الخلاصة في أحكام تزيين المصحف
قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ (م):(لا خلاف بين أهل العلم أحفظه فى استحباب كون المصحف ساذجا مجراد عن أى حلية , خاليا من أى زخرفة , فهكذا كان المصحف الإمام ومصاحف الصحابة الكرام , وإنما الخلاف بين أهل العلم فى كون تحلية المصاحف بالنقدين أمرا جائزا أم محظورا . وسبب الخلاف والله أعلم هو التعارض بين الأدلة نقليها وعقليها .
حجة القائلين بجواز التحلية :
احتج من قال بجواز تحلية المصاحف بما ورد من الآثار الدالة على جواز التحلية فى الجملة من مثل ما رواة أبو عبيد فى الفضائل , وابن أبى داود فى المصاحف بسنده عن ابن عون عن عبد الله بن مسعود أنه كان يسألى عن حلية المصاحف فيقول : لا أعلم به بأسا , وكان يحب أن يزين المصحف ويجاد علاقته وصنعته وكل شئ من أمره .
وأخرج أبو عبيد فى الفضائل وابن أبى داود فى المصاحف واللفظ لأبى عبيد قال : ( حدثنا يحى ابن سعيد ومعاذ عن ابن عون عن ابن سيرين أنه كان لا يرى بأسا بأن يزين المصحف ويحلى ).
وأخرج البيهقى عن الوليد بن مسلم { سألت مالكا عن تفيفض المصاحف فأخرج إلينا مصحفا فقال : حدثنى أبى عن جدى أنهم جمعوا القرآن فى عهد عثمان وأنهم فضضوا المصاحف }
وذكر ابن رشد نحوا منه فى البيان عن ابن القاسم قال :{ أخرج إلينا مالك مصحفا لجده , فحدثنا أنه كتب على عهد عثمان بن عفان فوجد حليته فضة } واحتجوا بالمعقول .
فقالوا : إن فى تحلية المصحف تعظيما له وتكريما .
حجة المانعين من تحلية المصاحف :
واحتج المانعون من تحلية المصاحف بحجج نقلية وعقلية أيضا , ومن حججهم النقلية جملة من الآثار عن جمع من الصحابة كأبى الدرداء وأبى ذر وأبى بن كعب وأبى هريرة تتضمن الوعيد الشديد على تحلية المصاحف وزخرفتها .
فقد أخرج ابن المبارك فى الزهد وأبو عبيد فى فضائل القرآن وسعيد بن منصور فى التفسير من سننه وابن أبى الدنيا فى المصاحف وابن أبى داود فى المصاحف أيضا والحكيم الترمذى فى الأكياس والمغترين , وفى نوادر الأصول له أيضا من حديث أبى الدرداء قال : " إذا حليتم مصاحفكم وزخرفتم مساجدكم فالدبار عليكم " وفى لفظ : " فالدثار عليكم", وفى لفظ : " فالدعاء عليكم " , وفى لفظ : " فالدمار عليكم " , وفى لفظ : " إذا زخرفتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فعليكم الدبار " . وأخرج أبو عبيد فى فضائل القرآن عن أبى ذر قال : " إذا حليتم مصاحفكم وزوقتم مساجدكم فالدبار عليكم " . وأخرج ابن أبى داود فى المصاحف عن أبى بن كعبقال: " إذا حليتم مصحافكم وزوقتم مساجدكم فعليكم الدثار"
وأخرج أيضا عن أبى هريرة قال : " إذا زوقتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فعليكم الدثار
وأخرج ابن ماجة عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ماساء عمل قوم قط إلا زخرفوا مساجدهم "
وأخرج ابن أبى داود فى المصاحف عن برد بن سنان قال : " ما أساءت أمة العمل إلا زينت مصاحفها ومساجدها "
وأخرج ابن أبى داود فى المصاحف : ( عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يكره أن يحلى المصحف قال : يغرون به السارق )
وأخرج أبو عبيد وابن أبى داود فى المصاحف واللفظ لأبى عبيد : ( عن ابن عباس : أنه كان إذا رأى المصحف قد فضض أو ذهب قال : " أتغرون به السارق وزينته فى جوفه " ) وأخرج ابن أبى شيبة فى المصنف عن أبى أمامة ر أنه كره أن يحلى المصحف }
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن أبى دواد فى المصحاف من طرق عن عبد الله بن مسعود : أنه مر عليه بمصحف قد زين بالذهب , فقال : " إن أحسن ما زين به المصحف تلاوته فى الحق " , فظاهر إنكار التحلية .
وأخرج ابن أبى شيبة فى مصنفه بسنده عن الزبرقان قال : قلت لأبى رزين إن عندى مصحفا أريد أن أختمه بالذهب , وأكتب عند أول سورة آية كذا وكذا . قال أبو رزين : " لا تزيدوا فيه شيئا من الدنيا قل أو كثر " )
حجتهم من المعقول :
واحتج المانعون بالمعقول أيضا فقالوا :إن تحلية المصاحف تتضيع للمال بدون غرض , لا نسلم بأن فى تحليتها تعظيما وإكراما لها إذ لو كان الأمر كذلك لجاء الشرع بمثله , كيف وقد ورد الذم لفاعله ؟ لا يقال إن ماورد فى هذا الشأن لم يثبت رفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم , لأن أقل أحوال المنقول أن يكون قولا لصحابى فى أمر دينى , وما هذا سبيله يأخذ حكم المرفوع , لأن الصحابى لن يقول ذلك من قبيل الرأى والاجتهاد المحض , ولا يقال أيضا بأنه معارض بمثله احتجاجا بما روى عن ابن مسعود إذ قد روىى عنه قول : " يقتضى المنع من التحلية " , فلعله رجع عن قوله بنفى البأس , ووافق جملة القائلين بالمنع كما عن أبى الدرداء وأبى بن كعب وابن عباس وأبى هريرة رضى الله عنهم أجمعين .
ولقائل أن يقول بالمنع من التحلية تغليبا لجانب الحظر , ولكون التحلية من زينة الدنيا فتصان عنا المصاحف قياس على المساجد , ولكون زخرفتها ضربا من التشبه باليهود والنصارى وقد أمرنا بمخالفتهم .
ثم لقائل أن يقول : إن ما طريقه القرب إذا لم يكن للقياس فيه مدخل لا يستحب فعله وإن كان فيه تعظيم , إلا بتوقيف . ولهذا قال عمر عن الحجز : "لولا أنى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك " . ولما قبل معاوية الأركان كلها أنكر عليه ابن عباس , فقال : " ليس شئ من البيت مهجورا " , فقال : إنما هى السنة , فأنكر عليه الزيادة على فعل النبى صلى الله عليه وسلم , وإن كان فيه تعظيم . ذكر ذلك القاضى أبو يعلى فى الجامع الكبير , وحكاه عنه ابن مفلح فى غير موضع من آدابه وفروعه.
الخلاف فى حكم تحلية المصاحف
أ- القائلون بالمنع :
لقد ذهب إلى القول بحظر تحلية المصاحف بالنقدين جمهور أهل العلم على اختلاف بينهم فى كون الحظر على سبيل التحريم أو على سبيل الكراهة , وهل يقتصر الحظر على التحلية بالذهب أم يشمل التحلية بالفضة أيضا ؟ وهل يختص المنع ما كان من المصاحف فى حق الرجال أم يتناول مصاحف كذلك ؟ وهل الكتابة بالذهب تعطى خكم التحلية , أم أن لها حكما يخصها ؟ وهل للتمويه بالنقدين حكم التحلية بهما ؟ .
فقد صرح جماعة من أهل العلم بتحريم ذلك كله , ففى الهذب عد فى محرم الأستعمال ما يحلى به المصحف وأوجب فيه الزكاة , لأنه عد به عن أصله بفعل غير مباح فسقط حكم فعله وبقى على حكم الأصل .
وعدده فى المجموع الأصح . وذكره فى روضة الطالبين وجها من أربعة أوجه , ونقل التحريم عن نصه فى سير الواقدى , وهو الذى جزم به ابن قدامة فى المغنى , وقال : { لا يجوز تحلية المصاحف ولا المحاريب } . وذكره فى الآداب قولا رابعا لأصحاب أحمد , وعبر عنه بقيل إشارة إلى تضعيفه , وذكر الفروع نحوا منه وعزاه إلى الموفق وغيره .
قال : قال ابن الزاغونى : { يحرم كتبه بذهب لأنه من زخرفة المصحف , ويؤمر بحكه , فإن كان تجمع منه ما يتمول زكاة }
قلت فظاهر كلام ابن الزغوانى تحريم التحلية مطلقا قياسا على قوله بتحريم الكتابة بالذهب بل أولى , لآنه إذا قال بتحريم الكتابة بالذهب , والأمر فيها أوسع فلأن يقول بتحريم التحلية من طريق الأولى .
والقول بتحريم التحلية هو مقتضى الوعيد الذى انطوت عليه الآثار السالف ذكرها عن أبى الدرداء وأبى بن كعب وأبى هريرة وأبى ذر وعمر رضى الله عنهم أجمعين.
وذهب فريق من أهل العلم القول بكراهة تحلية المصاحف , وهو مقتضى المروى عن ابن عباس وابن مسعود رضى الله عنهما وابن مسعود رضى الله عنهما على ما مر فى حجة المانعين , والقول بكراهة التحلية محكى عن أبى أمامة , وإبراهيم النخعى وأبى يوسف ومحمد بن الحسن صاحبى أبى حنيفة , ورواية ثانية عن الإمام مالك وهى فى مقابل المشهور عنه وهو وجه عند الشافعية , وهو المذهب عند أصحابنا الحنابلة . وجزم فى الإقناع وشرحه بالكراهة , قال البهوتى فى الكشاف : ( وتكره تحليته بذهب أو فضة – نصا لنضييق النقدين . وقال فى موضع آخر من الكشاف بكراهة حلية المصحف , وأوجب فيها الزكاة.
وجزم به أيضا فى شرح المنتهى , وحكى قول ابن الزاغونى فى كتابة المصحف بالهب وإنه بحكه فإن تجمع منه ما يتمول زكاه.
ب- القائلون بالتفصيل :
وجوز قوم حلية المصحف إذا كانت من الفضة خاصة , وهو مذهب المالكية , وقول مرجوح عند الشافعية , والحنابلة , والحنفية , وفرق بعض الشافعية وبعض الحنابلة بين مصاحف الرجال ومصاحف النساء , واعتبره النووى فى الروضة أصح الأوجه عند الأكثرين.
وجزم به الأنصارى فى أسنى المطالب , وقال الزركشى : ( ينبغى أن يلحق بالمصحف ذى ذلك اللوح المعد لكتابة القرآن ).
وجزم الهيتمى فى التحفة بجواز تحلية المصحف وما فيه قرآن ولو للتبرك للمرأه بذهب كتحليها به مع إكرامه , وجعله العبادى شاملا لما إذا كانت التحلية بالتمويه ,ولما كانت بإلصاق ورق الذهب بورقه " م.د"
قال: والطفل فى ذلك كله كالمرأة شرح " مر ", وألحق الشروانى بهما المجنون , واستقرب العبادى منع الرجل من القراءة فى مصحف المرأة المحلى بالذهب , ولو كان ذلك على سبيل الإعارة أو الإجارة أو الشراء ." قوله تحلية ما ذكر " شامل لغلاف المصحف , لذا قال "باعشن" يحل للمرأة تحلية ما فىه قرآن ولو لوحا , ولو للتبرك وغلافه بالذهب أ.هـ. لكن قضية كلام المغنى أنه لا يجوز باتفاق عبارته ويحل تحلية غلاف المصحف المنفصل عنه بالفضة للرجل والمرأة , وأما بالذهب قال المجموع : فحرام بلا خلاف نص عليه الشافعى والأصحاب , أى وإنما لم يجز للمرأة ذلك لأنه ليس حلية للمصحف .أ. هـ فليرجع قول المتن , آخر كلام التحفة وحواشيها .
وذكر الموفق الدين بن قدامة فى المغنى أن القاضى قال بإباحة علاقة المصحف ذهبا أو فضة للنساء خاصة , قال : وليس بجيد , لأن حلية المرأة ما لبسته وتحلت به فى بدننها أو ثيابها , وما عداه فحكمه حكم الأوانى لا يباح للنساء منه إلا ما أبيح للرجال , ولو أبيح لها ذلك لأبيح علاقة الأوانى والأدراج ونحوها . ذكره ابن عقيل .
وفى الآداب عبر عنه بصيغة التضعيف فقال : ( وقيل يباح علاقته للنساء دون الرجال ولييس بصحيح لأن هذا جميعه لم ترد به السنة , ولا نقل عن السلف مع ما فيه من إضاعة المال ) . وعبارته فى الفروع : ( وقيل لا يكره تحليته للنساء )
جـ - القائلون بجواز تحلية المصاحف :
وذهب إلى القول بجواز تحلية المصاحف مطلقا جمهور الحنفية , وهو اختيار أبى حنيفة , وفى أحد قولى محمد على ما ذكره قاضى خان , وحكاه الكاسانى وابن البزاز رواية عن أبى يوسف , وهو الذى جزم به ابن الهمام , والعينى , والحصفكى لما فيه من تعظيمه كما فى نقش المسجد , كذا قال .
وذكر ابن عابدين جواز تحلية المصحف بالنقدين خلافا لأبى يوسف , وهو المشهور من مذهب مالك , بل قال فى البيان :( قال الإمام القاضى : ولا اختلاف أحفظه فى إجازة تحلية المصحف بالفضة , وأما تحليته بالذهب فأجيز وكره , وظاهر ما فى الموطأ إجازته , وقد أقام إجازة ذلك بعض العلماء من حديث فرض الصلاة قوله فيه: " فنزل جبريل ففرج صدرى ثم غسله بماء زمزم , ثم جاء بسطت من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغه فى صدرى ثم أطبقه " . والمعنى فى إقامة ذلك منه خفى وقد نبثه فى موضعه ..
وذكر الونشريسى فى المعيار جواز التحلية بالنقدين على المشهور فى مذهب مالك , وجزم به ابن جزى فى قوانينه , وعده الخرشى المشهور فى المذهب إذا كان على جلده الخارجى , ومال إلى جوازه من الداخل أيضا دون تجزئته وتعشيره فيكره , وجوز البرزلى كتابة المصحف بالذهب على ما ذكره العدوى فى حاشيته على الخرشى, وجزم الخرشى أيضا بجواز تحلية المصحف بالذهب , وحكى
الزرقانى الجواز فى المصحف خاصة . وهو الذى اختاره خليل , وصرح به شراحه كالحطاب فى المواهب , وصاحب الجواهر , وذكره الدردير فى الشرح الصغير , وتابعه الصاوى فى حاشيته عليه .
وجوز النفراوى تحلية المصحف من الخارج بالنقدين , وكرهها من الداخل , وكذا كره كتابته وتعشيره بهما , وذكر فى الروضة الحل مطلقا وجها ثالثا عند الشافعية . وهو رواية عن الإمام أحمد على ما ذكره ابن مفلح فى آدابه وفروعه وفاقا لأبى حنيفة قال : كتطييبه , نص عليه ككيسه الحرير نقله الجماعة .
وقال القاضى وغيره : (المسأله محمولة على أن ذلك قدر يسير ومثل ذلك لا يحرم , كالطراز , والذيل , والجيب . كذا قالوا ).
د- تمويه المصاحف بالنقدين :
ومنع جمهور أهل العلم التمويه بالنقدين , ولم يسلموا قياسه على التحلية خلافا للحنفية , وبعض الشافعية فى جواز التمويه .
قال ابن الزاز الحنفى : ( وأما التمويه الذى لا يخلص منه شئ لا بأس إجماعا ) .
والظاهر أنه أراد بالأجماع إجماع فقهاء الحنفية , لأن القائلين بمنع التحلية يقولون بمنع التموية من طريق الأولى , بل صرح الهيتمى الشافعى بمنع قياس التمويه على التحلية فقال : ( تنبيه – يؤخذ من تعبيرهم بالتحلية المار الفرق بينهما وبين التمويه , حرمة التمويه هنا بذهب أو فضة مطلقا لما فيه من إضاعة المال , فإن قلت : العلة الإكرام وهو حاصل بكل , قلت : لكنه فى التحلية لم يخلفه محظور بخلافه فى التمويه لما فيه من إضاعة المال وإن حصل منه شئ , فإن قلت : يؤيد الإطلاق قول الغزالى : من كتب القرآن بالذهب فقد أحسن , ولا زكاة عليه . قلت يفرق بأنه يغتفر فى إكرام حروف القرآن ما لا يغتفر فى نحو ورقة وجلده , على أنه لا يتأتى إكرامها إلا بذلك فكان مضطرا إليه فيه , بخلافه فى غيرها يمكن الإكرام فيه بالتحلية فلم يحتج للتمويه فيه رأسا ).
وقيد العبادى حرمة المموة فى حق الرجل بما إذا كان يحصل منه شئ بالعرض على النار وإلا فلا يمكن غير الحل , لأنه لا يزيد على الأناء المموه الذى لا يحصل منه شئ بالعرض على النار مهع أنه يحل استعماله للرجل كما تقدم فى باب الأجتهاد كذا قال , وتعقب قول التحفة بحرمة التمويه فقال : ( الوجه عدم الحرمة , وإضاعة المال لغرض جائزة " م ر" ).
هـ - كتابة المصحف بالذهب :
حكى أبو عبيد فى الفضائل وابن أبى داود فى المصاحف عن إبراهيم النخعى أنه كان يكره أن تكتب المصاحف بالذهب .
وحكى الطرطوشى فى الحوادث والبدع كراهة كتابة المصاحف بالذهب عن الإمام مالك , وهو الذى صرح به جمهور فقهاء المالكية خلافا للبرزلى فى عدم الكراهة .
وقد صرح ابن الزغوانى من أصحابنا الحنابلة بتحريم كتابة الذهب حيث نقل غير واحد من الأصحاب قوله : ( يحرم كتبه بذهب لأنه من زخرفة المصحف ويؤمر بحكه , فإن كان تجمع منه ما يتمول الزكاه ), ولم يذكر أصحابنا ما يخالفه مما يشعر بموافقتهم له وإقرارهم لفتواه . وهو الذى نقله ابن القيم فى بدائع الفوائد , وابن مفلح فى الفروع , وابن رجب فى طبقاته , وصاحب المبدع , والبهوتى فى الكشاف وشرح المنتهى .
ومع أن أبا حامد الغزالى فى الإحياء قد استشهد بحديث أبى الدرداء فى معرض الإنكار على المكغترين , إلا أنه ذكر فى فتاويه خلاف ذلك , حيث أفتى بأن من كتب القرآن بالذهب فقد أحسن , ولا زكاة عليه على ما نقله النووى فى الروضة والأنصارى فى أسنى المطالب , والهيتمى فى التحفة , والعبادى والشروانى فى حواشيهما عليها . وتعقب العبادى نقل التحفة قول الغزالى من كتب القرآن بالذهب أى وإن لم يحصل بالكتابة شئ بالعرض على النار , وظاهره عد الفرق فى ذلك بين كتابته للرجل أو المرأة وهو كذلك , وإن نازع فيه الأذرعى شرح الرملى .
و- زكاة حلية المصاحف :
ولأهل العلم فى وجوب زكاة حلية المصحف قولان فى الجملة :
أحدهما : الوجوب وهو مذهب الحنفية ,.................
والشافعية , والحنابلة , وبه جزم ابن حزم فى المحلى .
والقول الثانى : أن الزكاة غير واجبة فى الحلية المذكورة , وهو مذهب المالكية وبه أفتى الغزالى من الشافعية , وفرق قوم بين ما تباح تحليته وبين ما تحرم , فأوجبوا الزكاة فى الثانى دون الأول , وهو اختيار ابن جزى المالكى).[المتحف فى أحكام المصحف:256-271] قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ (م):(تذهيب المصحف
مر فى المسألة تحلية المصحف من هذا البحث ذكر اختلاف العلماء فى شأن استعمال الذهب فى المصاحف وتبين ثم أن الجمهور على القول بالنع من استعمال الذهب فى المحف مطلقا لا فرق عندهم بين كون التذهيب فى الحروف أو على الزخرفة أو التحلية كما يستوى فى المنع كون التذهيب فى داخل المصحف أو خارجه على جلده ولا فرق أيضا عند الجمهور فى المنع بين كون التذهيب فى مصاحف الرجال أو النساء لن الوعيد الذى تضمنته الآثار الواردة فى هذا الشأن يتناول بعمومه ذلك كله , ولأن التذهيب لو كان مشروعا لفعلته الصحابة فى المصحف الإمام , ثم إن التذهيب من زينة الدنيا وما هذا سبيله تتعين صيانته المصحف عنه كالمسجد . والله أعلم بالصواب). [المتحف فى أحكام المصحف:278]