العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء تبارك

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 02:57 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير سورة القلم[ من الآية (34) إلى الآية (43) ]

{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38) أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41) يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 02:58 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف
تفسير قوله تعالى: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ للمتّقين عند ربّهم جنّات النّعيم (34) أفنجعل المسلمين كالمجرمين (35) ما لكم كيف تحكمون}.
يقول تعالى ذكره: {إنّ للمتّقين} الّذين اتّقوا عقوبة اللّه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه {عند ربّهم جنّات النّعيم}. يعني: بساتين النّعيم الدّائم). [جامع البيان: 23 / 184]

تفسير قوله تعالى: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين}. يقول تعالى ذكره: أفنجعل أيّها النّاس في كرامتي ونعمتي في الآخرة الّذين خضعوا لي بالطّاعة، وذلّوا لي بالعبوديّة، وخشعوا لأمري ونهيي، كالمجرمين الّذي اكتسبوا المأثم، وركبوا المعاصي، وخالفوا أمري ونهيي؟ كلاّ ما اللّه بفاعلٍ ذلك). [جامع البيان: 23 / 184]

تفسير قوله تعالى: (مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ما لكم كيف تحكمون}: أتجعلون المطيع للّه من عبيده، والعاصي له منهم في كرامته سواءً. يقول جلّ ثناؤه: لا تسوّوا بينهما فإنّهما لا يستويان عند اللّه، بل المطيع له الكرامة الدّائمة، والعاصي له الهوان الباقي). [جامع البيان: 23 / 184]

تفسير قوله تعالى: (أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أم لكم كتابٌ فيه تدرسون (37) إنّ لكم فيه لما تخيّرون (38) أم لكم أيمانٌ علينا بالغةٌ إلى يوم القيامة إنّ لكم لما تحكمون}.
يقول تعالى ذكره للمشركين به من قريش: ألكم أيّها القوم بتسويتكم بين المسلمين والمجرمين في كرامة اللّه كتابٌ نزل من عند اللّه أتاكم به رسولٌ من رسله بأنّ لكم ما تخيّرون، فأنتم تدرسون فيه ما تقولون.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {أم لكم كتابٌ فيه تدرسون}. قال: فيه الّذي تقولون تقرءونه: تدرسونه، وقرأ: {أم آتيناهم كتابًا فهم على بيّنتٍ منه} إلى آخر الآية). [جامع البيان: 23 / 184-185]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {تدرسون} قال: تقرؤون وفي قوله: {أيمان علينا بالغة} قال: عهد علينا). [الدر المنثور: 14 / 640]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إنّ لكم فيه لمّا تخيّرون}. يقول جلّ ثناؤه: إنّ لكم في ذلك الّذي تخيّرون من الأمور لأنفسكم، وهذا أمرٌ من اللّه، توبيخٌ لهؤلاء القوم وتقريعٌ لهم فيما كانوا يقولون من الباطل، ويتمنّون من الأمانيّ الكاذبة). [جامع البيان: 23 / 185]

تفسير قوله تعالى: (أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أم لكم أيمانٌ علينا بالغةٌ إلى يوم القيامة}. يقول: هل لكم أيمانٌ علينا تنتهي بكم إلى يوم القيامة، بأنّ لكم ما تحكمون أي بأنّ لكم حكمكم، ولكنّ الألف كسرت من {إنّ} لمّا دخل في الخبر اللاّم: أي هل لكم أيمانٌ علينا بأنّ لكم حكمكم؟). [جامع البيان: 23 / 185]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {تدرسون} قال: تقرؤون وفي قوله: {أيمان علينا بالغة} قال: عهد علينا). [الدر المنثور: 14 / 640] (م)

تفسير قوله تعالى: (سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {سلهم أيّهم بذلك زعيمٌ (40) أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: سل يا محمّد هؤلاء المشركين أيّهم بأنّ لهم علينا أيمانًا بالغةً بحكمهم إلى يوم القيامة {زعيمٌ} يعني: كفيلٌ به، والزّعيم عند العرب: الضّامن والمتكلّم عن القوم.
- كما: حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أيّهم بذلك زعيمٌ}. يقول: أيّهم بذلك كفيلٌ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {سلهم أيّهم بذلك زعيمٌ}. يقول: أيّهم بذلك كفيلٌ). [جامع البيان: 23 / 185-186]

تفسير قوله تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين}. يقول تعالى ذكره: ألهؤلاء القوم شركاء فيما يقولون ويصفون من الأمور الّتي يزعمون أنّها لهم، فليأتوا بشركائهم في ذلك إن كانوا - فيما يدعون من الشّركاء - صادقين). [جامع البيان: 23 / 186]

تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا أسامة بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله: {يوم يكشف عن ساق} [سورة القلم: 42] قال: يوم كرب وشدة). [الزهد لابن المبارك: 2/736]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن التيمي عن أبيه عن مغيرة عن إبراهيم في قوله تعالى يوم يكشف عن ساق قال عن أمر عظيم وقال قد قامت الحرب على ساق وقال إبراهيم قال ابن مسعود يكشف عن ساق قال: قال ابن عباس يكشف عن ساق فيسجد كل مؤمن ويقسو ظهر الكافر فيكون عظما واحدا). [تفسير عبد الرزاق: 2/310]

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى يوم يكشف عن ساق قال يكشف عن شدة الأمر). [تفسير عبد الرزاق: 2/310]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن سلمة بن كهيل عن أبي صادق عن ابن مسعود في قوله تعالى يوم يكشف عن ساق قال يعني ساقه تبارك وتعالى). [تفسير عبد الرزاق: 2/310]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ويدعون إلى السجود قال بلغني أنه يؤذن للمؤمنين يوم القيامة في السجود وبين كل مؤمنين منافق فيسجد المؤمنين ولا يستطيع المنافقون أن يسجدوا أحسبه قال تقسوا ظهورهم ويكون سجود المؤمنين توبيخا لهم قال وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سلمون). [تفسير عبد الرزاق: 2/310]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {يوم يكشف عن ساقٍ} [القلم: 42]
- حدّثنا آدم، حدّثنا اللّيث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلالٍ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي سعيدٍ رضي اللّه عنه، قال: سمعت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: «يكشف ربّنا عن ساقه، فيسجد له كلّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ، فيبقى كلّ من كان يسجد في الدّنيا رياءً وسمعةً، فيذهب ليسجد، فيعود ظهره طبقًا واحدًا»). [صحيح البخاري: 6 / 159]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب يوم يكشف عن ساق)
أخرج أبو يعلى بسندٍ فيه ضعفٌ عن أبي موسى مرفوعًا في قوله يوم يكشف عن ساق قال عن نورٍ عظيمٍ فيخرّون له سجّدًا وقال عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة في قوله يوم يكشف عن ساق قال عن شدّة أمرٍ وعند الحاكم من طريق عكرمة عن بن عبّاسٍ قال هو يوم كربٍ وشدّةٍ قال الخطّابيّ فيكون المعنى يكشف عن قدرته الّتي تنكشف عن الشّدّة والكرب وذكر غير ذلك من التّأويلات كما سيأتي بيانه عند حديث الشّفاعة مستوفًى في كتاب الرّقاق إن شاء اللّه تعالى ووقع في هذا الموضع يكشف ربّنا عن ساقه وهو من رواية سعيد بن أبي هلالٍ عن زيد بن أسلم فأخرجها الإسماعيليّ كذلك ثمّ قال في قوله عن ساقه نكرةٌ ثمّ أخرجه من طريق حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم بلفظ يكشف عن ساق قال الإسماعيليّ هذه أصحّ لموافقتها لفظ القرآن في الجملة لا يظنّ أنّ اللّه ذو أعضاءٍ وجوارحٍ لما في ذلك من مشابهة المخلوقين تعالى اللّه عن ذلك ليس كمثله شيء). [فتح الباري: 8 / 664]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ: {يوم يكشف عن ساق} (القلم: 42)
أي: هذا باب في قوله تعالى: {يوم يكشف عن ساق} قيل: تكشف القيامة عن ساقها، وقيل: عن أمر شديد فظيع وهو إقبال الآخرة. وذهاب الدّنيا، وهذا من باب الاستعارة تقول العرب للرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج فيه إلى اجتهاد ومعاناة ومقاساة للشدة شمر عن ساقه، فاستعير السّاق في موضع الشدّة، وإن لم يكن كشف السّاق حقيقة، كما يقال: أسفر وجه الصّبح، واستقام له صدر الرّأي، والعرب تقول: لسنة الحرب: كشفت عن ساقها.
- حدّثنا آدم حدّثنا اللّيث عن خالد بن يزيد عن سعيدٍ بن أبي هلالٍ عن زيد ابن أسلم عن عطاء بن يسّار عن أبي سعيدٍ رضي الله عنه قال سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول يكشف ربّنا عن ساقه فيسجد له كلّ مؤمنٍ ومؤمنّةٍ ويبقى من كان يسجد في الدّنيا رياء وسمعةً فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا..
مطابقته للتّرجمة في قوله: (يكشف ربنا عن ساقه) وآدم هو ابن أبي إياس، واللّيث هو ابن سعد، وخالد بن يزيد من الزّيادة. الجمحي السكسكي الاسكندراني الفقيه المفتي، وسعيد بن أبي هلال اللّيثيّ المدني، وزيد بن أسلم أبو أسامة مولى عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، وأبو سعيد هو الخدريّ واسمه سعد بن مالك الأنصاريّ، وهذا الحديث مختصر من حديث الشّفاعة.
قوله: (يكشف ربنا عن ساقه) ، من المتشابهات، ولأهل العلم في هذا الباب قولان: أحدهما: مذهب معظم السّلف أو كلهم تفويض الأمر فيه إلى الله تعالى والإيمان به، واعتقاد معنى يليق لجلال الله عز وجل والآخر: هو مذهب بعض المتكلّمين أنّها تتأول على ما يليق به، ولا يسوغ ذلك إلاّ لمن كان من أهله بأن يكون عارفًا بلسان العرب، وقواعد الأصول والفروع، فعلى هذا قالوا: المراد بالساق هنا الشدّة، أي: يكشف الله عن شدّة وأمر مهول، وكذا فسره ابن عبّاس، وقال عياض: المراد بالساق النّور العظيم، وروي عن أبي موسى الأشعريّ عن النّبي صلى الله عليه وسلم: (يوم يكشف عن ساق) قال: عن نور عظيم يخرون له سجدا وعن قتادة فيما رواه عبد بن حميد (يوم يكشف عن ساق) عن أمر فظيع، وعن عبد الله هي ستور رب العزّة إذا كشف للمؤمن يوم القيامة، وعن الرّبيع بن أنس: يكشف عن الغطاء فيقع من كان آمن به في الدّنيا ساجدا، وقال الحكيم التّرمذيّ وأما القول من قال: المراد بالساق الشدّة في القيامة، وفي هذا قوّة لأهل التعطيل، وجاء حديث عن ابن مسعود يرفعه، وفيه بم تعرفون ربكم؟ قالوا: بيننا وبينه علامة أن رأيناها عرفناه. قال: ما هي؟ قال: يكشف عن ساق. قال: فيكشف عند ذلك عن ساق فيخر المؤمنون سجدا. قال: وما ينكر هذا اللفط ويفر منه إلاّ من يفر عن اليد والقدم والوجه ونحوها. فعطل الصّفات. وزعم ابن الجوزيّ: أن ذلك بمعنى كشف الشدائد عن المؤمنين فيسجدون شكرا. واستدلّ على ذلك بحديث أبي موسى مرفوعا. فيكشف لهم الحجاب فينظرون إلى الله، وعن ابن مسعود: إذا كان يوم القيامة قام النّاس لرب العالمين أربعين عاما فيه فعند ذلك يكشف عن ساق ويتجلى لهم، وأوله بعضهم بأن الله يكشف لهم عن ساق لبعض المخلوفين من ملائكته وغيرهم، ويجعل ذلك سببا لبيان ما شاء من حكمته في أهل الإيمان والنفاق. وعن أبي العبّاس النّحويّ أنه قال: السّاق النّفس. كما قال عليّ، رضي الله تعالى عنه: والله لأقاتلن الخوارج ولو تلفت ساقي، فيحتمل أن يكون المراد به تجلي ذاته لهم وكشف الحجب حتّى إذا رأوه سجدوا له. وقرأها ابن عبّاس: يكشف، بضم الياء وقرىء: نكشف، بالنّون، ويكشف، على البناء للفاعل وللمفعول جميعًا، والفعل للساعة أو للحال أي: يوم تشتد الحال أو السّاعة. وقرىء: بالياء المضمومة وكسر الشين من أكشف إذا دخل في الكشف. قوله: (فيسجد له) ، أي: لله. فإن قلت: القيامة دار الجزاء لا دار العمل. قلت: هذا السّجود لا يكون على سبيل التّكليف بل على سبيل التّلذّذ به والتقرب إلى الله تعالى. قوله: (ياء) ، أي: ليراه النّاس. قوله: (وسمعه) ، أي: ليسمعونه. قوله: (طبقًا واحدًا) ، أي: لا ينثني للسّجود ولا ينحني له، وهو بفتح الطّاء. والباء الموحدة. قال الهرويّ: الطّبق ففار الظّهر أي: سار فقاره واحدًا كالصحيفة فلا يقدر على السّجود، وجاء في حديث طويل فالمؤمنون يخرون سجدا على وجوههم ويخر كل منافق على قفاه، ويجعل الله تعالى أصلابهم كصيامي البقر، وفي رواية: ويبقى المنافقون لا يستطيعون كأن في ظهورهم السّفافيد فيذهب بهم إلى النّار، وقال النّوويّ: وقد استدلّ بعض العلماء بهذا مع قول الله تعالى: {ويدعون إلى السّجود فلا يستطيعون} (القلم: 42) على جواز تكليف ما لا يطاق وهذا استدلال باطل. فإن الآخرة ليست دار تكليف بالسّجود وإنّما المراد امتحانهم). [عمدة القاري: 19 / 257-258]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {يوم يكشف عن ساقٍ}
هذا (باب) بالتنوين أي في قوله تعالى: ({يوم يكشف عن ساق}) [القلم: 42] هو عبارة عن شدة الأمر يوم القيامة للحساب والجزاء يقال كشفت الحرب عن ساق إذا اشتد الأمر فيها فهو كناية إذ لا كشف ولا ساق وسقط لفظ باب لغير أبي ذر.
- حدّثنا آدم، حدّثنا اللّيث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلالٍ، عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسارٍ عن أبي سعيدٍ -رضي الله عنه- قال: سمعت النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- يقول: «يكشف ربّنا عن ساقه، فيسجد له كلّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ، ويبقى من كان يسجد في الدّنيا رياءً وسمعةً، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا».
وبه قال: (حدّثنا آدم) ابن أبي إياس قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن خالد بن يزيد) من الزيادة السكسكي الجمحي الإسكندراني (عن سعيد بن أبي هلال) الليثي المدني (عن زيد بن أسلم) مولى عمر بن الخطاب (عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد) سعد بن مالك الأنصاري الخدري (-رضي الله عنه-) أنه (قال: سمعت النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- يقول): (يكشف ربنا عن ساقه) في حديث أبي موسى عن النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- أنه قال: عن نور عظيم رواه أبو يعلى بسند فيه ضعف وعن قتادة فيما رواه عبد الرزاق عن شدّة أمر وعن ابن عباس عند الحاكم قال هو يوم كرب وشدّة وأخرج الإسماعيلي من طريق حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم يكشف عن ساق قال الإسماعيلي هذه أصح لموافقتها لفظ القرآن والله تعالى يتعالى عن شبه المخلوقين (فيسجد له) تعالى (كل مؤمن ومؤمنة) متلذذين لا على سبيل التكليف (ويبقى من) ولأبي ذر فيبقى كل من (كان يسجد في الدنيا رياء) ليراه الناس (وسمعة) ليسمعوه (فيذهب ليسجد) ولأبي ذر يسجد (فيعود ظهره طبقًا واحدًا) بفتح الطاء المهملة والموحدة لا ينثني للسجود ولا ينحني له قال الهروي يصير فقارة واحدة كالصفيحة فلا يقدر على السجود.
ومباحث هذا تأتي إن شاء الله تعالى في حديث الشفاعة بعون الله ومنّه). [إرشاد الساري: 7 / 399]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة، عن النّعمان بن سالمٍ، قال: سمعت يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعودٍ، وقال عبد الله بن عمرٍو: قال رسول الله: «يخرج الدّجّال، فيبعث الله عزّ وجلّ عيسى ابن مريم عليه السّلام كأنّه عروة بن مسعودٍ الثّقفيّ، فيطلبه فيهلكه، ثمّ يلبث النّاس بعده تسع سنين ليس بين اثنين عداوةٌ، ثمّ يرسل الله عزّ وجلّ ريحًا باردةً من قبل الشّام، فلا تبقي أحدًا في قلبه مثقال ذرّةٍ من إيمانٍ إلّا قبضته، حتّى لو أنّ أحدكم كان في كبد جبلٍ دخلت عليهم»، قال: سمعتها من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " ويبقى شرار النّاس في خفّة الطّير، وأحلام السّباع، لا يعرفون معروفًا، ولا ينكرون منكرًا، فيتمثّل لهم الشّيطان فيأمرهم بالأوثان فيعبدونها، وهم في ذلك دارّةٌ أرزاقهم، حسنةٌ عيشتهم، ثمّ ينفخ في الصّور فلا يبقى أحدٌ إلّا صعق، ثمّ يرسل الله - أو ينزل الله - مطرًا، فتنبت منه أجساد النّاس، ثمّ ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيامٌ ينظرون، ثمّ يقال: يا أيّها النّاس، هلمّوا إلى ربّكم {وقفوهم إنّهم مسئولون} [الصافات: 24]، ثمّ قال: أخرجوا بعث أهل النّار، فيقال: كم؟، فيقال: من كلّ ألفٍ تسعمائةٍ وتسعةٌ وتسعون، فيومئذٍ يبعث {الولدان شيبًا} [المزمل: 17] ويومئذٍ {يكشف عن ساقٍ} [القلم: 42] قال محمّد بن جعفرٍ: حدّثني شعبة بهذا الحديث، عن النّعمان بن سالمٍ وعرضته عليه). [السنن الكبرى للنسائي: 10/316] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يوم يكشف عن ساقٍ ويدعون إلى السّجود فلا يستطيعون (42) خاشعةً أبصارهم ترهقهم ذلّةٌ وقد كانوا يدعون إلى السّجود وهم سالمون}.
يقول تعالى ذكره {يوم يكشف عن ساقٍ} قال جماعةٌ من الصّحابة والتّابعين من أهل التّأويل: يبدو عن أمرٍ شديدٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عبيدٍ المحاربيّ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن المبارك، عن أسامة بن زيدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {يوم يكشف عن ساقٍ}. قال: هو يوم حربٍ وشدّةٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن المغيرة، عن إبراهيم، عن ابن عبّاسٍ: {يوم يكشف عن ساقٍ}. قال: عن أمرٍ عظيمٍ كقول الشّاعر:
وقامت الحرب بنا على ساق
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم: {يوم يكشف عن ساقٍ}: ولا يبقى مؤمنٌ إلاّ سجد، ويقسو ظهر الكافر فيكون عظمًا واحدًا، وكان ابن عبّاسٍ يقول: يكشف عن أمرٍ عظيمٍ، ألا تسمع العرب تقول:
وقامت الحرب بنا على ساق
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يوم يكشف عن ساقٍ}. يقول: حين يكشف الأمر، وتبدو الأعمال، وكشفه: دخول الآخرة وكشف الأمر عنه.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثنا معاوية، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يوم يكشف عن ساقٍ}: هو الأمر الشّديد المفظع من الهول يوم القيامة.
- حدّثني محمّد بن عبيدٍ المحاربيّ وابن حميدٍ، قالا: حدّثنا ابن المبارك، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {يوم يكشف عن ساقٍ}. قال: شدّة الأمر وجدّه، قال ابن عبّاسٍ: هي أشدّ ساعةٍ في يوم القيامة.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى؛ وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {يوم يكشف عن ساقٍ}. قال: شدّة الأمر، قال ابن عبّاسٍ: هي أوّل ساعةٍ تكون في يوم القيامة. غير أنّ في حديث الحارث قال: وقال ابن عبّاسٍ: هي أشدّ ساعةٍ تكون في يوم القيامة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن عاصم بن كليبٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: عن شدّة الأمر.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {يوم يكشف عن ساقٍ}. قال: عن أمرٍ فظيعٍ جليلٍ.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {يوم يكشف عن ساقٍ}. قال: يوم يكشف عن شدّة الأمر.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {يوم يكشف عن ساقٍ} وكان ابن عبّاسٍ يقول: كان أهل الجاهليّة يقولون: شمّرت الحرب عن ساقٍ، يعني الله تعالى: إقبال الآخرة، وذهاب الدّنيا.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن سلمة بن كهيلٍ، قال: حدّثنا أبو الزّعراء، عن عبد اللّه، قال: يتمثّل اللّه للخلق يوم القيامة حتّى يمرّ المسلمون، قال: فيقول: من تعبدون؟ فيقولون: نعبد اللّه لا نشرك به شيئًا، فينتهزهم مرّتين أو ثلاثًا، فيقول: هل تعرفون ربّكم؟ فيقولون: سبحانه إذا اعترف إلينا عرفناه، قال: فعند ذلك يكشف عن ساقٍ، فلا يبقى مؤمنٌ إلاّ خرّ للّه ساجدًا، ويبقى المنافقون ظهورهم طبقٌ واحدٌ، كأنّما فيها السّفافيد، فيقولون: ربّنا، فيقول: قد كنتم تدعون إلى السّجود وأنتم سالمون.
- حدّثني يحيى بن طلحة اليربوعيّ، قال: حدّثنا شريكٌ، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، قال: ينادي منادٍ يوم القيامة: أليس عدلاً من ربّكم أن خلقكم، ثمّ صوّركم، ثمّ رزقكم، ثمّ تولّيتم غيره أن يولّى كلّ عبدٍ منكم ما تولّى؟ فيقولون: بلى، قال: فيمثّل لكلّ قومٍ آلهتهم الّتي كانوا يعبدونها، فيتّبعونها حتّى توردهم النّار، ويبقى أهل الدّعوة، فيقول بعضهم لبعضٍ: ماذا تنتظرون، ذهب النّاس؟ فيقولون: ننتظر أن ينادى بنا، فيجيء إليهم في صورةٍ، قال: فذكر منها ما شاء اللّه، فيكشف عمّا شاء اللّه أن يكشف قال: فيخرّون سجّدًا إلاّ المنافقين، فإنّه يصير فقار أصلابهم عظمًا واحدًا مثل صياصي البقر، فيقال لهم: ارفعوا رءوسكم إلى نوركم. ثمّ ذكر قصّةً فيها طولٌ.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ، قال: حدّثنا الأعمش، عن المنهال، عن قيس بن سكنٍ، قال: حدّث عبد اللّه، وهو عند عمر {يوم يقوم النّاس لربّ العالمين}. قال: إذا كان يوم القيامة قال: يقوم النّاس بين يدي ربّ العالمين أربعين عامًا، شاخصةً أبصارهم إلى السّماء، حفاةً عراةً، يلجمهم العرق، ولا يكلّمهم بشرٌ أربعين عامًا، ثمّ ينادي منادٍ: يا أيّها النّاس أليس عدلاً من ربّكم الّذي خلقكم وصوّركم ورزقكم، ثمّ عبدتم غيره، أن يولّى كلّ قومٍ ما تولّوا؟ قالوا: نعم؟ قال: فيرفع لكلّ قومٍ ما كانوا يعبدون من دون اللّه؛ قال: ويمثّل لكلّ قومٍ، يعني آلهتهم، فيتّبعونها حتّى تقذفهم في النّار، فيبقى المسلمون والمنافقون، فيقال: ألا تذهبون فقد ذهب النّاس؟
فيقولون: حتّى يأتينا ربّنا، قال: وتعرفونه؟ فقالوا: إن اعترف لنا، قال: فيتجلّى فيخرّ من كان يعبده ساجدًا، قال: ويبقى المنافقون لا يستطيعون كأنّ في ظهورهم السّفافيد. قال: فيذهب بهم فيساقون إلى النّار، فيقذف بهم، ويدخل هؤلاء الجنّة، قال: فيستقبلون في الجنّة بما يستقبلون به من الثّواب والأزواج والحور العين، لكلّ رجلٍ منهم في الجنّة كذا وكذا، بين كلّ جنّةٍ كذا، بين أدناها وأقصاها كذا ألف سنةٍ، هو يرى أقصاها كما يرى أدناها؛ قال: ويستقبله رجلٌ حسن الهيئة إذا نظر إليه مقبلاً حسب أنّه ربّه، فيقول له: لا تفعل إنّما أنا عبدك وقهرمانك على ألف قريةٍ. قال: يقول عمر: يا كعب، ألا تسمع ما يحدّث به عبد اللّه؟.
- حدّثنا ابن جبلة، قال: حدّثنا يحيى بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أبو عوانة، قال: حدّثنا سليمان الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن أبي عبيدة وقيس بن سكنٍ، قالا: قال عبد اللّه وهو يحدّث عمر، قال: وجعل عمر يقول: ويحك يا كعب، ألا تسمع ما يقول عبد اللّه؟ إذا حشر النّاس على أرجلهم أربعين عامًا شاخصةً أبصارهم إلى السّماء، لا يكلّمهم بشرٌ، والشّمس على رءوسهم حتّى يلجمهم العرق، كلّ برٍّ منهم وفاجرٍ، ثمّ ينادي منادٍ من السّماء: يا أيّها النّاس أليس عدلاً من ربّكم الّذي خلقكم ورزقكم وصوّركم، ثمّ تولّيتم غيره، أن يولّي كلّ رجلٍ منكم ما تولّى؟ فيقولون: بلى؛ ثمّ ينادي منادٍ من السّماء: يا أيّها النّاس، فلتنطلق كلّ أمّةٍ إلى ما كانت تعبد، قال: ويبسط لهم السّراب، قال: فيمثّل لهم ما كانوا يعبدون، قال: فينطلقون حتّى يلجوا النّار، فيقال للمسلمين: ما يحبسكم؟ فيقولون: هذا مكاننا حتّى يأتينا ربّنا، فيقال لهم: هل تعرفونه إذا رأيتموه؟ فيقولون: إن اعترف لنا عرفناه.
- قال: وثني أبو صالحٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: حتّى إنّ أحدهم ليلتفّ فيكشف عن ساقٍ، فيقعون سجودًا، قال: وتدمج أصلاب المنافقين حتّى تكون عظمًا واحدًا، كأنّها صياصي البقر، قال: فيقال لهم: ارفعوا رءوسكم إلى نوركم بقدر أعمالكم؛ قال: فترفع طائفةٌ منهم رءوسهم إلى مثل الجبال من النّور، فيمرّون على الصّراط كطرف العين، ثمّ ترفع أخرى رءوسهم إلى أمثال القصور، فيمرّون على الصّراط كمرّ الرّيح، ثمّ يرفع آخرون بين أيديهم أمثال البيوت، فيمرّون كحضر الخيل؛ ثمّ يرفع آخرون إلى نورٍ دون ذلك، فيشدّون شدًّا؛ وآخرون دون ذلك يمشون مشيًا حتّى يبقى آخر النّاس رجلٌ على أنملة رجله مثل السّراج، فيخرّ مرّةً، ويستقيم أخرى، وتصيبه النّار فتشعث منه حتّى يخرج، فيقول: ما أعطي أحدٌ ما أعطيت، ولا يدري ممّا نجا، غير أنّي وجدت مسّها، وإنّي وجدت حرّها. وذكر حديثًا فيه طولٌ اختصرت هذا منه.
- حدّثني موسى بن عبد الرّحمن المسروقيّ، قال: حدّثنا جعفر بن عونٍ، قال: حدّثنا هشام بن سعدٍ، قال: حدّثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: ألا لتلحق كلّ أمّةٍ بما كانت تعبد، فلا يبقى أحدٌ كان يعبد صنمًا ولا وثنًا ولا صورةً إلاّ ذهبوا حتّى يتساقطوا في النّار، ويبقى من كان يعبد اللّه وحده من برٍّ وفاجرٍ، وغبّرات أهل الكتاب ثمّ تعرض جهنّم كأنّها سرابٌ يحطم بعضها بعضًا، ثمّ يدعى اليهود، فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: عزير ابن اللّه، فيقول: كذبتم ما اتّخذ اللّه من صاحبةٍ ولا ولدٍ، فماذا تريدون؟ فيقولون: أي ربّنا ظمئنا فيقول: أفلا تردون؟ فيذهبون حتّى يتساقطوا في النّار، ثمّ تدعى النّصارى، فيقال: ماذا كنتم تعبدون؟ فيقولون: المسيح ابن اللّه، فيقول: كذبتم ما اتّخذ اللّه من صاحبةٍ ولا ولدٍ، فماذا تريدون؟ فيقولون: أي ربّنا ظمئنا اسقنا، فيقول: أفلا تردون، فيذهبون فيتساقطون في النّار، فيبقى من كان يعبد اللّه من برٍّ وفاجرٍ قال: ثمّ يتبدّى اللّه لنا في صورةٍ غير صورته الّتي رأيناه فيها أوّل مرّةٍ، فيقول: أيّها النّاس لحقت كلّ أمّةٍ بما كانت تعبد، وبقيتم أنتم فلا يكلّمه يومئذٍ إلاّ الأنبياء، فيقولون: فارقنا النّاس في الدّنيا، ونحن كنّا إلى صحبتهم فيها أحوج لحقت كلّ أمّةٍ بما كانت تعبد، ونحن ننتظر ربّنا الّذي كنّا نعبد، فيقول: أنا ربّكم، فيقولون: نعوذ باللّه منك، فيقول: هل بينكم وبين اللّه آيةٌ تعرفونها؟ فيقولون نعم، فيكشف عن ساقٍ، فيخرّون سجّدًا أجمعون، ولا يبقى أحدٌ كان سجد في الدّنيا سمعةً ولا رياءً ولا نفاقًا، إلاّ صار ظهره طبقًا واحدًا، كلّما أراد أن يسجد خرّ على قفاه؛ قال: ثمّ يرجع يرفع برّنا ومسيئنا، وقد عاد لنا في صورته الّتي رأيناه فيها أوّل مرّةٍ، فيقول: أنا ربّكم، فيقولون: نعم أنت ربّنا. ثلاث مرارٍ.
- حدّثني محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، قال: حدّثني أبي وشعيب بن اللّيث، عن اللّيث، قال: حدّثنا خالد بن يزيد، عن ابن أبي هلالٍ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ينادي مناديه فيقول: ليلحق كلّ قومٍ بما كانوا يعبدون فيذهب أصحاب الصّليب مع صليبهم، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كلّ آلهةٍ مع آلهتهم حتّى يبقى من كان يعبد اللّه من برٍّ وفاجرٍ وغبّرات أهل الكتاب، ثمّ يؤتى بجهنّم تعرض كأنّها سرابٌ ثمّ ذكر نحوه، غير أنّه قال فإنّا ننتظر ربّنا فقال: - إن كان قاله - فيأتيهم الجبّار، ثمّ حدّثنا الحديث نحو حديث المسروقيّ.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن المحاربيّ، عن إسماعيل بن رافعٍ المدنيّ، عن يزيد بن أبي زيادٍ، عن رجلٍ من الأنصار، عن أبي هريرة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: يأخذ اللّه للمظلوم من الظّالم حتّى إذا لم يبق تبعةٌ لأحدٍ عند أحدٍ جعل اللّه ملكًا من الملائكة على صورة عزيرٍ، فتتبعه اليهود، وجعل اللّه ملكًا من الملائكة على صورة عيسى فتتبعه النّصارى، ثمّ نادى منادٍ أسمع الخلائق كلّهم، فقال: ألا ليلحق كلّ قومٍ بآلهتهم وما كانوا يعبدون من دون اللّه، فلا يبقى أحدٌ كان يعبد من دون اللّه شيئًا إلاّ مثّل له آلهته بين يديه، ثمّ قادتهم إلى النّار حتّى إذا لم يبق إلاّ المؤمنون فيهم المنافقون قال اللّه جلّ ثناؤه: أيّها النّاس ذهب النّاس، الحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون فيقولون واللّه ما لنا إلهٌ إلاّ اللّه وما كنّا نعبد إلهًا غيره، وهو اللّه ثبّتهم، ثمّ يقول لهم الثّانية ذلك: الحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون، فيقولون مثل ذلك، فيقال: هل بينكم وبين ربّكم من آيةٍ تعرفونها؟ فيقولون نعم، فيتجلّى لهم من عظمته ما يعرفونه أنّه ربّهم فيخرّون له سجّدًا على وجوههم ويقع كلّ منافقٍ على قفاه، ويجعل اللّه أصلابهم كصياصي البقر.
- وحدّثني أبو زيدٍ عمر بن شبّة، قال: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: حدّثنا أبو سعدٍ روح بن جناحٍ، عن مولًى لعمر بن عبد العزيز، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: {يوم يكشف عن ساقٍ} قال: عن نورٍ عظيمٍ يخرّون له سجّدًا.
- حدّثني جعفر بن محمّدٍ البزوريّ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، في قول اللّه {يوم يكشف عن ساقٍ} قال: يكشف عن الغطاء، قال: {يدعون إلى السّجود وهم سالمون}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن أسامة بن زيدٍ، عن عكرمة، في قوله: {يوم يكشف عن ساقٍ}. قال: هو يوم كربٍ وشدّةٍ.
وذكر عن ابنٍ عبّاسٍ أنّه كان يقرأ ذلك: {يوم يكشف عن ساقٍ} بمعنى تكشف القيامة عن شدّةٍ شديدةٍ، والعرب تقول: كشف هذا الأمر عن ساقٍ: إذا صار إلى شدّةٍ؛ ومنه قول الشّاعر:
كشفت لهم عن ساقها = وبدا من الشّرّ البراح
وقوله: {ويدعون إلى السّجود فلا يستطيعون}. يقول: ويدعوهم الكشف عن السّاق إلى السّجود للّه تعالى فلا يطيقون ذلك). [جامع البيان: 23 / 186-197]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا آدم قال ثنا أبو عمر الصنعاني عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يكشف ربنا عز وجل عن ساقه فلا يبقى من سجد له في الدنيا من تلقاء نفسه إلا أذن له بالسجود ولا يبقى من سجد له اتقاء أو رياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه). [تفسير مجاهد: 2/689-690]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا الحسين بن محمّدٍ القبّانيّ، ثنا سعيد بن يحيى الأمويّ، ثنا عبد اللّه بن المبارك، أنبأ أسامة بن زيدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهم، أنّه سئل عن قوله عزّ وجلّ: {يوم يكشف عن ساقٍ} [القلم: 42] قال: «إذا خفي عليكم شيءٌ من القرآن فابتغوه في الشّعر، فإنّه ديوان العرب» أما سمعتم قول الشّاعر: [البحر الرجز]
اصبر عناق إنّه شرٌّ باقٍ = قد سنّ قومك ضرب الأعناق
وقامت الحرب بنا عن ساق
قال ابن عبّاسٍ: هذا يوم كربٍ وشدّةٍ" هذا حديثٌ صحيح الإسناد وهو أولى من حديثٍ روي عن ابن مسعودٍ بإسنادٍ صحيحٍ لم أستجز روايته في هذا الموضع). [المستدرك: 2 / 542]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يكشف ربّنا عن ساقه، فيسجد له كلّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ، ويبقى من كان يسجد في الدّنيا رياء وسمعة، فيذهب ليسجد، فيعود ظهره طبقاً واحداً».
وأخرجه البخاري هكذا، وهو طرف من حديث طويل، وقد أخرجه هو ومسلم بطوله، وهو مذكور في كتاب القيامة من حرف القاف.
[شرح الغريب]
(يكشف عن ساقه) الساق في اللغة: الأمر الشديد، و (كشف الساق) مثل في شدة الأمر. وأصله في الروع، كما يقال للأقطع الشحيح: يده مغلولة، ولا يد ثم ولا غل، وإنما هو مثل في البخل، وكذلك هذا: لا ساق هناك ولا كشف
(طبقاً) الطبق: خرز الظهر، واحدتها: طبقة، يقال: صار فقارهم فقارة واحدة، فلا يقدرون على السجود، وقيل: الطبق: عظم رقيق يفصل بين الفقارين، أي: صار الظهر عظماً واحداً
(رياء وسمعة) فعلت الشيء رياء وسمعة: إذا فعلته ليراك الناس ويسمعوك). [جامع الأصول: 2 / 412-413]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {يوم يكشف عن ساقٍ} [القلم: 42].
- عن أبي موسى «عن النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - {يوم يكشف عن ساقٍ} [القلم: 42] قال: " عن نورٍ عظيمٍ يخرّون له سجّدًا».
رواه أبو يعلى، وفيه روح بن جناحٍ، وثّقه دحيمٌ وقال فيه: ليس بالقويّ، وبقيّة رجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7 / 128]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال أبو يعلى الموصليّ: ثنا القاسم بن يحيى، ثنا الوليد بن مسلمٍ، ثنا أبو سعيدٍ روح بن جناحٍ عن مولًى لعمر بن عبد العزيز، عن أبي بردة، عن أبيه- رضي اللّه عنه- عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "يوم يكشف عن ساق) قال: عن نورٍ، عظيمٍ، يخرّون له سجّدًا".
هذا إسناد رواته ثقات). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6 / 291-292]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال أبو يعلى: حدثنا القاسم بن يحيى، ثنا الوليد بن مسلمٍ، ثنا أبو سعيدٍ روح بن جناحٍ، (عن مولًى لعمر بن عبد العزيز)، عن أبي بردة، عن أبي موسى رضي الله عنهما، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {يوم يكشف عن ساقٍ} قال: نورٍ عظيمٍ، يخرّون له سجّدًا.
[وأخرجه الطّبري في التّفسير، والبيهقيّ في الأسماء والصّفات]). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15 / 380]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 42 - 52.
أخرج البخاريّ، وابن المنذر، وابن مردويه عن أبي سعيد سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا.
وأخرج ابن مندة في الرد على الجهمية عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يوم يكشف عن ساق} قال: يكشف الله عز وجل عن ساقه.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن منده عن ابن مسعود في قوله: {يوم يكشف عن ساق} قال: عن ساقيه تبارك وتعالى، قال ابن منده: لعله في قراءة ابن مسعود يكشف بفتح الياء وكسر الشين.
وأخرج أبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات وضعفه، وابن عساكر عن أبي موسى عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {يوم يكشف عن ساق} قال: عن نور عظيم فيخرون له سجدا.
وأخرج الفريابي وسعيد بن مصور، وابن منده والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق إبراهيم النخعي في قوله: {يوم يكشف عن ساق} قال: قال ابن عباس يكشف عن أمر عظيم ثم قال: قد قامت الحرب على ساق قال: وقال ابن مسعود: يكشف عن ساقه فيسجد كل مؤمن ويعصو ظهر الكافر فيصير عظما واحدا.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس أنه سئل عن قوله: {يوم يكشف عن ساق} قال: إذا خفي عليكم شيء من القرآن فابتغوه في الشعر فإنه ديوان العرب أما سمعتم قول الشاعر: أصبر عناق أنه شر باق * قد سن لي قومك ضرب الأعناق * وقامت الحرب بنا على ساق قال ابن عباس: هذا يوم كرب وشدة.
وأخرج الطستي في مسائلة عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله: {يوم يكشف عن ساق} قال: عن شدة الآخرة قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت قول الشاعر: قد قامت الحرب بنا على ساق.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس {يوم يكشف عن ساق} قال: هو الأمر الشديد المفظع من الهول يوم القيامة.
وأخرج ابن مندة عن ابن عباس في قوله: {يوم يكشف عن ساق} قال: عن شدة الآخرة.
وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مندة عن مجاهد في قوله: {يوم يكشف عن ساق} قال: عن شدة الأمر وجده قال: وكان ابن عباس يقول: هي أشد ساعة تكون يوم القيامة.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس أنه قرأ {يوم يكشف عن ساق} قال: يريد القيامة والساعة لشدتها.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس في قوله: {يوم يكشف عن ساق} قال: حين يكشف الأمر وتبدو الأعمال وكشفه دخول الآخرة وكشف الأمر عنه.
وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن مندة من طريق عمرو بن دينار قال: كان ابن عباس يقرأ يوم يكشف عن ساق بفتح التاء قال أبو حاتم السجستاني: أي تكشف الآخرة عن ساقها يستبين منها ما كان غائبا.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {يوم يكشف عن ساق} بالياء ورفع الياء.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر والبيهقي في الأسماء والصفات عن عكرمة أنه سئل عن قوله: {يوم يكشف عن ساق} قال: إن العرب كانوا إذا اشتد القتال فيهم والحرب وعظم الأمر فيهم قالوا لشدة ذلك: قد كشفت الحرب عن ساق. فذكر الله تعالى ذلك اليوم بما يعرفون.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة في قوله: (يوم يكشف عن ساق). قال: هي ستور رب العزة إذا كشفت للمؤمنين يوم القيامة .
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن سعيد بن جبير أنه سئل عن قوله: (يوم يكشف عن ساق) .فغضب غضبا شديدا وقال:إن أقواما يزعمون أن الله يكشف عن ساقه وإنما يكشف عن الأمر الشديد). [الدر المنثور: 14 / 640-645]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {يوم يكشف عن ساق} قال: عن بلاء عظيم.
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم النخعي {يوم يكشف عن ساق} قال: عن أمر عظيم الشدة.
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس {يوم يكشف عن ساق} قال: عن الغطاء فيقع من كان آمن به في الدنيا فيسجدون له ويدعى الآخرون إلى السجود فلا يستطيعون لأنهم لم يكونوا آمنوا به في الدنيا ولا يبصرونه ولا يستطيعون السجود وهم سالمون في الدنيا.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {يوم يكشف عن ساق} قال: أمر فظيع جليل {ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون} قال: ذلكم يوم القيامة ذكر لنا أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول: يؤذن للمؤمنين يوم القيامة في السجود فيسجد المؤمنون وبين كل مؤمنين منافق فيتعسر ظهر المنافق عن السجود ويجعل الله سجود المؤمنين عليهم توبيخا وصغارا وذلا وندامة وحسرة وفي قوله: {وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون} قال: في الصلوات.
وأخرج ابن مردويه عن كعب الحبر قال: والذي أنزل التوراة على موسى والإنجيل على عيسى والزبور على داود والفرقان على محمد أنزلت هذه الآيات في الصلوات المكتوبات حيث ينادى بهن {يوم يكشف عن ساق} إلى قوله: {وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون} الصلوات الخمس إذا نودي بها). [الدر المنثور: 14 / 645-646]

تفسير قوله تعالى: (خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ويدعون إلى السجود قال بلغني أنه يؤذن للمؤمنين يوم القيامة في السجود وبين كل مؤمنين منافق فيسجد المؤمنين ولا يستطيع المنافقون أن يسجدوا أحسبه قال تقسوا ظهورهم ويكون سجود المؤمنين توبيخا لهم قال وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سلمون). [تفسير عبد الرزاق: 2/310] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {خاشعةً أبصارهم ترهقهم ذلّةٌ}. يقول: تغشاهم ذلّةٌ من عذاب اللّه. {وقد كانوا يدعون إلى السّجود وهم سالمون}. يقول: وقد كانوا في الدّنيا يدعونهم إلى السّجود له، وهم سالمون، لا يمنعهم من ذلك مانعٌ، ولا يحول بينه وبينهم حائلٌ.
وقد قيل: السّجود في هذا الموضع: الصّلاة المكتوبة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم التّيميّ، {وقد كانوا يدعون إلى السّجود وهم سالمون}. قال: إلى الصّلاة المكتوبة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن أبي سنان، عن سعيد بن جبيرٍ، {وقد كانوا يدعون إلى السّجود}. قال: يسمع المنادي إلى الصّلاة المكتوبة فلا يجيبه.
- قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن أبيه، عن إبراهيم التّيميّ: {وقد كانوا يدعون إلى السّجود} قال: الصّلاة المكتوبة.
وبنحو الّذي قلنا في قوله: {ويدعون إلى السّجود فلا يستطيعون} الآية، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وقد كانوا يدعون إلى السّجود وهم سالمون}. قال: هم الكفّار كانوا يدعون في الدّنيا وهم آمنون، فاليوم يدعوهم وهم خائفون، ثمّ أخبر اللّه سبحانه أنّه حال بين أهل الشّرك وبين طاعته في الدّنيا والآخرة، فأمّا في الدّنيا فإنّه قال {ما كانوا يستطيعون السّمع وما كانوا يبصرون} وأمّا في الآخرة فإنّه قال: {فلا يستطيعون خاشعةً أبصارهم}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ويدعون إلى السّجود فلا يستطيعون} ذلكم واللّه يوم القيامة. ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول: يؤذن للمؤمنين يوم القيامة في السّجود، فيسجد المؤمنون، وبين كلّ مؤمنين منافقٌ، فيقسو ظهر المنافق عن السّجود، ويجعل اللّه سجود المؤمنين عليهم توبيخًا وذلًّا وصغارًا، وندامةً وحسرةً. وقوله: {وقد كانوا يدعون إلى السّجود} أي في الدّنيا {وهم سالمون} أي في الدّنيا.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة قال: بلغني أنّه يؤذن للمؤمنين يوم القيامة في السّجود بين كلّ مؤمنين منافقٌ، يسجد المؤمنون، ولا يستطيع المنافق أن يسجد. وأحسبه قال: تقسو ظهورهم، ويكون سجود المؤمنين توبيخًا عليهم، قال: {وقد كانوا يدعون إلى السّجود وهم سالمون}). [جامع البيان: 23 / 196-198]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون} قال: هم الكفار كانوا يدعون في الدنيا وهم آمنون فاليوم يدعون وهم خائفون ثم أخبر الله سبحانه أنه حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة فأما في الدنيا فإنه قال: ما كانوا يستطيعون السمع وهي طاعته وما كانوا يبصرون وأما الآخرة فإنه قال: لا يستطيعون خاشعة أبصارهم.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال: أخبرنا أن بين كل مؤمنين منافقا يوم القيامة فيسجد المؤمنان وتقسو ظهور المنافقين فلا يستطيعون السجود ويزدادون لسجود المؤمنين توبيخا وحسرة وندامة). [الدر المنثور: 14 / 645]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن كعب الحبر قال: والذي أنزل التوراة على موسى والإنجيل على عيسى والزبور على داود والفرقان على محمد أنزلت هذه الآيات في الصلوات المكتوبات حيث ينادى بهن {يوم يكشف عن ساق} إلى قوله: {وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون} الصلوات الخمس إذا نودي بها). [الدر المنثور: 14 / 646] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن سعيد بن جبير في قوله: {وقد كانوا يدعون إلى السجود} قال: الصلوات في الجماعات.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس في قوله: {وقد كانوا يدعون إلى السجود} قال: الرجل يسمع الأذان فلا يجيب الصلاة.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يجمع الله الخلائق يوم القيامة ثم ينادي مناد: من كان يعبد شيئا فليتبعه فيتبع كل قوم ما كانوا يعبدون ويبقى المسلمون وأهل الكتاب فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون فيقولون الله وموسى فيقال
لهم: لستم من موسى وليس موسى منكم فيصرف بهم ذات الشمال ثم يقال للنصارى: ما كنتم تعبدون فيقولون: الله وعيسى فيقال لهم: لستم من عيسى وليس عيسى منكم ثم يصرف بهم ذات الشمال ويبقى المسلمون فيقال لهم: ما كنتم تعبدون فيقولون: الله فيقال لهم: هل تعرفونه فيقولون: إن عرفنا نفسه عرفناه فعند ذلك يؤذن لهم في السجود بين كل مؤمنين منافق فتقصم ظهورهم عن السجود ثم قرأ هذه الآية {ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون}.
وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا والطبراني والآجري في الشريعة والدارقطني في الرؤية والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث عن عبد الله بن مسعود عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: يجمع الله الناس يوم القيامة وينزل الله في ظلل من الغمام فينادي مناد ياأيها الناس ألا ترضوا من ربكم الذي خلقكم وصوركم ورزقكم أن يولي كل إنسان منكم ما كان يعبد في الدنيا ويتولى أليس ذلك من ربكم عدلا قالوا: بلى، قال: فينطلق كل إنسان منكم إلى ما كان يعبد في الدنيا ويتمثل لهم ما كانوا يعبدون في الدنيا فيتمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى ويتمثل لمن كان يعبد عزيرا شيطان عزير حتى يمثل لهم الشجرة والعود والحجر ويبقى أهل الإسلام جثوما فيتمثل لهم الرب عز وجل فيقول لهم: ما لكم لم تنطلقوا كما انطلق الناس فيقولون: إن لنا ربا ما رأيناه بعد فيقول: فيم تعرفون ربكم إن رأيتموه قالوا: بيننا وبينه علامة إن رأيناه عرفناه، قال: وما هي قال: {يكشف عن ساق} فيكشف عند ذلك عن ساق فيخر كل من كان يسجد طائعا ساجدا ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر يريدون السجود فلا يستطيعون ثم يؤمرون فيرفعوا رؤوسهم فيعطون نورهم على قدر أعمالهم فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل بين يديه ومنهم من يعطى نوره فوق ذلك ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه ومنهم من يعطى نوره دون ذلك بيمينه حتى يكون آخر ذلك من يعطى نوره على إبهام قدميه يضيء مرة ويطفأ مرة فإذا أضاء قدم قدمه وإذا طفئ قام، فيمر ويمرون على الصراط والصراط كحد السيف دحض مزلة فيقال لهم: انجوا على قدر نوركم فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب ومنهم من يمر كالطرف ومنهم من يمر كالريح ومنهم من يمر كشد الرجل ويرمل رملا يمرون على قدر أعمالهم حتى يمرالذي نوره على أبهام قدمه يجر يدا ويعلق يدا ويجر رجلا ويعلق رجلا وتصيب جوانبه النار فيخلصون فإذا خلصوا قالوا: الحمد لله الذي نجانا منك بعد الذي أراناك، لقد أعطانا الله ما لم يعط أحدا، فينطلقون إلى ضحضاح عند باب الجنة فيغتسلون فيعود إليهم ريح أهل الجنة وألوانهم ويرون من خلل باب الجنة وهو يصفق منزلا في أدنى الجنة فيقولون: ربنا أعطنا ذلك المنزل، فيقول لهم: أتسألون الجنة وقد نجيتكم من النار، فيقولون: ربنا أعطنا حل بيننا وبين النار هذا الباب لا نسمع حسيسها، فيقول لهم: لعلكم إن أعطيتموه أن تسألوا غيره فيقولون: لا وعزتك لا نسأل غيره وأي منزل يكون أحسن منه قال: فيدخلون الجنة ويرفع لهم منزل أمام ذلك كان الذي رأوا قبل ذلك حلم عنده فيقولون: ربنا أعطنا ذلك المنزل، فيقول: لعلكم إن أعطيتكموه أن تسألوا غيره فيقولون: لا وعزتك لا نسأل غيره وأي منزل أحسن منه فيعطونه ثم يرفع لهم أمام ذلك منزل آخر كان الذي رأوا قبل ذلك حلم عند هذا الذي رأوا فيقولون: ربنا أعطنا ذلك المنزل، فيقول: لعلكم إن أعطيتكموه أن تسألوا غيره فيقولن: لا وعزتك لا نسأل غيره وأي منزل أحسن منه ثم يسكتون فيقول لهم: ما لكم لا تسألون فيقولون: ربنا قد سألناك حتى استحينا، فيقال لهم: ألم ترضوا أن أعطيكم مثل الدنيا منذ يوم خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافها فيقولون: أتستهزئ بنا وأنت رب العالمين قال مسروق: فما بلغ عبد الله هذا المكان من الحديث إلا ضحك وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثه مرارا فما بلغ هذا المكان من الحديث إلا ضحك حتى تبدو لهواته ويبدو آخر ضرس من أضراسه يقول: الأسنان، قال: فيقول لا ولكني على ذلك قادر فاسألوني، قال: ربنا ألحقنا بالناس، فيقال لهم: الحقوا الناس، فينطلقون يرملون في الجنة حتى يبدوا لرجل منهم في الجنة قصر درة مجوف فيخر ساجدا فيقال له: ارفع رأسك فيرفع رأسه فيقول: رأيت ربي فيقال له: إنما ذلك منزل من منازلك، فينطلق ويستقبله رجل فيتهيأ للسجود فيقال له مالك فيقول: رأيت ملكا فيقال له: إنما ذلك قهرمان من قهارمتك عبد بن عبيدك، فيأتيه فيقول: إنما أنا قهرمان من قهارمتك على هذا القصر تحت يدي ألف قهرمان كلهم على ما أنا عليه، فينطلق به عند ذلك حتى يفتح له القصر وهي درة مجوفة سقائفها وأغلاقها وأبوابها ومفاتيحها منها، قال: فيفتح له القصر فتستقبله جوهرة خضراء مبطنة بحمراء سبعون ذراعا فيها ستون بابا كل باب يفضي إلى جوهرة على غير لون صاحبتها في كل جوهرة سرر وأدراج ونصائف وقال: وصائف، فيدخل فإذا هو بحوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها كبدها مرآته وكبده مرآتها إذا أعرض عنها إعراضة ازدادت في عينه سبعين ضعفا عما كانت قبل ذلك وإذا أعرضت عنه إعراضة ازداد في عينها سبعين ضعفا عما كان قبل ذلك فتقول: لقد ازددت في عينين سبعين ضعفا ويقول لها مثل ذلك، قال: فيشرف على ملكه مد بصره مسيرة مائة عام قال: فقال عمر بن الخطاب عند ذلك: ألا تسمع يا كعب ما يحدثنا به ابن أم عبد عن أدنى أهل الجنة ما له فكيف بأعلاهم قال: يا أمير المؤمنين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت إن الله كان فوق العرش والماء فخلق لنفسه دارا بيده فزينها بما شاء وجعل فيها ما شاء من الثمرات والشراب ثم أطبقها فلم يرها أحد من خلقه منذ خلقها جبريل ولا غيره من الملائكة ثم قرأ كعب (فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين) (سورة السجدة الآية 17) الآية وخلق دون ذلك جنتين فزينهما بما شاء وجعل فيهما ما ذكر من الحرير والسندس والإستبرق وأراهما من شاء من خلقه من الملائكة فمن كان كتابه في عليين نزل تلك الدار فإذا ركب الرجل من أهل عليين في ملكه لم يبق خيمة من خيام الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه حتى إنهم ليستنشقون ريحه ويقولون: واها وهذه الريح الطيبة، ويقولون: لقد أشرف علينا اليوم رجل من أهل عليين، فقال عمر: ويحك يا كعب إن هذه القلوب قد استرسلت فاقبضها، فقال كعب: يا أمير المؤمنين إن لجهنم زفرة ما من ملك ولا نبي إلا يخر لركبته حتى يقول إبراهيم خليل الله: رب نفسي نفسي، وحتى لو كان لك عمل سبعين نبيا إلى عملك لظننت أن لن تنجو منها.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في البعث والنشور عن ابن مسعود أنه ذكر عنده الدجال فقال: يفترق ثلاث فرق تتبعه فرقة تتبعه وفرقة تلحق بأرض آبائها منابت الشيخ وفرقة تأخذ شط الفرات فيقاتلهم ويقاتلونه حتى يجتمع المؤمنون بقرى الشام فيبعثون إليه طليعة فيهم فارس على فرس أشقر أو أبلق فيقتلون لا يرجع إليهم شيء ثم إن المسيح ينزل فيقتله ثم يخرج يأجوج ومأجوج فيموجون في الأرض فيفسدون فيها ثم قرأ عبد الله
(وهم من كل حدب ينسلون) (سورة الأنبياء الآية 96) ثم يبعث الله عليهم دابة مثل هذه النغفة فتدخل في أسماعهم ومناخرهم فيموتون منها فتنتن الأرض منهم فيجأر أهل الأرض إلى الله فيرسل الله ماء فيطهرها منهم ثم يبعث ريحا فيها زمهرير باردة فلا تدع على وجه الأرض إلا كفئت بتلك الريح ثم تقوم الساعة على شرار الناس ثم يقوم ملك الصور بين السماء والأرض فينفخ فيه فلا يبقى خلق الله في السموات والأرض إلا مات إلا من شاء ربك ثم يكون بين النفختين ما شاء الله أن يكون فليس من ابن آدم خلق إلا وفي الأرض منه شيء ثم يرسل الله ماء من تحت العرش منيا كمني الرجال فتنبت جسمانهم ولحمانهم من ذلك الماء كما تنبت الأرض من الثرى ثم قرأ عبد الله (الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور) (سورة الروم الآية 48) ثم يقوم ملك بالصور بين السماء والأرض فينفخ فيه فتنطلق كل نفس إلى جسدها حتى تدخل فيه فيقومون فيجيئون مجيئة رجل واحد قياما لرب العالمين ثم يتمثل الله للخلق فيلقاهم فليس أحد من الخلق يعبد من دون الله شيئا إلا هو متبع له يتبعه فيلقى اليهود فيقول: ما تعبدون فيقولون: نعبد عزيرا فيقول: هل يسركم الماء قالوا: نعم فيريهم جهنم كهيئة السراب ثم قرأ عبد الله (وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا) (سورة الكهف الآية 100) ثم يلقى النصارى فيقولون: ما كنتم تعبدون قالوا: المسيح فيقول: هل يسركم الماء قالوا: نعم فيريهم جهنم كهيئة السراب وكذلك كل من يعبد من دون الله شيئا ثم قرأ عبد الله (وقفوهم إنهم مسؤولون) (سورة الصافات الآية 24) حتى يمر المسلمون فيلقاهم فيقول: من تعبدون فيقولون: نعبد الله ولا نشرك به شيئا فينتهرهم مرة أو مرتين من تعبدون فيقولون: نعبد الله ولا نشرك به شيئا فيقول: هل تعرفون ربكم فيقولون: سبحان الله إذا تعرف لنا عرفناه فعند ذلك {يكشف عن ساق} فلا يبقى مؤمن إلا خر لله ساجدا ويبقى المنافقون ظهورهم طبق واحد كأنما فيها السفافيد فيقولون: ربنا فيفول: (قد كنتم تدعون إلى السجود وأنتم سالمون) ثم يؤمر بالصراط فيضرب على جهنم فتمر الناس بأعمالهم يمر أوائلهم كلمح البصر أو كلمح البرق ثم كمر الريح ثم كمر الطير ثم كأسرع البهائم ثم كذلك يجيء الرجل سعيا حتى يجيء الرجل مشيا حتى يجيء آخرهم رجل يتكفأ على بطنه فيقول: يا رب أبطأت بي فيقول: إنما أبطأ بك عملك ثم يأذن الله في الشفاعة فيكون أول شافع جبريل ثم إبراهيم خليل الله ثم موسى أو قال عيسى ثم يقوم نبيكم صلى الله عليه وسلم رابعا لا يشفع أحد بعده فيما يشفع فيه وهو المقام المحمود الذي وعده الله (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) (سورة الإسراء الآية 79) فليس من نفس إلا تنظر إلى بيت في الجنة وبيت في النار وهو يوم الحسرة فيرى أهل النار البيت الذي في الجنة فيقال: لو عملتم ويرى أهل الجنة البيت الذي في النار فيقال: لولا أن من الله عليكم ثم يشفع الملائكة والنبيون والشهداء والصالحون والمؤمنون فيشفعهم الله ثم يقول: أنا أرحم الراحمين فيخرج من النار أكثر مما أخرج من جميع الخلق برحمته حتى ما يترك فيها أحدا فيه خير، ثم قرأ عبد الله (يا أيها الكفار ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين) (سورة المدثر الآية 42) إلى قوله: (وكنا نكذب بيوم الدين) (سورة المدثر الآية 46) قال: ترون في هؤلاء أحدا فيه خير لا وما يترك فيها أحدا فيه خير فإذا أراد الله أن لا يخرج منها أحدا غير وجوههم وألوانهم فيجيء الرجل من المؤمنين فيشفع فيقال له: من عرف أحدا فيخرجه فيجيء الرجل فينظر فلا يعرف أحدا فيقول الرجل للرجل: يا فلان أنا فلان فيقول: ما أعرفك فيقولون: (ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون) (سورة المؤمنون الآية 107) فيقول: (اخسؤوا فيها ولا تكلمون) (سورة المؤمنون الآية 108) فإذا قال ذلك أطبقت عليهم فلم يخرج منهم بشر). [الدر المنثور: 14 / 646-655]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 03:00 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34) )

تفسير قوله تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين (35) ما لكم كيف تحكمون (36)} هذه الألف ألف الاستفهام، ومجازها ههنا التوبيخ والتقرير.
وجاء في التفسير أن بعض كفار قريش قال: إن كان ما يذكرون أن لهم في الآخرة حقا، فإن لنا في الآخرة أكبر منه كما أنا في الدنيا أفضل منهم. فوبخهم الله فقال: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين}). [معاني القرآن: 5/209](م)

تفسير قوله تعالى: {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين (35) ما لكم كيف تحكمون (36)} هذه الألف ألف الاستفهام، ومجازها ههنا التوبيخ والتقرير.
وجاء في التفسير أن بعض كفار قريش قال: إن كان ما يذكرون أن لهم في الآخرة حقا، فإن لنا في الآخرة أكبر منه كما أنا في الدنيا أفضل منهم. فوبخهم الله فقال: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين}.
وكذلك: {ما لكم كيف تحكمون} معناه: على أي أحوال الكفر تخرجون حكمكم). [معاني القرآن: 5/209]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({أم لكم كتاب فيه تدرسون (37) إنّ لكم فيه لما تخيّرون (38)} أي أعندكم كتاب من اللّه عزّ وجلّ أن لكم لما تخيرون). [معاني القرآن: 5/209]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({أم لكم كتاب فيه تدرسون (37) إنّ لكم فيه لما تخيّرون (38)} أي أعندكم كتاب من اللّه عزّ وجلّ أن لكم لما تخيرون). [معاني القرآن: 5/209](م)

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أم لكم أيمانٌ علينا بالغةٌ...} القراء على رفع "بالغة" إلاّ الحسن، فإنه نصبها على مذهب المصدر، كقولك: حقاً، والبالغ في مذهب الحق يقال: جيّد بالغ، كأنه قال: جيّد حقا قد بلغ حقيقة الجودة، وهو مذهب جيد وقرأه العوام، أن تكون البالغة من نعت الأيمان أحب إليّ، كقولك ينتهى بكم إلى يوم القيامة أيمان علينا بأنّ لكم ما تحكمون، فلما كانت اللام في جواب إنّ كسرتها، ويقال:
أئن لكم ما تحكمون بالاستفهام، وهو على ذلك المعنى بمنزلة قوله: {أئذا كنا تراباً} {أئنا لمردودون في الحافرة} ). [معاني القرآن: 3/176-177]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إنّ لكم لما تحكمون}
{أم لكم أيمان علينا بالغة} معناه مؤكدة {إلى يوم القيامة إنّ لكم لما تحكمون} أي حلف على ما تدّعون في حكمكم). [معاني القرآن: 5/209]

تفسير قوله تعالى: {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {سلهم أيّهم بذلك زعيمٌ...}.يريد: كفيل، ويقال له: الحميل؛ والقبيل، والصبير، والزعيم في كلام العرب: الضامن والمتكلم عنهم، والقائم يأمرهم). [معاني القرآن: 3/177]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {أيّهم بذلك زعيمٌ} أي كفيل. يقال: زعمت به أزعم [زعما وزعامة]، إذا كفلت). [تفسير غريب القرآن: 480]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {سلهم أيّهم بذلك زعيم} والزعيم الكفيل والضامن. والمعنى: سلهم أيّهم كفل بذلك). [معاني القرآن: 5/210]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({زَعِيمٌ} أي كفيل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 277]

تفسير قوله تعالى:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم...}. وفي قراءة عبد الله: "أم لهم شرك فليأتوا بشركهم". والشّرك، والشركاء في معنى واحد، تقول: في هذا الأمر شرك، وفيه شركاء). [معاني القرآن: 3/177]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وكتبوا: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ} و{فَقَالَ الضُّعَفَاءُ} بواو، ولا ألف قبلها). [تأويل مشكل القرآن: 56-58]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين (41) يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السّجود فلا يستطيعون (42)} أي فليأتوا بشركائهم يوم القيامة). [معاني القرآن: 5/210]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يوم يكشف عن ساقٍ...}. القراء مجتمعون على رفع الياء...
- حدثني سفيان عن عمرو ابن دينار عن ابن عباس أنه قرأ "يوم تكشف عن ساق"، يريد: القيامة والساعة لشدتها...
- وأنشدني بعض العرب لجد أبي طرفة:
كشفت لهم عن ساقها = وبدا من الشرّ البراح). [معاني القرآن: 3/177]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({يوم يكشف عن ساقٍ} إذا اشتد الحرب والأمر قيل: قد كشف الأمر عن ساقه. قال قيس بن زهير بن جذيمة العبسي:
فإذ شمّرت لك عن ساقها = فويهاً ربيع ولا تسأم). [مجاز القرآن: 2/266]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({يوم يكشف عن ساق}: والعرب تقول إذا اشتد الأمر والحرب: قد كشف الأمر عن ساقه وقد كشفت الحرب عن ساقها، أي عن أمر عظيم منها). [غريب القرآن وتفسيره: 384]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
( {يوم يكشف عن ساقٍ}، أي عن شدة من الأمر، قال الشاعر:
في سنة قد كشفت عن ساقها حمراء تبري اللحم عن عراقها«عراقها»: جمع «عرق». والعراق: العظام.
ويقال: «قامت الحرب على ساق». وأصل هذا مبيّن في كتاب «تأويل المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 481]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (فمن الاستعارة في كتاب الله قوله عز وجل: {يوم يكشف عن ساقٍ} أي عن شدّة من الأمر، كذلك قال قتادة. وقال إبراهيم: عن أمر عظيم.
وأصل هذا أنّ الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى معاناته والجدّ فيه- شمّر عن ساقه، فاستعيرت الساق في موضع الشدة.
وقال دريد بن الصّمّة:
كَمِيشُ الإِزَارِ خارجٌ نصفُ ساقِه = صَبورٌ على الجَلاَّءِ طلاَّعُ أَنْجُدِ
وقال الهذليّ:
وكنتُ إذا جارِي دَعَا لِمَضوفة = أشمّر حتَّى يَنْصُفَ السَّاقُ مِئزَرِي). [تأويل مشكل القرآن: 137]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
(ومعنى (يكشف عن ساق) في اللغة يكشف عن الأمر الشديد. قال الشاعر:
قد شمرت عن ساقها فشدّوا = وجدّت الحرب بكم فجدّوا
والقوس فيها وتر عردّ.
وجاء في التفسير عن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال ثنا أبي. قال ثنا محمد بن جعفر يعني غندر، عن شعبة عن مغيرة عن إبراهيم قال.
قال ابن عباس في قوله: {يكشف عن ساق} عن الأمر الشديد. وقال ابن مسعود: يكشف الرحمن عن ساقه.
فأما المؤمنون فيخرون له سجّدا وأما المنافقون، فتكون ظهورهم طبقا طبقا كان فيها السفافيد.
فهذا ما روينا في التفسير وما قاله أهل اللغة). [معاني القرآن: 5/210]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قال أبو إسحاق: هذا تأويل قوله {ويدعون إلى السّجود فلا يستطيعون (42) خاشعة أبصارهم} يعنى به المنافقون). [معاني القرآن: 5/210]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يُكْشَفُ عَن سَاقٍ} أي شدّة من الأمر). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 277]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {عَن سَاقٍ}: أمر عظيم). [العمدة في غريب القرآن: 311]

تفسير قوله تعالى: {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ترهقهم} تغشاهم). [مجاز القرآن: 2/266]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ترهقهم ذلّةٌ}: تغشاهم). [تفسير غريب القرآن: 481]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قال أبو إسحاق: هذا تأويل قوله {ويدعون إلى السّجود فلا يستطيعون (42)} خاشعة أبصارهم).يعنى به المنافقون). [معاني القرآن: 5/210] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ترهقهم ذلّة وقد كانوا يدعون إلى السّجود وهم سالمون (43)}
{ترهقهم ذلّة} معناه تغشاهم ذلّة.
{وقد كانوا يدعون إلى السّجود وهم سالمون} يعنى به في الدنيا). [معاني القرآن: 5/211]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} أي تغشاهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 277]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 03:01 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34) }

تفسير قوله تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) }

تفسير قوله تعالى: {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) }

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38) }

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39) }

تفسير قوله تعالى: {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40) }

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41) }

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} أي: أدفع إليهم عهودهم، وأعلمهم أنا على الحرب.
{فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى}، قال: لمن اتقى قتل الصيد.
{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}، قال: ساق القيامة، وساق الدنيا). [مجالس ثعلب: 11] (م)

تفسير قوله تعالى: {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أنه من قال ذهب نساؤك قال أذاهب نساؤك. ومن قال: {فمن جاءه موعظة من ربه} قال أجائي موعظة تذهب الهاء هاهنا كما تذهب التاء في الفعل.
وكان أبو عمرو يقرأ: (خاشعاً أبصارهم) ). [الكتاب: 2/43] (م)

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 10:12 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 10:13 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 10:13 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 10:14 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى: إنّ للمتّقين عند ربّهم جنّات النّعيم، فروي أنه لما نزلت هذه قالت قريش: إن كانت ثم جنات نعيم، فلنا فيها أكبر الحظ، فنزلت: أفنجعل المسلمين كالمجرمين، وهذا على جهة التوقيف والتوبيخ). [المحرر الوجيز: 8/ 376]

تفسير قوله تعالى: {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: ما لكم توبيخ آخر ابتداء وخبر جملة منحازة، وقوله تعالى: كيف تحكمون جملة منحازة كذلك، وكيف في موضع نصب ب تحكمون). [المحرر الوجيز: 8/ 376]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: أم هي المقدرة ببل وألف الاستفهام، و: كتابٌ معناه: منزل من عند الله). [المحرر الوجيز: 8/ 376]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: إنّ لكم فيه لما تخيّرون. قال بعض المتأولين: هذا استئناف قول على معنى: إن كان لكم كتاب، فلكم فيه متخير، وقال آخرون: إنّ معمولة ل تدرسون، أي تدرسون في الكتاب إن لكم ما تختارون من النعيم، وكسرت الألف من إنّ لدخول اللام في الخبر، وهي في معنى: «أن» بفتح الألف. وقرأ طلحة والضحاك: «أن لكم» بفتح الألف. وقرأ الأعرج «أأن لكم فيه» على الاستفهام). [المحرر الوجيز: 8/ 376]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: أم لكم أيمانٌ علينا بالغةٌ إلى يوم القيامة إنّ لكم لما تحكمون (39) سلهم أيّهم بذلك زعيمٌ (40) أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين (41) يوم يكشف عن ساقٍ ويدعون إلى السّجود فلا يستطيعون (42) خاشعةً أبصارهم ترهقهم ذلّةٌ وقد كانوا يدعون إلى السّجود وهم سالمون (43) فذرني ومن يكذّب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون (44) وأملي لهم إنّ كيدي متينٌ (45)
قوله تعالى: أم لكم أيمانٌ علينا بالغةٌ إلى يوم القيامة مخاطبة للكفار، كأنه يقول: هل أقسمنا لكم قسما فهو عهد لكم بأنا ننعمكم في يوم القيامة وما بعده؟ وقرأ جمهور الناس بالرفع على الصفة لأيمان،
وقرأ الحسن بن أبي الحسن «بالغة» بالنصب على الحال وهي حال من النكرة، لأنها نكرة مخصصة بقوله علينا، وقرأ الأعرج: «أإن لكم لما تحكمون» وكذلك في التي تقدمت في قوله: «أإن لكم فيه لما تخيرون»). [المحرر الوجيز: 8/ 376-377]

تفسير قوله تعالى: {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم أمر تعالى نبيه محمدا على وجه إقامة الحجة، أن يسألهم عن الزعيم لهم بذلك من هو؟
والزعيم: الضامن للأمر والقائم به). [المحرر الوجيز: 8/ 377]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم وقفهم على أمر الشركاء، عسى أن يظنوا أنهم ينفعونهم في شيء من هذا. وقرأ ابن أبي عبلة وابن مسعود: «أم لهم شركاء فليأتوا بشركهم» بكسر الشين دون ألف، والمراد بذلك على القراءتين الأصنام، وقوله تعالى: فليأتوا بشركائهم قيل هو استدعاء وتوقيف في الدنيا، أي ليحضروهم حتى يرى هل هم بحال من يضر وينفع أم لا، وقيل هو استدعاء وتوقيف على أن يأتوا بهم يوم القيامة، يوم يكشف عن ساقٍ). [المحرر الوجيز: 8/ 377]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: يوم يكشف عن ساقٍ، قال مجاهد: هي أول ساعة من يوم القيامة، وهي أفظعها، وتظاهر حديث من النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه ينادي مناد يوم القيامة ليتبع كل أحد ما كان يعبد»، قال: «فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، وكذلك كل عابد لكل معبود ثم تبقى هذه الأمة وغبرات أهل الكتاب، معهم منافقوهم وكثير من الكفرة، فيقال لهم: ما شأنكم لم تقفون، وقد ذهب الناس فيقولون ننتظر ربنا فيجيئهم الله تعالى في غير الصورة التي عرفوه بها، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، قال فيقول: أتعرفونه بعلامة ترونها فيقولون:نعم، فيكشف لهم عن ساق، فيقولون: نعم أنت ربنا، ويخرون للسجود فيسجد كل مؤمن وتصير أصلاب المنافقين والكفار كصياصي البقر عظما واحدا، فلا يستطيعون سجودا».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: هكذا هو الحديث وإن اختلفت منه ألفاظ بزيادة ونقصان، وعلى كل وجه فما ذكر فيه من كشف الساق وما في الآية أيضا من ذلك، فإنما هو عبارة عن شدة الهول وعظم القدرة التي يرى الله تعالى ذلك اليوم حتى يقع العلم أن تلك القدرة إنما هي لله تعالى وحده، ومن هذا المعنى قول الشاعر في صفة الحرب [جد طرفة]: مجزوء الكامل]
كشفت لهم عن ساقها = وبدا عن الشر البواح
ومنه قول الراجز: [الرجز]
قد وشمرت عن ساقها فشدوا = ... ... ... ...
وقول الآخر: [الرجز]
في سنة قد كشفت عن ساقها = حمراء تبري اللحم عن عراقها
وأصل ذلك أنه من أراد الجد في أمر يحاوله فإنه يكشف عن ساقه تشميرا وجدا، وقد مدح الشعراء بهذا المعنى فمنه قول دريد: [الطويل]
كميش الإزار خارج نصف ساقه = صبور على الضراء طلاع أنجد
وعلى هذا من إرادة الجد والتشمير في طاعة الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم: «أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه». وقرأ جمهور الناس: «يكشف عن ساق» بضم الياء على بناء الفعل للمفعول، وقرأ ابن مسعود: «يكشف» بفتح الياء وكسر الشين على معنى يكشف الله، وقرأ ابن عباس: «تكشف» بضم التاء على معنى تكشف القيامة والشدة والحال الحاضرة، وقرأ ابن عباس أيضا: «تكشف» بفتح التاء على أن القيامة هي الكاشفة، وحكى الأخفش عنه أنه قرأ: «نكشف» بالنون مفتوحة وكسر الشين، ورويت عن ابن مسعود. وقوله تعالى: ويدعون ظاهره أن ثم دعاء إلى السجود، وهذا يرده ما قد تقرر في الشرع من أن الآخرة ليست بدار عمل وأنها لا تكليف فيها، فإذا كان هذا فإنما الداعي ما يرونه من سجود المؤمنين فيريدون هم أن يسجدوا عند ذلك فلا يستطيعونه. وقد ذهب بعض العلماء إلى أنهم يدعون إلى السجود على جهة التوبيخ، وخرج بعض الناس من قوله: فلا يستطيعون أنهم كانوا يستطيعونه قبل ذلك، وذلك غير لازم.
وعقيدة الأشعرية: أن الاستطاعة إنما تكون مع التلبس بالفعل لما قبله، وهذا القدر كاف من هذه المسألة هاهنا). [المحرر الوجيز: 8/ 377-380]

تفسير قوله تعالى: {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و: خاشعةً نصب على الحال وجوارحهم كلها خاشعة، أي ذليلة ولكنه خص الأبصار بالذكر لأن الخشوع فيها أبين منه في كل جارحة. وقوله تعالى: ترهقهم ذلّةٌ أي تزعج نفوسهم وتظهر عليهم ظهورا يخزيهم، وقوله تعالى: وقد كانوا يدعون إلى السّجود يريد في دار الدنيا وهم سالمون مما نال عظام ظهورهم من الاتصال والعتو، وقال بعض المتأولين: «السجود» هنا عبارة عن جميع الطاعات، وخص «السجود» بالذكر من حيث هو عظم الطاعات، ومن حيث به وقع امتحانهم في الآخرة، وقال إبراهيم التيمي والشعبي: أراد ب السّجود الصلوات المكتوبة، وقال ابن جبير: المعنى كانوا يسمعون النداء للصلاة: وحي على الفلاح فلا يجيبون، وفلج الربيع بن خيثم: فكان يهادي بين رجلين إلى المسجد، فقيل له: إنك لمعذور، فقال: من سمع حي على الفلاح، فليجب ولو حبوا، وقيل لابن المسيب: إن طارقا يريد قتلك فاجلس في بيتك، فقال: أسمع حي على الفلاح فلا أجيب؟ والله لا فعلت.
وهذا كله قريب بعضه من بعض). [المحرر الوجيز: 8/ 380]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 10:14 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 10:15 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ للمتّقين عند ربّهم جنّات النّعيم (34) أفنجعل المسلمين كالمجرمين (35) ما لكم كيف تحكمون (36) أم لكم كتابٌ فيه تدرسون (37) إنّ لكم فيه لما تخيّرون (38) أم لكم أيمانٌ علينا بالغةٌ إلى يوم القيامة إنّ لكم لما تحكمون (39) سلهم أيّهم بذلك زعيمٌ (40) أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين (41)}
لمّا ذكر [اللّه] تعالى حال أهل الجنّة الدّنيويّة، وما أصابهم فيها من النّقمة حين عصوا اللّه، عزّ وجلّ، وخالفوا أمره، بيّن أنّ لمن اتّقاه وأطاعه في الدّار الآخرة جنّات النّعيم الّتي لا تبيد ولا تفرغ ولا ينقضي نعيمها). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 197-198]

تفسير قوله تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين}؟ أي: أفنساوي بين هؤلاء وهؤلاء في الجزاء؟ كلّا وربّ الأرض والسّماء؛ ولهذا قال {ما لكم كيف تحكمون} ! أي: كيف تظنّون ذلك؟). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 198]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {أم لكم كتابٌ فيه تدرسون * إنّ لكم فيه لما تخيّرون} يقول: أفبأيديكم كتابٌ منزّلٌ من السّماء تدرسونه وتحفظونه وتتداولونه بنقل الخلف عن السّلف، متضمن حكمًا مؤكّدًا كما تدّعونه؟ {إنّ لكم فيه لما تخيّرون}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 198]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أم لكم أيمانٌ علينا بالغةٌ إلى يوم القيامة إنّ لكم لما تحكمون} أي: أمعكم عهودٌ منّا ومواثيق مؤكّدةٌ، {إنّ لكم لما تحكمون} أي: إنّه سيحصل لكم ما تريدون وتشتهون). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 198]

تفسير قوله تعالى: {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({سلهم أيّهم بذلك زعيمٌ}؟ أي: قل لهم: من هو المتضمّن المتكفّل بهذا؟). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 198]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أم لهم شركاء} أي: من الأصنام والأنداد، {فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 198]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يوم يكشف عن ساقٍ ويدعون إلى السّجود فلا يستطيعون (42) خاشعةً أبصارهم ترهقهم ذلّةٌ وقد كانوا يدعون إلى السّجود وهم سالمون (43) فذرني ومن يكذّب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون (44) وأملي لهم إنّ كيدي متينٌ (45) أم تسألهم أجرًا فهم من مغرمٍ مثقلون (46) أم عندهم الغيب فهم يكتبون (47)}
لمّا ذكر تعالى أنّ للمتّقين عنده جنّات النّعيم، بيّن متى ذلك كائنٌ وواقعٌ، فقال: {يوم يكشف عن ساقٍ ويدعون إلى السّجود فلا يستطيعون} يعني: يوم القيامة وما يكون فيه من الأهوال والزّلازل والبلاء والامتحان والأمور العظام. وقد قال البخاريّ هاهنا:
حدّثنا آدم، حدّثنا اللّيث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلالٍ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "يكشف ربّنا عن ساقه، فيسجد له كلّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ، ويبقى من كان يسجد في الدّنيا رياءً وسمعةً، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا".
وهذا الحديث مخرّجٌ في الصّحيحين وفي غيرهما من طرقٍ وله ألفاظٌ، وهو حديثٌ طويلٌ مشهورٌ.
وقد قال عبد اللّه بن المبارك، عن أسامة بن زيدٍ، عن عكرمة، عن ابن عباس: {يوم يكشف عن ساقٍ}قال: هو يوم كرب وشدّةٍ. رواه ابن جريرٍ ثمّ قال:حدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا مهران، عن سفيان، عن المغيرة، عن إبراهيم، عن ابن مسعودٍ -أو: ابن عبّاسٍ، الشّكّ من ابن جريرٍ-: {يوم يكشف عن ساقٍ} قال: عن أمرٍ عظيمٍ، كقول الشّاعر:
وقامت الحرب بنا عن ساقٍ
وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ: {يوم يكشف عن ساقٍ} قال: شدّة الأمر
وقال ابن عبّاسٍ: هي أوّل ساعةٍ تكون في يوم القيامة.
وقال ابن جريح، عن مجاهدٍ: {يوم يكشف عن ساقٍ} قال: شدّة الأمر وجدّه.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {يوم يكشف عن ساقٍ} هو الأمر الشّديد المفظع من الهول يوم القيامة.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ قوله: {يوم يكشف عن ساقٍ} يقول: حين يكشف الأمر وتبدو الأعمال. وكشفه دخول الآخرة، وكشف الأمر عنه. وكذا روى الضّحّاك وغيره عن ابن عبّاسٍ. أورد ذلك كلّه أبو جعفر بن جريرٍ ثمّ قال:حدّثني أبو زيدٍ عمر بن شبّة، حدّثنا هارون بن عمر المخزوميّ، حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، حدّثنا أبو سعيدٍ روح بن جناحٍ، عن مولًى لعمر بن عبد العزيز، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: {يوم يكشف عن ساقٍ} قال: "عن نورٍ عظيمٍ، يخرّون له سجّدًا".
ورواه أبو يعلى، عن القاسم بن يحيى، عن الوليد بن مسلمٍ، به وفيه رجل مبهم والله أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 198-199]

تفسير قوله تعالى: {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {خاشعةً أبصارهم ترهقهم ذلّةٌ} أي: في الدّار الآخرة بإجرامهم وتكبّرهم في الدّنيا، فعوقبوا بنقيض ما كانوا عليه. ولمّا دعوا إلى السّجود في الدّنيا فامتنعوا منه مع صحّتهم وسلامتهم كذلك عوقبوا بعدم قدرتهم عليه في الآخرة، إذا تجلّى الرّبّ، عزّ وجلّ، فيسجد له المؤمنون، لا يستطيع أحدٌ من الكافرين ولا المنافقين أن يسجد، بل يعود ظهر أحدهم طبقًا واحدًا، كلّما أراد أحدهم أن يسجد خرّ لقفاه، عكس السّجود، كما كانوا في الدّنيا، بخلاف ما عليه المؤمنون). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 200]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:02 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة