بدل الجملة من المفرد
في التسهيل: [173]: «وقد تبدل جملة من مفرد».
وفي الهمع [128:2] «قال ابن جني والزمخشري وابن مالك وتبدل الجملة من المفرد، نحو قوله:
إلى الله أشكو بالمدينة حاجة وبالشام أخرى كيف يلتقياه
فكيف يلتقيان بدل من حاجة وأخرى، كأنه قال: أشكو هاتين الحاجتين تعذر التقاءهما قال ابن مالك: ومنه (ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك) "إن" ما بعدها بدل من "ما" وصلتها والجمهور لم يذكروا ذلك.
قال أبو حيان: وليس (كيف يلتقيان) بدلاً بل استئناف للاستبعاد، وكذلك (إن ربك) لئلا يؤدي إلى إسناد الفعل إلى الجملة، وهو ممنوع».
1- {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا}. [259:2]
{كيف}: منصوبة بننشزها نصب الأحوال، وذو الحال مفعول (بننشزها) حالاً من العظام، والتقدير: انظر إلى العظام محياة. وهذا ليس بشيء؛ لأن الجملة الاستفهامية لا تقع حالاً، وإنما تقع (كيف) وحدها والذي يقتضيه النظر أن هذه الجملة في موضع البدل من العظام، وذلك أن (أنظر) البصرية تتعدى بإلى، ويجوز فيها التعلق، فتقول: انظر كيف يصنع زيد قال تعالى: {انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض} فتكون هذه الجملة في موضع نصب على المفعول بانظر، لأن ما يتعدى بحرف الجر إذا علق صار يتعدى إلى مفعول، تقول فكرت في أمر زيد، ثم تقول فكرت هل يجئ زيد، فتكون جملة (هل يجيء زيد) في موضع نصب على المفعول بفكرت. فكيف ننشزها بدل من العظام على الموضع، لأن موضعه نصب، وهو على حذف مضاف، أي فانظر إلى حال العظام كيف ننشزها. ونظير ذلك قول العرب: عرفت زيدًا أبو من هو على أحد الأوجه، فالجملة من قولك: أبو من هو في موضع البدل من قوله: (زيدًا) مفعول (عرفت). البحر [294:2]
الجملة بدل من العظام. المغني: [648]
2- {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا} [187:7]
جملة الاستفهام في موضع البدل من الساعة، والبدل على نية تكرار العامل، وذلك العامل معلق عن العمل، لأن الجملة فيها استفهام، ولما علق الفعل، وهو يتعدى بعن صارت الجملة في موضع نصب على إسقاط حرف الجر، فهو بدل في الحقيقة على موضع (عن الساعة) لأن موضع المجرور نصب، ونظيره في البدل قولهم: عرفت زيدًا أبو من هو على أحسن المذاهب. البحر [434:4]
3- {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} [43:14]
{لا يرتد إليهم طرفهم}: حال من ضمير مقنعي أو بدل من (مقنعي).
العكبري [37:2]
4- {وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْـزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ} [30:16]
في الكشاف [603:2]: «وقوله: (للذين أحسنوا) وما بعده بدل من خيرًا، حكاية لقوله: (الذين اتقوا) أي قالوا هذا القول، فقدم عليه تسميته خيرًا ثم حكاه، ويجوز أن يكون كلاً مبتدأ». البحر [488:5]
5- {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [116:16]
جوزوا في "ما" أن تكون بمعنى الذي، والعائد محذوف تقديره الذي تصفه ألسنتكم، وانتصب (الكذب) على أنه معمول لتقولوا، أي ولا تقولوا الكذب الذي تصفه ألسنتكم. و(هذا حلال وهذا حرام) بدل من الكذب، أو على إضمار فعل، أي فتقولوا.
وأجاز الحوفي وأبو البقاء أن يكون انتصاب الكذب على أنه بدل من الضمير المحذوف العائد على "ما"، وأجاز أبو البقاء أن يكون منصوباً بأعني.
وقال الكسائي والزجاج؛ "ما" مصدرية و(الكذب) مفعول به، ومعمول (تقولوا) الجملة من قوله: (هذا حلال وهذا حرام)، والمعنى: ولا تحللوا ولا تحرموا لأجل قول تنطق به ألسنتكم كذباً، لا بحجة، وهذا معنى بديع.
البحر [544:5-545]، العكبري [46:2]
6- {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ} [21:45]
في الكشاف [290:4]: «الجملة التي هي (سواء محياهم ومماتهم) بدل من الكاف، لأن الجملة تقع مفعولاً ثانيًا، فكانت في حكم المفرد، ألا تراك لو قلت: أن نجعلهم سواء محياهم ومماتهم كان سديدًا، كما تقول: ظننت زيدًا أبوه منطلق».
وهذا الذي ذهب إليه الزمخشري من إبدال الجملة من المفرد قد أجازه أبو الفتح، واختاره ابن مالك، وأورد على ذلك شواهد على زعمه، ولا يتعين فيها البدل.
وقال بعض أصحابنا، هو ضياء الدين بن العلج: ولا يصح أن تكون جملة معمولة للأول من موضع البدل، كما كان في النعت، لأنها تقدر تقدير المشتق وتقدير الجامد، فيكون بدلاً، فيجتمع فيه تجوزان، ولأن البدل يعمل فيه العامل الأول، فيصح أن يكون فاعلاً، والجملة لا تكون فاعلاً بغير سائغ؛ لأنها لا تضمر. فإن كانت غير معمولة فهل تكون جملة بدلاً من جملة. لا يتعين عندي جوازها، كما يتبع في العطف الجملة للجملة وكتأكيد الجملة التأكيد اللفظي. وتبين من كلام هذا الإمام أنه لا يجوز أن تكون الجملة بدلاً من المفرد. وأما تجويز الزمخشري: أن نجعلهم سواء محياهم ومماتهم فيظهر لي أنه لا يجوز، لأنها بمعنى التصيير، لا يجوز: صيرت زيدًا أبوه قائم، ولا صيرت زيدًا غلامه منطلق، لأن التصيير انتقال من ذات إلى ذات أو من وصف في الذات إلى وصف فيها، وتلك الجملة الواقعة بين مفعول (صيرت) المقدرة مفعول ثانيًا ليس فيها انتقال مما ذكرنا، فلا يجوز.
البحر [47:8]
2- بدل جملة من مفرد.
7- {أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها} [6:50]
جملة كيف بنيناها بدل من السماء. الجمل [185:4]
8- {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت} [17:88]
جملة الاستفهام في موضع البدل من الإبل، (ينظرون) تعدي إلى الإبل بواسطة "إلى" وإلى (كيف خلقت) على سبيل التعليق، وقد تبدل الجملة وفيها الاستفهام من الاسم الذي قبلها، كقولهم: عرفت زيدًا أبو من هو، على أصح الأقوال، على أن العرب قد أدخلت "إلى" على (كيف) فحكى أنهم قالوا: انظر إلى كيف يصنع، وإذا علق الفعل عما فيه الاستفهام لم يبق الاستفهام على حقيقته.
البحر [465:8]
9- {مَا يُقَالُ لَكَ إِلا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ} [43:41]
"إن" وما عملت فيه بدل من "ما" وصلتها، وجاز إسناد يقال إلى الجملة كما جاز في (وإذا قيل إن وعد الله حق) هذا كله إن كان المعنى: ما يقول الله لك إلا ما قد قيل، فأما إن كان المعنى: ما يقول لك كفار قومك من الكلمات المؤذية إلا مثل ما قد قال الكفار الماضون لأنبيائهم، وهو الوجه الذي بدأ به الزمخشري فالجملة استئناف. المغني [475]، الشمني [159:2]