بسم الله الرحمن الرحيم
كتب أهل الحديث المطبوعة
مرتبة على القرون
التحديث الأخير: يوم الثلاثاء 5 محرم 1439هـ.
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى أما بعد:
فهذا جَمْعٌ لكتب أهل الحديث مرتَّبٌ على قرون الإسلام، حرصت فيه على تقصي ما طبع من كتبهم المصنفة في علوم الحديث وغيره من العلوم كالتفسير والاعتقاد والفقه واللغة والتاريخ وغيرها، لما لهذه المعرفة من فائدة كبيرة تعود على طالب العلم في تنظيم قراءته ومعرفة تنوع معارف أهل الحديث وأثر ذلك في تصانيفهم؛ فمَنْ كان مِنَ المحدثين عالماً باللغة ظهر أَثَرُ عِلْمِه في تأليفه؛ فتجده يفسر الغريب ويضبط اللفظ، ومن كان محدثاً فقيها ظهر أثر عِلْمه في بيان الأحكام والناسخ والمنسوخ وما جرى عليه العمل، وما إلى ذلك.
وكلُّ عِلْمٍ يجمعه المحدِّث إلى عِلْمه بالحديث يظهر أثره غالباً فيما يؤلفه في علوم الحديث، حتى من كان منهم عالماً بالطبّ إذا أورد أحاديث في الطبّ بيّن ما يُحتاج إلى معرفته من ذلك، وذكر من الفوائد ما يعزّ على غيره معرفته.
وجَمْعُ ذلك كله في موضوع واحد وترتيبه على القرون يُعرّف بأعلام المؤلفين في كل قرن ، وأوجه عناية المحدّثين فيه، ومجالات التأليف التي دعت إليها حاجة طلاب العلم في ذلك القرن.
وهذا العمل أردت منه أن يكون أصلاً لأعمال علمية أخرى أسأل الله تعالى أن يعين على حسن القيام بها، وأن يبارك فيها إنه حميد مجيد.
وليس كل من ذكرت كتبهم في هذا الموضوع معدودين من أهل الحديث المعروفين عند أهله بل فيهم عدد قليل ممن ليسوا من أهل الحديث إما لما ثبت من القدح في ضبطهم أو صدقهم وإما لكونهم ليسوا من أهل هذه الصنعة ، وإنما ذكرتهم لأن لهم كتباً في الحديث وعلومه اعتنى بها أهل الحديث لأسباب يقتضيها البحث العلمي إما لكون ما ألفوا فيه قد أتوا فيه على جانب من سد الحاجة وإما لكون تلك المؤلفات قد صارت أصلاً لبعض الأخبار الباطلة المشهورة كبعض كتب الأخباريين في المغازي النبوية وبعض الكتب المصنفة في قصص الأنبياء والفضائل والرقائق والملاحم ونحوها من الكتب التي صنفها بعض من لا يعدّ من أهل الحديث العارفين به لكن لما اشتهرت كتبه وطارت في الآفاق صارت أصلاً لمعرفة الروايات الباطلة والمعلولة.
وممن ذكرت أسماءهم وكتبهم من اختلف فيهم توثيقاً وتضعيفاً ومنهم الجامع في تصنيفه الغث والسمين بلا تمييز، وهؤلاء وأولئك قليلو العدد جداً في جنب الأئمة الأعلام المذكورين في هذه القائمة.
والتعريف بأئمة الحديث في كل قرن وبيان شيء من سيرهم وأخبارهم وطرائقهم في تحصيل العلم وتعليمه وقيامهم بما شرفهم الله به من روايته ودرايته ورعايته وأثر ذلك على أهل زمانهم يحتاج إلى تأليف خاص، وفائدته لطلاب علم الحديث عظيمة.
وقد سبقني إلى هذا المبحث جماعات من أهل العلم والفضل المتقدمين والمعاصرين وكان لكل منهم مصادره وطريقته في الجمع والعرض، وقد تأملت أعمال عدد من أهل العلم في هذا الميدان الفسيح، واستفدت منها فوائد كثيرة، ومن جملة ما استفدته من تنوّع طرائقهم الخلوص إلى طريقة أرى أنها تجمع محاسن عدد من تلك الطرق؛ فقد رسمت لهذا العمل - بتوفيق من الله وإعانة منه - طريقة يتلخص بيانها في تدوين أسماء أهل الحديث في كل قرن أولاً، ثم تذكر كتبهم في الحديث وغيره، وندوّن من بيانات تلك الكتب ما تقتضيه حاجتنا في جمهرة علوم الحديث، وننبّه على ما يتيسّر ذكره من كتب منسوبة خطأ لبعض أهل الحديث، وكتب طبعت بأسماء مختلفة، وكتب ألحقت بكتب، وكتب بنيت على كتب، وكتب دخلها الغلط في التأليف والطباعة من قِبَل بعض الرواة والمحققين مما عُرِف بالسبر والمقابلة والنقد أو عُرِف ببيان أهل العلم المحققين.
ومما ينبغي أن يُعلم علماً يصل إلى درجة اليقين أن هذا العمل لا يبلغُ - مهما مكثنا في إعداده ومراجعته -أن يولدَ تامًّا؛ فالنقص في أوّله متوقع غير مستغرب، فنأمل أن يعذرنا أهل العلم فيما يجدونه من نقص وخلل؛ فإنَّ انتظارنا إلى حين اكتماله والتحقق من جودته يطيل أمد خروجه، وقد يموت ولمّا يكتمل، ثمّ لو قَدّرنا أنه اكتمل بعد لَأْيٍ؛ فإنا لا نأمن مع ذلك كلّه أن يقع فيه من النقص والخلل ما يقع، فكان إخراجه على هذه الحال، ودعوة أهل العلم والمعرفة من العلماء وطلاب العلم والباحثين إلى المشاركة في مراجعة هذا العمل وتتميمه أولى وأنفع، وأيسر طريقة، وأعظم بركة، لما يُرجى من فضائل اجتماع الجماعة العارفين على العمل المنظّم وتعاونهم عليه.
شكر وتقدير:
أشكر كلّ من أسهم في تصحيح هذا العمل وتتميمه، وأخصّ منهم:
1. أ.محمد أبو زيد على ما بذل من جهد في تقريب ما يحتاج إليه في هذا المشروع الكبير على مدى سنوات من العمل فيه.
2. أ.محمد بن فاروق آل عثمان الجعلي على ما أبدى من ملحوظات وتنبيهات سدده الله.
3. د.محمد بن تركي التركي، إذ أمدّني بقائمة رصد فيها ما صدر حديثاً من كتب الحديث وعلومه في مشروع علمي كبير شرع فيه عام 1415هـ، ولم يزل مداوماً عليه، وهو مشروع عظيم النفع، جدير بأن يُحتفى به، وأن يخدم خدمة تليق برسالته التي أرجو أن يعمّ نفعها المعتنين بعلم الحديث الشريف من طلاب العلم والباحثين؛ فقد اشتملت قائمته على ذكر كتب كثيرة جدّا للمتقدّمين والمعاصرين؛ فجزاه الله خيراً على ما قدّم، وبارك في علمه وعمله وعمره، ولم أفرغ بعد من استفراغ ما في قائمته من كتب وطبعات لم أذكرها.