العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الفرقان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 جمادى الأولى 1434هـ/13-03-2013م, 11:56 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة الفرقان [ من الآية (61) إلى الآية (67) ]

{تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62) وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) }



روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الناسخ والمنسوخ الآية رقم (63)
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 رجب 1434هـ/27-05-2013م, 06:34 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) )

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله بروجا قال البروج النجوم). [تفسير عبد الرزاق: 2/70]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا قال السراج الشمس). [تفسير عبد الرزاق: 2/70]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {تبارك الّذي جعل في السّماء بروجًا، وجعل فيها سراجًا وقمرًا منيرًا}.
يقول تعالى ذكره: تقدّس الرّبّ الّذي جعل في السّماء بروجًا؛ ويعني بالبروج: القصور في قول بعضهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن العلاء، ومحمّد بن المثنّى، وسلم بن جنادة، قالوا: حدّثنا عبد اللّه بن إدريس، قال: سمعت أبي، عن عطيّة بن سعدٍ، في قوله: {تبارك الّذي جعل في السّماء بروجًا} قال: قصورًا في السّماء، فيها الحرس.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثني أبو معاوية، قال: حدّثني إسماعيل، عن يحيى بن رافعٍ، في قوله: {تبارك الّذي جعل في السّماء بروجًا} قال: قصورًا في السّماء.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عمرٍو، عن منصورٍ، عن إبراهيم: {جعل في السّماء بروجًا} قال: قصورًا في السّماء.
- حدّثني إسماعيل بن سيفٍ، قال: حدّثني عليّ بن مسهرٍ، عن إسماعيل، عن أبي صالحٍ، في قوله: {تبارك الّذي جعل في السّماء بروجًا} قال: قصورًا في السّماء فيها الحرس.
وقال آخرون: هي النّجوم الكبار
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني ابن المثنّى، قال: حدّثنا يعلى بن عبيدٍ، قال: حدّثنا إسماعيل، عن أبي صالحٍ: {تبارك الّذي جعل في السّماء بروجًا} قال: النّجوم الكبار.
- قال: حدّثنا الضّحّاكٌ، عن مخلدٍ، عن عيسى بن ميمونٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: الكواكب.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {بروجًا} قال: البروج: النّجوم.
قال أبو جعفرٍ: وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول من قال: هي قصورٌ في السّماء، لأنّ ذلك في كلام العرب {ولو كنتم في بروجٍ مشيّدةٍ} وقول الأخطل:
كأنّها برج روميٍّ يشيّده = بانٍ بحصٍّ وآجرٍّ وأحجار
يعني بالبرج القصر.
وقوله: {وجعل فيها سراجًا} اختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة والبصرة: {وجعل فيها سراجًا} على التّوحيد، ووجّهوا تأويل ذلك إلى أنّه جعل فيها الشّمس، وهي السّرّاج الّتي عني عندهم بقوله: {وجعل فيها سراجًا}.
- كما حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {وجعل فيها سراجًا وقمرًا منيرًا} قال: السّراج: الشّمس.
وقرأته عامّة قرّاء الكوفيّين: (وجعل فيها سرجًا) على الجماع، كأنّهم وجّهوا تأويله: وجعل فيها نجومًا {وقمرًا منيرًا} وجعلوا النّجوم سرجًا إذ كان يهتدى بها.
والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنّهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار، لكلّ واحدةٍ منهما وجهٌ مفهومٌ، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.
وقوله: {وقمرًا منيرًا} يعني بالمنير: المضيء). [جامع البيان: 17/482-485]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (تبارك الّذي جعل في السّماء بروجًا وجعل فيها سراجًا وقمرًا منيرًا (61)
قوله عزّ وجلّ: تبارك الّذي جعل في السماء بروجا
[الوجه الأول]
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أحمد بن الصّبّاح، ثنا عليّ بن حفصٍ، ثنا حبّان بن عليٍّ، عن سعد بن طريفٍ، عن الأصبغ بن نباتة، عن عليٍّ قال: إنّ الشمس إذا طلعت هتفت معها ملكان موكّلان بها فيجريان معها ما جرت حتّى إذا وقعت في قطّها قيل لعليٍّ: وما قطّها؟ قال: حذى بطنان العرش، قال: فتخرّ ساجدةً حتّى يقال لها امضى فتمضي بقدر اللّه، فإذا طلعت أضاء وجهها لسبع سماوات وقفاها لأهل الأرض، يعنى قوله: جعل في السّماء بروجًا قال: وفي السّماء ثلاثمائةٍ وستّون برجًا كلّ برجٍ منها أعظم من جزيرة العرب للشّمس في كلّ برجٍ منها منزلٌ تنزله.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن إدريس، عن أبيه، عن عطيّة: تبارك الّذي جعل في السماء بروجا قال ك قصورًا في السّماء فيها الحرس.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو معاوية، عن ابن أبي خالدٍ، عن يحيى بن رافعٍ: تبارك الّذي جعل في السّماء بروجًا قال: قصورًا في السّماء
- وروى، عن ابن عبّاسٍ ومحمّد بن كعبٍ القرظيّ وأبي صالحٍ في إحدى الرّوايات وإبراهيم النّخعيّ والأعمش أنّها القصور.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ، ثنا أبو أسامة، عن إسماعيل، عن أبي صالحٍ: تبارك الّذي جعل في السّماء بروجًا قال: الكواكب العظام.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه تبارك الّذي جعل في السّماء بروجًا قال: نجومًا روي، عن مجاهدٍ والحسن وقتادة مثل ذلك.
قوله تعالى: وجعل فيها سراجًا
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أحمد بن الصّبّاح، ثنا عليّ بن حفصٍ، ثنا حبّان بن عليٍّ، عن سعيد بن طريفٍ، عن الأصبغ بن نباتة، عن عليٍّ يعنى قوله وجعل فيها سراجًا قال: إنّ الشّمس إذا طلعت أضاء وجهها لسبع سماوات وقفاها لأهل الأرض.
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ أنبأ الحسين بن محمّدٍ المروزيّ، ثنا شيبان، عن قتادة قوله: وجعل فيها سراجًا قال: سراجًا شمسًا
قوله: وقمرًا منيرًا
- أخبرنا عبيد بن محمّد بن حمزة فيما كتب إليّ ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ، ثنا قتادة
قوله: وقمرًا منيرًا أي مضيئًا). [تفسير القرآن العظيم: 8/2716-2717]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا.
أخرج الخطيب في كتاب النجوم عن ابن عباس في قوله {تبارك الذي جعل في السماء بروجا} قال: هي هذه الاثنا عشر برجا، أولها الحمل ثم الثثور ثم الجوزاء ثم السرطان ثم الاسد ثم السنبلة ثم الميزان ثم العقرب ثم القوس ثم الجدي ثم الدلو ثم الحوت). [الدر المنثور: 11/198]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {تبارك الذي جعل في السماء بروجا} قال: قصورا على أبواب السماء فيها الحرس). [الدر المنثور: 11/199]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج هناد عبد بن حميد، وابن جرير عن يحيى بن رافع {جعل في السماء بروجا} قال: قصورا في السماء). [الدر المنثور: 11/199]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن عطية {جعل في السماء بروجا} قال: القصور، ثم تأول هذه الآية {ولو كنتم في بروج مشيدة} النساء الآية 78). [الدر المنثور: 11/199]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في قوله {جعل في السماء بروجا} قال: البروج النجوم). [الدر المنثور: 11/199]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله {جعل في السماء بروجا} قال: النجوم). [الدر المنثور: 11/199]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن أبي صالح {جعل في السماء بروجا} قال: النجوم الكبار). [الدر المنثور: 11/199]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة {تبارك الذي جعل في السماء بروجا} قال: هي النجومز وقال عكرمة: إن أهل السماء يرون نور مساجد الدنيا كما يرون أهل الدنيا نجوم السماء). [الدر المنثور: 11/200]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة {وجعل فيها سراجا} قال: هي الشمس). [الدر المنثور: 11/200]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {وجعل فيها سراجا} بكسر السين على معنى الواحد). [الدر المنثور: 11/200]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن: أنه كان يقرأ {سراجا} ). [الدر المنثور: 11/200]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي: أنه كان يقرأ {وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا} ). [الدر المنثور: 11/200]

تفسير قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الحسن في قوله تعالى وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة قال جعل أحدهما خلفا للآخر إن فات رجلا من النهار شيء أدركه من الليل وإن فاته من الليل شيء أدركه من النهار). [تفسير عبد الرزاق: 2/71]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي قال لا حسد إلا على اثنتين رجل آتاه الله مالا فهو ينفق منه آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار). [تفسير عبد الرزاق: 2/71]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({خلفةً} [الفرقان: 62] : «من فاته من اللّيل عملٌ أدركه بالنّهار، أو فاته بالنّهار أدركه باللّيل»). [صحيح البخاري: 6/109]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله خلفةً من فاته من اللّيل عمل أدركه بالنّهار أو فاته بالنّهار أدركه باللّيل وصله بن أبي حاتمٍ أيضًا كذلك وكذا أخرجه عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن الحسن نحوه). [فتح الباري: 8/491]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس {هباء منثورا} ما تسفي به الرّيح {مد الظل} ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس {ساكنا} دائما {عليه دليلا} طلوع الشّمس {خلفه} من فاته من اللّيل عمل أدركه بالنّهار أو فاته بالنّهار أدركه باللّيل
قال ابن جرير ثنا القاسم ثنا الحسين حدثني حجاج عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عبّاس قوله 23 الفرقان {هباء منثورا} قال ما يسفي الرّيح ويبثه
وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس قوله {هباء منثورا} يقول الماء المهراق
وبه في قوله 45 الفرقان {مد الظل} يقول ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس
وبه في قوله 45 الفرقان {ولو شاء لجعله ساكنا} يقول دائما
وبه في قوله 45 الفرقان {ثمّ جعلنا الشّمس عليه دليلا} يقول طلوع الشّمس
وبه في قوله 62 الفرقان {جعل اللّيل والنّهار خلفة} يقول من فاته شيء من اللّيل أن يعمله أدركه بالنّهار أو من النّهار أدركه باللّيل). [تغليق التعليق: 4/270-271]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (خلفةً من فاته من اللّيل عملٌ أدركه بالنّهار أو فاته بالنّهار أدركه باللّيل
أشار به إلى قوله تعالى: {وهو الّذي جعل اللّيل والنّهار خلفة} (الفرقان: 62) . الآية، وفسّر (خلفة) بقوله: (من فاته) إلى آخره، وأخرج عبد الرّزّاق عن معمر عن الحسن مثله، وفي التّفسير: وعن ابن عبّاس وقتادة: خلفة، يعني عوضا وخلفاً يقوم واحدهما مكان صاحبه، فمن فاته عمله في أحدهما قضاه في الآخر، وعن مجاهد: يعني جعل كل واحد منهما مخالفا للآخر فجعل هذا أسود وهذا أبيض، وعن ابن زيد: يعني إذا جاء أحدهما ذهب الآخر، فهما يتعاقبان في الظلام والضياء والزّيادة والنّقصان). [عمدة القاري: 19/93]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({خلفة}) في قوله تعالى: {وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة} [الفرقان: 62] قال ابن عباس فيما وصله ابن أبي حاتم: (من فاته من الليل عمل أدركه بالنهار أو فاته بالنهار أدركه بالليل). وجاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: فاتتني الصلاة الليلة. فقال: أدرك ما فاتك من ليلتك في نهارك، فإن الله تعالى جعل الليل والنهار خلفة أو يخلف أحدهما الآخر يتعاقبان إذا ذهب هذا جاء هذا، وإذا جاء هذا ذهب ذاك وخلفة مفعول ثان لجعل أو حال). [إرشاد الساري: 7/272]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وهو الّذي جعل اللّيل والنّهار خلفةً لّمن أراد أن يذّكّر أو أراد شكورًا}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {جعل اللّيل والنّهار خلفةً} فقال بعضهم: معناه: أنّ اللّه جعل كلّ واحدٍ منهما خلفًا من الآخر، في أنّ ما فات أحدهما من عملٍ يعمل فيه للّه أدرك قضاؤه في الآخر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب القمّيّ، عن حفص بن حميدٍ، عن شمر بن عطيّة، عن شقيقٍ، قال: جاء رجلٌ إلى عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه، فقال: فاتتني الصّلاة اللّيلة، فقال: أدرك ما فاتك من ليلتك في نهارك، فإنّ اللّه جعل اللّيل والنّهار خلفةً لمن أراد أن يذّكّر، أو أراد شكورًا.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وهو الّذي جعل اللّيل والنّهار خلفةً} يقول: من فاته شيءٌ من اللّيل أن يعمله أدركه بالنّهار، أو من النّهار أدركه باللّيل.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن، في قوله: {جعل اللّيل والنّهار خلفةً} قال: جعل أحدهما خلفًا للآخر، إن فات رجلاً من النّهار شيءٌ أدركه من اللّيل، وإن فاته من اللّيل أدركه من النّهار.
وقال آخرون: بل معناه أنّه جعل كلّ واحدٍ منهما مخالفًا صاحبه، فجعل هذا أسود وهذا أبيض.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {اللّيل والنّهار خلفةً} قال: أسود وأبيض.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا أبو هشامٍ الرّفاعيّ، قال: حدّثنا يحيى بن يمانٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن عمر بن قيس بن أبي مسلمٍ الماصر، عن مجاهدٍ: {وهو الّذي جعل اللّيل والنّهار خلفةً} قال: أسود وأبيض.
وقال آخرون: بل معنى ذلك أنّ كلّ واحدٍ منهما يخلف صاحبه، إذا ذهب هذا جاء هذا، وإذا جاء هذا ذهب هذا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، قال: حدّثنا قيسٌ، عن عمر بن قيس الماصر، عن مجاهدٍ، قوله: {جعل اللّيل والنّهار خلفةً} هذا يخلف هذا، وهذا يخلف هذا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وهو الّذي جعل اللّيل والنّهار خلفةً} قال: لو لم يجعلهما خلفةً لم يدر كيف يعمل، لو كان الدّهر ليلاً كلّه كيف يدري أحدٌ كيف يصوم، أو كان الدّهر نهارًا كلّه كيف يدري أحدٌ كيف يصلّي. قال: والخلفة: مختلفان، يذهب هذا ويأتي هذا، جعلهما اللّه خلفةً للعباد، وقرأ {لمن أراد أن يذّكّر أو أراد شكورًا}.
و(الخلفة): مصدرٌ، فلذلك وحّدت، وهي خبرٌ عن اللّيل والنّهار؛ والعرب تقول: خلف هذا من كذا خلفةً، وذلك إذا جاء شيءٌ مكان شيءٍ ذهب قبله، كما قال الشّاعر:
ولها بالماطرون إذا = أكل النّمل الّذي جمعا
خلفةٌ حتّى إذا ارتبعت = سكنت من جلّقٍ بيعا
وكما قال زهيرٌ:
بها العين والآرام يمشين خلفةً = وأطلاؤها ينهضن من كلّ مجثم
يعني بقوله: يمشين خلفةً: تذهب منها طائفةٌ، وتخلّف مكانها طائفةٌ أخرى. وقد يحتمل أنّ زهيرًا أراد بقوله: خلفةً: مختلفات الألوان، وأنّها ضروبٌ في ألوانها وهيئاتها. ويحتمل أن يكون أراد أنّها تذهب في مشيها كذا، وتجيء كذا.
وقوله {لمن أراد أن يذّكّر} يقول تعالى ذكره: جعل اللّيل والنّهار، وخلوف كلّ واحدٍ منهما الآخر حجّةً وآيةً لمن أراد أن يذكر أمر اللّه، فينيب إلى الحقّ {أو أراد شكورًا} أو أراد شكر نعمة اللّه الّتي أنعمها عليه في اختلاف اللّيل والنّهار.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {أو أراد شكورًا} قال: شكر نعمة ربّه عليه فيهما.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {لمن أراد أن يذّكّر} ذاك آيةً له {أو أراد شكورًا} قال: شكر نعمة ربّه عليه فيهما.
واختلف القرّاء في قراءة قوله: {يذّكّر} فقرأ ذلك عامّة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيّين: {يذّكّر} مشدّدةً، بمعنى يتذكّر. وقرأه عامّة قرّاء الكوفيّين: (يذكر) مخفّفةً؛ وقد يكون التّشديد والتّخفيف في مثل هذا بمعنًى واحدٍ. يقال: ذكرت حاجة فلانٍ وتذكّرتها.
والقول في ذلك أنّهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ الصّواب فيهما). [جامع البيان: 17/485-489]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وهو الّذي جعل اللّيل والنّهار خلفةً لمن أراد أن يذّكّر أو أراد شكورًا (62)
قوله تعالى: وهو الّذي جعل الليل والنهار خلفة
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ الواسطيّ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن سفيان، عن أبيه، عن عكرمة قال: سئل ابن عبّاسٍ، عن اللّيل كان قبل أو النّهار؟
قال: أرأيتم السماوات حيث كانتا رتقًا هل كان بينهما إلا ظلمةٌ. ذلك لتعلموا أنّ اللّيل كان قبل النّهار.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو سلمة، ثنا حمّادٌ، عن عطاء بن السّائب، عن عكرمة أنّ اليهود قالوا للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ما يوم الجمعة؟ قال: خلق اللّه في ساعتين منه اللّيل والنّهار.
- أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ أنبأ إسماعيل بن عبد الكريم حدّثني عبد الصّمد بن معقلٍ أنّه سمع عمّه وهب بن منبّهٍ يقول قال عزير: اللّهمّ بكلمتك خلقت جميع خلقك فأتى على مشيئتك لم تأن فيه مؤنةً ولم تنصب فيه نصبًا كان عرشك على الماء والظّلمة والهواء والملائكة يحملون عرشك ويسبّحون بحمدك والخلق مطيعٌ لك خاشعٌ من خوفك، لا يرى فيه نورٌ إلا نورك ولا يسمع فيه صوتٌ إلّا سمعك ثمّ فتحت خزانة النّور وطريق الظّلمة فكانا ليلًا ونهارًا يختلفان بأمرك.
قوله تعالى: خلفةً
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قوله: وهو الّذي جعل اللّيل والنّهار خلفةً قال أبيض وأسود.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، عن إدريس، عن الحكم، عن مجاهدٍ: الّذي جعل اللّيل والنّهار خلفةً قال: سواد اللّيل من بياض النّهار.
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ، ثنا الحسين بن محمّدٍ المروزيّ، ثنا شيبان، عن قتادة قوله: وهو الّذي جعل اللّيل والنّهار خلفةً قال مختلفان هذا أسود وهذا أبيض وأنّ المؤمن قد ينسى باللّيل ويذّكر بالنّهار وينسى بالنّهار ويذّكر باللّيل.
- حدّثنا سليمان بن داود القزّاز، ثنا أبو داود، ثنا أبو حرّة، عن الحسن أنّ عمر أطال صلاة الضّحى فقيل له صنعت اليوم شيئًا لم تكن تصنعه فقال: إنّه بقي عليّ من وردي شيئًا فأحببت أن أتمّه أو أقضيه وتلا هذه الآية: جعل اللّيل والنّهار خلفةً لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورًا
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ ابن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: جعل اللّيل والنّهار خلفةً يقول: من فاته شيءٌ من اللّيل أن يعمله أدركه بالنّهار أو من النّهار أدركه باللّيل.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني ابن لهيعة، ثنا عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: وهو الّذي جعل اللّيل والنّهار خلفةً لمن أراد أن يذّكّر أو أراد شكورا يقول: جعل اللّيل خلفًا من النّهار والنّهار خلفًا من اللّيل لمن فرّط في عمله أن يقضيه.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبدة وأبو عبد الرّحمن الحارثيّ، عن جويبرٍ، عن أبي سهلٍ، عن الحسن: جعل اللّيل والنّهار خلفةً لمن أراد أن يذّكّر أو أراد شكورًا قال: من لم يستطع أن يعمل بالنّهار فليعمل باللّيل ومن لم يستطع أن يعمل باللّيل فليعمل بالنّهار في كلّ واحدٍ منهما خلفٌ من الآخر.
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ، ثنا أبو داود، ثنا أبو الأشهب قال: سمعت الحسن يقول: جعل اللّيل والنّهار خلفةً الآية قال: من عجز باللّيل كان له في النّهار مستعتبٌ ومن عجز بالنّهار كان له في اللّيل مستعتبٌ.
- حدّثني أبو عبد اللّه الطّهرانيّ حدّثني حفص بن عمر، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله: خلفةً لمن أراد أن يذّكّر أو أراد شكورًا قال: خذ من ليلك فإن فاتك من نهارك فمن ليلك.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا أبو أحمد، عن سفيان، عن عمرو بن قيسٍ الماصر قال: سمعت مجاهدًا يقول: في قوله: وهو الّذي جعل اللّيل والنّهار خلفةً قال: هذا يخلف ذا وهذا يخلف ذا.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ بن الفرج قال سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: وهو الّذي جعل اللّيل والنّهار خلفةً الآية كلّها. قال: لو لم يخلقه خلفةً لم يدر أحدٌ كيف يعمل لو كان الدّهر كلّه ليلا كيف يدري أحدٌ كيف يصوم أو كان الدّهر نهارًا كلّه كيف يدري أحدٌ كيف يصلّي قال: والخلفة يخلفان يذهب هذا ويأتي هذا جعلهما خلفةً لعباده وقرأ: لمن أراد أن يذّكّر أو أراد شكورا
قوله تعالى: لمن أراد أن يذّكّر
- حدّثنا الحسين بن الحسن، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه الهرويّ، ثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: أنّ يذّكّر آيةً. له.
- حدّثنا أبي، ثنا المعلّى بن أسدٍ، ثنا محمّد بن سواءٍ، ثنا جويبرٌ، عن الضّحّاك: لمن أراد أن يذّكّر قال يتّعظ.
قوله تعالى: أو أراد شكورًا
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: أو أراد شكورًا شكر نعمة ربه عليه فيها.
- حدّثنا أبي، ثنا المعلّى بن أسدٍ، ثنا محمّد بن سواءٍ، ثنا جويبرٌ، عن الضّحّاك قوله: أو أراد شكورا قال: طاعة). [تفسير القرآن العظيم: 8/2717-2720]


قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله جعل الليل والنهار خلفة قال يعني أسود وأبيض). [تفسير مجاهد: 455]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أو أراد شكورا يعني يشكر نعمة ربه عليه). [تفسير مجاهد: 455]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة} قال: أبيض وأسود). [الدر المنثور: 11/200-201]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {جعل الليل والنهار خلفة} قال: هذا يخلف هذا وهذا يخلف هذا {لمن أراد أن يذكر} قال: يذكر نعمة ربه عليه فيهما {أو أراد شكورا} قال: شكور نعمة ربه عليه فيهما). [الدر المنثور: 11/201]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد {جعل الليل والنهار خلفة} قال: يختلفان، هذا اسود وهذا أبيض وإن المؤمن قد ينسى بالليل ويذكر بالنهار وينسى بالنهار ويذكر بالليل). [الدر المنثور: 11/201]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {جعل الليل والنهار خلفة} يقول: من فاته شيء من الليل أن يعمله أدركه بالنهار ومن فاته شيء من النهار أن يعمله أدركه بالليل). [الدر المنثور: 11/201]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطيالسي، وابن أبي حاتم عن الحسن: أن عمر أطال صلاة الضحى فقيل: له: صنعت اليوم شيئا لم تكن تصنعه فقال: إنه بقي علي من وردي شيء وأحببت أن أتمه، أو قال اقضيه، وتلا هذه الآية {وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة} الآية). [الدر المنثور: 11/201-202]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {جعل الليل والنهار خلفة} يقول: جعل الليل خلفا من النهار والنهار خلفا من الليل لمن فرط في عمل أن يقضيه). [الدر المنثور: 11/202]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن {جعل الليل والنهار خلفة} قال: إن لم يستطع عمل الليل عمله بالنهار وإن لم يستطع عمل النهار عمله بالليل، فهذا خلفة لهذا). [الدر المنثور: 11/202]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله {جعل الليل والنهار خلفة} قال: من عجز بالليل كان له في أول النهار مستعتب ومن عجز بالنهار كان له في الليل مستعتب). [الدر المنثور: 11/202]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة، أن سلمان جاءه رجل فقال: لا أستطيع قيام الليل قال: إن كنت لا تستطيع قيام اللهيل فلا تعجز بالنهار قال قتادة: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال والذي نفس محمد بيده أن في كل ليلة ساعة، لا يوافقها رجل مسلم يصلي فيها يسأل الله فيها خيرا إلا أعطاه اياه قال قتادة: فأروا الله من أعمالكم خيرا في هذا الليل والنهار فإنهما مطيتان تحملان الناس إلى آجالهم تقربان كل بعيد وتبليان كل جديد وتجيئان بكل موعود إلى يوم القيامة). [الدر المنثور: 11/202-203]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ (لمن أراد أن يذكر) مشددة). [الدر المنثور: 11/203]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي أنه كان يقرأ (لمن أراد أن يذكر) ). [الدر المنثور: 11/203]

تفسير قوله تعالى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا معمر، عن يحيى بن المختار، عن الحسن، أنه ذكر هذه الآية: {الذين يمشون على الأرض هونًا} [سورة الفرقان:63] قال: إن المؤمنين قوم ذلل، ذلت والله الأسماع والأبصار والجوارح، حتى يحسبهم الجاهل مرضى، والله ما بالقوم من مرض، وإنهم لأصحاء القلوب، ولكن دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم، ومنعهم من الدنيا علمهم بالآخرة، {وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} [سورة فاطر:34] والله ما أحزنهم حزن الناس، ولا تعاظم في أنفسهم ما طلبوا به الجنة، أبكاهم الخوف من النار، وإنه من لا يتعز بعزاء الله تقطع نفسه على الدنيا حسرات، ومن لم ير لله عليه نعمة إلا في مطعم أو مشرب فقد قل علمه، وحضر عذابه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 176-177]
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا جعفر بن حيان، عن الحسن، في قوله: {الذين يمشون على الأرض هونًا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا} وإن جهل عليهم حلموا، فهذا نهارهم إذا انتشروا في الناس، وليلهم خير ليل قال: {والذين يبيتون لربهم سجدًا وقيامًا} [سورة الفرقان:63-64]، فهذا ليلهم إذا دخلوا بينهم وبين ربهم، يراوحون بين أطرافهم). [الزهد لابن المبارك: 2/726]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني سفيان بن عيينة ومسلم بن خالد الزنجي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله: {الذين يمشون على الأرض هونا}، قال: بالوقار والسكينة، {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما}، قالوا سدادا من القول). [الجامع في علوم القرآن: 1/14]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدثني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال: سألته عن هذه الآية فلم أجد أحدا يخبرني عنها: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا}، فقيل لي في المنام: سألت عن هذه الآية فلم تجد أحدا يخبرك عنها، فقال: نعم، فقال: هم الذين يتجبرون ولا يتكبرون). [الجامع في علوم القرآن: 2/93-94]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدثني سفيان بن عيينة ومسلم بن خالد عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في هذه الآية: {الذين يمشون على الأرض هونا}، قال: بالسكينة والوقار، {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما}، قالوا سدادا من القول). [الجامع في علوم القرآن: 2/94]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحسن في قوله يمشون على الأرض هونا قال حلماء علماء لا يجهلون). [تفسير عبد الرزاق: 2/71]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى يمشون على الأرض هونا قال بالوقار والسكينة وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلما قال سدادا). [تفسير عبد الرزاق: 2/71]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قول اللّه: {الّذين يمشون على الأرض هونا} قال: بالوقار والسكينة [الآية: 63]). [تفسير الثوري: 227]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} قال: سدادا [الآية: 63]). [تفسير الثوري: 227]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {وعباد الرّحمن الّذين يمشون على الأرض هوناً} بالسكينة والوقار). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 57]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً} قال: سدادًا من القول). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 57]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وعباد الرّحمن الّذين يمشون على الأرض هونًا، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا}.
يقول تعالى ذكره: {وعباد الرّحمن الّذين يمشون على الأرض هونًا} بالحلم والسّكينة والوقار غير مستكبرين، ولا متجبّرين، ولا ساعين فيها بالفساد ومعاصي اللّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل، غير أنّهم اختلفوا، فقال بعضهم: عنى بقوله: {يمشون على الأرض هونًا} أنّهم يمشون عليها بالسّكينة والوقار.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {الّذين يمشون على الأرض هونًا} قال: بالوقار والسّكينة.
- قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا محمّد بن أبي الوضّاح، عن عبد الكريم، عن مجاهدٍ: {يمشون على الأرض هونًا} قال: بالحلم والوقار.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {يمشون على الأرض هونًا} قال: بالوقار والسّكينة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن الثّوريّ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {يمشون على الأرض هونًا} بالوقار والسّكينة.
- حدّثني يحيى بن طلحة اليربوعيّ، قال: حدّثنا شريكٌ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ، وعبد الرّحمن: {الّذين يمشون على الأرض هونًا} قال: بالسّكينة والوقار.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن شريكٍ، عن جابرٍ، عن عمّارٍ، عن عكرمة، في قوله: {يمشون على الأرض هونًا} قال: بالوقار والسّكينة.
- قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن أيّوب، عن عمرٍو الملائيّ: {يمشون على الأرض هونًا} قال: بالوقار والسّكينة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنّهم يمشون عليها بالطّاعة والتّواضع.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {الّذين يمشون على الأرض هونًا} بالطّاعة، والعفاف، والتّواضع.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وعباد الرّحمن الّذين يمشون على الأرض هونًا} قال: يمشون على الأرض بالطّاعة.
- حدّثني أحمد بن عبد الرّحمن، قال: حدّثني عمّي عبد اللّه بن وهبٍ، قال: كتب إليّ إبراهيم بن سويدٍ، قال: سمعت زيد بن أسلم يقول: التمست تفسير هذه الآية {الّذين يمشون على الأرض هونًا} فلم أجدها عند أحدٍ، فأتيت في النّوم، فقيل لي: هم الّذين لا يريدون يفسدون في الأرض.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن أسامة بن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: لا يفسدون في الأرض.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وعباد الرّحمن الّذين يمشون على الأرض هونًا} قال: لا يتكبّرون على النّاس، ولا يتجبّرون، ولا يفسدون. وقرأ قول اللّه: {تلك الدّار الآخرة نجعلها للّذين لا يريدون علوًّا في الأرض ولا فسادًا، والعاقبة للمتّقين}.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنّهم يمشون عليها بالحلم لا يجهلون على من جهل عليهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن أبي الأشهب، عن الحسن، في: {يمشون على الأرض هونًا} قال: حلماء، وإن جهل عليهم لم يجهلوا.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة: {يمشون على الأرض هونًا} قال: حلماء.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن، في قوله: {يمشون على الأرض هونًا} قال: علماء، حلماء، لا يجهلون.
وقوله: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا} يقول: وإذا خاطبهم الجاهلون باللّه بما يكرهونه من القول أجابوهم بالمعروف من القول، والسّداد من الخطاب.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا أبو الأشهب، عن الحسن: {وإذا خاطبهم}. الآية، قال: حلماء، وإن جهل عليهم لم يجهلوا.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن معمرٍ، عن يحيى بن المختار، عن الحسن، في قوله: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا} قال: إنّ المؤمنين قومٌ ذللٌ، ذلّت منهم واللّه الأسماع والأبصار والجوارح، حتّى يحسبهم الجاهل مرضى، وإنّهم لأصحّاء القلوب، ولكن دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم، ومنعهم من الدّنيا علمهم بالآخرة، فقالوا: الحمد للّه الّذي أذهب عنّا الحزن، واللّه ما حزنهم حزن الدّنيا، ولا تعاظم في أنفسهم ما طلبوا به الجنّة، أبكاهم الخوف من النّار، وإنّه من لم يتعزّ بعزاء اللّه، تقطع نفسه على الدّنيا حسراتٍ، ومن لم ير للّه عليه نعمةً إلاّ في مطعمٍ ومشربٍ فقد قلّ علمه، وحضر عذابه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا} قال: سدادًا.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا محمّد بن أبي الوضّاح، عن عبد الكريم، عن مجاهدٍ: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا} قال: سدادًا من القول.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن الثّوريّ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا} حلماء.
- قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا يحيى بن يمانٍ، عن أبي الأشهب، عن الحسن، قال: حلماء لا يجهلون، وإن جهل عليهم حلموا ولم يسفهوا. هذا نهارهم فكيف ليلهم؟ خير ليلٍ؛ صفّوا أقدامهم، وأجروا دموعهم على خدودهم، يطلبون إلى اللّه جلّ ثناؤه في فكاك رقابهم.
- قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا عبادة، عن الحسن، قال: حلماء لا يجهلون، وإن جهل عليهم حلموا). [جامع البيان: 17/489-494]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وعباد الرّحمن الّذين يمشون على الأرض هونًا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا (63)
قوله تعالى: وعباد الرّحمن
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالح، عن بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: وعباد الرّحمن قال: هم المؤمنون يمشون على الأرض هونًا
قوله تعالى: الّذين يمشون
- حدّثنا أبي، ثنا عمرو بن عليٍّ، ثنا عيسى بن خالدٍ الخراسانيّ، ثنا أبو سنانٍ، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ في قوله: يمشون على الأرض قال: يمشون يعملون على الأرض.
قوله تعالى: هونًا
- حدّثنا أبي، ثنا أبو غسّان، ثنا إسرائيل، عن مسلمٍ بيّاع الملائيّ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ: يمشون على الأرض هونًا قال: علماء حلماء.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك:
هونًا قال: أعفّاء أتقياء حلماء.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن، عن أبي الأشهب، عن الحسن: يمشون على الأرض هونًا قال: حلماء- وروي، عن سعيد بن جبيرٍ في إحدى الرّوايات وميمون بن مهران مثل قول الحسن.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالح بن زيادٍ الرّقّيّ، ثنا يحيى بن سعيدٍ الحمصيّ، ثنا النّضر بن عربيٍّ، عن ميمون بن مهران في قوله هونًا قال: حلماء بالسّريانيّة.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: هونًا قال: بالطّاعة والعفاف والتّواضع.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا المقدّميّ، ثنا عامر بن صالحٍ، عن أبيه، عن أبي عمران الجونيّ: يمشون على الأرض هونًا قال: بالعبرانيّة: يمشون على الأرض حلماء.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو بكيرٍ النّخعيّ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: يمشون على الأرض هونًا قال: بالسّكينة والوقار.
- حدّثنا أبي، ثنا عبدا لصمد بن عبد العزيز المقرئ، ثنا جسرٌ، عن الحسن في قوله: هونًا قال: الهون بالعربيّة السّكينة والحلم والوقار، قال: فالمؤمن حليمٌ وإن جهل عليه حلم، ولا يظلم وإن ظلم غفر ولا يبخل وإن بخل عليه صبر.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا إبراهيم بن موسى، ثنا ابن أبي زائدة، ثنا مباركٌ، عن الحسن قوله: يمشون على الأرض هونًا قال: الهون في كلام العرب اللّين والسّكينة والوقار.
- حدّثنا المنذر بن شاذان، ثنا زكريّا بن عديٍّ، ثنا ابن المبارك، عن معمرٌ، عن يحيى بن المختار، عن الحسن: وعباد الرّحمن الّذين يمشون على الأرض هونًا قال: إنّ المؤمنين قومٌ ذللٌ ذلّت واللّه منهم الأسماع والأبصار والجوارح حتّى تحسبهم مرضى وما بالقوم من مرضٍ وإنّهم لأصحّاء ولكن دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم ومنعهم من الدّنيا علمًا بالآخرة فقالوا: الحمد للّه الّذي أذهب عنّا الحزن أما واللّه ما أحزنهم حزن النّاس ولا تعاظم في أنفسهم شيءٌ طلبوا به الجنّة. أبكاهم الخوف من النّار إنّه من لا يتعزّ بعزاء اللّه تقطّع نفسه على الدّنيا حسراتٍ، ومن لم ير للّه نعمةً إلا في مطعمٍ أو مشربٍ فقد قلّ- أرى ابن المبارك- قال: علمه وحضر عذابه.
- حدّثنا أبي، ثنا عبدة بن سليمان، ثنا ابن المبارك، ثنا محمّد بن سليمٍ، ثنا قتادة في قوله: يمشون على الأرض هونًا قال: تواضعًا للّه لعظمته كانوا لا يجاهلون أهل الجهل.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبّاد بن زكريّا، ثنا يحيى بن يمانٍ، عن أسامة بن زيدٍ، عن زيد بن أسلم: يمشون على الأرض هونًا قال: لا يفسدون.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: يمشون على الأرض هونًا قال: لا يتكبّرون على النّاس ولا يتجبّرون ولا يفسدون في الأرض.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا القاسم بن عيسى الواسطيّ الطّائيّ، ثنا هشيمٌ، عن أبي إسحاق الكوفيّ، عن الضّحّاك في قوله: هونًا سريانيّةٌ وقال: هو: هونًا.
قوله تعالى: وإذا خاطبهم الجاهلون
- حدّثنا أبي، ثنا عبد الصّمد بن عبد العزيز المقرئ، ثنا جسرٌ، عن الحسن في قول اللّه: وإذا خاطبهم الجاهلون قال المؤمن حليمٌ وإن جهل عليه حلم
الحديث وهو معادٌ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن أبي حمّادٍ، ثنا مهران، عن المبارك بن مجاهدٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا قال: إذا سفه عليه الجاهل قال: وعليك السّلام.
قوله: الجاهلون
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا يعنى السّفهاء من الكبار.
قوله تعالى: قالوا سلامًا
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما قالوا: سدادًا.
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى أنبأ ابن وهبٍ حدّثني سفيان بن عيينة ومسلم بن خالدٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قول اللّه: وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا قالوا: سدادًا من القول.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبد الوهّاب الخفّاف، عن عمرٍو، عن الحسن: وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا قال: السّلام عليكم.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: قالوا سلامًا يعنى: ردّوا معروفًا.
- حدّثنا أبي ثنا سعيد بن سليمان الواسطيّ ثنا مباركٌ عن الحسن: وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا قال: حلماء لا يجهلون وإن جهل عليهم حلموا يصاحبون عباد اللّه نهارهم ممّا تسمعون ثمّ ذكر ليلهم خير ليلٍ.
- أخبرنا عبيد بن محمّد بن يحيى بن حمزة فيما كتب إليّ، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ، ثنا قتادة قوله: وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا أهل حياءٍ وكرمٍ يعفون ويكنّون). [تفسير القرآن العظيم: 8/2720-2723]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم حدثنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله يمشون على الأرض هونا قال يعني بالسكينة والوقار). [تفسير مجاهد: 2/455-456]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما * والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما * والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما * إنها ساءت مستقرا ومقاما * والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وعباد الرحمن} قال: هم المؤمنون {الذين يمشون على الأرض هونا} قال: بالطاعة والعفاف والتواضع). [الدر المنثور: 11/203]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يمشون على الأرض هونا} قال: علماء حكماء). [الدر المنثور: 11/203]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {هونا} قال: بالسريانية). [الدر المنثور: 11/203-204]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني في قوله {هونا} قال: حلماء بالسريانية). [الدر المنثور: 11/204]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران في قوله {هونا} قال: حلماء بالسريانية). [الدر المنثور: 11/204]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد في قوله {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا} قال: بالوقار والسكينة {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} قال: سدادا من القول.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة، مثله). [الدر المنثور: 11/204]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله {يمشون على الأرض هونا} قال: لا يشتدون). [الدر المنثور: 11/204]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة، وابن النجار عن ابن عباس قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن). [الدر المنثور: 11/205]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن الفضيل بن عياض في قوله {الذين يمشون على الأرض هونا} قال: بالسكينة والوقار {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} قال: إن جهل عليه حلم وإن أسيء إليه أحسن وإن حرم أعطى وان قطع وصل). [الدر المنثور: 11/205]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الآمدي في شرح ديوان الأعشى بسنده عن عمر بن الخطاب: إنه رأى غلاما يتبختر في مشيته فقال: إن البخترة مشية تكره إلا في سبيل الله وقد مدح الله أقواما فقال {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا} فاقصد في مشيتك). [الدر المنثور: 11/205]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {الذين يمشون على الأرض هونا} قال: تواضعا لله لعظمته {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} قال: كانوا لا يجهلون على أهل الجهل). [الدر المنثور: 11/205]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو نعيم في الحلية عن محمد بن علي الباقر قال: سلاح اللئام قبيح الكلام). [الدر المنثور: 11/205-206]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن النعمان بن مقرن المزني: إن رجلا سب رجلا عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم فجعل الرجل المسبوب يقول: عليك السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إن ملكا بينكما يذب عنك كلما شتمك هذا قال له: بل أنت، وأنت أحق به وإذا قلت له: عليك السلام قال: لا، بل لك أنت أحق به). [الدر المنثور: 11/206]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {وإذا خاطبهم الجاهلون} قال: السفهاء {قالوا سلاما} يعني ردوا معروفا {والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما} يعني يصلون بالليل). [الدر المنثور: 11/206]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن {يمشون على الأرض هونا} قال: يمشون حلماء متواضعين لا يجهلون على أحد وإن جهل عليهم جاهل لم يجهلوا، هذا نهارهم إذا انتشروا في الناس {والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما} قال: هذا ليلهم إذا خلوا بينهم وبين ربهم). [الدر المنثور: 11/206]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: كان يقال: ابن آدم عف عن محارم الله تكن عابدا وأرض بما قسم الله لك تكن غنيا وأحسن مجاورة من جاورك من الناس تكن مسلما وصاحب الناس بالذي تحب أن يصاحبوك به تكن عدلا وإياك وكثرة الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب، إنه قد كان يديكم أقوام يجمعون كثيرا ويبنون شديدا ويأملون بعيدا فأين هم أصبح جمعهم بورا وأصبح عملهم غرورا وأصبحت مساكنهم قبورا، ابن آدم انك مرتهن بعملك وأنت على أجلك معروض على ربك فخذ مما في يديك لما بين يديك عند الموت يأتيك من الخير، يا ابن آدم طأ الأرض بقدمك فإنها عن قليل قبرك انك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك، يا ابن آدم خالط الناس وزايلهم: خالطهم ببدنك وزايلهم بقلبك وعملك، يا ابن آدم أتحب أن تذكر بسحناتك وتكره أن تذكر بسيئاتك وتبغض على الظن وتقيم على اليقين، وكان يقال: أن المؤمنين لما جاءتهم هذه الدعوة من الله صدقوا بها، وافضاء بعينها خضعت لذلك قلوبهم وأبدانهم وأبصارهم كنت والله إذا رأيتهم قوما كأنهم رأى عين، والله ما كانوا بأهل جدل وباطل ولكن جاءهم من الله أمر فصدقوا به فنعتهم الله في القرآن أحسن نعت فقال {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا}
قال: الحسن والهون في كلام العرب: اللين والسكينة والوقار {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} قال: حلماء لا يجهلون وإن جهل عليهم حلموا، يصاحبون عباد الله نهارهم مما تسمعون، ثم ذكر ليلهم خير ليل قال {والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما} ينتصبون لله على أقدامهم ويفترشون وجوههم سجدا لربهم تجري دموعهم على خدودهم خوفا من ربهم، قال الحسن: لأمر ما سهر ليلهم ولأمر ما خشع نهارهم {والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما} قال: كل شيء يصيب ابن آدم لم يدم عليه فليس بغرام إنما الغرام اللازم له ما دامت السموات والأرض قال: صدق القوم، والله الذي لا إله إلا هو فعلموا ولم يتمنوا، فإياكم وهذه الأماني يرحمكم الله فإن الله لم يعط عبد بالمنية خيرا في الدنيا والآخرة قط، وكان يقول: يا لها من موعظة لو وافقت من القلوب حياة). [الدر المنثور: 11/206-208]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا جعفر بن حيان، عن الحسن، في قوله: {الذين يمشون على الأرض هونًا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا} وإن جهل عليهم حلموا، فهذا نهارهم إذا انتشروا في الناس، وليلهم خير ليل قال: {والذين يبيتون لربهم سجدًا وقيامًا} [سورة الفرقان:63-64]، فهذا ليلهم إذا دخلوا بينهم وبين ربهم، يراوحون بين أطرافهم). [الزهد لابن المبارك: 2/726](م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين يبيتون لربّهم سجّدًا وقيامًا (64) والّذين يقولون ربّنا اصرف عنّا عذاب جهنّم، إنّ عذابها كان غرامًا (65) إنّها ساءت مستقرًّا ومقامًا}.

يقول تعالى ذكره: والّذين يبيتون لربّهم يصلّون للّه، يراوحون بين سجودٍ في صلاتهم وقيامٍ.
وقوله: {وقيامًا} جمع قائمٍ، كما الصّيام جمع صائمٍ). [جامع البيان: 17/494-495]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (والّذين يبيتون لربّهم سجّدًا وقيامًا (64)
قوله تعالى: والّذين يبيتون لربّهم سجّدًا وقيامًا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: والّذين يبيتون لربّهم سجّدًا وقيامًا يعنى يصلّون باللّيل وهم في ذلك سجودٌ وقيامٌ.
- حدّثنا المنذر بن شاذان، ثنا أحمد بن إسحاق، ثنا أبو الأشهب، ثنا الحسن: والّذين يبيتون لربّهم سجّدًا وقيامًا قال: هذا ليلهم إذا خلوا فيما بينهم وبين ربّهم يروحون من أطرافهم.
- حدّثنا أبي، ثنا سعيد بن سليمان الواسطيّ، ثنا مباركٌ عن الحسن: والّذين يبيتون لربّهم سجّدًا وقيامًا قال: هذا ليلهم إذا خلوا فيما بينهم وبين ربّهم يروحون من أطرافهم.
- حدّثنا أبي، ثنا سعيد بن سليمان الواسطيّ، ثنا مباركٌ عن الحسن: والّذين يبيتون لربّهم سجّدًا وقيامًا ينتصبون للّه على أقدامهم ويفترشون وجوههم سجّدًا لربّهم تجري دموعهم على خدودهم خوفًا من ربّهم، قال الحسن: لأمرٍ ما سهر ليلهم ولأمرٍ ما تخشّع لهم نهارهم.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة في قوله: يبيتون لربّهم سجّدًا وقيامًا ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- كان يقول أصيبوا من هذا اللّيل ولو ركعتين أو أربعًا). [تفسير القرآن العظيم: 8/2723]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {وإذا خاطبهم الجاهلون} قال: السفهاء {قالوا سلاما} يعني ردوا معروفا {والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما} يعني يصلون بالليل). [الدر المنثور: 11/206] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن {يمشون على الأرض هونا} قال: يمشون حلماء متواضعين لا يجهلون على أحد وإن جهل عليهم جاهل لم يجهلوا، هذا نهارهم إذا انتشروا في الناس {والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما} قال: هذا ليلهم إذا خلوا بينهم وبين ربهم). [الدر المنثور: 11/206] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: كان يقال: ابن آدم عف عن محارم الله تكن عابدا وأرض بما قسم الله لك تكن غنيا وأحسن مجاورة من جاورك من الناس تكن مسلما وصاحب الناس بالذي تحب أن يصاحبوك به تكن عدلا وإياك وكثرة الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب، إنه قد كان يديكم أقوام يجمعون كثيرا ويبنون شديدا ويأملون بعيدا فأين هم أصبح جمعهم بورا وأصبح عملهم غرورا وأصبحت مساكنهم قبورا، ابن آدم انك مرتهن بعملك وأنت على أجلك معروض على ربك فخذ مما في يديك لما بين يديك عند الموت يأتيك من الخير، يا ابن آدم طأ الأرض بقدمك فإنها عن قليل قبرك انك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك، يا ابن آدم خالط الناس وزايلهم: خالطهم ببدنك وزايلهم بقلبك وعملك، يا ابن آدم أتحب أن تذكر بسحناتك وتكره أن تذكر بسيئاتك وتبغض على الظن وتقيم على اليقين، وكان يقال: أن المؤمنين لما جاءتهم هذه الدعوة من الله صدقوا بها، وافضاء بعينها خضعت لذلك قلوبهم وأبدانهم وأبصارهم كنت والله إذا رأيتهم قوما كأنهم رأى عين، والله ما كانوا بأهل جدل وباطل ولكن جاءهم من الله أمر فصدقوا به فنعتهم الله في القرآن أحسن نعت فقال {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا}
قال: الحسن والهون في كلام العرب: اللين والسكينة والوقار {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} قال: حلماء لا يجهلون وإن جهل عليهم حلموا، يصاحبون عباد الله نهارهم مما تسمعون، ثم ذكر ليلهم خير ليل قال {والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما} ينتصبون لله على أقدامهم ويفترشون وجوههم سجدا لربهم تجري دموعهم على خدودهم خوفا من ربهم، قال الحسن: لأمر ما سهر ليلهم ولأمر ما خشع نهارهم {والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما} قال: كل شيء يصيب ابن آدم لم يدم عليه فليس بغرام إنما الغرام اللازم له ما دامت السموات والأرض قال: صدق القوم، والله الذي لا إله إلا هو فعلموا ولم يتمنوا، فإياكم وهذه الاماني يرحمكم الله فإن الله لم يعط عبد بالمنية خيرا في الدنيا والآخرة قط، وكان يقول: يا لها من موعظة لو وافقت من القلوب حياة). [الدر المنثور: 11/206-208] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا المبارك بن فضالة، عن الحسن، في قوله: {إن عذابها كان غرامًا} [سورة الفرقان: 65]، قال: الغرام: اللازم الذي لا يفارق صاحبه، وكل عذاب يفارق صاحبه، فليس بغرام). [الزهد لابن المبارك: 2/ 588-589]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا جعفر بن سليمان عن سليمان التميمي قال سمعته وسأله رجل قال يا أبا المعتمر أرأيت قول الله عز و جل إن عذابها كان غراما ما الغرام قال الله أعلم ثلاثا ثم قال كل أسير لا بد أن يفك إساره يوما أو يموت إلا أسير جهنم فهو العزام لا يفك أبدا). [تفسير عبد الرزاق: 2/72]

قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] {إن عذابها كان غراما} قال: الغرام اللازم [الآية: 65]). [تفسير الثوري: 228]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا يزيد بن هارون، عن أبي الأشهب، عن الحسن: {إنّ عذابها كان غرامًا} قال: علموا أنّ كلّ غريمٍ مفارقٌ غريمه إلاّ غريم جهنّم). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 369]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({غرامًا} [الفرقان: 65] : هلاكًا). [صحيح البخاري: 6/109]

- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله غرامًا هلاكًا قال أبو عبيدة في قوله إنّ عذابها كان غرامًا أي هلاكًا وإلزامًا لهم ومنه رجلٌ مغرمٌ بالحب). [فتح الباري: 8/492]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (غراماً هلاكاً
أشار به إلى قوله تعالى: {إن عذابها كان غراماً} (الفرقان: 65) وفسّر الغرام بالهلاك، وكذا فسره أبو عبيدة، ومنه قولهم: رجل مغرم بالحب). [عمدة القاري: 19/94]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({غرامًا}) في قوله تعالى: {إن عذابها كان غرامًا} [الفرقان: 65] قال أبو عبيدة (هلاكًا) وإلزامًا لهم وعن الحسن كل غريم يفارق غريمه إلا غريم جهنم). [إرشاد الساري: 7/273]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {والّذين يقولون ربّنا اصرف عنّا عذاب جهنّم} يقول تعالى ذكره: والّذين يدعون اللّه أن يصرف عنهم عقابه وعذابه حذرًا منه ووجلاً.
وقوله: {إنّ عذابها كان غرامًا} يقول: إنّ عذاب جهنّم كان غرامًا ملحًّا دائمًا لازمًا غير مفارقٍ من عذّب به من الكفّار، ومهلكًا له. ومنه قولهم: رجلٌ مغرمٌ، من الغرم والدّين. ومنه قيل للغريم غريمٌ لطلبه حقّه وإلحاحه على صاحبه فيه. ومنه قيل للرّجل المولع للنّساء: إنّه لمغرمٌ بالنّساء، وفلانٌ مغرمٌ بفلانٍ: إذا لم يصبر عنه؛ ومنه قول الأعشى:
إن يعاقب يكن غرامًا وإن يعـ = ـط جزيلاً فإنّه لا يبالي
يقول: إن يعاقب يكن عقابه عقابًا لازمًا، لا يفارق صاحبه مهلكًا له. وقول بشر بن أبي خازمٍ:
يوم النّسار ويوم الجفار = كان عقابًا وكان غراما
قيل: عنى بقوله: غرامًا هلاكًا
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ بن الحسن اللاّنيّ، قال: أخبرنا المعافى بن عمران الموصليّ، عن موسى بن عبيدة، عن محمّد بن كعبٍ، في قوله: {إنّ عذابها كان غرامًا} قال: إنّ اللّه سأل الكفّار ثمن نعمه، فلم يؤدّوها إليه، فأغرمهم، فأدخلهم النّار.
- قال: حدّثنا المعافى، عن أبي الأشهب، عن الحسن، في قوله: {إنّ عذابها كان غرامًا} قال: قد علموا أنّ كلّ غريمٍ مفارقٌ غريمه إلاّ غريم جهنّم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إنّ عذابها كان غرامًا} قال: الغرام: الشّرّ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، في قوله: {إنّ عذابها كان غرامًا} قال: لا يفارقه). [جامع البيان: 17/495-496]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: والّذين يقولون ربّنا اصرف عنّا عذاب جهنّم إنّ عذابها كان غراما
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا شيبان بن فرّوخ، ثنا أبو الأشهب، عن الحسن في قوله: إنّ عذابها كان غرامًا قال: اعلموا أنّ كلّ غريمٍ مفارقٌ غريمه إلا غريم جهنّم
- حدّثنا أبي، ثنا سعيد بن سليمان الواسطيّ، ثنا مباركٌ، عن الحسن،: والّذين يقولون ربّنا اصرف عنّا الآية: قال: كلّ شيءٍ يصيب ابن آدم يزول عنه وليس بغرامٍ وإنّما الغرام اللّازم ما دامت السماوات والأرض.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا سعيد بن سليمان، ثنا أبو معشرٍ، عن محمّد بن كعبٍ: إنّ عذابها كان غرامًا قال: ما نعموا في الدّنيا.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عبد الرّحيم بن مطرّفٍ، ثنا عيسى بن يونس، عن موسى بن عبيدة أنبأ محمّد بن كعبٍ في قول اللّه: إنّ عذابها كان غرامًا قال: إنّ اللّه جلّ وعزّ سأل الكفّار، عن النّعمة فلم يردّوها عليه.
- حدّثنا أبي ثنا عمرو بن عليٍّ، ثنا محمّد بن الزّبرقان، ثنا موسى بن عبيدة، عن محمّد بن كعبٍ في قوله: إنّ عذابها كان غرامًا قال: سألهم، عن النّعيم فلم يأتوا به فأغرمهم فأدخلهم النّار.
- أخبرنا عبد اللّه بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ ثنا عبد الرّزّاق ، ثنا جعفر بن سليمان التّيميّ قال: سمعته وسأله رجلٌ فقال: يا أبا المعتمر أرأيت قول اللّه عزّ وجلّ: إنّ عذابها كان غرامًا ما الغرام؟ قال: اللّه أعلم ثلاثًا ثمّ قال: كلّ أسيرٍ لا بدّ أن يفكّ أساره يومًا أو يموت إلا أسير جهنّم فهو الغرام ولا يفكّ أبدًا). [تفسير القرآن العظيم: 8/2723-2724]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا مبارك بن فضالة عن الحسن في قوله إن عذابها كان غراما قال الغرام اللازم الذي لا يفارق صاحبه أبدا وكل عذاب يفارق صاحبه فليس بغرام). [تفسير مجاهد: 456]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: كان يقال: ابن آدم عف عن محارم الله تكن عابدا وأرض بما قسم الله لك تكن غنيا وأحسن مجاورة من جاورك من الناس تكن مسلما وصاحب الناس بالذي تحب أن يصاحبوك به تكن عدلا وإياك وكثرة الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب، إنه قد كان يديكم أقوام يجمعون كثيرا ويبنون شديدا ويأملون بعيدا فأين هم أصبح جمعهم بورا وأصبح عملهم غرورا وأصبحت مساكنهم قبورا، ابن آدم انك مرتهن بعملك وأنت على أجلك معروض على ربك فخذ مما في يديك لما بين يديك عند الموت يأتيك من الخير، يا ابن آدم طأ الأرض بقدمك فإنها عن قليل قبرك انك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك، يا ابن آدم خالط الناس وزايلهم: خالطهم ببدنك وزايلهم بقلبك وعملك، يا ابن آدم أتحب أن تذكر بسحناتك وتكره أن تذكر بسيئاتك وتبغض على الظن وتقيم على اليقين، وكان يقال: أن المؤمنين لما جاءتهم هذه الدعوة من الله صدقوا بها، وافضاء بعينها خضعت لذلك قلوبهم وأبدانهم وأبصارهم كنت والله إذا رأيتهم قوما كأنهم رأى عين، والله ما كانوا بأهل جدل وباطل ولكن جاءهم من الله أمر فصدقوا به فنعتهم الله في القرآن أحسن نعت فقال {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا}
قال: الحسن والهون في كلام العرب: اللين والسكينة والوقار {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} قال: حلماء لا يجهلون وإن جهل عليهم حلموا، يصاحبون عباد الله نهارهم مما تسمعون، ثم ذكر ليلهم خير ليل قال {والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما} ينتصبون لله على أقدامهم ويفترشون وجوههم سجدا لربهم تجري دموعهم على خدودهم خوفا من ربهم، قال الحسن: لأمر ما سهر ليلهم ولأمر ما خشع نهارهم {والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما} قال: كل شيء يصيب ابن آدم لم يدم عليه فليس بغرام إنما الغرام اللازم له ما دامت السموات والأرض قال: صدق القوم، والله الذي لا إله إلا هو فعلموا ولم يتمنوا، فإياكم وهذه الاماني يرحمكم الله فإن الله لم يعط عبد بالمنية خيرا في الدنيا والآخرة قط، وكان يقول: يا لها من موعظة لو وافقت من القلوب حياة). [الدر المنثور: 11/206-208] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله {إن عذابها كان غراما . قال: الدائم"). [الدر المنثور: 11/208]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطسي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: (إن عذابها كان غراما)} قال: ملازما شديدا كلزوم الغريم الغريم قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت قول بشر بن أبي حازم
ويوم النسار ويوم الجفار * كانا عذابا وكانا غراما). [الدر المنثور: 11/209]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الانباري عن ابن عباس إن نافع بن الازرق قال له: اخبرني عن قوله {كان غراما} ما الغرام قال: المولع، قال فيه الشاعر:
وما أكلة أن نلتها بغنيمة * ولا جوعة أن جعتها بغرام). [الدر المنثور: 11/209]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {إن عذابها كان غراما} قال: قد علموا أن كل غريم يفارق غريمه إلا غريم جهنم). [الدر المنثور: 11/209]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله {إنّها ساءت مستقرًّا ومقامًا} يقول: إنّ جهنّم ساءت مستقرّا ومقامًا، يعني بالمستقرّ: القرار، وبالمقام: الإقامة؛ كأنّ معنى الكلام: ساءت جهنّم منزلاً ومقامًا.
وإذا ضمّت الميم من المقام فهو من الإقامة، وإذا فتحت فهو من: قمت، ويقال: المقام إذا فتحت الميم أيضًا هو المجلس. ومن المقام بضمّ الميم بمعنى الإقامة، قول سلامة بن جندلٍ:
يومان يوم مقاماتٍ وأنديةٍ = ويوم سيرٍ إلى الأعداء تأويبا
ومن المقام الّذي بمعنى المجلس قول عبّاس بن مرداسٍ:
فأيّي ما وأيّك كان شرًّا = فقيد إلى المقامة لا يراها
يعني: المجلس). [جامع البيان: 17/496-497]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إنّها ساءت مستقرًّا ومقامًا (66)
قوله تعالى: إنّها ساءت مستقرًّا ومقامًا
- حدّثنا أبي، ثنا الحسين بن الرّبيع، ثنا أبو الأحوص، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث قال: إذا طرح الرّجل في النّار هوى فيها فإذا إنتهى إلى بعض أبوابها قيل: مكانك حتّى تتحف قال: فيسقى كأسًا من سمّ الأساود والعقارب قال فتميّز الجلد على حدةٍ والشّعر على حدةٍ والعصب على حدةٍ والعروق على حدةٍ.
- حدّثنا أبي ثنا الحسين بن الرّبيع، ثنا أبو الأحوص، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، عن عبيد بن عميرٍ قال: إنّ في النّار لجبابًا فيها حيّاتٌ أمثال البخت وعقارب أمثال البغال الدّلم، قال: فإذا قذف بهم في النّار خرجت إليهم من أوطانها فأخذت بشفافهم وأبشارهم أو أشعارهم فكشطت لحومهم إلى أقدامهم فإذا وجدت حرّ النار رجعت). [تفسير القرآن العظيم: 8/2724]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرنا خالد بن حميد عن عقيل عن ابن شهاب أنه كان يقول في هذه الآية: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط}، يقول: لا تمنعه من حقٍ ولا تنفعه في باطلٍ، {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا}، كذلك أيضاً). [الجامع في علوم القرآن: 1/55-56] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن عيينة عن رجل عن الحسن في قوله لم يسرفوا ولم يقتروا أن عمر بن الخطاب قال كفى سرفا إلا يشتهي رجل شيئا إلا اشتراه فأكله). [تفسير عبد الرزاق: 2/71]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا، ولم يقتروا، وكان بين ذلك قوامًا}.
يقول تعالى ذكره: والّذين إذا أنفقوا أموالهم لم يسرفوا في إنفاقها.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في النّفقة الّتي عناها اللّه في هذا الموضع، وما الإسراف فيها والإقتار. فقال بعضهم: الإسراف ما كان من نفقةٍ في معصية اللّه، وإن قلّت. قال: وإيّاها عني اللّه، وسمّاها إسرافًا قالوا: والإقتار المنع من حقّ اللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {والّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا، ولم يقتروا، وكان بين ذلك قوامًا} قال: هم المؤمنون لا يسرفون فينفقون في معصية اللّه، ولا يقترون فيمنعون حقوق اللّه تعالى.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهدٍ، قال: لو أنفقت مثل أبي قبيسٍ ذهبًا في طاعة اللّه ما كان سرفًا، ولو أنفقت صاعًا في معصية اللّه كان سرفًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {والّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا، ولم يقتروا} قال: في النّفقة فيما نهاهم وإن كان درهمًا واحدًا، ولم يقتروا ولم يقصّروا عن النّفقة في الحقّ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {والّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا، ولم يقتروا، وكان بين ذلك قوامًا} قال: لم يسرفوا فينفقوا في معاصي اللّه. كلّ ما أنفق في معصية اللّه وإن قلّ فهو إسرافٌ، ولم يقتروا فيمسكوا عن طاعة اللّه. قال: وما أمسك عن طاعة اللّه وإن كثر فهو إقتارٌ.
- قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني إبراهيم بن نشيطٍ، عن عمر مولى غفرة أنّه سئل عن الإسراف، ما هو؟ قال: كلّ شيءٍ أنفقته في غير طاعة اللّه فهو سرفٌ.
وقال آخرون: السّرف: المجاوزة في النّفقة الحدّ؛ والإقتار: التّقصير عن الّذي لا بدّ منه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا عبد السّلام بن حربٍ، عن مغيرة، عن إبراهيم، قوله: {والّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا} ولم يقتروا قال: لا يجيعهم، ولا يعريهم، ولا ينفق نفقةً يقول النّاس قد أسرف.
- حدّثني سليمان بن عبد الجبّار، قال: حدّثنا محمّد بن يزيد بن خنيسٍ أبو عبد اللّه المخزوميّ المكّيّ، قال: سمعت وهيب بن الورد أبي الورد مولى بني مخزومٍ قال: لقي عالمٌ عالمًا هو فوقه في العلم، فقال: يرحمك اللّه، أخبرني عن هذا البناء الّذي لا إسراف فيه ما هو؟ قال: هو ما سترك من الشّمس، وأكنّك من المطر، قال: يرحمك اللّه، فأخبرني عن هذا الطّعام الّذي نصيبه لا إسراف فيه ما هو؟ قال: ما سدّ الجوع ودون الشّبع، قال: يرحمك اللّه، فأخبرني عن هذا اللّباس الّذي لا إسراف فيه ما هو؟ قال: ما ستر عورتك، وأدفأك من البرد.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني عبد الرّحمن بن شريحٍ، عن يزيد بن أبي حبيبٍ، في هذه الآية: {والّذين إذا أنفقوا}. الآية، قال: كانوا لا يلبسون ثوبًا للجمال، ولا يأكلون طعامًا للّذة، ولكن كانوا يريدون من اللّباس ما يسترون به عورتهم، ويكتنّون به من الحرّ والقرّ، ويريدون من الطّعام ما سدّ عنهم الجوع، وقوّاهم على عبادة ربّهم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن العلاء بن عبد الكريم، عن يزيد بن مرّة الجعفيّ، قال: العلم خيرٌ من العمل، والحسنة بين السّيّئتين، يعني: {إذا أنفقوا لم يسرفوا، ولم يقتروا}، وخير الأعمال أوساطها.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدّثنا كعب بن فرّوخ، قال: حدّثنا قتادة، عن مطرّف بن عبد اللّه، قال: خير هذه الأمور أوساطها، والحسنة بين السّيّئتين. فقلت لقتادة: ما الحسنة بين السّيّئتين؟ فقال: {الّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا} الآية.
وقال آخرون: الإسراف هو أن تأكل مال غيرك بغير حقٍّ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا سالم بن سعيدٍ، عن أبي معدان، قال: كنت عند عون بن عبد اللّه بن عتبة، فقال: ليس المسرف من يأكل ماله، إنّما المسرف من يأكل مال غيره.
قال أبو جعفرٍ: والصّواب من القول في ذلك قول من قال: الإسراف في النّفقة الّذي عناه اللّه في هذا الموضع: ما جاوز الحدّ الّذي أباحه اللّه لعباده إلى ما فوقه، والإقتار: ما قصر عمّا أمر اللّه به، والقوام: بين ذلك.
وإنّما قلنا إنّ ذلك كذلك، لأنّ المسرف والمقتر كذلك؛ ولو كان الإسراف والإقتار في النّفقة مرخّصًا فيهما ما كانا مذمومين، ولا كان المسرف ولا المقتر مذمومًا، لأنّ ما أذن اللّه في فعله فغير مستحقٍّ فاعله الذّمّ.
فإن قال قائلٌ: فهل لذلك من حدٍّ معروفٍ تبيّنه لنا؟ قيل: نعم، ذلك مفهومٌ في كلّ شيءٍ من المطاعم والمشارب والملابس والصّدقة وأعمال البرّ وغير ذلك، نكره تطويل الكتاب بذكر كلّ نوعٍ من ذلك مفصّلاً، غير أنّ جملة ذلك هو ما بيّنّا، وذلك نحو أكل آكلٍ من الطّعام فوق الشّبع ما يضعف بدنه، وينهك قواه، ويشغله عن طاعة ربّه، وأداء فرائضه، وذلك من السّرف، أو أن يترك الأكل وله إليه سبيلٌ حتّى يضعف ذلك جسمه وينهك قواه، ويضعفه عن أداء فرائض ربّه، فذلك من الإقتار، وبين ذلك القوام على هذا النّحو، كلّ ما جانس ما ذكرنا.
فأمّا اتّخاذ الثّوب للجمال، يلبسه عند اجتماعه مع النّاس، وحضوره المحافل والجمع والأعياد، دون ثوب مهنته، أو أكله من الطّعام ما قوّاه على عبادة ربّه، ممّا ارتفع عمّا قد يسدّ الجوع، ممّا هو دونه من الأغذية، غير أنّه لا يعين البدن على القيام للّه بالواجب معونته، فذلك خارجٌ من معنى الإسراف، بل ذلك من القوام، لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قد أمر ببعض ذلك، وحضّ على بعضه، كقوله: ما على أحدكم لو اتّخذ ثوبين. ثوبًا لمهنته، وثوبًا لجمعته وعيده، وكقوله: إذا أنعم اللّه على عبدٍ نعمةً أحبّ أن يرى أثره عليه، وما أشبه ذلك من الأخبار الّتي قد بيّنّاها في مواضعها.
وأمّا قوله: {وكان بين ذلك قوامًا} فإنّه النّفقة بالعدل والمعروف، على ما قد بيّنّا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي سليمان، عن وهب بن منبّهٍ، في قوله: {وكان بين ذلك قوامًا} قال: الشّطر من أموالهم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {وكان بين ذلك قوامًا} النّفقة بالحقّ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وكان بين ذلك قوامًا} قال: القوام أن ينفقوا في طاعة اللّه، ويمسكوا عن محارم اللّه.
- قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني إبراهيم بن نشيطٍ، عن عمر مولى غفرة، قال: قلت له: ما القوام؟ قال: القوام أن لا تنفق في غير حقٍّ، ولا تمسك عن حقٍّ هو عليك.
والقوام في كلام العرب، بفتح القاف، وهو الشّيء بين الشّيئين. تقول للمرأة المعتدلة الخلق: إنّها لحسنة القوام في اعتدالها، كما قال الحطيئة:
طافت أمامة بالرّكبان آونةً = يا حسنه من قوامٍ ما ومنتقبا
فأمّا إذا كسرت القاف فقلت: إنّه قوام أهله، فإنّه يعني به: أنّ به يقوم أمرهم وشأنهم. وفيه لغاتٌ أخر، يقال منه: هو قيام أهله وقيّمهم في معنى قوامهم. فمعنى الكلام: وكان إنفاقهم بين الإسراف والإقتار قوامًا معتدلاً، لا مجاوزة عن حدّ اللّه، ولا تقصيرًا عمّا فرضه اللّه، ولكن عدلاً بين ذلك على ما أباحه جلّ ثناؤه، وأذن فيه ورخّص.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {ولم يقتروا} فقرأته عامّة قرّاء المدينة: (ولم يقتروا) بضمّ الياء وكسر التّاء من أقتر يقتر.
وقرأته عامّة قرّاء الكوفيّين {ولم يقتروا} بفتح الياء وضمّ التّاء من قتر يقتر.
وقرأته عامّة قرّاء البصرة: (ولم يقتروا)، بفتح الياء وكسر التّاء من قتر يقتر.
والصّواب من القول في ذلك أنّ كلّ هذه القراءات على اختلاف ألفاظها لغاتٌ مشهوراتٌ في العرب، وقراءاتٌ مستفيضاتٌ وفي قرّاء الأمصار بمعنًى واحدٍ، فبأيّتها قرأ القارئ فمصيبٌ.
وقد بيّنّا معنى الإسراف والإقتار بشواهدهما فيما مضى في كتابنا في كلام العرب، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.
وفي نصب القوام وجهان: أحدهما ما ذكرت، وهو أن يجعل في كان اسم الإنفاق بمعنى: وكان إنفاقهم ما أنفقوا بين ذلك قوامًا: أي عدلاً، والآخر أن يجعل بين هو الاسم، فتكون وإن كانت في اللّفظة نصبًا في معنى رفعٍ، كما يقال: كان دون هذا لك كافيًا، يعني به: أقلّ من هذا كان لك كافيًا، فكذلك يكون في قوله: {وكان بين ذلك قوامًا} لأنّ معناه: وكان الوسط من ذلك قوامًا). [جامع البيان: 17/497-504]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (والّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا (67)
قوله تعالى: والّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: والّذين إذا أنفقوا قال: هم المؤمنون.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن عمّارٍ، ثنا الوليد، ثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيبٍ في قوله: والّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا قال أولئك أصحاب رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم.
قوله تعالى: لم يسرفوا
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: والّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا قال: لا يسرفون فيفقون في معصية اللّه.
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى أنبأ ابن وهبٍ أخبرني خالد بن حميدٍ، عن عقيلٍ. عن ابن شهابٍ أنّه كان يقول: والّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا قال: لا ينفقه في باطلٍ.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبد السّلام بن حربٍ أنبأ مغيرة، عن إبراهيم في قوله: والّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا لا ينفق نفقةً يقول النّاس قد سرف.
- حدّثنا أبي ثنا عليّ بن ميمونٍ الرّقّيّ، ثنا خالد بن حيّان، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران قال: في المال ثلاث خصالٍ إن نجا من خصلةٍ كان قمنٌ أن لا ينجو من الثّنتين وإن نجا من ثنتين كان قمنٌ أن لا ينجو من الثّالثة وينبغي أن يكون أصله من طيّبٍ فأيّكم الّذي يسلم كسبه ولم يدخله إلا طيّبًا فإن سلم فأيّكم الّذي أدّى الحقوق كلّها فإن سلم من هذه فإنّه ينبغي له أن يكون في نفقته ليس بمسرفٍ ولا مقتّرٍ.
- حدّثنا أبي ثنا هشام بن عمّارٍ، ثنا الوليد، ثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن حبيبٍ في قوله: والّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا قال: أولئك أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كانوا لا يأكلون طعامًا يريدون به نعيمًا ولا يلبسون ثوبًا يريدون به جمالا كانت قلوبهم على قلبٍ واحدٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، ثنا اللّيث حدّثني إبراهيم بن نشيطٍ قال: سألت عمر مولى غفرة، عن الإسراف ما هو؟ قال: ليس شيءٌ أنفقته في طاعةٍ إسراف يعنى في طاعة اللّه.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنا أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: والّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا قال: لم يسرفوا في معاصي اللّه وكلّ ما أنفق في معصية اللّه وإن قلّ فهو إسرافٌ.
- حدّثنا أبي، ثنا الوليد بن صالح، ثنا خلد بن عبد الله الواسطي، عن داود ابن أبي هند قال: قلت للحسن الرّجل يصنع الطعام ينفق فيها النّفقة الكثيرة قال: ليس في الطّعام إسرافٌ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عمرو بن عليٍّ، ثنا يزيد بن هارون أنبأ سفيان بن حسين، عن أبي بشرٍ جعفر بن أبي وحشيّة قال: أطاف النّاس بإياس بن معاوية بالكوفة فقالوا ما السّرف؟ قال: ما جاوزت به أمر اللّه فهو سرفٌ، قال سفيان ابن حسينٍ: وما قصرت به عن أمر اللّه فهو سرفٌ.
- حدّثنا أبي ثنا موسى بن أيّوب، ثنا مخلد بن الحسين، عن هشامٍ قال ابن سيرين إذا سئل، عن السّرف ما هو؟ قال: النّفقة في غير حقّها.
- حدّثنا أبي ثنا موسى بن أيّوب أنبأ بقيّة، عن هشامٍ، عن الحسن قال: ليس في النّفقة في سبيل اللّه سرفٌ.
- حدّثنا أبي ثنا عصام بن روّادٍ، ثنا أبي ثنا رجلٌ، عن الحسن قال: من الإسراف أن يأكل الرّجل كلّما اشتهى.
قوله تعالى: ولم يقتروا
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: ولم يقتروا قال: هم المؤمنون لا يقتروا فيمنعوا حقوق اللّه.
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى أنبأ ابن وهبٍ أخبرني خالد بن حميدٍ، عن عقيلٍ، عن ابن شهابٍ أنّه كان يقول: ولم يقتروا يقول: لا يمنعه من حقٍّ ولا ينفقه في باطل.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبد السّلام، ثنا مغيرة، عن إبراهيم:
ولم يقتروا قال: لا يجيعهم ولا يعريهم.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا معاوية بن هشامٍ، عن سفيان، عن الأعمش في قوله: لم يقتروا قال: لم يقصّروا، عن الحقّ.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنا أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد: ولم يقتروا فيمسكوا، عن طاعة اللّه وما أمسك، عن طاعة اللّه وإن كثرت فهو إقتارٌ.
قوله تعالى: وكان بين ذلك قوامًا
- حدّثنا أبي ثنا يحيى بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينارٍ، ثنا روّادٌ، عن المسعوديّ، عن قتادة، عن مطرّف بن الشّخّير قال: العلم خيرٌ من العمل وخير الأمور أوساطها والحسنة بين السّيّئتين ذلك بأنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: والّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا يقول سيّئةٌ: ولم يقتروا يقول: سيّئةٌ: وكان بين ذلك قوامًا يقول: حسنةٌ.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث حدّثني اللّيث حدّثني إبراهيم بن نشيطٍ قال: سألت عمر مولى غفرة قلت له ما القوام؟ قال: القوام ألا تنفق في غير حقٍّ ولا تمسك من حقٍّ هو عليك.
- حدّثنا أبي ثنا بشر بن آدم بن بنت أزهر بن سعدٍ، ثنا أبو عاصمٍ، عن سفيان، عن أبي سليمان، عن وهب بن منبّهٍ: وكان بين ذلك قوامًا قال: الشّطر من أموالهم.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا معاوية بن هشامٍ، عن سفيان، عن الأعمش في قوله: وكان بين ذلك قوامًا قال: عدلا.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: وكان بين ذلك قوامًا قال: إنّ اللّه عزّ وجلّ قد أقاتكم قيتةً فانتهوا إلى قيتة اللّه عزّ وجلّ.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت ابن زيدٍ في قول اللّه: وكان بين ذلك قوامًا والقوام بين ذلك أن تنفقوا في طاعة اللّه وتمسكوا، عن محارم اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 8/2725-2728]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا} قال: هم المؤمنون، لا يسرفون فيقعوا في معصية الله ولا يقترون فيمنعون حقوق الله). [الدر المنثور: 11/209-210]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ (ولم يقتروا) بنصب الياء ورفع التاء). [الدر المنثور: 11/210]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا} قال: الاسراف النفقة في معصية الله والاقتار الامساك عن حق الله قال: وإن الله قد فاء لكم فيئة فانتهوا إلى فيئة الله، قال في المنفق {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا} الاحزاب الآية 70 قال: قولوا صدقا عدلا، وقال للمؤمنين {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} النور الآية 30 عما لا يحل لهم، وقال في الاستماع {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} الزمر الآية 18 وأحسنه طاعة الله). [الدر المنثور: 11/210]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب في قوله {لم يسرفوا ولم يقتروا} قال لا ينفقه في باطل ولا يمنعه من حق). [الدر المنثور: 11/210-211]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن يزيد بن أبي حبيب {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا} قال: اولئك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا لا يأكلون طعاما يريدون به نعيما ولا يلبسون ثوبا يريدون به جمالا كانت قلوبهم على قلب واحد). [الدر المنثور: 11/211]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الاعمش في قوله {بين ذلك قواما} قال: عدلا). [الدر المنثور: 11/211]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن عمر مولى غفرة قال القوام أن لا تنفق من غير حق ولا تمسك من حق هو عليك). [الدر المنثور: 11/211]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن وهب بن منبه {وكان بين ذلك قواما} قال: الشطر من أموالهم). [الدر المنثور: 11/211]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن يزيد بن مرة الجعفي قال: العلم خير من العمل والحسنة بين السيئين، يعني إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وخير الامور أوساطها). [الدر المنثور: 11/211-212]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق عن الحسن في قوله {لم يسرفوا ولم يقتروا} أن عمر بن الخطاب قال: كفى سرفا أن الرجل لا يشتهي شيئا إلا اشتراه فأكله). [الدر المنثور: 11/212]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن أبي الدرداء عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال من فقه الرجل رفقه في معيشته). [الدر المنثور: 11/212]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27 رجب 1434هـ/5-06-2013م, 08:36 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {تبارك الّذي جعل} [الفرقان: 61] يعني نفسه.
{في السّماء بروجًا} [الفرقان: 61] وقال قتادة: نجومًا.
{وجعل فيها سراجًا} [الفرقان: 61] الشّمس.
{وقمرًا منيرًا} [الفرقان: 61] يعني مضيئًا.
وهي تجري في فلكٍ دون السّماء.
وقد قال: {الّذي جعل في السّماء بروجًا} [الفرقان: 61].
والسّماء ما ارتفع.
وقال في آيةٍ أخرى: {ألم يروا إلى الطّير مسخّراتٍ في جوّ السّماء} [النحل: 79] أي مرتفعاتٍ، متحلّقاتٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/488]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وجعل فيها سرجاً...}

قراءة العوام {سراجاً} ... حدثني هشيم عن مغيرة عن إبراهيم أنه قرأ (سرجاً). وكذلك قراءة أصحاب عبد الله فمن قرأ {سراجاً} ذهب إلى الشمس وهو وجه حسن؛ لأنه قد قال {وجعل الشّمس سراجاً} ومن قال (سرجاً) ذهب إلى المصابيح إذا كانت يهتدى بها، جعلها كالسرج والمصباح كالسراج في كلام العرب وقد قال الله {المصباح في زجاجةٍ} ). [معاني القرآن: 2/271]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وجعل فيها سراجاً} أي: شمساً وضياء). [مجاز القرآن: 2/79]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {تبارك الّذي جعل في السّماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا}
البروج: قيل هي الكواكب العظام، والبرج تباعد بين الحاجبين، وكل ظاهر مرتفع فقد برج، وإنما قيل لها بروج لظهورها وتباينها وارتفاعها.
{وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا} ويقرأ (سرجا) ويجوز سرجا بتسكين الراء مثل رسل ورسل، فمن قرأ سراجا عنى الشمس كما قال تعالى: (وجعل الشمس سراجا).
ومن قرأ (سرجا) أراد الشمس والكواكب العظام معها). [معاني القرآن: 4/74-73]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {تبارك الذي جعل في السماء بروجا}
قال قتادة أي: نجوما
وروى إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، قال: البروج النجوم العظام
وروى إسماعيل، عن يحيى بن رافع، قال: البروج قصور في السماء
قال أبو جعفر يقال لكل ما ظهر وتبين برج ومنه قيل تبرجت المرأة وقد برج برجا إذا ظهر
ثم قال جل وعز: {وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا}
{سراجا} يعني الشمس
ويقرأ (سرجا)
وقيل من قرأ هذه القراءة فالمعنى عنده وجعل في البروج سرجا
فإن قيل فقد أعاد ذكر القمر وقد قال سرجا والقمر داخل فيها
فالجواب أنه أعيد ذكر القمر لفضله عليها كما قال جل وعز: {فيهما فاكهة ونخل ورمان} ). [معاني القرآن: 5/44-43]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وهو الّذي جعل اللّيل والنّهار خلفةً لمن أراد أن يذّكّر أو أراد شكورًا} [الفرقان: 62] حدّثني أبو الأشهب، عن الحسن قال: من عجز في اللّيل كان له في النّهار مستعتبٌ، ومن عجز في النّهار كان له في اللّيل مستعتبٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/488]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {جعل اللّيل والنّهار خلفةً...}

يذهب هذا ويجيء هذا، وقال زهير في ذلك:
بها العين والآرام يمشين خلفةً=وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم
فمعنى قول زهير: خلفةً: مختلفاتٍ في أنها ضربان في ألوانها وهيئتها، وتكون خلفة في مشيتها. وقد ذكر أن قوله: {خلفةً لّمن أراد} أي من فاته عمل من الليل استدركه بالنهار فجعل هذا خلفا من هذا.
وقوله: {لّمن أراد أن يذّكّر} وهي في قراءة أبيّ (يتذكّر) حجّة لمن شدّد وقراءة أصحاب عبد الله وحمزة وكثيرٍ من الناس (لمن أراد أن يذكر) بالتخفيف، ويذكر ويتذكر يأتيان بمعنى واحدٍ، وفي قراءتنا {واذكروا ما فيه} وفي حرف عبد الله (وتذكّروا ما فيه) ). [معاني القرآن: 2/271]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وجعل اللّيل والنّهار خلفةً} أي يجيء الليل بعد النهار ويجيء النهار بعد الليل يخلف منه وجعلهما خلفة وهما اثنان لأن الخلفة مصدر فلفظه من الواحد والاثنين والجميع من المذكر والمؤنث واحد وقال الشاعر:

ولها بالماطرون إذا=أكل النّمل الذي جمعا
خلفةً حتى إذا ارتبعت=سكنت من جلّقٍ بيعا
وقال:
بها العين والآرام يمشين خلفةً=وأطلاؤهما ينهض في كل مجثم).
[مجاز القرآن: 2/80-79]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وهو الّذي جعل اللّيل والنّهار خلفةً لّمن أراد أن يذّكّر أو أراد شكوراً}
وقال: {والنّهار خلفةً} يقول: "يختلفان" ). [معاني القرآن: 3/16]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {خلفة}: كل واحد يخلف صاحبه). [غريب القرآن وتفسيره: 279]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {جعل اللّيل والنّهار خلفةً} أي يخلف هذا هذا.
قال زهير:
بها العين والآرام يمشين خلفة= وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم
«الآرام»: الظباء البيض. والآرام: الأعلام. واحدة: أرم. أي إذا ذهب فوج الوحش، جاء فوج). [تفسير غريب القرآن: 315-314]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وهو الّذي جعل اللّيل والنّهار خلفة لمن أراد أن يذّكّر أو أراد شكورا}
ويقرأ {لمن أراد أن يذكر}.
قال الحسن: من فاته عمله من التذكر والشكر كان له في الليل مستعتب، ومن فاته بالليل كان له في النهار مستعتب.
وقال أهل اللغة خلفة يجيء هذا في أثر هذا،
وأنشدوا قول زهير:
بها العين والأرام يمشين خلفة=وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم
وجاء أيضا في التفسير خلفة مختلفان كما قال اللّه عزّ وجلّ: (إنّ في خلق السّماوات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآيات لأولي الألباب * الّذين يذكرون اللّه قياما) الآية). [معاني القرآن: 4/74]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة}
قال مجاهد أي يخلف هذا هذا ويخلف هذا هذا
وقال الحسن من نسي شيئا من التذكر والشكر بالنهار كانت له في الليل عتبى ومن نسيه بالليل كانت له في النهار عتبى
وقيل {خلفة} أي مختلفين كما قال جل وعز: {واختلاف الليل والنهار}
قال أبو جعفر وأولى هذه الأقوال قول مجاهد
والمعنى كل واحد منهما يخلف صاحبه مشتق من الخلف ومنه خلف فلان فلانا بخير أو شر ومنه قول زهير:
بها العين والآرام يمشين خلفة = وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم).
[معاني القرآن: 5/45-44]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {خِلْفَةً}: كل واحد يخلف صاحبه). [العمدة في غريب القرآن: 224]

تفسير قوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وعباد الرّحمن الّذين يمشون على الأرض هونًا} [الفرقان: 63] حدّثني المبارك بن فضالة، عن الحسن قال: الهون في كلام العرب: اللّين والسّكينة.
[تفسير القرآن العظيم: 1/488]
سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: بالوقار والسّكينة.
وتفسير عمرٍو عن الحسن قال: إنّ اللّه مدح المؤمنين وذمّ المشركين فقال: {وعباد الرّحمن الّذين يمشون على الأرض هونًا} [الفرقان: 63] حلماء، وأنتم أيّها المشركون لستم بحلماء.
قوله: {وإذا خاطبهم الجاهلون} [الفرقان: 63] المشركون.
{قالوا سلامًا} [الفرقان: 63] حدّثني أبو الأشهب عن الحسن قال: حلماء إن جهل عليهم لم يجهلوا). [تفسير القرآن العظيم: 1/489]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {على الأرض هوناً...}

... حدثني شريك عن جابر الجعفيّ عن عكرمة ومجاهدٍ في قوله: {الّذين يمشون على الأرض هوناً} قال: بالسّكينة والوقار.
وقوله: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً} كان أهل مكّة إذا سبّوا المسلمين ردّوا عليهم ردّاً جميلاً قبل أن يؤمروا بقتالهم). [معاني القرآن: 2/272-271]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وعباد الرّحمن الّذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً}
وقال: {وعباد الرحمن الّذين يمشون على الأرض} فهذا ليس له خبرٌ إلاّ في المعنى والله أعلم). [معاني القرآن: 3/16]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وعباد الرّحمن} أي عبيد الرحمن. نسبهم إليه - والناس جميعا عبيده -: [لاصطفائه] إيّاهم.
كما يقال: «بيت اللّه» - والبيوت كلها للّه - و«ناقة اللّه».
{يمشون على الأرض هوناً}. أي مشيا رويدا.
{وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً} أي سدادا من القول: لا رفث فيه، ولا هجر). [تفسير غريب القرآن: 315]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وعباد الرّحمن الّذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما}
أي يمشون بسكينة ووقار وحلم.
{وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} أي: نتسلم منكم سلاما لا نجاهلكم، كأنّهم قالوا تسلّما منكم.
و {عباد} مرفوع بالابتداء، والأحسن أن يكون خبر الابتداء ههنا ما في آخر السورة من قوله: (أولئك يجزون الغرفة بما صبروا)، كأنّه قال: وعباد الرحمن الذين هذه صفتهم كلها
-إلى قوله - {واجعلنا للمتقين إماما} ويجوز أن يكون قوله (وعباد الرّحمن) رفعا بالابتداء، وخبره {الذين يمشون على الأرض هونا} ). [معاني القرآن: 4/75-74]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا}
وكل واحد عبده فنسبهم إليه لاصطفائه إياهم كما يقال بيت الله وناقة الله
وقوله جل وعز: {الذين يمشون على الأرض هونا}
قال مجاهد أي بالوقار والسكينة
وقال الحسن علماء حلماء إن جهل عليهم لم يجهلوا
ثم قال تعالى: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما}
قال مجاهد أي سدادا
قال سيبويه وزعم أبو الخطاب أن مثله قولك للرجل سلاما تريد تسلما منك كما قلت براءة منك قال وزعم أن هذه الآية فيما زعم مكية
ولم يؤمر المسلمون يومئذ أن يسلموا على المشركين ولكنه على قوله تسلما ولا خير بيننا وبينكم ولا شر). [معاني القرآن: 5/46-45]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (هونا) أي: مشيا رويدا). [ياقوتة الصراط: 384]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {هَوْنًا}: أي رويداً.
{قالوا سلاما}: أي سدادا من القول). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 173]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والّذين يبيتون لربّهم سجّدًا وقيامًا} [الفرقان: 64] يصلّون، أي: وأنتم أيّها المشركون لا تصلّون.
- وحدّثني همّامٌ، عن قتادة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «صلّوا من اللّيل ولو ركعتين، ولو أربعًا».
قال يحيى: بلغني أنّه من صلّى من اللّيل ركعتين فهو من الّذين يبيتون لربّهم سجّدًا وقيامًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/489]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {والّذين يبيتون لربّهم سجّداً وقياماً...}

جاء في التفسير أنّ من قرأ شيئاً من القرآن في صلاة وإن قلّت، فقد بات ساجداً وقائماً. وذكروا أنّهما الركعتان بعد المغرب وبعد العشاء ركعتان). [معاني القرآن: 2/272]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والّذين يبيتون لربّهم سجّدا وقياما}
كل من أدركه الليل فقد بات يبيت، نام أو لم ينم، بات فلان البارحة قلقا، إنما المبيت إدراك اللّيل). [معاني القرآن: 4/75]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما}
يقال بات إذا أدركه الليل نام أو لم ينم كما قال الشاعر:
فبتنا قياما عند رأس جوادنا = يزاولنا عن نفسه ونزاوله).
[معاني القرآن: 5/47-46]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {والّذين يقولون ربّنا اصرف عنّا عذاب جهنّم إنّ عذابها كان غرامًا} [الفرقان: 65] حدّثني أبو الأشهب عن الحسن قال: قد علموا أنّ كلّ غريمٍ مفارقٌ غريمه غير غريم جهنّم.
وبعضهم يقول: {إنّ عذابها كان غرامًا} [الفرقان: 65] لزامًا.
وهو مثل قول الحسن إلا أنّه شبّهه بالغريم يلزم غريمه.
وبعضهم يقول: انتقامًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/489]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {إنّ عذابها كان غراماً...}

يقول ملحّا دائماً. والعرب تقول: إن فلاناً لمغرم بالنّساء إذا كان مولعاً بهنّ، وإني بك لمغرمٌ إذا لم تصبر عن الرجل ونرى أن الغريم إنما سمّي غريما لأنّه يطلب حقه ويلحّ حتى يقبضه). [معاني القرآن: 2/272]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إنّ عذابها كان غراماً} أي هلاكاً ولزاماً لهم ومنه رجل مغرم بالحب حب النساء من الغرم والدين قال الأعشى:

فرع نيعٍ يهتزّ في غصن المج=د غزير النّدى شديد المحال
إن يعاقب يكن غراماً وإن يع=ط جزيلا فإنه لا يبالي
وقال بشر بن أبي خازم:
ويوم النسار ويوم الجفا=ر كانوا عذاباً وكانوا غراما
أي هلكة). [مجاز القرآن: 2/80]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {غراما}:أي هلاكا). [غريب القرآن وتفسيره: 279]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {كان غراماً} أي هلكة). [تفسير غريب القرآن: 315]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {والّذين يقولون ربّنا اصرف عنّا عذاب جهنّم إنّ عذابها كان غراما}
الغرام في اللغة أشد العذاب.
قال الشاعر:
ويوم النّسار ويوم الجفار=كانا عذابا وكانا غراما).
[معاني القرآن: 4/75]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن عذابها كان غراما}
قال أبو عبيدة أي هلاكا وأنشد:
ويوم النسار ويوم الجفار = كانا عذابا وكانا غراما

وقال الفراء كان غراما أي ملحا ملازما ومنه فلان غريمي أي يلح في الطلب
والغرام عند أكثر أهل اللغة أشد العذاب
قال الأعشى:
إن يعاقب يكن غراما = وإن يعط جزيلا فإنه لا يبالي

قال محمد بن كعب طالبهم الله بثمن النعم فلما لم يأتوا به غرمهم ثمنها وأدخلهم النار). [معاني القرآن: 5/48-47]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {غراما} أي: لازما). [ياقوتة الصراط: 384]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {غَرَامًا}: أي هلكة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 173]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {غَرَامًا}: هالكاً). [العمدة في غريب القرآن: 224]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّها ساءت مستقرًّا} [الفرقان: 66] أي: بئس المستقرّ هو في تفسير الحسن.
إنّ أهلها لا يستقرّون فيها.
يعني كقوله: {عاملةٌ ناصبةٌ} [الغاشية: 3] أعملها اللّه وأنصبها في النّار.
وقال: {يطوفون بينها وبين حميمٍ آنٍ} [الرحمن: 44] فهم في تردادٍ وعناءٍ في تفسير قتادة.
وأمّا قوله: {ومقامًا} [الفرقان: 76] منزلًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/489]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {ساءت مستقراً ومقاماً} أي قراراً وأقامة لأنه من أقام أي مخلداً ومنزلاً، وقال جرير:

حيّوا المقام وحيّوا ساكن الدار
وقال سلامة بن جندل:
يومان يوم مقاماتٍ وأندية=ويوم سير إلى الأعداء تأويب

وإذا فتحوا أوله فهو من قمت وفي آية أخرى {ومقامٍ كريمٍ} أي مجلس،
وقال عباس بن مرداس:
فأيّ ما وأيّك كان شرّاً=فقيد إلى المقامة لا يراها
يدعو عليه بالعمى، أي إلى المجلس). [مجاز القرآن: 2/81-80]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {إنّها ساءت مستقرّا ومقاما}
{مستقرّا ومقاما} منصوبان على التمييز، المعنى أنها ساءت في المستقر والمقام). [معاني القرآن: 4/75]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا} [الفرقان: 67] قال قتادة: الإسراف: النّفقة في معصية اللّه، والإقتار: الإمساك عن حقّ اللّه.
قوله: {وكان بين ذلك قوامًا} [الفرقان: 67] وهذه نفقة الرّجل على أهله.
وحدّثني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيبٍ قال: بلغني أنّهم أصحاب رسول اللّه كانوا لا يأكلون طعامًا يريدون به نعيمًا، ولا يلبسون ثوبًا يريدون به جمالًا وكانت قلوبهم على قلبٍ واحدٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/490]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {والّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا...}

بكسر التاء. قرأ أبو عبد الرحمن وعاصم (ولم يقتروا) من أقترت. وقرأ الحسن (ولم يقتروا) وهي من قترت؛ كقول من قرأ يقتروا بضم الياء. واختلافهما كاختلاف قوله: {يعرشون}
و{يعرشون} و{يعكفون} و{يعكفون} ومعناه {لم يسرفوا} ففي نصب القوام وجهان إن شئت نصبت القوام بضمير اسمٍ في كان (يكون ذلك الاسم من الإنفاق) أي وكان الإنفاق (قواماً بين ذلك) كقولك:
عدلاً بين ذلك أي بين الإسراف الإقتار. وإن شئت جعلت (بين) في معنى رفعٍ؛ كما تقول: كان دون هّذا كافياً لك، تريد: أقلّ من هذا كان كافياً لك، وتجعل {وكان بين ذلك}
كان الوسط من ذلك قواماً. والقوام قوام الشيء بين الشيئين. ويقال للمرأة: إنها لحسنة القوام في اعتدالها. ويقال: أنت قوام أهلك أي بك يقوم أمرهم وشأنهم وقيام وقيمٌ وقيّمٌ في معنى قوامٍ). [معاني القرآن: 2/273-272]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {والّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما}
(يقتروا) بضم الياء وكسر التاء، وبفتح الياء وضم التاء، {ولم يقتّروا} ولا أعلم أحدا قرأ بها، أعني بتشديد التاء.
والذي جاء في التفسير أن الاسراف النفقة في معصية الله، وأنه لا إسراف في الإنفاق فيما قرب إلى الله عزّ وجلّ.
وكل ما أنفق في معصية اللّه فإسراف، لأن الإسراف مجاوزة الحدّ والقصد.
وجاء في التفسيبر أيضا أن الإسراف ما يقول الناس فيه فلان مسرف.
والحق في هذا ما أدّب اللّه عزّ وجلّ به نبيّه - صلى الله عليه وسلم - فقال: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كلّ البسط فتقعد ملوما محسورا} [معاني القرآن: 4/76-75]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا}
قال سفيان لم يسرفوا لم ينفقوا في غير حق
ولم يقتروا لم يمسكوا عن حق
وأحسن ما قيل ما حدثنا أبو علي الحسن بن غليب، قال: حدثني عمران بن أبي عمران، قال: حدثنا خلاد بن سليمان الحضرمي، قال: حدثني عمرو بن لبيد، عن أبي عبد الرحمن الحبلي في قوله جل وعز: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما} قال من أنفق في غير طاعة الله عز وجل فهو الإسراف
ومن أمسك عن طاعة الله عز وجل فهو الإقتار
ومن أنفق في طاعة الله عز وجل فهو القوام
وكان بين ذلك قواما أي عدلا
قال أحمد بن يحيى يقال هذا قوام الأمر وملاكه
وقال بعض أهل اللغة هذا غلط وإنما يقال هذا قوام الأمر واحتج بقوله تعالى: {وكان بين ذلك قواما}
قال أبو جعفر والصواب ما قال أحمد بن يحيى والمعنيان مختلفان فالقوام بالفتح الاستقامة والعدل كما قال لبيد:
واحب المجامل بالجزيل وصرمه = باق إذا ضلعت وزاغ قوامها
والقوام بالكسر ما يدوم عليه الأمر ويستقر). [معاني القرآن: 5/50-48]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 رجب 1434هـ/5-06-2013م, 08:40 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (والبروج: النجوم، كلّ برجٍ يومان وثلثٌ، وهي للشمس شهرٌ، وهي اثنا عشر برجاً، مسير القمر في كلّ برجٍ يومان وثلثٌ.
والبرج أيضاً: القصر المستطيل). [الأزمنة: 31] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62) }
تفسير قوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وأمّا ترك التنوين في سبحان فإنما ترك صرفه لأنه صار عندهم معرفةً وانتصابه كانتصاب الحمد لله.
وزعم أبو الخطّاب أنّ مثله قولك للرجل سلاماً تريد تسلّماً منك كما قلت براءةً منك تريد لا ألتبس بشيء من أمرك. وزعم أنّ أبا ربيعة كان
يقول إذا لقيت فلانا فقل له سلاماً. فزعم أنه سأله ففسّره له بمعنى براءةً منك. وزعم أنّ هذه الآية: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} بمنزلة ذلك لأنّ الآية فيما زعم مكّيّةٌ ولم يؤمر المسلمون يومئذ أن يسلموا على المشركين ولكنّه على قولك براءة منكم وتسلّما لا خير بيننا وبينكم ولا شرّ). [الكتاب: 1/324-325]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب ما جرى مجرى المصادر وليس بمتصرف من فعل
فمن ذلك: سبحان الله، ومعاذ الله، وقولهم: أفةً، وتفةً، وويلا لزيد، وويحا له، وسلامٌ على زيد، وويلٌ لزيد، وويحٌ له، وتربا له. كل هذا معناه في النصب واحدٌ، ومعناه في الرفع واحد. ومنه ما لا يلزمه إلا النصب، ومنه ما لا يجوز فيه إلا الرفع لعلل نذكرها إن شاء الله. ومنه قولك: مرحبا، وأهلاً وسهلاً، وويلةً، وعولةً. فأما قولهم: سبحان الله فتأويله: براءة الله من السوء، وهو في موضع المصدر، وليس منه فعل. فإنما حده الإضافة إلى الله - عز وجل - وهو معرفة. وتقديره، إذا مثلته فعلاً: تسبيحاً لله. فإن حذفت المضاف إليه من سبحان لم ينصرف؛ لأنه معرفة، وإنما نكرته بالإضافة؛ ليكون معرفة بالمضاف إليه. فأما قول الشاعر:
سبحانه ثم سبحاناً نعوذ بـه = وقبلنا سبح الجودي والجمد
في رواية: نعوذ به. فإنما نون مضطراً، ولو لم يضطر لكان كقول الآخر:
أقول لما جاءني فخـره = سبحان من علقمة الفاخر
فهذا في موضع: براءةً منه. ومعاذ الله كذلك لا يكون إلا مضافاً. وتقديره تقدير: عياذ الله، أي: عذت بالله عياذاً. فهذا موضع هذا. ومثل ذلك: حجرة،إنما معناه: حراماً. فهو في موضعه لو تكلمي به. فمن ذلك قول الله عز وجل: {حجراً محجوراً} أي: حراماً محرماً. وأما قولهم: مرحباً وأهلاً، فهو في موضع قولهم: رحبت بلادك رحبا، وأهلت أهلا، ومعناه: الدعاء. يقول: صادفت هذا. ولو قلت: حجرٌ، ومرحبٌ، لصلح، تريد: أمرك هذا. وأما سبحان وما كان مثله مما لا يكون إلا مضافاً، فلا يصلح فيه إلا النصب. وهذا البيت ينشد على وجهين: على الرفع والنصب وهو:
وبالسهب ميمون النقـيبة قـولـه = لملتمس المعروف: أهلٌ ومرحب
وقال الآخر:
إذا جئت بواباً له قال: مرحبـاً = ألا مرحبٌ واديك غير مضيق
فأما قولهم: سلاماً، وسلامٌ يا فتى، فإن معناه: المبارأة والمتاركة. فمن قال: لا تكن من فلان إلا سلامٌ بسلام فمعناه: لا تكن إلا وأمرك وأمره المتاركة والمبارأة، وإنما رفعت؛ لأنك جعلته ابتداءً وخبراً في موضع خبر كان. ولو نصبته كان جيداً بالغاً. فمن ذلك قوله عز وجل: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً} تأويله: المتاركة، أي: لا خير بيننا وبينكم ولا شر). [المقتضب: 3/217-219] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ولو كان فعل لا يقع بعده الحكاية لم يجز أن يكون إلى جانب قام.
لو قلت: ضربت قام زيد، وما أشبهه لم يجز في معنى ولا لفظ.
نحو ذلك قول الله عز وجل: {إلا قالوا ساحر أو مجنون} وقال: {أم يقولون شاعر نتربص به} {وقالوا مجنون وازدجر} فهذا كله على الحكاية، والابتداء هو ولكنها محذوفة في القرآن لعلم المخاطب.
أما قوله: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً} فإنما انتصب؛ لأنه مصدر عمل فيه فعله لا القول. والمعنى والله أعلم: وقالوا: سلمنا سلاماً، وتفسيره: تسلمنا منكم تسلماً، وبرئنا براءة؛ لأنهم لم يؤمروا أن يسلموا على المشركين إذ ذاك، والآية مكية. ونظيرها: لا تكن من فلان إلا سلاماً بسلام، أي: متاركاً مبارئاً.
ولو قلت: قلت حقاً، أو قال زيد باطلاً لأعملت القول؛ لأنك لم تحك شيئاً. إنما أعملت القول في ترجمة كلامه.
ألا ترى أنه إذا قال: لا إله إلا الله. قيل له: قلت حقاً، وهو لم يلفظ. بالحاء والقاف. إنما هذا معنى ما قال.
ومثل ذلك قول الله {إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً}). [المقتضب: 4/79] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) }

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) }
قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ): (وقال:
نواعمُ لم تَسْمَع نُبوحَ مُقامةٍ
والمُقَامَة: التي يقيم فيها الناس لا يبرحون). [كتاب الجيم: 3/68]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (وقال البعيث:
...
...
وذاك الفراق لا فراق ظعائن = لهن بذي القرحى مَقَام ومحتمل
...
و«المَقَام» بفتح الميم حيث تقوم. و«المَقَامَة»: المجلس. و«المَقَام»: المنزل. قال الأصمعي: «المجلس»: القَوْمَ. وأنشد:
واستب بعدك يا كليب المجلس
قال أبو حاتم: «مُقَامٌ» بالضم.
...
و«المَقَامُ»: بالفتح مأخوذ من قُمْت مَقاما. والمُقام من أقمت وهذا أحب إلي. قال الله تعالى: {ساءت مستقرا ومقاما} ). [النوادر في اللغة: 203-205]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فإن كان المصدر لفعل على أكثر من ثلاثة كان على مثال المفعول؛ لأن المصدر مفعول. وكذلك إن بنيت من الفعل اسماً لمكان أو زمان، كان كل واحد منهما على مثال المفعول. لأن الزمان والمكان مفعول فيهما. وذلك قولك في المصادر: أدخلته مدخلاً، كما قال عز وجل: {أنزلني منزلاً مباركاً} و{باسم الله مجريها ومرساها}.

و كذلك: سرحته مسرحاً، وهذا مسرحنا؛ أي في موضع تسريحنا، وهذا مقامنا؛ لأنك تريد به المصدر والمكان من أقمت. وعلى ذلك قال الله عز وجل: {إنها ساءت مستقراً ومقاماً} لأنها من أقمت. وقال: {يا أهل يثرب لا مقام لنا} لأنها من قمت. موضع قيام ومن قرأ لا مقام إنما يريد: لا إقامة.
قال الشاعر:
ألم تعلم مسرحي القوافي = فلا عياً بهن ولا اجتلابا
أي تسريحي. وقال الآخر:
وما هي إلا في إزار وعلـقةٍ = مغار بن همامٍ على حي خثعما
أي وقت إغارة ابن همام.
وهذا أوضح من أن يكثر فيه الاحتجاج؛ لأن المصدر هو المفعول الصحيح؛ ألا ترى أنك إذا قلت: ضربت زيداً، أنك لم تفعل زيداً وإنما فعلت الضرب، فأوصلته إلى زيد، وأوقعته به، لأنك إنما أوقعت به فعلك. فأما قول الله عز وجل: {وجعلنا النهار معاشاً} فمعناه: عيشاً، ثم قال: {ويسألونك عن المحيض} أي الحيض. فكان أحد المصدرين على مفعل والآخر على مفعل.
وقوله عز وجل: {سلامٌ هي حتى مطلع الفجر}.
ومطلع الفجر وما أشبه هذا فله باب يذكر فيه إن شاء الله). [المقتضب: 2/118-120] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: "إلا جديب المقيد"، يقال: بلد جدبٌ وجديبٌ، وخصب وخصيب، والأصل في النعت خصيبٌ ومخصبٌ، وجديبٌ ومجدب، والخصب والجدب إنما هما ما حل فيه، وقيل: خصيبٌ وأنت تريد مخصب، وجديبٌ وأنت تريد مجدبٌ، كقولك: عذاب أليم وأنت تريده مؤلم، قال ذو الرمة:
ونرفع من صدور شمردلاتٍ = يصك وجوهها وهج أليم
ويقال: رجل سميع، أي مسمعٌ، قال عمرو بن معد يكرب:
أمن ريحانة الداعي السميع = يؤرقني وأصحابي هجوع
وأما قوله: "المقيد" فهو موضع التقييد: وكل مصدر زيدت الميم في أوله إذا جاوزت الفعل من ذوات الثلاثة فهو على وزن المفعول، وكذلك إذا أردت اسم الزمان واسم المكان، تقول: أدخلت زيدًا مدخلاً كريمًا. وسرحته مسرحًا حسنًا، واستخرجت الشيء مستخرجًا، قال جرير:
ألم تعلم مسرحي القوافي = فلا عيًا بهن ولا اجتلابا
أي تسريحي، وقال عز وجل: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبَارَكًا} ويقال: قمت مقامًا، وأقمت مقامًا وقال عز وجل: {إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} أي موضع، وقال الشاعر:
وما هي إلا في إزارة وعلقةٍ = مغار ابن همام على حي خثعما
يريد زمن إغارة ابن همام). [الكامل: 1/260-262] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) )
قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ): (وقال العوام: تقول: أكلت طعاما ما كان له قَوام أي جزء. وهذا الطعام قَوامهم.
والقِوامُ: رأي القوم وسيدهم.
تَقَولُ: وهو قِوامهم.
والقَوام: ما يعيشهم. وقال الله عز وجل: {وكانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَواماً} ). [كتاب الجيم: 3/75]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (باب الاقتصاد في الإنفاق والإعطاء

قال اللّه عز وجل: {ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط}، وقال عز وجل: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا}.
حدّثني أحمد بن الخليل عن مسلم بن إبراهيم عن سكين بن عبد العزيز بن مسلم عن أبي الأحوص عن عبد الله قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " ما عال مقتصدٌ ".
وحدّثني أيضا عن مسلم قال: حدّثنا أبو قدامة الحارث بن عبيد قال: حدّثنا برد بن سنان عن الزهري قال: قال أبو الدرداء: حسن التقدير في المعيشة أفضل من نصف الكسب، ولقط حبا منثورًا وقال: إن فقه الرجل رفقه في معيشته). [عيون الأخبار: 3/331] (م)

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 11:20 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 11:21 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 11:31 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما}
لما جعلت قريش سؤالها عن الله تعالى وعن اسمه الذي هو الرحمن سؤالا عن مجهول نزلت هذه الآية مصرحة بصفاته التي تعرف به، وتوجب الإقرار بألوهيته. و"البروج" هي التي علمتها العرب بالتجربة وكل أمة مصحرة، وهي الشهور عند اللغويين وأهل تعديل الأوقات، وكل برج منها على منزلتين وثلث من منازل القمر التي ذكرها الله تبارك وتعالى في قوله: {والقمر قدرناه منازل}، والعرب تسمي البناء المرتفع المستغني بنفسه برجا تشبيها ببروج السماء، ومنه قوله تبارك وتعالى: {ولو كنتم في بروج مشيدة}، وقال الأخطل:
كأنها برج رومي يشيده ... بان بجص وآجر وأحجار
وقال بعض الناس في هذه الآية التي نحن فيها: البروج: القصور في الجنة، وقال الأعمش: كان أصحاب عبد الله يقرؤونها: "في السماء قصورا"، وقيل: البروج: الكواكب العظام، حكاه الثعلبي عن أبي صالح، وهذا نحو ما بيناه إلا أنه غير ملخص، والقول بأنها قصور في الجنة يحط غرض الآية في التنبيه على أشياء مدركات تقوم بها الحجة على كل منكر لله أو جاهل به.
[المحرر الوجيز: 6/452]
وقرأ الجمهور: "سراجا"، وهي الشمس، وقرأ حمزة، والكسائي، وعبد الله بن مسعود، وعلقمة، والأعمش: "سرجا"، وهو اسم جميع الأنوار، وقد خص القمر بالذكر تشريفا، وقرأ النخعي، وابن وثاب، والأعمش أيضا: "سرجا" بسكون الراء، قال أبو حاتم، روى عصمة عن الحسن: "وقمرا" بضم القاف ساكنة الميم، ولا أدري ما أراد إلا أن يكون جمعا كثمر وثمر، وقال أبو عمرو: وهي قراءة الأعمش، والنخعي). [المحرر الوجيز: 6/453]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: "خلفة" أي: هذا يخلف هذا، ومن المعنى قول زهير:
بها العين والآرام يمشين خلفة ... وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم
ومن هذا قول الآخر يصف امرأة تنتقل من منزل في الشتاء إلى منزل في الصيف دأبا:
ولهـا بالمـاطـرون إذا ... أكـل النمـل الـذي جمعـا
خلفـة حتـى إذا ارتبعت ... سكنـت مـن جلـق بيعــا
في بيـوت وسط دسكرة ... حـولهـا الزيتـون قـد ينعـا
[المحرر الوجيز: 6/453]
وقال مجاهد: "خلفة" من الخلاف، هذا أبيض وهذا أسود، نحو ما قدمناه، وقال مجاهد وغيره: لمن أراد أن يذكر أي: يعتبر بالمصنوعات ويشكر الله تبارك وتعالى على نعمه عليه في العقل والفكر والفهم، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والحسن، وابن عباس: معناه: لمن أراد أن يذكر ما فاته من الخير والصلاة ونحوه في أحدهما فيستدركه في الذي يليه، وقرأ حمزة وحده: "يذكر" بسكون الذال وضم الكاف، وهي قراءة ابن وثاب، وطلحة، والنخعي، وقرأ الباقون: "يذكر" بشد الذال، وفي مصحف أبي بن كعب: "يتذكر" بزيادة تاء.
ثم لما قال تعالى: {لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا} جاء بصفة عباده الذين هم أهل التذكر والشكور). [المحرر الوجيز: 6/454]

تفسير قوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"العباد" و"العبيد" بمعنى، إلا أن العباد تستعمل في مواضع التنويه، وسمي قوم من عبد القيس العباد لأن كسرى ملكهم دون العرب، وقيل: لأنهم تألهوا مع نصارى الحيرة فصاروا عباد الله، وإليهم ينسب عدي بن زيد العبادي، وقرأ الحسن: وعبد الرحمن، ذكره الثعلبي.
وقوله تبارك وتعالى: {الذين يمشون} خبر ابتداء، والمعنى: وعباده حق عباده هم الذين يمشون، وقوله: {يمشون على الأرض هونا} عبارة عن عيشهم ومدة حياتهم وتصرفاتهم، فذكر من ذلك المعظم، لا سيما وفي ذلك الانتقال في الأرض معاشرة الناس وخلطتهم. ثم قال: "هونا" بمعنى أمره كله هون، أي لين حسن، قال مجاهد: بالحلم والوقار، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: بالطاعة والعفاف والتواضع، وقال الحسن: حلما، إن جهل عليهم لم يجهلوا، وذهبت فرقة إلى أن "هونا" مرتبط بقوله تعالى: {يمشون على الأرض} أي المشي هو الهون، ويشبه أن يتأول هذا على أن تكون أخلاق ذلك الماشي هونا مناسبة لمشيه، فيرجع القول إلى نحو ما بيناه، وأما أن يكون المراد صفة المشي وحده فباطل؛ لأنه رب ماش هونا رويدا وهو ذئيب أطلس، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكفأ في مشيه كأنما يمشي في صبب، وهو عليه الصلاة والسلام الصدر
[المحرر الوجيز: 6/454]
في هذه الآية، وقوله عليه الصلاة والسلام: من مشى منكم في طمع فليمش رويدا إنما أراد في عقد نفسه، ولم يرد المشي وحده، ألا ترى أن المبطلين المتحلين بالدين تمسكوا بصورة المشي فقط حتى قال فيهم الشاعر ذما لهم:
كلهم يمشي رويـد ... كلهم يطلـب صيـد
وقال الزهري: سرعة المشي تذهب ببهاء الوجه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
يريد الإسراع الحثيث؛ لأنه يخل بالوقار، والخير في التوسط، وقال زيد بن أسلم: كنت أسأل عن تفسير قوله تبارك وتعالى: {الذين يمشون على الأرض هونا} فما وجدت في ذلك شفاء، فرأيت في النوم من جاءني فقال لي: هم الذين لا يريدون أن يفسدوا في الأرض.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا للتفسير في الخلق. و"هونا" معناه: رفقا وقصدا، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: " أحبب حبيبك هونا ما الحديث، وقوله: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما}. اختلفوا في تأويل ذلك، فقالت فرقة: ينبغي للمخاطب أن يقول للجاهل: "سلاما" بهذا اللفظ، أي: سلمنا سلاما وتسليما ونحو هذا، فيكون العامل فيه فعلا من لفظه على طريقة النحويين. والذي أقول: إن قوله: "قالوا" هو العامل في "سلاما"؛ لأن المعنى: قالوا هذا اللفظ، وقال مجاهد: معنى "سلاما": قولا سدادا، أي: يقول للجاهل كلاما يدفعه به برفق ولين، فقالوا في هذا التأويل: العامل في قوله "سلاما" على طريقة النحويين، وذلك أنه بمعنى: قولا، وهذه الآية كانت قبل آية السيف، فنسخ منها ما يخص الكفرة، وبقي أدبها في المسلمين إلى يوم القيامة، وذكر سيبويه النسخ في
[المحرر الوجيز: 6/455]
هذه الآية في كتابه، وما تكلم على نسخ سواه، ورجح به أن المراد السلامة لا التسليم؛ لأن المؤمنين لم يؤمروا قط بالسلام على غير المسلمين، والآية مكية نسختها آية السيف.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ورأيت في بعض [مصاحف] التواريخ أن إبراهيم بن المهدي -وكان من المائلين على علي بن أبي طالب رضي الله عنه- قال يوما بمحضر المأمون -وعنده جماعة-: كنت أرى علي بن أبي طالب رضي الله عنه في النوم، فكنت أقول له: من أنت؟ فيقول: أنا علي بن أبي طالب، فكنت أجيء معه إلى قنطرة، فيذهب يتقدمني في عبورها، فكنت أقول له: إنما تدعي هذا الأمر بامرأة، ونحن أحق به منك، فما رأيت له في الجواب بلاغة كما يذكر عنه، فقال المأمون: وبماذا جاوبك؟ قال: فكان يقول لي: سلاما سلاما، قال الراوي: فكأن إبراهيم بن المهدي لا يحفظ الآية، أو ذهبت عنه في ذلك الوقت، فنبه المأمون على الآية أمام من حضره، وقال: هو والله يا عم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد جاوبك بأبلغ جواب، فحزن إبراهيم واستحيا، وكانت رؤياه لا محالة صحيحة). [المحرر الوجيز: 6/456]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما}.
هذه آية فيها تحريض على القيام بالليل للصلاة، قال الحسن: لما فرغ من وصف نهارهم وصف في هذه ليلهم، وقال بعض الناس: من صلى العشاء الآخرة، وشفع وأوتر، فهو داخل في هذه الآية.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
إلا أنه دخول غير مستوفى، وقرأ أبو البرهسم: "سجودا"). [المحرر الوجيز: 6/456]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ومدحهم تبارك وتعالى بدعائهم في صرف عذاب جهنم من حيث ذلك دليل على صحة عقيدتهم وإيمانهم، ومن حيث أعمالهم بحسبه، و"غراما" معناه: ملازما ثقيلا
[المحرر الوجيز: 6/456]
مجحفا، ومنه غرام الحب، ومنه قول الأعشى:
إن يعاقب يكن غراما وإن يعـ ـط جزيلا فإنه لا يبالي
وقول بشر بن أبي خازم:
ويوم النسار ويوم الجفا ... ر كان عقابا وكان غراما). [المحرر الوجيز: 6/457]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور الناس: "مقاما" بضم الميم، من الإقامة، ومنه قول الشاعر:
حيوا المقام وحيوا ساكن الدار
وقرأت فرقة: "مقاما" بفتح الميم، من قام يقوم، فجهنم موضع مقام لهم، والأول أفصح وأشهر). [المحرر الوجيز: 6/457]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما}
اختلف المفسرون في هذه الآية التي في الإنفاق، فعبارة أكثرهم أن الذي لا يسرف هو المنفق في الطاعة وإن أفرط، والمسرف هو المنفق في المعصية وإن قل إنفاقه، وأن المقتر هو الذي يمنع حقا عليه، وهذا قول ابن عباس، ومجاهد، وابن زيد. وقال عون بن عبد الله بن عتبة: الإسراف: أن تنفق مال غيرك. وغير هذا من الأقوال التي
[المحرر الوجيز: 6/457]
هي غير مرتبطة بلفظ الآية. وخلط الطاعة والمعصية بالإسراف والتقتير فيه نظر، والوجه أن يقال: إن النفقة في معصية أمر قد حظرت الشريعة قليله وكثيره، وكذلك التعدي على مال الغير، وهؤلاء الموصوفون منزهون عن ذلك، وإنما التأديب في هذه الآية هو في نفقة الطاعات في المباحات، فأدب الشرع فيها ألا يفرط الإنسان حتى يضيع حقا آخر أو عيالا ونحو هذا، وألا يضيق أيضا ويقتر حتى يجيع العيال ويفرط في الشح، والحسن في ذلك هو القوام، أي: العدل، والقوام في كل واحد بحسب عياله وحاله، وخفة ظهره وصبره وجلده على الكسب، أو ضد هذه من الخصال، وخير الأمور أوسطها، ولهذا ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله تبارك وتعالى عنه يتصدق بجميع ماله؛ لأن ذلك وسط بنسبة جلده وصبره في الدين، ومنع غيره من ذلك، ونعم ما قال إبراهيم النخعي: هو الذي لا يجيع ولا يعري، ولا ينفق نفقة يقول الناس: قد أسرف. وقال يزيد بن أبي حبيب: هم الذين لا يلبسون الثياب للجمال، ولا يأكلون طعاما للذة. وقال عبد الملك بن مروان لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه حين زوجه ابنته فاطمة: ما نفقتك؟ فقال له عمر: الحسنة بين سيئتين، ثم تلا هذه الآية. وقال يزيد بن حبيب أيضا في هذه الآية: أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا لا يأكلون طعاما للتنعم واللذة، ولا يلبسون ثيابا للجمال، ولكن كانوا يريدون من الطعام ما يسد عنهم الجوع، ويقويهم على عبادة ربهم، ومن اللباس ما يستر عوراتهم، ويكنهم من الحر والبرد. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كفى بالمرء سرفا ألا يشتهي شيئا إلا اشتراه وأكله، وفي سنن ابن ماجه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من السرف أن تأكل ما اشتهيته، وقال الشاعر:
ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد كلا طرفي قصد الأمور ذميم
وقرأ نافع، وابن عامر، وأبو بكر، ومجاهد، وحفص عن عاصم: "يقتروا" بفتح
[المحرر الوجيز: 6/458]
الياء وكسر التاء. وقرأ حمزة، والكسائي بفتح الياء وضم التاء، وهي قراءة الحسن، والأعمش -، وعاصم بخلاف-. وقرأ أبو عبد الرحمن بضم الياء وفتح التاء.
وقرأ أبو عمرو والناس: "قواما" بفتح القاف، أي: معتدلا، وقرأ حسان بن عبد الرحمن بكسر القاف، أي: مبلغا وسدادا وملاك حال. و"قواما" خبر "كان"، واسمها مقدر، أي: الإنفاق، وجوز الفراء أن يكون اسمها قوله: "بين ذلك"). [المحرر الوجيز: 6/459]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 15 محرم 1440هـ/25-09-2018م, 03:02 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 15 محرم 1440هـ/25-09-2018م, 03:05 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({تبارك الّذي جعل في السّماء بروجًا وجعل فيها سراجًا وقمرًا منيرًا (61) وهو الّذي جعل اللّيل والنّهار خلفةً لمن أراد أن يذّكّر أو أراد شكورًا (62)}.
يقول تعالى ممجّدًا نفسه، ومعظّمًا على جميل ما خلق في السّماء من البروج -وهي الكواكب العظام- في قول مجاهدٍ، وسعيد بن جبير، وأبي صالحٍ، والحسن، وقتادة.
وقيل: هي قصورٌ في السّماء للحرس، يروى هذا عن عليٍّ، وابن عبّاسٍ، ومحمّد بن كعبٍ، وإبراهيم النّخعيّ، وسليمان بن مهران الأعمش. وهو روايةٌ عن أبي صالحٍ أيضًا، والقول الأوّل أظهر. اللّهمّ إلّا أن يكون الكواكب العظام هي قصورٌ للحرس، فيجتمع القولان، كما قال تعالى: {ولقد زيّنّا السّماء الدّنيا بمصابيح وجعلناها رجومًا للشّياطين} [الملك: 5]؛ ولهذا قال: {تبارك الّذي جعل في السّماء بروجًا وجعل فيها سراجًا} وهي الشّمس المنيرة، الّتي هي كالسّراج في الوجود، كما قال: {وجعلنا سراجًا وهّاجًا} [النّبأ: 13].
{وقمرًا منيرًا} أي: مضيئًا مشرقًا بنورٍ آخر ونوعٍ وفنٍّ آخر، غير نور الشّمس، كما قال: {هو الّذي جعل الشّمس ضياءً والقمر نورًا} [يونس: 5]، وقال مخبرًا عن نوحٍ، عليه السّلام، أنّه قال لقومه: {ألم تروا كيف خلق اللّه سبع سماواتٍ طباقًا وجعل القمر فيهنّ نورًا وجعل الشّمس سراجًا} [نوح: 15 -16]).[تفسير ابن كثير: 6/ 120]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال: {وهو الّذي جعل اللّيل والنّهار خلفةً} أي: يخلف كلّ واحدٍ منهما الآخر، يتعاقبان لا يفتران. إذا ذهب هذا جاء هذا، وإذا جاء هذا ذهب ذاك، كما قال: {وسخّر لكم الشّمس والقمر دائبين وسخّر لكم اللّيل والنّهار} [إبراهيم: 33]، وقال {يغشي اللّيل النّهار يطلبه حثيثًا والشّمس والقمر والنّجوم مسخّراتٍ بأمره} [الأعراف: 54] وقال: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار وكلٌّ في فلكٍ يسبحون} [يس: 40].
وقوله: {لمن أراد أن يذّكّر أو أراد شكورًا} أي: جعلهما يتعاقبان، توقيتًا لعبادة عباده له، فمن فاته عملٌ في اللّيل استدركه في النّهار، ومن فاته عملٌ في النّهار استدركه في اللّيل. وقد جاء في الحديث الصّحيح: "إنّ اللّه تعالى يبسط يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار، ويبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء اللّيل".
قال أبو داود الطّيالسيّ: حدّثنا أبو حرّة عن الحسن: أنّ عمر بن الخطّاب أطال صلاة الضّحى، فقيل له: صنعت اليوم شيئًا لم تكن تصنعه؟ فقال: إنّه بقي عليّ من وردي شيءٌ، فأحببت أن أتمّه -أو قال: أقضيه -وتلا هذه الآية: {وهو الّذي جعل اللّيل والنّهار خلفةً [لمن أراد أن يذّكّر أو أراد شكورًا]} .
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ [قوله: {وهو الّذي جعل اللّيل والنّهار خلفةً}] يقول: من فاته شيءٌ من اللّيل أن يعمله، أدركه بالنّهار، أو من النّهار أدركه باللّيل. وكذا قال عكرمة، وسعيد بن جبيرٍ. والحسن.
وقال مجاهدٌ، وقتادة: {خلفة} أي: مختلفين، هذا بسواده، وهذا بضيائه). [تفسير ابن كثير: 6/ 121]

تفسير قوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وعباد الرّحمن الّذين يمشون على الأرض هونًا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا (63) والّذين يبيتون لربّهم سجّدًا وقيامًا (64) والّذين يقولون ربّنا اصرف عنّا عذاب جهنّم إنّ عذابها كان غرامًا (65) إنّها ساءت مستقرًّا ومقامًا (66) والّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا (67)}.
هذه صفات عباد اللّه المؤمنين {الّذين يمشون على الأرض هونًا} أي: بسكينةٍ ووقارٍ من غير جبرية ولا استكبارٍ، كما قال: {ولا تمش في الأرض مرحًا إنّك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا} [الإسراء: 37]. فأمّا هؤلاء فإنّهم يمشون من غير استكبارٍ ولا مرح، ولا أشر ولا بطر،
وليس المراد أنّهم يمشون كالمرضى من التّصانع تصنّعًا ورياءً، فقد كان سيّد ولد آدم صلّى اللّه عليه وسلّم إذا مشى كأنّما ينحطّ من صبب، وكأنّما الأرض تطوى له. وقد كره بعض السّلف المشي بتضعّفٍ وتصنّعٍ، حتّى روي عن عمر أنّه رأى شابًّا يمشي رويدًا، فقال: ما بالك؟ أأنت مريضٌ؟ قال: لا يا أمير المؤمنين. فعلاه بالدّرّة، وأمره أن يمشي بقوّةٍ. وإنّما المراد بالهون هاهنا السّكينة والوقار، كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا أتيتم الصّلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وعليكم السّكينة، فما أدركتم فصلّوا، وما فاتكم فأتمّوا".
وقال عبد اللّه بن المبارك، عن معمر، عن يحيى بن المختار، عن الحسن البصريّ في قوله: {وعباد الرّحمن الّذين يمشون على الأرض هونًا} قال: إنّ المؤمنين قومٌ ذلل، ذلّت منهم -واللّه -الأسماع والأبصار والجوارح، حتّى تحسبهم مرضى وما بالقوم من مرضٍ، وإنّهم لأصحّاء، ولكنّهم دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم، ومنعهم من الدّنيا علمهم بالآخرة، فقالوا: الحمد للّه الّذي أذهب عنّا الحزن. أما واللّه ما أحزنهم حزن النّاس، ولا تعاظم في نفوسهم شيءٌ طلبوا به الجنّة، أبكاهم الخوف من النّار، وإنّه من لم يتعزّ بعزاء اللّه تقطّع نفسه على الدّنيا حسراتٍ، ومن لم ير للّه نعمةً إلّا في مطعمٍ أو في مشربٍ، فقد قلّ علمه وحضر عذابه.
وقوله: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا} أي: إذا سفه عليهم الجهّال بالسّيّئ، لم يقابلوهم عليه بمثله، بل يعفون ويصفحون، ولا يقولون إلّا خيرًا، كما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لا تزيده شدّة الجهل عليه إلّا حلمًا، وكما قال تعالى: {وإذا سمعوا اللّغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلامٌ عليكم لا نبتغي الجاهلين} [القصص: 55].
وقال الإمام أحمد: حدّثنا أسود بن عامرٍ، حدّثنا أبو بكرٍ، عن الأعمش، عن أبي خالدٍ الوالبيّ، عن النّعمان بن مقرّن المزني قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم [وسبّ رجلٌ رجلًا عنده، قال: فجعل الرّجل المسبوب يقول: عليك السّلام. قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أما] إنّ ملكًا بينكما يذبّ عنك، كلّما شتمك هذا قال له: بل أنت وأنت أحقّ به. وإذا قال له: عليك السّلام، قال: لا بل عليك، وأنت أحقّ به. " إسناده حسنٌ، ولم يخرجوه.
وقال مجاهدٌ: {قالوا سلامًا} يعني: قالوا: سدادًا.
وقال سعيد بن جبيرٍ: ردّوا معروفًا من القول.
وقال الحسن البصريّ: {قالوا [سلامًا}، قال: حلماء لا يجهلون]، وإن جهل عليهم حلموا. يصاحبون عباد اللّه نهارهم بما تسمعون، ثمّ ذكر أن ليلهم خير ليل).[تفسير ابن كثير: 6/ 121-122]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {والّذين يبيتون لربّهم سجّدًا وقيامًا} أي: في عبادته وطاعته، كما قال تعالى: {كانوا قليلا من اللّيل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون} [الذّاريات: 17 -18]، وقال {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربّهم خوفًا وطمعًا وممّا رزقناهم ينفقون} [السّجدة: 16] وقال {أمّن هو قانتٌ آناء اللّيل ساجدًا وقائمًا يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربّه} الآية [الزّمر: 9] ولهذا قال: {والّذين يقولون ربّنا اصرف عنّا عذاب جهنّم إنّ عذابها كان غرامًا} أي: ملازمًا دائمًا، كما قال الشّاعر:
إن يعذّب يكن غرامًا، وإن يعـ = ط جزيلا فإنّه لا يبالي...
ولهذا قال الحسن في قوله: {إنّ عذابها كان غرامًا}: كلّ شيءٍ يصيب ابن آدم ويزول عنه فليس بغرام، وإنما الغرام اللازم ما دامت السموات والأرض. وكذا قال سليمان التّيميّ.
وقال محمّد بن كعبٍ [القرظيّ]: {إنّ عذابها كان غرامًا} يعني: ما نعموا في الدّنيا؛ إنّ اللّه سأل الكفّار عن النّعمة فلم يردّوها إليه، فأغرمهم فأدخلهم النّار). [تفسير ابن كثير: 6/ 123]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّها ساءت مستقرًّا ومقامًا} أي: بئس المنزل منظرًا، وبئس المقيل مقامًا.
[و] قال ابن أبي حاتمٍ عند قوله: {إنّها ساءت مستقرًّا ومقامًا}: حدّثنا أبي، حدّثنا الحسن بن الرّبيع، حدّثنا أبو الأحوص عن الأعمش، عن مالك بن الحارث قال: إذا طرح الرّجل في النّار هوى فيها، فإذا انتهى إلى بعض أبوابها قيل له: مكانك حتّى تتحف، قال: فيسقى كأسًا من سمّ الأساود والعقارب، قال: فيميّز الجلد على حدةٍ، والشّعر على حدةٍ، والعصب على حدةٍ، والعروق على حدةٍ.
وقال أيضًا: حدّثنا أبي، حدّثنا الحسن بن الرّبيع، حدّثنا أبو الأحوص، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، عن عبيد بن عميرٍ قال: إنّ في النّار لجبابًا فيها حيّاتٌ أمثال البخت، وعقارب أمثال البغال الدّلم، فإذا قذف بهم في النّار خرجت إليهم من أوطانها فأخذت بشفاههم وأبشارهم وأشعارهم، فكشطت لحومهم إلى أقدامهم، فإذا وجدت حرّ النّار رجعت.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا الحسن بن موسى، حدّثنا سلّامٌ -يعني ابن مسكينٍ -عن أبي ظلالٍ، عن أنس بن مالكٍ -رضي اللّه عنه -عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّ عبدًا في جهنّم لينادي ألف سنةٍ: يا حنّان، يا منّان. فيقول اللّه لجبريل: اذهب فآتني بعبدي هذا. فينطلق جبريل فيجد أهل النّار منكبين يبكون، فيرجع إلى ربّه عزّ وجلّ فيخبره، فيقول اللّه عزّ وجلّ: آتني به فإنّه في مكان كذا وكذا. فيجيء به فيوقفه على ربّه عزّ وجلّ، فيقول له: يا عبدي، كيف وجدت مكانك ومقيلك؟ فيقول: يا ربّ شرّ مكانٍ، شرّ مقيلٍ. فيقول: ردّوا عبدي. فيقول: يا ربّ، ما كنت أرجو إذ أخرجتني منها أن تردّني فيها! فيقول: دعوا عبدي). [تفسير ابن كثير: 6/ 123]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {والّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا} أي: ليسوا بمبذّرين في إنفاقهم فيصرفون فوق الحاجة، ولا بخلاء على أهليهم فيقصّرون في حقّهم فلا يكفونهم، بل عدلا خيارًا، وخير الأمور أوسطها، لا هذا ولا هذا، {وكان بين ذلك قوامًا}، كما قال: {ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولا تبسطها كلّ البسط فتقعد ملومًا محسورًا} [الإسراء: 29].
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عصام بن خالدٍ، حدّثني أبو بكر بن عبد اللّه بن أبي مريم الغسّانيّ، عن ضمرة، عن أبي الدّرداء، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "من فقه الرّجل رفقه في معيشته". ولم يخرجوه.
وقال [الإمام] أحمد أيضًا: حدّثنا أبو عبيدة الحدّاد، حدّثنا سكين بن عبد العزيز العبدي، حدّثنا إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما عال من اقتصد". ولم يخرجوه.
وقال الحافظ أبو بكرٍ البزّار: حدّثنا أحمد بن يحيى، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن ميمونٍ حدّثنا سعيد بن حكيمٍ، عن مسلم بن حبيبٍ، عن بلالٍ -يعني العبسيّ -عن حذيفة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم "ما أحسن القصد في الغنى، وأحسن القصد في الفقر، وأحسن القصد في العبادة" ثمّ قال: لا نعرفه يروى إلّا من حديث حذيفة رضي اللّه عنه.
وقال إياس بن معاوية: ما جاوزت به أمر اللّه فهو سرفٌ.
وقال غيره: السّرف النّفقة في معصية اللّه.
وقال الحسن البصريّ: ليس النّفقة في سبيل اللّه سرفًا [واللّه أعلم] ). [تفسير ابن كثير: 6/ 123-124]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:26 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة