العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة هود

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 05:55 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:36 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:36 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: ونادى نوحٌ ربّه فقال ربّ إنّ ابني من أهلي وإنّ وعدك الحقّ وأنت أحكم الحاكمين (45) قال يا نوح إنّه ليس من أهلك إنّه عملٌ غير صالحٍ فلا تسئلن ما ليس لك به علمٌ إنّي أعظك أن تكون من الجاهلين (46)
هذه جملة معطوفة على التي قبلها دون ترتيب، وذلك أن هذه القصة كانت في أول ما ركب نوح في السفينة ويظهر من كلام الطبري أن ذلك كان بعد غرق الابن، وهو محتمل، والأول أليق.
وهذه الآية احتجاج من نوح عليه السّلام، وذلك أن الله أمره بحمل أهله وابنه من أهله فينبغي أن يحمل، فأظهر الله له أن المراد من آمن من الأهل، ثم حسن المخاطبة بقوله: وإنّ وعدك الحقّ، وبقوله: وأنت أحكم الحاكمين، فإن هذه الأقوال معينة في حجته، وهذه الآية تقتضي أن نوحا عليه السّلام ظن أن ابنه مؤمن، وذلك أشد الاحتمالين). [المحرر الوجيز: 4/ 586-587]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: قال يا نوح الآية، المعنى قال الله تعالى: يا نوح،
وقالت فرقة: المراد أنه ليس بولد لك، وزعمت أنه كان لغية وأن امرأته الكافرة خانته فيه، هذا قول الحسن وابن سيرين وعبيد بن عمير: وقال بزي إنما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالولد للفراش من أجل ابن نوح، وحلف الحسن أنه ليس بابنه، وحلف عكرمة والضحاك أنه ابنه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: عول الحسن على قوله تعالى: إنّه ليس من أهلك، وعول الضحاك وعكرمة على قوله تعالى: ونادى نوحٌ ابنه [هود: 42].
وقرأ الحسن ومن تأول تأويله: إنّه عملٌ غير صالحٍ على هذا المعنى، وهي قراءة السبعة سوى الكسائي: وقراءة جمهور الناس، وقال من خالف الحسن بن أبي الحسن: المعنى: ليس من أهلك الذين عمهم الوعد لأنه ليس على دينك وإن كان ابنك بالولاء. فمن قرأ من هذه الفرقة إنّه عملٌ غير صالحٍ جعله وصفا له بالمصدر على جهة المبالغة، فوصفه بذلك كما قالت الخنساء تصف ناقة ذهب عنها ولدها: [البسيط]
ترتع ما غفلت حتى إذا ادكرت = فإنما هي إقبال وإدبار
أي ذات إقبال وإدبار. وقرأ بعض هذه الفرقة «إنه عمل غير صالح» وهي قراءة الكسائي، وروت هذه القراءة أم سلمة وعائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكره أبو حاتم، وضعف الطبري هذه القراءة وطعن في الحديث بأنه من طريق شهر بن حوشب، وهي قراءة علي وابن عباس وعائشة وأنس بن مالك، ورجحها أبو حاتم وقرأ بعضها: «إنه عمل عملا غير صالح».
وقالت فرقة: الضمير في قوله: «إنه عمل غير صالح» على قراءة جمهور السبعة على سؤال الذي يتضمنه الكلام وقد فسره آخر الآية ويقوي هذا التأويل أن في مصحف ابن مسعود «إنه عمل غير صالح أن تسألني ما ليس لك به علم».
وقالت فرقة: الضمير عائد على ركوب ولد نوح معهم الذي يتضمنه سؤال نوح، المعنى: أن ركوب الكافر مع المؤمنين عمل غير صالح، وقال أبو علي: ويحتمل أن يكون التقدير أن كونك مع الكافرين وتركك الركوب معنا عمل غير صالح.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا تأويل لا يتجه من جهة المعنى، وكل هذه الفرق قال: إن القول بأن الولد كان لغية وولد فراش خطأ محض وقالوا: إنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه ما زنت امرأة نبي قط».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا الحديث ليس بالمعروف، وإنما هو من كلام ابن عباس رضي الله عنه ويعضده شرف النبوة. وقالوا في قوله عز وجل: فخانتاهما إن الواحدة كانت تقول للناس: هو مجنون والأخرى كانت تنبه على الأضياف، وأما غير هذا فلا، وهذه منازع ابن عباس وحججه وهو قوله وقول الجمهور من الناس.
وقرأ ابن أبي مليكة: «فلا تسلني» بتخفيف النون وإثبات الياء وسكون اللام دون همز. وقرأت فرقة بتخفيف النون وإسقاط الياء وبالهمز «فلا تسألن»، وقرأ أبو جعفر وشيبة بكسر النون وشدها والهمز وإثبات الياء «فلا تسألنّي»، وقرأ نافع ذلك دون ياء «فلا تسألن» وقرأ ابن كثير وابن عامر «فلا تسألنّ» بفتح النون المشددة، وهي قراءة ابن عباس، وقرأ أبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي «فلا تسلن» خفيفة النون ساكنة اللام، وكان أبو عمرو يثبت الياء في الوصل، وحذفها عاصم وحمزة في الوصل والوقف. ومعنى قوله: فلا تسئلن ما ليس لك به علمٌ أي إذ وعدتك فاعلم يقينا أنه لا خلف في الوعد فإذ رأيت ولدك لم يحمل فكان الواجب عليك أن تقف وتعلم أن ذلك هو بحق واجب واجب عند الله.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ولكن نوحا عليه السّلام حملته شفقة النبوة وسجية البشر على التعرض لنفحات الرحمة والتذكير، وعلى هذا القدر وقع عتابه، ولذلك جاء بتلطف وترفيع في قوله: إنّي أعظك أن تكون من الجاهلين، وقد قال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم: فلا تكوننّ [البقرة: 147، الأنعام: 34- 114، يونس: 94]، وذلك هنا بحسب الأمر الذي عوتب فيه وعظمته، فإنه لضيق صدره بتكاليف النبوة، وإلا فمتقرر أن محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل البشر وأولاهم بلين المخاطبة ولكن هذا بحسب الأمرين لا بحسب النبيين. وقال قوم: إنما وقر نوح لسنه. وقال قوم: إنما حمل اللفظ على محمد صلى الله عليه وسلم كما يحمل الإنسان على المختص به الحبيب إليه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا كله ضعيف، ويحتمل قوله: فلا تسئلن ما ليس لك به علمٌ، أي لا تطلب مني أمرا لا تعلم المصلحة فيه علم يقين، ونحا إلى هذا أبو علي الفارسي، وقال: إن به يجوز أن يتعلق بلفظة علمٌ كما قال الشاعر: [الرجز] كان جزائي بالعصا أن أجلدا ويجوز أن يكون به بمنزلة فيه، فتتعلق الباء بالمستقر.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: واختلاف هذين الوجهين إنما هو لفظي، والمعنى في الآية واحد، وروي أن هذا الابن إنما كان ربيبه وهذا ضعيف وحكى الطبري عن ابن زيد أن معنى قوله: إنّي أعظك أن تكون من الجاهلين في أن تعتقد أني لا أفي لك بوعد وعدتك به.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا تأويل بشع، وليس في الألفاظ ما يقتضي أن نوحا اعتقد هذا وعياذا بالله، وغاية ما وقع لنوح عليه السّلام أن رأى ترك ابنه معارضا للوعد فذكر به، ودعا بحسب الشفقة ليكشف له الوجه الذي استوجب به ابنه الترك في الغرقى). [المحرر الوجيز: 4/ 587-590]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (47)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: قال ربّ إنّي أعوذ بك أن أسئلك ما ليس لي به علمٌ وإلاّ تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين (47) قيل يا نوح اهبط بسلامٍ منّا وبركاتٍ عليك وعلى أممٍ ممّن معك وأممٌ سنمتّعهم ثمّ يمسّهم منّا عذابٌ أليمٌ (48) تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إنّ العاقبة للمتّقين (49)
هذه الآية فيها إنابة نوح وتسليمه لأمر الله تعالى واستغفاره بالسؤال الذي وقع النهي عليه والاستعاذة والاستغفار منه هو سؤال العزم الذي معه محاجة وطلبة ملحة فيما قد حجب وجه الحكمة فيه وأما السؤال في الأمور على جهة التعلم والاسترشاد فغير داخل في هذا.
وظاهر قوله: فلا تسئلن ما ليس لك به علمٌ [هود: 46] يعم النحويين من السؤال، فلذلك نبهت على أن المراد أحدهما دون الآخر، و «الخاسرون» هم المغبونون حظوظهم من الخير). [المحرر الوجيز: 4/ 591]

تفسير قوله تعالى: {قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: قيل يا نوح اهبط بسلامٍ كان هذا عند نزوله من السفينة مع أصحابه للانتشار في الأرض، و «السّلام» هنا السلامة والأمن ونحوه، و «البركات» الخير والنمو في كل الجهات، وهذه العدة تعم جميع المؤمنين إلى يوم القيامة، قاله محمد بن كعب القرظي وقوله ممّن معك أي من ذرية من معك ومن نسلهم، فمن- على هذا- هي لابتداء الغاية، أي من هؤلاء تكون هذه الأمم، ومن موصولة، وصلتها معك وما بتقدر معها نحو قولك: ممن استقر معك ونحوه ثم قطع قوله: وأممٌ على وجه الابتداء إذ كان أمرهم مقطوعا من الأمر الأول، وهؤلاء هم الكفار إلى يوم القيامة). [المحرر الوجيز: 4/ 591]

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: تلك من أنباء الغيب الآية إشارة إلى القصة، أي هذه من الغيوب التي تقادم عهدها ولم يبق علمها إلا عند الله تعالى، ولم يكن علمها أو علم أشباهها عندك ولا عند قومك، ونحن نوحيها إليك لتكون لك هداية وأسوة فيما لقيه غيرك من الأنبياء، وتكون لقومك مثالا وتحذيرا، لئلا يصيبهم إذا كذبوك مثل ما أصاب هؤلاء وغيرهم من الأمور المعذبة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وعلى هذا المعنى ظهرت فصاحة قوله: فاصبر إنّ العاقبة للمتّقين، أي فاجتهد في التبليغ وجد في الرسالة واصبر على الشدائد واعلم أن العاقبة لك كما كانت لنوح في هذه القصة. وفي مصحف ابن مسعود: «من قبل هذا القرآن»). [المحرر الوجيز: 4/ 591-592]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:36 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:36 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (47)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ونادى نوحٌ ربّه فقال ربّ إنّ ابني من أهلي وإنّ وعدك الحقّ وأنت أحكم الحاكمين (45) قال يا نوح إنّه ليس من أهلك إنّه عملٌ غير صالحٍ فلا تسألن ما ليس لك به علمٌ إنّي أعظك أن تكون من الجاهلين (46) قال ربّ إنّي أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علمٌ وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين (47)}
هذا سؤال استعلامٍ وكشفٍ من نوحٍ، عليه السّلام، عن حال ولده الّذي غرق، {فقال ربّ إنّ ابني من أهلي} أي: وقد وعدتني بنجاة أهلي، ووعدك الحقّ الّذي لا يخلف، فكيف غرق وأنت أحكم الحاكمين؟
{قال يا نوح إنّه ليس من أهلك} أي: الّذين وعدت إنجاءهم ؛ لأنّي إنّما وعدتك بنجاة من آمن من أهلك؛ ولهذا قال: {وأهلك إلا من سبق عليه القول} [هود: 40]، فكان هذا الولد ممّن سبق عليه القول بالغرق لكفره ومخالفته أباه نبيّ اللّه نوحًا، عليه السّلام.
وقد نصّ غير واحدٍ من الأئمّة على تخطئة من ذهب في تفسير هذا إلى أنّه ليس بابنه، وإنّما كان ابن زنية، ويحكى القول بأنّه ليس بابنه، وإنّما كان ابن امرأته عن مجاهدٍ، والحسن، وعبيد بن عمير، وأبي جعفرٍ الباقر، وابن جريج، واحتجّ بعضهم بقوله: {إنّه عملٌ غير صالحٍ} وبقوله: {فخانتاهما} [التّحريم: 10]، فممّن قاله الحسن البصريّ، احتجّ بهاتين الآيتين. وبعضهم يقول: كان ابن امرأته. وهذا يحتمل أن يكون أراد ما أراد الحسن، أو أراد أنّه نسب إليه مجازًا، لكونه كان ربيبًا عنده، فاللّه أعلم.
وقال ابن عبّاسٍ، وغير واحدٍ من السّلف: ما زنت امرأة نبيٍّ قطّ، قال: وقوله: {إنّه ليس من أهلك} أي: الّذين وعدتك نجاتهم.
وقول ابن عبّاسٍ في هذا هو الحقّ الّذي لا محيد عنه، فإنّ اللّه سبحانه أغير من أن يمكّن امرأة نبيٍّ من الفاحشة ولهذا غضب اللّه على الّذين رموا أمّ المؤمنين عائشة بنت الصّدّيق زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وأنكر على المؤمنين الّذين تكلّموا بهذا وأشاعوه؛ ولهذا قال تعالى: {إنّ الّذين جاءوا بالإفك عصبةٌ منكم لا تحسبوه شرًّا لكم بل هو خيرٌ لكم لكلّ امرئٍ منهم ما اكتسب من الإثم والّذي تولّى كبره منهم له عذابٌ عظيمٌ} إلى قوله {إذ تلقّونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علمٌ وتحسبونه هيّنًا وهو عند اللّه عظيمٌ} [النّور: 11-15].
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمر، عن قتادة وغيره، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: هو ابنه غير أنّه خالفه في العمل والنّيّة. قال عكرمة: في بعض الحروف: "إنّه عمل عملًا غير صالحٍ"، والخيانة تكون على غير بابٍ.
وقد ورد في الحديث أنّ رسول اللّه قرأ بذلك، فقال الإمام أحمد: حدّثنا يزيد بن هارون، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن ثابتٍ، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد قالت، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقرأ: "إنّه عمل غير صالح"، وسمعته يقول: {يا عبادي الّذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة اللّه إنّ اللّه يغفر الذّنوب جميعًا} ولا يبالي {إنّه هو الغفور الرّحيم} [الزّمر: 53].
وقال أحمد أيضًا: حدّثنا وكيع، حدّثنا هارون النّحويّ، عن ثابتٍ البناني، عن شهر بن حوشب، عن أمّ سلمة أنّ رسول اللّه قرأها: "إنّه عمل غير صالح".
أعاده أحمد أيضا في مسنده.
أمّ سلمة هي أمّ المؤمنين والظّاهر -واللّه أعلم -أنّها أسماء بنت يزيد، فإنّها تكنّى بذلك أيضًا.
وقال عبد الرّزّاق أيضًا: أخبرنا الثّوريّ وابن عيينة، عن موسى بن أبي عائشة، عن سليمان بن قتّة قال: سمعت ابن عبّاسٍ -سئل -وهو إلى جنب الكعبة -عن قول اللّه: {فخانتاهما} [التّحريم:10]، قال: أما وإنّه لم يكن بالزّنا، ولكن كانت هذه تخبر النّاس أنّه مجنونٌ، وكانت هذه تدلّ على الأضياف. ثمّ قرأ: {إنّه عملٌ غير صالحٍ} قال ابن عيينة: وأخبرني عمار الدهبي أنّه سأل سعيد بن جبيرٍ عن ذلك فقال: كان ابن نوحٍ، إنّ اللّه لا يكذب! قال تعالى: {ونادى نوحٌ ابنه} قال: وقال بعض العلماء: ما فجرت امرأة نبيٍّ قطّ.
وكذا روي عن مجاهدٍ أيضًا، وعكرمة، والضّحّاك، وميمون بن مهران وثابت بن الحجّاج، وهو اختيار أبي جعفر بن جريرٍ، وهو الصّواب [الّذي] لا شكّ فيه). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 325-327]

تفسير قوله تعالى: {قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ([وقوله]: {قيل يا نوح اهبط بسلامٍ منّا وبركاتٍ عليك وعلى أممٍ ممّن معك وأممٌ سنمتّعهم ثمّ يمسّهم منّا عذابٌ أليمٌ (48)}
يخبر تعالى عمّا قيل لنوحٍ، عليه السّلام، حين أرست السّفينة على الجوديّ، من السّلام عليه، وعلى من معه من المؤمنين، وعلى كلّ مؤمنٍ من ذرّيّته إلى يوم القيامة، كما قال محمّد بن كعبٍ: دخل في هذا السّلام كلّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ إلى يوم القيامة، وكذلك في العذاب والمتاع كلّ كافرٍ وكافرةٍ إلى يوم القيامة.
وقال محمّد بن إسحاق: ولمّا أراد أن يكفّ الطّوفان أرسل ريحًا على وجه الأرض، فسكن الماء، وانسدّت ينابيع الأرض الغمر الأكبر وأبواب السّماء، يقول اللّه تعالى: {وقيل يا أرض ابلعي ماءك [ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجوديّ وقيل بعدًا للقوم الظّالمين]}
فجعل الماء ينقص ويغيض ويدبر، وكان استواء الفلك على الجوديّ، فيما يزعم أهل التّوراة، في الشّهر السّابع لسبع عشرة ليلةً مضت منه، وفي أوّل يومٍ من الشّهر العاشر، رئي رءوس الجبال. فلمّا مضى بعد ذلك أربعون يومًا، فتح نوحٌ كوّة الفلك الّتي ركب فيها، ثمّ أرسل الغراب لينظر له ما صنع الماء، فلم يرجع إليه. فأرسل الحمامة فرجعت إليه، لم تجد لرجليها موضعًا، فبسط يده للحمامة فأخذها فأدخلها. ثمّ مضى سبعة أيّامٍ، ثمّ أرسلها لتنظر له. فرجعت حين أمست، وفي فيها ورق زيتونٍ فعلم نوحٌ أنّ الماء قد قلّ عن وجه الأرض. ثمّ مكث سبعة أيّامٍ، فلم ترجع، فعلم نوحٌ أنّ الأرض قد برزت، فلمّا كملت السّنة فيما بين أن أرسل اللّه الطّوفان إلى أن أرسل نوحٌ الحمامة، ودخل يوم واحدٍ من الشّهر الأوّل من سنة اثنتين، برز وجه الأرض، وظهر اليبس وكشف نوحٌ غطاء الفلك ورأى وجه الأرض، وفي الشّهر الثّاني من سنة اثنتين، في سبعٍ وعشرين ليلةً منه {قيل يا نوح اهبط بسلامٍ منّا [وبركاتٍ عليك وعلى أممٍ ممّن معك]} [إلى آخر] الآية). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 327-328]

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إنّ العاقبة للمتّقين (49)}
يقول تعالى لنبيّه [ورسوله محمّدٍ] صلّى اللّه عليه وسلّم. هذه القصّة وأشباهها {من أنباء الغيب} يعني: من أخبار الغيوب السّالفة نوحيها إليك على وجهها [وجلّيتها]، كأنّك شاهدها، {نوحيها إليك} أي: نعلمك بها وحيًا منّا إليك، {ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا} أي: لم يكن عندك ولا عند أحدٍ من قومك علمٌ بها، حتّى يقول من يكذّبك: إنّك تعلّمتها منه، بل أخبرك اللّه بها مطابقةً لما كان عليه الأمر الصّحيح، كما تشهد به كتب الأنبياء قبلك، فاصبر على تكذيب من كذّبك من قومك، وأذاهم لك، فإنّا سننصرك ونحوطك بعنايتنا، ونجعل العاقبة لك ولأتباعك في الدّنيا والآخرة، كما فعلنا [بإخوانك] بالمرسلين حيث نصرناهم على أعدائهم، {إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا [في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد * يوم لا ينفع الظّالمين معذرتهم ولهم اللّعنة ولهم سوء الدّار]} [غافر:51، 52]، وقال تعالى: {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنّهم لهم المنصورون * [وإنّ جندنا لهم الغالبون]} [الصّافّات:171 -173]، وقال تعالى: {فاصبر إنّ العاقبة للمتّقين}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 328-329]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:28 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة