شرح أبي القاسم الزجاجي (ت:337هـ)
قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت: 337هـ): (المنان فعال من قولك: «مننت على فلان»: إذا اصطنعت عنده صنيعة وأحسنت أليه، فالله عز وجل منان على عباده بإحسانه، وإنعامه، ورزقه إياهم، و«فلان يمن على فلان»: إذا كان يعطيه ويحسن إليه. وقالوا في قوله عز وجل: {ولا تمنن تستكثر} أي لا تعط في الدنيا شيئًا لتأخذ أكثر منه ولكن عطيتك لوجه الله وابتغاء ما عنده وقوله عز وجل: {هذا عطاؤنا فامنن} أي اعط «أو امسك» كذلك قيل في التفسير. وقال الفراء: أراد هذا عطاؤنا فمن به في العطية، أراد أنه إذا اعطاه فهو من منه فسمي العطية هنا، وله موضع آخر في صفات الإنسان تقع في الذم، يقال: «فلان منان»: أي يمن بما يعطيه ويعتد به. ومنه قولهم: «المن يكدر الصنيعة».
حدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي نفطويه قال: حدثني محمد ابن موسى الساوي قال: حدثني وهب بن جرير بن حازم قال حدثني شعبة عن علي بن مدرك قال: سمعت أبا زرعة يحدث عن خرشة عن أبي ذر الغفاري رحمه الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة». قلت: من هم يا رسول الله خابوا وخسروا. قال: «المسبل إزاره، والمنان، والمختال، فأما المسبل إزاره فإن أهل الجاهلية كانوا يسحبون إزرهم إذا مشوا كبرًا أو يجرونها فكان يفعل ذلك منهم المتكبر والمتجبر فيكون ذلك علامة لكبره وتجبره». قال زهير:
وقد أغدو على ثبة نشاوى = كرام واجدين لما نشاء
لهم راح وراووق ومسك = تعل به جلودهم وماء
يجرون البرود وقد تمشت = حميا الكأس فيهم والغناء
وقال طرفة:
أسد غيل فإذا ما شربوا = وهبوا كل أمون وطمر
ثم راحوا عبق المسك بهم = يلحفون الأرض هداب الأزر
وقال آخر:
أيام أحلف مئزري غفر الملا = وأفض كل مرجل ريان
والمنان: الذي يمن على الله بعلمه، والمختال يختال في مشيه كبرًا، وينشد:
يمشي إلى أسل الرماح وقد يرى = سبب المنية مشية المختال). [اشتقاق أسماء الله: 164-166]