العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الإسراء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 07:22 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإمّا تعرضنّ عنهم ابتغاء رحمةٍ من ربّك ترجوها} [الإسراء: 28] ابن مجاهدٍ، عن أبيه، قال: ابتغاء الرّزق.
{فقل لهم قولا ميسورًا} [الإسراء: 28]
- أبو أميّة، عن الحسن، أنّ سائلا قام فقال: يا رسول اللّه فقد بتنا البارحة بغير عشاءٍ، وما أمسينا اللّيلة نرجوه، فقال: «يرزقنا اللّه وإيّاك من فضله، اجلس».
فجلس.
ثمّ قام آخر فقال مثل ذلك، فردّ عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مثل ذلك.
فأتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بأربع أواقٍ من ذهبٍ، فقال: «أين السّائلان؟».
فقام الرّجلان، فأعطى كلّ واحدٍ منهما أوقيّةً، ولم يسأله أحدٌ.
فرجع بوقيّتين، فجعلهما تحت فراشه، فسهر ليلته بين فراشه ومسجده.
فقالت أمّ المؤمنين: يا رسول اللّه، ما أسهرك؟ أوجعٌ أو أمرٌ نزل؟ فقال: أوتيت بأربع أواقٍ فأمضيت وقيّتين وبقيت وقيّتان، فخشيت أن يحدث بي حدثٌ ولم أوجّههما.
قال يحيى: وبلغني أنّ قوله: {فقل لهم قولا ميسورًا} [الإسراء: 28] أن تقول للسّائل: رزقنا اللّه وإيّاك.
- عاصم بن حكيمٍ، وأشعث، عن عاصمٍ الأحول، عن قريبه، عن عائشة
[تفسير القرآن العظيم: 1/130]
قالت: لا تقولوا للمسكين في حديث عاصمٍ، وقال الأشعث: للسّائل: بارك اللّه فيك؛ فإنّه يسأل البرّ والفاجر.
قال يحيى: يعني: الكافر، ولكن قولوا: يرزقك اللّه.
في حديث عاصمٍ، وقال الأشعث: يرزقنا اللّه وإيّاك.
وأمّا قوله: {ابتغاء رحمةٍ من ربّك ترجوها} [الإسراء: 28]، يعني: انتظار رزق ربّك.
- أبو الأشهب، عن الحسن قال: كان السّائل يسأل، فيقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما أمسى في بيوت آل محمّدٍ صاعٌ من طعامٍ، وهم يومئذٍ تسعة أبياتٍ».
أبو أميّة، عن الحسن، عن النّبيّ نحوه.
خداشٌ، عن هشامٍ، عن الحسن، عن النّبيّ عليه السّلام مثله.
وقال الحسن: ولا واللّه ما شكا ذلك إليهم ولكن قاله اعتذارًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/131]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وإمّا تعرضنّ عنهم ابتغاء رحمةٍ مّن رّبّك...}

يقول: إذا أتتك قرابتك أو سواهم من المحتاجين يسألونك فأعرضت لأنه لا شيء عندك تعطيهم فقل لهم: قولا ميسوراً، يقول: عدهم عدة حسنةً. ثم نهاه أن يعطى كلّ ما عنده حتى لا يبقى محسوراً لا شيء عنده. والعرب تقول للبعير: هو محسور إذا انقطع سيره وحسرت الدابّة إذا سرتها حتى ينقطع سيرها. وقوله: {ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسيرٌ}
يحسر عند أقصر بلوغ المنظر). [معاني القرآن: 2/122]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {قولاً ميسوراً} أي ليّناً هيّناً، وهو من اليسر). [مجاز القرآن: 1/375]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {قولا ميسورا}: أي لينا هينا). [غريب القرآن وتفسيره: 214]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قولًا ميسوراً} أي ليّنا). [تفسير غريب القرآن: 253]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإمّا تعرضنّ عنهم ابتغاء رحمة من ربّك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا }
{عنهم} هذه الهاء والميم يرجعان على ذي القربى والمسكين وابن السبيل، (وإمّا تعرضنّ عنهم)، أي وإن أعرضت عنهم، ابتغاء رحمة من ربّك ترجوها، أي لطلب رزق من ربك ترجوه {فقل لهم قولا ميسورا}.
{ابتغاء} منصوب لأنه مفعول له، المعنى: وإن أعرضت عنهم لابتغاء رحمة من ربّك.
وروي أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سئل وليس عنده ما يعطى أمسك انتظار الرزق يأتي من اللّه - جلّ وعز - كأنّه يكره الردّ، فلما نزلت هذه الآية:
{فقل لهم قولا ميسورا} كان عليه السلام إذا سئل فلم يكن عنده ما يعطي قال: يرزقنا اللّه وإياكم من فضله.
فتأويل قوله: {ميسورا} واللّه أعلم أنه يكسر عليهم فقرهم بدعائه لهم). [معاني القرآن: 3/236-235]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا}
قال قتادة أي عدهم وقال عكرمة إن أعرضت عنهم لرزق تنتظره فعدهم وقل لهم سيكون فإذا جاءنا شيء أعطيناكم وقال الحسن قولا ميسورا أي لينا
والمعنى عند أهل اللغة يسر فقرهم عليهم بدعائك لهم). [معاني القرآن: 4/145-144]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَيْسوراً}: ليّنا). [العمدة في غريب القرآن: 181]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك} [الإسراء: 29] قال الحسن: أي: لا تدع النّفقة في حقّ اللّه، فيكون مثلك مثل الّذي غلّت يده إلى عنقه فلا يستطيع أن يبسطها.
قال: {ولا تبسطها كلّ البسط} [الإسراء: 29] فتنفق في غير حقّ اللّه.
{فتقعد ملومًا} [الإسراء: 29] في عباد اللّه لا تستطيع أن توسع النّاس.
{محسورًا} [الإسراء: 29] قد ذهب ما في يديك، يقول: قد خسر.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: يقول: لا تمسكها عن طاعة اللّه، ولا عن حقّه.
[تفسير القرآن العظيم: 1/131]
{ولا تبسطها كلّ البسط} [الإسراء: 29]، أي: لا تنفقها في معصية اللّه وفيما لا يصلح، وهو الإسراف.
وقال السّدّيّ: هذا مثلٌ ضربه اللّه في أمر النّفقة وذلك قوله للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك} [الإسراء: 29]، يعني: لا تمسك يدك عن النّفقة بمنزلة المغلولة، فلا تستطيع بسطها.
قال: {فتقعد ملومًا محسورًا} [الإسراء: 29] ملومًا في عباد اللّه لا تستطيع أن توسع النّاس، محسورًا قد ذهب ما في يدك، يقول: قد خسر). [تفسير القرآن العظيم: 1/132]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك} مجازه في موضع قولهم: لا تمسك عما ينبغي لك أن تبذل من الحق وهو مثل وتشبيه.

{ولا تبسطها كلّ البسط} أي لا تسرف كل السرف، وتبذّر كل التبذير.
(ملوماً محسوراً) أي منضىً قد أعيا، يقال: حسرت البعير، وحسرته بالمسئلة؛ والبصر أيضاً إذا رجع محسوراً، وقال الهذلي:
إنّ العسير بها داءً مخامرها= فشطرها نظر العينين محسور
أي فنحوها). [مجاز القرآن: 1/375]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله عز وجل {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك} أي لا تمسك يدك عن النفقة في حق، كالمغلولة يده إلى عنقه.
وأما {محسورا} حسره يحسره حسرًا وحسورًا؛ إذا فتره وأكله، وحسر الرجل يحسر لغة؛ و{ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير} من ذلك.
وقالوا: حسرت وأنت محسور، فيكون {حسير} من حسر، مثل: علم فهو عليم؛ ويكون من حسر فهو حسير، مثل: قتل فهو قتيل). [معاني القرآن لقطرب: 835]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط}: أي لا تمسك عن البذل فيما ينبغي. وهو مثل.
{محسورا}: معيبا. وهو الساقط الكال. {خاسئا وهو حسير} ). [غريب القرآن وتفسيره: 214]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {محسوراً} أي تحسرك العطية وتقطعك. كما يحسر السفر البعير فيبقى منقطعا. يقال: حسرت الرجل فأنا أحسره،
وحسر فهو يحسر). [تفسير غريب القرآن: 254]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كلّ البسط فتقعد ملوما محسورا }
معناه لا تبخل ولا تسرف.
{فتقعد} منصوب على جواب النهي، و {محسورا} أي قد بالغت في الحمل على نفسك وحالك حتى تصير بمنزلة من قد حسر.
والحسير والمحسور الذي قد بلغ الغاية في التعب والإعياء). [معاني القرآن: 3/236]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا}
قال قتادة {ولا تجعل يدك مغلوله إلى عنقك} أي: لا تمتنع من النفقة في الطاعة {ولا تبسطها كل البسط} أي لا تنفق في معصية فتقعد ملوما محسورا ،
قال عكرمة وقتادة أي نادما
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد فتقعد ملوما قال مذنبا أو آثما محسورا قد انقطع بك
قال أبو جعفر وكذلك المحسور في اللغة يقول حسره السفر إذا انقطع به وكذلك البعير حسير ومحسور إذا انقطع ووقف وهو أشد من الكلال). [معاني القرآن: 4/146-145]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَحْسوراً}: معدماً). [العمدة في غريب القرآن: 181]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {إنّ ربّك يبسط الرّزق لمن يشاء ويقدر} [الإسراء: 30]، أي: ويقتر.
وتقتيره على المؤمن نظرًا له.
{إنّه كان بعباده خبيرًا بصيرًا} [الإسراء: 30] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/132]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {يبسط الرّزق لمن يشاء} يوسّع عليه.

{ويقدر} أي يضيّق عليه). [تفسير غريب القرآن: 254]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولا تقتلوا أولادكم} [الإسراء: 31]، يعني: الموءودة.
{خشية إملاقٍ} [الإسراء: 31] قال قتادة: خشية الفاقة، كان أهل الجاهليّة يقتلون أولادهم خشية الفاقة.
كان أحدهم يقتل ابنته يدفنها حيّةً حتّى تموت؛ مخافة الفاقة، ويغذّي كلبه.
{نحن نرزقهم وإيّاكم إنّ قتلهم كان خطأً كبيرًا} [الإسراء: 31] ذنبًا كبيرًا.
قتل النّفس الّتي حرّم اللّه من الكبائر.
وقال الحسن: ذنبًا كبيرًا.
وقال قتادة: إثمًا كبيرًا.
وهو واحدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/132]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {خطئاً كبيراً...}

وقرأ الحسن خطاءً كبيراً بالمدّ. وقرأ أبو جعفر المدنيّ {خطأ كبيراً} قصر وهمز. وكلٌّ صواب. وكأنّ الخطأ الإثم. وقد يكون في معنى خطأ بالقصر.
كما قالوا: قتب وقتب، وحذرٌ وحذرٌ، ونجسٌ ونجسٌ. ومثله قراءة من قرأ {هم أولاء على أثري} و{إثري} ). [معاني القرآن: 2/123]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاقٍ} كان أهل الجاهلية يقتلون أولادهم خشية الفقر وهو الإملاق.
{إنّ قتلهم كان خطئاً كبيراً} إثما وهو اسم من خطأت، وإذا فتحته فهو مصدر كقول أوس بن علفاء الهجيميّ.
دعيني إنّما خطأي وصوبي= علىّ وإن ما أهلكت مال
يريد إصابتي، وخطأت لغتان، زعم يونس عن أبي إسحاق قال: أصل الكلام بناؤه على فعل ثم يبنى آخره على عدد من له الفعل من المؤنث والمذكر من الواحد والإثنين والجميع كقولك: فعلت وفعلنا وفعلن وفعلا وفعلوا، ويزاد في أوله ما ليس من بنائه فيزيدون الألف، كقولك: أعطيت إنما أصلها عطوت، ثم يقولون معطى فيزيدون الميم بدلاً من الألف وإنما أصلها عاطي، ويزيدون في أوساط فعل افتعل وانفعل واستفعل ونحو هذا، والأصل فعل
وإنما أعادوا هذه الزوائد إلى الأصل فمن ذلك في القرآن {وأرسلنا الرّياح لواقح} وإنما يريد الريح ملقحة فأعادوه إلى الأصل ومنه قولهم:
طوّحتني الطّوائح
وإنما هي المطاوح لأنها المطوّحة، ومن ذلك قول العجّاج:
يكشف عن جمّاته دلو الدال
وهي من أدلى دلوه، وكذلك قول رؤبة:
يخرجن من أجواز ليلٍ غاضي
وهي من أغضى الليل أي سكن). [مجاز القرآن: 1/377-375]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاقٍ نّحن نرزقهم وإيّاكم إنّ قتلهم كان خطئاً كبيراً}
وقال: {إنّ قتلهم كان خطئاً} من "خطئ" "يخطأ" تفسيره: "أذنب" وليس في معنى "أخطأ" لأن ما أخطأت [فيه] ما صنعته خطأً، و[ما] "خطئت" [فيه] ما صنعته عمدا وهو الذنب. وقد يقول ناس من العرب: "خطئت" في معنى "أخطأت".
وقال امرؤ القيس:
يا لهف نفسي إذ خطئن كاهلا = القاتلين الملك الحلاحلا
* ت الله لا يذهب شيخي باطلا *
وقال آخر:
والناس يلحون الأمير إذا هم = خطئوا الصّواب ولا يلام المرشد).
[معاني القرآن: 2/70]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عمرو {إن قتلهم كان خطئا كبيرا} بكسر الخاء ويسكن الطاء.
الحسن {كان خطئا} بفتح الخاء مقصور مهموز.
[وزاد محمد بن صالح]
وقرأ ابن كثير {خطاءا} بكسر الخاء ممدود.
ويروى عن الحسن أيضًا "خطاءًا" بفتح الخاء والمد؛ وقد فسرنا ذلك في سورة يوسف.
وبيت أمية على قراءة أبي عمرو:
والخطء فاحشة والبر نافلة = كعجوة غرست في الأرض تؤتبر
وقال عبيد:
والناس يلحون الأمير إذا هم = خطئوا الصواب ولا يلام المرشد
فقال: خطئوا في معنى أخطؤوا). [معاني القرآن لقطرب: 825]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {خشية إملاق}: إقتار. وقد أملق الرجل إذا ذهب ماله.
{خطأ}: إثما). [غريب القرآن وتفسيره: 215]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإيّاكم إنّ قتلهم كان خطئا كبيرا}
{خشية إملاق} منصوب لأنه مفعول له، والإملاق الفقر، يقال أملق يملق إملاقا.
وكانوا يدفنون البنات إذا ولدن لهم خوفا من الفقر، فضمن اللّه - عزّ وجل - لهم رزقهم، فقال: {نحن نرزقهم وإيّاكم}.
وهي الموءودة، كانوا يدفنون الابنة إذا ولدت حيّة.
وقوله: {إنّ قتلهم كان خطئا كبيرا}، وتقرأ خطا كبيرا.
فمن قال خطئا: بالكسر فمعناه إثما كثيرا، يقال قد خطئ الرجل يخطأ خطئا: أثم يأثم إثما {وخطأ كبيرا} له تأويلان أحدهما معناه إن قتلهم كان غير صواب يقال: قد أخطأ يخطئ إخطاء، وخطأ، والخطأ الاسم من هذا لا المصدر، ويكون الخطأ من خطئ يخطأ خطأ إذا لم يصب مثل لجج يلجج
قال الشاعر:
والناس يلحون الأمير إذا هم= خطئوا الصواب ولا يلام المرشد).
[معاني القرآن: 3/236]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق} الإملاق الفقر وكانوا يئدون بناتهم). [معاني القرآن: 4/146]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن قتلهم كان خطئا كبيرا} بكسر الخاء والمد
وروى عن الحسن كان خطئا بفتح الخاء والمد قال أبو جعفر وأعرف هذه القراءات عند أهل اللغة كان خطأ كبيرا قال أبن جريج وزعم أنه قوله ابن عباس وهو قول مجاهد الخطأ الخطيئة
قال أبو جعفر وهذا المعروف في اللغة يقال خطئ يخطأ خطأ إذا أثم وتعمد الذنب وقد حكى في المصدر خطأ وأخطأ يخطئ إخطاء والاسم الخطأ إذا لم يتعمد الذنب،
فأما قراءة من قرأ كان خطاء بالكسر والمد والفتح والمد فلا يعرف في اللغة ولا في كلام العرب).[معاني القرآن: 4/148-147]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {خشية إملاق} أي: فقر). [ياقوتة الصراط: 307]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {إِمْلاقٍ}: فقر.
{خِطْأً}: إثما). [العمدة في غريب القرآن: 182]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولا تقربوا الزّنى إنّه كان فاحشةً وساء سبيلا} [الإسراء: 32] وبئس الطّريق.
وقال السّدّيّ: ويعني: المسلك.
وهو نحوه). [تفسير القرآن العظيم: 1/132]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {ولا تقربوا الزّنى} مقصور وقد يمدّ في كلام أهل نجد، قال الفرزدق:

أبا حاضرٍ من يزن يعرف زناؤه= ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكّرا
وقال الفرزدق:
أخضبت عردك للزناء ولم تكن= يوم اللقاء لتخضب الأبطالا
وقال الجعدي:
كانت فريضة ما تقول كما= كان الزناء فريضة الرّجم).
[مجاز القرآن: 1/378-377]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولا تقربوا الزّنا إنّه كان فاحشة وساء سبيلا}
أي وساء الزنا سبيلا. و{سبيلا} منصوب على التمييز). [معاني القرآن: 3/237]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولا تقتلوا النّفس الّتي حرّم اللّه إلا بالحقّ} [الإسراء: 33]
[تفسير القرآن العظيم: 1/132]
- سعيدٌ وهشامٌ، عن قتادة، أنّ عثمان بن عفّان قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " لا يحلّ دم مسلمٍ إلا بأحد ثلاثٍ: رجلٌ كفر بعد إسلامه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفسًا متعمّدًا".
- حمّادٌ، عن قتادة، عن شهر بن حوشبٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «القتيل دون ماله شهيدٌ».
- المعلّى، عن سماك بن حربٍ، عن قابوس بن المخارق، عن أبيه، أنّ رجلا قال: يا رسول اللّه، الرّجل يعرض لي يريد نفسي ومالي، كيف أصنع به؟ قال: «ناشده اللّه».
قال: نشدته باللّه فلم ينته، قال: «استعد عليه السّلطان».
قال: ليس بحضرتنا سلطانٌ، قال: «استعن عليه المسلمين».
قال: نحن بفلاةٍ من الأرض، ليس قربنا أحدٌ، قال: «فجاهده دون مالك حتّى تمنعه أو تكتب في شهداء الآخرة».
- أشعث، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال رسول اللّه عليه السّلام: «من قاتل دون ماله فقتل فهو شهيدٌ، ومن قاتل دون نفسه فقتل فهو شهيدٌ، ومن قاتل دون أهله فقتل فهو شهيدٌ.
وكلّ قتيلٍ في جنب اللّه فهو شهيدٌ».
قوله: {ومن قتل مظلومًا} [الإسراء: 33] يعني: المقتول ظلمه القاتل حين قتله بغير حقّه.
تفسير السّدّيّ.
{فقد جعلنا لوليّه سلطانًا} [الإسراء: 33]
[تفسير القرآن العظيم: 1/133]
قال قتادة: وهو القود إلا أن يعفو الوليّ، أو يرضى بالدّية إن أعطيها.
قوله: {فلا يسرف في القتل} [الإسراء: 33] لا يقتل غير قاتله.
{إنّه كان منصورًا} [الإسراء: 33] ينصره السّلطان حتّى يقيده منه.
حمّادٌ، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، قال: لا يقتل غير قاتله.
وقال حمّادٌ: قال قتادة: من قتل بحديدةٍ قتل بحديدةٍ، ومن قتل بعصًا قتل بعصًا.
وقال سعيدٌ، عن قتادة: من قتل بحديدةٍ قتل بحديدةٍ، ومن قتل بخشبةٍ قتل بخشبةٍ، ومن قتل بحجرٍ قتل بحجرٍ.
- الحسن، عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا قود إلا بالسّيف».
وبعضهم يقول: {إنّه كان منصورًا} [الإسراء: 33] يعني في الآخرة، يعني الّذي يعدى عليه فقتل وليس هو قاتل الأوّل ينصر على الّذي تعدّى عليه فقتله). [تفسير القرآن العظيم: 1/134]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليّه سلطاناً...}

في الاقتصاص أو قبول الدّية. ثم قال: {فلا يسرف فّي القتل} فقرئت بالتّاء والياء. فمن قال بالياء ذهب إلى الوليّ أي لا يقتلنّ غير قاتله. يقول فلا يسرف لوليّ في القتل.
... وحدثني غير واحد، منهم مندل وجرير وقيس عن مغيرة عن إبراهيم عن أبي معمر عن حذيفة بن اليمان أنه قرأ (فلا تسرف) بالتاء.
وفي قراءة أبيّ (فلا يسرفوا في القتل).
وقوله: {إنّه كان منصوراً} يقال: إن وليّه كان منصوراً. ويقال الهاء للدم. إن دم المقتول كان منصوراً لأنه ظلم.
وقد تكون الهاء للمقتول نفسه، وتكون للقتل لأنه فعل فيجري مجرى الدم والله أعلم بصواب ذلك). [معاني القرآن: 2/123]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فقد جعلنا لوليّه سلطاناً فلا يسرف في القتل} جزمه بعضهم على مجاز النهى، كقولك: فلا يسرفن في القتل أي يمثل به ويطول عليه العذاب، ويقول بعضهم {فلا يسرف في القتل} فيرفعه على مجاز الخبر كقولك: إنه ليس في قتل ولي المقتول الذي قتل ثم قتل هو به سرفٌ.
{إنّه كان منصوراً} مجازه من النصر، أي يعان ويدفع إليه حتى يقتله بمقتوله). [مجاز القرآن: 1/378]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فلا يسرف في القتل} أي: لا تمثّل إذا قتلت بالقود، ولا تقتل غير قاتلك). [تفسير غريب القرآن: 254]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولا تقتلوا النّفس الّتي حرّم اللّه إلّا بالحقّ ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليّه سلطانا فلا يسرف في القتل إنّه كان منصورا}
حرّم اللّه قتل المؤمن إلّا أن يرتدّ بعد إيمانه، أو يقتل مؤمنا متعمّدا، أو يزني بعد إحصان.
كذلك قال قتادة في تفسير هذه الآية.
{ومن قتل مظلوما} أي من غير أن يأتي بواحدة من هذه الثلاث.
{فقد جعلنا لوليّه سلطانا} الأجود إدغام الدال في الجيم، والإظهار جيّد بالغ، لأنّ الجيم من وسط اللسان، والدال من طرف اللسان، والإدغام جائز لأنّ حروف وسط اللسان قد تقرب من حروف طرف اللسان.
ووليه الذي بينه وبينه قرابة توجب المطالبة بدمه..
فإن لم يكن له ولي فالسلطان وليه.
و " سلطانا " أي حجة.
وقوله: {فلا يسرف في القتل}.
القراءة الجزم على النهي، ويقرأ بالياء والتاء جميعا، وتقرأ فلا يسرف بالرفع. والإسراف في القتل قد اختلف فيه.
فقال أكثر الناس: الإسراف أن يقتل الوليّ غير قاتل صاحبه.
وقيل: الإسراف أن يقتل هو القاتل دون السّلطان، وكانت العرب إذا قتل منها السيد وكان قاتله خسيسا لم يرضوا بأن يقتل قاتله وربما لم يرضوا أن يقتل واحد بواحد حتى تقتل جماعة بواحد.
وقوله: {إنّه كان منصورا} أي أن القتيل إذا قتل بغير حق فهو منصور في الدنيا والآخرة، فأما نصرته في الدنيا فقتل قاتله، وأما في الآخرة فإجزال الثواب له، ويخلّد قاتله في النّار،
ومن قرأ فلا يسرف - في القتل - بالرفع - فالمعنى أن وليّه ليس بمسرف في القتل إذا قتل قاتله ولم يقبل الدية). [معاني القرآن: 3/238-237]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق} بين هذا الحديث لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث خلال شرك بعد إيمان أو زنى بعد إحصان أو قتل نفس بغير نفس). [معاني القرآن: 4/148]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا} اختلف المتقدمون من العلماء في السلطان الذي جعل للولي
فروى خصيف عن مجاهد قال حجته التي جعلت له أن يقتل قاتله وذهب جماعة من العلماء إلى أن هذا هو السلطان الذي جعل له وأنه ليس له أن يأخذ الدية إلا أن يشاء القاتل وقال الضحاك في السلطان الذي جعل له إن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية وإن شاء عفا
والقول عند أهل المدينة وأهل الكوفة قول مجاهد إن السلطان ههنا القود خاصة لا ما سواه
وذهب الشافعي رحمه الله إلى قول الضحاك غير أنه قال كان يستحق إذا عفا أخذ الدية أشترط ذلك أو لم يشترطه والحجة له فمن عفي له من أخيه شيء والحديث ولي المقتول بأحد النظرين). [معاني القرآن: 4/150-148]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فلا يسرف في القتل}
روى خصيف عن مجاهد قال لا يقتل غير قاتله وروى منصور عن طلق بن حبيب قال لا تقتل غير قاتلك ولا تمثل به وروى خصيف عن سعيد بن جبير قال لا يقتل اثنين بواحد وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال لا يقتل أبا القاتل ولا ابنه وقرأ حذيفة {فلا تسرف في القتل} بالتاء
وروى العلاء بن عبد الكريم عن مجاهد قال هو للقاتل الأول والمعنى عنده على هذا فلا تسرف أيها القاتل). [معاني القرآن: 4/151-150]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {إنه كان منصورا} روى ابن كثير عن مجاهد قال إن المقتول كان منصورا ومعنى قوله إن الله نصره بوليه
وروى أنه في قراءة أبي فلا تسرفوا في القتل إن ولي المقتول كان منصورا
قال أبو جعفر الأبين بالياء وتكون للولي لأنه إنما يقال لا يسرف لمن كان له أن يقتل فهذا للولي
وقد يجوز بالتاء ويكون للولي أيضا إلا أنه يحتاج فيه إلى تحويل المخاطبة). [معاني القرآن: 4/152-151]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فلا يسرف في القتل} أي لا يمثل إذا قتل بالقود، ولا يقتل غير قاتله). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 136]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 07:34 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب النونين الثقيلة والخفيفة
ومعرفة مواقعها من الأفعال
اعلم أنهما لا تدخلان من الأفعال إلا على ما لم يجب، ولا يكون من ذلك إلا في الفعل الذي يؤكد ليقع. وذلك ما لم يكن خبراً فيما ضارع القسم. فأما القسم فإحداهما فيه واجبةٌ لا محالة. وأما ما ضارعه فأنت فيه مخير. وذلك قولك في القسم: والله لأقومن، وحق زيد لأمضين، فيلحق النون إما خفيفة وإما ثقيلةً، لا يكون القسم إلا كذاك. وقد شرحنا ذلك في باب القسم: لم كانت فيه واجبة? وأما الثقيلة فكقوله عز وجل: {ليسجنن وليكوننّ من الصاغرين}. وأما الخفيفة فعلى قراءة من قرأ: {وليكونن من الصاغرين}، وكقوله: {كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية}، وقال الشاعر:
وفي ذمتي لئن فعلت ليفعلا
فمن مواضعها: الأمر، والنهي؛ لأنهما غير واجبين. وذلك قولك - إذا لم تأت بهما -:اضرب، ولا تضرب، فإذا أتيت بها قلت: اضربن زيدا، ولا تضربن زيدا، وإن شئت ثقلت النون، وإن شئت خففتها. وهي - إذا خففت - مؤكدة، وإذا ثقلت فهي أشد توكيدا، وإن شئت لم تأت بها فقلت: اضرب، ولا تضرب. قال الله عز وجل: {ولا تقولن لشيءٍ إني فاعلٌ ذلك غدًا}، وقال: {ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون}، وقال: {فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون}. وقال الشاعر في الخفيفة:
فإياك والميتات لا تقربنـهـا = ولا تأخذن سهماً حديداً لتفصدا
وقال الآخر:
فأنزلن سكينةً علينا
والطلب يجري مجرى الأمر والنهي، وقد مضى القول في هذا. ومن مواضعهما: الاستفهام؛ لأنه غير واجب. وذلك قولك: هل تضربن زيداً، وهل يقومن زيد يا فتى. وتدخل الخفيفة كما دخلت الثقيلة؛ لأنهما في التوكيد على ما ذكرت لك ومن مواضعها: الجزاء إذا لحقت ما زائدةً في حرف الجزاء؛ لأنها تكون كاللام التي تلحق في القسم في قولك: لأفعلن، وذلك قولك: إما تأتيني آتك، ومتى ما تقعدن أقعد. فمن ذلك قول الله عز وجل: {فإما ترين من البشر أحداً}، وقال: {وإما تعرضن عنهم}. فإن كان الجزاء بغير ما قبح دخولها فيه، لأنه خبر يجب آخره بوجوب أوله. وإنما يجوز دخولها الجزاء بغير ما في الشعر للضرورة؛ كما يجوز ذلك في الخبر. فمن ذلك قوله:
من تثقفن منهم فليس بآئبٍ = أبداً، وقتل بني قتيبة شافي
فهذا يجوز؛ كما قال في الخبر:
ربما أوفيت في علـمٍ = ترفعن ثوبي شمالات
ومن أمثال العرب: بعينٍ ما أرينك وبألمٍ ما تختننه. فإنما أدخل النون من أجل ما الزائدة كاللام كما ذكرت لك). [المقتضب: 3/11-15] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب تغيير الأفعال للنونين الخفيفة والثقيلة
اعلم أن الأفعال - مرفوعةً كانت أو منصوبةً أو مجزومةً - فإنها تبنى مع دخول النون على الفتحة؛ وذلك أنها والنون كشيء واحد، فبنيت مع النون بناء خمسة عشر. ولم تسكن لعلتين: إحداهما: أن النون الخفيفة ساكنة، والثقيلة نونان، الأولى منهما ساكنة، فلو أسكنت ما قبلها لجمعت بين ساكنين. والعلة الأخرى: أنك حركتها؛ لتجعلها مع النون كالشيء الذي يضم ليع غيره، فيجعلان شيئاً واحداً؛ نحو: بيت بيت، وخمسة عشر. وإنما اختاروا الفتحة؛ لأنها أخف الحركات. وذلك قولك للرجل: هل تضربن زيدا? والله لتضربن زيدا. فالفعلان مرفوعان. وتقول في الموقوف، والمجزوم: اضربن زيدا، ولا تضربن عمرا، وإما تغزون زيدا أغزه. كما قال عز وجل: {وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك} ). [المقتضب: 3/19]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقال أعرابي أنشدنيه أبو العالية:
ألا تسأل ذا العلم ما الذي = يحل من التقبيل في رمضان؟
فقال لي المكي:
أما لزوجةٍ = فسبع، وأما خلةٍ فثماني
.....
"وقوله: "أما لزوجة" فهذه مفتوحة، وهي التي تحتاج إلى خبر، ومعناها: إذا قلت: أما زيدٌ فمنطلقٌ مهما يكن من شيء فزيدٌ منطلقٌ. وكذلك: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} إنما هي: مهما يكن من شيء فلا تقهر اليتيم، وتكسر إذا كانت في معنى "أو" ويلزمها التكرير، تقول: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فمعناه ضربت زيدًا أو عمرًا، وكذلك: {إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}، وكذلك: {إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ}، و{إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا}، وإنما كررتها لأنك إذا قلت: ضربت زيدًا أو عمرًا، أو قلت: اضرب زيدًا أو عمرًا فقد ابتدأت بذكر الأول، وليس عند السامع أنك تريد غير الأول، ثم جئت بالشك، أو التخيير، وإذا قلت: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فقد وضعت كلامك بالابتداء على التخيير أو على الشك، وإذا قلت: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فالأولى وقعت لبنية الكلام عليها، والثانية للعطف، لأنك تعدل بين الثاني والأول، فإنما تكسر في هذا الموضع.
وزعم سيبويه أنها إن ضمت إليها "ما" فإن اضطر شاعر فحذف "ما" جاز له ذلك لأنه الأصل، وأنشد في مصداق ذلك:
لقد كذبتك نفسك فاكذبنها = فإن جزعًا وإن إجمال صبر
ويجوز في غير هذا الموضع أن تقع "إما" مكسورة، ولكن "ما" لا تكون لازمة، ولكن تكون زائدة في "إن" التي هي للجزاء. كما تزداد في سائر الكلام نحو: أين تكن أكن، وأينما تكن أكن، وكذلك متى تأتني آتك، ومتى ما تأتني آتك، فتقول: إن تأتني آتك، وإما تأتني آتك، تدغم النون في الميم لاجتماعهما في الغنة، وسنذكر الإدغام في موضع نفرده به إن شاء الله، كما قال امرؤ القيس:
فإما تريني لا أغمض ساعةٌ = من الليل إلا أن أكب فأنعسا
فيا رب مكروب كررت وراءه = وطاعنت عنه الخيل حتى تنفسا
وفي القرآن: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} وقال: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا} فأنت في زيادة "ما" بالخيار في جميع حروف الجزاء، إلا في حرفين، فإن "ما" لابد منها لعلة نذكرها إذا أفردنا باباٌ للجزاء إن شاء الله، والحرفان: حيثما تكن أكن، كما قال الشاعر:
حيثما تستقم يقدر لك الله = نجاحاٌ في غابر الأزمان).
[الكامل: 1/377-379] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) }
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (ثم العنق ويقال العنق بضمتين، وهو العنق، والجيد، والهادي، والتليل، والرقبة، والكرد يقال اضرب كرده، قال الأصمعي الكرد فارسي كأنه من قولهم كردن، قال الشاعر:
واضرب بحد السيف عظم كرده
قال الأصمعي: الجيد اسم يقع على طول العنق يقال رجل أجيد وامرأة جيداء). [خلق الإنسان: 198] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (باب الاقتصاد في الإنفاق والإعطاء
قال اللّه عز وجل: {ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط}، وقال عز وجل: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا}.
حدّثني أحمد بن الخليل عن مسلم بن إبراهيم عن سكين بن عبد العزيز بن مسلم عن أبي الأحوص عن عبد الله قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " ما عال مقتصدٌ ".
وحدّثني أيضا عن مسلم قال: حدّثنا أبو قدامة الحارث بن عبيد قال: حدّثنا برد بن سنان عن الزهري قال: قال أبو الدرداء: حسن التقدير في المعيشة أفضل من نصف الكسب، ولقط حبا منثورًا وقال: إن فقه الرجل رفقه في معيشته). [عيون الأخبار: 3/331]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (لأن تخطئ في العلم أيسر من أن تخطأ في الدين يقال قد خطئت إذا أثمت فأنا أخطأ خطئا وأنا خاطئ قال الله عز وجل: {إنه كان خطئا كبيرا} وقال أيضا: {كنا خاطئين} أي آثمين وقال أبو عبيدة يقال أخطأ وخطئ لغتان وأنشد:
(يا لهف هند إذا خطئن كاهلا)
أي: أخطأن كاهلا قال ويقال في مثل مع الخواطئ سهم صائب يضرب للذي يكثر الخطأ أو يأتي الأحيان بالصواب). [إصلاح المنطق: 293-294]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (أما قوله:
ومنّا الذي منع الوائدات
فإنه يعني جدّه صعصعة بن ناجية بن عقالٍ، وكانت العرب في الجاهلية تئد البنات، ولم يكن هذا في جميعها إنما كان في تميم بن مرّة ثم استفاض في جيرانهم، فهذا قول واحد. وقال قوم آخرون: بل كان في تيم وقيس وأسدٍ وهذيل وبكر بن وائل، لقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللّهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف". وقال بعض الرواة: "اشدد وطدتك"، والمعنى قريب يرجع إلى الثّقل، فأجدبوا سبع سنين حتى أكلوا الوبر بالدم، فكانوا يسمونه العلهز، ولهذا أبان الله عز وجل تحريم الدم، ودلّ على ما من أجله قتلوا البنات فقال: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ}، وقال: {وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ}، فهذا خبرٌ بيّن أن ذلك للحاجة، وقد روى بعضهم أنهم إنما فعلوا ذلك أنفةً). [الكامل: 2/604-605]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) }

تفسير قوله تعالى:{(وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33) }

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 15 ذو القعدة 1439هـ/27-07-2018م, 10:11 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 15 ذو القعدة 1439هـ/27-07-2018م, 10:11 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15 ذو القعدة 1439هـ/27-07-2018م, 10:14 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وإما تعرضن} الآية. الضمير في "عنهم" عائد على من تقدم ذكره من المساكين وبني السبيل، فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية -إذا سأله منهم أحد فلم يجد عنده ما يعطيه، فقابله رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإعراض تأدبا منه في أن لا يرده تصريحا، وانتظارا لرزق من الله تعالى يأتي فيعطي منه -أن يكون يؤنسه بالقول الميسور، وهو الذي فيه الترجية بفضل الله، والتأنيس بالميعاد الحسن، والدعاء في توسعة الله تعالى وعطائه. وروي أنه عليه الصلاة والسلام كان يقول بعد نزول هذه الآية -إذا لم يكن عنده ما يعطي-: "يرزقنا الله وإياكم من فضله"، فالرحمة -على هذا التأويل- الرزق المنتظر، وهذا قول ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وقال ابن زيد: الرحمة: الأجر والثواب، وإنما نزلت الآية في قوم كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأبى أن يعطيهم، لأنه كان يعلم منهم نفقة المال في فساد، فكان يعرض عنهم رغبة الأجر في منعهم، لئلا يعينهم على فسادهم، فأمره الله تبارك وتعالى بأن يقول لهم قولا ميسورا يتضمن الدعاء في الفتح لهم والإصلاح.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وقال بعض أهل التأويل الأول: نزلت الآية في عمار بن ياسر وصنفه، و"الميسور" مفعول من لفظة اليسر، تقول: يسرت لك كذا إذا أعددته). [المحرر الوجيز: 5/466]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولا تجعل يدك مغلولة} الآية. روي عن قالون: "كل البصط" بالصاد، ورواه الأعشى عن أبي بكر، واستعير لليد المقبوضة جملة عن الإنفاق المتصفة بالبخل الغل إلى العنق، واستعير لليد التي تستنفد جميع ما عندها غاية البسط، ضد الغل، وكل هذا في إنفاق الخير، وأما إنفاق الفساد فقليله وكثيره حرام.
وهذه الآية ينظر إليها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "مثل البخيل والمتصدق.." الحديث بكماله. والملامة هنا لاحقة ممن يطلب من المستحقين فلا يجد ما يعطي. و"المسحور": المقعد الذي قد استنفدت قوته، تقول: حسرت البعير إذا أتعبته حتى لم تبق له قوة، فهو حسير، ومنه قول الشاعر:
لهن الوجا لم كن عونا على السرى ... ولا زال منها طالع وحسير
ومنه: البصر الحسير، وهو الكال. وقال ابن جريج وغيره في معنى هذه الآية: لا تمسك عن النفقة فيما أمرتك به من الحق، ولا تبسطها كل البسط فيما نهيتك عنه. وقال قتادة: التبذير: النفقة في معصية، وقال مجاهد: لو أنفق إنسان ماله كله في حق لم يكن تبذيرا، ولو أنفق مدا في باطل كان تبذيرا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا فيه نظر، ولا يعطي البسط معنى لم يبح فيما نهي عنه، ولا يقال في المعصية:
[المحرر الوجيز: 5/467]
"ولا تبذر"، وإنما يقال: "ولا تنفق ولو باقتصاد وقوام"، ولله در ابن عباس، وابن مسعود رضي الله عنهما فإنهما قالا: "التبذير: الإنفاق في غير حق"، فهذه عبارة تعم المعصية والسرف المباح، وإنما نبهت هذه الآية على استفراغ الجهد فيما يطرأ أولا من سؤال المؤمنين; لئلا يبقى من يأتي بعد ذلك لا شيء له، ولئلا يضيع المنفق عيالا، ونحوه ومن كلام الحكمة: "ما رأيت قط سرفا إلا ومعه حق مضيع"، وهذه من آيات فقه الحال، ولا يبين حكمها إلا باعتبار شخص من الناس). [المحرر الوجيز: 5/468]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله: {إن ربك يبسط الرزق}، المعنى: كن أنت يا محمد على ما رسم لك من الاقتصاد وإنفاق القوام، ولا يهمنك فقر من تراه كذلك، فإنه بمرأى من الله وبمسمع، وبمشيئة. و"يقدر" معناه: يضيق.
وقوله تعالى: {إنه كان بعباده خبيرا بصيرا}، أي: يعلم مصلحة قوم في الفقر، ويعلم مصلحة آخرين في الغنى. وقال بعض المفسرين -وحكاه الطبري -: إن الآية إشارة إلى حال العرب التي كانت يصلحها الفقر، وكانت إذا شبعت طغت وقتلت غيرها وأغارت، وإذا كان الجوع والقحط شغلهم). [المحرر الوجيز: 5/468]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا}
قرأ الأعمش، وابن وثاب: "ولا تقتلوا" بتضعيف الفعل.
وهذه الآية نهي عن الوأد الذي كانت العرب تفعله، وهو قوله تعالى: {وإذا الموءودة سئلت}، ويقال: كان جهلهم يبلغ إلى أن يغز واحد منهم كلبه ويقتل ولده، و"خشية" نصب على المفعول من أجله، و"الإملاق": الفقر وعدم المال، أملق الرجل: لم يبق له إلا الملقات، وهي الحجارة العظام الملس السود. وقرأ الجمهور: "خطئا" بكسر الخاء وسكون الطاء، وبالهمز والقصر، وقرأ ابن عامر: "خطأ" بفتح
[المحرر الوجيز: 5/468]
الخاء والطاء والهمزة مقصورة، وهي قراءة أبي جعفر، وهاتان قراءتان مأخوذتان من: خطئ إذا أتى الذنب على عمد، فهي: كحذر وحذر ومثل ومثل وشبه وشبه اسم ومصدر، ومنه قول الشاعر:
الخطء فاحشة والبر نافلة ... كعجوة غرست في الأرض تؤتبر
قال الزجاج: خطئ الرجل يخطأ خطئا، مثل: أثم يأثم إثما، فهذا هو المصدر، وخطأ اسم منه، وقال بعض العلماء: خطئ معناه واقع الذنب مع التعمد، وأخطأ إذا واقعة من غير تعمد، ومنه قوله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}، وقال أبو علي الفارسي: وقد يقع هذا موضع هذا وهذا موضع هذا، فأخطأ بمعنى تعمد في قول الشاعر:
عبادك يخطئون وأنت رب ... كريم لا يليق بك الذموم
وخطئ بمعنى لم يتعمد في قول الآخر:
والناس يلحون الأمير إذا هم ... خطئوا الصواب ولا يلام المرشد
[المحرر الوجيز: 5/469]
وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: "خطأ" بفتح الخاء وسكون الطاء وهمزه، وقرأ ابن كثير: "خطاء" بكسر الخاء وفتح الطاء ومد الهمزة، وهي قراءة الأعرج بخلاف- وطلحة، وشبل، والأعمش، وعيسى، وخالد بن إلياس، وقتادة، والحسن بخلاف-، قال النحاس: ولا أعرف لهذه القراءة وجها، وكذلك جعلها أبو حاتم غلطا، قال أبو علي الفارسي: هي مصدر من خاطأ يخاطئ وإن كنا لم نجد خاطأ، ولكن وجدنا تخاطأ، وهو مطاوع خاطأ، فدلنا عليه، ومنه قول الشاعر:
تخطأت النبل أحشاءه ... وأخر يومي فلم أعجل
وقول الآخر في صفة كمأة:
تخاطأه القناص حتى وجدته ... وخرطومه في منقع الماء راسب
فكأن هؤلاء الذين يقتلون أولادهم يخاطئون الحق والعدل. وقرأ الحسن -فيما روي عنه-: "خطاء" بفتح الخاء والطاء والمد في الهمزة. قال أبو حاتم: لا يعرف هذا
[المحرر الوجيز: 5/470]
في اللغة، وهو غلط غير جائز، وليس كما قال أبو حاتم، قال أبو الفتح: الخطاء من "أخطأت" بمنزلة العطاء من "أعطيت"، هو اسم بمعنى المصدر. وقرأ الحسن بخلاف-: "خطأ" بفتح الخاء والطاء منونة من غير همز. وقرأ أبو رجاء، والزهري: "خطا" بكسر الخاء وفتح الطاء كالتي قبلها، وهاتان مخففتان من: خطأ وخطأ). [المحرر الوجيز: 5/471]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولا تقربوا الزنا} تحريم، والزني يمد ويقصر، فمن قصره الآية، وهي لغة جميع كتاب الله، ومن مده قول الفرزدق:
أبا حازم من يزن يعرف زناؤه ... ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكرا
ويروى: أبا خالد، و"الفاحشة": ما يستتر به من المعاصي لقبحه.
و"سبيلا" نصب على التمييز، التقدير: وساء سبيله سبيلا، أي لأنه يؤدي إلى النار). [المحرر الوجيز: 5/471]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولا تقتلوا} وما تقدم قبله من الأفعال جزم بالنهي.
وذهب الطبري إلى أنها عطف على قوله: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه}، والأول أصوب وأبرع للمعنى.
والألف واللام التي في "النفس" هي للجنس، و"الحق" الذي تقتل به النفس هو ما فسره النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "لا يحل دم المسلم إلا إحدى ثلاث خصال: كفر بعد إيمان، أو زنى بعد إحصان، أو قتل نفس أخرى".
[المحرر الوجيز: 5/471]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وتتصل بها أشياء هي راجعة إليها، فمنها قطع الطريق لأنه في معنى قتل النفس، وهي الحرابة، ومن ذلك الزندقة، ومسألة ترك الصلاة لأنها في معنى الكفر بعد الإيمان، ومنه قتل أبي بكر رضي الله عنه منعة الزكاة، وقتل من امتنع في المدن من فروض الكفاية.
وقوله تعالى: "مظلوما" نصب على الحال، ومعناه: بغير هذه الوجوه المذكورة.
و "الولي: القائم بالدم وهو من ولد الميت، أو ولده الميت، أو جمعه وإياه أب، ولا مدخل للنساء في ولاية الدم عند جماعة من العلماء، ولهن ذلك عند أخرين. و"السلطان": الحجة والملك الذي جعل إليه من التخيير في قبول الدية أو العفو، قاله ابن عباس والضحاك. وقال قتادة: "السلطان": القود.
وقرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم: "فلا يسرف" بالياء، وهي قراءة الجمهور، أي الولي، لا يتعدى أمر الله، والتعدي هو أن يقتل غير قاتل وليه من سائر القبيلة، أو يقتل اثنين بواحد، وغير وذلك من وجوه التعدي، وهذا كله كانت العرب تفعله، فلذلك وقع التحذير منه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أعتى الناس على الله ثلاثة: رجل قتل غير قاتل وليه، أو قتل بدحن الجاهلية، أو قتل في حرم الله"، وقالت فرقة: المراد بقوله تعالى: {فلا يسرف} القاتل الذي يتضمنه الكلام، والمعنى: فلا يكن أحد من المسرفين بأن يقتل نفسا، فإنه يحصل في سياق هذا الحكم. وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي: "فلا تسرف" بالتاء من فوق، وهي قراءة حذيفة، ويحيى بن وثاب، ومجاهد -بخلاف والأعمش، وجماعة. قال الطبري: على معنى الخطاب للنبي عليه السلام ولأمته بعده، أي: فلا تقتلوا غير القاتل.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويصح أن يراد به الولي، أي: فلا تسرف أيها الولي في قتل أحد متحصل في هذا
[المحرر الوجيز: 5/472]
الحكم. وقرأ أبو مسلم السراج صاحب الدعوة العباسية: "فلا يسرف" بضم الفاء، على معنى الخبر لا على معنى النهي. والمراد على هذا التأويل- الولي فقط.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وفي الاحتجاج بأبي مسلم في القراءة نظر. وفي قراءة أبي بن كعب "فلا تسرفوا في القتل إن ولي المقتول كان منصورا". والضمير في قوله تعالى: "إنه" عائد على الولي، وقيل: على المقتول، وهو عندي أرجح الأقوال; لأنه المظلوم، ولفظة النصر تقابل أبدا الظلم، كقوله عليه الصلاة والسلام: "ونصر المظلوم وإبرار القسم"، وكقوله صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالما أو مظلوما"، إلى كثير من الأمثلة. وقيل: على القتل، وقال أبو عبيد: على القاتل; لأنه إذا قتل في الدنيا وخلص بذلك من عذاب الآخرة فقد نصر.
[المحرر الوجيز: 5/473]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا ضعيف بعيد المقصد.
وقال الضحاك: هذه أول ما نزل من القرآن بشأن القتل، وهي مكية). [المحرر الوجيز: 5/474]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:05 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة