تفسير قوله تعالى: {الْحَاقَّةُ (1) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {الْحَاقَّةُ}: القيامة. العاب: العيب). [مجالس ثعلب: 181]
تفسير قوله تعالى: {مَا الْحَاقَّةُ (2) }
تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (3) }
تفسير قوله تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (4) }
تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5) }
تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
كعريضة الشيزى يكلل فوقها = شحم السنام غداة ريح صرصر
الصرصر: الباردة). [شرح ديوان الحطيئة: 62] (م)
تفسير قوله تعالى: (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) )
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وما جمعته على فَعالى أو فُعالى أو فَعلى فهو مقصور يكتب بالياء، من ذلك كُسالة وكَسالى وسُكارى وسَكارى وصرعى وأسرى وأُسارى). [المقصور والممدود: 12]
قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ): (وقال: تتابعت أيام حسوم، إذا كان لها ريح في أيام متتابعات). [كتاب الجيم: 1/160]
قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ): (والحُسُوم: المتتابع؛ قال أمية:
وكم لبِنائها مِن فَرط عَام = وهذا الدَّهْرُ مُقْتَبل حَسُوم).
[كتاب الجيم: 1/213]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في المخنث الذي كان يدخل على أزواجه فقال لعبد الله بن أبي أمية أخي أم سلمة: إن فتح الله علينا الطائف غدا دللتك على ابنة غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا يدخل هذا عليكن)).
قال: حدثناه ابن علية عن روح بن القاسم عن هشام بن عروة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما في حديث يروى عن الليث بن سعد بإسناد له أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((ألا أراك تعقل هذا؟ لا يدخل ذا عليكن)).
قوله: تقبل بأربع يعني أربع عكن في بطنها فهي تقبل بهن.
وقوله: تدبر بثمان يعني أطراف هذه العكن الأربع، وذلك لأنها محيطة بالجنبين حتى لحقت بالمتنين من مؤخرها من هذا الجانب أربعة أطراف ومن الجانب الآخر مثلها فهذه ثمان.
وإنما أنث فقال: بثمان، ولم يقل: بثمانية، وواحد الأطراف طرف وهو ذكر، لأنه لم يقل: ثمانية أطراف، ولو جاء بلفظ الأطراف لم يجد بدا من التذكير.
وهو كقولهم: هذا الثوب سبع في ثمان. والثمان يراد بها الأشبار فلم يذكرها لما لم يأت بلفظ الأشبار، والسبع
إنما تقع على الأذرع فلذلك أنث والذراع أنثى.
وكذلك قولهم: صمنا من الشهر خمسا.
قال: سمعت الكسائي وأبا الجراح يقولانه.
وقد علمنا أنه إنما يراد بالصوم الأيام دون الليالي، فلو ذكر الأيام لم يجد بدا من التذكير، فيقول: صمت خمسة أيام كقول الله عز وجل: {سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما}.
فهذا ما في الحديث من العربية.
وفيه من الفقه دخوله كان على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فإنه وإن كان مخنثا فهو رجل يجب عليهن الاستتار منه، وإنما وجهه عندنا أنه كان عند النبي صلى الله عليه وسلم من غير أولي الإربة من الرجال لقول الله عز وجل: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن ...} إلى قوله: {أو التابعين غير أولي
الإربة من الرجال} فلهذا كان ترك النبي صلى الله عليه وسلم إياه أن يدخل على أزواجه.
فلما وصف الذي وصف من المرأة علم أنه ليس من أولئك فأمر بإخراجه.
ألا تراه يقول له: ((ألا أراك تعقل ما ههنا؟)) فعند ذلك نهى عن دخوله عليهن.
وكذلك يروى عن الشعبي أو سعيد بن جبير أنه قال في {غير أولي الإربة من الرجال} قال: هو المعتوه.
وهذا عندي أولى من قول مجاهد.
قال: حدثناه ابن علية عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {غير أولي الإربة من الرجال}، قال: الذي لا أرب له في النساء.
قال مجاهد: مثل فلان.
وحديث النبي صلى الله عليه وسلم خلاف هذا، ألا ترى أنه قد يكون لا أرب له في النساء وهو مع هذا يعقل أمرهن ويعرف مساويهن من محاسنهن.
والذي في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان عنده لا يعقل هذا، فلما رآه قد عقله أمر بإخراجه). [غريب الحديث: 2/96-102]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فإذا أردت أن تجمع المذكر ألحقته اسماً من العدة فيه علامة التأنيث. وذلك نحو: ثلاثة أثواب، وأربعة رجال. فدخلت هذه الهاء على غير ما دخلت عليه في ضاربة وقائمة، ولكن كدخولها في علامة، ونسابة، ورجل ربعة، وغلام يفعة.
فإذا أوقعت العدة على مؤنث أوقعته بغير هاءٍ فقلت: ثلاث نسوة، وأربع جوار، وخمس بغلات. وكانت هذه الأسماء مؤنثة بالبنية، كتأنيث عقرب، وعناق، وشمس، وقدر.
وإن سميت رجلاً ب ثلاث التي تقع على عدة المؤنث لم تصرفه؛ لأنه اسم مؤنث بمنزلة عناق.
وإن سميته ب ثلاث من قولك: ثلاثة التي تقع على المذكر صرفته.
فكذلك يجري العدد في المؤنث والمذكر بين الثلاثة إلى العشرة في المذكر. وفيما بين الثلاث إلى العشر في المؤنث. قال الله عز وجل: {سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام} وقال: {في أربعة أيامٍ سواءً للسائلين} وقال: {على أن تأجرني ثماني حججٍ فإن أتممت عشراً فمن عندك}؛ لأن الواحدة حجة. وقال: {فصيام ثلاثة أيامٍ في الحج وسبعةٍ إذا رجعتم تلك عشرةٌ كاملةٌ}.
فإذا كان في الشيء ما يقع لأدنى العدد أضفت هذه الأسماء إليه فقلت: ثلاثة أغلمة، وأربعة أحمرةٍ، وثلاثة أفلسٍ، وخمسة أعدادٍ.
فإن قلت: ثلاثة حميرٍ، وخمسة كلابٍ جاز ذلك. على أنك أردت: ثلاثة من الكلاب، وخمسة من الحمير؛ كما قال الله عز وجل: {يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروءٍ}.
و قال الشاعر:
قد جعلت ميٌّ على الظرار = خمس بنانٍ قانىء الأظفار
يريد: خمساً من البنان). [المقتضب: 2/155-157]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن كل جمعٍ ليس بينه وبين واحده إلا الهاء فإنه جارٍ على سنة الواحد وإن عنيت به جمع الشيء؛ لأنه جنس. من أنثه فليس إلى الاسم يقصد، ولكنه يؤنثها على معناه؛ كما قال عز وجل: {تنزع الناس كأنهم أعجاز نخلٍ منقعرٍ}؛ لأن النخل جنس. وقال: {فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخلٍ خاويةٍ}؛ لأنه جمع نخلة فهو على المعنى جماعة. ألا ترى أن القوم اسمٌ مذكر! وقال عز وجل: {كذبت قبلهم قوم نوحٍ} لأن التقدير - والله أعلم -: إنما هو جماعة قوم نوح). [المقتضب: 3/346-347] (م)
تفسير قوله تعالى: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8) }
تفسير قوله تعالى: {وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (9) }
تفسير قوله تعالى: {فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (10) }
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): ( ما أنت يا عناب من رهط حاتم = ولا من روابي عروة بن شبيب
الرابية: ما أشرف من الأرض، شبه عظماء الرجال بها). [نقائض جرير والفرزدق: 37]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {أَخْذَةً رَابِيَةً}. قال: زائدة. {يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} قال: حظ ونصيب). [مجالس ثعلب: 82]
تفسير قوله تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11) }
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): ( فحرك أعلى حبله بحشاشة = ومن فوقه خضراء طام بحورها
والطامي الماء الكثير الذي قد طغى وذلك إذا كثر وجاء بما لا طاقة به من قول الله عز وجل: {إنا لما طغى الماء} ). [نقائض جرير والفرزدق: 518-519]
تفسير قوله تعالى: {لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (12) }
تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وتقول: سير بزيد سيرٌ شديد، وسير بزيد سيرتان. فإن قلت: سير بزيد سيراً فالنصب الوجه، والرفع بعيد؛ لأنه توكيد، وقد خرج من معاني الأسماء. قال الله - عز وجل -: {فإذا نفخ في الصور نفخةٌ واحدةٌ} فرفع لما نعت. فإذا أخبرت عن الصور قلت: المنفوخ فيه نفخةٌ واحدة الصور. وإن أخبرت عن النفخة قلت: المنفوخة في الصور نفخةٌ واحدةٌ. وتقول: سير بزيد فرسخٌ إذا أقمته مقام الفاعل. فإن قيل: أخبر عنه، قلت: المسير بزيد فرسخٌ. فإن قيل: أخبر عن زيد قلت: المسير به فرسخٌ زيدٌ. وإن قلت: سير بزيد فرسخا، فنصبته نصب الظروف، ولم تقمه مقام الفاعل لم يجز الإخبار عنه. وكذلك سير بزيد يوماً، وسير بزيد سيرا. وكل ما لم تجعله من مصدر، أو ظرف اسماً فاعلاً أو مفعولاً على السعة لم يجز الإخبار عنه؛ لأن ناصبه معه؛ ألا ترى أنك إذا قلت: سير بزيد سيرا، فجعلت قولك بزيد تماماً فإنما هو على قولك: يسيرون سيراً. وإنما يكون الرفع على مثل قولك: سير بزيد يومان، وولد له ستون عاماً. فالمعنى: ولد لزيد الولد ستين عاماً، وسير به في يومين، وهذا الرفع الذي ذكرناه اتساعٌ. وحقيقة اللغة غير ذلك. قال الله عز وجل: {بل مكر الليل والنهار} ). [المقتضب: 3/104-105]
تفسير قوله تعالى: {وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال في قوله عز وجل: {فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً} قال: أخرج الجبال في لفظ الواحد مع الأرض، لقوله هذه أرض وهذه جبال، فأخرجها على هاتين، كقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} ولم يقل الحسن ولا الحسنيات، ولو قال دككن لجمعه، تخرج لفظ الجمع بلفظ الواحد). [مجالس ثعلب: 226]
تفسير قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) }
تفسير قوله تعالى: {وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) }
تفسير قوله تعالى: {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (والرجاء على وجهين: الواحد من قول الله عز وجل: {والملك على أرجائها} مقصور يكتب بالألف لأنه من الواو ويثنى بالواو أيضا وهو الناحية.
قال الشاعر:
فلا يرمى بي الرجوان إني = أقل القوم من يغني مكاني
والرجاء في الأمل ممدود يكتب بالألف). [المقصور والممدود: 16-17]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): ( هنالكم تهدمت الركايا = وضمنت الرجا فهوت بدم
...
...
و«الرجا»: ناحية البئر وناحية كل شيء قال جل وعز: {والملك على أرجائها}. و«الرجا» في معنى: الأرجاء). [النوادر في اللغة: 211-212]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} قال: ثمانية أجزاء من كذا وكذا جزءًا من الملائكة.
قال: والعرش: كل شيء مرتفع). [مجالس ثعلب: 269]
تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18) }
تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (وتقول هاء يا رجل وهأوما يا رجلان وهأوم يا رجال قال الله عز وجل: {هأوم اقرءوا
كتابيه} وهاء يا امرأة مكسورة بلا ياء وهاؤما يا امرأتان وهاؤن يانسوة ولغة أخرى هأ يا رجل مثل خف وللاثنين هاءا مثل خافا وللجميع هاؤوا مثل خافوا وللمرأة هائي مثل هاعي وللاثنتين هاءا وللجميع هأن يا نسوة بمنزلة هعن ولغة أخرى هاء يا رجل بهمزة مكسور وللاثنين هائيا وللجميع هاؤوا وللمرأة هائي وللثنتين هائيا وللجميع هائين ولغة أخرى هأ يا رجل وللاثنين هآ مثال هعا وللجميع هؤوا مثال هعوا وللمرأة هئي مثال هعي وها مثال هعا للثنتين وهأن مثال هعن وإذا قال هاء قلت ما أهاء أي ما آخذ وما أهاء أي وما أعطى). [إصلاح المنطق: 290-291]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قال الشاعر:
هذا طريق يأزم المآزما = وعضوات تقطع اللهازما
ونظير عضة، سنة؛ على أن الساقط الهاء في قول بعض العرب، والواو في قول بعضهم، تقول في جمعها سنوات. وسانيت الرجل. وبعضهم يقول: سهات. وأكريته مسانهة.
وهذا الحرف في القرآن يقرأ على ضروب. فمن قرأ: {لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ} فوصل بالهاء - هو مأخوذ من: سانهت، التي هي سنيهة. ومن جعله من الواو قال في الوصل: لم يتسن وانظر. فإذا وقف قال: {لَمْ يَتَسَنَّه} فكانت الهاء زائدة لبيان الحركة. بمنزلة الهاء في قوله: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}. و{كِتَابِيَهْ}. و{حِسَابِيَهْ}. والمعنى واحد. وتأويله: لم تغيره السنون. ومن لم يقصد إلى السنة، قال: لم يتأسن. والآسن: المتغير، قال الله جل وعز: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ}، ويقال: أسن في هذا المعنى، كما يقال: رجل حاذر وحذر). [الكامل: 2/967-968] (م)
تفسير قوله تعالى: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (وقال ابن مقبل:
ظني بهم كسعى وهم بتنوفة = يتنازعون جوائز الأمثال
قوله: ظني بهم أي: يقيني بهم، فذلك ضد أيضا، يكون «الظن» شكا أو يقينا. قال أبو محمد، وقال الأصمعي: «وعسى» في بيت ابن مقبل ليست واجبة. وقال أبو عبيدة: هي واجبة. وقال جل ثناؤه: {الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم}. وقال في آية أخرى: {ظننت أني ملاقي حسابيه} فهذا يقين. ولو كان ذلك شكا، لم يجز في ذلك المعنى، وكان كفرا. ولكنه يقين. وقال دريد بن الصمة:
فظنوا بألفي فارس متلبب = سراتهم بالفارسي المسرد
وقال أبو محمد: أنشدنا أبو عبيدة:
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج = سراتهم في الفارسي المسرد
أي: تيقنوا. وقال عمرة بن طارق الحنظلي:
بأن تغتزوا قومي وأقعد فيكم = وأجعل مني الظن غيبا مرجما
يريد اليقين، ولو كان شكا، لكان المعنى ضعيفا لأن الظن إذا كان شكا كان غيبا مرجما وإنما يريد، وأجعل يقيني غيبا مرجما، أي: لا أفعل، وهو قول ابن عباس، قال: {الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم}، أي: الذين يعلمون.
قال عدي بن زيد:
أرفع ظني إلى المليك ومن = يلجأ إليه لا ينله الضر
كأنه يريد يقينه وإيمانه عنده. قال أبو دؤاد:
رب هم فرجته بعزيم = وغيوب كشفتها بظنون
كأنه يريد كشفتها بيقين، وإلا ضعف المعنى. قال أوس:
فأرسله مستيقن الظن أنه = مخالط ما بين الشراسيف جائف
وكأن المعنى، مستيقن العلم. لأن الظن الذي هو شك لا يكون يقينا. قال أبو محمد: قرأت على الأصمعي بيت أبي دؤاد فقال: هو لخلف الأحمر). [الأضداد: 71-73] (م)
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
فغبرت بعدهم بعيش ناصب = وإخال أني لاحق مستتبع
...
«وإخال» أظن، وهي هاهنا يقين، وقد جاء الظن في موضع شك ويقين في كتاب الله عز وجل: {إني ظننت أني ملاق حسابيه}، أي أيقنت). [شرح أشعار الهذليين: 1/8]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قال الشاعر:
هذا طريق يأزم المآزما = وعضوات تقطع اللهازما
ونظير عضة، سنة؛ على أن الساقط الهاء في قول بعض العرب، والواو في قول بعضهم، تقول في جمعها سنوات. وسانيت الرجل. وبعضهم يقول: سهات. وأكريته مسانهة.
وهذا الحرف في القرآن يقرأ على ضروب. فمن قرأ: {لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ} فوصل بالهاء - هو مأخوذ من: سانهت، التي هي سنيهة. ومن جعله من الواو قال في الوصل: لم يتسن وانظر. فإذا وقف قال: {لَمْ يَتَسَنَّه} فكانت الهاء زائدة لبيان الحركة. بمنزلة الهاء في قوله: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}. و{كِتَابِيَهْ}. و{حِسَابِيَهْ}. والمعنى واحد. وتأويله: لم تغيره السنون. ومن لم يقصد إلى السنة، قال: لم يتأسن. والآسن: المتغير، قال الله جل وعز: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ}، ويقال: أسن في هذا المعنى، كما يقال: رجل حاذر وحذر). [الكامل: 2/967-968] (م)
تفسير قوله تعالى: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وتقول مكانٌ آهلٌ أي ذو أهلٍ وقال ذو الرمة:
إلى عطنٍ رحب المباءة آهل
وقالوا لصاحب الفرس: فارسٌ.
وقال الخليل: إنما قالوا: عيشةٌ راضيةٌ وطاعمٌ وكاسٍ على ذا أي ذات رضاً وذو كسوة وطعامٍ وقالوا ناعلٌ لذي النعل). [الكتاب: 3/382]
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (وقد جاؤوا بفاعل في معنى مفعول ضدا، قالوا: سر كاتم، أي: مكتوم وأمر عارف، أي: معروف، وما أنت بحازم عقل، أي: محزوم عقل،
وهذه تطليقة بائنة، أي: مبانة فيها. أخبرنا الثقة، ومثله قول الله جل وعلا: {لا عاصم اليوم من أمر الله} كأنه يريد، لا معصوم. وهو في: {عيشة راضية} من ذلك، أي: مرضية، وقد يجوز أن يكون المعنى، في عيشة راضية لأهلها). [الأضداد: 85-86]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (قال أبو زبيد:
أي ساع سعى ليقطع شربي = حين لاحت للصابح الجوزاء
فالصابح بمعنى المصبح الذي قد أصبح: كقولهم موت مائت أي مميت ولمح باصر أي مبصر وهم ناصب أي منصب وقال النابغة: كليني لهم ياأميمة ناصب، أي منصب: ومنه قول الله عز وجل: {في عيشة راضية} أي: ذات رضى ويقال هي في معنى مَرضيَّة ومُرضيَة: و{ماء دافق} أي: مدفوق). [شرح المفضليات: 855]
تفسير قوله تعالى: {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) }
تفسير قوله تعالى: {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) }
تفسير قوله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
ألا انعم صباحًا أيها الطلل البالي = وهل ينعمن من كان في العصر الخالي
...
قال: والخالي: الماضي. خلا من الشهر يومان: مضيا. وقال الله جل وعز: {في الأيام الخالية} ). [شرح ديوان امرئ القيس: 299-300]