لمحات عن دراسة (السين وسوف) في القرآن الكريم
1- إذا أدخلت السين أو سوف على الفعل المضارع منعتا كل عامل من أن يعمل في المضارع. [المقتضب:2/5].
2- لا يفصل بينهما وبين الفعل. [سيبويه:1/459].
لو قلت: سوف زيدا أضرب لم يحسن. [سيبويه:1/51].
3- ليس لهما صدر الكلام. واستقبح السهيلي تقديم معمول الفعل، نحو: غدا سأتيك. [الروض الأنف:1/286]، و[نتائج الفكر:ص79].
وجعل ابن القيم السين وسوف مما له صدر الكلام. [البدائع:1/89-90].
وفي [البحر:6/206]: «حرف التنفيس لا يمنع من عمل ما بعده فيما قبله، على أن فيه خلافا شاذا، وصاحبه محجوج بالسماع. قال الشاعر:
فلما رأته آمنا هان وجدها وقالت: أبونا هكذا سوف يفعل
(فهكذا) منصوب بيفعل، وهو بحرف الاستقبال».
وأقول: جاء في القرآن التقديم في قوله تعالى:
{وهم من بعد غلبهم سيغلبون} [30: 3].
4- تنفرد (سوف) بدخول اللام عليها (لسوف). وقرئ في الشواذ: {لسأخرج حيا} و{لسيعطيك ربك}.
5- الأكثر في السين الوعد، وتأتي للوعيد. [البرهان:4/283]، [الإتقان:1/163].
قد تبين لي بعد استقراء مواضع السين في القرآن أن مواضع استعمالها في الوعيد تزيد عن مواضع استعمالها للوعد كما سيأتي.
6- استقبح السهيلي أن يقع المضارع المقرون بالسين خبرا للمبتدأ تعبا لشيخه ابن الطراوة، وقد ناقش شيخه في ذلك وقال له: أليس قد قال الله سبحانه وتعالى: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار} [4: 57]. فجاء بالسين في خبر المبتدأ. فقال: اقرأ ما قبل الآية، فقرات: {إن الذين كفروا} [4: 56]. فضحك وقال: لقد كنت أفزعتني، أليست هذه (إن) في الجملة المتقدمة، وهذه الأخرى معطوفة بالواو. والوو تنوب مناب تكرار العامل، فسلمت له وسكت. [نتائج الفكر:ص80].
هكذا قال السهيلي: فسلمت له وسكت من غير أن يكلف نفسه استقراء أسلوب القرآن الكريم والاحتكام له.
ثم جاء ابن القيم فنقل كلام السهيلي بنصه وفصه من غير أن يحتكم هو الآخر لأسلوب القرآن، وإن كنت لا أشك لحظة في أن ابن القيم كان مجيدًا لحفظ القرآن.
إن في سورة النساء وحدها آيات جاء فيها خبر المبتدأ مضارعا مقرونا بالسين من غير أن تتقدم (إن) في الكلام، وذلك قوله تعالى:
1- {والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار} [4: 122].
2- {والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنوتيهم أجرًا عظيما} [4: 162].
3- {فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه} [4: 175].
4- {أولئك سوف يؤتيهم أجورهم} [4: 152]. (مع سوف)
وفي سورة النساء جاءت جملة المضارع المقرون بالسين جوابا للشرط (وقد قيل إنه الخبر) في قوله تعالى:
1- {ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا} [4: 172]
ومع {سوف} في قوله تعالى:
1- {ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا} [4: 30].
2- {ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرًا عظيما} [4: 74].
3- {ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا} [4: 114].
هذا ما في سورة النساء وحدها، وما في غير سورة النساء سنعرض له بعد.