العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 03:29 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[من الآية (142) إلى الآية (144) ]

{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143) قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)}

قوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ما ولّاهم عن قبلتهم... (142).
قرأ حمزة والكسائي: (ما ولّيهم) ممالًا.
ورواه أبو بكر عن عاصم بالإمالة أيضًا.
وفخّمه الباقون.
قال أبو منصور: هما لغتان، والتفخيم أفصحهما). [معاني القراءات وعللها: 1/181]

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لرءوفٌ رحيمٌ (143).
قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وحفص: (لرءوفٌ) بوزن رعوف في كل القرآن.
وقرأ الباقون: (لرءوفٌ) بوزن رعف
قال أبو منصور: هما لغتان، ورءوفٌ على (فغول) أشبه بالصفات). [معاني القراءات وعللها: 1/181]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في قوله عز وجل: لرؤفٌ [البقرة/ 143].
فقرأ ابن كثير ونافع وحفص عن عاصم: لرؤفٌ على وزن: «لرعوف» في كل القرآن، وكذلك ابن عامر.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر، وأبو عمرو وحمزة والكسائي: لرؤف على وزن «لرعف».
قال أبو زيد: رأفت بالرجل أرأف به رأفة ورآفة، ورؤفت به أرؤف به، كلّ من كلام العرب.
قال أبو علي: وجه قراءة من قرأ: رؤف أن فعولًا بناء أكثر في كلامهم من فعل، ألا ترى أن باب ضروب وشكور أكثر من باب حذر، وحدث، ويقظ، وإذا كان أكثر على ألسنتهم كان أولى مما هو بغير هذه الصفة. ويؤكد ذلك أن هذا البناء قد جاء عليه من صفات، غير هذا الحرف نحو: غفور وشكور، ولا نعلم فعلا فيها. وقال:
[الحجة للقراء السبعة: 2/229]
نطيع إلهنا ونطيع ربّا... هو الرّحمن كان بنا رءوفا
ومن قرأ: رؤف فقد زعموا أن ذلك الغالب على أهل الحجاز، قالوا: ومنه قول الوليد بن عقبة [بن أبي معيط لمعاوية بن أبي سفيان]:
وشرّ الطالبين فلا تكنه... يقاتل عمّه الرّؤف الرحيما
وقد اتّسع ذلك حتى قاله غيرهم. وقال جرير:
ترى للمسلمين عليك حقّا... كفعل الوالد الرّؤف الرحيم). [الحجة للقراء السبعة: 2/230]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الزهري: [إلا لِيُعْلَم من يتبع الرسول] بياء مضمومة وفتح اللام.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون يُعلم هنا بمعنى يعرف؛ كقوله: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ
[المحتسب: 1/111]
اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ} أي: عرفتم، وتكون "مَن" بمعنى الذي؛ أي: ليُعرف الذي يتبع الرسول، ولا تكون "مَن" هاهنا استفهامًا؛ لئلا يكون الكلام جملة، والجمل لا تقوم مقام الفاعل؛ ولذلك لم يجيزوا أن يكون قوله: "هذا باب علم ما الكلم" أي: أي شيء الكلم، وعلم في معنى: أن يُعلَم، وقد ذكرنا ذاك هناك). [المحتسب: 1/112]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الزهري: [لرَوُوف] بلا همز، ويُثقِّل.
قال أبو الفتح: ينبغي أن تكون الهمزة فيه مخففة، فلما أخفاها التخفيف ظُنت واوًا للطف هذا الموضع أن تضبطه القراء؛ وذلك أنا لا نعرف في غير هذه اللفظة إلا الهمز، يقال: رؤُف به، ورأَف به، ورئِف، ولم نسمع فيه راف ولا رُفْتُ، والهمزة إذا خففت في نحو هذا لم تبدل، وإنما تُخْفَى، كقولك في سئول فعول من سألت: سَوُول، فاعرف ذلك). [المحتسب: 1/114]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إن الله بالنّاس لرؤوف رحيم}
قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائيّ وأبو بكر {إن الله بالنّاس لرؤوف} على وزن رعف وحجتهم أن هذا أبلغ في المدح كما تقول رجل حذق ويقظ للمبالغة قال الشّاعر
يرى للمسلمين عليه حقًا ... كفعل الوالد الرؤف الرّحيم
وقرأ الباقون {لرؤوف} على وزن فعول وحجتهم في ذلك أن أكثر أسماء الله على فعول وفعيل مثل غفور وشكور ورحيم وقدير قال الشّاعر
نطيع نبينا ونطيع ربًّا ... هو الرّحمن كان بنا رؤوفا). [حجة القراءات: 116]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (75- قوله: {لرؤوف} قرأه الحرميان وحفص وابن عامر بواو بعد الهمزة، وقرأه الباقون بغير واو، وهما لغتان، يأتي اسم الفاعل على «فعول»
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/266]
وعلى «فعل» لكن باب «فعول» أكثر من باب «فعل» في الاستعمال، يقول: رجل ضروب وشكور، فهو أكثر من قولك: رجل حذر، والقراءتان متوازنتان، لكن حذف الواو أخف في القراءة وإثباتها أكثر في الاستعمال لنظائره). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/267]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (50- {لَرَءُوفٌ} [آية/ 143]:-
بواو بعد الهمزة على فعول، قرأها ابن كثير ونافع وابن عامر و- ص- عن عاصم.
[الموضح: 303]
وذلك أن فعولاً أكثر في كلام العرب من فعل، فإن باب شكور أشهر عندهم من باب يقظ، ألا ترى أنه قد جاء في باب فعول ما لا يعرف فعل فيه نحو غفور وشكور، لا تقول غفر وشكر مثل يقظ.
وقرأ الباقون {لَرَؤُوفٌ} بغير واو بعد الهمز في جميع القرآن على مثال يقظ وحذر.
وهذه لغة فاشية في أهل الحجاز، أعني في هذه الكلمة وهي الغالبة عليهم). [الموضح: 304]

قوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)}
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإن الّذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عمّا يعملون}
قرأ ابن عامر وحمزة والكسائيّ {وما الله بغافل عمّا يعملون} بالتّاء وحجتهم قوله قبلها {وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} فكان ختم الآية بما افتتحت به من الخطاب عندهم أولى من العدول عن الخطاب إلى الغيبة
[حجة القراءات: 116]
وقرأ الباقون بالياء وحجتهم قوله {وإن الّذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم} والكلام خبر عنهم). [حجة القراءات: 117]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (79- قوله: {يعملون} «144»، {ولئن أتيت} «145» قرأه ابن
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/267]
عامر وحمزة والكسائي بالتاء، وقرأه الباقون بالياء.
ووجه القراءة بالتاء أنه أجراه على المخاطبة التي قبله في قوله: {وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وما الله بغافل عما تعملون}، أي: من توليتكم.
80- ووجه القراءة بالياء أنه أجراه على ما قرب منه، من لفظ الغيبة في قوله: {وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون} ثم قال: {وما الله بغافل عما يعملون} أي عما يعمل الذين أوتوا الكتاب في أمر القبلة، وقراءة أيضًا ما بعده في قوله: {ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب} «145» وقوله: {ما تبعوا قبلتك}، وقوله: {وما أنت بتابع قبلتهم – ولئن اتبعت أهواءهم} فكله أتى على لفظ الغيبة، فحمل «يعملون» عليه، والتقدير: وما الله بغافل عما يعملون، ولئن أتيتهم بكل آية ما تبعوا قبلتك، يعني بذلك كله اليهود، وهم غيب، والياء في ذلك كله الاختيار، لتطابق الكلام من قبل ومن بعد، على لفظ الغيبة، ولأن المراد بذلك كله اليهود، وهم غُيب، ولما قدّمنا من اختيار الياء إذا وقع الاختلاف على الياء والتاء في قول ابن مسعود وابن عباس). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/268]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (81- قوله: {تعملون. ومن حيث} قرأه أبو عمرو بالياء، وقرأ الباقون بالتاء.
82- ووجه القراءة بالياء أنه أجراه على لفظ الغيبة والإخبار عن اليهود الذين يخالفون النبي في القبلة وهم غُيب، فالتقدير: ول وجهك يا محمد نحو المسجد الحرام، وما الله بغافل عما يعمل من يخالفك من اليهود في القبلة.
83- ووجه القراءة بالتاء أنه مردود على ما قبله، من الخطاب للنبي عليه السلام وأصحابه، في قوله: {فول وجهك}، والمعنى: فولوا وجوهكم شطر
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/268]
المسجد الحرام، وما الله بغافل عما تعملون، أيها المؤمنون من توليتكم نحو المسجد الحرام، وأيضًا فإن بعده مخاطبة أخرى في قوله: {فولوا وجوهكم شطره} وقوله: {عليكم حجة}، وقوله: {فلا تخشوهم}، وقوله: {ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون}، فكله خطاب، فحمل «تعملون» عليه في الخطاب للحمل على ما قبله وما بعده، من المخاطبة، وهو الاختيار، للإجماع عليه، ولأنه أحسن مطابقة لما قبله وما بعده). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/269]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 03:39 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[من الآية (145) إلى الآية (148) ]

{وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (145) الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (147) وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)}


قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (145)}

قوله تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)}

قوله تعالى: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (147)}

قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (مولّيها... (148).
قرأ ابن عامر وحده: (هو مولّاها). وقرأ الباقون: (هو مولّيها).
من قرأ: (هو مولّيها) فمعناه: مستقبلها، كأنه قال: هو موليها وجهه.
وقال أحمد بن يحيى: التولية ها هنا: إقبال.
وقال الزجاج: قال قوم:
[معاني القراءات وعللها: 1/181]
هو موليها: إن الله يولي أهل كل ملة القبلة التي يريد.
قال: ومن قرأ: (هو مولّاها) فالمعنى: لكل إنسان قبلة ولّاه الله إياها، وهي قراءة ابن عباس وأبي جعفر محمد بن علي، والقراءتان جيدتان، وموليها أكثر وأفصح). [معاني القراءات وعللها: 1/182]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح اللام وكسرها من قوله جل وعز: هو مولّيها [البقرة/ 148].
فقرأ ابن عامر وحده: هو مولاها بفتح اللام.
وقرأ الباقون بكسر اللام.
قال أبو علي: قال تعالى: فلنولّينّك قبلةً ترضاها [البقرة/ 144] يقال: ولّيتك القبلة إذا صيّرتك تستقبلها
[الحجة للقراء السبعة: 2/230]
بوجهك. وليس هذا المعنى في فعلت منه، ألا ترى أنك إذا قلت: وليت الحائط، ووليت الدار، لم يكن في فعلت منه دلالة على أنك واجهته. كما أن في قولك: ولّيتك القبلة، وولّيتك المسجد الحرام دلالة على أن المراد واجهته، ففعّلت في هذه الكلمة ليس بمنقول من فعلت الذي هو وليت، فيكون على حدّ قولك: فرح وفرّحته، ولكنّ هذا المعنى الذي هو المواجهة عارض في فعّلت، ولم يكن في فعلت. وإذا كان كذلك كان فيه دلالة على أن النقل لم يكن من فعلت، كما كان قولهم: ألقيت متاعك بعضه على بعض، لم يكن النقل فيه من لقي متاعك بعضه بعضاً، ولكنّ ألقيت كقولك:
أسقطت، ولو كان منه زاد مفعول آخر في الكلام، ولم يحتج في تعديته إلى المفعول إلى حرف الجر وإلحاقه المفعول الثاني في قولك: ألقيت بعض متاعك على بعض، كما لم يحتج إليه في:
ضرب زيد عمراً، وأضربته إياه، ونحو ذلك، فكذلك: ولّيتك قبلة، من قولك: وليت كألقيت، من قولك: لقيت وقال تعالى: فلنولّينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام [البقرة/ 144].
فهذا على المواجهة له، ولا يجوز على غير المواجهة مع العلم أو غلبة الظن التي تنزّل منزلة العلم في تحري القبلة، وقد جاءت هذه الكلمة مستعملة على خلاف المقابلة والمواجهة وذلك في نحو قوله جل وعز: ثمّ تولّيتم إلّا قليلًا منكم وأنتم معرضون [البقرة/ 83]
[الحجة للقراء السبعة: 2/231]
، ثمّ تولّيتم من بعد ذلك فلولا فضل اللّه عليكم ورحمته [البقرة/ 64]. عبس وتولّى أن جاءه الأعمى [عبس/ 1] أي: أعرض عنه، وقال تعالى:
وتولّى عنهم وقال: يا أسفى على يوسف [يوسف/ 84] فأعرض عن من تولّى عن ذكرنا [النجم/ 29] فهذا مع دخول الزيادة الفعل وفي غير الزيادة قوله: ثمّ ولّيتم مدبرين [التوبة/ 25] والحال مؤكّدة لأن في وليتم دلالة على أنهم مدبرون، فهذا على نحوين: أما ما لحق التاء أوله، فإنه يجوز أن يكون من باب: تحوّب وتأثّم إذا ترك الحوب والإثم، وكذلك إذا ترك الجهة التي هي المقابلة، ويجوز أن تكون الكلمة استعملت على الشيء وعلى خلافه، كالحروف المروية في الأضداد. فأما قوله تعالى: وإن يقاتلوكم يولّوكم الأدبار [آل عمران/ 111] وقوله: ولئن نصروهم ليولّنّ الأدبار ثمّ لا ينصرون [الحشر/ 12] وقوله: سيهزم الجمع ويولّون الدّبر [القمر/ 45] فهذا منقول من فعل، تقول: داري تلي داره، ووليت داري داره، وإذا نقلته إلى فعّل قلت: وليت مآخيره، وولّاني مآخيره، ووليت ميامنه. وولّاني ميامنه، فهو مثل: فرح وفرّحته،
وليس مثل: لقي وألقيته، وقوله تعالى: ليولّنّ الأدبار [الحشر/ 12] ويولّون الدّبر [القمر/ 45] المفعول الثاني الزائد في نقل «فعل» إلى «فعّل» محذوف فيه، ولو لم يحذف كان كقوله: يولّوكم الأدبار [آل عمران/ 111]
[الحجة للقراء السبعة: 2/232]
وقوله تعالى: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعضٍ [التوبة/ 71] المعنى فيه: أن بعضهم يوالي بعضاً، ولا يبرأ بعضهم من بعض، كما يبرءون ممن خالفهم وشاقّهم، ولكنهم يد واحدة في النصرة والموالاة، فهم أهل كلمة واحدة لا يفترقون فرقة مباينة ومشاقّة، ومن ثمّ قالوا في خلاف الولاية:
العداوة، ألا ترى أنّ العداوة من عدا الشيء: إذا جاوزه فمن ثمّ كانت خلاف الولاية.
فأمّا قوله عزّ وجلّ وإن تلووا أو تعرضوا [النساء/ 135] فيمن قرأ تلووا فمعناه والله أعلم: الإقبال عليهنّ والمقاربة لهنّ في العدل في قسمهنّ، ألا ترى أنه قد عودل بالإعراض في قوله تعالى: أو تعرضوا فكأنّ قوله تعالى: (إن تلوا) كقوله: إن أقبلتم عليهنّ، ولم تعرضوا عنهنّ.
فإن قلت: فهل يجوز أن يكون في تلووا دلالة على المواجهة فتجعل قوله: فلنولّينّك منقولًا من هذا، فمن ثمّ اقتضى المواجهة، وتستدلّ على ذلك بمعادلته لخلافه الذي هو الإعراض؟
فالقول: إن ذلك في هذه الكلمة ليس بالظاهر، ولا في الكلمة دلالة على هذه المخصوصة التي جاءت في قوله:
فلنولّينّك قبلةً ترضاها [البقرة/ 144] وإذا لم تكن عليها دلالة، لم تصرفها عن الموضع الذي جاءت فيه، فلم تنفذها إلى سواها.
[الحجة للقراء السبعة: 2/233]
فأما قوله عز وجل: أولى لك فأولى [القيامة/ 34] فقد كتبناه في «كتاب الشعر» وقوله: يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا اللّه ورسوله ولا تولّوا عنه وأنتم تسمعون [الأنفال/ 20] فالضمير في عنه إذا جعلته للرسول، احتمل أمرين: لا تولّوا عنه:
لا تنفضّوا عنه كما قال تعالى: انفضّوا إليها وتركوك قائماً [الجمعة/ 11] وقال سبحانه: وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ لم يذهبوا حتّى يستأذنوه [النور/ 62] وقال عز اسمه: قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم لواذاً [النور/ 63] وعلى هذا المعنى قوله تعالى: بعد أن تولّوا مدبرين [الأنبياء/ 57] أي: بعد أن تتفرقوا عنها. ويكون:
لا تولّوا عنه لا تعرضوا عن أمره: وتلقّوه بالطاعة والقبول، كما قال: فليحذر الّذين يخالفون عن أمره [النور/ 63] وزعموا أن بعضهم قرأ: ولا تولّوا عنه واللفظتان تكونان بمعنى واحد، قال تعالى: ولّى مدبراً ولم يعقّب [القصص/ 31] وقال: ثمّ ولّيتم مدبرين [التوبة/ 25] وقال: فأعرض عن من تولّى عن ذكرنا [النجم/ 29] وقال فتولّوا عنه مدبرين [الصافات/ 90]. وقوله: واللّه وليّ المؤمنين [آل عمران/ 68] أي ناصرهم، ومثله في أنّ المعنى فيه النّصرة قوله: فإنّ اللّه هو مولاه [التحريم/ 4] أي ناصره. وكذلك قوله: ذلك بأنّ اللّه مولى الّذين آمنوا، وأنّ الكافرين لا مولى لهم [محمد/ 11]
[الحجة للقراء السبعة: 2/234]
أي: لا ناصر لهم؛ ومعنى المولى من النّصرة؛ من ولي عليه: إذا اتصل به ولم ينفصل عنه. وعلى هذا قوله تعالى: إنّ اللّه معنا [التوبة/ 40] أي: ناصرنا، وكذلك قوله: فاذهبا
بآياتنا إنّا معكم
[الشعراء/ 15] في موضع آخر إنّني معكما [طه/ 46] وعلى هذا المعنى قولهم:
صحبك الله.
وروينا عن ابن سلّام عن يونس قال: المولى: له في كلام العرب مواضع منها: المولى من الدّين، وهو الوليّ، وذلك قوله: ذلك بأنّ اللّه مولى الّذين آمنوا وأنّ الكافرين لا مولى لهم [محمد/ 11] أي: لا وليّ. ومنه قوله: فإنّ اللّه هو مولاه [التحريم/ 4]، ومنه
قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «من كنت مولاه فعليّ مولاه»
أي: وليّه.
وقوله: «مزينة وجهينة وأسلم وغفار موالي الله ورسوله»
قال العجّاج:
الحمد لله الذي أعطى الظّفر موالي الحقّ إن المولى شكر أي: أولياء الحقّ.
[الحجة للقراء السبعة: 2/235]
ومنها العصبة، وبنو العمّ هم الموالي، قال تعالى: وإنّي خفت الموالي من ورائي [مريم/ 5] أي العصبة. وقال الزّبرقان:
ومن الموالي موليان فمنهما... معطي الجزيل وباذل النّصر
ومن الموالي ضبّ جندلة... لحز المروءة
ظاهر الغمر الغمر: العداوة.
وقال آخر:
ومولى كداء البطن لو كان قادراً... على الدّهر أفنى الدّهر أهلي وماليا
وقال آخر:
ومولى قد رعيت الغيب منه... ولو كنت المغيّب ما رعاني
وقال اللهبيّ الفضل بن عباس لبني أمية:
مهلا بني عمّنا مهلًا موالينا... امشوا رويدا كما كنتم تكونونا
الله يعلم أنا لا نحبّكم... ولا نلومكم أن لا تحبّونا
[الحجة للقراء السبعة: 2/236]
وكان الزّبرقان بن بدر تكثّر في مواليه وبني عمّه فقال رجل من بني تميم:
ومولى كمولى الزبرقان ادّملته... كما ادّمل العظم المهيض من الكسر
ومن انضمّ إليك فعزّ بعزّك، وامتنع بمنعتك أو بعتق، وبهذا سمّي المعتقون: موالي. قال الراعي:
جزى الله مولانا غنياً ملامة... شرار موالي عامر في العزائم
نبيع غنيّاً رغبة عن دمائها... بأموالها بيع البكار المقاحم
البكار: الصغيرة، والمقاحم: التي لم تقو على العمل.
وغنيّ: حلفاء بني عامر، قال الأخطل لجرير:
أتشتم قوماً أثّلوك بنهشل... ولولاهم كنتم كعكل مواليا
وعكل من الرّباب حلفاء بني سعد.
وقال الفرزدق لعبد الله بن أبي إسحاق النحوي، وكان
[الحجة للقراء السبعة: 2/237]
مولى لحضرمي، وبنو الحضرميّ حلفاء بني عبد شمس بن عبد مناف:
فلو كان عبد الله مولى هجوته... ولكنّ عبد الله مولى مواليا
الإعراب:
قوله عزّ وجلّ: ولكلٍّ وجهةٌ هو مولّيها [البقرة/ 148] موضع الجملة رفع لكونها وصفاً للوجهة، فمن قرأ: هو مولّيها؛ فالضمير الذي هو هو لاسم الله تعالى، تقديره: ولكلّ وجهة، الله مولّيها. ومعنى توليته لهم إياها: إنما هو أمرهم بالتوجّه نحوها في صلاتهم إليها، يدلّك على ذلك قوله تعالى: فلنولّينّك قبلةً ترضاها [البقرة/ 144]، فكما أنّ فاعل، نولّينّك الله عزّ وجلّ، فكذلك الابتداء في قوله: هو مولّيها ضمير اسم الله تعالى، والتقدير: الله مولّيها إياه، ف «إياه» المراد المحذوف ضمير المولّى، وحذف المفعول الثاني لجري ذكره المظهر وهو كلّ في قوله: ولكلٍّ وجهةٌ فإذا قرئ: ولكل وجهة هو مولاها فالضمير لكلٍّ وقد جرى ذكره في قوله: ولكلٍّ وجهةٌ، وفي القراءة الأخرى لم يجر الذّكر، ولكن عليه دلالة، وقد استوفى الاسم الجاري على الفعل المبني للمفعول مفعوليه اللذين يقتضيهما، أحدهما:
[الحجة للقراء السبعة: 2/238]
الضمير المرفوع في مولّى، والآخر: ضمير المؤنّث، وهو الذي هو ضمير كلّ ابتداء وخبره مولّاها. ولو قرأ قارئ: ولكل وجهة هو مولاها فجعل هو ضمير ناس، أو قبيل، أو فريق، أو نحو ذلك فأضمر العلم به، كما أضمر اسم الله سبحانه، فيمن قرأ:
هو مولّيها لكان ذلك على ضربين: إن جعل الهاء لكلٍّ فأنّث كلا على المعنى، لأنّه في المعنى للوجهة كما قال:
وكلٌّ أتوه داخرين [النمل/ 87] فجمع على المعنى؛ فإنّ ذلك لا يجوز، لأن اسم المفعول قد استوفى مفعوليه اللذين يقتضيهما. فلا يكون حينئذ لكلٍّ وجهةٌ متعلّق، فبقيت اللام لا عامل فيها، وإن جعل الهاء في مولاها كناية عن المصدر الذي هو التولية؛ جاز، لأن الجارّ حينئذ يتعلق باسم المفعول الذي هو (مولي) كأنه قال: الفريق أو القبيل مولّى لكلّ وجهة تولية، واللام على هذا زيادة كزيادتها في:
ردف لكم [النمل/ 72] ونحوه.
وقد قلنا في هذه المسألة بعبارة أخرى في وقت آخر:
قوله جلّ وعزّ: ولكلٍّ وجهةٌ هو مولّيها هو: ضمير اسم الله سبحانه، فإذا كان كذلك فقد حذف من الكلام أحد مفعولي الفعل الذي يتعدّى إلى مفعولين في قوله عزّ وجلّ:
فلنولّينّك قبلةً ترضاها. التقدير: الله مولّيها إياه، وإيّاه ضمير كلّ الموجّه المولّى، وتولية الله إيّاه، إنّما هو بأمره له بالتوجّه إليها.
[الحجة للقراء السبعة: 2/239]
وقراءة ابن عامر مولاها تدلّك على ما ذكرنا من إرادة مفعول محذوف من الكلام، ألا ترى أنّه لما بنى الفعل للمفعول به، فحذف الفاعل أسند الفعل إلى أحد المفعولين، وأضاف اسم الفاعل إلى المفعول الآخر وهو ضمير المؤنث العائد إلى الوجهة، فقوله: هو على قراءته ضمير كلّ، أي كل ولّي جهة، وهذه التولية بأمر الله سبحانه إياهم بتوجّههم إليها، وقراءته في المعنى تؤول إلى قراءة من قرأ: هو مولّيها.
ألا ترى أنّ في مولّيها ضمير اسم الله عزّ وجلّ، فإذا أسند الفعل إلى المفعول به، وبناه له، ففاعل التولية هو الله تعالى كما كانت في القراءة الأخرى كذلك.
وقد قرئ فيما ذكر أبو الحسن: ولكلٍّ وجهةٌ هو مولّيها. فضمير المؤنث في قوله: مولّيها يحتمل أمرين:
أحدهما: أن يكون ضمير المصدر الذي هو التولية، وجاز إضمارها لدلالة الفعل عليها، كما جاز إضمار البخل في قوله تعالى: ولا يحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله هو خيراً لهم [آل عمران/ 180] أي: البخل. ويكون هو ضمير اسم الله تعالى. فيكون المعنى: الله مولّ لكلّ وجهة تولية، فأوصل الفعل باللام كما تقول: لزيد ضربت وإن كنتم للرّءيا تعبرون [يوسف/ 43].
والآخر: أن لا تجعل الهاء ضميراً للتولية، ولكن ضميراً لوجهة، فإذا جعلته كذلك لم يستقم، لأنّك إذا أوصلت الفعل
[الحجة للقراء السبعة: 2/240]
إلى المفعول الذي يقتضيه الفعل مرة لم توصله مرة أخرى إلى مفعول آخر- ألا ترى أنّك لو قلت: لزيد ضربته لم يجز أن تجعل الهاء ضمير زيد، لأنّك قد عدّيت إليه الفعل مرّة باللّام، فلا تعدّيه إليه مرة أخرى، كما لا يتعدّى الفعل إلى حالين، ولا اسمين للزمان، ولا نحو ذلك مما يقتضيه الفعل.
فأما قوله:
هذا سراقة للقرآن يدرسه فالهاء للمصدر ولا تكون للقرآن الذي تعدى إليه الفعل باللام، وقد تصحّ هذه القراءة على تقدير حذف المضاف، وهو أن تقدّر: ولكلّ ذوي وجهة هو مولّيها فيكون المعنى: الله مولّ لكلّ ذوي: وجهة؛ وجهتهم؛ فيكون في المعنى كقراءة من قرأ: ولكلٍّ وجهةٌ هو مولّيها، إذا قدّرت حذف المفعول الثاني الذى هو إياه، إلا أنّ المفعول الثاني المحذوف في قول من قرأ: ولكلٍّ وجهةٌ هو مولّيها مظهر في هذه القراءة، وهو قوله: ولكلٍّ وجهةٌ إذا قدّرته: ولكلّ ذوي وجهة، فيصير التقدير: الله مولّ كلّ ذوي وجهة وجهتهم. فكلّ هم المولّون، والهاء ضمير الجهة التي أخذوا بالتوجه إليها.
[الحجة للقراء السبعة: 2/241]
وما ذكرته من أنّ هو ضمير اسم الله تعالى، وإن لم يجر له ذكر، قول أبي الحسن. وقد روي عن مجاهد أنه قال:
أراد: ولكلّ صاحب ملّة وجهة، أي: قبلة هو مستقبلها، فالضمير عنده على هذا لكلّ.
وقد حكى أبو الحسن القولين جميعاً: أن يكون هو ضمير اسم الله تعالى، وأن يكون لكلّ. وجاء قوله: هو مولّيها فيمن ذهب إلى هذا القول على لفظ كل، ولو قيل:
هم مولّوها على المعنى، كما قال تعالى: وكلٌّ أتوه [النمل/ 87] كان حسناً. وقال بعضهم: اخترت مولّيها على مولّاها لأنه قراءة الأكثر، ولأنه إذا قرئ مولّاها ظنّ أن جميع ذلك شرعه الله لهم.
وقوله: مولاها اسم جار على فعل مبني للمفعول، ولم يسند إلى فاعل بعينه؛ فيجوز أن يكون فاعل التولية الله عزّ وجلّ، ويجوز أن يكون بدعة، حملهم عليها بعض رؤسائهم ومفتيهم، فليس إذا صرفه إلى أحد الوجهين، بأولى من صرفه إلى الآخر.
فأمّا قوله: وجهةٌ فقد اختلف أهل العربية فيها، فمنهم من يذهب إلى أنّه مصدر شذّ عن القياس فجاء مصححاً، ومنهم من يقول: إنه اسم ليس بمصدر جاء على أصله، وأنه لو
كان مصدراً جاء مصحّحاً، للزم أن يجيء فعله أيضاً
[الحجة للقراء السبعة: 2/242]
مصحّحا، ألا ترى أن هذا المصدر إنما اعتلّ على الفعل حيث كان عاملًا عمله؛ وكان على حركاته وسكونه؟ فلو صحّ لصحّ الفعل، لأن هذه الأفعال المعتلات، إذا صحت في موضع تبعها باقي ذلك، وفي أن لم يجيء شيء من هذه الأفعال مصحّحا دلالة على أن وجهةٌ إنما صحّ من حيث كان اسماً للمتوجّه، لا كما رآه أبو عثمان من أنّه مصدر جاء على الأصل، وما شبّهه به من «ضيون وحيوة وبنات ألببه» لا يشبه هذا، لأن ذلك ليس شيء منه جارياً على فعل كالمصدر.
فإن قيل: فيما استدللنا به من أنّ الفعل إذا اعتلّ وجب اعتلال مصدره، أليس قد جاء القول والبيع صحيحين؛ وأفعالهما معتلّة؛ فما ننكر أن يصحّ: وجهةٌ، وإن كان فعله معتلًا؟.
قيل: إن القول والبيع لا يدخل على هذا، ألا ترى أنّ وجهةٌ على وزن الفعل، وليس القول والبيع كذلك؟ والموافقة في الوزن توجب الإعلال، ألا ترى «بابا وعاباً». لمّا وافقا بناء الفعل أعلّا، ولم يعلّ نحو عيبة وعوض وحول؟ فالقول والبيع ليسا على وزن شيء من الأفعال فيلحقهما اعتلالها.
على أن للقائل أن يقول: إن القول والبيع ونحوهما، لما سكنا أشبها بالإسكان المعتلّ، إذ الاعتلال قد يكون بالسكون يدلك على ذلك أنهم أعلّوا نحو: سياط وحياض، وإن صحت الآحاد
[الحجة للقراء السبعة: 2/243]
منها بحيث كانا في السكون في الواحد بمنزلة المعتل نحو:
«ديمة وديم» فكما جرى ما ذكرنا مجرى المعتلّ للسكون، كذلك يجري: قول وبيع مجرى ذلك، وقد قالوا: وجّه الحجر جهة ماله» فجاء المصدر بحذف الزيادة، وكأنّ «ما» زائدة، والظّرف وصف للنكرة، ولزمت الزيادة كما لزمت في: آثرا ما، ونحوه). [الحجة للقراء السبعة: 2/244]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولكل وجهة هو موليها}
قرأ ابن عامر (هو مولاها) بفتح اللّام أي هو موجهها وحجته أنه قدر له أن يتولاها ولم يسند إلى فاعل بعينه فيجوز أيكون هو كناية عن الاسم الّذي أضيفت إليه كل وهو الفاعل ويجوز أن يكون فاعل التّولية الله وهو كناية عنه والتّقدير ولكل ذي ملّة قبلة الله موليها وجهه ثمّ رد ذلك إلى ما لم يسم فاعله
وقرأ الباقون {هو موليها} أي متبعها وراضيها وحجتهم ما قد جاء في التّفسير عن مجاهد {ولكل وجهة هو موليها} أي لكل صاحب ملّة وجهة أي قبلة هو موليها هو مستقبلها قوله {هو موليها} هو كناية عن الاسم الّذي اضيفت إليه كل في المعنى لأنّها وإن كانت منونة فلا بد من أن تسند إلى اسم). [حجة القراءات: 117]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (76- قوله: {هو موليها} قرأه ابن عامر بالألف بعد اللام، وقرأ الباقون بالياء.
77- ووجه القراءة بالألف أنه جعل الفعل للمفعول، فهو فعل لم يُسم فاعله، فعدى الفعل إلى مفعولين: الأول قام مقام الفاعل، مستتر في «موليها» وهو ضمير «هو» والثاني الهاء في «موليها»، تعود على الوجهة، أي: الله يوليه إياها، والهاء والألف لوجهة، والتقدير: ولكل فريق وجهة الله موليها إياه، ويجوز أن يكون الضمير المرفوع لكبرائهم وساداتهم، هم يولونهم إياها، كما قال عنهم: {إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا} «الأحزاب 67» وبالألف قرأ ابن عباس وأبو رجاء.
78- ووجه القراءة بالياء أنه بنى الفعل للفاعل، وهو الله جل ذكره، والمفعول الثاني محذوف تقديره: ولكل فريق وجهة الله موليها إياه، فالقراءتان ترجعان إلى معنى، ودل على ذلك قوله: {فلنولينك قبلة ترضاها} «144» ويجوز في هذه القراءة، أن يكون الضمير المرفوع، ويكون التقدير: هو موليها نفسه، وحسن حذف المفعول الثاني، لتقدم ذكره في أول الكلام، والاختيار القراءة بالياء لإجماع القراء على ذلك، وعليه قراءة العامة في الأمصار). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/267]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (51- {هُوَ مُوَلاّها} [آية/ 148]:-
بالألف، قرأها ابن عامر وحده.
ووجه ذلك أن قوله {هُوَ} راجع إلى {كلّ}، والتقدير: الكل مولى إياها؛ لأنه يقال: وليت فلانًا الجهة فهو مولى إياها، فالمفعول الأول هو الضمير المرفوع في: مولى، والثاني هو ضمير المؤنث المضاف إليه.
وقرأ الباقون {مُوَلِّيها} بالياء، وقوله {هُوَ} ضمير اسم الله تعالى، والتقدير: ولكل وجهة الله موليها إياه، فحذف المفعول الثاني لجري ذكره وهو {كلّ}، وجاز إ1مار اسم الله تعالى، وإن لم يجر له تعالى ههنا الذكر للعلم به). [الموضح: 304]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 03:40 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[من الآية (149) إلى الآية (152) ]

{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150) كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)}

قوله تعالى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149)}
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإنّه للحق من ربك وما الله بغافل عمّا تعملون ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام}
قرأ أبو عمرو (وما الله بغافل عمّا يعملون ومن حيث) بالياء وحجته قوله قبلها {يعرفونه كما يعرفون أبناءهم}
وقرأ الباقون بالتّاء وحجتهم قوله وإنّه للحق من ربك). [حجة القراءات: 117]

قوله تعالى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (قوله جلّ وعزّ: (لئلّا يكون... (150)
اتفقوا على همز (لئلّا)، إلا ما روى ورش على نافع: (ليلّا) غير مهموز، كذلك قال أحمد بن صالح ويونس عن ورش.
قال أبو منصور: الاختيار (لئلّا) بالهمز، لأن الأصل (لأن لا)، فأدغمت النون في اللام، والهمزة على حالها، لئلّا يحل بالحرف حذف حرفين. وما روي عن نافع فهو جائز على تليين الهمزة). [معاني القراءات وعللها: 1/182]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في همز لئلّا [البقرة/ 150].
فروي عن نافع أنه لم يهمزها، والباقون يهمزون.
قال أبو علي: تخفيف الهمزة في لئلّا أن تخلص ياء، ولا يجوز أن تجعل بين بين، ألا ترى أنه بمنزلة «مئر» جمع: مئرة. من قولك مأرت بين القوم: إذا أفسدت.
وقد تقدّم ذكر طرف من ذلك في قوله عز وجلّ: كما سئل موسى من قبل [البقرة/ 108] ). [الحجة للقراء السبعة: 2/244]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة زيد بن علي عليه السلام: [أَلَا الَّذِينَ ظَلَمُوا] بفتح الهمزة خفيفة اللام، تنبيه.
[المحتسب: 1/114]
قال أبو الفتح: وجهه أن الوقوف في هذه القراءة على قوله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} ثم استأنف مُنبِّهًا فقال: [أَلَا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي]، كقولك مبتدئًا: ألا زيد فأعرض عنه وأقبل عليَّ، وكأنه -عليه السلام- إنما رأى لقول الله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} ؛ فلو قال: {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا} لم يقوَ معناه عنده؛ لأنه لا حجة للظالمين على المطيعين، والذي يقوِّي قراءة الجماعة قوله تعالى: {وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ} فهو معطوف على قوله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} {وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ} . وإذا كان عطفًا عليه فأن يكون فهي عقد واحد معه أولى من أن يتراخى عنه، ويكون قوله على هذا: {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} استثناء منقطعًا؛ أي: لكن الذين ظلموا منهم يعتقدون أن لهم حجة عليكم، فأما في الحقيقة وعند الله تعالى فلا.
فإن قلت: فقد فَصَل بقوله: {فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي} ثم عطف بقوله: {وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ}، وقد كرهت الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه.
قيل: لما كان الأمر للمسلمين بترك خشية الظالمين إنما هو مسبب عن ظلمهم اتصل به اتصال المسبَّب بسببه، فجرى مجرى الجزء من جملته، وليس كذلك استئناف التنبيه بأَلَا، ألا تراها إنما تقع أبدًا في أول الكلام ومرتجلة؟ فاعرف ذلك فرقًا). [المحتسب: 1/115]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (84- قوله: {لئلا} قرأه ورش بياء مفتوحة، هي بدل من همزة مفتوحة لانكسار ما قبلها، فهي بمنزلة الثانية في قوله: {من الشهداء أن تضل} «البقرة 282» واعتد باللام وبحركتها، فسهل الهمزة على حكمها، وقرأه الباقون بالهمز على الأصل؛ لأنها «أن» الناصبة للفعل، دخلت عليها اللام، فهي في تقدير المبتدأ بها، لأن اللام زائدة، وحق الهمزة المبتدأ بها التحقيق، فأجروها على التحقيق لذلك وهو الاختيار، لأنه الأصل، ولأن اللام زائدة، ولأنه إجماع من القراء، غير ورش، وغير حمزة، إذا وقف فإنه يبدل من الهمزة ياء مفتوحة كورش، وعنه فيه اختلاف وقد ذكرناه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/269]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (52- {لِيَلاّ} [آية/ 150]:-
غير مهموزٍ، قرأها نافع ش- في جميع القرآن.
وذلك أنه خفف الهمزة، وتخفيفها ههنا هو أن تقلب الهمزة ياءً خالصةً، ولا تجعل بين بين؛ لأنها لو جعلت بين بين لجعلت بين الهمزة والألف؛ لأن حركة الهمزة فتحة، ولو جعلت بين الهمزة والألف لم يجز؛ لأن الألف لا يكون ما قبلها كسرة أبدًا، وهذا نحو مئرٍ جمع مئرةٍ بالهمز، ألا ترى أنه لا يجوز في تخفيف الهمزة فيها إلا قلبها ياءً خالصةً.
وقرأ الباقون {لِئَلاّ} مهموز، وكذلك ن- و- يل- عن نافع.
ووجهه أنه هو الأصل؛ لأن الأصل: لأن لا، فأدغمت نون لأن في لام لا، فزالت النون من اللفظ، فكتبت أيضًا بغير نونٍ على اللفظ). [الموضح: 305]

قوله تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151)}

قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فاذكروني أذكركم... (152).
حرك الياء ابن كثير، وأبو قرة عن نافع، وأرسلها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 1/183]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 03:42 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[من الآية (153) إلى الآية (158) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)}

قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154)}

قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)}

قوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)}

قوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)}

قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ومن تطوّع خيرًا... (158).
قرأ حمزة والكسائي: (ومن يطّوّع) بالياء والجزم في الموضعين.
[معاني القراءات وعللها: 1/182]
وقرأ الحضرمي: (ومن يطّوّع) في الأولى مثل قراءة حمزة، وقرأ الثاني: (ومن تطوّع) مثل قراءة أبي عمرو.
وقرأ الباقون مثل قراءة أبي عمرو بالتاء والنصب في الحرفين.
قال أبو منصور: من قرأ (ومن يطّوّع) بالياء والجزم جعل (من) مجازاة و(يطّوّع) كان في الأصل (يتطوع) فأدغمت التاء في الطاء، وجعلتا طاء شديدةً.
ومن قرأ (تطوّع) بالتاء والنصب فهو على لفظ الماضي، ومعناه المستقبل، وكل جائز حسن). [معاني القراءات وعللها: 1/183]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي وابن عباس -كرم الله وجوههما- بخلاف وسعيد بن جبير، وأنس بن مالك، ومحمد بن سيرين، وأبي بن كعب، وابن مسعود، وميمون بن مهران: [أَلَّا يَطَّوف بهما].
قال أبو الفتح: أما قراءة الجماعة: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} تقرُّبًا بذاك؛ أي: فلا جناح عليه أن يطوف بهما تقربا بذاك إلى الله تعالى؛ لأنهما من شعائر الحج والعمرة، ولو لم يكونا من شعائرهما لكان التطوف بهما بدعة؛ لأنه إيجاب أمر لم يتقدم إيجابه، وهذا
[المحتسب: 1/115]
بدعة، كما لو تطوف بالبصرة أو بالكوفة أو بغيرهما من الأماكن على وجه القربة والطاعة كما تطوف بالحرم؛ لكان بذلك مبتدعًا.
وأما قراءة مَن قرأ: [فلا جُناح عليه ألَّا يطَّوَّف بهما]، فظاهره أنه مفسوح له في ترك ذلك، كما قد يفسح للإنسان في بعض المنصوص عليه المأمور به تخفيفًا؛ كالقصر بالسفر، وترك الصوم، ونحو ذلك من الرخص المسموح فيها.
وقد يمكن أيضًا أن تكون "لا" على هذه القراءة زائدة؛ فيصير تأويله وتأويل قراءة الكافة واحدًا؛ حتى كأنه قال: فلا جناح عليه أن يطَّوف بهما، وزاد "لا"، كما زيدت في قوله تعالى: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} أي: ليعلم.
وكقوله:
من غير لا عَصْف ولا اصطرافِ
أي: من غير عصف، وهو كثير). [المحتسب: 1/116]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم}
قرأ حمزة والكسائيّ (ومن يطوع) بالياء وجزم العين وكذلك الّذي بعده وحجتهما أن حروف الجزاء وضعت لما يستقبل من الأزمة في سنن العربيّة وأن الماضي إذا تكلم به بعد أحرف الجزاء فإن المراد منه الاستقبال نحو قول القائل من أكرمني أكرمته أي من يكرمني أكرمه ويقوّي قراءتهما قراءة عبد الله (ومن يتطوّع) على محض الاستقبال فأدغمت التّاء في الطّاء في قراءتهما لقرب مخرجها منها
وقرأ الباقون {ومن تطوع} بالتّاء وفتح العين على لفظ المضيّ ومعناه الاستقبال لأن الكلام شرط وجزاء لفظ الماضي فيه يؤول إلى معنى الاستقبال كما قال جلّ وعز {من كان يريد الحياة الدّنيا وزينتها نوف إليهم} وحجتهم في ذلك أن الماضي أخف من المستقبل ولا إدغام فيه). [حجة القراءات: 118]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (85- قوله: {ومن تطوع} قرأه حمزة والكسائي بالياء، وتشديد الطاء، والجزم ومثله الثاني في هذه السورة، وقرأه الباقون بالتاء وتخفيف الطاء، وفتح العين.
86- ووجه القراءة بالجزم والياء أنه حمل على لفظ الاستقبال في اللفظ والمعنى، وأصله «يتطوع» فجزم بالشرط بـ «من» وأدغمت التاء في الطاء، فشددت الطاء لذلك، وحسن الإدغام لنقل التاء إلى القوة، وكان لفظ الاستقبال
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/269]
أولى به، لأن الشرط لا يكون إلا بمستقبل، فطابق بذلك بين اللفظ والمعنى، والتقدير: فمن تطوع فيما يستقبل خيرًا فهو خير له، فإن الله شاكر لفعله، عليهم به.
87- ووجه القراءة بالتاء وفتح العين، أنه استغنى بحرف الشرط عن لفظ الاستقبال؛ لأن حرف الشرط يدل على الاستقبال، فأتى بلفظ الماضي، وكان ذلك أخف من لفظ المستقبل، الذي تلزمه الزيادة والإدغام والتشديد، والماضي في موضع جزم بالشرط، ويجوز في هذه القراءة أن تكون خبرًا غير شرط، و«من» بمعنى الذي، والماضي لفظه كمعناه، ماض أيضًا، والمعنى: فالذي تطوع فيما مضى خيرًا فإن الله شاكر لفعله عليم به، و{فهو خير له} أي: مؤخر له، ولا يكون للماضي موضع الإعراب على هذا، والاختيار القراءة بالتاء وفتح العين؛ لأنها أعم؛ إذ تحتمل معنيين، ولأن أهل الحرمين وعاصمًا عليها، ولخفتها، وهي اختيار أبي حاتم وأبي عبيد). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/270]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (53- {ومَنْ يَطَّوَّعْ} [آية/ 158]:-
بالياء وتشديد الطاء وجزم العين، قرأها حمزة والكسائي، وكذلك في الثاني {فَمَنْ يَطَّوَّعْ}، ووافقهما يعقوبُ في الأول دون الثاني.
ووجه ذلك أن أصله: يتطوع، فأدغم التاء في الطاء لتقارب الحرفين، فبقي: يطوع، ثم جزم العين للشرط.
[الموضح: 305]
وقرأ الباقون {تَطَوَّعَ} بالتاء وتخفيف الطاء وفتح العين.
ووجهه أنه فعل ماضٍ، وموضعه جزم بمن الذي هو للشرط، والفاء وما بعدها أيضًا في موضع جزم على الجواب، ويجوز أن تكون {مَنْ} موصولةً بمنزلة الذي، ولا موضع للفعل الماضي، وموضع {مَنْ} رفعٌ بالابتداء، والفاء مع ما بعدها في وضع رفع على خبر المبتدأ، ويكون المعنى معنى المجازاة، كما في قوله تعالى {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ} ). [الموضح: 306]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 03:44 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[من الآية (159) إلى الآية (162) ]

{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (162)}

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قال ابن مجاهد: قال عباس: سألت أبا عمرو عن {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ} فقال: أهل الحجاز يقولون: [يعلِّمُهم ويلْعَنُهم] مثقلة، ولغة تميم: [يُعْلِمْهم ويلْعَنْهم].
قال أبو الفتح: أما التثقيل فلا سؤال عنه ولا فيه؛ لأنه استيفاء واجب الإعراب؛ لكن من حذف فعنه السؤال، وعلته توالي الحركات مع الضمات، فيثقل ذلك عليهم فيخففون بإسكان حركة الإعراب، وعليه قراءة أبي عمرو: [فَتُوبُوا إِلَى بَارِئْكُمْ] فيمن رواه بسكون الهمزة. وحكى أبو زيد: [بَلَى وَرُسُلْنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ] بسكون اللام.
وأنشدنا أبو علي لجرير:
[المحتسب: 1/109]
سيروا بني العم فالأهواز منزلكم ... ونهر تيرى فلا تعرفْكم العرب
يريد: تعرفُكم. ومن أبيات الكتاب:
فاليوم أشربْ غير مُستَحقِبٍ ... إثمًا من الله ولا واغِلِ
أي: أشربُ.
وأما اعتراض أبي العباس هنا على الكتاب، فإنما هو على العرب لا على صاحب الكتاب؛ لأنه حكاه كما سمعه، ولا يمكن في الوزن أيضًا غيره.
وقول أبي العباس: إنما الرواية: "فاليوم فاشرب"، فكأنه قال لسيبويه: كذبتَ على العرب، ولم تَسمع ما حكيته عنهم. وإذا بلغ الأمر هذا الحد من السرَف فقد سقطت كلفة القول معه.
وكذلك إنكاره عليه أيضًا قول الشاعر:
"وقد بدا هَنْكِ من المئزر
[المحتسب: 1/110]
فقال: إنما الرواية:
وقد بدا ذاك من المئزر
وما أطيب العرس لولا النفقة!
وكذلك الاعتراض عليه في إنشاده قوله:
لا بارك الله في الغواني هل ... يُصبحن إلا لهن مُطَّلَبُ
وقول الأصمعي: "في الغواني ما" يريد: في الغواني أَما، ويخفف الهمزة. وقول غيره: "في الغوان أَما"، ولو كان إلى الناس تخير ما يحتمله الموضع والتسبب إليه لكان الرجل أقوم من الجماعة به، وأوصل إلى المراد منه، وأنفى لشغب الزيغ والاضطراب عنه.
فأما قول لبيد:
تراك أمكنة إذا لم أرضها ... أو يرتبط بعض النفوس حِمامُها
فحملوه على هذا؛ أي: أو يرتبط بعض النفوس حمامها؛ معناه: إلا أن يرتبط، فأسكن المفتوح لإقامة الوزن واتصال الحركات.
وقد يمكن عندي أن يكون يرتبط عطفًا على أرضها؛ أي: أنا تراك أمكنة إذا لم أرضها ولم يرتبط نفسي حمامها؛ أي: ما دمت حيًّا فأنا متقلقل في الأرض من هذه إلى هذه، ألا ترى إلى قوله:
قَوَّال مُحكَمَة جوَّاب آفاق
وهو كثير في الشعر، فكذلك قول بني تميم: [يُعلِّمْهم ويلْعَنْهم] على ما ذكرنا). [المحتسب: 1/111] (م)

قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)}

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةُ وَالنَّاسُ أَجْمَعُونَ].
قال أبو الفتح: هذا عندنا مرفوع بفعل مضمر يدل عليه قوله سبحانه: [لَعْنَةُ اللَّهِ] أي: وتعلنهم الملائكة والناس أجمعون؛ لأنه إذا قال: عليهم لعنة الله، فكأنه قال: يلعنهم الله، كما أنه قال:
تذكَّرت أرضًا بها أهلها ... أخوالَها فيها وأعمامَها
[المحتسب: 1/116]
فقد عُلم أنها إذا تذكرت الأرض التي فيها أخوالها وأعمامها فقد دخلوا في جميع ما وقع الذكر عليه، فقال بعد: تذكرت أخوالها وأعمامها.
وكأنه لما قال:
أسقَى الإله عُدُوات الوادي ... وجوفَه كل مُلِثٍّ غادي
كل أجش حالك السواد
فقد سقى الأجش فرفعه بفعل مضر؛ أي: سقاها كل أجش. وهو كثير جدًّا). [المحتسب: 1/117]

قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (162)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 06:16 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[من الآية (163) إلى الآية (164) ]

{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)}

قوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)}

قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وتصريف الرّياح... (164).
قرأ نافع: الرياح " في البقرة، و: (وتصريف الرّياح)، وفي الأعراف (يرسل الرياح)، وفي إبراهيم: (اشتدّت به الرّياح).
[معاني القراءات وعللها: 1/183]
وفي الحجر: (الرّياح لواقح)، وفي الكهف: (تذروه الرّياح)، وفي الفرقان: (أرسل الرّياح)، وفي النمل: (ومن يرسل الرّياح)، وفي الروم: (اللّه الّذي يرسل الرّياح)، وفي فاطر: (أرسل الرّياح) وفي الجاثية: (وتصريف الرّياح) وفي عسق: (إن يشأ يسكن الرّياح) قرأهن كلهن نافع على الجمع.
وقرأ أبو عمرو وابن عامر وعاصم: (الرياح) منها في تسعة مواضع في البقرة والأعراف، والحجر، والكهف، والفرقان،
[معاني القراءات وعللها: 1/184]
والنمل، والروم، وفي فاطر، والجاثية.
وقرأوا في إبراهيم، وعسق على التوحيد.
ووافقهم ابن كثير في أربعة مواضع في البقرة، والحجر، والكهف، والجاثية، والباقي على التوحيد - وقرأ حمزة واحدة منها على الجمع في الفرقان، والباقي على التوحيد.
ولم يختلفوا في التي في سورة الروم: (الرّياح مبشّراتٍ) على الجمع.
وقرأ الكسائي (الرياح) في موضعين في الحجر وفي الفرقان، والباقي على التوحيد.
قال أبو منصور: قوله: (وتصريف الرّياح) فاختلف القراء في هذا الحرف فقرئ مرة (الرياح)، ومرة (الريح)، والريح يقوم مقام الرياح.
[معاني القراءات وعللها: 1/185]
وكذلك قرئت، فمن قرأ الرياح فهو جمع الريح، ومن قرأ الريح أراد بها: الرياح. ولذلك أنثت، لأن معناها الجماعة.
وقال بعضهم ما كان من رياح رحمة فهي رياح، وما كان من ريح عذاب فهي واحدة.
واتفق القراء على توحيد ما ليس فيه ألف ولام، كقوله: (ولئن أرسلنا ريحًا) وكذلك: (ريحًا صرصرًا) وما أشبهه، وما كان فيه الألف واللام فقد اختلف القراء فيها على ما بينا، وكل ذلك جائز). [معاني القراءات وعللها: 1/186]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في قوله عز وجل: الرّياح في الجمع والتوحيد.
فقرأ ابن كثير: الرّياح على الجمع في خمسة مواضع: في البقرة هاهنا [الآية/ 164] وفي الحجر:
[الحجة للقراء السبعة: 2/248]
أرسلنا الرّياح لواقح [الآية/ 22] وفي الكهف: تذروه الرّياح [الآية/ 45] وفي سورة الروم الحرف الأول: الرّياح مبشّراتٍ [الآية/ 46]، وفي الجاثية: وتصريف الرّياح [الآية/ 5]، والباقي: الرّيح.
وقرأ نافع: الرّياح في اثني عشر موضعاً: هاهنا وفي الأعراف: يرسل الرّياح [الآية/ 57]، وفي سورة إبراهيم:
كرماد اشتدت به الرياح [الآية/ 18] وفي الحجر: وأرسلنا الرّياح لواقح [الآية/ 22] وفي الكهف: تذروه الرّياح [الآية/ 45] وفي الفرقان: أرسل الرّياح [الآية/ 48] [وفي النمل يرسل الرّياح] [63]، وفي الروم موضعين الرّياح [46، 48] وفي فاطر الرّياح [الآية/ 9]، وفي عسق يسكن الرياح [الآية/ 33] وفي الجاثية: الرّياح [الآية/ 5].
وقرأ أبو عمرو من هذه الاثني عشر حرفا حرفين:
الرّيح في إبراهيم [الآية/ 18]، وفي عسق الرّيح [33] والباقي الرياح على الجمع مثل نافع.
وقرأ عاصم وابن عامر مثل قراءة أبي عمرو.
وقرأ حمزة الرّياح على الجمع في موضعين: في الفرقان: أرسل الرّياح [الفرقان/ 48] وفي سورة الروم، الحرف الأول: الرّياح مبشّراتٍ [الروم/ 46] وسائرهنّ على التوحيد.
[الحجة للقراء السبعة: 2/249]
وقرأ الكسائيّ: كقراءة حمزة وزاد عليه في الحجر:
الرّياح لواقح [الحجر/ 22].
ولم يختلفوا في توحيد ما ليست فيه ألف ولام.
قال أبو علي: قال أبو زيد: قال القيسيّون الرّياح أربع:
الشّمال والجنوب والصّبا والدّبور. فأما الشّمال فمن عن يمين القبلة، والجنوب من عن شمالها. والصّبا والدّبور متقابلتان، فالصّبا من قبل المشرق، والدّبور من قبل
المغرب. وأنشد أبو زيد:
إذا قلت هذا حين أسلو يهيجني... نسيم الصّبا من حيث يطّلع الفجر
وإذا جاءت الريح بين الصّبا والشّمال فهي النّكباء التي لا يختلف فيها. والتي بين الجنوب والصّبا يقال لها:
الجربياء.
وقال السّكّريّ فيما روى عنه بعض شيوخنا قال: أخبرني أبو الحسن عليّ بن عبد الله الطوسيّ قال: أخبرنا ابن الأعرابي وأصحابنا عن الأصمعيّ وغيره قالوا: الرياح أربع: الجنوب والشّمال والصّبا والدّبور.
قال ابن الأعرابيّ: كلّ ريح بين ريحين فهي نكباء، وقال الأصمعيّ: إذا انحرفت واحدة منهنّ فهي نكباء، والجميع:
نكب.
[الحجة للقراء السبعة: 2/250]
فأمّا مهبّهنّ فإن ابن الأعرابيّ قال: مهبّ الجنوب من مطلع سهيل إلى مطلع الثّريّا، والصّبا من مطلع الثريّا إلى بنات نعش، والشمال من بنات نعش إلى مسقط النّسر الطائر [وقال: والدبور من مسقط النسر الطائر] إلى مطلع سهيل، قال: والجنوب والدّبور لهما هيف. والهيف: الريح الحارّة.
قال: والشّمال والصّبا لا هيف لهما.
وقال الأصمعيّ ما بين سهيل إلى طرف بياض الفجر جنوب، وما بإزائها مما يستقبلها من الغرب شمال، وما جاء من وراء البيت الحرام فهو دبور، وما جاء قبالة ذلك فهو صبا، والصّبا: القبول. قال: وإنما سمّيت قبولًا. لأنها استقبلت الدّبور، قال الهذليّ، وأنشد البيت الذي أنشده أبو زيد.
قال الطوسيّ: وقال غير الأصمعي وابن الأعرابي:
الجنوب التي تجيء من قبل اليمن- والشمال التي تهبّ من قبل الشام، والدّبور التي تجيء من عن يمين القبلة شيئاً والصّبا بإزائها، والجنوب تسمى الأزيب وتسمى النّعامى: قال أبو ذؤيب:
مرته النّعامى فلم يعترف... خلاف النّعامى من الشّؤم ريحا
[الحجة للقراء السبعة: 2/251]
اقل: وتسمى الشّمال: محوة، ولا تجرى. وتسمى الجربياء.
قال ابن أحمر:
بواد من قسا ذفر الخزامى... تحنّ الجربياء به الحنينا
سمّيت محوة لأنها تمحو السحاب وتذهب به.
وتسمى مسعاً ونسعاً، قال:
قد حال دون دريسيه مؤوّبة... مسع لها بعضاه الأرض تهزيز
وأنشد عن الطوسيّ للطّرمّاح:
قلق لأفنان الريا... ح للاقح منها وحائل
فاللاقح: الجنوب، والحائل: الشّمال. وتسمى الشّمال عقيماً، كما سمّاها الطّرمّاح حائلًا، وقد وصفت الصّبا بالعقم.
قال جرير:
[الحجة للقراء السبعة: 2/252]
مطاعيم الشّمال إذا استحنّت... وفي عرواء كلّ صباً عقيم
وفي التنزيل: وفي عادٍ إذ أرسلنا عليهم الرّيح العقيم [الذاريات/ 41].
قال الطوسيّ: العقيم: التي لا تلقح السحاب. قال:
والرياح اللواقح: تثير السحاب بإذن الله، وتلقح الشجر.
والذاريات: التي تذر التراب ذروا، فأما قول الطّرمّاح:
للاقح منها وحائل. فاللاقح على معنى النسب، وليس الجاري على الفعل، وكذلك حائل، تقديره: ذات حيال. يريد بالحيال أنّها لا تلقح كما تلقح الجنوب.
قال أبو دؤاد يصف سحاباً:
لقحن ضحيّاً للقح الجنوب... فأصبحن ينتجن ماء الحيا
قوله: «للقح الجنوب» تقديره: لإلقاح الجنوب. فحذف الزيادة من المصدر وأضافه إلى الفاعل كما قال:
وإن يهلك فذلك كان قدري أي: تقديري. وكما حذف الزيادة من المصدر كذلك حذفت من الجمع في قوله تعالى: وأرسلنا الرّياح لواقح [الحجر/ 22] والمعنى فيه: ملاقح، لأنها إذا ألقحت كانت
[الحجة للقراء السبعة: 2/253]
ملقحة. وجمع الملقح: ملاقح ولواقح على حذف الزيادة، لأنّ المعنى عليه. ومثل ذلك قوله:
يكشف عن جمّاته دلو الدّال إنما هو المدلي، فحذف الزيادة أو يكون أراد: دلو ذي الدّلو. كما قال: للاقح منها. وفي التنزيل: فأدلى دلوه [يوسف/ 19]. وقال الشاعر:
فسائل سبرة الشّجعيّ عنّا... غداة تخالنا نجوا جنيبا
أي: تحسبنا لكثرتنا واحتفالنا كسحاب ألقحته الجنوب فغزّرت ماءه.
وروينا عن أحمد بن يحيى لزهير:
جرت سنحا فقلت لها مروعا... نوى مشمولة فمتى اللّقاء
[الحجة للقراء السبعة: 2/254]
قال: قال الأصمعي: نوى مشمولة: أي: مكروهة- وقال الأصمعيّ: وأصل ذلك من الشّمال، لأنهم يكرهون الشّمال لبردها وذهابها بالغيم، وفيه الحيا والخصب، فصار
كلّ مكروه عندهم مشمولا، قال: وهم يحبّون الجنوب لدفئها، ولأنها تجيء بالسحاب والمطر، وفيها الحيا والخصب.
وأنشد لحميد بن ثور في مدحهم الجنوب:
فلا يبعد الله الشباب وقولنا... إذا ما صبونا صبوة سنتوب
ليالي أبصار الغواني وسمعها... إليّ.. وإذ ريحي لهنّ جنوب
أي: محبوبة كما تحبّ الجنوب.
وذكر بعض شيوخنا أن أبا عمرو الشيبانيّ روى قول الأعشى:
وما عنده مجد تليد ولا له... من الرّيح فضل لا الجنوب ولا الصّبا
تقدير هذا: وما له من فضل الريح فضل لا فضل الجنوب ولا فضل الصّبا، فحذف المضاف، والمعنى: أنه لم ينل أحداً، فيكون كريح الجنوب في مجيئه بالغيث. ولم ينفّس عن أحد كربة فيكون كالصّبا في التنفيس.
[الحجة للقراء السبعة: 2/255]
وروى غيره فيما ذكر محمد بن السّريّ:
وما عنده رزقي علمت ولا له... عليّ من الرّيح الجنوب ولا الصّبا
وتقدير هذا أيضاً: ولا له عليّ من فضل الريح فضل الجنوب ولا فضل الصّبا.
الأبين في قوله: وتصريف الرّياح [البقرة/ 164] الجمع، وذلك أن كلّ واحدة من هذه الرياح مثل الأخرى في دلالتها على الوحدانية وتسخيرها لينتفع الناس بها بتصريفها، وإذا كان كذلك فالوجه أن يجمع لمساواة كلّ واحدة منها الأخرى فيما ذكرنا، وقد يجوز في قول من وحّد أن يريد به الجنس كما قالوا: أهلك الناس الدينار والدّرهم.
وعلى هذا ينبغي أن يحمل التوحيد للريح، لأن كلّ واحدة مثل الأخرى في وضع الاعتبار لها والاستدلال بها.
فأما قوله تعالى: ولسليمان الرّيح عاصفةً [الأنبياء/ 81] فإن كانت الرياح كلّها سخّرت له، فالمراد بها الكثرة، وإن سخّرت له ريح بعينها، كان كقولك: الرجل، وأنت تريد به العهد.
وأما قوله تعالى: وفي عادٍ إذ أرسلنا عليهم الرّيح العقيم [الذاريات/ 41] فهي واحدة يدلّك على ذلك قوله
[الحجة للقراء السبعة: 2/256]
تعالى: فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً [فصلت/ 16].
وفي الحديث «نصرت بالصّبا، وأهلكت عاد بالدّبور»
فهذا يدلّ أنها واحدة وكذلك الرّيح التي أرسلت على الأحزاب يوم الخندق، قال تعالى: فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها [الأحزاب/ 9].
وأما ما
روي في الحديث من أن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، كان إذا هبّت ريح قال: «اللهمّ اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا».
فممّا يدلّ على أنّ مواضع الرحمة بالجمع أولى، ومواضع العذاب بالإفراد، ويقوي ذلك قوله تعالى: ومن آياته أن يرسل الرّياح مبشّراتٍ [الروم/ 46] فإنما تبشر بالرحمة، ويشبه أن يكون النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قصد هذا الموضع من التنزيل، وجعل الريح إذا كانت مفردة في قوله تعالى: وفي عادٍ إذ أرسلنا عليهم الرّيح العقيم [الذاريات/ 41].
وقد تختص اللفظة في التنزيل بشيء فيكون أمارة له، فمن ذلك أن عامّة ما جاء في التنزيل من قوله: وما يدريك مبهم غير مبيّن. وما كان من لفظ ما أدراك مفسّر، كقوله
[الحجة للقراء السبعة: 2/257]
تعالى: وما أدراك ما الحاقّة [الحاقة/ 3] وكذلك وما أدراك ما القارعة [القارعة/ 2] وما يدريك لعلّ السّاعة قريبٌ [الشورى/ 17].
والخبر الذي روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «إن الريح تخرج من روح الله. تجيء بالرحمة والعذاب»، فيجوز أن تكون الريح يراد بها الجنس، فإذا كانت للجنس كان على القبيلين العذاب والرحمة، فإذا جاز أن يكون للجنس، جاز أن يقع على الجمع مستغرقاً له، وجاز أن يقع اسم الجنس على البعض كما قال: وإنّكم لتمرّون عليهم مصبحين، وباللّيل... [الصافات/ 137 - 138]). [الحجة للقراء السبعة: 2/258]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إن في خلق السّماوات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار والفلك الّتي تجري في البحر بما ينفع النّاس وما أنزل الله من السّماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابّة وتصريف الرّياح}
قرأ حمزة والكسائيّ {وتصريف الرّياح} بغير ألف وحجتهما أن الواحد يدل على الجنس فهو أعم كما تقول كثر الدّرهم والدّينار في ايدي النّاس إنّما تريد هذا الجنس قال الكسائي والعرب تقول جاءت الرّيح من كل مكان فلو كانت ريحًا واحدة جاءت من مكان واحد فقولهم من كل مكان وقد وحدوها تدل على أن بالتّوحيد معنى الجمع
[حجة القراءات: 118]
وقرأ الباقون {وتصريف الرّياح} وحجتهم أنّها الرّياح المختلفة المجاري في تصريفها وتغاير مهابها في المشرق والمغرب وتغاير جنسها في الحر والبرد فاختاروا الجمع فيهنّ لأنّهنّ جماعة مختلفات المعنى ويقوّي الجمع ما روي عن رسول الله صلى الله عليه أنه كان إذا هاجت ريح جثا على ركبته واستقبلها ثمّ قال اللّهمّ اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحًا اللّهمّ اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا). [حجة القراءات: 119]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (88- قوله: {الرياح} قرأه حمزة والكسائي بالتوحيد، ومثله في الكهف والجاثية، ووافقهما ابن كثير على التوحيد أيضًا في الأعراف والنمل وفاطر، والثاني من الروم وقرأه الباقون بالجمع في السبعة، وتفرد نافع بالجمع في إبراهيم والشورى، وتفرد حمزة بالتوحيد في سورة
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/270]
الحجر، وتفرد ابن كثير بالتوحيد في سورة الفرقان، فذلك أحد عشر موضعًا.
89- ووجه القراءة بالجمع في {تصريف الرياح} هو إتيانها في كل جانب، وذلك معنى يدل على اختلاف هبوبها، فهي رياح لا ريح، لأن الريح الواحدة، إنما تأتي من جانب واحد، فكان لفظ الجمع فيها أولى، لتصرفها من جهات فيكون لفظها مطابقًا لمعناها في الجمع، وأيضًا فإن هذه المواضع أكثرها لغير العذاب، وقد قال النبي عليه السلام حين رأى ريحًا هبت: «اللهم اجعلها رياحًا ولا تجعلها ريحًا» فعُلم أن الريح بالتوحيد أكثر ما تقع في العذاب والعقوبات، وليست هذه المواضع في ذلك، واعلم أن الرياح بالجمع تأتي في الرحمة، فواجب من الحديث أن يقرأ بالجمع إذ ليست للعقوبات.
90- ووجه القراءة بالتوحيد أن الواحد يدل على الجمع؛ لأنه اسم للجنس فهو أخف في الاستعمال، مع ثبات معنى الجمع فيه، والاختيار الجمع، لأن عليه الأكثر من القراء، ولأنه أبين في المعنى؛ لأنه موافق للحديث). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/271]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (54- {الرِّياحِ} {آية/ 164]:-
قرأها نافع وعاصم وابن عامر وأبو عمرو ويعقوب بالألف في عشرة مواضع: ههنا وفي الأعراف والحجر والكهف والفرقان والنمل والروم حرفين وفاطر والجاثية، وزاد نافع في إبراهيم وعسق، ووافقهم ابن كثير في البقرة، والحجر، والكهف، والأول من الروم، والجاثية. وحمزة والكسائي في الفرقان، والأول من الروم، وزاد الكسائي في الحجر، فأما الأول من الروم {مُبَشّراتٍ} فإجماع.
[الموضح: 306]
أما الجمع في هذه الكلمة فهو أظهر في المعنى؛ لأن المراد هو الدلالة على الصانع، وكل واحدةٍ من هذه الرياح مثل صاحبتها في دلالتها على الصانع، وكذلك في المنافع.
وأما الإفراد فيها فهو مثل الجمع أيضًا، كما يقال: أهلك الناس الدينار والدرهم، أي الدنانير والدراهم، فلا فرق بين القراءتين في المعنى، وإن كان الأول أبين، وما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله عند هبوبها {اللّهُمّ اجْعَلْهَا رِياحًا ولا تَجْعَلْهَا رِيحًا}، فقد دل بأن الرياح للرحمة ذهابًا إلى قوله تعالى {الرّياحَ مُبَشّراتٍ} و{الرياحَ لَوَاقِحَ}، وبإن الريح للعذاب، ذهابًا إلى قوله تعالى {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ}). [الموضح: 307]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 06:17 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[من الآية (165) إلى الآية (167) ]

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)}

قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولو يرى الّذين ظلموا... (165).
قرأ نافع وابن عامر ويعقوب: (ولو ترى الذين ظلموا) بالتاء.
وقرأ الباقون بالياء.
وقوله: (إذ يرون العذاب... (165).
قرأ ابن عامر وحده: (إذ يرون العذاب) بضم الياء.
وقرأ الباقون: (إذ يرون) بفتحها.
قال أبو منصور: من قرأ: (ولو ترى الذين ظلموا) فالخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -
[معاني القراءات وعللها: 1/186]
والمراد به الأمة، ومن قرأ بالياء فهو للظالمين.
وقوله جلّ وعزّ: (أنّ القوّة للّه جميعًا وأنّ اللّه... (165).
قرأ يعقوب وحده: (إنّ القوّة للّه جميعًا وإنّ اللّه شديد العذاب) بكسر الألف فيهما.
قال أبو منصور: الاختيار: (أنّ القوّة) و(أنّ اللّه) بفتح الألفين.
وقرأ يعقوب بالكسر على إضمار جواب (لو)، والتقدير: ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب لقلت: إن القوة لله جميعا وإن الله.
وكذلك إذا قرئ بالياء؛ لأن المعنى: لعلموا أن القوة لله جميعا). [معاني القراءات وعللها: 1/187]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله جل وعزّ: ولو ترى الذين ظلموا [البقرة/ 165].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائيّ: ولو يرى، الّذين ظلموا بالياء.
وقرأ نافع وابن عامر: ولو ترى بالتاء. وكلّهم قرأ: إذ يرون العذاب بفتح الياء إلّا ابن عامر فإنه قرأ: إذ يرون العذاب بالضم.
[الحجة للقراء السبعة: 2/258]
قال أبو علي: يرى من رؤية العين، يدلك على ذلك تعدّيه إلى مفعول واحد تقديره: ولو يرون أن القوة لله جميعاً.
أي: لو يرى الكفار ذلك. فإن قلت: فلم لا تكون المتعدية إلى مفعولين، وقد سدّت أنّ مسدّهما؟.
قيل: يدل على أنها المتعدية إلى مفعول واحد قول من قرأ بالتاء فقال: ولو ترى الذين ظلموا [البقرة/ 165] ألا ترى أن هذا متعدّ إلى مفعول واحد لا يسدّ مسدّ مفعولين، ويدلّك على أنه متعدّ إلى مفعول واحد قوله تعالى: إذ يرون العذاب [البقرة/ 165] وقوله: وإذا رأى الّذين ظلموا العذاب فلا يخفّف عنهم [النحل/ 85] فتعدّى إلى مفعول واحد وكذلك قوله عزّ وجلّ: ويوم القيامة ترى الّذين كذبوا على اللّه وجوههم مسودّةٌ [الزمر/ 60] الأظهر أنّه متعدّ إلى مفعول واحد، أي: يعاينونهم كذلك. والجملة في موضع الحال، لا في موضع المفعول الثاني.
وقد روي في التفسير في قوله تعالى: يعرف المجرمون بسيماهم [الرحمن/ 41] قال: سواد الوجوه وزرقة الأعين، فسواد الوجوه دلت عليه هذه الآية، وزرقة الأعين:
قوله: ونحشر المجرمين يومئذٍ زرقاً [طه/ 102] فكما أن الرؤية في هذه المواضع رؤية البصر. كذلك في قوله: ولو يرى الّذين ظلموا إذ يرون العذاب [البقرة/ 165] وقوله: أنّ القوّة للّه جميعاً [البقرة/ 165] في تعذيبهم، فهو قريب من قوله: وإذا رأى الّذين ظلموا العذاب فلا يخفّف عنهم [النحل/ 85].
[الحجة للقراء السبعة: 2/259]
فإن قلت: فكيف جاء إذ في قوله: ولو يرى الّذين ظلموا إذ [البقرة/ 165] وهذا أمر مستقبل وإذ لما مضى؟.
فالقول فيه: إنه إنما جاء على لفظ المضي لإرادة التقريب في ذلك، كما جاء وما أمر السّاعة إلّا كلمح البصر أو هو أقرب [النحل/ 77] وما يدريك لعلّ السّاعة قريبٌ [الشورى/ 42] فلما أريد فيها من التحقيق والتقريب، جاء على لفظ المضيّ وعلى هذا جاء في ذلك المعنى أمثلة الماضي كقوله: ونادى أصحاب النّار أصحاب الجنّة [الأعراف/ 50] ومما جاء على لفظ المضيّ للتقريب من الحال قول المقيم المفرد: قد قامت الصلاة. يقول ذلك قبل إيقاعه التحريم بالصلاة لقرب ذلك من قوله. وعلى هذا قول رؤبة:
أوديت إن لم تحب حبو المعتنك فإنما أراد بذلك تقريب معاينة الهلاك وإشفاءه عليه. فأتى بمثال الماضي لما أراد به من مشارفته، وجعله سادّاً مسدّ الجواب من حيث كان معناه الاستقبال في الحقيقة، وأن الهلاك لم يقع بعد، ولولا ذلك لم يجز، ألا ترى أنّه لا يكون: قمت إن قمت، إنما تقول: أقوم إن قمت، وقوله تعالى:
[الحجة للقراء السبعة: 2/260]
وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنّبيّ [الأحزاب/ 50] فيمن كسر إن ينبغي أن يحمله على فعل آت يضمره، ولا يحمله على الماضي المتقدّم الذي هو أحللنا، وعلى ما ذكرنا جاء كثير مما في التنزيل، من هذا الضرب كقوله: ولو ترى إذ وقفوا على ربّهم [الأنعام/ 30] ولو ترى إذ وقفوا على النّار [الأنعام/ 27] ولو ترى إذ الظّالمون موقوفون عند ربّهم [سبأ/ 31] ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت [سبأ/ 51] ولو ترى إذ يتوفّى الّذين كفروا الملائكة [الأنفال/ 50]. فكما جاءت هذه الآي التي يراد بها الاستقبال بإذ، كذلك جاء ولو يرى الّذين ظلموا إذ يرون العذاب [البقرة/ 165]، فأما حذف جواب لو في هذه الآي، فلأن حذفه أفخم لذهاب المخاطب المتوعّد إلى كل ضرب من الوعيد، وتوقّعه له، واستشعاره إياه، ولو ذكر له ضرب منه لم يكن مثل أن يبهم عليه، لما يمكّن من توطينه نفسه على ذلك المذكور، وتخفيفه عليه، ومن وطّن نفسه على شيء لم يصعب عليه صعوبته على من لم يوطّن عليه نفسه.
وحجّة من قرأ: ولو يرى الّذين ظلموا بالياء أن المتوعّدين لم يعلموا قدر ما يشاهدون ويعاينون من العذاب كما علمه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم والمسلمون. فالفعل ينبغي أن يكون مسنداً إليهم في قوله تعالى: ولو يرى الّذين ظلموا.
ومن حجّتهم أن المتقدم لقوله: ولو يرى غيبة، فينبغي أن يكون المعطوف عليه مثله، وهو قوله جلّ وعزّ:
[الحجة للقراء السبعة: 2/261]
ومن النّاس من يتّخذ من دون اللّه أنداداً [البقرة/ 165] بعد قوله:
إنّ الّذين كفروا وماتوا وهم كفّارٌ [البقرة/ 161] والذين ظلموا هم الذين كفروا، ألا ترى قوله: والكافرون هم الظّالمون [البقرة/ 254] والذين كفروا هم المتخذون من دون الله أنداداً.
فلفظ الغيبة أولى من لفظ الخطاب من حيث كان أشبه بما قبله، وهو أيضاً أشبه بما بعده، وهو كقوله: كذلك يريهم اللّه أعمالهم حسراتٍ [البقرة/ 167].
وحجّة من قال: ولو ترى فجعل الخطاب للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: كثرة ما جاء في التنزيل من قوله: جلّ وعزّ: ولو ترى من الآي التي تلوناها، ولم يقصد عليه السلام بالمخاطبة لأنه لم يعلم، ولكن في قصده بالمخاطبة تنبيه لغيره، ألا ترى أنه قد يخاطب، فيكون خطابه خطاباً للكافّة، كقوله تعالى: يا أيّها النّبيّ قل لمن في أيديكم من الأسرى [الأنفال/ 70] ويا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم [الطلاق/ 1] وعلى هذا جاء: ألم تعلم أنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ [البقرة/ 106] ألم تعلم أنّ اللّه له ملك السّماوات والأرض [البقرة/ 107] فجاء الخطاب للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، والمراد به الكافّة، فكذلك قوله: ولو ترى الذين ظلموا [البقرة/ 165].
وأما فتح أنّ في قوله أنّ القوّة للّه جميعاً
[الحجة للقراء السبعة: 2/262]
[البقرة/ 165] فيمن قرأ بالتاء والياء، فمن قرأ بالياء فإنّ أنّ معموله يرى، تقديره: ولو يرون أنّ القوّة لله جميعاً. وأما من قرأ بالتاء فقال: ولو ترى الذين ظلموا [البقرة/ 165] فلا يخلو من أن يجعل ترى من رؤية العين أو المتعدية إلى مفعولين. فإن جعلتها من رؤية البصر لم يجز أن يتعدّى إلى أنّ، لأنها قد استوفت مفعولها الذي تقتضيه، وهو الّذين ظلموا ولا يجوز أن يكون بدلًا من المفعول، لأنها ليست الّذين ظلموا ولا بعضهم ولا مشتملًا عليهم، ولا يجوز أن تكون المتعدية إلى مفعولين، لأن المفعول الثاني في هذا الباب هو المفعول الأول في المعنى.
وقوله: أنّ القوّة للّه جميعاً لا يكون الّذين ظلموا وإذا لم يكن إياهم، لم يجز أن يكون مفعولًا ثانياً، فإذا لم يجز أن ينتصب أنّ ب ترى فيمن قرأ بالتاء، جعلها المتعدية إلى مفعول أو مفعولين، ثبت أنه منتصب بفعل آخر غير ترى الظاهرة، وذلك الفعل هو الذي يقدّر جواباً للو، كأنّه: ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب، لرأوا أن العزّة لله جميعاً. والمعنى أنهم شاهدوا من قدرته سبحانه ما تيقّنوا معه أنه قوي عزيز، وأن الأمر ليس على ما كانوا عليه من جحودهم، لذلك، أو شكّهم فيه.
ومذهب من قرأ بالياء أبين، لأنهم ينصبون أنّ بالفعل الظاهر دون المضمر، وهذه الجوابات في هذا النحو من الآي
[الحجة للقراء السبعة: 2/263]
تجيء محذوفة. فإذا أعمل الجواب في شيء صار بمنزلة الأشياء المذكورة في اللفظ. فحمل المفعول عليه، فخالف ما عليه سائر هذا النحو من الآي التي حذفت الأجوبة معها ليكون أبلغ في باب التوعّد.
فأمّا قوله عزّ وجلّ: إذ يرون العذاب [البقرة/ 165] وهي قراءتهم إلا ابن عامر، فحجتهم في ذلك قوله: وإذا رأى الّذين ظلموا العذاب فلا يخفّف عنهم [النحل/ 85] وقال تعالى: ورأوا العذاب وتقطّعت بهم الأسباب [البقرة/ 166] فكما بني الفعل للفاعل الرائي دون المفعول به في هذا الباب، كذلك ينبغي أن يكون في قوله: يرون العذاب ولا يكون: يرون. كما لم يكن: وأروا العذاب.
وحجة ابن عامر أنه قد جاء: كذلك يريهم اللّه أعمالهم حسراتٍ [البقرة/ 167] فإذا كانوا مفعولًا بهم في الفعل المنقول بالهمزة المتعدي إلى مفعولين، كذلك يحسن أن يبنى الفعل لهم، إذا كان متعدياً إلى مفعول واحد، فتقول: يرون كما جاء ضميرهم مفعولًا في قوله: يريهم ألا ترى أنّك إذا قلت: يريهم فبنيت الفعل للمفعول به، قلت: يرون أعمالهم حسرات؟ وقوله: يريهم اللّه أعمالهم حسراتٍ منقول من رأى عمله حسرة، فإذا نقلته بالهمزة تعدى إلى مفعول آخر، وصار الفاعل قبل النقل المفعول الأول). [الحجة للقراء السبعة: 2/264]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولو يرى الّذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوّة لله جميعًا وأن الله شديد العذاب}
قرأ نافع وابن عامر (ولو ترى الّذين ظلموا) بالتّاء وحجتهما قوله {ولو ترى إذ الظّالمون} {ولو ترى إذ يتوفى الّذين كفروا} وجواب لو مكفوف المعنى ولو ترى يا محمّد هؤلاء المشركين عند رؤيتهم العذاب لرأيت أمرا عظيما ينزل بهم {وإن} بمعنى لأن القوّة لله جميعًا ولأن الله شديد العذاب ويجوز أن يكون العامل في {أن القوّة} الجواب المعنى فلو ترى يا ممد الّذين ظلموا لرأيت
[حجة القراءات: 119]
أن القوّة لله جميعًا وهذا خطاب للنّبي صلى الله عليه يراد به النّاس أي لرأيتم أيها المخاطبون أن القوّة لله أو لرأيتم أن الأنداد لم تنفع وإنّما بلغت الغاية في الضّرر ولا يجوز أن يكون العامل في أن ترى لأنّه قد عمل في الّذين
وقرأ الباقون {ولو يرى الّذين ظلموا} بالياء وحجتهم ما جاء في التّفسير لو رأى الّذين كانوا يشركون في الدّنيا عذاب الآخرة لعلموا حين يرونه أن القوّة لله جميعًا قال الزّجاج أما من قرأ {أن القوّة} فموضع أن نصب بقوله ولو يرى الّذين ظلموا شدّة عذاب الله وقوته لعلموا مضرّة اتخاذهم الأنداد وقد جرى ذكر الأنداد ويجوز أن يكون العامل في أن الجواب أي ولو رأى الّذين كانوا يشركون في الدّنيا أن القوّة لله جميعًا وكذلك نصب أن الثّانية والمعنى لو يرى الّذين ظلموا في الدّنيا عذاب الآخرة لعلموا حين يرونه {أن القوّة لله جميعًا وأن الله شديد العذاب}
قرأ ابن عامر {إذ يرون العذاب} بضم الياء على ما لم يسم فاعله فعل يقع بهم تقول أريته كذا وكذا أي أظهرته له وقرأ الباقون {إذ يرون} بفتح الياء يعني الكفّار). [حجة القراءات: 120]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (91- قوله: {ولو يرى} قرأه نافع وابن عامر بالتاء، على المخاطبة للنبي عليه السلام؛ لأن عليه نزل القرآن، فهو المخاطب به، وهو الفاعل لـ «ترى» ويقوي ذلك قوله: {ويوم القيامة ترى الذين} «الزمر 60» وقوله: {ولو ترى إذ وقفوا} «الأنعام 27» و{ترى إذا فزعوا} «سبأ 51» و{لو ترى إذ
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/271]
يتوفى} «الأنفال 50» فكله إجماع على الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم فجرى هذا على نظائره، الجمع عليها، ومعنى الخطاب للنبي هو التنبيه لغيره، وخطاب الله عز وجل للنبي خطاب للخلق كافة لأنه صلى الله عليه وسلم قد كان عالمًا بحال ما يصير إليه الذين ظلموا عند رؤيتهم العذاب، ويجوز أن يكون الخطاب للظالمين، والتقدير: قل يا محمد للظالم: لو ترى الذين ظلموا، فتكون القراءتان بمعنى واحد على هذا التأويل، وقرأ الباقون بالياء، جعلوا الفعل للذين ظلموا، لأنهم لم يعلموا قدر ما يصيرون إليه من العذاب كما علمه النبي والمؤمنون، فهم أولى أن يُسند إلى إليهم الفعل، لجهلهم بما يؤول إليه أمرهم، من أن يسند إلى النبي عليه السلام؛ لأنه كان عالمًا بذلك، وأيضًا فقد تقدم قبله لفظ غيبة، في قوله: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادًا} بعد قوله: {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار} «161» فهم الظالمون المذكورون بعد {ترى}، فجرى لفظه على الغيبة؛ لما تقدم من ذكرهم على لفظ الغيبة أيضًا، فإن بعده لفظ خبر عن غيب في قوله: {كذلك يريهم الله أعمالهم} «167»، وقوله {ولو ترى}، في قراءة من قرأ بالتاء، يحتمل أن يكون من رؤية البصر، وأن القوة هي المفعول، ويحتمل أن يكون من رؤية القلب، فيسدان مسد المفعولين، وإذا قرئ بالتاء بعد أن يكون من رؤية البصر؛ لأن {الذين ظلموا} مفعول {ترى} لأنه إنما يتعدى إلى مفعول واحد، فتبقى «أن» لا عامل فيها، ويبعد أيضًا أن يكون من رؤية القلب؛ لأنه ليس في الكلام مفعول ثان لأنه يتعدى إلى مفعولين
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/272]
الأول «الذين ظلموا» ولا مفعول ثان في الكلام، ولا يحسن أن يكون «أن القوة» المفعول الثاني لأن الثاني في هذا الباب هو الأول في المعنى لأنه إنما يدخل على الابتداء والخبر، وليس «أن القوة» هي «الذين ظلموا» فلابد من إضمار فعل يعمل في «أن»، تقديره: لرأيت يا محمد أن القوة، أو لعلمت أن القوة، أو لرأوا أن القوة، أو لعلموا أن القوة، ونحوه، ولابد أن يقتصر بـ «ترى» على رؤية البصر، إذ ليس في الكلام مفعول ثان، فالقراءة بالياء أقوى في المعنى، وفي الإعراب، وفي قلة الإضمار، وعليها أكثر القراء، وعلى الياء حض ابن مسعود وابن عباس، وهو اختيار أبي عبيد، وبه قرأ مجاهد وابن محيصن وابن أبي إسحاق وطلحة وعيسى بن عمر والأعمش). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/273]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (92- قوله: {إذ يرون} قرأه ابن عامر بضم الياء، على ما لم يُسم فاعله، فلم يضف الفعل إليهم، كما قال: {كذلك يريهم الله} فلم يضف الفعل إليهم، وقرأ الباقون بفتح الياء، على أنه أضاف الفعل إلى «الظالمين» كما قال: {وإذا رأى الذين ظلموا العذاب} «النحل 85» وقال: {ورأوا العذاب} «البقرة 166» فأضاف الفعل إليهم، فحمل هذا على ذلك، وهو الاختيار، وعليه الجماعة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/273]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (55- {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [آية/ 165]:-
بالتاء، قرأها نافع وابن عامر ويعقوب.
وذلك لأنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقصد هو عليه
[الموضح: 307]
السلام بالمخاطبة؛ لأنه كان عالمًا بذلك، ولكن كان في ذلك تنبيه غيره؛ لأنه عليه السلام قد يخاطب، فيكون المقصود خطاب العامة نحو: {يا أيّها النَبِيُّ} و{إِذَا طَلّقتُم} و{يا أيّها النَبِيّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُم}، وقد جاء مثل هذه اللفظة كثيرًا على الخطاب في القرآن نحو {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزعُوا} {وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا} {وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفّى}.
وقرأ الباقون بالياء على الغيبة، وذلك أنه أشبه بما قبله، وهو {وَمِنَ النّاس مَنْ يَتّخِذُ} وما بعده، وهو {كذلك يُريهم الله}، وهما على الغيبة، ثم إن المتوعدين لم يعلموا من مقدار العذاب المعاين ما علمه صلى الله عليه وسلم والمؤمنون، فإسناد الفعل إليهم أقرب). [الموضح: 308]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (56- {إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ} [آية/ 165]:-
بضم الياء، قرأها ابن عامر وحده.
ووجهها أن الفعل مبني للمفعول به؛ لأنه قد جاء مثل ذلك نحو {يُرِيهِمُ الله أعْمالَهُم}.
فكما أنهم مفعول بهم في هذه الآية، كذلك ههنا.
وقرأ الباقون {يَرَوْنَ} بفتح الياء.
[الموضح: 308]
ووجه ذلك أنه قد جاء مثله نحو {وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ} {وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ}). [الموضح: 309]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (57- {أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ الله} [آية/ 165]:-
بكسر الألف فيهما، قرأها يعقوب وحده.
والوجه أنه استئناف؛ لأنه لما قال {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ} كان المعنى: ولو يرى الذين ظلموا شدة بأس الله تعالى عند رؤيتهم العذاب لأيقنوا مضرة اتخاذ الأنداد، ثم استأنف بعد ذلك فقال {أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ} أي إن القدرة له لا للأنداد.
وقال الفراء: هو على إضمار القول، والتقدير لقالوا إن القوة لله جميعًا، فجعل {إنّ} محكيًا لقالوا، وقالوا جواب لو.
وقرأ الباقون {أَنَّ القُوَّةَ} {وأَنَّ الله} بفتح الألف فيهما.
[الموضح: 309]
والوجه أن قوله {أَنَّ القُوّةَ} مفعول {يرى}، والتقدير: ولو يرى الذين ظلموا أَنَّ القوةَ لله جميعًا لعلموا مضرَّةَ اتّخاذِ الأنداد.
ويجوز أن يكون بإضمار اللام الجارة، والتقدير: لأن، والمعنى: ولو يرى الذين ظلموا شدة عذاب الله إذ يرون العذاب لندموا على اتخاذ الأنداد؛ لأن القوة لله لا للأنداد.
وعند بعضهم أنه على إضمار علموا، ويكون هو جواب لو، والتقدير ولو يرى الذين ظلموا شدة العذاب لعلموا أن القوة لله جميعًا.
ومن قرأ بالتاء من {ترى} فيجوز على قراءته أن يكون {أَنَّ القُوَّةَ} بدلاً من {العذاب}.
ويجوز أن يكون على إضمار رأيت، فيكون رأيت جوابًا للو، والتقدير: ولو ترى أنت أيها المخاطب وقت رؤيتهم العذاب لرأيت أن القوة لله جميعًا). [الموضح: 310]

قوله تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166)}

قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 06:19 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[من الآية (168) إلى الآية (173) ]

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (170) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (171) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)}


قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان... (168).
قرأ ابن كثير في إحدى الروايتين، وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر، وحمزة (خطوات) بسكون الطاء.
وكذلك قرأ نافع، وروي عن ابن كثير في إحدى الروايتين: (خطوات) بضم الطاء، وهي قراءة ابن عامر والكسائي وحفص.
قال أبو منصور: قال النحويون: يقال: خطوة واحدة ويجمع (خطوات) و(خطوات) وقد قرئ بهما، وفيها لغة ثالثة لم يقرأ بها، وهي: (خطوات).
وفسّر خطو،: الشيطان: آثاره.
وأصل الخطوة ما بين القدمين). [معاني القراءات وعللها: 1/188]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ الطاء وإسكانها من قوله تعالى: خطوات [البقرة/ 168].
فقرأ ابن كثير وابن عامر والكسائيّ وحفص عن عاصم خطوات مثقّلة.
وروى ابن فليح بإسناده عن أصحابه عن ابن كثير:
خطوات ساكنة الطاء خفيفة.
وقرأ نافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر وحمزة خطوات ساكنة الطاء خفيفة.
قال أبو علي: أما الخطوة، فإنهم قد قالوا: خطوت خطوة، كما قالوا: حسوت حسوة، والحسوة اسم ما يحتسى.
وكذلك: غرفت غرفة، والغرفة اسم ما اغترف، فعلى هذا القياس يجوز أن تكون الخطوة والخطوة، فإذا كان كذلك، فالخطوة: المكان المتخطّى، كما أنّ الغرفة: العين المغترفة بالكفّ، فيكون المعنى: لا تتبعوا سبيله ولا تسلكوا طريقه، لأن الخطوة اسم مكان. وإن جعلت الخطوة كالخطوة في المعنى.
كما جعلوا الدّهن كالدّهن، فالتقدير: لا تأتمّوا به. ولا تقفوا أثره، فالمعنيان يتقاربان وإن اختلف التقديران. وقول رؤبة:
[الحجة للقراء السبعة: 2/265]
مجهولة تغتال خطو الخاطي معناه: أن هذه المفازة لطولها وبعد أقطارها كأنّ الخطى تهلك فيها فلا تؤثّر في قطعها، كما قال ذو الرّمّة في وصف عين بالسّعة:
تغول سيول المكفهرّات غولها أي لسعتها، وأنها لا تمتلئ مما يمتدّ إليها من الأمطار كأنّها تهلكها وتذهب بها.
وحجة من حرّك العين من خطوات: أن الواحدة (خطوة) فإذا جمعت حركت العين للجمع، كما فعلت بالأسماء التي على هذا الوزن نحو: غرفة وغرفات قال تعالى: وهم في الغرفات آمنون [سبأ/ 37]. ولم يلزم أن تبدل من الضمة كسرة، ومن الواو ياء كما يفعل ذلك في: أدل، وأجر، ونحوه، لأنه بمنزلة ما يبنى على التأنيث- ألا ترى أن الضمة إنما اعترضت مع الجمع بالألف والتاء، ولم تثبت الضمة والواو آخرة، ثم لحقتها التاء للجمع، كما أن الياء والواو في: النهاية والشقاوة
[الحجة للقراء السبعة: 2/266]
لم تثبتا في الكلام، ثم يلحقهما التأنيث. وإنما بنيت الكلمة على حرف التأنيث كما يبنى «مذروان» على التثنية، وهذا في خطوات ونحوها أظهر. لأن الضمة إنما تلحق مع الألف والتاء كما أنها في الغرفات والرّكبات كذلك.
وشيء آخر لمن ثقّل العين، وهو أنّه يجوز أن يكون لمّا حذف التاء التي للتأنيث، فبقي الاسم على فعل، حرّك العين مثل: عنق وعنق، وطنب وطنب فلمّا ثقّل العين بني الاسم على تاء التأنيث وألفه، كما بنى الاسم على التاء المفردة في: غيابة وشقاوة، وعلى التثنية في مذروان وثنايان، والدليل على ذلك قول لبيد:
فتدلّيت عليه قافلًا... وعلى الأرض غيايات الطّفل
ألا ترى أنه لو لم يكن الاسم مبنياً عليهما لهمزت الياء لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة، فكما أن ثنايان مبني على التثنية، كذلك هذا بني على الجمع بالألف والتاء.
[الحجة للقراء السبعة: 2/267]
قال أبو الحسن: التحريك: قول أهل الحجاز.
وحجة من أسكن فقال: خطوات: أنهم نووا الضمة وأسكنوا الكلمة عنها- ألا ترى أنّ القول في ذلك لا يخلو من أن تكون جمع فعلة، فتركوها في الجمع على ما كانت عليه في الواحد، أو يكونوا أرادوا الضمة فخفّفوها وهم يريدونها، كما أنّ من قال: لقضو الرجل ورضي، أراد الضمة والكسرة، فحذفوها من اللفظ وهم يقدرون ثباتها، بدلالة تركهم ردّ الياء والواو، فلا يجوز الوجه الأول لأن ذلك إنما يجيء في ضرورة الشعر دون حال السّعة والاختيار، كما قال ذو الرّمّة.
... ورفضات الهوى في المفاصل فإذا لم يجز حمله على هذا الوجه، علمت أنه على الوجه الآخر، وأنهم أسكنوها تخفيفاً، وهم يريدون الضمة، كما تراد الضمة في: لقضو الرجل ونحوه، ولهذا لم يجمع ما كان على فعال، ونحوه من المعتل على: فعل، ولا فعل لأنك لو جمعته على فعل، لكانت الضمة في تقدير الثبات، ويدلّك على أنها عندهم في تقدير الثبات: أن التحريك فصل بين الاسم والصفة، فإذا كان كذلك علمت أن التحريك الذي يختصّ بالأسماء دون الصفات منويّ، فأما قولهم: ثني وثن؛ فهو مما رفضوه في سائر كلامهم.
[الحجة للقراء السبعة: 2/268]
ولمن أسكن. العين من خطوات وجه آخر من الحجاج، وهو أن يكون أجرى الواو في إسكانه إياها مجرى الياء- ألا ترى أن ما كان من هذا النحو من الياء نحو، مدية، وكلية، وزبية، لم يجمع إلا بالإسكان للعين، وذلك أنك لو حركتها للزم انقلاب الياء واواً لانضمام ما قبلها، كما لزمها انقلابها في: لقضو الرجل، فلما كان التحريك يؤدي إلى القلب، قرروه على الإسكان فقالوا: مديات وكليات. فلما لزم الإسكان في الياء جعل من أسكن خطوات الواو بمنزلة الياء، كما جعلوها بمنزلتها في (اتسروا)، ألا ترى أن التاء لا تكاد تبدل من الياء، وإنما يكثر إبدالها من الواو، وإنما أبدلوها في (اتسر)، لإجراء الياء مجرى الواو، وكذلك أجرى الواو مجرى الياء في أن أسكنها في خطوات ولا يلزمه على هذا أن يقول في: غرفات: غرفات، لأنه لم يجتمع مع كثرة الحركات الأمثال كما اجتمعت في خطوات). [الحجة للقراء السبعة: 2/269]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي عليه السلام والأعرج، ورُويت عن عمرو بن عبيد: [خُطُؤات] بضمتين وهمزة، وهي مرفوضة وغلط.
وقرأ أبو السمال: [خَطَوات] بفتح الخاء والطاء.
قال أبو الفتح: أما الهمز في هذا الموضع فمردود؛ لأنه من خطوت لا من أخطأت، والذي يُصرف هذا إليه أن يكون كما تهمزه العرب ولا حظَّ له في الهمز، نحو: حَلَّأت السويق، ورَثَأْثُ رُوحي بأبيات، والذئب يستنشئ ريح الغنم. والحمل على هذا فيه ضعف؛ إلا أن الذي فيه من طريق العذر أنه لما كان من فعل الشيطان غلب عليه معنى الخطأ، فلما تصور ذلك المعنى أَطلعت الهمزة رأسها، وقيل: [خُطُؤات].
وأما خَطَوات فجمع خَطْوة، وهي الفَعْلَة، والْخُطوة ما بين القدمين، والْخُطُوات كقولك: طرائق الشيطان، والْخَطَوات كقولك: أفعال الشيطان). [المحتسب: 1/117]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولا تتبعوا خطوات الشّيطان إنّه لكم عدو مبين}
قرأ نافع وأبو عمرو وحمزة وأبو بكر والبزي {خطوات} ساكنة
[حجة القراءات: 120]
الطّاء وحجتهم أنهم استثقلوا الضمتين بعدهما واو في كلمة واحدة فسكنوا الطّاء طلبا للتّخفيف
وقرأ الباقون خطوات بضم الطّاء وحجتهم أن أصل فعلة إذا جمعت أن تحرّك العين بحركة الفاء هذا المستعمل في العربيّة مثل ظلمة وظلمات وحجرة وحجرات وقربة وقربات وخطوة وخطوات وقالوا ولم تستثقل العرب ضمة العين). [حجة القراءات: 121]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (93- قوله: {خطوات} قرأه ابن عامر والكسائي وحفص وقنبل بضم الطاء حملًا على أصل الأسماء؛ لأن الأسماء يلزمها في الجمع الضم في نحو: «غرفة، وغرفات» فضم «خطوات» على الأصل، وهي لغة أهل
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/273]
الحجاز، وقرأ الباقون بإسكان الطاء تخفيفًا؛ لاجتماع ضمتين وواو، لأنه جمع، ولأنه مؤنث، فاجتمع فيه ثقل الجمع، وثقل التأنيث، وثقل الضمتين والواو، فحسن فيه التخفيف، وقوي، وأصله الضم، ولا يحسن أن يقال: تُركت الطاء على سكونها في الواحد، لأن الجمع يلزمه الضم، فإنما هي ضمة أسكنت تخفيفًا؛ لما ذكرنا، لأن الضم، في هذا الباب للفرق بين الاسم والصفة، فالاسم يلزمه الضم لخفته، والصفة تسكن لثقلها، وذلك للفرق بينهما، والإسكان أولى لخفته، ولأن عليه أكثر القراء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/274]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (58- {خُطُوَاتِ} [آية/ 168]:-
مضمومة الخاء والطاء، قرأها ابن كثير وابن عامر والكسائي و- ص- عن عاصم ويعقوب.
ووجه هذه القراءة أنه جمع خطوة على فعلة بضم الفاء وغرفات، قال الله تعالى {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آَمِنُونَ}، وهو مذهب أهل الحجاز.
وقرأ الباقون {خُطْواتِ} بضم الخاء وتسكين الطاء.
[الموضح: 310]
وذلك أنهم لما جمعوا الخطوة نووا الضمة في الطاء ثم أسكنوها استخفافًا، وهي في تقدير الثبات، يدل على أن الضمة في حكم الثبات أن هذه حركة يفصل بها بين الاسم والصفة، كما هي في جمع فعلة المفتوحة الفاء، فلا تحذف عن الاسم حذفًا، إذ هي فارقة بينه وبين الصفة فهي منوية لا محالة). [الموضح: 311]

قوله تعالى: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169)}

قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (170)}
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا}
اختلف القرّاء في إدغام لام هل وبل عند التّاء والثاء والطاء والظاء والصّاد والزّاي والسّين والنّون نحو {بل نتبع} و{هل ترى}
فقرأ الكسائي جميع ذلك بالإدغام دخل حمزة معه عند التّاء والثاء والسّين وقرأ الباقون جميع ذلك بالإظهار
حجّة الكسائي في ذلك أن هذه اللّام لما كانت ساكنة في الخلقة أشبهت لام المعرفة فأدغمها عند هذه الحروف كما تدغم لام المعرفة عندهن فأجرى لام هل وبل مجرى لام المعرفة فأدغمها فيما أدغم فيه لام المعرفة ألا ترى أنه لم يدغم لام قل في شيء لأن سكونها عارض وأن الحركة أصلها وكذلك {ومن يبدل نعمة الله} وحجّة من أظهر لام هل وبل أن هذه اللّام تفارق لام المعرفة من جهة أن كل واحدة منهما من حرف يسكت عليه والّذي لقيها من حرف آخر فضعفت عن الإدغام الّذي يكون في الحرف الواحد الّذي
[حجة القراءات: 121]
لا يفصل بعضه عن بعض). [حجة القراءات: 122]

قوله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (171)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172)}

قوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فمن اضطرّ... (173).
اختلف القراء في ضم النون وكسرها من قوله: (فمن اضطرّ)، وفي
[معاني القراءات وعللها: 1/188]
التاء من قوله: (وقالت اخرج عليهنّ)، وفي الدال من قوله: (ولقد استهزئ) وفي الواو من قوله: (أو اخرجوا) (أو ادعوا)،
وفي اللام من قوله: (قل انظروا)، و(قل ادعوا)، ونحوهن.
فقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر والكسائي: (فمن اضطرّ) (أن اقتلوا) (أو اخرجوا)، (ولقد استهزئ)، (وقالت اخرج)، (أو انقص) وما نحا نحو هذا بالضم.
[معاني القراءات وعللها: 1/189]
قرأ أبو عمرو: (قل ادعوا الله)، (أو انقص)، (أو اخرجوا)، (أو ادعوا) (قل انظروا) بضم اللام والواو في هذه الخمسة الأحرف، وكسر الباقي.
وروى هارون عن أبي عمرو: (وقالت اخرج) بضم التاء، (فمن اضطر) بضم النون.
وقرأ عاصم وحمزة بكسرها كلها في التنوين وغيره، لاجتماع الساكنين.
وقرأ يعقوب: (أو اخرجوا)، (أو ادعوا)، (أو انقص) بضم هذه الثلاثة الأحرف، وكسر الباقي.
قال أبو منصور: هما لغتان، فمن كسر فلاجتماع الساكنين، ومن ضم فلأن ألف الوصل كان حقها الضم لو ابتدى بها، فلما سقطت في الوصل نقلت ضمتها إلى الحرف الذي قبلها.
[معاني القراءات وعللها: 1/190]
واتفق القراء على ضم الطاء من "اضطّر" ومن فتحها فقد خالف الإعراب). [معاني القراءات وعللها: 1/191]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه}
قرأ حمزة وأبو عمرو وعاصم {فمن اضطر} بكسر النّون حيث كان وكذلك {وقالت اخرج} {ولقد استهزئ} و{فتيلا انظر} بكسر التّاء والدّال والتنوين زاد عاصم وحمزة عليه كسر اللّام والواو مثل {قل ادعوا الله أو ادعوا الرّحمن} ودخل ابن عامر معهم في التّنوين فحسب
وقرأ الباقون جميع ذلك بالرّفع وحجتهم أنهم كرهوا الضّم بعد الكسر لأن يثقل على اللّسان فضموا ليتبع الضّم الضّم
وحجّة الكسر أن الساكنين إذا اجتمعا يحرك أحدهما إلى الكسر كقوله {وقل الحق من ربكم} وذكر اليزيدي عن أبي عمرو قال وإنّما كسرت النّون لأنني رأيت النّون حرف إعراب في حال النصب والرّفع تذهب إلى الكسر مثل قوله {غفورًا رحيما النّبي} وقوله {والله عزيز حكيم الطّلاق} قال فإذا كانت النّون نفسها فهو أحق أن يذهب بها إلى الكسر قال والتّاء والدّال بمنزلة النّون وهما أختا النّون إذ كانت لام التّعريف تندغم فيها كإدغامها في التّاء والدّال فتقول هي التّاء والدّال والنّون فترى اللّام فيهنّ
[حجة القراءات: 122]
مدغمة وضم الواو لأن اللّام تظهر عند الواو وضم اللّام في قوله {قل ادعوا الله} كراهية كسرة اللّام بين ضمتين ضمة القاف وضمة العين فأتبع الضمة الضّم). [حجة القراءات: 123]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (59- {فَمَنِ اضْطُرَّ} [آية/ 173]:
بضم النون، قرأها ابن كثير ونافع والكسائي.
والوجه أن ضمة النون ههنا لإتباع ضمة الطاء في من اضطر، ولم تكسر وحقها الكسر لالتقاء الساكنين، بل ضمت كراهة الخروج من الكسرة إلى الضمة؛ لأن ذلك يثقل عندهم، وليس الضاد الساكنة بحاجز عندهم لسكونها، فإن الكسرة تلي الضمة، فكما استثقلوا نحو فعل بكسر الفاء وضم العين للخروج من الكسر إلى الضم حتى اطرحوه من كلامهم، فكذلك يستثقلون نحو ذلك، فيقولون: اقتل بضم همزة الوصل إتباعًا لضمة التاء، ولا يقولون اقتل بكسر الهمزة كراهة لما ذكرنا من الخروج من الكسرة إلى الضمة.
ومثل قوله {فَمَنُ اضْطُرّ} قوله تعالى {أَنُ اقْتُلُوا} و{أَوُ اخْرُجُوا} و{أَوُ انْقُصْ}.
[الموضح: 311]
وقرأ عاصم وحمزة {فَمَنِ اضْطُرّ} بكسر النون من {مَن}، وكذلك يعقوب إلا في الواو فإنه ضمها حيث وقعت نحو {أَوُ اخْرُجُوا} و{أَوُ انْقُصْ}.
والوجه في كسر {مَنِ اضْطرّ} أن الكسر فيه لالتقاء الساكنين وهو الأصل فيه.
وأما ضم يعقوب الواو في نحو {أَوُ اخْرُجُوا} و{أَوُ انْقُصْ} مع كسر غير الواو؛ فلأن الواو إما أن تكون للجمع أو لغير الجمع، فإن حقها الضم لالتقاء الساكنين نحو {اشْتَرَوُا}؛ لأن لام الفعل التي كانت كان فيها ضم في حالة الجمع، فلما زال الضم بزوال محله أرادوا أن يدلوا عليه فجعلوا حركة التقاء الساكنين الضمة.
وأما ما كان لغير الجمع فإنه يجوز ضمه أيضًا على تشبيهه بواو الجمع نحو {أَوُ انْقُصْ} و{لَوُ اسْتَطَعْنَا} ). [الموضح: 312]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 06:21 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[من الآية (174) إلى الآية (176) ]

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (176)}


قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174)}

قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175)}

قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (176)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة