التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ (10) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ينادون لمقت اللّه...}.
المعنى فيه: ينادون أنّ مقت الله إياكم أكبر من مقتكم أنفسكم يوم القيامة؛ لأنهم مقتوا أنفسهم إذ تركوا الإيمان، ولكن اللام تكفي من أن تقول في الكلام: ناديت أن زيداً قائم، وناديت لزيد قائم، ومثله: {ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات} الآية، اللام بمنزلة أنّ في كل كلام ضارع القول مثل: ينادون، ويخبرون، وما أشبه ذلك). [معاني القرآن: 3/6]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({إنّ الّذين كفروا ينادون لمقت اللّه أكبر من مّقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون}
وقال: {ينادون لمقت اللّه أكبر} : فهذه اللام هي لام الابتداء كأنه "ينادون", فيقال لهم لأنّ النداء قول, ومثله في الإعراب: يقال: "لزيدٌ أفضل من عمرٍو"). [معاني القرآن: 4/2]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ينادون لمقت اللّه أكبر من مقتكم أنفسكم}.
قال قتادة: يقول: لمقت اللّه إياكم في الدنيا , حين دعيتم إلى الإيمان، فلم تؤمنوا أكبر من مقتكم أنفسكم , حين رأيتم العذاب). [تفسير غريب القرآن: 385]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {إنّ الّذين كفروا ينادون لمقت اللّه أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون (10)}
معناه: إن الذين كفروا ينادون إذا كانوا في حال العذاب لمقت اللّه إياكم في الدنيا إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون {أكبر من مقتكم أنفسكم} إذ عذبتم في النار.). [معاني القرآن: 4/368]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون}
في الكلام تقديم وتأخير , وقد بينه أهل التفسير :-
قال الحسن : يعطون كتابهم فإذا نظروا في سيئاتهم , مقتوا أنفسهم , فينادون لمقت الله إياكم في الدنيا إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون أكبر من مقتكم أنفسكم اليوم
وقال مجاهد : إذا عاينوا أعمالهم السيئة , مقتوا أنفسهم , فنودوا لمقت الله لكم إذ تدعون إلى الإيمان أكبر من مقتكم أنفسكم إذ عاينتم النار). [معاني القرآن: 6/206-207]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({ينادون لمقت الله أكبر }: المقت: البغض , والبراءة). [ياقوتة الصراط: 449-450]
تفسير قوله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (11)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أمتّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين }: مجازها مجاز قوله: { كنتم أمواتاً فأحييناكم ثمّ يميتكم ثمّ يحيكم ثمّ إليه ترجعون }: فها هنا موتتان , وحياتان.). [مجاز القرآن: 2/194]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين}: مثل قوله {كنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم}). [غريب القرآن وتفسيره: 327]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {{قالوا ربّنا أمتّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين}، مثل قوله:
{وكنتم أمواتاً فأحياكم ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم} , وقد تقدم ذكر ذلك في سورة البقرة). [تفسير غريب القرآن: 385-386]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا ربّنا أمتّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل (11)}
{ربّنا أمتّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا} :أي: قد أريتنا من الآيات ما أوجب أن علينا أن نعترف , وقالوا في {أمتّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين}:أي: خلقتنا أمواتا , ثم أحييتنا , ثم أمتّنا بعد، ثم بعثتنا بعد الموت.
وقد جاء في بعض التفاسير أن إحدى الحياتين، وإحدى الموتتين أن يحيا في القبر ثم يموت، فذالك أدل على أحييتنا وأمتنا، والأول أكثر في التفسير). [معاني القرآن: 4/368]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين}
روى أبو إسحاق , عن أبي الأحوص , عن ابن مسعود قال : هي مثل قوله تعالى: {وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم}
قال أبو جعفر : المعنى على هذا في أمتنا اثنتين : خلقتنا أمواتا , أي : نطفا , ثم أحييتنا , ثم أمتنا , ثم أحييتنا للبعث
وقيل : إحدى الحياتين , وإحدى الموتتين الإحياء في القبر , ثم الموت , وأنهم لم يعنوا حياتهم في الآخرة).). [معاني القرآن: 6/207-208]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ}: حين كنا نطفاً , وحين أمتنا , {وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ}: حين أخرجنا إلى الدنيا وحين يعيدنا). [العمدة في غريب القرآن: 263]
تفسير قوله تعالى: {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (12)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ذلكم بأنّه إذا دعي اللّه وحده كفرتم}: كذبتم, {وإن يشرك به تؤمنوا} :أي: تصدقوا.). [تفسير غريب القرآن: 386]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا}، أي: تصدّقوا. والعبد مؤمن بالله، أي مصدّق). [تأويل مشكل القرآن: 481]