العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء عم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 09:57 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة الفلق [ من الآية (1) إلى آخر السورة ]

{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)}

روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 10:29 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي من كتب تفاسير السلف [المجموعة الأولى]

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني ابن لهيعة، عن ابن عجلان، عن أبي عبيد أن كعبا دخل كنيسة فأعجبه حسنها، فقال:«أحسن عملٍ وأضل قومٍ رضيت لهم بالفلق»، قيل: وما الفلق، قال: «بيتٌ في جهنم إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره»). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 28]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرنا أبو صخر عن القرظي أنه كان يقول في هذه الآية: {قل أعوذ برب الفلق}، يقول:
«فالق الحب والنوى، فالق الإصباح»؛ وقال في: {غاسقٍ إذا وقب}: «النهار إذا دخل في الليل»). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 77]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله: {الفلق}؛ قال:
«هو فلق الصبح»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 408]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {الفلق}:
«الصّبح»). [صحيح البخاري: 6 / 181]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: وقَالَ مُجَاهِدٌ: {الفَلَقُ}؛
«الصُّبْحُ»، وصَلَهُ الفِرْيَابِيُّ من طَرِيقِهِ وكذا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ). [فتح الباري: 8 / 741]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مجاهد:
«{الفلق}؛ الصّبح، {غاسق}: اللّيل، {إذا وقب}؛ غروب الشّمس»
قال الفريابيّ: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: الفلق {بربّ الفلق}؛ قال:
«فلق الصّبح»). [تغليق التعليق: 4 / 381]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِيمَا وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ:
«{الْفَلَقُ}؛ الصُّبْحُ»؛ لأَنَّ اللَّيْلَ يُفْلَقُ عَنْهُ وَيُفْرَقُ؛ فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَيْ: مَفْلُوقٍ، وَتَخْصِيصُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغَيُّرِ الْحَالِ، وَتَبَدُّلِ وَحْشَةِ اللَّيْلِ بِسُرُورِ النُّورِ، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ مَا يَفْلِقُهُ اللَّهُ كَالأَرْضِ عَنِ النَّبَاتِ وَالسَّحَابِ عَنِ الْمَطَرِ وَالأَرْحَامِ عَنِ الأَوُلاَدِ، وَثَبَتَ قَوْلُهُ: {الْفَلَقُ}؛ الصُّبْحُ لأَبِي ذَرٍّ وَسَقَطَ لِغَيْرِهِ). [إرشاد الساري: 7 / 441]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (يقال: أبين من فرق وفلق الصّبح). [صحيح البخاري: 6 / 181] (م)
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: يُقَالُ: أَبْيَنُ مِنْ فَرَقِ وفَلَقِ الصُّبْحِ هُو قولُ الفَرَّاءِ ولَفْظُهُ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} الفَلَقُ الصُّبْحُ، وهُو أَبْيَنُ مِنْ فَلَقِ الصُّبْحِ وفَرَقِ الصُّبْحِ). [فتح الباري: 8 / 741]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( يُقَالُ: أَبْيَنُ مِنْ فَرَقِ وَفَلَقِ الصُّبْحِ، الأَوَّلُ بِالرَّاءِ وَالثَّانِي بِاللاَّمِ). [إرشاد الساري: 7 / 441]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وَالْفَلَقُ: الصُّبْحُ كَذَا رُوِيَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْهُ:
«سِجْنٌ فِي جَهَنَّمَ»، وَعَنِ السُّدِّيِّ: «جُبٌّ فِي جَهَنَّمَ»، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَرْفَعُهُ بِسَنَدٍ لاَ بَأْسَ بِهِ:«الْفَلَقُ جُبٌّ فِي جَهَنَّمَ مُغَطًّى»، وَعَنْ كَعْبٍ: «الْجُبُّ بَيْتٌ فِي جَهَنَّمَ إِذَا فُتِحَ صَاحَ أَهْلُ النَّارِ مِنْ شَرِّ حَرِّهِ»، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ). [عمدة القاري: 20 / 10]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لنبيِّه محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قلْ يَا محمدُ: أَسْتَجِيرُ برَبِّ الفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ مِن الخَلْقِ.
واخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ في معنى الفَلَقِ؛ فقَالَ بَعْضُهُم: هو سِجْنٌ في جَهَنَّمَ يُسَمَّى هذا الاسْمَ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي الحسَيْنُ بنُ يَزِيدَ الطَّحَّانُ، قالَ: ثَنَا عبدُ السلامِ بنُ حَرْبٍ، عن إسحاقَ بنِ عبدِ اللهِ، عمَّنْ حَدَّثَه عن ابنِ عبَّاسٍ, قالَ: {الفَلَقُ}:
«سِجْنٌ في جَهَنَّمَ».
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا أبو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قالَ: ثَنَا عبدُ السلامِ بنُ حَرْبٍ، عن إسحاقَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ أبي فَرْوَةَ, عن رجلٍ, عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {الفَلَقِ}؛ قال:
«سِجْنٌ في جَهَنَّمَ».
- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ، قالَ: أَخْبَرَنَا العَوَّامُ عنْ عبدِ الجبَّارِ الخَوْلاَنِيُّ، قالَ: قَدِمَ رجلٌ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الشامَ، قالَ: فنَظَرَ إلى دُورِ أهلِ الذِّمَّةِ، وما هم فيه من العَيْشِ والنضَارَةِ، وما وُسِّعَ عليهم في دُنياهم، قالَ: فقالَ: لا أُبالي، ألَيْسَ مِن ورائِهِم الفَلَقُ؟ قالَ: قِيلَ وما الفَلَقُ؟ قالَ: بيتٌ في جهنَّمَ، إذَا فُتِحَ هَرَّ أهلُ النارِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا عبدُ الرحمنِ، قالَ: ثَنَا سُفيانُ، قالَ: سَمِعْتُ السُّدِّيَّ يقولُ:
«الفَلَقُ: جُبٌّ في جَهَنَّمَ».
- حَدَّثَنِي عليُّ بنُ حَسَنٍ الأَزْدِيُّ، قالَ: ثَنَا الأَشْجَعِيُّ، عن سُفْيَانَ، عن السُّدِّيِّ، مِثلَه.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سُفْيَانَ، عن السُّدِّيِّ، مثلَه.
- حَدَّثَنِي إسحاقُ بنُ وَهْبٍ الواسِطِيُّ، قالَ: ثَنَا مسعودُ بنُ موسَى بنِ مُشْكَانَ الواسِطِيُّ، قالَ: ثَنَا نَصْرُ بنُ خُزَيْمَةَ الخُرَاسَانِيُّ، عن شُعَيْبِ بنِ صَفْوَانَ، عن محمدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ، عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قالَ: «الْفَلَقُ: جُبٌّ فِي جَهَنَّمَ مُغَطًّى
».
- حَدَّثَنَا ابنُ البَرْقِيُّ، قالَ: ثَنَا ابنُ أبي مَرْيَمَ، قالَ: ثَنَا نافِعُ بنُ يَزِيدَ، قالَ: ثَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي أُسَيْدٍ، عن ابنِ عَجْلانَ، عن أبي عُبَيْدٍ، عن كَعْبٍ، أنَّه دخَلَ كَنِيسَةً فأَعْجَبَه حُسْنُها، فقالَ:
«أَحْسَنُ عَمَلٍ وأضَلُّ قَوْمٍ، رَضِيتُ لَكُمُ الفَلَقَ».
قِيلَ: وما الفَلَقُ؟ قالَ:
«بيتٌ في جَهَنَّمَ, إِذَا فُتِحَ صاحَ جَمِيعُ أهْلِ النارِ مِن شِدَّةِ حَرِّهِ ».
وقالَ آخَرُونَ: هو اسْمٌ مِن أسماءِ جَهَنَّمَ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، قالَ: سَمِعْتُ خُثيمَ بنَ عَبْدِ اللهِ يقولُ: سَأَلْتُ أبا عبدِ الرَّحْمَنِ الحُبُلِيَّ، عن الفَلَقِ، قالَ:
«هي جَهَنَّمُ».
وقالَ آخَرُونَ: الفَلَقُ: الصُّبْحُ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، قالَ: ثَنِي أَبِي، قالَ: ثَنِي عَمِّي، قالَ: ثَنِي أَبِي، عن أبيه, عن ابنِ عبَّاسٍ: {أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}؛ قالَ:
«الفَلَقُ: الصبحُ».
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا ابنُ أبي عَدِيٍّ، قالَ: أنبأَنَا عَوْفٌ، عن الحسَنِ، في هذه الآيَةِ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}؛ قالَ:
«الفلقُ: الصبْحُ».
قالَ: ثَنَا عبدُ الرحمنِ، قالَ: ثَنَا سُفيانُ، عن سالِمٍ الأَفْطَسِ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، قالَ:
«الفلَقُ الصبحُ».
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ؛ وحَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ, جميعاً عن سُفْيَانَ، عن سالِمٍ الأَفْطَسِ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، مثلَه.
- حَدَّثَنِي عليُّ بنُ الحسَنِ الأَزْدِيُّ، قالَ: ثَنَا الأَشْجَعِيُّ، عن سُفْيَانَ، عن سالِمٍ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، مثلَه.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عن الحسَنِ بنِ صالِحٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ محمدِ بنِ عُقَيْلٍ، عن جَابِرٍ، قالَ: {الفَلَقُ}:
«الصبْحُ».
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا أبو أحمدَ، قالَ: ثَنَا الحسَنُ بنُ صالِحٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ محمدِ بنِ عُقَيْلٍ، عن جَابِرِ بنِ عبدِ اللهِ، مِثْلَه.
- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، قالَ: أَخْبَرَنَا أبو صَخْرٍ، عن القُرَظِيِّ، أنَّه كان يقولُ في هذه الآيَةِ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}؛ يقولُ:
«فالِقِ الحَبِّ والنوَى»، وقرأ: {فالِقِ الإصباحِ}.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، قالَ: ثَنَا أبو عاصم، قالَ: ثَنَا عيسى؛ وحَدَّثَنِي الحَارِثُ، قالَ: ثَنَا الحسَنُ، قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مُجَاهِدٍ، في قَوْلِهِ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}؛ قالَ:
«الصبْحِ».
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قالَ: ثَنَا سعيدٌ، عن قَتَادَةَ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}؛ قالَ:
«الفلَقُ: فلَقُ النهارِ».
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلى، قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عن مَعْمَرٍ، عن قَتَادَةَ، قالَ: {الفلقُ}:
«فلَقُ الصبْحِ».
- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قَوْلِ اللهِ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}؛ قِيلَ له: فَلَقُ الصبْحِ؟ قالَ:
«نعمْ».
وقَرَأَ: {فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَاعِلُ اللَّيْلِ سَكَناً}.
وقالَ آخَرُونَ: الفلقُ: الخَلْقُ، ومعنى الكلامِ: قلْ أُعوذُ بربِّ الخَلْقِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي عليٌّ، قالَ: ثنا أبو صالِحٍ، قالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ، في قَوْلِهِ: {الْفَلَقِ}:
«يعني: الخَلْقِ».
والصَّوَابُ مِنَ القَوْلِ في ذلك، أن يقالَ: إن اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أمَرَ نبيَّه محمداً [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] أن يقولَ: {أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}.
والفَلَقُ في كلامِ العربِ: فلَقُ الصبحِ، تقولُ العربُ: هو أبْيَنُ مِن فَلَقِ الصبحِ، ومِن فَرَقِ الصبْحِ.
وجائِزٌ أن يكونَ في جهنَّمَ سِجْنٌ اسْمُه فلَقٌ.
وإذا كانَ ذلك كذلك، ولم يَكُنْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَضَعَ دَلاَلَةً على أنَّه عنَى بقَوْلِهِ: {بِرَبِّ الْفَلَقِ} بعضُ ما يُدْعَى الفلقَ دونَ بعضٍ، وكانَ اللهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ ربَّ كلِّ ما خَلَقَ مِن شيءٍ، وَجَبَ أن يكون مَعْنِيًّا به كلُّ ما اسْمُه الفَلَقُ؛ إذْ كانَ رَبَّ جَمِيعِ ذلك). [جامع البيان: 24/ 741-745]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: نا آدم، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال:
«{الفلق}؛ الصبح»). [تفسير مجاهد: 2/ 796]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال أبو يعلى: حدثنا خليفة بن خيّاطٍ، ثنا محمّد بن عثمان، ثنا مغلسٌ الخراسانيّ، عن أيّوب بن يزيد، عن أبي رزينٍ، عن عمرو بن عبسة -رضي الله عنه- قال: إنّ النّبيّ [صلّى اللّه عليه وسلّم] قرأ في الصّبح: {قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ بربّ النّاس}، وقال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-:
«الفلق: جهنّم»). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/ 481] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ عَن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «إِذَا قَرَأْتَ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} فَقُلْ: أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَإِذَا قَرَأْتَ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}[النَّاس:1] فَقُلْ: أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ»). [الدر المنثور: 15 / 791]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَرَأَ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}؛ فَقَالَ:
«يَا ابْنَ عَبَسَةَ, أَتَدْرِي مَا الْفَلَقُ؟» قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «بِئْرٌ فِي جَهَنَّمَ إِذَا سُعِّرَتْ البِئْرُ ففيها سَعْرُ جَهَنَّمَ، وإنَّ جَهَنَّمَ لَتَأَذَّى بِهَا كَمَا يَتَأَذَّى بَنُو آدَمَ مِنْ جَهَنَّمَ» ). [الدر المنثور: 15 / 796]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِن وِجهٍ آخَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ:
«الْفَلَقُ بِئْرٌ فِي جَهَنَّمَ إِذَا سُعِّرَتْ جَهَنَّمُ فَمِنْهُ تُسَعَّرُ، وإنَّهَا لَتَتَأَذَّى بِهِ كَمَا يَتَأَذَّى بَنُو آدَمَ مِنْ جَهَنَّمَ»). [الدر المنثور: 15 / 796]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
«اقْرَأْ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، هَلْ تَدْرِي مَا الْفَلَقُ؟ بَابٌ فِي النَّارِ إِذَا فُتِحَ سُعِّرَتْ جَهَنَّمُ» ). [الدر المنثور: 15 / 796]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ والدَّيْلَمِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، قَالَ:
«هُوَ سِجْنٌ فِي جَهَنَّمَ يُحْبَسُ فِيهِ الْجَبَّارُونَ وَالْمُتَكَبِّرُونَ، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَتَعَوَّذُ بِاللَّهِ مِنْهُ» ). [الدر المنثور: 15 / 796]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
«الْفَلَقُ جُبٌّ فِي جَهَنَّمَ مُغَطًّى » ). [الدر المنثور: 15 / 796]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
«الفَلَقُ سِجْنٌ في جَهَنَّمَ»). [الدر المنثور: 15 / 797]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ آبَائِهِ قَالَ:
«الفَلَقُ جُبٌّ فِي قَعْرِ جَهَنَّمَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ، فَإِذَا كُشِفَ عَنْهُ خَرَجَتْ مِنْهُ نَارٌ تَصِيحُ مِنْهُ جَهَنَّمُ مِنْ شِدَّةِ حَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ»). [الدر المنثور: 15 / 797]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عن كعبٍ قَالَ:
«{الفَلَقُ}؛ بيتٌ في جَهَنَّمَ إذَا فُتحَ صاحَ أهلُ النارِ مِن شِدةِ حرِّهِ»). [الدر المنثور: 15 / 797]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عن أَبِي عَبْدِ الرحمنِ الْحُبُلِّيِّ، قَالَ: {الفَلَقُ}؛
«جَهَنَّمُ»). [الدر المنثور: 15 / 797]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وابْنُ مَرْدُويَهْ عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: {الفَلَقُ}؛
«الصُّبْحُ»). [الدر المنثور: 15 / 797]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: {الفَلَقُ}؛
«الصُّبْحُ»). [الدر المنثور: 15 / 798]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( وَأَخْرَجَ الطَّسْتِيُّ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ , أَنَّ نَافِعَ بْنَ الأَزْرَقِ قَالَ لَهُ:
«أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}»؛ قَالَ:«أَعُوذُ بِرَبِّ الصُّبْحِ إِذَا انْفَلَقَ عَنْ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ». قَالَ: «وَهَلْ تَعْرِفُ الْعَرَبُ ذَلِكَ؟» قَالَ: «نَعَمْ»، أَمَا سَمِعْتَ زُهَيْرَ بْنَ أَبِي سُلْمَى وهو يَقُولُ:
الفَارِجُ الْهَمَّ مَسْدُولاً عَسَاكِرُهُ ....... كَمَا يُفَرِّجُ غَمَّ الظُّلْمَةِ الْفَلَقُ).
[الدر المنثور: 15 / 798]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: {الفَلَقُ}؛
«الْخَلْقُ»). [الدر المنثور: 15 / 798]

تفسير قوله تعالى: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ}؛ لأنه أَمَرَ نَبِيَّه أن يَسْتَعِيذَ مِن شَرِّ كلِّ شيءٍ؛ إذ كانَ كلُّ ما سِوَاه, فهو ما خَلَقَ). [جامع البيان: 24 / 745]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني حيوة بن شريح، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب أنه قال: {الغاسق إذا وقب} «الشمس إذا غربت»، «والقرية التي قال الله في كتابه»: {كانت حاضرة البحر}،«طبرية»، «والقرية التي قال الله»: {إذا أرسلنا إليهم اثنين} «أنطاكية»، «والقرية التي قال الله»: {كانت آمنة مطمئنة}، قال: «هي يثرب»). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 15]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرنا أبو صخر عن القرظي أنه كان يقول في هذه الآية: {قل أعوذ برب الفلق}، يقول:
«فالق الحب والنوى، فالق الإصباح»؛ وقال في: {غاسقٍ إذا وقب}: «النهار إذا دخل في الليل»). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 77] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن الحسن، في قوله: {غاسق إذا وقب}؛ قال:
«إذا أقبل إذا دخل على الناس»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 408]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة: إذا غاب إذا ذهب). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 408]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :{غاسقٍ}: اللّيل، {إذا وقب}: غروب الشّمس، يقال: أبين من فرق وفلق الصّبح، {وقب}: إذا دخل في كلّ شيءٍ وأظلم). [صحيح البخاري: 6 / 181]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: {وَغَاسِقَ}:
«اللَّيْلُ»، {إِذَا وَقَبَ}: «غُرُوبُ الشَّمْسِ»، وصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِلَفظِ: {غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}: «اللَّيْلُ إذا دَخَلَ»). [فتح الباري: 8 / 741]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: وَقَبَ إِذَا دَخَلَ في كُلِّ شَيْءٍ وأَظْلَمَ، هُو كلامُ الفَرَّاءِ أيضًا، وجاءَ في حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ أَنَّ الغَاسِقَ القَمَرُ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ والحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عن عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ- نَظَرَ إلى القَمَرِ فقَالَ:
«يَا عَائِشَةُ اسْتَعِيذِي بِاللهِ مِنْ شَرِّ هَذَا» قَالَ: «هَذَا الغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ» إسنادُهُ حَسَنٌ). [فتح الباري: 8 / 741]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال ابن جرير: حدثني محمّد بن عمرو، ثنا أبو عاصم، ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: {غاسق}؛ قال:
«اللّيل»، {إذا وقب}؛ قال: «إذا دخل»). [تغليق التعليق: 4 / 381]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {الْفَلَقُ}:
«الصُّبْحُ». {وَغَاسِقٌ}: «اللَّيْلُ»، {إِذَا وَقَبَ}: «غُرُوبُ الشَّمْسِ». يُقَالُ: أَبْيَنُ مِنْ فَرَقِ وَفَلَقِ الصُّبْحِ. وَقَبَ: إِذَا دَخَلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَأَظْلَمَ).
أَيْ: قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ أَنَّ
« الْغَاسِقَ: اللَّيْلُ. وَإِذَا وَقَبَ: غُرُوبُ الشَّمْسِ». وَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَوَقَبَ مِنَ الْوُقُوبِ وَهُوَ غُرُوبُ الشَّمْسِ وَالدُّخُولُ فِي مَوْضِعِهَا، وَيُقَالُ: وَقَبَ إِذَا دَخَلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَأَظْلَمَ، وَهُوَ كَلاَمُ الْفَرَّاءِ وَكَذَا قَوْلُهُ: يُقَالُ: أَبْيَنُ مِنْ فَرَقِ وَفَلَقِ الصُّبْحِ مِنْ كَلاَمِ الْفِرَاءِ). [عمدة القاري: 20 / 10]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وَغَاسِقٍ) بِالرَّفْعِ وَبِالْجَرِّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْتَنْزِيلِ (اللَّيْلُ) أَيِ: الْعَظِيمُ ظَلاَمُهُ (إِذَا وَقَبَ) أَيْ: (غُرُوبُ الشَّمْسِ) ). [إرشاد الساري: 7/ 441]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( وَقَبَ إِذَا دَخَلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَأَظْلَمَ، بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ الْقَمَرُ فَإِنَّهُ يَكْسِفُ فَيَغْسِقُ وَوُقُوبُهُ دُخُولُهُ فِي الْكُسُوفِ، وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، وَالْحَاكِمِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهَا، فَأَرَاهَا الْقَمَرَ حِينَ طَلَعَ، وَقَالَ:
«تَعَوَّذِي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الْغَاسِقِ إِذَا وَقَبَ». قَالَ فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ: لَمَّا سُحِرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اسْتَشْفَى بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ؛ لأَنَّهُمَا مِنَ الْجَوَامِعِ فِي هَذَا الْبَابِ فَتَأَمَّلْ فِي أُولاَهُمَا كَيْفَ خَصَّ وَصْفَ الْمُسْتَعَاذِ بِهِ {بِرَبِّ الْفَلَقِ}؛ أَيْ بِفَالِقِ الإِصْبَاحِ؛ لأنَّ هَذَا الْوَقْتَ وَقْتُ فَيَضَانِ الأَنْوَارِ وَنُزُولِ الْخَيْرَاتِ وَالْبَرَكَاتِ، وَخَصَّ الْمُسْتَعَاذَ مِنْهُ بِمَا خَلَقَ، فَابْتَدَأَ بِالْعَامِّ فِي قَوْلِهِ: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ}؛ أَيْ: مِنْ شَرِّ خَلْقِهِ ثُمَّ ثَنَّى بِالْعَطْفِ عَلَيْهِ مَا هُوَ شَرُّهُ أَخْفَى؛ وهو نَقِيضُ انْفِلاَقِ الصُّبْحِ مِنْ دُخُولِ الظَّلاَمِ وَاعْتِكَارِهِ الْمَعْنِيِّ بِقَوْلِهِ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ لأَنَّ إِثْبَاتَ الشَّرِّ فيه أَكْثَرُ، وَالتَّحَرُّزَ منه أَصْعَبُ، ومنه قَوْلُهُمُ: اللَّيْلُ أَخْفَى لِلْوَيْلِ). [إرشاد الساري: 7 / 441]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الملك بن عمرٍو العقديّ، عن ابن أبي ذئبٍ، عن الحارث بن عبد الرّحمن، عن أبي سلمة، عن عائشة، أنّ النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- نظر إلى القمر، فقال:
«يا عائشة استعيذي باللّه من شرّ هذا، فإنّ هذا هو الغاسق إذا وقب».
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5/ 310]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ يقولُ:
«ومِنْ شَرِّ مُظْلِمٍ إِذَا دَخَلَ، وهَجَمَ علينا بظلامِهِ».
ثم اخْتَلَفَ أهلُ التأويلِ في المُظْلِمِ الذي عُنِيَ في هذه الآيَةِ، وأُمِرَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالاستعاذَةِ مِنه؛ فقَالَ بَعْضُهُم: هو الليلُ إذا أَظْلَمَ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، قالَ: ثَنِي أَبِي، قالَ: ثَنِي عَمِّي، قالَ: ثَنِي أَبِي، عن أبيه، عن ابنِ عبَّاسٍ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قالَ: «الليلِ
».
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا ابنُ أبي عَدِيٍّ، قالَ: أنْبَأَنَا عَوْفٌ، عن الحَسَنِ، في قَوْلِهِ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قالَ:
«أوَّلِ الليلِ إذا أَظْلَمَ».
- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، قالَ: ثَنَا أبو صَخْرٍ، عن القُرَظِيِّ، أنَّه كانَ يقولُ في: {غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ يقولُ:
«النهارِ إذا دَخَلَ في الليلِ».
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سُفْيَانَ، عن رجلٍ مِن أهلِ المدينةِ، عن محمدِ بنِ كَعْبٍ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قالَ:
«هو غروبُ الشمسِ إذا جاءَ الليلُ، إِذَا وَجَبَ».
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ، قالَ: ثَنَا عيسَى؛ وحَدَّثَنِي الحَارِثُ، قالَ: ثَنَا الحسَنُ، قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مُجَاهِدٍ، قولَه: {غَاسِقٍ}؛ قالَ:
«الليلِ»، {إِذَا وَقَبَ}؛ قالَ: «إذَا دخَلَ».
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلى، قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عن مَعْمَرٍ، عن الحَسَنِ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قالَ:
«الليلِ إذَا أَقْبَلَ».
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قالَ: ثَنَا سعيدٌ، عن قَتَادَةَ، عن الحسنِ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قالَ:
«إذا جَاءَ».
- حَدَّثَنِي عليٌّ، قالَ: ثَنَا أبو صالِحٍ، قالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قولَه: {إِذَا وَقَبَ}؛ يقولُ:
«إذا أَقْبَلَ».
وقالَ بعضُهم: هو النهارُ إذَا دَخَلَ في الليلِ، وقد ذَكَرْنَاه قَبْلُ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سُفْيَانَ، عن رجلٍ مِن أهلِ المدينَةِ، عن محمدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قالَ:
«هو غروبُ الشمْسِ إذَا جاءَ الليلُ، إذَا وَجَبَ».
وقالَ آخَرُونَ: هو كوكبٌ. وكانَ بعضُهم يقولُ: ذلك الكوكبُ هو الثُّرَيَّا.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنَا مُجاهدُ بنُ موسَى، قالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قالَ: أخبَرَنا سليمانُ بنُ حَيَّانَ، عن أبي الْمُهَزِّمِ، عن أبي هريرةَ في قَوْلِهِ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قالَ:
«كَوْكَبٌ».
- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قَوْلِهِ: {غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قالَ:
«كانَتِ العرَبُ تَقُولُ: الغاسِقُ: سُقُوطُ الثُّرَيَّا، وكانَت الأسقَامُ والطَوَاعِينُ تَكْثُرُ عندَ وُقُوعِها، وتَرْتَفِعُ عندَ طُلُوعِها».
ولقائِلِي هذا القوْلِ عِلَّةٌ مِن أَثَرٍ عن النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهو ما حَدَّثَنَا به نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ، قالَ: ثَنَا بَكَّارُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أخِي هَمَّامٍ، قالَ: ثَنَا محمدُ بنُ عبدِ العزيزِ بنِ عمرَ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ عَوْفٍ، عن أبيه، عن أبي سَلَمَةَ، عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قالَ:
« النجْمِ الغاسِقِ».
وقالَ آخَرُونَ: بل الغاسِقُ إِذَا وَقَبَ: القَمَرُ، ورَوَوْا بذلك عن النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خبراً.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ؛ وحَدَّثَنَا ابنُ سُفْيَانَ، قالَ: ثَنَا أبي ويَزِيدُ بنُ هارونَ به.
- وحَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سُفْيَانَ، عن محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ أبي ذِئْبٍ، عن خالِه الحارِثِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن أبي سَلَمَةَ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن عائِشَةَ, قالت: أَخَذَ النبيُّ [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] بِيَدِي، ثم نَظَرَ إلى القمَرَ، فقالَ:
«يَا عائِشَةُ، تَعَوَّذِي باللهِ مِن شرِّ غاسِقٍ إِذَا وَقَبَ، وهَذَا غَاسِقٌ إِذَا وَقَبَ ».
وهذا لفْظُ حديثِ أبي كُرَيْبٍ وابنِ وَكِيعٍ.
وأمَّا ابنُ حُمَيْدٍ، فإنه قالَ في حديثِه: قالت: أخَذَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيَدِي، فقالَ:
«أَتَدْرِينَ أَيُّ شَيْءٍ هَذَا؟ تَعَوَّذِي باللهِ مِنْ شَرِّ هَذَا؛ فَإِنَّ هَذَا الْغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ ».
- حَدَّثَنَا محمدُ بنُ سِنانٍ، قالَ: ثَنَا أبو عامِرٍ، قالَ: ثَنَا ابنُ أَبِي ذِئْبٍ، عن الحارِثِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن عائِشَةَ، أن النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، نَظَرَ إلى القمَرِ فقالَ:
«يَا عَائِشَةُ، اسْتَعِيذِي بِاللهِ مِنْ شَرِّ هَذَا؛ فَإِنَّ هَذَا الْغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ».
وأوْلى الأقوالِ في ذلك عندِي بالصوابِ، أن يُقالَ: إنَّ اللهَ أمَرَ نبيَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يَسْتَعِيذَ {مِنْ شَرِّ غَاسِقٍ} وهو الذي يُظْلِمُ، يقالُ: قد غَسَقَ الليلُ يَغْسِقُ غُسُوقاً: إذا أظلَمَ.
{إِذَا وَقَبَ}؛ يعني: إذا دَخَلَ في ظلامِه؛ والليلُ إذا دَخَلَ في ظلامِه غاسِقٌ، والنجمُ إذا أفَلَ غاسِقٌ، والقمرُ غاسِقٌ إِذَا وَقَبَ.
ولم يَخْصُصْ بعضُ ذلك بل عَمَّ الأمرُ بذلك، فكلُّ غاسِقٍ؛ فإنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ يُؤْمَرُ بالاستعاذةِ مِن شرِّهِ إِذَا وَقَبَ.
وكانَ قَتَادَةُ يقولُ في معنى وَقَبَ: ذَهَبَ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلى، قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عن مَعْمَرٍ، عن قَتَادَةَ: {غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قالَ:
«إِذَا ذَهَبَ».
ولستُ أعْرِفُ ما قالَ قتادَةُ في ذلك في كلامِ العربِ، بل المعروفُ مِن كلامِها مِن معنَى وَقَبَ: دَخَلَ). [جامع البيان: 24 / 745-749]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {ومن شر غاسق إذا وقب}؛ قال:
«الغاسق هو الليل إذا وقب يعني إذا دخل يعني غروب الشمس»). [تفسير مجاهد: 2/ 796]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو جعفرٍ أحمد بن عبيد بن إبراهيم الحافظ بهمذان، ثنا إبراهيم بن الحسين، ثنا آدم بن أبي إياسٍ، ثنا ابن أبي ذئبٍ، عن خاله الحارث بن عبد الرّحمن، عن أبي سلمة، عن عائشة -رضي اللّه عنها-، أنّ رسول اللّه -صلّى الله عليه وسلّم- أخذ بيدها فأشار بها إلى القمر فقال: «استعيذي باللّه من شرّ هذا، فإنّه الغاسق إذا وقب» صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2 / 589]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) عائشة - رضي الله عنها - قالت: إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نظر إلى القمر فقال: «يا عائشة، استعيذي بالله من شرّ هذا، فإنّ هذا هو الغاسق إذا وقب». أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
(الغاسق) الليل: ووقب: إذا طلع، وإنما سمى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القمر غاسقاً، لأنه إذا أخذ في الطلوع والمغيب يظلم لونه، لما يعرض دونه من الأبخرة المتصاعدة من الأرض عند الأفق، والغسوق: الظلام). [جامع الأصول: 2/ 445]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ والتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ والحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْماً إِلَى الْقَمَرِ لَمَّا طَلَعَ، فَقَالَ:
«يَا عَائِشَةُ، اسْتَعِيذِي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا، فَإِنَّ هَذَا الْغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ» ). [الدر المنثور: 15 / 798]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيِّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] فِي قَوْلِهِ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قَالَ:
«النَّجْمُ هُوَ الْغَاسِقُ، وَهُوَ الثُّرَيَّا»). [الدر المنثور: 15/ 798]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِن وِجهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
«الْغَاسِقُ: الْكَوْكَبُ»). [الدر المنثور: 15 / 799]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَن ابْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قَالَ:
«كَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ: الْغَاسِقُ: سُقُوطُ الثُّرَيَّا، وَكَانَتِ الأَسْقَامُ والطَّوَاعِينُ تَكْثُرُ عِنْدَ وُقُوعِهَا وَتَرْتَفِعُ عِنْدَ طُلُوعِهَا»). [الدر المنثور: 15 / 799]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
«مَا طَلَعَ النَّجْمُ ذَاتَ غَدَاةٍ قَطُّ إلا رُفِعَتِ كُلُّ آفَةٍ وعَاهَةٍ أو خَفَّتْ»). [الدر المنثور: 15 / 799]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
«إِذَا ارْتَفَعَتِ النُّجُومُ رُفِعَتِ الْعَاهَةُ عَنْ كُلِّ بَلَدٍ» ). [الدر المنثور: 15 / 799]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَطِيَّةَ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قَالَ:
«اللَّيْلِ إِذَا ذَهَبَ»). [الدر المنثور: 15 / 799]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَن ابْنِ شِهَابٍ قَالَ:
«الغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ: الشَّمْسُ إِذَا غَرَبَتْ»). [الدر المنثور: 15 / 799]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ : {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قَالَ:
«اللَّيْلِ إِذَا أَقْبَلَ»). [الدر المنثور: 15 / 800]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الطَّسْتِيُّ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ, أَنَّ نَافِعَ بْنَ الأزرقِ قَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قَالَ:
«الغَاسِقُ: الظُّلْمَةُ، والوَقَبُ: شِدَّةُ سَوَادِهِ إِذَا دَخَلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ.» قَالَ: وَهَلْ تَعْرِفُ الْعَرَبُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ». أَمَا سَمِعْتَ زُهَيْراً يَقُولُ:
ظَلَّتْ تَجُوبُ يَدَاهَا وَهْيَ لاهِيَةٌ ....... حتَّى إِذَا جَنَحَ الإِظْلامُ وَالغَسَقُ
وَقَالَ فِي الوَقَبِ:
وَقَبَ الْعَذَابُ عَلَيْهِمُ فَكَأَنَّهُمْ ....... لَحِقَتْهُمُ نَارُ السَّمَاءِ فَأُخْمِدُوا).
[الدر المنثور: 15 / 800]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ : {غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}؛ قَالَ:
«اللَّيْلِ إِذَا دَخَلَ»). [الدر المنثور: 15 / 800]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر: تلا قتادة: {ومن شر النفاثات في العقد}؛ قال: «إياكم وما خالط السحر من هذه الرقى»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 408]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، عن هبيرة، عن ابن مسعود، قال: من أتى كاهنا فسأله وصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 408]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}؛ يقولُ:
«ومِن شرِّ السواحِرِ اللاتي يَنْفُثْنَ في عُقَدِ الخَيْطِ، حينَ يَرْقِينَ عليها».
وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، قالَ: ثَنِي أَبِي، قالَ: ثَنِي عَمِّي، قالَ: ثَنِي أَبِي، عن أبيه، عن ابنِ عبَّاسٍ: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}؛ قالَ:
«ما خَالَطَ السِّحْرَ مِنَ الرُّقَى».
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا ابن أبي عَدِيٍّ، عن عوْفٍ، عن الحسَنِ: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}؛ قالَ:
«السواحِرِ والسَّحَرَةِ».
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلى، قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عن مَعْمَرٍ، قالَ: تلاَ قتَادَةُ: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}؛ قالَ:
«إيَّاكُمْ وما خَالَطَ السِّحْرُ مِن هذه الرُّقَى».
قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عن مَعْمَرٍ، عن ابنِ طاووسٍ، عن أبيه، قالَ:
«ما مِنْ شَيْءٍ أقرَبُ إلى الشرْكِ مِن رُقْيَةِ الحيةِ والمَجَانِينِ».
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قالَ: ثَنَا سعيدٌ، عن قَتَادَةَ، قالَ: كان الحسنُ يقولُ إذا جَازَ: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}؛ قالَ:
«إياكُم وما خَالَطَ السحْرُ».
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سُفْيَانَ، عن جَابِرٍ، عن مُجَاهِدٍ وعِكْرِمَةَ: {النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}؛ قالَ: قالَ مُجَاهِدٌ:
«الرُّقَى في عُقَدِ الخَيْطِ»؛ وقالَ عِكْرِمَةُ: «الأَخْذُ في عُقَدِ الخَيْطِ».
- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قَوْلِهِ: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}؛ قالَ:
«النفاثاتُ: السواحِرُ في العُقَدِ»). [جامع البيان: 24/ 749-751]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا عليّ بن حمشاذ العدل، ثنا محمّد بن المغيرة البكريّ، ثنا القاسم بن الحكم، ثنا سفيان، عن عاصمٍ، عن زياد بن ثويبٍ، عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه-، قال: جاء النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يعودني فقال: «ألا أرقيك برقيةٍ رقاني بها جبريل عليه السّلام؟» فقلت: بلى، بأبي وأمّي. قال: «بسم اللّه أرقيك، واللّه يشفيك من كلّ داءٍ فيك من شرّ النّفّاثات في العقد، ومن شرّ حاسدٍ إذا حسد» فرقى بها ثلاث مرّاتٍ). [المستدرك: 2 / 590]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ : {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ}؛ قَالَ:
«السَّاحِرَاتِ»). [الدر المنثور: 15 / 800]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ : {النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}؛ قَالَ:
«مَا خَالَطَ السِّحْرَ مِن الرُّقَى»). [الدر المنثور: 15 / 800-801]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَن الضَّحَّاكِ : {النَّفَّاثَاتِ}؛ قَالَ:
«السَّوَاحِرِ»). [الدر المنثور: 15 / 801]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ : {النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}؛ قَالَ:
«الرُّقَى فِي عُقَدِ الخَيْطِ»). [الدر المنثور: 15 / 801]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ النسائيُّ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ، وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ فَمَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِّلَ إِلَيْهِ
» ). [الدر المنثور: 15 / 801]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابنُ سَعْدٍ وابنُ مَاجَهْ والحَاكِمُ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قال: جاء النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَهُ يَعُودُني، فَقَالَ:
«أَلا أَرْقِيكَ بِرُقْيَةٍ رَقَانِي بِهَا جِبْرِيلُ». فقُلْتُ: بَلَى، بِأَبِي وَأُمِّي. قَالَ: «بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ وَاللَّهُ يَشْفِيكَ مِنْ كُلِّ دَاءٍ فِيكَ، {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (3) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}». فَرَقَى بِهَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ). [الدر المنثور: 15 / 801-802]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ وَجَعاً فِي رَأْسِهِ فَأَبْطَأَ عَلَى أَصْحَابِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا الَّذِي بَطَّأَ بِكَ عَنَّا؟ فَقَالَ:
«وَجَعٌ وَجَدْتُهُ فِي رَأْسِي, فَهَبَطَ عَلَيَّ جِبْرِيلُ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي ثُمَّ قَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ ـ أَوْ يُصِيبُكَ ـ وَمِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ مُعْلَنٍ أَوْ مُسَرٍّ، وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالإِنْسِ، {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}». قَالَ:«فَبَرَأْتُ» ). [الدر المنثور: 15 / 802]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: {ومن شر حاسد إذا حسد}؛ قال: «من شر عينه ونفسه»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 408]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن عطاء الخراساني مثل ذلك قال معمر، وسمعت ابن طاوس يحدث، عن أبيه قال:
«العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين ،وإذا استغسل أحدكم فليغتسل يعني الذي أصاب بعينه يغسل قليل وجهه ولحيته وأطراف كفيه وداخلة إزاره وظهور رجليه ثم يحسو منه حسوات ثم ينفض ثلاثا على رأسه من خلفه»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 408-409]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، قال:
«أقرب الرقى إلى الشرك رقية الحية ورقية المجنون»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 409]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}؛ اخْتَلَفَ أهلُ التأويلِ في الحاسِدِ الذي أُمِرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ يَسْتَعِيذَ من شَرِّ حَسَدِهِ به، فقَالَ بَعْضُهُم:
«ذلك كلُّ حاسِدٍ أُمِرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يَسْتَعِيذَ مِن شَرِّ عَيْنِه ونَفْسِه».
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلى، قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عن مَعْمَرٍ، عن قَتَادَةَ: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}؛ قالَ:
«من شرِّ عَيْنِه ونَفْسِه، وعن عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ مثلَ ذلك».
قالَ مَعْمَرٌ: وسَمِعْتُ ابنَ طَاووسٍ يُحَدِّثُ عن أبيه، قالَ:
«العينُ حَقٌّ، ولو كانَ شيءٌ سابقَ القَدَرِ، سَبَقَتْهُ العيْنُ، وإذا اسْتُغْسِلَ أَحَدُكُم فلْيَغْتَسِلَ».
وقالَ آخَرُونَ: بل أُمِرَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بهذه الآيةِ أَنْ يَسْتَعِيذَ مِن شرِّ اليهودِ الذين حَسَدُوه.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قَوْلِهِ: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}؛ قالَ:
«يهودَ، لم يَمْنَعْهُم أن يُؤْمِنُوا به إلا حَسَدُهم».
وأَوْلَى القَوْلَيْنِ بالصَّوَابِ في ذلك، قولُ مَن قالَ: أُمِرَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنْ يَسْتَعِيذَ مِن شرِّ كلِّ حاسِدٍ إذَا حَسَدَ، فعابَه أو سَحَرَه، أو بَغَاهُ سُوءاً.
وإِنَّما قُلنا: ذلك أوْلى بالصوابِ؛ لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ لم يَخْصُصْ مِن قولِهِ: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}؛ حاسداً دونَ حاسِدٍ، بلْ عَمَّ أمْرُهُ إيَّاه بالاسْتِعَاذَةِ مِن شرِّ كلِّ حاسِدٍ، فذلك على عُمُومِهِ). [جامع البيان: 24 / 751-752]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا عليّ بن حمشاذ العدل، ثنا محمّد بن المغيرة البكريّ، ثنا القاسم بن الحكم، ثنا سفيان، عن عاصمٍ، عن زياد بن ثويبٍ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: جاء النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يعودني فقال: «ألا أرقيك برقيةٍ رقاني بها جبريل عليه السّلام؟» فقلت: بلى، بأبي وأمّي. قال: «بسم اللّه أرقيك، واللّه يشفيك من كلّ داءٍ فيك من شرّ النّفّاثات في العقد، ومن شرّ حاسدٍ إذا حسد» فرقى بها ثلاث مرّاتٍ). [المستدرك: 2 / 590] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ عن الكاملِ، والبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإِيمَانِ عَن الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}؛ قَالَ:
«هُوَ أَوَّلُ ذَنْبٍ كَانَ فِي السَّمَاءِ»). [الدر المنثور: 15 / 802]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَن الْحَسَنِ : {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}؛ يَعْنِي الْيَهُودَ؛ هُمْ حَسَدَةُ الإِسْلامِ). [الدر المنثور: 15 / 802]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ : {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}؛ قَالَ:
«نَفْسِ ابْنِ آدَمَ وَعَيْنِهِ»). [الدر المنثور: 15 / 802]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ : {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}؛ قَالَ:
«مِنْ شَرِّ عَيْنِهِ وَنَفْسِهِ»). [الدر المنثور: 15 / 802-803]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَاهُ وَهُوَ يُوعَكُ فَقَالَ:
«بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ حَسَدِ حَاسِدٍ وَكُلِّ عَيْنٍ، اسْمُ اللَّهِ يَشْفِيكَ»). [الدر المنثور: 15 / 803]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اشْتَكَى فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ:
«بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ كُلِّ كَاهِنٍ وَحَاسِدٍ، وَاللَّهُ يَشْفِيكَ»). [الدر المنثور: 15 / 803]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
«إِيَّاكُمْ وَالْحَسَدَ؛ فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ»). [الدر المنثور: 15 / 803]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
«لا يَحُلُّ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى لَعَّانٌ وَلا مَنَّانٌ وَلا بَخِيلٌ وَلا بَاغٍ وَلا حَسُودٌ» ). [الدر المنثور: 15 / 803]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ البَيْهَقِيُّ فِي (شُّعَبِ الإِيمَانِ) عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] فَقَالَ: «يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ مِنْ هَذَا الْفَجِّ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ».
فَطَلَعَ رَجُلٌ مِن الأنصارِ تَنْطُفُ لِحْيَتُهُ مِنْ وُضُوئِهِ قَدْ عَلَّقَ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشمالِ فَسَلَّمَ، فَلَمَّا كَانَ مِن الغَدِ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَ ذَلِكَ، فَطَلَعَ الرَّجُلُ مِثْلَ مَرَّتِهِ الأُولَى، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضاً, فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الأُولَى.
فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَبِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ:
«إِنِّي لاحَيْتُ أَبِي فَأَقْسَمْتُ أَلاَّ أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلاثاً، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَمْضِيَ الثلاثُ فَعَلْتَ». قَالَ: «نَعَمْ» -قَالَ أَنَسٌ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ ثَلاثَ لَيَالٍ فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ من الليلِ شيئًا غيرَ أنه إِذَا تَعارَّ من الليلِِ وتَقَلَّبَ عَلَى فِراشِهِ ذَكَرَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ، حَتَّى يقُومَ لِصَلاةِ الْفَجْرِ، وَإِذَا تَعارَّ من الليلِ لا يَقُولُ إِلاَّ خَيْراً- قَالَ: «فَلَمَّا مَضَتِ الثلاثُ لَيَالٍ وَكِدْتُ أَحْتَقِرُ عَمَلَهُ».
قُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ وَالِدِي غَضَبٌ وَلا هجرةٌ، ولكنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ:
«يَطْلُعُ الآنَ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ». فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثلاثَ مَرَّاتٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ فَأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ؟ فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرَ عَمَلٍ. فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي فَقَالَ: «مَا هُوَ إِلاَّ مَا رَأَيْتَ غَيْرَ أَنِّي لا أَجِدُ فِي نَفْسِي عَلَى أَحَدٍ مِن الْمُسْلِمِينَ غِشًّا وَلا أَحْسُدُهُ عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «فَهَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لا تُطَاقُ»). [الدر المنثور: 15 / 803-804]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
«الصَّلاةُ نُورٌ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، وَالْحَسَدُ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ» ). [الدر المنثور: 15 / 805]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وابْنُ منيعٍ وابْنُ عَدِيٍّ وَأَبُو نُعَيِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ والبَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
«كَادَ الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْراً، وَكَادَ الْحَسَدُ أَنْ يَغْلِبَ الْقَدَرَ»). [الدر المنثور: 15 / 805]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ البَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَن الأَصْمَعِيِّ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ:
«الْحَاسِدُ عَدُوُّ نِعْمَتِي، مُتَسَخِّطٌ لِقَضَائِي، غَيْرُ رَاضٍ بِقِسْمَتِي الَّتِي قَسَمْتُ بَيْنَ عِبَادِي»). [الدر المنثور: 15 / 805]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
«إِنَّ الْحَسَدَ لَيَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ» ). [الدر المنثور: 15 / 805]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 رجب 1434هـ/7-06-2013م, 08:08 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {قل أعوذ بربّ الفلق...}
{الفلق}: الصبح، يقال: هو أبين من فلق الصبح، وفرق الصبح.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد اشتكى شكواً شديدا فكان يوما بين النائم واليقظان، فأتاه ملكان فقال أحدهما: «ما علّته؟» فقال الآخر: «به طبٌّ في بئر تحت صخرة فيها»، فانتبه النبي -صلى الله عليه وسلم-، فبعث عمار بن ياسر في نفر إلى البئر، فاستخرج السحر، وكان وتراً فيه إحدى عشرة عقدة، فجعلوا كلما حلوا عقدة وجد راحة حتى حلت العقد، فكأنه أنشط من عقال، وأمر أن يتعوذ بهاتين السورتين، وهما إحدى عشرة آية على عدد العقد، وكان الذي سحره لبيد بن أعصم). [معاني القرآن: 3/ 301]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({الفلق} «الصبح»). [مجاز القرآن: 2/ 317]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({الفلق}: «الصبح)». [غريب القرآن وتفسيره: 447]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({الفلق}: «الصبح»). [تفسير غريب القرآن: 543]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل أعوذ بربّ الفلق (1)} وهو فلق الصبح وهو ضياؤه، ويقال أيضا فرق الصبح، يقال: "هو أبين من فلق الصبح".
ومعنى الفلق الخلق: قال اللّه عزّ وجلّ: {فالق الإصباح} و {فالق الحبّ والنّوى}، وكذلك فلق الأرض بالنبات والسحاب بالمطر، وإذا تأملت الخلق تبين لك أن خلقه أكثره عن انفلاق.
فالفلق جميع المخلوقات وفلق الصبح من ذلك). [معاني القرآن: 5/ 379]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({الفلق}: جهنم، والفلق - أيضا: ضوء الفجر، والفلق - أيضا: المطمئن بين الربوتين، والفلق - أيضا: القيد الذي يكون من خشب يقال له: الأدهم). [ياقوتة الصراط: 609]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْفَلَقِ} «الصبح»). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 309]

تفسير قوله تعالى: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2)}

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {ومن شرّ غاسقٍ إذا وقب...}. و«الغاسق: الليل».
{إذا وقب} إذا دخل في كل شيء وأظلم، ويقال: غسق وأغسق). [معاني القرآن: 3/ 301]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ومن شرّ غاسقٍ إذا وقب} قوله: {من شرّ غاسقٍ إذا وقب} تقول "غسق" "يغسق" "غسوقاً" وهي: "الظلمة". و"وقب" "يقب" "وقوباً" وهو الدخول في الشيء). [معاني القرآن: 4/ 54]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({غاسق إذا وقب}: «الغاسق في التفسير القمر وقالوا الليل».
{وقب}: «دخل وغاب»). [غريب القرآن وتفسيره: 447]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( «و(الغاسق): الليل، و«الغسق»: الظلمة».
{إذا وقب}: «دخل في الكسوف. أي دخل في كل شيء».
ويقال «الغاسق» القمر إذا كسف فاسود . {إذا أوقب}: «دخل في الكسوف»). [تفسير غريب القرآن: 543]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({ومن شرّ غاسق إذا وقب (3)} {غاسق} «يعنى به الليل».
{إذا وقب} «إذا دخل. وقيل لليل غاسق -واللّه أعلم- لأنه أبرد من النهار. والغاسق البارد»). [معاني القرآن: 5/ 379]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ):{غاسق إذا وقب} قال ثعلب: فيه قولان:« هو القمر، وهو الليل، والقمر» هو: قول رسول الله -[صلى الله عليه وسلم]- لعائشة رضي الله عنها: «تعوذي من شر هذا الغاسق» وهو الاختيار.
{وقب} أي: دخل في كل شيء، ويقال -أيضا- وقب إذا انكشف، وهو دخوله في غير أبراجه). [ياقوتة الصراط: 609-611]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((الغاسق) الليل.
{وَقَبَ} دخل في كلّ شيء، وقيل: (الغاسق) القمر، و{وَقَبَ} دخل في الكسوف فاسودّ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 309]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({غَاسِقٍ}: القمر، الليل {وَقَبَ}: دخل). [العمدة في غريب القرآن: 361]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {ومن شرّ النّفّاثات في العقد...}. وهن السواحر ينفثن سحرهن). [معاني القرآن: 3/ 301]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ):{النّفّاثّات} السحرة ينفثن، قال عنترة:
فإن يبرأ فلم أنفث عليه ....... وإن يفقد فحقّ له الفقود).
[مجاز القرآن: 2/ 317]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({النفاثات}: السحرة ينفثن في الناس العقد، والنفث شبيه بالنفخ والتفل لا يكون إلا ومعه ريق). [غريب القرآن وتفسيره: 447]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({النّفّاثات}: السّواحر. و«ينفثن»: يتفلن إذا سحرن ورقين). [تفسير غريب القرآن: 543]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأنكروا مع هذا (السّحر) إلا من جهة الحيلة.
وقالوا: مِنْهُ رُقَاةُ التَّمِيمَةٍ يُفَرَّقُ بها بين المرء وزوجه، والكذب تصرف به القلوب عن المحبة إلى البغضة، وعن البغضة إلى المحبة.
وقالوا: منه السّموم يُسحر بها فتقطع عن النساء، وتحتّ الشّعر وتغيّر الخلق.
والله تعالى يقول: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق: 4-5] فأعلمنا أنهن ينفثن- والنّفث كالتّفل- كما ينفث الرّاقي في عقد يعقدها.
قال الشاعر:
يُعَقِّدُ سِحْرَ البَابِلِيِّينَ طَرْفُهَا ....... مِرَاراً ويسقينا سلافاً من الخمر
فأراد أنَّ طرفها يذهب بعقولنا كما يذهب السّحر والراح بالعقل.
وقد سُحر رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، وجعل سحره في بئر ذي أروان، واستخرجه (عليّ) منها، وجعل يحلّه عقدة عقدة، فكلما حل عقدة وجد النبي، صلّى الله عليه وسلّم راحة وخفّا، فلما فرغ من حلّه قام النبي، صلّى الله عليه وسلّم، كأنما أنشط من عقال.
وقال الله تعالى: {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة: 102]. أفتراهما كانا يعلّمان التّمائم، والكذب وسقي السّموم؟!). [تأويل مشكل القرآن: 115](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {ومن شرّ النّفّاثات في العقد (4)} {النّفّاثات}: السواحر، تنفث: تتفل بلا ريق كأنه نفخ كما يفعل كل من يرقى). [معاني القرآن: 5/379]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({النَّفَّاثَاتِ} السّواحر يَنْفُثن، أي يَتْفُلْنَ إذا سحرن ورَقَيْن. والنّفث ريحٌ يخرج من الفم، لا ريق معه. والتفل: ريح معه شيء من ريق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 309]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({النَّفَّاثَاتِ}: السحرة). [العمدة في غريب القرآن: 361]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): ({وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}، يعني: الذي سحره لبيداً). [معاني القرآن: 3/ 301]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 رجب 1434هـ/7-06-2013م, 08:10 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (وقالوا أيضاً: انفلق الصّبح. وقالوا: عند فلق الصّبح، وفرق الصّبح، بالراء. وقال الله جلّ وعزّ: {قل أعوذ بربّ الفلق} من ذلك.
والفلق أيضاً: الطريق لفلق الجبلين بينهما.
وتميمٌ تقول: فرق الصّبح، بالراء. وقال أبو دوادٍ:

وحلالٍ ذعرت في فلق الصّبح ....... بأرضه وحومٍ سكون
وقال حسّان بن ثابتٍ:
أشهى حديث النّدمان في فلق الصّبح ....... وصوت المسامر الغرد).
[الأزمنة: 52]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (والفَلَق المطمئن من الأرض والفَلَق المقطرة. والفَلَق الصبح). [الغريب المصنف: 3/ 1007]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقال أعرابي - أحسبه تميميًا -:

وداهيةٍ بها القوم مفلق ....... شديد بعوران الكلام أزومها
أصخت لها حتى إذا ما وعيتها
....... رميت بأخرى يستدير أميمها
ترى القوم منها مطرقين كأنما....... تساقوا عقارًا لا يبل سليمها

تلقني فهًا، ولم تلق حجتي ....... ملجلجةً أبغي لهل من يقيمها
قوله: "وداهية" يعني حجة داهي بها القوم مفلقٌ: يريد عجيبة، والفلق وجاء القوم بالفليق، وهذا مشهور كثير في الكلام، ومنه قول خلف الأحمر:
موت الإمام فلقةٌ من الفلق
وأنشدني منشد:
إذا عرضت دويةٌ مدلهمةٌ ....... وغرد حاديها عملن بنا فلقا
بفتح الفاء). [الكامل: 1/ 140-141]

تفسير قوله تعالى: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) }

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) }

قال أبو فَيدٍ مُؤَرِّجُ بنُ عمروٍ السَّدُوسِيُّ (ت: 195هـ) : (" الوقبة " و " الوقب ": النقرة في الحجر وفي الجبل، فأولى بالوقب والوقبة من الحجر الشيخ الخرف؛ يقولون للشيخ الذي كبر وانفتح دبره، وربما كان لغير الكبر، إذا انفتح دبره؛ لخلقة أو لداء، إلا أنه أكثر ما يصيب الدالف من الهرم. وقال الأسود بن يعفر، يهجو بني نجيح:
أبَنِي نُجَيْحٍ إنَّ أُمَّكُمُ ....... بشِمَتْ وإنَّ أباكُم وقْبُ
قال أبو فيد: فلم أسأل أحدا من عشيرته، إلا قال ما وصفت. ويقولون: " استه مثل الوقب في الحجر "). [كتاب الأمثال: 60]
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (ويقال: غسق الليل يغسق غسوقاً وغسقاً، أي أظلم.
قال الله تعالى: {ومن شرّ غاسقٍ إذا وقب}. وقال كعب بن زهيرٍ:
ظلّت تجوب يداها وهي لاهيةٌ ....... حتى إذا ذهب الإظلام والغسق).
[الأزمنة: 53]
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (يتفق اللفظ ويختلف المعنى فيكون اللفظ الواحد على معنيين فصاعدا، وذلك مثل: «الأمة» يريد الدين. وقول الله: {إن إبراهيم كان أمة قانتا} منه. قال أبو محمد: الأمة: الرجل وحده يؤتم به. والأمة: القامة، قامة الرجل. والأمة من الأمم ومنه التخوف من الخوف، والتخوف: التنقص. ومنه، غسق الليل غسقا وغسوقا، قال: أي أظلم. وغسق جلد الرجل، وهو ما كان من قذر أو درن. ومن هذا اللفظ الواحد الذي يجيء على معنيين فصاعدا ما يكون متضادا في الشيء وضده). [الأضداد: 70] (م)
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (قال الراجز وهو الأغلب العجلي:

بدوسري عينه كالوقب ....... ليس بذي عرك ولا ذي ضب
والدوسري الضخم والوقب: النقرة في الجبل). [كتاب الإبل: 131]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لما رأى الشمس قد وقبت قال: «هذا حين حلها».
قال: حدثناه محمد بن ربيعة، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن أبيه، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، رفعه.
قوله:
«حين حلها» يعني صلاة المغرب.
وقوله: وقبت يعني غابت ودخلت موضعها، وأصل الوقب الدخول.
يقال: وقب الشيء وقوبا ووقبا: إذا دخل.
ومنه قول الله تبارك وتعالى: {ومن شر غاسق إذا وقب} وهو في التفسير: الليل إذا دخل.
وفي حديث آخر أنه القمر
قال: حدثناه يزيد بن هارون، عن ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأشار إلى القمر فقال:
«تعوذي بالله من هذا، فإن هذا هو الغاسق إذا وقب».
وقد يكون أن يكون وصفه بذلك لأنه يغيب، كما قال في الشمس حين وقبت يعني غابت). [غريب الحديث: 1/ 418-420]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (والوقب والوغب: النذل الدنيء، وقب في الشيء إذا دخل فيه، فهو يدخل في الدناءة). [مجالس ثعلب: 571]

قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والأدهم: الليل والغساق: الشديد الظلمة، يقال: غسق الليل وأغسق إذا أظلم). [شرح المفضليات: 14]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) }

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:14 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:15 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:15 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:15 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {قل أعوذ بربّ الفلق * من شرّ ما خلق * ومن شرّ غاسقٍ إذا وقب * ومن شرّ النّفّاثات في العقد * ومن شرّ حاسدٍ إذا حسد}
الخطاب للنبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، والمراد هو وآحاد أمّته.
وقال ابن عبّاسٍ، وابن جبيرٍ، والحسن، والقرطبيّ، ومجاهدٌ، وقتادة، وابن زيدٍ: (الفلق) الصبح. كقوله تعالى: {فالق الإصباح}.
وقال ابن عبّاسٍ أيضًا، وجماعةٌ من الصحابة والتابعين: الفلق: جبٌّ في جهنّم. ورواه أبو هريرة عن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم). [المحرر الوجيز: 8/ 714]

تفسير قوله تعالى: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {من شرّ ما خلق} يعمّ كلّ موجودٍ له شرٌّ. وقرأ عمرو بن عبيدٍ، وبعض المعتزلة القائلين بأنّ اللّه تعالى لم يخلق الشرّ: (من شرٍّ) بالتنوين (ما خلق) على النفي، وهذه قراءةٌ مردودةٌ، مبنيّةٌ على مذهبٍ باطلٍ، فاللّه تعالى خالق كلّ شيءٍ). [المحرر الوجيز: 8/ 714]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف الناس في (الغاسق إذا وقب)؛ فقال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، والحسن: الغاسق: الليل، ووقب: أظلم ودخل على الناس. وقال الشاعر:
إنّ هذا اللّيل قد غسقا = وشكوت الهمّ والأرقا
وقال محمّد بن كعبٍ: {غاسقٍ} النهار، {إذا وقب} أي: دخل في الليل.
وقال ابن زيدٍ عن العرب: الغاسق: سقوط الثّريّا وكانت الأسقام والطاعون تهيج عنده.
وقال عليه الصلاة والسلام: ((النّجم هو الغاسق)). فيحتمل أن يريد الثّريّا، وقال عليه السلام لعائشة رضي اللّه عنها - وقد نظر إلى القمر -: ((تعوّذي باللّه من شرّ غاسقٍ إذا وقب؛ فهذا هو)).
وقال القتبيّ وغيره: هو البدر إذا دخل في ساهوره فخسف.
وقال الزّهريّ: الغاسق إذا وقب: الشمس إذا غربت، و(وقب) في كلام العرب: دخل (...)(؟؟؟) ). [المحرر الوجيز: 8/ 714-715]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(النّفّاثات في العقد): السواحر، ويقال: إن الإشارة أولًا إلى بنات لبيد بن الأعصم اليهوديّ؛ كنّ ساحراتٍ، وهنّ اللواتي سحرن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وعقدن له إحدى عشرة عقدةً، فأنزل اللّه تعالى إحدى عشرة آيةً بعدد العقد؛ هي المعوّذتان، فشفي النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
و(النّفث): شبه النّفخ، دون تفل ريقٍ، وهذا النفث هو على عقدٍ تعقد في خيوطٍ ونحوها على اسم المسحور فيؤذى بذلك، وهذا الشأن في زماننا موجودٌ شائعٌ في صحراء المغرب، وحدّثني ثقةٌ أنه رأى عند بعضهم خيطًا أحمر قد عقدت فيه عقدٌ على فصلانٍ، فمنعت بذلك رضاع أمّهاتها، فكان إذا حلّ عقدةً جرى ذلك الفصيل إلى أمّه في الحين فرضع. أعاذنا اللّه تعالى من شرّ السحر، بقدرته.
وقرأ عبد اللّه بن القاسم، والحسن، وابن عمر: (النّافثات) ). [المحرر الوجيز: 8/ 715-716]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ومن شرّ حاسدٍ إذا حسد}. قال قتادة: من شرّ عينه ونفسه. يريد السعي الخبيث والإذاية كيف قدر؛ لأنّه عدوٌّ مجدٌّ ممتحنٌ، وقال الشاعر:
كلّ العداوة قد ترجى إماتتها = إلاّ عداوة من عاداك من حسد
وعين الحاسد في الغالب لاقفةٌ، نعوذ باللّه عزّ وجلّ من شرّها، وقال الشاعر:
وإذا أراد اللّه نشر فضيلةٍ = طويت أتاح لها لسان حسود
والحسد في الاثنتين اللتين قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: حسدٌ مستحسنٌ غير ضارٍّ، وإنما هو باعثٌ على خيرٍ.
وهذه السورة خمس آياتٍ، فقال بعض الحذّاق: هي مراد الناس بقولهم للحاسد إذا نظر إليهم: الخمس على عينيك، وقد غلطت العامّة في هذا، فيشيرون بالأصابع لكونها خمسةً.
وأمال أبو عمرٍو: (حاسدٍ) والباقون يفتحون الحاء، وقال الحسن بن الفضل: ذكر اللّه تعالى الشرور في هذه السورة، ثمّ ختمها بالحسد ليظهر أنه أخسّ طبعٍ). [المحرر الوجيز: 8/ 716]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:15 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:16 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (بسم اللّه الرّحمـن الرّحيم
{قل أعوذ بربّ الفلق * من شرّ ما خلق * ومن شرّ غاسقٍ إذا وقب * ومن شرّ النّفّاثات في العقد * ومن شرّ حاسدٍ إذا حسد}.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن عصامٍ، حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، حدّثنا حسن بن صالحٍ، عن عبد اللّه بن محمد ابن عقيلٍ، عن جابرٍ قال: الفلق: الصّبح. وقال العوفيّ: عن ابن عبّاسٍ: الفلق: الصّبح. وروي عن مجاهدٍ وسعيد بن جبيرٍ وعبد اللّه بن محمد بن عقيلٍ والحسن وقتادة ومحمد بن كعبٍ القرظيّ وابن زيدٍ ومالكٍ، عن زيد بن أسلم مثل هذا، قال القرظيّ وابن زيدٍ وابن جريرٍ: وهي كقوله تعالى: {فالق الإصباح}.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: الفلق: الخلق. وكذا قال الضّحّاك: أمر اللّه نبيّه أن يتعوّذ من الخلق كلّه. وقال كعب الأحبار: الفلق: بيتٌ في جهنّم، إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدّة حرّه.
رواه ابن أبي حاتمٍ، ثم قال: حدّثنا أبي، حدّثنا سهيل بن عثمان، عن رجلٍ سمّاه، عن السّدّيّ، عن زيد بن عليٍّ، عن آبائه، أنّهم قالوا: الفلق: جبٌّ في قعر جهنّم، عليه غطاءٌ، فإذا كشف عنه خرجت منه نارٌ، تصيح منه جهنّم من شدّة حرّ ما يخرج منه.
وكذا روي عن عمرو بن عبسة والسّدّيّ وغيرهم. وقد ورد في ذلك حديثٌ مرفوعٌ منكرٌ، فقال ابن جريرٍ: حدّثني إسحاق بن وهبٍ الواسطيّ، حدّثنا مسعود بن موسى بن مشكان الواسطيّ، حدّثنا نصر بن خزيمة الخراسانيّ، عن شعيب بن صفوان، عن محمد بن كعبٍ القرظيّ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((الفلق: جبٌّ في جهنّم مغطًّى)). إسناده غريبٌ، ولايصحّ رفعه.
وقال أبو عبد الرحمن الحبليّ: الفلق: من أسماء جهنّم. قال ابن جريرٍ: والصّواب القول الأوّل: أنّه فلق الصّبح. وهذا هو الصحيح، وهو اختيار البخاريّ رحمه اللّه في صحيحه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 535]

تفسير قوله تعالى: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {من شرّ ما خلق} أي: من شرّ جميع المخلوقات. وقال ثابتٌ البنانيّ والحسن البصريّ: جهنّم وإبليس وذرّيّته ممّا خلق). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 535]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ومن شرّ غاسقٍ إذا وقب}. قال مجاهدٌ: {غاسقٍ}: اللّيل، {إذا وقب}: غروب الشّمس.
حكاه البخاريّ عنه، ورواه ابن أبي نجيحٍ عنه. وكذا قال ابن عبّاسٍ ومحمد بن كعبٍ القرظيّ والضّحّاك وخصيفٌ والحسن وقتادة: إنّه اللّيل إذا أقبل بظلامه.
وقال الزّهريّ: {ومن شرّ غاسقٍ إذا وقب}: الشّمس إذا غربت.
وعن عطيّة وقتادة: {إذا وقب}: اللّيل إذا ذهب. وقال أبو المهزّم: عن أبي هريرة: {ومن شرّ غاسقٍ إذا وقب}: كوكبٌ. وقال ابن زيدٍ: كانت العرب تقول: الغاسق: سقوط الثّريّا. وكانت الأسقام والطّواعين تكثر عند وقوعها، وترتفع عند طلوعها.
قال ابن جريرٍ: ولهؤلاء من الأثر ما حدّثني نصر بن عليٍّ، حدّثني بكّار بن عبد اللّه، ابن أخي همّامٍ، حدّثنا محمد ابن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوفٍ، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {ومن شرّ غاسقٍ إذا وقب}. قال: ((النّجم الغاسق)).
قلت: وهذا الحديث لا يصحّ رفعه إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قال ابن جريرٍ: وقال آخرون: هو القمر.
قلت: وعمدة أصحاب هذا القول ما رواه الإمام أحمد: حدّثنا أبو داود الحفريّ، عن ابن أبي ذئبٍ، عن الحارث، عن أبي سلمة قال: قالت عائشة رضي اللّه عنها: أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بيدي، فأراني القمر حين طلع وقال: ((تعوّذي باللّه من شرّ هذا الغاسق إذا وقب)).
ورواه التّرمذيّ والنّسائيّ في كتابي التفسير من سننيهما، من حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئبٍ، عن خاله الحارث بن عبد الرحمن، به.
وقال التّرمذيّ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. ولفظه: ((تعوّذي باللّه من شرّ هذا؛ فإنّ هذا الغاسق إذا وقب)). ولفظ النّسائيّ: ((تعوّذي باللّه من شرّ هذا، هذا الغاسق إذا وقب)).
قال أصحاب القول الأول، وهو أنّه الليل إذا ولج: هذا لا ينافي قولنا؛ لأنّ القمر آية الليل، ولايوجد له سلطانٌ إلاّ فيه، وكذلك النجوم لا تضيء إلاّ باللّيل، فهو يرجع إلى ما قلناه، واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 535-536]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ومن شرّ النّفّاثات في العقد}. قال مجاهدٌ وعكرمة والحسن وقتادة والضّحّاك: يعني السّواحر. قال مجاهدٌ: إذا رقين ونفثن في العقد.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن عبد الأعلى، حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه، قال: ما من شيءٍ أقرب من الشّرك من رقية الحيّة والمجانين.
وفي الحديث الآخر: أنّ جبريل جاء إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: اشتكيت يامحمّد؟ فقال: ((نعم)). فقال: بسم اللّه أرقيك، من كلّ داءٍ يؤذيك، ومن شرّ كلّ حاسدٍ وعينٍ اللّه يشفيك.
ولعلّ هذا كان من شكواه صلّى اللّه عليه وسلّم حين سحر، ثمّ عافاه اللّه تعالى وشفاه، وردّ كيد السّحرة الحسّاد من اليهود في رؤوسهم، وجعل تدميرهم في تدبيرهم وفضحهم، ولكن مع هذا لم يعاتبه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوماً من الدّهر، بل كفى اللّه وشفى وعافى.
قال الإمام أحمد: حدّثنا أبو معاوية، حدّثنا الأعمش، عن يزيد بن حيّان، عن زيد بن أرقم قال: سحر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم رجلٌ من اليهود، فاشتكى لذلك أيّاماً. قال: فجاءه جبريل، فقال: إنّ رجلاً من اليهود سحرك، وعقد لك عقداً في بئر كذا وكذا، فأرسل من يجيء بها. فبعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عليًّا رضي اللّه عنه فاستخرجها، فجاءه بها فحلّلها. قال: فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كأنّما نشط من عقالٍ، فما ذكر ذلك لليهوديّ، ولا رآه في وجهه قطّ حتّى مات.
ورواه النّسائيّ، عن هنّادٍ، عن أبي معاوية محمّد بن حازمٍ الضّرير.
وقال البخاريّ في كتاب الطّبّ من صحيحه: حدّثنا عبد اللّه بن محمدٍ قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: أوّل من حدّثنا به ابن جريجٍ، يقول: حدّثني آل عروة، عن عروة. فسألت هشاماً عنه فحدّثنا عن أبيه، عن عائشة قالت: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سحر حتّى كان يرى أنّه يأتي النّساء ولا يأتيهنّ -قال سفيان: وهذا أشدّ ما يكون من السّحر إذا كان كذا- فقال: ((يا عائشة، أعلمت أنّ اللّه قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟ أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجليّ، فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرّجل؟ قال: مطبوبٌ. قال: ومن طبّه؟ قال: لبيد بن أعصم -رجلٌ من بني زريقٍ حليفٌ ليهود، كان منافقاً- قال: وفيم؟ قال: في مشطٍ ومشاقةٍ. قال: وأين؟ قال: في جفّ طلعةٍ ذكرٍ، تحت راعوفةٍ في بئر ذروان)).
قالت: فأتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم البئر حتّى استخرجه. فقال: ((هذه البئر التي أريتها، وكأنّ ماءها نقاعة الحنّاء، وكأنّ نخلها رؤوس الشّياطين)). قال: فاستخرج. قالت: فقلت: أفلا تنشّرت؟ فقال: ((أمّا اللّه فقد شفاني، وأكره أن أثير على أحدٍ من النّاس شرًّا)).
وأسنده من حديث عيسى بن يونس وأبي ضمرة أنس بن عياضٍ وأبي أسامة ويحيى القطّان، وفيه قالت: حتّى كان يخيّل إليه أنّه فعل الشّيء ولم يفعله. وعنده: فأمر بالبئر فدفنت.
وذكر أنّه رواه عن هشامٍ أيضاً ابن أبي الزّناد والليث بن سعدٍ. وقد رواه مسلمٌ من حديث أبي أسامة حمّاد بن أسامة وعبد اللّه بن نميرٍ. ورواه أحمد، عن عفّان، عن وهبٍ، عن هشامٍ، به.
ورواه الإمام أحمد أيضاً، عن إبراهيم بن خالدٍ، عن معمرٍ، عن هشامٍ، عن أبيه، عن عائشة، قالت: لبث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ستّة أشهرٍ يرى أنّه يأتي ولا يأتى، فأتاه ملكان؛ فجلس أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، فقال أحدهما للآخر: ما باله؟ قال: مطبوبٌ. قال: ومن طبّه؟ قال: لبيد بن الأعصم... وذكر تمام الحديث.
وقال الأستاذ المفسّر الثّعلبيّ في تفسيره: قال ابن عبّاسٍ وعائشة رضي اللّه عنهما: كان غلامٌ من اليهود يخدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فدبّت إليه اليهود، فلم يزالوا به حتّى أخذ مشاطة رأس النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وعدّة أسنانٍ من مشطه، فأعطاها اليهود فسحروه فيها، وكان الذي تولّى ذلك رجلٌ منهم يقال له: لبيد بن أعصم، ثم دسّها في بئرٍ لبني زريقٍ، يقال لها: ذروان.
فمرض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وانتثر شعر رأسه، ولبث ستّة أشهرٍ يرى أنّه يأتي النّساء ولا يأتيهنّ، وجعل يذوب ولا يدري ما عراه، فبينما هو نائمٌ إذ أتاه ملكان؛ فجلس أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه: ما بال الرّجل؟ قال: طبّ. قال: وما طبّ؟ قال: سحر. قال: ومن سحره؟ قال: لبيد بن الأعصم اليهوديّ. قال: وبم طبّه؟ قال: بمشطٍ ومشاطةٍ. قال: وأين هو؟ قال: في جفّ طلعةٍ ذكرٍ تحت راعوفةٍ في بئر ذروان -والجفّ: قشر الطّلع.
والرّاعوفة: حجرٌ في أسفل البئر ناتئٌ يقوم عليه الماتح- فانتبه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مذعوراً وقال: ((ياعائشة، أما شعرت أنّ اللّه أخبرني بدائي؟)).
ثمّ بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عليًّا والزّبير وعمّار بن ياسرٍ، فنزحوا ماء البئر، كأنّه نقاعة الحنّاء، ثم رفعوا الصّخرة وأخرجوا الجفّ، فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنانٌ من مشطه، وإذا فيه وترٌ معقودٌ فيه اثنتا عشرة عقدةً مغروزةً بالإبر؛ فأنزل اللّه تعالى السّورتين.
فجعل كلّما قرأ آيةً انحلّت عقدةٌ، ووجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خفّةً حين انحلّت العقدة الأخيرة، فقام كأنّما نشط من عقالٍ، وجعل جبريل عليه السلام يقول: بسم اللّه أرقيك، من كلّ شيءٍ يؤذيك، من حاسدٍ وعينٍ اللّه يشفيك. فقالوا: يا رسول اللّه، أفلا نأخذ الخبيث نقتله؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((أمّا أنا فقد شفاني اللّه، وأكره أن أثير على النّاس شرًّا)).
هكذا أورده بلا إسنادٍ، وفيه غرابةٌ وفي بعضه نكارةٌ شديدةٌ، ولبعضه شواهد ممّا تقدّم، واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 536-538]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:24 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة