العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة يونس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 شوال 1435هـ/1-08-2014م, 10:24 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغياً وعدواً حتّى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنّه لا إله إلاّ الّذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين (90) آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين (91) فاليوم ننجّيك ببدنك لتكون لمن خلفك آيةً وإنّ كثيراً من النّاس عن آياتنا لغافلون (92)
قرأ الحسن بن أبي الحسن «وجوّزنا» بشد الواو، وطرح الألف، ويشبه عندي أن يكون «جاوزنا» كتب في بعض المصاحف بغير ألف، وتقدم القول في صورة جوازهم في البقرة والأعراف، وقرأ جمهور الناس «فأتبعهم» لأنه يقال تبع وأتبع بمعنى واحد، وقرأ قتادة والحسن «فاتّبعهم» بشد التاء، قال أبو حاتم: القراءة «أتبع» بقطع الألف لأنها تتضمن الإدراك، و «اتّبع» بشد التاء هي طلب الأثر سواء أدرك أو لم يدرك، وروي أن بني إسرائيل الذين جاوزوا البحر كانوا ستمائة ألف، وكان يعقوب قد استقر أولا بمصر في نيف على السبعين ألفا من ذريته فتناسلوا حتى بلغوا وقت موسى العدد المذكور، وروي أن فرعون كان في ثمانمائة ألف أدهم حاشى ما يناسبها من ألوان الخيل، وروي أقل من هذه الأعداد.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا كله ضعيف، والذي تقتضيه ألفاظ القرآن أن بني إسرائيل كان لهم جمع كثير في نفسه قليل بالإضافة إلى قوم فرعون المتبعين،
وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو والكوفيون وجماعة عدواً على مثال غزا غزا، وقرأ الحسن وقتادة «غزوا» على مثال علا علوا، وقوله أدركه الغرق أي في البحر، وروي في ذلك أن فرعون لما انتهى إلى البحر فوجده قد انفرق ومشى فيه بنو إسرائيل، قال لقومه إنما انفلق بأمري وكان على فرس ذكر فبعث الله جبريل على فرس أنثى وديق فدخل بها البحر ولج فرس فرعون ورآه وحثت الجيوش خلفه فلما رأى الانفراق يثبت له استمر، وبعث الله ميكائيل يسوق الناس حتى حصل جميعهم في البحر، فانطبق عليهم حينئذ، فلما عاين فرعون قال ما حكى عنه في هذه الآية، وقرأ جمهور الناس «أنه» بفتح الألف، ويحتمل أن تكون في موضع نصب، ويحتمل أن تكون في موضع خفض على إسقاط الباء، وقرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو «إنه» بكسر الألف، إما على إضمار الفعل أي آمنت فقلت إنه، وإما على أن يتم الكلام في قوله آمنت ثم يبتدئ إيجاب «إنه»، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن جبريل عليه السلام قال ما أبغضت أحدا قط بغضي لفرعون، ولقد سمعته يقول آمنت الآية، فأخذت من حال البحر فملأت فمه مخافة أن تلحقه رحمة الله» وفي بعض الطرق: «مخافة أن يقول لا إله إلا الله فتلحقه رحمة الله».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فانظر إلى كلام فرعون ففيه مجهلة وتلعثم، ولا عذر لأحد في جهل هذا وإنما العذر فيما لا سبيل إلى علمه كقول علي رضي الله عنه، «أهللت كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم»، والحال الطين، كذا في الغريب المصنف وغيره، والأثر بهذا كثير مختلف اللفظ والمعنى واحد، وفعل جبريل عليه السلام هذا يشبه أن يكون لأنه اعتقد تجويز المغفرة للتائب وإن عاين ولم يكن عنده قبل إعلام من الله تعالى أن التوبة بعد المعاينة غير نافعة). [المحرر الوجيز: 4/ 521-523]

تفسير قوله تعالى: {آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى آلآن وقد عصيت الآية، قال أبو علي:
اعلم أن لام المعرفة إذا دخلت على كلمة أولها الهمزة فخففت الهمزة فإن في تخفيفها وجهين: أحدهما أن تحذف وتلقى حركتها على اللام وتقر همزة الوصل فيه فيقال الحمر وقد حكى ذلك سيبويه، وحكى أبو عثمان عن أبي الحسن أن ناسا يقولون لحمر فيحذفون الهمزة التي للوصل فمن ذلك قول الشاعر:
[الطويل]
وقد كنت تخفي حب سمراء حقبة = فبح لان منها بالذي أنت بائح
قرأ نافع في رواية ورش لم يختلف عنه «الآن» بمد الهمزة وفتح اللام، وقرأ الباقون بمد الهمزة وسكون اللام وهمز الثانية، وقرأت فرقة «الان» بقصر الهمزة وفتح اللام وتخفيف الثانية وقرأ جمهور الناس «ألأن» بقصر الأولى وسكون اللام وهمز الثانية.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وقراءات التخفيف في الهمزة تترتب على ما قال أبو علي فتأمله، فإن الأولى على لغة من يقول الحمر، وهذا على جهة التوبيخ له والإعلان بالنقمة منه، وهذا اللفظ يحتمل أن يكون مسموعا لفرعون من قول ملك موصل عن الله وكيف شاء الله، ويحتمل أن كون معنى هذا الكلام معنى حاله وصورة خزيه، وهذه الآية نص في رد توبة المعاين). [المحرر الوجيز: 4/ 523-524]

تفسير قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى فاليوم ننجّيك الآية، يقوي ما ذكرناه من أنها صورة الحال لأن هذه الألفاظ إنما يظهر أنها قيلت بعد فرقه، وسبب هذه المقالة على ما روي أن بني إسرائيل بعد عندهم غرق فرعون وهلاكه لعظمه عندهم، وكذب بعضهم أن يكون فرعون يموت فنجي على نجوة من الأرض حتى رآه جميعهم ميتا كأنه ثور أحمر، وتحققوا غرقه، وقرأت فرقة «فاليوم ننجيك» وقالت فرقة معناه من النجاة أي من غمرات البحر والماء، وقال جماعة معناه نلقيك على نجوة من الأرض وهي ما ارتفع منها، ومنه قول أوس بن حجر: [البسيط]
فمن بعقوته كمن بنجوته = والمستكن كمن يمشي بقرواح
وقرأ يعقوب «ننجيك» بسكون النون وتخفيف الجيم، وقرأ أبي بن كعب «ننحّيك» بالحاء المشددة من التنحية، وهي قراءة محمد بن السميفع اليماني ويزيد البريدي، وقالت فرقة: معنى ببدنك بدرعك، وقالت فرقة معناه بشخصك وقرأت فرقة «بندائك» أي بقولك آمنت إلخ الآية، ويشبه أن يكتب بندائك بغير ألف في بعض المصاحف، ومعنى الآية أنّا نجعلك آية مع ندائك الذي لا ينفع، وقرأت فرقة هي الجمهور «خلفك» أي من أتى بعدك، وقرأت فرقة «خلقك» المعنى يجعلك الله آية له في عباده، ثم بيّن عز وجل العظة لعباده بقوله وإنّ كثيراً من النّاس عن آياتنا لغافلون وهذا خبر في ضمنه توعد). [المحرر الوجيز: 4/ 524-525]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 5 شوال 1435هـ/1-08-2014م, 10:24 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 5 شوال 1435هـ/1-08-2014م, 10:24 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيًا وعدوًا حتّى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنّه لا إله إلا الّذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين (90) آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين (91) فاليوم ننجّيك ببدنك لتكون لمن خلفك آيةً وإنّ كثيرًا من النّاس عن آياتنا لغافلون (92)}
يذكر تعالى كيفيّة إغراقه فرعون وجنوده؛ فإنّ بني إسرائيل لمّا خرجوا من مصر صحبة موسى، عليه السّلام، وهم -فيما قيل -ستّمائة ألف مقاتلٍ سوى الذّرّيّة، وقد كانوا استعاروا من القبط حليّا كثيرًا، فخرجوا به معهم، فاشتدّ حنق فرعون عليهم، فأرسل في المدائن حاشرين يجمعون له جنوده من أقاليمه، فركب وراءهم في أبّهةٍ عظيمةٍ، وجيوشٍ هائلةٍ لما يريده اللّه تعالى بهم، ولم يتخلّف عنه أحدٌ ممّن له دولةٌ وسلطانٌ في سائر مملكته، فلحقوهم وقت شروق الشّمس، {فلمّا تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنّا لمدركون} [الشّعراء: 61] وذلك أنّهم لمّا انتهوا إلى ساحل البحر، وأدركهم فرعون، ولم يبق إلّا أن يتقاتل الجمعان، وألحّ أصحاب موسى، عليه السّلام، عليه في السّؤال كيف المخلص ممّا نحن فيه؟ فيقول: إنّي أمرت أن أسلك هاهنا، {كلا إنّ معي ربّي سيهدين} [الشّعراء: 62]
فعندما ضاق الأمر اتّسع، فأمره اللّه تعالى أن يضرب البحر بعصاه، فضربه فانفلق البحر، {فكان كلّ فرقٍ كالطّود العظيم} [الشعراء: 63] أي: كالجبل العظيم، وصار اثني عشر طريقًا، لكلّ سبطٍ واحدٌ. وأمر اللّه الرّيح فنشّفت أرضه، {فاضرب لهم طريقًا في البحر يبسًا لا تخاف دركًا ولا تخشى} [طه: 77] وتخرّق الماء بين الطّرق كهيئة الشّبابيك، ليرى كلّ قوم الآخرين لئلّا يظنّوا أنّهم هلكوا. وجازت بنو إسرائيل البحر، فلمّا خرج آخرهم منه انتهى فرعون وجنوده إلى حافّته من النّاحية الأخرى، وهو في مائة ألف أدهم سوى بقيّة الألوان، فلمّا رأى ذلك هاله وأحجم وهاب وهمّ بالرّجوع، وهيهات ولات حين مناصٍ، نفذ القدر، واستجيبت الدّعوة. وجاء جبريل، عليه السّلام، على فرسٍ -وديقٍ حائلٍ -فمرّ إلى جانب حصان فرعون فحمحم إليها وتقدّم جبريل فاقتحم البحر ودخله، فاقتحم الحصان وراءه، ولم يبق فرعون يملك من نفسه شيئًا، فتجلّد لأمرائه، وقال لهم: ليس بنو إسرائيل بأحقّ بالبحر منّا، فاقتحموا كلّهم عن آخرهم وميكائيل في ساقتهم، لا يترك أحدًا منهم، إلّا ألحقه بهم. فلمّا استوسقوا فيه وتكاملوا، وهمّ أوّلهم بالخروج منه، أمر الله القدير البحر أن يرتطم عليهم، فارتطم عليهم، فلم ينج منهم أحدٌ، وجعلت الأمواج ترفعهم وتخفضهم، وتراكمت الأمواج فوق فرعون، وغشيته سكرات الموت، فقال وهو كذلك: {آمنت أنّه لا إله إلا الّذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} فآمن حيث لا ينفعه الإيمان، {فلمّا رأوا بأسنا قالوا آمنّا باللّه وحده وكفرنا بما كنّا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لمّا رأوا بأسنا سنّة اللّه الّتي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون} [غافرٍ: 84، 85]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 291-292]

تفسير قوله تعالى: {آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وهكذا قال اللّه تعالى في جواب فرعون حين قال ما قال: {آلآن وقد عصيت قبل} أي: أهذا الوقت تقول، وقد عصيت اللّه قبل هذا فيما بينك وبينه؟ {وكنت من المفسدين} أي: في الأرض الّذين أضلّوا النّاس، {وجعلناهم أئمّةً يدعون إلى النّار ويوم القيامة لا ينصرون} [القصص: 41]
وهذا الّذي حكى اللّه تعالى عن فرعون من قوله هذا في حاله ذاك من أسرار الغيب الّتي أعلم اللّه بها رسوله؛ ولهذا قال الإمام أحمد بن حنبلٍ، رحمه اللّه:
حدّثنا سليمان بن حربٍ، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لمّا قال فرعون: {آمنت أنّه لا إله إلا الّذي آمنت به بنو إسرائيل} قال: قال لي جبريل: [يا محمّد] لو رأيتني وقد أخذت [حالًا] من حال البحر، فدسسته في فيه مخافة أن تناله الرحمة"
ورواه التّرمذيّ، وابن جريرٍ، وابن أبي حاتمٍ في تفاسيرهم، من حديث حمّاد بن سلمة، به وقال التّرمذيّ: حديثٌ حسنٌ.
وقال أبو داود الطّيالسيّ: حدّثنا شعبة، عن عديّ بن ثابتٍ وعطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "قال لي جبريل: لو رأيتني وأنا آخذٌ من حال البحر، فأدسّه في فم فرعون مخافة أن تدركه الرّحمة". وقد رواه أبو عيسى التّرمذيّ أيضًا، وابن جريرٍ أيضًا، من غير وجهٍ، عن شعبة، به وقال التّرمذيّ: حسنٌ غريبٌ صحيحٌ.
ووقع في روايةٍ عند ابن جريرٍ، عن محمّد بن المثنّى، عن غندر، عن شعبة، عن عطاءٍ وعديّ، عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ، رفعه أحدهما -وكأنّ الآخر لم يرفعه، فاللّه أعلم.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن عمر بن عبد اللّه بن يعلى الثّقفيّ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا أغرق اللّه فرعون، أشار بأصبعه ورفع صوته: {آمنت أنّه لا إله إلا الّذي آمنت به بنو إسرائيل} قال: فخاف جبريل أن تسبق رحمة اللّه فيه غضبه، فجعل يأخذ الحال بجناحيه فيضرب به وجهه فيرمسه.
وكذا رواه ابن جريرٍ، عن سفيان بن وكيع، عن أبي خالدٍ، به موقوفًا
وقد روي من حديث أبي هريرة أيضًا، فقال ابن جريرٍ:حدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا حكّام، عن عنبسة -هو ابن سعيدٍ -عن كثير بن زاذان، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "قال لي جبريل: يا محمّد، لو رأيتني وأنا أغطّه وأدسّ من الحال في فيه، مخافة أن تدركه رحمة اللّه فيغفر له" يعني: فرعون
كثير بن زاذان هذا قال ابن معين: لا أعرفه، وقال أبو زرعة وأبو حاتمٍ: مجهولٌ، وباقي رجاله ثقاتٌ.
وقد أرسل هذا الحديث جماعةٌ من السّلف: قتادة، وإبراهيم التّيميّ، وميمون بن مهران. ونقل عن الضّحّاك بن قيسٍ: أنّه خطب بهذا للنّاس، فاللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 292-294]

تفسير قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فاليوم ننجّيك ببدنك لتكون لمن خلفك آيةً} قال ابن عبّاسٍ وغيره من السّلف: إنّ بعض بني إسرائيل شكّوا في موت فرعون، فأمر اللّه تعالى البحر أن يلقيه بجسده بلا روحٍ، وعليه درعه المعروفة [به] على نجوةٍ من الأرض وهو المكان المرتفع، ليتحقّقوا موته وهلاكه؛ ولهذا قال تعالى: {فاليوم ننجّيك} أي: نرفعك على نشز من الأرض، {ببدنك} قال مجاهدٌ: بجسدك. وقال الحسن: بجسمٍ لا روح فيه. وقال عبد اللّه بن شدّادٍ: سويًّا صحيحًا، أي: لم يتمزّق ليتحقّقوه ويعرفوه. وقال أبو صخرٍ: بدرعك
وكلّ هذه الأقوال لا منافاة بينها، كما تقدّم، واللّه أعلم.
وقوله: {لتكون لمن خلفك آيةً} أي: لتكون لبني إسرائيل دليلًا على موتك وهلاكك، وأنّ اللّه هو القادر الّذي ناصية كلّ دابّةٍ بيده، وأنّه لا يقوم لغضبه شيءٌ؛ ولهذا قرأ بعض السّلف: " لتكون لمن خلقك آيةً وإنّ كثيرًا من النّاس عن آياتنا لغافلون" أي: لا يتّعظون بها، ولا يعتبرون. وقد كان [إهلاك فرعون وملئه] يوم عاشوراء، كما قال البخاريّ:
حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا غندر، حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قدم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة، واليهود تصوم يوم عاشوراء فقالوا: هذا يومٌ ظهر فيه موسى على فرعون. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لأصحابه: "أنتم أحقّ بموسى منهم، فصوموه"). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 294]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:10 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة