لمحات عن دراسة [إنَّ] و[أنَّ] في القرآن الكريم
1- بين النحويين خلاف في وقوع الجملة الطلبية خبرا لإن، وأخواتها: قال ابن عصفور: على المنع نصوص شيوخنا، وكذلك نقل عن النحويين ابن هشام، وقالا في قول الشاعر:
إن الذين قتلتم أمس سيدهم.......لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما
إنه على إضمار القول.
واضطرب كلام ابن عصفور في هذا البيت ؛ صحح جوازه في شرحه الصغير للجمل، وتأول ذلك في شرحه الكبير.
وجوز الرضي أن تقع الجملة الطلبية خبرا لإن، ولكن، وإن كان قليلا.
وقال [الدسوقي:2/218]: «الصحيح أن المبتدأ يجوز أن يخبر عنه بالجملة الخبرية والإنشائية، لكن لا يجوز أن يدخل عليه ناسخ كإن وأخواتها، وكان وأخواتها، إلا إذا كان خبره جملة خبرية».
لم يحتكم أحد من النحويين في هذا النزاع إلى أسلوب القرآن الكريم وقد وجدت في القرآن خبر [أن] جملة طلبية، متعينة لذلك لا تحتمل غير الخبرية وذلك قوله تعالى: {إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم} [3: 21].
عرض الزمخشري، والعكبري، وأبو حيان لدخول الفاء في خبر [أن] وكذلك الأنباري، ولم يتحدث واحد منهم عن وقوع الطلبية خبرا لإن.
[الكشاف:1/181]، [البيان:1/196]، [العكبري:1/73]، [البحر:2/413].
وأجاز ابن عطية أن يكون خبر [أن] الجملة الطلبية في قوله تعالى: {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم} [24: 11].
قال: الخبر قوله: {لا تحسبوه} و{عصبة} بدل من ضمير {جاءوا}.. ثم قال: وهذا أنسق في المعنى وأكثر فائدة من أن يكون {عصبة} خبر [أن]. [البحر المحيط:6/436].
وأجاز أبو حيان أن يكون خبر [أن] الجملة الإنشائية في قوله تعالى: {وأن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى} [8: 40].
قال: الأعرق في الفصاحة أن يكون {مولاكم} خبر [أن] ويجوز أن يكون عطف بيان، والجملة بعده خبر [أن] والمخصوص بالمدح محذوف، أي الله. [البحر:4/495].
2- يجوز في نواسخ الابتداء أن تكون أسماؤها نكرات محضة؛ كما يجوز فيها الإخبار بالمعرفة عن النكرة، ذكر ذلك سيبويه وغيره.
جاء في القرآن الإخبار بمعرفة عن نكرة مع [إن] في قوله تعالى:
1. {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة} [3: 96].
2. {فإن حسبك الله} [8: 62].
3. {إن ولي الله الذي نزل الكتاب} [7: 196].
في قراءة أبي عمرو {ولي} ذكرها الجزري في النشر وصاحب الإتحاف، وحذف منها التنوين، وخرجها أبو علي على حذف لام الكلمة وبقاء ياء الإضافة.
3- تكلم [سيبويه:1/284] على حذف خبر [إن] وأخواتها، وفي أمثلته كان الاسم نكرة ومعرفة مع التكرير، وكان معرفة من غير تكرير، والخبر المحذوف ظرف.
وذكر المبرد في المقتضب أن المعرفة والنكرة سواء، ولم يشترط إلا علم المخاطب [4: 130–131].
وفي [أمالي الشجري:1/322]، و[شرح الكافية للرضي:2/337]، و[ابن يعيش 1: 104]، شواهد نثرية لحذف الخبر، والاسم فيها معرفة، والخبر غير ظرف.
ولا يرى الكوفيون حذف الخبر إلا مع النكرة ويشترط الفراء التكرار.
وجاء الخبر محذوفا في قوله تعالى:
1- {إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء للعاكف فيه والباد} [22: 25].
[الكشاف:3/30]، [العكبري:2/75]، [البيان:2/173]، [البحر:6/362]، [القرطبي:5/4423]، [الرضي:2/337]، [المغني:1/168]، [الخزانة:2/441، 4/382].
وجعل الكوفيون الخبر [ويصدون] والواو زائدة. [معاني القرآن 2: 221].
2- {إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز} [41: 41].
الخبر محذوف. وقيل الخبر {أولئك ينادون} ورد بكثرة الفصل. واختار أبو حيان أن يكون الخبر قوله: {لا يأتيه الباطل} وحذف الرابط. [البحر:7/500]، [الكشاف:3/393]، [العكبري:2/116]، [المغني:2/29، 168]، [الهمع:1/136]، [القرطبي:7/5811].
واحتمل الخبر أن يكون محذوفا في هذه القراءات:
1- {قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب} [5: 109].
قرئ في الشواذ، [علام]، بالنصب، فحذف الخبر للعلم به. [ابن خالويه:ص36]، [البحر:4/49].
ويرى الزمخشري أن الكلام تم عند {إنك أنت}، أي الموصوف بأوصافك المعروفة من العلم وغيره. [الكشاف:1/371].
2- {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله} [33: 40].
قرئ {ولكن رسول الله} فالخبر محذوف، أي من عرفتموه، أو هو محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. [الكشاف:3/239]، [البحر:7/236].
وأجاز بعضهم أن يكون الخبر محذوفا في قوله تعالى:
1- {قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار} [14: 30].
أجاز الحوفي أن يكون {إلى النار} متعلقا بمصيركم، فعلى هذا يكون الخبر محذوفا. [البحر:5/425].
2- {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} [34: 24].
قيل: الخبر محذوف: خبر الأول أو خبر الثاني. [العكبري:2/102]، [البحر:7/280]، [البيان:2/280].
3- {فإنكم وما تعبدون} [37: 161].
في [البيضاوي:ص434]: «ويجوز أن يكون {وما تعبدون} لما فيه من معنى المقارنة سادا مسد الخبر، أي إنكم وآلهتكم قرناء».
وفي [الجمل:3/551] «وعلى هذا فيحسن السكوت على {تعبدون} كما يحسن في قولك: إن كل رجل وصنيعته».
في [التسهيل:ص/26]: «وإذا علم الخبر جاز حذفه مطلقا، خلافا لمن اشترط تنكير الاسم».
4- حكى سيبويه عن الخليل أن ناسا من العرب يقولون: إن بك زيد مأخوذ على حذف ضمير الشأن. وأجاز ابن مالك حذف أسماء هذه الحروف في الاختيار قال في [التسهيل:ص62] «ولا يخص حذف الاسم المفهوم معناه بالشعر، وقلما يكون إلا ضمير الشأن».
لم يجيء حذف اسم هذه الحروف في القراءات السبعية أو العشرية وإنما جاء في الشواذ:
1. {وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يهبط من خشية الله} [2: 74].
قرأ طلحة بن مصرف [إن] بالتشديد و[لما] بالتشديد في الموضعين وتخريجها على حذف اسم [إن] [البحر:1/264–265].
2. {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمن به قبل موته} [4: 159].
قرأ العباس بن غزوان [وإن] بتشديد النون. قال أبو حيان: وهي قراءة عسرة التخريج. [البحر:3/393].
3. {إن هذان لساحران} [20: 63].
خرجت قراءة [إن] بالتشديد على حذف ضمير الشأن، وفيها وجوه أخرى.
[البحر:6/255].
5- زيدت الباء في خبر [أن] في قوله تعالى: {أو لم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحي الموتى} [46: 33].
لاشتمال النفي في أول الآية على [أن] وما في حيزها. [الكشاف:3/451]، [العكبري:2/124]، [البحر:8/68]، [المغني:2/188].
6- في جواز تعدد خبر هذه الأحرف خلاف. قال أبو حيان: والذي يلوح من مذهب سيبويه المنع.
وفي القرآن آيات كثيرة تحتمل تعدد الخبر عند من يجيزه، ويخرجها على وجه آخر المانعون للتعدد.
7- في القرآن آيات طال بها الفصل بين اسم [إن] وخبرها هي:
1. {إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون * والذين هم بآيات ربهم يؤمنون * والذين هم بربهم لا يشركون * والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون * أولئك يسارعون في الخيرات} [23: 57-61].
خبر [إن]، أولئك يسارعون. [البيان:2/186-187]. [الجمل:3/397].
2. {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة} [33: 35].
[البيان:2/269].
3. {إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا * أولئك هم الكافرون حقا} [4: 150-151].
4. {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون} [2: 164].
8- إني، إني، لكني: في المحذوف قولان: نون الوقاية، أو نون إن ولكن. [أمالي الشجري:2/3]، [الأشباه والنظائر:1/34].
1. لم يجيء في القرآن أنني من غير حذف، وإنما جاء بالحذف أني.
2. لم يجيء [لكنني] بالإتمام، وإنما جاء [ولكني] بالحذف.
3. جاء {إني} و{إنني} والأكثر بالحذف.
9- إنا، إننا، أنا، أننا، لكنا.
الصحيح أن المحذوف نون الحرف، وليس نون الضمير، لأنها اسم. [البحر:1/451، 5/238]، [الأشباه:1/35].
أ- جاء في القرآن: إنا، إننا وبالحذف أكثر.
ب- جاء أنا، أننا، والحذف أكثر.
ج- لم يجيء في القرآن [لكننا] بالإتمام وإنما جاء بالحذف.
10- وقع المصدر المؤول من [أن] ومعموليها فاعلا في آيات.
11- ذهب المبرد والكوفيين أن المصدر المؤول من [أن] ومعموليها الواقعة بعد [لو] فاعل لفعل محذوف، لأن [لو] الشرطية مختصة بالفعل وذهب سيبويه إلى أن المصدر مبتدأ محذوف الخبر.
ويرى الزمخشري أنه يجب أن يكون خبر [أن] الواقعة بعد [لو] فعلا. قال في [المفصل:جـ2 ص216]: «ولطلبهما الفعل وجب في [أن] الواقعة بعد [لو] أن يكون خبرها فعلا، كقولك: لو أن زيدا جاءني لأكرمته. وقال الله تعالى: {ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به} ولو قلت: لو أن زيدا حاضري لأكرمته لم يجز». وانظر [ابن يعيش:9/11].
وقال ابن الحاجب: يجب أن يكون الخبر فعلا، إن كان الخبر مشتقا، وإن لم يكن الخبر مشتقا جاز أن يقع الخبر جامدا، كما في قوله تعالى: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام} [31: 27]. وقال عن قوله تعالى: {وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب} [33: 20] في نظم كافيته:
لو أنهم بادون في الأعراب.......لو للتمني ليس من ذا الباب
وقال ابن هشام في [المغني:1/214]: «وقد وجدت آية في التنزيل وقع لخبر فيها اسما مشتقا ولم يتنبه لها الزمخشري، كما لم يتنبه لآية لقمان، ولا ابن الحاجب وإلا لما منع من ذلك. ولا ابن مالك وإلا لما استدل بالشعر، وهي قوله: {يودوا لو أنهم بادون في الأعراب}.
ووجدت آية الخبر فيها ظرف، وهي: {لو أن عندنا ذكرا} [37: 168].
وذكر ابن هشام أيضا هذا في [شرحه لبانت سعاد:28-29].
وكلام ابن هشام: وجدت آية في التنزيل وقع الخبر فيها ظرفا...
قد يوهم أنه ليس في القرآن غير هذه الآية وفي القرآن غيرها:
1- {قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الأمر} [6: 58].
2- {وإن كانوا ليقولون * لو أن عندنا ذكرا من الأولين} [37: 167-168].
كما جاء الخبر جارا ومجرورا في قوله تعالى:
1- {إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه} [5: 36].
2- {ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به} [10: 54].
3- {قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} [11: 80].
4- {لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به} [13: 18].
5- {ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به} [39: 47].
وفي [التسهيل:ص240]: «وإن وليها [أن] لم يلزم كون خبرها فعلا، خلافا لزاعم ذلك.
11- تصرف المصدر المؤول في مواقع كثيرة من الإعراب في القرآن: وقع مبتدأ، وخبرا، واسما لكان وليس، ومنصوبا على نزع الخافض، ومفعولا به، وسادا مسد المفعولين ومجرورا بالحرف، وبالإضافة، وبدلا، واحتمل أن يكون مفعولا معه في قوله تعالى:
1. {هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون} [5: 59].
الواو بمعنى مع، أو معطوف على {أن آمنا} أو على المجرور، أو تعليل لمحذوف. [الكشاف:1/348].
2. {ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار} [8: 14].
الواو بمعنى مع أو عطف على {ذلكم}. [الكشاف:2/118]، [العكبري:2/3]، [البحر:4/472].
12- جاء كسر همزة [إن] في ابتداء الكلام حقيقة في آيات كثيرة جدا، كما جاء كسرها في ابتداء جملتها؛ كالواقعة بعد النداء، وبعد {بلى} وفي صدر جملة الصلة، وبعد [ألا] الاستفتاحية، وبعد [كلا].
13- إذا وقعت [إن] بعد القول وقصد به الحكاية كسرت همزتها، وإذا القول ماضيا، ومضارعا، وأمرا كما كان مصدرا.
وقد أجرت أفعال كثيرة في القرآن مجرى القول، فكسرت همزة [إن] بعدها.
الكوفيون يقولون: إن هذه الأفعال أجريت مجرى القول لما تضمنت معناه، والبصريون يضمرون القول بعد هذه الأفعال.
وأضمر القول في بعض القراءات:
1. {ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب} [2: 165].
قرأ أبو جعفر بكسر الهمزة فيهما، على الاستئناف، أو على إضمار القول [النشر:2: 2/224]، [الإتحاف:151]، [العكبري:1/41]، [البحر:1/471].
2. {أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد} [41: 53].
قرئ بكسر همزة [أنه] شاذا، على تقدير القول. [البحر:7/506].
3. {قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل} [10: 90].
قرئ بكسر همزة [أنه] شاذا، على إضمار القول. [الكشاف:2/201]، [البحر:5/188].
القول بمعنى الظن
فتحت همزة [إن] بعد القول في بعض الشواذ، فأول القول بمعنى الظن، أو على لغة سليم:
1- {وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها} [45: 32].
قرئ بفتح همزة [إن] على لغة سليم. [ابن خالويه:138]، [البحر:8/51].
3- {ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني} [20: 90].
قرئ في الشواذ بفتح الهمزتين على لغة سليم. [البحر:6/272].
14- [إن] الواقعة في جواب القسم في القرآن جاء في خبرها اللام إلا في آيتين:
1. {حم * والكتاب المبين * إنا جعلناه قرآنا عربيا} [43: 1-3].
2. {حم * والكتاب المبين * إنا أنزلناه في ليلة مباركة} [44: 1-3].
والآيتان مما لا يصح دخول اللام في خبر [إن] فيهما؛ لأن الفعل ماض متصرف مجرد من [قد].
صرح بفعل القسم في هذه الآيات:
1- {وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين} [7: 21].
2- {فلا أقسم بما تبصرون * وما لا تبصرون * إنه لقول رسول كريم} [69: 38-40].
3- {فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون} [70: 40].
4- {ويحلفون بالله إنهم لمعكم} [9: 56].
5- {أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم} [5: 35] 5: 35].
حذفت اللام الموطئة في قوله تعالى:
{وإن أطعتموهم إنكم لمشركون} [6: 121].
وتحتمل اللام في قوله تعالى:
{ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور} [42: 43].
أن تكون الموطئة دخلت على [من] الشرطية، وأن تكون لام الابتداء، و[من] موصولة [البحر:7/523].
{لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون} [15: 72].
قرأ أبو عمرو في رواية الجهضمي [أنهم] بفتح الهمزة.
وفي [العكبري:2/41]: «على زيادة اللام. ومثله قراءة سعيد بن جبير: {ألا أنهم ليأكلون الطعام} [25: 20].
15- لام الابتداء تفيد أمرين: توكيد مضمون الجملة، وتخليص المضارع للحال، واعترضه ابن مالك بقوله تعالى: {وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة} [16: 124] {إني ليحزنني أن تذهبوا به} [12: 13].
والجواب: أن الحكم في ذلك اليوم واقع لا محالة، فنزل منزلة الحاضر، وأن المعنى: قصد أن تذهبوا. والقصد حال.
قال أبو حيان: ويحتمل إقرار اللام مخلصة للمضارع للحال بأن يقدر عامل في {يوم القيامة} في قوله تعالى: {وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة}. ولما كانت اللام تخلص المضارع للحال لم تدخل على الفعل {تبعثون} ودخلت على {ميتون} في قوله تعالى: {ثم إنكم بعد ذلك لميتون. ثم إنكم يوم القيامة تبعثون} [23: 16]. [البحر:6/399].
دخلت لام الابتداء على خبر [إن]، وعلى اسمها، وعلى ضمير الفصل، ولم تدخل على معمول خبر [إن] في القرآن.
ولام الابتداء لا تمنع ما بعدها من أن يعمل فيما قبلها في باب [إن] وقال ابن القيم في [التبيان:ص81]: «ومنعت طائفة من النحاة أن يعمل ما بعد اللام فيما قبلها، وهذه الآية حجة على الجواز {وإنه لحب الخير لشديد} [100: 8] ولا وجه للتكلف البارد في تقدير عامل محذوف يفسره المذكور ».
وفي [المغني:1/191] «الثاني: أن عمل [إن] يتخطاها. تقول: إن في الدار لزيدا... وكذلك يتخطاها عمل العامل بعدها، نحو: إن زيدا طعامك لأكل. ووهم بدر الدين بن الناظم فمنع من ذلك، والوارد منه التنزيل كثير، نحو: {إن ربهم بهم يومئذ لخبير}».
قرئ في الشواذ بفتح همزة [إن] مع وجود لام الابتداء، فقدرت اللام زائدة في هذه القراءات وهي:
1. {أم لكم كتاب فيه تدرسون * إن لكم فيه لما تخيرون} [68: 37-38].
قرئ في الشواذ بفتح همزة [إن]. [ابن خالويه:16]، [البحر:8/315]، [المغني:2/63–64].
3. {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا أنهم ليأكلون الطعام} [25: 20].
قرئ بفتح الهمزة في الشواذ. [العكبري:2/84]، [البحر:6/190].
3. {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون} [15: 72].
[ابن خالويه:71]، [العكبري:2/41]، [البحر:5/562].
16- نكسر همزة [إن] إن وقعت في صدر جملة الحال كما هو في قوله تعالى:
1. {كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون} [8: 5].
2. {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا أنهم ليأكلون الطعام} [25: 20].
[المقتضب:2/346]، [شرح الرضي للكافية:2/325].
17- تكسر همزة [إن] إذا وقعت خبرا عن اسم ذات، ويحتمل ذلك قوله تعالى:
1. {قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين} [21: 59].
إن جعلت [من] اسم موصول كان الخبر جملة [إن] [العكبري:2/70].
2. {والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين} [7: 170].
إن جعل {الذين} مبتدأ كان خبره جملة [إن] والرابط العموم أن إعادة المبتدأ بمعناه، [الكشاف:2/102]، [العكبري:1/16]، [البحر:4/418]، [البيان:1/379].
3. {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور} [42: 43].
[العكبري:2/118]، [البحر:7/523–524]، [المغني:2/106-107].
4. {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا} [18: 30].
[الكشاف:2/389]، [العكبري:2/54]، [البحر:6/121]، [البيان:2/107].
5. {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا} [4: 10].
[البحر:3/178]: «فيها دليل على جواز وقوع الجملة المصدرة بإن خبرا عن [إن]».
6. {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم} [16: 110].
قال أبو البقاء: خبر [إن] جملة [إن] الثانية، وقال الزمخشري: الخبر {للذين}. [العكبري:2/46]، [الكشاف:2/345]، في [البحر:5/541] مكررة للتوكيد.
7. {ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم} [16: 119].
كالآية الآية السابقة. [العكبري:2/46]، [البحر:5/546].
8. {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد} [22: 17].
خبر [إن] الأولى جملة {إن الله يفصل بينهم} وقيل: [إن] مكررة.
وقيل: الخبر محذوف. [الكشاف:3/28]، [البيان:2/171]، [العكبري:2/74]، [البحر:6/359]، [الخزانة:4/345].
9. {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور * ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور} [35: 29-30].
خبر [إن] الأولى جملة [إن] الثانية {ويرجون} حال أو هم الخبر.. [الكشاف:3/275]، [البحر:7/313]، [الخزانة:4/345]، وفي [الهمع:1/137].
«الخامس: أن تقع خبرا عن اسم عين ؛ نحو: زيد إنه منطلق؛ بناء على إجازة ذلك، وهو رأي البصريين. والكوفيون يمنعون صحة هذا التركيب أصلا، فالخلاف عائد على أصل المسألة، لا الكسر، وهما متلازمان».
18- الغالب بعد {لا جرم} فتح همزة [إن] كما قال الرضي [2/326] وقد جاءت [إن] بعد {لا جرم} مفتوحة الهمزة في القراءات السبعية
وجاء كسر الهمزة في الشواذ في بعض الآيات:
1. {لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون} [16: 23].
قرأ عيسى الثقفي بكسر الهمزة. [ابن خالويه:72]، [البحر:5/384].
2. {لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون} [16: 62].
قرأ الحسن وعيسى بن عمر بكسر الهمزة في {أن لهم} [البحر:5/506].
19- قد يتقدم [إن] مفرد وجملة ؛ فيجوز فتح همزة [إن] عطفا على المفرد. وكسرها عطفا على الجملة أو على الاستئناف.. من ذلك:
1. {يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين} [3: 171].
قرئ بفتح همزة [إن] وبكسرها في السبع. [غيث النفع:71]، [الشاطبية:179]، [النشر:2/244]، [الإتحاف:182].
فتح الهمزة للعطف على {نعمة} والكسر على الاستئناف:
2. {إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى * وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى} [20: 118-119].
فتح الهمزة وكسرها من {وإنك} في السبع. [غيث النفع:169]، [الشاطبية:249]، [النشر:2/322]. الفتح عطف على {أن لا تجوع} والكسر عطف على [إن] الأولى، أو على الاستئناف. [سيبويه:1/463]، [الكشاف:2/449]، [العكبري:2/67]، [البحر:6/284].
3. {ثم يجزاه الجزاء الأوفى* وأن إلى ربك المنتهى* وأنه هو أضحك وأبكى * وأنه هو أمات وأحيا * وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى * من نطفة إذا تمنى * وأن عليه النشأة الأخرى* وأنه هو أغنى وأقنى * وأنه هو رب الشعرى* وأنه أهلك عادا الأولى} [53: 41-50].
قرئ بفتح همزة {وأنه} على أن ذلك كله في صحف موسى، وبالكسر على الابتداء، [الكشاف:4/42]، [البحر:8/168].
20- يجوز فتح همزة [إن] وكسرها إذا وليت [أن] الواو بعد اسم إشارة يكون تقريرا للكلام السابق، فالفتح عطف على اسم الإشارة، وهو خبر لمبتدأ محذوف، أي الأمر ذاك. والكسر عطف على الجملة. ذكر ذلك سيبويه والرضي.
وقد قرئ بالوجهين في بعض الآيات:
1. {ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون * وأن هذا صراطي مستقيما} [6: 152-153].
فتح همزة [إن] وكسرها من السبع. [غيث النفع:100]، [الشاطبية:203]، [النشر:2/266]، [الإتحاف:220].
2. {ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار} [8: 14].
الكسر من الشواذ. [ابن خالويه:49]، [الكشاف:2/118]، [البحر:4/472–473]، [سيبويه:1/463].
ولم يقرأ بكسر همزة [إن] في هذه الآيات:
1. {ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين} 8: 18. [8: 18].
2. {ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد} [8: 51].
3. {ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد} [3: 182].
4. {ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد} [32: 10].
وقد جاء كسر همزة [إن] لا غير لوجود لام الابتداء في اسم [إن] في هذه الآيات:
1- {فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى} [38: 25].
3- {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب * وإن له عندنا لزلفى} [38: 39-40].
3- {هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآب} [38: 49].
4- {هذا وإن للطاغين لشر مآب} [38: 55].
انظر [خزانة الأدب:4/305].
21- فتح همزة [إن] وكسرها بعد فاء الجزاء جاءا معا في القراءات السبعية في قوله تعالى:
1. {كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم} [6: 54].
[غيث النفع:90]، [الشاطبية:194]، [النشر:9/258].
وجاء الفتح وحده في السبع في قوله تعالى:
1. {ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فإن له نار جهنم} [9: 63].
2. {كتب عليه أنه من تولاه فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير} [22: 4].
3. {واعملوا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه} [8: 41].
وجاء الكسر وحده في آيات كثيرة من السبع ولذلك قال ابن مالك:
والكسر أحسن في القياس؛ ولذلك لم يجيء الفتح في القرآن إلا مسبوقا بأن المفتوحة. [الأشموني:1/331].
وقد قرئ في الشواذ بكسر الهمزة في قوله تعالى:
1. {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه} [8: 41].
2. {ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم} [9: 63].
3. {كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله} [22: 4].
وقرئ في الشواذ بالفتح في قوله تعالى:
{ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم} [72: 23].
في [شواذ ابن خالويه:163]: «بفتح الهمزة طلحة. وسمعت ابن مجاهد يقول: ما قرأ بذلك أحد، وهو لحن؛ لأن بعد فاء الشرط، وسمعت ابن الأنباري يقول: هو صواب، ومعناه: ومن يعص الله ورسوله فجزاؤه أن له نار جهنم».
علق أبو حيان على كلام ابن مجاهد بقوله في [البحر:8/354]: «وكان ابن مجاهد إماما في القراءات، ولم يكن متسع النقل فيها كابن شنبوذ، وكان ضعيفا في النحو.
وكيف يقول: ما قرأ به أحد، وهذا طلحة بن مصرف قرأ به. وكيف يقول: هو لحن، وقد نصوا على أن [إن] بعد فاء الجواب يجوز فيها الفتح والكسر».
22- إذا وقعت [إن] في موقع التعليل جاز فيها فتح همزتها وكسرها. الفتح على تقدير لام العلة محذوفة. والكسر على أن التعليل بجملة [إن].
جاء في السبع كسر الهمزة وفتحها في آيات كثيرة:
1. {ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون} [8: 59].
فتح همزة {إنهم} وكسرها في السبع. [غيث النفع:113]، [الشاطبية:214]، [النشر:2/277]، [الإتحاف:238]، [البحر:4/510].
2. {إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون} [23: 111].
الكسر والفتح جاءا في السبع في {أنهم}. [غيث النفع:179]، [الشاطبية:254]، [النشر:2/329]، [الإتحاف:321]، [البحر:6/423] المفعول الثاني محذوف، إني جزيتهم الجنة.
3. {ذق إنك أنت العزيز الكريم} [44: 49].
[غيث النفع:236]، [الشاطبية:279]، [النشر:2/371]، [الإتحاف:389].
4. {إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم} [52: 28].
[غيث النفع:248]، [الشاطبية:283]، [النشر:2/378]، [الإتحاف:410]، [البحر:8/150].
5. {فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا} [80: 25].
[غيث النفع:273]، [الشاطبية:294]، [النشر:2/398]، [الإتحاف:433].
6. {وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده} [10: 4].
قرأ أبو جعفر بفتح الهمزة. وقرأ الباقون بكسرها. [النشر:2/282]، [الإتحاف:247]، هي قراءة عشرية. الفتح على تقدير اللام أو خبر لمحذوف. [البحر:5/124].
وقرئ في السبع أيضا بفتح همزة [إن] وكسرها في موقع التعليل مع الواو في قوله تعالى:
1. {ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون * وأن هذا صراطي مستقيما} [6: 152-153].
[غيث النفع:100]، [الشاطبية:203]، [النشر:2/262]، [الإتحاف:220]، [البحر:4/253].
2. {ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين} [8: 19].
[غيث النفع:112]، [الشاطبية:213]، [النشر:2/276]، [الإتحاف:236]، [البحر:4/479].
3 . {واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم * وإن هذه أمتكم أمة واحدة} [23: 52].
[غيث النفع:177]، [الشاطبية:253]، [النشر:2/328]، [الإتحاف:319]، [البحر:6/408-409].
قرئ في الشواذ بفتح الهمزة في قوله تعالى:
1. {فتاب عليه أنه هو التواب الرحيم} [2: 37].
[ابن خالويه:3]، [البحر:1/166].
2. {فاتقوا الله وأطيعون * إن الله ربي وربكم فاعبدوه} [3: 51].
[ابن خالويه:20]، [البحر:2/469].
3. {فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله} [7: 30].
[البحر:4/288–289].
4. {ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا} [10: 65].
[ابن خالويه:57]، [البحر:5/176].
5. {قال اخسئوا فيها ولا تكلمون * إنه كان فريق من عبادي يقولون} [23: 108-109].
[الكشاف:3/57]، [ابن خالويه:99]، [البحر:6/423].
6. {وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين} [27: 43].
[ابن خالويه:110]، [البحر:7/79].
7. {وقفوهم إنهم مسئولون}[37: 24].
[ابن خالويه:127]، [البحر:7/356].
8. {وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين} [44: 19].
[البحر:8/35].
9. {واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون} [44: 24].
[الكشاف:3/432].
وقرئ في الشواذ بكسر الهمزة في قوله تعالى:
{والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون} [23: 60].
[البحر:6/411].
ويرى أبو البقاء العكبري أن الكسر في مقام التعليل أبلغ. قال في قوله تعالى: {ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين} [2: 168].
«إنما كسرت الهمزة؛ لأنه أراد الإعلام بحاله، وهو أبلغ من الفتح؛ لأنه إذا فتح صار التقدير: لا تتبعوه لأنه عدو لكم. ومثله: لبيك إن الحمد لك. كسر الهمزة أجود؛ لدلالة الكسر على استحقاقه الحمد في كل حال، وكذلك التلبية».
[العكبري:1/42].
23- ذكر سيبويه والمبرد أنه لا يجوز أن تقع [أن] المفتوحة بعد [إن] المكسورة من غير فصل بينهما، فإن فصل بينهما جاز ذلك، كذلك لا يجوز أن تقع [أن] المفتوحة بعد [أن] المفتوحة من غير فصل وكذلك في [إن] المكسورة لا تقع بعدها [إن] المكسورة من غير فصل.
جاءت [أن] المفتوحة بعد [أن] المفتوحة مع الفصل بينهما في قوله تعالى: {أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون} [23: 35].
المبرد يرى أن الثانية توكيد للأولى، وسيبويه يرى أنها بدل منها، وقيل: المصدر مبتدأ خبره الظرف قبله، أو فاعل له.
[سيبويه:1/267]، [المقتضب:2/356-357]، [الكشاف:3/47]، [العكبري:2/78]، [شرح الكافية للرضي:2/333]، [البحر:6/474]، [البيان:1/183–184].
وقد ذكرنا الآيات التي جاءت فيها جملة [إن] المكسورة خبرا عن [إن] المكسورة في الحديث عن وقوع جملة [إن] المكسورة خبرا عن اسم ذات.
24- هل تكون [أن] بمعنى [لعل]؟
أجاز ذلك [سيبويه:1/462–463]، و[الفراء في معاني القرآن:1/350] في قوله تعالى: {وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون} [6: 109].
وفي الآية أربع قراءات سبعية: فتح همزة {أنها} وكسرها، وبالياء، والتاء في {لا يؤمنون} [غيث النفع:94]، [الشاطبية:199]، [النشر:2/261]، [البحر:4/201-202].
وأجاز ذلك الزمخشري في قوله تعالى:
{ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا} [11: 7].
على قراءة فتح همزة {أنكم}، أو على تضمين {قلت} معنى ذكرت.
[الكشاف:2/208]، [البحر:5/205].
25- يجوز العطف على اسم [إن] بالنصب قبل استكمال الخبر وبعده ويجوز العطف بالرفع بعد الاستكمال عند البصريين في [إن] و[أن]، و[لكن].
وفي المعطوف عليه أقوال:
أ- معطوف على محل [إن] مع اسمها عند الزمخشري.
ب- معطوف على محل الاسم.
ت- معطوف على الضمير في الخبر إن كان فاصل.
ث- من عطف الجمل، فالمرفوع مبتدأ خبره محذوف.
جاء في القرآن العطف بالرفع بعد الاستكمال في قوله تعالى:
1. {وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله} [9: 3].
[الكشاف:2/139]، [العكبري:2/6]، [البحر:5/6].
2. {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفذت كلمات الله} [31: 27].
الواو في {والبحر} عاطفة، أو للحال. [سيبويه:1/258]، [الكشاف:3/215]، [العكبري:2/98]، [البحر:7/191]، [البيان:2/256].
3. {أئنا لمبعوثون * أو آباؤنا} [37: 16-17].
قرئ في السبع بسكون الواو وفتحها في [أو]. [غيث النفع:215]، الشاطبية:272]، [النشر:2/357].
على قراءة فتح الواو يكون ما بعدها مبتدأ، ولا يجوز عطفه على الضمير في {لمبعوثون} لصدارة همزة الاستفهام. [الكشاف:3/298]، [البحر:7/355].
4. وإذا قيل: {إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها} [35: 32].
قرئ في السبع برفع ونصب {والساعة}. [غيث النفع:237]، [الشاطبية:280]، [النشر:2/372]، [الإتحاف:390]، [البحر:8/51].
5. {إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم} [7: 27].
[الكشاف:2/59]، [البحر:4/284–285].
6. {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص} [5: 45].
قرأ نافع وعاصم وحمزة بنصب الخمس على العطف، وقرأ الكسائي برفع الخمس على الاستئناف. وقرأ الباقون بنصب الأربع على العطف ؛ ورفع {الجروح} على الاستئناف. [غيث النفع:85]، [الشاطبية:189].
وقرئ في الشواذ بالرفع في قوله تعالى:
1. {ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره} [22: 65].
[الكشاف:3/39]، [العكبري:2/77]، [البحر:6/387].
والعطف بالنصب بعد الاستكمال كثير في القرآن:
1. {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن} [5: 45].
2. {وأن له عندنا لزلفى وحسن مآب} [38: 25].
وقرئ في السبع بالنصب في قوله تعالى:
1. {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله} [31: 27].
[غيث النفع:203]، [الشاطبية:265]، [النشر:2/347]، [الإتحاف:350].
2. {وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها} [45: 33].
[غيث النفع:237]، [الشاطبية:280]، [النشر:2/372]، [الإتحاف:390]
وقرئ في الشواذ بالنصب في قوله تعالى:
1. {أن الله بريء من المشركين ورسوله} [9: 3].
[الكشاف:2/139]، [العكبري:2/6]، [البحر:5/6]، [الإتحاف:240].
2. {إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم} [7: 28].
[الكشاف:2/59]، [العكبري:1/151]، [البحر:4/284–285].
3. {إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين} [7: 128].
[البحر:4/368].
العطف بالرفع قبل الاستكمال لا يجوز عند البصريين، وخرجوا ما ظاهره أنه كذلك على التقديم والتأخير كقوله تعالى:
{إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم} [5: 69].
[سيبويه:1/290]، [الكشاف:3/353–354]، [العكبري:1/124]، [البحر:3/531]، [البيان:1/299–300].
وقرئ في الشواذ بالرفع في قوله تعالى:
{إن الله وملائكته يصلون على النبي} [33: 56].
[ابن خالويه:120]، [الكشاف:3/245]، [البحر:7/248]، [المغني:2/157].
26- هل يجوز في النعت ما جاز في العطف من الرفع بعد الاستكمال؟
سيبويه والمبرد لا يجوزان ذلك، ويخرجان ما جاء من ذلك على أنه بدل أو خبر لمبتدأ محذوف كقوله تعالى: {قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب} [34: 48].
[سيبويه:1/286]، [المقتضب:4/114]، [الكامل:3/203].
ويرى العكبري أن {علام} بالرفع صفة ؛ كما كان كذلك في قراءة النصب وقال كمال الدين الأنباري في [البيان:2/283]: «فالرفع من خمسة أوجه: الأول: أن يكون مرفوعا على أنه خبر ثان.. والثاني: على البدل من الضمير المرفوع في {يقذف}.. الثالث: أن يكون خبر مبتدأ محذوف. الرابع: أن يكون بدلا من [رب] على الموضع. الخامس: أن يكون وصفا لرب على الموضع. وفي حمل وصف اسم [إن] على الموضع خلاف».
27- توكيد اسم [إن] بالنصب وبالرفع قبل الاستكمال في السبع في قوله تعالى: {قل إن الأمر كله لله} [3: 154].
وخرجت قراءة الرفع على الابتداء أو التوكيد. [العكبري:1/87]، [البحر:3/88]، والرفع والنصب من السبع. [غيث النفع:70]، [الشاطبية:178].
قرئ في الشواذ بنصب {كل} في قوله تعالى:
{إنا كل فيها} [40: 48].
جعل الزمخشري نصب {كل} على التوكيد، واختار أبو حيان البدلية [الكشاف:3/374]، [البحر:7/469–470].
28- تكلم سيبويه في مواضع من كتابه عن [ما] الكافة في لإ إنما] و[أنما] و[لكنما]، و[كأنما] و[ليتما] فقال: يجوز أن يقع بعدها الأفعال، وإذا وقعت بعدها الجملة الاسمية لا تعمل فيها، وقال: الإلغاء في [ليتما] حسن.
[كتاب سيبويه:1/465، 282، 2/459].
جاءت [إنما] في القرآن [ما] فيها كافة، ومحتملة للموصولية، وللمصدرية وللثلاثة في مواضع.
وكذلك شأن [أنما] بفتح الهمزة.
[كأنما] جاءت بعدها الجملة الفعلية في القرآن.
ولم يقع في القرآن [ليتما]، و[لكنما] و[لعلما].
صرح الزمخشري بإفادة [إنما] للحصر. وخالفه أبو حيان فقال:
«إن [ما] مع [إن] كهي مع [كأنما] و[لعلما] فكما أنها لا تفيد الحصر في التشبيه، ولا الحصر في الترجي فكذلك لا تفيده مع [إن]، وإذا فهم الحصر في بعض الآيات فإنما يفهم من السياق... ولا نعلم الخلاف إلا في [إنما] بالكسر. وأما [أنما] بالفتح فحرف مصدري ينسبك منه مع ما بعده مصدر، فالجملة بعدها ليست مستقلة.
[البحر:6/344]، [المغني:2/8]، [البرهان:4/231]، [الاقتضاب:17/18].