العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > أحكام المصاحف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 صفر 1436هـ/16-12-2014م, 11:29 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إعارة المصحف | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا خلاف بين أهل العلم فى تحريم إعارة المصحف من الكافر , وإنما الخلاف بينهم فى حكم إعارة المصحف من المسلم , فبعد أن اتفقوا على جوازه , بل استحبابه لكونه من التعاون على البر والتقوى , اختلفوا فى كون هذه الإعارة واجبة على الإطلاق أم أنها لا تجب مطلقا , أم أن الوجوب مقيد بحاجة المستعير إلى المصحف . وفصل بعضهم بين إعارة تطول مدتها , وبين إعارة يقصر زمنها . فأوجبها فى الثانية دون الأولى , وفرقت طائفة أخرى من أهل العلم بين ما إذا توقفت صحة صلاة المستعير على ذلك المصحف , وبين مالم يبلغ هذا الحد من الضرورة . فصرحت بالوجوب فى الحالة الأولى دون الثانية , ولعله مراد من لم يصرح . وقد مضى فى مسألة الاستئذان للنظر فى مصحف الغير نحو من هذا مفصلا.
الخلاف فى إعارة المصحف :
وقد ذهب إلى القول بوجوب إعارة المصحف من المسلم مطلقا إذا طلبه جمع من أهل العلم من السلف والخلف , ولذا قال القرطبى : ( ومن الغلول حبس الكتب عن أصحابها , ويدخل غيرها فى معناها . قال الزهرى : إياك وغلول الكتب . فقيل له : {175}
وما غلول الكتب ؟ . قال : حبسها عن أصحابها )
فإذا كان حبس الكتب غلولا , فحبس المصاحف كذلك من طريق الأولى .
قال ابن رجب فى قواعده : ( تجب إعارة المصحف لمن احتاج إلى القراءة فيه ولم يجد مصحفا غيره , نقله القاضى فى الجامع الكبير . وذكر ابن عقيل فى كلام مفرد له : أن الأصحاب عللوا قولهم لا يقطع بسرقة المصحف , فإن له فيه حق النظر لاستخراج أحكام الشرع إذا خفيت عليه ,وعلى صاحبه بذله لذلك )
وقال ابن مفلح : ( ويلزم بذله لحاجة , وقيل : مطلقا , وقيل عكسه , كغيره )
وعبارة البهوتى : (" ويلزم بذله " أى المصحف لمن احتاج إلى القراءة فيه ولم يجد مصحفا غيره للضرورة ).
قال أبو زكريا الأنصارى الشافعى فى شرح الروض : ( قال فى الكفاية ولو لم يكن بالبلد إلا مصحف واحد ولم يمكن التعلم إلا منه لم يلزم مالكه إعارته , وكذا لو لم يكن إلا معلم واحد يلزمه التعليم , أى بلا أجرة على ظاهر المذهب كما لو احتاج إلى السترة أو الوضوء ومع غيره ثوب أو ماء فينتقل إلى البدل ). قال الرملى فى حاشيته على شرح الروض : ( " قوله لم يلزم مالكه إعارته " قال شيخنا : شمل ما لو كان مالكه غائبا , فليس للعاجز عن القراءة إلا به فعل ذلك , حيث لم يغلب على ظنه رضا مالكه بما ذكر , ولو خالف وفعل كان ضامنا للعين والمنفعة , وقد حكى صاحب الجواهر عن والد الرويانى فى ذلك احتمالين , ويؤيد ذلك ما ذكروه فى باب التيمم أن المحتاج للطهارة إذا وجد ماء لغائب يتيمم ويصلى ولا يستعمله , لأن للماء بدلا {176}
ومسألتنا من هذا القبيل ). وعبارة الرملى فى النهاية : ( وقد تكون واجبة كإعارة نحو ثوب لدفع مؤذ كحر , ومصحف على ما جزم به فى العباب تبعا للكفاية ). وتعقبه الشبراملسى بحكاية ما مر فى شرح الروض من عدم اللزوم , وأنه ظاهر المذهب على ما اختاره الرملى فى صفة الصلاة .
وجزم الهيتمى الشافعى بوجوب إعارة المصحف . قال العبادى : ( " قوله ومصحف " على ما جزم به العباب تبعا للكفاية كذا شرح م ر , وفيه نظر . وفى شرح الروض فى باب صفة الصلاة قال فى الكفاية : ولو لم يكن بالبلد إلا مصحف واحد ولم يمكن التعلم إلا منه لم يلزم مالكه إعارته ). إلى أن قال : ( وفى العباب فى صفة الصلاة ولا تجب إعارته أى المصحف وإن تعين , فإن غاب مالكه فيحتمل لزوم أخذه وإنه كالعارية , ويحتمل أن لا يضمنه ).
وقال الشروانى : (" قوله ومصحف أو ثوب ") عبارة الشارح م ر فى باب صفة الصلاة بعد قول المتن فإن جهل الفاتحة إلخ , حتى لو لم يكن بالبلد إلا مصحف واحد , ولم يمكن التعلم إلا منه لم يلزم مالكه إعارته ). وقد تناقض كلام الرملى فى النهاية كما مر فقال بلزوم الإعارة فى كتاب العارية , فى حين جزم بعدم اللزوم فى صفة الصلاة . وهاك عبارته فيهما :( فإن جهل الفاتحة ) ولم يمكنه تعلمها لضيق وقت , أو بلادة , ولا قراءتها فى نحو مصحف , ولا التسبب إلى حصوله بنحو شراء لو وجد ما يحصله به فاضلا عما يعتبر فى الفطرة حتى لو لم يكن بالبلد إلا مصحف واحد , ولم يمكن التعلم إلا منه لم يلزم مالكه إعارته على ظاهر المذهب ), كذا فى صفة الصلاة .
وقال فى باب العارية : ( وقد تكون واجبة كإعارة نحو ثوب لدفع مؤذ كحر ومصحف على ما جزم به فى العباب تبعا للكفاية ). {177}
قال الشبراملسى : (عبارة الشارح فى باب صفة الصلاة بعد قول المتن فإن جهل الفاتحة إلخ نصها : حتى لو لم يكن بالبلد إلا مصحف واحد ولو لم يمكن التعلم إلا منه لم يلزم مالكه إعارته ). إلى آخر العبارة فى صفة الصلاة , فكأن الشبراملسى قد ساق هذه العبارة فى باب العارية على سبيل التذكير بما قاله المصنف فى باب صفة الصلاة منبها على تباين الاختيار فى الموضوعين). {178}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24 صفر 1436هـ/16-12-2014م, 11:32 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

الاعتكاف وأثره فى كتابة المصاحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (صرح غير واحد من شراح الهداية : أن للمعتكف أن يكتب الأمور الدينية ,وليس له كتابة المصحف بأجر .
وقال الإمام مالك عن المعتكف : ( يكتب المصحف إن أحب ).
قال ابن رشد : ( قوله ويكتب المصاحف إن أحب , ومعناه ويكتب المصاحف قبل أن يدخل إن أحب , وهذا على مذهب ابن القاسم , وروايته عن مالك , والذى يرى أن الاعتكاف يختص من أعمال البر بذكر الله تعالى , وقراءة القرآن والصلاة , وأما على مذهب ابن وهب الذى يبيح للمعتكف جميع أعمال البر المختصة بالآخرة , فيجوز له أن يكتب المصاحف للثواب , لا ليمولها , ولا على أجرة يأخذها إلا ليقرأ فيها , وينتفع بها من احتاج إليها ) . وعند خليل فى مكروهات الاعتكاف : اشتغاله بعلم , وكتابته , وإن مصحفا إن كثر . وبالغ على المصحف لئلا يتوهم أن كتابته كتلاوته .
وقيد العدوى الكراهة بما لم يكن لمعاشه , موافقة للزرقانى , ونقل المناوى نحوا مما ذكر ابن رشد , ثم قال : وهو يدل على أن كتب المصحف لا يباح للمعتكف على المشهور . {179}
وفى الإفصاح عن الإمام مالك : لا بأس أن يكتب المعتكف
وعند الشافعية يباح للمعتكف : كتابة العلم ولو حرفة , وله المطالعة فى مباح على ما اختاره النووى , والأنصارى , والسيوطى , والهيتمى , خلافا لما ذكره الغزالى , والرافعى .
وعند الحنابلة تجوز الكتابة للمعتكف على الصحيح من المذهب , وقيده بعضهم بما لم يكن تكسبا . قال حرب : ( سئل الإمام أحمد عن العمل فى المسجد نحو الخياط وغيره , فكأنه كرهه ليس بذلك التشديد ).
وقال المرزوى : سألته عن الرجل يكتب بالأجرة فيه ؟ . قال : أما الخياط وشبهه فلا يعجبنى , وإنما بنى لذكر الله تعالى . وقال فى رواية الأثرم : ما يعجبنى مثل الخياط والأسكاف وشبهه , وسهل فى الكتابة . قال الحارثى : خص الكتابة لأنه نوع تحصيل علم , فهى فى معنى الدراسة , وهذا يوجب التقيد بما لا يكون تكسبا , وإليه أشار بقوله : فليس ذلك كل يوم .
قال المرداوى : ( وظاهر ما نقل الأثرم – وقد قطع المصنف فى باب الإعتكاف أنه لا يجوز للمعتكف أن يتكسب بالصنعة – التسهيل فى الكتابة مطلقا ) . ونقل ابن المفلح فى الاعتكاف قول أبى بكر : لا يقرأ , ولا يكتب الحديث , واقتصر عليه . وحكاه المرداوى فى الإنصاف , ثم نقل قول أبى الخطاب : يستحب إذا {180}
قصد به الطاعة . واختاره المجد وغيره , وذكر الآمدى فى استحباب ذلك روايتين فعلى المذهب : فعله لذلك أفضل من الاعتكاف لتعدى نفعه .قال المجد : ( ويتخرج على أصلنا فى كراهة أن يقضى القاضى بين الناس وهو معتكف , إذا كان يسيرا : وجهان , بناء على الإقراء , وتدريس العلم فإنه فى معناه ).
وجزم البهوتى بعدم استحباب كتابة الحديث للمعتكف , لأنه صلى الله عليه وسلم كان يعتكف فلم ينقل عنه الاشتغال بغير العبادات المختصة به , ولأن الاعتكاف عبادة من شرطها المسجد , فلم يستحب فيها ذلك كالطواف . ثم ذكر اختيار أبى الخطاب السابق ووجهه .
وقد يأتى لهذه المسألة مزيد بسط وبيان عند الكلام على مسألة كتابة المصاحف بصفة عامة , باعتبار مسألتنا هذه أحد أفراد ذلك الموضوع . {181}


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 12:21 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إغراق المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا خلاف بين أهل العلم فى أنه لا يحل تعمد إغراق المصحف لغير مصلحة دينية أو ضرورة وقائية , وأن من أغرق المصحف عبثا يكون آثما مرتكبا لكبيرة من الكبائر , بل قد يكفر بذلك إن فعله على سبيل الامتهان للمصحف , وقد مر طرف من هذا فى غير موضع من هذا البحث , وقد يأتى له ولنظائره مزيد بيان .
أما لو كان إغراق المصحف لغرض دينى على سبيل إتلاف ما ترجحت مفسدة بقائه , فالظاهر من كلام السلف جوازه , بل وجوبه درءا لمفسدة بقاءه المتمثلة بحصول فتنة تتحقق بعدم إتلافه مثلا .
وقد أخرج ابن أبى داود بسنده عن حذيفة رضى الله عنه قال : ( يقول أهل الكوفة قراءة عبد الله , ويقول أهل البصرة قراءة أبى موسى , والله لئن قدمت على أمير المؤمنين لأمرته أن يغرقها ......) . يعنى المصاحف المختلفة , كمصحف عبد الله بن مسعود , ومصحف أبى موسى رضى الله عنهما , قال ذلك حذيفة رضى الله عنه لما رأى اختلاف الناس فى القرآن , وخشى أن يفضى اختلافهم هذا إلى فتنة تترتب عليها فرقة وانقسام بين المسلمين كالذى حدث فى الأمم قبلها حين اختلفت فى كتبها . {183}
وقد تقتضى الضرورة الدنوية كالخوف على الروح مثلا إغراق المصحف وحينئذ يجوز ذلك على ما صرح به بعض فقهاء الشافعية كالشبراملسى ومن تابعه , حيث قال فى جواب له عن سؤال عما لو اضطر إلى مأكول وكان لا يصل إليه إلا بشئ يضعه تحت رجليه , وليس عنده إلا المصحف , فهل يجوز وضعه تحت رجليه فى هذه الحالة أم لا ؟ . قال : ( فأجبت عنه بأن الظاهر الجواز معللا ذلك بأن حفظ الروح مقدم ولو من غير الآدمى على غيره , ومن ثم لو أشرفت سفينة فيها مصحف ,وحيوان على الغرق , واحتيج إلى إلقاء أحدهما لتخليص السفينة ألقى المصحف حفظا للروح التى فى السفينة . لا يقال وضع المصحف على هذه الحالة امتهان , لأنا نقول كونه إنما فعل ذلك للضرورة مانع عن كونه امتهانا , ألا ترى أنه يجوز السجود للصنم والتصور بصورة المشركين عن الخوف على الروح , بل قد يقال : إنه إن يتوقف إنقاذ روحه على ذلك وجب وضعه حينئذ , ويحتمل أنه لو وجد القوت بيد كافر ولم يصل إليه إلا بدفع المصحف له جاز له الدفع , لكن ينبغى له تقديم الميتة ولو مغلظة إن وجدها على دفعه للكافر ).
وقد حكى ابن عابدين فى حاشيته كلام الشبراملسى واقتصر عليه . وقد صرح غير واحد من أهل العلم بجواز إتلاف البالى من المصاحف وما لا نفع فيه بالمحو أو الدفن , أو التغريق فى الماء , أو التحريق على ما مضى تفصيله فى مسألة إتلاف المصاحف من هذا البحث فليطلب فيها . {184}


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 12:24 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

اقتسام المصحف | غير مصنف



قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (صرح غير واحد من أهل العلم بأن المصحف لا يقبل القسمة , لا بإرث ولا بشركة , لأن فى قسمته تفريقا له , وكيف يفرق وقد جمعه الله ؟ . وحينئذ يتم الانتفاع به بالمهايأه بين المستحقين . وقد مر فى مسألة إرث المصحف من هذا البحث تفصيل , ما يتعلق بذلك الجانب , وأن من أهل العلم من نص على أن المصحف لا يورث , وإنما يبقى لمن يقرأ من أهل البيت , فلا يباع فى التركة , ولا يجبر الورثة على ذلك , والظاهر من كلام الفقهاء أن القسمة فى المصحف إنما تمتنع إذا كان مصحفا واحدا بخلاف ما لو تعددت المصاحف بعدد رؤوس المستحقين , فإن القسمة حينئذ تجوز لانتفاء المحذور المتمثل فى مفسدة تفريق المصحف .
وقد أفتى فريق من أهل العلم بكراهة تفريق المصاحف أسداسا وأسباعا كما مر عن الإمام مالك فى مسألة أجزاء المصحف وأثمانه وأسباعه وأسداسه على أن الضرر الناجم عن اقتسام المصحف بين المستحقين يفضى إلى حرمان كل واحد منهم من بعض المصحف الذى لم يكن فى نصيبه , وهذا يعنى أنه سيحرم من بقية أجزاء القرآن , والتى هو بأمس الحاجة إليها , ولا يتصور استغنائه عنها .
قال فى الفتاوى الهندية : ( وفى مختصر خواهر زاده ولا تقسم القوس والسرج ولا المصحف كذا فى التتار خانية ) . إلى أن قال : ( لاتقسم الكتب بين الورثة ,ولكن ينتفع بها كل واحد بالمهايأة , ولو أراد واحد من الورثة أن يقسم بالأوراق {185}
ليس له ذلك ولا يسمع هذا الكلام منه , ولا تقسم بوجه من الوجوه ولو كان صندوق قرآن ليس له ذلك أيضا وإن تراضوا جميعا , فالقاضى لا يأمر بذلك ولو كان مصحف لواحد وسهم من ثلاثة وثلاثين سهما منه للآخر , فإنه يعطى يوما من ثلاث وثلاثين يوما حتى ينتفع , ولو كان كتابا ذا مجلدات كثيرة كشرح المبسوط فإنه لا يقسم أيضا , ولا سبيل إلى القسمة فى ذلك , وكذا فى كل جنس مختلف , ولا يأمر الحاكم بذلك , ولو تراضيا أن تقوم الكتب ويأخذ كل واحد بعضها بالقيمة بالتراضى يجوز وإلا فلا , كذا فى جواهر الفتاوى ) . ويأتى له مزيد بيان فى مسألة التنازع فى المصحف .
وذكر ابن القيم فى البدائع أن الأئمة الثلاثة جعلوا كتب العلم حال التنازع بين الزوجين فى نصيب الرجل , وخلافا للشافعى الذى يقسم الكتاب الذى يقرأ فيه بينهما . وفى الإقناع وشرحه أن الشريك فى الكتاب يجبر على البيع إذا طلب شريكه ذلك ليتخلص الطالب من ضرر الشركة , فإن أبى الممتنع البيع " بيع " أى باعه الحاكم عليهما , لأنه حق عليه , كما بيع الرهن إذا امتنع الراهن وقسم الثمن بينهما بحسب الملك , لأنه عوضه وهو مذهب أبى حنيفة أحمد رحمهم الله . وذكر فى موضع منه أيضا أنه إذا تنازع رب البيت والمكترى فى الكتب فهى للمكترى لأن العادة أن الأنسان يكرى داره فارغة , ولو تنازع الزوجان فى المصحف فهو له إذا كانت لا تقرأ , فإن كانت تقرأ فهو لهما . قال البهوتى : قلت وكذا ينبغى فى كتب {186}
العلم . ولم يبين كيفية انتفاع كل منهما بالمصحف , إلا أن يقال بأن هذا ممكن بطريقة المهايأة كما مر .
وقال العبادى فى حاشيته على التحفة :" فرع " هل للعامل الكافر شراء المصحف للقراض ؟ الذى يتجه الصحة إن صححنا شراء الوكيل الكافر المصحف لموكله المسلم لوقوع الملك للموكل دونه ولا يعارض ذلك أنه يملك حصته من الربح بشرطه , فيلزم أن يملك جزأ من المصحف , لأن حصول الربح أمر مستقبل غير لازم للعقد على أنه لا يملك حصته من الربح بمجرد حصول الربح على الصحيح , وظاهر أنه يمتنع قسمة المصحف وإلا لزم ملكه جزء منه وهو ممتنع نعم يمكن التوصل لملك حصته من الربح بنضوض المال مع فسخ العقد , فإن ذلك من الطرق التى تحصل ملك الحصة واستقراره بها فليتأمل )
وذكر ابن عبد السلام فى قواعد الأحكام فى تعارض الظاهرين أن الزوجين إذا اختلفا فى متاع البيت وكان الزوج فقهيا فنازعته فى كتب الفقه , أو مقرئا فنازعته فى كتب القراءة , أو طبيبا فنازعته فى كتب الطب , أو محدثا فنازعته فى كتب الحديث , فإن الشافعى رحمه الله يسوى بينهما نظرا إلى الظاهر المستفاد من اليد , وبعض العلماء يخص كل واحد منهما بما يليق به , نظرا إلى الظاهر المستفاد من العادة الغالبة , وهذا مذهب ظاهر متجه , فإن كل واحد يجد فى نفسه ظنا لا يمكنه دفعه عن نفسه بأن ما يختص بالأزواج الذكورين لهم , وما يختص بالنساء لهن , وما أبعد المشاركة بين الفقيه وزوجته فى حقيهما .
قال الشروانى فى حاشيته على التحفة :(" قوله وبهذا أعنى التصرف يفرق إلخ " قد يقال من الأمتعة نحو كتب العلم , وتصرف الزوج العالم فيها أكثر , وقد يقال إن ثبت تصرف الزوج فيها دونها فالقول قوله , وهذا ظاهر سم ).
ثم وجدت المزنى فى مختصره يقول: ( قال الشافعى : وإذا اختلف الزوجان فى {187}
متاع البيت يسكنانه قبل أن يتفرقا أو بعد ما تفرقا كان البيت لهما أو لأحدهما أو يموتان أو أحدهما فيختلف فى ذلك ورثهما , فمن أقام بينة على شئ فهوله , وإن لم بينة فالقياس الذى لا يعذر أحد عندى بالغفلة عنه على الإجماع أن هذا المتاع بأيديهما جميعا فهو بينهما نصفين , وقد يملك الرجل متاع المرأة وتملك المرأة متاع الرجل , ولو استعملت الظنون عليهما لحكمت فى عطار ودباغ يتنازعان عطرا ودباغا فى أيديهما بأن أجعل للعطار العطر وللدباغ الدباغ , ولحكمت فيما يتنازع فيه معسر وموسر من لؤلؤ بأن أجعله للموسر , ولا يجوز الحكم بالظنون )
والظاهر أن استحقاق المتنازعين فى المصحف إذا اقتضى أن يكون بينهما مناصفة لا يفضى بالضرورة إلى قسمته , بل يمكن الانتفاع بالمهايأة كما مر , أو استخلاصه بالقيمة لواحد منهما , وقد مر فى مسألة إرث المصحف فتوى الإمام مالك بجواز استخلاص الوصى المصحف لليتيم الغلام دون أخواته من الإناث .
وقد وجدت الإمام الشافعى فى الأم يقول ما نصه : ( وقد رأيت امرأة بينى وبينها ضبة سيف استفادته من ميراث أبيها بمال عظيم ودرع ومصحف فكان لها دون أخوتها ). ولم يظهر لى مراد الشافعى رحمه الله من هذا القول ولا الكيفية التى اقتضت اختصاص المرأة بالمصحف دون إخوتها) . {188}


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 12:27 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

اقتناء المصحف | غير مصنف



قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (أخرج أبو عبيد فى فضائل القرآن قال : ( حدثنا عبد الله بن صالح عن قباث رزين عن على ابن رباح اللخمى عن عقبة بنعامر قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن فى المسجد نتدارس القرآن , فقال : " تعلموا كتاب الله عزوجل واقتنوه " قال : وحسبت أنه قال : " وتغنوا به , فوالذى نفسى بيده لهو أشد تفلتا من المخاض من العقل "
قال : وحدثنا أبو اليمان عن أبى بكر عن عبد الله بن أبى مريم عن المهاجر بن حبيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أهل القرآن لا توسدا القرآن , واتلوه حق تلاوته آناء الليل والنهار , وتقنوه , وتغنوه , واذكروا ما فيه لعلكم تفلحون " {189}
قال أبو عبيد :" تقنوه " , يقول : اجعلوه غناكم من الفقر , ولا تعدوا الإقلال معه فقرا
وقوله " وتقنوه " , يقول : اقتنوه كما تقتنوا الأموال , اجعلوه مالكم . {190}


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 12:30 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التقاط المصحف | غير مصنف



قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (قال الشبراملسى الشافعى فى حاشيته على النهاية : ( وقع السؤال فى الدرس هل يصح إلتقاط الذمى للمصحف أم لا ؟
والجواب : الظاهر أن يقال فيه بالثانى , لأن صحة التقاطه تستدعى جواز تملكه وهو ممنوع منه ).
وعبارة الشروانى : ( قال ع ش والظاهر عدم صحة التقاط نحو الذمى للمصحف لأن صحته تستدعى جواز تملكه وهو ممنوع منه ) . فظاهره جواز التقاط المصحف للمسلم) . {191}


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 12:32 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إلحاق المصحف بغيره | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (قال الشمس الرملى فى النهاية : ( ولو حمل مصحفا مع كتاب فى جلد واحد , فحكمه حكم المصحف مع المتاع فى التفصيل المار , وأما مس الجلد فيحرم مع مس الساتر للمصحف دون ما عداه كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ).
وقال الشبراملسى فى حاشيته على النهاية : (" قوله مس الجلد " ومثل الجلد اللسان والكعب : أى فيحرم من كل منهما ما حاذى المصحف , وفى سم على حج ويبقى الكلام فى الكعب فهل يحرم مسه مطلقا أو الجزء منه المحاذى للمصحف ؟ وهل اللسان المتصل بجهة غير المصحف إذا انطبق فى جهة المصحف كذلك ؟ . فيه نظر أ . هـ . قلت : ولا يبعد تخصيص الحرمة بالجزء المحاذى للمصحف .
" فرع " جمع مصحف وكتاب فى جلد واحد . قال م ر : ففى حمله تفصيل حمل المصحف فى أمتعة , وأما مسه فهو حرام إن كان من جهة المصحف لا من الجهة الأخرى أ.هـ . ثم أفاد بحثا أن كعب الجلد يلحق منه بالمصحف ما جاوره ). {192}


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 12:38 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إملاء المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا يخلو إملاء المصاحف من أن يكون عن أصول ينظر فيها المملى حال الإملاء , أو يكون إملاؤه عن ظهر قلب , فإن كان الإملاء معتمدا على أصل ينظر فيه المملى فإن المأثور عن الصحابة رضوان الله عليهم اشتراط كون الأصل الذى يعتمد عليه عند الإملاء أصلا مضبوطا متقنا , وأن يكون المملى فصيح اللسان , جيد اللغة حتى يأمن لحنه , ولكى لا يسئ الكاتب عنه الفهم إذا كان نطقه غير فصيح .
وقد أخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن أبى داود عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال : ( لا يملين فى مصاحفنا هذه إلا غلمان قريش , أو غلمان ثقيف ){197}
وفى رواية عنه أيضا أنه قال : ( إذا اختلفتم فى اللغة فاكتبوه بلغة مضر , فإن القرآن نزل على رجل من مضر )
وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : " لا يكتب المصاحف إلا مضرى "
أخرج ابن أبى داواد فى المصاحف وعنه الحافظ فى الفتح فى قصة كتابة المصحف الإمام , وذكر حديثا مطولا وفى آخره: ( فلما من ذلك عثمان قال : من أكتب ؟ . قالوا : كاتب رسول الله يزيد بن ثابت . قال : فأى الناس أعرب ؟ قالوا : سعيد بن العاص . قال عثمان : فليمل سعيد وليكتب زيد فكتب زيد ) إلى آخر الأثر , ويأتى بتمامة فى مسألة توحيد المصاحف .
الإملاء عن ظهر قلب :
فإن كان المملى يعول فى إملاءه على حفظه فالظاهر من المروى عن عمر رضى الله عنه أن ذلك لا يجوز لكل أحد حاشا من شهد له النبى صلى الله عليه وسلم بالحفظ والإتقان وأوصى بأخذ القرآن عنه كابن مسعود مثلا , فقد عقد ابن أبى داود فى {198}
كتاب المصاحف بابا فى كتابة المصاحف حفظا , ذكر فيه أثر عمر رضى الله عنه فى هذا الشأن , والذى أخرجه الإمام أحمد فى المسند , واللفظ له قال ( حدثنا أبو معاوية , ثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال : جاء رجل إلى عمر رضى الله عنه وهو بعرفه , قال [أبو ] معاوية : وحدثنا الأعمش عن خثيمة عن قيس بن مروان أنه أتى عمر رضى الله عنه فقال : جئت أمير المؤمنين من الكوفة , وتركت بها رجلا يملى المصاحف عن ظهر قلبه . فغضب وانتفخ حتى كاد يملأ ما بين شعبتى الرحل . فقال : ومن هو ويحك ؟. قال عبد الله بن مسعود . فما زال يطفأ ويسرى عنه الغضب حتى عاد إلى حاله التى كان عليها , ثم قال : ويحك ! والله ما أعلمه بقى من الناس أحد هو أحق بذلك منه , وسأحدثك عنذلك , كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال يسمر عند أبى بكر رضى الله عنه الليلة كذاك فى الأمر من أمر المسلمين , وإنه سمر عنده ذات ليلة وأنا معه , فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجنا معه , فإذا رجل قائم يصلى فى المسجد , فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع لقراءته , فلما كدنا أن نعرفه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سره أن يقرأ القرآن رطبا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد" . قال : ثم جلس الرجل يدعو , فجعل رسول الله صلى الله يقول له : " سل تعطه , سل تعطه " . قال عمر رضى الله عنه : قلت : والله لأغدون إليه فلأبشرنه . قال : فغدوت إليه لأبشره فوجدت أبا بكر رضى الله عنه قد سبقنى فبشره , ولا والله ما سبقته إلى خير قط إلا وسبقنى إليه ). {199}


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 01:24 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إهداء المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (استشكل بعض الطلبة ما تفشى فى أوساط الخلف من ظاهرة إهداء المصاحف ولا سيما فى المحافل على سبيل التكريم أو التشريف للآلحاد من الناس أو الجماعات , أو للرمز عن تأكيد الولاء أو التذكير بالعهود إذا كان المهدى إليه مسلما من ذوى الرئاسات .
ووجه الاستشكال أنه محدث لا أصل له , أو استعمال للقرآن فى غير ما أنزل له ناهيك عن مصادمته لما هو متقرر شرعا من كون الدين اتباعا وليس ابتداعا , نعم قد روى عن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه أنه لما فتح تستر وجد فى غنائمهما كتابا يقال بأنه كتاب دانيال , فوهبه لرجل من أهلها , وهذا إن صح أمكن الاستئناس به , وإن لم يكف دليلا فى المطلوب على أن من أهل العلم من صرح بصحة هبة المصحف , وهو اختيار القاضى أبو يعلى , وابنه أبى الحسين {202}
على ما حكاه عنهما ابن مفلح فى غير موضع من كتبه , وجزم به فى الإقناع وشرحه , بيد أنى لم أقف على مستند نقلى لهم فى هذا الباب وإن عللوا قولهم بجواز هبة المصحف بأن ذلك لا يعود بنقصه , ولا يدل على الرغبة عنه , ولأن هبة المصحف لا اعتياض فيها .
والقول بجواز هبة المصحف هو ظاهر كلام صاحب خزانة المفتين الحنفى حيث عد نقط المصحف من قبل الموهوب له مانعا من الرجوع فى الهبة . ثم إنى لم أجد عن غير هؤلاء خلافا لما ذهبوا إليه فى حدود ما اطلعت عليه ... والله أعلم بالصواب . {203}


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 17 ( الأعضاء 0 والزوار 17)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:10 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة