العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 05:05 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النمل

[ من الآية (73) إلى الآية (81) ]
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (73) وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (74) وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (75) إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76) وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (77) إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (78) فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (79) إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (80) وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (81) }


قوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (73)}
قوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (74)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن السميفع وابن محيصن: [تَكُنُّ صُدُورُهُمْ] بفتح التاء. وضم الكاف.
قال أبو الفتح: المألوف في هذا: أَكْنَنْتُ الشيءَ: إذا أخفيتَه في نفسك. وكَنَنْتُه: إذا سترته بشيء، فأكننت كأضمرت، وكَنَنْتُ كسترت. فأما هذه القراءة: [تَكُنُّ صُدُورُهُمْ] فعلى أنه أجرى الضمير لها مجرى الجسم الساتر لها مبالغة؛ وذلك لأن الجسم أقوى من العَرَض، وهذا نحو من قوله:
وحَاجَةٌ دونَ أُخْرَى قَدْ عَرَضْتُ لها ... جَعَلْتُها لِلَّتِي أَخْفَيْتُ عُنْوَانا
فأجرى ما يخفيه الضمير ويبرزه البوح به مجرى ما يدرك باللمس؛ تنويها به، ومُبَادَاة للحس بإدراكه, وقد مر به بعض المولدين، فقال:
حُبِّي لَهُ جِسْمٌ وَحُبْـ ... ـبُّ الناسِ كُلِّهِمُ عَرَضْ
وعليه قول الآخر:
تَغَلْغَلَ حُبُّ عَثْمَةَ في فُوادِي ... فَبَادِيِهِ مَعَ الخافِي يَسِيرُ
ألا تراه كيف وصفه بما توصف به الجواهر من السروب والتغلغل؟ ومرَّ به الطائي الكبير، إلا أنه عكسه فقال:
مَوَدَّةٌ ذَهَبٌ أثمارُها شَبهُ ... وَهِمّةٌ جَوْهَرٌ مَعْرُوفُها عَرَضُ
والباب واسع، والطريف مُسْهَب, إلا أنّ هذا سًمْته). [المحتسب: 2/144]

قوله تعالى: {وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (75)}
قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76)}
قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (77)}
قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (78)}
قوله تعالى: {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (79)}
قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (80)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولا يسمع الصّمّ الدّعاء (80)
قرأ ابن كثير وحده (ولا يسمع) بالياء، (الصّمّ) رفعًا، و(الدّعاء) نصبًا.
ها هنا وفي الروم.
وقرأ الباقون (ولا تسمع الصّمّ الدّعاء).
وروى عباس عن أبي عمرو مثل ابن كثير.
قال أبو منصور: من قرأ (ولا يسمع الصّمّ الدّعاء) فالفعل للصّمّ، و(الدعاء) مفعول به.
ومن قرأ (ولا تسمع الصّمّ الدّعاء) فالخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -
[معاني القراءات وعللها: 2/245]
والصّم مفعول به، والدعاء مفعول ثان وأراد بالصّم: الكفار الذين لا يعون ما يسمعون، لا أنّهم صمّ الآذان). [معاني القراءات وعللها: 2/246]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (26- وقوله تعالى: {ولا تسمع الصم الدعاء} [80].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/162]
قرأ ابن كثير وحده: {ولا يسمع} بالياء، {الصم} بالرفع جعلهم هم الفاعلين.
وقرأ الباقون: {ولا تسمع} أنت يا محمد بالتاء خطابًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، {الصم} نصب مفعول به أي: ولا تسمع أنت يا محمد القوم الصم {الدعاء} مفعول ثان. والصم مثل؛ لأنهم لو لم يسمعوا ولم يبصروا ما وجبت الحجة عليهم، ولكنه لما خاطبهم ووعظهم فتكبروا عن الموعظة ومجتها آذانهم صاروا بمنزلة من لا يسمع. قال الشاعر:
اصم عما ساءه سميع). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/163]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ ابن كثير: (ولا يسمع الصم) [النمل/ 80] رفعا، وفي الروم [الآية/ 52] مثله، وقرأ الباقون: تسمع بالتاء، الصم نصبا في الموضعين.
عباس عن أبي عمرو: (ولا يسمع الصّمّ) مثل ابن كثير.
حجّة من قرأ: تسمع أنّه أشبه بما قبله، ألا ترى قوله سبحانه: إنك لا تسمع الموتى [النمل/ 80] فأسند الفعل إلى المخاطبين، فكذلك يسند إليهم في قوله: ولا تسمع الصم ويؤكد ذلك قوله: ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم، ولو أسمعهم لتولوا [الأنفال/ 23]، فيكون المعنى: إنّك لا تسمعهم كما لم يسمعهم الله.
والمعنى: أنّهم لفرط إعراضهم عما يدعون إليه من التوحيد والدين، كالميت الذي لا سبيل إلى إسماعه وإعلامه شيئا، وكالصّمّ الذين لا يسمعون ولا يسمعون. ومن قرأ: (لا يسمع الصّمّ) فالمعنى أنّهم لا ينقادون للحقّ لعنادهم، وفرط ذهابهم عنه، كما لا يسمع الأصم ما يقال له.
ومن قرأ: لا تسمع فالمعنى: إنك إذا أسمعتهم لم يسمعوا، فالمعنى فيه يؤول إلى أن الصمّ لا تسمع). [الحجة للقراء السبعة: 5/403]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إنّك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدّعاء إذا ولوا مدبرين}
قرأ ابن كثير {ولا يسمع} بالياء وفتحها {الصم} بالرّفع جعلهم الفاعلين أي لا ينقادون للحق لعنادهم كما لا يسمع الأصم ما يقال له
وقرأ الباقون {لا تسمع} بالتّاء وضمّها {الصم} نصب خطاب لرسول الله صلى الله عليه وحجتهم أنه أشبه بما قبله ألا ترى في قوله تعالى {إنّك لا تسمع الموتى} فأسند الفعل إلى المخاطب فكذلك تسند إليه في قوله {ولا تسمع الصم} ويدل على ذلك قوله ولو علم الله فيه خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا فيكون المعنى إنّك
[حجة القراءات: 536]
لا تسمعهم كما لم يسمعهم الله فالمعنى أنهم لفرط إعراضهم عمّا يدعون إليه من التّوحيد كالميت الّذي لا سبيل إلى إسماعه وإعلامه شيئا كالصم). [حجة القراءات: 537]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (30- قوله: {ولا تُسمع الصم} قرأه ابن كثير بياء مفتوحة، وفتح الميم، ورفع «الصم» على الإخبار عنهم، فهو نفي السماع عنهم، فرفعهم كرفع الفاعل، والمعنى أنهم لا ينقادون إلى الحق كما لا يسمع الأصم المعرض المدبر عن سماع ما يقال له من كلام من يكلمه، فلم يكفه أنه معرض عما يقال له حتى وصفه بالصم.
فهذا غاية امتناع سماع ما يقال له، فيشبههم في إعراضهم عن قبول ما يقال لهم من الإسلام والكتاب بدعاء الأصم المعرض المدبر عن الشيء، وقرأ الباقون بتاء مضمومة، وكسر الميم، ونصب «الصم» ردوه على ما قبله من الخطاب لمحمد عليه السلام، في قوله: {إنك لا تسمع الموتى} فجرى الثاني على لفظ
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/165]
الأول من الخطاب، ونصبوا الصم بوقوع الفعل عليهم، والمعنى: إنك يا محمد لا تقدر أن تسمع دعاءك الصم المعرضين عنك المدبرين شبهوا في إعراضهم عما جاءهم به محمد، وترك قبولهم له، بالأصم المعرض عن الشيء المدبر وهو الاختيار لأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/166]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (26- {وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ} [آية/ 80] بالياء مفتوحة في {يَسْمَعُ} وبالرفع في {الصُّمُّ}:
قرأها ابن كثير وحده.
والوجه أن الفعل مسند إلى {الصُّمُّ}، والمعنى أن الصم لا يسمعون الدعاء، أراد أن الكفار يشبهون الصم من حيث أنهم لا يُصيخون للحق ولا يقبلونه، كما أن الأصم لا يسمع ما يقال له.
وقرأ الباقون {وَلَا تُسْمِعُ} بالتاء المضمومة، {الصُّمَّ} بالنصب.
والوجه أنه على إسناد الفعل إلى المخاطب، والمخاطب هو النبي صلى الله عليه (وسلم)، أي إنك لا تقدر على إسماء الصم، كما لا تقدر
[الموضح: 970]
على إسماع الموتى؛ لأن قبله {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}، فهذا أشد مناسبة ما قبله؛ لأن الفعل فيما قبله مسند إلى المخاطب). [الموضح: 971]

قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (81)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وما أنت بهادي العمي (81)
قرأ حمزة وحده (وما أنت تهدي العمي) بالتاء و(العمي) نصبًا، وكذلك قرأ في الروم فوقف عليها بالياء، يعنى على قوله (تهدي).
وقرأ الباقون (وما أنت بهادي العمي) بالياء مع الإضافة، ووقفوا على التي في النمل (بهادي) بالياء، وهي ثابتة في المصحف، ووقفوا في الروم على قوله (بهاد) بغير ياء، وليس في الكتاب ياء.
قال أبو منصور: من قرأ (وما أنت تهدي العمي)
فالمعنى: ما أنت يا محمد تهدي الذين عميت بصائرهم عن آياننا، ولكن عليك الدّعاء، ويهدى الله من يشاء.
و(العمي) في هذه القراءة منصوب بالفعل، ومن قرأ (وما أنت بهادي العمي) فإن الباء دخلت لحرف النفي، كقولك: ما أنت بعالم.
وخفض (العمي) لأنه مضاف إليه). [معاني القراءات وعللها: 2/246]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (27- وقوله تعالى :{وما أنت بهادي العمي} [81].
قرأ حمزة وحده: {وما أنت تهدي العمي} جعله فعلاً مضارعًا. وكذلك في (الروم) فيلزم من قرأ بقراءة حمزة أن يقف بالياء في السورتين كليهما.
وقرأ الباقون: {بهادي} فـ «هادي» اسم الفاعل، وهو في موضع جر بالباء وهو خبر «ما» كأنه يقول: ما أنت بقائم، ولو أسقطت الباء لقلت ما أنت قائمًا، فإذا قلت: ما أنت تقوم فـ«تقوم» نصب في المعنى، رفع في اللفظ. وكتبت {بهدي} بالياء على الأصل وكتب في (الروم) {به} بغير ياء على الوقف، والاختيار أن تقف ها هنا بالياء، وثم بغير ياء اتباعا للمصحف. ويجوز في النحو إسقاط الياء من الجميع، وإثباتها.
حدثنا ابن مجاهد، قال: حدثنا محمد بن يحيى الكسائي عن خلف
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/163]
قال: كان الكسائي يقول: من قرأ {تهدى} بالتاء وقف عليهما بالياء. قال خلف: وسمعت الكسائي يقف عليهما جميعًا.
وفيها قراءة ثالثة: حدثني ابن عرفة، قال: حدثني المبرد قال: سمعت عمارة بن عقيل بن بلال بن جري يقرأ: {وما أنت بهاد العمى} وهو جيد في العربية. كما تقول: براكب الفرس، وبراكب الفرس، فعلى هذه القراءة تقف {هاد} بغير ياء مثل {ولا مولود هو جاز} {فاقض ما أنت قاض} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/164]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ حمزة وحده: (تهدي) [النمل/ 81] بالتاء (العمي) نصبا، وفي الروم [53] مثله، وقرأ الباقون: بهادي العمي مضافا في السورتين. قال أبو بكر: وكتب: (تهدي العمي) في هذه السورة بياء على الوقف، وكتب التي في الروم بغير ياء على الوصل، وقال خلف: كان الكسائي يقف عليهما جميعا بالياء.
حدثنا بذلك محمد بن يحيى الكسائي عن خلف، قال خلف: سمعت الكسائي يقول: من قرأ: (تهدي العمي) بالتاء، وقف عليهما جميعا بالياء.
قال بعض أصحاب أحمد، يعني الكسائي: إن حمزة يقف: (تهدي)، كما يصل بالياء.
[قال أبو علي]: حجة حمزة قوله: أفأنت تهدي العمي [يونس/ 43] والمعنى على تقدير: إنّك لا تهديهم لشدة عنادهم، وفرط إعراضهم، وإذا كان كذلك كان المعنى: إنّك لا تهدي العمي.
فأمّا أنت من قوله: (وما أنت تهدي العمي) فعلى قول أهل الحجاز، وهي لغة التنزيل يرتفع بما، وتهدي في موضع نصب بأنّه الخبر، وعلى قول بني تميم: يرتفع بمضمر يفسره الظاهر الذي
[الحجة للقراء السبعة: 5/404]
هو: (تهدي) تقديره إذا أظهرت ذلك المضمر ما تهدي تهدي، لأنّك إذا أظهرت الفعل المضمر اتصل به الضمير، ولم ينفصل كما ينفصل إذا لم تظهر.
وكذلك لو أظهرت ما ارتفع عليه أنت: فانظر، اتصل الضمير فصار: انظر انظر.
ومن قرأ: بهادي العمي مضافا في السورتين، فاسم الفاعل للحال، أو للآتي وإذا كان كذلك. كانت الإضافة في نيّة الانفصال، فأمّا كتابة: بهادي العمي في هذه السورة بالياء، فإن في الوقف على هاد وواد، وواق، ونحوه لغتين:
إحداهما وهي الأكثر: أن يقف بغير ياء، فيقول: (بهاد) بالسكون، وذلك أنّه كان في الوصل متحركا بالكسر، فإذا وقفت حذفت الحركة، كما تحذفها من سائر المتحركات في الوقف.
وقوم يقفون بالياء فيقولون: بهادي وواقي، وذلك أنّه كان حذف الياء من هادي لالتقائهما مع التنوين، وهما ساكنان، فلمّا وقف حذف التنوين في الوقف، فلمّا حذف التنوين عادت الياء التي كانت حذفت [لالتقائها ساكنة مع التنوين فيقول: هادي وواقي. ونحوه حكى سيبويه] اللغتين، فعلى هذا حذف الياء في موضع وإثباتها في آخر، على أن تكون كتبت على اللغتين، أو يكون أريد (بهادي) الإضافة، فلم ينوّن، فإذا لم ينوّن لم يلزم أن يحذف الياء، كما يحذف
[الحجة للقراء السبعة: 5/405]
إذا نوّن لسكونها، وسكون الياء، أو يكون: أريد به تهدي تفعل، ولم يرد به اسم الفاعل، وإذا أريد: تفعل ثبتت الياء في الوصل والوقف، ولعل حمزة في قراءته (تهدي). اعتبر ذلك إن كان مكتوبا في الخط بغير ألف، وزعموا أن: (تهدي) قراءة الأعمش). [الحجة للقراء السبعة: 5/406]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم} 81
قرأ حمزة (وما أنت تهدي العمي) بالتّاء و{العمي} بالنّصب وحجته قوله {أفأنت تهدي العمي} والمعنى أنّك لا تهديهم لشدّة عنادهم وفرط إعراضهم فأما {أنت} في قوله (وما أنت تهدي) فعلى قول أهل الحجاز وهو لغة التّنزيل يرتفع ب {ما} {وتهدي} في موضع نصب بأنّه الخبر
وقرأ الباقون {وما أنت بهادي العمي} مضافا وفي الرّوم مثله {بهادي} اسم الفاعل وهو في موضع جر بالباء وهو خبر {ما} كما تقول ما أنت بقائم ولو أسقطت الباء لقلت ما أنت قائما وكتب {بهادي} في هذه السّورة بالياء على الأصل وكتب في الرّوم (بهاد) بغير ياء على نيّة الوصل والاختيار أن تقف ها هنا
[حجة القراءات: 537]
بالياء وفي الرّوم بغير ياء). [حجة القراءات: 538]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (31- قوله: {وما أنت بهادي العمي} قرأه حمزة «تهدي» بالتاء على وزن «تفعل»، «العمى» بالنصب بـ «تهدي» جعله فعلًا للحال والاستقبال، وقرأ الباقون «بهادي» جعلوه اسم فاعل، دخلت عليه الباء لتأكيد النفي، وهو أيضًا للحال أو للاستقبال وخفضوا «العمي» لإضافة «هادي» إليه، ويجوز «العمي» في الكلام بالنصب على تقدير حذف التنوين لالتقاء الساكنين، ومثله في الروم، ووقف الكسائي عليهما جميعًا بالياء على الأصل، ووقف الباقون على هذا الذي في النمل بالياء، لثبات الياء فيه في المصحف، ولأنه الأصل، ووقفوا على الذي في الروم بغير ياء لحذفها من المصحف في الروم اتباعًا للخط، وروي عن حمزة أنه يقف عليهما بالياء، وقال الكسائي: من قرأ «تهدي» بالتاء لزمه أن يقف بالياء وإنما لزمه ذلك لأن الفعل لا يدخله تنوين في الوصل تحذف له الياء، فيكون في الوقف كذلك كما يدخل التنوين على «هاد» ونحوه فتذهب الياء في الوصل، فيجري الوقف على ذلك لمن وقف بغير ياء، والاختيار ما عليه الجماعة والاتباع لخط المصحف، وأن لا يُتعمد الوقف
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/166]
عليه في الروم). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/167]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (27- {وَمَا أَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ} [آية/ 81] بالتاء في {تَهْدِي} على أنه فعلٌ مستقبلٌ، وبنصب {الْعُمْيَ}:
قرأها حمزة وحده، وكذلك في الروم.
والوجه أنه أليقُ بما قبله، وهو قوله {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ} وهما فعلان مستقبلان، وكذلك هذا فعل مستقبل، والمعنى: إنك لا تسمع الصم ولا تُهدي العمي، أي إنك لا تقدر على أن تهديهم لفرط عنادهم فشبههم في عنادهم بالعمي، أراد أنهم لا ينتفعون بإبصار الحق، فكأنهم عمي.
وقرأ الباقون في السورتين {بِهَادِي} على وزن فاعل، وبجر {العُمْيِ}.
والوجه أنه فاعل من هدى، فهو هادٍ، على وزن قاضٍ، وهو بمعنى الحال أو الاستقبال، فالإضافة غير محضة؛ لأنها في نية الانفصال ووجود التنوين، والتقدير: بهادٍ العمي، وقد عمل اسم الفاعل عمل الفعل، كأنه قال: تهدي العمي، والمعنى في القراءتين واحد.
[الموضح: 971]
ويعقوب يقف عليهما بالياء.
واختلف عن الكسائي فيه، فالدوري عنه يقف بلا ياء، وابن هشام بالياء.
والوجه أن الوقف على مثل {هادٍ} و{والٍ} و{واقٍ} يجوز بالياء وبغير الياء، لكنه بغير الياء أكثر؛ لأن التنوين مراعىً، إذ لا ألف ولام فيه، والياء إنما حذفت لالتقائها مع التنوين، وحجة إثبات الياء أن التنوين زائل في اللفظ لأجل الوقف فعاد الياء لذلك.
ومن قرأ {تَهْدِي} فإنه يقف بالياء.
والوجه أن الياء ههنا مثبتة؛ لأنها في فعلٍ مستقبلٍ، ولا تنوين فيه، فتحذف الياء لأجل التنوين). [الموضح: 972]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 05:07 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النمل

[ من الآية (82) إلى الآية (85) ]
{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82) وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83) حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآَيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (84) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ (85)}


قوله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (تكلّمهم أنّ النّاس (82)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمر وابن عامر: (إنّ النّاس) بكسر الألف.
وقرأ الباقون (أنّ النّاس) بفتح الألف.
قال أبو منصور: من فتح الألف (أن النّاس) أوقع عليها الكلام، تكلمهم بأن النّاس وموضعها نصب.
ومن قرأ (تكلّمهم إنّ النّاس) كانت (إنّ) خبرًا
[معاني القراءات وعللها: 2/246]
مستأنفًا وفيه معنى وقوع الكلام، ومثله: (فلينظر الإنسان إلى طعامه) (أنّا) و(إنّا).
وأخبرني المنذري عن ابن اليزيدي قال سمعت أبا حاتم قال: من قرأ (تكلمهم أنّ الناس) بفتح (أن) فالوقف على (لا يوقنون)، ومن كسر (إن) فالوقف على (تكلّمهم). وهو من الكلام.
قال أبو منصور: وقرأ بعضهم (تكلمهم)، من الكلم.
وهو شاذ لا يعرج عليه). [معاني القراءات وعللها: 2/247]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (28- وقوله تعالى: {تكلمهم أن الناس} [82].
قرأ أهل الكوفة بالفتح، واحتجوا بقراءة ابن مسعود {تكلمهم بأن الناس} بالباء فلما سقطت الباء حكمت عليهما بالنصب، و«أن» إذا كانت في موضع اسم كانت في موضع الرفع والنصب والجر، لأنها تعرب كسائر الأسماء.
وقرأ الباقون بالكسر على الاستئناف؛ لأنهم جعلوا الكلام عند قوله {تكلمهم} تامًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/164]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (29- وقوله تعالى: {تكلمهم} [82].
اتفق القراء على تشديد اللام إلا ابن عباس فإنه قرأ: {أخرجنا لهم
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/164]
دابة من الأرض تكلمهم} مخففا، أي تسمهم؛ تجرحهم. تقول العرب: كلمت زيدًا أي: جرحته، وكلمته من الكلام. وربما قيل في الجراحة: كلمته بالتشديد، ولا يقال: كلمته في الكلام بالتخفيف). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/165]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في كسر الألف وفتحها من قوله جل وعز: تكلمهم أن الناس [النمل/ 82] فقرأ عاصم وحمزة والكسائي: أن الناس فتحا وقرأ الباقون: (إنّ النّاس) كسرا.
قال [أبو علي]: وجه الفتح: تكلّمهم بأنّ النّاس. وفي قراءة أبيّ زعموا: (تنبّئهم) وروي عن قتادة: أنّه في بعض الحروف: (تحدّثهم)، وهذا يدلّ على أنّ تكلمهم من الكلام الّذي هو نطق، وليس من الكلم الّذي هو الجراح.
ومن كسر فقال: (إنّ النّاس)، فالمعنى: تكلّمهم تقول لهم: إنّ الناس، وإضمار القول في الكلام كثير، وحسن هذا لأنّ الكلام قول، فكأنّ القول قد ظهر). [الحجة للقراء السبعة: 5/406]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد والجحدري وأبي زرعة. [تَكْلِمُهُمْ]
[المحتسب: 2/144]
قال أبو الفتح: [تَكْلِمُهُمْ]: تجرحهم بأكلها إياهم، وهذا شاهد لمن ذهب في قوله [تُكَلِّمُهُمْ] إلى أنه بمعنى تجرحهم بأكلها إياهم. ألا ترى أن [تَكْلِمُهُمْ] لا يكون من الكَلْم وهو الجرح. وهذه المادة مما وضعته العرب عبارة عن الشدة هي وتقاليبها الستة: ك ل م، ك م ل، م ل ك، ل ك م، م ك ل، ل م ك. وقد ذكرناها في كتابنا الخصائص أول باب منه، وهو باب القول على فرق بين الكلام والقول.
ويشهد لمن قال في قوله: [تُكَلِّمُهُمْ] إلى أنه من الكلام قراءة أبي: [تُنَبِّئُهُم]، ويشهد لهذا التأويل أيضا قراءة ابن مسعود: [تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُون]. وإن شئت كان هذا شاهدا لمن ذهب إلى أن [تُكَلِّمُهُمْ]: تجرحهم، أي: تفعل بهم ذلك بكفرهم، وزوال يقينهم). [المحتسب: 2/145]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أخرجنا لهم دابّة من الأرض تكلمهم أن النّاس كانوا بآياتنا لا يوقنون} 82
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {إن النّاس} بفتح الألف واحتجّوا بقراءة ابن مسعود (تكلمهم بأن النّاس) بالباء فلمّا سقطت الباء حكم عليها بالنّصب
وقرأ الباقون {إن النّاس} بالكسر على الاستئناف جعلوا الكلام عند قوله تكلمهم تاما). [حجة القراءات: 538]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (32- قوله: {تكلمهم أن الناس} قرأ الكوفيون «أن الناس» بفتح الهمزة على تقدير: بأن الناس، وفي حرب أبي: «تنبئهم أن الناس» فهذا لا يكون معه إلا فتح «أن» وفي حرف ابن مسعود: «تكلمهم بأن الناس» فهذا ظاهر في فتح «أن» حكى قتادة أن في بعض القراءة «تحدثهم أن الناس» فهذا يدل على أن «تكلمهم» من «الكلام»، ليس من الجراح، وسئل ابن عباس عن هذا الحرف كيف هو، تكلِّمهم أو تكلِمهم؟ فقال: كلا والله تفعل، تُكلم المؤمنين وتَكلِم الكافر، أي تجرحه أي تسمه، وقرأ الباقون بكسر الهمزة على إضمار القول أي: تكلمهم فتقول: إن الناس، وحسن هذا لأن الكلام قول، فدل «تكلمهم» على القول المحذوف؛ لأنه قول، وهو الاختيار). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/167]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (28- {تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ} [آية/ 82] بفتح الألف:
قرأها الكوفيون ويعقوب.
والوجه أن المراد: تُكلمهم بأن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون، أي تحدثهم بذلك.
وعن قتادة: أن في بعض الحروف: تحدثهم، وهذا يدل على أنه من الكلام لا من الكَلْم.
وقرأ الباقون: {إِنَّ} بكسر الألف.
والوجه أنه على إضمار القول؛ لأن {إنَّ} تكون بعد القول مكسورة، تقول: قال زيد إن عمرًا منطلق، بكسر إنّ، وتقدير الآية: تكلمهم وتقول إنّ الناس، ولأجل أن الكلام بمعنى القول حسُن وقوع إن المكسورة ههنا). [الموضح: 973]

قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83)}
قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآَيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (84)}
قوله تعالى: {وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ (85)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 05:09 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النمل

[ من الآية (86) إلى الآية (88) ]
{ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (86) وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87) وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88)}


قوله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (86)}
قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وكلٌّ آتوه داخرين (87)
قرأ حمزة وحفص) (وكلٌّ أتوه) مقصورًا.
وقرأ الباقون (آتوه) ممدودًا.
قال أبو منصور: من قرأ بالمدّ (آتوه) فمعناه: كل جاءوه.
وقيل: فاعلوه.
ومن قرأ (أتوه) ردّه على قوله: (ففزع من في السماوات... وكلٌّ أتوه) فرد فعل على مثلها، ورويت هذه القراءة عن ابن مسعود. وهي حسنة، والأولى جيدة). [معاني القراءات وعللها: 2/247]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (30- وقوله تعالى: {وكل أتوه داخرين} [87].
قرأ حمزة وحفص عن عاصم: {وكل أتوه داخرين} جعلوه فعلاً ماضيًا، كما تقول: غزوة قضوة، والأصل: أيتوه، وقضيوه وغزووه، فاستثقلوا الضم على الياء والواو فخزلوها، وحذفوا الياء والواو لسكونها وسكون واو الجمع.
وقرأ الباقون: {وكل ءاتوه} بالمد على فاعلوه مثل ضاربوه، والأصل: آتيونه فذهبت الياء لما أعلمتك، والنون للإضافة. ومددت أو الكلمة، لأن الهمزة الأولي في أوله فاء الفعل، والألف الثانية ألف فاعلين زائدة مجهولة. ول قرأ قارئ «وكل ءاتاه» فوحد جاز، لأن «كل» له لفظ ومعنى فلفظه التوحيد ومعناه الجمع، فمن جمع رده إلى معناه ومن وحده رده إلى لفظه. كما قال: {وكلهم آتيه يوم القيامة فردًا} فوحد رد إلى اللفظ. ولو قرأ قارئ «وكل آتيه» كان صوابًا. غير أن القراءة سنة يأخذها آخر عن أول، ولا تحمل على قياس العربية ومن فعل ذلك كان عند العلماء معيبًا مبتدعًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/165]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ حمزة وحفص عن عاصم: وكل أتوه [النمل/ 87] مفتوحة التاء، وقرأ الباقون: (وكلّ آتوه) ممدودة مضمومة التاء، [أبو بكر عن عاصم مثله].
[الحجة للقراء السبعة: 5/406]
[قال أبو علي]: من قرأ: أتوه كان: فعلوا من الإتيان، وحجّته قوله حتى إذا جاءنا قال يا ليت [الزخرف/ 38]، فكذلك:
(أتوه) فعلوا من الإتيان، وحمل على معنى كلّ، دون لفظه، ولو حمل على لفظ كل لكان حسنا، كما قال سبحانه: إن كل من في السموات والأرض إلا آتى الرحمن عبدا [مريم/ 93].
ومن قرأ: (وكلّ آتوه) فحجّته قوله: وكلهم آتيه يوم القيامة فردا [مريم/ 95] فكما أنّ (آتيه) فاعله حمل على لفظ (كلّ) كذلك آتوه: فاعلوه، فآتوه: محمول على معنى كلّ، وقوله: (آتيه):
(وإن كلّ إلّا آت الرحمن عبدا) محمول ذلك كلّه على لفظ كلّ دون معناه). [الحجة للقراء السبعة: 5/407]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة قتادة: [وَكُلٌّ أَتَاهُ دَاخِرِين].
قال أبو الفتح: حمل "أتاه" على لفظ "كل"؛ إذ كان مفردا، و"داخرين" على معناها. ولو قلب ذلك لم يحسن، لو قال: وكل أتوه داخرا قبح وضعف؛ وذلك أنك لما قلت: وكل فقد جئت بلفظ مفرد، فإذا قلت: أتوه فقد حملت على المعنى وانصرفت عن اللفظ، ثم إذا قلت: من بعد داخرا فأفردت فقد تراجعت إلى ما انصرفت عنه، فكان ذلك قلقا في الصنعة وانتكاثا عن المحجة المصير إليها المعتزمة.
وعلى ذلك قول الله سبحانه: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ}. فلو قال: من بعد: حتى إذا خرج من عندك لم يحسن؛ وذلك لأنه قد ترك لفظ. "من" إلى معناه بقوله: "يستمعون". فلو عاد إليه بعدَ انصرافه عنه فقال: خرج عاد إلى ما كان قد رغب عنه. واعتزم غيره عوضا منه. وكذلك قول الفرزدق:
تَعَشَّ فإنْ عاهدْتَنِي لا تخونُنِي ... نَكُنْ مِثْل مَن يا ذِيبُ يَصْطَحِبان
[المحتسب: 2/145]
فلو قال بعدَ يصطحبان: فلا تُنكر صحبته، أو فلا تذم عشرته؛ عودا إلى لفظ "مَن" وإفراده لكان فيه ما ذكرنا من كراهيته. واعلم أن مقاد الاستعمال في [كُلٌّ] أنها إذا كانت مفردة أخبر عنها بالجميع، نحو قوله تعالى: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}، و {كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ}، {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} في قراءة الكافة. فإن كانت مضافة إلى الجماعة أتى الخبر عنها مفردا كقوله تعالى: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا}، وذلك أن أحد عَلَمَي الجمع كاف عندهم من صاحبه، وابنِ على ذلك). [المحتسب: 2/146]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ويوم ينفخ في الصّور ففزع من في السّماوات ومن في الأرض إلّا من شاء الله وكل أتوه داخرين} 87
قرأ حمزة وحفص {وكل أتوه} مقصورة مفتوحة التّاء جعلاه فعلا ماضيا أي جاؤوه على تأويل إذا كان ذلك أتوه كقوله {ونادى أصحاب الجنّة} وإنّما هو إذا كان ذلك وكذلك قوله {يومًا كان شره مستطيرا} أي إذا وقع كان شره مستطيرا وهو مردود على قوله {ففزع} كأنّهم وجهوا معنى الكلام إلى قوله ويوم ينفخ في الصّور ففزع من في السّموات ومن في الأرض وكلهم أتوه داخرين والأصل أتيوه فاستثقلوا الضمة على الياء فحذفوها وحذفوا الياء لسكونها وسكون واو الجمع
[حجة القراءات: 538]
وقرأ الباقون {وكل أتوه} بالمدّ مضمومة على الاستقبال وحجتهم قوله تعالى {وكلهم آتيه يوم القيامة} فكذلك الجمع {آتوه} والأصل آتيونه فذهبت الياء لما أعلمتك والنّون للإضافة وإنّما جاز في كل أن تقول آتيه وآتوه لأن لفظها لفظ الواحد ومعناه الجمع فمن جمع رده إلى معناها كقوله تعالى {كل له قانتون} {وكل أتوه داخرين} ومن وحد رده إلى لفظها كما قال وكلهم {آتيه يوم القيامة فردا} فوحد ردا إلى اللّفظ). [حجة القراءات: 539]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (33- قوله: {وكل أتوه} قرأه حفص وحمزة «أتوه» بالقصر، وفتح التاء، وقرأ الباقون بالمد وضم التاء، وورش على أصله في المد، وفي إلقائه حركة الهمزة على التنوين في «كل».
وحجة من قصره أنه جعله فعلًا ماضيًا، من باب المجيء، أي وكل جاؤوه، وأصله «أتيوه» على وزن «فعلوه» فلما انضمت الياء، وقبلها فتحة، قُلبت ألفًا، وبعدها واو الجمع ساكنة، فحذفت الألف لسكونها وسكون واو الجمع بعدها، وبقيت مفتوحة تدل على الألف المحذوفة والهاء في هذه القراءة في موضع نصب بوقوع الفعل عليها.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/167]
34- وحجة من مد أنه جعله اسم فاعل من باب المجيء أيضًا فالمعنى: وكل جائيوه، وأصله «آتيوه» مثل «فاعلوه» فلما انضمت الياء وقبلها كسرة، استثقل ذلك فيها، وألقيت حركة الياء على التاء، وحذفت كسرة التاء، فاجتمع ساكنان الياء والواو بعدها فحذفت الياء لالتقاء الساكنين، وبقيت حركتها تدل عليها، وقيل: بل أسكنت الياء تخفيفًا، وحذفت لالتقاء الساكنين، وضمت التاء لتصح الواو التي للجمع؛ إذ ليس في كلام العرب واو ساكنة، قبلها كسرة، وحذفت النون للإضافة، والهاء في هذه القراءة في موضع خفض لإضافة اسم الفاعل إليها، وهو الاختيار؛ لأن الجماعة عليه، فإن قيل: فهلا كان في قراءة من مد فعلًا مستقبلًا مثل «أنا آتيك به»؟ فالجواب أن الهمزة في «أفعل» أبدًا تكون للاستقبال، إذ كان الفعل للمخبر عن نفسه، وقوله: «وكل أتوه» ليس هو المخبر عن نفسه، إنما هو خبر عن غيب، فلا يحسن فيه أن تكون الهمزة للاستقبال، وقوله: {أنا آتيك} إنما جاز أن تكون الهمزة فيه للاستقبال، وأن يكون فعلًا مستقبلًا لأنه فعل للمخبر عن نفسه، فاعلمه، فأما قوله تعالى: {وكلهم آتيه يوم القيامة فردًا} «مريم 95» فهو فاعل من المجيء، وأصله «آتيه» على وزن «فاعله» فلما انضمت الياء وقبلها كسرة، ثقل ذلك، فأسكنت استخفافًا، فالهاء في موضع خفض لإضافة اسم الفاعل إليها، ومثله في العلة والحذف قوله: {إلا آتي الرحمن عبدًا} «مريم 93» إلا أن الياء في «آتي الرحمن» حذفت في اللفظ في الوصل لسكونها وسكون اللام بعدها، فالوقف عليه بالياء؛ لأنه الأصل، ولأن الياء ثابتة في الخط، فأما قوله تعالى: {أنا آتيك به} «النمل 39» في الموضعين، في هذه السورة فيحتمل الوجهين وذلك أن يكون اسمًا، وزنه «فاعل» فتكون الهمزة أصلية، والألف بعدها زائدة، والكاف في موضع خفض لإضافة اسم الفاعل إليهان والفاعل مضمر في اسم الفاعل، وهو المخبر عن نفسه، والوجه الثاني أن يكون
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/168]
فعلًا مستقبلًا، والهمزة للمخبر عن نفسه، والألف بعدها بدل من همزة ساكنة، هي فاء الفعل، وهي همزة «أتى» والكاف في موضع نصب بالفعل، والفاعل هو المخبر عن نفسه أيضًا، مضمر في الفعل، والاختيار أن يكون «أنا آتيك» في الموضعين على «فاعل» لمن أماله، لأن الألف المبدلة من همزة ساكنة لا تمال كما لا تمال الهمزة الساكنة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/169]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (29- {وَكُلٌّ أَتَوْهُ} [آية/ 87] بقصر الألف وفتح التاء:
قرأها حمزة و-ص- عن عاصم.
والوجه أنه فعلٌ ماض للجمع وهو على وزن فعلوه من الإتيان، وضمير الجميع منه يعود إلى {كُلٌّ}، و{كُلٌّ} محمول على المعنى دون اللفظ إذ
[الموضح: 973]
يجوز في {كُلّ} أن يُجرى على اللفظ فيكون موحدًا، وعلى المعنى فيكون جمعًا.
وقرأ الباقون {آتُوْهُ} بمد الألف وضم التاء.
والوجه أنه اسم فاعل على الجمع ووزنه فاعلوه من الإتيان، والأصل آتيوه فنُقل ضمة الياء إلى ما قبله استثقالًا للضمة فيها، ثم حُذفت الياء لالتقائها ساكنة مع الواو الساكنة، فبقي {آتُوهُ}، وإنما جُمع لأجل معنى {كُلّ} على ما سبق). [الموضح: 974]

قوله تعالى: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّه خبيرٌ بما يفعلون (88)
[معاني القراءات وعللها: 2/247]
قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب (إنه خبير بما يفعلون) بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء.
قال أبو منصور: من قرأ بالياء فللغيبة، ومن قرأ بالتاء فللخطاب). [معاني القراءات وعللها: 2/248]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (31- وقوله تعالى: {خبير بما تفعلون} [88].
قرأ أهل الكوفة بالياء، إخبارًا غن غيب. والخبير بالشيء: العالم به من جميع أقطاره، يقال: خبر يخبر فهو خبر مثل فطن، وخبر فهو خابر: إذا عرف أقطار الأرض ومصالح الزراعة؛ لأن الأكار يقال له: الخبير. والخبر: المزادة الواسعة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/165]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله جلّ وعز: إنه خبير بما تفعلون [النمل/ 88].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: (إنّه خبير بما يفعلون) بالياء.
وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي: بالتاء.
وروى أبو عبيد عن أهل المدينة بالياء وهو غلط.
[الحجة للقراء السبعة: 5/407]
وحدثني عبيد الله بن علي [الهاشمي] عن نصر بن علي عن أبيه عن أبان عن عاصم بالياء.
قال أبو علي: حجة من قال: (يفعلون) بالياء: أنّ ذكر الغيبة قد تقدّم في قوله: (وكل آتوه داخرين) [النمل/ 87].
وحجّة التاء أنّه خطاب للكافّة، وقد يدخل الغيب في الخطاب، ولا يدخل الخطاب في الغيبة). [الحجة للقراء السبعة: 5/408]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وترى الجبال تحسبها جامدة} {إنّه خبير بما تفعلون} 88
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر (إنّه خبير بما يفعلون) بالياء ردّوه على الخبر عن الغيب في قوله {وكل أتوه داخرين}
وقرأ الباقون {إنّه خبير بما تفعلون} بالتّاء أي أنتم وهم وحجتهم في ذلك أنه قرب من المخاطبة في قوله {وترى الجبال تحسبها جامدة} فهذا خطاب للنّبي صلى الله عليه وأمته داخلون معه في الخطاب كما قال {فأقم وجهك للدّين حنيفا} ثمّ قال {منيبين إليه} فجعل الحال من أمته فدلّ على أنه خاطبه وأمته وأسند الخطاب إليه والمعنى هو وأمته فكذلك قوله {وترى الجبال تحسبها جامدة} الخطاب له ولأمته فختم الكلام بمثل معنى ما تقدمه من الخطاب). [حجة القراءات: 539]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (35- قوله: {بما تفعلون} قرأه ابن كثير وأبو عمرو وهشام بالياء، حملًا على لفظ الغيبة، في قوله: {وكلٌ أتوه} وقرأه الباقون بالتاء، ردوه على الخطاب الذي قبله، في قوله: {وترى الجبال تحسبها جامدة} فهو خطاب للنبي، وأمته داخلون معه في الخطاب، فحمل «تفعلون» على الخطاب العام، فالغيب داخلون في الخطاب، لكن غلب لفظ الخطاب على لفظ الغيبة، وهو الاختيار). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/169]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (30- {إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} [آية/ 88] بالتاء:
قرأها نافع وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي.
والوجه أنه على خطاب الكافة، والخطاب قد يًدخل فيه الغُيَّب.
وقرأ الباقون بالياء.
والوجه على أن الغيبة؛ لأن ما قبله على الغيبة، وهو قوله تعالى {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ}). [الموضح: 974]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 16 صفر 1440هـ/26-10-2018م, 05:10 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النمل

[ من الآية (89) إلى الآية (93) ]
{ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آَمِنُونَ (89) وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (90) إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (92) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93)}


قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آَمِنُونَ (89)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (32- وقوله تعالى: {وهم من فزع يومئذ} [89].
قرأ أهل الكوفة: {من فزعٍ} منونًا بـ{يومئذٍ} نصبًا فمن نون لم يجز في الميم إلا النصب.
وقرأ أبو عمرو وابن كثير وابن عامر:{من فزع يومئذ} بكسر الميم غير منون جعلوه مضافًا.
وروى إسماعيل عن نافع {من فزع يومئذ} لم ينون وفتح الميم، لأنه جعل «يوم» مع «إذا» كالاسم الواحد؛ ولأن إضافة «يوم» إلى «إذ» غير محضة؛ لأن الحروف لا يضاف إليها ولا إلى الأفعال، لا يقال: هذا غلام يقوم، ولا يقال: هذا غلام إذ، وإنما أجازوا في أسماء الزمان الإضافة إلى الحروف وإلى الأفعال نحو {هذا يوم ينفع الصادقين} لعلة قد ذكرتها). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/166]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: (وهم من فزع يومئذ) [النمل/ 89] مضافا، واختلف عن نافع في الميم، فروى ابن جمّاز وقالون وأبو بكر بن أبي أويس، والمسيبي، وورش عنه: (من فزع يومئذ) غير منون بفتح الميم.
وروى عنه إسماعيل بن جعفر: (من فزع يومئذ) بكسر الميم.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: من فزع يومئذ بفتح الميم والتنوين، لا يجوز مع التنوين إلا فتح الميم، فإذا لم تنوّن فزعا جاز فيه الفتح والكسر.
[الحجة للقراء السبعة: 5/408]
[قال أبو علي]: يجوز فيمن نوّن قوله سبحانه: من فزع في انتصاب يوم ثلاثة أضرب:
أحدها: أن يكون منتصبا بالمصدر، كأنّه: وهم من أن يفزعوا يومئذ.
والآخر: أن يكون صفة لفزع لأن أسماء الأحداث توصف بأسماء الزمان، كما يخبر عنها بها، وفيه ذكر للموصوف وتقديره في هذا الوجه أن يتعلق بمحذوف: كأنّه من فزع يحدث يومئذ.
والثالث: أن يتعلق باسم الفاعل كأنّه: آمنون يومئذ من فزع.
ويجوز إذا نون فزعا أن يعني به: فزعا واحدا، ويجوز أن يعني به كثرة، لأنّه مصدر، والمصادر تدلّ على الكثرة، وإن كانت مفردة الألفاظ كقوله سبحانه: إن أنكر الأصوات لصوت الحمير [لقمان/ 19]، وكذلك إذا أضيف، فقيل: (من فزع يومئذ)، أو يومئذ أن يعنى به مفرد، ويجوز أن يعنى به كثرة.
[الحجة للقراء السبعة: 5/409]
فأمّا القول في إعراب يوم، وبنائه إذا أضيف إلى (إذ) فقد ذكر فيما تقدّم). [الحجة للقراء السبعة: 5/410]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذٍ آمنون}
[حجة القراءات: 539]
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {وهم من فزع} منون {يومئذٍ} نصب
وقرأ أبو عمرو وابن كثير وابن عامر وإسماعيل {من فزع يومئذٍ} بكسر الميم غير منون جعلوه مضافا
وقرأ نافع {من فزع} غير منون {يومئذٍ} بفتح الميم قال الفراء الإضافة أعجب إليّ لأنّه فزع يوم معلوم وإذا نون صار فزعًا دون فزع وحجتهم قوله {لا يحزنهم الفزع الأكبر} فجعله معرفة فكان تأويله وهم من فزع يوم القيامة كله آمنون وحجّة من نون هي أن النكرة أعم من المعرفة لأن ذلك يقع على فزع وهو أعم وأكثر لأنّك إذ قلت رأيت رجلا وقع على كل رجل وكذا إذا قلت رأيت غلاما فإذا قلت رأيت غلامك حصرت الرّؤية على شخص واحد
قال بعض النّحويين يجوز إذا نون أن يعني به فزع واحد ويجوز أن يعنى به كثرة لأنّه مصدر والمصادر تدل على الكثرة وإن كانت مفردة قال وينتصب يومئذٍ من وجهين أحدهما أن يكون منتصبا بالمصدر كأنّه قال وهم من أن يفزعوا يومئذٍ ويجوز أن اليوم صفة لفزع لأن أسماء الأحداث توصف بأسماء الزّمان كما يخبر عنها بها وفيه ذكر الموصوف وتقديره في هذا الوجه أن يتعلّق بمحذوف كأنّه من فزع يحدث يومئذٍ والثّاني أن يتعلّق
[حجة القراءات: 540]
باسم الفاعل كأنّه قال آمنون يومئذٍ من فزع ومن لم ينون وفتح الميم فإنّه جعل يوم مع إذ كالاسم الواحد فبنى الكلام وجعل الاسمين اسما واحد كقولك خمسة عشر وحجته في ذلك أن إضافة يوم إلى إذ غير محضة لأن الحروف لا يضاف إليها ولا إلى الأفعال لا يقال هذا غلام يقوم ولا يقال هذا غلام إذ وإنّما تقول هذا غلام زيد فأما من كسر فقد أضاف اليوم وهو معرب في نفسه فأعطاه حقه من الإعراب كما كان يجب له في غير هذا الموضع ولم يلتفت إلى ما بعده). [حجة القراءات: 541]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (36- قوله: {وهم من فزعٍ يومئذٍ} قرأ الكوفيون بتنوين «فزع» وقرأ الباقون بغير تنوين، على إضافة «فزع» إلى «يوم» وقد تقدم ذكر «يومئذٍ» في هود وعلة بنائه وحجة من نون «فزع» أنه أراد أن يعمل المصدر وهو «فزع» في الظرف، وهو «يوم» على تقدير: وهم من أن يفزعوا يومئذٍ، فـ «يومئذٍ» نصب على الظرف، والعامل «فزع» ويجوز أن ينتصب «يوم» على الظرف وهو في موضع صفة لـ «فزع» لأن المصادر يحسن أن توصف بأسماء الزمان كما يجوز أن تكون أسماء الزمان خبرًا عنها، والتقدير إذا جعلته صفة: فهم من فزع يحدث «يومئذٍ»،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/169]
فـ «يحدث» صفة لفزع، وهو العامل في «يوم» لكنك حذفته، وأقمت «يومًا» مقامه، ففيه ضمير يعود على الموصوف، كما كان في «يحدث» الذي قام «يوم» مقامه، ويجوز أن ينتصب «يوم» بـ «آمنين»، والتقدير: وهم آمنون يومئذٍ من فزع، والفزع يجوز أن يكون واحدًا، ويجوز أن يكون متكرًا كثيرًا في «يوم القيامة» والكثرة أولى به لهول ذلك اليوم.
37- وحجة من قرأ بغير تنوين أنه أضاف «الفزع» إلى «يوم» لكون الفزع فيه، فالمصدر يُضاف إلى المفعول، وهو الظرف، فمن خفض الظرف فمن أجله إضافة «فزع» إليه أجراه مجرى سائر الأسماء، ومن فتح «اليوم» بناه على الفتح لإضافته إلى اسم غير متمكن ولا معرب، وهو «إذ»، وقد تقدم الكلام على هذا، وتقدم الكلام على دخول التنوين في «إذ»، وعلته وعلة كسر الذال والوقف على ذلك، فأغنى ذلك عن الإعادة، وترك التنوين الاختيار، لأنه أخف، ولأن الأكثر عليه، وقد ذكرنا «تعلمون» في آخر هود). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/170]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (31- {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ} منونًا، {يَوْمَئِذٍ} مفتوحة الميم [آية/ 89]:
قرأها الكوفيون.
والوجه أن {يَوْمَئِذٍ} ظرف لفزعٍ منصوبٌ به، والتقدير من أن يفزعوا
[الموضح: 974]
يومئذ. ويجوز أن يكون ظرفًا لمضمر وهو صفة لفزع، والتقدير من فزع واقع يومئذ، فيكون الظرف الذي هو {يَوْمَئِذٍ} في موضع الجر على أنه صفة لفزع؛ لأن الظرف يقع موقع عامله المحذوف.
ويجوز أن يكون الظرف متعلقًا بقوله {آمِنُونَ}، والتقدير وهم آمنون يومئذ من فزع، فيكون العامل في الظرف: {آمِنُونَ}.
وقرأ الباقون {مِنْ فَزَعِ يَوْمَئِذٍ} بإضافة {فَزَعِ}.
وفتح الميم من {يَوْمَئِذٍ} نافع ش- و-ن-، وكسرها الباقون و-يل- عن نافع.
والوجه أن فزعًا مضافٌ إلى {يَوْمَئِذٍ}؛ لأن الفزع وقع فيه فأُضيف إليه.
والوجه في فتح {يَوْمَئِذٍ} مع الإضافة: أن يومًا أضيف إلى إذ، وإذ مبني، فاكتسى منه البناء؛ لأن المضاف يكتسي من المضاف إليه كسوته، لكن يومًا بُني على الحركة لما لهمن الإعراب في الأصل ولسكون ما قبله، وبني على الفتح لخفته؛ ولأن ما قبله واو.
والوجه في كسر {يَوْمَئِذٍ} أن يومًا اسم معرب أضيف إليه الفزع، فتجرّ بالإضافة ولم يُبن وإن أضيف إلى مبني؛ لأن المضاف مغاير للمضاف إليه منفصل عنه حقيقة، فلذلك لم يُبن لبنائه). [الموضح: 975]

قوله تعالى: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (90)}
قوله تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91)}
قوله تعالى: {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (92)}
قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93)}

قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (33- وقوله تعالى: {بغافل عما تعملون} في آخر (النمل) [93].
قرأ نافع وابن عامر وحفص عن عاصم {تعملون} بالتاء.
وقرأ الباقون بالياء). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/166]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ نافع وعاصم في رواية حفص وابن عامر: وما ربك بغافل عما تعملون بالتاء [النمل/ 93].
وفي كتابي عن أحمد بن يوسف عن ابن ذكوان: (وما ربّك بغافل عمّا يعملون) بالياء، ورأيت في كتاب موسى بن موسى عن ابن ذكوان، عن ابن عامر تعملون بالتاء.
وقرأ الباقون بالياء.
[قال أبو علي] حجّة الياء أنّه وعيد للمشركين، وحجّة التاء أنّه على: قل لهم: وما ربك بغافل عما تعملون). [الحجة للقراء السبعة: 5/410]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عمّا تعملون} 93
قرأ نافع وابن عامر وحفص {وما ربك بغافل عمّا تعملون} بالتّاء على الخطاب وحجتهم ما تقدم وهو قوله {سيريكم آياته} وقرأ الباقون بالياء وحجتهم أن الكلام انقطع عند قوله {وقل الحمد لله سيريكم آياته} ثمّ قال {وما ربك بغافل عمّا يعملون} أي عمّا يعمل هؤلاء المشركون). [حجة القراءات: 541]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (32- {عَمَّا تَعْمَلُونَ} [آية/ 93] بالتاء:
قرأ نافع وابن عامر و-ص- عن عاصم ويعقوب.
[الموضح: 975]
والوجه أنه على إضمار القول، والتقدير: قل لهم وما ربك بغافلٍ عما تعملون أُمر عليه السلام بمخاطبة الكفار بذلك على سبيل التهديد.
وقرأ الباقون {يَعْمَلُونَ} بالياء.
والوجه أنه على وعيد المشركين، أي وما ربك بغافلٍ عما يعمله المشركون). [الموضح: 976]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة