إذا كان يلهث فهو لا يقدر لنفسه على ضر ولا نفع، لأن التمثيل به على أنه يلهث على كل حال حملت عليه أو تركته، فالمعنى فمثله كمثل الكلب لاهثا ثم قال:
(ذلك مثل القوم الّذين كذّبوا بآياتنا) ). [معاني القرآن: 2/391]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (159 - وقوله جل وعز: {ولو شئنا لرفعناه بها} [آية: 176]
قال مجاهد أي لرفعناه عنه ومعناه لعصمناه مما فعل
160 - ثم قال جل وعز: {ولكنه أخلد إلى الأرض} [آية: 176]
قال مجاهد أي سكن والتقدير إلى نعيم الأرض ولذاتها
161 - وقوله جل وعز: {فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث} [آية: 176]
قال مجاهد أي إن تحمل عليه بدابتك أو رجلك يلهث أو تتركه يلهث وكذلك من يقرأ الكتاب ولا يعمل بما فيه
وقال غير مجاهد هذا شر تمثيل في أنه قد غلب عليه هواه حتى صار لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا بكلب لاهث أبدا حمل عليه أو لم يحمل عليه هو لا يملك ترك اللهثان). [معاني القرآن: 3/105-106]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (ولكنه أخلد إلى الأرض) أي: مال). [ياقوتة الصراط: 233]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (176- {أَخْلَدَ} أي ركن). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 88]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (176- {أَخْلَدَ}: سكن). [العمدة في غريب القرآن: 139]

تفسير قوله تعالى: (سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177) )
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ساء مثلاً القوم الّذين كذّبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون}
وقال: {ساء مثلاً القوم} فجعل "القوم" هم "المثل" في اللفظ وأراد: مثل القوم، فحذف كما قال "واسأل القرية"). [معاني القرآن: 2/21]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقال: (ساء مثلا القوم الّذين كذّبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون (177)
المعنى: ساء مثلا مثل القوم). [معاني القرآن: 2/391]

تفسير قوله تعالى: (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178) )

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (ولقد ذرأنا لجنهّم) (178) أي خلقنا). [مجاز القرآن: 1/233]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ولقد ذرأنا لجهنّم كثيراً مّن الجنّ والإنس لهم قلوبٌ لاّ يفقهون بها ولهم أعينٌ لاّ يبصرون بها ولهم آذان لاّ يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضلّ أولئك هم الغافلون}
وقال: {ولقد ذرأنا لجهنّم} تقول: "ذرأ" "يذرأ" "ذرءاً"). [معاني القرآن: 2/21-22]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (179- {ذرأنا}: خلقنا). [غريب القرآن وتفسيره: 153]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (179 - {ولقد ذرأنا لجهنّم} أي خلقنا لجهنم. ومنه ذرّيّة الرجل: إنما هي الخلق. ولكن همزها يتركه أكثر العرب). [تفسير غريب القرآن: 175]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، يريد المؤمنين منهم. يدلك على ذلك قوله في موضع آخر: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الأعراف: 179]، أي خلقنا). [تأويل مشكل القرآن: 282]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (ولقد ذرأنا لجهنّم كثيرا من الجنّ والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضلّ أولئك هم الغافلون (179)
(أولئك كالأنعام بل هم أضلّ).
وصفهم بأنهم لا يبصرون بعيونهم ولا يعقلون بقلوبهم. جعلهم في تركهم الحق وإعراضهم عنه، بمنزلة من لا يبصر ولا يعقل.
ثم قال جلّ وعزّ (بل هم أضلّ).
وذلك أن الأنعام تبصر منافعها ومضارّها فتلزم بعض ما لا تبصره.
وهؤلاء يعلم أكثرهم أنّه معاند فيقدم على النار.
وقال جلّ وعزّ: (فما أصبرهم على النّار)
أي على عمل أهل النار).
[معاني القرآن: 2/391-392]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (162 - وقوله جل وعز: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس} [آية: 179]
أي خلقنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس
يقال ذرا الله خلقه يذرؤهم ذرءا أي خلقهم
وقوله تعالى: {أولئك كالنعام} وصفهم بأنهم بمنزلة من لا يعقل
163 - ثم قال جل وعز: {بل هم أضل} [آية: 179] لأن الأنعام إذا أبصرت مضارها اجتنبتها أو أكثرها ولا تكفر معاندة). [معاني القرآن: 3/107]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (179- {ذَرَأْنَا}: خلقنا). [العمدة في غريب القرآن: 139]

تفسير قوله تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (وذروا الذّين يلحدون في أسمائه) (179) يجورون ولا يستقيمون ومنه سمّى اللحد لأنه في ناحية القبر). [مجاز القرآن: 1/233]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وللّه الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الّذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون}
وقال: {وذروا الّذين يلحدون في أسمائه} وقال بعضهم {يلحدون} جعله من "لحد" "يلحد" وهي لغة. وقال في موضع آخر {لّسان الّذي يلحدون} و{يلحدون} وهما لغتان و{يلحدون} أكثر وبها نقرأ ويقوّيها {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ}). [معاني القرآن: 2/22]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (180- {يلحدون ويلحدون}: لغتان، يجورون. والإلحاد الجور عن القصد والملحد المائل عن الحق وإنما سمي اللحد لأنهفي ناحية من القبر وإذا كان في وسطه سمي ضريحا). [غريب القرآن وتفسيره: 153-154]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (180 - {وللّه الأسماء الحسنى فادعوه بها} أي الرحمن والرحيم والعزيز. وأشباه ذلك.
{وذروا الّذين يلحدون في أسمائه} أي يجورون عن الحق ويعدلون.
فيقولون: اللات والعزى مناة، وأشباه ذلك. ومنه قيل: لحد القبر. لأنه في جانب). [تفسير غريب القرآن: 175]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (وللّه الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الّذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون (180)
لا ينبغي أن يدعوه أحد بما لم يصف نفسه به، أو لم يسم به نفسه.
فيقول في الدعاء. يا الله يا رحمن يا جواد، ولا ينبغي أن يقول: " يا سبحان " لأنه لم يصف نفسه بهذه اللفظة. وتقول يا رحيم، ولا يقول: يا رفيق، وتقول يا قوي، ولا تقول يا جلد). [معاني القرآن: 2/392]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (164 - وقوله جل وعز: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} [آية: 180]
روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أن لله تسعة وتسعين اسما مائة غير واحد من أحصاها دخل الجنة
وقال بعض أهل اللغة يجب على هذا أن لا يدعى الله عز وجل إلا بما وصف به نفسه فيقال يأجواد ولا يقال يا سخي
165 - وقوله جل وعز: {وذروا الذين يلحدون في أسمائه} [آية: 180]
قال ابن جريج اشتقوا العزى من العزيز واللات من الله
قال أبو جعفر والإلحاد في اللغة الجور والميل ومنه لحد القبر لأنه ليس في الوسط إنما هو مائل في ناحيته
قال أبو جعفر وفرق الكسائي بين ألحد ولحد فقال ألحد عدل عن القصد ولحد ركن إلى الشيء
وعلى هذا قرأ في النحل يلحدون بفتح الياء بمعنى الركون). [معاني القرآن: 3/107-109]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (180- {يُلْحِدُونَ} أي يجورون عن الحق ويعدلون عنه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 88]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (180- {يُلْحِدُونَ ْ}: يحورون). [العمدة في غريب القرآن: 139]

تفسير قوله تعالى: (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (181) )

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (سنستدرجهم) (182): والاستدراج أن تأتيه من حيث لا يعلم ومن حيث تلطف له حتى تغترّه.
(وأملى لهم) أي أؤخرهم، ومنه قوله: مضى ملىٌّ من الدهر عليه؛ وملاوة وملاوة وملاوة فيها ثلاث لغات: ضمة وكسرة وفتحة. ويقال: ملاّك الله ولدك، وتمليت حبيباً، أي مدّ الله لك في عمره. (واهجرني مليّاً) (19/46) منها قال العجّاج:
ملاوةً ملّيتها كأني... صاحب صنج نشوةٍ مغنّى
(إنّ كيدي متينٌ) (182) أي شديد). [مجاز القرآن: 1/233-234]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (182- {سنستدرجهم}: والاستدراج أن يأتيه من حيث لا يعلم). [غريب القرآن وتفسيره: 154]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله سبحانه: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 182]
والاستدراج: أن يدنيهم من بأسه قليلا قليلا من حيث لا يعلمون، ولا يباغتهم ولا يجاهرهم. ومنه يقال: درجت فلانا إلى كذا وكذا، واستدرج فلانا حتى تعرف ما عنده وما صنع. يراد لا تجاهره ولا تهجم عليه بالسؤال، ولكن استخرج ما عنده قليلا قليلا.
وأصل هذا من الدّرجة، وذلك أن الراقي فيها النازل منها ينزل مرقاة مرقاة، فاستعير هذا منها). [تأويل مشكل القرآن: 166]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (166 - وقوله جل وعز: {والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون} [آية: 182]
يقال استدرج فلان فلانا إذا أتى بأمر يريد ليلقيه في هلكة
ولا يكون الاستدراج إلا حالا بعد حال ومنه فلان يدرج فلانا ومنه أدرجت الثوب). [معاني القرآن: 3/109]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (182- (الاستدراج): أن تأتيه من حيث لا يعلم). [العمدة في غريب القرآن: 140]

تفسير قوله تعالى: (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (183- {أملي لهم}: أوخرهم وهو من قولهم أتى عليه ملي من الدهر.
183- {كيدي متين}: المتين الشديد).[غريب القرآن وتفسيره: 154]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (183 - {وأملي لهم} أي أؤخرهم. {إنّ كيدي متينٌ} أي شديد). [تفسير غريب القرآن: 175]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (167 - وقوله جل وعز: {وأملي لهم إن كيدي متين} [آية: 183]
ومعنى أملي أؤخر والملاوة القطعة من الدهر ويقال بالضم والكسر ومنه تمل حبيبك والمتين الشديد). [معاني القرآن: 3/109]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (183- {وَأُمْلِي لَهُمْ} أُؤخرهم.
{إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} أي شديد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 88]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (183- {أُمْلِي لَهُمْ}: أؤخرهم
183- (المَتِينٌ): شاهد). [العمدة في غريب القرآن: 140]

تفسير قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (184) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (ما بصاحبهم من جنّةٍ) (183) أي ما به جنون). [مجاز القرآن: 1/234]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (184- {ما بصاحبهم من جنة}: الجنون). [غريب القرآن وتفسيره: 154]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (184 - {ما بصاحبهم من جنّةٍ} أي جنون). [تفسير غريب القرآن: 175]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (184- {مِنْ جِنَّةٍ} من جنون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 88]

تفسير قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (أولم ينظروا في ملكوت السّماوات والأرض وما خلق اللّه من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأيّ حديث بعده يؤمنون (185)
أي ألم يستدلوا بما أنبأهم به من ملكوت السّماوات والأرض.
(وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم).
أي إن كانوا يسوفون بالتوبة فعسى أن يكون قد اقترب أجلهم.
فالمعنى: أولم ينظروا فيما دلّهم اللّه جل ثناؤه على توحيده فكفروا به بذلك فلعلّهم قد قربت آجالهم فيموتون على الكفر.
(فبأيّ حديث بعده يؤمنون) ). [معاني القرآن: 2/392]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (168 - وقوله جل وعز: {أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض} [آية: 185]
قال سفيان يعني خلق السموات والأرض). [معاني القرآن: 3/110]

تفسير قوله تعالى: (مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (من يضلل اللّه فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون (186)
الطغيان: الغلو في الكفر.
ويعمهون: يتحيّرون.
ويجوز الجزم والرفع في (يذرهم). فمن جزم عطف على موضع الفاء.
المعنى من يضلل الله يذره في طغيانه عامها.
ومن قرأ (ويذرهم) فهو رفع على الاستئناف). [معاني القرآن: 2/393]

تفسير قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (187) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أيّان مرساها...}
المرسى في موضع رفع.
{ثقلت في السّماوات والأرض} ثقل على أهل الأرض والسماء أن يعلموه.
وقوله: {كأنّك حفيٌّ} كأنك حفيّ عنها مقدّم ومؤخر؛ ومعناه يسألونك عنها كأنك حفي بها. ويقال في التفسير كأنك حفي أي كأنك عالم بها). [معاني القرآن: 1/399]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (أيّان مرساها) (186) أي متى، وقال:
أيّان تقضى حاجتي أيّانا... أما ترى لنجحها إبّانا
أي متى خروجها.
(لا يجلّيها لوقتها إلاّ هو) (186) مجازها: لا يظهرها ولا يخرجها إلاّ هو يقال جلّى لي الخبر وقال بعضهم: جله لي الخبر، والجلاء جلاء الرأس إذا ذهب الشعر قال طرفة:
سأحلب عيساً صحن سمٍّ فأبتغى... به جيرتي إن لم يجلّوا لي الخبر
أي يوضحون لي الأمر وهذا يهجوهم، يقال: عاسها يعيسها، والعيس ماء الفحل (ثقلت في السّموات والأرض) (186) مجازها: خفيت، وإذا خفى عليك شئ ثقل (كأنّك حفيٌّ عنها) (186) أي حفّي بها، ومنه قولهم: تحفيت به في المسألة). [مجاز القرآن: 1/234-235]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (187- {أيان مرساها}: متى وقوعها. ويقال أرساها الله وأرساها القوم إذا حبسوها ورست فهي ترسو.
187- {لا يجليها}: لا يظهرها ومن ذلك جلية الخبر.
187- {كأنك حفي عنها}: عالم بها. والمعنى يسألونك عنها كأنك حفي. وجاء عن ابن عباس أنه قال: كأنك حفي بهم حين يسألونك، ويقال للقاضي والحاكم الحافي وقد تحافينا إلى فلان إ تحاكمنا).[غريب القرآن وتفسيره: 154-155]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (187 - {أيّان مرساها} أي متى ثبوتها. يقال: رسا في الأرض: إذا ثبت، ورسا في الماء: إذا رسب. ومنه قيل للجبال: رواس.
{لا يجلّيها لوقتها إلّا هو} أي لا يظهرها. يقال: جلّى لي الخبر: أي كشفه وأوضحه.
{ثقلت في السّماوات والأرض} أي خفي علمها على أهل السموات والأرض وإذا خفي الشيء ثقل.
{حفيٌّ عنها} أي معنيّ بطلب علمها. ومنه يقال: تحفّى فلان بالقوم). [تفسير غريب القرآن: 175]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (يسألونك عن السّاعة أيّان مرساها قل إنّما علمها عند ربّي لا يجلّيها لوقتها إلّا هو ثقلت في السّماوات والأرض لا تأتيكم إلّا بغتة يسألونك كأنّك حفيّ عنها قل إنّما علمها عند اللّه ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون (187)
والساعة ههنا التي يموت فيها الخلق.
ومعنى مرساها مثبّتها، يقال - رسا الشيء يرسو إذا ثبت فهو راس وكذلك جبال راسيات، أي ثابتات. وأرسيته إذا أثبتّه.
فالمعنى يسألونك عن الساعة متى وقوعها.
وقوله: (لا يجلّيها لوقتها إلّا هو).
أي لا يظهرها في وقتها إلا هو.
ومعنى: (ثقلت في السّماوات والأرض).
قيل فيه قولان، قال قوم: (ثقلت في السّماوات والأرض) ثقل وقوعها على أهل السماوات والأرض.
ثم أعلم جلّ ثناؤه كيف وقوعها فقال جلّ وعزّ: (لا تأتيكم إلّا بغتة).
أي إلا فجأة.
وقوله: (يسألونك كأنّك حفيّ عنها).
المعنى - واللّه أعلم - يسألونك عنها كأنك فرح بسؤالهم، يقال تحفيت بفلان
في المسألة إذا سألت سؤالا أظهرت فيه المحببّة والبربه، وأحفى فلان بفلان في المسألة، وإنما تأويله الكثرة ويقال حفت الدّابّة تحفى حفى، مقصور إذا كثر المشي حتى يؤلمها والحفاء ممدود أن يمشي الرجل بغير نعل.
وقيل: (كأنّك حفي عنها)، كأنك أكثرت المسألة عنها.
وقوله: (قل إنّما علمها عند اللّه).
معنى (إنّما علمها عند اللّه) لا يعلمها إلا هو). [معاني القرآن: 2/393-394]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (169 - وقوله جل وعز: {يسألونك عن الساعة أيان مرساها} [آية: 187]
قال قتادة أي متى قيامها
وقال غيره يقال رسى الشيء يرسو رسوا إذا ثبت وأرسيته أثبته
170 - ثم قال جل وعز: {قل إنما علمها عند ربي} [آية: 187] ح
أي لا يعلم متى قيامها إلا الله
171 - ثم قال جل وعز: {لا يجليها لوقتها إلا هو} [آية: 187]
يقال جلى لي فلان الخبر إذا أظهره وأوضحه
172 - ثم قال جل وعز: {ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة} [آية: 187]
أي خفي علمها وإذا خفي الشيء ثقل
وقيل أي ثقلت المسالة عنها أي عظمت
173 - ثم قال جل وعز: {لا تأتيكم إلا بغتة} [آية: 187]
أي فجأة
174 - وقوله جل وعز: {يسألونك كأنك خفي عنها} [آية: 187] ح
قال قتادة قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم نحن أقرباؤك فأسر إلينا متى الساعة فأنزل الله جل وعز: {يسألونك كأنك حفي عنها} أي حفي بهم
والمعنى على هذا التقديم والتأخير أي يسألونك عنها
كأنك حفي لهم أي فرح لسؤالهم
وهو معنى قول سعيد بن جبير أبي يسألونك كأنك حفي لهم). [معاني القرآن: 3/110-112]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (187- {أَيَّانَ مُرْسَاهَا} أي متى ثبوتها.
{لا يُجَلِّيهَا} أي لا يظهرها.
{ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ} أي خفي علمها عن أهل السموات والأرض.
{كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا} أي كأنك معني بطلب علمها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 88]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (187- {أَيَّانَ}: متى.
187- {مُرْسَاهَا}: وقوعها
187- {يُجَلِّيهَا}: يظهرها
187- {حَفِيٌّ عَنْهَا}: عالم بها). [العمدة في غريب القرآن: 140]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير...}
يقول: لو كنت أعلم الغيب لأعددت للسنة المجدبة من السنة المخصبة، ولعرفت الغلاء فاستعددت له في الرخص. هذا قول محمد صلى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 1/400]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الضَرّ: بفتح الضاد- ضد النفع، قال الله عز وجل: {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ} [الشعراء: 72، 73] وقال: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا} [الأعراف: 188] أي: لا أملك جرّ نفع ولا دفع ضرّ؟.
والضُّرّ: الشدة والبلاء، كقوله: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ} [الأنعام: 17]، {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ} [البقرة: 177]). [تأويل مشكل القرآن: 483] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرّا إلّا ما شاء اللّه ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسّني السّوء إن أنا إلّا نذير وبشير لقوم يؤمنون (188)
(ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير).
أي لادّخرت زمن الخصب لزمن الجدب.
وقيل (لو كنت أعلم الغيب) أي لو كنت أعلم ما أسأل عنه من الغيب في الساعة وغيرها.
وقوله: (وما مسّني السّوء).
أي لم يلحقني تكذيب.
وقيل أيضا: (وما مسّني السّوء) أي ما بي من جنون، لأنهم نسبوا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الجنون، فقال: (وما مسّني السّوء إن أنا إلّا نذير وبشير لقوم يؤمنون).
ثم بيّن لهم ما دلّهم على توحيد الله عزّ وجلّ فقال:
(هو الّذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلمّا تغشّاها حملت حملا خفيفا فمرّت به فلمّا أثقلت دعوا اللّه ربّهما لئن آتيتنا صالحا لنكوننّ من الشّاكرين (189). [معاني القرآن: 2/394]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (175 - وقوله جل وعز: {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير} [آية: 188] روي عن ابن عباس أنه قال لو أني أعلم سنة القحط والجدب لهيأت لها ما يكفيني
وقيل لو كنت أعلم متى أموت لاستكثرت من العبادة فيكون الخير ها ههنا هن العبادة
وقيل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسال عما في قلوب الناس وما يسرونه فقال لو كنت أعلم الغيب أي ما يسرونه وما يقع بكم حتى تحذروا مكروهه لكان أحرى أن تجيبوني إلى ما أدعوكم
{لاستكثرت من الخير} أي من إجابتكم إلى ما أدعوكم وما مسني السوء منكم بتكذيب أو عداوة إذ كنت عندكم كذلك
ودل على هذا الجواب إن أنا إلا نذير أي لست أعلم من الغيب إلا ما علمني الله
وقيل ولو كنت أعلم الغيب أي كتب الله
وقال الحسن لاستكثرت من الخير من الوحي). [معاني القرآن: 3/112-113]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 2 محرم 1432هـ/8-12-2010م, 03:26 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 189 إلى آخر السورة]

(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آَتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189) فَلَمَّا آَتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190) أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (192) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ (193) إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (194) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ (195) إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196) وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (197) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (198) خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ (202) وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآَيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203) وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206) )

تفسير قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آَتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {حملت حملاً خفيفاً...}
الماء خفيف على المرأة إذا حملت.
{فمرّت به} فاستمرّت به: قامت به وقعدت.
{فلمّا أثقلت}: دنت ولادتها، أتاها إبليس فقال: ماذا في بطنك؟ فقالت: لا أدري. قال: فلعله بهيمة، فما تصنعين لي إن دعوت الله لك حتى يجعله إنسانا؟ قالت: قل، قال: تسمّينه باسمي. قالت: وما أسمك؟ قال: الحرث. فسّمته عبد الحارث، ولم تعرفه أنه إبليس). [معاني القرآن: 1/400]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (حملت حملاً خفيفاً) مفتوح الأول إذا كان في البطن وإذا كان على العنق فهو مكسور الأول وكذلك اختلفوا في حمل النخلة فجعله بعضهم من الجوف ففتحه وجعله بعضهم على العنق فكسره.
(فمرّت به) مجازه: استمرّ بها الحمل فأتمتّه). [مجاز القرآن: 1/236]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({هو الّذي خلقكم مّن نّفسٍ واحدةٍ وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلماّ تغشّاها حملت حملاً خفيفاً فمرّت به فلمّا أثقلت دّعوا اللّه ربّهما لئن آتيتنا صالحاً لّنكوننّ من الشّاكرين}
وقال: {حملت حملاً خفيفاً} لأنّ "الحمل" ما كان في الجوف و"الحمل" ما كان على الظهر. وقال: {وتضع كلّ ذات حملٍ حملها} وأما قوله: {أثقلت} فيقول: "صارت ذات ثقلٍ" كما تقول "أتمرنا" أي: "صرنا ذوي تمرٍ" و"ألبنّا" [أي: صرنا ذوي لبن] و"أعشبت الأرض" و"أكمأت" وقرأ بعضهم {فلمّا أثقلت}). [معاني القرآن: 2/22]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({حملت حملا}: {كل ذات حمل}: ولد. وحمل نخلة وحمل شجرة. فالحاء مفتوحة. وما كان من حمل: ثقل كان على ظهر أو وزر، فالحاء مكسورة ومنه {وإن تدع مثقلة إلى حملها} إلى ما عليها من يقل). [غريب القرآن وتفسيره: 155]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فمرّت به} أي استمرت بالحمل.
{لئن آتيتنا صالحاً} ولدا سويا بشرا، ولم [تجعله بهيمة] مفسر في كتاب «تأويل المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 175-176]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا} [الفرقان: 47]: أي سترا وحجابا لأبصاركم.
قال ذو الرّمة:
وَدَوِّيَّةٍ مثل السّماء اعتسفتها = وقد صبغ اللّيل الحصى بسواد
أي لمّا ألبسه الليل سواده وظلمته، كان كأنّه صبغه.
وقد يكنون باللباس والثوب عما ستر ووقى، لأنّ اللباس والثوب واقيان ساتران.
وقال الشاعر:
كثوب ابن بِيضٍ وَقَاهُم بهِ = فَسَدَّ على السَّالِكِينَ السَّبيلا
قال الأصمعي: (ابن بيض) رجل نحر بعيرا له على ثنيّة فسدّها فلم يقدر أحد أن يجوز، فضرب به المثل فقيل: سدّ ابن بيض الطريق.
وقال غير الأصمعي: (ابن بيض) رجل كانت عليه إتاوة فهرب بها فاتّبعه مطالبه، فلما خشي لحاقه وضع ما يطالبه به على الطريق ومضى، فلما أخذ الإتاوة رجع وقال: (سدّ ابن بيض الطريق) أي منعنا من اتباعه حين وفى بما عليه، فكأنه سدّ الطريق.
فكنَى الشاعر عن البعير- إن كان التفسير على ما ذكر الأصمعي.
أو عن الإِتَاوَةِ- إن كان التفسير ما ذكر غيره- بالثوب، لأنهما وقيا كما يقي الثوب.
وكان بعض المفسرين يقول في قوله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا} [الفرقان: 47] أي سكنا، وفي قوله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ} [البقرة: 187] أي سكن لكم.
وإنما اعتبر ذلك من قوله: {جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ} [يونس: 67] ومن قوله: {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف: 189]). [تأويل مشكل القرآن: 144-145] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (باب الكناية والتّعريض
الكناية أنواع، ولها مواضع: فمنها أن تكنى عن اسم الرجل بالأبوّة، لتزيد في الدّلالة عليه إذا أنت راسلته أو كتبت إليه، إذ كانت الأسماء قد تتّفق.
أو لتعظّمه في المخاطبة بالكنية، لأنها تدلّ على الحنكة وتخبر عن الاكتهال.
وقد ذهب هؤلاء إلى أنّ الكنية كذب ما لم يكن الولد مسمّى بالاسم الذي كني به عن الأب، وتقع للرجل بعد الولادة.
وقالوا: إن كانت الكناية للتعظيم فما باله كنى أبا لهب وهو عدوّه، وسمّي محمدا، صلّى الله عليه وسلم، وهو وليّه ونبيّه.
والجواب عن هذا: أن العرب كانت ربّما جعلت اسم الرجل كنيته، فكانت الكنية هي الاسم.
قال أبو محمد:
خبّرني غير واحد عن الأصمعي: أن أبا عمرو بن العلاء، وأبا سفيان بن العلاء أسماؤها كناهما.
وربما كان للرجل الاسم والكنية، فغلبت الكنية على الاسم، فلم يعرف إلا بها، كأبي سفيان، وأبي طالب، وأبي ذرّ، وأبي هريرة.
ولذلك كانوا يكتبون: علي بن أبو طالب ومعاوية بن أبو سفيان، لأن الكنية بكمالها صارت اسما، وحظّ كلّ حرف الرفع ما لم ينصبه أو يجرّه حرف من الأدوات أو الأفعال. فكأنه حين كنّي قيل: أبو طالب، ثم ترك ذلك كهيئته، وجعل الاسمان واحدا.
وقد روي في الحديث أن اسم أبي لهب عبد العزّى، فإن كان هذا
صحيحا فكيف يذكره رسول الله بهذا الاسم، وفيه معنى الشرك والكذب، لأن الناس جميعا عبيد الله؟.
وقال المفسرون في قول الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آَتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف: 189]-: إن حوّاء لما أثقلت أتاها إبليس في صورة رجل فقال لها: ما هذا الذي في بطنك؟ وذلك أول حملها، فقالت: ما أدري، فقال لها: أرأيت إن دعوت ربي فولدته إنسانا أتسمّينه بي؟
فقالت: نعم. وقالت هي وآدم: لئن آتيتنا صالحاً لنكوننّ من الشّاكرين أي: لئن خلقته بشرا مثلنا ولم تجعله بهيمة. فلما ولدته أتاها إبليس ليسألها الوفاء، فقالت: ما اسمك؟ قال: الحارث، فتسمى بغير اسمه، ولو تسمى باسمه لعرفته، فسمته عبد الحارث، فعاش أياما ثم مات، فقال الله تعالى: {فَلَمَّا آَتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا} [الأعراف: 190]، وإنما جعلا له الشرك بالتسمية لا بالنية والعقد، وانتهى الكلام في قصة آدم وحواء، ثم ذكر من أشرك به بالعقد والنّية من ذرّيتهما، فقال: {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الأعراف: 190] ولو كان أراد آدم وحواء لقال: عما يشركان.
فهذا يدلّك على العموم.
وإن كان اسم أبي لهب كنيته فإنما ذكره بما لا يعرف إلا به، والاسم والكنية علمان يميّزان بين الأعيان والأشخاص، ولا يقعان لعلة في المسمى كما تقع الأوصاف، فبأيّ شيء عرف الرجل، جاز أن تذكره به غير أن تكذب في ذلك.
ولو كان من دعا أبا القاسم بأبي القاسم ولا قاسم له، كان كاذبا- لكان من دعا المسمى بكلب وقرد وغراب وذباب- كاذبا، لأنه ليس كما ذكر.
وقد طعنت الشّعوبية على العرب بأمثال هذه الأسماء، ونسبوهم إلى سوء الاختيار، وجهلوا معانيهم فيها.
وكان القوم يتفاءلون ويتطيّرون، فمن تسمى منهم بالأسماء الحسنى أراد أن يكثر له الفأل بالحسن، ومن تسمّى بقبيح الأسماء أراد صرف الشرّ عن نفسه.
وذلك أن العرب كانت إذا خرجت للمغار قالوا: إلى من تقصد؟ فتطيروا من كلب وجعل وقرد ونمر وأسد، وقالوا: ميلوا بنا إلى بني سعد وإلى غنم وما أشبه ذلك). [تأويل مشكل القرآن: 256-260]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والخلق: الإنشاء والابتداء، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الأعراف: 189].
وأصل الخلق: التقدير، ومنه قيل: خالقة الأديم، قال زهير:
ولأنتَ تَفْرِي مَا خَلَقْتَ وبـَ = ـعضُ القومِ يَخْلُقُ ثُمَّ لا يفري). [تأويل مشكل القرآن: 507]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( (هو الّذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلمّا تغشّاها حملت حملا خفيفا فمرّت به فلمّا أثقلت دعوا اللّه ربّهما لئن آتيتنا صالحا لنكوننّ من الشّاكرين (189)
(هو الّذي خلقكم من نفس واحدة).
يعني آدم.
(وجعل منها زوجها ليسكن إليها)
(فلمّا تغشّاها).
كناية عن الجماع أحسن كناية.
(حملت حملا خفيفا).
يعني المني، والحمل ما كان في البطن - بفتح الحاء - أو أخرجته الشجرة، والحمل بكسر الحاء ما يحمل.
وقوله: (فمرّت به).
معنى مرت به استمرت، قعدت وقامت لم يثقلها.
(فلمّا أثقلت).
أي دنت ولادتها، لأنه أول أمره كان خفيفا، فلما جعل إنسانا ودنت الولادة أثقلت.
وقوله: (دعوا اللّه ربّهما).
أي دعا آدم وحواء ربهما).
[معاني القرآن: 2/394-395]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {هو الذي خلقكم من نفس واحدة} [آية: 189]
يعني آدم وجعل منها زوجها يعني حواء فلما تغشاها كناية عن الجماع حملت حملا خفيفا فمرت به
قال الحسن: أي فاستمرت به والمعنى أنها مرت به وجاءت لم يثقلها
وقرأ ابن يعمر فمرت به خفيف أي شكت في الحمل
روي عن ابن عباس رحمه الله فاستمرت به
قال أبو حاتم أي استمر بها الحمل فقلب الكلام كما يقال أدخلت الخف في رجلي فلما أثقلت أي استبان حملها دعوا الله ربهما لئن آتينا صالحا
قال الحسن أي غلاما
وقال أبو البختري خافا أن يكون بهيمة). [معاني القرآن: 3/113-114]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فَمَرَّتْ بِهِ} أي استمرت بالحمل.
{لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاًً} أي ولداً سوياً بشراً، ولم تجعله بهيمة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 89]

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا آَتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {جعلا له شركاء...}
إذ قالت: عبد الحارث، ولا ينبغي أن يكون عبدا إلا لله. ويقرأ: "شركاً"). [معاني القرآن: 1/400]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فلمّا آتاهما صالحاً جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى اللّه عمّا يشركون}
وقال: {جعلا له شركاء فيما آتاهما} وقال بعضهم {شركاً} لأنّ "الشرك" إنما هو: "الشركة" وكان ينبغي في قول من قال هذا أن يقول "فجعلا لغيره شركاً فيما آتاهما"). [معاني القرآن: 2/22]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال المفسرون في قول الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آَتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف: 189]-: إن حوّاء لما أثقلت أتاها إبليس في صورة
رجل فقال لها: ما هذا الذي في بطنك؟ وذلك أول حملها، فقالت: ما أدري، فقال لها: أرأيت إن دعوت ربي فولدته إنسانا أتسمّينه بي؟
فقالت: نعم. وقالت هي وآدم: لئن آتيتنا صالحاً لنكوننّ من الشّاكرين أي: لئن خلقته بشرا مثلنا ولم تجعله بهيمة. فلما ولدته أتاها إبليس ليسألها الوفاء، فقالت: ما اسمك؟ قال: الحارث، فتسمى بغير اسمه، ولو تسمى باسمه لعرفته، فسمته عبد الحارث، فعاش أياما ثم مات، فقال الله تعالى: {فَلَمَّا آَتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا} [الأعراف: 190]، وإنما جعلا له الشرك بالتسمية لا بالنية والعقد، وانتهى الكلام في قصة آدم وحواء، ثم ذكر من أشرك به بالعقد والنّية من ذرّيتهما، فقال: {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الأعراف: 190] ولو كان أراد آدم وحواء لقال: عما يشركان.
فهذا يدلّك على العموم.
وإن كان اسم أبي لهب كنيته فإنما ذكره بما لا يعرف إلا به، والاسم والكنية علمان يميّزان بين الأعيان والأشخاص، ولا يقعان لعلة في المسمى كما تقع الأوصاف، فبأيّ شيء عرف الرجل، جاز أن تذكره به غير أن تكذب في ذلك.
ولو كان من دعا أبا القاسم بأبي القاسم ولا قاسم له، كان كاذبا- لكان من دعا المسمى بكلب وقرد وغراب وذباب- كاذبا، لأنه ليس كما ذكر.
وقد طعنت الشّعوبية على العرب بأمثال هذه الأسماء، ونسبوهم إلى سوء الاختيار، وجهلوا معانيهم فيها.
وكان القوم يتفاءلون ويتطيّرون، فمن تسمى منهم بالأسماء الحسنى أراد أن يكثر له الفأل بالحسن، ومن تسمّى بقبيح الأسماء أراد صرف الشرّ عن نفسه.
وذلك أن العرب كانت إذا خرجت للمغار قالوا: إلى من تقصد؟ فتطيروا من كلب وجعل وقرد ونمر وأسد، وقالوا: ميلوا بنا إلى بني سعد وإلى غنم وما أشبه ذلك). [تأويل مشكل القرآن: 258-260] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( (لئن آتيتنا صالحا لنكوننّ من الشّاكرين (189) فلمّا آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى اللّه عمّا يشركون (190)
يروى في التفسير أنّ إبليس - عليه اللعنة - جاء إلى حواء فقال: أتدرين ما في بطنك؟ فقالت لا أدري، قال فلعله بهيمة ثم قال: إن دعوت الله أن يجعله إنسانا أتسمينه باسمي؟: فقالت، نعم فسمته عبد الحارث، وهو الحارث. وهذا يروى في التفسير.
وقيل إن آدم وحواء أصل. فضرب، هذا مثلا لمشركي العرب وعرفوا كيف بدأ الخلق، فقيل فلما آتاهما اللّه - لكل ذكر وأنثى - آتاه اللّه ولدا ذكرا أو أنثى - هو خلقه وصوّره.
(جعلا له شركاء) يعني الذين عبدوا الأصنام.
(فتعالى اللّه عمّا يشركون).
الأول هو الذي عليه التفسير، ومن قرأ " شركا "
فهو مصدر شركت الرجل أشركه شركا.
قال بعضهم: كان ينبغي أن يكون على قراءة من قرأ شركا جعلا لغيره شركا، يقول لأنهما لا ينكران أن الأصل الله عزّ وجلّ فالشرك إنما يجعل لغيره، وهذا على معنى جعلا له ذا شرك فحذف ذا مثل (واسأل القرية) ). [معاني القرآن: 2/395-396]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما} [آية: 190]
روى خصيف عن سعيد بن جبير ومجاهد عن ابن عباس قال أتاهما إبليس فقال أنا أخرجتكما من الجنة فإن أطعتماني وإلا جعلت له قرنين فشق بطنك أو أخرجته ميتا فقضي أن يخرج ميتا ثم حملت حملا آخر فقال لهما مثل ذلك فقضي أن يخرج ميتا ثم حملت حملا آخر فقال لهما مثل ذلك فقالت له حواء فيم تريد أن أطيعك قال سميه عبد الحارث فسمته فقال الله جل وعز: {جعلا له شركاء فيما آتاهما}
قال غيره يعني في التسمية خاصة وكان اسم إبليس الحارث
178 - ثم قال تعالى: {فتعالى الله عما يشركون} [آية: 190]
أي عما يشرك الكفار ويدل على هذا أيشركون ما لا يخلق شيئا يعني الأصنام
وروي عن عكرمة أنه قال لم يخص بهذا آدم وحواء وحدهما والتقدير على هذا الجنس كله أي خلق كل واحد منكم من نفس واحدة وجعل منها أي من جنسها زوجها فلما تغشاها على الجنس كله وكذا دعوا يراد به الجنسان الكافران ثم حمل {فتعالى الله عما يشركون} على معنى الجميع فهذا أولى والله أعلم من أن ينسب إلى الأنبياء عليهم السلام مثل هذا
وقال بعض أهل النظر يراد به غير آدم وحواء وإنما ذكرا لأنهما أصل الناس). [معاني القرآن: 3/114-117]

تفسير قوله تعالى: (أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أيشركون ما لا يخلق شيئاً...}
أراد الآلهة بـ (ما)، ولم يقل: من، ثم جعل فعلهم كفعل الرجال. وقل: {وهم يخلقون} ولا يملكون). [معاني القرآن: 1/400]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (192) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا يستطيعون...}
فجعل الفعل للرجال). [معاني القرآن: 1/400]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ (193) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإن تدعوهم إلى الهدى...}
يقول: إن يدع المشركون الآلهة إلى الهدى لا يتبعوهم.
وقوله: {سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون} ولم يقل: أم صممتّم. وعلى هذا أكثر كلام العرب: أن يقولوا: سواء عليّ أقمت أم قعدت. ويجوز: سواء عليّ أقمت أم أنت قاعد؛ قال الشاعر:
سواء إذا ما أصلح الله أمرهم * علينا أدثرٌ ما لهم أم أصارم
وأنشدني الكسائي:
سواء عليك النفر أم بتّ ليلة * بأهل القباب من نمير بن عامر
وأنشده بعضهم (أو أنت بائت) وجاز فيها (أو) لقوله: النفر؛ لأنك تقول: سواء عليك الخير والشر، ويجوز مكان الواو (أو) لأن المعنى جزاء؛ كما تقول: اضربه قام أو قعد. فـ (أو) إلى معنى العموم كذهاب الواو). [معاني القرآن: 1/401]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: 176].
كلّ شيء يلهث فإنما يلهث من إعياء أو عطش أو علّة، خلا الكلب، فإنّه يلهث في حال الكلال، وحال الرّاحة، وحال الصحة والمرض، وحال الريّ والعطش.
فضربه الله مثلا لمن كذّب بآياته فقال: إن وعظته فهو ضالّ، وإن لم تعظه فهو ضالّ، كالكلب إن طردته وزجرته فسعى لهث، أو تركته على حاله أيضا لهث.
ونحوه قوله: {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ} [الأعراف: 193]). [تأويل مشكل القرآن: 369-370] (م)

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (194) )
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم} [آية: 194] أي الله جل وعز يهلكهم كما يهلككم
وروي عن سعيد بن جبير أنه قرأ إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم وإن ههنا بمعنى ما والمعنى ما الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم أي هم الأصنام والقراءة الأولى أكثر وأعرف والسواد عليها). [معاني القرآن: 3/117]

تفسير قوله تعالى: (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ (195) )
تفسير قوله تعالى: (إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196) )
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن وليي الله الذي نزل الكتاب} [آية: 196]
قال الأخفش وقرئ (إن ولي الله الذي نزل الكتاب) يعني جبريل صلى الله عليه وسلم
قال أبو جعفر هي قراءة عاصم الجحدري والقراءة الأولى أولى لقوله تعالى: {وهو يتولى الصالحين} ). [معاني القرآن: 3/117-118]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (197) )

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (198) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وتراهم ينظرون إليك...}
يريد الآلهة: أنها صور لا تبصر. ولم يقل: وتراها لأن لها أجساما وعيونا. والعرب تقول للرجل القريب من الشيء: هو ينظر، وهو لا يراه، والمنازل تتناظر إذا كان بعضها بحذاء بعض). [معاني القرآن: 1/401]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (181 - وقوله جل وعز: {وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون} [آية: 198]
يعني الأصنام
قال الكسائي: يقال داري تنظر إلى دار فلان إذا كانت قريبة منها). [معاني القرآن: 3/118]

تفسير قوله تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (خذ العفو) أي الفضل وما لا يجهده، يقال خذ من أخيك ما عفالك.
(بالعرف) مجازه: المعروف). [مجاز القرآن: 1/236]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (199- {خذ العفو}: الفضل).[غريب القرآن وتفسيره: 155]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (199 - {خذ العفو} أي الميسور من الناس {وأمر بالعرف} [أي بالمعروف] ). [تفسير غريب القرآن: 176]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الحمد لله الذي نهج لنا سبل الرّشاد، وهدانا بنور الكتاب ... وجعله متلوّا لا يملّ على طول التّلاوة، ومسموعا لا تمجّه الآذان، وغضّا لا يخلق على كثرة الرد، وعجيبا لا تنقضي عجائبه، ومفيدا لا تنقطع فوائده، ونسخ به سالف الكتب.
وجمع الكثير من معانيه في القليل من لفظه، وذلك معنى قول رسول الله، صلّى الله عليه وآله وسلّم: «أوتيت جوامع الكلم».
فإن شئت أن تعرف ذلك فتدبر قوله سبحانه: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} كيف جمع له بهذا الكلام كل خلق عظيم، لأن في (أخذ العفو): صلة القاطعين، والصفح عن الظالمين، وإعطاء المانعين.
وفي (الأمر بالعرف): تقوى الله وصلة الأرحام، وصون اللّسان عن الكذب، وغضّ الطّرف عن الحرمات.
وإنما سمّي هذا وما أشبهه (عرفا) و(معروفا)، لأن كل نفس تعرفه، وكل قلب يطمئنّ إليه.
وفي (الإعراض عن الجاهلين): الصبر، والحلم، وتنزيه النفس عن مماراة السّفيه، ومنازعة اللّجوج). [تأويل مشكل القرآن:3- 4]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الأخذ: أصله باليد، ثم يستعار في مواضع:
فيكون بمعنى: القبول، قال الله تعالى: {وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي} [آل عمران: 81] أي: قبلتم عهدي، وقال تعالى: {إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} [المائدة: 41] أي فاقبلوه.
وقال: {وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 104] أي يقبلها.
وقال: {وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} [البقرة: 48] أي: لا يقبل.
وقال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ} [الأعراف: 199] أي: اقبله). [تأويل مشكل القرآن: 502] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين (199)
والعفو الفضل، والعفو ما أتى بغير كلفة.
(وأمر بالعرف).
أي بالمعروف.
(وأعرض عن الجاهلين) ). [معاني القرآن: 2/396]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (182 - وقوله جل وعز: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} [آية: 199]
قال عطاء العفو الفضل
قال أبو جعفر وكذلك هو في اللغة ما كان فضلا ولم يكن بتكلف
حدثنا أبو جعفر قال نا أحمد بن عبد الجبار الصوفي قال أنبأنا داود الضبي قال نا مسلم بن خالد عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله جل وعز: {خذ العفو} قال خذ من أخلاقهم وأعمالهم في غير تجسس
قال الضحاك والسدي هذا قبل أن تفرض الصدقة وقد نسخته الزكاة
وقال وهب بن كيسان سمعت ابن الزبير رحمه الله يقول خذ العفو والله ما أمر أن يؤخذ إلا من أخلاق الناس والله لآخذنه منهم ما صحبتهم
183 - ثم قال جل وعز: {وأمر بالعرف} [آية: 199]
والعرف المعروف). [معاني القرآن: 3/118-120]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (199- {خُذْ الْعَفْوَ} أي ما تيسر من الناس.
(العرف) المعروف). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 89]

تفسير قوله تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (وإمّا ينزغنّك من الشّيطان نزغٌ) مجازه: وإما يستخفنك منه خفة وغضب وعجلة، ومنه قولهم: نزغ الشّيطان بينهم أي أفسد وحمل بعضهم على بعض). [مجاز القرآن: 1/236]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (200- {ينزغنك من الشيطان نزغ}: يستخفنك). [غريب القرآن وتفسيره: 156]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (200 - {وإمّا ينزغنّك} أي يستخفنك. ويقال: نزغ بيننا: إذا أفسد). [تفسير غريب القرآن: 176]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (وإمّا ينزغنّك من الشّيطان نزغ فاستعذ باللّه إنّه سميع عليم (200)
لأدنى حركة تكون، تقول: قد نزغته إذا حركته.
فالمعنى إن نالك من الشيطان أدنى نزغ أي وسوسة.
وقوله: (مسّهم طائف من الشّيطان).
يقال: طفت أطوف، وطاف الخيال يطيف.
وقوله: (تذكّروا فإذا هم مبصرون).
أي تفكروا فيما هو أوضح لهم من الحجة.
(فإذا هم مبصرون) على بصيرة). [معاني القرآن: 2/396]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (184 - وقوله جل وعز: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ} [آية: 200] النزغ أدنى حركة). [معاني القرآن: 3/120]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (200- {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ} أي يستخفنك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 89]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إذا مسّهم طائفٌ...}
وقرأ إبراهيم النخعي (طيف) وهو اللمم والذنب {فإذا هم مّبصرون} أي منتهون إذا أبصروا). [معاني القرآن: 1/402]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (طيفٌ من الشّيطان) مجازه: لممٌ قال الأعشى:
وتصبح عن غب السّرى وكأنّما... ألمّ بها من طائف الجنّ أولق
وهو من طفت به أطيف طيفاً، قال:
أنّي ألمّ بك الخيال يطيف... ومطافه لك ذكرةٌ وشعوف
(يمدّونهم في الغيّ) مجازه: يزّينوه لهم الغى والكفر، ويقال: مدّ له في غيّة زيّنه له وحسّنه وتابعه عليه). [مجاز القرآن: 1/236-237]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({إنّ الّذين اتّقوا إذا مسّهم طائفٌ مّن الشّيطان تذكّروا فإذا هم مّبصرون}
وقال: {إذا مسّهم طائفٌ مّن الشّيطان} و{الطيف} أكثر في كلام العرب وقال الشاعر: [من المتقارب وهو الشاهد التاسع عشر بعد المائتين]:
ألا يا لقومٍ لطيف الخيال = أرّق من نازحٍ ذي دلال
ونقرؤها {طائف} لأنّ عامة القراء عليها). [معاني القرآن: 2/23]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (201- {طيف من الشيطان}: لمم يلم به).[غريب القرآن وتفسيره: 156]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (185 - وقوله جل وعز: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا} [آية: 201]
قال مجاهد الطيف الغضب
قال الكسائي الطيف اللمم والطائف كل ما طاف حول الإنسان
وقال أبو عمرو الطيف الوسوسة وحقيقته في اللغة من طاف يطيف إذا تخيل في القلب أو رؤي في النوم وهو طائف وطيف بمعناه). [معاني القرآن: 3/120]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (201- {طيف} لمم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 89]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (201- (طَيِفٌ): لمم يلم به). [العمدة في غريب القرآن: 141]

تفسير قوله تعالى: (وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ (202) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإخوانهم...}
إخوان المشركين (يمدّونهم) في الغيّ، فلا يتذكّرون ولا ينتهون، فذلك قوله: (ثم لا يقصرون) يعني المشركين وشياطينهم. والعرب تقول: قد قصر عن الشيء وأقصر عنه. فلو قرئت (يقصرون) لكان صوابا). [معاني القرآن: 1/402]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (202- {يمدونهم في الغي}: يزينون لهم). [غريب القرآن وتفسيره: 156]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (202 - {يمدّونهم في الغيّ} أي يطيلون لهم فيه.
{وإخوانهم}: شياطينهم. يقال: لكل كافر شيطان يغويه). [تفسير غريب القرآن: 176]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (وإخوانهم يمدّونهم في الغيّ ثمّ لا يقصرون (202)
هذا معناه التقديم، المعنى (لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون).
(وإخوانهم يمدّونهم في الغيّ ثمّ لا يقصرون).
يعني الشياطين، لأنّ الكفار إخوان الشياطين، والغيّ الجهل، والوقوع في الحركة. ويقال أقصر يقصر، وقصّر، يقصر). [معاني القرآن: 2/396-397]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (186 - وقوله جل وعز: {وإخوانهم يمدونهم في الغي} [آية: 202]
أي يزيدونهم). [معاني القرآن: 3/121]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (202- {يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ} أي يطيلون لهم فيه.
{وَإِخْوَانُهُمْ} شيطانيهم، لأن لكل كافر شيطانا يغويه بالشر). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 89]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (202- {يَمُدُّونَهُمْ}: يزينون لهم). [العمدة في غريب القرآن: 141]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآَيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإذا لم تأتهم بآيةٍ قالوا لولا اجتبيتها...}
يقول: هلا افتعلتها. وهو من كلام العرب؛ جائز أن يقال: اختار الشيء، وهذا اختياره). [معاني القرآن: 1/402]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (هذا بصائر من ربّكم) هذا القرآن ما يتلى عليكم، فلذلك ذكّره، والعرب تفعل ذلك، قال:
قبائلنا سبعٌ وأنتم ثلاثة... وللسبع أركى من ثلاث وأكثر
ذكرّ ثلاثة ذهب به إلى بطن ثم أنثه لأنه ذهب به إلى قبيلة ومجاز بصائر أي حجج وبيان وبرهان.
واحدتها بصيرة وقال الجعفيّ:
حملوا بصائرهم على أكتفاهم... وبصيرتي يعدو بها عتدٌ وأمي
البصيرة الترس، والبصيرة الحلقة من حلق الدرع، فيجوز أن يقال للدرع كلها بصيرة والبصيرة من الدم الذي بمنزلة الورق الرشاس منه والجدية أوسع من البصيرة والبصيرة مثل فرسن البعير فهو بصيرة والجدية أعظم من ذلك، والإسبأة والأسابي في طول، قال:
والعاديات أسابيّ الدّماء بها... كأنّ أعناقها أنصاب ترجيب). [مجاز القرآن: 1/237-238]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (203 - {وإذا لم تأتهم بآيةٍ قالوا لولا اجتبيتها} أي هلا اخترت لنا آية من عندك. قال اللّه: {قل إنّما أتّبع ما يوحى إليّ من ربّي}). [تفسير غريب القرآن: 176]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنّما أتّبع ما يوحى إليّ من ربّي هذا بصائر من ربّكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون (203)
أي هلا اختلقتها، أي هلا أتيت بها من نفسك، فأعلمهم - صلى الله عليه وسلم - أن الآيات من قبل اللّه جل ثناؤه.
وقوله: (إنّما أتّبع ما يوحى إليّ من ربّي هذا بصائر من ربّكم).
أي هذا القرآن الذي أتيت به بصائر من ربكم، واحدة البصائر بصيرة.
والبصيرة والبصائر طرائق الدّم، قال الأشعر الجعفي.
راحوا بصائرهم على أكتافهم... وبصيرتي يعدو بها عتد وأيّ
والبصيرة التّرس، وجمعها بصائر.
وجميع هذا أيضا معناه ظهور الشيء وبيانه). [معاني القرآن: 2/397]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (187 - وقوله جل وعز: {وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها} [آية: 203]
قال قتادة: أي جئت بها من عند نفسك
وكذلك هو في اللغة يقال اجتبيت الشيء وارتجلته واخترعته واختلقته إذا جئت به من عند نفسك). [معاني القرآن: 3/121]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (203- {لَوْلا اجْتَبَيْتَهَا} أي هلاَ اخترت لنا آية من عندك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 89]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا...}
قال: كان الناس يتكلمون في الصلاة المكتوبة، فيأتي الرجل القوم فيقول: كم صليتم؟ فيقول: كذا وكذا. فنهوا عن ذلك، فحرم الكلام في الصلاة لما أنزلت هذه الآية). [معاني القرآن: 1/402]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون (204)
يروى أن الكلام في الصلاة كان جائزا، فكان يدخل الرجل فيقول: كم صلّيتم فيقال: صلينا كذا. فلما نزلت فاستمعوا له وأنصتوا حرم الكلام في الصلاة إلا ما كان مما يتقرب به إلى اللّه جل ثناؤه. ومما ذكرته الفقهاء نحو التسبيح والتهليل والتكبير والاستغفار وما أشبه ذلك. من ذكر الله جلّ وعز ومسألته العفو.
ويجوز أن يكون فاستمعوا له وأنصتوا، اعملوا بما فيه ولا تجاوزوا لأن معنى قول القائل: سمع اللّه دعاءك. تأويله: أجاب الله دعاءك، لأن اللّه جلّ ثناؤه سميع عليم). [معاني القرآن: 2/398]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (189 - وقوله جل وعز: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} [آية: 204]
هذا عام يراد به الخاص
وقال إبراهيم النخعي وابن شهاب والحسن هذا في الصلاة
وقال عطاء هذا في الصلاة والخطبة
قال أبو جعفر القول الأولى أول لأن الخطبة يجب السكوت فيها إذا قرئ القرآن وإذا لم يقرأ
والدليل على صحة ما رواه إبراهيم الهجري عن أبي عياض عن أبي هريرة قال كانوا يتكلمون في الصلاة فأنزل الله جل وعز: {وإذا قرئ القرآن} إلى آخرها
قال أبو جعفر ولم يختلف في معنى قوله تعالى: {واذكر ربك في نفسك} أنه في الدعاء
وقال بعضهم في قوله جل وعز: {فاستمعوا له وأنصتوا} كان هذا لرسول الله خاصة ليعيه عنه أصحابه). [معاني القرآن: 3/122-123]

تفسير قوله تعالى: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (تضرّعاً وخيفةً) أي خوفاً وذهبت الواو بكسرة الخاء.
(والآصال) واحدتها أصل وواحد الأصل أصيل ومجازه: ما بين العصر إلى المغرب، وقال أبو ذؤيب:
لعمري لأنت البيت أكرم أهله... وأقصد في أفيائه بالأصائل
يقال: آخر النهار). [مجاز القرآن: 1/238-239]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({واذكر رّبّك في نفسك تضرّعاً وخيفةً ودون الجهر من القول بالغدوّ والآصال ولا تكن مّن الغافلين}
وقال: {بالغدوّ والآصال} وتفسيرها "بالغدوات" كما تقول: "آتيك طلوع الشمس" أي: في وقت طلوع الشمس كما قال: {بالعشيّ والإبكار} وهو مثل "آتيك في الصّباح وبالمساء" وأما {الآصال} فواحدها: "أصيلٌ" مثل: "الأشرار" واحدها: "الشرير" و"الأيمان" واحدتها: "اليمين"). [معاني القرآن: 2/23]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (205- {الآصال}: واحدها أصيل وهو ما بين العصر والمغرب).[غريب القرآن وتفسيره: 156]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (205 - {والآصال} آخر النهار. وهي العشي أيضا). [تفسير غريب القرآن: 176]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (واذكر ربّك في نفسك تضرّعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدوّ والآصال ولا تكن من الغافلين (205)
(بالغدوّ والآصال).
الآصال جمع. أصل، والأصل جمع أصيل، فالآصال جمع الجمع.
والآصال العشيات). [معاني القرآن: 2/398]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (188 - وقوله جل وعز: {ودون الجهر من القول بالغدو والآصال} [آية: 205]
الآصال العشايا الواحد أصل وواحد أصل أصيل). [معاني القرآن: 3/121]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (والآصال): العشيات). [ياقوتة الصراط: 234]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (205- {الآصَالِ}: مابين العصر إلى المغرب). [العمدة في غريب القرآن: 141]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (206 - {إنّ الّذين عند ربّك} يعني الملائكة). [تفسير غريب القرآن: 176]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله سبحانه: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 17].
قال قتادة والحسن: اللهو: المرأة.
وقال ابن عباس: هو الولد.
والتفسيران متقاربان، لأن امرأة الرجل لَهْوُهُ، وولده لَهْوُهُ ولذلك يقال: امرأة الرجل وولده ريحانتاه.
وأصل اللهو: الجماع، فكنّي عنه باللهو، كما كني عنه بالسِّرِّ، ثم قيلَ للمرأة: لَهْوٌ؛ لأنها تُجَامع.
قال امرؤ القيس:
ألا زَعَمَتْ بَسباسَةُ اليوم أنّني = كَبَرْتُ وألا يُحْسِنَ اللهوَ أمثالي
أي النكاح.
ويروى أيضا: (وألا يحسن السرَّ أمثالي): أي النكاح.
وتأويل الآية: أن النّصارى لما قالت في المسيح وأمّه ما قالت، قال الله جل وعز: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا}، أي صاحبة وولدا، كما يقولون، لاتخذنا ذلك من لدنا، أي من عندنا، ولم نتّخذه من عندكم لو كنّا فاعلين ذلك، لأنكم تعلمون أن ولد الرجل وزوجه يكونان عنده وبحضرته لا عند غيره.
وقال الله في مثل هذا المعنى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ} [الأعراف: 206]، يعني الملائكة). [تأويل مشكل القرآن: 163] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (إنّ الّذين عند ربّك لا يستكبرون عن عبادته ويسبّحونه وله يسجدون (206)
يعنى به الملائكة.
(ويسبّحونه) ينزهونه عن السوء.
فإن قال قائل: الله جل ثناؤه في كل مكان، قال الله تعالى: (وهو اللّه في السّماوات وفي الأرض)
فمن أين قيل للملائكة: (عند ربّك)، فتأويله إنه من قرب من رحمة الله ومن تفضله وإحسانه). [معاني القرآن: 2/398]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:40 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة