جمهرة تفاسير السلف
تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني ابن لهيعة، عن ابن عجلان، عن أبي عبيد أن كعبا دخل كنيسة فأعجبه حسنها، فقال:«أحسن عملٍ وأضل قومٍ رضيت لهم بالفلق»، قيل: وما الفلق، قال: «بيتٌ في جهنم إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره»). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 28]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرنا أبو صخر عن القرظي أنه كان يقول في هذه الآية: {قل أعوذ برب الفلق}، يقول: «فالق الحب والنوى، فالق الإصباح»؛ وقال في: {غاسقٍ إذا وقب}: «النهار إذا دخل في الليل»). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 77]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله: {الفلق}؛ قال:«هو فلق الصبح»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 408]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {الفلق}: «الصّبح»). [صحيح البخاري: 6 / 181]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: وقَالَ مُجَاهِدٌ: {الفَلَقُ}؛ «الصُّبْحُ»، وصَلَهُ الفِرْيَابِيُّ من طَرِيقِهِ وكذا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ). [فتح الباري: 8 / 741]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مجاهد:«{الفلق}؛ الصّبح، {غاسق}: اللّيل، {إذا وقب}؛ غروب الشّمس»
قال الفريابيّ: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: الفلق {بربّ الفلق}؛ قال: «فلق الصّبح»). [تغليق التعليق: 4 / 381]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِيمَا وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ: «{الْفَلَقُ}؛ الصُّبْحُ»؛ لأَنَّ اللَّيْلَ يُفْلَقُ عَنْهُ وَيُفْرَقُ؛ فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَيْ: مَفْلُوقٍ، وَتَخْصِيصُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغَيُّرِ الْحَالِ، وَتَبَدُّلِ وَحْشَةِ اللَّيْلِ بِسُرُورِ النُّورِ، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ مَا يَفْلِقُهُ اللَّهُ كَالأَرْضِ عَنِ النَّبَاتِ وَالسَّحَابِ عَنِ الْمَطَرِ وَالأَرْحَامِ عَنِ الأَوُلاَدِ، وَثَبَتَ قَوْلُهُ: {الْفَلَقُ}؛ الصُّبْحُ لأَبِي ذَرٍّ وَسَقَطَ لِغَيْرِهِ). [إرشاد الساري: 7 / 441]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (يقال: أبين من فرق وفلق الصّبح). [صحيح البخاري: 6 / 181] (م)
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: يُقَالُ: أَبْيَنُ مِنْ فَرَقِ وفَلَقِ الصُّبْحِ هُو قولُ الفَرَّاءِ ولَفْظُهُ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} الفَلَقُ الصُّبْحُ، وهُو أَبْيَنُ مِنْ فَلَقِ الصُّبْحِ وفَرَقِ الصُّبْحِ). [فتح الباري: 8 / 741]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( يُقَالُ: أَبْيَنُ مِنْ فَرَقِ وَفَلَقِ الصُّبْحِ، الأَوَّلُ بِالرَّاءِ وَالثَّانِي بِاللاَّمِ). [إرشاد الساري: 7 / 441]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وَالْفَلَقُ: الصُّبْحُ كَذَا رُوِيَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْهُ: «سِجْنٌ فِي جَهَنَّمَ»، وَعَنِ السُّدِّيِّ: «جُبٌّ فِي جَهَنَّمَ»، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَرْفَعُهُ بِسَنَدٍ لاَ بَأْسَ بِهِ:«الْفَلَقُ جُبٌّ فِي جَهَنَّمَ مُغَطًّى»، وَعَنْ كَعْبٍ: «الْجُبُّ بَيْتٌ فِي جَهَنَّمَ إِذَا فُتِحَ صَاحَ أَهْلُ النَّارِ مِنْ شَرِّ حَرِّهِ»، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ). [عمدة القاري: 20 / 10]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لنبيِّه محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قلْ يَا محمدُ: أَسْتَجِيرُ برَبِّ الفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ مِن الخَلْقِ.
واخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ في معنى الفَلَقِ؛ فقَالَ بَعْضُهُم: هو سِجْنٌ في جَهَنَّمَ يُسَمَّى هذا الاسْمَ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي الحسَيْنُ بنُ يَزِيدَ الطَّحَّانُ، قالَ: ثَنَا عبدُ السلامِ بنُ حَرْبٍ، عن إسحاقَ بنِ عبدِ اللهِ، عمَّنْ حَدَّثَه عن ابنِ عبَّاسٍ, قالَ: {الفَلَقُ}: «سِجْنٌ في جَهَنَّمَ».
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا أبو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قالَ: ثَنَا عبدُ السلامِ بنُ حَرْبٍ، عن إسحاقَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ أبي فَرْوَةَ, عن رجلٍ, عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {الفَلَقِ}؛ قال: «سِجْنٌ في جَهَنَّمَ».
- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ، قالَ: أَخْبَرَنَا العَوَّامُ عنْ عبدِ الجبَّارِ الخَوْلاَنِيُّ، قالَ: قَدِمَ رجلٌ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الشامَ، قالَ: فنَظَرَ إلى دُورِ أهلِ الذِّمَّةِ، وما هم فيه من العَيْشِ والنضَارَةِ، وما وُسِّعَ عليهم في دُنياهم، قالَ: فقالَ: لا أُبالي، ألَيْسَ مِن ورائِهِم الفَلَقُ؟ قالَ: قِيلَ وما الفَلَقُ؟ قالَ: بيتٌ في جهنَّمَ، إذَا فُتِحَ هَرَّ أهلُ النارِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا عبدُ الرحمنِ، قالَ: ثَنَا سُفيانُ، قالَ: سَمِعْتُ السُّدِّيَّ يقولُ: «الفَلَقُ: جُبٌّ في جَهَنَّمَ».
- حَدَّثَنِي عليُّ بنُ حَسَنٍ الأَزْدِيُّ، قالَ: ثَنَا الأَشْجَعِيُّ، عن سُفْيَانَ، عن السُّدِّيِّ، مِثلَه.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سُفْيَانَ، عن السُّدِّيِّ، مثلَه.
- حَدَّثَنِي إسحاقُ بنُ وَهْبٍ الواسِطِيُّ، قالَ: ثَنَا مسعودُ بنُ موسَى بنِ مُشْكَانَ الواسِطِيُّ، قالَ: ثَنَا نَصْرُ بنُ خُزَيْمَةَ الخُرَاسَانِيُّ، عن شُعَيْبِ بنِ صَفْوَانَ، عن محمدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ، عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قالَ: «الْفَلَقُ: جُبٌّ فِي جَهَنَّمَ مُغَطًّى».
- حَدَّثَنَا ابنُ البَرْقِيُّ، قالَ: ثَنَا ابنُ أبي مَرْيَمَ، قالَ: ثَنَا نافِعُ بنُ يَزِيدَ، قالَ: ثَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي أُسَيْدٍ، عن ابنِ عَجْلانَ، عن أبي عُبَيْدٍ، عن كَعْبٍ، أنَّه دخَلَ كَنِيسَةً فأَعْجَبَه حُسْنُها، فقالَ: «أَحْسَنُ عَمَلٍ وأضَلُّ قَوْمٍ، رَضِيتُ لَكُمُ الفَلَقَ».
قِيلَ: وما الفَلَقُ؟ قالَ: «بيتٌ في جَهَنَّمَ, إِذَا فُتِحَ صاحَ جَمِيعُ أهْلِ النارِ مِن شِدَّةِ حَرِّهِ ».
وقالَ آخَرُونَ: هو اسْمٌ مِن أسماءِ جَهَنَّمَ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، قالَ: سَمِعْتُ خُثيمَ بنَ عَبْدِ اللهِ يقولُ: سَأَلْتُ أبا عبدِ الرَّحْمَنِ الحُبُلِيَّ، عن الفَلَقِ، قالَ: «هي جَهَنَّمُ».
وقالَ آخَرُونَ: الفَلَقُ: الصُّبْحُ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، قالَ: ثَنِي أَبِي، قالَ: ثَنِي عَمِّي، قالَ: ثَنِي أَبِي، عن أبيه, عن ابنِ عبَّاسٍ: {أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}؛ قالَ:«الفَلَقُ: الصبحُ».
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا ابنُ أبي عَدِيٍّ، قالَ: أنبأَنَا عَوْفٌ، عن الحسَنِ، في هذه الآيَةِ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}؛ قالَ:«الفلقُ: الصبْحُ».
قالَ: ثَنَا عبدُ الرحمنِ، قالَ: ثَنَا سُفيانُ، عن سالِمٍ الأَفْطَسِ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، قالَ: «الفلَقُ الصبحُ».
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ؛ وحَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ, جميعاً عن سُفْيَانَ، عن سالِمٍ الأَفْطَسِ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، مثلَه.
- حَدَّثَنِي عليُّ بنُ الحسَنِ الأَزْدِيُّ، قالَ: ثَنَا الأَشْجَعِيُّ، عن سُفْيَانَ، عن سالِمٍ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، مثلَه.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عن الحسَنِ بنِ صالِحٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ محمدِ بنِ عُقَيْلٍ، عن جَابِرٍ، قالَ: {الفَلَقُ}: «الصبْحُ».
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا أبو أحمدَ، قالَ: ثَنَا الحسَنُ بنُ صالِحٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ محمدِ بنِ عُقَيْلٍ، عن جَابِرِ بنِ عبدِ اللهِ، مِثْلَه.
- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، قالَ: أَخْبَرَنَا أبو صَخْرٍ، عن القُرَظِيِّ، أنَّه كان يقولُ في هذه الآيَةِ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}؛ يقولُ: «فالِقِ الحَبِّ والنوَى»، وقرأ: {فالِقِ الإصباحِ}.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، قالَ: ثَنَا أبو عاصم، قالَ: ثَنَا عيسى؛ وحَدَّثَنِي الحَارِثُ، قالَ: ثَنَا الحسَنُ، قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مُجَاهِدٍ، في قَوْلِهِ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}؛ قالَ: «الصبْحِ».
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قالَ: ثَنَا سعيدٌ، عن قَتَادَةَ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}؛ قالَ: «الفلَقُ: فلَقُ النهارِ».
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلى، قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عن مَعْمَرٍ، عن قَتَادَةَ، قالَ: {الفلقُ}: «فلَقُ الصبْحِ».
- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قَوْلِ اللهِ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}؛ قِيلَ له: فَلَقُ الصبْحِ؟ قالَ:«نعمْ».
وقَرَأَ: {فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَاعِلُ اللَّيْلِ سَكَناً}.
وقالَ آخَرُونَ: الفلقُ: الخَلْقُ، ومعنى الكلامِ: قلْ أُعوذُ بربِّ الخَلْقِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي عليٌّ، قالَ: ثنا أبو صالِحٍ، قالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ، في قَوْلِهِ: {الْفَلَقِ}: «يعني: الخَلْقِ».
والصَّوَابُ مِنَ القَوْلِ في ذلك، أن يقالَ: إن اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أمَرَ نبيَّه محمداً [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] أن يقولَ: {أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}.
والفَلَقُ في كلامِ العربِ: فلَقُ الصبحِ، تقولُ العربُ: هو أبْيَنُ مِن فَلَقِ الصبحِ، ومِن فَرَقِ الصبْحِ.
وجائِزٌ أن يكونَ في جهنَّمَ سِجْنٌ اسْمُه فلَقٌ.
وإذا كانَ ذلك كذلك، ولم يَكُنْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَضَعَ دَلاَلَةً على أنَّه عنَى بقَوْلِهِ: {بِرَبِّ الْفَلَقِ} بعضُ ما يُدْعَى الفلقَ دونَ بعضٍ، وكانَ اللهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ ربَّ كلِّ ما خَلَقَ مِن شيءٍ، وَجَبَ أن يكون مَعْنِيًّا به كلُّ ما اسْمُه الفَلَقُ؛ إذْ كانَ رَبَّ جَمِيعِ ذلك). [جامع البيان: 24/ 741-745]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: نا آدم، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال:«{الفلق}؛ الصبح»). [تفسير مجاهد: 2/ 796]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال أبو يعلى: حدثنا خليفة بن خيّاطٍ، ثنا محمّد بن عثمان، ثنا مغلسٌ الخراسانيّ، عن أيّوب بن يزيد، عن أبي رزينٍ، عن عمرو بن عبسة -رضي الله عنه- قال: إنّ النّبيّ [صلّى اللّه عليه وسلّم] قرأ في الصّبح: {قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ بربّ النّاس}، وقال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: «الفلق: جهنّم»). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/ 481] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ عَن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «إِذَا قَرَأْتَ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} فَقُلْ: أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَإِذَا قَرَأْتَ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}[النَّاس:1] فَقُلْ: أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ»). [الدر المنثور: 15 / 791]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَرَأَ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}؛ فَقَالَ: «يَا ابْنَ عَبَسَةَ, أَتَدْرِي مَا الْفَلَقُ؟» قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «بِئْرٌ فِي جَهَنَّمَ إِذَا سُعِّرَتْ البِئْرُ ففيها سَعْرُ جَهَنَّمَ، وإنَّ جَهَنَّمَ لَتَأَذَّى بِهَا كَمَا يَتَأَذَّى بَنُو آدَمَ مِنْ جَهَنَّمَ» ). [الدر المنثور: 15 / 796]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِن وِجهٍ آخَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ:«الْفَلَقُ بِئْرٌ فِي جَهَنَّمَ إِذَا سُعِّرَتْ جَهَنَّمُ فَمِنْهُ تُسَعَّرُ، وإنَّهَا لَتَتَأَذَّى بِهِ كَمَا يَتَأَذَّى بَنُو آدَمَ مِنْ جَهَنَّمَ»). [الدر المنثور: 15 / 796]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اقْرَأْ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، هَلْ تَدْرِي مَا الْفَلَقُ؟ بَابٌ فِي النَّارِ إِذَا فُتِحَ سُعِّرَتْ جَهَنَّمُ» ). [الدر المنثور: 15 / 796]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ والدَّيْلَمِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، قَالَ: «هُوَ سِجْنٌ فِي جَهَنَّمَ يُحْبَسُ فِيهِ الْجَبَّارُونَ وَالْمُتَكَبِّرُونَ، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَتَعَوَّذُ بِاللَّهِ مِنْهُ» ). [الدر المنثور: 15 / 796]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْفَلَقُ جُبٌّ فِي جَهَنَّمَ مُغَطًّى » ). [الدر المنثور: 15 / 796]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الفَلَقُ سِجْنٌ في جَهَنَّمَ»). [الدر المنثور: 15 / 797]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ آبَائِهِ قَالَ: «الفَلَقُ جُبٌّ فِي قَعْرِ جَهَنَّمَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ، فَإِذَا كُشِفَ عَنْهُ خَرَجَتْ مِنْهُ نَارٌ تَصِيحُ مِنْهُ جَهَنَّمُ مِنْ شِدَّةِ حَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ»). [الدر المنثور: 15 / 797]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عن كعبٍ قَالَ: «{الفَلَقُ}؛ بيتٌ في جَهَنَّمَ إذَا فُتحَ صاحَ أهلُ النارِ مِن شِدةِ حرِّهِ»). [الدر المنثور: 15 / 797]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عن أَبِي عَبْدِ الرحمنِ الْحُبُلِّيِّ، قَالَ: {الفَلَقُ}؛ «جَهَنَّمُ»). [الدر المنثور: 15 / 797]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وابْنُ مَرْدُويَهْ عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: {الفَلَقُ}؛ «الصُّبْحُ»). [الدر المنثور: 15 / 797]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: {الفَلَقُ}؛ «الصُّبْحُ»). [الدر المنثور: 15 / 798]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( وَأَخْرَجَ الطَّسْتِيُّ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ , أَنَّ نَافِعَ بْنَ الأَزْرَقِ قَالَ لَهُ: «أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}»؛ قَالَ:«أَعُوذُ بِرَبِّ الصُّبْحِ إِذَا انْفَلَقَ عَنْ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ». قَالَ: «وَهَلْ تَعْرِفُ الْعَرَبُ ذَلِكَ؟» قَالَ: «نَعَمْ»، أَمَا سَمِعْتَ زُهَيْرَ بْنَ أَبِي سُلْمَى وهو يَقُولُ:
الفَارِجُ الْهَمَّ مَسْدُولاً عَسَاكِرُهُ ....... كَمَا يُفَرِّجُ غَمَّ الظُّلْمَةِ الْفَلَقُ).
[الدر المنثور: 15 / 798]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: {الفَلَقُ}؛ «الْخَلْقُ»). [الدر المنثور: 15 / 798]
تفسير قوله تعالى: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ}؛ لأنه أَمَرَ نَبِيَّه أن يَسْتَعِيذَ مِن شَرِّ كلِّ شيءٍ؛ إذ كانَ كلُّ ما سِوَاه, فهو ما خَلَقَ). [جامع البيان: 24 / 745]
تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني حيوة بن شريح، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب أنه قال: {الغاسق إذا وقب} «الشمس إذا غربت»، «والقرية التي قال الله في كتابه»: {كانت حاضرة البحر}،«طبرية»، «والقرية التي قال الله»: {إذا أرسلنا إليهم اثنين} «أنطاكية»، «والقرية التي قال الله»: {كانت آمنة مطمئنة}، قال: «هي يثرب»). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 15]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرنا أبو صخر عن القرظي أنه كان يقول في هذه الآية: {قل أعوذ برب الفلق}، يقول: «فالق الحب والنوى، فالق الإصباح»؛ وقال في: {غاسقٍ إذا وقب}: «النهار إذا دخل في الليل»). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 77] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن الحسن، في قوله: {غاسق إذا وقب}؛ قال: «إذا أقبل إذا دخل على الناس»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 408]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة: إذا غاب إذا ذهب). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 408]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (و {غاسقٍ}: اللّيل، {إذا وقب}: غروب الشّمس، يقال: أبين من فرق وفلق الصّبح، {وقب}: إذا دخل في كلّ شيءٍ وأظلم). [صحيح البخاري: 6 / 181]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: {وَغَاسِقَ}: «اللَّيْلُ»، {إِذَا وَقَبَ}: «غُرُوبُ الشَّمْسِ»، وصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِلَفظِ: {غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}: «اللَّيْلُ إذا دَخَلَ»). [فتح الباري: 8 / 741]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: وَقَبَ إِذَا دَخَلَ في كُلِّ شَيْءٍ وأَظْلَمَ، هُو كلامُ الفَرَّاءِ أيضًا، وجاءَ في حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ أَنَّ الغَاسِقَ القَمَرُ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ والحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عن عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ- نَظَرَ إلى القَمَرِ فقَالَ: «يَا عَائِشَةُ اسْتَعِيذِي بِاللهِ مِنْ شَرِّ هَذَا» قَالَ: «هَذَا الغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ» إسنادُهُ حَسَنٌ). [فتح الباري: 8 / 741]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال ابن جرير: حدثني محمّد بن عمرو، ثنا أبو عاصم، ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: {غاسق}؛ قال: «اللّيل»، {إذا وقب}؛ قال: «إذا دخل»). [تغليق التعليق: 4 / 381]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {الْفَلَقُ}: «الصُّبْحُ». {وَغَاسِقٌ}: «اللَّيْلُ»، {إِذَا وَقَبَ}: «غُرُوبُ الشَّمْسِ». يُقَالُ: أَبْيَنُ مِنْ فَرَقِ وَفَلَقِ الصُّبْحِ. وَقَبَ: إِذَا دَخَلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَأَظْلَمَ).
أَيْ: قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ أَنَّ« الْغَاسِقَ: اللَّيْلُ. وَإِذَا وَقَبَ: غُرُوبُ الشَّمْسِ». وَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَوَقَبَ مِنَ الْوُقُوبِ وَهُوَ غُرُوبُ الشَّمْسِ وَالدُّخُولُ فِي مَوْضِعِهَا، وَيُقَالُ: وَقَبَ إِذَا دَخَلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَأَظْلَمَ، وَهُوَ كَلاَمُ الْفَرَّاءِ وَكَذَا قَوْلُهُ: يُقَالُ: أَبْيَنُ مِنْ فَرَقِ وَفَلَقِ الصُّبْحِ مِنْ كَلاَمِ الْفِرَاءِ). [عمدة القاري: 20 / 10]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وَغَاسِقٍ) بِالرَّفْعِ وَبِالْجَرِّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْتَنْزِيلِ (اللَّيْلُ) أَيِ: الْعَظِيمُ ظَلاَمُهُ (إِذَا وَقَبَ) أَيْ: (غُرُوبُ الشَّمْسِ) ). [إرشاد الساري: 7/ 441]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( وَقَبَ إِذَا دَخَلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَأَظْلَمَ، بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ الْقَمَرُ فَإِنَّهُ يَكْسِفُ فَيَغْسِقُ وَوُقُوبُهُ دُخُولُهُ فِي الْكُسُوفِ، وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، وَالْحَاكِمِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهَا، فَأَرَاهَا الْقَمَرَ حِينَ طَلَعَ، وَقَالَ: «تَعَوَّذِي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الْغَاسِقِ إِذَا وَقَبَ». قَالَ فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ: لَمَّا سُحِرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اسْتَشْفَى بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ؛ لأَنَّهُمَا مِنَ الْجَوَامِعِ فِي هَذَا الْبَابِ فَتَأَمَّلْ فِي أُولاَهُمَا كَيْفَ خَصَّ وَصْفَ الْمُسْتَعَاذِ بِهِ {بِرَبِّ الْفَلَقِ}؛ أَيْ بِفَالِقِ الإِصْبَاحِ؛ لأنَّ هَذَا الْوَقْتَ وَقْتُ فَيَضَانِ الأَنْوَارِ وَنُزُولِ الْخَيْرَاتِ وَالْبَرَكَاتِ، وَخَصَّ الْمُسْتَعَاذَ مِنْهُ بِمَا خَلَقَ، فَابْتَدَأَ بِالْعَامِّ فِي قَوْلِهِ: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ}؛ أَيْ: مِنْ شَرِّ خَلْقِهِ ثُمَّ ثَنَّى بِالْعَطْفِ عَلَيْهِ مَا هُوَ شَرُّهُ أَخْفَى؛ وهو نَقِيضُ انْفِلاَقِ الصُّبْحِ مِنْ دُخُولِ الظَّلاَمِ وَاعْتِكَارِهِ الْمَعْنِيِّ بِقَوْلِهِ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ لأَنَّ إِثْبَاتَ الشَّرِّ فيه أَكْثَرُ، وَالتَّحَرُّزَ منه أَصْعَبُ، ومنه قَوْلُهُمُ: اللَّيْلُ أَخْفَى لِلْوَيْلِ). [إرشاد الساري: 7 / 441]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الملك بن عمرٍو العقديّ، عن ابن أبي ذئبٍ، عن الحارث بن عبد الرّحمن، عن أبي سلمة، عن عائشة، أنّ النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- نظر إلى القمر، فقال: «يا عائشة استعيذي باللّه من شرّ هذا، فإنّ هذا هو الغاسق إذا وقب».
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5/ 310]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ يقولُ: «ومِنْ شَرِّ مُظْلِمٍ إِذَا دَخَلَ، وهَجَمَ علينا بظلامِهِ».
ثم اخْتَلَفَ أهلُ التأويلِ في المُظْلِمِ الذي عُنِيَ في هذه الآيَةِ، وأُمِرَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالاستعاذَةِ مِنه؛ فقَالَ بَعْضُهُم: هو الليلُ إذا أَظْلَمَ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، قالَ: ثَنِي أَبِي، قالَ: ثَنِي عَمِّي، قالَ: ثَنِي أَبِي، عن أبيه، عن ابنِ عبَّاسٍ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قالَ: «الليلِ».
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا ابنُ أبي عَدِيٍّ، قالَ: أنْبَأَنَا عَوْفٌ، عن الحَسَنِ، في قَوْلِهِ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قالَ: «أوَّلِ الليلِ إذا أَظْلَمَ».
- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، قالَ: ثَنَا أبو صَخْرٍ، عن القُرَظِيِّ، أنَّه كانَ يقولُ في: {غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ يقولُ:«النهارِ إذا دَخَلَ في الليلِ».
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سُفْيَانَ، عن رجلٍ مِن أهلِ المدينةِ، عن محمدِ بنِ كَعْبٍ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قالَ: «هو غروبُ الشمسِ إذا جاءَ الليلُ، إِذَا وَجَبَ».
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ، قالَ: ثَنَا عيسَى؛ وحَدَّثَنِي الحَارِثُ، قالَ: ثَنَا الحسَنُ، قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مُجَاهِدٍ، قولَه: {غَاسِقٍ}؛ قالَ: «الليلِ»، {إِذَا وَقَبَ}؛ قالَ: «إذَا دخَلَ».
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلى، قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عن مَعْمَرٍ، عن الحَسَنِ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قالَ:«الليلِ إذَا أَقْبَلَ».
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قالَ: ثَنَا سعيدٌ، عن قَتَادَةَ، عن الحسنِ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قالَ: «إذا جَاءَ».
- حَدَّثَنِي عليٌّ، قالَ: ثَنَا أبو صالِحٍ، قالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قولَه: {إِذَا وَقَبَ}؛ يقولُ: «إذا أَقْبَلَ».
وقالَ بعضُهم: هو النهارُ إذَا دَخَلَ في الليلِ، وقد ذَكَرْنَاه قَبْلُ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سُفْيَانَ، عن رجلٍ مِن أهلِ المدينَةِ، عن محمدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قالَ: «هو غروبُ الشمْسِ إذَا جاءَ الليلُ، إذَا وَجَبَ».
وقالَ آخَرُونَ: هو كوكبٌ. وكانَ بعضُهم يقولُ: ذلك الكوكبُ هو الثُّرَيَّا.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنَا مُجاهدُ بنُ موسَى، قالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قالَ: أخبَرَنا سليمانُ بنُ حَيَّانَ، عن أبي الْمُهَزِّمِ، عن أبي هريرةَ في قَوْلِهِ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قالَ: «كَوْكَبٌ».
- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قَوْلِهِ: {غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قالَ: «كانَتِ العرَبُ تَقُولُ: الغاسِقُ: سُقُوطُ الثُّرَيَّا، وكانَت الأسقَامُ والطَوَاعِينُ تَكْثُرُ عندَ وُقُوعِها، وتَرْتَفِعُ عندَ طُلُوعِها».
ولقائِلِي هذا القوْلِ عِلَّةٌ مِن أَثَرٍ عن النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهو ما حَدَّثَنَا به نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ، قالَ: ثَنَا بَكَّارُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أخِي هَمَّامٍ، قالَ: ثَنَا محمدُ بنُ عبدِ العزيزِ بنِ عمرَ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ عَوْفٍ، عن أبيه، عن أبي سَلَمَةَ، عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قالَ:« النجْمِ الغاسِقِ».
وقالَ آخَرُونَ: بل الغاسِقُ إِذَا وَقَبَ: القَمَرُ، ورَوَوْا بذلك عن النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خبراً.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ؛ وحَدَّثَنَا ابنُ سُفْيَانَ، قالَ: ثَنَا أبي ويَزِيدُ بنُ هارونَ به.
- وحَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سُفْيَانَ، عن محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ أبي ذِئْبٍ، عن خالِه الحارِثِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن أبي سَلَمَةَ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن عائِشَةَ, قالت: أَخَذَ النبيُّ [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] بِيَدِي، ثم نَظَرَ إلى القمَرَ، فقالَ: «يَا عائِشَةُ، تَعَوَّذِي باللهِ مِن شرِّ غاسِقٍ إِذَا وَقَبَ، وهَذَا غَاسِقٌ إِذَا وَقَبَ ».
وهذا لفْظُ حديثِ أبي كُرَيْبٍ وابنِ وَكِيعٍ.
وأمَّا ابنُ حُمَيْدٍ، فإنه قالَ في حديثِه: قالت: أخَذَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيَدِي، فقالَ: «أَتَدْرِينَ أَيُّ شَيْءٍ هَذَا؟ تَعَوَّذِي باللهِ مِنْ شَرِّ هَذَا؛ فَإِنَّ هَذَا الْغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ ».
- حَدَّثَنَا محمدُ بنُ سِنانٍ، قالَ: ثَنَا أبو عامِرٍ، قالَ: ثَنَا ابنُ أَبِي ذِئْبٍ، عن الحارِثِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن عائِشَةَ، أن النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، نَظَرَ إلى القمَرِ فقالَ: «يَا عَائِشَةُ، اسْتَعِيذِي بِاللهِ مِنْ شَرِّ هَذَا؛ فَإِنَّ هَذَا الْغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ».
وأوْلى الأقوالِ في ذلك عندِي بالصوابِ، أن يُقالَ: إنَّ اللهَ أمَرَ نبيَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يَسْتَعِيذَ {مِنْ شَرِّ غَاسِقٍ} وهو الذي يُظْلِمُ، يقالُ: قد غَسَقَ الليلُ يَغْسِقُ غُسُوقاً: إذا أظلَمَ.
{إِذَا وَقَبَ}؛ يعني: إذا دَخَلَ في ظلامِه؛ والليلُ إذا دَخَلَ في ظلامِه غاسِقٌ، والنجمُ إذا أفَلَ غاسِقٌ، والقمرُ غاسِقٌ إِذَا وَقَبَ.
ولم يَخْصُصْ بعضُ ذلك بل عَمَّ الأمرُ بذلك، فكلُّ غاسِقٍ؛ فإنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ يُؤْمَرُ بالاستعاذةِ مِن شرِّهِ إِذَا وَقَبَ.
وكانَ قَتَادَةُ يقولُ في معنى وَقَبَ: ذَهَبَ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلى، قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عن مَعْمَرٍ، عن قَتَادَةَ: {غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قالَ:«إِذَا ذَهَبَ».
ولستُ أعْرِفُ ما قالَ قتادَةُ في ذلك في كلامِ العربِ، بل المعروفُ مِن كلامِها مِن معنَى وَقَبَ: دَخَلَ). [جامع البيان: 24 / 745-749]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {ومن شر غاسق إذا وقب}؛ قال: «الغاسق هو الليل إذا وقب يعني إذا دخل يعني غروب الشمس»). [تفسير مجاهد: 2/ 796]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو جعفرٍ أحمد بن عبيد بن إبراهيم الحافظ بهمذان، ثنا إبراهيم بن الحسين، ثنا آدم بن أبي إياسٍ، ثنا ابن أبي ذئبٍ، عن خاله الحارث بن عبد الرّحمن، عن أبي سلمة، عن عائشة -رضي اللّه عنها-، أنّ رسول اللّه -صلّى الله عليه وسلّم- أخذ بيدها فأشار بها إلى القمر فقال: «استعيذي باللّه من شرّ هذا، فإنّه الغاسق إذا وقب» صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2 / 589]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) عائشة - رضي الله عنها - قالت: إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نظر إلى القمر فقال: «يا عائشة، استعيذي بالله من شرّ هذا، فإنّ هذا هو الغاسق إذا وقب». أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
(الغاسق) الليل: ووقب: إذا طلع، وإنما سمى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القمر غاسقاً، لأنه إذا أخذ في الطلوع والمغيب يظلم لونه، لما يعرض دونه من الأبخرة المتصاعدة من الأرض عند الأفق، والغسوق: الظلام). [جامع الأصول: 2/ 445]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ والتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ والحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْماً إِلَى الْقَمَرِ لَمَّا طَلَعَ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ، اسْتَعِيذِي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا، فَإِنَّ هَذَا الْغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ» ). [الدر المنثور: 15 / 798]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيِّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] فِي قَوْلِهِ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قَالَ: «النَّجْمُ هُوَ الْغَاسِقُ، وَهُوَ الثُّرَيَّا»). [الدر المنثور: 15/ 798]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِن وِجهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «الْغَاسِقُ: الْكَوْكَبُ»). [الدر المنثور: 15 / 799]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَن ابْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قَالَ: «كَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ: الْغَاسِقُ: سُقُوطُ الثُّرَيَّا، وَكَانَتِ الأَسْقَامُ والطَّوَاعِينُ تَكْثُرُ عِنْدَ وُقُوعِهَا وَتَرْتَفِعُ عِنْدَ طُلُوعِهَا»). [الدر المنثور: 15 / 799]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «مَا طَلَعَ النَّجْمُ ذَاتَ غَدَاةٍ قَطُّ إلا رُفِعَتِ كُلُّ آفَةٍ وعَاهَةٍ أو خَفَّتْ»). [الدر المنثور: 15 / 799]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا ارْتَفَعَتِ النُّجُومُ رُفِعَتِ الْعَاهَةُ عَنْ كُلِّ بَلَدٍ» ). [الدر المنثور: 15 / 799]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَطِيَّةَ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قَالَ: «اللَّيْلِ إِذَا ذَهَبَ»). [الدر المنثور: 15 / 799]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَن ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: «الغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ: الشَّمْسُ إِذَا غَرَبَتْ»). [الدر المنثور: 15 / 799]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ : {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قَالَ: «اللَّيْلِ إِذَا أَقْبَلَ»). [الدر المنثور: 15 / 800]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الطَّسْتِيُّ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ, أَنَّ نَافِعَ بْنَ الأزرقِ قَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قَالَ: «الغَاسِقُ: الظُّلْمَةُ، والوَقَبُ: شِدَّةُ سَوَادِهِ إِذَا دَخَلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ.» قَالَ: وَهَلْ تَعْرِفُ الْعَرَبُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ». أَمَا سَمِعْتَ زُهَيْراً يَقُولُ:
ظَلَّتْ تَجُوبُ يَدَاهَا وَهْيَ لاهِيَةٌ ....... حتَّى إِذَا جَنَحَ الإِظْلامُ وَالغَسَقُ
وَقَالَ فِي الوَقَبِ:
وَقَبَ الْعَذَابُ عَلَيْهِمُ فَكَأَنَّهُمْ ....... لَحِقَتْهُمُ نَارُ السَّمَاءِ فَأُخْمِدُوا).
[الدر المنثور: 15 / 800]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ : {غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قَالَ: «اللَّيْلِ إِذَا دَخَلَ»). [الدر المنثور: 15 / 800]
تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر: تلا قتادة: {ومن شر النفاثات في العقد}؛ قال: «إياكم وما خالط السحر من هذه الرقى»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 408]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، عن هبيرة، عن ابن مسعود، قال: من أتى كاهنا فسأله وصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 408]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}؛ يقولُ: «ومِن شرِّ السواحِرِ اللاتي يَنْفُثْنَ في عُقَدِ الخَيْطِ، حينَ يَرْقِينَ عليها».
وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، قالَ: ثَنِي أَبِي، قالَ: ثَنِي عَمِّي، قالَ: ثَنِي أَبِي، عن أبيه، عن ابنِ عبَّاسٍ: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}؛ قالَ: «ما خَالَطَ السِّحْرَ مِنَ الرُّقَى».
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا ابن أبي عَدِيٍّ، عن عوْفٍ، عن الحسَنِ: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}؛ قالَ: «السواحِرِ والسَّحَرَةِ».
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلى، قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عن مَعْمَرٍ، قالَ: تلاَ قتَادَةُ: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}؛ قالَ: «إيَّاكُمْ وما خَالَطَ السِّحْرُ مِن هذه الرُّقَى».
قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عن مَعْمَرٍ، عن ابنِ طاووسٍ، عن أبيه، قالَ: «ما مِنْ شَيْءٍ أقرَبُ إلى الشرْكِ مِن رُقْيَةِ الحيةِ والمَجَانِينِ».
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قالَ: ثَنَا سعيدٌ، عن قَتَادَةَ، قالَ: كان الحسنُ يقولُ إذا جَازَ: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}؛ قالَ: «إياكُم وما خَالَطَ السحْرُ».
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سُفْيَانَ، عن جَابِرٍ، عن مُجَاهِدٍ وعِكْرِمَةَ: {النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}؛ قالَ: قالَ مُجَاهِدٌ: «الرُّقَى في عُقَدِ الخَيْطِ»؛ وقالَ عِكْرِمَةُ: «الأَخْذُ في عُقَدِ الخَيْطِ».
- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قَوْلِهِ: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}؛ قالَ: «النفاثاتُ: السواحِرُ في العُقَدِ»). [جامع البيان: 24/ 749-751]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا عليّ بن حمشاذ العدل، ثنا محمّد بن المغيرة البكريّ، ثنا القاسم بن الحكم، ثنا سفيان، عن عاصمٍ، عن زياد بن ثويبٍ، عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه-، قال: جاء النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يعودني فقال: «ألا أرقيك برقيةٍ رقاني بها جبريل عليه السّلام؟» فقلت: بلى، بأبي وأمّي. قال: «بسم اللّه أرقيك، واللّه يشفيك من كلّ داءٍ فيك من شرّ النّفّاثات في العقد، ومن شرّ حاسدٍ إذا حسد» فرقى بها ثلاث مرّاتٍ). [المستدرك: 2 / 590]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ : {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ}؛ قَالَ: «السَّاحِرَاتِ»). [الدر المنثور: 15 / 800]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ : {النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}؛ قَالَ: «مَا خَالَطَ السِّحْرَ مِن الرُّقَى»). [الدر المنثور: 15 / 800-801]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَن الضَّحَّاكِ : {النَّفَّاثَاتِ}؛ قَالَ: «السَّوَاحِرِ»). [الدر المنثور: 15 / 801]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ : {النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}؛ قَالَ: «الرُّقَى فِي عُقَدِ الخَيْطِ»). [الدر المنثور: 15 / 801]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ النسائيُّ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ، وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ فَمَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِّلَ إِلَيْهِ» ). [الدر المنثور: 15 / 801]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابنُ سَعْدٍ وابنُ مَاجَهْ والحَاكِمُ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قال: جاء النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَهُ يَعُودُني، فَقَالَ:«أَلا أَرْقِيكَ بِرُقْيَةٍ رَقَانِي بِهَا جِبْرِيلُ». فقُلْتُ: بَلَى، بِأَبِي وَأُمِّي. قَالَ: «بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ وَاللَّهُ يَشْفِيكَ مِنْ كُلِّ دَاءٍ فِيكَ، {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (3) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}». فَرَقَى بِهَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ). [الدر المنثور: 15 / 801-802]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ وَجَعاً فِي رَأْسِهِ فَأَبْطَأَ عَلَى أَصْحَابِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا الَّذِي بَطَّأَ بِكَ عَنَّا؟ فَقَالَ: «وَجَعٌ وَجَدْتُهُ فِي رَأْسِي, فَهَبَطَ عَلَيَّ جِبْرِيلُ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي ثُمَّ قَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ ـ أَوْ يُصِيبُكَ ـ وَمِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ مُعْلَنٍ أَوْ مُسَرٍّ، وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالإِنْسِ، {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}». قَالَ:«فَبَرَأْتُ» ). [الدر المنثور: 15 / 802]
تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: {ومن شر حاسد إذا حسد}؛ قال: «من شر عينه ونفسه»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 408]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن عطاء الخراساني مثل ذلك قال معمر، وسمعت ابن طاوس يحدث، عن أبيه قال: «العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين ،وإذا استغسل أحدكم فليغتسل يعني الذي أصاب بعينه يغسل قليل وجهه ولحيته وأطراف كفيه وداخلة إزاره وظهور رجليه ثم يحسو منه حسوات ثم ينفض ثلاثا على رأسه من خلفه»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 408-409]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، قال: «أقرب الرقى إلى الشرك رقية الحية ورقية المجنون»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 409]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}؛ اخْتَلَفَ أهلُ التأويلِ في الحاسِدِ الذي أُمِرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ يَسْتَعِيذَ من شَرِّ حَسَدِهِ به، فقَالَ بَعْضُهُم: «ذلك كلُّ حاسِدٍ أُمِرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يَسْتَعِيذَ مِن شَرِّ عَيْنِه ونَفْسِه».
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلى، قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عن مَعْمَرٍ، عن قَتَادَةَ: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}؛ قالَ: «من شرِّ عَيْنِه ونَفْسِه، وعن عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ مثلَ ذلك».
قالَ مَعْمَرٌ: وسَمِعْتُ ابنَ طَاووسٍ يُحَدِّثُ عن أبيه، قالَ: «العينُ حَقٌّ، ولو كانَ شيءٌ سابقَ القَدَرِ، سَبَقَتْهُ العيْنُ، وإذا اسْتُغْسِلَ أَحَدُكُم فلْيَغْتَسِلَ».
وقالَ آخَرُونَ: بل أُمِرَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بهذه الآيةِ أَنْ يَسْتَعِيذَ مِن شرِّ اليهودِ الذين حَسَدُوه.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قَوْلِهِ: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}؛ قالَ: «يهودَ، لم يَمْنَعْهُم أن يُؤْمِنُوا به إلا حَسَدُهم».
وأَوْلَى القَوْلَيْنِ بالصَّوَابِ في ذلك، قولُ مَن قالَ: أُمِرَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنْ يَسْتَعِيذَ مِن شرِّ كلِّ حاسِدٍ إذَا حَسَدَ، فعابَه أو سَحَرَه، أو بَغَاهُ سُوءاً.
وإِنَّما قُلنا: ذلك أوْلى بالصوابِ؛ لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ لم يَخْصُصْ مِن قولِهِ: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}؛ حاسداً دونَ حاسِدٍ، بلْ عَمَّ أمْرُهُ إيَّاه بالاسْتِعَاذَةِ مِن شرِّ كلِّ حاسِدٍ، فذلك على عُمُومِهِ). [جامع البيان: 24 / 751-752]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا عليّ بن حمشاذ العدل، ثنا محمّد بن المغيرة البكريّ، ثنا القاسم بن الحكم، ثنا سفيان، عن عاصمٍ، عن زياد بن ثويبٍ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: جاء النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يعودني فقال: «ألا أرقيك برقيةٍ رقاني بها جبريل عليه السّلام؟» فقلت: بلى، بأبي وأمّي. قال: «بسم اللّه أرقيك، واللّه يشفيك من كلّ داءٍ فيك من شرّ النّفّاثات في العقد، ومن شرّ حاسدٍ إذا حسد» فرقى بها ثلاث مرّاتٍ). [المستدرك: 2 / 590] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ عن الكاملِ، والبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإِيمَانِ عَن الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}؛ قَالَ: «هُوَ أَوَّلُ ذَنْبٍ كَانَ فِي السَّمَاءِ»). [الدر المنثور: 15 / 802]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَن الْحَسَنِ : {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}؛ يَعْنِي الْيَهُودَ؛ هُمْ حَسَدَةُ الإِسْلامِ). [الدر المنثور: 15 / 802]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ : {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}؛ قَالَ: «نَفْسِ ابْنِ آدَمَ وَعَيْنِهِ»). [الدر المنثور: 15 / 802]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ : {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}؛ قَالَ: «مِنْ شَرِّ عَيْنِهِ وَنَفْسِهِ»). [الدر المنثور: 15 / 802-803]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَاهُ وَهُوَ يُوعَكُ فَقَالَ: «بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ حَسَدِ حَاسِدٍ وَكُلِّ عَيْنٍ، اسْمُ اللَّهِ يَشْفِيكَ»). [الدر المنثور: 15 / 803]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اشْتَكَى فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: «بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ كُلِّ كَاهِنٍ وَحَاسِدٍ، وَاللَّهُ يَشْفِيكَ»). [الدر المنثور: 15 / 803]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِيَّاكُمْ وَالْحَسَدَ؛ فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ»). [الدر المنثور: 15 / 803]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لا يَحُلُّ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى لَعَّانٌ وَلا مَنَّانٌ وَلا بَخِيلٌ وَلا بَاغٍ وَلا حَسُودٌ» ). [الدر المنثور: 15 / 803]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ البَيْهَقِيُّ فِي (شُّعَبِ الإِيمَانِ) عَنْ أَنَسٍ قَالَ:كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] فَقَالَ: «يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ مِنْ هَذَا الْفَجِّ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ».
فَطَلَعَ رَجُلٌ مِن الأنصارِ تَنْطُفُ لِحْيَتُهُ مِنْ وُضُوئِهِ قَدْ عَلَّقَ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشمالِ فَسَلَّمَ، فَلَمَّا كَانَ مِن الغَدِ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَ ذَلِكَ، فَطَلَعَ الرَّجُلُ مِثْلَ مَرَّتِهِ الأُولَى، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضاً, فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الأُولَى.
فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَبِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ: «إِنِّي لاحَيْتُ أَبِي فَأَقْسَمْتُ أَلاَّ أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلاثاً، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَمْضِيَ الثلاثُ فَعَلْتَ». قَالَ: «نَعَمْ» -قَالَ أَنَسٌ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ ثَلاثَ لَيَالٍ فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ من الليلِ شيئًا غيرَ أنه إِذَا تَعارَّ من الليلِِ وتَقَلَّبَ عَلَى فِراشِهِ ذَكَرَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ، حَتَّى يقُومَ لِصَلاةِ الْفَجْرِ، وَإِذَا تَعارَّ من الليلِ لا يَقُولُ إِلاَّ خَيْراً- قَالَ: «فَلَمَّا مَضَتِ الثلاثُ لَيَالٍ وَكِدْتُ أَحْتَقِرُ عَمَلَهُ».
قُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ وَالِدِي غَضَبٌ وَلا هجرةٌ، ولكنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ:«يَطْلُعُ الآنَ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ». فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثلاثَ مَرَّاتٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ فَأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ؟ فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرَ عَمَلٍ. فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي فَقَالَ: «مَا هُوَ إِلاَّ مَا رَأَيْتَ غَيْرَ أَنِّي لا أَجِدُ فِي نَفْسِي عَلَى أَحَدٍ مِن الْمُسْلِمِينَ غِشًّا وَلا أَحْسُدُهُ عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «فَهَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لا تُطَاقُ»). [الدر المنثور: 15 / 803-804]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الصَّلاةُ نُورٌ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، وَالْحَسَدُ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ» ). [الدر المنثور: 15 / 805]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وابْنُ منيعٍ وابْنُ عَدِيٍّ وَأَبُو نُعَيِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ والبَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كَادَ الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْراً، وَكَادَ الْحَسَدُ أَنْ يَغْلِبَ الْقَدَرَ»). [الدر المنثور: 15 / 805]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ البَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَن الأَصْمَعِيِّ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: «الْحَاسِدُ عَدُوُّ نِعْمَتِي، مُتَسَخِّطٌ لِقَضَائِي، غَيْرُ رَاضٍ بِقِسْمَتِي الَّتِي قَسَمْتُ بَيْنَ عِبَادِي»). [الدر المنثور: 15 / 805]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ الْحَسَدَ لَيَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ» ). [الدر المنثور: 15 / 805]