العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 10:17 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحج

[من الآية (3) إلى الآية (4) ]
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (4)}


قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3)}
قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (4)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 10:19 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحج

[من الآية (5) إلى الآية (7) ]
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) وَأَنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7)}


قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي جعفر: [وَرَبَأتْ] بالهمز، ورويت عن أبي عمرو بن العلاء.
قال أبو الفتح: المسموع في هذا المعنى رَبَتْ؛ لأنه من ربا يربو: إذا ذهب في جهاته زائدا، وهذه حال الأرض إذا ربت. وأما الهمز فمن: رَبَأْتُ القوم: إذا أشرفتَ مكانا عاليا لتنظر لهم وتحفظهم. وهذا إنما فيه الشخوص والانتصاب، وليس له دلالة على الوفور والانبساط، إلا أنه يجوز أن يكون ذهبه إلى علوّ الأرض، لما فيه من إفراط الربو، فإذا وصف علوَّها دل على أن الزيادة قد شاعت في جميع جهاتها؛ فلذلك همز، وأخذه من: ربأتُ القوم، أي: كنت لهم طليعة. وهذا مما يذكر أحد أوصافه، فيدل على بقية ذلك وما يصحبه. ألا ترى إلى قوله:
كأنَّ أيديهِنَّ بالمَوْمَاةِ ... أيدِي جوارٍ بِتْنَ ناعِمَاتِ؟
ولم يرد الشاعر أن أيدي الإبل ناعمة، وكيف يريد ذلك وإنما المعتاد المألوف في ذلك وصف الأيدي بالشدة والسلاطة؟ ألا ترى إلى قوله:
َترْمِي الأماعِيزَ بِمُجمراتِ ... بأرجُلٍ رُوحٍ مُحنَّباتِ؟
وقوله:
تَرْمِي الحَصا بمناسِمٍ ... صُمٍّ صَلادِمَةٍ صِلَابِ؟
[المحتسب: 2/74]
والأمر في ذلك أشهر، وإنما أراد أن أيديها اختضبن بالدم فاحمررن، فذكر نَعْمة اليد، لأنها مما يصحبها الخضاب.
وعليه قال الآخر:
كأنَّ أيديهِنَّ بالقاعِ القَرِقْ ... أيدِي عَذارٍ يَتَعاطَينَ الوَرِقْ
فذكر العذارى؛ لأنهن مما يصحبهن الخضاب، فأراد انخضاب أيدي الإبل بالدم. وهذا ونحوه من لمحات العرب وإيماءاتها التي تكتفي بأيسرها مما وراءه. ألا ترى إلى قول الهذلي:
أمِنْكِ البرقُ أرقبُهُ فَهاجَا ... فَبِتُّ أَظُنُّه دُهْمًا خِلاجا؟
أي: فإذا اختَلَجَتْ عنها أولادَها حنَّت إليها، فشبه حنينهنَّ بصوتِ الرعد، فقدَّم ذكر البرق، وأودع الكلام ذكر حَدث صوت الرعد؛ لأنه مما يصحبه وهو كثير، فكذلك قراءته: [وَرَبَأَتْ]، دل بذكر الشخوص والانتصاب على الوفور والانبساط الذي في قراءة الجماعة: {وَرَبَتْ} ). [المحتسب: 2/75]

قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6)}
قوله تعالى: {وَأَنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 10:21 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحج

[من الآية (8) إلى الآية (10) ]
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (10)}


قوله تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8)}
قوله تعالى: {ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9)}
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو {ليضل عن سبيل الله} بفتح الياء أي ليضل هو
[حجة القراءات: 472]
وقرأ الباقون {ليضل} بضم الياء أي ليضل غيره وقد ذكرناه في سورة الأنعام). [حجة القراءات: 473]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {لِيُضِلَّ}[آية/ 9] بفتح الياء:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب- يس-.
والوجه أنه من الضلال، والفعل منه ضل يضل وهو لازمٌ.
وقرأ الباقون و- ح- عن يعقوب {لِيُضِلَّ}بضم الياء.
والوجه أنه من أضل يضل إضلالا، وهو متعدي ضل.
وقد مضى الكلام في مثل ذلك). [الموضح: 873]

قوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (10)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 10:22 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحج

[من الآية (11) إلى الآية (14) ]
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11) يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (12) يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (13) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (14) }


قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة مجاهد وحميد بن قيس: [خَاسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ].
قال أبو الفتح: هذا منصوب على الحال، أي: انقلب على وجهه خاسرا، وقراءة الجماعة: {خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ} تكون هذه الجملة بدلا من قوله: {انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ}، فكأنه قال: وإن أصابته فتنة خسر الدنيا والآخرة، ومثله من الجمل التي تقع وهي من فِعْلٍ وفاعِلٍ بدلا من جواب الشرط قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ}؛ وذلك لأن مضاعفة العذاب هي لُقِيّ الأثام، وعليه قول الآخر:
إنْ يجْبُنُو أو يَغْدِرُوا ... أَوْ يَبْخَلُوا لَا يَحْفِلُوا
[المحتسب: 2/75]
يغْدُوا عليكَ مُرَجِّلِيـ ... ـنَ كأنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا
فقوله: يغْدُوا عليكَ مُرَجِّلِينَ بدلٌ من قوله: لا يحْفِلُوا). [المحتسب: 2/76]

قوله تعالى: {يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (12)}
قوله تعالى: {يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (13)}
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (14)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 10:24 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحج

[من الآية (15) إلى الآية (16) ]
{مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (15) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (16)}


قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (15)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ثمّ ليقطع.. (15) (ثم ليقضوا تفثهم (29)
قرأ أبو عمرو ويعقوب (ثم ليقطع) (ثم ليقضوا) بكسر اللام فيهما.
وقرأ ابن عامر (ثم ليقطع) (ثم ليقضوا)... وليوفوا... وليطوٌفوا) بكسر اللام في الأربعة أحرف.
وروى ورشٌ وأبو بكر بن أبي أويس عن نافع مثل أبي عمرو.
وقال قنبل عن ابن كثير (ثم ليقضوا) بكسر اللام في هذه وحدها.
وقرأ الباقون بالجزم فيهن كلهن.
وقرأ أبو بكر عن عاصم (وليوفوا نذورهم) بتشديد الفاء، وخففها الباقون.
قال أبو منصور: هذه اللامات في هذه المواضع مكسورة في الأصل، وإنما سكنها من سكنها إذا وصلت بحروف العطف؛ لأن التسكين أخف كما قال "وهو على ذلك قدير" "وهي قالت ذلك" تسكّن الهاء إذا وصلت بحروف العطف، أعنى: الواو والفاء.
[معاني القراءات وعللها: 2/176]
وأما من اختار كسر اللام في (ثم ليقضوا) فلأن الوقوف على (ثم) يحسن، ولا يحسن على الفاء والواو، وعلى أن أكثر القراءة على تسكين اللام.
وأفادني المنذري عن ابن اليزيدي عن أبي زيد أنه قال في قوله: (ثمّ ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطّوّفوا بالبيت العتيق (29).
قوله: (وليوفوا... وليطوفوا)
مجزومتان مع الواو والفاء.
فأما قوله: (ثم ليقطع) (ثمّ ليقضوا) فمكسورتان حين لم يكن لهما عماد: واو ولا فاء.
والعماد: ما يلزق باللام، و(ثمّ) لا يلزق باللام.
وأنشد لـ لبيد:
فإن لم تجد من دون عدنان باقيا... ودون معا فالتزعك العواذل
جزمت اللام بالعماد للأمر.
وقال: (وليكتب بينكم). (فليملل وليّه)، (فلتقم طائفة... ولتأت طائفة) مجزومات للواو والفاء). [معاني القراءات وعللها: 2/177] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في كسر لام الأمر وإسكانها من قوله: ثم ليقطع [الحج/ 15] ثم ليقضوا [الحج/ 29].
فقرأ ابن كثير: (ثم ليقضوا) مكسورة اللام، ولم يكسر غيرها، هذه رواية القواس عنه. وقال البزي: اللام مدرجة. قال: يعني بمدرجة: ساكنة.
وقرأ أبو عمرو وابن عامر: (ثمّ ليقطع)، (ثم ليقضوا) مكسورة اللام، زاد ابن عامر: (وليوفوا) [الحج/ 29]، (وليطوفوا) [الحج/ 29] بكسر لام الأمر فيهما.
واختلف عن نافع، فقال إسماعيل بن جعفر وأحمد والقاضي عن قالون وإسحاق وإسماعيل بن أبي أويس: ثم ليقطع ثم ليقضوا ساكنتي اللام، وقال ورش وأبو بكر بن أبي أويس: (ثم ليقطع)، (ثم ليقضوا) مكسورتي اللام مثل أبي عمرو.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: ثم ليقضوا وليفوا، ثم ليقطع، وليطوفوا اللام للأمر ساكنة في كلّ القرآن، إذا كان ما قبلها واو أو فاء أو ثم.
قال أبو علي: أصل هذه اللام الكسر، يدلّ على ذلك أنك إذا ابتدأت بها فقلت: ليقم زيد، كسرتها لا غير، فإذا ألحقت الكلام الذي فيه اللام الواو أو الفاء أو ثمّ، فمن أسكن مع الفاء والواو فلأن الفاء والواو يصيران كشيء من نفس الكلمة، نحو: كتف، لأن كل واحد منهما لا ينفرد بنفسه، فصار بمنزلة كتف وفخذ، فقلت:
[الحجة للقراء السبعة: 5/269]
وليقضوا. فإذا كان موضع الفاء والواو (ثمّ) لم يسكنه أبو عمرو، لأن ثمّ ينفصل بنفسه ويسكت عليه دون ما بعده، فليست في هذا كالفاء والواو، ومن قال: ثم ليقضوا شبّه الميم من ثم، بالفاء والواو، فيجعل فليقضوا، من (ثم ليقضوا) بمنزلة الفاء والواو، وجعله كقولهم:
«أراك منتفخا» فجعل «تفخا» من منتفخا مثل كتف، فأسكن اللام وعلى هذا قول العجاج:
فبات منتصبا وما تكردسا ومثل ذلك قولهم: (وهي) [هود/ 42] فهي كالحجارة [البقرة/ 74].
وأما اختلاف الرواية عن نافع فإحداهما على قول من قال: (فهي) (وهي) والأخرى على قول من قال: (فهو) [الإسراء/ 97] (وهو) [البقرة/ 85] ويجوز أن يكون أخذ بالوجهين جميعا لاجتماعهما في الجواز). [الحجة للقراء السبعة: 5/270] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ثمّ ليقطع} {ثمّ ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق} 15 و30
قرأ أبو عمرو وورش عن نافع وابن عامر (ثمّ ليقطع ثمّ ليقضوا) بكسر اللّام فيهما دخل القواس معهم في قوله {ثمّ ليقضوا} وحجتهم أن أصل هذه اللّام الكسر إذا كانت مبتدأة فلمّا جاءت بعد كلمة يمكن السّكوت عليها والابتداء بما بعدها كانت اللّام كالمبتدأ فأتوا بها على أصلها لذلك وزاد ابن عامر {وليوفوا} و{وليطوفوا}
وقرأ الباقون {ثمّ ليقطع} {ثمّ ليقضوا} بسكون اللّام وحجتهم أن أصلها السّكون وإنّما تكسر إذا وقعت ابتداء فإذا كان قبلها حرف متّصل بها رجعت اللّام على الأصل وأصلها السّكون ويقوّي هذا إجماع الجميع على إسكان قوله {فليعمل عملا صالحا} و{وليضربن بخمرهنّ} فإن قيل لم فصل أبو عمرو بين ثمّ والواو فكسر عند ثمّ ولم يكسر عند الواو قيل إنّما فصل بينهما لأن ثمّ تنفصل من اللّام وأصل لام الأمر الكسر إذا ابتدئ بها وسكن إذا كان ما قبلها ما لا ينفصل منها وهو الواو والفاء أما ثمّ فإنّك تقف عليها إذا شئت وتستأنف بعدها فلذلك فرق
[حجة القراءات: 473]
أبو عمرو بينهما ومثل هذا {ثمّ هو يوم القيامة} بالتثقيل وهو فهو بالتّخفيف). [حجة القراءات: 474] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {ثم ليقطع}، {ثم ليقضوا}، {وليوفوا}، {وليطوفوا} قرأ ورش وأبو عمرو وابن عامر: «ثم لقطع» بكسر اللام، وأسكن الباقون، ومثله في {ثم ليقضوا} غير أن قنبلا معهم على الكسر. وقرأ
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/116]
ابن ذكوان {وليوفوا}، {وليطوفوا} بكسر اللام فيهما، وقرأ الباقون بالإسكان، وتفرد أبو بكر بتشديد الفاء، وفتح الواو في {وليوفوا}.
وحجة من كسر أنها لامات أمر، أصلها الكسر، فأتى بها على الأصل، كما لو ابتدأ بها لم تكن إلا مكسورة، فأجارها مع حرف العطف مجراها بغير حرف في الابتداء وكأنه لم يعتد بحرف العطف، وهو الاختيار.
4- وحجة من أسكن أنه على التخفيف للكسرة، فأسكنها وكأنه اعتد بحرف العطف، وقد منع المبرد إسكان اللام مع {ثم} لأنها كلمة يوقف عليها وكذلك منع الإسكان في {ثم هو} ولم يجزه.
5- وحجة من شدد الفاء أنه بناه على {وفّى} للتكثير، كما قال: {وإبراهيم الذي وفّى} «النجم 37».
6- وحجة من خففه أنه بناه على «أوفى» الذي يقع للقليل والكثير كما قال: {وأوفوا بعهد الله} «النحل 91» هما لغتان، فأما من أسكن اللام مع الواو وكسرها مع {ثم} فإنه لما رأى {ثم} قد تنفصل من اللام ويمكن الوقف عليها قدر أن اللام يبتدأ بها فكسرها، ولما رأى الواو لا تنفصل من اللام ولا يوقف عليها دون اللام قدر اللام متوسط فأسكن استخفافًا. وقد مضى نحو هذه العلة في {ثم هو} وهو أول البقرة، فأما من أسكن معها، أو كسر، ولم يفرق بينهما، فإنه لما رآهما حرفي عطف، متصلين بلام أجرى اللام معها مجرى واحد، فأسكن استخفافًا أو كسر على الأصل). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/117] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {ثُمَّ لْيَقْطَعْ}[آية/ 15] {ثُمَّ لْيَقْضُوا}، {وَلْيُوفُوا}، {وَلْيَطَّوَّفُوا}[آية/ 29] بكسر اللام في الأحرف الأربعة:
قرأها ابن عامر.
والوجه أنه هو الأصل في لام الأمر؛ لأن الأصل في هذه اللام أن تكون مكسورة، نحو قولك: ليذهب زيد، وإنما كسرت ليفرق بينها وبين لام الابتداء الداخلة على الاسم نحو لزيد أفضل من عمروٍ، وإن هذا لزيد، فإنها مفتوحة، وكسرت هذه للفرق.
[الموضح: 873]
فقراءة ابن عامر على الأصل في كسر هذه اللام.
وقرأ أبو عمرو ونافعٌ- ش- ويعقوب- يس- {ثُمَّ لْيَقْطَعْ}{ثُمَّ لْيَقْضُوا}مكسورتي اللام، وأسكنوا الآخريين.
والوجه أنهم يجرون لام الأمر إذا كان يتقدمه ثم على الأصل من الكسر، وإذا تقدمه الفاء أو الواو فإنهم يجعلونهما مع اللام بمنزلة ما هو من نفس الكلمة؛ لأن كل واحدٍ من الواو والفاء لا ينفرد بنفسه، فصار مع الكلمة بمنزلة كتفٍ وفخذٍ، فكما جاز إسكان الأوسط من كتفٍ وفخذٍ فكذلك يجوز إسكان هذا اللام.
وأما ترك إسكان اللام مع ثم، فلأن ثم ينفصل عن الكلمة وينفرد بنفسه ويسكت عليه دون ما بعده، فلا يصير بمنزلة ما هو من نفس الكلمة، وليس كذلك الفاء والواو.
وقرأ الكوفيون بإسكان اللام في الأحرف الأربعة، وكذلك البزي عن ابن كثير، و- ن- و- يل- عن نافع، و- ح- عن يعقوب.
والوجه أنهم جعلوا الفاء والواو بمنزلة ما هو من نفس الكلمة على ما تقدم، وأجروا ثم أيضًا مجرى الفاء والواو، فأسكنوا اللام مع الكل؛ لأنهم شبهوا الميم من ثم بمنزلة الواو أو الفاء، فكأنهم جعلوا مليقضوا بمنزلة فليقضوا، قال العجاج:
[الموضح: 874]
99- فبات منتصبًا وما تكردسا
فأجرى: تصبًا من منتصبًا بمنزلة فخذٍ، فأسكن الصاد، هذا في المتصلِ، ومثله في المنفصلِ قول الآخر:
100- قالت سليمى اشتر لنا دقيقً
أجرى: ترل بمنزلة فخذ فأسكن الراء.
وروى- ل- عن ابن كثير حرفًا واحداً بالكسر {ثُمَّ لْيَقْضُوا}، وأسكن الباقي.
والوجه أنه أراد الأخذ بالوجهين؛ لاشتراكهما في الجواز). [الموضح: 875] (م)

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (16)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 10:25 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحج

[من الآية (17) إلى الآية (18) ]
{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18) }


قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17)} قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {الصَّابِينَ}[آية/ 17] بلا همز:
قرأها نافع وحده.
[الموضح: 875]
وقرأ الباقون {الصَّابِئِينَ}بالهمز.
وقد سبق الكلام فيه). [الموضح: 876]

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الزهري: [والدَّوَابُ]، خفيفة الياء. ولا أعلم أحدًا خففها سواه.
قال أبو الفتح: لعمري إن تخفيفها قليل ضعيف قياسا وسماعا.
أما القياس فلأن المدة الزائدة في الألف عوض من اجتماع الساكنين حتى كأن الألف حرف متحرك، وإذا كان كذلك فكأنه لم يلتق ساكنان. ويدل على أن زيادة المد في الألف جار مجرى تحريكها أنك لو أظهرت التضعيف فقلت: دوابِب، لقصرت الألف وإذا أدغمت أتممت صدى الألف فقلت دوابّ؛ فصارت تلك الزيادة في الصوت عوضا من تحريك الألف.
وأما السماع فإنه لا يعرف فيه التخفيف، لكن له من بعد ذلك ضرب من العذر، وذلك أنهم إذا كرهوا تضعيف الحرف فقد يحذفون أحدهما، من ذلك قولهم: ظَلْت، ومَسْت، وأَحَسْت. يريدون: ظَلِلْت، ومَسِسْت، وأَحسست، قال أبو زبيد:
خَلَا أنَّ العِتَاقَ من المَطايا ... أَحَسْنَ بِهِ فَهُنَّ إليهِ شُوسُ
وقال:
قَدْ كُنْتُ عِنْدَكَ حَوْلًا لا تُرَوِّعُني ... فِيهِ رَوَائِعُ من إنس ولا جَانِ
[المحتسب: 2/76]
يريد: جانٌّ، فحذف إحدى النونين. وأنشدنا أبو علي:
حتَّى إذا مَا لَمْ أجِدْ غيْرَ الشَّرِ ... كُنْتُ امرأً من مَالِكِ بنِ جَعْفَرِ أراد: غير الشرّ، فحذف الراء الثانية. وإذا كانوا قد حذفوا بعض الكلمة من غير تضعيف فحذف ذلك مع التضعيف أحرى. ألا ترى إلى قول لبيد:
دَرَسَ المنا بِمُتَالِعٍ فَأَبَانِ؟
وقال علقمة بن عبدة:
كأنَّ إبرِيقَهُمْ ظَبْيٌ عَلَى شَرَفٍ ... مُقَدَّمٌ بِسَبَا الكَتَّانِ مَلْثُومُ
أراد بسبائب الكتَّان.
وقد ذكرنا نحو ذلك، إلا أن هذا باب إنما يحمله الشعر، غير أن فيه لتخفيف [الدوابّ] عذرا ما، هو أولى من أن يتلقى بالرد وقد وجدت له وجها). [المحتسب: 2/77]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 10:39 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحج

[من الآية (19) إلى الآية (25) ]
{هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) }


قوله تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {هذان خصمان} [19].
قرأ ابن كثير وحده {هذان} بتشديد النون.
والباقون يخففون، وقد ذكرت علته.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/74]
فإن سأل سائل فقال: لم قال: {هذان} ثم قال: {اختصموا}؟
فالجواب في ذلك: أن الخصم، وإن كان لفظه واحدًا. فإن معناه الجمع. تقول العرب: هؤلاء خصمي، كما تقول: هؤلاء ضيفي، وكان الأصل في ذلك أن يهوديًا قال لنصراني: ديننا خير من دينكم، لأنا سبقناكم بالإيمان، فقال مسلم: بل ديننا خير من ديناكما؛ لأنا آمنا بأنبيائكما وكفرتما بنبينا؛ لأنا صدقنا نبينا ونبيكم وكذبتم بنبينا، وحرفتم ما قال نبيكم في نبينا فصرتم بذلك كافرين بهما. فذلك قوله: {هذان خصمان اختصموا} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/75]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ ابن كثير: (هذان خصمان) [الحج/ 19] مشدّدة النون، وقرأ الباقون: هذان خفيفة النون.
[الحجة للقراء السبعة: 5/274]
قد تقدّم القول في تثقيل هذه النون). [الحجة للقراء السبعة: 5/275]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({هذان خصمان اختصموا في ربهم}
قرأ ابن كثير {هذان} بالتّشديد وقرأ الباقون بالتّخفيف وقد ذكرت الحجّة في سورة النّساء وطه). [حجة القراءات: 474]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {هَذَانِ}[آية/ 19] بالألف وتشديد النون:
قرأها ابن كثير وحده.
وقرأ الباقون بتخفيف النون.
وقد مضى الكلام على هذا فيما تقدم). [الموضح: 876]

قوله تعالى: {يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20)}
قوله تعالى: {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21)}
قوله تعالى: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22)}
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولؤلؤًا (23).. هنا وفي فاطر.
[معاني القراءات وعللها: 2/177]
قرأ نافع وعاصم (ولؤلؤًا) نصبًا في السورتين، وهمز أبو بكر عن عاصم الثانية وطرح الأولى من (لولؤًا) حيث وقع.
وروى عنه معلّى بن منصور في همز الأولى وطرح الثانية في جميع القرآن.
وقرأ الحضرمي في الحج (ولولؤا) نصبًا وفي فاطر (ولولؤ) خفضًا وقرأ الباقون بالخفض في السورتين.
قال أبو منصور: من قرأ (لولؤا) بالنصب فعلى معنى: ويحلّون لولؤا.
ومن قرأ (ولولؤ) فعلى العطف على قوله: (من ذهبٍ ومن لؤلؤ).
فأما من همز إحدى الهمزتين وحذف الأخرى فإنه كره الجمع بينهما في كلمة واحدة.
وأما من نصب التي في الحج وجر التي في الملائكة فلأنّ مصاحف أهل البصرة وأهل الكوفة اجتمعت على الألف (ولولؤا) في الحج، وعلى حذف الألف من التي في سورة الملائكة فاتبعوا المصحف.
وأما من رأى جر (ولولؤ) في السورتين فإنهم اعتلوا بأن الهمزات قد كتبت بالألف على كل حال في مصحف ابن مسعود سواء كان ما قبلها واوًا مكسورة أو مفتوحة.
[معاني القراءات وعللها: 2/178]
قال أبو منصور: وكل ما قرئ به من هذه الوجوه فهو جائز). [معاني القراءات وعللها: 2/179]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {ولؤلؤا} [23].
قرأ نافع وعاصم بألف ها هنا، وفي (الملئكة) تبعا في ذلك المصحف؛ لأنه كذلك كتب بألف بعد الواو ونصبه على تقدير يحلون فيها من أساور ويحلون لؤلؤًا، غير أن عاصمًا اختلف عنه. فروى يحيي عن أبي بكر {ولولؤا} لا يهمز الواو الأولي، ويهمز الواو النانية؛ كأنه كره أن يجمع بينهما في كلمة واحدة.
وروى المعلى عن عاصم ضد رواية يحيى عن أبي بكر {ولؤلوًا}.
قال ابن مجاهد: وهو خطأ. فإن كان خطأه من أجل الرواية سقط الكلام. وإن كان خطأه من أجل العربية فإن العربية تحتمل همزتهما، وترك الهمز فيهما، وهمز إحداهما، كل ذلك جائز، والأصل الهمز، وتركه تخفيف بالواو. والؤلؤ: الكبار [من الللآلي] واحدها لؤلؤة. والمرجان: الصغار من الللآلئ، واحدها مرجانة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/73]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عز وجل: (ولؤلؤ) [الحج/ 23].
فقرأ ابن كثير (ولؤلؤ) وفي الملائكة [فاطر/ 33] كذلك، وهي قراءة أبي عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي.
وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر هاهنا وفي الملائكة ولؤلؤا بالنصب. عاصم في رواية يحيى عن أبي بكر بهمزة واحدة وهي الثانية. المعلّى بن منصور عن أبي بكر عن عاصم (ولؤلؤ) يهمز الأولى ولا يهمز الثانية، ضد قول يحيى عن أبي بكر وهذا غلط.
حفص عن عاصم يهمزهما وينصب.
[الحجة للقراء السبعة: 5/267]
وجه الجر في قوله: (ولؤلؤ) أنهم: يحلّون أساور من ذهب ومن لؤلؤ، أي: منهما، وهذا هو الوجه، لأنه إذا نصب فقال: يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤ حمله على: ويحلّون لؤلؤا. وللؤلؤ إذا انفرد من الذهب والفضة لا يكون حلية. فإن قلت: فقد قال:
وتستخرجوا منه حلية تلبسونها [النحل/ 14]. فهذا على أن يكون حلية إذا رصّع في الذهب أو الفضّة صار حلية، كما قال في العصر:
إني أراني أعصر خمرا [يوسف/ 36] لأنه قد يستحيل إليها بالشدّة، كما يكون ذلك حلية على الوجه الذي يحلّى به، وكذلك القول في التي في الملائكة.
ويحتمل قوله: ولؤلؤا فيمن نصب وجها آخر، وهو أن تحمله على موضع الجار والمجرور لأن موضعهما نصب، ألا ترى أن معنى: يحلون فيها من أساور يحلّون فيها أساور، فتحمله على الموضع.
فأما ما رواه معلّى عن أبي بكر عن عاصم (ولؤلؤ) يهمز الأولى ولا يهمز الثانية، ضدّ قول يحيى، قال أحمد: هذا غلط، فالأشبه أن يريد أنه غلط من طريق الرواية، ولا يمتنع في قياس العربية أن يهمز الأولى دون الثانية، والثانية دون الأولى وأن يهمزهما جميعا، فإن همز الأولى دون الثانية حقّق الهمزة الأولى فقال: (لؤلؤا) وإن خفّف الهمزة أبدل منها الواو فقال: (لؤلؤا) مثل: بوس وجونة، وإن خفّف الثانية، وقد نصب الاسم قال: (ولؤلؤا) فأبدل من الهمزة الواو لانفتاح الهمزة وانضمام ما قبلها فيكون كقولهم: جون في جمع جؤنة، والتودة في التؤدة، وإن خفّفهما جميعا قال: لولوا. وأمّا من جرّ فقال: (ولؤلؤ) فتخفيف الثانية عنده أن يقلبها واوا كما تقول: مررت بأكموك، فيقول: (ولؤلؤ) وقد تقدم ذلك في سورة البقرة). [الحجة للقراء السبعة: 5/268]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس: [يَحْلَوْنَ]، بفتح الياء وتخفيف اللام، من حَلِيَ يَحْلَى.
قال أبو الفتح: هذا من قولهم: لم أحْلَ منه بطائل، أي: لم أظفر منه بطائل؛ فيجعل ما يُحَلَّوْن به هناك أمرا ظفِروا به، وأُوصلوا إليه. والحلية راجعة المعنى إليه، وذلك أن النفس تعتدها مظفورا به موصلا إليه. وليست الحلية من لفظ: حَلِيَ الشيءُ بِعَيْنِي؛ لأن الحلية من الحَلْي، فهي من الياء. وحلي بعيني من الواو، لقولهم: حَلِيَ بعيني يَحْلَى حلاوة، فهي كشَقِيَ يشْقَى شَقَاوَةً، وغَبِيَ يغْبَى غَباوَةً. ولكن قولهم: امرأةٌ حالية أي: ذات حَلْي من الياء، فحالية إذًا من قوله: {يُحَلَّوْنَ} على هذه القراءة وهما من الياء، فكأنه أقوى عندهم من قولهم ما حليْتُ من بطائل؛ لأن ذلك لا يستعمل إلا في غير الواجب. لا يقولون: حليت منه،
[المحتسب: 2/77]
ولا حليت بكذا. فأما المثل وهو قولهم: حَلَأَتْ حالِئَة عن كُوعها فهو مهموز، وأمره ظاهر). [المحتسب: 2/78]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن والجحدري وسلام ويعقوب: [وَلُؤْلُؤا]، بالنصب.
قال أبو الفتح: هو محمول على فِعْل يدل عليه قوله: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ}، أي ويؤتون لؤلؤا، ويلبسون لؤلؤا.
ومثله قراءة أبي: [وحورًا عينًا] أي ويؤتون حورا عينا، ويُزَوَّجون حورا عينا.
ومثله مما نصب على إضمار فعل يدل عليه ما قبله قوله:
جئْنِي بِمِثلِ بني بَدْرٍ لِقَوْمِهِمُ ... أو مِثْلَ أسرة مَنْظُورِ بنِ سيَّارِ
فكأنه قال: أو هاتِ مثلَ أسرة. وعليه قول الآخر:
بَيْنَا نَحْنُ نَرْقُبُه أَتانَا ... مُعَلِّق وَفْضَةٍ وزنادَ راعٍ
فكأنه قال: وحاملا زناد راع، ومعلقا زناد راع، وهو كثير). [المحتسب: 2/78]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا}
قرأ نافع وعاصم {ولؤلؤا} بالألف أي يحلون فيها من أساور ويحلون لؤلؤا ويجوز أن يكون عطفا على موضع الجار والمجرور لأن المعنى في {يحلون فيها من أساور} يحلون أساور وفي الشواذ قراءة ابن عبّاس (ويحلون) بفتح الياء وتخفيف اللّام قال ابن جني (ويحلون) من حلي يحلى يقال لم أحل منه بطائل أي لم أظفر ويجوز أن يكون من قولهم امرأة حالية أي ذات حلي
وقرأ الباقون (ولؤلؤ) أي يحلون فيها من أساور من ذهب ومن لؤلؤ قال الزّجاج وجائز أن يكون أساور من ذهب ولؤلؤ يكون ذلك فيما خلط خلطا من الصّنفين). [حجة القراءات: 474]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (7- قوله: {ولؤلؤا} قرأه نافع وعاصم بالنصب، هنا وفي سورة فاطر، عطفاه على موضع {أساور} لأن «من» زائدة. والتقدير: يحلَّون
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/117]
فيها أساور من ذهب ولؤلؤا، وقرأ الباقون بالخفض عطفوه على لفظ {من أساور}، والقراءتان بمعنى، وقد ذكرنا الاختلاف في الوقف عليه وكيف تخفف الهمزة فيه، وكل القراء همز الهمزة الأولى الساكنة على أصلها، إلا أبا بكر فإنه لم يهمز استخفافًا، لاجتماع همزتين في الكلمة، بينهما حرف، وكذلك يفعل أبو عمرو إذا ترك الهمزة الساكنة، فأما حمزة فإنه يقف على الهمزتين بالتخفيف، ووافقه هشام على تخفيف الثانية، وقد تقدم ذكر كل هذا). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/118]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {وَلُؤْلُؤًا}[آية/ 23] بالنصب:
قرأها نافع وعاصم، وكذلك في فاطر.
واختلف عن عاصم في الهمز، فـ - ياش- عنه بهمزة واحدة وهي الثانية، و- ص- بهمزتين.
وقرأ يعقوب {لُؤْلُؤًا}بالنصب في هذه السورة، وبالجر في فاطر.
والوجه في نصبه أنه محمول على قوله {يُحَلَّوْنَ}، كأنه قال: ويحلون لؤلؤا، يقال حليته بالذهب وحليته الذهب.
وأما الهمزتان في اللؤلؤ فيجوز تحقيقهما على الأصل، وتخفيفهما أيضًا بأن تقلب كل واحدة منهما واواً، ويجوز أن تخفف الأولى وتحقق الثانية، وأن تحقق الأولى وتخفف الثانية، والتخفيف ههنا بأن تقلب الهمزة واواً، والتحقيق بأن تترك همزة.
[الموضح: 876]
وقرأ الباقون {وَلُؤْلُؤً}بالجر في السورتين.
والوجه أنه معطوف على {ذَهَبٍ}من قوله {أَسْاوِرَ مِّن ذَهَبٍ}، كأنه قال: أساور من ذهبٍ ومن لؤلؤٍ). [الموضح: 877]

قوله تعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24)}
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (سواءً العاكف فيه والباد (25)
قرأ حفص وحده (سواءً العاكف فيه) بالنصب.
وقرأ الباقون (سواءٌ) رفعًا.
قال أبو منصور: من نصب (سواءً) فعلى إضمار (جعلناه سواء).
ويرتفع (العاكف فيه والباد) بمعنى: سواء، كما تقول: رأيت زيدًا قائمًا أبوه فأتبعت (قائما) (زيدًا)، فهو في المعنى مرافع لقولك (أبوه).
وهذا يسمى (التضمين) عند بعض أهل النحو.
ومن قرأ (سواء) هو وقف التمام (الذي جعلناه للناس)، ومعنى (سواء العاكف).
ف (سواء) مرفوع بالابتداء ومرافعه (العاكف)، وإنما اختير الرفع في (سواء العاكف فيه والباد) أي: سواء في تفصيله وإقامة المناسك العاكف فيه، أي: المقيم بالحرم، والنازع إليه من الآفاق.
وأخبرني المنذري عن اليزيدي عن أبي زيد في قوله (سواءً العاكف) قال: من أوقع عليه (جعلنا) نصبه، ويجوز رفعه، ومن ابتدأ لم يكن إلا رفعًا.
[معاني القراءات وعللها: 2/179]
قال والعرب تقول: مررت برجل سواءٍ عليه الخير والشرّ، وسواءٌ عليه الخير والشرّ. كلٌّ تقوله العرب). [معاني القراءات وعللها: 2/180]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله تعالى: {سواء العاكف فيه} [25].
روى حفص عن عاصم {سواء} بالنصب، جعله مفعولاً ثانيًا من قوله: {جعلنه للناس سواء} أي: مستويًا كما قال: {إنا جعلنه قرءانًا عربيًا} والعاكف: يرتفع بفعله في هذه القراءة. أي استوى العاكف فيه والباد.
وقرأ الباقون سواء بالرفع ابتداء وخبر كما تقول: مررت برجل سواء عنده الخير والشر). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/74]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {والباد ومن يرد} [25].
قرأ ابن كثير {البادي} بالياء، على أصل الكلمة، لأنك تقول: بدا يبدو: إذا دخل البادية فهو باد مثل الداعي والأصل البادو، فصارت الواو ياء لانكسار ما قبلها، فكان يثبتها وصلا، ووقفا.
وكان أبو عمرو ونافع يثبتان الياء وصلا، ويحذفانها وقفًا، ليكونا قد تبعا الأصل تارة، والمصحف أخرى، وهو الاختيار.
وقرأ الباقون {الباد} بغير ياء. ولهم ثلث حجج:
اتباع المصحف.
والاجتزاء بالكسرة عن الياء.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/75]
والحجة الثالثة: ما حدثني ابن مجاهد عن السمري عن الفراء أن العرب تقول: مررت بباد، ومهتد، فيخزلون الياء لسكونها، وسكون التنوين.
فإذا أدخلوا الألف واللام لم يردوا الياء، لأنهم بنوا المعرفة على النكرة. قال سيبويه فإذا أضافوا فإن العرب كلها ترد الياء. فيقولون مررت بقاضيك، وداعيك. فإذا اضطر الشاعر حذف مع الإضافة، وأنشد:
كنواح ريش حمامة نجدية = ومسحت باللثتين عصف الإثمد
أي: «كنواحي ريش» فخزل). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/76]

قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وكلهم قرأ: (سواء العاكف فيه) [الحج/ 25] رفعا غير عاصم فإنه قرأ في رواية حفص: سواء نصبا.
أبو عبيدة: العاكف: المقيم، والبادي غير العاكف وهو الذي لا يقيم.
وجه الرفع في (سواء) أنه خبر ابتداء مقدّم، والمعنى: العاكف
[الحجة للقراء السبعة: 5/270]
والبادي فيه سواء، أي: ليس أحدهما بأحقّ به من صاحبه، واستواء العاكف والبادي فيه دلالة على أن أرض الحرم لا تملك، ولو ملكت لم يستويا فيه، وصار العاكف فيها أولى بها من البادي بحقّ ملكه، ولكن سبيلها سبيل المساجد التي من سبق إليها كان أولى بالمكان لسبقه إليها، فسبيله سبيل المباح الذي من سبق إليه كان أولى به.
ومن نصب فقال: (سواء العاكف) أعمل المصدر عمل اسم الفاعل، فرفع العاكف فيه كما يرفع بمستو، ولو قال: مستويا فيه العاكف والبادي فرفع العاكف فيه بمستو، فكذلك يرفعه بسواء، والأكثر الرفع في نحو هذا، وأن لا تجعل هذا النحو من المصدر بمنزلة اسم الفاعل في الإعمال. ووجه إعماله أن المصدر قد يقوم مقام اسم الفاعل في الصفة نحو: رجل عدل فيصير عدل كعادل، وقد كسر اسم المصدر تكسير اسم الفاعل في نحو قوله:
فنوّاره ميل إلى الشمس زاهره فلولا أن النون كاسم الفاعل لم يكسره تكسيره، وكذلك قول الأعشى:
[الحجة للقراء السبعة: 5/271]
وكنت لقا تجري عليك السوائل ومن أعمل المصدر إعمال اسم الفاعل فقال: مررت برجل سواء در همه، وقال: مررت برجل سواء هو والعدم، كما تقول: مستو هو والعدم، فقال: (سواء العاكف فيه والباد) كما تقول: مستويا العاكف فيه والباد. ويجوز في نصب قوله: سواء العاكف فيه وجه آخر، وهو أن تنصبه على الحال، فإذا نصبته عليها وجعلت قوله:
للناس مستقرا، جاز أن يكون حالا يعمل فيها معنى الفعل، وذو الحال الذكر الذي في المستقر، ويجوز أيضا في الحال أن يكون من الفعل الذي هو جعلناه. فإن جعلتها حالا من الضمير المتصل بالفعل كان ذا الحال الضمير، والعامل فيها الفعل، وجواز للناس مستقرا، على أن يكون المعنى أنه جعل للناس ونصب لهم منسكا ومتعبّدا، كما قال: وضع للناس [آل عمران/ 96]. ويدلّ على جواز كون قوله: للناس مستقرا، أنه قد حكي أن بعض القرّاء قرأ: (الذي جعلناه للنّاس سواء العاكف فيه والباد) فهذا يدلّ على أنه أبدل العاكف والبادي من الناس من حيث كانا كالشامل لهم، فصار المعنى الذي جعلناه للعاكف والبادي سواء. فقوله: للناس يكون على هذا مستقرّا في موضع المفعول الثاني لجعلناه، فكما كان في هذا مستقرا، كذلك يكون مستقرا في الوجه الذي تقدمه، ومعنى: الذي جعلناه للعاكف والبادي سواء: أنهما يستويان فيه في الاختصاص بالمعنى، فأما قوله: أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم [الجاثية/ 21] فقال سيبويه فيه: اعلم أنّ ما كان من النكرة رفعا غير صفة، فإنه في المعرفة رفع، فذلك قوله: أم حسب الذين اجترحوا... فتلا
[الحجة للقراء السبعة: 5/272]
الآية، وهذا إنما يراد به، أنه إذا لم يرتفع الاسم مع النكرة في نحو: مررت برجل سواء أبوه وأمه، لم يرتفع به مع المعرفة في نحو: ظننت زيدا سواء أبوه وأمه، ولكن تقول: سواء أبوه وأمه، قد رفع سواء إذا جرى على معرفة بأنه خبر مبتدأ، والجملة التي سواء منها في موضع نصب بأنه مفعول ثان أو حال. والمعنى في الآية أن مجترحي السيّئات لا يستوون مع الذين آمنوا كما قال: أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون [السجدة/ 18]. وكما قال: هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور [الرعد/ 16] فالمراد في الآية هذا المعنى. والضمير في قوله: محياهم ومماتهم لا يخلو من أن يكون للذين آمنوا دون الذين اجترحوا السيئات، أو كاللذين اجترحوا من دون المؤمنين، أو لهما، فيجوز أن يكون الضمير في محياهم ومماتهم للذين آمنوا دون غيرهم، ويكون المعنى: كالذين آمنوا، مستويا محياهم ومماتهم، فتكون الجملة في موضع حال من الذين آمنوا، كما تكون الحال من المجرور في نحو: مررت بزيد، ويجوز أن تكون الجملة في موضع المفعول الثاني من نجعل أي: نجعلهم مستويا محياهم ومماتهم كالذين آمنوا، لا ينبغي ذلك لهم، فيكون الضمير في محياهم ومماتهم للذين اجترحوا السيئات، في المعنى، ألا ترى أن الضمير في نجعلهم للذين اجترحوا السيئات، ومحياهم ومماتهم من قوله: سواء محياهم ومماتهم يعود الضمير منه إلى الضمير الذي في نجعلهم، ويدلّ على ذلك أنه قد قرئ فيما زعموا (سواء محياهم ومماتهم) فنصب الممات، وقد حكى عن الأعمش، فهذا يدلّ على أنه أبدل المحيا والممات من الضمير المتصل بنجعلهم فيكون في البدل
[الحجة للقراء السبعة: 5/273]
كقوله: وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره [الكهف/ 63] فيكون الذكر في محياهم ومماتهم على هذا في المعنى للذين اجترحوا السيّئات.
ويجوز أن تجعل قوله: كالذين آمنوا [الجاثية/ 21] في موضع المفعول الثاني ل (نجعل) فيكون الضمير في محياهم ومماتهم للقبيلين، ويكون العامل في الحال أن نجعلهم الذي هو مفعول الحسبان، ويكون المعنى: أن نجعلهم والمؤمنين متساوين في المحيا والممات. وقد روى عن مجاهد أنه قال في تفسير هذه الآية أنه قال:
يموت المؤمن على إيمانه ويبعث عليه، ويموت الكافر على كفره ويبعث عليه، فهذا يكون على هذا الوجه الثالث، يجوز أن يكون حالا من نجعلهم والضمير للقبيلين، فإن قلت: إن من الكفّار من يلحقه مكانة في الدنيا، ويكون له نعم ومزيّة، فالذي يلحقه ذلك ليس يخلو من أن يكون من أهل الذمة أو من أهل الحرب، فإن كان من أهل الذمّة، فليس يخلو من أن يكون قد أدركه ما ضرب عليهم من الذلّة في الحكم، نحو أن يحشروا إلى مؤدّى الجزية، والصّغار الذي يلحقه في الحكم. وإن كان من أهل الحرب، فليس يخلو من إباحة نفسه وماله بكونه حربا، أو من أن يكون ذلك جاريا عليه في الفعل من المسلمين ذلك بهم أو الحكم، والمؤمن مكرّم في الدنيا لغلبته بالحجّة، وفي الآخرة في درجاته الرفيعة، ومنازله الكريمة). [الحجة للقراء السبعة: 5/274]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ ابن كثير وأبو عمرو (البادي) [الحج/ 25] بالياء في الوصل، ووقفا بغير ياء.
واختلف عن نافع، فقال ابن جماز وإسماعيل بن جعفر وورش ويعقوب عن نافع: (والبادي) بالياء في الوصل. وقال المسيبي وأبو بكر وإسماعيل ابنا أبي أويس بغير ياء في وصل ولا وقف. وقال الأصمعي: سمعت نافعا يقرأ: (والبادي) فقلت: أهكذا كتابها؟ فقال: لا.
وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي بغير ياء في وصل ولا وقف.
قد تقدم القول في ذلك ونحوه). [الحجة للقراء السبعة: 5/275]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الّذي جعلناه للنّاس سواء العاكف فيه والباد} 25
قرأ حفص {سواء العاكف فيه} نصبا جعله مفعولا ثانيًا من قوله {جعلناه للنّاس سواء} أي مستويا كما قال {إنّا جعلناه قرآنًا عربيا} و{العاكف} يرتفع بفعله في هذه القراءة أي استوى العاكف فيه والباد
وقرأ الباقون {سواء} بالرّفع على الابتداء والعاكف خبره
قرأ ابن كثير (والبادي) بالياء في الوصل والوقف على أصل الكلمة لأنّك تقول بدا يبدو إذا دخل البادية فهو باد مثل راع والراعي والأصل البادو فصارت الواو ياء لانكسار ما قبلها فصارت والبادي
قرأ أبو عمرو وإسماعيل وورش (والبادي) بالياء في الوصل وبالحذف في الوقف وهو الاختيار ليكونوا قد تبعوا الأصل تارة والمصحف أخرى
وقرأ الباقون بغير ياء اتباعا للمصحف واجتزاء بالكسرة عن الياء لأن الكسرة تدل على الياء). [حجة القراءات: 475]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (8- قوله: {سواءً العاكف فيه} قرأ حفص {سواء} بالنصب وقرأ الباقون بالرفع.
وحجة من نصب أنه جعله مصدرًا عمل فيه جعلناه عمل فيه {جعلناه}، كأنه قال: سوينا فيه بين الناس سواء، وارتفع العاكف بـ {سواء} وكأنه قال: مستويًا فيه العاكف، فهو مصدر في معنى اسم الفاعل، كما قالوا: رجل عدل أي: عادل، وعلى هذا أجازوا: مررت برجل سواء درهمه، أي مستويًا درهمه، ويجو أن يكون {سواء} انتصب على الحال، وإذا نصبته على الحال جعلته حالًا من المضمر، في قوله: {للناس} المرتفع بالظرف، ويكون الظرف عاملًا في الحال؛ لأنه هو العامل في المضمر الذي هو صاحب الحال، أو يكون حالًا من الهاء في {جعلناه} ويكون العامل في الحال «جعلنا» كما عملت في الهاء التي هي صاحب الحال.
9- وحجة من رفع أنه جعله خبرًا لـ {العاكف} مقدمًا عليه، والتقدير: العاكف والباد سواء فيه، أي: ليس أحدهما أحق به من الآخر). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/118]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {سَوَاءً العَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ}[آية/ 25] بالنصب في {سَوَاءً}:
قرأها عاصم وحده- ص-.
والوجه في نصبه أنه يجوز أن يكون مفعولاً ثانيًا لـ {جَعَلْنَاهَ}. وسواءً بمعنى مستوٍ، كأنه قال: جعلناه للناس مستويًا فيه العاكف والبادِ؛ لأن {سَوَاءً}مصدر بمعنى اسم الفاعل، كعدلٍ بمعنى عادل، فلما قام مقام اسم الفاعل صار يعمل عمله، فلهذا ارتفع به العاكف، فإن العاكف إنما ارتفع بأنه فاعلٌ لسواء، وسواءٌ عمل عمل الفعل، والتقدير: جعلناه يستوي فيه العاكف والبادي.
ويجوز أن يكون {سَوَاءً}منصوبًا على الحال من الضمير في {جَعَلْنَاهَ}، والعامل فيه جعلنا، ويجوز أن يكون العامل فيه معنى الفعل الذي في قوله {لِلنَّاسِ}؛ لأن الجار والمجرور يتضمن معنى الفعل، وذو الحال الضمير المستكن الذي فيه، كأنه قال: استقر هو للناس في حال كونه سواءً.
وقرأ الباقون {سَوَاءً}بالرفع.
والوجه أنه مرتفع بأنه خبر مبتدإ تقدم على المبتدأ، والتقدير: العاكف
[الموضح: 877]
والبادي فيه سواءٌ، فقوله {العَاكِفُ}مبتدأٌ و{الْبَادِي}معطوف عليه، و{سَوَاءً}هو الخبر تقدم على المبتدأ.
والعاكف هو المقيم، يعني من كان من أهله، والبادي من نزع إليه لحجٍ أو عمرةٍ، يعني أنهما سواءٌ في تعظيم الحرمة وقضاء النسك، وقيل: هما سواءٌ في النزول به). [الموضح: 878]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 10:41 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحج

[من الآية (26) إلى الآية (29) ]
{وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)}


قوله تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (بيتي للطّائفين (26)
حرك الياء نافع وحفص عن عاصم. وأسكنها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/186]

قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن وابن محيص: [وَأَذِنَ فِي النَّاسِ]، بالتخفيف.
قال أبو الفتح: [أَذِنَ] معطوف على [بَوَّأْنَا]، فكأنه قال: وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت، وأذن، فأما قوله على هذا: {يَأْتُوكَ رِجَالًا} فإنه انجزم لأنه جواب قوله: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ}، وهو على قراءة الجماعة جواب قوله: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} ). [المحتسب: 2/78]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس وأبي مِجْلَز ومجاهد وعكرمة والحسن وأبي عبد الله جعفر بن محمد: [رُجَّالًا].
وقرأ: [رُجَالًا]، بضم الراء، وتخفيف الجيم منونة - عكرمة وابن أبي إسحاق وأبو مجلز والحسن البصري والزهري.
وقرأ: [رُجَال]، على فُعَال مخففة - عكرمة.
قال أبو الفتح: أما [رُجَّالًا] فجمع راجل، ككَاتِب وكُتَّاب، وعالِم وعُلَّام، وعامِل وعُمَّال.
وأما [رُجَالًا]، مضمومة الراء، خفيفة الجيم، منونة - فغريب. وهو مما ذكرناه مما جاء من الجمع على فُعَال: كظُؤار، وعُراق، ورُخال.
وأما [رُجَالَى] فمثل: حُبارَى، وسُكارَى. ويقال: أراجِل، وأراجِيل، ورَجَالَى، ورُجَالَى، ورُجْلَان. قال كثير:
لَهُ بجنوبِ القادِسِيَّة فَالشَّبا ... مَوَاطِنُ لا يَمْشِي بِهِنَّ الأراجِلُ
وقال أبو الأسود:
كأنَّ مَصامَاتِ الأُسُودِ بِبَطْنِه ... مَرَاغٌ وآثارَ الملاعِيبِ مَلْعَبُ
وأنشد الأصمعي:
وَمَرْكَبٍ يَخْلِطُني بالرُّكْبَانْ ... يَقِي بِهِ اللهُ أذَاةَ الرُّجْلَانْ
ورُوِّينا عن ابن الأعرابي: رَجُل رَجْلَان، ورَجَل أي: رَاجِل.
وقراءة الكافة: {رِجَالًا} جَمْع رَاجِل أيضا، كصائِم وصِيام، وصَاحِب وصِحَاب). [المحتسب: 2/79]

قوله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28)}
قوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ثمّ ليقطع.. (15) (ثم ليقضوا تفثهم (29)
قرأ أبو عمرو ويعقوب (ثم ليقطع) (ثم ليقضوا) بكسر اللام فيهما.
وقرأ ابن عامر (ثم ليقطع) (ثم ليقضوا)... وليوفوا... وليطوٌفوا) بكسر اللام في الأربعة أحرف.
وروى ورشٌ وأبو بكر بن أبي أويس عن نافع مثل أبي عمرو.
وقال قنبل عن ابن كثير (ثم ليقضوا) بكسر اللام في هذه وحدها.
وقرأ الباقون بالجزم فيهن كلهن.
وقرأ أبو بكر عن عاصم (وليوفوا نذورهم) بتشديد الفاء، وخففها الباقون.
قال أبو منصور: هذه اللامات في هذه المواضع مكسورة في الأصل، وإنما سكنها من سكنها إذا وصلت بحروف العطف؛ لأن التسكين أخف كما قال "وهو على ذلك قدير" "وهي قالت ذلك" تسكّن الهاء إذا وصلت بحروف العطف، أعنى: الواو والفاء.
[معاني القراءات وعللها: 2/176]
وأما من اختار كسر اللام في (ثم ليقضوا) فلأن الوقوف على (ثم) يحسن، ولا يحسن على الفاء والواو، وعلى أن أكثر القراءة على تسكين اللام.
وأفادني المنذري عن ابن اليزيدي عن أبي زيد أنه قال في قوله: (ثمّ ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطّوّفوا بالبيت العتيق (29).
قوله: (وليوفوا... وليطوفوا)
مجزومتان مع الواو والفاء.
فأما قوله: (ثم ليقطع) (ثمّ ليقضوا) فمكسورتان حين لم يكن لهما عماد: واو ولا فاء.
والعماد: ما يلزق باللام، و(ثمّ) لا يلزق باللام.
وأنشد لـ لبيد:
فإن لم تجد من دون عدنان باقيا... ودون معا فالتزعك العواذل
جزمت اللام بالعماد للأمر.
وقال: (وليكتب بينكم). (فليملل وليّه)، (فلتقم طائفة... ولتأت طائفة) مجزومات للواو والفاء). [معاني القراءات وعللها: 2/177] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- وقوله تعالى: {ثم ليقضوا تفثهم} [29].
قرأ ابن كثيرٍ برواية قنبل وأبو عمرو: بكسر لام الأمر مع {ثم} فقط، لأن ثم ينفصل من اللام، وأصل اللام الكسر؛ وإنما يجوز إسكانها تخفيفًا إذا اتصلت بحرف، وقد ذكرت علة ذلك في (البقر) والتفث: نتف الإبط،
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/73]
وحلق العانة، وقص الشارب، وأخذ الظفر إذا حل الرجل من إحرامه، وكذلك قرآ: {ثم ليقطع} [15] وورش عن نافع مثلهما.
وقرأ ابن عامر بكسر لام الأمر مع «ثم»، ومع الواو في هذه السورة فقرأ {وليوفوا} و{ليطوفوا} كل ذلك بالكسر. وأما في قوله: {ليوفوا، ليطوفوا} [فـ] قرأ ابن عامر برواية اين ذكوان {ليوفوا.... وليطوفوا} بالكسر فيهما.
وقرأ الباقون مسكنا كل ذلك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/74]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {وليوفوا نذورهم} [29].
قرأ عاصم في رواية أبي بكر، {وليوفوا} مشددا.
وقرأ الباقون مخففا، وهما لغتان، فمن شدد فحجته {وإبراهيم الذي وفي} ومن خفف فحجته {وأفوا بعهد الله} وفيها لغة ثالثة: وفي، تقول العرب: وفي زيد يفي، وأوفي يوفي، ووفي يوفي. قال الشاعر فجمع بين اللغتين:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/76]
أما ابن عوف فقد أوفي بذمته = كما وفي بقلاص النجم حاديها
والأمر من أوفي: أوف يازيد. ومن وفي: وف يازيد، ومن وفي: فه، لابد من هاء في الوقف وفي الكتابة؛ لأن الكلمة لا تكون على حرف واحد). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/77]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في كسر لام الأمر وإسكانها من قوله: ثم ليقطع [الحج/ 15] ثم ليقضوا [الحج/ 29].
فقرأ ابن كثير: (ثم ليقضوا) مكسورة اللام، ولم يكسر غيرها، هذه رواية القواس عنه. وقال البزي: اللام مدرجة. قال: يعني بمدرجة: ساكنة.
وقرأ أبو عمرو وابن عامر: (ثمّ ليقطع)، (ثم ليقضوا) مكسورة اللام، زاد ابن عامر: (وليوفوا) [الحج/ 29]، (وليطوفوا) [الحج/ 29] بكسر لام الأمر فيهما.
واختلف عن نافع، فقال إسماعيل بن جعفر وأحمد والقاضي عن قالون وإسحاق وإسماعيل بن أبي أويس: ثم ليقطع ثم ليقضوا ساكنتي اللام، وقال ورش وأبو بكر بن أبي أويس: (ثم ليقطع)، (ثم ليقضوا) مكسورتي اللام مثل أبي عمرو.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: ثم ليقضوا وليفوا، ثم ليقطع، وليطوفوا اللام للأمر ساكنة في كلّ القرآن، إذا كان ما قبلها واو أو فاء أو ثم.
قال أبو علي: أصل هذه اللام الكسر، يدلّ على ذلك أنك إذا ابتدأت بها فقلت: ليقم زيد، كسرتها لا غير، فإذا ألحقت الكلام الذي فيه اللام الواو أو الفاء أو ثمّ، فمن أسكن مع الفاء والواو فلأن الفاء والواو يصيران كشيء من نفس الكلمة، نحو: كتف، لأن كل واحد منهما لا ينفرد بنفسه، فصار بمنزلة كتف وفخذ، فقلت:
[الحجة للقراء السبعة: 5/269]
وليقضوا. فإذا كان موضع الفاء والواو (ثمّ) لم يسكنه أبو عمرو، لأن ثمّ ينفصل بنفسه ويسكت عليه دون ما بعده، فليست في هذا كالفاء والواو، ومن قال: ثم ليقضوا شبّه الميم من ثم، بالفاء والواو، فيجعل فليقضوا، من (ثم ليقضوا) بمنزلة الفاء والواو، وجعله كقولهم:
«أراك منتفخا» فجعل «تفخا» من منتفخا مثل كتف، فأسكن اللام وعلى هذا قول العجاج:
فبات منتصبا وما تكردسا ومثل ذلك قولهم: (وهي) [هود/ 42] فهي كالحجارة [البقرة/ 74].
وأما اختلاف الرواية عن نافع فإحداهما على قول من قال: (فهي) (وهي) والأخرى على قول من قال: (فهو) [الإسراء/ 97] (وهو) [البقرة/ 85] ويجوز أن يكون أخذ بالوجهين جميعا لاجتماعهما في الجواز). [الحجة للقراء السبعة: 5/270] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (عاصم في رواية أبي بكر (وليوفوا نذورهم) [الحج/ 29] مشدّدة الفاء ساكنة اللام. وقرأ الباقون وحفص عن عاصم: وليوفوا خفيفة ساكنة اللام غير ابن عامر فإنه كسر اللام.
قال أبو علي: (وليوفّوا) حجّته: وإبراهيم الذي وفي [النّجم/ 37] وسكون اللام قد تقدم القول فيه.
وحجة وليوفوا قوله: وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم [النحل/ 91]. وأوفوا بالعقود [المائدة/ 1] والأكثر في التنزيل
[الحجة للقراء السبعة: 5/275]
وأوفوا، ووفّي وأوفي ووفي لغات مستعملة، قال الشاعر:
أما ابن طوق فقد أوفي بذمّته... كما وفي بقلاص النجم حاديها). [الحجة للقراء السبعة: 5/276]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ثمّ ليقطع} {ثمّ ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق} 15 و30
قرأ أبو عمرو وورش عن نافع وابن عامر (ثمّ ليقطع ثمّ ليقضوا) بكسر اللّام فيهما دخل القواس معهم في قوله {ثمّ ليقضوا} وحجتهم أن أصل هذه اللّام الكسر إذا كانت مبتدأة فلمّا جاءت بعد كلمة يمكن السّكوت عليها والابتداء بما بعدها كانت اللّام كالمبتدأ فأتوا بها على أصلها لذلك وزاد ابن عامر {وليوفوا} و{وليطوفوا}
وقرأ الباقون {ثمّ ليقطع} {ثمّ ليقضوا} بسكون اللّام وحجتهم أن أصلها السّكون وإنّما تكسر إذا وقعت ابتداء فإذا كان قبلها حرف متّصل بها رجعت اللّام على الأصل وأصلها السّكون ويقوّي هذا إجماع الجميع على إسكان قوله {فليعمل عملا صالحا} و{وليضربن بخمرهنّ} فإن قيل لم فصل أبو عمرو بين ثمّ والواو فكسر عند ثمّ ولم يكسر عند الواو قيل إنّما فصل بينهما لأن ثمّ تنفصل من اللّام وأصل لام الأمر الكسر إذا ابتدئ بها وسكن إذا كان ما قبلها ما لا ينفصل منها وهو الواو والفاء أما ثمّ فإنّك تقف عليها إذا شئت وتستأنف بعدها فلذلك فرق
[حجة القراءات: 473]
أبو عمرو بينهما ومثل هذا {ثمّ هو يوم القيامة} بالتثقيل وهو فهو بالتّخفيف). [حجة القراءات: 474] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وليوفوا نذورهم}
قرأ عاصم {وليوفوا نذورهم} بالتّشديد وقرأ الباقون بالتّخفيف وهما لغتان تقول وفي يوفى توفية إذا أكمل وحجتهم
[حجة القراءات: 475]
{وإبراهيم الّذي وفى} والتّخفيف من أوفى يوفي وحجتهم قوله {وأوفوا بعهد الله} ). [حجة القراءات: 476]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {ثم ليقطع}، {ثم ليقضوا}، {وليوفوا}، {وليطوفوا} قرأ ورش وأبو عمرو وابن عامر: «ثم لقطع» بكسر اللام، وأسكن الباقون، ومثله في {ثم ليقضوا} غير أن قنبلا معهم على الكسر. وقرأ
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/116]
ابن ذكوان {وليوفوا}، {وليطوفوا} بكسر اللام فيهما، وقرأ الباقون بالإسكان، وتفرد أبو بكر بتشديد الفاء، وفتح الواو في {وليوفوا}.
وحجة من كسر أنها لامات أمر، أصلها الكسر، فأتى بها على الأصل، كما لو ابتدأ بها لم تكن إلا مكسورة، فأجارها مع حرف العطف مجراها بغير حرف في الابتداء وكأنه لم يعتد بحرف العطف، وهو الاختيار.
4- وحجة من أسكن أنه على التخفيف للكسرة، فأسكنها وكأنه اعتد بحرف العطف، وقد منع المبرد إسكان اللام مع {ثم} لأنها كلمة يوقف عليها وكذلك منع الإسكان في {ثم هو} ولم يجزه.
5- وحجة من شدد الفاء أنه بناه على {وفّى} للتكثير، كما قال: {وإبراهيم الذي وفّى} «النجم 37».
6- وحجة من خففه أنه بناه على «أوفى» الذي يقع للقليل والكثير كما قال: {وأوفوا بعهد الله} «النحل 91» هما لغتان، فأما من أسكن اللام مع الواو وكسرها مع {ثم} فإنه لما رأى {ثم} قد تنفصل من اللام ويمكن الوقف عليها قدر أن اللام يبتدأ بها فكسرها، ولما رأى الواو لا تنفصل من اللام ولا يوقف عليها دون اللام قدر اللام متوسط فأسكن استخفافًا. وقد مضى نحو هذه العلة في {ثم هو} وهو أول البقرة، فأما من أسكن معها، أو كسر، ولم يفرق بينهما، فإنه لما رآهما حرفي عطف، متصلين بلام أجرى اللام معها مجرى واحد، فأسكن استخفافًا أو كسر على الأصل). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/117] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {ثُمَّ لْيَقْطَعْ}[آية/ 15] {ثُمَّ لْيَقْضُوا}، {وَلْيُوفُوا}، {وَلْيَطَّوَّفُوا}[آية/ 29] بكسر اللام في الأحرف الأربعة:
قرأها ابن عامر.
والوجه أنه هو الأصل في لام الأمر؛ لأن الأصل في هذه اللام أن تكون مكسورة، نحو قولك: ليذهب زيد، وإنما كسرت ليفرق بينها وبين لام الابتداء الداخلة على الاسم نحو لزيد أفضل من عمروٍ، وإن هذا لزيد، فإنها مفتوحة، وكسرت هذه للفرق.
[الموضح: 873]
فقراءة ابن عامر على الأصل في كسر هذه اللام.
وقرأ أبو عمرو ونافعٌ- ش- ويعقوب- يس- {ثُمَّ لْيَقْطَعْ}{ثُمَّ لْيَقْضُوا}مكسورتي اللام، وأسكنوا الآخريين.
والوجه أنهم يجرون لام الأمر إذا كان يتقدمه ثم على الأصل من الكسر، وإذا تقدمه الفاء أو الواو فإنهم يجعلونهما مع اللام بمنزلة ما هو من نفس الكلمة؛ لأن كل واحدٍ من الواو والفاء لا ينفرد بنفسه، فصار مع الكلمة بمنزلة كتفٍ وفخذٍ، فكما جاز إسكان الأوسط من كتفٍ وفخذٍ فكذلك يجوز إسكان هذا اللام.
وأما ترك إسكان اللام مع ثم، فلأن ثم ينفصل عن الكلمة وينفرد بنفسه ويسكت عليه دون ما بعده، فلا يصير بمنزلة ما هو من نفس الكلمة، وليس كذلك الفاء والواو.
وقرأ الكوفيون بإسكان اللام في الأحرف الأربعة، وكذلك البزي عن ابن كثير، و- ن- و- يل- عن نافع، و- ح- عن يعقوب.
والوجه أنهم جعلوا الفاء والواو بمنزلة ما هو من نفس الكلمة على ما تقدم، وأجروا ثم أيضًا مجرى الفاء والواو، فأسكنوا اللام مع الكل؛ لأنهم شبهوا الميم من ثم بمنزلة الواو أو الفاء، فكأنهم جعلوا مليقضوا بمنزلة فليقضوا، قال العجاج:
[الموضح: 874]
99- فبات منتصبًا وما تكردسا
فأجرى: تصبًا من منتصبًا بمنزلة فخذٍ، فأسكن الصاد، هذا في المتصلِ، ومثله في المنفصلِ قول الآخر:
100- قالت سليمى اشتر لنا دقيقً
أجرى: ترل بمنزلة فخذ فأسكن الراء.
وروى- ل- عن ابن كثير حرفًا واحداً بالكسر {ثُمَّ لْيَقْضُوا}، وأسكن الباقي.
والوجه أنه أراد الأخذ بالوجهين؛ لاشتراكهما في الجواز). [الموضح: 875] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {وَلْيُوفُوا}[آية/ 29] بفتح الواو وتشديد الفاء:
قرأها عاصم وحده- ياش- .
والوجه أنه من وفى الذي بمعنى أوفى، لا فرق بينهما في المعنى، قال الله تعالى {وإبْرَاهِيمَ الَّذِي وفَّى}.
وقال بعضهم: {وفَّى}بالتشديد بمعنى وفى بالتخفيف، وقال بعضهم: بل معناه وفى مرة بعد مرةٍ؛ لأنه بناءُ مبالغةٍ وتكثير، فعلى هذا يجوز أن يكون {يُوفُوا}بالتشديد أريد به معنى الكثرة؛ لأن النذور جمع.
وقرأ الباقون و- ص- عن عاصم {وَلْيُوفُوا}بسكون الواو وتخفيف الفاء.
والوجه أن وفى وأوفى لغتان، قال:
101- أما عمير فقد أوفى بذمته = كما وفى بقلاص النجم حاديها
[الموضح: 878]
قال الله تعالى {وأَوْفُوا بِعَهْدِ الله}، وقال {وْفُوا بِالْعُقُودِ} ). [الموضح: 879]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 10:42 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحج

[من الآية (30) إلى الآية (33) ]
{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31) ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33)}


قوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30)}
قوله تعالى: {حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فتخطّفه الطّير (31)
قرأ نافع وحده (فتخطّفه الطّير)، بفتح الخاء وتشديد الطاء.
وقرأ الباقون (فتخطفه الطّير).
قال أبو منصور: من قرأه (فتخطّفه) فالأصل (فتختطه) فأدغم التاء في الطاء، وألقيت حركة التاء على الخاء ففتحت.
ومن قرأ (فتخطفه) فهو من خطف يخطف). [معاني القراءات وعللها: 2/180]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {فتخطفه الطير} [31].
قرأ نافع {فتخطفه الطير}.
أراد فاختطفه، فنقل فتحة التاء إلى الخاء. وأدغم التاء في الطاء فالتشديد من جلل ذلك.
وقرأ الباقون {فتخطفه الطير} مخففًا، وهو الاختيار، لقوله تعالى: {إلا من خطف الخطفة} ولم يقل (اختطف).
وقد وافق نافع الجميع على التخفيف في قوله: {يكاد البرق يخطف} والقرآن يشهد بعضه لبعض، وإن كانت اللغتان فصيحتين، تقول العرب: خطف يخطف، واختطف يختطف، واستلب يستلب، وامتلع يمتلع بمعنى). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/77]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ نافع وحده: (فتخطفه) [الحج/ 31] مشدّدة الطاء. وقرأ الباقون: فتخطفه خفيفة.
قالوا: خطف يخطف، وخطف يخطف، وهذه أعلى، فأما قول نافع: (فتخطّفه الطّير) فإنما هو: تتخطّف تتفعّل، من الخطف، فحذف تاء التفعل فصار: فتخطّفه، وتخطّف في كلتا القراءتين حكاية حال تكون، والمعنى في قوله: (فتخطّفه الطير أو تهوي به الرّيح في مكان سحيق) أنه قوبل به قوله: فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها [البقرة/ 256] فكما كان المؤمن في إيمانه متمسّكا بالعروة الوثقى، كان المشرك بعكس ذلك الوصف، فلم يتمسّك لكفره وشركه بشيء يتعلّق به، ولم يتمسّك بماله فيه أمان من الخرور ونجاة من الهوى واختطاف الطير له، كالمؤمن المتمسّك بإيمانه، فصار كمن خرّ من السماء، فهوت به الريح، فلم يكن له في شيء من ذلك متعلّق ولا معتصم فيكون له ثبات، ومثل هذا قول الشاعر:
[الحجة للقراء السبعة: 5/276]
ولمّا رأيت الأمر عرش هويّة... تسليت حاجات النفوس بصيعرا
فالعرش مكان المستقي والماتح، وليس بموضع طمأنينة ولا استقرار إلّا على الخطر وخلاف الثقة بالموقف، يقول: لما رأيت الأمر لاثبات بعدت منه، وقريب منه قول الآخر:
فلا يرمى بي الرّجوان إنّي... أقلّ القوم من يغني غنائي
أي: لا أدفع إلى شيء لا يكون لي معه ثبات ولا قرار، كما أن من رمي به الرّجوان لم يقدر على استقرار ولا اطمئنان). [الحجة للقراء السبعة: 5/277]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فكأنّما خر من السّماء فتخطفه الطير}
قرأ نافع {فتخطفه} بفتح التّاء وتشديد الطّاء والأصل فتختطفه فأدغم التّاء في الطّاء وألقى حركة التّاء على الخاء ففتحها
وقرأ الباقون {فتخطفه} مخففا من خطف يخطف وهو الاختيار وحجتهم قوله تعالى {إلّا من خطف الخطفة} ولم يقل اختطف وهما لغتان تقول العرب خطف يخطف واختطف يختطف). [حجة القراءات: 476]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (10- قوله: {فتخطفه} قرأه نافع بفتح الخاء مشددا. وقرأ الباقون بإسكان الخاء مخففا.
وحجة من شدد أنه بناه على «تتفعل» أي: فتخطفه، لكن حذفت إحدى التاءين كما حذفت في: تظاهرون وتساءلون، وفي: {لا تكلم نفس} «هود 105» أصله «تتكلم» ثم حذفت إحدى التاءين لاجتماع المثلين استخفافًا.
11- وحجة من خفف أنه بناه على خط «يخطف» فالتاء في {فتخطفه} للاستقبال ولتأنيث جماعة الطير). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/119]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ}[آية/ 31] بفتح الخاء والطاء، مشددة الطاء:
قرأها نافع وحده.
والوجه أن أصله: تتخطفه بتاءين، فحذفت تاء التفعل لاجتماع التاءين فبقي تخطفه.
وقرأ الباقون {فَتَخْطَفُهُ}بإسكان الخاء وفتح الطاء وتخفيفها.
والوجه أنه مضارع خطف بكسر الطاء، يخطف بفتحها، وفيه لغتان: خطف يخطف كعلم يعلم وخطف يخطف كضرب يضرب، والأول أعلى). [الموضح: 879]

قوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32)}
قوله تعالى: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:04 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة