التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى:{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وأوحينا إلى أمّ موسى} [القصص: 7].
قال قتادة: وحي إلهامٍ، فقذف في قلبها، ألهمته، ليس بوحي النّبوّة.
{أن أرضعيه} [القصص: 7] أن أرضعي موسى.
{فإذا خفت عليه} [القصص: 7] الطّلب.
{فألقيه في اليمّ} [القصص: 7]، أي: البحر.
{ولا تخافي} [القصص: 7] عليه الضّيعة.
{ولا تحزني} [القصص: 7] أن يقتل.
{إنّا رادّوه إليك وجاعلوه من المرسلين} [القصص: 7] قال قتادة: فجعلته في تابوتٍ ثمّ قذفته في البحر.
{فالتقطه آل فرعون} [القصص: 8] قال يحيى: لا أعلم إلا أنّه بلغني أنّ الغسّالات على النّيل التقطته). [تفسير القرآن العظيم: 2/579]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأوحينا إلى أمّ موسى}: أي: ألقينا في قلبها, ومثله: {وإذ أوحيت إلى الحواريّين}
{فألقيه في اليمّ} أي: في البحر). [تفسير غريب القرآن: 328]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأوحينا إلى أمّ موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليمّ ولا تخافي ولا تحزني إنّا رادّوه إليك وجاعلوه من المرسلين }
قيل : إن الوحي ههنا ألقاء اللّه في قلبها، وما بعد هذا يدل - واللّه أعلم - أنه وحى من اللّه عز وجل على جهة الإعلام للضمان لها.
{إنّا رادّوه إليك وجاعلوه من المرسلين}:ويدل عليه {ولتعلم أنّ وعد اللّه حقّ}
وقد قيل : إن الوحي ههنا الإلهام، وجائز أن يلقي الله في قلبها أنه مردود إليها، وأنه يكون مرسلاً، ولكن الإعلام أبين في هذا.
أعني: أن يكون الوحي ههنا إعلاماً, وأصل الوحي في اللغة كلها: إعلام في خفي، فلذلك صار الإلهام يسمّى : وحياً.
وقوله: {فألقيه في اليمّ)}:اليم : البحر.). [معاني القرآن: 4/132-133]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم}
روى معمر , عن قتادة قال: قذف في نفسها , وقيل : هي رؤيا رأتها .
وقال غيره : بل كان ضماناًمن الله عز وجل .
قال أبو جعفر : والوحي في اللغة إعلام في خفاء , فلذلك جاز أن يقال للإلهام وحي ،كما قال تعالى: {وأوحى ربك إلى النحل}، وقال: {وإذ أوحيت إلى الحواريين}
والقول الثالث يدل على صحته : قوله تعالى: {إنا رادوه إليك}، وقوله جل وعز: {ولتعلم أن وعد الله حق}، واليم: البحر). [معاني القرآن: 5/157-158]
تفسير قوله تعالى:{فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (8)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال قتادة: {ليكون لهم عدوًّا وحزنًا} [القصص: 8]، أي: ليكون لهم عدوًّا في دينهم وحزنًا لهم يحزنهم به.
[تفسير القرآن العظيم: 2/579]
قال: {إنّ فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين} [القصص: 8] مشركين). [تفسير القرآن العظيم: 2/580]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {عدوّاً وحزناً...}
هذه لأصحاب عبد الله , والعوامّ : {حزنًا}, وكأن الحزن : الاسم، والغمّ، وما أشبهه، وكأنّ الحزن مصدر، وهما بمنزلة العدم والعدم ). [معاني القرآن: 2/302]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوًّا وحزناً}: لم يلتقطوه في وقتهم ذاك لهذه العلة, وإنّما التقطوه: ليكون لهم ولدا بالتّبني، فكان عدوّا، وحزناً، فاختصر الكلام ). [تفسير غريب القرآن: 328]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوّا وحزنا إنّ فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين}
{وحزناً}، ويجوز {وحزناً}، ومعنى {ليكون لهم عدوّا} أي: ليصير الأمر إلى ذلك ؛ لا أنهم طلبوه، وأخذوه لهذا كما تقول للذي كسب مالاً، فأدّى ذلك إلى الهلاك:
إنما كسب فلان لحتفه، وهو لم يطلب المال للحتف.
ومثله: فللموت ما تلد الوالدة، أي: فهي لم تلده طلبا أن يموت ولدها، ولكن المصير إلى ذلك.). [معاني القرآن: 4/133]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا}
لما كان التقاطهم إياه يئول إلى هذا، قيل : التقطوه له كما يقال لمن كسب ماله فأوبقه، إنما كسبه ليهلكه، وهذا مذهب الخليل، وسيبويه، ومن يرضى قوله من النحويين،
وهو كثير في كلام العرب ). [معاني القرآن: 5/158-159]
تفسير قوله تعالى:{وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (9)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وقالت امرأة فرعون قرّت عينٍ لي ولك} [القصص: 9] تقوله لفرعون.
قال قتادة: تعني بذلك موسى، ألقيت عليه رحمتها حين أبصرته.
{لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتّخذه ولدًا وهم لا يشعرون} [القصص: 9] أنّ هلاكهم على يديه وفي زمانه). [تفسير القرآن العظيم: 2/580]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وقالت امرأة فرعون قرّة عينٍ لّي ولك...}
رفعت {قرّة عينٍ} بإضمار (هو) , ومثله في القرآن كثير يرفع بالضمير.
وقوله: {لا تقتلوه} , وفي قراءة عبد الله: {لا تقتلوه قرّة عين لي ولك}، وإنما ذكرت هذا لأني سمعت الذي يقال له ابن مروان السّدّيّ يذكر، عن الكلبيّ، عن أبي صالح،
عن ابن عبّاس أنه قال: إنها قالت : (قرة عينٍ لّي ولك لا)، وهو لحنٌ، ويقوّيك على ردّه قراءة عبد الله.
وقوله: {وهم لا يشعرون} يعني: بني إسرائيل,فهذا وجه، ويجوز أن يكون هذا من قول الله، هم لا يشعرون بأن موسى:هو الذي يسلبهم ملكهم ).[معاني القرآن: 2/303]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وقالت امرأة فرعون قرّة عينٍ لي ولك } ومجازه : مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقولك: هذا قرة عين لي ولك،
وعلى هذا التفسير وقعت {قرة عين} ). [مجاز القرآن: 2/98]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وقالت امرأت فرعون قرّت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتّخذه ولدا وهم لا يشعرون}
رفع قرة عين على إضمار هو قرة عين لي ولك، وهذا وقف التمام، ويقبح رفعه على الابتداء , وأن يكون الخبر :{لا تقتلوه}، فيكون كأنه قد عرف: أنه قرة عين له, ويجوز رفعه على الابتداء على بعد على معنى: إذا كان قرة عين لي ولك , فلا تقتله، ويجوز النصب ولكن لا تقرأ به لأنه لم يأت فيه رواية قراءة، والنصب على معنى : لا تقتلوا قرة لي ولك، لا تقتلوه، كما تقول : زيدا لا تضربه.). [معاني القرآن: 4/133-134]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك}
هذا تمام الكلام , والدليل على ذلك :أنه في قراءة عبد الله بن مسعود :{وقالت امرأة فرعون لا تقتلوه قرة عين لي ولك }
ومعنى قرة عين : قرت عينه من القر، وهو البرد، أي: لم تسخن بالبكاء .
وقيل: قرت من قر في المكان، أي:لم تبك.). [معاني القرآن: 5/159]
تفسير قوله تعالى: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغًا} [القصص: 10] المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قال: فرغ من كلّ شيءٍ غير ذكر موسى لا تذكر غيره.
وقال قتادة: أي: لاهيًا من كلّ شيءٍ إلا ذكر موسى.
{إن كادت لتبدي به} [القصص: 10] قال قتادة: أي: لتبيّن أنّه ابنها من شدّة وجدها.
قال: {لولا أن ربطنا على قلبها} [القصص: 10] قال قتادة: بالإيمان.
{لتكون من المؤمنين} [القصص: 10] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/580]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغاً...}
قد فرغ لهمّه، فليس يخلط همّ موسى شيء .
وقوله: {إن كادت لتبدي به}، يعني باسم موسى: أنه ابنها، وذلك أن صدرها ضاق بقول آل فرعون: هو ابن فرعون، فكادت تبدي به، أي : تظهره،
وفي قراءة عبد الله: {إن كادت لتشعر به}.
... حدثني ابن أبي يحيى بإسنادٍ له : أن فضالة بن عبيد الأنصاريّ من أصحاب النبي عليه السّلام
قرأ :{وأصبح فؤاد أمّ موسى فزعاً}: من الفزع ). [معاني القرآن: 2/303]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( { وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغاً }: مجازه: فارغاً من الحزن، لعلها : أنه لم يغرق، منه قولهم دم فرغٌ، أي: لا قود فيه،
ولا دية فيه ). [مجاز القرآن: 2/98]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغاً إن كادت لتبدي به لولا أن رّبطنا على قلبها لتكون من المؤمنين}
وقال: {فارغاً إن كادت لتبدي به}، أي: فارغاً من الوحي , إذ تخوّفت على موسى، وإن كادت لتبدي بالوحي، أي: تظهره ). [معاني القرآن: 3/22]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا}: قال بعضهم فارغا خاليا من كل شيء إلا من ذكر موسى. وقالوا فارغا بائسا والله أعلم. ويقال للرجل إذا فاتته الحاجة قد فرغت الآن). [غريب القرآن وتفسيره: 289]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغاً}
قال أبو عبيدة: فارغا من الحزن, لعلمها أنه لم يقتل, أو قال: لم يغرق، وهذا من أعجب التفاسير،كيف يكون فؤادها من الحزن فارغا في وقتها ذاك،
واللّه سبحانه يقول: {لولا أن ربطنا على قلبها}؟! وهل يربط إلا على قلب الجازع والمحزون؟! .
والعرب تقول للخائف، والجبان: «فؤاده هواء»، لأنه لا يعي عزماً، ولا صبراً، قال اللّه: {وأفئدتهم هواءٌ}
وقد خالفه المفسرون إلى الصواب، فقالوا أصبح فارغا من كل شيء إلا من أمر موسى، كأنها لم تهتمّ بشيء - مما يتهم به الحيّ - إلا أمر ولدها.). [تفسير غريب القرآن: 329]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن الاختصار أن تضمر لغير مذكور...
وقال: {إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ}، أي بموسى: أنه ابنها). [تأويل مشكل القرآن: 226]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وأصبح فؤاد أمّ موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين}
المعنى: أصبح فارغا من كل شيء إلا من ذكر موسى، وقيل : إلا من الهمّ بموسى، المعنى واحد.
{إن كادت لتبدي به}:المعنى : إن كادت لتظهر : أنه ابنها، وقد قرئت:{ فرغاً}, والأكثر :{فارغاً}
{لولا أن ربطنا غلى قلبها}: معناه : لولا ربطنا على قلبها، والربط على القلب: إلهام الصبر، وتشديده، وتقويته.). [معاني القرآن: 4/134]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا}
قال أبو جعفر فيه أربعة أقوال:
أ- منها ما حدثنا أحمد بن محمد البراثي قال: حدثنا عمرو بن الهيثم، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أب، عن عمرو بن ميمون،
عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى: {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا}. قال : فرغ من كل شيء في الدنيا إلا من ذكر موسى صلى الله عليه وسلم .
ب- قال أبو جعفر : وكذا قال ابن عباس، وأبو عبيدة، وأبو عمران الجوني، والحسن، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة، والضحاك.
ج- وقال الكسائي :{فارغًا }:أي: ناسياً ذاهلاً، كما يقال لمن لم تقض حاجته فرغ، وللميت قد فرغ، وأنكر الكسائي أن يكون المعنى : فارغا من كل شيء إلا من ذكر موسى، وليس المعنى عليه .
وقال الأخفش سعيد : {وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً} من الوحي، {إن كادت لتبدي به} أي :بالوحي.
د- وقال أبو عبيدة:{وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً} أي : من الحزن ؛ لما علمت أنه لم يغرق.
قال أبو جعفر : أصح هذه الأقوال الأول، والذين قالوه : أعلم بكتاب الله جل وعز، وإذا كان فارغاً من كل شيء إلا من ذكر موسى، فهو فارغ من الوحي،
وقولهم: قد فرغ الميت من هذا، أي : فرغ مما يجب عليه أن يعلمه.
وقول أبي عبيدة : فارغاً من الغم غلط قبيح ؛ لأن بعده: {إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها} .
وروى سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال : كادت تقول: واإبناه .
قال أبو جعفر :ومعنى :{ربطنا}: شددنا، وقوينا.
قال قتادة : لولا أن ربطنا على قلبها , أي : ربطنا على قلبها بالإيمان.). [معاني القرآن: 5/159-162]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({فارغاً}.
قال ثعلب: اختلف الناس في قوله جل وعز: فارغا، فقالت طائفة: فرغ من كل شيء إلا من حزنها عليه, وقالت طائفة: فرغ فؤادها من خوفها عليه، لوعد الله لها أن يرده إليها،
من قوله: {إنا رادوه إليك}
قال أبو العباس: وعلى هذا العمل، قيل له، فقوله عز وجل:{إن كادت لتبدي به}، بأي شيء كادت تبدي به؟ قال: كادت تقول: ما في قلبي إلا حزنه، وكادت تقول: قد فرغ قلبي من حزنه، لوعد ربي إياي أن يرده إلي.
قال: ولو أبدت أحد القولين لقتل موسى صلى الله عليه وسلم، ولكن الله عز وجل أمسك لسانها عن أن تبدي ما في قلبها، ليبلغ موسى ما أراده.). [ياقوتة الصراط: 397-398]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا}: من الحزن، لعلمها أنه لم يقتل, وقيل: فارغاً من كل شيء إلا من ذكر موسي ).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 181]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {فَارِغًا}: خالياً). [العمدة في غريب القرآن: 232]
تفسير قوله تعالى: {وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وقالت لأخته} [القصص: 11] قالت أمّ موسى لأخت موسى.
[تفسير القرآن العظيم: 2/580]
{قصّيه} [القصص: 11] سعيدٌ، عن قتادة، قال: أي: قصّي أثره.
قال اللّه {فبصرت به عن جنبٍ} [القصص: 11]، أي: عن ناحيةٍ.
{وهم لا يشعرون} [القصص: 11] أنّها أخته، جعلت تنظر إليه وكأنّها لا تريده.
وقال مجاهدٌ: {فبصرت به عن جنبٍ} [القصص: 11] من بعيدٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/581]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وقالت لأخته قصّيه...}
قصّي أثره، {فبصرت به عن جنبٍ}، يقول: كانت على شاطئ البحر حتّى رأت آل فرعون قد التقطوه، وقوله: {وهم لا يشعرون} : يعني: آل فرعون لا يشعرون بأخته ).
[معاني القرآن: 2/303]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وقالت لأخته قصّيه}: أي ابتغى إثره، يقال: قصصت آثار القوم.
{فبصرت به عن جنبٍ }, وأبصرته ، لغتان.
{عن جنب }: عن بعد، وتجنب، ويقال: ما تأتينا إلا عن جنب، وعن جنابة، قال علقمة بن عبدة:
فلا تحرمنّي مني نائلاً عن جنابةٍ=فإني امرؤ وسط القباب غريب
وقال الحطيئة:
والله يا معشرٌ لاموا امرءًا جنباً= في آل لأي شمّاسٍ لأكياس).
[مجاز القرآن: 2/98-99]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقالت لأخته قصّيه فبصرت به عن جنبٍ وهم لا يشعرون}
وقال:{وقالت لأخته قصّيه}: أي: قصّي أثره.). [معاني القرآن: 3/22]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {قصيه}: اتبعي أثره.
{فبصرت به}: أبصرته. [غريب القرآن وتفسيره: 289]
{عن جنب}: عن بعد). [غريب القرآن وتفسيره: 290]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وقالت لأخته قصّيه } : أي: قصّي أثره، واتّبعيه.
{فبصرت به عن جنبٍ} أي : عن بعد منها عنه، وإعراض: لئلا يفطنوا لها، و«المجانية» من هذا .
{وهم لا يشعرون} بها ). [تفسير غريب القرآن: 329]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقالت لأخته قصّيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون}: بمعنى : اتبعي أثره.
{فبصرت به عن جنب} معناه : فاتبعته، فبصرت به عن جنب , أي: عن بعد تبصر , ولا توهم أنها تراه، يقال: بصرت به جنب، وعن جنابة إذا نظرت إليه عن بعد.
قال الشاعر:
فلا تحرمنّي نائلا عن جنابة= فإني امرؤ وسط القباب
أي : لا تحرمني نائلا عن بعد، وإن كنت بعيدا منك.). [معاني القرآن: 4/134]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقالت لأخته قصيه}
قال مجاهد: أي: اتبعي أثره.
وقال ابن عباس : أي: قصي أثره , واطلبيه .
ثم قال جل وعز: {فبصرت به عن جنب}
قال مجاهد : أي : عن بعد , ومنه الأجنبي , قال الشاعر:
فلا تحرمني نائلا عن جنابة = فإني امرؤ وسط القباب غريب
والمعنى: تبصرته من بعيد لئلا يفطنوا بها
وقال أبو عمرو : وقال بعض المفسرين: فبصرت به عن جنب، أي : عن شوق، قال: وهي لغة الجذام، يقولون: جنبت إلى لقائك، أي: اشتقت
ثم قال {وهم لا يشعرون}: أي: لا يشعرون أنها أخته ). [معاني القرآن: 5/162-163]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : (و{قصيه}: أي: تبصريه. (عن جنب) أي: عن ناحية، {وهم لا يشعرون}، أي: وهم لا يعلمون بك ).
[ياقوتة الصراط: 399]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ} أي: عن بعد منها عنه ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 181]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({قُصِّيهِ}: اتبعي أثره، {عَن جُنُبٍ} : بعد ). [العمدة في غريب القرآن: 232]
تفسير قوله تعالى: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (12) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وحرّمنا عليه المراضع من قبل} [القصص: 12] قال قتادة: جعل لا يؤتى بامرأةٍ إلا لم يأخذ ثديها، حتّى ردّه اللّه إلى أمّه.
{فقالت هل أدلّكم} [القصص: 12] ألا أدلّكم.
{على أهل بيتٍ يكفلونه} [القصص: 12]، أي: يضمّونه فيرضعونه.
{وهم له ناصحون} [القصص: 12] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/581]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وحرّمنا عليه المراضع...}
يقول: منعناه من قبول ثّدي إلاّ ثدي أمّه.). [معاني القرآن: 2/303]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({يكفلونه لكم }: أي : يضمونه.). [مجاز القرآن: 2/99]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وحرّمنا عليه المراضع}: أي : منعناه أن يرضع منهن , و«المراضع»: جمع «مرضع».
{يكفلونه}: أي: يضمّونه إليهم.).[تفسير غريب القرآن: 329]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وحرّمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلّكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون}
معناه : من قبل أن نرده على أمه، وكان موسى لم يأخذ من ثدي, أي : لم يرضع من ثدي إلى أن ردّ إلى أمه , فرضع منها، وهذا معنى :{وحرّمنا عليه المراضع من قبل}.
{فقالت هل أدلّكم على أهل بيت يكفلونه لكم}:أي : فقالت أخت موسى عليه السلام لما تعذر عليهم رضاعه:{فقالت هل أدلّكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون}
فلما سمعوا قولها: {وهم له ناصحون}
قالوا: قد عرفت أهل هذا الغلام بقولك: وهم له ناصحون، فقالت: عنيت : " {هم له} " : هم للملك ناصحون، فدلّتهم على أمّ موسى، فدفع إليها تربّيه لهم في حسابهم ).
[معاني القرآن: 4/135]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وحرمنا عليه المراضع من قبل}
أي : من قبل رده إلى أمه
قال قتادة : لم يكن يقبل ثديا , فقالت أخته : {هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم , وهم له ناصحون }.
قال السدي : فاسترابوا بها لما قالت لهم , وهم له ناصحون , فقالت : إنما أردت , وهم للملك ناصحون , فدلتهم على أمه , فدفعوه إليها لترضعه لهم في حسبانهم , فذلك قوله جل وعز: {فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق} , لقوله عز وجل: {إنا رادوه إليك} ). [معاني القرآن: 5/163-164]
تفسير قوله تعالى: {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (13)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه عزّ وجلّ: {فرددناه إلى أمّه كي تقرّ عينها ولا تحزن ولتعلم أنّ وعد اللّه حقٌّ} [القصص: 13] الّذي قذف في قلبها {إنّا رادّوه إليك وجاعلوه من المرسلين} [القصص: 7].
قال: {ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} [القصص: 13]، يعني: جماعتهم لا يعلمون، تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/581]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فرددناه إلى أمّه كي تقرّ عينها ولا تحزن ولتعلم أنّ وعد اللّه حقّ ولكنّ أكثرهم لا يعلمون}
يعني : ما وعدت به مما أوحي إليها من قوله: {إنّا رادّوه إليك وجاعلوه من المرسلين}
واستقر عندها أنه سيكون نبياً.). [معاني القرآن: 4/135]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وحرمنا عليه المراضع من قبل} : أي: من قبل رده إلى أمه.
قال قتادة : لم يكن يقبل ثديا , فقالت أخته : {هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون}
قال السدي: فاسترابوا بها , لما قالت لهم : وهم له ناصحون , فقالت: إنما أردت , وهم للملك ناصحون , فدلتهم على أمه , فدفعوه إليها لترضعه لهم في حسبانهم.
فذلك قوله جل وعز: {فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق}, لقوله عز وجل: {إنا رادوه إليك} ). [معاني القرآن: 5/163-164] (م)