العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة المائدة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ربيع الثاني 1434هـ/28-02-2013م, 10:19 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة المائدة [ من الآية (109) إلى الآية (110) ]

تفسير سورة المائدة
[ من الآية (109) إلى الآية (110) ]


بسم الله الرحمن الرحيم
{يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (109) إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِىءُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ (110)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20 ربيع الثاني 1434هـ/2-03-2013م, 11:18 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (109) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا سفيان، عن سليمان، عن مجاهد، في قوله: {يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم} [سورة المائدة: 109] فيفزعون فيقولون: {لا علم لنا} ). [الزهد لابن المبارك: 2/735]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن الأعمش عن مجاهد في قوله تعالى يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم فيفزعون فيقولون لا علم لنا). [تفسير عبد الرزاق: 1/201]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن الأعمش عن مجاهدٍ {يوم يجمع اللّه الرّسل فيقول ماذا أجبتم} قال فيفرعون ثم فيقولون {لا علم لنا} [الآية: 109]). [تفسير الثوري: 105]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يوم يجمع اللّه الرّسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنّك أنت علاّم الغيوب}.
يقول تعالى ذكره: واتّقوا اللّه أيّها النّاس، واسمعوا وعظه إيّاكم وتذكيره لكم، واحذروا يوم يجمع اللّه الرّسل. ثمّ حذف (واحذروا) واكتفى بقوله: {واتّقوا اللّه واسمعوا} عن إظهاره، كما قال الرّاجز:
علفتها تبنًا وماءً باردًا = حتّى غدت همّالةً عيناها
يريد: وسقيتها ماءً باردًا، فاستغنى بقوله (علفتها تبنًا) من إظهار سقيتها، إذ كان السّامع إذا سمعه عرف معناه. فكذلك في قوله: يوم يجمع اللّه الرّسل حذف (واحذروا) لعلم السّامع معناه، اكتفاءً بقوله: واتّقوا اللّه واسمعوا، إذ كان ذلك تحذيرًا من أمر اللّه تعالى خلقه عقابه على معاصيه.
وأمّا قوله: ماذا أجبتم، فإنّه يعني به: ما الّذي أجابتكم به أممكم حين دعوتموهم إلى توحيدي والإقرار بي والعمل بطاعتي والانتهاء عن معصيتي؟ {قالوا لا علم لنا}.
فاختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى قولهم: لا علم لنا، لم يكن ذلك من الرّسل إنكارًا أن يكونوا كانوا عالمين بما عملت أممهم، ولكنّهم ذهلوا عن الجواب من هول ذلك اليوم، ثمّ أجابوا بعد أن ثابت إليهم عقولهم بالشّهادة على أممهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {يوم يجمع اللّه الرّسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا} قال: ذلك أنّهم لمّا نزلوا منزلاً ذهلت فيه العقول، فلمّا سئلوا، قالوا: لا علم لنا. ثمّ نزلوا منزلاً آخر، فشهدوا على قومهم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، قال: سمعت الحسن، يقول، في قوله: {يوم يجمع اللّه الرّسل} الآية، قال: من هول ذلك اليوم.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، في قوله: {يوم يجمع اللّه الرّسل فيقول ماذا أجبتم} فيفزعون، فيقول: ماذا أجبتم؟ فيقولون: {لا علم لنا}.
وقال آخرون: معنى ذلك: لا علم لنا إلاّ ما علّمتنا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا مؤمّلٌ، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، في قوله: {يوم يجمع اللّه الرّسل فيقول ماذا أجبتم}، فيقولون: {قالوا لا علم لنا إنّك أنت علاّم الغيوب}.
وقال آخرون: معنى ذلك: قالوا لا علم لنا إلاّ علمٌ أنت أعلم به منّا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يوم يجمع اللّه الرّسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا} إلاّ علمٌ أنت أعلم به منّا.
وقال آخرون: معنى ذلك ماذا أجبتم ماذا عملوا بعدكم؟ وماذا أحدثوا؟.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {يوم يجمع اللّه الرّسل فيقول ماذا أجبتم}: ماذا عملوا بعدكم، وماذا أحدثوا بعدكم؟ قالوا: {قالوا لا علم لنا إنّك أنت علاّم الغيوب}.
وأولى الأقوال بالصّواب، قول من قال: معناه: لا علم لنا إلاّ علمٌ أنت أعلم به منّا، لأنّه تعالى ذكره أخبر عنهم أنّهم قالوا: {لا علم لنا إنّك أنت علاّم الغيوب}، أي أنّك لا يخفى عليك ما عندنا من علم ذلك ولا غيره من خفيّ العلوم وجليّها. فإنّما نفى القوم أن يكون لهم بما سئلوا عنه من ذلك علمٌ لا يعلمه هو تعالى ذكره، لا أنّهم نفوا أن يكونوا علموا ما شاهدوا، كيف يجوز أن يكون ذلك كذلك وهو تعالى ذكره يخبر عنهم أنّهم يخبرون بما أجابتهم به الأمم وأنّهم سيشهدون على تبليغهم الرّسالة شهداء، فقال تعالى ذكره: {وكذلك جعلناكم أمّةً وسطًا لتكونوا شهداء على النّاس ويكون الرّسول عليكم شهيدًا}.
وأمّا الّذي قاله ابن جريجٍ من أنّ معناه: ماذا عملت الأمم بعدكم؟ وماذا أحدثوا؟ فتأويلٌ لا معنى له، لأنّ الأنبياء لم يكن عندها من العلم بما يحدث بعدها إلاّ ما أعلمها اللّه من ذلك، وإذا سئلت عمّا عملت الأمم بعدها والأمر كذلك فإنّما يقال لها: ماذا عرّفناك أنّه كائنٌ منهم بعدك؟ وظاهر خبر اللّه تعالى ذكره عن مسألته إيّاهم يدلّ على غير ذلك). [جامع البيان: 9/109-112]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يوم يجمع اللّه الرّسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنّك أنت علّام الغيوب (109)
قوله تعالى: يوم يجمع اللّه الرّسل
- حدّثنا أبي، ثنا أبو توبة الرّبيع بن نافعٍ، ثنا معاوية بن سلامٍ عن أخيه زيد بن سلامٍ أنّه سمع أبا سلامٍ: حدّثني أبو أسامة الباهليّ أنّ رجلا قال: يا رسول اللّه كم كان الرّسل. قال: ثلاثمائةٍ وخمسة عشر.
قوله تعالى: فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجاب بن الحارث، ثنا بشر بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ قوله: يوم يجمع اللّه الرّسل فيقول ماذا أجبتم قالوا:
لا علم لنا قال: ثمّ يردّ اللّه عليهم عقولهم فيكونون هم الّذين يسألون. يقول الله فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين.
- حدثنا أبو سعد الأشجّ، ثنا إسحاق بن سليمان أبو يحيى الرّازيّ قال:
سمعت عنبسة قاضينا يحدّث عن الحسين يوم يجمع اللّه الرّسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا قال: من هول ذلك اليوم.
- أخبرني عمر بن ثورٍ القيساريّ فيما كتب إليّ، ثنا محمّد بن يوسف الفريابيّ، ثنا سفيان عن الأعمش عن مجاهدٍ في قوله: يوم يجمع اللّه الرّسل فيقول: لا علم لنا إلا ما علّمتنا. قال: فتردّ إليهم أفئدتهم فيعلمون.
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: يوم يجمع اللّه الرّسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا ذلك أنّهم نزلوا منزلا ذهبت فيه العقول فلمّا سئلوا قالوا: لا علم لنا. ثمّ نزلوا منزلا آخر فشهدوا على قومهم.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن أبي الحواريّ قال: قلت لإسحاق بن خلفٍ قوله: يوم يجمع اللّه الرّسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا قلت: أليس قد علموا ماذا عليهم في الدّنيا قال: بلى. ولكن من عظم قول السّؤال طاشت عقولهم فلم يردّوا ما أجيبوا، فإذا رجعت إليهم بعد عرفوا فحدّث به أبو سليمان فقال: هم في سماعهم تلك صادقين، ثمّ ترجع إليهم عقولهم بعد فيخبر بما أجيبوا.
قوله تعالى: إنّك أنت علام الغيوب
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ في قوله: يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا للرّبّ تبارك وتعالى: لا علم لنا إلّا علمٌ أنت أعلم به منّا). [تفسير القرآن العظيم: 4/1235-1236]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب}
- أخرج الفريابي وعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم} فيفزعون فيقول: ماذا أجبتم فيقولون: لا علم لنا فيرد إليهم أفئدتهم فيعلمون.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا} قال: ذلك أنهم نزلوا منزلا ذهلت فيه العقول فلما سئلوا قالوا: لا علم لنا ثم نزلوا منزلا آخر فشهدوا على قومهم.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم} فيقولون للرب تبارك وتعالى: لا علم لنا إلا علم أنت أعلم به منا.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق الضحاك عن ابن عباس في قوله {يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا} قال: فرقا تذهل عقولهم ثم يرد الله عقولهم إليهم فيكونون هم الذين يسألون يقول الله {فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين} الأعراف الآية 6.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله {فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا} قال: من هول ذلك اليوم.
وأخرج أبو الشيخ عن زيد بن أسلم قال: يأتي على الخلق ساعة يذهل فيها عقل كل ذي عقل {يوم يجمع الله الرسل}.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن عطاء بن أبي رباح قال: جاء نافع بن الأزرق إلى ابن عباس فقال: والذي نفسي بيده لتفسرن لي آيا من كتاب الله عز وجل أو لأكفرن به، فقال ابن عباس: ويحك، أنا لها اليوم أي آي قال: أخبرني عن قوله عز وجل {يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا} وقال في آية أخرى {ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله} القصص الآية 75 فكيف علموا وقد قالوا لا علم لنا وأخبرني عن قول الله {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} الزمر الآية 31 وقال في آية أخرى {لا تختصموا لدي} ق الآية 38 فكيف يختصمون وقد
قال: لا تختصموا لدي وأخبرني عن قول الله {اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم} يس الآية 65 فكيف شهدوا وقد ختم على الأفواه فقال ابن عباس: ثكلتك أمك يا ابن الأزرق إن للقيامة أحوالا وأهوالا وفظائع وزلازل فإذا تشققت السموات وتناثرت النجوم وذهب ضوء الشمس والقمر وذهلت الأمهات عن الأولاد وقذفت الحوامل ما في البطون وسجرت البحار ودكدكت الجبال ولم يلتفت والد إلى ولد ولا ولد إلى والد وجيء بالجنة تلوح فيها قباب الدر والياقوت حتى تنصب على يمين العرش ثم جيء بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام من حديد ممسك بكل زمام سبعون ألف ملك لها عينان زرقاوان تجر الشفة السفلى أربعين عاما تخطر كما يخطر الفحل لو تركت لأتت على كل مؤمن وكافر ثم يؤتى بها حتى تنصب عن يسار العرش فتستأذن ربها في السجود فيأذن لها فتحمده بمحامد لم يسمع الخلائق بمثلها تقول: لك الحمد إلهي إذ جعلتني أنتقم من أعدائك ولم تجعل لي شيئا مما خلقت تنتقم به مني إلى أهلي فلهي أعرف بأهلها من الطير بالحب على وجه الأرض، حتى إذا كانت من الموقف على مسيرة مائة عام وهو قول الله تعالى {إذا رأتهم من مكان بعيد} الفرقان الآية 12 زفرت زفرة فلا يبقي ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا صديق منتخب ولا شهيد مما هنالك الآخر جاثيا على ركبتيه ثم تزفر الثانية زفرة فلا يبقى قطرة من الدموع إلا بدرت فلو كان لكل آدمي يومئذ عمل اثنين وسبعين نبيا لظن أنه سيواقعها ثم تزفر الثالثة زفرة فتنقطع القلوب من أماكنها فتصير بين اللهوات والحناجر ويعلو سواد العيون بياضها ينادي كل آدمي يومئذ: يا رب نفسي نفسي لا أسألك غيرها ونبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: يا رب أمتي أمتي لا همة له غيركم فعند ذلك يدعى بالأنبياء والرسل فيقال لهم {ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا} طاشت الأحلام وذهلت العقول فإذا رجعت القلوب إلى أماكنها {ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله} القصص الآية 75 وأما قوله تعالى {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} الزمر الآية 31 فيؤخذ
للمظلوم من الظالم وللمملوك من المالك وللضعيف من الشديد وللجماء من القرناء حتى يؤدي إلى كل ذي حق حقه فإذا أدى إلى كل ذي حق حقه أمر بأهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار اختصموا فقالوا: ربنا هؤلاء أضلونا {ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار} ص الآية 16 فيقول الله تعالى {لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد} ق الآية 38 إنما الخصومة بالموقف وقد قضيت بينكم بالموقف فلا تختصموا لدي.
وأمّا قوله {اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم} يس الآية 65 فهذا يوم القيامة حيث يرى الكفار ما يعطي الله أهل التوحيد من الفضائل والخير، يقولون: تعالوا حتى نحلف بالله ما كنا مشركين فتتكلم الأيدي بخلاف ما قالت الألسن: وتشهد الأرجل تصديقا للأيدي ثم يأذن الله للأفواه فتنطق {وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء} فصلت الآية 21). [الدر المنثور: 5/587-590]

تفسير قوله تعالى: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (110) )
- قال نعيم بن حماد الخزاعي المروزي (ت: 228هـ): (حدثني محمد بن كثير، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله: {الكتاب والحكمة} قال: الكتاب والسنة.
- أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله). [الزهد لابن المبارك: 2/ 239-240]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): ({وإذ قال اللّه} [المائدة: 116]: " يقول: قال اللّه، وإذ ها هنا صلةٌ). [صحيح البخاري: 6/54] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وإذ قال الله يقول قال الله وإذ ها هنا صلةٌ كذا ثبت هذا وما بعده هنا وليس بخاصٍّ به وهو على ما قدّمنا من ترتيب بعض الرّواة وهذا الكلام ذكره أبو عبيدة في قوله تعالى وإذ قال الله يا عيسى بن مريم قال مجازه يقول اللّه وإذ من حروف الزّوائد وكذلك قوله وإذ علّمتك أي وعلّمتك). [فتح الباري: 8/283] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وإذ قال الله يقول قال الله وإذ هاهنا صلةٌ
أشار به إلى قوله تعالى: {وإذا قال الله يا عيسى ابن مريم} (المائدة: 110) وأن لفظ. قال الّذي هو ماض بمعنى يقول المضارع لأن الله تعالى إنّما يقول هذا القول يوم القيامة وإن كلمة إذ صلة أي: زائدة. وقال الكرماني: لأن للماضي وهاهنا المراد به المستقبل. قلت: اختلف المفسّرون هنا. فقال قتادة: هذا خطاب الله تعالى لعبده ورسوله عيسى ابن مريم، عليهما السّلام، يوم القيامة توبيخا وتقريعا للنّصارى، وقال السّديّ: هذا الخطاب والجواب في الدّنيا، وقال ابن جرير: هذا هو الصّواب، وكان ذلك حين رفعه إلى السّماء الدّنيا، واحتج في ذلك بشيئين: أحدهما: أن لفظ الكلام لفظ الماضي. والثّاني: قوله: {إن تعذبهم فإنّهم عبادك وإن تغفر لهم فإنّك أنت العزيز الحكيم} قلت: فعلى هذا لا يتوجّه ما قاله من أن قال: بمعنى يقول ولا أن كلمة إذ صلة على أنه لا يقال: إن في كلام الله عز وجل شيئا زائدا، ولئن سلمنا وقوع ذلك يوم القيامة فلا يلزم من ذلك ذكره بلفظ المضارع لأن كل ما ذكر الله من وقوع شيء في المستقبل فهو كالواقع جزما لأنّه محقّق الوقوع فكأنّه قد وقع وأخبر بالماضي، ونظائر هذا في القرآن كثيرة. وقال بعضهم قوله: (وإذ قال الله يقول، قال الله وإذ هاهنا صلة) كذا ثبت هذا وما بعده هنا، وليس بخاص به، وهو على قدمناه من ترتيب بعض الرواة انتهى. قلت: كيف رضي أكثر الرواة بهذا التّرتيب الّذي ما رتبه المؤلف؟ والحال أنه نقح مؤلفه كما ينبغي وقرئ عليه مرارًا عديدة، والقرائن تدل على أن هذا وأمثاله من وضع المؤلف، وغيره ممّن هو دونه لا يستجرئ أن يزيد شيئا في نفس ما وضعه هو، ولا سيما إذا كان ذلك بغير مناسبة أو بتعسف فيه). [عمدة القاري: 18/214]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({وإذ قال الله}) {يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس} [المائدة: 116] معناه (يقول قال الله) غرضه أن لفظ قال الذي هو ماض بمعنى يقول المضارع لأن الله تعالى إنما يقول هذا القول يوم القيامة توبيخًا للنصارى وتقريعًا، ويؤيده قوله: {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} وذلك في القيامة ({وإذ} هاهنا صلة) أي زادة لأن إذ للماضي والقول في المستقبل، وقال غيره إذ قد تجيء
بمعنى إذا كقوله: {ولو ترى إذ فزعوا} [سبأ: 51] وقوله:
ثم جزاك الله عني إذ جزى = جنات عدن في السماوات العلا
وصوّب ابن جرير قول السدي أن هذا كان في الدنيا حين رفع إلى السماء الدنيا). [إرشاد الساري: 7/111-112]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (باب {ما جعل الله من بحيرةٍ ولا سائبةٍ ولا وصيلةٍ ولا حامٍ}
قوله: ({وإذ قال الله} يقول قال الله: وإذ ههنا صلة) اعلم أن قوله: يقول: تفسير قال لبيان أن الماضي بمعنى المضارع، وقوله: قال الله لبيان أن إذ زائدة ثم صرح بذلك بقوله: وإذ ههنا صلة، كأنه قال: قال في إذ، قال الله بمعنى يقول، وأصله، قال الله: وإذ زائدة، والله تعالى أعلم اهـ سندي). [حاشية السندي على البخاري: 3/49-50]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إذ قال اللّه يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيّدتك بروح القدس}.
يقول تعالى ذكره لعباده: احذروا يوم يجمع اللّه الرّسل فيقول لهم: ماذا أجابتكم أممكم في الدّنيا {إذ قال اللّه يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيّدتك بروح القدس}.
فـ {إذ} من صلة {أجبتم}، كأنّ معناها: ماذا أجابت عيسى الأمم الّتي أرسل إليها عيسى.
فإن قال قائلٌ: وكيف سئلت الرّسل عن إجابة الأمم إيّاها في عهد عيسى، ولم يكن في عهد عيسى من الرّسل إلاّ أقلّ ذلك؟.
قيل: جائزٌ أن يكون اللّه تعالى عنى بقوله: {فيقول ماذا أجبتم} الرّسل الّذين كانوا أرسلوا في عهد عيسى، فخرج الخبر مخرج الجميع، والمراد منهم من كان في عهد عيسى، كما قال تعالى: {الّذين قال لهم النّاس إنّ النّاس قد جمعوا لكم} والمراد: واحدٌ من النّاس، وإن كان مخرج الكلام على جميع النّاس.
ومعنى الكلام: {إذ قال اللّه} حين قال {يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيّدتك بروح القدس} يقول: يا عيسى، اذكر أياديّ عندك وعند والدتك، إذ قوّيتك بروح القدس وأعنتك به.
وقد اختلف أهل العربيّة في {أيّدتك} ما هو من الفعل، فقال بعضهم: هو فعّلتك، كما في قولك: قوّيتك، فعّلت من القوّة.
وقال آخرون: بل هو فاعلتك من الأيد.
وروي عن مجاهدٍ أنّه قرأ: (إذ آيدتك) بمعنى: أفعلتك من القوّة والأيد.
وقوله: {بروح القدس} يعني بجبريل، يقول: إذ أعنتك بجبريل.
وقد بيّنت معنى ذلك وما معنى القدس فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع). [جامع البيان: 9/112-114]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {تكلّم النّاس في المهد وكهلاً وإذ علّمتك الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطّين كهيئة الطّير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرًا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبيّنات فقال الّذين كفروا منهم إن هذا إلاّ سحرٌ مبينٌ}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيله لعيسى: اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيّدتك بروح القدس في حال تكليمك النّاس في المهد وكهلاً.
وإنّما هذا خبرٌ من اللّه تعالى ذكره أنّه أيّده بروح القدس صغيرًا في المهد وكهلاً كبيرًا، فردّ (الكهل) على قوله {في المهد} لأنّ معنى ذلك: صغيرًا، كما قال اللّه تعالى ذكره: {دعانا لجنبه أو قاعدًا أو قائمًا}.
وقوله: {وإذ علّمتك الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل} يقول: واذكر أيضًا نعمتي عليك إذ علّمتك {الكتاب}: وهو الخطّ، {والحكمة}: وهي الفهم بمعاني الكتاب الّذي أنزلته إليك وهو الإنجيل {وإذ تخلق من الطّين كهيئة الطّير} يقول: كصورة الطّير، بإذني يعني بقوله، {تخلق} تعمل وتصلح من الطّين، كهيئة الطّير {بإذني} يقول: بعوني على ذلك وعلمٍ منّي. {فتنفخ فيها} يقول: فتنفخ في الهيئة، فتكون الهيئة والصّورة طيرًا بإذني وتبرئ الأكمه يقول: وتشفي الأكمه: وهو الأعمى الّذي لا يبصر شيئًا المطموس البصر، {والأبرص بإذني}.
وقد بيّنت معاني هذه الحروف فيما مضى من كتابنا هذا مفسّرًا بشواهده بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله {وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبيّنات}. يقول: واذكر أيضًا نعمتي عليك، بكفّي عنك بني إسرائيل إذ كففتهم عنك وقد همّوا بقتلك، {إذ جئتهم بالبيّنات} يقول: إذ جئتهم بالأدلّة والأعلام المعجزة على نبوّتك وحقّيّة ما أرسلتك به إليهم {فقال الّذين كفروا منهم}، يقول تعالى ذكره: فقال الّذين جحدوا نبوّتك وكذّبوك من بني إسرائيل: {إن هذا إلاّ سحرٌ مبينٌ}.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته قرّاء أهل المدينة وبعض أهل البصرة: {إن هذا إلاّ سحرٌ مبينٌ} يعني: يبين عمّا أتى به لمن رآه ونظر إليه أنّه سحرٌ لا حقيقة له.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة: (إن هذا إلاّ ساحرٌ مبينٌ) بمعنى: ما هذا، يعني به عيسى، إلاّ ساحرٌ مبينٌ، يقول: يبين بأفعاله وما يأتي به من هذه الأمور العجيبة عن نفسه أنّه ساحرٌ لا نبيّ صادقٌ.
والصّواب من القول في ذلك أنّهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى متّفقتان غير مختلفتين، وذلك أنّ كلّ من كان موصوفًا بفعل السّحر فهو موصوفٌ بأنّه ساحرٌ، ومن كان موصوفًا بأنّه ساحرٌ فإنّه موصوفٌ بفعل السّحر، فالفعل دالٌ على فاعله والصّفة تدلّ على موصوفها، والموصوف يدلّ على صفته والفاعل يدلّ على فعله، فبأيّ ذلك قرأ القارئ فمصيبٌ الصّواب في قراءته). [جامع البيان: 9/114-116]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إذ قال اللّه يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيّدتك بروح القدس تكلّم النّاس في المهد وكهلًا وإذ علّمتك الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطّين كهيئة الطّير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرًا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبيّنات فقال الّذين كفروا منهم إن هذا إلّا سحرٌ مبينٌ (110)
قوله تعالى: إذ قال اللّه يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عبد الرّحمن بن إبراهيم دحيمٌ، ثنا الوليد بن مسلمٍ، ثنا روح بن جناحٍ عن مولًى لعمر بن عبد العزيز أنّه سمع أبا بردة بن أبي موسى يحدّث عمر بن عبد العزيز في إمرته على المدينة أنّ أباه أبا موسى حدّثهم عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: يدعى يوم القيامة كلّ أمة بإمامها فتجيئ النّصارى بالإنجيل ويذكرون عيسى فيقال: أين عيسى قال: فتأتيه الملائكة فما يبقى في رأسه وجسده شعرةٌ إلا قبض عليها ملكٌ ويطول.......... حتّى يكون في أيديها.
قال: فيأتون به حتّى يقفون به بين يدي ربّه فيقرّره ربّه بنعمته عليه وبربوبيّته إيّاه فيقول اللّه: يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيّدتك بروح القدس حتّى بلغ يوم ينفع الصّادقين صدقهم. فيقول اللّه عزّ وجلّ لعيسى: فقرّر الحجّة عليهم. قال فيجاء بهم فيخاصمهم بين يدي ربّهم تبارك وتعالى مقدار ألف سنةٍ فتوقع عليهم الحجّة ويوقع لهم الصّليب وينطلق بهم إلى النّار.
- حدّثنا أبي، ثنا ابن الأصبهانيّ، ثنا أبو بكر بن عياش على ابن وهبٍ عن أبيه قال: قدم رجلٌ من أهل الكتاب اليمن فقال أبي آتية فاسمع منه فقلت: تحيلني على رجلٍ نصرانيٍّ. قال: نعم آتية واسمع منه- فأتيته فقال: لمّا رفع اللّه عيسى صلّى اللّه عليه وسلّم أقامه بين يدي جبريل وميكائيل. فقال له: اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك. فعلت بك وفعلت بك ثمّ أخرجتك من بطن أمّك ففعلت بك، وفعلت بك وستكون أمّةٌ بعدك ينتحلونك وينتحلون ربوبيتك ويشهدون أنك قدمت وكيف يكون ربٌّ يموت فجزى لأناصّهم الحساب يوم القيامة ولأقيمنّهم مقام الخصم مع الخصم حتّى ينفذوا ما قالوا ولن ينفذوه أبدًا قال: قلت كيف تكلّم بذا الكلام في عيسى وأنت نصرانيٌّ قال: لا أجد أحدًا أثق به. قال قلت: فأنا. قال: فأسلم وجاء من الأحاديث لم أسمع مثلها.
قوله تعالى: إذ أيّدتك
- حدّثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصمٍ النّبيل، ثنا أبي ثنا شبيب بن بشرٍ ثنا عكرمة عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه أيدناه يقول: قربنا.
- حدّثنا أبي ثنا شهاب بن عبّادٍ ثنا إبراهيم بن حميد عن إبراهيم إسماعيل بن أبي خالدٍ وأيّدناه بروح القدس قال: أعانه جبريل.
قوله تعالى: بروح القدس
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ الواسطيّ، ثنا عبد الرّحمن، ثنا سفيان عن سلمة بن كهيلٍ ثنا أبو الزّعراء قال: قال عبد اللّه روح القدس جبريل- وكذا روي عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ وقتادة وعطيّة العوفيّ والسّدّيّ والرّبيع بن أنسٍ وإسماعيل بن أبي خالدٍ نحو ذلك.
قوله تعالى: القدس
[الوجه الأول]
- حدثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحرث ثنا بشر بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ بروح القدس قال: هو الاسم الّذي كان عيسى يحيي به الموتى- وروي عن سعيد بن جبيرٍ نحو ذلك.
الوجه الثّاني:
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي ثنا عمّي حدّثني أبي عن أبيه عن ابن عبّاسٍ قوله: إذ أيّدتك بروح القدس قال: القدس المطهّر.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ بروح القدس قال: القدس اللّه تبارك وتعالى.
الوجه الرّابع:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قال:
القدس: البركة.
قوله تعالى: تكلّم النّاس في المهد
- حدّثنا أبو الصّقر يحيى بن محمّد بن قزعة بسامرّاء، ثنا حسينٌ المرّوذيّ، ثنا جرير بن حاتمٍ عن محمّدٍ عن أبي هريرة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لم يتكلّم في المهد إلا ثلاثةٌ عيسى، وصبيٌّ كان في زمن جريجٍ، وصبيٌّ آخر.
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محلّمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، ثنا عبّاد بن منصورٍ قال: سألت الحسن في قوله: تكلّم النّاس في المهد وكهلا قال: كلّمهم في المهد صبيًّا وكلّمهم كبيرًا- وروي عن قتادة والرّبيع بن أنسٍ مثل ذلك.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا أبو غسّان، ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق تكلّم النّاس في المهد وكهلا يخبرهم في الآية الّتي يتقلّب بها في عمره كتقلّب بني آدم في أعمارهم صغارًا وكبارًا إلا أنّ اللّه تبارك وتعالى- خصّه بالكلام في المهد آيةً لنبوّته وتعريفًا لعباده... قدرته.
قوله تعالى: كهلا
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجاب بن الحارث، ثنا بشر بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ قوله: وكهلا يقول في سنّ الكهل.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: وكهلا يقول: الكهل الحليم.
الوجه الثّالث:
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى أنبأ ابن وهبٍ أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيبٍ أنّ قول اللّه تبارك وتعالى: تكلّم النّاس في المهد وكهلا قال الكهل منتهى الحلم.
قوله تعالى: وإذ علّمتك الكتاب
[الوجه الأول]
- حدثنا علي بن الحسين ابن الجنيد قال: قال أبو كريبٍ محمّد بن العلا ثنا يونس بن بكيرٍ عن مطر بن ميمونٍ عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ قال: الكتاب: الخطّ بالقلم.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ الأزرق، ثنا محمّد بن شعيبٍ قال: سألت عمر بن عطاءٍ عن قول الله الكتاب والحكمة قال: الكتاب: الخطّ- وروي عن يحيى بن أبي كثيرٍ ومقاتل بن حيّان مثل ذلك.
الوجه الثاني:
- حدثنا الحسن بن محمد بالصباح، ثنا أسباط عن محمد عن الهذليّ، ثنا الحسين في قول اللّه الكتاب والحكمة قال: الكتاب: القرآن.
قوله تعالى: والحكمة
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أسباط بن محمّدٍ، ثنا أبو بكرٍ الهذليّ عن الحسن الكتاب والحكمة قال: الحكمة: السّنّة- وروي عن أبي مالكٍ وقتادة ومقاتل بن حيّان ويحيى بن كثيرٍ نحو ذلك.
الوجة الثانى:
- حدّثنا أبي حمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ في قوله: الحكمة يعني: النّبوّة.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا همّامٌ، ثنا ابن وهبٍ، حدّثني عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه قال: الحكمة العقل في الدّين.
قوله تعالى: والتّوراة والإنجيل
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه عن قتادة قوله والتوراة والإنجيل قال: كان عيسى يقرأ التّوراة والإنجيل.
- حدّثنا أبي، ثنا الحسن بن أبي الرّبيع، ثنا عبد اللّه بن إدريس، ثنا محمّد بن إسحاق والتوراة والإنجيل أي كتابٌ لم يسمعوا به جاءهم به وكتابٌ قد سمعوا به مضى ودرس علمه من بين أظهرهم فردّ به عليهم.
قوله تعالى: وإذ تخلق من الطّين كهيئة الطّير بإذني
- حدّثنا أبي، أنبأ الحسن بن الرّبيع، ثنا عبد اللّه بن إدريس، ثنا محمّد بن إسحاق قال: ثمّ جعل على يديه- يعني عيسى- أمورًا يدلّ بها على قدرته في بعثه، بعث من يريد أن يبعث بعد الموت وخلقه ما شاء أن يخلق من شيءٍ يرى أو لا يرى فجعله ينفخ في الطّين يكون طيرًا بإذن اللّه.
قوله تعالى: وتبرئ الأكمه والأبرص
[الوجه الأول]
- حدثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحرث، أنبأ بشر بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ في قوله: وتبرئ الأكمه قال: الأكمه الّذي يولد وهو أعمى- وروي عن الحسن والضّحّاك، والسّدّيّ، وقتادة نحو ذلك.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا الحسين بن الحسن، ثنا إبراهيم الهرويّ، ثنا حجّاجٌ، أخبرني عثمان بن عطاءٍ عن أبيه عن ابن عبّاسٍ قال: الأكمه الأعمى الممسوح العين.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا يعقوب بن عبيدٍ النّقريزيّ، ثنا أبو عاصمٍ ثنا عيسى بن ميمون بن ذاية عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قال: الأكمه الّذي لا يرى باللّيل، الّذي ينظر بالنّهار ولا ينظر باللّيل.
الوجه الرّابع:
- حدّثنا أبي، ثنا نصر بن علياء، ثنا حفص بن عمر عن الحكم عن عكرمة الأكمه قال: الأعمش.
قوله تعالى: وإذ تخرج الموتى بإذني
- حدّثنا أبي، ثنا مالك بن إسماعيل، ثنا محمّد بن طلحة يعني ابن مصرّفٍ عن أبي بشرٍ عن أبي الهذيل قال: كان عيسى بن مريم عليه السلام إذ أراد أن يحيي الموتى صلّى ركعتين، يقرأ في الأولى تبارك الّذي بيده الملك وفي الثّانية الم. تنزيل السّجدة. فإذا فرغ منها مدح الله وأثنى عليه ثم دعى بسبعة أسماءٍ: يا قديم يا خفيّ، يا دائم، يا فرد، يا وتر، يا أحد، يا صمد، وكان إذا أصابته شدّةٌ دعا بسبعةٍ أخرى يا حيّ، يا قيّوم، يا اللّه، يا رحمن، يا ذا الجلال والإكرام يا نور السّموات والأرض وما بينهما وربّ العرش العظيم، يا رب.
قوله تعالى: وإذ كففت بني إسرائيل عنك
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا أبو غسّان، ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق حدّثني محمّد بن أبي عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ قال بالبيّنات أي الآيات الّتي وضع على يديه من إحياء الموتى وخلقه من الطّين كهيئة الطّير ثمّ ينفخ فيه فيكون طيرًا بإذن اللّه، وإبراء الأسقام وإخباره بكثيرٍ من الغيوب بما يدخرون في بيوتهم ومارد عليهم من التّوراة مع الإنجيل الّذي أحدث اللّه إليه ثمّ ذكر كفرهم بذلك كلّه). [تفسير القرآن العظيم: 4/1236-1242]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرأ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين}
أخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عساكر، عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة دعى بالأنبياء وأممها ثم يدعى بعيسى فيذكره الله نعمته عليه فيقربها يقول {يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك} الآية، ثم يقول {أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} المائدة الآية 116 فينكر أن يكون قال ذلك فيؤتي بالنصارى فيسألون فيقولون: نعم هو
أمرنا بذلك، فيطول شعر عيسى حتى يأخذ كل ملك من الملائكة بشعرة من شعر رأسه وجسده فيجاثيهم بين يدي الله مقدار ألف عام حتى يوقع عليهم الحجة ويرفع لهم الصليب وينطلق بهم إلى النار.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي بكر بن عياش عن ابن وهب عن أبيه قال: قدم رجل من أهل الكتاب اليمن فقال أبي: ائته واسمع منه، فقلت: تحيلني على رجل نصراني قال: نعم، ائته واسمع منه، فأتيته فقال: لما رفع الله عيسى عليه السلام أقامه بين يدي جبريل وميكائيل فقال له {اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك} فعلت بك وفعلت بك ثم أخرجتك من بطن أمك ففعلت بك وفعلت بك ستكون أمة بعدك ينتجلونك وينتجلون ربوبيتك ويشهدون أنك قدمت وكيف يكون رب يموت فبعزتي حلفت لأناصبنهم الحساب يوم القيامة ولأقيمنهم مقام الخصم من الخصم حتى ينفذوا ما قالوا ولن ينفذوه أبدا ثم أسلم وجاء من الأحاديث بشيء لم أسمع مثلها
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات} أي الآيات التي وضع على يديه من إحياء الموتى وخلقه من الطين كهيئة الطير، ثم ينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وإبراء الأسقام والخبر بكثير من الغيوب مما يدخرون في بيوتهم وما رد عليهم من التوراة مع الإنجيل الذي أحدث الله إليه ثم ذكر كفرهم بذلك كله). [الدر المنثور: 5/590-592]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 20 ربيع الثاني 1434هـ/2-03-2013م, 11:18 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (109) )

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قالوا لا علم لنا...}
قالوا: فيما ذكر من هول يوم القيامة. ثم قالوا: إلا ما علمتنا، فإن كانت على ما ذكر فـ (ما) التي بعد (إلا) في موضع نصب؛ لحسن السكوت على قوله: (لا علم لنا)، والرفع جائز). [معاني القرآن: 1/324]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({يوم يجمع اللّه الرّسل فيقول ما ذا أجبتم قالوا لا علم لنا} قيل: تدخلهم حيرة من هول القيامة وهول المسألة). [تفسير غريب القرآن: 148]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (يوم يجمع اللّه الرّسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنّك أنت علّام الغيوب (109)
أما نصب " يوم " فمحمول على قوله... (واتّقوا اللّه واسمعوا) أي، واتّقوا يوم يجمع اللّه الرسل، كما قال: (واتّقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا).
ومعنى المسألة من الله تعالى للرسل تكون على جهة التوبيخ للذين أرسلوا إليهم، كما قال عزّ وجلّ: (وإذا الموءودة سئلت (8) بأيّ ذنب قتلت (9).
فإنّما تسأل ليوبّخ قاتلوها، وأمّا إجابة الرسل وقولهم: " لا علم لنا " فقد قال الناس في هذا غير قول:
جاء في بعض التفسير إنّه عزبت عنهم أفهامهم لهول يوم القيامة فقالوا: لا علم لنا مع علمك.
وقال بعضهم: لو كانت عزبت أفهامهم لم يقولوا إنك أنت علام الغيوب.
وقال بعضهم معنى قول الرسل (لا علم لنا) أي بما غاب عنا ممن أرسلنا إليه، أنت يا ربنا تعلم باطنهم ولسنا نعلم غيبهم إنك أنت علام الغيوب). [معاني القرآن: 2/217-218]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم} هذا السؤال على جهة التوبيخ لمن كذبهم وفي معنى الآية قولان:
أحدهما أنهم لما سئلوا فزعوا فزال وهمهم فقالوا: لا علم لنا. قال مجاهد: لما قيل لهم: ماذا أجبتم فزعوا فقالوا: لا علم لنا فلما ثابت عقولهم خبروا بما علموا.
والقول الآخر أن المعنى لا علم لنا بما غاب عنا وقيل: يدل على صحة هذا القول {إنك أنت علام الغيوب}

وهذا مذهب ابن جريج وروى حجاج عن ابن جريج في قوله عز وجل: {يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا} قال: قيل لهم: ما علمتم من الأمم بعدكم، قالوا: لا علم لنا.
قال أبو عبيد: ويشبه هذا حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يرد الحوض أقوام فيختلجون فأقول: أمتي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك))). [معاني القرآن: 2/381-382]


تفسير قوله تعالى: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (110) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إذ أيّدتّك...}
على فعّلتك؛ كما تقول: قويتك.
وقرأ مجاهد (آيدتك) على أفعلتك.
وقال الكسائيّ: فاعلتك، وهي تجوز. وفي مثل عاونتك.

وقوله: {في المهد} يقول: صبيّا {وكهلاً} فردّ الكهل على الصفة؛ كقوله: {دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما}). [معاني القرآن: 1/325]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (أيّدتك) (110) أي قوّيتك، يقال: رجل أيّد أي شديد قويٌّ.
(كهيئة الطّير) (110) أي كمثل الطير، ومنه قولهم: دعه على هيئته). [مجاز القرآن: 1/181-182]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو وأصحاب عبد الله {فتكون طيرا}.
وأهل المدينة {فتكون طائرا} وقد فسرنا الطائر والطير). [معاني القرآن لقطرب: 487]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({أيّدتك بروح القدس} أي قويتك وأعنتك {وكهلًا} ابن ثلاثين سنة.
{وإذ علّمتك الكتاب} أي الخط {والحكمة} يعني الفقه). [تفسير غريب القرآن: 148]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والخلق: التّصوير، قال الله تعالى: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ}أي: تصوّره). [تأويل مشكل القرآن: 506]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (إذ قال اللّه يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيّدتك بروح القدس تكلّم النّاس في المهد وكهلا وإذ علّمتك الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطّين كهيئة الطّير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبيّنات فقال الّذين كفروا منهم إن هذا إلّا سحر مبين (110)
أمّا نعمته على والدته فإنه اصطفاها وطهرها واصطفاها على نساء العالمين، وكان رزقها يأتيها من عنده وهي في محرابها.
وقوله: (إذ أيّدتك بروح القدس).
أي أيّدتك بجبريل، جائز أن يكون قوله به، إذ حاولت بنو إسرائيل قتله، وجائز أن يكون أيّده به في كل أحواله، لأن في الكلام دليلا على ذلك.
وقوله: (تكلّم النّاس في المهد).
أي أيّدتك مكلّما النّاس في المهد (وكهلا) أي أيدتك كهلا، وجائز أن يكون (وكهلا) محمولا على تكلم، كان المعنى أيدتك مخاطبا للناس في صغرك ومخاطبا الناس كهلا، وقرأ بعضهم: " أأيدتك " على أفعلتك من الأيد وقرأ بعضهم آيدتك على فاعلتك أي عاونتك.
وقوله: (وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني).
الأكمه قال بعضهم: الذي يولد أعمى.
قال الخليل: هو الذي يولد أعمى، وهو الذي يعمى بعد أن كان بصيرا). [معاني القرآن: 2/218-219]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله عز وجل: {إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك} نعمته على مريم أنه جل وعز اصطفاها وطهرها.
وقال جل وعز: {كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا}). [معاني القرآن: 2/382-383]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إذ أيدتك بروح القدس} أيدتك قويتك وروح القدس جبريل صلى الله عليه وسلم قيل قواه به حين هموا بقتله وقواه به في الحجة). [معاني القرآن: 2/383]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ} أي قويتك وأعنتك، وروح القُدس: جبريل عليه السلام، والقُدس: الطهر.
و{وَكَهْلاً} ابن ثلاثين سنة.
{وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ} أي الخط، {وَالْحِكْمَةَ} أي الفقه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 72-73]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 3 جمادى الأولى 1434هـ/14-03-2013م, 04:50 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي المجموع

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (109) }

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (110) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (ومن الأضداد وهي آخره: «إذ» في القرآن لما مضى في معنى «إذا». و«إذ»: لما يستقبل ويجيء أيضا في معناها. وقال الله جل وعز:
{ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت} و{لو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم}. المعنى: إذا يفزعون وإذا يوقفون ولم يوقفوا بعد. وقال أيضا: {إذ قال الله يا عيسى ابن مريم}. وكأن القول يكون في القيمة. فهذا لما لم يقع. وقال أبو النجم: [الرجز]
ثم جزاه الله عنا إذ جزى
جنات عدن في العلالي العلى
كأنه قال: إذا جزى لأن هذا لم يقع بعد، وقال الأسود أيضا:
فالآن إذ هازلتهن فإنما = يقلن ألا لم يذهب المرء مذهبا
وقال أوس:

والحافظ الناس في الزمان إذا = لم يرسلوا تحت عائذ ربعا
وهبت الشمأل البليل وإذ = بات كميع الفتاة ملتفعا
فقال: «إذ» و«إذا» في معنى واحد. وقال بعض أهل اليمن:

وندمان يزيد الكأس طيبا = سقيت إذا تغورت النجوم
فقال: «إذا». والمعنى: «إذ» لأنه يخبر عما مضى. والله أعلم). [الأضداد:150- 152] (م)
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (قال سحيم بن وثيل الرياحي:

أخو خمسين مجتمع أشدي = ونجذني مداورة الشؤون
يريد بقوله نجذني دربني وحنكني، دربني أي صبرني درباً حاداً، وهو شاب من الحلم إلى أن يكتهل، فإذا تم فهو كهل). [خلق الإنسان: 161] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وإذ وإذا حرفان؛ تكون (إذ) للماضي و(إذا) للمستقبل، وهذا هو المشهور فيهما، وتكون إذ للمستقبل، وإذا للماضي إذا شهر المعنى ولم يقع فيه لبس. فأما كون إذ للماضي وإذا للمستقبل فشهرته تغني عن إقامة الشواهد عليه، وأما كون إذ للمستقبل فقول الله عز وجل: {ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم}، أراد المستقبل، وكذلك قوله: {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت}، معناه إذا يفزعون. وقال جل جلاله: {إذ قال الله يا عيسى بن مريم}، معناه: (وإذا يقول الله)؛ وأما كون إذا للماضي فقول الشاعر، وهو أوس بن حجر:

والحافظ الناس في الزمان إذا = لم يتركوا تحت عائذ ربعا
وهبت الشمال البليل وإذ = بات كميع الفتاة ملتفعا
أراد: إذ لم يتركوا تحت عائذ، والعائذ: الناقة الحديثة النتاج، وجمعها عوذ
وقال بعض أهل اللغة: إذا لم تقع في هذا البيت إلا للمستقبل؛ لأن المعنى: والذي يحفظ الناس إذا كان كذا وكذا، والأول قول قطرب.
وقال الآخر:
فالآن إذ هازلتهن فإنما = يقلن ألا لم يذهب المرء مذهبا
معناه إذا هازلتهن، وقال أبو النجم:
ثم جزاه الله عنا إذ جزى = جنات عدن في العالي العلا
أراد إذا جزى.
وقال بعض أهل العلم: إنما جاز أن تكون إذ بمعنى إذا في قوله: {وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم}، لأنه لما وقع في علم الله عز وجل أن هذا كائن لا محالة كان بمنزلة المشاهد الموجود، فخبر عنه بالمضي، كما قال: {ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار}، وهو يريد: (وينادي) وروى قطرب هذا البيت:
وندمان يزيد الكأس طيبا = سقيت إذا تغورت النجوم
أراد (إذا تغورت). ورواه غير قطرب: (سقيت وقد تغورت) ). [كتاب الأضداد: 118-119] (م)

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17 جمادى الآخرة 1435هـ/17-04-2014م, 08:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 17 جمادى الآخرة 1435هـ/17-04-2014م, 08:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 17 جمادى الآخرة 1435هـ/17-04-2014م, 08:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 17 جمادى الآخرة 1435هـ/17-04-2014م, 08:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (109) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: ويوم يجمع اللّه الرّسل ذهب قوم من المفسرين إلى أن العامل في يوم ما تقدم من قوله لا يهدي، وذلك ضعيف، ورصف الآية وبراعتها، إنما هو أن يكون هذا الكلام مستأنفا، والعامل مقدر إما اذكروا وإما تذكروا وإما احذروا ونحو هذا مما حسن اختصاره لعلم السامع، والإشارة بهذا اليوم إلى يوم القيامة، وخص الرسل بالذكر لأنهم قادة الخلق، وفي ضمن جمعهم جمع الخلائق وهم المكلمون أولا وماذا أجبتم معناه ماذا أجابت به الأمم من إيمان أو كفر وطاعة أو عصيان، وهذا السؤال للأنبياء الرسل إنما هو لتقوم الحجة على الأمم ويبتدأ حسابهم على الواضح المستبين لكل مفطور، واختلف الناس في معنى قولهم عليهم السلام لا علم لنا فقال الطبري ذهلوا عن الجواب لهول المطلع، وذكر عن الحسن أنه قال: لا علم لنا من هول ذلك اليوم. وعن السدي أنه قال: نزلوا منزلا ذهلت فيه العقول فقالوا لا علم لنا. ثم نزلوا منزلا آخر شهدوا على قومهم، وعن مجاهد أنه قال: يفزعون فيقولون لا علم لنا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وضعّف بعض الناس هذا المنزع بقوله تعالى: لا يحزنهم الفزع الأكبر [الأنبياء: 103] والأنبياء في أشد أهوال يوم القيامة وحالة جواز الصراط يقولون سلم سلم وحالهم أعظم وفضل الله عليهم أكثر من أن تذهل عقولهم حتى يقولوا ما ليس بحق في نفسه، وقال ابن عباس رضي الله عنه: معنى الآية لا علم لنا إلا علما أنت أعلم به منا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا حسن، كأن المعنى لا علم لنا يكفي وينتهي إلى الغاية، وقال ابن جريج: معنى ماذا أجبتم؟ ماذا عملوا بعدكم وما أحدثوا؟ فلذلك قالوا لا علم لنا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا معنى حسن في نفسه، ويؤيده قوله تعالى: إنّك أنت علّام الغيوب لكن لفظة أجبتم لا تساعد قول ابن جريج إلا على كره، وقول ابن عباس أصوب هذه المناحي لأنه يتخرج على التسليم لله تعالى ورد الأمر إليه، إذ قوله ماذا أجبتم لا علم عندهم في جوابه إلا بما شوفهوا به مدة حياتهم، وينقصهم ما في قلوب المشافهين من نفاق ونحوه، وما ينقصهم ما كان بعدهم من أمتهم والله تعالى يعلم جميع ذلك على التفصيل والكمال. فرأوا التسليم له والخضوع لعلمه المحيط وقرأ أبو حيوة «ماذا أجبتم» بفتح الهمزة). [المحرر الوجيز: 3/293-294]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (110) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: إذ قال اللّه يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيّدتك بروح القدس تكلّم النّاس في المهد وكهلاً وإذ علّمتك الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطّين كهيئة الطّير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيراً بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبيّنات فقال الّذين كفروا منهم إن هذا إلاّ سحرٌ مبينٌ (110)
يحتمل أن يكون العامل في إذ فعلا مضمرا تقديره اذكر يا محمد إذ جئتهم بالبينات وقال هنا بمعنى يقول، لأن ظاهر هذا القول أنه في القيامة تقدمة لقوله أنت قلت للناس، وذلك كله أحكام لتوبيخ الذين يتحصلون كافرين بالله في ادعائهم ألوهية عيسى، ويحتمل أن تكون إذ بدلا من قوله يوم يجمع اللّه [المائدة: 109] ونعمة الله على عيسى هي بالنبوءة وسائر ما ذكر وما علم مما لا يحصى، وعددت عليه النعمة على أن أمه إذ هي نعمة صائرة إليه وبسببه كانت، وقرأ جمهور الناس «أيّدتك» بتشديد الياء، وقرأ مجاهد وابن محيصن «آيدتك» على وزن فاعلتك ويظهر أن الأصل في القراءتين «أيدتك» على وزن أفعلتك، ثم اختلف الإعلال، والمعنى فيهما قويتك من الأيد، وقال عبد المطلب:
الحمد لله الأعز الأكرم = أيدنا يوم زحوف الأشرم
و «روح القدس» هو جبريل عليه السلام، وقوله في المهد حال كأنه قال صغيرا وكهلًا حال أيضا معطوفة على الأول. ومثله قوله تعالى: دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً [يونس: 12] والكهولة من الأربعين إلى الخمسين. وقيل هي من ثلاثة وثلاثين، والكتاب في هذه الآية: مصدر كتب يكتب أي علمتك الخط. ويحتمل أن يريد اسم جنس في صحف إبراهيم وغير ذلك. ثم خص بعد ذلك التوراة والإنجيل بالذكر تشريفا، والحكمة: هي الفهم والإدراك في أمور الشرع. وقد وهب الله الأنبياء منها ما
هم به مختصون معصومون لا ينطقون عن هوى. قوله تعالى: وإذ في هذه الآية حيث ما تكررت فهي عطف على الأولى التي عملت فيها نعمتي، وتخلق معناه: تقدر وتهيئ تقديره مستويا، ومنه قول الشاعر:
ولأنت تفري ما خلقت وبع = ض القوم يخلق ثم لا يفري
أي يهيئ ويقدر ليعمل ويكمل ثم لا يفعل. ومنه قول الآخر:
من كان يخلق ما يقو = ل فحيلتي فيه قليله
وكان عيسى عليه السلام يصور من الطين أمثال الخفافيش ثم ينفخ فيها أمام الناس فتحيا وتطير بإذن الله. وقد تقدم هذا القصص في آل عمران. وقرأ جمهور الناس «كهيئة» بالهمز، وهو مصدر من قولهم هاء الشيء يهاء إذا ثبت واستقر على أمر حسن، قال اللحياني: ويقال «يهيء» وقرأ الزهري «كهيّة» بتشديد الياء من غير همز وقرأ أبو جعفر بن القعقاع «كهيئة الطائر». والإذن في هذه الآية كيف تكرر معناه التمكين مع العلم بما يصنع وما يقصد من دعاء الناس إلى الإيمان. وقوله تعالى: فتنفخ فيها هو النفخ المعروف من البشر وإن جعل الله الأمر هكذا ليظهر تلبس عيسى بالمعجزة وصدورها عنه. وهذا كطرح موسى العصا. وكإيراد محمد عليه السلام القرآن. وهذا أحد شروط المعجزات. وقوله فيها بضمير مؤنث مع مجيء ذلك في آل عمران فأنفخ فيه [آل عمران: 49] بضمير مذكر موضع قد اضطرب المفسرون فيه.
قال مكي: هو في آل عمران عائد على الطائر وفي المائدة عائد على الهيئة، قال ويصح عكس هذا، قال غيره الضمير المذكر عائد على الطين.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ولا يصح عود هذا الضمير لا على الطير ولا على الطين ولا على الهيئة لأن الطين والطائر الذي يجيء على الطين على هيئة لا نفخ فيه البتة، وكذلك لا نفخ في هيئته الخاصة بجسده وهي المذكورة في الآية، وكذلك الطّين المذكور في الآية إنما هو الطين العام ولا نفخ في ذلك. وإنما النفخ في الصور المخصوصة منه التي رتبتها يد عيسى عليه السلام، فالوجه أن يقال في عود الضمير المؤنث إنه عائد على ما تقتضيه الآية ضرورة، وذلك أن قوله وإذ تخلق من الطّين كهيئة الطّير يقتضي صورا أو أجساما أو أشكالا، وكذلك الضمير المذكر يعود على المخلوق الذي يقتضيه تخلق، ولك أن تعيده على ما تدل عليه الكاف في معنى المثل لأن المعنى وإذ تخلق من الطين مثل هيئة، ولك أن تعيد الضمير على الكاف نفسه فيمن يجوّز أن يكون اسما في غير الشعر، وتكون الكاف في موضع نصب صفة للمصدر المراد تقديره وإذ تخلق خلقا من الطين كهيئة الطير وقرأ عبد الله بن عباس كهيئة الطير فتنفخها فيكون وقرأ الجمهور «فتكون» بالتاء من فوق وقرأ عيسى بن عمر فيها «فيكون» بالياء من تحت، وقرأ نافع وحده «فتكون طائرا»، وقرأ الباقون «طيرا» بغير ألف والقراءتان مستفيضتان في الناس.
فالطير جمع طائر كتاجر وتجر وصاحب وصحب وراكب وركب. والطائر اسم مفرد والمعنى على قراءة نافع فتكون كل قطعة من تلك المخلوقات طائرا قال أبو علي: ولو قال قائل إن الطائر قد يكون جمعا كالجامل والباقر فيكون على هذا معنى القراءتين واحدا لكان قياسا، ويقوي ذلك ما حكاه أبو الحسن من قولهم طائرة فيكون من باب شعيرة وشعير، وتمرة وتمر وقد تقدم القول في الأكمه والأبرص وفي قصص إحيائه الموتى في آل عمران، وتخرج الموتى معناه من قبورهم، وكف بني إسرائيل عنه عليه السلام هو رفعه حين أحاطوا به في البيت مع الحواريين ومن أول ما منعه الله منهم هو الكف إلى تلك النازلة الآخرة فهنالك ظهر عظم الكف و «البينات» هي معجزاته وإنجيله وجميع ما جاء به، وقرأ ابن كثير وعاصم هنا وفي هود والصف «إلا سحر» بغير ألف، وقرأ حمزة والكسائي في المواضع الأربعة «ساحر» بألف فمن قرأ سحرا جعل الإشارة إلى البينات والحديث وما جاء به، ومن قرأ ساحرا جعل الإشارة إلى الشخص إذ هو ذو سحر عندهم وهذا مطرد في القرآن كله حيثما ورد هذا الخلاف). [المحرر الوجيز: 3/294-297]

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 17 جمادى الآخرة 1435هـ/17-04-2014م, 08:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 17 جمادى الآخرة 1435هـ/17-04-2014م, 08:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (109) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يوم يجمع اللّه الرّسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنّك أنت علام الغيوب (109)}
وهذا إخبارٌ عمّا يخاطب اللّه به المرسلين يوم القيامة، عمّا أجيبوا به من أممهم الّذين أرسلهم إليهم، كما قال تعالى: {فلنسألنّ الّذين أرسل إليهم ولنسألنّ المرسلين} [الأعراف: 6] وقال تعالى: {فوربّك لنسألنّهم أجمعين عمّا كانوا يعملون} [الحجر:92، 93].
وقول الرّسل: {لا علم لنا} قال مجاهدٌ، والحسن البصريّ، والسّدّي: إنّما قالوا ذلك من هول ذلك اليوم.
قال عبد الرّزّاق، عن الثّوريّ، عن الأعمش، عن مجاهدٍ: {يوم يجمع اللّه الرّسل فيقول ماذا أجبتم} فيفزعون فيقولون: {لا علم لنا} رواه ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن حميد، حدّثنا حكّام، حدّثنا عنبسة قال: سمعت شيخًا يقول: سمعت الحسن يقول في قوله: {يوم يجمع اللّه الرّسل} الآية، قال: من هول ذلك اليوم.
وقال أسباطٌ، عن السّدّي: {يوم يجمع اللّه الرّسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا} ذلك: أنّهم نزلوا منزلًا ذهلت فيه العقول، فلمّا سئلوا قالوا: {لا علم لنا} ثمّ نزلوا منزلًا آخر، فشهدوا على قومهم. رواه ابن جريرٍ.
ثمّ قال ابن جريرٍ: حدّثنا القاسم، حدّثنا الحسين، حدّثنا الحجّاج، عن ابن جريج قوله: {يوم يجمع اللّه الرّسل فيقول ماذا أجبتم} ماذا عملوا بعدكم؟ وماذا أحدثوا بعدكم؟ قالوا: {لا علم لنا إنّك أنت علام الغيوب}
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {يوم يجمع اللّه الرّسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنّك أنت علام الغيوب} يقولون للرّبّ، عزّ وجلّ: لا علم لنا، إلّا علم أنت أعلم به منّا.
رواه ابن جريرٍ. ثمّ اختاره على هذه الأقوال الثّلاثة ولا شكّ أنّه قولٌ حسنٌ، وهو من باب التّأدّب مع الرّبّ، عزّ وجلّ، أي: لا علم لنا بالنّسبة إلى علمك المحيط بكلّ شيءٍ، فنحن وإن كنّا قد أجبنا وعرفنا من أجابنا، ولكنّ منهم من كنّا إنّما نطّلع على ظاهره، لا علم لنا بباطنه، وأنت العليم بكلّ شيءٍ، المطّلع على كلّ شيءٍ. فعلمنا بالنّسبة إلى علمك كلا علم، فإنّك {أنت علام الغيوب} ). [تفسير القرآن العظيم: 3/222]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (110) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إذ قال اللّه يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيّدتك بروح القدس تكلّم النّاس في المهد وكهلا وإذ علّمتك الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطّين كهيئة الطّير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرًا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبيّنات فقال الّذين كفروا منهم إن هذا إلا سحرٌ مبينٌ (110) وإذ أوحيت إلى الحواريّين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنّا واشهد بأنّنا مسلمون (111)}
يذكر تعالى ما امتنّ به على عبده ورسوله عيسى ابن مريم عليه السّلام ممّا أجراه على يديه من المعجزات وخوارق العادات، فقال تعالى: {إذ قال اللّه يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك} أي: في خلقي إيّاك من أمٍّ بلا ذكرٍ، وجعلي إيّاك آيةً ودلالةً قاطعةً على كمال قدرتي على الأشياء {وعلى والدتك} حيث جعلتك لها برهانًا على براءتها ممّا نسبه الظّالمون الجاهلون إليها من الفاحشة، {إذ أيّدتك بروح القدس} وهو جبريل، عليه السّلام، وجعلتك نبيًّا داعيًا إلى اللّه في صغرك وكبرك، فأنطقتك في المهد صغيرًا، فشهدت ببراءة أمّك من كلّ عيبٍ، واعترفت لي بالعبوديّة، وأخبرت عن رسالتي إيّاك ودعوتك إلى عبادتي؛ ولهذا قال تعالى: {تكلّم النّاس في المهد وكهلا} أي: تدعو إلى اللّه النّاس في صغرك وكبرك. وضمن "تكلّم" تدعو؛ لأنّ كلامه النّاس في كهولته ليس بأمرٍ عجيبٍ.
وقوله: {وإذ علّمتك الكتاب والحكمة} أي: الخطّ والفهم {والتّوراة} وهي المنزّلة على موسى بن عمران الكليم، وقد يرد لفظ التّوراة في الحديث ويراد به ما هو أعمّ من ذلك.
وقوله: {وإذ تخلق من الطّين كهيئة الطّير بإذني} أي: تصوّره وتشكّله على هيئة الطّائر بإذني لك في ذلك فيكون طائرًا بإذني، أي: فتنفخ في تلك الصّورة الّتي شكّلتها بإذني لك في ذلك، فتكون طيرًا ذا روحٍ بإذن اللّه وخلقه.
وقوله: {وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني} قد تقدّم الكلام على ذلك في سورة آل عمران بما أغنى عن إعادته.
وقوله: {وإذ تخرج الموتى بإذني} أي: تدعوهم فيقومون من قبورهم بإذن اللّه وقدرته، وإرادته ومشيئته.
وقد قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا مالك بن إسماعيل، حدّثنا محمّد بن طلحة -يعني ابن مصرّف-عن أبي بشر، عن أبي الهذيل قال: كان عيسى ابن مريم، عليه السّلام، إذا أراد أن يحيي الموتى صلّى ركعتين، يقرأ في الأولى: {تبارك الّذي بيده الملك} [سورة الملك]، وفي الثّانية: {الم. تنزيل الكتاب} [سورة السّجدة]. فإذا فرغ منهما مدح اللّه وأثنى عليه، ثمّ دعا بسبعة أسماء: يا قديم، يا خفيّ، يا دائم، يا فرد، يا وتر، يا أحد، يا صمد -وكان إذا أصابته شدّةٌ دعا بسبعةٍ أخر: يا حيّ، يا قيّوم، يا اللّه، يا رحمن، يا ذا الجلال والإكرام، يا نور السّموات والأرض، وما بينهما وربّ العرش العظيم، يا ربّ.
وهذا أثرٌ عجيبٌ جدًّا.
وقوله: {وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبيّنات فقال الّذين كفروا منهم إن هذا إلا سحرٌ مبينٌ} أي: واذكر نعمتي عليك في كفّي إيّاهم عنك حين جئتهم بالبراهين والحجج القاطعة على نبوّتك ورسالتك من اللّه إليهم، فكذّبوك واتّهموك بأنّك ساحرٌ، وسعوا في قتلك وصلبك، فنجّيتك منهم، ورفعتك إليّ، وطهّرتك من دنسهم، وكفيتك شرّهم. وهذا يدلّ على أنّ هذا الامتنان كان من اللّه إليه بعد رفعه إلى السّماء الدّنيا، أو يكون هذا الامتنان واقعًا يوم القيامة، وعبّر عنه بصيغة الماضي دلالةً على وقوعه لا محالة. وهذا من أسرار الغيوب الّتي أطلع اللّه عليها رسوله محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم). [تفسير القرآن العظيم: 3/223-224]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة