سورة المائدة
[ من الآية (67) إلى الآية (69) ]
{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحًا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (69)}
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته... (67)
قرأ ابن كثير (بلّغت رسالته) و(حيث يجعل رسالته) و(على النّاس برسالتي) ثلاثتهن على التوحيد، وقرأ ابن عامر
[معاني القراءات وعللها: 1/335]
وأبو بكر عن عاصم والحضرمي ثلاثتهن على الجمع، وقرأ نافع ها هنا وفي الأنعام على الجمع وفي الأعراف (برسالتي) واحدة، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي (فما بلغت رسالته " موحدةً، والأخريان على الجمع، وقرأ حفص عن عاصم ها هنا وفي الأنعام على التوحيد، وفي الأعراف (برسالاتي) جماعة.
قال أبو منصور: الرسالة بمنزلة المصدر على (فعالة) فهو ينوب عن الجماعة، والقرآن كله رسالة الله إلى الخلق وهو مشتمل على رسالات كثيرة، والرسائل أكثر من الرسالات). [معاني القراءات وعللها: 1/336]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (11- وقوله تعالى: {... فما بلغت رسالته} [67] وفي (الأنعام) [124] {حيث يجعل رسالته} وفي (الأعراف) [144] {برسالتي}.
قرأ ابن كثير ثلاثهن بالتوحيد.
وقرا عاصم وابن عامر ثلاثهن بالجمع.
وقرأ نافع {برسالتي} على التوحيد، وجمع الباقي.
وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي {سالته} بالتوحيد. و{برسالتي} و{حيث يجعل رسالته} بالجمع فيها، فمن وحد جعل الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن جمعها احتج بأن جعل كل وحي رسالة. والاختيار أن تجمع التي في (الأنعام)، لأن الله تعالى ذكر الرسل فيه). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/148]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في التوحيد والجمع في قوله تعالى: فما بلغت رسالاته [المائدة/ 67].
[الحجة للقراء السبعة: 3/238]
فقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي: فما بلغت رسالته واحدة، وفي الأنعام: حيث يجعل رسالاته [الآية/ 124] جماعة، وفي الأعراف: برسالاتي [144] على الجمع أيضا.
وقرأ ابن كثير: رسالته على التوحيد، وفي الأنعام: حيث يجعل رسالته وفي الأعراف: برسالتي على التوحيد ثلاثهنّ.
وقرأ نافع: فما بلغت رسالاته جماعا، وقرأ في الأنعام:
حيث يجعل رسالاته جماعة، وقرأ: على الناس برسالتي واحدة.
وقرأ ابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر: فما بلغت رسالاته وحيث يجعل رسالاته وعلى الناس برسالاتي جماعا ثلاثهنّ. وروى حفص عن عاصم: فما بلغت رسالته واحدة حيث يجعل رسالته واحدة أيضا وعلى الناس برسالاتي جماعا.
قال أبو علي: أرسل فعل يتعدّى إلى مفعولين: ويتعدّى إلى الثاني منهما بحرف الجر كقوله: إنا أرسلنا نوحا إلى قومه [نوح/ 1] وأرسلناه إلى مائة ألف [الصافات/ 147] ويجوز الاقتصار على أحدهما دون الآخر، من نحو: أعطيت، وكسوت،
[الحجة للقراء السبعة: 3/239]
وليس من باب حسبت كقوله: ثم أرسلنا رسلنا تترا [المؤمنون/ 44] وقوله: إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا [الأحزاب/ 45] وقال: فأرسل إلى هارون [الشعراء/ 13] فعدّى إلى الثاني، والأول مقدّر في المعنى، التقدير: أرسل رسولا إلى هارون، فأمّا قوله: لقد أرسلنا رسلنا بالبينات [الحديد/ 25] فالجار في موضع نصب على الحال، كما تقول:
أرسلت زيدا بعدّته، وكذلك قوله: أرسله معنا غدا نرتع [يوسف/ 12] إن رفعت المضارع كان حالا، وإن جزمته كان جزاء.
وقد يستعمل الإرسال على معنى التخلية بين المرسل وما يريد وليس يراد به البعث قال الراجز:
أرسل فيها مقرما غير قفر... طبّا بإرسال المرابيع السؤر
وقال آخر:
أرسل فيها بازلا يقرّمه... وهو بها ينحو طريقا يعلمه
[الحجة للقراء السبعة: 3/240]
فهذا إنّما يريد خلّى بين الفحل وبين طروقته، ولم يمنعه منها وقال:
فأرسلها العراك ولم يذدها... ولم يشفق على نغض الدّخال
المعنى: خلى بين هذه الإبل وبين شربها ولم يمنعها من ذلك، فمن هذا الباب قوله تعالى: ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين [مريم/ 83] فأما ما أنشده أبو زيد من قول الشاعر:
لعمري لقد جاءت رسالة مالك... إلى جسد بين العوائد مختبل
وأرسل فيها مالك يستحثّنا... وأشفق من ريب المنون فما وأل
[الحجة للقراء السبعة: 3/241]
فالرسالة هاهنا بمنزلة الإرسال، والمصدر في تقدير الإضافة إلى الفاعل والمفعول الأول، في التقدير محذوف كما كان محذوفا في قوله: فأرسل إلى هارون [الشعراء/ 13] والتقدير: رسالة مالك إلى جسد، والجار والمجرور في موضع نصب لكونه مفعولا ثانيا، والمعنى: إلى ذي جسد، لأنّ الرسالة لم تأت الجسد دون سائر المرسل إليه. ومثل ذلك قوله:
........ وبعد عطائك المائة الرّتاعا في وضعه العطاء في موضع الإعطاء.
وقوله:
وأرسل فيها مالك يستحثّنا.......
يجوز أن يكون المعنى: أرسل الرسالة يستحثنا، ودخول الجار كدخوله في قوله: لهم فيها [يس/ 57]، ويستحثّنا حال من مالك. وإن شئت قلت: تستحثّنا، فجعلته حالا من الرسالة. وإن شئت ذكّرت، لأنّ الرسالة والإرسال بمعنى.
والرسول جاء على ضربين أحدهما أن يراد به المرسل.
والآخر [أن يراد به] الرسالة، فالأوّل كقولك: هذا رسول زيد،
[الحجة للقراء السبعة: 3/242]
تريد مرسله وقال [جلّ وعز]: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل [آل عمران/ 144] فهذا كأنه يراد به المرسل، يقوي ذلك قوله: إنك لمن المرسلين [يس/
3].
ومثل هذا في أنّه فعول: يراد به المفعول قوله:
وما زلت خيرا منك مذ عضّ كارها... بلحييك عاديّ الطريق ركوب
المعنى أنّه طريق مركوب مسلوك، وقال:
تضمّنها وهم ركوب كأنّه... إذا ضمّ جنبيه المخارم رزدق
وقالوا: الحلوبة والحلوب، والركوبة والركوب لما يحلب ويركب. فأمّا استعمالهم الرسول بمعنى الرسالة فكقول الشاعر:
لقد كذب الواشون ما فهت عندهم... بسرّ ولا أرسلتهم برسول
أي: برسالة، فيجوز على هذا في قوله: إنا رسول ربك [طه/ 47] أن يكون التقدير: إنّا ذوو رسالة ربك. فلم يثنّ رسول كما لا يثنّى المصدر. ويجوز أن يكون وضع الواحد موضع التثنية كما وضع موضع الجمع في قوله: وهم لكم عدو
[الحجة للقراء السبعة: 3/243]
[الكهف/ 50] فإن كان من قوم عدو [النساء/ 92] ونحو ذلك.
وجمع رسالة: رسالات، وعلى التكسير رسائل ومثله: عمامة وعمامات وعمائم. فأما قوله تعالى: أعلم حيث يجعل رسالاته [الأنعام/ 124] فلا يخلو حيث فيه من أن يكون انتصابه انتصاب الظروف، أو انتصاب المفعولين ولا يجوز أن يكون انتصابه انتصاب الظروف، لأن علم القديم سبحانه في جميع الأماكن على صفة واحدة، فإذا لم يستقم أن يحمل أفعل على زيادة علم في مكان، علمت أن انتصابه انتصاب المفعول به، والفعل، الناصب مضمر دلّ عليه قوله: أعلم كما أن القوانس في قوله:
وأضرب منا بالسيوف القوانسا ينتصب على مضمر دلّ عليه أضرب، فكذلك حيث إذا انتصب انتصاب المفعول به، ألا ترى أنّ المفعول به لا ينتصب بالمعاني ومثل ذلك في انتصاب حيث على أنّه مفعول به قول الشماخ:
وحلّأها عن ذي الأراكة عامر... أخو الخضر يرمي حيث تكوى النّواحز
[الحجة للقراء السبعة: 3/244]
فحيث مفعول به، ألا ترى أنه ليس يريد أنه يرمي شيئا حيث تكوى النواحز، إنّما يرمي حيث تكوى النواحز، فحيث تكوى مفعول به وليس بمفعول فيه.
فحجة من جمع فقال: برسالاتي أن الرسل يرسلون بضروب من الرسائل كالتوحيد والعدل، وما يشرعون من الشرائع، وما ينسخ منها على ألسنتهم، فلمّا اختلفت الرسائل حسن أن يجمع، كما حسن أن تجمع أسماء الأجناس إذا اختلفت، ألا ترى أنّك تقول: رأيت تمورا كثيرة، ونظرت في علوم كثيرة فجمعت هذه الأسماء إذا اختلفت ضروبها كما تجمع غيرها من الأسماء.
وحجة من أفرد هذه الأسماء ولم يجمعها أنّها تدل على الكثرة، وإن لم تجمع كما تدل عليها الألفاظ المصوغة للجمع، وتدل على الكثير كما تدل ألفاظ الجمع عليه. مما يدل على ذلك
[الحجة للقراء السبعة: 3/245]
قوله تعالى: لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا [الفرقان/ 14] فوقع الاسم الشائع على الجميع، كما يقع على الواحد، فكذلك الرسالة ولو وضع موضع القراءة بالإفراد الجمع، أو موضع الجمع الإفراد، لكان سائغا في العربية، إلّا أنّ لفظ الجمع في الموضع الّذي يراد به الجمع أبين.
والقرّاء قد يتبعون مع ما يجوز في العربية الآثار، فيأخذون بها ويؤثرونها. إذا وجدوا مجاز ذلك في العربية مجازا واحدا). [الحجة للقراء السبعة: 3/246]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإن لم تفعل فما بلغت رسالته}
قرأ نافع وابن عامر وأبو بكر (فما بلغت رسالاته) على الجمع وحجتهم أنهم جعلوا لكل وحي رسالة ثمّ جمعوا فقالوا (فما بلغت رسالاته)
وقرأ الباقون {رسالته} وحجتهم قول النّبي صلى الله عليه
إن الله جلّ وعز أرسلني برسالة وأمرني أن أبلغها الخبر ثمّ تلا الآية). [حجة القراءات: 232]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (27- قوله: {رسالته} قرأه نافع وابن عامر وأبو بكر بالجمع، وكسر التاء، وقرأ الباقون بالتوحيد، وقرأه الباقون بالجمع.
وحجة من قرأ بالجمع أنه لما كانت الرسل، يأتي كل واحد بضروب من الشرائع المرسلة معهم مختلفة، حسن جمعه ليدل على ذلك؛ إذ ليس ما جاءوا به رسالة واحدة، فحسن الجمع لما اختلفت الأجناس.
28- وحجة من وحد أن الرسالة على انفراد لفظها تدل على الكثرة، وهي كالمصدر في أكثر الكلام، لا تُجمع ولا تثنى لدلالته على نوعه بلفظه، لكن جاز جمعه في هذا لما اختلفت أنواعه وأجناسه، فتشابه المفعول فجمع، فهي تدل على ما يدل عليه لفظ الجمع، وهي أخف، ألا ترى إلى قوله: {وإن تعدوا نعمة الله} «إبراهيم 34» والنعم كثيرة، والمعدود لا يكون إلا كثيرًا، لكن الواحد يدل على الجمع، والاختيار لفظ الجمع في هذه السورة، لأن المعنى عليه، لكثرة الرسل، وكثرة ما أرسلوا به، فأما في الأعراف فالاختيار التوحيد، لأن
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/415]
الإخبار بالرسالة عن موسى وحده، في قوله لموسى: {إني اصطفيتك على الناس برسالتي} ووقى ذلك أن بعده {وبكلامه}، ولم يقل: «كلماتي» والكلام أيضًا مصدر معطوف على «رسالتي» وهو مصدر فأتيا بالتوحيد جميعًا لما ذكرنا). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/416]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (15- {فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [آية/ 67]:-
على الإفراد، قرأها ابن كثير، وكذلك في الأنعام {يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}، وفي الأعراف {بِرِسَالَتِي} بالإفراد في الثلاثة.
وقرأ ابن عامر وعاصم –ياش- ويعقوب- يس- بالجمع في الثلاثة، و-ص- عن عاصم في الأعراف بالجمع، وفي المائدة والأنعام بالتوحيد.
وقرأ نافع ويعقوب –ح- في الأعراف بالتوحيد، وفي المائدة والأنعام بالجمع.
وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي في المائدة بالتوحيد، وفي الأنعام والأعراف بالجمع.
[الموضح: 447]
وجه الإفراد أن الرسالة اسم للإرسال، وهو مصدر، والمصدر جنس، فوقوعه على الكثرة أصل فيه، فالرسالة تدل على الكثرة وإن لم تجمع، كما تدل عليها الألفاظ الموضوع للجمع، ألا ترى إلى قوله {لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا}. فوقع الثبور لما كان شائعة على الجمع، كما وقع على الواحد، وكذلك الرسالة يجوز أن تقع على الجمع.
وأما وجه القراءة بالجمع فهو أن الرسائل مختلفة، فيجوز أن تجمع، كما يجوز جمع أسماء الأجناس، تقول رأيت تمورا كثيرة، ونظرت إلى علوم كثيرة، فتجمع أسماء الأجناس إذا اختلفت ضروبها). [الموضح: 448]
قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68)}
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحًا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (69)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن والزهري: [والصَّابِيُون] يثبت الياء ولا يهمز.
وقرأ: [الصابُون] بغير همز ولا ياء أبو جعفر وشيبة، و[الخاطون] و[مُتَّكُون].
قال أبو الفتح: أما [الصابيون] بياء غير مهموزة، فعلى قياس قول أبي الحسن في {يستهزئون}: [يَستهزيُون] بياء غير مهموزة، ويحتمل ذلك فيها لتقدير الهمزة في أصلها؛ فيكون ذلك فرقًا بينها وبين ياء يَسْتَقْضُون، ألا ترى أن أصله يستقضِيوه، كما فرَّق
[المحتسب: 1/216]
أبو الحسن بقوله في مثل عنكبوت من قرأت: قرْأَيوُت بضمة الياء بينه وبين مثال عنكبوت من رميت رَمْيَوُوت. وأصلها رَمْيَيُوت، وقد مضى هذا في موضعه.
وأما [الصابُونَ] و[مُتَّكُون] فعلى إبدال الهمزة ألبتة، فصارت كالصابون من صبوت، وكمتَجَنُّون من تَجَنَّيْتُ، والوجه أن يكون الصابيون بلا همز تخفيفًا لا بدلًا، وإن جعلته بدلًا مُراعي به أولية حاله كقرْأَيوت جاز أيضًا). [المحتسب: 1/217]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عثمان وأُبي بن كعب وعائشة وسعيد بن جبير والجحدري رضي الله عنهم: [والصابِيين] بياء.
قال أبو الفتح: الخطب في هذا أيسر من [الصابيون] بالرفع؛ لأن النصب على ظاهره؛ وإنما الرفع يحتاج إلى أن يقال: إنه مقدم في اللفظ مؤخر في المعنى على ما يقال في هذا، حتى كأنه قال: لا خوف عليهم ولاهم يحزنون والصابئون كذلك). [المحتسب: 1/217]
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين