العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > أحكام المصاحف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 صفر 1436هـ/20-12-2014م, 10:03 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

تطييب المصحف | غير مصنف



قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (اختلفت كلمة أهل العلم في مسألة تطييب المصحف،أو جعل الورد بين أوراقه. فقال بكراهته قوم، وقال بإباحته قوم آخرون، وذهب فريق ثالث إلى القول باستحبابه.
فقد أخرج عبد الرزاق في مصنفه، وأبو عبيد في فضائل القرآن، وابن أبي داود في المصاحف، وأبو عمرو الداني في المحكم، واللفظ لعبد الرزاق قال: ( عن الثوري عن ليث عن مجاهد: "أنه كان يكره الطيب والتعشير في المصحف".
فعلى رواية عبد الرزاق يكون مجاهد حاكيا لكراهة تطييب المصحف عن السلف، وعلى رواية الباقين يكون مجاهد هو القائل بالكراهة المذكورة.
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: (لا يكره تطييب المصحف، ولا جعله على كرسي أو كيس حرير نص عليه).
وذكر ابن مفلح في الفروع القول بجواز تطييب المصحف رواية عن الامام
[422]
أحمد، وقال: (واستحب الآمدي تطييبه لأنه عليه السلام طيب الكعبة، وهي دونه، وهو ظاهر كلام القاضي لأمره عليه السلام بتطييب المساجد، والمصحف أولى).
وجزم السيوطي في الاتقان باستحباب تطييب المصحف
قال الهيتمي في الفتاوى الحديثية: (قال الزركشي: ويسن تطييبه وجعله على كرسي وتقبيله انتهى). كذا عزى القول بسنية تطييب المصحف ِإلى الرزركشي، وعبارته في البرهان: ( ويستحب تطييب المصحف وجعله على كرسي). ولعل الهيتمي رأى القول بالسنية للزركشي في غير البرهان والله أعلم بالصواب).
[423]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 صفر 1436هـ/20-12-2014م, 10:06 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

تعاهد المصحف | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (أخرج ابن أبي شيبة في المصنف، ومسلم في صحيحه، واللفظ له قال: (حدثنا ابن نمير، حدنا أبي وأبو معاوية ح، وحدثنا يحي بن يحيى واللفظ له قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق قال: قال عبد الله: "تعاهدوا هذه المصاحف، وربما قال القرآن، فلهو أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم من عقله").
[424]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28 صفر 1436هـ/20-12-2014م, 10:17 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

تعليق المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (يتوقف القول في حكم تعليق المصحف على القصد من ذلك التعليق، وعلى المكان الذي يتعلق فيه المصحف، فإن كان الغرض من تعليق المصحف صيانته وحفظه، ولم يكن المكان الذي علق فيه قبلة للمصلي، أو مكانا ممتهنا، ولم يكن التعليق للمصحف ضربا من الزينة أو سبيلا إلى هجره، فالظاهر من كلام جمهور أهل العلم أنه لا حرج في ذلك التعليق؛ بل لعله أولى من وضعه على الأرض أو على خزانة مثلا..
قال الهيتمي في الفتاوى الحديثية عند كلامه على المصحف: (وينبغي جعله بمسمار معلق بنحو وتد في حائط طاهر نظيف، وفي صدر المجلس أولى). لكن قد أخرج الدرامي في سننه، وابن أبي داود في المصاحف، وعنه الحافظ في الفتح من حديث أبي أمامة قال: "اقرأوا القرآن ولا تغرنكم هذه المصاحف المعلقة، فإن الله لا يعذب قلبا وعى القرآن"فظاهره التحذير من الاكتفاء بمجرد تعليق المصاحف والتزين بها واقتنائها كسائر المتاع دون تعاهدها والنظر فيها.
وقد عقد ابن أبي داود في كتاب المصاحف بابا سماه باب تعليق المصاحف قال في مستهله: ( حدثنا هارون بن اسحاق قال: حدثني محمد بن عبد الوهاب قال: ذكر سفيان أنه كره أن نعلق المصاحف). ولعل القول بكراهة التعليق محمول
[431]
على ما قصد به التبرك أو التحرز أو الزينة كما هو صنيع بعض الناس في زماننا ممن يعلق المصحف في سيارته أو مكتبه، أو كان التعليق على سبيل التحصن من العين أو الجان مثلا، فإن ذلك كله استعمال المصحف في غير ما قصد به شرعا. وقال السيوطي في الإتقان: ( يكره تعليق المصحف). كذا ذكر الكراهة وأطلق. وقد ذكر القرطبي في تفسيره عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:" من تعلم القرآن وعلق مصحفه لم يتعاهده ولم ينظر فيه جاء يوم القيامة متعلقا به يقول: يارب العالمين إن عبدك هذا اتخذني مهجورا، فاقضي بيني وبينه". وعزاه القرطبي إلى الثعلبي. وقال محقق تفسير القرطبي: (في الأصول:" من تعلم القرآن وعلمه وعلق مصحفا..." وتصحيح هذا الأثر من روح المعاني والبضاوي والشهاب على أنهم تكلموا في صحته إذ في سنده أبو هدية وهو كذاب). قال في تذكرة الموضوعات: (أبو هدبة كذبه يحيى).
تعليق المصحف حجابا وحرزا:
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: (فإن علق شيئا من القرآن ونحوه على حيوان، ولم أجد لأحد في هذه المسألة كلاما، وينبغي أن يقال: إن كان الحيوان طاهرا كره ذلك، وفي التحريم نظر لأنه فعل غير مأثور، ولما فيه من الامتهان وملابسة الأنجاس والأقذار، والصبيان ونحوهم لهم من يصونهم ويمنعهم من ذلك بخلاف الحيوان، وإن كان الحيوان نجسا كالكلب ونحوه فلا إشكال في التحريم والله أعلم).
قلت فإذا كان تعليق بعض القرآن محظورا للمحاذير المذكورة فلأن يكون المنع
[432]
من تعليق المصحف الكامل أولى، فإذا انضاف إلى تلك المحاذير ما يستلزمه التعليق من تصغير لحجم المصحف ودقة في خطه المشعر بعدم التعظيم للمصحف كان الحظر أشد والمنع فيه أظهر. وقد صرح غير واحد من أهل العلم بتحريم تعليق المصحف كتميمة، فقد جاء في الشرح الكبير للدردير المالكي أن تعليق المصحف الكامل على هيئة حرز لا يجوز في أحد القولين عند فقهاء المالكية.
وجاء في حاشية الشرواني الشافعي على تحفة المحتاج للهيتمي أنه لو جعل المصحف كله أو قريبا من الكل تميمة حرم لأنه لا يقال حينئذ تميمة عرفا، على أن تعليق الحروز من القرآن في الجملة أمر قد اختلفت فيه كلمة أهل العلم، فمنهم من قال بالجواز مع الكراهة، ومنهم من قال بالتحريم، ومنهم من فصل بين الحروز المكشوفة وبين الحروز المكنونة ، فرخص في الثانية دون الأولى. وقد أفردت هذه المسألة بمصنف سميته"الرقى الخطية ومدى حظها من المشروعية" كما عرضت لهذه المسألة على سبيل الاختصار في المبسوط في أحكام الكتابة والكتب وحجية الخطوط.
تعليق المصحف في قبلة المصلي:
لأهل العلم في مسألة وضع المصحف في القبلة قولان:
المنع والجواز. وقد ذهب إلى المنع جمهور السلف والخلف.فقد روى ابن أبي داود بسنده عن مجاهد قال: "كان ابن عمر يكره أن يصلي وبين يديه سيف أو مصحف".
وعن خصيف قال: " كان ابن عمر إذا دخل بيتا لم ير شيئا معلقا في قبلة المسجد مصحفا أو غيره إلا نزعه، وإن كان عن يمينه أو شماله تركه".
وعن إبراهيم النخعي: أنه كره أن يكون في مصلى الرجل حيث يصلي في قبلته مصحف أو غيره.
[433]
وروي عن إبراهيم أيضا: قال:" كانوا يكرهون أن يصلوا وبين أيديهم شيء حتى المصحف". وعنه قال: " كانوا يكرهون أن يجعلوا في قبلة المسجد شيئا حتى المصحف يكرهونه". وعنه أيضا: "أنه كان يكره أن يصلي الرجل وفي قبلته المصحف أو غيره"، وعنه
أيضا: " أنه كان يكره أن يصلي الرجل وبين يديه المصحف أو شيء معلق".
وقال مالك: " أكره أن يوضع المصحف في القبلة ليصلي إليه:. قال مالك:" وإنما بنى عمر بن عبد العزيز القبر هذا البناء حين كان الناس يصلون إليه، وجعلوه مصلى، فأنا أكره أن يجعل المصحف في القبلة ليصلى إليه، ولا أحب ذلك، وأما إذا كان موضعه أو ذلك الموضع أحفظ له ومعلق له ليس يجعل لمكان الصلاة إليه، فلا أرى بذلك بأسا".
قال ابن رشد عن المصحف: (كره القصد بالصلاة إليه على ما قاله في هذه الرواية، ومثله في المدونة سواء، لأن ذلك بدعة).
ونقل ابن قدامة قول أحمد: " كانوا يكرهون أن يجعلوا شيئا في القبلة حتى المصحف".قال أحمد: "يكره أن يكون في القبلة شيء معلق مصحف أو غيره، ولا بأس بأن يكون موضوعا بالأرض".
وقد روي مجاهد قال: " ولم يكن عبد الله بن عمر يدع شيئا بينه وبين القبلة إلا نزعه ولا سيفا ولا مصحفا".رواه الخلال بإسناده.
وفي الآداب: (ويصان عن تعليق مصحف ِأو غيره في قبلته دون وضعه بالأرض، قال جعفر بن محمد أبو عبد الله الكوفي: سمعت أحمد يقول: "يكره أن يعلق في القبلة شيء يحول بينه وبين القبلة، ولم يكره أن يوضع في المسجد المصحف أو نحوه").
وذكر في الفروع معناه، ثم قال: (ولم يكره ذلك الحنفية، قال بعضهم: وهو قول الجمهور).
ونقل الجراعي الحنبلي نحوا مما في المغني والآداب، واقتصر عليه.
وذكر الغزالي تنحية ابن عمر المصحف عن قبلة المسجد، واقتصر عليه.
القول الثاني: الترخيص في وضع المصحف في القبلة، وهو مذهب الحنفية، وعليه الفتوى عندهم. قالوا: لا بأس بأن يصلي وبين يديه أو فوق رأسه المصحف أو سيف معلق أو ما أشبه ذلك. وفي الدر: لا يكره الصلاة إلى مصحف أو سيف، وعلله في الحاشية عن شرح المنية: أن وجه عدم الكراهة أن كراهة استقبال بعض الأشياء باعتبار التشبه بعبادها، والمصحف والسيف لم يعبدهما أحد، واستقبال أهل الكتاب للمصحف للقراءة فيه لا للعبادة. وعند أبي حنيفة: يكره استقباله للقراءة، ولذا قيد بكونه معلقا. وذكر ابن الهمام والبابرتي نحوا مما نقله ابن عابدين واقتصر عليه. وقد يأتي لهذه المسألة مزيد بيان في غير موضع من هذا البحث إن شاء الله تعالى.
[435]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 08:15 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التفسير في المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (صرح غير واحد من أهل العلم بالمنع من كتابة التفسير في المصحف إعمالا لعموم الأمر بتجريد القرآن والمصاحف عما ليس بقرآن على ما مر بيانه في مسألة تجريد المصحف، ولأثر هو نص في المطلوب أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه عن عامر الشعبي قال: (كتب رجل مصحفا وكتب عند كل آية تفسيرها، فدعا به عمر فقرضه بالمقراضين). [وذكر ابن الباقلاني في كتابه الانتصار لنقل القرآن ص71 القول بكراهة السلف أن يثبت في المصحف ما ليس منه من ذكر أفتاح السور، وذكر خواتيمها وأعشارها وغير ذلك من تزيين المصحف، وأن قوما من التابعين قد أجازوا كتب التفسير وخاتمة السورة كذا وكذا، فأنكر عليهم فلم يحتجوا بصواب فعلهم].
وقال السيوطي في الإتقان: (قال الجرجاني من أصحابنا في الشافي: "من المذموم كتابة تفسير كلمات القرآن بين أسطره").
وقال الحليمي في كتابه المنهاج في شعب الإيمان: (تكره كتابة الأعشار والأخماس وأسماء السور وعدد الآيات فيه لقوله: "جردوا القرآن"، ولأنه قد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه: "أنه كان يحك التعشير من المصحف"
إمعانا منه رضي الله عنه في التأكيد على تجريد المصحف عن كل ما ليس بقرآن،
[436]
وحذرا من أن يختلط القرآن بغيره في نظر من لا دراية له به. لكن فريقا من أهل العلم قد رخص في كتابة التفسير في المصحف إذا احتيط للقرآن، واقتصر على ما تمس الحاجة إليه من التفسير، ولذا صرح الهيتمي في الفتاوى الحديثية بأنه يجوز أن يحشى المصحف من التفسير والقراءات كما تحشى الكتب، لكن ينبغي أخذا مما مر في تحشية الكتب أن لا يكتب إلا المهم المتعلق بلفظ القرآن دون نحو القصص والأعاريب الغريبة.
قال الحليمي: (ومن الآداب أن لا يخلط به ما ليس بقرآن كعدد الآي، والوقوف، واختلاف القراآت، ومعاني الآيات، وأسماء السور والأعشار. قال البيهقي: لأنه صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان لم يفعلوا شيئا من ذلك).
وقد مر في مسألتي تجريد المصحف وتحشيته طرف من هذا، ويأتي في مسألة جمع قراآت شتى في مصحف واحد مزيد بيان.
[437]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 08:20 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

تقليب ورق المصحف بواسطة | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (اختلف القائلون بمنع المحدث من مس المصحف وهم الجمهور كما مر في موضعه من هذا البحث، أقول اختلفوا في حكم تقليب المحدث لأوراق المصحف بواسطة كقضيب أو قلم أو سكين أو من وراء كمه مثلا، وألحق بعضهم بمسألة التقليب بواسطة ما لو قلب ورق المصحف عضو صناعي كأصبع من ذهب، أو يد من ذهب أو فضة. وفرق جمع من أهل العلم بين التقليب بواسطة مستقلة وبين التقليب بواسطة تابعة للمصحف أو تابعة للشخص المقلب.
فذهب فريق من أهل العلم إلى المنع من ذلك كله، وسوى بين المس المباشر للمصحف وبين المس من وراء حائل في المنع.
وذهب فريق آخر إلى القول بجواز تقليب المحدث لورق المصحف بواسطة مطلقا.
قال القاضي أبو يعلي الحنبلي في كتابه الروايتين والوجهين: (مسألة: لا يختلف المذهب أنه يجوز حمل المصحف بالعلاقة والغلاف، وكذلك لا تختلف الرواية أنه يجوز التصفيح بالعود، واختلفت في جواز تقليب بكمه، فروي عنه أبو طالب أنه قال: "يقلب" الورقة بعود أو بشيء. قيل له: فبكمه؟ قال: لا، هو يمسه.
وكذلك نقل إبراهيم بن الحارث عنه، وقد سئل هل يدخل يده في كمه ويتصفحه ويتصفحه وبينه الثوب؟ فقال: أما أنا فيعجبني أن يتصفحه بشيء. فظاهر هذا المنع.
وروى عنه إسحاق بن إبراهيم والحسن بن ثواب: لا بأس أن يقلب الورق ويتصفحه بعود أو بطرف كمه. فظاهر هذا الجواز وهو أصح، لأن الكم لا يتبع المصحف في البيع فجاز أن يحول بينه وبين المصحف كالعود والعلاقة والغلاف، ويفارق الجلد لأنه يتبع المصحف في البيع فهو منه، فلهذا لم يجز أن يحول بينه وبينه.
ووجه الرواية الأولى مع ضعفها أنه تصفح الورقة بكمه فكأنه باشره بيده وإن لم
[444]
تكن مباشرة فوجب أن يكره لقرب مجاورة اليد له كما يقول في مصافحة المرأة).
وقال الماوردي في الحاوي: (فأما المحدث إذا أراد أن يتصفح أوراق المصحف بيده لم يجز، ولو تصفحها بعود في يده جاز، ولو تصفحها بكمه الملفوف على يده لم يجز، والفرق بين كمه والعود أنه لابس لكمه واضع ليده، فجرى مجرى المباشرة، والعود بائن منه، وهو غير منسوب إلى مماسته به).
قال النووي في التبيان: ( وإذا تصفح المحدث أو الجنب أو الحائض أوراق المصحف بعود أو شبهه ففي جوازه وجهان لأصحابنا. أظهرهما جوازه، وبه قطع العراقيون من أصحابنا، لأنه غير ماس ولا حامل، والثاني تحريمه لأنه يعد حاملا للورقة والورقة كالجميع، وأما إذا لف كمه على يده وقلب الورقة به فحرام بلا خلاف، وغلط بعض أصحابنا فحكى فيه وجهين، والصواب القطع بالتحريم، لأن القلب يقع باليد لا بالكم).
وذكر الهيتمي في تحفة المحتاج نفى حل قلب ورقة أو ورقة منه بعود مثلا من جانب إلى آخر ولو قائمة كما شمله إطلاقه في الأصح لانتقاله بفعله فصار كأنه حامله.
وقال أيضا: (قلت الأصح حل قلب ورقه مطلقا بعود أو نحوه، وبه قطع العراقيون والله أعلم،لأنه ليس بحمل ولا في معناه، ومن ثم لو انفصلت الورقة على العود حرم اتفاقا كما هو ظاهر، لأنه حمل كما لو لف على يده وقلب بها ورقة منه وإن لم تنفصل).
وقال الشرواني في حاوشيه على التحفة: (ولو قطعت أصبعه مثلا واتخذ أصبعا من ذهب نقل بالدرس عن بسط الأنوار للأشموني أنه استظهر عدم حرمة مس المصحف به، والمعتمد خلافه كما نقله الشارح م ر في شرح العباب عن والده ع ش). (قوله ولو لبياض ولو بغير أعضاء الوضوء ولو من وراء حائل كثوب رقيق لا يمنع وصول اليد إليه مغني). وقال الشرواني أيضا في موضع آخر: (ويحرم مسه بالسن والظفر أيضا حال الحدث بخلاف اليد المتخذة من الذهب أو الفضة). ولم يظهر لي وجه التفريق بين الأصبع الصناعية وبين اليد، فكيف حرم مس المصحف حال الحدث بالأولى دون الثانية على المعتمد؟.
والظاهر من كلام فقهاء المالكية أن القول بالمنع من تقليب ورق المصحف بواسطة حال الحدث محل وفاق عندهم إذ لم يحكوا فيه خلافا، فقد ذكر خليل في مختصره فيما يمتنع بالحدث مس المصحف وإن بقضيب. قال الخرشي: (أي وكما يمنع الحدث مس المصحف يمنع ما في حكمه كمسه بعود أو تقليب أوراقه به).
والقول بجواز تقليب ورق المصحف بواسطة حال الحدث هو المفتي به عند فقهاء الحنفية، ففي الهندية ما نصه: (المحدث إذا كان يقرأ القرآن بتقليب الأوراق بقلم أو بسكين لا بأس به كذا في الغرائب). على أن بعض فقهاء الحنفية قد علل منع المحدث من كتابة القرآن بكون الكتابة مسا للمكتوب بواسطة وهي القلم على ما سيأتي بيانه في مسألة الطهارة لكتابة المصحف.
وذهبت طائفة من فقهاء الحنفية إلى القول بكراهة المس من وراء الكم وكل ما هو متصل بالماس بين ما يتحرك بحركته وبين ما لا يتحرك اجتهادا من عنده .
وتأتي نصوصهم في ذلك في مسألتي الطهارة لكتابة المصحف، ومس المصحف من هذا البحث إن شاء الله تعالى.
[446]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 08:23 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التلقي من المصحف | غير مصنف
قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (المستقريء لكلام أهل العلم في مسألة تلقي القرآن من المصحف فقط والتعويل عليه دون الأخذ عن شيخ متقن يلحظ أن ثمة فرقا في الحكم بين حال الاختيار وبين حال العجز والضرورة، حيث شددوا في الأولى وسهلوا في الثانية، وقد ألف ابن بطة الحنبلي مصنفا في الإنكار على من أخذ القرآن من المصحف.
وقد نقل أبو عمرو الداني وغيره آثارا كثيرة عن السلف في النهي عن أخذ القراءة من مصحفي. وقال أبو الحسن السخاوي: (ليست معرفة القرآن راجعة إلى المصحف المجموع والأصل المذكور)يعني أصل الرسوم.
وقد قال أبو العباس بن تيمية: (والاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب لا على المصاحف "). وصرح ابن الحاج في المدخل بمنع التلقي من المصحف في حق من لا يعرف مرسوم المصحف، قال لأن من لا يعرف المرسوم من الأمة يجب عليه أن لا يقرأ في المصحف إلا بعد أن يتعلم القراءة على وجهها، أو يتعلم مرسوم المصحف، فإن فعل غير ذلك فقد خالف ما اجتمعت عليه الأمة، وحكمه معلوم في الشرع الشريف.
وفي فضائل القرآن لابن كثير عند كلامه عن المفاضلة بين القراءة عن ظهر قلب، والقراءة نظرا في المصحف قال: (فأما تلقين القرآن فمن فم الملقن أحسن، لأن الكتابة لا تدل على الأداء كما أن المشاهد من كثير ممن يحفظ من الكتابة فقط يكثر تصحيفه وغلطه، وإذا أدى الحال إلى هذا منع منه إذا وجد شيخا يوقفه على ألفاظ القرآن، فأما عند العجز عما يلقن فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فيجوز عند الضرورة ما لا يجوز عند الرفاهية، فإذا قرأ في المصحف والحالة هذه فلا حرج عليه، ولو فرض أنه قد يحرف بعض الكلمات عن لفظها على لغته ولفظه، فقد قال الإمام أبو عبيد: حدثني هشام بن إسماعيل الدمشقي عن محمد بن شعيب عن الأوزاعي: أن رجلا صحبهم في سفر قال: فحدثنا حديثا ما أعلمه إلا رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبد إذا قرأ فحرف أو أخطأ كتبه الملك كما أنزل").أ.ه
وقال السيوطي في الإتقان: (ويحصل الأمن من تحريف ألفاظ القرآن بالتلقي من أفواه الرجال العالمين بالقراءة، ولا ينبغي الاكتفاء بمجرد النظر في المصحف).
قال الزرقاني في المناهل: قال المحقق ابن الجزري: (ثم إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور لا على حفظ المصاحف والكتب وهذه أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة، ففي الحديث الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم : قال "أن ربي قال لي: قم في قريش فأنذرهم. فقلت له: أي رب إذا يثلغوا رأسي
[448]
حتى يدعوه خبزة. فقال إني مبتليك ومبتل بك ومنزل عليك كتابا لا يغسله الماء، تقرؤه نائما ويقظان، فأبعث جندا أبعث مثلهم، وقاتل بمن أطاعك من عصاك، وأنفق ينفق عليك"). كذا في المناهل.
قال الزرقاني في موضع من المناهل أيضا وعنه الشيخ صبحي الصالح: (ولكي يزيد إقبال عثمان من إقبال الناس على تلقي القرآن من صدور الرجال واعتمادهم على الحفظ وعدم اتكالهم على النسخ والكتابة راح يرسل في الأكثر الأغلب مع المصحف الخاص بكل أقليم حافظا يوافق قراءته، فكان زيد بن ثابت مقريء المصحف المدني،وعبد الله بن السائب مقريء المكي، والمغيرة بن شهاب مقريء الشامي، وأبو عبد الرحمن السلمي مقريء الكوفي، وعامر بن عبد القيس مقريء البصري). فتبين مما مضى أن التعويل قبل كل شيء كان على الحفظ والاستظهار، ولا يزال التعويل حتى الآن على التلقي من صدور الرجال ثقة عن ثقة، وإماما عن إمام إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقد وردت آثار عديدة تتضمن هذا المعنى.
الآثار الواردة في تلقي القرآن عن القراء
أخرج الإمام أحمد والشيخان وغيرهما من حديث ابن عمر واللفظ للبخاري بسنده عن مسروق قال: (ذكر عبد الله عند عبد الله بن عمر فقال: ذاك رجل لا أزال أحبه بعدما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود فبدأ به، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل". قال: لا أدري بدأ بأبي أو بمعاذ). وفي لفظ: "خذوا القرآن من أربعة....". وأخرج
[449]
البزار وعنه الهيثمي في المجمع عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خذوا القرآن من أربعة من أبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة". قال الهيثمي: رجاله ثقات. وأخرج أبو عبيد في فضائل القرآن في باب عرض القراء للقرآن وما يستحب لهم من أخذه عن أهل القراءة واتباع السلف فيها والتمسك بما يعلم منها، قال: (حدثنا ابن أبي مريم وحجاج عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن عروة بن الزبير قال: "إن قراءة القرآن سنة من السنن، فاقرؤه كما اقرئتموه").
وقال أبو عبيد أيضا: (حدثنا حجاج عن بن أبي الزناد عن أبيه قال: قال لي خارجة بن زيد: قال لي زيد بن ثابت: "القراءة سنة").
وأخرج أبو عبيد في الفضائل أيضا قال: (حدثني هوذة بن خليفة عن عوف بن أبي جميلة عن خليد العصري قال: لما ورد علينا سلمان أتيناه نستقرئه القرآن، فقال: إن القرآن عربي فاستقرؤه رجلا عربيا".قال: فكان زيد بن صوحان يقرئنا، ويأخذ عليه سلمان فإذا أخطأ غير عليه، وإذا أصاب قال: نعم إيم الإله).
[450]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 08:29 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

تمزيق المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا يخلو الباعث على تمزيق المصحف من أن يكون لمصلحة من أن يكون لمصلحة شرعية اقتضت إتلافه كرداءة خطه رداءة لا يمكن معها الانتفاع به، أو حصول تحريف به لا يمكن تداركه، أو تلوثه بنجاسة لا يتأتى معها تطهيره فيجوز حينئذ إتلافه بأي نوع من أنواع الإتلاف ارتكابا لأخف المفسدتين في سبيل درء أعظمهما، وقد مر في مسألة إتلاف المصاحف مفصلا.
أو أن يكون الباعث على تمزيق المصحف استخفافا وعبثا، وقد مر في مسألة الاستخفاف بالمصحف طرف من هذا. وكيف أن بعض أهل العلم قد بالغ في التشديد في مسألة الاستخفاف وصرح باعتباره بابا من أبواب الردة وضربا من ضروب الكفر، بيد أن طائفة من أهل العلم قد عبرت بحرمة هذا الصنيع لكونه ازدراء بالمصحف، وهذا التعليل يقتضي القول بالتكفير.
وقد قال الحليمي الشافعي ، وحكاه عنه الزركشي، والسيوطي: (وإذا احتيج إلى تعطيل بعض أوراق المصحف لبلاء ونحوه فلا يجوز وضعه في شق أو غيره ليحفظ، لأنه قد يسقط ويوطأ، ولا يجوز تمزيقها لما فيه من تقطيع الحروف وتفرقة الكلم، وفي ذلك إزراء بالمكتوب).
وجزم الهيتمي بتحريم تمزيق المصحف عبثا لأنه إزراء به. قال الشبراملسي
[452]
في حاشيته على النهاية: (وفي حج: ويحرم تمزيق المصحف عبثا لأنه إزراء به).
الآثار الواردة في جواز تمزيق المصاحف لمصلحة شرعية:
أخرج أبو عبيد في كتابه فضائل القرآن قال: (حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة عن أبي اسحاق عن مصعب بن سعد قال: " أدركت الناس حين شقق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم يعب ذلك أحد"). وأخرج أبو عبيد أيضا وابن شبة في تاريخ المدينة المنورة عن سالم بن عبد الله أنه: (لما توفيت حفصة أرسل مروان إلى عبد الله بن عمر ساعة رجعوا من جنازة حفصة بعزيمة: ليرسلنها [يعني الصحف التي كانت عند حفصة ].فأرسل بها ابن عمر إلى مروان فمزقها مخافة أن يكون في شيء من ذلك خلاف لما نسخ عثمان).
قال أبو عبيد: (لم يسمع في شيء من الحديث أن مروان هو الذي مزق الصحف إلا في هذا الحديث).
[453]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 08:36 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

تمكين الكافر من المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (وفي جواز تمكين غير المسلم من مس المصحف، وما في حكمه أقوال ثلاثة:
أحدها: المنع مطلقا لقوله تعالى: (لا يمسه إلا المطهرون)، ولقوله عليه السلام: "لا يمس القرآن إلا طاهر"، وقياسا على المحدث من المسلمين بل أولى لأن الكافر ليس من أهل الطهارة، ولا يمكن تصورها منه، إذ لا تصح إلا بنية وهو ليس من أهلها؛بل هو نجس بنص القرآن لقوله سبحانه: (إنما المشركون نجس).
وقد استقر في أذهان الصحابة رضوان الله عليهم حكم منع الكافر من مس القرآن منذ الأيام الأولى لظهور الإسلام كما في أثر عمر رضي الله عنه مع أخته قبل أن يسلم حين رام الاطلاع على صحيفة معها فيها قرآن ، فأبت عليه ذلك قائلة: "إنك رجس ولا يمسه إلا المطهرون" حتى إذا طمعت في إسلامه قالت: "قم فاغتسل، أو توضأ".
وقد رواه البلاذري والدراقطني وابن اسحاق مطولا.
[459]
"وكان ابن عباس ينهي أن يمكن أحد من اليهود والنصارى من قراءة القرآن"، ولأن في تمكين الكافر من مسه تعريضا له بالامتهان والانتهاك، يستثنى من ذلك الآية والآيتان في الرسائل على سبيل الدعوة لكتابته إياهما عليه السلام في كتبه إلى ملوك الكفار كهرقل عظيم الروم مثلا بل كره بعضهم مبايعة الكفار بالنقود التي تتضمن قرآنا أو ذكرا لله تعالى، أو أن يبيع منهم الثياب المطرزة بالقرآن، أو الذكر، ومثلها الدور التي كتب القرآن على أسكف أبوابها أو حيطانها وسقوفها.
وكذا سائر ما يتضمن قرآنا أو ذكرا شرعيا، ولنهيه عليه السلام عن المسافرة بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن تناله أيديهم،
القول الثاني: أنه يجوز تمكين الكافر من مس المصحف إذا اغتسل ورجي إسلامه لأثر عمر السابق ولأن النجاسة بدنة قد خففت بالغسل فلم يبق إلا نجاسة اعتقاده وهي في قلبه.
القول الثالث: أنه يجوز أن يمكن الكافر من حمل القرآن ومسه لعدم الدليل الصريح الصحيح على منعه من ذلك.
وقد ذهب إلى القول الأول المقتضي لمنع الكافر من مس القرآن وحمله جماهير أهل العلم من السلف والخلف، وفيهم المالكية والشافعية،
[460]
والحنابلة، وهو قول الحنفية، اختاره أبو يوسف صاحب أبي حنيفة مستدلين بالآيات والآثار السابق ذكرها في مسألة اشتراط الطهارة لمس المصحف.
وذهب إلى القول الثاني أبو حنيفة وصاحبه محمد بن الحسن، وجزم به قاضي خان في فتاويه ولم يحك فيه خلافا.
وقد ذهب إلى القول الثالث طائفة من أهل العلم كابن جبير على ما حكاه عنه جماعة كابن أبي داود، وابن أبي شيبة، والعيني، وهو مروي عن الحكم وحماد بن سليمان وداود بن علي وأتباعه وجمع ممن لا يقول باشتراط الطهارة أصلا.
وقد مضى ذكر طرف من حججهم في غير موضع من هذا البحث، فلا نطيل بتكراره هنا. وسيأتي لهذه المسائل مزيد بيان في مواضعها من هذا البحث إن شاء الله تعالى).
[461]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 08:41 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التنازع في المصحف | غير مصنف



قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا يخلو التنازع في المصحف من أن يكون بين الورثة أو أن يكون بين الزوجين ضمن تنازعهما في متاع البيت، أو أن يكون التنازع في المصحف بين الشريكين، أو أن يكون بين صاحب الدار والمكتري.
فإن كان التنازع في المصحف بين الورثة فقد مر تفصيله في مسألة إرث المصحف فلا معنى لإعادته هنا.
وإن كان التنازع في المصحف بين الزوجين حال اختلافهما في متاع البيت فلا يخلو من أن يكون قارئين أو أن يكون الزوج قارئا والزوجة غير قارئة، فإن كان الزوج قارئا دون الزوجة فالمصحف من نصيبه على ما صرح به بعض الأئمة الثلاثة خلافا للإمام الشافعي الذي يجعل المصحف بينهما بكل حال بناء على مذهبه في كون متاع البيت بين الزوجين مناصفة حال التنازع، فقد ذكر ابن القيم في بدائع الفوائد أن الأئمة الثلاثة جعلوا كتب العلم حال التنازع بين الزوجين في نصيب الرجل، وخلافا للشافعي الذي يقسم الكتاب الذي يقرأ فيه بينهما.
وذكر ابن عبد السلام في قواعد الأحكام في تعارض الظاهرين أن الزوجين إذا اختلفا في متاع البيت وكان الزوج فقيها فنازعته في كتب الفقه، أو مقرئا فنازعته في كتب القراءة، أو طبيبا فنازعته في كتب الطب، أو محدثا فنازعته في كتب الحديث،
[463]
فإن الشافعي رحمه الله يسوي بينهما نظرا إلى الظاهر المستفاد من اليد.وبعض العلماء يخص كل واحد منهما بما يليق به نظرا إلى الظاهر المستفاد من العادة الغالبة، وهذا مذهب ظاهر متجه.
فإن كل واحد يجد في نفسه ظنا لا يمكنه دفعه عن نفسه بأن ما يختص بالأزواج المذكورين لهم وما يختص بالنساء لهن، وما أبعد المشاركة بين الفقيه وزوجته في حقيهما.
وقد عقد السمناني الحنفي في كتابه روضة القضاة بابا في اختلاف الزوجين في متاع البيت، وذكر فيه لأهل العلم سبعة أقوال، قال: (فقال أبو حنيفة: ما كان للرجل فهو للرجل، وما كان للنساء فهو للنساء، وما كان مشكلا فهو للباقي منهما، وفي الموت والطلاق سواء. وأما في قول أبي يوسف تعطي المرأة جهاز مثلها، والباقي للزوج في الطلاق والموت. وأما في قول محمد بن الحسن ما كان للرجال فهو للرجل، وما كان للنساء فهو للمرأة، وما كان مشكلا فهو للرجل أو ورثته، والطلاق والموت سواء.
والرابع: قول زفر أنه ما كان للرجال فهو للرجال، وما كان للنساء فهو للمرأة، وما كان مشكلا فهو بينهما نصفان.والخامس قول مالك أن المتاع كله بينهما
نصفان، وهو قول الشافعي، والموت والطلاق سواء، وقد روي عن زفر مثله ذكره في اختلاف زفر.
والسادس قول ابن أبي ليلى أن المتاع كله للزوج إلا الثياب التي على بدن المرأة فإنها أحق بها.
والسابع أن المتاع كله للمرأة لأن البت لها، وهو قول الحسن البصري).
التنازع في المصحف بين الشريكين:
جاء في الفتاوى الهندية: (وفي مختصر خواهر زاده ولا تقسم القوس والسرج ولا المصحف، كذا في التتارخانية). وجاء في موضع من الهندية أيضا: (لا
[464]
تقسم الكتب بين الورثة، ولكن ينتفع كل واحد بالمهايأة، ولو أراد واحد من الورثة أن يقسم بالأوراق ليس له ذلك، ولا يسمع هذا الكلام منه، ولا تقسم بوجه من الوجوه، ولو كان صندوق قرآن ليس له ذلك أيضا، وإن تراضوا جميعا فالقاضي لا يأمر بذلك، ولو كان المصحف لواحد وسهم من ثلاثة وثلاثين سهما منه للآخر فإنه يعطي يوما من ثلاثة وثلاثين يوما حتى ينتفع، ولو كان كتابا ذا مجلدات كثيرة كشرح المبسوط فإنه لا يقسم أيضا، ولا سبيل إلى القسمة في ذلك، وكذا في كل جنس مختلف، ولا يأمر الحاكم بذلك، ولو تراضيا أن تقوم الكتب ويأخذ كل واحد بعضها بالقيمة بالتراضي يجوز وإلا فلا، كذا في جواهر الفتاوى).
لكن البهوتي من أصحابنا الحنابلة قد ذكر في شرحه على الإقناع أن الشريك في الكتاب يجبر شريكه على البيع إذا طلب شريكه ذلك ليتخلص الطالب من ضرر الشركة فإن أبى الممتنع البيع "بيع" أي باعه الحاكم عليهما، لأنه حق عليه كما بيع الرهن إذا امتنع الراهن، وقسم الثمن بينهما بحسب الملك، لأنه عوضه، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد رحمهم الله.
التنازع بين مكتري الدار ومالكها:
جاء في الإقناع وشرحه أنه إذا تنازع رب البيت والمكتري في المكتب فهي للمكتري، لأن العادة أن الإنسان يكري داره فارغة).
[465]


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:24 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

وضع المصحف على الوجه والعينين والتمسح به | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (
لأهل العلم فى مسألة وضع المصحف على الوجه والعينين والتمسح به أقوال أربعة :

أحدها : الاستحباب - وثانيها : الإباحة
وثالثها : الكراهة – ورابعها : التوقف
فأما الاستحباب : فوجهه ما أخرجه الدرامى فى سننه حيث قال [ أنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن ابن أبى مليكة [أن عكرمة بن أبى جهل رضى الله عنه كان يضع المصحف على وجهه , ويقول هذا كتاب ربى هذا كتاب ربى ]
ووصف النووى إسناده بالصحة قال محقق التبيان [ ورجاله ثقات إلا أنه منقطع بين ابن أبى مليكة وعكرمة فإنه لم يدركه ]
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية فى مختصر الفتاوى المصرية [ وقد سئل أحمد عن تقبيله ؟ فقال ما سمعت فيه شيئا , ولكن روى عن عكرمة ابن أبى جهل [ : أنه كان يفتح المصحف ويضع وجهه عليه ويقول كلام ربى كلام ربى ]
فقد احتج الإمام أحمد بأثر عكرمة وهذا يدل على ثبوته عنده . وذكر ابن مفلح فى الآداب أثر عكرمة هذا قال رواه جماعة منهم الدارمى وأبو بكر عبد العبد العزيز وصرح فى الفروع بأن أحمد قد رواه وحكى ابن مفلح وغيره من أصحابنا {773}
الحنابلة فى المسألة عن الإمام أحمد أربع روايات , الاستحباب والإباحة لأثر السابق , والكراهة لعدم التوقيف , والرواية الرابعة التوقف قال القاضى فى الجامع الكبير إنما توقف عن ذلك وإن كان فيه رفعة وإكرام لأن ما طريقه القرب إذا لم يكن للقياس فيه مدخل لا يستحب فعله وإن كان فيه تعظيم إلا بتوقيف , ألا ترى [ أن عمر لما رأى الحجر قال لا تضر ولا تنفع ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك وكذلك [معاوية لما طاف فقبل الأركان كلها أنكر عليه ابن عباس , فقال : ليس فى البيت شئ مهجور , فقال إنما هى السنة فأنكر عليه الزيادة على فعل النبى صلى الله عليه وسلم .
وذكر بعض فقهاء الحنفية فى مسح الوجه بالمصحف أثرا عن ذى النورين عثمان رضى الله عنه بيد أنهم أوردوه غفلا عن أى عزو أو إسناد , فجاء النص عندهم على هذا النحو [ وكان عثمان رضى الله عنه يقبل المصحف ويمسحه على وجهه ]
وأما وجه الإباحة فينطوى فى وجه الاستحباب السالف ذكره والسلامة من المعارض .
وأما وجه الكراهة فلعدم التوقيف ولما فى القول بالمنع من سد ذرائع البدع وهو الذى حكاه القاضى عليش عن فقهاء المالكية وأقره وقد مضى فى مسألة تقبيل المصحف من هذا البحث طرف من ذلك فليعاود والله أعلم بالصواب) . {774}


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:25 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

وضع المصحف فى المقبرة وحمله إليها | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل سألت أبى عن الرجل يحمل معه المصحف إلى القبر يقرأ عليه ؟ قال هذه بدعة . قلت لأبى : وإن كان يحفظ القرآن يقرأ قال : لا .

وقد ذكر هذه الرواية ابن مفلح فى فروعه بلفظ : سأله عبد الله : يحمل مصحفا إلى القبر فيقرأ عليه ؟ قال : بدعة وقال أبو العباس ابن تيمية : وأما جعل المصحف عند القبور لم يقصد قراءة القرآن هناك وتلاوته فبدعة منكرة لم يفعله أحد من السلف , بل هى تدخل فى معنى اتخاذ فى معنى اتخاذ القبور مساجد ذكر ذلك فى موضع من كتبه وقال فى موضع آخر [ وأما جعله عند القبر , وإيقاد القناديل هناك فهو منهى عنه , ولو جعل للقراءة هناك , فكيف إذا يقرأ فيه ؟ والناس قد تنازعوا فى القراءة عند القبر وجعل المصحف عند القبر ليقرأ فيه بدعة منكرة لم يفعلها السلف , بل يدخلها فى معنى {779} اتخاذ المساجد على القبور ولا نزاع فى النهى عن اتخاذها مساجد ومعلوم أن المساجد بنيت للصلاة والدعاء والذكر والقراءة ]
ونقل فى الفروع عن شيخ الإسلام نحوا مما مر ولم ينقل عن غيره خلافه وقد مضى فى مسألة إدخال المصحف للقبر والمقبرة طرف من هذا فليعاود ). {780}


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:27 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

الوطء على المصحف | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (مر فى مسألة " وضع الرجل على المصحف على المصحف " الكلام على هذه القضية مفصلا مما أغنى عن إعادته هنا ). {783}


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 61 ( الأعضاء 0 والزوار 61)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:10 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة