العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 شعبان 1431هـ/18-07-2010م, 03:10 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي التفسير اللغوي لسورة إبراهيم

التفسير اللغوي لسورة إبراهيم


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 9 محرم 1432هـ/15-12-2010م, 05:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 17]

{الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7) وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9) قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10) قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11) وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14) وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)}

تفسير قوله تعالى: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قول الله عزّ وجل: {إلى صراط العزيز الحميد...}
{اللّه الّذي...}
يخفض في الإعراب ويرفع. الخفض على أن تتبعه (الحميد) والرّفع على الاستئناف لانفصاله من الآية؛ كقوله عزّ وجلّ: {إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة}
إلى آخر الآية، ثم قال {التّائبون} وفي قراءة عبد الله (التائبين) كل ذلك صواب). [معاني القرآن: 2/67]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (ألر) ساكن لأنه جرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن مجاز حروف التهجي، ومجاز موضعه في المعنى كمجاز ابتداء فواتح سائر السور.
{كتابٌ أنزلناه إليك} مجازه مستأنف أو مختصر فيه ضمير كقولك: هذا كتاب أنزلناه إليك، وفي آية أخرى: {ألم * ذلك الكتاب} وفي غيرها ما قد أظهر). [مجاز القرآن: 1/335]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج النّاس من الظّلمات إلى النّور بإذن ربّهم إلى صراط العزيز الحميد}
(كتاب) مرفوع على خبر الابتداء، المعنى هذا كتاب أنزلناه إليك.
وقال بعضهم كتاب مرتفع بقوله (الر) و (الر) ليست هي الكتاب إنما هي شيء من الكتاب. ألا ترى قوله {الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين}.
فإنما الكتاب جملة الآيات وجملة القرآن.
وقوله: {لتخرج النّاس من الظّلمات إلى النّور بإذن ربّهم}.
{الظلمات} ما كانوا فيه من الكفر، لأن الكفر غير بين فمثل بالظلمات.
والإيمان بين نيّر فمثل بالنور، والباء متصلة بـ يخرج، المعنى ليخرج الناس بإذن ربّهم، أي بما أذن اللّه لك من تعليمهم، ويجوز أن يكون بإذن ربّهم أنه لا يهتدي مهتد إلا بإذن اللّه ومشيئته، ثم بيّن ما النور فقال:
{إلى صراط العزيز الحميد} {الحميد} خفض من صفة (العزيز) ويجوز الرفع على معنى الحميد اللّه ويرتفع {الحميد} بالابتداء وقولك " اللّه " خبر الابتداء، ويجوز أن يرفع اللّه ويخفض {الحميد} على ما وصفنا.
ويكون اسم اللّه يرتفع بالابتداء). [معاني القرآن: 3/154-153]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( قوله تبارك وتعالى: {الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم}
الظلمات الكفر والنور الإسلام على التمثيل لأن الكفر بمنزلة الظلمة، والإسلام بمنزلة النور
والباء في قوله: {بإذن ربهم} متعلقة بقوله: {لتخرج الناس} والمعنى في قوله: {بإذن ربهم} أنه لا يهتدي أحد إلا بإذن الله
ويجوز أن يكون المعنى بتعليمك إياهم
ثم بين النور فقال إلى صراط العزيز الحميد). [معاني القرآن: 3/514-513]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2)}

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يستحبّون الحياة الدّنيا على الآخرة} يختارون.
{ويبغونها عوجاً} يلتمسون، ويحتالون لها عوجاً، مكسور الأول مفتوح الثاني وذلك في الدّين وغيره، وفي الأرض مما لم يكن قائماً وفي الحائط وفي الرمح وفي السّن عوج وهو مفتوح الحروف). [مجاز القرآن: 1/335]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {الّذين يستحبّون الحياة الدّنيا على الآخرة ويصدّون عن سبيل اللّه ويبغونها عوجاً أولئك في ضلالٍ بعيدٍ}
قال: {يستحبّون الحياة الدّنيا على الآخرة} فأوصل الفعل بـ"على" كما قالوا "ضربوه في السيف" يريدون "بالسيف". وذلك أن هذه الحروف يوصل بها كلها وتحذف نحو قول العرب: "نزلت زيداً" تريد "نزلت عليه"). [معاني القرآن: 2/58]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {يستحبون الحياة الدنيا}: يختارون). [غريب القرآن وتفسيره: 196]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {الّذين يستحبّون الحياة الدّنيا على الآخرة ويصدّون عن سبيل اللّه ويبغونها عوجا أولئك في ضلال بعيد}
{ويبغونها عوجا}.
أي يطلبون غير سبيل القصد وصراط الله وهو القصد، والعوج في الدين مبني على فعل، وفي العصا عوج بفتح العين.
ونصب (عوجا) على الحال مصدر موضوع في موضع الحال). [معاني القرآن: 3/154]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ومعنى قوله تعالى: {ويبغونها عوجا}
ويطلبون غير القصد). [معاني القرآن: 3/514]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَسْتَحِبُّونَ}: يختارون). [العمدة في غريب القرآن: 169]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما أرسلنا من رّسولٍ إلاّ بلسان قومه ليبيّن لهم...}
يقول: ليفهمهم وتلزمهم الحجّة. ثم قال عز وجل: {فيضلّ اللّه من يشاء} فرفع لأنّ النيّة فيه الاستئناف لا العطف على ما قبله. ومثله {لنبيّن لكم ونقرّ في الأرحام ما نشاء}
ومثله في براءة {قاتلوهم يعذّبهم الله بأيدكم} ثم قال {ويتوب الله على من يشاء} فإذا رأيت الفعل منصوباً وبعده فعل قد نسق عليه بواو أو فاء أو ثمّ أو أو فإن كان يشاكل معنى الفعل الذي قبله نسقته عليه. وإن رأيته غير مشاكل لمعناه استأنفته فرفعته.
فمن المنقطع ما أخبرتك به. ومنه قول الله عز وجل: {والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الّذين يتّبعون الشّهوات} رفعت {ويريد الذين} لأنها لا تشاكل {أن يتوب} ألا ترى أن ضمّك إيّاهما لا يجوز، فاستأنفت أو رددته على قوله: {والله يريد} ومثله {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلاّ أن يتمّ نوره} فيأبى في موضع رفع لا يجوز إلا ذلك.
ومثله قوله:

والشعر لا يسطيعه من يظلمه = يريد أن يعربه فيعجمه
وكذلك تقول: آتيك أن تأتيني وأكرمك فتردّ (أكرمك) على الفعل الأول لأنه مشاكل له وتقول آتيك أن تأتيني وتحسن إليّ فتجعل (وتحسن) مردوداً على ما شاكلها ويقاس على هذا). [معاني القرآن: 2/68-67]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وما أرسلنا من رسول إلّا بلسان قومه ليبيّن لهم فيضلّ اللّه من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم}
أي بلغة قومه ليعقل عنه قومه، {فيضل اللّه من يشاء}، الرفع هو الوجه وهو الكلام وعليه القراءة، والمعنى إنما وقع الإرسال للبيان لا للإضلال.
ويجوز النصب على وجه بعيد، فيكون {ليبيّن لهم فيضلّ اللّه من يشاء ويهدي}، ويكون سبب الإضلال الصيرورة إليه كما قال: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوّا وحزنا}،
أي التقطوه فآل ذلك إلى أن صار لهم عدوا وحزنا، ولم يلتقطوه هم ليكون لهم عدوا وحزنا، وكذلك يكون: (فيضلّ اللّه من يشاء)، أي فيؤول الأمر إلى أن يضلوا فيضلهم اللّه.
والقول الأول هو القول وعليه القراءة). [معاني القرآن: 3/154]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه}
أي بلغة قومه ليبين لهم أي ليفهمهم لتقوم عليهم الحجة). [معاني القرآن: 3/515-514]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {إلا بلسان قومه} أي: بلغة قومه). [ياقوتة الصراط: 285]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وذكّرهم بأيّام اللّه...}
يقول: خوّفهم بأيّام عاد وثمود وأشباههم بالعذاب وبالعفو عن آخرين. وهو في المعنى كقولك: خذهم بالشدّة واللين). [معاني القرآن: 2/68]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وذكرهم بأيام الله}: أيامه: نعمه). [غريب القرآن وتفسيره: 196]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وذكّرهم بأيّام اللّه} أي بأيام النّعم). [تفسير غريب القرآن: 230]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظّلمات إلى النّور وذكّرهم بأيّام اللّه إنّ في ذلك لآيات لكلّ صبّار شكور} أي البرهان الذي دل على صحة نبوته، نحو إخراج يده بيضاء وكون العصا حيّة.
وقوله عزّ وجلّ: {أن أخرج قومك}.
أي بأن أخرج قومك. المعنى أرسلناه بأن يخرج قومه {من الظلمات إلى النور}، أي من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام.
و " أن " ههنا يصلح أن يكون لي معنى " أن " المخففة، وتكون مفسّرة، ويكون المعنى ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أي أخرج قومك، كأن المعنى قلنا له: أخرج قومك، ومثل هذا: {وانطلق الملأ منهم أن امشوا} أي امشوا. والتأويل: قالوا لهم: امشوا.
قال سيبويه تقول كتبت إليه أن قم، وأمرته أن قم، إن شئت كانت " أن " وصلت بالأمر، والتأويل تأويل الخبر، المعنى كتبت إليه أن يقوم وأمرته أن يقوم، إلا أنها وصلت بلفظ الأمر للمخاطب، والمعنى معنى الخبر، كما تقول، أنت الذي فعلت، والمعنى أنت الذي فعل، قال: ويجوز أن يكون في معنى أي، ومثله أرسلت إليه أن ما أنت وذا.
وقوله: {وذكّرهم بأيّام اللّه}.
{وذكّرهم} عطف على {اخرج}، وتذكيرهم بأيام اللّه، أي تذكيرهم بنعم أيام الله عليهم، وبنقم اللّه التي انتقم فيها من قوم نوح وعاد وثمود، أي ذكرهم بالأيام التي سلفت لمن كفر وما نزل بهم فيها، وذكرهم. بنعم اللّه.
والدليل على أن التذكير مشتمل على الإنذار والتّحذير مما نزل بمن قبلهم قوله عزّ وجلّ بعد هذه الآية: {ألم يأتكم نبأ الّذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والّذين من بعدهم لا يعلمهم إلّا اللّه جاءتهم رسلهم بالبيّنات فردّوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنّا كفرنا بما أرسلتم به وإنّا لفي شكّ ممّا تدعوننا إليه مريب}. [معاني القرآن: 3/155-154]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا}
قال مجاهد أي بالآيات البينات يعني قوله: {ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات}
وقوله تعالى: {وذكرهم بأيام الله}
قال أبي بن كعب أي بنعم الله
وقال غيره بإهلاكه من قبلهم وبانتقامه منهم بكفرهم). [معاني القرآن: 3/515]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وذكرهم بأيام الله} أي بنعمة الله. وقيل: أيامه في القرون الخالية، أي: كيف أهلكهم بكفرهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 121]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بِأَيَّامِ اللهِ}: نعم الله). [العمدة في غريب القرآن: 169]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله ها هنا: {ويذبّحون...}
وفي موضع آخر {يذبّحون} بغير واو وفي موضع آخر {يقتّلون} بغير واو. فمعنى الواو أنهم يمسّهم العذاب غير التذبيح كأنه قال: يعذبونكم بغير الذبح وبالذبح. ومعنى طرح الواو كأنه تفسير لصفات العذاب.
وإذا كان الخبر من العذاب أو الثواب مجملاً في كلمة ثم فسرته فاجعله بغير الواو. وإذا كان أوّله غير آخره فبالواو.
فمن المجمل قول الله عز وجل: {ومن يفعل ذلك يلق آثاماً} فالآثام فيه نيّة العذاب قليله وكثيره. ثم فسّره بغير الواو فقال {يضاعف له العذاب يوم القيامة} ولو كان غير مجمل لم يكن ما ليس به تفسيراً له،
ألا ترى أنك تقول عندي دابّتان بغل وبرذون ولا يجوز عندي دابّتان وبغل وبرذونٌ وأنت تريد تفسير الدّابتين بالبغل والبرذون، ففي هذا كفاية عمّا نترك من ذلك فقس عليه.
وقوله: {وفي ذالكم بلاءٌ مّن رّبّكم عظيمٌ} يقول: فيما كان يصنع بكم فرعون من أصناف العذاب بلاء عظيم من البليّة. ويقال: في ذلكم نعم من ربّكم عظيمة إذ أنجاكم منها. والبلاء قد يكون نعماً، وعذاباً.
ألا ترى أنك تقول: إن فلاناً لحسن البلاء عندك تريد الإنعام عليك). [معاني القرآن: 2/69-68]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يسومونكم} أي يولونكم ويبلونكم). [مجاز القرآن: 1/335]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله تعالى: {وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم}
وفي موضع آخر يذبحون بغير واو
ومعنى الواو يوجب انه قد أصابهم من العذاب شيء سوى التذبيح وإذا كان بغير واو فإنما هو تبيين الأول). [معاني القرآن: 3/516]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويستحيون نساءكم} أي لا يقتلونهن من الحياة أي يدعونهن يحيين
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم اقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخهم). [معاني القرآن: 3/517-516]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم}
قال المعنى في إنجائه إياكم منهم نعمة عظيمة ويكون البلاء ههنا النعمة
وقيل فيما جرى منهم عليكم بلاء أي بلية
وقيل البلاء ههنا الاختبار). [معاني القرآن: 3/517]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإذ تأذّن ربّكم...}
معناه: أعلم ربّكم وربما قالت العرب في معنى أفعلت تفعّلت فهذا من ذلك والله أعلم. أوعدني وتوعّدني وهو كثير). [معاني القرآن: 2/69]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وإذ تأذّن ربّكم} مجازه: وآذنكم ربكم، وإذ من حروف الزوائد، وتأذن تفعل من قولهم: أذنته). [مجاز القرآن: 1/335]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وإذ تأذّن ربّكم} مبين في سورة الأعراف). [تفسير غريب القرآن: 230]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم}
تأذن بمعنى أعلم من قولهم آذنه فأذن بالأمر وهذا كما يقال توعدته وأوعدته بمعنى واحد). [معاني القرآن: 3/517]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)}

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فردّوا أيديهم في أفواههم...}
جاء فيها أقاويل. حدثنا محمّد قال حدّثنا الفراء قال: حدثني حبّان عن الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عباس قال: كانوا إذا جاءهم الرسول قالوا له: اسكت وأشاروا بأصابعهم إلى أفواه أنفسهم؛ كما تسكّت أنت - قال: وأشار لنا الفراء بأصبعه السبّابة على فيه - ردّا عليهم وتكذيبا. وقال بعضهم: كانوا يكذّبونهم ويردّون القول بأيديهم إلى أفواه الرسل وأشار لنا الفراء هكذا بظهر كفه إلى من يخاطبه. قال وأرانا ابن عبد الله الإشارة في الوجهين (وأرانا الشيخ ابن العباس بالإشارة بالوجهين) وقال بعضهم: فردّوا أيديهم في أفواههم يقول ردّوا ما لو قبلوه لكان نعماً وأيادي من الله في أفواههم، يقول بأفواههم أي بألسنتهم. وقد وجدنا من العرب من يجعل (في) موضع الباء فيقول: أدخلك الله بالجنّة يريد: في الجنة.
قال: وأنشدني بعضهم:
وأرغب فيها عن لقيطٍ ورهطه = ولكنّني عن سنبس لست أرغب
فقال: أرغب فيها يعني بنتاً له. أي إني أرغب بها عن لقيط). [معاني القرآن: 2/70-69]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فردّوا أيديهم في أفواههم} مجازه مجاز المثل، وموضعه موضع كفوا عما أمروا بقوله من الحق ولم يؤمنوا به ولم يسلموا،
ويقال: رد يده في فمه، أي أمسك إذا لم يجب). [مجاز القرآن: 1/336]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ردوا أيديهم في أفواههم}: هذا مثل، كفوا عما أمروا به ولم يسلموا). [غريب القرآن وتفسيره: 196]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فردّوا أيديهم في أفواههم} قال أبو عبيدة: تكروا ما أمروا به، ولم يسلموا.
ولا أعلم أحدا قال: ردّ يده في فيه، إذا أمسك عن الشيء! والمعنى: ردّوا أيديهم في أفواههم، أي عضّوا عيها حنقا وغيظا، كما قال الشاعر:
يردّون في فيه عشر الحسود
يعني: أنهم يغيظون الحسود حتى يعض على أصابعه العشر ونحوه قول الهذلي:
قد أفنى أنامله أزمه فأضحى بعضّ على الوظيفا
يقول: قد أكل أصابعه حتى أفناها بالعض، فأضحى بعضّ عليّ وظيف الذراع. وهكذا فسر هذا الحرف ابن مسعود واعتباره قوله عز وجل في موضع آخر: {وإذا خلوا عضّوا عليكم الأنامل من الغيظ} ). [تفسير غريب القرآن: 231-230]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ألم يأتكم نبأ الّذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والّذين من بعدهم لا يعلمهم إلّا اللّه جاءتهم رسلهم بالبيّنات فردّوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنّا كفرنا بما أرسلتم به وإنّا لفي شكّ ممّا تدعوننا إليه مريب}
أي ألم يأتهم أخبار أولئك والنوازل بهم، {لا يعلمهم إلّا اللّه}.
فأعلم الله أن بعد هؤلاء أمما قد مضى من كان يعلم أنباءها، ومن هذا
قيل: كذب النّسّابون لأنهم لا يعلمون من كان بعد هؤلاء.
وهذا يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
{جاءتهم رسلهم بالبيّنات فردّوا أيديهم في أفواههم}.
يروى عن ابن مسعود أنهم عضوا أناملهم غيظا مما أتتهم به الرسل.
وقيل: {ردّوا أيديهم في أفواههم}، أومأوا إلى الرسل أن اسكتوا.
وقيل ردوا أيديهم، الهاء والميم يرجعان على الرسل، المعنى ردوا أيدي الرسل أي نعم الرسل لأن مجيئهم بالبيّنّات نعم، تقول: لفلان عندي يد أي نعمة، ومعنى في أفواههم بأفواههم،
أي ردوا تلك النعم بالنطق بالتكذيب لما جاءت به الرسل، والمعنى أن الردّ جاء في هذه الجهة، وفي معناها، كما تقول: جلست في البيت، وجلست بالبيت.
وقالوا: {وقالوا إنّا كفرنا بما أرسلتم به} هذا هو الرد). [معاني القرآن: 3/156-155]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( قوله تعالى: {والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله}
روى سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون ورواه إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله في قوله: {والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله قال كذب النسابون}
وروي عن ابن عباس قال بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أبا لا يعرفون
وروي عن عروة بن الزبير أنه قال ما وجدنا أحدا يعرف ما بين عدنان وإسماعيل
وقوله تعالى: {جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم}
في معنى هذا أقوال:
أ-قال مجاهد ردوا على الرسل قولهم وكذبوهم
ب-قال قتادة ردوا على الرسل ما جاءوا به
فهذا على التمثيل وهو مذهب أبي عبيدة أي تركوا ما جاءهم به الرسل فكانوا بمنزلة من رده إلى فيه وسكت فلم يقل
وقيل فردوا أيديهم في أفواههم ردوا ما لو قبلوه كان نعما في أفواههم أي بأفواههم أي بألسنتهم
ج- وقيل ردوا نعم الرسل لأن إرسالهم نعم عليهم بالنطق وبالتكذيب
د- وفي الآية قول رابع وهو أولاها وأجلها إسنادا
قال أبو عبيد حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله في قوله:
{فردوا أيديهم في أفواههم} قال عضوا عليها غيضا
قال أبو جعفر والدليل على صحة هذا القول قوله عز وجل: {وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ}
قال الشاعر:

لو أن سلمى أبصرت تخددي = ودقة في عظم ساقي ويدي
وبعد أهلي وجفاء عودي = عضت من الوجد بأطراف اليد).
[معاني القرآن: 3/520-518]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فردوا أيديهم في أفواههم} أي ليعضوا عليها حنقا وغيظا. وقيل: معناه كفروا بما أمروا به.
وقيل: وضعوا أيديهم على أفواه الرسل ليسكتوهم. وقيل: جعلوا أيديهم على أفواههم يشيرون بذلك إلى تسكيت الرسل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 121]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رَدُّوا أَيْدِيَهم}: سكتوا فلم يجيبوا). [العمدة في غريب القرآن: 169]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فاطر} أي خالق.
{ليغفر لكم من ذنوبكم} مجازه: ليغفر لكم ذنوبكم، ومن؛ من حروف الزوائد، وفي آية أخرى: {فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين} مجازه: ما منكم أحد،
وقال أبو ذويب:
جزيتك ضعف الحبّ لمّا شكوته= وما إن جزاك الضّعف من أحدٍ قبلي
أي أحدٌ قبلي). [مجاز القرآن: 1/336]

تفسير قوله تعالى:{قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)}
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ولكن الله يمن على من يشاء من عباده} أي: يتفضل على من يشاء.
قال ثعلب: والمن من الله - عز وجل - محمود، لأنه تفضل منه، والمن من العباد مذموم، لأنهم يعددون نعمهم على الإنسان، ومنه قوله - جل وعز: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ}.
قال ثعلب: فأجمع أهل اللغة كلهم على أن المن من الله محمود، لأنه تفضل، وأن المن من العباد مذموم، لأنهم يعددون نعمهم، ولأن المن من العباد مذموم، وأنه من الله - جل وعز - نعمة وتفضل، ومن الآدميين تقريع وتوبيخ أو من). [ياقوتة الصراط: 286-285]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)}

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وقال الّذين كفروا لرسلهم لنخرجنّكم مّن أرضنا أو لتعودنّ في ملّتنا...}
قال {أو لتعودنّ} فجعل فيها لاماً كجواب اليمين وهي في معنى شرط، مثله من الكلام أن تقول: والله لأضربنّك أو تقرّ لي: فيكون معناه معنى حتّى أو إلاّ، إلا أنها جاءت بحرف نسق. فمن العرب من يجعل الشرط متبعاً للذي قبله، إن كانت في الأول لام كان في الثاني لام، وإن كان الأول منصوبا أو مجزوماً نسقوا عليه كقوله: {أو لتعودنّ} ومن العرب من ينصب ما بعد أو ليؤذن نصبه بالانقطاع عمّا قبله.
وقال الشاعر:

لتقعدنّ مقعد القصي = منّي ذي القاذورة المقلي
أو تحلفي بربّك العليّ = أنيّ أبو ذيّالك الصبيّ
فنصب (تحلفي) لأنه أراد: أن تحلفي. ولو قال أو لتحلفنّ كان صوابا
ومثله قول امرئ القيس:

بكى صاحبي لمّا رأى الدرب دونه = وأيقن أنّا لاحقان بقيصرا
فقلت له لا تبك عينك إنّما = نحاول ملكا أو نموت فنعذرا
فنصب آخره ورفع (نحاول) على معنى إلاّ أو حتى. وفي إحدى القراءتين: {تقاتلونهم أو يسلموا} والمعنى - والله أعلم - تقاتلونهم حتى يسلموا.
وقال الشاعر:
لا أستطيع نزوعاً عن مودّتها = أو يصنع الحبّ بي غير الذي صنعا
وأنت قائل في الكلام: لست لأبي إن لم أقتلك أو تسبقني في الأرض فتنصب (تسبقني) وتجزمها. كأنّ الجزم في جوازه: لست لأبي إن لم يكن أحد هذين، والنصب على أنّ آخره منقطع عن أوّله؛ كما قالوا: لا يسعني شيء ويضيق عنك، فلم يصلح أن تردّ (لا) على (ويضيق) فعلم أنها منقطعة من معناها.
كذلك قول العرب: لو تركت والأسد لأكلك لمّا جاءت الواو تردّ اسماً على اسم قبله، وقبح أن تردّ الفعل الذي رفع الأوّل على الثاني نصب؛ ألا ترى أنك لا تقول لو تركت وترك الأسد لأكلك. فمن ها هنا أتاه النصب. وجاز الرفع لأن الواو حرف نسق معروف فجاز فيه الوجهان للعلّتين). [معاني القرآن: 2/71-70]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أو لتعودنّ في ملّتنا} أي في ديننا وأهل ملتنا). [مجاز القرآن: 1/336]

تفسير قوله تعالى: {وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ذلك لمن خاف مقامي...}
معناه: ذلك لمن خاف مقامه بين يديّ ومثله قوله: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون} معناه: رزقي إيّاكم أنكم تكذّبون والعرب تضيف أفعالها إلى أنفسها وإلى ما أوقعت عليه، فيقولون: قد ندمت على ضربي إيّاك وندمت على ضربك فهذا من ذلك والله أعلم). [معاني القرآن: 2/71]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {خاف مقامي} مجازه: حيث أقيمه بين يدي للحساب). [مجاز القرآن: 1/337]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد}
أي ذلك لمن خاف مقامه بين يديه والمصدر يضاف إلى الفاعل وإلى المفعول لأنه متشبث بهما). [معاني القرآن: 3/520]

تفسير قوله تعالى: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {واستفتحوا} مجازه: واستنصروا.
عنود وعنيدٍ وعاند كلها، واحد والمعنى جائر عاند عن الحق، قال:
إذا نزلت فاجعلاني وسطا=إنّي كبير لا أطيق العنّدا).
[مجاز القرآن: 1/337]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {واستفتحوا} أي استنصروا. {وخاب كلّ جبّارٍ عنيدٍ} ). [تفسير غريب القرآن: 231]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {واستفتحوا وخاب كلّ جبّار عنيد}
{استفتحوا} يعنى به الرسل، سألوا اللّه أن يفتح عليهم أي ينصرهم.
وكل نصر فهو فتح، والجبّار الذي لا يرى لأحد عليه حقّا، والعنيد الذي يعدل عن القصد، يقال جبّار بين الجبريّة، والجبريّة - بكسر الجيم - والجبرية بكسر الجيم والباء، والجبروّة والجبروّة، والتجبار والجبرياء، والجبّورة والجبروت).
[معاني القرآن: 3/156]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله تعالى: {واستفتحوا}
قال مجاهد وقتادة واستنصروا
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستفتح القتال بصعاليك المهاجرين
ثم قال تعالى: {وخاب كل جبار عنيد}
قال أبو إسحاق الجبار عند أهل اللغة الذي لا يرى لأحد عليه حقا
قال مجاهد العنيد المعاند المجانب للحق
وقال قتادة العنيد الذي أبى أن يقول لا إله إلا الله). [معاني القرآن: 3/521]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {واستفتحوا} أي استنصروا.
{وخاب كل جبار عنيد} أي خسر، و(عنيد) مثل معاند). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 121]

تفسير قوله تعالى: {مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {من ورائه جهنّم} مجازه: قدامه وأمامه، يقال إن الموت من ورائك أي قدامك، وقال:
أتوعدني وراء بني رياحٍ= كذبت لتقصرنّ يداك دوني
أي قدام بني رياح وأمامهم، وهم دوني أي بيني وبينك، وقال:
أترجو بني مروان سمعي وطاعتي= وقومي تميم والفلاة ورائيا
وقال: {من ماءٍ صديدٍ} والصديد القيح والدّم). [مجاز القرآن: 1/338-337]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {مّن ورائه جهنّم ويسقى من مّاء صديدٍ}
وقال: {مّن ورائه} أي: من أمامه. وإنما قال: {وراء} أي: أنه وراء ما هو فيه كما تقول للرجل: "هذا من ورائك" أي: "سيأتي عليك" و"هو من وراء ما أنت فيه" لأنّ ما أنت فيه قد كان مثل ذلك فهو وراؤه. وقال: {وكان وراءهم مّلكٌ} في هذا المعنى. أي: كان وراء ما هم فيه). [معاني القرآن: 2/58]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ومن ورائه جهنّم} أي أمامه.
{ويسقى من ماءٍ صديدٍ} والصديد: القيح والدم. أي يسقى الصديد مكان الماء. كأنه قال: يجعل ماؤه صديدا.
ويجوز أن يكون على التشبيه. أي يسقى ماء كأنه صديد). [تفسير غريب القرآن: 231]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {من ورائه جهنّم ويسقى من ماء صديد} أي جهنم بين يديه، و " وراء " يكون لخلف وقدّام، وإنما معناه ما توارى عنك
أي ما استتر عنك، وليس من الأضداد كما يقول بعض أهل اللغة، قال النابغة:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة= وليس وراء الله للمرء مذهب
أي ليس بعد مذاهب الله للمرء مذهب.
{ويسقى من ماء صديد} أي مما يسيل من أهل النّار من الدّم والقيح). [معاني القرآن: 3/157-156]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {من ورائه جهنم} أي من أمامه وليس من الأضداد ولكنه من توارى أي استتر
ثم قال تعالى: {ويسقى من ماء صديد}
قال ابن عباس أي قد خالط لحمه ودمه
قال الضحاك يعني القيح والصديد
وقال مجاهد هو القيح والصديد
وقال غيره يجوز أن يكون هذا تمثيلا أي يسقى ما هو بمنزلة القيح والصديد
ويجوز أن يكون يسقى القيح والصديد). [معاني القرآن: 3/522-521]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {من ورائه جهنم} أي من أمامه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 122]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مِنْ وَرَائِهِ}: قدامه.
(الصَّديدُ): ما يسيل من جلودهم). [العمدة في غريب القرآن: 169]

تفسير قوله تعالى: {يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا يكاد يسيغه...}
فهو يسيغه. والعرب قد تجعل (لا يكاد) فيما قد فعل وفيما لم يفعل. فأمّا ما قد فعل فهو بيّن هنا من ذلك لأن الله عزّ وجلّ يقول لما جعله لهم طعاماً
{إنّ شجرّة الزّقّوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون} فهذا أيضاً عذاب في بطونهم يسيغونه. وأمّا ما دخلت فيه (كاد) ولم يفعل فقولك في الكلام: ما أتيته ولا كدت،
وقول الله عزّ وجلّ في النور {إذا أخرج يده لم يكد يراها} فهذا عندنا - والله أعلم - أنه لا يراها. وقد قال ذلك بعض الفقهاء لأنها لا ترى فيما هو دون هذا من الظلمات،
وكيف بظلمات قد وصفت بأشدّ الوصف.
وقوله: {ويأتيه الموت من كلّ مكانٍ}: ... حدثني حبّان عن الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عباس قال: (يأتيه الموت) يعني: يأتيه العذاب من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله. حدثني هشيم عن العوّام بن حوشب عن إبراهيم التّيمي قال: من كل شعرة.
وقوله: {وما هو بميّتٍ} العرب إذا كان الشيء قد مات قالوا: ميت وميّت. فإن قالوا: هو ميت إن ضربته قالوا: مائت وميّت. وقد قرأ بعض القراء {إنّك مائتٌ وإنّهم مائتون} وقراءة العوامّ على (ميّت). وكذلك يقولون هذا سيّد قومه وما هو بسائدهم عن قليل، فيقولون: بسائدهم وسيّدهم، وكذلك يفعلون في كل نعت مثل طمع، يقال: طمعٌ إذا وصف بالطمع، ويقال هو طامع أن يصيب منك خيراً، ويقولون: هو سكران إذا كان في سكره، وما هو ساكر عن كثرة الشراب، وهو كريم إذا كان موصوفاً بالكرم، فإن نويت كرماً يكون منه فيما يستقبل قلت: كارم). [معاني القرآن: 2/72-71]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ومن ورائه جهنم}: أي قدامه وأمامه يقال الموت من وراء يده.
(الصديد): القيح والدم). [غريب القرآن وتفسيره: 197]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ويأتيه الموت من كلّ مكانٍ} أي من كل مكان من جسده. {وما هو بميّتٍ} ). [تفسير غريب القرآن: 231]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):(وراء) تكون بمعنى (خلف) وبمعنى (قدّام).
ومنها المواراة والتّواري. فكلّ ما غاب عن عينك فهو وراء، كان قدّامك أو خلفك.
قال الله عز وجل: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا}، أي أمامهم.
وقال: {مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ}، أي أمامهم.
وقال: {وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} ). [تأويل مشكل القرآن: 189] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {يتجرّعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كلّ مكان وما هو بميّت ومن ورائه عذاب غليظ }
أي لا يقدر على ابتلاعه، يقال ساغ لي الشراب وأسغته.
{ومن ورائه عذاب غليظ} أي من بعد ذلك). [معاني القرآن: 3/157]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {يتجرعه ولا يكاد يسيغه} أي يبلعه
ثم قال تعالى: {ويأتيه الموت من كل مكان} أي من كل مكان من جسده
ثم قال تعالى: {وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ} أي من أمامه عذاب جهنم
حدثني أحمد بن محمد بن الحجاج قال حدثنا أحمد بن الحسين قال قال فضيل بن عياض في قول الله تبارك وتعالى: {ومن ورائه عذاب غليظ} قال حبس الأنفاس). [معاني القرآن: 3/523]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 9 محرم 1432هـ/15-12-2010م, 05:07 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 18 إلى 34]

{مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (18) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20) وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (21) وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22) وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30) قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (31) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (32) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)}

تفسير قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (18)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {مّثل الّذين كفروا بربّهم...}
أضاف المثل إليهم ثم قال {أعمالهم كرمادٍ اشتدّت به الرّيح} والمثل للأعمال والعرب تفعل
ذلك: قال الله عزّ وجلّ: {ويوم القيامة ترى الّذين كذبوا على الله وجوههم مسودّةٌ} والمعنى ترى وجوههم مسودّة. وذلك عربيّ لأنهم يجدون المعنى في آخر الكلمة فلا يبالون ما وقع على الاسم المبتدأ. وفيه أن تكرّ ما وقع على الاسم المبتدأ على الثاني كقوله: {لجعلنا لمن يكفر بالرّحمن لبيوتهم سقفاً} فأعيدت اللام في البيوت لأنها التي تراد بالسقف ولو خفضت ولم تظهر اللام كان صواباً كما قال الله عز وجل: {يسألونك عن الشّهر الحرام قتالٍ فيه}.
فلو خفض قارئ الأعمال فقال (أعمالهم كرمادٍ) كان جائزاً ولم أسمعه في القراءة.
وقد أنشدني بعضهم:

ما للجمال مشيها وئيداً = أجندلاً يحملن أم حديدا
أراد ما للجمال ما لمشيها وئيداً. وقال الآخر:
ذريني إن أمرك لن يطاعا = وما ألفيتني حلمي مضاعا
فالحلم منصوب بالإلقاء على التكرير ولو رفعته كان صوابا.
وقال {في يومٍ عاصفٍ} فجعل العصوف تابعاً لليوم في إعرابه، وإنما العصوف للريح. وذلك جائز على جهتين، إحداهما أن العصوف وإن كان للريح فإن اليوم يوصف به؛ لأن الريح فيه تكون، فجاز أن تقول يوم عاصف كما تقول: يوم بارد ويوم حارّ.
وقد أنشدني بعضهم:
* يومين غيمين ويوماً شمساً *
فوصف اليومين بالغيمين وإنما يكون الغيم فيهما. والوجه الآخر أن يريد في يوم عاصف الريح فتحذف الريح لأنها قد ذكرت في أوّل الكلمة كما قال الشاعر:
فيضحك عرفان الدروع جلودنا = إذا جاء يوم مظلم الشمس كاسف
يريد كاسف الشمس فهذان وجهان. وإن نويت أن تجعل (عاصف) من نعت الريح خاصّةً فلمّا جاء بعد اليوم أتبعته إعراب اليوم وذلك من كلام العرب أن يتبعوا الخفض الخفض إذا أشبهه.
قال الشاعر:
كأنّما ضربت قدّام أعينها = قطنا بمستحصد الأوتار محلوج
وقال الآخر:
تريك سنّة وجه غير مقرفةٍ = ملساء ليس بها خال ولا ندب
... قلت لأبي ثروان وقد أنشدني هذا البيت بخفضٍ: كيف تقول: تريك سنّة وجه غير مقرفة؟ قال: تريك سنّة وجه غير مقرفة. قلت له: فأنشد فخفض (غير) فأعدت القول عليه فقال: الذي تقول أنت أجود ممّا أقول أنا وكان إنشاده على الخفض. وقال آخر:
وإيّاكم وحيّة بطن وادٍ = هموز الناب ليس لكم بسي
وممّا يرويه نحويّونا الأوّلون أن العرب تقول: هذا جحر ضبّ خربٍ. والوجه أن يقول: سنّة وجه غير مقرفة، وحيّة بطن واد هموز الناب، وهذا جحرٍ ضبّ خربٌ.
وقد ذكر عن يحيى بن وثّاب أنه قرأ {إنّ الله هو الرّزّاق ذو القوّة المتين} فخفض المتين وبه أخذ الأعمش. والوجه أن يرفع (المتين) أنشدني أبو الجرّاح العقيليّ:
يا صاح بلّغ ذوي الزوجات كلّهم = أن ليس وصلٌ إذا انحلّت عرا الذنب
فأتبع (كلّ) خفض (الزوجات) وهو منصوب لأنه نعت لذوي). [معاني القرآن: 2/75-72]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {مثل الّذين كفروا بربّهم أعمالهم كرمادٍ} مجازه: مثل أعمال الذين كفروا بربهم كمثل رمادٍ، وتصديق ذلك من آية أخرى:
{أحسن كلّ شئٍ خلقه} مجازه: أحسن كل شئ، وقال حميد بن ثور الهلالّي:
وطعني إليك الليل حضنيه إنّني= لتلك إذا هاب الهدان فعول
أراد: وطعني حضني الليل إليك أول الليل وآخره، وإذا ثنّوه كان أكثر في كلامهم وأبين، قال:
كأن هنداً ثناياها وبهجتها= يوم التقينا على أدحال دبّاب
أراد: كأن ثنايا هند وبهجتها يوم التقينا على أدحال دبّاب.
{اشتدّت به الرّيح في يومٍ عاصفٍ} يقال: قد عصف يومنا وذاك إذا اشتدت الريح فيه، والعرب تفعل ذلك إذا كان في ظرف صفة لغيره، وجعلوا الصفة له أيضاً، كقوله:
لقد لمتنا يا أم غيلان في السّرى=ونمت وما ليل المطيّ بنائم
ويقال: يوم ماطر، وليلة ماطرة، وإنما المطر فيه وفيها). [مجاز القرآن: 1/338-339]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {مّثل الّذين كفروا بربّهم أعمالهم كرمادٍ اشتدّت به الرّيح في يومٍ عاصفٍ لاّ يقدرون ممّا كسبوا على شيءٍ ذلك هو الضّلال البعيد}
وقال: {مّثل الّذين كفروا} كأنه قال: "وممّا نقصّ عليكم مثل الذين كفروا" ثم أقبل يفسر كما قال: {مّثل الجنّة الّتي وعد المتّقون} وهذا كثير). [معاني القرآن: 2/59]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أعمالهم كرمادٍ اشتدّت به الرّيح في يومٍ عاصفٍ} أي شديد الريح. شبه أعمالهم بذلك: لأنه يبطلها ويمحقها).
[تفسير غريب القرآن: 232]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال الله عز وجل: {كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} أراد: في يوم عاصف الرّيح، فحذف،
لأنّ ذكر الرّيح قد تقدّم، فكان فيه دليل). [تأويل مشكل القرآن: 217]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {مثل الّذين كفروا بربّهم أعمالهم كرماد اشتدّت به الرّيح في يوم عاصف لا يقدرون ممّا كسبوا على شيء ذلك هو الضّلال البعيد }
{مثل الّذين كفروا بربّهم}
فهو مرفوع على معنى وفيما يتلى عليكم مثل الذين كفروا بربّهم، أو مثل الذين كفروا بربهم - فيما يتلى عليكم، وجائز أن يكون - واللّه أعلم - مثل الذين كفروا بربهم صفة الذين كفروا بربهم أعمالهم، كأنك قلت: " الذين كفروا بربهم أعمالهم"، كما تقول صفة زيد أسمر، المعنى زيد أسمر وتأويله أن كل ما يتقرب به الذين كفروا إلى اللّه فمحبط.
قال الله عزّ وجلّ: {حبطت أعمالهم في الدّنيا والآخرة}.
ومثله: (الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل اللّه أضلّ أعمالهم). [معاني القرآن: 3/157]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف}
أي لم يقبل منهم
وعاصف على النسق أي الريح فيه شديدة
ويجوز أن يكون التقدير عاصف الريح). [معاني القرآن: 3/524-523]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ألم تر أنّ الله خلق} ألم تعلم، ليس رؤية عين). [مجاز القرآن: 1/339]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20)}

تفسير قوله تعالى: {وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (21)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إنّا كنّا لكم تبعاً} جميع تابع، خرج مخرج غائب والجميع غيب). [مجاز القرآن: 1/339]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ما لنا من محيصٍ} أي معدل. يقال: حاص عن الحق يحيص، إذا زاغ وعدل). [تفسير غريب القرآن: 232]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (وكتبوا:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ} و{فَقَالَ الضُّعَفَاءُ} بواو، ولا ألف قبلها).[تأويل مشكل القرآن: 56-58] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وبرزوا للّه جميعا فقال الضّعفاء للّذين استكبروا إنّا كنّا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنّا من عذاب اللّه من شيء قالوا لو هدانا اللّه لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص}
أي جمعهم الله في حشرهم فاجتمع التابع والمتبوع.
{فقال الضعفاء}، وهم الأتباع.
{للذين استكبروا} وهم المتبوعون.
{إنّا كنّا لكم تبعا} أي اتبعناكم فيما دعوتمونا إليه، وتبعا جمع تابع، يقال تابع وتبع، مثل غائب وغيب، وجائز أن يكون تبع مصدرا سمّي به، أي كنا ذوي تبع.
وقوله عزّ وجلّ: {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا}.
(سواء) رفع بالابتداء، و (أجزعنا) في موضع الخبر.
{ما لنا من محيص}.
أي ما لنا من مهرب ولا معدل عن العذاب، يقال حاص عن الشيء يحيص، وجاص عنه يجيص في معنى واحد.
وهذه اللغة لا تجوز في القرآن ويقال: وقع في حيص بيص، وحاص باص وحاص باص، إذا وقع فيما لا يقدر أن يتخلص منه). [معاني القرآن: 3/158]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {من محيص} من معدل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 122]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {مّا أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ...}
أي الياء منصوبة؛ لأن الياء من المتكلّم تسكن إذا تحرك ما قبلها وتنصب إرادة الهاء كما قرئ {لكم دينكم ولي دين} {ولي دين} فنصبت وجزمت. فإذا سكن ما قبلها ردّت إلى الفتح الذي كان لها. والياء من (مصرخي) ساكنة والياء بعدها من المتكلم ساكنة فحرّكت إلى حركة قد كانت لها. فهذا مطّرد في الكلام.
ومثله {يا بني إنّ اللّه} ومثله {فمن تبع هداي} ومثله {محياي ومماتي}.
وقد خفض الياء من قوله: {بمصرخيّ} الأعمش ويحيى بن وثّاب جميعاً. حدثني القاسم بن معن عن الأعمش عن يحيى أنه خفض الياء. ... ولعلها من وهم القرّاء طبقة يحيى فإنه قل من سلم منهم من الوهم. ولعله ظن أن الباء في (بمصرخيّ) خافضة للحرف كله، والياء من المتكلّم خارجة من ذلك. ومما نرى أنهم أوهموا فيه قوله: {نولّه ما تولّى ونصله جهنّم} ظنّوا - والله أعلم - أن الجزم في الهاء؛ والهاء في موضع نصب، وقد انجزم الفعل قبلها بسقوط الياء منه.
وممّا أوهموا فيه قوله: {وما تنزّلت به الشياطين} وحدّث مندل بن عليّ العنزي عن الأعمش قال: كنت عند إبراهيم النخعيّ وطلحة بن مصرّف [يقرأ] {قال لمن حوله ألا تستمعون} بنصب اللام من (حوله) فقال إبراهيم: ما تزال تأتينا بحرف أشنع، إنما هي {لمن حوله} قال قلت: لا، إنما هي (حوله) قال: فقال إبراهيم يا طلحة كيف تقول؟
قال: كما قلت (لمن حوله) قال الأعمش. قلت: لحنتما لا أجالسكما اليوم.
وقد سمعت بعض العرب ينشد:
قال لها هل لك يا تافيّ = قالت له ما أنت بالمرضي
فخفض الياء من (فيّ) فإن يك ذلك صحيحاً فهو مما يلتقي من الساكنين فيخفض الآخر منهما، وإن كان له أصل في الفتح: ألا ترى أنهم يقولون: لم أره مذ اليوم ومذ اليوم والرفع في الذال هو الوجه؛ لأنه أصل حركة مذ والخفض جائز، فكذلك الياء من مصرخيّ خفضت ولها أصل في النصب.
وقوله: {إنّي كفرت بما أشركتمون} هذا قول إبليس. قال لهم: إني كنت كفرت بما أشركتمون يعني بالله عز وجل (من قبل) فجعل (ما) في مذهب ما يؤدّى عن الاسم).
[معاني القرآن: 2/76-75]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ما أنا بمصرخكم} أي بمغيثكم، ويقال: استصرخني فأصرخته، أي استعانني فأعنته واستغاثني فأغثته). [مجاز القرآن: 1/339]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وقال الشّيطان لمّا قضي الأمر إنّ اللّه وعدكم وعد الحقّ ووعدتّكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم مّن سلطان إلاّ أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم مّا أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ إنّي كفرت بما أشركتمون من قبل إنّ الظّالمين لهم عذابٌ أليمٌ}
وقال: {إلاّ أن دعوتكم} وهذا استثناء خارج كما تقول: "ما ضربته إلّا أنّه أحمق" وهو الذي في معنى "لكنّ".
وقال: {وما أنتم بمصرخيّ} فتحت ياء الإضافة لأن قبلها ياء الجميع الساكنة التي كانت في "مصرخيّ" فلم يكن من حركتها بدٌّ لأن الكسر من الياء.
وبلغنا أن الأعمش قال {بمصرخيّ} فكسر وهذه لحن لم نسمع بها من أحد من العرب ولا أهل النحو). [معاني القرآن: 2/59]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ما أنا بمصرخكم}: بمغيثكم، يقال استصرخني فلان أي استغاثني). [غريب القرآن وتفسيره: 197]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لمّا قضي الأمر} أي فرغ منه، فدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار). [تفسير غريب القرآن: 232]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ}.
يقول هذا المشركون يوم القيامة لقرنائهم من الشياطين: إنكم كنتم تأتوننا عن أيماننا، لأن إبليس قال: {لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ}
فشياطينهم تأتيهم من كل جهة من هذه الجهات بمعنى من الكيد والإضلال.
وقال المفسرون: فمن أتاه الشيطان من جهة اليمين: أتاه من قبل الدّين فلبّس عليه الحق.
ومن أتاه من جهة الشمال: أتاه من قبل الشّهوات.
ومن أتاه من بين يديه: أتاه من قبل التّكذيب بيوم القيامة والثواب والعقاب.
ومن أتاه من خلفه: خوّفه الفقر على نفسه وعلى من يخلّف بعده، فلم يصل رحما، ولم يؤدّ زكاة. فقال المشركون لقرنائهم: إنكم كنتم تأتوننا في الدنيا من جهة الدّين، فتشبّهون علينا فيه حتى أضللتمونا.
فقال لهم قرناؤهم: {بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} أي: لم تكونوا على حق فنشبّهه عليكم ونزيلكم عنه إلى باطل.
{وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ} أي: قدرة فنقهركم ونجبركم {بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ * فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ} نحن وأنتم العذاب {فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ}
يعني بالدعاء والوسوسة.
ومثل هذا قوله سبحانه: {وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} ). [تأويل مشكل القرآن: 349-348] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (السلطان: الملك والقهر، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي}.
وقال: {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ} ). [تأويل مشكل القرآن: 504]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والأمر: العذاب، قال الله تعالى: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ} أي وجب العذاب.
وقال تعالى: {وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ} ). [تأويل مشكل القرآن: 515] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقال الشّيطان لمّا قضي الأمر إنّ اللّه وعدكم وعد الحقّ ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلّا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ إنّي كفرت بما أشركتمون من قبل إنّ الظّالمين لهم عذاب أليم}
روي أنه إذا استقر أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النّار قام إبليس عليه لعنة الله خطيبا، فقال: {إنّ اللّه وعدكم وعد الحقّ}، أي وعد من أطاعه الجنة ووعد من عصاه النّار، {ووعدتكم} خلاف ذلك وما كان لي عليكم من سلطان. أي ما أظهرت لكم من حجة.
{إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي} أي أغويتكم وأضللتكم، فاتبعتموني.
ذكر اللّه - عزّ وجلّ - أن إبليس وما يقوله في القيامة تحذيرا من إضلاله وإغوائه.
{ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ} أي ما أنا بمغيثكم، ولا أنتم بمغيثي، قرئت بمصرخيّ - بفتح الياء.
كذا قرأه الناس، وقرأ حمزة والأعشى بمصرخيّ بكسر الياء، وهذه القراءة عند جميع النحويين رديئة مرذولة ولا وجه لها إلا وجه ضعيف ذكره بعض النحويين، وذلك أن ياء الإضافة إذا لم يكن قبلها ساكن حرّكت إلى الفتح:
تقول: هذا غلامي قد جاء، وذلك أن الاسم المضمر لمّا كان على حرف واحد وقد منع الإعراب حرك بأخف الحركات، كما تقول: هو قائم فتفتح الواو، وتقول: أنا قمت فتفتح النون، ويجوز إسكان الياء لثقل الياء التي قبلها كسرة، فإذا كان قبل الياء ساكن حرّكت إلى الفتح لا غير، لأن أصلها أن تحرك ولا ساكن قبلها، وإذا كان قبلها ساكن صارت حركتها لازمة لالتقاء السّاكنين،.
ومن أجاز بمصرخيّ بالكسر لزمه أن يقول: هذه عصاي أتوكأ عليها، وأجاز الفراء على وجه ضعيف الكسر لأن أصل التقاء السّاكنين الكسر، وأنشد:
قال لها هل لك يا ثافيّ= قالت له ما أنت بالمرضيّ
وهذا الشعر مما لا يلتفت إليه، وعمل مثل هذا سهل، وليس يعرف قائل هذا الشعر من العرب، ولا هو مما يحتج به في كتاب الله عزّ وجلّ.
{إنّي كفرت بما أشركتمون من قبل}.
إني كفرت بشرككم - أيها التّباع - إياي باللّه، كما قال - عزّ وجلّ -: {ويوم القيامة يكفرون بشرككم}.
وقوله تعالى: {عذاب أليم} معناه وجيع مؤلم). [معاني القرآن: 3/160-158]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقال الشيطان لما قضي الأمر}
أي فرغ منه فدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار إن الله وعدكم وعد الحق أي وعد من أطاعه الجنة ومن عصاه النار ووعدتكم فأخلفتكم أي وعدتكم خلاف ذلك وما كان لي عليكم من سلطان أي من حجة أبينها إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي أي إلا أن أغويتكم فتابعتموني ثم قال تعالى: {ما أنا بمصرخكم}
قال مجاهد وقتادة أي بمغيثكم
ويروى أنه يخاطب بهذا في النار
ومعنى إني كفرت بما أشركتمون من قبل أي كفرت بشرككم إياي). [معاني القرآن: 3/525-524]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ما أنا بمصرخكم} أي مغيثكم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 122]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بِمُصْرِخِكُمْ}: بمغيثكم). [العمدة في غريب القرآن: 170]

تفسير قوله تعالى: {وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23)}

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ألم تر كيف ضرب اللّه مثلاً كلمةً طيّبةً كشجرةٍ طيّبةٍ أصلها ثابتٌ وفرعها في السّماء}
وقال: {ضرب اللّه مثلاً كلمةً طيّبةً} منصوبة على (ضرب) كأنه قال "وضرب الله كلمةً طيّبةً مثلاً"). [معاني القرآن: 2/59]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ألم تر كيف ضرب اللّه مثلًا كلمةً طيّبةً} شهادة أن لا إله إلّا اللّه، {كشجرةٍ طيّبةٍ} يقال: هي النخلة.
{أصلها ثابتٌ} في الأرض، {وفرعها}: أعلاها، {في السّماء} ). [تفسير غريب القرآن: 232]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ألم تر كيف ضرب اللّه مثلا كلمة طيّبة كشجرة طيّبة أصلها ثابت وفرعها في السّماء}
ضرب اللّه - عزّ وجلّ - للإيمان به مثلا، وللكفر به مثلا، فجعل مثل المؤمن في نطقه بتوحيده والإيمان بنبيه واتباع شريعته، كالشجرة الطيبة.
فجعل نفع الإقامة على توحيده كنفع الشجرة الطيبة التي لا ينقطع نفعها وثمرها، وجاء في التفسير أن الشجرة الطيبة النخلة، والدليل على أن هذا المثل يراد به توحيد اللّه،
والإيمان بنبيّه وشريعته قوله - عزّ وجلّ -: {يثبّت اللّه الّذين آمنوا بالقول الثّابت في الحياة الدّنيا وفي الآخرة} ). [معاني القرآن: 3/160]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة}
حدثنا محمد بن جعفر الفاريابي قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال حدثنا وهب بن خالد قال حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال ذات يوم لأصحابه ((أنبئوني بشجرة تشبه المسلم لا يتحات ورقها تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها)) قال فوقع في قلبي أنها النخلة قال فسكت القوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((هي النخلة)) فقلت لأبي لقد كان وقع في قلبي أنها النخلة
فقال فما منعك أن تكون قلته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن تكون قلته أحب إلي من كذا وكذا فقلت كنت في القوم وأبو بكر فلم تقولا شيئا فكرهت أن أقول، وروى الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال هي النخلة
وكذلك وروى الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس
وروى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله جل وعز: {وضرب الله مثلا كلمة طيبة} قال لا إله إلا الله {كشجرة طيبة} قال المؤمن {أصلها ثابت} لا إله إلا الله ثابت في قلب المؤمن
{ومثل كلمة خبيثة} قال الشرك {كشجرة خبيثة} قال المشرك {اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار} أي ليس للمشرك أصل يعمل عليه
وروى شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك كشجرة طيبة قال النخلة قال والشجرة الخبيثة الحنظلة). [معاني القرآن: 3/527-525]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {كلمة طيبة} قول لا إله إلا الله.
{كشجرة طيبة} قيل: هي النخل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 122]

تفسير قوله تعالى: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {تؤتي أكلها كلّ حينٍ} أي تخرج تمرتها، والحين ها هنا ستة أشهر أو نحو ذلك). [مجاز القرآن: 1/340]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {تؤتي أكلها كلّ حينٍ بإذن ربّها ويضرب اللّه الأمثال للنّاس لعلّهم يتذكّرون}
وقال: {تؤتي أكلها} ومثل ذلك {أكلها دائمٌ} و"الأكل" هو: الطعام و"الأكل" هو: "الفعل"). [معاني القرآن: 2/60-59]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {تؤتي أكلها كلّ حينٍ} يقال: كلّ ستة أشهر، ويقال: كلّ سنة). [تفسير غريب القرآن: 232]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {تؤتي أكلها كلّ حين بإذن ربّها ويضرب اللّه الأمثال للنّاس لعلّهم يتذكّرون }اختلف الناس بتفسير الحين،
فقال بعضهم كل سنة،
وقال بعضهم: كل ستة أشهر،
وقال بعضهم: غدوة وعشية.
وقال بعضهم: الحين شهران.
وجميع من شاهدنا من أهل اللغة يذهب إلى أنّ الحين اسم كالوقت.
يصلح لجميع الأزمان كلها طالت أو قصرت.
فالمعنى في قوله تعالى {تؤتي أكلها كلّ حين} أنها ينتفع بها في كل وقت، لا ينقطع نفعها ألبتّة، والدّليل على أن الحين بمنزلة الوقت قول النابغة، أنشده الأصمعي في صفة الحيّة والملدوغ.
تناذرها الراقون من سوء سمها... تطلقه حينا وحينا تراجع
فالمعنى أن السم يخفّ ألمه في وقت ويعود وقتا). [معاني القرآن: 3/161-160]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها}
روى ابن أبي نجيح وابن جريج عن مجاهد قال كل سنة
وروى عطاء بن السائب وطارق بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كل ستة أشهر
وروى أبو بكر الهذلي عن عكرمة عن ابن عباس قال الحين حينان حين يعرف مقداره وحين لا يعرف مقداره فأما الذي يعرف مقداره فقوله: {تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها}
وقال عكرمة هو ستة أشهر
وروى الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال الحين يكون غدوة وعشية
وقال الضحاك في قوله: {تؤتى أكلها كل حين} قال في الليل والنهار وفي الشتاء والصيف وكذلك المؤمن ينتفع بعمله كل وقت
قال أبو جعفر وهذه الأقوال متقاربة غير متناقضة لأن الحين عند جميع أهل اللغة إلا من شذ منهم بمعنى الوقت يقع لقليل الزمان وكثيره وأنشد الأصمعي بيت النابغة:
تناذرها الراقون من سوء سمها = تطلقه حينا وحينا تراجع
فهذا يبين لك أن الحين بمعنى الوقت
غير أن الأشبه في الآية أن يكون الحين السنة لأن إدراك الثمرة كل عام وكذا طلعها
وقد روي عن علي بن أبي طالب رحمة الله عليه أنه قال أدنى الحين سنة
وروى سفيان عن الحكم وحماد قالا الحين سنة ومعنى اجتثت قطعت جثتها بكمالها). [معاني القرآن: 3/529-527]

تفسير قوله تعالى: {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ومثل كلمةٍ خبيثةٍ كشجرةٍ خبيثةٍ اجتثّت...}
رفعت المثل بالكاف التي في شجرة. ولو نصبت المثل. تريد: وضرب الله مثل كلمةٍ خبيثة. وهي في قراءة أبيّ {وضرب مثلاً كلمة خبيثة} كشجرة خبيثة وكل صواب). [معاني القرآن: 2/76]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {اجتثّت من فوق الأرض} أي استؤصلت، يقال اجتث الله دابرهم، أي أصلهم). [مجاز القرآن: 1/340]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {اجتثت من فوق الأرض}: استؤصلت، يقال اجتث الله دابرهم أي أصلهم). [غريب القرآن وتفسيره: 197]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ومثل كلمةٍ خبيثةٍ} يعني: الشرك {كشجرةٍ خبيثةٍ} قال أنس بن مالك: هي الحنظلة.
{اجتثّت من فوق الأرض} أي استؤصلت وقطعت.
{ما لها من قرارٍ} أي فما لها من أصل.
فشبّه كلمة الشرك، بحنظلة قطعت: فلا أصل لها في الأرض، ولا فرع لها في السماء، ولا حمل). [تفسير غريب القرآن: 232]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثّت من فوق الأرض ما لها من قرار }
قيل إن الشجرة الخبيثة الحنظل وقيل الكوث.
{اجتثّت من فوق الأرض}.
معنى {اجتثّت} استؤصلت من فوق الأرض، ومعنى اجتثّت في اللغة أخذت جثّته بكمالها:
{ما لها من قرار}.
فالمعنى أنّ ذكر اللّه بالتّوحيد يبقى أبدا ويبقى نفعه أبدا، وأن الكفر والضلال لا ثبوت له). [معاني القرآن: 3/161]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( و{كلمة خبيثة} الشرك بالله. وقيل: هي الحنظلة.
{اجتثت} استؤصلت وقطعت). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 122]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {اجتُثَّتْ}: قطعت). [العمدة في غريب القرآن: 170]

تفسير قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يثبّت اللّه الّذين آمنوا بالقول الثّابت في الحياة...}
يقال: بلا إله إلا الله فهذا في الدنيا. وإذا سئل عنها في القبر بعد موته قالها إذا كان من أهل السّعادة، وإذا كان من أهل الشقاوة لم يقلها.
فذلك قوله - عزّ وجلّ - {ويضلّ اللّه الظّالمين} عنها أي عن قول لا إله إلا الله {ويفعل اللّه ما يشاء} أي لا تنكروا له قدرةً ولا يسأل عما يفعل). [معاني القرآن: 2/77]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {يثبّت اللّه الّذين آمنوا بالقول الثّابت في الحياة الدّنيا وفي الآخرة ويضلّ اللّه الظّالمين ويفعل اللّه ما يشاء }
روي أن هذه الآية نزلت في عذاب القبر، فإذا مات الميّت قيل له: من ربّك وما دينك ومن نبيك، فإذا قال: اللّه ربي ومحمد نبي والإسلام ديني.
فقد ثبّته الله بالقول الثابت في الآخرة لأن هذا بعد وفاته، وتثبيته في - الدنيا، لأنه لا يوفقه في الآخرة إلا أن يكون ذلك عقدة في الدنيا). [معاني القرآن: 3/162]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة}
روى معمر عن طاووس عن أبيه في يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا قال لا إله إلا الله وفي الآخرة عند المساءلة في القبر
وقال البراء بن عازب وأبو هريرة هذا عند المساءلة إذا صار في القبر
وروى شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعيد بن عبيدة عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر إذا سئل
وروى معمر عن قتادة قال بلغني أن هذه الأمة تبتلى في قبورها فيثبت الله الذين آمنوا
ويروى أنه يقال له من ربك وما دينك ومن نبيك فمن ثبته الله قال الله ربي والإسلام ديني ومحمد نبيي
فهذا تثبيت في الآخرة
والتثبيت في الدنيا أنه لم يوفق لها إلا وقد كان اعتقاده في الدنيا). [معاني القرآن: 3/531-530]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {دار البوار} أي الهلاك والفناء ويقال بار يبور، ومنه قول عبد الله بن الزّبعري:
يا رسول المليك إن لساني= راتقٌ ما فتقت إذ أنا بور
البور والبوار واحد). [مجاز القرآن: 1/340]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {دار البوار}: الهلاك). [غريب القرآن وتفسيره: 197]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {دار البوار} دار الهلاك. وهي: جهنم). [تفسير غريب القرآن: 233]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمت اللّه كفرا وأحلّوا قومهم دار البوار}
والبوار الهلاك والاستئصال). [معاني القرآن: 3/162]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله تعالى: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار}
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه هم كفار قريش
وقال عبد الله بن عباس رحمه الله هم قادة المشركين يوم بدر أحلوا قومهم أي الذين اتبعوهم دار البوار وهي جهنم دارهم في الآخرة
قال أبو جعفر البوار في اللغة الهلاك). [معاني القرآن: 3/532-531]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {دار البوار} أي: دار الهلاك بالعذاب الشديد). [ياقوتة الصراط: 287-286]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {دار البوار} أي الهلاك، وهي جهنم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 122]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {البَوَار}: الهلاك). [العمدة في غريب القرآن: 170]

تفسير قوله تعالى: {جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {جهنّم يصلونها...}
منصوبة على تفسير (دار البوار) فردّ عليها ولو رفعت على الاستئناف إذا انفصلت من الآية كان صوابا. فيكون الرفع على وجهين:
أحدهما الابتداء.
والآخر أن ترفعها بعائد ذكرها؛ كما قال {بشرٍّ من ذلكم النّار وعدها الله الّذين كفروا} ). [معاني القرآن: 2/77]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {جهنّم يصلونها وبئس القرار}
{جهنّم} بدل من قوله (دار البوار) ومفسّرة... وجهنم لم تصرف لأنها مؤنثة وهي معرفة). [معاني القرآن: 3/162]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وجعلوا لله أنداداً} أي أضداداً، واحدهم ندّ ونديد،
قال رؤبة:
تهدي رؤوس المترفين الأنداد= إلى أمير المؤمنين الممتاد).
[مجاز القرآن: 1/341]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وجعلوا للّه أندادا ليضلّوا عن سبيله قل تمتّعوا فإنّ مصيركم إلى النّار }
النّدّ: المثل، بيّن وجه كفرهم.
{ليضلّوا عن سبيله}، وليضلوا، قرئ بهما جميعا). [معاني القرآن: 3/162]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (31)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قل لّعبادي الّذين آمنوا يقيموا الصّلاة...}
جزمت (يقيموا) بتأويل الجزاء. ومعناه - والله أعلم - معنى أمر؛ كقولك: قل لعبد الله يذهب عنا، تريد: اذهب عنا فجزم بنيّة الجواب للجزم، وتأويله الأمر ولم يجزم على الحكاية.
ولو كان جزمه على محض الحكاية لجاز أن تقول: قلت لك تذهب يا هذا وإنما جزم كما جزم قوله: دعه ينم، {فذ‍روها تأكل} والتأويل - والله أعلم - ذ‍روها فلتأكل.
ومثله {قل للّذين آمنوا يغفروا للّذين لا يرجون} ومثله {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن} ). [معاني القرآن: 2/77]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لا بيعٌ فيه ولا خلالٌ} مجازه: مبايعة فدية، {ولا خلال}: أي مخالّة خليل، وله موضع آخر أيضاً تجعلها جميع خلة بمنزلة جلة والجميع جلال وقلة والجميع قلال، وقال:
فيخبره مكان النّون منى= وما أعطيته عرق الخلال
أي المخالّة). [مجاز القرآن: 1/341]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قل لّعبادي الّذين آمنوا يقيموا الصّلاة وينفقوا ممّا رزقناهم سرّاً وعلانيةً مّن قبل أن يأتي يومٌ لاّ بيعٌ فيه ولا خلالٌ}
وقال: {لاّ بيعٌ فيه ولا خلالٌ} وفي موضع آخر (ولا خلّةٌ) وإنّما "الخلال" لجماعة "الخلّة" كما تقول: "جلّة" و"جلال"، و"قلّة" و"قلال".
وقال الشاعر:
وكيف تواصل من أصبحت = خلالته كأبي مرحب
ولو شئت جعلت "الخلال" مصدراً لأنها من "خاللت" مثل "قاتلت" ومصدر هذا لا يكون إلا "الفعال" أو "المفاعلة"). [معاني القرآن: 2/60]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لا بيع فيه ولا خلال}: أي لا مخالة، والمخالة المودة وقال بعضهم الخلال جمع خلة والخلة المودة). [غريب القرآن وتفسيره: 198]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا خلالٌ} مصدر «خاللت فلانا خلالا ومخالّة» والاسم الخلة، وهي: الصداقة). [تفسير غريب القرآن: 233]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قل لعبادي الّذين آمنوا يقيموا الصّلاة وينفقوا ممّا رزقناهم سرّا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال}
إن شئت حركت الياء، وإن شئت أسكنتها.
و (يقيموا) جزم على جواب الأمر، وفيه غير وجه، أجودها أن يكون مبنيا، لأنه في موضع الأمر.
وجائز أن يكون مجزوما بمعنى اللام إلا أنها أسقطت، لأن الأمر قد دل على الغائب بقل، تقول: قل لزيد ليضرب عمرا، وإن شئت قلت: قل لزيد يضرب عمرا، ولا يجوز قل يضرب زيد عمرا ههنا بالجزم حتى تقول ليضرب، لأن لام الغائب ليس ههنا منها عوض إذا حذفتها.
وفيها وجه ثالث على جواب الأمر على معنى قل لعبادي الذين آمنوا أقيموا الصلاة يقيموا الصلاة، لأنهم إذا آمنوا وصدّقوا، فإن تصديقهم بقبولهم أمر اللّه - عزّ وجلّ -.
وقوله: {من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال}.
إن شئت رفعت البيع والخلال جميعا، وإن شئت نصبتهما جميعا بغير تنوين وإن شئت نصبت أحدهما ورفعت الآخر، فالنصب على النفي بلا، وقد شرحنا ذلك فيما سلف من الكتاب، والخلال والخلة في معنى الصداقة). [معاني القرآن: 3/163-162]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله تعالى: {من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال}
قال أبو عبيدة البيع ههنا الفدية
قال أبو جعفر وأصل البيع في اللغة أن تدفع وتأخذ عوضا منه والذي قال أبو عبيدة حسن جدا وهو مثل قوله تعالى: {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا}
ومثل قوله تعالى: {ولا يقبل منها عدل} أي قيمة
والخلال والمخالة والخلة بمعنى الصداقة
قال الشاعر:
صرفت الهوى عنهن من خشية الردى = ولست بمفلي الخلال ولا قالي).
[معاني القرآن: 3/533-532]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ولا خلال} أي مخالة، بمعنى لا صداقة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 122]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَلاَ خِلالٌ}: مودة). [العمدة في غريب القرآن: 170]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (32)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {الفلك} واحد وجميع وهو السفينة والسفن). [مجاز القرآن: 1/341]

تفسير قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {الشّمس والقمر دائبين} والشمس أنثى والقمر ذكر فإذا جمعا ذكر صفتهما لأن صفة المذكر تغلب صفة المؤنث).[مجاز القرآن: 1/342]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وسخّر لكم الشّمس والقمر دائبين وسخّر لكم اللّيل والنّهار }
معناه: دائبين في إصلاح ما يصلحانه من الناس والنبات لا يفتران). [معاني القرآن: 3/163]

تفسير قوله تعالى: {وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله - تبارك وتعالى -: {وآتاكم مّن كلّ ما سألتموه...}
تضيف (كلّ) إلى (ما) وهي قراءة العامّة. وقد قرأ بعضهم {وآتاكم مّن كلٍّ ما سألتموه} وكأنهم ذهبوا إلى أنا لم نسأل الله عزّ وجل شمساً ولا قمراً ولا كثيراً من نعمه،
فقال: وآتاكم من كلٍّ ما لم تسألوا فيكون (ما) جحداً. والوجه الأوّل أعجب إليّ؛ لأن المعنى - والله أعلم - آتاكم من كلّ ما سألتموه لو سألتموه،
كأنك قلت: وآتاكم كل سؤلكم، ألا ترى أنك تقول للرجل لم يسأل شيئاً: والله لأعطينّك سؤلك: ما بلغته مسألتك وإن لم تسأل). [معاني القرآن: 2/78-77]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وآتاكم مّن كلّ ما سألتموه وإن تعدّوا نعمت اللّه لا تحصوها إنّ الإنسان لظلومٌ كفّارٌ}
وقال: {وآتاكم مّن كلّ ما سألتموه} أي: آتاكم من كلّ شيءٍ سألتموه شيئاً" وأضمر الشيء كما قال: {وأوتيت من كلّ شيءٍ} أي: "أوتيت من كلّ شيءٍ في زمانها شيئاً"
قال بعضهم: "إنما ذا على التكثير" نحو قولك: "هو يعلم كلّ شيء" و"أتاه كلّ الناس" وهو يعني بعضهم: وكذلك {فتحنا عليهم أبواب كلّ شيءٍ}.
وقال بعضهم: "ليس من شيءٍ إلاّ وقد سأله بعض الناس فقال: {وآتاكم مّن كلّ ما سألتموه} أي: "من كل ما سألتموه قد آتى بعضكم منه شيئا وآتى آخر شيئاً مما قد سأل".
ونون بعضهم {مّن كلٍّ} يقول {مّن كلٍّ} ثم قال "لم تسألوه إيّاه" كما تقول: "قد سألتك من كلٍّ" و"قد جاءني من كلٍّ" لأنّ "كلّ" قد تفرد وحدها). [معاني القرآن: 2/60]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وآتاكم من كلّ ما سألتموه وإن تعدّوا نعمت اللّه لا تحصوها إنّ الإنسان لظلوم كفّار }
وتقرأ (من كلّ ما سألتموه) بتنوين (كلّ)، فموضع " ما " خفض بالإضافة والمعنى من كل الذي سألتموه.
ومن قرأ (من كلّ ما سألتموه) فموضع " ما " نصب.
والمعنى وآتاكم من كل الأشياء التي سألتموه.
فإن قال قائل: فقد أعطى العباد ما لم يسألوا؟
قيل له ذلك غير ناقض هذه الآية، إذا قال: {وآتاكم من كل الذي سألتموه} لم يوجب هذا أن يكون لم يعطهم غير ما سألوه، ويجوز أن يكون " ما " نفيا، ويكون المعنى وآتاكم من كل ما لم تسألوه،
أي آتاكم كل الشيء الذي لم تسألوه.
وقوله عزّ وجلّ: {إنّ الإنسان لظلوم كفّار}.
هذا اسم للجنس يقصد به الكافر خاصّة، كما قال: {والعصر * إنّ الإنسان لفي خسر * إلّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات}.
والإنسان غير المؤمن ظلوم كفار). [معاني القرآن: 3/164-163]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وآتاكم من كل ما سألتموه}
قال مجاهد أي من كل ما رغبتم إليه فيه
قال أبو جعفر وهذا قول حسن يذهب إلى أنهم قد أعطوا مما لم يسألوه وذلك معروف في اللغة أن يقال امض إلى فلان فإنه يعطيك كل ما سألت وإن كان يعطيه غير ما سأل
وفي الآية قول آخر وهو أنه لما قال جل وعز: {وآتاكم من كل ما سألتموه} لم ينف غير هذا
على أن الضحاك قد قرأ وآتاكم من كل ما سألتموه وقد رويت هذه القراءة عن الحسن أيضا
وفسره الضحاك وقتادة على النفي
وقال الحسن أي من كل الذي سألتموه
بمعنى وآتاكم من كل الأشياء التي سألتم
قال أبو جعفر وقول الحسن أولى والآخر يجوز على بعد وبعده أنه بالواو أحسن عطفا بمعنى وما سألتموه إلا أنه يجوز على بعد). [معاني القرآن: 3/534-533]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 9 محرم 1432هـ/15-12-2010م, 05:12 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 35 إلى آخر السورة]

{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (38) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47) يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51) هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)}

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {واجنبني وبنيّ أن نّعبد الأصنام...}
أهل الحجاز يقولون: جنبني، وهي خفيفة. وأهل نجد يقولون: أجنبني شرّه وجنّبني شرّه. فلو قرأ قارئ: (وأجنبني وبني) لأصاب ولم أسمعه من قارئ). [معاني القرآن: 2/78]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {واجنبني وبنيّ} : جنبت الرجل الأمر، وهو يجنب أخاه الشرّ وجنّبته واحد،
وقال:

وتنفض مهده شفقاً عليه= وتجنبه قلائصنا الصعابا
وشدّده ذو الرّمة فقال:
وشعرٍ قد أرقت له غريبٍ= أجنّبه المساند والمحالا).
[مجاز القرآن: 1/342]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {واجنبني وبنيّ} أي اجنبني وإيّاهم). [تفسير غريب القرآن: 233]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإذ قال إبراهيم ربّ اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام}يعني مكة
{واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام}.
وتقرأ {واجنبني وبني} على أجنبته كذا وكذا إذا جعلته ناحية منه، وكذلك جنبته كذا وكذا.
ومعنى الدعاء من إبراهيم عليه السلام أن يجنب عبادة الأصنام، وهو غير عابد لها على معنى ثبّتني على اجتناب عبادتها كما قال: {واجعلنا مسلمين لك} أي ثبّتنا على الإسلام).
[معاني القرآن: 3/164]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام}
وقرأ الجحدري وعيسى (واجنبني) بقطع الآلف ومعناه اجعلني جانبا
وكذلك معنى اجنبني وجنبني معناه ثبتني على توحيدك كما قال تعالى: {واجعلنا مسلمين لك} وهما مسلمان). [معاني القرآن: 3/535]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {واجنبني} أي جنبني). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 122]

تفسير قوله تعالى: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ربّ إنّهنّ أضللن كثيراً من النّاس} أي ضل بهن كثير من الناس). [تفسير غريب القرآن: 233]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ربّ إنّهنّ أضللن كثيرا من النّاس فمن تبعني فإنّه منّي ومن عصاني فإنّك غفور رحيم}
أي ضلّلوا بسببها، لأن الأصنام لا تعقل ولا تفعل شيئا، كما تقول قد فتنتني هذه الدار.، أي أنا أحببتها واستحسنتها، وافتتنت بها.
{فمن تبعني فإنّه منّي ومن عصاني فإنّك غفور رحيم} أي فإنك غفور رحيم له إن تاب وإن آمن، لا أنه يقول إن من كفر فإن اللّه غفور رحيم،
فإن اللّه لا يغفر له، ألا ترى قوله في أبيه: {فلمّا تبيّن له أنّه عدوّ للّه تبرّأ منه} ). [معاني القرآن: 3/164]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {رب إنهن أضللن كثيرا من الناس} وهن لا يعقلن فالمعنى إن كثيرا من الناس ضلوا بسببهن
وهذا كثير في اللغة يقال فتنتني هذه الدار أي استحسنتها فافتتنت بسببها فكأنها فتنتني). [معاني القرآن: 3/535]

تفسير قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّي أسكنت من ذرّيّتي...}
وقال {إنّي أسكنت من ذرّيّتي} ولم يأت منهم بشيء يقع عليه الفعل. وهو جائز: أن تقول: قد أصبنا من بني فلان، وقتلنا من بني فلان وإن لم تقل: رجالا، لأن (من) تؤدّى عن بعض القوم كقولك: قد أصبنا من الطعام وشربنا من الماء. ومثله {أن أفيضوا علينا من الماء أو ممّا رزقكم الله}.
وقوله: {تهوي إليهم} يقول: اجعل أفئدة من الناس تريدهم؛ كقولك: رأيت فلانا يهوي نحوك أي يريدك. وقرأ بعض القرّاء (تهوى إليهم) بنصب الواو، وبمعنى تهواهم
كما قال {ردف لكم} يريد ردفكم، وكما قالوا: نقدت لها مائة أي نقدتها). [معاني القرآن: 2/78]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {رّبّنا إنّي أسكنت من ذرّيّتي بوادٍ غير ذي زرعٍ عند بيتك المحرّم ربّنا ليقيموا الصّلاة فاجعل أفئدةً مّن النّاس تهوي إليهم وارزقهم مّن الثّمرات لعلّهم يشكرون}
وكذلك قال: {إنّي أسكنت من ذرّيّتي بوادٍ} يقول: "أسكنت من ذرّيّتي أناساً" ودخلت الباء على "وادٍ" كما تقول: "هو بالبصّرة" و"هو في البصرة".
وقال: {تهوي إليهم} زعموا أنه في التفسير "تهواهم"). [معاني القرآن: 2/61]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فاجعل أفئدةً من النّاس تهوي إليهم} أي تنزع إليهم). [تفسير غريب القرآن: 233]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ربّنا إنّي أسكنت من ذرّيّتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرّم ربّنا ليقيموا الصّلاة فاجعل أفئدة من النّاس تهوي إليهم وارزقهم من الثّمرات لعلّهم يشكرون}
{فاجعل أفئدة من النّاس تهوي إليهم} أي اجعل أفئدة جماعة من الناس تنزع إليهم، ويجوز تهوى إليهم.
فمن قرأ تهوي إليهم فهو على هوى يهوي إذا ارتفع، ومن قرأ تهوى إليهم فعلى هوي يهوى إذا أحب، والقراءة الأولى هي المختارة). [معاني القرآن: 3/165]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم}
وقرأ مجاهد تهوى إليهم
معنى تهوي تنزع وتهوى تحب
حدثنا محمد بن الحسن بن سماعة قال نا أبو نعيم قال نا عيسى بن قرطاس قال أخبرني المسيب بن رافع قال: قال ابن عباس إن إبراهيم حين قال رب إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع إلى قوله: {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} فلو أن إبراهيم قال اجعل أفئدة الناس تهوي إليهم لغلبكم عليه الترك والديلم
وقرئ على علي بن الحسين القاضي بمصر عن الحسن ابن محمد عن يحيى بن عباد قال حدثنا شعبة عن الحكم قال سألت عطاء وطاووسا وعكرمة عن قوله جل وعز:
{فاجعل أفئدة من الناس} قالوا الحج). [معاني القرآن: 3/537-535]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {تهوي إليهم} أي: تهوي إليهم، فتحج البيت. أخبرنا أبو عمر - قال: أخبرنا ثعلب عن ابن الأعرابي،
قال: معنى تهوي إليهم، أي: تهواهم، فتحج إلى البيت، قال وهذا من الهوي المحمود). [ياقوتة الصراط: 287]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تهوي إليهم} أي تنزع إليهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 122]

تفسير قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (38)}

تفسير قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39)}

تفسير قوله تعالى: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ربّ اجعلني مقيم الصّلاة ومن ذرّيّتي} مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقوله: واجعل من ذريتي من يقيم الصلاة).[مجاز القرآن: 1/342]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ربّ اجعلني مقيم الصّلاة ومن ذرّيّتي ربّنا وتقبّل دعاء} أي واجعل من ذرّيّتي من يقيم الصلاة.
{ربّنا وتقبّل دعاء} القراءة بغير " ياء " في دعائي، إذا وقفت، فإذا وصلت فأنت بالخيار إن شئت قلت دعاء بغير ياء، وكانت الكسرة في الهمزة تنوب عن الياء، والأجود إثبات الياء، وإن شئت أسكنتها، وإن شئت فتحتها).
[معاني القرآن: 3/165]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي} المعنى واجعل من ذريتي من يقيم الصلاة). [معاني القرآن: 3/537]

تفسير قوله تعالى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ربّنا اغفر لي ولوالديّ وللمؤمنين يوم يقوم الحساب} هذا قبل أن يتبين لإبراهيم أن أباه عدوّ للّه، فلما تبيّن له ذلك تبرأ منه.
وقيل إنه يعني بوالديه هنا آدم وحواء وقيل أيضا ولولديّ، يعني به إسماعيل وإسحاق، وهذه القراءة ليست بشيء لأنها خلاف ما عليه أهل الأمصار من أهل القراءات.
{يوم يقوم الحساب} يعني يوم القيامة، و " يوم " منصوب بـ {اغفر لي} ). [معاني القرآن: 3/165]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال: {ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب}
قيل إنما دعا بهذا أولا فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه
وقيل يعني بوالديه آدم وحواء
وقرأ سعيد بن جبير اغفر لي ولوالدي يعني أباه
وقرأ النخعي ويحيى بن يعمر اغفر لي ولولدي يعني ابنيه). [معاني القرآن: 3/537]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)}

تفسير قوله تعالى: {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لا يرتدّ إليهم طرفهم...}
رفعت الطرف بيرتد واستأنفت الأفئدة فرفعتها بهواء؛ كما قال في آل عمران {وما يعلم تأويله إلاّ الله والرّاسخون في العلم} استأنفتهم فرفعتهم بيقولون لا بيعلم). [معاني القرآن: 2/78]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {مهطعين} أي مسرعين،
قال الشاعر:
بمهطعٍ سرح كأنّ زمامه= في رأس جذع من أوال مشذّب
وقال:
بمستهطعٍ رسلٍ كأنّ جديله= بقيدوم رعنٍ من صؤام ممنّع
الرّسل الذي لا يكلّفك شيئاً، بقيدوم: قدام، رعن الجبل أنفه، صؤام: جبل،
قال يزيد بن مفرّغ الحميريّ:
بدجلة دارهم ولقد أراهم= بدجلة مهطعين إلى السّماع
{مقنعي رؤوسهم} مجازه: رافعي رؤوسهم،
قال الشّمّاخ بن ضرار:
يباكرن العضاة بمقنعاتٍ= نواجذهن كالحدأ الوقيع
أي بؤوس مرفوعات إلى العضاه ليتناولن منه والعضاة: كل شجرة ذات شوك؛ نواجذهن أضراسهن وقال: الحدأ الفأس وأراه: الذي ليس له خلف، وجماعها حدأ، وحدأه الطير،
الوقيع أي المرققة المحددة، يقال وقع حديدتك، والمطرقة يقال لها ميقعة،
وقال:
أنفض نحوي رأسه وأقنعا= كأنّما أبصر شيئاً أطعما
{وأفئدتهم هواءٌ} أي جوف، ولا عقول لهم،
قال حسان ابن ثابت:
ألا أبلغ أبا سفيان عني=فأنت مجوّفٌ نخبٌ هواءٌ
وقال:
ولا تك من أخذان كل يراعةٍ= هواءٍ كسقب البان جوف مكاسره
اليراعة القصبة، واليراعة هذه الدواب الهمج بين البعوض والذبّان، واليراعة النعامة.
قال الراعيّ:
جاؤا بصكّهم واحدب أخرجت= منه السياط يراعةٌ إجفيلا
أي يذهب فزعاً، كسقب البان عمود البيت الطويل).[مجاز القرآن: 1/344-342]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتدّ إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء}
ونصب {مهطعين} على الحال وكذلك {مقنعي} كأنه قال: "تشخص أبصارهم مهطعين" وجعل "الطرف" للجماعة كما قال: {سيهزم الجمع ويولّون الدّبر} ). [معاني القرآن: 2/61]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({مهطعين}: مسرعين. وقال المفسرون: الإهطاع أن يديم النظر فلا يطرف.
{مقنعي رؤوسهم}: رافعي رؤوسهم.
{وأفئدتهم هواء}: جوف منخرقة لا تعي شيئا من الخير). [غريب القرآن وتفسيره: 198]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {مهطعين} أي مسرعين. يقال: أهطع البعير في سيره واستهطع، إذا أسرع.
{مقنعي رؤسهم} والمقنع رأسه: الذي رفعه وأقبل بطرفه على ما بين يديه. والإقناع في الصلاة هو من إتمامها.
{لا يرتدّ إليهم طرفهم} أي نظرهم إلى شيء واحد.
{وأفئدتهم هواءٌ} يقال: لا تعي شيئا من الخير. ونحوه قول الشاعر في وصف الظّليم:
... جؤجؤه هواء
أي ليس لعظمه مخّ ولا فيه شيء.
ويقال: أفئدتهم هواء منخوبة من الخوف والجبن). [تفسير غريب القرآن: 234-233]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قوله: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} يريد أنها لا تعي خيرا، لأن المكان إذا كان خاليا فهو هواء حتى يشغله الشيء).
[تأويل مشكل القرآن: 139]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتدّ إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء }
{مهطعين} منصوب على الحال، المعنى إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه أبصارهم مهطعين أي مسرعين.
قال الشاعر:
بدجلة أهلها ولقد أرأهم=بدجلة مهطعين إلى السماع
أي مسرعين.
و {مقنعي رءوسهم} رافعيها ملتصقة بأعناقهم، والمقنع الرافع.
والمقنع المرتفع
قال الشاعر:.
يبادرن العضاه بمقنعات= نواجذهنّ كالحدأ الوقيع
يصف إبلا ترعى الشجر وأن أسنانها مرتفعة كالفؤوس.
وقوله: {وأفئدتهم هواء} أي منحرفة لا تعي شيئا من الخوف، وقيل نزعت أفئدتهم من أجوافهم
قال الشاعر:
كأنّ الرّحل منها فوق صعل= من الظّلمان جؤجؤه هواه).
[معاني القرآن: 3/166-165]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقول جل وعز: {مهطعين مقنعي رؤسهم لا يرتد إليهم طرفهم}
قوله: {مهطعين}
قال مجاهد وأبو الضحى أي مديمي النظر
وقال قتادة أي مسرعين
والمعروف في اللغة أن يقال أهطع إذا أسرع
قال أبو عبيدة وقد يكون الوجهان جميعا يعني الإسراع مع إدامة النظر
ثم قال تعالى: {مقنعي رؤوسهم}
قال مجاهد أي رافعيها
وقال قتادة المقنع الرافع رأسه شاخصا ببصره لا يطرف
قال أبو جعفر وهذا قول أهل اللغة إلا أن أبا العباس قال يقال اقنع إذا رفع رأسه وأقنع إذا طأطأ رأسه ذلا وخضوعا قال وقد قيل في الآية القولان جميعا
قال ويجوز أن يرفع رأسه مديما لنظر ثم يطأطئه خضوعا وذلا
قال أبو جعفر والمشهور في اللغة أن يقال للرافع رأسه مقنع
وروي أنهم لا يزالون يرفعون رؤوسهم وينظرون ما يأتي من عند الله جل وعز وأنشد أهل اللغة:
يباكرن العضاه بمقنعات = نواجذهن كالحدإ الوقيع
يصف أبلا وأنهن رافعات رؤوسهن كالفؤوس
ومنه قيل مقنعة لارتفاعها
ومنه قنع الرجل إذا رضي وقنع إذا سال أي أتى ما يتقنع منه
وقوله جل وعز: {لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء}
روى سفيان عن أبي إسحاق عن مرة وأفئدتهم هواء قال متخرقة لا تعي شيئا يعني من الخوف
وروى حجاج عن ابن جريج قال هواء ليس فيها شيء من الخير كما يقال للبيت الذي ليس فيه شيء هواء
وقيل وصفهم بالجبن والفزع أي قلوبهم منخوبة
وأصل الهواء في اللغة المجوف الخالي ومنه قول زهير:
كان الرحل منها فوق صعل = من الظلمان جؤجؤه هواء
أي ليس فيها مخ ولا شيء وقال حسان:
ألا ابلغ أبا سفيان عني = فأنت مجوف نخب هواء).
[معاني القرآن: 3/541-538]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مهطعين} مسرعين. يقال: أهطع البعير في سيره إذا أسرع، وقيل: هو أن يديم النظر فلا يطرف. [تفسير المشكل من غريب القرآن: 122]
{مقنعي رؤوسهم} المقنع رأسه: الذي رفعه وأقبل بطرفه إلى ما بين يديه.
{لا يرتد إليهم طرفهم} أي نظرهم إلى شيء واحد.
{وأفئدتهم هواء} أي لا تعي شيئا من الخير. وقيل: هواء: منخوبة، من الخوف والجبن). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 123]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مُهْطِعين}: رافعين رؤوسهم.
{مُقْنِعِي}: قد رفعوا رؤوسهم.
{أَفْئِدَتُهُمْ}: قلوبهم.
{هَوَاءٌ}: في خوف متحرّقة). [العمدة في غريب القرآن: 170]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يأتيهم العذاب فيقول...}
رفع تابع ليأتيهم وليس بجواب للأمر ولو كان جوابا لجاز نصبه ورفعه،
كما قال الشاعر:
يا ناق سيري عنقاً فسيحا = إلى سليمان فنستريحا
والرفع على الاستئناف.
والاستئناف بالفاء في جواب الأمر حسن، وكان شيخ لنا يقال له: العلاء بن سيابة - وهو الذي علم معاذا الهرّاء وأصحابه - يقول: لا أنصب بالفاء جوابا للأمر). [معاني القرآن: 2/79]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب} أي خوفهم
وقوله جل وعز: {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال}
قال مجاهد أي أقسمتم أنكم لا تموتون لقريش). [معاني القرآن: 3/541]

تفسير قوله تعالى: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وتبيّن لكم...}
وأصحاب عبد الله: {ونبيّن لكم} ). [معاني القرآن: 2/79]

تفسير قوله تعالى: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال...}
فأكثر القراء على كسر اللام ونصب الفعل من قوله: {لتزول} يريدون: ما كانت الجبال لتزول من مكرهم. وقرأ عبد الله بن مسعود {وما كان مكرهم لتزول منه الجبال} ... يقال له غالب بن نجيح - وكان ثقة ورعاً - أن عليّا كان يقرأ: {وإن كان مكرهم لتزول منه} بنصب اللام الأولى ورفع الثانية. فمن قرأ: {وإن كان مكرهم لتزول منه} فعلى معنى قراءة عليّ أي مكروا مكراً عظيماً كادت الجبال تزول منه). [معاني القرآن: 2/79]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} أي ما كان مكرهم لتزول منه الجبال، في قول من كسر لام لتزول الأولى ونصب اللام الآخرة ومن فتح اللام الأولى ورفع اللام الآخرة فإن مجازه المثل كأنه قال: وإن كان مكرهم تزول منه الجبال في المثل وعند من لم يؤمن). [مجاز القرآن: 1/345]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن هذا الباب قول الله عز وجل: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ}
يريد أنهم ينظرون إليك بالعداوة نظرا شديدا يكاد يزلقك من شدّته، أي يسقطك.
ومثله قول الشاعر:
يتقارضون إذا التقوا في موطن = نظرا يزيل مواطئ الأقدام
أي ينظر بعضهم إلى بعض نظرا شديدا بالعداوة والبغضاء، يزيل الأقدام عن مواطئها.
فتفهّم قول الله عز وجل: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ} أي يقاربون أن يفعلوا ذلك، ولم يفعلوا.
وتفهّم قول الشاعر: (نظرا يزيل) ولم يقل: يكاد يزيل، لأنه نواها في نفسه.
وكذلك قول الله عز وجل: {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} إعظاما لقولهم.
وقوله جل وعز: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ}.
إكبارا لمكرهم. وقرأها بعضهم: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ}.
وأكثر ما في القرآن من مثل هذا فإنه يأتي بكاد، فما لم يأت بكاد ففيه إضمارها، كقوله: {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ}، وأي كادت من شدّة الخوف تبلغ الحلوق.
وقد يجوز أن يكون أراد: أنها ترجف من شدّة الفزع وتجف ويتصل وجيفها بالحلوق، فكأنها بلغت الحلوق بالوجيب). [تأويل مشكل القرآن: 171] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وقد مكروا مكرهم وعند اللّه مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}
القراءة بكسر اللام الأولى، من " لتزول " وفتح اللام الأخيرة، هي قراءة حسنة جيدة، والمعنى وما كان مكرهم لتزول منه الجبال، أي ما كان مكرهم ليزول به أمر النبي -
صلى الله عليه وسلم - وأمر دين الإسلام وثبوته كثبوت الجبال الراسية، لأن الله عزّ وجلّ وعد نبيّه عليه السلام إظهار دينه على كل الأديان فقال: {ليظهره على الدّين كلّه}
ودليل هذا قوله:{فلا تحسبنّ اللّه مخلف وعده رسله إنّ اللّه عزيز ذو انتقام }أي لا يخلفهم ما وعدهم من نصرهم وإظهار نبوتهم وكلمتهم،
ويقرأ {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} على الرفع وفتح اللام الأولى.
ومعناه معنى حسن " صحيح.
والمعنى: وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم يبلغ في الكيد إلى إزالة الجبال، فإن الله ينصر دينه، ومكرهم عنده لا يخفى عليه.
فإن قال قائل: فهل زالت الجبال لمكرهم؛ فقد روي في بعض التفسير قصة التابوت والنّسور، وأن الجبال ظنت أن ذلك أمر من أمر اللّه عظيم فزالت، وقيل هذا في قصة النمرود ابن كنعان؛ ولا أرى لنمرود ههنا ذكرا، ولكنه إذا صحت الأحاديث به فمعناه أن مكر هؤلاء لو بلغ مكر ذاك لم ينتفعوا به، وأمّا ما توحيه اللغة وخطاب العرب فأن يكون المعنى وإن لم يكن جبل قط، زال لمكر المبالغة في وصف الشيء أن يقال: لو بلغ ما لا يظن أنه يبلغ ما انتفع به.
قال الأعشى:

لئن كنت في جبّ ثمانين قامة= ورقّيت أسباب السماء بسلّم
ليستدرجنك الأمر حتى تهرّه= وتعلم أني لست عنك بمحرم
فإنما بالغ في الوصف وهو يعلم أنه لا يرقّى أسباب السماء، ولا يكون في جبّ ثمانين قامة فيستدرجه القول.
فالمعنى على هذا: لو أزال مكرهم الجبال لما زال أمر الإسلام وما أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم -). [معاني القرآن: 3/168-166]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}
قرأ عمر بن الخطاب رحمه الله عليه وإن كاد بالدال
وقرأ علي بن أبي طالب رضوان الله عليه وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال بفتح اللام ورفع الفعل وكاد بالدال هذا المعروف من قراءته
والمشهور من قراءة عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وإن كاد بالدال
وقرأ مجاهد وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال وهي قراءة الكسائي ومجاهد وإن معناها لو أي ولو كان مكرهم لتزول منه الجبال لم يبلغوا هذا ولن يقدروا على الإسلام
وقد شاء الله تبارك وتعالى أن يظهره على الدين كله
قال أبو جعفر وهذا معروف في كلام العرب كما يقال لو بلغت أسباب السماء وهو لا يبلغها فمثله هذا
وروي في قراءة أبي بن كعب رحمه الله ولولا كلمة الله لزال مكرهم الجبال
وقال قتادة وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال قال حين دعوا لله ولد وقد قال سبحانه: {تكاد السموات يتفطرن منه}
ومن قرأ وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ذهب إلى أن المعنى ما كان مكرهم ليزول به القرآن على تضعيفه وقد ثبت ثبوت الجبال
وقال الحسن مكرهم أوهى وأضعف من أن تزول منه الجبال وقرأ بهذه القراءة
وقد قيل في معنى الرفع قول آخر يروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن نمروذ لما جوع النسور وعلق لها اللحم في الرماح فاستعلى فيل فقيل له أين تريد أيها الفاسق فاهبط
قال فهو قوله جل وعز: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}
وقال عبد الله بن عباس مكرهم ههنا شركهم وهو مثل قوله تعالى: {تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا} ). [معاني القرآن: 3/544-541]

تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فلا تحسبنّ اللّه مخلف وعده رسله...}
أضفت (مخلف) إلى الوعد ونصبت الرسل على التأويل. وإذا كان الفعل يقع على شيئين مختلفين مثل كسوتك الثوب وأدخلتك الدار فابدأ بإضافة الفعل إلى الرجل
فتقول: هو كاسي عبد الله ثوباً، ومدخله الدار. ويجوز: هو كاسي الثوب عبد الله ومدخل الدار زيداً، جاز ذلك لأن الفعل قد يأخذ الدار كأخذه عبد الله
فتقول: أدخلت الدار وكسوت الثوب.
ومثله قول الشاعر:
ترى الثور فيها مدخل الظلّ رأسه = وسائره بادٍ إلى الشمس أجمع
فأضاف (مدخل) إلى (الظل) وكان الوجه أن يضيف (مدخل) إلى (الرأس)
ومثله:
ربّ ابن عمّ لسليمى مشمعلّ = طبّاخ ساعات الكرى زاد الكسل
ومثله:
فرشني بخير لا أكونن ومدحتي = كناحت يوم صخرةً بعسيل
وقال آخر:
* يا سارق الليلة أهل الدار *
فأضاف سارقا إلى الليلة ونصب (أهل الدار) وكان بعض النحويّين ينصب (الليلة) ويخفض (أهل) فيقول: يا سارق الليلة أهل الدار.
* وكناحت يوماً صخرةٍ *
وليس ذلك حسناً في الفعل ولو كان اسماً لكان الذي قالوا أجوز. كقولك: أنت صاحب اليوم ألف دينار، لأن الصّاحب إنما يأخذ واحداً ولا يأخذ الشيئين، والفعل قد ينصب الشيئين، ولكن إذا اعترضت صفة بين خافض وما خفض جاز إضافته؛ مثل قولك: هذا ضارب في الدار أخيه، ولا يجوز إلاّ في الشعر،
مثل قوله:

تروّح في عمّيّةٍ وأغاثه = على الماء قوم بالهراوات هوج
مؤخّر عن أنيابه جلد رأسه = لهنّ كأشباه الزّجاج خروج
وقال الآخر:
وكرّار دون المجحرين جواده = إذا لم يحام دون أنثى حليلها
وزعم الكسائي أنهم يؤثرون النصب إذا حالوا بين الفعل المضاف بصفة فيقولون: هو ضارب في غير شيء أخاه، يتوهّمون إذا حالوا بينهما أنهم نوّنوا.
وليس قول من قال {مخلف وعده رسله} ولا {زيّن لكثيرٍ من المشركين قتل أولادهم شركائهم} بشيء، وقد فسّر ذلك.
ونحويّو أهل المدينة ينشدون قوله:
فزججتها متمكّناً = زجّ القلوص أبي مزاده
... باطل والصواب:
* زجّ القلوص أبو مزاده *). [معاني القرآن: 2/82-79]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {فلا تحسبنّ اللّه مخلف وعده رسله إنّ اللّه عزيزٌ ذو انتقامٍ}
وقال: {مخلف وعده رسله} فأضاف إلى الأول ونصب الآخر على الفعل، ولا يحسن أن نضيف إلى الآخر لأنه يفرق بين المضاف والمضاف إليه وهذا لا يحسن.
ولا بد من إضافته لأنه قد ألقى الألف ولو كانت "مخلفا" نصبهما جميعا وذلك جائز في الكلام. ومثله "هذا معطي زيدٍ درهما" و"معطٍ زيداً درهما"). [معاني القرآن: 2/61]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن المقلوب: أن يُقدَّمَ ما يُوضِّحه التأخير، ويؤخَّرَ ما يوضِّحُه التقديم.
كقول الله تعالى: {فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ}، أي مخلف رسله وعده، لأنّ الإخلاف قد يقع بالوعد كما يقع بالرّسل، فتقول: أخلفت الوعد، وأخلفت الرّسل،
وكذلك قوله سبحانه: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} أي: فإنّي عدوّ لهم، لأنّ كل من عاديته عاداك). [تأويل مشكل القرآن: 193]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فلا تحسبنّ اللّه مخلف وعده رسله إنّ اللّه عزيز ذو انتقام}
وقرئت مخلص وعده رسله، وهذه القراءة التي بنصب الوعد وخفض الرسل شاذّة رديئة، لا يجوز أن يفرق بين المضاف والمضاف إليه.
وأنشدوا في مثل هذا:
فزجّجتها بمزجّة= زجّ القلوص أبي مزاده
المعنى فزججتها بمزجّة زجّ أبي مزادة القلوص.
والقراءة: {مخلف وعده رسله}، كما تقول: هذا معطي درهم زيدا). [معاني القرآن: 3/169-168]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأما قوله: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ}، فإن للعرب في معنى (الأبد) ألفاظا يستعملونها في كلامهم، يقولون: لا أفعل ذلك ما اختلف الليل والنهار، وما طمى البحر، أي ارتفع، وما أقام الجبل، وما دامت السموات والأرض، في أشباه لهذا كثيرة، يريدون لا أفعله أبدا،
لأن هذه المعاني عندهم لا تتغير عن أحوالها أبدا، فخاطبهم الله بما يستعملونه فقال: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} أي مقدار دوامهما، وذلك مدة العالم.
وللسماء وللأرض وقت يتغيّران فيه عن هيئتهما، يقول الله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ}، ويقول: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ}.
أراد أنهم خالدون فيها مدة العالم، سوى ما شاء الله أن يزيدهم من الخلود على مدة العالم. ثم قال: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} أي غير مقطوع.
و(إلّا) في هذا الموضع بمعنى (سوى) ومثله من الكلام: لأسكننّ في هذه الدار حولا إلا ما شئت. تريد سوى ما شئت أن أزيد على الحول.
هذا وجه.
وفيه قول آخر، وهو: أن يجعل دوام السماء والأرض بمعنى الأبد، على ما تعرف العرب وتستعمل، وإن كانتا قد تتغيّران، وتستثنى المشيئة من دوامهما، لأن أهل الجنة وأهل النار قد كانوا في وقت من أوقات دوام السماء والأرض في الدنيا لا في الجنة، فكأنه قال: خالدين في الجنة وخالدين في النار دوام السماء والأرض، إلا ما شاء ربك من تعميرهم في الدنيا قبل ذلك.
وفيه وجه ثالث: وهو أن يكون الاستثناء من الخلود مكث أهل الذنوب من المسلمين في النار حتى تلحقهم رحمة الله، وشفاعة رسوله، فيخرجوا منها إلى الجنة.
فكأنه قال سبحانه: خالدين في النار ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك من إخراج المذنبين من المسلمين إلى الجنة،
وخالدين في الجنة ما دامت السموات والأرض، إلا ما شاء ربك من إدخال المذنبين النار مدة من المدد، ثم يصيرون إلى الجنة). [تأويل مشكل القرآن: 76-77] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {يوم تبدّل الأرض غير الأرض والسّماوات وبرزوا للّه الواحد القهّار}
إن شئت نصبت اليوم على النعت لقوله: يوم يقوم الحساب يوم تبدل الأرض.
وإن شئت أن يكون منصوبا بقوله ذو انتقام، المعنى أن الله عزّ وجل ذو انتقام أي بينهم يوم تبدل الأرض غير الأرض، والأرض مرفوعة على اسم ما لم يسمّ فاعله، وغير منصوبة على مفعول ها لم يسم فاعله، تقول: بدّل الخاتم خاتما آخر إذا كسر وصيغ صيغة أخرى، وقد تقول بدّل زيد إذا تغيرت حاله، فمعنى تبدل الأرض غير الأرض تسيير جبالها وتفجير بحارها وكونها مستوية لا يرى فيها عوج ولا أمت، فهذا - والله أعلم - تبديلها.
{والسّماوات} أي وتبدل السّماوات غير السّماوات، وتبديل السّماوات انتثار كواكبها وانفطارها وانشقاقها وتكوير شمسها وخسوف قمرها.
{وبرزوا للّه الواحد القهّار} أي خرجوا من قبورهم بارزين). [معاني القرآن: 3/169]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار}
روى إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن مسعود قال تبدل أرضا بيضاء مثل الفضة لم يسفك عليها دم حرام ولا يفعل فيها خطيئة
وقال جابر سالت أبا جعفر محمد بن علي عن قول الله عز وجل: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} قال تبدل خبزة يأكل منها الخلق يوم القيامة ثم قرأ وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام
حدثنا الحسن بن فرج بغزة قال نا يوسف بن عدي قال حدثنا علي بن مسهر عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله جل وعز:
{يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات} فأين يكون الناس يومئذ يا رسول الله قال على الصراط
وقال الحسن تبدل الأرض كما يقول القائل لقد تبدلت يدينا قال تذهب شمسها وقمرها ونجومها وأنهارها وجبالها فذلك هو التبديل). [معاني القرآن: 3/545-544]

تفسير قوله تعالى: {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {مقرّنين في الأصفاد} أي في الأغلال، وواحدها صفد والصفّد في موضع آخر: العطاء
وقال الأعشى:
تضيفته يوماً فقرّب مقعدي= وأصفدني على الزًّمانة قائدا
وبعضهم يقول: صفدني). [مجاز القرآن: 1/345]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وترى المجرمين يومئذٍ مّقرّنين في الأصفاد}
وواحد {الأصفاد} صفد). [معاني القرآن: 2/61]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الأصفاد}: واحدها صفد وهي الأغلال). [غريب القرآن وتفسيره: 198]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وترى المجرمين يومئذٍ مقرّنين في الأصفاد} أي قد قرن بعضهم إلى بعض في الأغلال واحدها: صفد).
[تفسير غريب القرآن: 234]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وترى المجرمين يومئذ مقرّنين في الأصفاد}
والأصفاد الأغلال، واحدها صفد، يقال صفدته بالحديد، وأصفدته.
وصفدت في الحديد أكثر، وأصفدته إذا أعطيته، وصفدته إذا أعطيته أيضا إلا أن الاختيار في العطية أصفدته وفي الحديد صفدته.
قال الشاعر:
وإن جئته يوما فقرّب مجلسي= وأصفدني على الزّمانة قائدا
معناه أعطاني قائدا). [معاني القرآن: 3/1701-69]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد}
قال قتادة في الأغلال والأقياد). [معاني القرآن: 3/546]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مقرنين في الأصفاد} أي قرن بعضهم إلى بعض في الأغلال. والأصفاد واحدها صفد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 123]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الأَصْفَاد}: الأغلال). [العمدة في غريب القرآن: 171]

تفسير قوله تعالى: {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {سرابيلهم مّن قطرانٍ...}
عامّة القراء مجمعون على أن القطران حرف واحد مثل الظّربان. ... وحدثني حبّان عن الكلبيّ عن أبي صالح أن ابن عباس فسّرها {من قطرانٍ}: قد انتهى حرّه، قرأها ابن عبّاس كذلك.
قال أبو زكريّا، وهو من قوله: {قال آتوني أفرغ عليه قطراً} ). [معاني القرآن: 2/82]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {سرابيلهم من قطرانٍ} أي قمصهم، وواحدها سربال). [مجاز القرآن: 1/345]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {سرابيلهم من قطران}: واحدها سربال وهو القميص). [غريب القرآن وتفسيره: 198]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {سرابيلهم} أي قمصهم. واحدها: سربال. {من قطرانٍ}.
ومن قرأ: «من قطر آن» أراد: نحاسا قد بلغ منتهى حرّه. أنى فهو آن). [تفسير غريب القرآن: 234]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النّار}
السربال كل ما لبس.
وجعلت سرابيلهم من قطران - واللّه أعلم - لأن القطران يبالغ في اشتعال النار في الجلود، ولو أراد الله المبالغة في إحراقهم
بغير نار وغير قطران لقدر على ذلك، لكن عذب بما يعقل العباد العذاب من جهته وحذرهم ما يعرفون حقيقته، وقرئت (من قطر آن)، قرأ بها جماعة.
والقطر النحاس، وآن قد انتهى حرّه). [معاني القرآن: 3/170]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار}
قال الحسن هو قطران الإبل
وروي عن جماعة من التابعين أنهم قالوا هو النحاس
والمعروف في اللغة أنه يقال للنحاس قطر قال الله عز وجل: {وأسلنا له عين القطر}
وقرأ ابن عباس وعكرمة سرابيلهم من قطر آن وفسراه بالنحاس
قال أبو جعفر وهذا هو الصحيح ومنه قوله تعالى: {وأسلنا له عين القطر} والسرابيل القمص
وقال عكرمة وآن انتهى حره ويقال إن الهمزة بدل من الحاء
فإن قيل فلعل الحاء بدل الهمزة قيل ذلك أولى لأنه مأخوذ من الحين). [معاني القرآن: 3/547-546]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سرابيلهم} أي قمصهم {من قطران} ومن قرأ (قطر آن) أي من نحاس قد بلغ في حره). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 123]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سَرَابيلُهُمْ}: ثيابهم.
{القَطِرانُ}: النحاس). [العمدة في غريب القرآن: 171]

تفسير قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51)}

تفسير قوله تعالى: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)}


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:13 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة