العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:02 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (37) إلى الآية (44) ]

{قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37) لَٰكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38) وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39) فَعَسَىٰ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40) أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (43) هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ۚ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (44)}

قوله تعالى: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37)}

قوله تعالى: {لَٰكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (بربّي أحدا (38)، (فعسى ربّي أن (40)
فتحها ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وأرسلها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/109] (م)
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لكنّا هو اللّه ربّي)
قرأ يعقوب وابن عامر والمسيبي عن نافع (لكنّا هو اللّه ربّي) يثبتون الألف، في الوصل والوقف.
وقرأ الباقون ونافع في رواية قالون وورش وإسماعيل وابن جمازٍ (لكنّا) بألف في الوقف، وحذفها في الوصل، واتفقوا على إثبات الألف في الوقف من أجل أن الأصل فيه (لكن أنا)، فحذفوا الألف التي بين النونين، وأدغموا النون الأولى في الثانية، فصار (لكنّا).
قال أبو منصور: من قرأ (لكنّا) فأثبت الألف في الوصل كما كان يثبتها في الوقف فهو على لغة من يقول - (أنا قمت) فأثبت الألف كما قال الشاعر:
أنا سيف العشيرة فاعرفوني... حميداً قد تذّرّيت السّناما
وفي (أنا) في الوصل ثلاث لغات، أجودها (أن قلت ذاك) بغير ألف، كقوله:
[معاني القراءات وعللها: 2/110]
(أنا ربكم) بغير ألف في اللفظ.
ويجوز (أنا قلت) بإثبات الألف في اللفظ، كما قال الشاعر، وهو ضعيف عند النحويين وفيه لغة ثالثة: (أن قلت) بإسكان النون، وهو أضعف من إثبات الألف.
فأما قوله: (لكنّا هو اللّه ربّي) فالأجود في القراءة إثبات الألف، لأن الهمزة قد حذفت من (أنا) فصارت إثبات الألف عوضا من الهمزة، وكل ما قرئ به فهو جائز). [معاني القراءات وعللها: 2/111]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (11- وقوله تعالى: {لكنا هو الله ربي} [38].
قرأ ابن عامر والمسيبي عن نافع {لكنا} بالألف في الوصل والوقف.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/393]
وقرأ الباقون {لكن} بغير ألف، وأجمعوا كلهم على الوقف بالألف؛ لأنها كذلك في المصحف، والأصل: لكن أنا هو الله ربي، وقد قرأ بذلك الحسن وأُبَيٌّ فحذفوا الهمزة اختصارًا فصار: لكننا، ثم أدغموا النون في النون فالتشديد من جلل ذلك. وكان أبو عمرو يقف في رواية لكنه بالهاء وأنشدني ابن مجاهد وجماعة:
وترمينني بالطرف أي أنت مذنب = وتقلينني لكن إياك لا أقلي). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/394]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في إسقاط الألف من قوله: لكنا هو الله ربي [الكهف/ 38] وإثباتها.
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي: (لكن هو الله ربي) بإسقاط الألف في الوصل، وإثباتها في الوقف.
وقرأ نافع في رواية المسيّبي: لكنا هو الله ربي يثبت الألف في
[الحجة للقراء السبعة: 5/144]
الوصل والوقف، وقال ابن جمّاز وإسماعيل بن جعفر وورش عن قالون عن نافع: بغير ألف في الوصل، ويقف بالألف.
وقرأ ابن عامر: لكنا هو الله ربي، يثبت الألف في الوصل والوقف.
قال أبو بكر أحمد: ولم يختلف في الوقف أنه بألف، وإنما اختلف في الوصل.
قال: القول فيمن قرأ: (لكن هو الله ربّي) فلم يثبت الألف في الوصل أنه كان: لكن أنا، فخفّف الهمزة وألقى حركتها على النون، فصار لكننا، فاجتمع مثلان، فأدغم المثل الأول في الثاني بعد أن أسكنها، فصار في الدّرج: (لكن هو الله ربي)، فلم يثبت الألف في الوصل كما لم تثبت الهاء في الوصل في نحو: ارمه واغزه، لأنها إنما تلحق في الوقف لتبين الحرف الموقوف عليه، فإذا وقف قال: لكنا، فأثبت الألف في الوقف كما كان يثبت الهاء فيه. ومثل ذلك في الإدغام ما حكاه أبو زيد من قول من سمعه يقرأ: (أن تقع علرض) [الحج/ 65] خفّف الهمزة، وألقى حركتها على لام المعرفة فصار على الرض. وخفّفها على قول من قال: الحمر، فأثبت همزة الوصل لأن اللام في تقدير
السكون، فلمّا كان في تقدير السكون حذف الألف من على، كما يحذفها إذا كانت اللام ساكنة، فاجتمع لامان مثلان فأدغم الأولى في الثانية، ولو خفّفها على قول من قال: لحمر، لم يجز الإدغام لأن الألف في على تثبت ولا تحذف كما حذفت في القول الأول، لما كانت اللام في تقدير سكون، فلم يجز الإدغام لفصل
[الحجة للقراء السبعة: 5/145]
الألف بين المثلين، فإذا وقف من أدغم لكنا أثبت الألف، وإذا لم يقف حذفها.
ومثل هذه الألف في أنها تثبت في الوقف وتسقط في الإدراج، الألف في حيهلا، تقول: حيّ هل بعمر، فتحذفها، فإن وقفت قلت:
حيّهلا، وقد تجيء هذه الألف مثبتة في الشعر في الإدراج، كقول الأعشى:
فكيف أنا وانتحالي القوافي وقول الآخر:
أنا شيخ العشيرة فاعرفوني... حميد قد تذرّيت السّناما
ولا يكون هذا مختارا في القراءة، وقد جاء في غير هذا إجراء الوصل مجرى الوقف. نحو قوله:
ببازل وجناء أو عيهلي فأما من قرأ لكنا هو الله ربي في الوصل فإنه يحتمل أمرين:
أحدهما: أن يجعل الضمير المتصل مثل المنفصل الذي هو: نحن، فيدغم النون من لكن لسكونها في النون من علامة الضمير، فيكون على هذا في الوصل والوقف، لكنا بإثبات الألف لا غير، ألا ترى أن أحدا لا يحذف الألف في نحو: فعلنا.
وقوله: هو من: هو الله ربي علامة الحديث والقصة، كما أنه من قوله: فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا [الأنبياء/ 97]
[الحجة للقراء السبعة: 5/146]
وقوله: قل هو الله أحد [الإخلاص/ 1] كذلك والتقدير: الأمر الله أحد، لأن هذا الضمير يدخل على المبتدأ والخبر، فيصير المبتدأ والخبر في موضع خبر، كما أنّه في: إنّ، وكأن، وظننت، وما يدخل على المبتدأ والخبر كذلك، وعاد الضمير على الضمير الذي دخلت عليه لكن على المعنى، ولو عاد على اللفظ لكان: لكنا هو الله ربنا، ودخلت لكن على الضمير مخففة كما دخلت في قوله: إنا معكم [البقرة/ 14] وهذا وجه.
ويجوز فيه وجه آخر: وهو أن سيبويه حكى أنه سمع من العرب من يقول: أعطني أبيضه، فشدّد وألحق الهاء. والتشديد للوقف، وإلحاقه إياها، كإلحاقه الألف في: سبسبّا. والياء في: عيهلي.
فأجرى الهاء مجراهما في الإطلاق كما كانت مثلهما في قوله:
صفية قومي ولا تجزعي... وبكي النساء على حمزة
فهذا الذي حكاه سيبويه في الكلام، وليس في شعر، وكذلك الآية تكون الألف فيها كالهاء، ولا تكون الهاء للوقف، ألا ترى أنّ هاء الوقف لا يبين بها المعرب، ولا ما ضارع المعرب، فعلى أحد هذين الوجهين يكون قول من أثبت الألف في الوصل أو عليهما جميعا. ولو كانت فاصلة لكان مثل فأضلونا السبيلا [الأحزاب/ 76]). [الحجة للقراء السبعة: 5/147]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي بن كعب والحسن: [لَكِنْ أَنَا هُوَ اللَّهُ رَبِّي].
وقرأ: [لَكِنْ هُوَ اللَّهُ رَبِّي] -ساكنة النون من ألف- عيسى الثقفي.
قال أبو الفتح: قراءة أبي هذه هي أصل قراءة أبي عمرو وغيره: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي}، فخففت همزة "أنا" بأن حذفت وألقيت حركتها على ما قبلها، فصارت [لكنَنَا]، ثم التقت النونان متحركتين، فأسكنت الأولى، وأدغمت في الثانية، فصارت "لكنَّ" في الإدراج. فإذا وقفت ألحقت الألف لبيان الحركة، فقلت: "لكنَّا"، فـ "أنا" على هذا مرفوع بالابتداء وخبره الجملة، وهي مركبة من متبدأ وخبر، فالمبتدأ "هو"، وهو ضمير الشأن والحديث، والجملة بعده خبر عنه، وهي مركبة من مبتدأ وخبر، فالمبتدأ "الله"، والخبر "ربي"، والجملة خبر عن "هو"، و"هو" وما بعده من الجملة خبر عن "أنا"، والعائد عليه من الجملة بعده الياء في "ربي"، كقولك: أنا قائم غلامي.
فإن قلت: فما العائد على "هو" من الجملة بعده التي هي خبر عنه؟ فإنه لا عائد على المبتدأ
[المحتسب: 2/29]
أبدا إذا كان ضمير الشأن والقصة، كقوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، فـ"الله أحد" خبر عن "هو"، و"هو" ضمير الشأن والحديث، ولا عائد عليه من الجملة بعده التي هي "الله أحد"، وإنما كان كذلك من قبل أن المبتدأ إنما احتاج إلى العائد من الجملة بعده إذا كانت خبرًا عنه؛ لأنها ليست هي المبتدأ، فاحتاجت إلى عود ضمير منها عليه؛ ليلتبس بذلك الضمير بجملته.
وأما "هو" من قولنا: {هُوَ اللَّهُ رَبِّي} ونحوه فهو الجملة نفسها، ألا تراه ضمير الشأن، وقولنا: الله ربي شأن وحديث في المعنى؟ فلما كانت هذه الجملة هي نفس المبتدأ لم يحتج إلى عائد عليه منها، وليس كذلك: زيد قام أخوه؛ لأن زيدا ليس بقولك: قام أخوه في المعنى، فلم يكن له بد من أن يعود عليه ضمير منه ليلتبس به؛ فيصير خبرا عنه. ومن قرأ: [لَكِنْ هُوَ اللَّهُ رَبِّي] فـ"هو" ضمير الشأن، والجملة بعده خبر عنه على ما مضى آنفا، وهذا واضح). [المحتسب: 2/30]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لكن هو الله ربّي ولا أشرك بربي أحدا}
قرأ نافع في رواية إسماعيل وابن عامر (لكنا هو الله ربّي) بإثبات الألف في الوصل
وقرأ الباقون {لكن} بغير ألف في الوصل وأجمعوا كلهم على الوقف بالألف
أصل الكلمة لكن أنا أقول هو الله ربّي فطرحت الهمزة على النّون فتحركت بالفتح فصار لكننا فاجتمع حرفان من جنس واحد فأدغمت النّون الأولى في الثّانية فصار (لكنا هو الله)
حجّة من لم يثبت الألف في الوصل قولك أن قلت محذوفة الألف فإذا وقفت عليها أثبت الألف فقلت أنا وتحذف في الوصل في أجود اللّغات نحو أن قمت بغير ألف ويجوز أنا قمت بإثبات الألف وهو ضعيف ومن قرأ {لكنا} بإثبات الألف في الوصل ف على لغة من قال أنا قمت قال الشّاعر:
أنا شيخ العشيرة فاعرفوني ... حميدا قد تذريت السناما
[حجة القراءات: 417]
فكذلك لكنا تحذف الألف في الوصل وتثبتها في الوقف لأنهم زادوا الألف للوقف فإذا أدرجوا القراءة طرحوها لزوال السّبب الّذي من أجله زادوها ومن أثبت الألف في الوصل أجرى الوصل مجرى الوقف
قال الزّجاج إثبات الألف جيد لأن الهمزة قد حذفت من أنا فصار إثبات الألف عوضا من الهمزة). [حجة القراءات: 418]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (19- قوله: {لكنا هو الله ربي} قرأه ابن عامر بألف في الوصل، أجرى الوصل مجرى الوقف، وكأنه جعله «أنا» بكماله الاسم، وهو مذهب الكوفيين من أهل النحو، وحذفها الباقون، وكأنه «جعل» بكماله الاسم، وهو مذهب الكوفيين من أهل النحو، وحذفها الباقون في الوصل، وكلهم وقف بألف وقد مضت علة ذلك في سورة البقرة، ونزيد ذلك بيانًا في هذا الموضع.
فحجة من حذف الألف في الوصل بأنها عنده كهاء السكت أتى بها لبيان حركة النون في الوقف، والاسم من «أنا» عند البصريين «أن» والألف زيدت في الوقف كهاء السكت لبيان الحركة، فكما أنه قبيح إثبات هاء السكت في الوصل كذلك قبيح إثبات الألف من «أنا» في الوصل، إلا أن إثبات الألف في الوقف من «أنا» آكد من إثبات الهاء لقلة حروف الكلمة، فصار إثبات الألف في «أنا» في الوقف أمرا لازمًا، فإن لم تثبت الألف جيء بالهاء، فقلت: «أنه» وذلك في الكلام، ولا يجوز في القرآن لمخالفة الخط، والأصل فيه «لكن أنا هو الله ربي» فألقيت حركة الهمزة من «أنا» على النون الساكنة من «لكن» فتحركت، وبعدها نون متحركة، فاجتمع مثلان متحركان، فأدغم الأول في الثاني، فصارت نونًا مشددة، وحذفت الألف في الوصل، على ما ذكرنا،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/61]
وثبتت في الوقت لبيان الحركة، ولتقوية الكلمة.
2- وحجة من أثبت الألف في الوصل أنها لغة حكاها الكوفيون، يجعلون الألف من أصل الاسم المضمر، يقولون «أنا» بكماله الاسم، ويقولون: من حذف الألف في الوصل فإنما حذفها استخفافًا لدلالة الفتحة عليها، وقد قيل، إن من قرأ في الوصل في {لكنا} إنما قرأه على أنه جعل «لكن» المخففة من الثقيلة، دخلت على «أنا» هو ضمير المخبر عن نفسه، كما تدخل «إن» الخفيفة والثقيلة على «نا» فنقول: «إنا وإننا» ويكون {هو} في الآية إضمار الحديث أو الأمر، ويكون {ربي} راجعا على المعنى؛ لأن «نا» لواحد مخبر عن نفسه، فرجع {ربي} على المعنى، ولو رجع على اللفظ لقيل: {ربنا} ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/62]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (16- {لَكِنَّا هُوَ الله رَبِّي} [آية/ 38] بإثبات الألف في {لكِنا} في الوصل والوقف:
قرأها ابن عامر ويعقوب يس- و-ان-.
والوجه أنه يجوز أن يكون أصله لكن أنا، فخففت همزة أنا، وتخفيفها أن تنقل حركتها إلى الساكن الذي قبلها وتحذف الهمزة فبقي لكننا بنونين مفتوحتين، ثم أُدغمت النون الأولى في الثانية فبقي لكنا، والألف الساكنة الأخيرة من أنا تكون مثبتة في حال الوقف، محذوفة في حال الوصل، وهذه مثبتةٌ على الأحوال كلها إجراءً للوصل مجرى الوقف، وقد جاء على إجراء الوصل مجرى الوقف قول الشاعر:
82- أنا سيف العشيرة فاعرفوني = حميدًا قد تذريت السناما
وأكثر ذلك إنما يأتي في الشعر.
[الموضح: 782]
ويجوز أن تكون كلمة لكن المخففة قد لحقها النون والألف التي في نحو ضربنا، فاجتمع نون لكن الساكنة مع نون الضمير فأُدغمت فيها فبقي {لكِنَّا} بالتشديد، وكان ينبغي على هذا أن يُجمع الضمير العائد إلى ضمير {لكِنَّا} فيقال: لكنّا هو الله ربنا، لكنه حمل على المعنى؛ لأن الرجل الواحد قد يقول فعلنا وهو وحده فعله.
وقرأ الباقون و-ح- عن يعقوب {لكِنَّ} بتشديد النون من غير ألف في الوصل، وكالقراءة الأولى في الوقف.
والوجه أن الأصل لكن أنا على ما تقدم، فألقيت حركة الهمزة على النون الساكنة فحُذفت الهمزة فبقي لكننا، ثم أُدغمت النون في النون فبقي: لكنا، فألف لكنا ألف أنا، وهي تسقط في الوصل وتثبت في الوقف، وهذا هو القياس في ذلك). [الموضح: 783]

قوله تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39)}

قوله تعالى: {فَعَسَىٰ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (بربّي أحدا (38)، (فعسى ربّي أن (40)
فتحها ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وأرسلها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/109] (م)

قوله تعالى: {أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41)}

قوله تعالى: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {وأحيط بثمره} [42].
قرأ أبو عمرو بضم الثاء وإسكان الميم.
وقرأ عاصم {بثمره} بفتح الثاء والميم.
وقرأ الباقون بضم الثاء والميم، وقد مرَّت علة ذلك مُستقصاة في (الأنعام) فأغنى عن الإعادة هاهنا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/393]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ أبو عمرو: (ثمر) [الكهف/ 34] و (بثمره) [42] بضم الثاء وسكون الميم.
وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وحمزة والكسائي: (ثمر) و (بثمره) مضمومة الثاء والميم.
علي بن نصر، وحسين الجعفي، عن أبي عمرو: (ثمر) مثل نافع.
وقرأ عاصم: ثمر وبثمره، بفتح الثاء والميم فيهما.
الثمرة: ما يجتنى من ذي الثمرة، وجمعه: ثمرات، ومثله: رحبة، ورحبات ورقبة ورقبات، قال: ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا [النحل/ 67]. وقال: كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا [البقرة/ 25]. ويجوز في جمع ثمرة ضربان: أحدهما: أن يجمع على ثمر، كبقرة وبقر. والآخر: على التكسير: ثمار، كرقبة ورقاب، وهذا على تشبيه المخلوقات بالمصنوعات، وقد يشبّه كل واحد منهما بالآخر. ويجوز في القياس أن يكسّر ثمار، الذي هو جمع ثمرة، على ثمر، فيكون ككتاب وكتب، ويكون تكسيره على فعل، كتكسيره على فعائل في نحو قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 5/142]
وقرّ بن بالزّرق الجمائل بعد ما... تقوّب عن غربان أوراكها الخطر
فقراءة ابن عامر: (وكان له ثمر) إذا خفّف يجوز أن يكون جمع: ثمار، ككتاب وكتب، ويخفّف كما يخفّف كتب، ويجوز أن يكون ثمر جمع ثمرة، كبدنة وبدن، وخشبة وخشب، ويجوز أن يكون ثمر واحدا كعنق وطنب، فعلى أيّ هذه الوجوه كان جاز إسكان العين منه وساغ، وكذلك قوله: (وأحيط بثمره) [الكهف/ 42].
وقال بعض أهل اللغة: الثّمر: المال، والثّمر: المأكول. وجاء في التفسير قريب من هذا، قالوا: الثمر: النخل والشجر، ولم يرد به الثمرة. والثمر على ما روي عن عدة من السلف: الأصول التي تحمل الثمرة، لا نفس الثمر، بدلالة قوله: فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها، أي: في الجنة، والنفقة: إنما تكون على ذوات الثمر في أغلب العرف. وكأن الآفة التي أرسلت عليها، اصطلمت الأصول واجتاحتها، كما جاء في صفة الجنة الأخرى: فأصبحت كالصريم [ن- 20] أي: كالليل في سواده لاحتراقها، أو كالنهار في بياضها، وما بطل من خضرتها بالآفة النازلة بها.
وحكي عن أبي عمرو: (الثمر)، والثمر: أنواع المال، وإذا أحيط بالثمر فاجتيح، دخلت فيه الثمرة ولا يكون أن يصاب الأصل ولا تصاب الثمرة، وإذا كان كذلك، فمن قرأ: (بثمره) و (بثمره) كان قوله أبين ممّن قرأ بالفتح. وقد تجوز القراءة بالفتح، فأخبر عن بعض ما أصيب، وأمسك عن بعض، وهو قراءة عاصم.
وفي الثمرة لغة أخرى ولم يحك عمن ذكر من القراء في هذا
[الحجة للقراء السبعة: 5/143]
الكتاب، قال سيبويه: تقول: ثمرة وثمرات، وسمرة وسمرات، قال أبو علي: يجوز في جمع ثمرة ثمر كما جاز السّمر، وقالوا: ثمرة وثمر، وثمار، فثمار جمع ثمرة كما أن إضاء جمع أضا، وكسّروه على فعال كما كسّروه على فعول في قولهم: صفا وصفيّ). [الحجة للقراء السبعة: 5/144] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وكان له ثمر} {وأحيط بثمره} 34 و42
قرأ عاصم {وكان له ثمر} و{وأحيط بثمره} بفتح الثّاء والميم في الحرفين جمع ثمرة وثمر ك بقرة وبقر الفرق بين الواحد والجمع إسقاط الهاء وحجته قوله قبلها {كلتا الجنتين آتت أكلها} يعني ثمرها
وقرأ أبو عمرو {ثمر} و(أحيط بثمره) بضم الثّاء وسكون الميم جمع ثمرة ك بدنة وبدن وخشبة وخشب وثمرة وثمر ويجوز أن يكون جمع ثمار كما يخفف كتب ويجوز أن يكون ثمر واحدة ك عنق وطنب فعلى أي هذه الوجوه جاز إسكان العين منه
وقرأ الباقون {ثمر} بضم الثّاء والميم جمع ثمار وثمر كقولك كتاب وكتب وحمار وحمر). [حجة القراءات: 416] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ} [آية/ 34] {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} [آية/ 42] بفتح الثاء والميم:
قرأها عاصم ويعقوب ح- و-ان-.
والوجه أن الثمر جمع ثمرةٍ كبقر في جمع بقرة.
وقال بعض أهل العلم: الثمر بالفتح المأكول يريد حمل الشجرة، والثُمُرُ بالضم أصل المال.
وقرأ ابن كثير ونافعٌ وابن عامر وحمزة والكسائي {وَكَانَ لَهُ ثُمُر}، و{وَأُحِيطَ بِثُمُره} بضم الثاء والميم فيهما.
[الموضح: 780]
والوجه أنه يجوز أن يكون ثُمُرٌ بالضم جمع ثمار ككتابٍ وكتب وجدارٍ وجدرٍ.
ويجوز أن يكون جمعًا لثمرةٍ كبدنةٍ وبُدُنٍ وخشبةٍ وخشبٍ.
ويجوز أن يكون واحدًا كعنقٍ وطنبٍ.
ومن ذهب إلى الثُمُر بالضم أصل المال استدل عليه بقوله تعالى {فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا}، والإنفاق في الأغلب إنما يكون على ذوات الثمار، فإذا اصطلمت الآفة الأصل دخلت فيه الثمرة.
وقرأ أبو عمر {ثُمْر} بضم الثاء وتسكين الميم فيهما جميعًا.
والوجه أنه مخفف منن ثُمُر بالضم على أي وجهٍ يُحمل عليه). [الموضح: 781] (م)

قوله تعالى: {وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (43)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولم تكن له فئةٌ (43)
قرأ حمزة والكسائي (ولم يكن له فئةٌ) بالياء، وقرأ الباقون بالتاء.
قال أبو منصور: من قرأ بالياء فذكّر ذهب به إلى الجمع مع تقدم الفعل؛ لأن الفئة يقع عليها اسم الجمع، ولفظ الجمع مذكر.
ومن قرأ بالتاء ذهب به إلى لفظ الفئة، وهي: (الفرقة) ). [معاني القراءات وعللها: 2/111]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (13- وقوله تعالى: {ولم تكن له فئة} [43].
قرأ حمزة والكسائي بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء.
فمن قرأ بالتاء فلتأنيث الفئة، والفئة: الجماعة وقد يسمى الرجل الواحد فئة، كما أن الطائفة تكون جمعًا وتكون واحدًا. قال ابن عباس في قوله تعالى: {وليشهد عذابهما طائفة} قال: الطائفة: الرجل الواحد.
ومن قرأ بالياء فلقوله: {ينصرونه} ولم يقل: تنصرونه، وأن التأنيث غير حقيقي.
فإن سأل سائل فقال: مائة وفئة وزنهما واحد فلم زادوا في المائة ألفًا؟
فقل: لئلا يلتبس مائة بمنة.
فإن قيل: فإن فئة تلتبس بفية؟
فالجواب في ذلك: أنهم فعلوا للفرقان في مائة لكثرة استعمال الكتاب له. و(فئة) قليلة الاستعمال. والساقط من فئة ومائة لام الفعل، والاختيار أن
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/395]
يجعل الساقط من فئة عينُ الفعلِ؛ وأما دية [ف] الساقط فاء الفعل؛ لأنه من وَدَى يدي مثل وعد يعد، وزنة من وزن يزن والأصل: وعدة ووزنة فاستثقلوا الكسرة على الواو فجعلوا الكسرة فيما بعد الواو، وحذفوا الواو، قال سيبويه رضي الله عنه: الهاء عوض من الواو). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/396]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله عز وجل: ولم تكن له فئة [الكهف/ 43].
[الحجة للقراء السبعة: 5/148]
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر- فيما أرى-: ولم تكن بالتاء.
وقرأ حمزة والكسائي (ولم يكن) بالياء.
الياء والتاء كلاهما حسن وقد مضى ذلك في غير موضع). [الحجة للقراء السبعة: 5/149]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله}
قرأ حمزة والكسائيّ (ولم يكن له فئة) بالياء وحجتهما قوله {ينصرونه} ولم يقل تنصره كما قال في موضع آخر {فئة تقاتل في سبيل الله} وكان تذكير ما تقدم من فعلهم من أجل تذكير ما تأخّر من فعلهم أولى ليأتلف الفعلان على لفظ واحد وقيل إنّه قد حيل بين الفعل والاسم بحائل وهو قوله له والحائل صار كالعوض من التّأنيث
وقرأ الباقون ولم تكن بالتّاء لتأنيث الفئة وقد سقط السّؤال). [حجة القراءات: 418]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (21- قوله: {ولم تكن له فئة} قرأه حمزة والكسائي بالياء، على التذكير، لأنه فرّق بين المؤنث وفعله بالظرف، ولأنه تأنيث غير حقيقي، وقد مضى ذكر نظائره بأشبع من هذه العلة. وقرأ الباقون بالتاء على تأنيث لفظ الفئة، وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه ولأنه حمل على ظاهر اللفظ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/62]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِئَةٌ} [آية/ 43] بالياء:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أن الفعل متقدم، وتأنيث الفاعل غير حقيقي، ووقد فُصل بين الفعل وفاعله بالجار والمجرور وهو {لَهُ}، فلذلك حسن التذكير.
وقرأ الباقون {وَلَمْ تَكُنْ} بالتاء.
والوجه أن فاعل الفعل مؤنثٌ، فأُنِّث الفعل لذلك، وقد مضى مثله). [الموضح: 783]

قوله تعالى: {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ۚ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (44)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (هنالك الولاية للّه الحقّ (44)
قرأ حمزة والكسائي (الولاية) بكسر الواو، وفتحها الباقون.
وقرأ أبو عمرو والكسائي (الحقّ)، وقرأ الباقون خفضًا.
[معاني القراءات وعللها: 2/111]
قال أبو منصور: من قرأ (الولاية) بكسر الواو فهو مصدر الوالي، يقال: والٍ بيّن الولاية - ومن فتح فقرأ (الولاية) فهو مصدر الولي، يقال: وليٌّ بيّن الولاية.
ومن النحويين من زعم أن الولاية والولاية لغتان بمعنى واحد.
ومن قرأ (الحقّ) خفضًا جعله نعتا (لله الحق)، ومن قرأ (الحقّ) جعله
نعتًا للولاية، كأنه قال: هنالك الولاية الحقّ للّه). [معاني القراءات وعللها: 2/112]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وخيرٌ عقبًا (44)
قرأ عاصم وحمزة (عقبًا) ساكنة القاف، وقرأ الباقون (عقبًا) بضمتين قال أبو منصور: العقب والعقب واحد، معناهما: العاقبة – وانتصاب (عقبا) على التمييز). [معاني القراءات وعللها: 2/112]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (14- وقوله تعالى: {هنالك الولاية} [44].
قرأ حمزة والكسائي {الولاية} بالكسر.
وقرأ الباقون بفتح الواو، وهما لغتان مثل الوكالة والوكالة والادلة والدلالة.
وقال آخرون: هما مصدران فالمكسور مصدر الوالي يقال: هذا وال بين الولاية يعني: في الإمارة، والمفتوح مصدر الولي يقال: ها ولي بين الولاية). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/396]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (15- وقوله تعالى: {لله الحق} [44].
قرأ أبو عمرو والكسائي {الحق} بالضم.
وقرأ الباقون بالكسر، فمن جر قال: الحق: هو الله فخفض نعتًا لله تعالى واحتج بقراءة ابن مسعود، وهو في قراءته: {هنالك الولاية لله وهو الحق} وفي قراءة أُبَيٍّ: {هنالك الولاية الحق لله}، ومن فرعه جعله نعتًا بمعنى أحق ذلك الحق، وأحق الحق. وسمعت محمد بن عبد الواحد يقول: الحق: رب العزة، والحق الصدق. ومن الحديث: الحق الملك باستحقاق. والحق: التبين بعد لاشك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/396]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (16- وقوله تعالى: {وخير عقبا} [44].
قرأ عاصم وحمزة {عقبا}.
والباقون {عقبا} بضمتين، وهما لغتان بمعنى العاقبة تقول العرب: للكافر عقبى الدار وعقب وعقب وعاقبة الدار بمعنى واحد.
فإن قيل: بما انتصب {عقبا}؟
فقل على التمييز، كما تقول: زيد خير منك أبا.
فإن قيل: فما معنى قوله: {هنا لك الولاية لله الحق}؟
فقل: معناه: هنالك، أي: في يوم القيامة تبين نصرة الله أولياءه. وقال الحارثي: يقال: جئت في عقب رمضان، أي: بعد ما مضى، وجئت في عقبه أي: جئت وقد بقيت منه بقية). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/397]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عز وجل: هنالك الولاية لله الحق [الكهف/ 44].
فقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم في الروايتين: الولاية بفتح الواو لله الحق خفضا.
وقرأ حمزة: (هنا لك الولاية لله الحقّ) بكسر الواو والقاف.
وقرأ أبو عمرو: (هنا لك الولاية لله الحقّ) بفتح الواو وضم القاف.
وقرأ الكسائي: (هنا لك الولاية) كسرا (لله الحقّ) بضم القاف.
قال أبو علي: قال أبو عبيدة: الولاية: أي التوالي، قال: وهو مصدر الوليّ، وحكي عن أبي عمرو والأصمعي أنّ الولاية هنا لحن، والكسر يجيء في فعالة فيما كان صنعة ومعنى، متقلّدا كالكتابة والإمارة والخلافة وما أشبه ذلك، وليس هنا معنى تولّي أمر إنّما هو الولاية من الدين وكذلك التي في الأنفال: ما لكم من ولايتهم من
[الحجة للقراء السبعة: 5/149]
شيء [72]، وقد كسر قوم من القراء ذلك أيضا، وحكى ابن سلام عن يونس في قوله: (هنا لك الولاية لله الحق) قال يونس: ما كان لله عزّ وجل فهو ولاية مفتوح من الولاية في الدين، وما كان من ولاية الأمور فبالكسر: ولاية. وقال بعض أهل اللغة: الولاية: النصر. يقال: هم أهل ولاية عليك، أي: متناصرون عليك، والولاية: ولاية السلطان، قال: وقد يجوز الفتح في هذه والكسر في تيك، كما قالوا: الوكالة والوكالة، والوصاية والوصاية بمعنى واحد، فعلى ما ذكر هذا الذاكر يجوز الكسر في الولاية في هذا الموضع.
وأما من قال: هنالك الولاية لله الحق فكسر القاف فإنه جعله من وصف الله سبحانه، ووصفه بالحق وهو مصدر كما وصفه بالعدل وبالسلام، والمعنى: أنه ذو الحق وذو السلام، وكذلك الإله معناه: ذو العبادة، يدلّ على ذلك قوله: ويعلمون أن الله هو الحق المبين [النور/ 25] وقوله: ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق [الأنعام/ 62].
ومن رفع (الحقّ) جعله صفة للولاية، ومعنى وصف الولاية بالحق أنه لا يشوبها غيره، ولا يخاف فيها ما يخاف في سائر الولايات من غير الحق). [الحجة للقراء السبعة: 5/150]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التخفيف والتثقيل من قوله جل وعز: عقبا [الكهف/ 44].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر والكسائي: (عقبا) مضمومة القاف.
وقرأ عاصم وحمزة: عقبا ساكنة القاف.
[الحجة للقراء السبعة: 5/150]
أبو عبيدة: خير عقبا، وعاقبة، وعقبى، وعقبة، والمعنى واحد وهي الآخرة. قال أبو علي: ما كان على فعل جاز تخفيفه نحو العنق، والطنب وقد تقدم ذكر ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 5/151]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابًا وخير عقبا}
قرأ حمزة والكسائيّ {هنالك الولاية} بكسر الواو أي السّلطان والقدرة لله
وقرأ الباقون {هنالك الولاية} بالفتح أي النّصرة لله
قال الفراء من فتح الواو يقول النّصرة يقال هم أهل ولاية عليك أي متناصرون عليك وكان تأويل الكلام هنالك النّصرة
[حجة القراءات: 418]
لله جلّ وعز ينصر أولياءه ويعزه ويكرمهم وهما مصدران فالكسر مصدر الوالي تقول وليت الشّيء ولاية وهو بين الولاية والمفتوح مصدر للوليّ تقول هذا ولي بين الولاية
قرأ أبو عمرو والكسائيّ {هنالك الولاية لله الحق} بالضّمّ جعلا الحق نعتا للولاية أي الولاية الحق لله أي لا يستحقها غيره
وقرأ الباقون {لله الحق} بالكسر جعلوا نعتا لله وهو مصدر كما وصفه بالعدل والسّلام والمعنى ذو الحق وذو السّلام وكذلك الإله معناه ذو العبادة وحجتهم قوله {ثمّ ردوا إلى الله مولاهم الحق}
قرأ عاصم وحمزة {وخير عقبا} ساكنة القاف وقرأ الباقون بضمها وهما لغتان وبمعنى العاقبة). [حجة القراءات: 419]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (22- قوله: {الولاية} قرأ حمزة والكسائي بكسر الواو، وفتحها الباقون.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/62]
وحجة من كسر أنه جعله كالجباية والكتابة والإمارة والخلافة.
23- وحجة من فتح أنه جعله مصدر الولي، ومعناه عند أبي عبيد التولي، قال يونس: ما كان لله جل ذكره فهو «ولاية» بالفتح، من الولاية في الدين، وما كان من ولاية الأمر فهو بالكسر، يقول: هو وال متمكن الولاية، وهو ولي يبين الولاية، وقال بعض أهل اللغة: الولاية بالفتح النصر، فقال: هم أهل ولاية عليك، أي: متناصرون عليك، و«الولاية» بالكسر ولاية السلطان، وقيل: هما لغتان بمعنى، كالوكالة والوكالة والوَصاية والوِصاية، والاختيار الفتح، لأن عليه الأكثر، وقد ذكرنا نحو هذا من العلل في آخر الأنفال). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/63]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (24- قوله: {لله الحق} قرأ أبو عمرو والكسائي بالرفع، جعلاه صفة لـ «الولاية» لأن ولاية الله جل ذكره لا يشوبها نقص ولا خلل، وقرأ الباقون بالخفض، جعلوه صفة لله جل ذكره، وهو مصدر وصف به كما وصف بالعدل وبالسلام، وهما مصدران، والمعنى: ذو الحق وذو العدل وذو السلام. ويقوي كونه صفة لله جل ذكره قوله: {ويعلمون أن الله هو الحق} «النور 25»، وقوله: {ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق} «الأنعام 62» والاختيار الخفض لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/63]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (25- قوله: {وخير عقبًا} قرأ عاصم وحمزة بإسكان القاف، وضمها الباقون، والأصل الضم، والإسكان تخفيف كالعُنْق والعُنُق والطُنْب والطُنُب، قال أبو عبيد: عقبا وعاقبة وعُقبى وعقبه واحد كله في المعنى، وهي الآخرة. فالقراءتان بمعنى). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/63]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (18- {هُنَالِكَ الْوِلَايَةُ} [آية/ 44] بكسر الواو:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أنه يُراد به السلطان وهو على وزن فعالة بكسر الفاء من الصناعات نحو الإمارة والخلافة والكتابة، وهي من تولي الأمر، وقال بعض أهل اللغة: يجوز فتح الواو فيها أيضًا في هذا المعنى.
وقرأ الباقون {الْوَلَايَةُ} بفتح الواو، وهي من ولاية الدين وهي الربوبية، وقيل النصرة، قال الله تعالى {مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} ). [الموضح: 784]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (19- {لِلَّهِ الْحَقُّ} [آية/ 44] بالرفع:
قرأها أبو عمرو والكسائي.
والوجه أن الحق صفة للولاية، يعني أنها ولاية لا يشوبها غير الحق مما يُخاف في غيرها من الولايات، أو أنها خالصةٌ من الشركة.
وقرأ الباقون {الحَقِّ} بالجر.
والوجه أنه صفة لله على معنى ذي الحق، كما قالوا عدلٌ ورضًى أي ذو عدلٍ وذو رضًى). [الموضح: 784]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (20- {وَخَيْرٌ عُقْبًا} [آية/ 44] ساكنة القاف:
قرأها عاصم وحمزة.
والباقون {عُقُبًا} مضمومة القاف.
والوجه أن ما كان على فُعُل بضم العين جاز تخفيفه نحو: العنُق والعنْق والطنُب والطنْب فهما جائزان، فالمضموم أصلٌ، والمسكن مخفف عنه). [الموضح: 785]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:03 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (45) إلى الآية (46) ]

{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (45) الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46)}

قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (45)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (21- {تَذْرُوهُ الرِّيَحُ} [آية/ 45] بغير ألف على الوحدة:
قرأها حمزة والكسائي.
وقرأ الباقون {تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} على الجمع.
وقد مضى الكلام في مثله). [الموضح: 785]

قوله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:05 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (47) إلى الآية (49) ]

{وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47) وَعُرِضُوا عَلَىٰ رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ۚ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48) وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)}

قوله تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ويوم تسيّر الجبال (47)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر (ويوم تسيّر الجبال) بالتاء رفعًا، وقرأ الباقون (ويوم نسيّر الجبال) بالنون منصوبة.
[معاني القراءات وعللها: 2/112]
قال أبو منصور: من قرأ (تسيّر الجبال) فهو على ما لم يسم فاعله، ومن قرأ (نسيّر) فالفعل للّه، ونصب (الجبال) لوقوع الفعل عليها). [معاني القراءات وعللها: 2/113]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {ويوم نسير الجبال} [47].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر {تسير} بالتاء لتأنيث الجبال فعل. ما لم يُسم فاعله، ولهما حجتان سوى ما ذكرت:
أحدهما: قوله: {وسيرت الجبال}.
والحجة الثانية: أن أُبيًّا قرأ: {ويوم سيرت الجبال} فإذا كان الماضي سُيرت كان المضارع تُسير.
وقرأ الباقون {نُسير} بالنون فالله تعالى يُخبر عن نفسه. «الجبال».
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/397]
نصب مفعول بها. وحجتهم: قوله: {وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا} [47].
فرد اللفظة على اللفظة المجاورة لها أحسن من أن يستشهد عليها بغيرها مما بعد منه، وكلتا القراءتين حسنة وبالله التوفيق.
فإن قيل: ولم نصبت {ويوم نسير الجبال}؟
فقل: بإضمار فعل، والتقدير: واذكر يا محمد يوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة، أي: ظاهرة لا يسير منها شيء؛ لأن الجبال إذا سيرت عنها وصارت دكاء ملساء ظهرت وبرزت. وقيل: وترى الأرض بارزة أي: تبرز ما فيها من الكنوز والأموات وهي شبيهة بقوله: وترمي الأرض أفلاذ كبدها، وقال بعض النحويين من أهل البصرة يجوز أن ينصب {ويوم نسير الجبال} بقوله تعالى: {والباقيات الصالحات خير ... ثوابا} في يوم نسير الجبال.
{والباقيات الصالحات} قيل: الصلوات الخمس، وقيل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. وسمعت القاضي أبا عمران يقول: عزى رجل بعض الأخلاء بولده فقال: إن ابنك كان من زينة الدنيا، ولو بقى لكان سيدًا مثلك، وإذا استأثر الله به فجعله من الباقيات الصالحات
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/398]
وقد صار الآن من الباقيات الصالحات {والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا} قال: فتسل بذلك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/399]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عز وجل: ويوم نسير الجبال [الكهف/ 47].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو: (ويوم تسيّر) بالتاء. (الجبال) رفعا.
وقرأ نافع وحمزة والكسائي: نسير بالنون الجبال نصبا.
حجة من بنى الفعل للمفعول به فقال: (تسير) قوله: وسيرت الجبال، وقوله: وإذا الجبال سيرت [التكوير/ 3].
ومن قال: نسير فلأنه أشبه بما بعده من قوله: وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا [الكهف/ 47] فإن قلت: وقد جاء وتسير الجبال سيرا [الطور/ 10] ولم يجب على هذا أن يقال: (تسيّر الجبال)، قيل: إنما قرئ على: (تسيّر الجبال) و (نسيّر الجبال) ولم يقرأ على غير هذين الوجهين، فكما أسند الفعل إلى المفعول به في قوله: (وسيّرت الجبال) كذلك أسند إليها في قوله: (تسيّر الجبال) ). [الحجة للقراء السبعة: 5/151]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ويوم تسير الجبال بضم التّاء وفتح السّين {الجبال} رفع على ما لم يسم فاعله وحجتهم قوله {وسيرت الجبال فكانت سرابا} فردّوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه
وقرأ الباقون {نسير} بالنّون {الجبال} بالنّصب الله أخبر عن نفسه و{الجبال} نصب مفعول بها
[حجة القراءات: 419]
وحجتهم قوله {وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا} ولم يقل وحشروا فكان إلحاق الكلام بما أتى عقيبه ليأتلف على نظام واحد أولى). [حجة القراءات: 420]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (26- قوله: {ويوم نسير الجبال} قرأ الكوفيون ونافع بالنون، ونصب الجبال، وكسر الياء، وقرأ الباقون بالتاء، وفتح الياء، ورفع الجبال.
وحجة من قرأ بالنون أنه بناه على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه، إذ هو فاعل كل الأفاعيل ومدبرها ومحدثها، وانتصبت الجبال بوقوع الفعل عليها، لأن الفعل مبني للفاعل، وقوى ذلك أنه محمول على ما بعده من الإخبار في قوله: {وحشرناهم فلم نغادر} فجرى صدر الكلام على آخره، لتطابق الكلام، وهو الاختيار.
27- وحجة من قرأ بالتاء أنه بنى الفعل للمفعول، فرفع الجبال لقيامها مقام الفاعل، فهي مفعولة لم يُسم فاعلها، ويقوي ذلك قوله: {وسيرت الجبال} «النبأ 20» وقوله: {وإذا الجبال سيرت} «التكوير 3» ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/64]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (22- {وَيَوْمَ تُسَيَّرُ الْجِبَالُ} [آية/ 47] بالتاء مضمومة، والياء مفتوحة، ورفع {الجبالُ}:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر.
والوجه أن الفعل مسندٌ إلى المفعول به وهو {الجبال}، ولكونها جماعة أنث الفعل، قال الله تعالى {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ}، وقال {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ}
[الموضح: 785]
وقرأ الباقون {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ} بالنون، مكسورة الياء، {الْجِبَالَ} نصبًا.
والوجه أنه على إسناد الفعل لله تعالى بلفظ الجمع تعظيمًا، كقوله فيما بعده {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} ). [الموضح: 786]

قوله تعالى: {وَعُرِضُوا عَلَىٰ رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ۚ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48)}

قوله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:06 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (50) إلى الآية (53) ]

{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50) مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51) وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52) وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53)}

قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)}

قوله تعالى: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)}

قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ويوم نقول نادوا شركائي (52)
قرأ حمزة (ويوم نقول (بالنون، وقرأ الباقون بالياء.
قال أبو منصور: من قرأ بالياء فالمعنى: يوم يقول الله للمشركين نادوا شركائي بزعمكم، يعنى: الآلهة التي عبدوها وجعلوها للّه شركاء.
ومن قرأ بالنون فهو للّه، يقول: نقول نحن للمشركين). [معاني القراءات وعللها: 2/113]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (18- وقوله تعالى: {ويوم يقول نادوا شركآءي} [52].
قرأ حمزة بالنون، الله تعالى يخبر عن نفسه.
وقرأ الباقون بالياء، أي: يا محمد: يقول الله تعالى). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/399]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله تعالى: ويوم يقول نادوا [الكهف/ 52] في النون والياء.
فقرأ حمزة وحده: (نقول) بالنون وقرأ الباقون بالياء.
[الحجة للقراء السبعة: 5/151]
قال أبو علي: قول حمزة (نقول) إن قبلها: وما كنت متخذ المضلين عضدا [الكهف/ 51] (ويوم نقول): محمول على ما تقدم في المعنى، فكما أن كنت للمتكلم كذلك (نقول) والجمع والإفراد في ذلك بمعنى.
وحجة الياء أن الكلام الأول قد انقضى. وهذا استئناف، فالمعنى: ويوم يقول: أي يوم يقول الله سبحانه: أين شركائي الذين زعمتم وهذا يقوّي القراءة بالياء دون النون، ولو كان بالنون لكان أشبه بما بعده أن يكون جمعا مثله، فيقول: شركاءنا، فأما قوله: الذين زعمتم، فالراجع إلى الموصول محذوف، وخبر الزعم محذوف، والمعنى: الذين زعمتموهم إياهم، أي: زعمتموهم شركاء، فحذف الراجع من الصلة، ولا بد من تقديره، كقوله: أهذا الذي بعث الله رسولا [الفرقان/ 41] ومثل هذا في حذف المفعولين جميعا، قول الشاعر، وهو الكميت:
بأيّ كتاب أم بأيّة سنّة... ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب
فالآية أقوى من هذا، لأن الراجع إلى الموصول مقتضى، وإذا ثبت الراجع ثبت حصول المفعول الثاني، لأن الاقتصار على الأول من المفعولين لا يجوز). [الحجة للقراء السبعة: 5/152]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وما كنت متخذ المضلين عضدا * ويوم يقول نادوا شركائي الّذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا} 51 و52
قرأ حمزة (ويوم نقول نادوا شركائي) الله أخبر عن نفسه وحجته ما تقدم وما تأخّر فأما ما تقدم فقوله {وما كنت متخذ المضلين عضدا} فكما أن {كنت} للتكلم كذلك {تقول} وأما ما تأخّر فقوله {وجعلنا بينهم موبقا}
وقرأ الباقون {ويوم يقول} بالياء أي قل يا محمّد يوم يقول الله تعالى وحجتهم قوله {نادوا شركائي الّذين زعمتم} ولم يقل شركاءنا). [حجة القراءات: 420]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (30- قوله: {ويوم يقول} قرأه حمزة بالنون، على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه بالقول، رده على قوله: {وما كنت متخذ المضلين} «51» وقرأه الباقون بالياء، قطعوه مما قبله، أي: واذكر يا محمد يوم يقول نادوا شركائي، ويقوي الياء قوله: {شركائي} ولو رُدّ على النون لقال «شركاءنا» والياء الاختيار، لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/65]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (23- {وَيَوْمَ نَقُولُ نَادُوا} [آية/ 52] بالنون من {نَقُولُ}:
قرأها حمزة وحده.
والوجه أنه على موافقة ما قبله وهو قوله تعالى {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا}، وكلاهما واحدٌ في إخبار الرب سبحانه عن نفسه، وإن كان أحدهما بلفظ الجمع، والآخر بلفظ الوحدة.
وقرأ الباقون {وَيَوْمَ يَقُولُ} بالياء.
والوجه أن الكلام الأول قد انقضى، وهذا على استئناف كلام آخر، والمعنى يوم يقول الله نادوا شركائي، ولهذا قال {شُرَكَائِي} ولم يقل شركاءنا). [الموضح: 786]

قوله تعالى: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:07 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (54) إلى الآية (56) ]

{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (55) وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ۚ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ۖ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا (56)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54)}

قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (55)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (19- وقوله تعالى: {قبلا} [55].
قرأ الكوفيون بالضم.
وقرأ الباقون {قبلا} أي: عيانًا بالكسر، ومن ضم فهو جمع قبيل وقبل مثل قميص وقُمص، وقد مرت علة ذلك في (الأنعام) وإنما أعدت ذكره لأن من النحويين من يقول: إن القبيلة بنو أب، والقبيل بغير هاء -: الجماعة وإن كانوا مختلفي الأنساب واحتجوا بقول النابغة:
جوانح قد أيقن أن قبيله = إذا ما التقى الحيان أول غالب
وجمع القبيلة قبائل، والقبائل أيضًا -: قبائل الرأس، وهي عروق مجرى الدمع من الرأس، ويقال لها: الشؤون، وأحدها شأن، وينشد:
لا تحزنيني بالفراق فإنني = لا تستهل من [الفراق] شؤوني). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/399]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عز وجل: (العذاب قبلا) [الكهف/ 55] في كسر القاف وفتح الباء، وضم القاف والباء.
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: (قبلا) بكسر القاف.
[الحجة للقراء السبعة: 5/152]
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: قبلا رفعا.
أبو عبيدة: قبلا مقابلة، وقال أبو زيد: لقيت فلانا قبلا ومقابلة وقبلا وقبلا وقبليّا وقبيلا كلّه واحد [وهو المواجهة].
قال أبو علي: فقوله: قبلا، أي: مقابلة. وقالوا إذا سقى إبله ولم يكن أعدّ لها الماء قبل ورودها: سقاها قبلا، والقابل: الذي يسقيها وهي تقابل سقيه، قال الراجز:
لن يغلب اليوم جباكم قبلي فهذا أيضا من المقابلة فمعنى: (أو يأتيهم العذاب قبلا) أي: مقابلة من حيث يرونه وهذا كقوله: فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم [الأحقاف/ 24].
وأما قراءة عاصم وحمزة والكسائي قبلا فيحتمل تأويلين: يجوز أن يكون قبلا بمعنى قبلا، كما حكاه أبو زيد، فيكون معنى القراءتين على ما فسره واحدا اختلف اللفظ، واتفق المعنى، ويجوز أن يكون قبلا جمع قبيل، كأنّه: يأتيهم العذاب قبيلا قبيلا، أي: صنفا صنفا، فجمع قبيلا الذي هو فعيلا على فعل، وصنوف العذاب التي يقابلونها كما أخذ أصحاب فرعون، فيكون ضروبا مختلفة كلّ قبيل منه
[الحجة للقراء السبعة: 5/153]
غير صاحبه، ويكون ضربا واحدا ويجيئهم منه شيء بعد شيء). [الحجة للقراء السبعة: 5/154]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أو يأتيهم العذاب قبلا}
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {أو يأتيهم العذاب قبلا} بالضّمّ جمع قبيل مثل سبيل وسبل المعنى أو يأتيهم العذاب صنفا صنفا أي أنواعا من العذاب وقال الزّجاج {قبلا} بمعنى من قبل أي ممّا يقابلهم ومن قبل وجوههم وفي التّنزيل {إن كان قميصه قد من قبل} أي من قبل وجهه
وقرأ الباقون {قبلا} بالكسر أي عيانًا مواجهة قال أبو زيد لقيت فلانا قبلا ومقابلة وقبلا وقبلا كله واحد). [حجة القراءات: 420]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (28- قوله: {العذاب قبلا} قرأه الكوفيون بضمتين، وقرأ الباقون بكسر القاف، وفتح الباء.
وحجة من كسر القاف أنه حمله على معنى المقابلة، حكى أبو زيد: لقيت فلانا قُبلا ومقابلة وقُبْلا وقِبَلا وقَبيلا وقَبيليا، كله بمعنى مقابلة، أي عيانا، فالمعنى في الآية: أن يأتيهم العذاب مقابلة يرونه.
29- وحجة من ضم أنه يجوز أن يكون معناه مثل الكسر، على ما حكى أبو زيد، ويجوز أن يكون جمع قبيل، على معنى: أو يأتيهم العذاب قبيلا قبيلا، أي: صنفا صنفا، أي: يأتيهم أصنافا مختلفة، ويجوز أن يكون على
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/64]
هذا العذاب صنفا واحدا ويكون معناه: يأتيهم شيء بعد شيء، وكله صنف). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/65]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (24- {الْعَذَابُ قُبُلًا} [آية/ 55] بضم القاف والباء:
قرأها الكوفيون.
[الموضح: 786]
والوجه أنه يجوز أن يكون جمع قبيل، والمعنى يأتيهم العذاب قبيلًا قبيلًا أي صنفًا صنفًا، فقُبُلٌ جمع قبيل كرُغُفٍ جمع رغيف.
ويجوز أن يكون قُبُل بمعنى المقابلة، حكى أبو زيد: لقيت فلانًا قُبُلًا ومقابلةً وقِبَلًا وقَبَلًا وقبليًا.
ونصبه إذا جعلته جمع قبيل على الحال، وإذا جعلته بمعنى المقابلة على أنه مصدر في موضع الحال.
وقرأ الباقون {قِبَلًا} بكسر القاف وفتح الباء.
والوجه أنه أراد مقابلةً كما سبق، والمعنى يأتيهم العذاب من حيث يرونه، وقد ذكرنا وجه نصبه). [الموضح: 787]

قوله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ۚ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ۖ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا (56)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:08 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (57) إلى الآية (59) ]

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ۚ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۖ وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ ۖ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ ۚ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا (58) وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا (59)}

قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ۚ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۖ وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57)}

قوله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ ۖ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ ۚ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا (58)}

قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا (59)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وجعلنا لمهلكهم موعدًا (59)
وفي النمل (مهلك أهله).
قرأ أبو بكر عن عاصم في رواية يحيى (لمهلكهم) و(مهلك أهله) بفتح الميم واللام جميعًا.
وقرأ حفص عن عاصم (لمهلكهم) و(مهلك أهله) بكسر اللام فيهما.
قال أبو منصور: من قرأ (لمهلكهم) فالمعنى: لإهلاكنا إياهم، يقال: أهلكه إهلاكًا ومهلكًا، ومن قرأ (لمهلكهم) فمعناه: لهلاكهم، مصدر هلك يهلك هلاكًا ومهلكا، ومن قرأ (لمهلكهم) أراد: أسماء، أي: لوقت إهلاكهم وكذلك القول في (مهلك أهله) ). [معاني القراءات وعللها: 2/114]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (22- وقوله تعالى: {وجعلنا لمهلكهم موعدا} [59].
قرأ عاصم في رواية أبي بكر {لمهلكهم} بفتح الميم واللام جعله مصدرًا لهلك يهلك مهلكا مثل طلع يطلع مطلعا.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/401]
وروى حفص عن عاصم {لمهلكهم} بكسر اللام جعله وقت هلاكهم وموضع هلاكهم كقوله تعالى: {حتى إذا بلغ مغرب الشمس} [86]، أي: الموضع الذي تغرب فيه. وحكى سيبويه رضي الله عنه عن العرب: «أتت الناقة على مضربها» و«منتجها» أي: على وقت ضرابها ونتاجها و«إن في ألف درهم لمضربا» بفتح الراء أي: ضربا، جعله مصدرًا.
وقرأ الباقون: {لمهلكهم} بضم الميم وفتح اللام وهو الاختيار لأن المصدر من أفعل والمكان والزمان يجيء على مفعل كقوله: {أدخلني مدخل صدق} فكذلك أهلكهم الله مهلكًا بمعنى الإهلاك، وسأبين لك فصلاً تعرف به جميع ما يرد عليك.
اعلم أن كل فعل كان على (فَعَلَ يَفْعِلُ) مثل ضرب يضرب فالمصدر مضرب بالفتح، والزمان والمكان مفعِل بالكسر.
وكل فعل كان على (فَعَلَ يَفْعُلُ) مثل دخل يدخل فالمصدر والمكان منه بالفتح نحو المدخل. وكل فعل كان المضارع منه بالفتح نحو يذهب ويشرب فهو مفتوح أيضًا نحو المشرب والمذهب.
فإن قيل لك: قد قالوا: المسجد بالكسر وهو من سجد يسجد، فإن ذلك من الشواذ عندهم، قال سيبويه رحمة الله عليه - وربما جاء المصدر من فعل يفعل بالكسر كقوله: {إلى الله مرجعهم} أي:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/402]
رجوعكم، و{يسئلونك عن المحيض} أي: الحيض، وقوله: {وجعلنا النهار معاشا} فهذا مصدر وربما جاء على المعيش مثل المحيض قال رؤبة:
إليك أشكو شدة المعيش
ومر أعوام نتفن ريشي
قال الفراء: إذا كان الفعل لامه واوًا أو ياءً نحو يدعو ويقضي جاء المصدر والمكان بالفتح: المدعى والمقضي.
وحدثني ابن مجاهد عن السمري عن الفراء قال: جاء حرفان نادران مأقي العين والمأوى، يريدون: المأوى فقال الأصمعي: يقال مؤق العين وماق، العين، ومأقي العين، وماقي العين. وقال سيبويه رضي الله عنه: إنما قالوا: المَصِيف فكسروا وقالوا: المشتى ففتحوا؛ لأن هذا من صافَ يصيف، وهذا من شتا يشتو قال الفراء رحمة الله عليه -: فإذا كان الفعل عينه ياء مثل كال يكيل، ومال يميل، وباع يبيع قلت في المصدر منه: مال ممالاً، وكال مكالاً: وباع، مباعًا، وفي اسم المكان والزمان: مميلاً ومكيلاً ومبيعًا، فهذا أصل لماي رد عليك فتأمله إن شاء الله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/403]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ عاصم وحده، في رواية أبي بكر: (لمهلكهم) [الكهف/ 59] بفتح الميم واللام الثانية. وفي النمل: (ما شهدنا مهلك أهله) [49] مثلها. وروى عنه حفص: لمهلكهم ومهلك أهله بكسر اللام فيهما.
وقرأ الباقون: (لمهلكهم) و (مهلك أهله)، بضم الميم وفتح اللام.
قالوا: هلك زيد وأهلكته، وفي التنزيل: وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها [القصص/ 58] وفيه: أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا [الملك/ 28] وحكوا أن تميما تقول: هلكني زيد، كأنهم جعلوه من باب رجع، ورجعته، وغاض الماء وغضته، وعلى هذا حمل بعضهم:
ومهمه هالك من تعرّجا فقالوا: هو بمنزلة: مهلك من تعرّجا. ومن لم يجعل هلك
[الحجة للقراء السبعة: 5/156]
متعدّيا ففي هالك ضمير عائد إلى النكرة، واسم الفاعل مضاف إلى المفعول به، كما أنّه لو كان مكان الهالك المهلك كان كذلك، ومن لم يجعل هالك بمعنى مهلك كان تقديره: هالك من تعرّجه، ومن تعرجه فاعل المهلك في المعنى وموضعه نصب مثل: حسن الوجه، فلمّا حذف التنوين أضافه إليه مثل حسن الوجه، فموضع «من تعرّجا»: جرّ على هذا الحدّ. فقول عاصم: (لمهلكهم): مصدر يكون على قول من عدّى هلكت مضافا إلى المفعول به، نحو من دعاء الخير [فصلت/ 49] وفي قول من لم يعدّ هلكت مضافا إلى الفاعل، كقولك: وجعلنا لهلاكهم. والمصدر من فعل في الأمر الشائع يبنى على مفعل.
ومن قال: (وجعلنا لمهلكهم موعدا) كان المصدر مضافا إلى المفعول بهم، كأنّه: لإهلاكهم موعدا. ورواية حفص عن عاصم:
لمهلكهم ومهلك الرواية الأولى، وفتح اللام التي هي عينٌ من مهلك أقيس وأشيع، وقد جاء المصدر من باب فعل يفعل بكسر العين قال: إلي مرجعكم [آل عمران/ 55] وقال: يسألونك عن المحيض [البقرة/ 222] وقالوا: ما في برّك مكيل، يريدون: الكيل، والأول أكثر وأوسع). [الحجة للقراء السبعة: 5/157]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وجعلنا لمهلكهم موعدا}
قرأ أبو بكر عن عاصم {وجعلنا لمهلكهم موعدا} بفتح الميم واللّام أي جعلنا لهلاكهم موعدا جعله مصدرا ل هلك يهلك مهلكا وكل ما كان على فعل يفعل فاسم المكان منه على مفعل والمصدر على مفعل بفتح العين
وقرأ حفص {لمهلكهم} بفتح الميم وكسر اللّام أي لوقت هلاكهم
قال الزّجاج مهلك اسم للزمان على هلك يهلك وهذا زمن مهلكه مثل جلس يجلس فإذا أردت المصدر قلت مهلك بفتح اللّام كقولك مجلس فإذا أردت المكان قلت مجلس بكسر اللّام حكى سيبويهٍ عن العرب أنهم يقولون أتت النّاقة على مضربها أي على وقت ضرابها
وقرأ الباقون {لمهلكهم} بضم الميم وفتح اللّام أي جعلنا لإهلاكنا إيّاهم موعدا
قال أهل البصرة تأويل المهلك على ضربين على المصدر وعلى الوقت فمعنى المصدر لإهلاكهم ومعنى الوقت لوقت إهلاكهم قالوا وهو الاختيار لأن المصدر من أفعل في المكان
[حجة القراءات: 421]
والزّمان يجيء على مفعل كقوله {وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق} ). [حجة القراءات: 422]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (31- قوله: {لمهلكم موعدا} و{مهلك أهله} في «النمل 49» قرأهما أبو بكر بفتح الميم واللام الثانية، وقرأهما حفص بفتح الميم وكسر اللام الثانية، وقرأ الباقون بضم الميم، وفتح اللام الثانية.
وحجة من فتح الميم واللام أنه جعله مصدرًا من «هلك» وعدّاه، حكي أن بني تميم يقولون: هلكني الله، جعلوه من باب «رجع زيد ورجعته» ويكون مضافا إلى المفعول كقوله: {من دعاء الخير} «فصلت 49» فأما من لم يجز تعدية «هلك» إلى مفعول فإنه يكون مضافًا إلى الفاعل، كأنه قال: وجعلنا لهلاكنا إياهم موعدا، ومن جعله متعدّيًا، يكون تقديره: وجعلنا لإهلاكنا إياهم موعدا، والمصدر في الأصل من «فعل يفعل» يأتي على «مفعَل»، فلذلك كان «مهلك» مصدرًا من «هلك».
32- وحجة من كسر اللام وفتح الميم أنه جعله أيضًا مصدرًا من «هلك» والوجهان في إضافة جائزان على ما تقدم، لكنه خارج عن الأصول،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/65]
أتى نادرًا «مفعِل» من «فعل يفعَل» كما قالوا: المرجع مصدر من رجع يرجع كالرجوع، وقالوا في ترك «مكيل» أي الكيل، أتى بالكسر وهو على «فعل يفعل».
33- وحجة من ضم الميم وفتح اللام أنه جعله مصدرًا لـ «أهلك يهلك» فهو بابه، وهو متعد بلا شك، فهو مضاف إلى المفعول به لا غير، تقديره: وجعلنا لإهلاكهم موعدًا، أي: لإهلاكنا إياهم موعدا، لا يتجاوزنه، وضم والميم هو الاختيار، لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/66]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (25- {لِمَهْلَكِهِمْ} [آية/ 59] بفتح الميم واللام الثانية:
قرأها عاصم ياش-، وكذلك في النمل {مَهْلَكَ أَهْلِهِ}.
والوجه أنه مصدرٌ من هلك يهلك هلاكًا ومهلكًا بفتح اللام وهو القياس في المصدر، أعني أن يكون على مفعل بفتح العين، سواء كان حركة عين المستقبل ضمة أو فتحة أو كسرة، والمعنى جعلنا لهلاكهم موعدًا.
وروى ص- عن عاصم {لِمَهْلِكِهِمْ} و{مَهْلِكَ أَهْلِهِ} بفتح الميم وكسر اللام.
[الموضح: 787]
والوجه أنه محمولٌ على ما جاء شاذًّا من المصادر التي جاءت على مفعل من فعل يفعل نحو مرجع ومحيضٍ.
وقرأ الباقون {لِمُهْلَكِهِمْ} و{مُهْلَكَ أَهْلِهِ} بضم الميم وفتح اللام.
والوجه أنه مصدرٌ من أهلك إهلاكًا ومُهلكًا، والمعنى جعلنا لإهلاكهم موعدًا). [الموضح: 788]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:09 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (60) إلى الآية (64) ]

{وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60) فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61) فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَٰذَا نَصَبًا (62) قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63) قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ۚ فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا (64)}

قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عبد الله بن مسلم بن يسار: [مَجْمِعَ الْبَحْرَيْن].
قال أبو الفتح: المصدر من فَعَلَ يفعَل والمكان والزمان كلهن على مَفْعَل بالفتح، كقولك: ذهبت مذْهَبًا، أي: ذهابا، ومذهبا، أي: مكانا يذهب فيه. وهذا مذهبك أي: زمان ذهابك، وكذلك سأل يسأل مَسْألا، فهو مصدر ومكان وزمان، وبعث يبعث مَبْعَثًا وهو مصدر ومكان وزمان. ومنه: مبْعَثُ الجيوش، هو زمان بعثها، إلا أنه قد جاء المفعِلُ بكسر العين موضع المفتوح، منه: المشرِق، والمغرِب، والمنسِك، والمطلِع. وبابه فتح عينه لأنه من يَفْعُل، يشرُق، ويغرُب، وينسُك، ويطلُع. فعلى نحو من هذا يكون [مَجْمِعَ الْبَحْرَيْن] وهو مكان -كما ترى- من جمع يجمع، فقياسه "مجْمَع"، لولا ما ذكرنا من الحمل على نظيره). [المحتسب: 2/30]

قوله تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61)}

قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَٰذَا نَصَبًا (62)}

قوله تعالى: {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وما أنسانيه إلّا الشّيطان (63)
قرأ حفص (وما أنسانيه) بضم الهاء، ومثله في سورة الفتح (بما عاهد عليه اللّه).
وأمال الكسائي السين، وفتحها حمزة، وقرأ ابن كثيرٍ (وما أنسانيهى) بالياء في اللفظ.
وقرأ الباقون (وما أنسانيه إلّا) بكسرة مختلسة.
[معاني القراءات وعللها: 2/113]
وقد مرّ الجواب في أمثالها، وكل ما قرئ به فهو جائز، وأجوده الكسرة المختلسة في الإدراج). [معاني القراءات وعللها: 2/114]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (20- وقوله تعالى: {ما أنسانيه إلا الشيطان} [63].
روى حفص عن عاصم {أنسانيه} بضم الهاء و{بما عاهد عليه
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/399]
الله} فضم الهاء على أصل الكلمة.
ومن كسر فلمجاورة الياء. وقد استقصينا ذلك فيما سلف، وإنما ذكرته؛ لأن الكسائي أمال الألف في {أنسانيه} لأن الألف فيها مبدلة من الياء، وبعد الألف كسرة، والعرب تميل كل ألف بعدها كسرة نحو عابد وحاتم وإذا كان بعد الألف فتحة أو ضمة كان ترك الإمالة أحسن. ومن العرب من يميل كل ذلك، حكى سيبويه عن بعضهم: مات زيد وصار بمكان كذا، وقال: إن من العرب من يميل أكثر ممن لا يميل فلما سمع الكسائي مع معرفته بالقراءات العرب تستعمل الإمالة كما حكى سيوبه رضي الله عنه أكثر من التفخيم اختاره). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/400]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ الكسائي وحده: وما أنسانيه [الكهف/ 63] بإمالة السين. وكلهم فتحها غيره.
قال أبو علي: الإمالة في السين من أنسانيه سائغة، لأنك تقول: أنسيته، وسواء كان من نسيت، الذي هو خلاف ذكرت، أو من نسيت الذي هو تركت، لأن كلّ واحد منهما يتعدّى إلى مفعول واحد، وإذا نقلته بالهمزة تعدّى إلى مفعولين، فالإمالة في السين شائعة من حيث قلت في كلّ واحد منهما أنسيته، وفي التنزيل: ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم [الحشر/ 59].
حفص عن عاصم أنسانيه إلا بضم الهاء، وفي الفتح: بما عاهد عليه الله [الفتح/ 10] بضم الهاء. أبو بكر عن عاصم: أنسانية بكسر الهاء و (بما عاهد عليه الله) بكسر الهاء.
الباقون بكسر الهاء من غير بلوغ ياء، إلا ابن كثير فإنه يثبت الياء في الوصل بعد الهاء (أنسانيهي إلا).
قال: وقد تقدم ذكر القول في وجوه ذلك كلها). [الحجة للقراء السبعة: 5/154]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وما أنسانيه إلّا الشّيطان أن أذكره} 63
قرأ حفص عن عاصم {وما أنسانيه} بضم الهاء على أصل الكلمة واصلها الضّم وإنّما عدل عن كسر الهاء إلى الضّم لما رأى الكسرات من {أنسانيه} وكانت الهاء أصلها الضّم رأى العدول إلى الضّم ليكون أخف على اللّسان من الاستمرار على الكسرات ومن كسر فلمجاورة الياء كما تقول فيه عليه
قرأ الكسائي {أنسانيه} بإمالة الألف وإنما أمال لأن الألف مبدلة من ياء وبعد الألف كسرة والعرب تميل كل ألف بعدها كسرة نحو عابد وعالم). [حجة القراءات: 422]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (34- قوله: {وما أنسانيه} قرأ حفص بضم الهاء، ومثله: {عليه الله} في «الفتح 10»، وقرأهما الباقون بكسر الهاء، وقد تقدمت العلل والحجج في لغات هاء الكناية في {يا أيها}، وتقدمت إمالة الكسائي لـ {أنسانيه} ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/66]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (26- {وَمَا أَنْسَانِيهُ} [آية/ 63] بضم الهاء:
رواها ص- عن عاصم، وكذلك {بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ} بضم الهاء.
وقرأ الباقون و-ياش- عن عاصم {أَنْسَانِيهِ} و{عَاهَدَ عَلَيْهِ} بالكسر فيهما، إلا أن ابن كثير قد أشبع الكسرة.
والوجه في ضم هذه الهاء وكسرها ووصلها بياء قد سبق في أول سورة البقرة.
وأمال الكسائي وحده الألف من {أَنْسَانِيه}، وفتحها الباقون.
ووجه الإمالة أن الألف من {أَنْسَانِيه} ينقلب إلى الياء في أنسيته، فلهذا جازت الإمالة فيه.
ووجه الفتح أنه هو الأصل). [الموضح: 788]

قوله تعالى: {قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ۚ فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا (64)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:11 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (65) إلى الآية (70) ]

{فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)}

قوله تعالى: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65)}

قوله تعالى: {قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (21- وقوله تعالى: {مما علمت رشدا} [66].
قرأ ابن عامر: {رشدا} بضمتين.
وقرأ أبو عمرو: {رشدا} بفتحتين.
وقرأ الباقون: {رشدا} بإسكان الشين وضم الراء فقال قوم: هما لغتان الرشد والرشد مثل الحزن والحزن وقال آخرون: الرشد الصلاح كقوله: {فإن آنستم منهم رشدا} والرشد في الدين.
وحدثني أحمد عن علي عن أبي عبيد قال: الاختيار {رشدًا} هاهنا، لأنها رأس آية كقوله في {قل أوحى إلي}: {فتحروا رشدًا} ليوافق رءوس الآي من قبل ومن بعد.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/400]
فأما قراءة ابن عامر فإنه أتبع الضم الضم مثل السُّحْتُ والسُّحُت والبُخْلُ والبُخُلُ، والعرب تقول: طعنت فلانًا فألقيته على قُطْره وقُطُره، وعلى قتره وعلى قتره، وعلى شزنه وعلى شزنه، كل ذلك على ناحيته وجنبه. وأقطار الأرض وأقتارها وأشزانها: نواحيها. والقطر في غير هذا العود الذي يتبخر به، أنشدني ابن عرفة رضي الله عنه.
كأن المدام وصوب الغمام = وريح الخزامى ونشر القطر
تعل به برد أنفاسها = إذا غرد الطائر المستحر
وإنما خص وقت السحر، لأن الأفواه تتغير في ذلك الوقت فسرق شاعر هذا فقال:
كأن المدام وصوب الغمام = وريح الخزامى وذوب العسل
تعل به برد أنيابها = إذا النجم فوق السماء اعتدل). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/401]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله تعالى: مما علمت رشدا [الكهف/ 66] في التثقيل والتخفيف.
فقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وحمزة والكسائي: مما علمت رشدا مضمومة الراء خفيفة الشين.
وقرأ ابن عامر: (مما علّمت رشدا)، مضمومة الراء والشين،
[الحجة للقراء السبعة: 5/154]
هكذا في كتابي عن أحمد بن يوسف عن ابن ذكوان، ورأيت في كتاب موسى بن موسى عن ابن ذكوان: رشدا: خفيفة، وقال هشام بن عمار بإسناده عن ابن عامر رشدا خفيفة.
وقرأ أبو عمرو (رشدا)، مفتوحة الراء والشين.
قال: رشدا ورشدا لغتان، وكلّ واحد منهما بمعنى الآخر، وقد أجرت العرب كلّ واحد منهما مجرى الآخر، فقالوا: وثن ووثن، وأسد وأسد وخشبة وخشب، وبدنة وبدن، فجمعوا فعلا على فعل، ولما كان فعل يجري عندهم مجرى فعل جمعوا أيضا فعلا على فعل، كما جمعوا فعلا عليه. وذلك قوله: والفلك التي تجري في البحر [البقرة/ 164]، وفي أخرى: في الفلك المشحون [الشعراء/ 119] [يس/ 41]، فهذا يدلّك على أنهما عندهم يجريان جميعا مجرى واحدا، وعلى هذا أيضا جمعوا فعلا وفعلا، على فعلانٍ، فقالوا: قاعٌ وقيعان. وتاج وتيجان، وقالوا: حوت وحيتان، ونون ونينان، وقد قيل: إن القراءة ب رشدا أرجح، لأنهم اتفقوا في قوله: فأولئك تحروا رشدا [الجن/ 14] على الفتح، والتي في الكهف رأس آية مثل ما وقع الاتفاق على فتحه، وتحريك عينه، فوجب أن يكون هذا أيضا مثله، من حيث اجتمعا في أن كل واحد في رأس آية. فأما انتصاب رشدا، فيجوز أن ينتصب على أنه مفعول له، ويكون متعلقا بأتّبع، وكأنّه: هل أتّبعك للرشد، أو لطلب الرّشد على أن تعلمني، فيكون على حالا من قوله: أتبعك، ويجوز أن يكون للرشد مفعولا به تقديره: هل أتبعك على أن تعلّمني رشدا مما علمته، ويكون العلم
[الحجة للقراء السبعة: 5/155]
الذي يتعدّى إلى مفعول واحد يتعدّى بتضعيف العين إلى مفعولين، كقوله: وعلم آدم الأسماء كلها [البقرة/ 31] تقديره: هل أتّبعك على أن تعلّمني رشدا مما علمته. فحذفت الراجع من الصلة إلى الموصول، ويكون على هذا كلّ واحد من الفعلين قد استوفى مفعوليه اللذين يقتضيهما الفعلان، ومعنى: علّمني رشدا: علّمني أمرا ذا رشد، أو علما ذا رشد). [الحجة للقراء السبعة: 5/156]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن ممّا علمت رشدا}
قرأ أبو عمرو {ممّا علمت رشدا} بفتح الرّاء والشين وقرأ الباقون {رشدا} بإسكان الشين وضم الرّاء وهما لغتان مثل الحزن والحزن وقال آخرون الرشد الصّلاح كقوله {فإن آنستم منهم رشدا} والرشد في الدّين وأجود الوجهين الرشد بضم الرّاء وإنّما قلت ذلك لتوفيق ما بينه وبين ما قبله وما بعده من أواخر الآي وذلك أن الآي قبلها وبعدها أتت بسكون الحرف الأوسط من الكلمة وهو قوله {وعلمناه من لدنا علما} {معي صبرا}
[حجة القراءات: 422]
67 - و72 {ما لم تحط به خبرا} فكان الوجه فيما توسط أن يجري بلفظ ما تقدم وما تأخّر إذ كان في سياقه فكان أولى من مخالفة ما بينها ليأتلف رؤوس الآيات على نظام واحد). [حجة القراءات: 423]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (35- قوله: {مما علمت رشدًا} قرأه أبو عمرو بفتح الراء والشين، وقرأ الباقون بضم الراء، وإسكان الشين، وهما لغتان: الرشد والرَّشَد، والعُدم العَدَم، وقد تقدم ذكر ذلك في الأعراف، ويقوي الفتح إجماعهم على الفتح في قوله: {تحروا رشدا} «الجن 14»، فإن أعملت {هل أتبعك} في {رشدا} كان مفعولًا من أجله، أي: هل أتبعك الرشد على أن تُعلمني مما علمت، والعلم ههنا بمعنى التعريف الذي يتعدّى إلى مفعول،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/66]
وإن نصبته بـ «تعلمني» كان مفعولًا به، ويكون {تعلمني} هو الذي يتعدى إلى مفعول واحد، بمعنى «تعرفني» فلما شددته تعدّى إلى مفعولين، كقوله: {وعلم آدم الأسماء كلها} «البقرة 31» فلولا أنه بمعنى «عرفت» لتعدّى بالتشديد إلى ثلاثة مفعولين؛ لأنه في الأصل إذا لم يكن بمعنى «عرفت» يتعدى إلى مفعولين، وإذا شدد ازداد في التعدي إلى مفعول ثالث، والمعنى أن تعلمني أمرًا ذا رشد وعلما ذا رشد مما علمته، والضم الاختيار؛ لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/67]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (27- {مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا} [آية/ 66] بفتح الراء والشين:
قرأها أبو عمرو ويعقوب.
وقرأ الباقون {رُشْدًا} بضم الراء وإسكان الشين.
والوجه أن رُشْدًا ورَشَدًا لغتان كبُخْلٍ وبَخَلٍ، والقراءة بفتح الراء والشين أرجح؛ لأنهم اتفقوا على الفتح في قوله {فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا}؛ لأنه رأس آية، وكذلك هذا رأس آية، فينبغي أن يكون مثله). [الموضح: 789]

قوله تعالى: {قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (معي صبرا (67) في ثلاثة مواضع.
فتحهن حفص وحده). [معاني القراءات وعللها: 2/118]

قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68)}

قوله تعالى: {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ستجدني إن شاء اللّه (69)
فتح الياء نافع وحده). [معاني القراءات وعللها: 2/118]

قوله تعالى: {قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فلا تسألني عن شيءٍ (70)
قرأ نافع وابن عامر (فلا تسألنّي) مثقلة، وروى ابن أخرم لابن عامر (فلا تسألنّ) بغير ياء.
وقرأ الباقون (فلا تسألني عن شيءٍ) ساكنة اللام، بياء في الوصل والوقف، والياء ثابتة في الكهف في جميع المصاحف.
قال أبو منصور: من قرأ (فلا تسألنّي) فالتشديد للتأكيد، والياء في موضع النصب، ومن كسر النون اكتفى بكسرتها من الياء.
[معاني القراءات وعللها: 2/114]
ومن قرأ (فلا تسألني) بنون خفيفة فهي النون التي تدل على المفعول المضمر مع الياء، كقولك: (لا تقتلني) ). [معاني القراءات وعللها: 2/115]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (23- وقوله تعالى: {فلا تسئلني} [70].
قرأ ابن عامر: {تسألني}.
والباقون: {تسئلن} وقد ذكرت علته في (هود) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/403]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله: (فلا تسألن عن شيء) [الكهف/ 70].
فقرأ ابن كثير وعاصم وأبو عمرو وحمزة والكسائي: فلا تسألني ساكنة اللام.
وقرأ نافع: (تسألني) مفتوحة اللام مشدّدة النون.
وقرأ ابن عامر: (فلا تسألنّ عن شيء) اللام متحركة بغير ياء
[الحجة للقراء السبعة: 5/157]
مكسورة النون. وقال هشام عنه: (تسألني) بتاء مشدّدة النون.
قول ابن كثير ومن تبعه عدّوا فيه السؤال إلى المفعول الذي هو المتكلم مثل: لا تضربنّي، ولا تظلمنّي، ونحو ذلك.
وقول نافع: (تسألنّي) مفتوحة اللام، ففتحة اللام لأنه لما ألحق الفعل الثقيلة بنى الفعل معها على الفتح. فإن أثبت الياء، كما أثبت من تقدّم ذكره، فقد عدّاه إلى المفعول به كما عدّاه من تقدّم. فإن فتح النون عدّى الفعل في المعنى، وليس في اللفظ بمتعد.
وقول ابن عامر: (فلا تسألنّ) ألحق الثقيلة، وعدّى الفعل إلى المفعول به في اللفظ، والكسرة في النون تدلّ على إرادة المفعول به، وحذف الياء من اللفظ.
ورواية هشام (تسألنّي) بياء، مشدّدة النون، تعدّى الفعل فيه إلى المفعول به، وبيّن إثبات علامته غير محذوف منها الياء). [الحجة للقراء السبعة: 5/158]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتّى أحدث لك منه ذكرا} 70
قرأ العجمي عن ابن عامر (فلا تسألن عن شيء) بفتح النّون والتّشديد وقرأ نافع وابن عامر {فلا تسألني} بكسر النّون والتّشديد وقرأ الباقون {فلا تسألني} ساكنة اللّام وقد بيّنت في سورة هود). [حجة القراءات: 423]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (36- قوله: {فلا تسألني} قرأه نافع وابن عامر بفتح اللام، وتشديد النون وكسرها، وقرأ الباقون بإسكان اللام، وتخفيف النون، وكسرها، وكلهم أثبت الياء في الوصل والوقف، إلا ما روي عن ابن ذكوان من طريق الأخفش وغيره أنه حذف الياء في الوصف والوقف، والمشهور عنه إثبات الياء في الحالين كالجماعة.
وحجة من شدد النون أنه جعلها النون المشددة، التي تدخل في الأمر والنهي والشرط للتأكيد، فيبنى الفعل معها على الفتح، وحُذفت النون التي تدخل مع الياء في اسم المفعول المضمر، لاجتماع النونات، وبقيت النون المشددة مكسورة الياء التي بعدها، وأصلها {تسألني}.
37- وحجة من خفف أنه لم يُلحق الفعل نونا للتأكيد في النهي، وجزم الفعل للنهي ويثبت النون مع الياء.
38- وحجة من حذف الياء أنه استغنى بالكسرة عن الياء.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/67]
39- وحجة من أثبتها أنه الأصل، وأنه اتبع خط المصحف، وهو الاختيار). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/68]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (28- {فَلَا تَسْأَلَنِّي} [آية/ 70] بفتح اللام وتشديد النون:
قرأها نافع وابن عامر.
والوجه أن الفعل قد أُلحق النون الثقيلة، وبُني معها على الفتح، وهكذا الحكم فيما قبل النون الثقيلة.
وقرأ الباقون {فَلَا تَسْأَلْنِي} بإسكان اللام وتخفيف النون.
والوجه أن الفعل مجزوم بلا التي للنهي، فسكنت اللام للجزم، وكل القراء أثبتوا الياء، إلا ما رُوي عن ابن عامر قرأ بغير ياء، والصحيح عنه إثبات الياء.
[الموضح: 789]
ووجه حذف الياء التخفيف بحذفها والاستغناء عنها بالكسرة، وقد سبق مثله). [الموضح: 790]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:13 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (71) إلى الآية (77) ]

{فَانْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73) فَانْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي ۖ قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76) فَانْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ۖ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77)}

قوله تعالى: {فَانْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ليغرق أهلها (71)
قرأ حمزة والكسائي (ليغرق) بالياء (أهلها) رفعًا، وقرأ الباقون (لتغرق) بالتاء مرفوعة، والراء مكسورة، (أهلها) نصبًا.
قال أبو منصور: من قرأ (ليغرق أهلها) فالفعل للأهل، ومن قرأ (لتغرق أهلها) فإن موسى صلى الله عليه خاطب الخضر عليه السلام وقال له: أخرقت السفينة لكي تغرق أهلها). [معاني القراءات وعللها: 2/115]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (24- وقوله تعالى: {لتغرق أهلها} [71].
قرأ حمزة والكسائي بالياء ورفع الأهل؛ لأنهما جعلاهم الفاعلين.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/403]
وقرأ الباقون: {لتغرق} فهذا خطاب موسى للخضر عليهما السلام، ونصبوا الأهل، لأنهم مفعولون. والأهل تجمع على جمع السلامة أهلون وأهلين «إن لله أهلين هم أهل القرآن وخاصته» وقوله تعالى: {قو أنفسكم وأهليكم نارا} الأصل: أهلينكم فسقطت النون للإضافة، ومن العرب من يجمع أهلاً أهلات قال الشاعر:
فهم أهلات حول قيس بن عاصم = إذا دلجوا بالليل يدعون كوثرا
والصواب: أن تجعل «أهلات» جمع أهلة.
فإن سأل سائل فقال: لم قال موسى في هذه الآية: {هل أتبعك على أن تعلمني} هل يجوز أن يكون في وقت موسى نبي أعلم من موسى؟
فقل: في هذه ثلاثة أجوبة:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/404]
أحدها: أن يكون نبي اعلم من نبي في وقت، هذا فيمن جعل الخضر نبيًا، وإنما سمي خضرًا، لأنه كان إذا جلس على فروة اهتزت خضراء، يعني بالفروة الأرض البيضاء التي لا نبات فيها.
والوجه الثاني: أن يكون موسى أعلم من لاخضر بجميع ما يؤدي عن الله تعالى إلى عباده وفيما هو حجة عليهم، وحجة لهم بينهم وبين خالقهم إلا في هذا.
والوجه الثالث: أن يكون موسى استعلم من الخضر علمًا ليس عند موسى ذلك العلم فقط، وإن كان عنده علوم سوى ما استعلمه من الخضر علمًا مما ليس عند موسى عليه السلام.
فأما قوله في هذه الآية: {قال لفتاه} فإن يوشع بن نون هو فتاه، كما تقول العامة: هو غلامه وتلميذه [وساجرده وتلامه وجربحه] والعرب تسمى الرجل المملوك فتى وإن كان شيخًا، والأمة فتاةً وإن كانت عجوزًا وتسمى التلميذ فتى وإن كان شيخًا، ومن ذلك قوله: {سمعنى فتى يذكرهم يقال له إبراهيم} والفتى عند العرب السخي من الطعام وعلى المال والشجاع). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/405]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله: لتغرق أهلها [الكهف/ 71] ورفع الأهل ونصبهم.
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر وعاصم: لتغرق بالتاء أهلها نصبا.
وقرأ حمزة والكسائي: (ليغرق أهلها) بفتح الياء والراء (أهلها) رفع. وكلهم يخفّف الراء.
قال أبو علي: لتغرق أولى ليكون الفعل مسندا إلى المخاطب
[الحجة للقراء السبعة: 5/158]
كما كان المعطوف عليه كذلك، ألا ترى أن المعطوف عليه: أخرقتها وكذلك المعطوف، وهذا يجيء على معنى الياء، لأنه إذا أغرقهم غرقوا، وما بعده أيضا كذلك وهو قوله: لقد جئت فهو أيضا خطاب.
قال: وكلهم خفف الراء، يعني أنهم قرءوا: لتغرق، ولم يقل أحد منهم لتغرّق، وذلك لقوله: فأغرقناهم أجمعين [الأنبياء/ 77]، ولقوله: وأغرقنا آل فرعون [البقرة/ 50]، وقد يدخل فعّل في هذا النحو نحو: غرّمته وأغرمته، إلا أن الذي جاء به التنزيل أولى). [الحجة للقراء السبعة: 5/159]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا}
قرأ حمزة والكسائيّ (ليغرق) بفتح الياء والرّاء {أهلها} رفع جعلا الفعل لهم كأنّه قال أخرقت السّفينة لترسو في البحر فيغرق فيه أهلها
وقرأ الباقون {لتغرق} بالتّاء {أهلها} نصبا وحجتهم قوله تعالى {أخرقتها} فجعلوا الفعل الثّاني مثل الأول ويقوّي هذا قوله {لقد جئت شيئا إمرا} ). [حجة القراءات: 423]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (40- قوله: {لتغرق أهلها} قرأه حمزة والكسائي بياء مفتوحة، وفتح الراء، ورفع «الأهل»، وقرأ الباقون بتاء مضمومة، وكسر الراء، ونصب الأهل.
وحجة من قرأ بالياء أنه أضاف «الغرق» إلى «أهل» بمنزلة: مات زيد، و«الأهل» فاعلون، لأنهم مخبر عنهم، ولأنه أمر دخل عليهم من غير اختيار منهم له.
41- وحجة من قرأ بالتاء أنه أجراه على الخطاب للخضر من موسى، فالمخاطب هو الفاعل، وتعدى فعله إلى «الأهل» فنصبهم، وقوى ذلك أن قبله خطابا بين موسى والخضر في قوله: {أخرقتها} وما قبل ذلك، فجرى آخر الكلام على أوله في الخطاب، وأيضًا فإن الخارق للسفينة هو فاعل الغرق في المعنى، فإضافة الغرق إليه أولى من إضافته إلى المفعول، وهو الاختيار). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/68]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (29- {لِيَغْرَقَ أَهْلُهَا} [آية/ 71] بالياء مفتوحة وبفتح الراء، ورفع الأهل:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أنه على إسناد الفعل إلى الأهل وارتفاعه به.
وقرأ الباقون {لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا} بالتاء مضمومة وبكسر الراء ونصب الأهل.
والوجه أنه على إسناد الفعل إلى المخاطب وانتصاب الأهل بالفعل، والمعنى لتُغْرِق أيها المخاطب أهلها، وهذا موافق لما قبله؛ لأنه على الخطاب، وهو قوله {أَخَرَقْتَهَا}، ولما بعده وهو قوله {لَقَدْ جِئْتَ} ). [الموضح: 790]

قوله تعالى: {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72)}

قوله تعالى: {قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73)}

قوله تعالى: {فَانْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أقتلت نفسًا زكيّةً (74)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب (زاكيةً) بألف، وقرأ الباقون (زكية).
قال أبو منصور: الزاكية والزكية واحدة، وهي: النّفس التي لم تجن ذنبًا، ومثله: القاسية والقسيّة، ومعنى الزاكية: الطاهرة النامية). [معاني القراءات وعللها: 2/115]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لقد جئت شيئًا نكرًا (74)
[معاني القراءات وعللها: 2/115]
قرأ نافع وابن عامر وأبو بكر عن عاصم ويعقوب (نكرا) مثقلا في كل القرآن، وقرأ الباقون (نكرا) خفيفا حيث وقع.
وقرأ ابن كثير (إلى شيء نكر) ساكنة الكاف وقرأ الباقون (إلى شيء نكر) مثقلا.
قال أبو منصور: النكر والنكر لغتان جيدتان؛ إلى الشيء المنكر). [معاني القراءات وعللها: 2/116]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (25- وقوله تعالى: {أقتلت نفسا زكية} [74].
قرأ أهل الكوفة وابن عامر {زكية} بغير ألف، أي: تقية دنية.
وقرأ الباقون: {زكية} فقال الكسائي: هما لغتان زكية وزاكية مثل قسية وقاسية وقال ابن العلاء: الزاكية: التي لم تُذنب قط. والزكية: التي أذنبت ثم تابت، وكلتا القراءتين حسنة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/405]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (26- وقوله تعالى: {شيئا نكرا} [74].
ابن كثير يخفف كل ما في القرآن. وكذلك: {إلى شيء نكر}.
وقرأ عاصم وابن عامر بالتثقيل، وهما لغتان: النكر والنكر مثل الرعب والرعب، وهو الأمر العظيم والداهية.
ومثله {شيئا إذا} و{إمرًا} و{نكرًا} و{عجبًا} كل ذلك بمعنى، وتقدير الكلام: لقد جئت بشيء أنكر من الفعل الأول.
وقال آخرون {إمرا} أشد من {نكرا} إلا أن الإمر معه غرق الأهل، وهذا معه قتل النفس.
وقرأ الباقون بتخفيف كل ذلك إلا قوله في (اقتربت) {إلى شيء نكر} وهو الاختيار، لأن رءوس الآي في (اقتربت) مثقلة نحو {عذابي ونذر} وقال الشاعر حجة لمن خفف:
قد لقى الأقران مني نكرا
داهية دهياء إدًا إمرا
أما نافع فروى عنه قالون مثقلاً مثل ابن عامر، وروى عنه إسماعيل مثل أبي عمرو.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/406]
وروى حفص عن عاصم مثل ابن كثير و{نكرا} رأس الجزء من أجزاء الثلاثين وهو الخامس عشر، وهو نصف القرآن). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/407]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التخفيف والتثقيل من قوله عز وجل: نكرا [الكهف/ 74].
فقرأ ابن كثير وحمزة وأبو عمرو الكسائي: نكرا خفيفة في كلّ القرآن إلا قوله: (إلى شيء نكر) [القمر/ 6]، وخفف ابن كثير أيضا (إلى شيء نكر).
وقرأ ابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر في كلّ القرآن: (نكرا) و (نكر) مثقّل. حفص عن عاصم نكرا خفيفة.
واختلف عن نافع فروى إسماعيل بن جعفر نكرا خفيفا في كل القرآن، إلا قوله: (إلى شيء نكر) فإنه مثقّل. وروى ابن جمّاز وقالون والمسيبي وأبو بكر بن أبي أويس وورش عن نافع (نكرا) مثقّل في كلّ القرآن، نصر عن الأصمعي عن نافع (نكرا) مثقل.
قال أبو علي: نكر: فعل، وهو من أمثلة الصفات، قالوا: ناقة
[الحجة للقراء السبعة: 5/159]
أجد، ورجل شلل، ومشية سجح وأنشد سيبويه:
وامشوا مشية سجحا فمن خفّف ذلك، فكما يخفّف العنق والعنق، والطنب والطنب، والشغل والشغل، والتخفيف في ذلك مستمر، وإذا كان الأمر كذلك فمن أخذ بالتثقيل وبالتخفيف كان مصيبا، وكذلك إن أخذ آخذ باللغتين وقرأ في موضع بالتخفيف وفي موضع بالتثقيل فجائز). [الحجة للقراء السبعة: 5/160]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا}
[حجة القراءات: 423]
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو (زاكية) بالألف وقرأ الباقون {زكية} بغير ألف
قال أبو عمرو الزاكية الّتي لم تذنب قطّ والزكية الّتي أذنبت ثمّ غفر لها وإنّما قتل الخضر صغيرا لم يبلغ الحنث وقال آخرون زاكية أي طاهرة وقال قتادة نامية وزكية تقية دينة وقال الحسن بريئة وقال آخرون منهم الكسائي هما لغتان مثل عالم وعليم وسامع وسميع إلّا أن فعيلا أبلغ في الوصف والمدح من فاعل ويقوّي التّشديد قوله {غلاما زكيا}
قرأ نافع وابن عامر وأبو بكر {نكرا} بضم الكاف في جميع القرآن
وقرأ إسماعيل عن نافع {نكرا} ساكنة الكاف وبه قرأ الآخرون وهما لغتان مثل الرعب والرعب والسفل والسفل). [حجة القراءات: 424]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (42- قوله: {نفسًا زكية} قرأه الكوفيون وابن عامر بتشديد الياء من غير ألف، وقرأه الباقون بعد الزاي مخففًا.
وحجة من قرأ بغير ألف مشدد الياء أنه بناه على «فعيلة» على معنى «نامية»، وقيل: معناه التي لم تبلغ الخطايا، وقيل: معناه مطهره، وقيل: زكية وزاكية لغتان بمعنى صالحة تقية.
43- وحجة من قرأ بألف أنها لغة في «زاكية وزكية» بمعنى، قيل: هو على تقية صالحة، وقيل: معناه لا ذنب لهان والقراءتان بمعنى). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/68]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (44- قوله: {نُكرا} قرأه نافع وابن ذكوان وأبو بكر بضم الكاف، إذا كان منصوبًا حيث وقع، وقرأ الباقون بإسكان الكاف، وهما لغتان كالشغُل والشغْل، والسحْت والسحُت، وقرأ ابن كثير وحده بإسكان الكاف في «نكر» المخفوض، وفي النصب لئلا يختلف، إذ الإسكان في الراء في الوقف في «نكر» المخفوض عارض، فاعتد بالحركة، فخفف مع عدمها من اللفظ.
وحجة الباقين في تثقيل المخفوض، وتخفيف المنصوب أن المنصوب يلزم راءه الحركة في الوصل والوقف، فوجب تخفيف عينه، للزوم الحركة للامه وفائه، والمخفوض لا يلزم الحركة لامه إلا في الوصل، فلم يخفف عندهم، إذ اللام في الخفض لا يلزمها الحركة في الوقف، والقراءتان بمعنى، وما عليه الجماعة أحب إلي). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/69]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (30- {زَاكِيَةً} [آية/ 74] بالألف وتخفيف الياء:
قرأها ابن كثير ونافعٌ وأبو عمرو ويعقوب يس-.
وقرأ الباقون ويعقوب ح- و-ان- {زَكِيَّةً} مشددة الياء من غير ألف.
والوجه أن الزكية والزاكية واحدةٌ وهي الطاهرة، فالزكية فعليةٌ، والزاكية فاعلةٌ، وكلتاهما واحدةٌ في المعنى.
وقال أبو عمرو: بينهما فرقٌ، وذاك أن الزاكية هي التي لم تُذنب قط،
[الموضح: 790]
والزكية هي التي أذنبت ثم غُفر لها). [الموضح: 791]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (31- {نُكُرًا} [آية/ 74] بضم الكاف:
قرأها نافعٌ ش- و-ن- وابن عامر وعاصم ياش- ويعقوب.
وقرأ الباقون ونافع يل- {نُكْرًا} بإسكان الكاف.
والوجه أن الأصل نُكُرًا بالضم؛ لأنه من أبنية الصفات كقولهم: ناقةٌ أجدٌ ومشيةٌ سجع، بالضم.
ويجوز أن تخفف الكلمة بإسكان العين منها فيقال نُكْر بسكون الكاف، كما خففوا العنُق والطنُب والشغُل، فأسكنوا عيناتها، وقد مضى مثله). [الموضح: 791]

قوله تعالى: {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75)}

قوله تعالى: {قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي ۖ قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (قد بلغت من لّدني عذرًا (76)
قرأ أبو بكر عن عاصم (من لدني) بفتح اللام، وإشمام الدال ضمة مختلسة، وتخفيف النون.
وروى الأعشى عن أبي بكر (من لدني) بضم اللام، وسكون الدال، وتخفيف النون، وكذلك روى الكسائي عن أبي بكر عن عاصم. وقرأ نافع (من لدنى) مفتوحة اللام، مضمومة الدال، خفيفة النون.
وقرأ الباقون (من لدني) مضمومة الدال، مشددة النون، مفتوحة اللام.
قال أبو منصور: هي لغات معروفة، وأجودها في القراءة فتح اللام، وضم الدال، وتشديد النون؛ لأن (لدن) نونها في الأصل ساكنة، فإذا أضفتها إلى نفسك قلت: لدنى، كما تقول: (عن زيد) بسكون النون، فإذا أضفتها إليك قلت (عنى) فثقلت النون، وإنما زادوا النون في الإضافة ليسلم سكون النون الأول.
[معاني القراءات وعللها: 2/116]
ومن قرأ (من لدني) جعل الاسم على ثلاثة أحرف، فاكتفى بنون واحدة، ولم يقسها على (عن)؛ لأن (عن) ناقصة، لأنها حرفان.
وأما من قال: (من لدني) فهي لغة لبعض العرب، كان الضمة في الدال، فنقلت إلى اللام، كما قالوا: حسن الوجه وجهك، فإذا ثقلوا قالوا: حسن الوجه وجهًا). [معاني القراءات وعللها: 2/117]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (27- وقوله تعالى: {من لدني عذرا} [76].
قرأ نافع: {من لدني} بتخفيف النون، كره اجتماع النونين فحذف واحدة كما قرأ: {تشاقوني} و{تأمروني أعبد} قال الشاعر:
أيها السائل عنهم وعني
لست من قيس ولا قيسُ مني
أراد: عني ومني فخفف.
والباقون {من لدني} مشددًا، لأن (لَدُنْ) آخرها نون ساكنة، وياء الإضافة يكسر ما قبلها فزادوا على النون نونًا وأدغموا فالتشديد من جلل ذلك، إلا عاصمًا فإنه رويت عنه {من لدني} بفتح اللام وجزم الدال وتشم الدال الضم وتخفف النون، وروى عنه أبو عبيد {من لدني} بضم اللام و{من لدي} فــ «لدن» إذا لم تُضف فيها ثلاث لغات: لدن ولدي ولد، قال الشاعر:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/407]
* من لد لحييه إلى منحوره *
وإذا أضفت إلى نفسك ففيها ست لغات، وقد فسرته. فتقول: لدي، ولدن، ولد، ولدني ولدني ولدنني ولدي ولدي تسع لغات، ومعناهن كلهن: عندي). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/408]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله: من لدني [الكهف/ 76].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي: من لدني مثقل.
وقرأ نافع: (من لدني) بضم الدال مع تخفيف النون.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر: (من لدني) يشمّ الدال شيئا من الضم في رواية خلف عن أبي بكر عن عاصم. وقال غيره عن يحيى عن أبي بكر عن عاصم (من لدني) يسكن الدال مع فتح اللام. وروى أبو عبيدة عن الكسائي عن أبي بكر عن عاصم: (من لدني) بضم اللام وتسكين الدال وهو غلط. وفي كتاب المعاني الذي عمله إلى طه عن الكسائي عن أبي بكر عن عاصم: (من لدني) مفتوحة اللام ساكنة الدال، وقال حفص عن عاصم: لدني مثل أبي عمرو وحمزة.
قال أبو علي: من قال: من لدني، زاد النون التي تزاد مع
[الحجة للقراء السبعة: 5/160]
علامة المضمر المجرور والمنصوب في نحو: منّي وعنّي، وقطني، وضربني، فأدغم الأولى الساكنة في التي تزاد مع الضمير، فصار لدني، وهذا هو القياس، والذي عليه الاستعمال.
وقرأ نافع (من لدني)، بضم الدال مع تخفيف النون. وجه ذلك: أنه على ما قدّم ذكره إلا في حذفه النون التي تلحق علامة الضمير، وإنما حذفها كما حذفت من قدني وقدي، قال:
قدني من نصر الخبيبين قدي.
ولا تكون النون المحذوفة الثالثة من لدن لأنها تردّ مع إضافتها إلى الضمير في نحو: من لدنه ويبشر [الكهف/ 2]، ومن لدنّا ولدنّي، فكما لا تحذف من علامة الضمير، وإن حذفت من: «لد شول» و «لد غدوة» فإنها تردّ مع الضمير إلى الأصل، كما ردّوا:
فلا بك ما أسال ولا أغاما ونحو ذلك. وقرأ عاصم في رواية أبي بكر: (من لدني) يشمّ الدال شيئا من الضم في رواية خلف، قال أبو علي: وجه ذلك أن لدن مثل سبع، وعضد، فكما تحذف الضمة من نحو سبع، كذلك حذفت من لدن، فصار لدن، فأما إشمامها الضم فليعلم أن الدال كانت تتحرك بالضم، كما أن من قال: تغزين، وقيل، فأشمّ الحرفين الضمة، أراد أن يعلم أنها في الأصل مضمومة.
[الحجة للقراء السبعة: 5/161]
قال أحمد: وقال غيره عن يحيى عن أبي بكر عن عاصم: يسكن الدال مع فتح اللام. قال أبو علي: هذا هو الوجه الذي تقدّم، إلا أنه لم يشمّ الدال الضمة، وإنما لم يشمّها، كما أن كثيرا منهم لا يشمّون الضمة نحو: قيل.
قال: وروى أبو عبيدة عن الكسائي عن أبي بكر عن عاصم: (من لدني) بضم اللام، ويسكن الدال، قال أحمد: وهو غلط. قال أبو علي: يشبه أن يكون التغليط من أبي بكر أحمد في وجه الرواية، فأما من جهة اللغة ومقاييسها فهو صحيح، ألا ترى أنّ مثل سبع وعضد إذا خفف فتخفيفه على ضربين، أحدهما: أن تحذف الضمة وتبقى فتحة الفاء على حالها، فيقال: عضد. والآخر: أن تلقى الحركة التي هي الضمّة على الفاء، وتحذف الفتحة فيقال: عضد، فكذلك لدن، ومثل ذلك: كبد وكبد وكبد، فهذه أوجه هذه الرواية في القياس. والنون التي تتبع علامة الضمير تحذف إذا سكنت الدال، لأن الدال قد سكنت بإلقاء الحركة منها، والنون من لدن ساكنة، فتحذف النون، لأن إدغام الأولى فيها لا يصلح لسكون ما قبلها من الدال فيصير لدني أو لدني، فيحذف لالتقاء الساكنين، أحدهما الدال المسكنة، والآخر نون لدن، فإن أدغمت ولم تحذف لزمك أن تحرّك الدال لئلا يلتقي ساكنان، فيصير في الامتناع للإدغام بمنزلة امتناعه في: قرم مالك، في تحريك الساكن في المنفصل، وهذا ممتنع، فلما لم يسغ ذلك حذف لالتقاء الساكنين إذ قد حذفت لالتقائهما في نحو: لد الصلاة ولد الحائط). [الحجة للقراء السبعة: 5/162]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قد بلغت من لدني عذرا}
قرأ نافع وأبو بكر {من لدني عذرا} بإشمام الدّال وتخفيف النّون وقرأ الباقون {من لدني عذرا} بضم الدّال وتشديد النّون
الأصل لدن بإسكان النّون فإذا أضفتها إلى نفسك زدت
[حجة القراءات: 424]
نونا ليسلم سكون النّون الأولى تقول لدن زيد فتسكن النّون ثمّ تضيف إلى نفسك فتقول لدني فتدغم النّون في النّون كما تقول عني ومن خفف النّون كره اجتماع النونين فحذف واحدة وهي الثّانية لأنّها زائدة كما حذف من قوله {تأمروني} وكما حذفت من قدني وقدي قال الشّاعر:
قدني من ذكر الخبيبين قدي
وأما إشمام الدّال فإنّه علام على أن الدّال كانت مضمومة). [حجة القراءات: 425]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (45- قوله: {من لدني} قرأه نافع وأبو بكر بالتخفيف، وشدده الباقون، وكلهم ضم الدال إلا أبا بكر، فإنه أسكنها، وأشمها الضم.
وحجة من شدد أنه أدغم نون «لدني» في النون التي دخلت مع الياء، ليسلم سكون نون «لدن»، كما قالوا: إني وعني.
وحجة من خفف النون أنه لم يأت بنون مع الياء؛ لأنه ضمير مخفوض كـ «غلامي وداري» فاتصلت الياء بنون «لدن» فكسرتها.
46- وحجة من أسكن الدال أنه لغة للعرب، يقولون: لدن غدوة، فيجمعون بين ساكنين، ويكسرون النون لالتقاء الساكنين، إذا وصلوا، ومن أجل ذلك أشم أبو بكر الدال الضم، إذ أصلها النصب، وقد قيل: إن النون إنما كسرت في قراءة من أسكن الدال لالتقاء الساكنين، وهذا الإشمام يُرى
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/69]
ولا يسمع، وقد مضى الكلام عليه في أول السورة، وما عليه الجماعة أحب إلي). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/70]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (32- {فَلَا تُصَاحِبْنِي} [آية/ 76] بالألف، مضمومة التاء:
قرأها الجمهور إلا ما رواه ان- عن يعقوب {فَلَا تَصْحَبْنِي} بغير ألف.
والوجه في {تُصَاحِبْنِي} أن الكلمة من المفاعلة وهي ما يكون الفعل فيه من اثنين، فالمصاحبة أن يكون من كل واحد منهما صحبة للآخر، وقوله {تَصْحَبْنِي} من الصحبة وهي مما يكون الفعل فيه لواحد، ولما كان المقصود
[الموضح: 791]
ههنا هو صحبة المخاطب أضاف الصحبة إليه فقط). [الموضح: 792]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (33- {مِنْ لَدُنِّي} [آية/ 76] بضم الدال وتخفيف النون:
قرأها نافعٌ وحده.
والوجه أن الكلمة لَدُنْ بضم الدال وإسكان النون، زيد عليها لضمير المتكلم نونٌ وياءٌ، فالياء هي علم الضمير، والنون دعامة الياء على ما قدمنا، فبقي بعد لحاق علم الضمير به لدُنّي، بإدغام نون لدُنْ في نون الضمير، ثم حُذف نون الضمير لاجتماع النونين؛ ولأن هذه النون قد تُحذف نحو قدي في نحو قول الشاعر:
83- قدني من نصر الخبيبين قدي
ولا تكون النون المحذوفة نون لدن؛ لأنها تثبت مع إضافتها إلى الضمير في نحو لدنه ولدنك.
[الموضح: 792]
وقرأ عاصم ياش- {لَدْنِي} بإسكان الدال وإشمامها الضمة وبتخفيف النون.
والوجه أنه خفف لَدُن من لدنّي، فأسكن الدال فصار لدْنْ مثل سبْعْ، ثم أشم الدال الضمة؛ ليُعلم أنها كانت متحركة بالضم، ثم أسقط النون من ياء الضمير، فصار «لَدْني» بالإسكان والإشمام والتخفيف.
وقرأ الباقون و-ص- عن عاصم {لَدُنِّي} مضمومة الدال، مشددة النون.
والوجه أنه هو الأصل الذي ينبغي أن تكون عليه الكلمة، وقد ذكرنا شرحه). [الموضح: 793]

قوله تعالى: {فَانْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ۖ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لاتّخذت عليه أجرًا (77)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو والحضرمي (لتخذت) بفتح التاء وكسر الخاء خفيفة.
وقرأ الباقون (لاتّخذت) بتشديد التاء وفتح الخاء، وكلهم أدغموا الذال في التاء غير ابن كثير وحفص والأعشى عن أبي بكر. وقرأ يعقوب (لتخذت) إنما أظهر الذال ههنا فقط.
قال أبو منصور: من قرأ (لاتّخذت) فهو افتعالٌ من: اتخذ يتّخذ اّتخاذا، والأصل: أئتخذ يتخذ، فأدغمت الهمزة في التاء، وشددت.
وأصل الحرف مأخوذ من أخذ يأخذ.
يقول: لو أخذت بأخذنا، أي: لو فعلت بفعلنا.
ومن قرأ (لتخذت) فإنه يحذف الهمزة، ويجعله مبنيا على فعل يفعل، كما قالوا في (اتقى يتّقي): تقي يتقي.
وأنشد أبو عمرو أو غيره:
[معاني القراءات وعللها: 2/117]
وقد تخذت رجلي إلى جنب غرزها... نسيفاً كأفحوص القطاة المطرّق
وقال الزّجّاج: من قرأ (لتخذت) فهو بمعنى: اتخذت، وأصل تخذت: أخذت). [معاني القراءات وعللها: 2/118]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (28- وقوله تعالى: {لتخذت عليه أجرا} [77].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو {لتخذت} بتخفيف التاء جعله فعل يفعل مثل شرب يشرب تخذ يتخذ كما قال:
وقد تخذت رجلي إلى جنب غرزها = نسيفًا كأفحوص القطاة المطرق
المطرق: التي تريد أن تبيض وقد تعسر عليها. والأفحوص والمفحص: عش الطائر ووكره، ومن ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من بنى لله
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/408]
مسجدًا ولو مثل مفحص قطاة بنى الله له بيتًا في الجنة».
غير أن ابن كثير يظهر الذال عند التاء، وابو عمرو يدغم وقد ذكرت علته في (البقرة).
وقرأ الباقون {لاتخذت} من افتعل يفتعل نحو اتقى يتقي واتكى يتكي. ومن العرب من يقول: تقى يتقي خفيفًا قال الشاعر:
جلالها الصيقلون فأخلصوها = خفافًا كلها يتقى بإثر
وأصله من أخذ يأخذ فكأن الأصل أيتخذ، لأن الهمزة تصير ياء لانكسار ما قبلها ثم تقلب الياء تاء وتدغم التاء في التاء فالتشديد من جلل ذلك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/409]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله: (لتخذت) [الكهف/ 77].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو: (لتخذت) بكسر الخاء، وكان أبو عمرو يدغم الدال، وابن كثير يظهرها.
وقرأ نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي: (لاتخذت).
وكلّهم أدغم إلا ما روى حفص عن عاصم فإنه لم يدغم مثل ابن كثير.
قال أبو زيد: اتّخذنا مالا فنحن نتّخذه اتّخاذا، وتخذت أتخذ تخذا. وحكى سيبويه: استخذ فلان أرضا، يتأوّله على أمرين:
أحدهما: أنه أراد اتّخذ فأبدل السين من التاء الأولى، والآخر: أنه استفعل، فحذف التاء التي هي فاء، من تخذت.
قال أبو علي: قوله: (لتخذت) بكسر الخاء: فعلت، وأنشدوا:
وقد تخذت رجلي إلى جنب غرزها... نسيفا كأفحوص القطاة المطرّق
وقال: وكان أبو عمرو يدغم الدال، ووجه الإدغام أن هذه الحروف متقاربة، فيدغم بعضها في بعض كما يدغم سائر المتقاربة، والطاء والدال، والتاء والذال والثاء والظاء، أدغم بعضها في بعض للمقاربة، فأما الصاد والسين والزاي فتدغم بعضها في بعض، وتدغم فيها الحروف الستة ولا يدغمن في الستة لما يختل في إدغامها في
[الحجة للقراء السبعة: 5/163]
مقاربها من الصّفير، فالذال أدغمها أبو عمرو في التاء، وإن كانت مجهورة والتاء مهموسة لأن ما بينهما من الجهر والهمس لا يمنع من الإدغام لقلة ذلك.
فأما تبيين ابن كثير: (لتخذت) وتركه الإدغام، فلأن لكل حرف من الذال والتاء حيزا غير حيّز الآخر، فالذال من حيّز الظاء والثاء، فلم يدغم لاختلاف الحيّزين واختلاف الحرفين في الجهر والهمس.
وحكى سيبويه أنهم قالوا: أخذت، فبيّنوا). [الحجة للقراء السبعة: 5/164]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة النبي صلى الله عليه وسلم: [جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يُنْقَضَ]، برفع الياء وبالضاد.
وقرأ: [يَنْقَاصُ] بالصاد غير معجمة، وبالألف -علي بن أبي طالب وعكرمة وأبو شيخ الهنائي ويحيى بن يعمر.
وفي قراءة عبد الله: [يُرِيدُ ليُنْقَضَ]، وكذلك روي عن الأعمش.
قال أبو الفتح: معناه: قد قارب أن يُنقض، أو شارف ذلك, وهو عائد إلى معنى يكاد، وقد جاء ذلك عنهم. وأنشد أبو الحسن:
كادَتْ وكدْتُ وتلكَ خَيْرُ إرادَةٍ ... لَوْ عادَ مِنْ لَهْوِ الصَّبابَةِ مَا مَضَى
وحَسُن هنا لفظ "الإرادة" لأنه أقوى في وقوع الفعل؛ وذلك لأنها داعية إلى وقوعه، وهي أيضا لا تصح إلا مع الحياة، ولا يصح الفعل إلا لذي الحياة. وليس كذلك كاد، لأنه قد يقارب الأمرَ ما لا حياة فيه، نحن مَمِيل الحائط وإشراق ضوء الفجر، فاعرف ذلك.
و[يَنْقَاصُ] مطاوع قِصْتُه فانْقَاصَ، أي: كسرتُه فانكَسَرَ. قال:
فِرَاقًا كَقَيْصِ السِّنِّ فالصَّبْرُ إنهُ ... لِكُلِّ أُناسٍ عثرةٌ وجُبُورُ
يجوز أن يكون جُبُورُ جمع جَبْرَة، كبَدْرَة وبُدُور، ومَأنَة ومُئُون. وقد قالوا: قِضْتُه فانْقَاضَ، أي: هَدَمْتُه فانْهَدَمَ، بالضاد معجمة. قال:
[المحتسب: 2/31]
كَأَنَّها هَدَمٌ في الجَفْرِ مُنْقَاضُ
وقَيْضُ البيضةِ: قِشْرُها الذي انفلق عن الفرخ.
وقراءة العامة: {يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} أشبه أولا منها بآخر؛ لأن الإرادة في اللفظ له، والانقضاض أيضا كذلك. وأما [يَنْقَضُّ] فيحتمل أمرين: أحدهما أن يكون ينفَعِل من القَضّة، وهي الحصا الصغار، وقال أبو زيد: يقال طعام قَضَضٌ: إذا كانت فيه القَضّة.
والآخر أن يكون يفعلّ من: نَقَضْت الشيء، كقراءة النبي صلى الله عليه وسلم: [يُرِيدُ أَنْ يُنْقَضَ]، ويكون يفعل هنا من غير الألوان والعيوب كيَزْوَرُّ ويَرْعَوِي، وقد مضى ذلك.
وقراءة عبد الله والأعمش: [يُرِيدُ ليُنْقَضَ] إن شئت قلت: إن اللام زائدةٌ، واحتججت فيه بقراءة النبي صلى الله عليه وسلم، وإن شئت قلتَ: تقديره: إرادته لكذا، كقولك: قيامه لكذا، وجلوسه لكذا، ثم وضع الفعل موضع مصدره، كما أنشد أبو زيد:
فَقَالُوا: مَا تَشَاءُ؟ فَقُلْتُ: أَلْهُو ... إلَى الإصْبَاحِ آثِرَ ذِي أَثِيرِ
أي: اللهو، فوضع "ألهو" موضع مصدره، وأنشد أيضا:
وَأَهْلَكَنِي لَكُمْ في كُلِّ يَوْمٍ ... تَعَوُّجُكُمْ عَلَيَّ وَأَسْتَقِيمُ
أي: واستقامتي، واللام هنا اللام في قوله:
أُرِيدُ لِأَنْسَى ذِكْرَهَا فَكَأنَما ... تَمَثَّلُ لِي لَيْلَى بِكُلِّ سَبِيلِ
[المحتسب: 2/32]
تحتمل اللام هنا الوجهين اللذين تقدم ذكرهما). [المحتسب: 2/33]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا} 77
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (لتخذت) بتخفيف التّاء وكسر الخاء وحجتهما أن أصل هذا الفعل من تخذ يتّخذ تخذا فالتاء فاء الفعل مثل تبع يتبع وأنشد أبو عمرو
[حجة القراءات: 425]
وقد تخذت رجلي إلى جنب غرزها
فقرأ أبو عمرو على أصل بنية الفعل من غير زيادة
وقرأ الباقون {لاتخذت} بفتح الخاء على افتعلت في هذه القراءة قولان أحدهما أن تكون التّاء الأولى أصليّة والتّاء الثّانية تاء زائدة في افتعل زائدة والأصل تخذ يتّخذ فلا نظر فيه أنه افتعل منه والقول الثّاني أن يكون اتخذ مأخوذا من أخذ والفاء همزة فإذا بني منه افتعل شابه افتعل من وعد فيصير ائتخذ يأتخذ ائتخاذا كما تقول ايتعد ياتعد ايتعادا فهو موتعد ثمّ تقول اتعد يتعدّ اتعادا كذلك اتخذ يتّخذ اتخاذا فأبدلوا من مكان الهمزة تاء كما جرت مجرى الواو في التثقيل والأصل إأتخذ فاجتمع همزتان فقلبت الثّانية ياء لسكونها وانكسار ما قبلها فصارت إيتخذ ثمّ أبدلوا من الياء تاء ثمّ أدغموا في التّاء الّتي بعدها فقالوا اتخذ يتّخذ فهو متخذ). [حجة القراءات: 426]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (47- قوله: {لتخذت} قرأه ابن كثير وأبو عمرو بتخفيف التاء، وكسر الخاء مثل «لفعلت» ومثل «لعلمت» وقرأ الباقون بتشديد التاء، وفتح الخاء مثل «لافتعلت» ومثل «لاكتسبت».
وحجة من قرأ بالتخفيف أنه جعله من «تخذت اتخذ» على وزن «فعلت أفعل» فأدخل اللام التي هي لجواب «لو» على التاء التي هي فاء الفعل، حكى أهل اللغة عن العرب: تخذت أتخذ تخذًا، حكاه أبو زيد وغيره، وحكى سيبويه: استخذ فلانًا أرضًا، وفسره أنه أراد: اتخذ، فأبدل من التاء الأولى سينًا، فيكون «اتخذ» افتعل و«افتعل» مطاوع «فَعِل أو فعَل» فدلّ على أن الثلاثي «تخذ» ويجوز أن يكون «استخذ» استفعل على تقدير حذف التاء التي هي فاء.
48- وحجة من شدد أنه بناه على «افتعل» حكاه أبو زيد وغيره، وكان ابن كثير وحفص، يظهران الذال، وباقي القراء على الإدغام، وقيل: هو من «أخذ» بني على «افتعل» من «أخذ» فصار «أيتخذ» فأبدل من الهمزة الساكنة ياء، ثم أدغمت الياء في التاء، لغة معروفة، لئلا تتغير الهمزة في البدل في الماضي والمستقبل واسم الفاعل، فأبدلوا من الياء حرفا من جنس ما بعدها، وهو تاء، فأدغموا التاء في التاء، كما قالوا في «افتعل» من الوزن والوعد اتّزن واتّعد، وأصله: ايتزن وايتعد، ثم أبدلوا من الياء تاء، وأدغموا التاء في التاء، وأصل الياء واو فيهما، وأصل الياء في «اتخذ» همزة على هذا القول فاعرفه.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/70]
49- وحجة من أدغم تقارب مخارج هذه الحروف، وأن لام المعرفة تُدغم في الذال والتاء، فلما اشتركا في إدغام لام المعرفة فيهما، وتقاربت مخارجهما، وكانا من كلمة مع خفة الإدغام، حسن الإدغام، وفيه ضعف لنقل الأول إلى أضعف من حالته مع الإظهار؛ لأنه مجهور، فإذا أدغمت صار مهموسًا، لكن أكثر القراء عليه لخفته، ولأنهما من كلمة، ألا ترى أن نافعًا وأبا بكر وابن ذكوان أظهروا الذال عند التاء، في كلمتين، لانفصال أحد الحرفين من الآخر، وأدغموها في التاء في كلمة نحو {اتخذتم} لاتصال الحرفين.
50- وحجة من أظهر الذال أنه حرف مجهور، قوي بالجهر، والتاء حرف مهموس ضعيف بالهمس، فلو أدغم الذال لأبدل منها حرفا أضعف منها في الصفة، وإنما يحسن الإدغام، إذا نُقل الحرف الأول إلى أقوى حالة من حالته في الإظهار، أو إلى مثل حالته مع تقارب المخارج، وقد تقدم الكلام على هذا بأشبع من هذا في أبواب الإدغام، وما عليه الجماعة أحب إلي، وقد مضى ابن كثير وحفص على أصلهما فأظهرا «فنبذتها وعُذت» كما أظهرا {اتخذت}، ومضى أبو عمرو وحمزة والكسائي فيها كلها على الإدغام، ومضى نافع وأبو بكر وابن عامر على الإدغام في {اتخذت}، والإظهار في {فنبذتها} و{عُذت} ولا فرق بينهما غير الجمع بين اللغتين، فمن أظهر فعلى الأصل، ولئلا ينقل الذال إلى ضعف، ومن أدغم فلاتصالهما في كلمة، ولاشتراكهما في إدغام لام التعريف فيهما. وقد مضى الكلام على هذا بعلله). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/71]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (34- {لَتَخِذْتَ} [آية/ 77] مخففة التاء، مكسورة الخاء:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب.
وقرأ الباقون {لَاتَّخَذْتَ} مشددة التاء، مفتوحة الخاء.
والوجه أن اتخذ على افتعل، وتخذ على فعل، وكلاهما واحدٌ في
[الموضح: 793]
المعنى، يقال اتخذتُ مالًا أتخذه اتخاذًا وتخذته أتخذه تخذًا على فعلٍ بفتح العين، وقال الشاعر:
84- وقد تخذت رجلي إلى جنب غرزها = نسيفًا كأفحوص القطاة المطرق
وأظهر ابن كثير و-ص- عن عاصم الذال، وكذلك يعقوب هذا الحرف وحده.
والوجه أن لكل واحد الذال والتاء حيزًا غير حيز صاحبه، فالذال من حيز الظاء، والتاء من مخرج الطاء، وهما متغايران، فلم يُدغم أحدهما في الآخر لتغايرهما.
وأدغم الباقون الذال في التاء.
والوجه أنهما متقاربتا المخرجين، فلتقارب المخرجين جاز الإدغام). [الموضح: 794]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:08 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة