العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة هود

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 05:11 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:10 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:10 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: ومن أظلم ممّن افترى على اللّه كذباً أولئك يعرضون على ربّهم ويقول الأشهاد هؤلاء الّذين كذبوا على ربّهم ألا لعنة اللّه على الظّالمين (18) الّذين يصدّون عن سبيل اللّه ويبغونها عوجاً وهم بالآخرة هم كافرون (19) أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما كان لهم من دون اللّه من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السّمع وما كانوا يبصرون (20)
قوله: ومن استفهام بمعنى التقرير، وكأنه قال: لا أحد أظلم ممن افترى كذبا، والمراد ب من الكفرة الذين يدعون مع الله إلها آخر ويفترون في غير ما شيء، وقوله: أولئك يعرضون على ربّهم عبارة عن الإشادة بهم والتشهير لخزيهم وإلا فكل بشر معروض على الله يوم القيامة.
وقوله: يقول الأشهاد قالت فرقة: يريد الشهداء من الأنبياء والملائكة، فيجيء قوله: هؤلاء الّذين كذبوا على ربّهم إخبارا عنهم وشهادة عليهم وقالت فرقة: الأشهاد بمعنى الشاهدين، ويريد جميع الخلائق، وفي ذلك إشادة بهم، وروي في نحو هذا حديث: «إنه لا يخزى أحد يوم القيامة إلا ويعلم ذلك جميع من شهد المحشر» فيجيء قوله: هؤلاء- على هذا التأويل- استفهاما عنهم وتثبتا فيهم كما تقول إذا رأيت مجرما قد عوقب: هذا هو الذي فعل كذا وإن كنت قد علمت ذلك، ويحتمل الإخبار عنهم.
وقوله: ألا استفتاح كلام، و «اللعنة» الإبعاد). [المحرر الوجيز: 4/ 556-557]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (19)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والّذين نعت ل الظّالمين ويحتمل الرفع على تقدير هم الذين، ويصدّون يحتمل أن يقدر متعديا على معنى: يصدون الناس ويمنعونهم من سبيل الله، ويحتمل أن يقدر غير متعد على معنى يصدون هم، أن يعرضون. وسبيل اللّه شريعته، ويبغونها معناه يطلبون لها كما تقول بغيتك خيرا أو شرا أي طلبت لك، وعوجاً على هذا مفعول: ويحتمل أن يكون المعنى: ويبغون السبيل على عوج، أي فهم لا يهتدون أبدا ف عوجاً على هذا مصدر في موضع الحال، والعوج الانحراف والميل المؤدي إلى الفساد، وكرر قوله:هم على جهة التأكيد، وهي جملة في موضع خبر الابتداء الأول: وليس هذا موضع الفصل لأن الفصل إنما يكون بين معرفتين، أو معرفة وفكرة تقارب المعرفة، لأنها تفصل ما بين أن يكون ما بعدها صفة أو خبرا وتخلصه للخبر). [المحرر الوجيز: 4/ 557]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (20)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ومعجزين معناه: مفلتين لا يقدر عليهم. وخص ذكر الأرض لأن تصرف ابن آدم وتمتعه إنما هو فيها وهي قصاراه لا يستطيع النفوذ منها. وقوله: وما كان لهم من دون اللّه من أولياء يحتمل معنيين:
أحدهما: أن نفي أن يكون لهم ولي أو ناصر كائنا من كان.
والثاني: أن يقصد وصف الأصنام والآلهة بأنهم لم يكونوا أولياء حقيقة، وإن كانوا هم يعتقدون أنهم أولياء.
ثم أخبر أنهم يضاعف لهم العذاب يوم القيامة، أي يشدد حتى يكون ضعفي ما كان. ويضاعف فعل مستأنف وليس بصفة.
وقوله: وما كانوا يستطيعون السّمع وما كانوا يبصرون يحتمل خمسة أوجه:
أحدها: أن يصف هؤلاء الكفار بهذه الصفة على معنى أن الله ختم عليهم بذلك، فهم لا يسمعون سماعا ينتفعون به ولا يبصرون كذلك.
والثاني: أن يكون وصفهم بذلك من أجل بغضتهم في النبي صلى الله عليه وسلم فهم لا يستطيعون أن يحملوا أنفسهم على السمع منه والنظر إليه وينظر إلى هذا حشد الطفيل بن عمرو أذنيه بالكرسف، وإباية قريش وقت الحديبية أن يسمعوا ما نقل إليهم من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ردهم عن ذلك مشيختهم.
والثالث: أن يكون وصف بذلك الأصنام والآلهة التي نفى عنها- على التأويل المقدم- أن تكون أولياء.
وما في هذه الوجوه نافية.
والرابع: أن يكون التقدير: يضاعف لهم العذاب بما كانوا: بحذف الجار، وتكون ما مصدرية، وهذا قول فيه تحامل. قاله الفراء، وقرنه بقوله: أجازيك ما صنعت بي.
والخامس: أن تكون ما ظرفية، يضاعف لهم مدة استطاعتهم السمع والبصر، وقد أعلمت الشريعة أنهم لا يموتون فيها أبدا فالعذاب- إذن- متماد أبدا.
وقدم السّمع في هذه الآية على «البصر» لأن حاسته أشرف من حاسة البصر، إذ عليه تبنى في الأطفال معرفة دلالات الأسماء، وإذ هو كاف في أكثر المعقولات دون البصر إلى غير ذلك). [المحرر الوجيز: 4/ 557-558]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (21)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: أولئك الّذين خسروا أنفسهم وضلّ عنهم ما كانوا يفترون (21) لا جرم أنّهم في الآخرة هم الأخسرون (22) إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وأخبتوا إلى ربّهم أولئك أصحاب الجنّة هم فيها خالدون (23) مثل الفريقين كالأعمى والأصمّ والبصير والسّميع هل يستويان مثلاً أفلا تذكّرون (24)
خسروا أنفسهم بوجوب العذاب عليهم، ولا خسران أعظم من خسران النفس، وضل معناه: تلف ولم يجدوه حيث أملوه). [المحرر الوجيز: 4/ 558-559]

تفسير قوله تعالى: {لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (22)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ولا جرم لفظة مركبة من: لا، ومن: جرم بنيتا.
ومعنى لا جرم: حق. هذا مذهب سيبويه والخليل. وقال بعض النحويين: معناها: لا بد ولا شك ولا محالة وقد روي هذا عن الخليل. وقال الزجاج: لا رد عليهم، ولما تقدم من كل ما قبلها، وجرم معناه: كسب، أي كسب فعلهم أنّهم في الآخرة هم الأخسرون. فموضع «أن» على مذهب سيبويه رفع: وموضعها على مذهب الزجاج- نصب. وقال الكسائي معناها لا صد ولا منع.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فكأن جرم على هذا من معنى القطع، تقول: جرمت أي قطعت: وهي على منزع الزجاج من الكسب ومنه قول الشاعر: [الطويل]
جريمتنا هض في رأس نيق = ترى لعظام ما جمعت صليبا
وجريمة القوم كاسبهم.
وأما قول الشاعر جرير:
ولقد طعنت أبا أميمة طعنة = جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا
فيحتمل الوجهين: ويختلف معنى البيت.
وفي لا جرم لغات: يقول بعض العرب: لا ذا جرم، وبعضهم: لا أن ذا جرم، وبعضهم: لا عن ذا جرم، وبعضهم: لا جر، حذفوا الميم لكثرة استعماله). [المحرر الوجيز: 4/ 559-560]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (23)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وأخبتوا قيل معناه: خشعوا، قاله قتادة، وقيل: أنابوا، قاله ابن عباس، وقيل: اطمأنوا، قاله مجاهد، وقيل: خافوا، قاله ابن عباس أيضا، وهذه الأقوال بعضها قريب من بعض، وأصل اللفظ من الخبت، وهو البراح القفر المستوي من الأرض فكأن المخبت في القفر قد انكشف واستسلم وبقي ذا منعة، فشبه المتذلل الخاشع بذلك، وقيل: إنما اشتق منه لاستوائه وطمأنينته.
وقوله إلى ربّهم قيل: هي بمعنى اللام أي أخبتوا لربهم. وقيل: المعنى جعلوا قصدهم بإخباتهم إلى ربهم). [المحرر الوجيز: 4/ 560]

تفسير قوله تعالى: {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (24)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و«الفريقان» الكافرون والمؤمنون: شبه الكافر بالأعمى والأصمّ، وشبه المؤمن ب البصير والسّميع فهو على هذا تمثيل بمثالين. وقال بعض المتأولين: التقدير كالأعمى الأصم والبصير السميع ودخلت واو العطف كما تقول: جاءني زيد العاقل والكريم، وأنت تريده بعينه فهو على هذا تمثيل بمثال واحد.
ومثلًا نصب على التمييز. ويجوز أن يكون حالا). [المحرر الوجيز: 4/ 560]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:10 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:11 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ومن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا أولئك يعرضون على ربّهم ويقول الأشهاد هؤلاء الّذين كذبوا على ربّهم ألا لعنة اللّه على الظّالمين (18) الّذين يصدّون عن سبيل اللّه ويبغونها عوجًا وهم بالآخرة هم كافرون (19) أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما كان لهم من دون اللّه من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السّمع وما كانوا يبصرون (20) أولئك الّذين خسروا أنفسهم وضلّ عنهم ما كانوا يفترون (21) لا جرم أنّهم في الآخرة هم الأخسرون (22)}
{أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما كان لهم من دون اللّه من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السّمع وما كانوا يبصرون أولئك الّذين خسروا أنفسهم وضلّ عنهم ما كانوا يفترون لا جرم أنّهم في الآخرة هم الأخسرون}
يبيّن تعالى حال المفترين عليه وفضيحتهم في الدّار الآخرة على رءوس الخلائق؛ من الملائكة، والرّسل، والأنبياء، وسائر البشر والجانّ، كما قال الإمام أحمد: حدّثنا بهز وعفّان قالا أخبرنا همّام، حدّثنا قتادة، عن صفوان بن محرز قال: كنت آخذًا بيد ابن عمر، إذ عرض له رجلٌ قال: كيف سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول في النّجوى يوم القيامة؟ قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يقول: "إنّ اللّه عزّ وجلّ يدني المؤمن، فيضع عليه كنفه، ويستره من النّاس، ويقرّره بذنوبه، ويقول له: أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ حتّى إذا قرّره بذنوبه، ورأى في نفسه أنّه قد هلك قال: فإنّي قد سترتها عليك في الدّنيا، وإنّي أغفرها لك اليوم. ثمّ يعطى كتاب حسناته، وأمّا الكفّار والمنافقون فيقول: {الأشهاد هؤلاء الّذين كذبوا على ربّهم ألا لعنة اللّه على الظّالمين}
أخرجه البخاريّ ومسلمٌ في الصّحيحين، من حديث قتادة به). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 313-314]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (19)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {الّذين يصدّون عن سبيل اللّه ويبغونها عوجًا} أي يردّون الناس عن اتّباع الحقّ وسلوك طريق الهدى الموصّلة إلى اللّه عزّ وجلّ ويجنّبونهم الجنّة، {ويبغونها عوجًا} أي: ويريدون أن يكون طريقهم عوجًا غير معتدلةٍ، {وهم بالآخرة هم كافرون} أي: جاحدون بها مكذّبون بوقوعها وكونها). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 314]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (20)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما كان لهم من دون اللّه من أولياء} أي: بل كانوا تحت قهره وغلبته، وفي قبضته وسلطانه، وهو قادرٌ على الانتقام منهم في الدّار الدّنيا قبل الآخرة، ولكن {يؤخّرهم ليومٍ تشخص فيه الأبصار} [إبراهيم: 42]، وفي الصّحيحين: "إنّ اللّه ليملي للظّالم، حتّى إذا أخذه لم يفلته"؛ ولهذا قال تعالى: {يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السّمع وما كانوا يبصرون} أي: يضاعف عليهم العذاب، وذلك لأنّ اللّه تعالى جعل لهم سمعًا وأبصارًا وأفئدةً، فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم [من شيءٍ]، بل كانوا صمّا عن سماع الحقّ، عميا عن اتّباعه، كما أخبر تعالى عنهم حين دخولهم النّار: {وقالوا لو كنّا نسمع أو نعقل ما كنّا في أصحاب السّعير} [الملك: 10]، وقال تعالى: {الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل اللّه زدناهم عذابًا فوق العذاب بما كانوا يفسدون} [النّحل: 88]؛ ولهذا يعذّبون على كلّ أمرٍ تركوه، وعلى كلّ نهيٍ ارتكبوه؛ ولهذا كان أصحّ الأقوال أنّهم مكلّفون بفروع الشّرائع أمرها ونهيها بالنّسبة إلى الدّار الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 314]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (21) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (22)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {أولئك الّذين خسروا أنفسهم وضلّ عنهم ما كانوا يفترون} أي: خسروا أنفسهم لأنّهم دخلوا نارًا حاميةً، فهم معذّبون فيها لا يفتّر عنهم من عذابها طرفة عينٍ، كما قال تعالى: {كلّما خبت زدناهم سعيرًا} [الإسراء: 97].
و {ضلّ عنهم} أي: ذهب عنهم {ما كانوا يفترون} من دون اللّه من الأنداد والأصنام، فلم تجد عنهم شيئًا، بل ضرّتهم كلّ الضّرر، كما قال تعالى: {وإذا حشر النّاس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين} [الأحقاف: 6]، وقال تعالى: {واتّخذوا من دون اللّه آلهةً ليكونوا لهم عزًّا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدًّا} [مريم: 81، 82]، وقال الخليل لقومه: {إنّما اتّخذتم من دون اللّه أوثانًا مودّة بينكم في الحياة الدّنيا ثمّ يوم القيامة يكفر بعضكم ببعضٍ ويلعن بعضكم بعضًا ومأواكم النّار وما لكم من ناصرين} [العنكبوت: 25]، وقال تعالى: {إذ تبرّأ الّذين اتّبعوا من الّذين اتّبعوا ورأوا العذاب وتقطّعت بهم الأسباب} [البقرة: 166]؛ إلى غير ذلك من الآيات الدّالّة على خسرهم ودمارهم؛ ولهذا قال: {لا جرم أنّهم في الآخرة هم الأخسرون} يخبر تعالى عن حالهم أنّهم أخسر النّاس صفقةً في الدّار الآخرة؛ لأنّهم استبدلوا بالدّركات عن الدّرجات، واعتاضوا عن نعيم الجنان بحميمٍ آنٍ، وعن شرب الرّحيق المختوم، بسموم وحميمٍ، وظلٍّ من يحمومٍ، وعن الحور العين بطعامٍ من غسلين، وعن القصور العالية بالهاوية، وعن قرب الرّحمن، ورؤيته بغضب الدّيّان وعقوبته، فلا جرم أنّهم في الآخرة هم الأخسرون). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 314-315]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (23)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وأخبتوا إلى ربّهم أولئك أصحاب الجنّة هم فيها خالدون (23) مثل الفريقين كالأعمى والأصمّ والبصير والسّميع هل يستويان مثلًا أفلا تذكّرون (24)}
لمّا ذكر تعالى حال الأشقياء ثنّى بذكر السّعداء، وهم الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات، فآمنت قلوبهم وعملت جوارحهم الأعمال الصّالحة قولًا وفعلًا من الإتيان بالطّاعات وترك المنكرات، وبهذا ورثوا الجنّات، المشتملة على الغرف العاليات، والسّرر المصفوفات، والقطوف الدّانيات، والفرش المرتفعات، والحسان الخيّرات، والفواكه المتنوّعات، والمآكل المشتهيات والمشارب المستلذّات، والنّظر إلى خالق الأرض والسّموات، وهم في ذلك خالدون، لا يموتون ولا يهرمون ولا يمرضون، وينامون ولا يتغطّون، ولا يبصقون ولا يتمخّطون، إن هو إلّا رشح مسك يعرقون). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 315]

تفسير قوله تعالى: {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (24)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ ضرب [اللّه] تعالى مثل الكافرين والمؤمنين، فقال: {مثل الفريقين} أي: الّذين وصفهم أوّلًا بالشّقاء والمؤمنين السّعداء، فأولئك كالأعمى والأصمّ، وهؤلاء كالبصير والسّميع. فالكافر أعمى عن وجه الحقّ في الدّنيا، وفي الآخرة لا يهتدي إلى خيرٍ ولا يعرفه، أصمّ عن سماع الحجج، فلا يسمع ما ينتفع به، {ولو علم اللّه فيهم خيرًا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولّوا وهم معرضون} [الأنفال: 23]، وأمّا المؤمن ففطن ذكيٌّ لبيبٌ، بصيرٌ بالحقّ، يميّز بينه وبين الباطل، فيتبع الخير ويترك الشّرّ، سميعٌ للحجّة، يفرّق بينها وبين الشّبهة، فلا يروج عليه باطلٌ، فهل يستوي هذا وهذا.
{أفلا تذكّرون} أفلا تعتبرون وتفرّقون بين هؤلاء وهؤلاء، كما قال في الآية الأخرى: {لا يستوي أصحاب النّار وأصحاب الجنّة أصحاب الجنّة هم الفائزون} [الحشر: 20] وقال {وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظّلمات ولا النّور ولا الظّلّ ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات إنّ اللّه يسمع من يشاء وما أنت بمسمعٍ من في القبور إن أنت إلا نذيرٌ إنّا أرسلناك بالحقّ بشيرًا ونذيرًا وإن من أمّةٍ إلا خلا فيها نذيرٌ} [فاطر:19 -24]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 315]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:46 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة