العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة العنكبوت

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 جمادى الأولى 1434هـ/14-03-2013م, 12:14 PM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة العنكبوت [ من الآية (24) إلى الآية (27) ]

{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24) وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (25) فَآَمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 11:23 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فما كان جواب قومه إلاّ أن قالوا اقتلوه أو حرّقوه فأنجاه اللّه من النّار إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يؤمنون}.
يقول تعالى ذكره: فلم يكن جواب قوم إبراهيم له إذ قال لهم: اعبدوا اللّه واتّقوه، ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون، إلاّ أن قال بعضهم لبعضٍ: اقتلوه أو حرّقوه بالنّار، ففعلوا، فأرادوا إحراقه بالنّار، فأضرموا له النّار، فألقوه فيها، فأنجاه اللّه منها، ولم يسلّطها عليه، بل جعلها عليه بردًا وسلامًا.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: فما كان جواب قوم إبراهيم {إلاّ أن قالوا اقتلوه أو حرّقوه، فأنجاه اللّه من النّار} قال: قال كعبٌ: ما حرقت منه إلاّ وثاقه.
{إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يؤمنون} يقول تعالى ذكره: إنّ في إنجائنا لإبراهيم من النّار، وقد ألقي فيها وهي تسعّر، وتصييرها عليه بردًا وسلامًا، لأدلّةً وحججًا لقومٍ يصدّقون بالأدلّة والحجج إذا عاينوا ورأوا). [جامع البيان: 18/380-381]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: فما كان جواب قومه
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ قال: سمعت سعيدًا، عن قتادة قوله: فما كان جواب قومه قوم لوطٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: ألا أن قالوا اقتلوه أو حرّقوه
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ ثمّ إنّ إبراهيم أتى قومه فجعل يدعوا قومه وينذرهم، فحبسوه في بيتٍ وجمعوا له الحطب حتّى إنّ المرأة لتمرض فتقول: لئن عافاني اللّه لأجمعنّ لإبراهيم حطبًا. فلمّا جمعوا وأكثروا الحطب حتّى إن كان الطّير ليمرّ بها فيحترق من شدّة وهجها وحرّها، فعمدوا إليه فرفعوه إلى رأس البنيان فرفع إبراهيم رأسه إلى السّماء، فقالت السّماء والأرض والجبال والملائكة: ربّنا إبراهيم يحترق فيك- قال: أنا أعلم به فإن دعاكم فأغيثوه- وقال إبراهيم حين رفع رأسه إلى السّماء، اللّهمّ أنت الواحد الأحد في السّماء وأنا الواحد في الأرض ليس أحدٌ يعبدك غيري: حسبي اللّه ونعم الوكيل فقذفوه في النّار.
قوله تعالى: فأنجاه اللّه من النّار
- عن السّدّيّ قال: فرفع رأسه إلى السّماء فقال: حسبي اللّه ونعم الوكيل فقذفوه في النّار.
فناداها فقال: يا نار كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم وكان جبريل عليه السّلام هو الّذي ناداها.
فقال ابن عبّاسٍ لو لم يتبع بردها سلامًا لمات إبراهيم من بردها، ولم يبق يومئذٍ في الأرض نارًا إلا طفيت ظنّت أنّها هي تعنى، فلمّا طفيت النّار نظروا إلى إبراهيم فإذا هو رجلٌ آخر معه، ورأس إبراهيم في حجره يمسح، عن وجهه العرق وذكر أنّ ذلك الرّجل ملك الظّلّ، فأنزل الله نارا فانتفع بها بنو آدم وأخرجوا إبراهيم فأدخلوه على الملك، ولم يكن قبل ذلك دخل عليه فكلّمه.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ قال: سمعت سعيدًا، عن قتادة قوله: فأنجاه اللّه من النّار قال كعبٌ: ما أحرقت النّار منه إلا وثاقه). [تفسير القرآن العظيم: 9/3047-3048]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده} قال: يبعثه، وفي قوله {فانظروا كيف بدأ الخلق} قال: خلق السموات والأرض {ثم الله ينشئ النشأة الآخرة} قال: البعث بعد الموت، وفي قوله {فما كان جواب قومه} قال: قوم إبراهيم، وفي قوله {فأنجاه الله من النار} قال: قال كعب ما أحرقت النار منه إلا وثاقه، وفي قوله {وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا} قال: انخذوها لثوابها في الحياة الدنيا {ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا} قال: صارت كل خلة في الدنيا عداوة على أهلها يوم القيامة إلا خلة المتقين، وفي قوله {فآمن له لوط} قال: فصدقة لوط {وقال إني مهاجر إلى ربي} قال: هاجرا جميعا من كوثي: وهي من سواد الكوفة إلى الشام، وفي قوله {وآتيناه أجره في الدنيا} قال: عافية وعملا صالحا وثناء حسنا فلست تلقى أحدا من أهل الملل إلا يرضي إبراهيم يتولاه). [الدر المنثور: 11/538-539] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (25) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال إنّما اتّخذتم مّن دون اللّه أوثانًا مّودّة بينكم في الحياة الدّنيا ثمّ يوم القيامة يكفر بعضكم ببعضٍ ويلعن بعضكم بعضًا ومأواكم النّار وما لكم مّن نّاصرين}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل إبراهيم لقومه: {وقال} إبراهيم لقومه: يا قوم {إنّما اتّخذتم من دون اللّه أوثانًا}.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {مودّة بينكم} فقرأته عامّة قرّاء المدينة والشّأم وبعض الكوفيّين: (مودّةً) بنصب مودّةٍ بغير إضافة {بينكم} بنصبها.
وقرأ ذلك بعض الكوفيّين: {مودّة بينكم} بنصب المودّة، وإضافتها إلى قوله {بينكم} وخفض {بينكم}.
وكأنّ هؤلاء الّذين قرءوا قوله: (مودّة) نصبًا وجّهوا معنى الكلام إلى: إنّما اتّخذتم أيّها القوم أوثانًا مودّةً بينكم، فجعلوا إنّما حرفًا واحدًا، وأوقعوا قوله {اتّخذتم} على الأوثان، فنصبوها بمعنى: اتّخذتموها مودّةً بينكم في الحياة الدّنيا، تتحابّون على عبادتها، وتتوادّون على خدمتها، فتتواصلون عليها.
وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل مكّة والبصرة: (مودّة بينكم) برفع (المودّة)، وإضافتها إلى (البين)، وخفض (البين). وكأنّ الّذين قرءوا ذلك كذلك، جعلوا إنّما حرفين، بتأويل: إنّ الّذين اتّخذتم من دون اللّه أوثانًا إنّما هو مودّتكم للدّنيا، فرفعوا مودّة على خبر إنّ. وقد يجوز أن يكونوا على قراءتهم ذلك رفعًا بقوله {إنّما} أن تكون حرفًا واحدًا، ويكون الخبر متناهيًا عند قوله {إنّما اتّخذتم من دون اللّه أوثانًا} ثمّ يبتدئ الخبر فيقال: ما مودّتكم تلك الأوثان بنافعتكم، إنّما مودّة بينكم في حياتكم الدّنيا، ثمّ هي منقطعةٌ، وإذا أريد هذا المعنى كانت المودّة مرفوعةً بالصّفة بقوله {في الحياة الدّنيا} وقد يجوز أن يكونوا نووا برفع المودّة، رفعها على ضمير هي.
وهذه القراءات الثّلاث متقاربات المعاني؛ لأنّ الّذين اتّخذوا الأوثان آلهةً يعبدونها، اتّخذوها مودّةً بينهم، وكانت لهم في الحياة الدّنيا مودّةً، ثمّ هي عنهم منقطعةٌ، فبأيّ ذلك قرأ القارئ فمصيبٌ، لتقارب معاني ذلك، وشهرة القراءة بكلّ واحدةٍ منهنّ في قرّاء الأمصار.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وقال إنّما اتّخذتم من دون اللّه أوثانًا مودّة بينكم في الحياة الدّنيا ثمّ يوم القيامة يكفر بعضكم ببعضٍ ويلعن بعضكم بعضًا} قال: صارت كلّ خلّةٍ في الدّنيا عداوةً على أهلها يوم القيامة إلاّ خلّة المتّقين.
وقوله: {ثمّ يوم القيامة يكفر بعضكم ببعضٍ ويلعن بعضكم بعضًا} يقول تعالى ذكره: ثمّ يوم القيامة أيّها المتوادّون على عبادة الأوثان والأصنام، والمتواصلون على خدماتها عند ورودكم على ربّكم، ومعاينتكم ما أعدّ اللّه لكم على التّواصل، والتّوادّ في الدّنيا من ألم العذاب {يكفر بعضكم ببعضٍ} يقول: يتبرّأ بعضكم من بعضٍ، ويلعن بعضكم بعضًا.
وقوله: {ومأواكم النّار} يقول جلّ ثناؤه: ومصير جميعكم أيّها العابدون الأوثان وما تعبدون النّار {وما لكم من ناصرين} يقول: وما لكم أيّها القوم المتّخذو الآلهة، من دون اللّه مودّة بينكم من أنصارٍ ينصرونكم من اللّه حين يصليكم نار جهنّم، فينقذونكم من عذابه). [جامع البيان: 18/381-383]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وقال إنّما اتّخذتم من دون اللّه أوثانًا مودّة بينكم في الحياة الدّنيا ثمّ يوم القيامة يكفر بعضكم ببعضٍ ويلعن بعضكم بعضًا ومأواكم النّار وما لكم من ناصرين (25)
قوله تعالى: مودّة بينكم في الحياة الدّنيا
- عن قتادة بالإسناد قوله: وقال إنّما اتّخذتم من دون اللّه أوثانًا مودّة بينكم في الحياة الدّنيا قال: صارت كلّ خلّةٍ في الدّنيا عداوةً على أهلها يوم القيامة.
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ أنبأ الحسين بن عليٍّ المرّوذيّ، ثنا شيبان بن عبد الرّحمن، عن قتادة قوله: إنّما اتّخذتم من دون اللّه أوثانًا مودّة بينكم في الحياة الدّنيا قال: إنّما اتّخذتموها لثوابها في الدنيا.
قوله تعالى: في الحياة الدّنيا
- حدّثنا أبي ثنا يزيد بن عبد العزيز، ثنا أبو يوسف يعني يعقوب القاصّ، عن يحيى بن يعقوب أبي طالبٍ، عن حمّاد بن سليمان، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: الدّنيا جميعها من جمع الآخرة سبعة آلاف سنةٍ فقد مضا منها ستّة آلافٍ وما بقي من ستّين، وتبقى الدّنيا وليس عليها مؤخّرٌ؟ قال أبو طالبٍ: من سنين.
قوله تعالى: ثمّ يوم القيامة
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، ثنا عبد اللّه بن المبارك، عن معمرٍ، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن أبي هريرة قال: ما قدر طول يوم القيامة على المؤمن إلا كقدر ما بين الظّهر إلى العصر.
قوله تعالى: يكفر بعضكم ببعضٍ ويلعن بعضكم بعضًا
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ أبو عاصمٍ الثّقفيّ الرّبيع بن إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن جعدة بن هبيرة المخزوميّ، عن أبيه، عن جدّه، عن أمّ هانئٍ أخت عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه، عنهما قالت: قال لي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أخبرك أنّ اللّه تبارك وتعالى يجمع الأوّلين والآخرين يوم القيامة في صعيدٍ واحدٍ فمن يدري أين الطرفان؟ فقالت: اللّه ورسوله أعلم ثمّ ينادي منادٍ من تحت العرش، يا أهل، التّوحيد فيشرئبّون قال أبو عاصم: يرفعون رؤوسهم- ثمّ ينادي يا أهل التّوحيد، ثمّ ينادي الثّالثة: يا أهل التّوحيد، إنّ اللّه قد عفا، عنكم قال: فيقوم النّاس قد تعلّق بعضهم ببعضٍ في ظلامات الدّنيا- يعني المظالم- ثمّ ينادي: يا أهل التّوحيد، ليعف بعضكم، عن بعضٍ وعلى اللّه الثّواب.
قوله تعالى: ومأواكم النّار وما لكم من ناصرين
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قال: ثمّ بيّن مستقرّهم فقال: مأواهم جهنم). [تفسير القرآن العظيم: 9/3048-3049]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده} قال: يبعثه، وفي قوله {فانظروا كيف بدأ الخلق} قال: خلق السموات والأرض {ثم الله ينشئ النشأة الآخرة} قال: البعث بعد الموت، وفي قوله {فما كان جواب قومه} قال: قوم إبراهيم، وفي قوله {فأنجاه الله من النار} قال: قال كعب ما أحرقت النار منه إلا وثاقه، وفي قوله {وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا} قال: انخذوها لثوابها في الحياة الدنيا {ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا} قال: صارت كل خلة في الدنيا عداوة على أهلها يوم القيامة إلا خلة المتقين، وفي قوله {فآمن له لوط} قال: فصدقة لوط {وقال إني مهاجر إلى ربي} قال: هاجرا جميعا من كوثي: وهي من سواد الكوفة إلى الشام، وفي قوله {وآتيناه أجره في الدنيا} قال: عافية وعملا صالحا وثناء حسنا فلست تلقى أحدا من أهل الملل إلا يرضي إبراهيم يتولاه). [الدر المنثور: 11/538-539] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم بن أبي النجود رضي الله عنه أنه قرأ {وتخلقون إفكا} خفيفتين وقرأ {أوثانا مودة} منصوبة منونة {بينكم} نصب). [الدر المنثور: 11/539] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه عن جبلة بن سحيم قال: سألت ابن عمر رضي الله عنهما عن صلاة المريض على العود قال: لا آمركم ان تتخذوا من دون الله أوثانا، إن استطعت أن تصلي قائما وإلا فقاعدا وإلا فمضطجعا). [الدر المنثور: 11/539-540]

تفسير قوله تعالى: (فَآَمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فآمن له لوطٌ وقال إنّي مهاجرٌ إلى ربّي إنّه هو العزيز الحكيم}.
يقول تعالى ذكره: فصدّق إبراهيم خليل اللّه لوطٌ {وقال إنّي مهاجرٌ إلى ربّي} يقول: وقال إبراهيم: إنّي مهاجرٌ دار قومي إلى ربّي، إلى الشّام.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فآمن له لوطٌ} قال: صدّق لوطٌ {وقال إنّي مهاجرٌ إلى ربّي} قال: هو إبراهيم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فآمن له لوطٌ} أي فصدّقه لوطٌ {وقال إنّي مهاجرٌ إلى ربّي} قال: هاجرا جميعًا من كوثى، وهي من سواد الكوفة إلى الشّام. قال: وذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول: ستكون هجرةٌ بعد هجرةٍ، ينحاز أهل الأرض إلى مهاجر إبراهيم، ويبقى في الأرض شرار أهلها، حتّى تلفظهم وتقذرهم وتحشرهم النّار مع القردة والخنازير.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فآمن له لوطٌ} قال: صدّقه لوطٌ، صدّق إبراهيم قال: أرأيت المؤمنين، أليس آمنوا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما جاء به؟ قال: فالإيمان: التّصديق. وفي قوله: {إنّي مهاجرٌ إلى ربّي} قال: كانت هجرته إلى الشّام.
- وقالً ابن زيدٍ في حديث الذّئب الّذي كلّم الرّجل، فأخبر به النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: فآمنت له وأبو بكرٍ وعمر، وليس أبو بكرٍ ولا عمر معه يعني: آمنت له: صدّقته.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، في قوله {فآمن له لوطٌ وقال إنّي مهاجرٌ إلى ربّي} قال: إلى حرّان، ثمّ أمر بعد بالشّأم الّذي هاجر إبراهيم، وهو أوّل من هاجر يقول: {فآمن له لوطٌ وقال إنّي مهاجرٌ} الآية.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله {فآمن له لوطٌ وقال إنّي مهاجرٌ إلى ربّي} إبراهيم القائل: إنّى مهاجرٌ إلى ربّي.
وقوله: {إنّه هو العزيز الحكيم} يقول: إنّ ربّي هو العزيز الّذي لا يذلّ من نصره، ولكنّه يمنعه ممّن أراده بسوءٍ، وإليه هجرته، الحكيم في تدبيره خلقه، وتصريفه إيّاهم فيما صرّفهم فيه). [جامع البيان: 18/383-385]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فآمن له لوطٌ وقال إنّي مهاجرٌ إلى ربّي إنّه هو العزيز الحكيم (26)
قوله تعالى: فآمن له لوطٌ
- حدّثنا محمّد بن يحيى، بن العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ قال: سمعت سعيدًا، عن قتادة قوله: فآمن له لوطٌ أي صدّقه لوطٌ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، ثمّ إنّ نمرود كفّ، عن إبراهيم ومنعه الله منه واستجاب لإبراهيم رال من قومه حيث رأوا ما صنع اللّه تبارك وتعالى به على خوفٍ من نمرود ملائهم فآمن له لوطٌ وكان ابن أخيه، وآمنت به سارة وكانت بنت عمّه.
- أخبرنا محمّد بن سعد بن عطيّة العوفيّ فيما كتب إليّ حدّثني أبي حدّثني عمّي حدّثني أبي عن جدّي، عن عطيّة، عن ابن عبّاسٍ قوله: فآمن له لوطٌ فقال: صدّق لوطٌ إبراهيم.
قوله تعالى: وقال إنّي مهاجرٌ إلى ربّي
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو عبد الرّحمن الحارثيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك وقال إنّي مهاجرٌ إلى ربّي قال: هو إبراهيم صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: مهاجرٌ إلى ربّي
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عبد الملك بن مسرّحٍ، ثنا سليمان بن عطاءٍ عن مسلمة بن عبد اللّه، عن كعبٍ في قول اللّه: إنّي مهاجرٌ إلى ربّي قال: إلى...
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ، ثنا الحسين بن محمّدٍ المرّوذيّ، ثنا شيبان بن عبد الرّحمن، عن قتادة قوله: وقال إنّي مهاجرٌ إلى ربّي قال: هاجروا جميعًا من كوثي وهي من سواء الكوفة إلى الشّام.
قال: وذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: إنّها ستكون هجرةٌ بعد هجرةٍ ينحاز أهل الأرض إلى مهاجر إبراهيم ويبقى في الأرض شرار أهلها، حتّى تلفظهم أرضهم وتقذرهم روح اللّه وتحشرهم النّار مع القردة والخنازير تبيت معهم إذا باتوا وتقيل معهم إذا قالوا وتأكل ما سقط منهم.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا الوليد بن عقبة، ثنا الوليد بن مسلمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن حسّان الكنانيّ قال: هاجر لوطٌ وهو ابن أخي إبراهيم بامرأته إلى إبراهيم بالشّام وكان بين امرأته وبين سارة بعض ما يكون بين النّساء. فقال له إبراهيم: يا ابن أخي قد جرا بين هاتين، وأنا أتخوّف أن يحدث ذلك في قلبي عليك فتحوّل فتحوّلا، قال: فنزل بمدائن قوم لوطٍ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: ثمّ خرج إبراهيم عليه السّلام مهاجرًا إلى ربّه وخرج معه لوطٌ فهاجرا وتزوّج سارة بنت عمّه فخرج بها. يلتمس الفرار بدينه والأمانة على ربّه حتّى نزل جران فمكث بها ما شاء اللّه أن يمكث ثمّ خرج منها مهاجرًا حتّى قدم مصر وبها فرعون من الفراعنة الأولى، وكانت سارة من أحسن النّاس فيما يقال، وكان لا تعصي إبراهيم شيئًا ولذلك أكرمها اللّه.
قوله تعالى: إنّه هو العزيز الحكيم
- حدّثنا عصام بن روّادٍ ثنا آدم بن أبي إياس العسقلانيّ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ حدّثني الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية قوله: العزيز يقول: العزيز في نقمته إذا انتقم، الحكيم في أمره- وروي، عن قتادة والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا أبو غسّان، ثنا سلمة قال محمّد بن إسحاق قوله: العزيز في نصرته من كفر به إذا شاء الحكيم في عذره وحجّته إلى عباده). [تفسير القرآن العظيم: 9/3050-3051]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده} قال: يبعثه، وفي قوله {فانظروا كيف بدأ الخلق} قال: خلق السموات والأرض {ثم الله ينشئ النشأة الآخرة} قال: البعث بعد الموت، وفي قوله {فما كان جواب قومه} قال: قوم إبراهيم، وفي قوله {فأنجاه الله من النار} قال: قال كعب ما أحرقت النار منه إلا وثاقه، وفي قوله {وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا} قال: انخذوها لثوابها في الحياة الدنيا {ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا} قال: صارت كل خلة في الدنيا عداوة على أهلها يوم القيامة إلا خلة المتقين، وفي قوله {فآمن له لوط} قال: فصدقة لوط {وقال إني مهاجر إلى ربي} قال: هاجرا جميعا من كوثي: وهي من سواد الكوفة إلى الشام، وفي قوله {وآتيناه أجره في الدنيا} قال: عافية وعملا صالحا وثناء حسنا فلست تلقى أحدا من أهل الملل إلا يرضي إبراهيم يتولاه). [الدر المنثور: 11/538-539] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فآمن له لوط} قال: صدق إبراهيم عليهما السلام). [الدر المنثور: 11/540]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {وقال إني مهاجر إلى ربي} قال: هو إبراهيم عليه السلام القائل إني مهاجر إلى ربي). [الدر المنثور: 11/540]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب رضي الله عنه في قوله {وقال إني مهاجر إلى ربي} قال: إلى حران.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج، مثله). [الدر المنثور: 11/540]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن قتادة في قوله {وقال إني مهاجر إلى ربي} قال: إلى الشام كان مهاجر). [الدر المنثور: 11/540]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال سيهاجر خيار أهل الأرض هجرة بعد هجرة إلى مهاجر إبراهيم عليه السلام). [الدر المنثور: 11/540-541]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو يعلى، وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال: أول من هاجر من المسلمين إلى الحبشة بأهله عثمان بن عفان فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم صحبهما الله ان عثمان لاول من هاجر إلى الله بأهله بعد لوط). [الدر المنثور: 11/541]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن منده، وابن عساكر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: هاجر عثمان إلى الحبشة فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم انه أول من هاجر بعد إبراهيم ولوط). [الدر المنثور: 11/541]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر والطبراني والحاكم في الكنى عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان بين عثمان ورقية وبين لوط من مهاجر). [الدر المنثور: 11/541]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أول من هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان كما هاجر لوط إلى إبراهيم). [الدر المنثور: 11/541-542]

تفسير قوله تعالى: (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني ابن مهدي أيضا، عن الثوري قال: بلغني عن مجاهد في قول الله: {وآتيناه أجره في الدنيا}، قال: {وتركنا عليه في الآخرين}، قال: الثناء الصالح). [الجامع في علوم القرآن: 1/89]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وآتيناه أجره في الدنيا قال هي كقوله وآتيناه في الدنيا حسنة قال وقال ليس من أهل دين إلا وهم يتولونه). [تفسير عبد الرزاق: 2/96]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذرّيّته النّبوّة والكتاب وآتيناه أجره في الدّنيا وإنّه في الآخرة لمن الصّالحين}.
يقول تعالى ذكره: ورزقناه من لدنّا إسحاق ولدًا، ويعقوب من بعده ولد ولدٍ.
- كما حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب} قال: هما ولدا إبراهيم.
وقوله: {وجعلنا في ذرّيّته النّبوّة والكتاب} بمعنى الجمع، يراد به الكتب، ولكنّه خرج مخرج قولهم: كثر الدّرهم والدّينار عند فلانٍ.
وقوله: {وآتيناه أجره في الدّنيا} يقول تعالى ذكره: وأعطيناه ثواب بلائه فينا في الدّنيا {وإنّه} مع ذلك {في الآخرة لمن الصّالحين} فله هناك أيضًا جزاء الصّالحين، غير منتقصٍ حظّه بما أعطي في الدّنيا من الأجر على بلائه في اللّه، عمّا له عنده في الآخرة.
وقيل: إنّ الأجر الّذي ذكره اللّه عزّ وجلّ، أنّه آتاه إبراهيم في الدّنيا هو الثّناء الحسن، والولد الصّالح.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {وآتيناه أجره في الدّنيا} قال: الثّناء.
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا ابن إدريس، عن ليثٍ، قال: أرسل مجاهدٌ رجلاً يقال له قاسمٌ إلى عكرمة يسأله عن قوله {وآتيناه أجره في الدّنيا وإنّه في الآخرة لمن الصّالحين} قال: قال: أجره في الدّنيا أنّ كلّ ملّةٍ تتولاّه، وهو عند اللّه من الصّالحين، قال: فرجع إلى مجاهدٍ، فقال: أصاب.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن مندلٍ، عمّن ذكره، عن ابن عبّاسٍ، {وآتيناه أجره في الدّنيا} قال: الولد الصّالح، والثّناء.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {وآتيناه أجره في الدّنيا} يقول: الذّكر الحسن.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {وآتيناه أجره في الدّنيا} قال: عافيةً وعملاً صالحًا، وثناءً حسنًا، فلست تلاقي أحدًا من الملل إلاّ يرضى إبراهيم ويتولاّه {وإنّه في الآخرة لمن الصّالحين} ). [جامع البيان: 18/385-387]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذرّيّته النّبوّة والكتاب وآتيناه أجره في الدّنيا وإنّه في الآخرة لمن الصّالحين (27)
قوله تعالى: ووهبنا له إسحاق ويعقوب
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ووهبنا له إسحاق ويعقوب قال: أعطينا.
قوله تعالى: إسحاق ويعقوب
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ حدّثني أبي حدّثني عمّي حدّثني أبي عن جدّي، عن ابن عبّاسٍ قوله: ووهبنا له إسحاق ويعقوب قال: هما ولدا إبراهيم.
قوله تعالى: وجعلنا في ذرّيّته النّبوّة والكتاب
- حدّثنا عليّ بن الحسين قال: قال محمّد بن العلاء، ثنا يوسف بن بكيرٍ، عن مطر بن ميمونٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قوله: الكتاب قال: الخطّ بالقلم.
قوله تعالى: وآتيناه أجره في الدّنيا
- حدّثنا أبي ثنا ابن نفيلٍ، ثنا عتّاب، عن خصيفٍ، عن زياد بن أبي مريم في قوله: آتيناه قال: أعطينا.
قوله تعالى: أجره في الدّنيا
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: آتيناه أجره في الدّنيا يقول: الذّكر الحسن.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، عن عليّ بن زيدٍ، عن سعيد بن جبيرٍ أنّه كتب إلى عكرمة يسأله، عن قول ابن عبّاسٍ فيها يعني قوله: أجره في الدّنيا فقال: إنّ الله تبارك وتعالى إلى رضًا لأهل الأديان بدينهم، فليس أهل دينٍ إلا وهم يتولّون إبراهيم ويرضون، عنه.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ قال: سمعت سعيدًا عن قتادة قوله: وآتيناه أجره في الدّنيا عافيةٌ وعملٌ صالحٌ وثناءٌ حسنٌ، فلست تلاقي أحدا من الملل إلا يرضا إبراهيم ويقولان وإنّه في الآخرة لمن الصّالحين.
- ذكر الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا حجّاج بن محمّدٍ، عن ابن جريجٍ أخبرني القاسم بن أبي بزّة، عن عكرمة في قوله: وآتيناه أجره في الدّنيا قال: لسان صدق الّذي جعل له.
قال عكرمة: إبراهيم تولاه الأمم كلّها اليهود والنّصارى والمجوس والنّاس أجمعون، وشهدوا له بالعدل فذلك اللّسان الصّدق وهو الأجر الّذي آتيناه في الدّنيا.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا المحاربيّ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ وآتيناه أجره في الدّنيا قال: الثّناءة.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ويزيد بن عبد العزيز قالا، ثنا عبّاد بن العوّام، عن سفيان بن حسينٍ، عن الحسن في قوله: وآتيناه أجره في الدّنيا قال: نيّته الصّالحة الّتي اكتسب بها الأجر في الآخرة.
قوله تعالى: وإنّه في الآخرة لمن الصّالحين
- حدّثنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول: لمن الصالحين قال: الصالحين: الأنبياء والمؤمنين). [تفسير القرآن العظيم: 9/3051-3053]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده} قال: يبعثه، وفي قوله {فانظروا كيف بدأ الخلق} قال: خلق السموات والأرض {ثم الله ينشئ النشأة الآخرة} قال: البعث بعد الموت، وفي قوله {فما كان جواب قومه} قال: قوم إبراهيم، وفي قوله {فأنجاه الله من النار} قال: قال كعب ما أحرقت النار منه إلا وثاقه، وفي قوله {وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا} قال: انخذوها لثوابها في الحياة الدنيا {ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا} قال: صارت كل خلة في الدنيا عداوة على أهلها يوم القيامة إلا خلة المتقين، وفي قوله {فآمن له لوط} قال: فصدقة لوط {وقال إني مهاجر إلى ربي} قال: هاجرا جميعا من كوثي: وهي من سواد الكوفة إلى الشام، وفي قوله {وآتيناه أجره في الدنيا} قال: عافية وعملا صالحا وثناء حسنا فلست تلقى أحدا من أهل الملل إلا يرضي إبراهيم يتولاه). [الدر المنثور: 11/538-539] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ووهبنا له إسحاق ويعقوب} قال: هما ولدا إبراهيم، وفي قوله {وآتيناه أجره في الدنيا} قال: إن الله رضى أهل الأديان بدينه فليس من أهل دين إلا وهم يتولون إبراهيم ويرضون به). [الدر المنثور: 11/542]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وآتيناه أجره في الدنيا} قال: الثناء). [الدر المنثور: 11/542]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {وآتيناه أجره في الدنيا} قال: الولد الصالح والثناء). [الدر المنثور: 11/542]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 رجب 1434هـ/4-06-2013م, 10:22 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24) }قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {فما كان جواب قومه} [العنكبوت: 24] رجع إلى قصّة إبراهيم: {وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا اللّه واتّقوه} [العنكبوت: 16] قال: {فما كان جواب قومه} [العنكبوت: 24] قوم إبراهيم.
{إلا أن قالوا اقتلوه أو حرّقوه} [العنكبوت: 24] يقوله بعضهم لبعضٍ.
قال: {فأنجاه اللّه من النّار} [العنكبوت: 24] وقد فسّرنا ذلك في سورة الأنبياء.
قال: {إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يؤمنون} [العنكبوت: 24]، أي: فيما صنع اللّه بإبراهيم وما
[تفسير القرآن العظيم: 2/625]
نجّاه من النّار، وإنّما يعتبر المؤمنون). [تفسير القرآن العظيم: 2/626]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ( {فما كان جواب قومه إلّا أن قالوا اقتلوه أو حرّقوه , فأنجاه اللّه من النّار إنّ في ذلك لآيات لقوم يؤمنون (24)}

وقرأ الحسن : (فما كان جواب قومه) بالرفع , فمن نصب جعل " أن قالوا " اسم كان، ومن رفع الجواب , جعله اسم كان , وجعل الخبر " أن قالوا " , وما عملت فيه، ويكون المعنى : ما كان الجواب إلا مقالتهم: اقتلوه، لما أن دعاهم إبراهيم إلى توحيد اللّه عزّ وجلّ، واحتجّ عليهم بأنهم يعبدون ما لا يضرهم , ولا ينفعهم، جعلوا الجواب اقتلوه أو حقوه.
وقوله: {فأنجاه اللّه من النّار}: المعنى : فحرقوه , فأنجاه اللّه من النّار.

ويروى: أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم لم تعمل النار في شيء منه إلا في وثاقه الذي شدّ به.
ويروى: أن جميع الدواب, والهوام كانت تطفئ عن إبراهيم إلا الوزغ، فإنها كانت تنفخ النار، فأمر بقتلها , ويرد أنه لم ينتفع في ذلك اليوم بالنار، أعني : يوم أخذوا إبراهيم عليه السلام.
وجميع ما ذكرناه في هذه القصة , مما رواه عبد اللّه بن أحمد بن حنبل عن أبيه، وكذلك أكثر ما رويت في هذا الكتاب من التفسير.
فهو من كتاب التفسير , عن أحمد بن حنبل). [معاني القرآن: 4/166]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار}
المعنى : فحرقوه , فأنجاه الله من النار , ويروى: أنه لم تحرق إلا وثاقه.). [معاني القرآن: 5/219]


تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ومَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (25)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقال إبراهيم.
{إنّما اتّخذتم من دون اللّه أوثانًا مودّة بينكم} [العنكبوت: 25] يوادّ بعضكم بعضًا، أي: يحبّ بعضكم بعضًا على عبادة الأوثان.
{في الحياة الدّنيا ثمّ يوم القيامة يكفر بعضكم ببعضٍ} [العنكبوت: 25]، أي: بولاية بعضٍ.
وقال السّدّيّ: يتبرّأ بعضكم من بعضٍ.
{ويلعن بعضكم بعضًا ومأواكم النّار وما لكم من ناصرين} [العنكبوت: 25] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/626]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وقال إنّما اتّخذتم مّن دون اللّه أوثاناً مّودّة بينكم...}

نصبها حمزة وأضافها؛ ونصبها عاصم , وأهل المدينة، ونوّنوا فيها : {أوثاناً مّودّة بينكم} , ورفع ناسٌ منهم الكسائيّ بإضافة, وقرأ الحسن : {مودّةٌ بينكم}, يرفع ولا يضيف, وهي في قراءة أبيّ:{إنّما مودّة بينهم في الحياة الدّنيا}.
وفي قراءة عبد الله : (إنّما مودّة بينكم), وهما شاهدان لمن رفع, فمن رفع , فإنما يرفع بالصفة بقوله: {في الحياة الدّنيا} , وينقطع الكلام عند قوله: {إنّما اتّخذتم مّن دون اللّه أوثاناً} .
ثم قال: ليست مودّتكم تلك الأوثان , ولا عبادتكم إيّاها بشيء، إنّما مودّة ما بينكم في الحياة الدنيا , ثم تنقطع, ومن نصب أوقع عليها الاتّخاذ: إنما اتّخذتموها مودّةً بينكم في الحياة الدنيا. وقد تكون رفعاً على أن تجعلها خبراً لما , وتجعل (ما) على جهة (الذي) ؛ كأنك قلت: إن الذين اتخذتموهم أوثاناً مودّة بينكم , فتكون المودّة كالخبر، ويكون رفعها على ضمير (هي) كقوله: {لم يلبثوا إلاّ ساعةً من نهارٍ} .

ثم قال {بلاغٌ} : أي: هذا بلاغ، ذلك بلاغ, ومثله : {إنّ الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون} .
ثم قال: {متاعٌ في الدنيا}: أي: ذلك متاع في الحياة الدنيا , وقوله: {يكفر بعضكم ببعضٍ}: يتبرّأ بعضكم من بعضٍ , والعابد والمعبود في النار.). [معاني القرآن: 2/315-316]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقال عزّ وجلّ: {وقال إنّما اتّخذتم من دون اللّه أوثانا مودّة بينكم في الحياة الدّنيا ثمّ يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النّار وما لكم من ناصرين (25)}
أي : قال إبراهيم لقومه : إنما اتخذتم هذه الأوثان ؛ لتتوادّوا بها في الحياة الدنيا.
{ثمّ يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا}, وهذا كما قال الله - عزّ وجلّ: {الأخلّاء يومئذ بعضهم لبعض عدوّ إلّا المتّقين (67)}
وفيها في القراءة أربعة أوجه, منها: {مودّة بينكم}, بفتح (مودّة), وبالإضافة إلى بين، وبنصب مودّة والتنوين، ونصب بين{مودّة بينكم}.
ويجوز {مودّة بينكم} بالرفع , والإضافة إلى بين.
ويجوز {مودّة بينكم} بالرفع , والتنوين , ونصب بين.
فالنصب في {مودّة} من أجل أنها مفعول لها، أي : اتخذتم هذا للمودة بينكم, ومن رفع فمن جهتين:
إحداهما : أن يكون " ما " في معنى " الذي " , يكون المعنى: إن ما اتخذتموه من دون الله أوثانا مودة بينكم، فيكون{مودّة} خبر إن، .
ويكون برفع {مودّة} على إضمار هي، كأنه قال: تلك مودة بينكم في الحياة الدنيا، أي: ألفتكم , واجتماعكم على الأصنام مودّة بينكم في الحياة الدنيا.). [معاني القرآن: 4/166-167]


تفسير قوله تعالى:{فَآَمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فآمن له لوطٌ} [العنكبوت: 26]، أي: فصدّقه لوطٌ.
{وقال إنّي مهاجرٌ إلى ربّي} [العنكبوت: 26] يقوله إبراهيم.
{إنّه هو العزيز الحكيم} [العنكبوت: 26] هاجر من أرض العراق إلى أرض الشّام). [تفسير القرآن العظيم: 2/626]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إنّي مهاجرٌ إلى ربّي...}
هذا من قيل إبراهيم, وكان مهاجره من حرّان إلى فلسطين.). [معاني القرآن: 2/316]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وقال إنّي مهاجرٌ إلى ربّي }: كل من خرج من داره , أو قطع شيئاً , فقد هاجر , ومنه: مهاجر , والمسلمين.). [مجاز القرآن: 2/115]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({مهاجر إلى ربي}: كل من خرج من داره إلى دار أو قطع شيئا فقد هاجر، والمهاجرون من ذلك). [غريب القرآن وتفسيره: 295]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ:{فآمن له لوط وقال إنّي مهاجر إلى ربّي إنّه هو العزيز الحكيم (26)}صدّق لوط إبراهيم عليه السلام، وقال: {إنّي مهاجر إلى ربّي}. إبراهيم هاجر من كوثى إلى الشام.). [معاني القرآن: 4/167]


قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي}
قال الضحاك : (إبراهيم هاجر , وهو أول من هاجر) .
وقال قتادة : (هاجر من كوثى إلى الشام)). [معاني القرآن: 5/219]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مُهَاجِرٌ}: خارج.). [العمدة في غريب القرآن: 237]

تفسير قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذرّيّته النّبوّة والكتاب} [العنكبوت: 27] فكان أوّل كتابٍ أنزل بعد كتاب موسى وما بعده من الكتب.
حدّثنا أبو القاسم الفروبيّ: قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن عفّان، قال: حدّثنا معاوية بن هشامٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وآتيناه أجره في الدّنيا} [العنكبوت: 27] قال: الثّناء.
قال: {واجعل لي لسان صدقٍ في الآخرين} [الشعراء: 84] قال: الثّناء.
قال: {وآتيناه أجره} [العنكبوت: 27] أعطيناه أجره.
{في الدّنيا} [العنكبوت: 27] فليس من أهل دينٍ إلا وهم يتولّونه ويحبّونه وهو مثل قوله: {وتركنا عليه في الآخرين} [الصافات: 78]، أي: أبقينا عليه في الآخرين الثّناء الحسن.
[تفسير القرآن العظيم: 2/626]
قال: {وإنّه في الآخرة لمن الصّالحين} [العنكبوت: 27] لمن أهل الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/627]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وآتيناه أجره في الدّنيا...}
الثناء الحسن وأن أهل الأديان كلّهم يتولّونه, ومن أجره أن جعلت النبوّة , والكتاب في ذرّيته.). [معاني القرآن: 2/316]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {آتيناه أجره في الدّنيا}: بالولد الطّيب، وحسن الثناء عليه.). [تفسير غريب القرآن: 338]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذرّيّته النّبوّة والكتاب وآتيناه أجره في الدّنيا وإنّه في الآخرة لمن الصّالحين (27)}
{وآتيناه أجره في الدّنيا}:قيل : الذكر الحسن، وكذلك : {وتركنا عليه في الآخرين}
وقيل : {وآتيناه أجره في الدّنيا}: أنه ليس من أمة من المسلمين , واليهود , والمجوس , والنصارى إلا وهم يعظمون إبراهيم.
وقيل: {وآتيناه أجره في الدّنيا} : أن الأنبياء من ولده، وقيل : الولد الصالح.). [معاني القرآن: 4/167-168]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وآتيناه أجره في الدنيا}
روى سفيان , عن حميد بن قيس قال: أمر سعيد بن جبير إنسانًا أن يسأل عكرمة عن قوله تعالى: {وآتيناه أجره في الدنيا}
فقال عكرمة : (أهل الملل كلها تدعيه , وتقول: هو منا) , فقال سعيد بن جبير : (صدق) .
وقال قتادة: (هو مثل قوله تعالى:{وآتيناه في الدنيا حسنة} أي : عافية , وعملا صالحا , وثناء حسنا و, ذاك أن أهل كل دين يتولونه).
وقيل :{وآتيناه أجره في الدنيا }: إن أكثر الأنبياء من ولده.). [معاني القرآن: 5/219-220]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا}: أي :بالولد الطيب , وحسن الثناء.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 185]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 رجب 1434هـ/4-06-2013م, 10:26 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (25) }

تفسير قوله تعالى: {فَآَمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26) }

تفسير قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 10:49 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 10:50 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 12:03 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون * وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين}
قرأ الجمهور: "جواب" بالنصب، وقرأ الحسن: "جواب" بالرفع، وكذلك سالم الأفطس. وأخبر الله تعالى عنهم أنهم لما بين إبراهيم عليه السلام الحجج، وأوضح أمر الدين، رجعوا إلى الغلبة، وعدوا عن طريق الاحتجاج حين لم يكن لهم به قبل، فتآمروا على قتله وتحريقه بالنار، وأنفذوا أمر تحريقه حسبما قد أفيض في غير هذا الموضع، وأنجاه الله تعالى من نارهم، وجعلها عليه بردا وسلاما، قال كعب الأحبار: لم تحرق النار إلا الحبل الذي أوثقوه به، وجعل ذلك آية وعبرة، ودليلا على وحدانيته لمن شرح صدره ويسره للإيمان، أي: هذا الصنف ينتفع بالآية، والكفار هي عليهم عمى وإن كانت في نفسها آية للكل). [المحرر الوجيز: 6/ 636-637]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (25) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ذكر تعالى أن إبراهيم قررهم على أن اتخاذهم الأوثان والأنصاب إنما كان اتباعا من بعضهم لبعض، وحفظا لموداتهم ومحباتهم الدنيوية، وأنهم يوم القيامة يجحد بعضهم بعضا ويتلاعنون; لأن توادهم كان على غير تقوى، والأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين.
وقرأ عاصم -في رواية الأعمش عن أبي بكر عنه-: "مودة" بالرفع "بينكم" بالخفض، وقرأ نافع، وابن عامر، وعاصم -في رواية أبي بكر - وأبو عمرو -في رواية أبي زيد -: "مودة بينكم" بالتنوين والنصب، ونصب "بين"، أما قراءة رفع "مودة" فوجههما أن تكون "ما" بمعنى "الذي"، وفي قوله: "اتخذتم" ضمير عائد على "الذي"، وهذا الضمير هو مفعول أول لـ "اتخذتم"، و"أوثانا" مفعول ثان، و"مودة" خبر "إن" في قراءة من نونها، وفي قراءة من لم ينونها. ويجوز أن تكون "ما" كافة، ولا يكون في قوله: "اتخذتم" ضمير، ويكون قوله: "أوثانا" مفعولا بقوله: "اتخذتم"، ثم يقتصر عليه، ويقدر الثاني: "آلهة" أو نحوه، كما يقدر قوله تعالى: {إن الذين اتخذوا العجل} أي: "إلها" سينالهم غضب، ويكون قوله: "مودة" خبر ابتداء تقديره: "هو مودة"، وفي هذه التأويلات مجاز واتساع في تسمية الأوثان مودة، أو يكون ذلك على حذف مضاف.
وأما من نصب "مودة" فعلى أن "ما" كافة، وعلى خلو "اتخذتم" من الضمير، والاقتصار على المفعول الواحد كما تقدم، ويكون نصب "المودة" على المفعول من أجله.
ومن أضاف "المودة" إلى "البين" في القراءتين بالنصب والرفع فقد تجوز في ذلك وأجرى الظرف مجرى الأسماء، ومن نصب "بينكم" في القراءتين النصب والرفع- في "مودة" فكذلك يحتمل أن ينتصب انتصاب الظروف، ويكون متعلقا بـ "مودة"، وكذلك وقال إنما اتخذتم ظرف أيضا متعلق بـ "مودة"، وهو مصدر عمل في ظرفين من حيث افترق الزمان والمكان، ولو كان لواحد منهما لم يجز ذلك، تقول: "رأيت زيدا أمس في السوق"، ولا تقول: "رأيت زيدا أمس البارحة"; إلا أن يكون أحد الظرفين جزءا للآخر، تقول: "رأيت زيدا أمس عشية". ويجوز أن ينتصب "بينكم" على أنه صفة المودة، وهنا محذوف مقدر، تقديره: "مودة ثابتة بينكم"، وفي الظرف ضمير عائد على "مودة"، لما حذفت "ثابتة" استقر الضمير في الظرف نفسه. وقوله: {وقال إنما اتخذتم} ظرف في موضع الحال من الضمير الكائن في "بينكم" بعد حذف "ثابتة"، وهذه الحال متعلقة بـ "مودة"، وجاز تعلقها بها وهي قد وصفت لأن معنى الفعل فيها، وإن وصفت فلا يمتنع أن يعمل معنى الفعل إلا في المفعول، فأما في الظرف وفي الحال فيعمل، قال مكي: ويجوز أن يكون " في الحياة " صفة ثابتة لـ "مودة"، ويكون فيها مقدر "مستقرة"، وفيها ضمير ثان عائد إلى "مودة"، فالتقدير -على هذا- مودة بينكم مستقرة في الحياة الدنيا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويصح أن يكون قوله: "مودة" في قراءة من نصب مفعولا ثانيا بقوله: "اتخذتم"، ويكون في ذلك اتساع، فتأمله. وفي مصحف أبي: "مودة بينهم" بالهاء، وفي مصحف ابن مسعود "إنما مودة بينكم"). [المحرر الوجيز: 6/ 637-638]

تفسير قوله تعالى: {فَآَمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم * ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين * ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين}
"آمن" معناه: صدق، وهو فعل يتعدى بالباء وباللام، والقائل إني مهاجر هو إبراهيم عليه السلام، قاله قتادة، والنخعي. وقالت فرقة: هو لوط عليه السلام.
ومما صح من القصص أن إبراهيم ولوطا هاجرا من قريتهما " كوثى " وهي في سواد الكوفة من أرض بابل إلى بلاد الشام، فلسطين وغيرها، وقال ابن جريج: هاجرا إلى حران، ثم أمرا بعد إلى الشام، وفي هذه الهجرة كانت سارة في صحبة إبراهيم، واعتراها أمر الملك. و"المهاجر": النازع عن الأمر، وهو في عرف الشرع من ترك وطنه رغبة في رضى الله تعالى، وقد ذهب بهذا الاسم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قبل الفتح. وقوله: {العزيز الحكيم} مع الهجرة إليه صفتان بليغتان تقتضي استحقاق التوكل عليه. وفي قوله: {إلى ربي} حذف مضاف، تقديره: إلى رضى ربي، أو نحو هذا). [المحرر الوجيز: 6/ 639]

تفسير قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وإسحاق بن إبراهيم هو الذي بشر به، وبشر بيعقوب من ورائه، وهو ولد إسحاق، و"الكتاب" اسم جنس، أي: جعل الله تعالى في ذرية إبراهيم عليه السلام جميع الكتب المنزلة: التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، وعيسى عليه السلام من ذريته، وقوله: {أجره في الدنيا} يريد: في حياته بحيث أدرك ذلك وسر به، والأجر الذي آتاه الله تعالى العافية من النار، ومن الملك الجائر، والعمل الصالح، والثناء الحسن. قاله مجاهد. وأن كل أمة تتولاه، قاله ابن جريج. والولد الذي قرت به العين بحسب طاعة الله تعالى، قاله الحسن. ثم أخبر عنه أنه في الآخرة في عداد الصالحين الذين نالوا رضى الله تبارك وتعالى، وفازوا برحمته وكرامته العليا). [المحرر الوجيز: 6/ 639]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 01:05 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 01:10 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فما كان جواب قومه إلّا أن قالوا اقتلوه أو حرّقوه فأنجاه اللّه من النّار إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يؤمنون (24) وقال إنّما اتّخذتم من دون اللّه أوثانًا مودّة بينكم في الحياة الدّنيا ثمّ يوم القيامة يكفر بعضكم ببعضٍ ويلعن بعضكم بعضًا ومأواكم النّار وما لكم من ناصرين (25)}
يقول تعالى مخبرًا عن قوم إبراهيم في كفرهم وعنادهم ومكابرتهم، ودفعهم الحقّ بالباطل: إنّه ما كان لهم جوابٌ بعد مقالة إبراهيم هذه المشتملة على الهدى والبيان، {إلا أن قالوا اقتلوه أو حرّقوه}، وذلك لأنّهم قام عليهم البرهان، وتوجّهت عليهم الحجّة، فعدلوا إلى استعمال جاههم وقوّة ملكهم، {قالوا ابنوا له بنيانًا فألقوه في الجحيم. فأرادوا به كيدًا فجعلناهم الأسفلين} [الصّافّات: 97، 98]، وذلك أنّهم حشدوا في جمع أحطابٍ عظيمةٍ مدّةً طويلةً، وحوّطوا حولها، ثمّ أضرموا فيها النّار، فارتفع لها لهبٌ إلى عنان السّماء: ولم توقد نارٌ قطّ أعظم منها، ثمّ عمدوا إلى إبراهيم فكتّفوه وألقوه في كفّة المنجنيق، ثمّ قذفوا به فيها، فجعلها اللّه عليه بردًا وسلامًا، وخرج منها سالـمًا بعد ما مكث فيها أيّامًا. ولهذا وأمثاله جعله اللّه للنّاس إمامًا. فإنّه بذل نفسه للرّحمن، وجسده للنّيران، وسخا بولده للقربان، وجعل ماله للضّيفان، ولهذا اجتمع على محبّته جميع أهل الأديان.
وقوله: {فأنجاه اللّه من النّار} أي: سلّمه [اللّه] منها، بأن جعلها عليه بردًا وسلامًا، {إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يؤمنون}). [تفسير ابن كثير: 6/ 271]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (25) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقال إنّما اتّخذتم من دون اللّه أوثانًا مودّة بينكم في الحياة الدّنيا} يقول لقومه مقرّعا لهم وموبّخًا على سوء صنيعهم، في عبادتهم الأوثان: إنّما اتّخذتم هذه لتجتمعوا على عبادتها في الدّنيا، صداقةً وألفةً منكم، بعضكم لبعضٍ في الحياة الدّنيا. وهذا على قراءة من نصب {مودّة بينكم}، على أنّه مفعولٌ له، وأمّا على قراءة الرّفع فمعناه: إنّما اتّخاذكم هذا يحصّل لكم المودّة في الدّنيا فقط {ثمّ يوم القيامة} ينعكس هذا الحال، فتبقى هذه الصّداقة والمودّة بغضة وشنآنًا، فـ {يكفر بعضكم ببعضٍ} أي: تتجاحدون ما كان بينكم، {ويلعن بعضكم بعضًا} أي: يلعن الأتباع المتبوعين، والمتبوعون الأتباع، {كلّما دخلت أمّةٌ لعنت أختها} [الأعراف: 38]، وقال تعالى: {الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعضٍ عدوٌّ إلا المتّقين} [الزّخرف: 67]، وقال هاهنا {ثمّ يوم القيامة يكفر بعضكم ببعضٍ ويلعن بعضكم بعضًا ومأواكم النّار وما لكم من ناصرين} أي: ومصيركم ومرجعكم بعد عرصات القيامة إلى النّار، وما لكم من ناصرٍ ينصركم، ولا منقذٍ ينقذكم من عذاب اللّه. وهذا حال الكافرين، فأمّا المؤمنون فبخلاف ذلك.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسي حدّثنا أبو عاصمٍ الثّقفيّ [حدّثنا] الرّبيع بن إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن جعدة بن هبيرة المخزوميّ، عن أبيه، عن جدّه عن أمّ هانئٍ -أخت عليّ بن أبي طالبٍ -قالت: قال لي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "أخبرك أنّ اللّه تعالى يجمع الأوّلين والآخرين يوم القيامة في صعيدٍ واحدٍ، فمن يدري أين الطّرفان "، فقالت اللّه ورسوله أعلم. "ثمّ ينادي منادٍ من تحت العرش: يا أهل التّوحيد، فيشرئبّون" قال أبو عاصم: يرفعون رؤوسهم. "ثمّ ينادي: يا أهل التّوحيد، ثمّ ينادي الثّالثة: يا أهل التّوحيد، إنّ اللّه قد عفا عنكم" قال: "فيقول النّاس قد تعلّق بعضهم ببعضٍ في ظلامات الدّنيا -يعني: المظالم -ثمّ ينادي: يا أهل التّوحيد، ليعف بعضكم عن بعضٍ، وعلى اللّه الثّواب"). [تفسير ابن كثير: 6/ 271-272]

تفسير قوله تعالى: {فَآَمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فآمن له لوطٌ وقال إنّي مهاجرٌ إلى ربّي إنّه هو العزيز الحكيم (26) ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذرّيّته النّبوّة والكتاب وآتيناه أجره في الدّنيا وإنّه في الآخرة لمن الصّالحين (27)}.
يقول تعالى مخبرًا عن إبراهيم: أنّه آمن له لوطٌ، يقال: إنّه ابن أخي إبراهيم، يقولون هو: لوط بن هاران بن آزر، يعني: ولم يؤمن به من قومه سواه، وسارّة امرأة [إبراهيم] الخليل. لكن يقال: كيف الجمع بين هذه الآية، وبين الحديث الوارد في الصّحيح: أنّ إبراهيم حين مرّ على ذلك الجبّار، فسأل إبراهيم عن سارّة: ما هي منه؟ فقال: [هي] أختي، ثمّ جاء إليها فقال لها: إنّي قد قلت له: "إنّك: أختي"، فلا تكذّبيني، فإنّه ليس على وجه الأرض [أحدٌ] مؤمنٌ غيرك وغيري، فأنت أختي في الدّين. وكأنّ المراد من هذا -والله أعلم -أنه ليس على وجه الأرض زوجان على الإسلام غيري وغيرك، فإنّ لوطًا عليه السّلام، آمن به من قومه، وهاجر معه إلى بلاد الشّام، ثمّ أرسل في حياة الخليل إلى أهل "سدوم" وإقليمها، وكان من أمرهم ما تقدّم وما سيأتي.
وقوله: {وقال إنّي مهاجرٌ إلى ربّي} يحتمل عود الضّمير في قوله: {وقال}، على لوطٍ، لأنّه أقرب المذكورين، ويحتمل عوده إلى إبراهيم -قال ابن عبّاسٍ، والضّحاك: وهو المكنّى عنه بقوله: {فآمن له لوطٌ} أي: من قومه.
ثمّ أخبر عنه بأنّه اختار المهاجرة من بين أظهرهم، ابتغاء إظهار الدّين والتّمكّن من ذلك؛ ولهذا قال: {إنّه هو العزيز} أي: له العزّة ولرسوله وللمؤمنين به، {الحكيم} في أقواله وأفعاله وأحكامه القدريّة والشّرعيّة.
وقال قتادة: هاجرا جميعًا من "كوثى"، وهي من سواد الكوفة إلى الشّام. قال: وذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّها ستكون هجرةٌ بعد هجرةٍ، ينحاز أهل الأرض إلى مهاجر إبراهيم، ويبقى في الأرض شرار أهلها، حتى تلفظهم أرضهم وتقذرهم روح اللّه، وتحشرهم النّار مع القردة والخنازير، تبيت معهم إذا باتوا، وتقيل معهم إذا قالوا، وتأكل ما سقط منهم".
وقد أسند الإمام أحمد هذا الحديث، فرواه مطوّلًا من حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن شهر بن حوشب قال: لـمّا جاءتنا بيعة يزيد بن معاوية، قدمت الشّام فأخبرت بمقامٍ يقومه نوفٌ البكالي، فجئته؛ إذ جاء رجلٌ، فانتبذ النّاس وعليه خميصة، وإذا هو عبد اللّه بن عمرو بن العاص. فلمّا رآه نوفٌ أمسك عن الحديث، فقال عبد اللّه: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "إنّها ستكون هجرةٌ بعد هجرةٍ، فينحاز النّاس إلى مهاجر إبراهيم، لا يبقى في الأرض إلّا شرار أهلها، فتلفظهم أرضوهم، تقذرهم نفس الرّحمن، تحشرهم النّار مع القردة والخنازير فتبيت معهم إذا باتوا، وتقيل معهم إذا قالوا، وتأكل منهم من تخلّف". قال: وسمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "سيخرج أناسٌ من أمّتي من قبل المشرق، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلّما خرج منهم قرنٌ قطع، كلّما خرج منهم قرنٌ قطع" حتّى عدّها زيادةً على عشرين مرّةً "كلّما خرج منهم قرنٌ قطع، حتّى يخرج الدّجّال في بقيّتهم".
ورواه أحمد عن أبي داود، وعبد الصّمد، كلاهما عن هشامٍ الدّستوائي، عن قتادة، به
وقد رواه أبو داود في سننه، فقال في كتاب الجهاد، باب ما جاء في سكنى الشّام:
حدّثنا عبيد اللّه بن عمر، حدّثنا معاذ بن هشامٍ، حدّثني [أبي]، عن قتادة، عن شهر بن حوشبٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول: "ستكون هجرةٌ بعد هجرةٍ، فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم، ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضهم وتقذرهم نفس الرّحمن، وتحشرهم النّار مع القردة والخنازير".
وقال الإمام أحمد أيضًا: حدّثنا يزيد، أخبرنا أبو جناب يحيى بن أبي حيّة، عن شهر بن حوشبٍ قال: سمعت عبد اللّه بن عمر يقول لقد رأيتنا وما صاحب الدّينار والدّرهم بأحقّ من أخيه المسلم، ثمّ لقد رأيتنا بآخرة الآن، والدّينار والدّرهم أحبّ إلى أحدنا من أخيه المسلم، ولقد سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "لئن أنتم اتّبعتم أذناب البقر، وتبايعتم بالعينة، وتركتم الجهاد في سبيل اللّه، ليلزمنّكم اللّه مذلّة في أعناقكم، ثمّ لا تنزع منكم حتّى ترجعوا إلى ما كنتم عليه، وتتوبوا إلى اللّه عزّ وجلّ". وسمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "لتكوننّ هجرةٌ بعد هجرةٍ إلى مهاجر أبيكم إبراهيم حتّى لا يبقى في الأرضين إلّا شرار أهلها وتلفظهم أرضوهم، وتقذرهم روح الرحمن، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير، تقيل حيث يقيلون، وتبيت حيث يبيتون، وما سقط منهم فلها". ولقد سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "يخرج من أمتي قوم يسيئون الأعمال، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم -قال يزيد: لا أعلمه إلّا قال -يحقر أحدكم علمه مع علمهم، يقتلون أهل الإسلام، فإذا خرجوا فاقتلوهم، ثمّ إذا خرجوا فاقتلوهم، ثمّ إذا خرجوا فاقتلوهم، فطوبى لمن قتلهم، وطوبى لمن قتلوه. كلّما طلع منهم قرنٌ قطعه اللّه". فردّد ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عشرين مرّةً، أو أكثر، وأنا أسمع.
وقال الحافظ أبو بكرٍ البيهقيّ: أخبرنا أبو الحسين بن الفضلٍ، أخبرنا عبد اللّه بن جعفرٍ، حدّثنا يعقوب بن سفيان، حدّثنا أبو النّضر إسحاق بن يزيد وهشام بن عمّارٍ الدّمشقيّان قالا حدّثنا يحيى بن حمزة، حدّثنا الأوزاعيّ، عن نافعٍ -وقال أبو النّضر، عمّن حدّثه، عن نافعٍ -عن عبد اللّه بن عمر: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: "سيهاجر أهل الأرض هجرةً بعد هجرةٍ، إلى مهاجر إبراهيم، حتّى لا يبقى إلّا شرار أهلها، تلفظهم الأرضون وتقذرهم روح الرّحمن، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير، تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا، لها ما سقط منهم".
غريبٌ من حديث نافعٍ. والظّاهر أنّ الأوزاعيّ قد رواه عن شيخٍ له من الضّعفاء، واللّه أعلم. وروايته من حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص أقرب إلى الحفظ). [تفسير ابن كثير: 6/ 272-274]

تفسير قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب}، كقوله تعالى: {فلمّا اعتزلهم وما يعبدون من دون اللّه وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيًّا} [مريم: 49] أي: إنّه لـمّا فارق قومه أقرّ اللّه عينه بوجود ولدٍ صالحٍ نبيٍّ [وولد له ولدٌ صالحٌ] في حياة جدّه. وكذلك قال اللّه: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلةً} [الأنبياء: 72] أي: زيادةً، كما قال: {فبشّرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} أي: ويولد لهذا الولد ولدٌ في حياتكما، تقرّ به أعينكما. وكون يعقوب ولدٌ لإسحاق نصّ عليه القرآن، وثبتت به السّنّة النّبويّة، قال اللّه: {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهًا واحدًا ونحن له مسلمون} [البقرة: 133]، وفي الصّحيحين: "إنّ الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم".
فأمّا ما رواه العوفيّ عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب [نافلةً]}، قال: "هما ولدا إبراهيم". فمعناه: أنّ ولد الولد بمنزلة الولد؛ فإنّ هذا أمرٌ لا يكاد يخفى على من هو دون ابن عبّاسٍ.
وقوله: {وجعلنا في ذرّيّته النّبوّة والكتاب}، هذه خلعة سنية عظيمةٌ، مع اتّخاذ اللّه إيّاه خليلًا وجعله للنّاس إمامًا، أن جعل في ذرّيّته النّبوّة والكتاب، فلم يوجد نبيٌّ بعد إبراهيم عليه السّلام، إلّا وهو من سلالته، فجميع أنبياء بني إسرائيل من سلالة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، حتّى كان آخرهم عيسى ابن مريم، فقام في ملئهم مبشّرًا بالنّبيّ العربيّ القرشيّ الهاشميّ، خاتم الرّسل على الإطلاق، وسيّد ولد آدم في الدّنيا والآخرة، الّذي اصطفاه اللّه من صميم العرب العرباء، من سلالة إسماعيل بن إبراهيم، عليهم السّلام: ولم يوجد نبيٌّ من سلالة إسماعيل سواه، عليه أفضل الصّلاة والسّلام [من اللّه تعالى].
وقوله: {وآتيناه أجره في الدّنيا وإنّه في الآخرة لمن الصّالحين} أي: جمع اللّه له بين سعادة الدّنيا الموصولة بسعادة الآخرة، فكان له في الدّنيا الرّزق الواسع الهنيّ والمنزل الرّحب، والمورد العذب، والزّوجة الحسنة الصّالحة، والثّناء الجميل، والذّكر الحسن، فكلّ أحدٍ يحبّه ويتولّاه، كما قال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ وقتادة وغيرهم، مع القيام بطاعة اللّه من جميع الوجوه، كما قال تعالى: {وإبراهيم الّذي وفّى} [النّجم: 37]، أي: قام بجميع ما أمر به، وكمّل طاعة ربّه؛ ولهذا قال تعالى: {وآتيناه أجره في الدّنيا وإنّه في الآخرة لمن الصّالحين}، كما قال تعالى: {إنّ إبراهيم كان أمّةً قانتًا للّه حنيفًا ولم يك من المشركين. شاكرًا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراطٍ مستقيمٍ. وآتيناه في الدّنيا حسنةً وإنّه في الآخرة لمن الصّالحين} [النحل: 120-121]).[تفسير ابن كثير: 6/ 274-275]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:46 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة