سورة القصص
[ من الآية (29) إلى الآية (35) ]
{فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30) وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ (31) اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (32) قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34) قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35)}
قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله: (إنّي آنست... لعلّي آتيكم (29)
فتحهما ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وفتح ابن عامر (لعلّي آتيكم) ). [معاني القراءات وعللها: 2/250]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أو جذوةٍ من النّار (29)
قرأ عاصم (أو جذوةٍ) بفتح الجيم.
وقرأ حمزة (جذوةٍ) بضم الجيم
وقرأ الباقون (جذوةٍ) بكسر الجيم.
[معاني القراءات وعللها: 2/250]
قال أبو منصور: هي لغات معروفة، ومثله: أوطأته عشوة، وعشوة، وعشوة). [معاني القراءات وعللها: 2/251]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله تعالى: {أو جذوة} [29].
قرأ حمزة وحده: {أو جذوة} بالضم، وجمعها جذى.
وقرأ عاصم: {جذوة} بالفتح، وجمعها جذي.
وقرأ الباقون: {جذوة} بالكسر وجمعها جذي، قال الشاعر:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/171]
باتت حواطب ليلي يلتمسن لها = جزل الجذا غير خوار ولا دعر
الدعر من الحطب: المدخن الموذى. ويمسي الرجل العياب المؤذي الداعر تشبيها بالعود الدعر، والعامة تصحف فتقول: ذاعر بالذال، وهو خطأ. وإنما الذاعر المفزع، يقال: ذعر فلان فلانًا: إذا أفزعه. قال الشاعر:
وماء قد وردت لوصل أروى = عليه الطير كالورق اللجين
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/172]
ذعرت به القطا ونفيت عنه = مقام الذئب كالرجل اللعين
فجذوة وجذوة وجذوة لغات ثلاث بمعنى، وهو الخشب في رأسه نار، ومثله رغوة اللبن، ورغوة، ورغوة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/173]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ الجيم وكسرها وفتحها من قوله تعالى: (جذوة) [القصص/ 29].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر والكسائي: (أو جذوة) بكسر الجيم.
وقرأ عاصم وحده: جذوة بفتح الجيم، وقرأ حمزة بضمّ الجيم.
[قال أبو علي]: هذه لغات في الكلمة، قال أبو عبيدة:
[الحجة للقراء السبعة: 5/413]
الجذوة مثل الجذمة وهي: القطعة الغليظة من الخشب ليس فيها لهب، قال ابن مقبل:
باتت حواطب ليلى يلتمسن لها... جزل الجذا غير خوّار ولا دعر
وذكر أبو عبيدة المكسورة منها). [الحجة للقراء السبعة: 5/414]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النّار لعلّكم تصطلون} 29
قرأ عاصم {جذوة من النّار} بالفتح وقرأ حمزة {جذوة} بالضّمّ وقرأ الباقون {جذوة} بالكسر ثلاث لغات مثل ربوة
[حجة القراءات: 543]
ربوة ربوة وسمعت الشّيخ أبا الحسين يقول سمعنا قديما بعض أهل العلم يقول جذوة قطعة وجذوة جمرة وجذوة شعلة). [حجة القراءات: 544]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (5- قوله: {جذوة} قرأه حمزة بضم الجيم، وقرأ عاصم بالفتح. وقرأ الباقون بالكسر، وهي لغات كلها في الجذوة من النار، وهي للقطعة الغليظة من الحطب، فيها نار ليس فيها لهب). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/173]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {أَوْ جَذْوَةٍ} [آية/ 29] بفتح الجيم:
قرأها عاصم وحده.
وقرأها حمزة {جُذْوَةٍ} بضم الجيم.
وقرأ الباقون {جِذْوَةٍ} بكسر الجيم.
والوجه أن هذه الكلمة جاءت بالحركات الثلاث في الجيم، وكلها لغات فيها، مثل ربوة، فإن فيها أيضًا الحركات الثلاث في الراء). [الموضح: 980]
قوله تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30)}
قوله تعالى: {وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ (31)}
قوله تعالى: {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (32)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (جناحك من الرّهب (32)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب (من الرّهب) بفتح الراء والهاء.
وقرأ حفص عن عاصم (من الرّهب) بفتح الراء وسكون الهاء.
وقرأ الباقون (من الرّهب) بضم الراء وسكون الهاء.
قال أبو منصور: يقال: رهبٌ، ورهبٌ، ورهبٌ، ورهبٌ - بمعنى واحد، وهو: الفرق والخوف.
وروى أبو عمرو لأبي عمرو الشيياني وابن الأعرابي أنهما قالا: الرّهب: الكم - وأما أهل التفسير فالرّهب عندهم: الفزع، ويقويه قراءة من قرأ (الرّهب) - والجناح: العضد، ويقال: اليد كلها جناح - واللّه أعلم بما أراد). [معاني القراءات وعللها: 2/251]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فذانك برهانان من ربّك (32)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب (فذانّك) بتشديد النون.
وروى علي بن نصر عن شبل عن ابن كثير (فذانيك برهانان) بنون خفيفة بعدها ياء.
وقرأ الباقون (فذانك) خفيفة.
قال النحويون: (فذانك) تثنية ذاك.
و (ذانّك) مشدد تثنية ذلك.
[معاني القراءات وعللها: 2/251]
وأما (ذانيك) فشاذ). [معاني القراءات وعللها: 2/252]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {واضمم إليك جناحك من الرهب} [32].
قرأ أهل الكوفة وابن عامر بضم الراء.
وقرأ الباقون: {من الرهب} بفتح الراء، والهاء.
وروى حفص عن عاصم: {من الرهب} بفتح الراء، وجزم الهاء فقال قوم: هن لغات ثلاث معناه: الفزع والرهبة، أي: اضمم إليك يديك، وهما جناحا الرجل. كما أن الأذن قمع، والعين مسلحة، والقلب أمير؛ لأنه لما ألقي عصاه صلى الله عليه وسلم فصارت جانا تثني رهب وفزع فأمره الله أن يضم إليه جناحيه ليذهب عنه الفزع.
فقال مجاهد: كل من فزع من شيء فضم جناحه إليه – أي: يديه – وقرأ هذه الآية ذهب عنه الفزع، ومن آوى إلي مضجعه فقرأ: {قل يا أيها الكافرون} لم يفزع في نومه.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/173]
وقال آخرون: الرهب بالضم: الكم، يقال للكمك ردن وأردان ورهب ورهبان وقن وأقنان.
قال الشعبي: دخلت حيا من أحياء العرب لأسألهم عن الرهب فدللت إلى أفصح من في الحي فصادفته غائبًا عن بيته. وخرجت بنية له تروح عشراوية فقلت لها: أي بنية أين أبوك؟
فقالت: إن دللتك بعلى أبي أنطيتني ما في رهبك؟ فنثرت كسرات كانت في كمي، فأعطيتها ورجعت. وقال قوم: الرهب بالإسكان لا يكون مخففًا من مثقل؛ لأن العرب تسكن المضموم والمكسور ولا يسكنون المفتوح.
وقال الأصمعي: فسألت أبا عمرو: لم لم تقرأ: {ويدعوننا رغبًا ورهبا} مع ميلك إلى التخفيف؟ فقال: ويلك أجمل أخف أم جمل. ويقال: ناقة رهب: إذا كانت غزيرة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/174]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {فذانك برهانان} [32].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو: {فذانك} مشددًا، وهو تثنية ذلك باللام فأدغمت اللام في النون.
وقال آخرون: لما قلت حروف الاسم قووها بالتشديد.
وقرأ الباقون: {فذانك} خفيفة، وهو تثنية ذاك بغير لام.
وروى شبل عن ابن كثير: {فذانيك برهانان} والبرهانان: البيانان، وهما اليد والعصا، وذلك أن موسى أعطي تسع آيات بينات: واليد، والعصا،
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/174]
والقمل، والضفادع، والدم، وفلق البحر، والطوفان، [والجراد]، وانفجار الماء من الحجر.
وحدثني أبو الحسن الحافظ، قال حدثني يحيى بن أبي طالب قال: أخبرنا يزيد بن هرون عن جويير عن الضحاك في قوله: {ءاتينا موسى تسع آيات بينات} قال: خمس في (الأعراف) عصا موسى، ويده، وعقدة لسانه، قال الضحاك: والقمل: الدبا يعني: صغار الجراد). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/175]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الرّاء وضمّها من قوله عزّ وجلّ: الرهب [القصص/ 32].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: (من الرّهب) بفتح الراء والهاء.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي وابن عامر:
(الرّهب) مضمومة الراء ساكنة الهاء، وروى هبيرة عن حفص عن عاصم: (الرّهب) بفتح الراء والهاء، وهو غلط، وروى عمرو بن الصباح عن حفص عن عاصم: من الرهب مفتوحة الراء ساكنة الهاء وهو الصواب.
أبو عبيدة، جناحا الرجل يداه، والرّهب: الرّهبة، وهو الخوف.
[الحجة للقراء السبعة: 5/414]
قال: (واضمم إليك جناحك من الرهب) [القصص/ 32] لمّا جاء فخرج منها خائفا يترقب [القصص/ 21]، ولا تخف نجوت من القوم الظالمين [القصص/ 25] وقال: إني أخاف أن يكذبون [الشعراء/ 12]، وقال: لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى [طه/ 46]. وقال: إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى طه/ 45]، وقال: فأوجس في نفسه خيفة موسى [طه/ 67] وقال: لا تخاف دركا ولا تخشى [طه/ 77]، فأضاف عليه السلام الخوف في هذه المواضع إلى نفسه، أو نزل منزلة من أضافه إلى نفسه، قيل له:
اضمم إليك جناحك من الرهب [القصص/ 32] فأمر بالعزم على ما أريد له ممّا أمر به وحضّ على الجدّ فيه، لئلّا يمنعه من ذلك الخوف والرهبة الذي قد تغشّاه في بعض الأحوال، وأن لا يستشعر ذلك، فيكون مانعا له مما أمر بالمضاء فيه، وقال تعالى: سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا [القصص/ 35]، فكما أنّ الشد هاهنا ليس بخلاف الحلّ، كذلك الضم في قوله: واضمم إليك جناحك ليس يراد به الضّمّ المزيل للفرجة، والخصاصة بين الشيئين، وكذلك قول الشاعر:
[الحجة للقراء السبعة: 5/415]
أشدد حيازيمك للموت... فإن الموت لاقيك
ليس يريد به الشدّ الذي هو الرّبط والضّمّ، وإنّما يريد: تأهّب له، واستعدد للّقاء به، حتّى لا تهاب لقاءه، ولا تجزع من وقوعه.
فتكون بحسن الاستعداد له، كمن قيل فيه: حبيب جاء على فاقة، كما يروى أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال للحسن: إنّ أباك لا يبالي أوقع على الموت، أو وقع الموت عليه وقالوا: في رأى فلان فسخ وفكّة، فهذا خلاف الشّدّ والضّمّ.
ووصفوا الرأي والهمّة بالاجتماع، وألّا يكون منتشرا في نحو قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 5/416]
حمى ذات أهوال تخطّيت حوله... بأصمع
من همّي حياض المتالف وقد جاء ذكر اليدين في مواضع يراد بها: جملة ذي اليد. من ذلك قولهم: لبّيك وخير بين يديك، ومن ذلك قوله سبحانه: ذلك بما قدمت يداك [الحج/ 10]، وقالوا: يداك أوكتا وفوك نفخ. فهذا يقال عند تفريع الجملة، قال:
فزاريا أحذّ يد القميص فنسب الخيانة إلى اليد، وهي للجملة، وعلى هذا نسب الآخر الإغلال إلى الإصبع فجعلها بمنزلة اليد فقال:
... ولم يكن... للغدر خائنة مغلّ الإصبع
[الحجة للقراء السبعة: 5/417]
وقال أبو عبيدة: جناحا الرجل: يداه، وقد ذكر أن غيره قال في قوله: واضمم إليك جناحك [القصص/ 32]: إنّه العضد.
وقول أبي عبيدة: أبين عندنا، ويدلّ على قول من قال: إنّه العضد، [أن العضد] قد قام مقام الجملة في قوله تعالى: سنشد عضدك بأخيك [القصص/ 35]، واليد في هذا المعنى أكثر وأوسع، وقد جاء الاسم المفرد يراد به التثنية، وأنشد أبو الحسن:
يداك يد إحداهما الجود كلّه... وراحتك الأخرى طعان تغايره
المعنى: يداك يدان، بدلالة قوله: إحداهما، ولأنّك إن جعلت يدا مفردا [بقيت لا يتعلق بها شيء].
ومن وقوع التثنية بلفظ الإفراد ما أنشده أبو الحسن:
[الحجة للقراء السبعة: 5/418]
وعين لها حدرة بدرة... شقّت مآقيهما من أخر
فيجوز على على هذا القياس في قوله: واضمم إليك جناحك أن يراد بالإفراد التثنية، كما أريد بالتثنية الإفراد في قوله:
فإن تزجراني يا بن عفّان أنزجر...
ومن الناس من يحمل قوله [جلّ وعزّ]: ألقيا في جهنم كل كفار عنيد [ق/ 24] عليه). [الحجة للقراء السبعة: 5/419]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تشديد النون وتخفيفها من قوله جلّ وعزّ: فذانك [القصص/ 32].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو (فذانّك) مشدّدة النون.
عليّ بن نصر عن أبي عمرو: يخفف ويثقّل، وروى نصر بن علي عن أبيه عن شبل عن ابن كثير: (فذانيك) خفيفة النون بياء.
وقرأ الباقون: فذانك خفيفة.
[الحجة للقراء السبعة: 5/419]
[قال أبو علي]: وجه ما روى من قوله تعالى: (فذانيك) أنّه أبدل من النون الثانية الياء كراهية التضعيف، وحكى أحمد بن يحيى: لا وربيك ما أفعل، يريد: لا وربّك، وأنشد أبو زيد:
فآليت لا أشريه حتى يملّني... بشيء ولا أملاه حتّى يفارقا
يريد: لا أملّه، فأبدل من التضعيف الألف، كما أبدل منه الأوّل الياء، وقيل في قوله تعالى: ثم ذهب إلى أهله يتمطى [القيامة/ 33]، أي يتمطط من المطيطياء ويجوز أن يكون: يتمطّى يتكفّى في مشيته، فيجري فيها مطاه، وهو الظهر، فيكون يتفعّل:
من المطا ولا يكون على القلب، ووجه التثقيل، قد مرّ فيما تقدّم). [الحجة للقراء السبعة: 5/420]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك} 32
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو {من الرهب} بفتح الرّاء والهاء وقرأ حفص الرهب بفتح الرّاء وسكون الهاء وقرأ الباقون {من الرهب} بضم الرّاء وسكون الهاء والرهب والرهب لغتان مثل الحزن والحزن والسقم والسقم ومن سكن الهاء مع فتح الرّاء فإنّه ذهب إلى التّخفيف مثل شعر وشعر ونهر ونهر
قرأ ابن كثير وأبو عمرو {فذانك} بالتّشديد وقرأ الباقون بالتّخفيف
قال الزّجاج كأن (ذانك) بالتّشديد تثنية ذلك وذانك بالتّخفيف تثنية ذاك يكون بدل اللّام في ذلك تشديد النّون في ذانك
وقال بعض النّحويين إنّما شددت النّون في الاثنين للتّأكيد لأنهم زادوا على نون الاثنين نونا كما زادوا قبل كاف المشار إليه لاما للتّأكيد
[حجة القراءات: 544]
فقالوا في ذاك ذلك فلمّا زادوا في ذاك لاما زادوا في ذانك نونا أخرى فقالوا ذانك وقال آخرون إن الأصل في ذانك ذا انك بألفين فحذفت الألف وجعل التّشديد عوضا من الألف المحذوفة الّتي كانت في ذا ومن العرب من إذا حذف عوض ومنهم من إذا حذف لم يعوض من عوض آثر تمام الكلمة ومن لم يعوض آثر التّخفيف ومثل ذلك في تصغير مغتسل منهم من يقول مغيسل فلا يعوض ومنهم من يقول مغيسيل فيعوض من التّاء ياء). [حجة القراءات: 545]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (6- قوله: {من الرهب} قرأ الحرميان وأبو عمرو بفتح الراء والهاء، وقرأ حفص بفتح الراء وإسكان الهاء، وقرأ الباقون بضم الراء، وإسكان الهاء، وهي لغات بمعنى واحد، و«الرهب» و«الرهبة» الخوف، وجناحا الرجل يداه، وقيل عضداه، وقد تقدم ذكر «فذانك» و«هاتين» وعلة ذلك في النساء، وقد تقدم ذكر «لأهله امكثوا» و«أئمة» و«في أمها» و«بضياء» وشبهه، فأغنى عن الإعادة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/173]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {مِنَ الرَّهَبِ} [آية/ 32] بفتح الراء والهاء:
قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب.
و-ص- عن عاصم {الرَّهْبِ} بفتح الراء وسكون الهاء.
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي و-ياش- عن عاصم {الرُّهْبِ} بضم الراء وسكون الهاء.
والوجه أن الرَهَب والرَهْب بفتح الهاء وإسكانها مثل الشَعَر والشَعْر والشَّمَع والشَمْع، وقد مضى مثله، والرُهب أيضًا بضم الراء وإسكان الهاء لغة بمعنى الرَهَب، كالبُخْل بمعنى البَخَل. والمراد بالرهب: الخوف، يعني الخوف الذي ناله من الثعبان، وقيل: الرَهَب الكُمُّ). [الموضح: 981]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {فَذَانِّكَ} [آية/ 32] بالمد وتشديد النون:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب –يس-.
والوجه قد سبق في سورة النساء وغيرها، وذكرنا إن إحدى النونين عِوضٌ من الألف المحذوفة من هذا في التثنية.
وقرأ الباقون ويعقوب –ح- و-ان- {فَذَانِكَ} بالتخفيف.
والوجه ظاهر.
[الموضح: 981]
وروي عن ابن كثير أنه قرأ {فَذَانِيكَ} بنون خفيفة، بعدها ياء.
والوجه أنه شدد النون من ذانِّك على ما سبق، ثم أبدل من النون الثانية ياءً، استثقالًا للتضعيف، وإبدال الياء من إحدى حرفي التضعيف كثير كتقضَّى البازي وتظَنَّيْت ونحوهما.
وروى أبو العباس ثعلب عن العرب: لاوربيك بتخفيف الباء وياء بعدها، أي وربِّك، وذلك قوله تعالى {لَمْ يَتَسَنَّهْ} عند من جعله من المسنون، وكذلك قوله سبحانه {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسّيهَا} أي دسَّسها، وقال الشاعر:
115- فآليت لا أشريه حتى يملّني = بشيءٍ ولا أملأه حتى أُفارقا
أي لا أملُّهُ، فجعل الألف من تسنّى ودسّاها وأملاه بدلًا من إحدى حرفي التضعيف، كما أبدل ابن كثير منه الياء ههنا). [الموضح: 982]
قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33)}
قوله تعالى: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ردءًا يصدّقني (34)
قرأ نافع وحده (ردًا) مفتوحة الدال، غير مهموزة.
وقرأ الباقون (ردءًا) بوزن (ردعًا) ساكن الدال، مهموزًا.
قال أبو منصور: أما قراءة نافع (ردًا) بالتخفيف فإنه ألقى فتحة الهمزة على الدال وليّن الهمزة.
ومن قرأ (ردءًا) بالهمزة فهو الأصل.
ومعناهما: العون، يقال: أردأت الرجل، إذا أعنته.
وقال ابن شميل: ردأت الحائط أردؤه، إذا دعمته بخشبة أو كنس يدفعه. أن يسقط.
وقال يونس: أردأت الحائط بهذا المعنى.
قال: والأرداء: الأعدال الثقيلة، كل عدل منها ردء). [معاني القراءات وعللها: 2/252]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (يصدّقني (34)
قرأ عاصم وحمزة (يصدّقني) بالرفع.
وقرأ الباقون (يصدّقني) بجزم القاف.
[معاني القراءات وعللها: 2/252]
قال أبو منصور: من ضم القاف أراد: (مصدقا) على الحال.
ومن جزم فلأنه جواب الأمر، ومعناه الجزاء، كأنه قال: إن أرسلته ردءا يصدقني). [معاني القراءات وعللها: 2/253]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {ردءا يصدقني} [34].
قرأ عاصم وحمزة: {يصدقني} بالرفع، ولم يجعلاه جوابًا للأمر، ولكن حالا، وصلة للردء، والتقدير: ردءًا مصدقًا لي. قال قطرب: يقال: ردأت الرجل وأرداته: إذا أعنته.
وقرأ الباقون: {ردءا يصدقني} بالجزم جوابًا للأمر، أرسله ردءًا يصدقني، وإنما يجزم جواب الأمر، لأنه في تقدير شرط وجزاء أي: إنك إن أرسلته صدقني.
وأما قوله: {ردءا} فإن القراء يهمزونه إلا نافعًا فإنه قرأ {ردًا يصدقني} بترك الهمز.
تقول العرب: أردأه يرديه إرداءة: إذا أعانه
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/175]
وقال آخرون: رداه ردى يردي فهو عدو الفرس.
وقال الأصمعي: سألت منتجع بن نبهان عن رديان الفرس فقال: هو عدو بين آريه ومتمكعه.
وسئل الأصمعي عن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم:
«إذا أذن المؤذن خرج الشيطان له حصاص». قال أما رأيت الحمار إذا حرك ذنبه ي عدوه، ونفخ الأصمعي شدقيه.
وأما ردي – يغير همز – فمعناه: هلك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/176]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ نافع وحده: (ردا) [القصص/ 34] غير مهموز منون، وهمزه كلّهم غير نافع فإنّه لم يهمزه، وفتح الدال وأسكنها الباقون.
أبو عبيدة: الردء: المعين، يقال: أردأته بشيء على عدوّه، وعلى ضيعته أي: أعنته.
[قال أبو علي]: أمّا قول نافع: فإنّه خفّف الهمزة، وكذلك
[الحجة للقراء السبعة: 5/420]
حكم الهمزة إذا خفّفت وكان قبلها ساكن أن تحذف، وتلقى حركتها على الساكن الذي قبلها، وهكذا قرأ أهل التخفيف: (الذي يخرج الخب في السموات والأرض) [النمل/ 25]، فمن آثر منهم التخفيف قال كما قال نافع، وقد جاء في بعض القوافي في الردء: الرّدّ، ذلك على أنّه خفّف الهمزة، وألقى حركتها على ساكن قبلها، ثم وقف بعد التخفيف على الحرف فثقّل كما يثقّل هذا فرجّ، وهذا خالد، فيضعف الحرف للوقف، ثم يطلق كما أطلق نحو:
سبسبّا... والقصبّا.
وحكى أبو الحسن: (ردّا) وحمله على أنّه فعل من (رددت) أي يردّ عنّي). [الحجة للقراء السبعة: 5/421]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ القاف وإسكانها من قوله جلّ وعزّ: يصدقني [القصص/ 34] فقرأ عاصم وحمزة يصدقني بضم القاف. وقرأ الباقون (يصدّقني)، ساكنة القاف.
قال أبو علي: وجه الرفع في يصدقني أنّه صفة للنّكرة، وتقديره: ردءا مصدقا، وسأل ربّه إرساله بهذا الوصف، ومن جزم كان على معنى الجزاء، إن أرسلته صدّقني، وهو جيّد في المعنى، لأنّه إذا أرسله معه صدّقه). [الحجة للقراء السبعة: 5/421]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فأرسله معي ردءًا يصدقني إنّي أخاف أن يكذبون}
قرأ نافع ردا بغير همز الأصل ردءًا خفف الهمزة ونقل حركة الهمزة إلى ما قبلها فصار ردا بتحريك الدّال
وقرأ الباقون {ردءًا} بالهمز
قرأ عاصم وحمزة {يصدقني} بالرّفع على الابتداء أي هو يصدقني
[حجة القراءات: 545]
قال أهل البصرة من رفع لم يجعله جوابا للأمر ولكن جعله حالا وصفة للنكرة والتّقدير ردءًا مصدقا
وقرأ الباقون {يصدقني} بالجزم جوابا للمسألة أي أرسله يصدقني). [حجة القراءات: 546]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (7- قوله: {ردءًا يصدقني} قرأه عاصم وحمزة بالرفع، وقرأ الباقون بالجزم.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/173]
وحجة من رفعه أنه جعله صفة لـ «ردء» فهو صفة لنكرة، وكذلك الأفعال لا تكون صفة إلا لنكرة، وتكون حالًا من المعرفة، كذلك الجمل تكون صفة للنكرة وحالًا من المعرفة، والتقدير: ردءًا مصدقًا لي، والردء المعين، سأل موسى عليه السلام ربه أن يرسل معه معينًا مُصدقًا له، وقد ذكرنا قراءة ورش في «ردءًا» وإلقاءه الحركة في كلمة على «الدال» ولم يفعل ذلك في غير هذا الحرف، وبينا علته في باب إلقاء الحركة.
8- وحجة من جزمه أنه جعله جوابًا للطلب وهو «فأرسله» كأنه قال: إن ترسله معي يصدقني، وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/174]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {رِدًا} [آية/ 34] بتنوين الدال غير مهموزة:
قرأها نافع وحده.
والوجه أن أصله ردْءًا كقراءة الباقين إلا أنه خفف الهمزة، وتخفيف الهمزة المتحركة إذا سكن ما قبلها هو أن تُلقى حركتها على الساكن الذي قبلها، وتُحذف الهمزة نحو {يُخْرِجُ الْخَبْ}، {وَيَحُولُ بَيْنَ الْمَرِ}، {وكُفًا أَحَدٌ} عند أهل التخفيف.
وقرأ الباقون {رِدْءًا} بسكون الدال وهمزة بعدها.
والوجه هو أنه هو الأصل، والردء: المعين، يقال أردأته على عدوه أي أعنته، وهو من قولهم أردأت الحائط إذا دعمته). [الموضح: 983]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {يُصَدِّقُنِي} [آية/ 34] بالرفع:
قرأها عاصم وحمزة.
والوجه أنه فعل مضارع قد وقع صفة للنكرة، والتقدير: ردءًا مصدقًا لي، فقد وقع موقع الاسم، وبهذا المعنى قد ارتفع الفعل المضارع، أعني بوقوعه
[الموضح: 983]
موقع الاسم، والمراد: أن موسى عليه السلام سأل الله تعالى رِدْءًا بهذه الصفة.
وقرأ الباقون {يُصَدِّقْنِي} بالجزم.
والوجه أنه جواب الأمر، وهو قوله تعالى {أَرْسِلْهُ}؛ لأنه مضمّن لمعنى الشرط، كأنه قال: إن ترسله يصدقني). [الموضح: 984]
قوله تعالى: {قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [عُضُدَكَ].
قال أبو الفتح: فيها خمس لغات: عَضُد، وعَضْد، وعُضُد، وعُضْد، وعَضِد. وأفصحها وأعلاها عَضُد بوزن رَجُل. وعَضْد مُسَكنٌ من عَضُد، وعُضْد منقول الضمة من الضاد إلى العين، وعُضُد بالضمتين جميعا كأنه تثقيل عُضْد. وقد شاع عنهم نحو ذلك، كقولهم في تكسير أحمر: حُمُر، قال طرفة:
وِرَادًا وَشُقُرْ
يريد: شُقْرًا.
وأما عَضِد فلغة صريحة غير مصنوعة، ونظيرها رجل وَقِل وَوَقْل، ووظيف عَجِر وعَجُر. من العَضُد قولهم: عَضَدْت فلانا إذا قويتَه؛ وذلك لأن العضد أقوى اليد، ومنه عِضادتا الباب: جانباه؛ لأنهما كالعضدين له، وعليه بقية الباب). [المحتسب: 2/152]