العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الكهف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 جمادى الآخرة 1434هـ/26-04-2013م, 12:57 PM
الصورة الرمزية منى بكري
منى بكري منى بكري غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,049
افتراضي تفسير سورة الكهف [ من الآية (47) إلى الآية (49) ]

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (47) إلى الآية (49) ]

{وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47) وَعُرِضُوا عَلَىٰ رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ۚ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48) وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16 جمادى الآخرة 1434هـ/26-04-2013م, 11:19 PM
الصورة الرمزية منى بكري
منى بكري منى بكري غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,049
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47) )
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدًا}
- أخبرنا محمّد بن عبد الأعلى، حدّثنا خالدٌ، حدّثنا حاتمٌ، عن عبد الله بن أبي مليكة، قال: حدّثني القاسم بن محمّدٍ: أنّ عائشة، قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «تحشرون يوم القيامة حفاةً عراةً غرلًا» قالت عائشة: قلت: يا رسول الله، الرّجال والنّساء ينظر بعضهم إلى بعضٍ؟ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الأمر أشدّ من أن يهمّهم»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/158]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويوم نسيّر الجبال وترى الأرض بارزةً وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدًا (47) وعرضوا على ربّك صفًّا لقد جئتمونا كما خلقناكم أوّل مرّةٍ بل زعمتم ألّن نجعل لكم موعدًا}.
يقول تعالى ذكره: {ويوم نسيّر الجبال} عن الأرض، فنبسّها بسًّا، ونجعلها هباءً منبثًّا {وترى الأرض بارزةً} ظاهرةً، وظهورها لرأي أعين النّاظرين من غير شيءٍ يسترها من جبلٍ ولا شجرٍ هو بروزها. وبنحو ذلك قال جماعةٌ من أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، ح، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {وترى الأرض بارزةً} قال: لا خمر فيها ولا غيابة يعنى شجره فيها فيها.
- حدّثني القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وترى الأرض بارزةً} ليس عليها بناءٌ ولا شجرٌ.
وقيل: معنى ذلك: وترى الأرض بارزةً أهلها الّذين كانوا في بطنها، فصاروا على ظهرها. وقوله {وحشرناهم} يقول: وجمعناهم إلى موقف الحساب {فلم نغادر منهم أحدًا} يقول: فلم نترك، ولم نبق منهم تحت الأرض أحدًا، يقال منه: ما غادرت من القوم أحدًا، وما أغدرت منهم أحدًا، ومن أغدرت قول الرّاجز:
هل لك والعارض منك عائض = في هجمةٍ يغدر منها القابض). [جامع البيان: 15/281-282]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وترى الأرض بارزة يقول لا خمر عليها ولا غياية). [تفسير مجاهد: 376-377]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وترى الأرض بارزة} قال: لا عمران فيها ولا علامة). [الدر المنثور: 9/563]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وترى الأرض بارزة} قال: ليس عليها بناء ولا شجرة). [الدر المنثور: 9/563]

تفسير قوله تعالى: (وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وعرضوا على ربّك صفًّا} يقول عزّ ذكره: وعرض الخلق على ربّك يا محمّد صفًّا. {لقد جئتمونا كما خلقناكم أوّل مرّةٍ} يقول عزّ ذكره: يقال لهم إذ عرضوا على اللّه: لقد جئتمونا أيّها النّاس أحياءً كهيئتكم حين خلقناكم أوّل مرّةٍ، وحذف يقال من الكلام لمعرفة السّامعين بأنّه مرادٌ في الكلام.
وقوله: {بل زعمتم ألّن نجعل لكم موعدًا} وهذا الكلام خرج مخرج الخبر عن خطاب اللّه به الجميع، والمراد منه الخصوص، وذلك أنّه قد يرد القيامة خلقٌ من الأنبياء والرّسل، والمؤمنين باللّه ورسله وبالبعث. ومعلومٌ أنّه لا يقال يومئذٍ لمن وردها من أهل التّصديق بوعد اللّه في الدّنيا، وأهل اليقين فيها بقيام السّاعة، بل زعمتم أن لن نجعل لكم البعث بعد الممات، والحشر إلى القيامة موعدًا، وأنّ ذلك إنّما يقال لمن كان في الدّنيا مكذّبًا بالبعث وقيام السّاعة). [جامع البيان: 15/283]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن منده في التوحيد عن معاذ بن جبل: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إن الله ينادي يوم القيامة يا عبادي أنا الله لا إله إلا أنا أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين وأسرع الحاسبين أحضروا حجتكم ويسروا جوابا فإنكم مسؤولون محاسبون يا ملائكتي أقيموا عبادي صفوفا على أطراف أنامل أقدامهم للحساب). [الدر المنثور: 9/563-564]

تفسير قوله تعالى: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا الحكم، أو أبو الحكم - شك نعيم - عن إسماعيل بن عبد الرحمن، عن رجل من بني أسد، قال: قال عمر لكعب: ويحك يا كعب، حدثنا حديثًا من حديث الآخرة؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، إذا كان يوم القيامة رفع اللوح المحفوظ، فلم يبق أحد من الخلائق إلا وهو ينظر إلى عمله فيه، قال: ثم يؤتى بالصحف التي فيها أعمال العباد، قال: فتنشر حول العرش، فذلك قوله: {ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين ما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} [سورة الكهف: 49]، قال الأسدي: الصغيرة: ما دون الشرك، والكبيرة: الشرك إلا أحصاها، قال كعب: ثم يدعى المؤمن فيعطى كتابه بيمينه، فينظر فيه فحسناته باديات للناس، وهو يقرأ سيئاته، لكي لا يقول: كانت لي حسنات فلم تذكر، فأحب الله أن يريه عمله كله، حتى إذا استنقص ما في الكتاب وجد في آخر ذلك أنه مغفور، وإنك من أهل الجنة، فعند ذلك يقبل إلى أصحابه، ثم يقول: {هاؤم اقرأوا كتابيه * إني ظننت أني ملاقٍ حسابيه} [سورة الحاقة: 19-25].
ثم يدعى الكافر فيعطى كتابه بشماله، ثم يلف فيجعل من وراء ظهره، ويلوى عنقه، فذلك قوله: {وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه}، فينظر في كتابه، فسيئاته باديات للناس، وينظر في حسناته، لكي لا يقول: أفأثاب على السيئات؟ ). [الزهد لابن المبارك: 2/ 756-757]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين ممّا فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلاّ أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرًا ولا يظلم ربّك أحدًا}.
يقول عزّ ذكره: ووضع اللّه يومئذٍ كتاب أعمال عباده في أيديهم، فأخذ بيمينه وأخذ بشماله {فترى المجرمين مشفقين ممّا فيه} يقول عزّ ذكره: فترى المشركين باللّه مشفقين، يقول: خائفين وجلين ممّا فيه مكتوبٌ من أعمالهم السّيّئة الّتي عملوها في الدّنيا أن يؤاخذوا بها {ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلاّ أحصاها} يعني أنّهم يقولون إذا قرءوا كتابهم، ورأوا ما قد كتب عليهم فيه من صغائر ذنوبهم وكبائرها، نادوا بالويل حين أيقنوا بعذاب اللّه، وضجّوا ممّا قد عرفوا من أفعالهم الخبيثة الّتي قد أحصاها كتابهم، ولم يقدروا أن ينكروا صحّتها، كما؛
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلاّ أحصاها} اشتكى القوم كما تسمعون الإحصاء، ولم يشتك أحدٌ ظلمًا " فإيّاكم والمحقّرات من الذّنوب، فإنّها تجتمع على صاحبها حتّى تهلكه " ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يضرب لها مثلاً، يقول كمثل قومٍ انطلقوا يسيرون حتّى نزلوا بفلاةٍ من الأرض، وحضر صنيع القوم، فانطلق كلّ رجلٍ يحتطب، فجعل الرّجل يجيء بالعود، ويجيء الآخر بالعود، حتّى جمعوا سوادًا كثيرًا وأجّجوا نارًا، فإنّ الذّنب الصّغير يجتمع على صاحبه حتّى يهلكه.
وقيل: إنّه عنى بالصّغيرة في هذا الموضع: الضّحك
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني زكريّا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: حدّثنا عبد اللّه بن داود، قال: حدّثنا محمّد بن موسى، عن الزيال بن عمرٍو، عن ابن عبّاسٍ، {لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً} قال: الضّحك.
- حدّثنا أحمد بن حازمٍ، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثتني أمّي حمّادة ابنة محمّدٍ، قال: سمعت أبي محمّد بن عبد الرّحمن، يقول في هذه الآية في قول اللّه عزّ وجلّ: {مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلاّ أحصاها} قال: الصّغيرة: الضّحك.
ويعني بقوله: {مال هذا الكتاب} ما شأن هذا الكتاب {لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً} يقول: لا يبقى صغيرةً من ذنوبنا وأعمالنا ولا كبيرةً منها {إلاّ أحصاها} يقول: إلاّ حفظها. {ووجدوا ما عملوا} في الدّنيا من عملٍ {حاضرًا} في كتابهم ذلك مكتوبًا مثبتًا، فجوزوا بالسّيّئة مثلها، والحسنة ما اللّه جازيهم بها {ولا يظلم ربّك أحدًا} يقول: ولا يجازي ربّك أحدًا يا محمّد بغير ما هو أهله، لا يجازي بالإحسان إلاّ أهل الإحسان، ولا بالسّيّئة إلاّ أهل السّيّئة، وذلك هو العدل). [جامع البيان: 15/283-285]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 49.
أخرج البزار عن أنس عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: يخرج لابن آدم يوم القيامة ثلاثة دواوين: ديوان العمل الصالح وديوان فيه ذنوبه وديوان فيه النعم من الله عليه). [الدر المنثور: 9/564]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن سعد بن جنادة قال: لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزو حنين نزلنا قفرا من الأرض ليس فيه شيء فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: اجمعوا من وجد عودا فليأت ومن وجد عظما أو شيئا فليأت به قال: فما كان إلا ساعة حتى جعلناه ركاما، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أترون هذا فكذلك تجتمع الذنوب على الرجل منكم كما جمعتم هذا فليتق الله رجل لا يذنب صغيرة ولا كبيرة فإنها محصاة عليه). [الدر المنثور: 9/564-565]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياك ومحقرات الذنوب فإن لها من الله طالبا). [الدر المنثور: 9/565]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {لا يغادر صغيرة ولا كبيرة} قال: الصغيرة التبسم والكبيرة الضحك). [الدر المنثور: 9/565]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال: الصغيرة التبسم بالاستهزاء بالمؤمنين والكبيرة القهقهة بذلك). [الدر المنثور: 9/565]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {ويقولون يا ويلتنا} الآية، قال: يشتكي القوم كما تسمعون، الاحصاء ولم يشتك أحد ظلما فإياكم والمحقرات من الذنوب فإنها تجتمع على صاحبها حتى تهلكه). [الدر المنثور: 9/565]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري في الآية، قال: سئلوا حتى عن التبسم فقيل فيم تبسمت يوم كذا وكذا). [الدر المنثور: 9/565]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 6 رجب 1434هـ/15-05-2013م, 03:57 PM
الصورة الرمزية منى بكري
منى بكري منى بكري غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,049
افتراضي

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويوم نسيّر الجبال وترى الأرض بارزةً} مستويةً.
سعيدٌ، عن قتادة قال: ليس عليها بناءٌ ولا شجرٌ.
وقال ابن مجاهدٍ عن أبيه: ليس عليها خمرٌ ولا غيايةٌ.
قال: {وحشرناهم} ، يعني: وجمعناهم. وهو تفسير السّدّيّ.
{فلم نغادر منهم أحدًا}: أحضروا فلم يغب منهم أحدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/189]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {ويوم نسيّر الجبال...}

وقوله: {وترى الأرض بارزةً} يقول: أبرزنا أهلها من بطنها. ويقال: سيّرت عنها الجبال فصارت كلها بارزة لا يستر بعضها بعضاً.
وقوله: {فلم نغادر منهم} هذه القراءة (ولو قرئت "ولم نغدر" كان صواباً)، ومعناهما واحد، يقال: "ما أغدرت منهم أحداً"، و"ما غادرت"، وأنشدني بعضهم:

هل لك والعائض منهم عائض.......في هجمة يغدر منها القابض
* سدسا وربعا تحتها فرائض *
قال الفراء: سدس وربع من أسنان الإبل.). [معاني القرآن: 2/147-146]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وترى الأرض بارزةً} أي ظاهرة). [مجاز القرآن: 1/406]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة الحسن وأبي عمرو {ويوم تسير الجبال}.
[معاني القرآن لقطرب: 853]
والأعمش وأهل المدينة {نسير الجبال} بالنون). [معاني القرآن لقطرب: 854]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({فلم نغادر منهم أحدا}: لم نترك). [غريب القرآن وتفسيره: 230]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فلم نغادر منهم أحداً} أي لم نخلّف. يقال: "غادرت كذا" و"أغدرته": إذا خلفته. ومنه سمي الغدير، لأنه ماء تخلّفه السيول). [تفسير غريب القرآن: 268]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ويوم نسيّر الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا}
(يوم) منصوب على معنى التلاوة والذكر، المعنى: واذكر يوم نسير الجبال.
ويجوز أن يكون نصبه على " والباقيات الصالحات خير يوم يسير الجبال" أي: خير في القيامة من الأعمال التي تبقى آثامها.
وقوله {وترى الأرض بارزة}، معناه ظاهرة، وقد سيّرت جبالها، واجتثت أشجارها، وذهبت أبنيتها فبقيت ظاهرة، وقد ألقت ما فيها وتخلت.
وقوله: {وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا}؛ أي: لم نخلّف أحدا منهم). [معاني القرآن: 3/292]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة} في قوله: {بارزة} قولان:
أحدهما: قد اجتثت ثمارها وقلعت جبالها وهدم بنيانها فهي بارزة أي ظاهرة وعلى هذا القول أهل التفسير وهو البين
والقول الآخر: إن معنى {بارزة}: قد أبرز من فيها من الموتى؛ فيكون هذا على النسب، كما قال كليني لهم يا أميمة ناصب). [معاني القرآن: 4/251-250]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا}
أي لم نبق). [معاني القرآن: 4/251]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({وترى الأرض بارزة}
قال أبو عبد الله: أي: ظاهره بلا جبل، ولا تل ولا رمل). [ياقوتة الصراط: 326]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({فلم نغادر}: فلم نترك). [ياقوتة الصراط: 326]

تفسير قوله تعالى: {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وعرضوا على ربّك صفًّا} صفوفًا.
وقال السّدّيّ: صفًّا، يعني: جميعًا.
- مندل بن عليٍّ، عن موسى الجهنيّ، عن الشّعبيّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لأصحابه ذات يومٍ: ((يسرّكم أن تكونوا ثلث أهل الجنّة؟))

قالوا: اللّه ورسوله أعلم.
قال: ((يسرّكم أن تكونوا شطر أهل الجنّة؟))

قالوا: اللّه ورسوله أعلم.
قال: فقال: ((النّاس يوم القيامة عشرون ومائة صفٍّ وأنتم منها ثمانون صفًّا)).
- المبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((عرضت عليّ البارحة الأنبياء وأممها فرأيت النّبيّ يتبعه من أمّته الثّلاثة، ورأيت النّبيّ يتبعه من أمّته العصابة، ورأيت النّبيّ يتبعه من أمّته الرّجلان، ورأيت النّبيّ يتبعه من أمّته الواحد، ورأيت النّبيّ لا يتبعه من أمّته أحدٌ، فاهتممت بأمّتي فقلت: أي ربّ، أمّتي)).
قال: [انظر هاهنا]؛ فرفعت رأسي فإذا الأفق سادٍّ.
قال: [أرضيت يا محمّد؟]، قلت: نعم.
قال: [انظر هاهنا]؛ فنظرت فإذا شعاب مكّة وظرابها مواشٍ ناسًا.
قال: [أرضيت يا محمّد؟]، قلت: نعم أي ربّ.
قال: [ومع هؤلاء سبعون ألفًا يدخلون الجنّة بغير حسابٍ].
فقال أصحاب رسول اللّه: ما ترون هؤلاء؟ هؤلاء قومٌ يولدون في الإسلام لم يشركوا باللّه شيئًا، لم يدركوا الجاهليّة ولا جهلها ولا ضلالتها.
فقال رسول اللّه: ما تقولون؟ فأخبروه، فقال: بل هم الّذين لا يسترقون ولا يكتوون، ولا يتطيّرون، وعلى ربّهم يتوكّلون.
فقام عكّاشة فقال: يا رسول اللّه، ادع اللّه أن يجعلني منهم، قال: اللّهمّ اجعله منهم.
ثمّ قال آخر: يا رسول اللّه ادع اللّه أن يجعلني منهم.
قال: سبقك بها عكّاشة.
- إبراهيم بن محمّدٍ، عن صفوان بن سليمٍ، عن عائشة، قالت: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الّذي يحاسب حسابًا يسيرًا، قال: «يعرف بعمله ثمّ يتجاوز اللّه عنه، ولكن من نوقش حسابًا فذلك الهالك».
- همّامٌ، عن قتادة، عن صفوان بن محرزٍ، قال: بينما أنا آخذٌ بيد ابن عمر إذ عرض له رجلٌ، فقال: يا أبا عبد الرّحمن كيف سمعت رسول اللّه يقول في النّجوى؟ فقال ابن عمر: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: " إنّ اللّه يدني منه المؤمن يوم القيامة حتّى يضع عليه كنفه ويستره من النّاس، فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم يا ربّ، أتعرف ذنب كذا؟
فيقول: نعم يا ربّ، أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم يا ربّ، حتّى إذا قرّره بذنوبه، ورئي في نفسه أنّه قد هلك قال: فإنّي سترتها عليك في الدّنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، ثمّ يعطى كتاب حسناته، وأمّا الكفّار والمنافقون فإنّه ينادي الأشهاد {هؤلاء الّذين كذبوا على ربّهم ألا لعنة اللّه على الظّالمين} [هود: 18] ".
قوله: {لقد جئتمونا كما خلقناكم أوّل مرّةٍ} حفاةً عراةً غرلا، أي: غلفًا غير مختّنين.
{بل زعمتم} يقول للمشركين.
{ألّن نجعل لكم موعدًا} أن لن تبعثوا.
- وبلغنا عن الحسن أنّ عائشة قالت: يا رسول اللّه، أما يحتشم النّاس يومئذٍ بعضهم من بعضٍ؟ قال: «هم أشغل من أن ينظر بعضهم إلى عورة بعضٍ».
حدّثني الأزهر بن عبد اللّه الأزديّ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا ذكر هذه الآية قالت عائشة: يا سوأتاه لك يا ابنة أبي بكرٍ.
فقال رسول اللّه: «النّاس يومئذٍ أشغل من أن ينظر بعضهم إلى بعضٍ؛ إنّ أوّل من يكسى إبراهيم خليل اللّه»). [تفسير القرآن العظيم: 1/189-191]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما {وعرضوا على ربك صفا} وقوله {ثم ائتوا صفا} يكون على صفوفًا؛ وقالوا: هل أتيت الصف: أي المصلى.
وقال ابن عباس {وعرضوا على ربك صفا} قال جميعًا). [معاني القرآن لقطرب: 874]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وعرضوا على ربّك صفّا لقد جئتمونا كما خلقناكم أوّل مرّة بل زعمتم ألّن نجعل لكم موعدا}
معناه أنهم كلهم ظاهرون للّه، ترى جماعتهم كما يرى كل واحد منهم، لا يحجب واحد واحدا.
وقوله: {لقد جئتمونا كما خلقناكم أوّل مرّة} أي بعثناكم كما خلقناكم.
وجاء - في التفسير أنهم يحشرون عراة غرلا حفاة.
معنى غرلا، جمع أغرل وهو الأقلف.
وقوله: {بل زعمتم ألّن نجعل لكم موعدا} أي: بل زعمتم أن لن تبعثوا، لأن الله جل ثناؤه، وعدهم بالبعث). [معاني القرآن: 3/292-293]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وعرضوا على ربك صفا}
أي: لا يسترهم شيء ولا يحجبهم). [معاني القرآن: 4/251]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة}
قيل: معناه بعثناكم كما خلقناكم أول مرة.
وقيل: هو كما روى أنهم يحشرون حفاة عراة غرلا.). [معاني القرآن: 4/252]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {بل زعمتم أن لن نجعل لكم موعدا} أي كنتم تنكرون البعث). [معاني القرآن: 4/252]

تفسير قوله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ووضع الكتاب} ما كانت تكتب عليهم الملائكة في الدّنيا من أعمالهم.
{فترى المجرمين} المشركين.
{مشفقين} أي: خائفين.
{ممّا فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرًا} في كتبهم.
{ولا يظلم ربّك أحدًا}). [تفسير القرآن العظيم: 1/191]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله {لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} كأنه قال: لا يغادرها إلا محصاة، كقولك: لم يدع شيئًا إلا أخذه؛ كأنه قال: إلا وهو آخذ له؛ كأنه قال: ولا يغادر؛ أي لا يتركها إلا محصاة). [معاني القرآن لقطرب: 882]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين ممّا فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلّا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربّك أحدا }
معناه - والله أعلم - وضع كتاب كل امرئ بيمينه أو شماله.
{فترى المجرمين مشفقين ممّا فيه ويقولون يا ويلتنا}، كل من وقع في هلكة دعا بالويل.
{مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلّا أحصاها}أي لا تاركا صغيرة.
{ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربّك أحدا} أي: إنما يعاقبهم فيضع العقوبة موضعها في مجازاة الذنوب.
وأجمع أهل اللغة أن "الظلم": وضع الشيء في غير موضعه). [معاني القرآن: 3/293]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ووضع الكتاب} في الكلام حذف، والمعنى: ووضع الكتاب في يد كل امريء إما في يمينه وإما في شماله). [معاني القرآن: 4/252]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم يبين هذا بقوله: {فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} أي تراهم خائفين وجلين مما فيه من أعمالهم السيئة ويقولون ما شأن هذا الكتاب لا يبقى صغيرة من ذنوبنا ولا كبيرة إلا حفظها وضبطها). [معاني القرآن: 4/253]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا} أي إنما تقع العقوبة على المجازاة وأصل الظلم في اللغة وضع الشيء في غير موضعه). [معاني القرآن: 4/253]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يُغادِرُ}: يترك). [العمدة في غريب القرآن: 190]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 6 رجب 1434هـ/15-05-2013م, 04:02 PM
الصورة الرمزية منى بكري
منى بكري منى بكري غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,049
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]
تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47)}
....

تفسير قوله تعالى: {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48)}
....

تفسير قوله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)}
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ): (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في المغازي وذكر قوما من أصحابه كانوا غزاة فقتلوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا ليتني غودرت مع أصحاب نحص الجبل)).
والنحص: أصل الجبل وسفحه. وقوله: ((غودرت)) يعني ليتني تركت معهم شهيدا مثلهم. وكل متروك في مكان فقد غودر فيه.
ومنه قوله عز وجل: {مال هذا الكتب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} أي لا يترك شيئا.
وكذلك أغدرت الشيء تركته، إنما هو أفعلت من ذلك قال الراجز:
هل لك والعارض منك عائض في هجمة يغدر منها القابــض
قال الأصمعي: القابض هو السائق السريع السوق.
يقال: قبض يقبض قبضا: إذا فعل ذلك.
وقوله: يغدر منها يقول: لا يقدر على ضبطها كلها من كثرتها ونشاطها حتى يغدر بعضها أي يتركه). [غريب الحديث: 1/423-425]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث ابن عمر حين سأله رجل عن عثمان فقال: أنشدك الله هل تعلم أنه فر يوم أحد وغاب عن بدر وعن بيعة الرضوان؟ فقال ابن عمر: أما فراره يوم أحد فإن الله تعالى يقول: {ولقد عفا الله عنهم} وأما غيبته عن بدر فإنه كانت عنده بنت النبي صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة وذكر عذره في ذلك كله ثم قال: اذهب بهذه تلآن معك.
حدثناه أبو النضر عن شيبان عن عثمان بن عبد الله بن موهب عن ابن عمر.
قال الأموي: قوله: تلآن، يريد: الآن، وهي لغة معروفة، يزيدون التاء في
الآن وفي حين فيقولون: تلآن وتحين قال: ومنه قول الله تبارك وتعالى: {ولات حين مناص}، قال: إنما هي: ولا حين مناص قال: وأنشدنا الأموي لأبي وجزة السعدي:

العاطفون تحين ما من عاطف.......والمطعمون زمان ما من مطعم
وكان الكسائي والأحمر وغيرهما من أصحابنا يذهبون إلى أن الرواية العاطفونة فيقولون: جعل الهاء صلة وهو في وسط الكلام، وهذا ليس يوجد إلا على السكت، فحدثت به الأموي فأنكره، وهو عندي على ما قال الأموي، ولا حجة لمن احتج بالكتاب في قوله: {ولات} لأن التاء منفصلة من حين، لأنهم قد كتبوا مثلها منفصلا أيضا
مما لا ينبغي أن يفصل كقوله عز وجل: {يا ويلتنا مال هذا الكتاب}، فاللام في الكتب منفصلة من هذا، وقد وصلوا في غير موضع وصل فكتبوا: «ويكأنه» وربما زادوا الحرف ونقصوا، وكذلك زادوا ياء في قوله تعالى: {أولي الأيدي والأبصار}، فالأيدي في التفسير عن سعيد بن جبير أولو القوة في الدين والبصر.
فالأيد: القوة بلا ياء والأبصار: العقول وكذلك كتبوه في موضع آخر: (داود ذا الأيد) ). [غريب الحديث: 5/277-279] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وفي خطبة المأمون يوم الفطر بعد التكبير الأوّل

إنّ يومكم هذا يومُ عِيدٍ وسُنَّة وابتهال ورغبة، يومٌ خَتَم الله به صيامَ شهر رمضان وافتتح به حجَّ بيته الحَرَام، فجعله خاتمةَ الشهر وأوّلَ أيام شهور الحجّ، وجعله مُعقِّبًا لمفروض صيامكم ومنتفَل قيامكم، أحل فيه الطعامَ لكم وحَرم فيه الصيامَ عليكم؛ فاطلبوا إلى الله حوائجكَم استغفروه لتفريطكم، فإنه يُقال: لا كبيرَ مع استغفار، ولا صغير مع إصرار. ثم التكبير والتحميد وذكر النبيّ عليه السلام والوصية بالتقوى. ثم قال: فاتقوا الله عبادَ الله وبادروا الأمرَ الذي اعتدَلَ فيه يقينُكم، ولم يتحضِر الشكُ فيه أحدًا منكم، وهو الموت المكتوبُ عليكم، فإنه لا تُستقالُ بعده عَثْرةٌ، ولا تُحْظَر قبله توبة. واعلموا أنه لا شيءَ قبله إلا دونَه ولا شيءَ بعده إلا فوقَه. ولا من على جَزَعه وعَلَزه وكُرَبه، ولا يُعين على القبر وظُلْمته وضِيقه ووَحْشته وهَوْل مَطْلَعه ومسألة ملائكته، إلا العملُ الصالحُ الذي أمر اللّه به. فمن زَلَّت عند الموت قَدَمُه، فقد ظهرت ندامتُه، وفاتته استقالتُه، ودعا من الرَّجْعة إلى ما لا يجاب إليه، وبذَلَ من الفِدْية ما لا يُقْبَلُ منه. فالله اللَّه عبادَ اللهّ! وكونوا قومًا سألوا الرَّجْعةَ فأعْطُوها إذ مُنِعَهَا الذين طَلَبوها فإنه ليس يتمنَى متقدون قبلكم إلا هذا المهلَ المبسوطَ لكم.
واحذَرُوا ما حذَّركم الله، واتَقوا اليومَ الذي جمَعُكم الله فيه لوَضْع مَوَازينكم، ونَشْر صُحُفكم الحافِظةِ لأعمالكم.
فلينظُرْ عبدٌ ما يَضَعُ في زاده مما يثقل به، وما يًمِلُ في صحيفته الحافِظة لما عليه وله؛ فقد حَكَى الله لكم ما قال مفرطون عندها إذ طال إعراضُهم عنها، قال: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمينَ مُشْفِقِينَ مما فيه}! الآية. وقال: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْم الْقِيَامَةِ}. ولستُ أنهاكم عن الدنيا بأعظمَ مما نهتْكم الدنيا عن نفسها، فإنه كل ما لها ينهَى عنها، وكل ما فيها يدعو إلى غيرها. وأعظمُ ما رأته أعينكم من عجائبها فمُّ كتاب اللّه لها ونَهْيُ اللّه عنها، فإنه يقول: {فَلَا تَغُرنًكُمُ الحَيَاة الدنْيَا وَلاَ يَغُرنكُمْ بِالله الغَرُورُ} وقال: {إنمَا الْحَيَاةُ الدُنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} الآية. فانتفعوا بمعرفتكم بها وبإخبار الله عنها، واعلَموا أنّ قومًا من عباد اللهّ أدركتُهم عِصمةُ اللّه فحذِروا مَصَارِعَها، وجانَبُوا خدائعها، وآثروا طاعةَ الله فيها، فأدركوا الجنَّة بما تركوا منها). [عيون الأخبار: 5/255-256]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (مقام الأوزاعيّ بين يدي المنصور
ذكره عبدُ الله بن المبارك عن رجل من أهل الشأم قال: دخلتُ عليه فقال: ما الذي بَطأ بك عني؟ قلتُ: يا أميرَ المؤمنين وما الذي تريد مني؟ فقال: الاقتباسُ منك. قلتُ: انظر ما تقول، فإن مكحولاً حدًثني عن عطية بن بَشيرٍ أنّ رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ بلَغه عن اللّه نصيحةٌ في دينه فهي رحمة من الله سِيقَتْ إليه، فإن قَبِلَها من الله بشكرٍ وإلا كانتْ حُجّةً من الله عليه، ليزداد إثمًا، وليَزْدادَ الله عليه غضبًا، وإن بلغه شيء من الحق فرضِيَ فله الرضا، وإن سَخِط فله السخط، ومن كرهَه فقد كره الله، لأن الله هو الحق المبين "، فلا تجهَلَن.
قال: وكيف أجهل؟ قال: تسمع ولا تعمل بما تسمَعُ.
قال الأوزاعي: فسل علي الربيعُ السيفَ وقال: تقول لأمير المؤمنين هذا! فانتهرَه المنصور وقال: أمسِكْ. ثم كلمه الأوزاعي، وكان في كلامه أن قال: إنك قد أصبحت من هذهِ الخلافة بالذي أصبحت به، والله سَائَلُكَ عن صغيرها وكبيرها وفتيلها ونقيرها، ولقد حدثني عُروةُ بن رُوَيْم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما مِنْ راعٍ يبيتُ غاشًّا لِرعيته إلا حًرّمَ الله عليه رائحةَ الجنةِ " فحقيق على الوالي أن يكون لرعيته ناظرًا، ولمَا استطاع من عَوراتهم ساتِرًا، وبالقِسط فيما بينهم قائمًا، لا يتخوْف محسنُهم منه رهَقًا ولا مسيئهم عدوانًا؛ فقد كانت بيد رسول الله؛ جرب يستَاكُ بها ويردعُ عنه المنافقينَ، فأتاه جبريلُ فقال: " يا محمدُ ما هذه الجريدةُ بيدكَ! إقذِفْها تملأ قلوبَهم رُعبًا!. فكيف مَنْ سفكَ دماءهم وشَققَ أبشارهم وأنهبَ أموالهم! يا أمير المؤمنين إنْ المغفورَ له ما تقدم من ذنبه وما تأخر دعا إلى القِصاص من نفسه بخدش خدشه أعرابيًا يتعمده، فهبط جبريل فقال: (يا محمد إن الله لم يبعَثْكَ جبارًا تكسِرُ قرونَ أمَتك). واعلم كل ما في يدك لا يعدِلُ ضربةً منِ شراب الجنة ولا ثمرةً من ثمارها؛ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: ((لَقَاب قوس أحدكم من الجنة أو قُذَة خيْرٌ له من الدنيا بأسرها)). إن الدنيا تنقطِعُ ويزولُ نعيمها، ولو بقي الملكُ لمن قبلكَ لم يصِل إليكَ.
يا أمير المؤمنين، ولو أنّ ثوبًا من ثيابَ أهل النار عُلًقَ بين السماء والأرض لأذاهم فكيف مَنْ يتَقمصُه! ولو أن ذَنُوبًا من صديد أهل النار صُبَّ على ماء الأرض لآجنَه فكيف بمن يتجرعهُ، ولو أنَ حَلقةً من سلاسل جهنم وُضِعَتْ على جبل لذاب فكيف مَنْ سُلِكَ فيها ويُرَدُّ فضلُها على عاتقه! وقد قال عمر بن الخطاب: (لا يُقَوَم أمرَ الناس لا حَصيفُ العقدة، بعيدُ الغِرة، لا يَطَّلِعُ الناسُ منه على عَورةٍ، ولا يُحنِقُ في الحق على برةٍ، ولا تأخُذُهُ في الله لومةُ لائم).

واعلم أن السلطان أربعة: أمير يَظْلِفُ نفسَه وعمفالَه، فذلك له أجرُ المجاهد في سبيل الله وصلاتُه سبعونَ ألفَ صلاةٍ ويدُ الله بالرحمة على رأسه تُرفرفُ؛ وأمير رتَعَ ورتَع عُمَالُه، فذاك حمِلُ أثقالَه وأثقالاً مع أثقاله؛ وأمير يَظلِف نَفسَه ويرتَعُ عُمَّالُه، فذاكَ الذي باع آخرتَه بدنيا غيره؛ وأمير يرتَعُ ويَظْلِفُ عُمالَهُ، فذاكَ شر الأكياس.
واعلم يا أمير المؤمنين أنك قد ابتُلِيتَ بأمر عظيم عُرِضَ على السَّمواتِ والأرض والجِبال فأبينَ أن يحملنه وأشفَقَن منه؛ وقد جاء عن جَدَكَ في تفسير قول اللّه عز وجل: {لا يُغَادِرُ صغِيرَة ولا كَبِيرَة إلا أحصاها} أنْ الصغيرة التبسمُ، والكبيرةَ الضحكُ.
وقال: فما ظنكم بالكلام وما عملته الأيدي! فاعيذك بالله أن يُخيل إليك أن قرابتك برسول اللّه صلى الله عليه وسلم تنفع مع المخالفة لأمره؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا صفية عمة محمد، ويا فاطمة بنت محمد استوهبا أنفسكما من الله إني لا أغني عنكما من الله شيئًا)). وكان جدك الأكبر سأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إمارةً؛ فقال: ((أي عمٌ نفسٌ تُحِييها خيرٌ لك من إمارة لا تُحصِيها))، نظرًا لعمه وشفقة عليه أن يليَ فيجورَعن سنته جناحَ بعوضة، فلا يستطيعَ له نفعًا ولا عنه دفعًا. هذه نصيحتي إن قبلتَها فلنفسك عملتَ، وإن رددتها فنفسك بَخسْتَ، واللّه الموفق للخير والمعينُ عليه.
قال: بلى! نقبلها ونشكرُ عليها، وبالله نستعينُ). [عيون الأخبار: 6/338-341]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 10:00 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 10:00 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 10:02 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ويوم نسير الجبال} الآية. التقدير: واذكر يوم، وهذا أفصح ما يتأول في هذا هنا. وقرأ نافع، والأعرج، وشيبة، وعاصم، وابن مصرف، وأبو عبد الرحمن: "نسير" بنون العظمة. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، والحسن، وشبل، وقتادة، وعيسى: "تسير" بالتاء، وفتح الياء المشددة "الجبال" بالرفع، وقرأ الحسن: "يسير" بياء مضمومة والثانية مفتوحة مشددة "الجبال" رفعا. وقرأ ابن محيصن: "تسير" بتاء مفتوحة وسين مكسورة، أسند الفعل إلى "الجبال"، وقرأ أبي بن كعب: "ويوم سيرت الجبال".
وقوله تعالى: "بارزة"، إما أن يريد أن الأرض لذهاب الجبال والظراب والشجر، برزت وانكشفت، وإما أن يريد بروز أهلها، والمحشورين من سكان بطنها. "وحشرناهم" أي أقمناهم من قبورهم وجمعناهم لعرضة القيامة. وقرأ الجمهور: "نغادر" بنون العظمة، وقرأ قتادة: "تغادر" على الإسناد إلى القدرة أو إلى الأرض. وروى أبان بن زيد عن عاصم: "يغادر" بياء مضمومة وفتح الدال "أحد" بالرفع.
وقرأ الضحاك: "فلم نغدر" بنون مضمومة وكسر الدال وسكون الغين.
والمغادرة: الترك، ومنه: غدير الماء، وهو ما تركه السيل). [المحرر الوجيز: 5/615]

تفسير قوله تعالى: {وَعُرِضُوا عَلَىٰ رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ۚ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "صفا" إفراد نزل منزلة الجمع، أي: صفوفا، وفي الحديث الصحيح: "يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد صفوفا يسمعهم الداعي وينفدهم البصر" الحديث. وفي حديث آخر: "أهل الجنة يوم القيامة مائة وعشرون
[المحرر الوجيز: 5/615]
صفا، أنتم منها ثمانون صفا". وقوله تعالى: {لقد جئتمونا} إلى آخر الآية، مقاولة للكفار المنكرين للبعث، ومضمنها التقريع والتوبيخ، والمؤمنون المعتقدون في الدنيا أنهم يبعثون يوم القيامة، لا تكون هذه المخاطبة لهم بوجه، وفي الكلام حذف يقتضيه القول ويحسنه الإيجاز، تقديره: يقال للكفرة منهم. كما خلقناكم أول مرة يفسره قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا"، كما بدأنا أول خلق نعيده). [المحرر الوجيز: 5/616]

تفسير قوله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا}
"الكتاب" اسم جنس يراد به كتب الناس التي أحصتها الحفظة لواحد واحد، ويحتمل أن يكون الموضوع كتابا واحدا حاضرا، و"إشفاق المجرمين": فزعهم من كشفه لهم وفضحه، فشكاية المجرمين إنما هي من الإحصاء، لا من ظلم ولا حيف.
[المحرر الوجيز: 5/616]
وقدم "الصغيرة" اهتماما بها لينبه منها ويدل أن الصغيرة إذا أحصيت فالكبيرة أحرى بذلك، والعرب أبدا تقدم في الذكر الأقل من كل مقترنين، ونحو هذا قولهم: القمران والعمران، سموا باسم الأقل تنبيها منهم، وقال ابن عباس رضي الله عنهما:
"الصغيرة": الضحك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا مثال، وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 5/617]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 2 محرم 1440هـ/12-09-2018م, 06:42 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 2 محرم 1440هـ/12-09-2018م, 06:44 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويوم نسيّر الجبال وترى الأرض بارزةً وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدًا (47) وعرضوا على ربّك صفًّا لقد جئتمونا كما خلقناكم أوّل مرّةٍ بل زعمتم ألّن نجعل لكم موعدًا (48) ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين ممّا فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرًا ولا يظلم ربّك أحدًا (49)}.
يخبر تعالى عن أهوال يوم القيامة، وما يكون فيه من الأمور العظام، كما قال تعالى: {يوم تمور السّماء مورًا وتسير الجبال سيرًا} [الطّور:9، 10] أي: تذهب من أماكنها وتزول، كما قال تعالى: {وترى الجبال تحسبها جامدةً وهي تمرّ مرّ السّحاب} [النّمل:88]، وقال تعالى: {وتكون الجبال كالعهن المنفوش} [القارعة:5] وقال: {ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربّي نسفًا فيذرها قاعًا صفصفًا لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا} [طه:105-107] يقول تعالى: إنّه تذهب الجبال، وتتساوى المهاد، وتبقى الأرض {قاعًا صفصفًا} أي: سطحًا مستويًا لا عوج فيه {ولا أمتًا} أي: لا وادي ولا جبل؛ ولهذا قال تعالى: {وترى الأرض بارزةً} [أي: باديةً ظاهرةً، ليس فيها معلم لأحدٍ ولا مكانٌ يواري أحدًا، بل الخلق كلّهم ضاحون لربّهم لا تخفى عليه منهم خافيةٌ.
قال مجاهدٌ، وقتادة: {وترى الأرض بارزةً}] لا خمر فيها ولا غيابة. قال قتادة: لا بناء ولا شجر.
وقوله: {وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدًا} أي: وجمعناهم، الأوّلين منهم والآخرين، فلم نترك منهم أحدًا، لا صغيرًا ولا كبيرًا، كما قال: {قل إنّ الأوّلين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يومٍ معلومٍ} [الواقعة:50، 49]، وقال: {ذلك يومٌ مجموعٌ له النّاس وذلك يومٌ مشهودٌ} [هودٍ:103]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 164-165]

تفسير قوله تعالى: {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وعرضوا على ربّك صفًّا} يحتمل أن يكون المراد: أنّ جميع الخلائق يقومون بين يدي اللّه صفًّا واحدًا، كما قال تعالى: {يوم يقوم الرّوح والملائكة صفًّا لا يتكلّمون إلا من أذن له الرّحمن وقال صوابًا} [النّبإ:38] ويحتمل أنّهم يقومون صفوفًا صفوفًا، كما قال: {وجاء ربّك والملك صفًّا صفًّا} [الفجر:22]
وقوله: {لقد جئتمونا كما خلقناكم أوّل مرّةٍ} هذا تقريعٌ للمنكرين للمعاد، وتوبيخٌ لهم على رءوس الأشهاد؛ ولهذا قال مخاطبًا لهم: {بل زعمتم ألّن نجعل لكم موعدًا} أي: ما كان ظنّكم أنّ هذا واقعٌ بكم، ولا أنّ هذا كائنٌ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 165]

تفسير قوله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ووضع الكتاب} أي: كتاب الأعمال، الّذي فيه الجليل والحقير، والفتيل والقطمير، والصّغير والكبير {فترى المجرمين مشفقين ممّا فيه} أي: من أعمالهم السيئة وأفعالهم القبيحة، {ويقولون يا ويلتنا} أي: يا حسرتنا وويلنا على ما فرّطنا في أعمارنا {مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها} أي: لا يترك ذنبًا صغيرًا ولا كبيرًا ولا عملًا وإن صغر {إلا أحصاها} أي: ضبطها، وحفظها.
وروى الطّبرانيّ، بإسناده المتقدّم في الآية قبلها، إلى سعد ابن جنادة قال: لمّا فرغ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من غزوة حنين، نزلنا قفرًا من الأرض، ليس فيه شيءٌ، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "اجمعوا، من وجد عودًا فليأت به، ومن وجد حطبًا أو شيئًا فليأت به. قال: فما كان إلّا ساعةٌ حتّى جعلناه ركامًا، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "أترون هذا؟ فكذلك تجمع الذّنوب على الرّجل منكم كما جمعتم هذا. فليتق الله رجل ولا يذنب صغيرةً ولا كبيرةً، فإنّها محصاة عليه "
وقوله: {ووجدوا ما عملوا حاضرًا} أي: من خيرٍ أوشرٍّ كما قال تعالى: {يوم تجد كلّ نفسٍ ما عملت من خيرٍ محضرًا وما عملت من سوءٍ تودّ لو أنّ بينها وبينه أمدًا بعيدًا} [آل عمران:30]، وقال تعالى: {ينبّأ الإنسان يومئذٍ بما قدّم وأخّر} [القيامة:13] وقال تعالى: {يوم تبلى السّرائر} [الطّارق:9] أي: تظهر المخبّآت والضّمائر.
قال الإمام أحمد: حدّثنا أبو الوليد، حدّثنا شعبة، عن ثابتٍ، عن أنسٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لكلّ غادرٍ لواءٌ يوم القيامة [يعرف به".
أخرجاه في الصّحيحين، وفي لفظٍ: "يرفع لكلّ غادرٍ لواءٌ يوم القيامة] عند استه بقدر غدرته، يقال: هذه غدرة فلان بن فلانٍ"
وقوله: {ولا يظلم ربّك أحدًا} أي: فيحكم بين عباده في أعمالهم جميعًا، ولا يظلم أحدًا من خلقه، بل يعفر ويصفح ويرحم ويعذّب من يشاء، بقدرته وحكمته وعدله، ويملأ النّار من الكفّار وأصحاب المعاصي، [ثمّ ينجّي أصحاب المعاصي] ويخلّد فيها الكافرون وهو الحاكم الّذي لا يجور ولا يظلم، قال تعالى: {إنّ اللّه لا يظلم مثقال ذرّةٍ وإن تك حسنةً يضاعفها ويؤت من لدنه أجرًا عظيمًا} [النّساء:40] وقال: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفسٌ شيئًا وإن كان مثقال حبّةٍ من خردلٍ أتينا بها وكفى بنا حاسبين} [الأنبياء:47] والآيات في هذا كثيرةٌ.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يزيد، أخبرنا همّام بن يحيى، عن القاسم بن عبد الواحد المكّيّ، عن عبد اللّه بن محمّد بن عقيلٍ، أنّه سمع جابر بن عبد اللّه يقول: بلغني حديثٌ عن رجلٍ سمعه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فاشتريت بعيرًا ثمّ شدّدت عليه رحلى، فسرت عليه شهرًا، حتّى قدمت عليه الشّام، فإذا عبد اللّه بن أنيسٍ فقلت للبوّاب: قل له: جابرٌ على الباب. فقال: ابن عبد اللّه؟ فقلت: نعم. فخرج يطأ ثوبه، فاعتنقني واعتنقته، فقلت: حديثٌ بلغني عنك أنّك سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في القصاص، فخشيت أن تموت أو أموت قبل أن أسمعه فقال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "يحشر اللّه، عزّ وجلّ النّاس يوم القيامة -أو قال: العباد-عراة غرلا بهمًا" قلت: وما بهمًا؟ قال: "ليس معهم شيءٌ ثمّ يناديهم بصوتٍ يسمعه من بعد، كما يسمعه من قرب: أنا الملك، أنا الدّيّان، لا ينبغي لأحدٍ من أهل النّار أن يدخل النّار، وله عند أحدٍ من أهل الجنّة حقٌّ، حتّى أقصّه منه، ولا ينبغي لأحدٍ من أهل الجنّة أن يدخل الجنّة، وله عند رجلٍ من أهل النّار حقٌّ، حتّى أقصّه منه حتّى اللّطمة". قال: قلنا: كيف، وإنّما نأتي اللّه، عزّ وجلّ، حفاةً عراة غرلا بهمًا؟ قال: بالحسنات والسّيّئات".
وعن شعبة، عن العوّام بن مزاحم، عن أبي عثمان، عن عثمان بن عفّان، رضي اللّه عنه؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّ الجمّاء لتقتصّ من القرناء يوم القيامة" رواه عبد اللّه بن الإمام أحمد وله شواهد من وجوهٍ أخر، وقد ذكرناها عند قوله: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفسٌ شيئًا} [الأنبياء:47] وعند قوله تعالى: {إلا أممٌ أمثالكم ما فرّطنا في الكتاب من شيءٍ ثمّ إلى ربّهم يحشرون} [الأنعام:38]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 165-167]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:34 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة