العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة البقرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 9 ربيع الثاني 1434هـ/19-02-2013م, 11:51 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة البقرة [من الآية (231) إلى الآية (232) ]

تفسير سورة البقرة
[من الآية (231) إلى الآية (232) ]


{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 ربيع الثاني 1434هـ/28-02-2013م, 07:24 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف


جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) )
- قال نعيم بن حماد الخزاعي المروزي (ت: 228هـ): (حدثني محمد بن كثير، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله: {الكتاب والحكمة} قال: الكتاب والسنة.
- أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله).[الزهد لابن المبارك: 2/ 239-240]

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة في قوله تعالى ولا تمسكوهن ضرارا قال هو الرجل يطلق امرأته فإذا بقي من عدتها يسير راجعها يضارها بذلك ويطول عليها فنهاهم الله تعالى عن ذلك فأمرهم أن يمسكوهن بمعروف أو يسرحوهن بمعروف). [تفسير عبد الرزاق: 1/94]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كان الرّجل يطلّق امرأته فإذا حاضت حيضةً أو حيضتين ودنت الحيضة الثّالثة راجعها ليضارها ذلك فنزلت {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فأمسكوهنّ بمعروفٍ أو سرّحوهنّ بمعروفٍ ولا تمسكوهنّ ضرارًا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه} [الآية: 231].
سفيان [الثوري] عن الأعمش عن أبي الضّحى عن مسروق مثله). [تفسير الثوري: 67]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فأمسكوهنّ بمعروفٍ أو سرّحوهنّ بمعروفٍ ولا تمسكوهنّ ضرارًا لتعتدوا}.
يعني تعالى ذكره بذلك: وإذا طلّقتم أيّها الرّجال نساءكم فبلغن أجلهنّ، يعني ميقاتهنّ الّذي وقّته لهنّ من انقضاء الأقراء الثّلاثة إن كانت من أهل القرء وانقضاء الأشهر، إن كانت من أهل الشّهور {فأمسكوهنّ} يقول: فراجعوهنّ إن أردتم رجعتهنّ في الطّلقة الّتي فيها رجعةٌ، وذلك إمّا في التّطليقة الواحدة، أو التّطليقتين كما قال تعالى ذكره: {الطّلاق مرّتان فإمساكٌ بمعروفٍ أو تسريحٌ بإحسانٍ}.
وأمّا قوله: {بمعروفٍ} فإنّه عنى بما أذن به من الرّجعة من الإشهاد على الرّجعة قبل انقضاء العدّة دون الرّجعة بالوطء، والجماع، لأنّ ذلك إنّما يجوز للرّجل بعد الرّجعة، وعلى الصّحبة مع ذلك والعشرة بما أمر اللّه به وبيّنّه لكم أيّها النّاس {أو سرّحوهنّ بمعروفٍ} يقول: أو خلّوهنّ يقضين تمام عدّتهنّ وينقضي بقيّة أجلهنّ الّذي أجّلته لهنّ لعددهنّ بمعروفٍ، يقول: بإيفائهنّ تمام حقوقهنّ عليكم على ما ألزمتكم لهنّ من مهرٍ ومتعةٍ ونفقةٍ وغير ذلك من حقوقهنّ قبلكم {ولا تمسكوهنّ ضرارًا لتعتدوا}
[جامع البيان: 4/178]
يقول: ولا تراجعوهنّ إن راجعتموهنّ في عددهنّ مضارّةً لهنّ لتطوّلوا عليهنّ مدّة انقضاء عددهنّ، أو لتأخذوا منهنّ بعض ما آتيتموهنّ بطلبهنّ الخلع منكم لمضارّتكم إيّاهنّ بإمساككم إيّاهنّ، ومراجعتكموهنّ ضرارًا واعتداءً.
وقوله: {لتعتدوا} يقول: لتظلموهنّ بمجاوزتكم في أمرهنّ حدودي الّتي بيّنتها لكم.
وبمثل الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ: {ولا تمسكوهنّ ضرارًا} قال: يطلّقها حتّى إذا كادت تنقضي راجعها، ثمّ يطلّقها، فيدعها، حتّى إذا كادت تنقضي عدّتها راجعها، ولا يريد إمساكها، فذلك الّذي يضارّ ويتّخذ آيات اللّه هزوًا.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، قال: سئل الحسن، عن قوله تعالى: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فأمسكوهنّ بمعروفٍ أو سرّحوهنّ بمعروفٍ ولا تمسكوهنّ ضرارًا لتعتدوا} قال: كان الرّجل يطلّق المرأة، ثمّ يراجعها، ثمّ يطلّقها، ثمّ يراجعها يضارّها؛ فنهاهم اللّه عن ذلك.
[جامع البيان: 4/179]
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فأمسكوهنّ بمعروفٍ أو سرّحوهنّ بمعروفٍ} قال نهى اللّه عن الضّرار ضرارًا أن يطلّق الرّجل امرأته، ثمّ يراجعها عند آخر يوم يبقى من الأجل حتّى يفي لها تسعة أشهرٍ ليضارّها به.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه، إلاّ أنّه قال: نهى عن الضّرار، والضّرار، في الطّلاق: أن يطلّق، الرّجل امرأته ثمّ يراجعها. وسائر الحديث مثل حديث محمّد بن عمرٍو.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فأمسكوهنّ بمعروفٍ أو سرّحوهنّ بمعروفٍ ولا تمسكوهنّ ضرارًا لتعتدوا} كان الرّجل يطلّق امرأته ثمّ يراجعها قبل انقضاء عدّتها، ثمّ يطلّقها، يفعل ذلك يضارّها ويعضلها، فأنزل اللّه هذه الآية.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، في قوله: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فأمسكوهنّ بمعروفٍ أو سرّحوهنّ بمعروفٍ ولا تمسكوهنّ ضرارًا لتعتدوا} قال: كان الرّجل يطلّق امرأته تطليقةً واحدةً ثمّ يدعها، حتّى إذا ما تكاد تخلو عدّتها راجعها، ثمّ يطلّقها، حتّى إذا ما كاد تخلو عدّتها راجعها، ولا حاجة له فيها، إنّما يريد أن يضارّها بذلك، فنهى اللّه عن ذلك وتقدّم فيه، وقال: {ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه}.
[جامع البيان: 4/180]
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني اللّيث، عن يونس، عن ابن شهابٍ، قال: قال اللّه تعالى ذكره: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فأمسكوهنّ بمعروفٍ أو سرّحوهنّ بمعروفٍ ولا تمسكوهنّ ضرارًا لتعتدوا} فإذا طلّق الرّجل المرأة، وبلغت أجلها فليراجعها بمعروفٍ أو ليسرّحها بإحسانٍ، ولا يحلّ له أن يراجعها ضرارًا، وليست له فيها رغبةٌ إلاّ أنّ يضارّها.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {ولا تمسكوهنّ ضرارًا لتعتدوا} قال: هو في الرّجل يحلف بطلاق امرأته، فإذا بقي من عدّتها شيءٌ راجعها يضارّها بذلك، ويطوّل عليها؛ فنهاهم اللّه عن ذلك.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبى أويسٍ، عن مالك بن أنسٍ، عن ثور بن زيدٍ الدّيليّ، أنّ رجلاً، كان يطلّق امرأته ثمّ يراجعها، ولا حاجة له بها، ولا يريد إمساكها، كيما يطوّل عليها بذلك العدّة ليضارّها؛ فأنزل اللّه تعالى ذكره: {ولا تمسكوهنّ ضرارًا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه} يعظّم ذلك.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ الفضل بن خالدٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سليمان الباهليّ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {ولا تمسكوهنّ ضرارًا} هو الرّجل يطلّق امرأته واحدةً، ثمّ يراجعها، ثمّ يطلّقها، ثمّ يراجعها، ثمّ يطلّقها؛ ليضارّها بذلك لتختلع منه.
[جامع البيان: 4/181]
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فأمسكوهنّ بمعروفٍ أو سرّحوهنّ بمعروفٍ ولا تمسكوهنّ ضرارًا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا} قال نزلت في رجلٍ من الأنصار يدعى ثابت بن يسارٍ طلّق امرأته حتّى إذا انقضت عدّتها إلاّ يومين أو ثلاثةً راجعها ثمّ طلّقها، ففعل ذلك بها، حتّى مضت لها تسعة أشهرٍ مضارّةً يضارّها، فأنزل اللّه تعالى ذكره: {ولا تمسكوهنّ ضرارًا لتعتدوا}.
- حدّثني العبّاس بن الوليد، قال: أخبرني أبي، قال: سمعت عبد العزيز، يسأل عن طلاق الضّرار، فقال: يطلّق ثمّ يراجع ثمّ يطلّق، ثمّ يراجع، فهذا الضّرار الّذي قال اللّه: {ولا تمسكوهنّ ضرارًا لتعتدوا}.
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا فضيل بن مرزوقٍ، عن عطيّة: {ولا تمسكوهنّ ضرارًا لتعتدوا} قال: الرّجل يطلّق امرأته تطليقةً، ثمّ يتركها حتّى تحيض ثلاث حيضٍ، ثمّ يراجعها، ثمّ يطلّقها تطليقةً، ثمّ يمسك عنها حتّى تحيض ثلاث حيضٍ، ثمّ يراجعها لتعتدوا؛ قال: لا يطاول عليهنّ.
وأصل التّسريح من سرّح القوم، وهو ما أطلق من نعمهم للرّعي، يقال للمواشي المرسلة للرّعي: هذا سرّح القوم، يراد به مواشيهم المرسلة للرّعي،
[جامع البيان: 4/182]
ومنه قول اللّه تعالى ذكره: {والأنعام خلقها لكم فيها دفءٌ ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمالٌ حين تريحون وحين تسرحون} يعني بقوله حين تسرحون: حين ترسلونها للرّعي فقيل للمرأة إذا خلاّها زوجها فأبانها منه: سرّحها، تمثيلاً لذلك بتسريح المسرّح ماشيته للرّعي وتشبيهًا به). [جامع البيان: 4/183]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه}.
يعني تعالى ذكره بذلك: ومن يراجع امرأته بعد طلاقه إيّاها في الطّلاق الّذي له فيه عليها الرّجعة ضرارًا بها ليتعدّى حدّ اللّه في أمرها، فقد ظلم نفسه، يعني فأكسبها بذلك إثمًا، وأوجب لها من اللّه عقوبةً بذلك.
وقد بيّنّا معنى الظّلم فيما مضى، وأنّه وضع الشّيء في غير موضعه وفعل ما ليس للفاعل فعله). [جامع البيان: 4/183]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا}.
يعني تعالى ذكره: ولا تتّخذوا أعلام اللّه وفصوله بين حلاله، وحرامه وأمره ونهيه في وحيه، وتنزيله استهزاءً ولعبًا، فإنّه قد بيّن لكم في تنزيله وآي كتابه ما لكم من الرّجعة على نسائكم في الطّلاق الّذي جعل لكم عليهنّ فيه الرّجعة، وما ليس لكم منها، وما الوجه الجائز لكم منها وما الّذي لا يجوز، وما الطّلاق الّذي لكم عليهنّ فيه الرّجعة وما ليس لكم ذلك فيه، وكيف وجوه ذلك؛ رحمةً منه بكم، ونعمةً منه عليكم، ليجعل بذلك لبعضكم من مكروهٍ إن كان فيه من صاحبه ممّا هو فيه المخرج والمخلّص بالطّلاق، والفراق،
[جامع البيان: 4/183]
وجعل ما جعل لكم عليهنّ من الرّجعة سبيلاً لكم إلى الوصول إلى ما نازعه إليه ودعاه إليه هواه بعد فراقه إيّاهنّ منهنّ، لتدركوا بذلك قضاء أوطاركم منهنّ، إنعامًا منه بذلك عليكم، لا لتتّخذوا ما بيّنت لكم من ذلك في آي كتابي، وتنزيلي تفضّلاً منّي ببيانه عليكم، وإنعامًا ورحمةً منّي بكم لعبًا وسخريًّا.
وبمعنى ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عبد اللّه بن أحمد بن شبّويه، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا أيّوب بن سليمان، قال: حدّثنا أبو بكر بن أبي أويسٍ، عن سليمان بن بلالٍ، عن محمّد بن أبي عتيقٍ، وموسى بن عقبة، عن ابن شهابٍ، عن سليمان بن أرقم، أنّ الحسن حدّثهم: أنّ النّاس كانوا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يطلّق الرّجل أو يعتق، فيقال: ما صنعت؟ فيقول: إنّما كنت لاعبًا؛ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: من طلّق لاعبًا أو أعتق لاعبًا فقد جاز عليه قال الحسن: وفيه نزلت: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا}.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، في قوله: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا} قال: كان الرّجل يطلّق امرأته، فيقول: إنّما طلّقت لاعبًا، ويتزوّج أو يعتق أو يتصدّق فيقول: إنّما فعلت لاعبًا، فنهوا عن ذلك، فقال تعالى ذكره: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا}.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا إسحاق بن منصورٍ، عن عبد السّلام بن حربٍ،
[جامع البيان: 4/184]
عن يزيد بن عبد الرّحمن، عن أبي العلاء، عن حميد بن عبد الرّحمن، عن أبي موسى: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم غضب على الأشعريّين فأتاه أبو موسى، فقال: يا رسول اللّه غضبت على الأشعريّين فقال: يقول أحدكم قد طلّقت قد راجعت ليس هذا طلاق المسلمين، طلّقوا المرأة في قبل عدّتها.
- حدّثنا أبو زيدٍ عمر بن شبّة، قال: حدّثنا أبو غسّان النّهديّ، قال: حدّثنا عبد السّلام بن حربٍ، عن يزيد بن أبي خالدٍ يعني الدّالانيّ، عن أبي العلاء الأوديّ، عن حميد بن عبد الرّحمن، عن أبي موسى الأشعريّ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال لهم: يقول أحدكم لامرأته: قد طلّقتك، قد راجعتك ليس هذا بطلاق المسلمين، طلّقوا المرأة في قبل طهورها). [جامع البيان: 4/185]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واذكروا نعمة اللّه عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة}.
يعني تعالى ذكره بذلك: واذكروا نعمة اللّه عليكم بالإسلام، الّذي أنعم عليكم به، فهداكم له، وسائر نعمه الّتي خصّكم بها دون غيركم من سائر خلقه، فاشكروه على ذلك بطاعته فيما أمركم به ونهاكم عنه،
[جامع البيان: 4/185]
واذكروا أيضًا مع ذلك، ما أنزل عليكم من كتابه وذلك، القرآن الّذي أنزله على نبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، واذكروا ذلك فاعملوا به، واحفظوا حدوده فيه. والحكمة: يعني: وما أنزل عليكم من الحكمة وهي السّنن الّتي علّمكموها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وسنّها لكم.
وقد ذكرت اختلاف المختلفين في معنى الحكمة فيما مضى قبل في قوله: {ويعلّمهم الكتاب والحكمة} فأغنى عن إعادته، في هذا الموضع). [جامع البيان: 4/186]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يعظكم به واتّقوا اللّه واعلموا أنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {يعظكم به} يعظكم بالكتاب الّذي أنزل عليكم والهاء الّتي في قوله به عائدةٌ على الكتاب {واتّقوا اللّه} يقول: وخافوا اللّه فيما أمركم به، وفيما نهاكم عنه في كتابه الّذي أنزله عليكم، وفيما أنزله فبيّنه على لسان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لكم أن تضيّعوه وتتعدّوا حدوده، فتستوجبوا ما لا قبل لكم به من أليم عقابه، ونكال عذابه). [جامع البيان: 4/186]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واتّقوا اللّه واعلموا أنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ} وقوله: {واعلموا أنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ} يقول: واعلموا أيّها النّاس أنّ ربّكم الّذي حدّ لكم هذه الحدود، وشرع لكم هذه الشّرائع، وفرض عليكم هذه الفرائض في كتابه وفي تنزيله، على رسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم بكلّ ما أنتم عاملوه من خيرٍ وشرٍّ، وحسنٍ، وسيّئٍ، وطاعةٍ، ومعصيةٍ، عالمٌ لا يخفى عليه من ظاهر ذلك، وخفيّه، وسرّه، وجهره شيءٌ، وهو مجازيكم بالإحسان إحسانًا، وبالسّيّئ سيّئًا، إلاّ أن يعفو ويصفح؛ فلا تتعرّضوا لعقابه، ولا تظلموا أنفسكم). [جامع البيان: 4/186]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فأمسكوهنّ بمعروفٍ أو سرّحوهنّ بمعروفٍ ولا تمسكوهنّ ضرارًا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا واذكروا نعمة اللّه عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتّقوا اللّه واعلموا أنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ (231)
قوله تعالى: وإذا طلّقتم النّساء
- وبه عن مقاتلٍ في قوله: وإذا طلّقتم النّساء بعد تطليقةٍ واحدةٍ، وذلك أنّ الرّجل المسلم إذا أراد أن يطلّق أهله، فإنّه يطلّقها عن غسلها من الحيض، فلا يجامعها حتّى يطلّقها، وطلاقه إيّاها أن يقول لها عند غسلها من غير أن يجامعها اعتدّي). [تفسير القرآن العظيم: 1/424]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: فبلغن أجلهنّ
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك فبلغن أجلهنّ يقول: إذا انقضت عدّتها قبل أن تغتسل من الحيضة الثّالثة، أو ثلاثة أشهرٍ، إن كانت لا تحيض، يقول: فراجع إن كنت تريد المراجعة قبل أن تنقضي العدّة.
- قرأت على محمّد بن الفضل، أبنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان، قوله: فبلغن أجلهنّ يعني:
ثلاثة قروءٍ يعني: ثلاث حيضٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/424]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: فأمسكوهنّ بمعروفٍ
- وبه عن مقاتلٍ فأمسكوهنّ بمعروفٍ يقول: فأمسكوهنّ من قبل أن تغتسل من حيضتها الثّالثة، بطاعة اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/424]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: أو سرّحوهنّ بمعروفٍ
- وبه عن مقاتلٍ أو سرّحوهنّ بمعروفٍ بطاعة اللّه إذا اغتسلت من حيضتها الثّالثة.
- حدّثنا عليّ بن الحسين أو سرّحوهنّ بمعروفٍ بطاعة اللّه إذا اغتسلت من حيضتها الثّالثة.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، عن عبد الرّحمن بن إبراهيم دحيمٌ، ثنا الوليد، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيبٍ قال: التّسريح في كتاب اللّه: الطّلاق). [تفسير القرآن العظيم: 1/424]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: ولا تمسكوهنّ ضرارًا لتعتدوا
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، ثنا عمّي الحسين، عن أبيه عن جدّه، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ، قوله: ولا تمسكوهنّ ضرارًا لتعتدوا كان الرّجل يطلّق امرأته، ثمّ يراجعها قبل انقضاء عدّتها، ثمّ يطلّقها. فيفعل بها ذلك يضارّها ويعضلها، فأنزل اللّه الآية.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ
يعني قوله: ولا تمسكوهنّ ضرارًا نهى عن الضّرار، والضّرار في الطّلاق: أن يطلّق الرّجل المرأة ويراجعها ثلاث مرّاتٍ عند آخر يومٍ يبقى من الأجل، حتّى يفي لها تسعة أشهرٍ، يضارّها. قال أبو محمّدٍ: وروي عن مسروقٍ وقتادة والحسن ومقاتل بن حيّان والرّبيع بن أنسٍ والسّدّيّ نحو ذلك.
قال أبو محمّدٍ:
وروي عن الضّحّاك والرّبيع بن أنسٍ نحوه، غير أنّهما قالا: راجعها، رجاء أن تختلع منه بمالها). [تفسير القرآن العظيم: 1/425]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ قوله: ولا تمسكوهنّ ضرارًا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه قال: كان الرّجل يطلّق امرأته تطليقةً واحدةً ثمّ يدعها، حتّى إذا كاد أن تخلو عدّتها راجعها ثمّ يطلّقها، حتّى إذا كاد أن تخلو عدّتها، راجعها، ولا حاجة له فيها، إنّما به ليطوّل عليها يضارّها بذلك، فنهى اللّه عن ذلك، وتقدّم فيه، وقال: ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه قال أبو محمّدٍ: وروي عن قتادة ومقاتل بن حيّان، نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/425]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ولا تتخذوا آيات الله هزوا
[الوجه الأوّل]
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا المبارك بن فضالة عن الحسن قال:
كان الرّجل يطلّق ويقول: كنت لاعبًا، ويعتق ويقول: كنت لاعبًا وينكح، ويقول: كنت لاعبًا. فأنزل اللّه تعالى ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: من طلّق أو أعتق أو نكح، جادًّا أو لاعبا فقد
[تفسير القرآن العظيم: 2/425]
جاز عليه. وروي عن عطاءٍ الخراسانيّ والرّبيع بن أنسٍ ومقاتل بن حيّان وقتادة نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا عصام بن روّادٍ ثنا آدم، ثنا شيبان، عن منصورٍ، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، مثله، يعني قوله: ولا تمسكوهنّ ضرارًا قال: أن يطلّقها حتّى إذا كادت أن تنقضي عدّتها راجعها ولا يريد إمساكها ويحبسها لذلك، ويريدّ الإضرار. فذلك الّذي يضارّ، وذلك الّذي يتّخذ آيات اللّه هزوًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/426]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: واذكروا نعمت اللّه عليكم
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: نعمت اللّه يقول: عافية اللّه.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ، قوله: واذكروا نعمت اللّه عليكم النّعم آلاء اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/426]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان، قوله: وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعني بالحكمة: الحلال والحرام وما سنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم). [تفسير القرآن العظيم: 1/426]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: يعظكم به واتّقوا الله واعلموا أنّ الله بكلّ شيء عليم
- وبه عن مقاتل بن حيّان، يقول: يعظكم اللّه به، واتّقوا اللّه في أمره ونهيه، واعلموا إنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/426]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ولا تمسكوهن ضرار قال الضرار أن يطلق الرجل امرأته تطليقة ثم يراجعها عند آخر يوم يبقى من الأقراء ثم يطلقها ثم يراجعها عند آخر يوم من الأقراء يضارها بذلك). [تفسير مجاهد: 108]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال محمّد بن يحيى بن أبي عمر: ثنا سفيان، عن إسماعيل بن مسلمٍ، عن الحسن، عن رجلٍ، عن أبي الدّرداء- رضي اللّه عنه- قال: "كان الرّجل يطلّق ثمّ يقول: لعبت. ويعتق فيقول: لعبت. فأنزل اللّه- عزّ وجلّ- (ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا) الآية، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: من طلق أو أعتق فقال: لعبت. فليس قوله بشيءٍ يقع عليه ويلزمه".
قال سفيان: يقوله يلزمه الشيء.
هذا الإسناد ضعيفٌ؟ لجهالة تابعيه، وله شاهدٌ من حديث عبادة بن الصّامت وتقدم في كتاب النكاح في باب من عرض ابنته). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/182]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (حدثنا سفيان، (عن) إسماعيل بن مسلمٍ، عن الحسن، عن رجلٍ عن أبي الدّرداء رضي الله عنه قال: كان الرّجل يطلّق، ثمّ يقول: لعبت، ويعتق، ثمّ يقول: لعبت، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا} (الآية)، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من طلّق أو عتق، فقال: لعبت، فليس قوله بشيء، يقع عليه، ويلزمه.
قال سفيان: يقول: يلزمه الشّيء). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/468]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وحديث عبادة رضي الله عنه في قوله (تعالى): {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا}، تقدّم في إمضاء الطّلاق من كتاب النّكاح). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/500] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتقوا الله واعملوا أن الله بكل شيء عليم
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان الرجل يطلق
[الدر المنثور: 2/698]
امرأته ثم يراجعها قبل إنقضاء عدتها ثم يطلقها فيفعل بها ذلك يضارها ويعضلها، فأنزل الله {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا}.
وأخرج مالك، وابن جرير، وابن المنذر عن ثور بن زيد الديلي أن الرجل كان يطلق المرأة ثم يراجعها ولا حاجة له بها ولا يريد إمساكها إلا كيما يطول عليها بذلك العدة ليضارها فأنزل الله {ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه} يعظهم الله بذلك.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن السدي قال: نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار يدعى ثابت بن يسار طلق امرأته حتى إذا إنقضت عدتها إلا يومين أو ثلاثة راجعها ثم طلقها ففعل ذلك بها حتى مضت لها تسعة أشهر يضارها فأنزل الله {ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا}.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير والبيهقي عن مجاهد في قوله {ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا} قال: الضرار أن يطلق الرجل تطليقة ثم يراجعها عند آخر يوم يبقى من الأقراء ثم يطلقها عند آخر يوم يبقى من الأقراء يضارها بذلك.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير والبيهقي عن الحسن في هذه الآية!
[الدر المنثور: 2/699]
{ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا} قال: هو الرجل يطلق امرأته فإذا أرادت أن تنقضي عدتها أشهد على رجعتها ثم يطلقها فإذا أرادت أن تنقضي عدتها أشهد على رجعتها يريد أن يطول عليها.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مسروق في الآية قال: هو الذي يطلق امرأته ثم يدعها حتى إذا كان في آخر عدتها راجعها ليس به ليمسكها ولكن يضارها ويطول عليها ثم يطلقها فإذا كان في آخر عدتها راجعها فذلك الذي يضار وذلك الذي يتخذ آيات الله هزوا.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن عطية في الآية قال: الرجل يطلق امرأته ثم يسكت عنها حتى تنقضي عدتها إلا أياما يسيرة ثم يراجعها ثم يطلقها فتصير عدتها تسعة أقراء أو تسعة اشهر فذلك قوله {ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا}.
وأخرج ابن ماجة، وابن جرير والبيهقي عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما بال أقوام يلعبون بحدود الله يقول: قد طلقتك قد راجعتك قد طلقتك قد راجعتك قد طلقتك قد راجعتك ليس هذا طلاق المسلمين طلقوا المرأة في قبل عدتها.
وأخرج أبو بكر بن أبي داود في كتاب المصاحف عن عروة قال: نزلت !
[الدر المنثور: 2/700]
{بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا}.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عبادة بن الصامت قال: كان الرجل على عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول للرجل زوجتك ابنتي ثم يقول: كنت لاعبا، ويقول: قد أعتقت، ويقول: كنت لاعبا، فأنزل الله {ولا تتخذوا آيات الله هزوا} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث من قالهن لاعبا أو غير لاعب فهن جائزات: الطلاق والعتاق والنكاح.
وأخرج ابن أبي عمر في مسنده، وابن مردويه عن أبي الدرداء قال: كان الرجل يطلق ثم يقول: لعبت، ويعتق ثم يقول: لعبت، فأنزل الله {ولا تتخذوا آيات الله هزوا} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من طلق أو أعتق فقال: لعبت، فليس قوله بشيء يقع عليه ويلزمه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال طلق رجل امرأته وهو يلعب لا يريد الطلاق فأنزل الله {ولا تتخذوا آيات الله هزوا} فألزمه رسول الله صلى الله عليه وسلم الطلاق.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن
[الدر المنثور: 2/701]
الحسن قال: كان الرجل يطلق ويقول: كنت لاعبا ويعتق ويقول: كنت لاعبا وينكح ويقول: كنت لاعبا، فأنزل الله {ولا تتخذوا آيات الله هزوا} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من طلق أو أعتق أو نكح أو أنكح جادا أو لاعبا فقد جاز عليه.
وأخرج الطبراني من طريق الحسن عن أبي الدرداء قال: كان الرجل في الجاهلية يطلق ثم يقول: كنت لاعبا ثم يعتق ويقول: كنت لاعبا، فأنزل الله {ولا تتخذوا آيات الله هزوا} فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم من طلق أو حرم أو نكح أو أنكح فقال: إني كنت لاعبا فهو جاد.
وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه، وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي
هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث جدهن جد وهزلهن جد، النكاح والطلاق والرجعة.
وأخرج البخاري في تاريخه عن عمر بن الخطاب قال: أربع مقفلات: النذر والطلاق والعتق والنكاح.
وأخرج مالك وعبد الرزاق والبيهقي في المصنف عن سعيد بن
[الدر المنثور: 2/702]
المسيب قال: ثلاث ليس فيهن لعب، النكاح والطلاق والعتاق.
وأخرج عبد الرزاق عن أبي الدرداء قال: ثلاث اللاعب فيهن كالجاد: النكاح والطلاق والعتاق.
وأخرج عبد الرزاق عن علي بن أبي طالب قال: أربع لا لعب فيهن: النكاح والطلاق والعتاقة والصدقة.
وأخرج عبد الرزاق من طريق عبد الكريم بن أمية عن جعدة بن هبيرة، أن عمر بن الخطاب قال: ثلاث اللاعب فيهن والجاد سواء: الطلاق والصدقة والعتاقة، قال عبد الكريم، وقال طلق بن حبيب: والهدي والنذر.
وأخرج عبد الرزاق عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من طلق وهو لاعب فطلاقه جائز ومن أعتق وهو لاعب فعتقه جائز ومن أنكح وهو لاعب فنكاحه جائز.
وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق، وابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس، أنه جاءه رجل فقال: إني طلقت إمرأتي ألفا، وفي لفظ: مائة قال:
[الدر المنثور: 2/703]
ثلاث تحرمها عليك وبقيتهن وزر اتخذت آيات الله هزوا.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن ابن مسعود، أن رجلا قال له: إني طلقت إمرأتي مائة، قال: بانت منك بثلاث وسائرهن معصية، وفي لفظ: عدوان.
وأخرج عبد الرزاق عن داود بن عبادة بن الصامت قال: طلق جدي امرأة له ألف تطليقة فانطلق أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم ما اتقى الله جدك أما ثلاث فله وأما تسعمائة وسبعة وتسعون فعدوان وظلم إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد قال: سئل ابن عباس عن رجل طلق امرأته عدد النجوم قال: يكفيه من ذلك رأس الجوزاء). [الدر المنثور: 2/704]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني ابن جريج أن مجاهدا كان يقول: إن امرأة من مزينة طلقها زوجها بنت يسار فعضلها أخوها معقل بن يسار؛
قال ابن جريج: وأخبرني ابن أخيها عبد الله بن عبد الله بن معقل أن جمل ابنة يسار كانت تحت أبي البداح الأنصاري، فطلقها فانقضت عدتها، ثم رغب فيها فخطبها فعضلها معقل بن يسار، فنزل فيه: {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن}). [الجامع في علوم القرآن: 1/107]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن الحسن وقتادة في قوله تعالى فلا تعضلوهن قالا نزلت في معقل بن يسار كانت أخته تحت رجل فطلقها حتى إذا مضت عدتها جاء رجل فخطبها فعضلها معقل بن يسار وأبى أن ينكحها إياه فنزلت فيها هذه الآية يعني به الأولياء يقول لا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن). [تفسير عبد الرزاق: 1/94]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): (باب {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ} [البقرة: 232]
[صحيح البخاري: 6/29]
- حدّثنا عبيد اللّه بن سعيدٍ، حدّثنا أبو عامرٍ العقديّ، حدّثنا عبّاد بن راشدٍ، حدّثنا الحسن، قال: حدّثني معقل بن يسارٍ، قال: كانت لي أختٌ تخطب إليّ، وقال إبراهيم، عن يونس، عن الحسن، حدّثني معقل بن يسارٍ، ح حدّثنا أبو معمرٍ، حدّثنا عبد الوارث، حدّثنا يونس، عن الحسن، «أنّ أخت معقل بن يسارٍ طلّقها زوجها فتركها حتّى انقضت عدّتها، فخطبها، فأبى معقلٌ» فنزلت: {فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ} [البقرة: 232]). [صحيح البخاري: 6/29]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ)
اتّفق أهل التّفسير على أنّ المخاطب بذلك الأولياء ذكره بن جرير وغيره وروى بن المنذر من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ هي في الرّجل يطلّق امرأته فتقضي عدّتها فيبدو له أن يراجعها وتريد المرأة ذلك فيمنعه وليّها ثمّ ذكر المصنّف حديث معقل بن يسارٍ في سبب نزول الآية لكنّه ساقه مختصرًا وقد أورده في النّكاح بتمامه وسيأتي شرحه وكذا ما جاء في تسمية أخت معقلٍ واسم زوجها هناك إن شاء اللّه تعالى وقوله
- وقال إبراهيم عن يونس عن الحسن حدّثني معقلٌ أراد بهذا التّعليق بيان تصريح الحسن بالتّحديث عن معقلٍ ورواية إبراهيم هذا وهو بن طهمان وصلها المؤلّف في النّكاح كما سيأتي وقد صرّح الحسن بتحديث معقلٍ له أيضًا في رواية عبّاد بن راشدٍ كما سيأتي أيضا). [فتح الباري: 8/192]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله فيه
- ثنا عبيدالله بن سعيد ثنا أبو عامر العقدي ثنا عباد بن راشد ثنا الحسن حدثني معقل بن يسار قال كانت لي أخت تخطب إليّ وقال إبراهيم عن يونس عن الحسن حدثني معقل بن يسار انتهى
أسند المؤلف حديث إبراهيم وهو ابن طهمان في النّكاح
وقد وقع لي بعلو قرأت على خديجة بنت سلطان عن القاسم بن عساكر قال قرئ على كريمة وأنا حاضر عن مسعود بن الحسن أنا أبو عمرو بن منده أنا إبراهيم بن عبد الله ثنا أبو بكر بن زياد ثنا أحمد بن حفص بن عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن طهمان عن يونس بن عبيد عن الحسن في قوله عزّ وجلّ {فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهنّ} قال حدثني معقل بن يسار أنّها نزلت فيه قال كنت زوجت أختي رجلا فطلقها فلمّا انقضت عدتها جاء يخطبها فقلت له زوجتك وأفرشتك وأكرمتك ثمّ جئت تخطبها لا تعود والله إليها أبدا
رواه البخاريّ عن أحمد بن أبي عمرو وهو ابن حفص فوافقناه بعلو). [تغليق التعليق: 4/182]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): ( (بابٌ: {وإذا طلقتم النّساء فبلغنّ أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحنّ أزواجهنّ} (البقرة: 232)
[عمدة القاري: 18/118]
أي: هذا باب فيه قوله تعالى: {وإذا طلّقتم النّساء} (البقرة: 232) إلى آخره وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس، نزلت هذه الآية في الرجل يطلق امرأته طلقة أو طلقتين فتنقضي عدتها ثمّ يبدو له تزويجها وأن يراجعها وتريد المرأة ذلك فيمنعها أولياؤها من ذلك، فنهى الله تعالى أن يمنعوها، وكذلك روى العوفيّ عنه، وكذا قال مسروق وإبراهيم النّخعيّ والزهريّ والضّحّاك إنّها نزلت في ذلك، وقد روى أن هذه الآية هي الّتي نزلت في معقل بن يسار، على ما يجيء الآن، وقال السّديّ: نزلت في جابر بن عبد الله وابن عم له، والصّحيح الأول، وقال الزّمخشريّ: إمّا أن يخاطب به الأزواج الّذين يعضلون نساءهم بعد انقضاء العدة ظلما وإمّا أن يخاطب به الأولياء في عضلهن أن يرجعن إلى أزواجهنّ. وقال ابن جرير: اتّفق أهل التّفسير على أن المخاطب بذلك الأولياء. قوله: (فبلغن أجلهنّ)، وبلوغ الأجل في هذه الآية انقضاء العدة بخلاف الآية السّابقة. وقال الشّافعي: دلّ اختلاف الكلامين على اختلاف البلوغين. قوله: (فلا تعضلوهن)، أي: لا تضيقوا عليهنّ بمنعكم إياهن، وفي (تفسير عبد بن أبي سعيد) العضل الحبس، وفي (الموعب) لابن التياني: عن الفراء وقطرب وأبي عبيد عضل المرأة يعضلها ويعضلها، وعن أبي عمرو: يعضلها، يعني: بفتح الضّاد، وأمور معضلات شدّاد بكسر الضّاد. وعن ابن دريد: عضل أيمه يعضلها عضلاً. وعضلها تعضيلاً. منعها من الزّوج ظلما. وقال الزّجاج: هو من قولهم: عضلت الدّجاجة فهي معضل إذا احتبس بيضها، ونشب فلم يخرج.
- حدّثنا عبيد الله بن سعيدٍ حدّثنا أبو عامرٍ العقديّ حدّثنا عبّاد بن راشدٍ حدّثنا الحسن قال حدّثني معقل بن يسارٍ قال كانت لي أختٌ تخطب إليّ.
مطابقته للتّرجمة تؤخذ من تمام الحديث والبخاريّ أخرجه هنا مختصرا. وفي الطّريق الثّالث تمامه. وأخرجه من ثلاث طرق كما ترى، وعبيد الله بن سعيد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف، وهو من أفراده، وأبو عامر عبد الملك بن عمرو والعقدي، بالعين المهملة والقاف المفتوحتين نسبة إلى العقد، قوم من قيس، وهم صنف من الأزد، وعباد، بفتح العين وتشديد الباء الموحدة، ابن راشد، والحسن هو البصريّ، ومعقل: بفتح الميم وسكون العين المهملة وكسر القاف: ابن يسار ضد اليمين المزنيّ، وقال العجليّ: يكنى أبا عليّ ولا نعلم في الصّحابة أحدا يكنى به غيره. قلت: طلق بن عليّ يكنى أبا عليّ، وكذلك قيس بن عاصم المنقري، ذكره أبو أحمد وغيره.
والحديث أخرجه البخاريّ أيضا في النّكاح عن أبي معمر، وفي الطّلاق عن محمّد وفي النّكاح أيضا عن أحمد بن أبي عمرو وفي الطّلاق أيضا عن أبي موسى. وأخرجه أبو داود في النّكاح عن محمّد بن المثنى وأخرجه التّرمذيّ في التّفسير عن محمّد بن حميد. وأخرجه النّسائيّ فيه عن سوار بن عبد الله وغيره.
وقال إبراهيم عن يونس عن الحسن حدّثني معقل بن يسارٍ
هذا طريق ثان وهو معلّق، وإبراهيم هو ابن طهمان، ويونس هو ابن عبيد، ووصله البخاريّ في النّكاح، وأراد بهذا التّعليق بيان تصريح الحسن بالتّحديث عن معقل.
حدّثنا أبو معمرٍ حدّثنا عبد الوارث حدّثنا يونس عن الحسن أنّ أخت معقلٍ بن يسارٍ طلقها زوجها فتركها حتّى انقضت عدّتها فخطبها فأبى معقلٌ فنزلت {فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ}.
هذا طريق ثالث عن أبي معمر، بفتح الميمين، عبد الله المشهور بالمقعد، عن عبد الوارث بن سعيد عن يونس بن عبيد عن الحسن البصريّ. قوله: (إن أخت معقل بن يسار) واسمها جميل بنت يسار، بضم الجيم وفتح الميم وسكون الياء آخر الحروف، وفي رواية أبي إسحاق الهمداني اسمها فاطمة بنت يسار، وسماها ابن فتحون: جملى، بضم الجيم وسكون الميم، وسماها محمّدًا المنذريّ: ليلى.
- حدّثنا عبيد الله بن سعيدٍ حدّثنا أبو عامرٍ العقديّ حدّثنا عبّاد بن راشدٍ حدّثنا الحسن قال حدّثني معقل بن يسارٍ قال كانت لي أختٌ تخطب إليّ.
مطابقته للتّرجمة تؤخذ من تمام الحديث والبخاريّ أخرجه هنا مختصرا. وفي الطّريق الثّالث تمامه. وأخرجه من ثلاث طرق كما ترى، وعبيد الله بن سعيد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف، وهو من أفراده، وأبو عامر عبد الملك بن عمرو والعقدي، بالعين المهملة والقاف المفتوحتين نسبة إلى العقد، قوم من قيس، وهم صنف من الأزد، وعباد، بفتح العين وتشديد الباء الموحدة، ابن راشد، والحسن هو البصريّ، ومعقل: بفتح الميم وسكون العين المهملة وكسر القاف: ابن يسار ضد اليمين المزنيّ، وقال العجليّ: يكنى أبا عليّ ولا نعلم في الصّحابة أحدا يكنى به غيره. قلت: طلق بن عليّ يكنى أبا عليّ، وكذلك قيس بن عاصم المنقري، ذكره أبو أحمد وغيره.
والحديث أخرجه البخاريّ أيضا في النّكاح عن أبي معمر، وفي الطّلاق عن محمّد وفي النّكاح أيضا عن أحمد بن أبي عمرو وفي الطّلاق أيضا عن أبي موسى. وأخرجه أبو داود في النّكاح عن محمّد بن المثنى وأخرجه التّرمذيّ في التّفسير عن محمّد بن حميد. وأخرجه النّسائيّ فيه عن سوار بن عبد الله وغيره.
وقال إبراهيم عن يونس عن الحسن حدّثني معقل بن يسارٍ
هذا طريق ثان وهو معلّق، وإبراهيم هو ابن طهمان، ويونس هو ابن عبيد، ووصله البخاريّ في النّكاح، وأراد بهذا التّعليق بيان تصريح الحسن بالتّحديث عن معقل.
حدّثنا أبو معمرٍ حدّثنا عبد الوارث حدّثنا يونس عن الحسن أنّ أخت معقلٍ بن يسارٍ طلقها زوجها فتركها حتّى انقضت عدّتها فخطبها فأبى معقلٌ فنزلت {فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ}.

هذا طريق ثالث عن أبي معمر، بفتح الميمين، عبد الله المشهور بالمقعد، عن عبد الوارث بن سعيد عن يونس بن عبيد عن الحسن البصريّ. قوله: (إن أخت معقل بن يسار) واسمها جميل بنت يسار، بضم الجيم وفتح الميم وسكون الياء آخر الحروف، وفي رواية أبي إسحاق الهمداني اسمها فاطمة بنت يسار، وسماها ابن فتحون: جملى، بضم الجيم وسكون الميم، وسماها محمّدًا المنذريّ: ليلى). [عمدة القاري: 18/119]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ} [البقرة: 232]
(باب {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن}) أي انقضت عدتهن ({فلا تعضلوهن}) لا تمنعوهن ({أن ينكحن أزواجهن}) [البقرة: 232]. والمخاطب بذلك الأولياء لما يأتي إن شاء الله تعالى قريبًا في الباب.
- حدّثنا عبيد اللّه بن سعيدٍ، حدّثنا أبو عامرٍ العقديّ، حدّثنا عبّاد بن راشدٍ حدّثنا الحسن قال: حدّثني معقل بن يسارٍ قال: كانت لي أختٌ تخطب إليّ. وقال إبراهيم عن يونس، عن الحسن حدّثني معقل بن يسارٍ.
حدّثنا أبو معمرٍ، حدّثنا عبد الوارث، حدّثنا يونس عن الحسن، أنّ أخت معقل بن يسارٍ طلّقها زوجها فتركها حتّى انقضت عدّتها فخطبها فأبى معقلٌ فنزلت: {فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ}. [الحديث 4529 - أطرافه في: 5130، 5330، 5331].
وبه قال: (حدّثنا عبيد الله بن سعيد) أي ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: (حدّثنا أبو عامر) عبد الملك بن عمرو (العقدي) بفتح العين المهملة والقاف قال: (حدّثنا عباد بن راشد) بفتح العين المهملة وتشديد الموحدة التميمي البصري قال: (حدّثنا الحسن) البصري (قال: حدّثني) بالإفراد (معقل بن يسار) بفتح الميم وسكون العين المهملة وكسر القاف ويسار بالسين المهملة مخففة المزني (قال: كانت لي أخت) اسمها جميل بضم الجيم مصغرًا كما عند ابن الكلبي أو ليلى كما عند السهيلي (تخطب إليّ) بضم أوله وفتح ثالثه.
(وقال إبراهيم) هو ابن طهمان مما وصله المؤلّف في النكاح (عن يونس) هو ابن عبيد بن دينار العبدي (عن الحسن) البصري أنه قال: (حدّثني) بالإفراد (معقل بن يسار) فيه تصريح الحسن بالتحديث عن معقل كالسابق.
وبه قال: (حدّثنا أبو معمر) بسكون العين وفتح الميمين عبد الله المقعد قال: (حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد قال: (حدّثنا يونس) بن عبيد (عن الحسن) البصري (أن أخت معقل بن يسار) قيل في اسمها غير ما سبق في هذا الباب فاطمة كما عند ابن إسحاق ويحتمل التعدد بأن يكون لها اسمان ولقب، أو لقبان واسم (طلّقها زوجها) هو ما في أحكام القرآن لإسماعيل القاضي أبو البدّاح بن عاصم، وتعقبه الذهبي بأن أبا البداح تابعي على الصواب والصحبة لأبيه، فيحتمل أن يكون هو الزوج. وجزم بعض المتأخرين فيما قاله الحافظ ابن حجر بأنه البداح بن عاصم وكنيته أبو عمرو قال فإن كان محفوظًا فهو أخو أبي البداح بن عاصم التابعي، وفي كتاب المجاز للشيخ عز الدّين بن عبد السلام أنه عبد الله بن رواحة. (فتركها حتى انقضت عدّتها فخطبها) من وليها أخيها معقل (فأبى) فامتنع
[إرشاد الساري: 7/36]
(معقل) أن يراجعها له (فنزلت: {فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن}) وهذا صريح في نزول هذه الآية في هذه القصة، ولا يمنع ذلك ظاهر الخطاب في السياق للأزواج حيث وقع فيها {وإذا طلقتم النساء} لكن قوله في بقيتها {أن ينكحن أزواجهن} ظاهر في أن العضل يتعلق بالأولياء، وفيه أن المرأة لا تملك أن تزوج نفسها وأنه لا بد في النكاح من ولي إذ لو تمكنت من ذلك لم يكن لعضل الولي معنى، ولا يعارض بإسناد النكاح إليهن لأنه بسبب توقفه على إذنهن. وفي هذه المسألة خلاف يأتي إن شاء الله تعالى بعون الله وقوته محررًا في موضعه من كتاب النكاح). [إرشاد الساري: 7/37]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا الهاشم بن القاسم، عن المبارك بن فضالة، عن الحسن، عن معقل بن يسارٍ، أنّه زوّج أخته رجلاً من المسلمين على عهد رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم، فكانت عنده ما كانت، ثمّ طلّقها تطليقةً لم يراجعها حتّى انقضت العدّة، فهويها وهويته، ثمّ خطبها مع الخطّاب، فقال له: يا لكع أكرمتك بها وزوّجتكها فطلّقتها، واللّه لا ترجع إليك أبدًا آخر ما عليك، قال: فعلم اللّه حاجته إليها، وحاجتها إلى بعلها، فأنزل اللّه: تبارك وتعالى {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ}، إلى قوله: {وأنتم لا تعلمون} فلمّا سمعها معقلٌ قال: سمعًا لربّي وطاعةً، ثمّ دعاه فقال: أزوّجك وأكرمك.
[سنن الترمذي: 5/66]
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد روي من غير وجهٍ عن الحسن وهو عن الحسن غريبٌ وفي هذا الحديث دلالةٌ على أنّه لا يجوز النّكاح بغير وليٍّ لأنّ أخت معقل بن يسارٍ كانت ثيّبًا فلو كان الأمر إليها دون وليّها لزوّجت نفسها ولم تحتج إلى وليّها معقل بن يسارٍ وإنّما خاطب اللّه في هذه الآية الأولياء فقال: {لا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ} ففي هذه الآية دلالةٌ على أنّ الأمر إلى الأولياء في التّزويج مع رضاهنّ). [سنن الترمذي: 5/67]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ}
- أخبرنا سوّار بن عبد الله بن سوّارٍ، حدّثنا أبو داود الطّيالسيّ، حدّثنا عبّاد بن راشدٍ، قال: سمعت الحسن، يقول: حدّثني معقل بن يسارٍ، قال: " كانت لي أختٌ تخطب فأمنعها، فخطبها ابن عمٍّ لي فزوّجتها إيّاه، فاصطحبا ما شاء الله أن يصطحبا، ثمّ طلّقها طلاقًا له عليها رجعةٌ، فتركها حتّى انقضت عدّتها وخطبها الخطّاب، جاء فخطبها فقلت: يا لكع، خطبت أختي فمنعتها النّاس وآثرتك بها طلّقتها، فلمّا انقضت عدّتها جئت تخطبها؟ لا والله الّذي لا إله إلّا هو لا أزوّجكما، ففيّ نزلت هذه الآية {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ إذا تراضوا} [البقرة: 232] فقلت: سمعًا وطاعةً، كفّرت عن يميني وأنكحتها "
[السنن الكبرى للنسائي: 10/32]
- أخبرنا أبو بكر بن عليٍّ، حدّثنا سريج بن يونس، عن هشيمٍ، أخبرنا يونس، عن الحسن، عن معقل بن يسارٍ، قال: " زوّجت أختي رجلًا منّا فطلّقها، فلمّا انقضت العدّة خطبها إليّ ووافقها ذلك، فقلت له: زوّجتك وآثرتك، ثمّ طلّقتها، ما هي بالّتي تعود إليك، فنزلت {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ إذا تراضوا بينهم بالمعروف} [البقرة: 232] فقلت لمّا نزلت هذه الآية: أما إنّها ستعود إليك "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/33]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ إذا تراضوا بينهم بالمعروف}.
ذكر أنّ هذه الآية نزلت في رجلٍ كانت له أختٌ كان زوجها من ابن عمٍّ له، فطلّقها وتركها فلم يراجعها حتّى انقضت عدّتها، ثمّ خطبها منه، فأبى أن يزوّجها إيّاه ومنعها منه وهي فيه راغبةٌ.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في الرّجل الّذي كان فعل ذلك فنزلت فيه هذه الآية، فقال بعضهم: كان ذلك الرّجل معقل بن يسارٍ المزنيّ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن، عن معقل بن يسارٍ، قال: كانت أخته تحت رجلٍ فطلّقها ثمّ خلا عنها حتّى إذا انقضت عدّتها خطبها، فحمي معقلٌ من ذلك أنفًا وقال: خلا عنها وهو يقدر عليها فحال بينه وبينها فأنزل اللّه تعالى ذكره: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ إذا تراضوا بينهم بالمعروف}.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن الفضل بن دلهمٍ، عن الحسن، عن معقل بن يسارٍ: أنّ أخته طلّقها زوجها، فأراد أن يراجعها، فمنعها معقلٌ فأنزل اللّه تعالى ذكره: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ} إلى آخر الآية.
[جامع البيان: 4/187]
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه المخزوميّ، قال: حدّثنا أبو عامرٍ، قال: حدّثنا عبّاد بن راشدٍ، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثني معقل بن يسارٍ، قال: كانت لي أختٌ تخطب وأمنعها النّاس، حتّى خطب إليّ ابن عمٍّ لي فأنكحتها، فاصطحبا ما شاء اللّه، ثمّ إنّه طلّقها طلاقًا له رجعة، ثمّ تركها حتّى انقضت عدّتها، ثمّ خطبت إليّ فأتاني يخطبها مع الخطّاب، فقلت له: خطبت إليّ فمنعتها النّاس، فآثرتك بها، ثمّ طلّقت طلاقًا لك فيه رجعةٌ، فلمّا خطبت إليّ آتيتني تخطبها مع الخطّاب؟ واللّه لا أنكحكها أبدًا قال: ففيّ نزلت هذه الآية: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ إذا تراضوا بينهم بالمعروف} قال: فكفّرت عن يميني وأنكحتها إيّاه.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ إذا تراضوا بينهم بالمعروف} ذكر لنا أنّ رجلاً طلّق امرأته تطليقةً، ثمّ خلاّ عنها حتّى انقضت عدّتها، ثمّ قرب بعد ذلك يخطبها والمرأة أخت معقل بن يسارٍ فأنف من ذلك معقل بن يسارٍ، وقال: خلا عنها وهي في عدّتها ولو شاء راجعها، ثمّ يريد أن يراجعها وقد بانت منه؟ فأبى عليها أن يزوّجها إيّاه وذكر لنا أنّ نبيّ اللّه لمّا نزلت هذه الآية دعاه فتلاها عليه، فترك الحميّة واستقاد لأمر اللّه.
[جامع البيان: 4/188]
- حدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن يونس، عن الحسن، قوله تعالى: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ} إلى آخر الآية، قال: نزلت هذه الآية في معقل بن يسارٍ، قال الحسن: حدّثني معقل بن يسارٍ، أنّها نزلت فيه، قال: زوّجت أختًا لي من رجلٍ فطلّقها، حتّى إذا انقضت عدّتها جاء يخطبها، فقلت له: زوّجتك وفرشتك أختي وأكرمتك، ثمّ طلّقتها، ثمّ جئت تخطبها؟ لا تعود إليك أبدًا قال: وكان رجل صدقٍ لا بأس به، وكانت المرأة تحبّ أن ترجع إليه، قال اللّه تعالى ذكره: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ إذا تراضوا بينهم بالمعروف} قال: فقلت الآن أفعل يا رسول اللّه فزوّجها منه.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ قال: حدّثنا أبو بكرٍ الهذليّ، عن بكر بن عبد اللّه المزنيّ، قال: كانت أخت معقل بن يسارٍ تحت رجلٍ فطلّقها، فخطب إليه، فمنعها أخوها، فنزلت: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ} إلى آخر الآية.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ} الآية، قال: نزلت في امرأةٍ من مزينة طلّقها زوجها وأبينت منه، فنكحها آخر، فعضلها أخوها معقل بن يسارٍ يضارّها خيفة أن ترجع إلى زوجها الأوّل.
- قال ابن جريجٍ: وقال عكرمة: نزلت في معقل بن يسارٍ، قال ابن جريجٍ أخته جمل ابنة يسارٍ كانت تحت أبي البدّاح طلّقها، فانقضت عدّتها، فخطبها، فعضلها معقل بن يسارٍ.
[جامع البيان: 4/189]
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ إذا تراضوا بينهم بالمعروف} نزلت في امرأةٍ من مزينة طلّقها زوجها فعضلها أخوها أن ترجع إلى زوجها الأوّل وهو معقل بن يسارٍ أخوها.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ مثله، إلاّ أنّه لم يقل فيه: وهو معقل بن يسارٍ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا حبّان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا سفيان، عن أبي إسحاق الهمدانيّ: أنّ فاطمة بنت يسارٍ، طلّقها زوجها، ثمّ بدا له فخطبها، فأبى معقلٌ، فقال: زوّجناك فطلّقتها وفعلت فأنزل اللّه تعالى ذكره: {فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ}.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن، وقتادة، في قوله: {فلا تعضلوهنّ} قالا: نزلت في معقل بن يسارٍ، كانت أخته تحت رجلٍ، فطلّقها، حتّى إذا انقضت عدّتها جاء فخطبها، فعضلها معقلٌ، فأبى أن ينكحها إيّاه، فنزلت فيها هذه الآية يعني به الأولياء يقول: {فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ}.
[جامع البيان: 4/190]
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن رجلٍ، عن معقل بن يسارٍ، قال: كانت أختي عند رجلٍ فطلّقها تطليقةً بائنةً، فخطبها، فأبيت أن أزوّجها، منه، فأنزل اللّه تعالى ذكره: {فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ} الآية.
وقال آخرون: كان ذلك الرّجل جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ إذا تراضوا بينهم بالمعروف} قال: نزلت في جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ، وكانت له ابنة عمٍّ فطلّقها زوجها تطليقةً، فانقضت عدّتها ثمّ رجع يريد رجعتها، فأمّا جابرٌ فقال: طلّقت ابنة عمنا ثمّ تريد أن تنكحها الثّانية وكانت المرأة تريد زوجها قد راضته، فنزلت هذه الآية.
وقال آخرون: نزلت هذه الآية دلالةً على نهي الرّجل عن مضارّة وليّته من النّساء، يعضلها عن النّكاح.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ،
[جامع البيان: 4/191]
عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ} فهذا في الرّجل يطلّق امرأته تطليقةً، أو تطليقتين فتنقضي عدّتها، ثمّ يبدو له في تزويجها وأن يراجعها، وتريد المرأة، فيمنعها أولياؤها من ذلك، فنهى اللّه سبحانه أن يمنعوها.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ إذا تراضوا بينهم بالمعروف} كان الرّجل يطلّق امرأته تبين منه، وينقضي أجلها، ويريد أن يراجعها، وترضى بذلك، فيأبى أهلها، قال اللّه تعالى ذكره: {فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ إذا تراضوا بينهم بالمعروف}.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا حبّان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سفيان، عن منصورٍ، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، في قوله: {فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ} قال: كان الرّجل يطلّق امرأته، ثمّ يبدو له أن يتزوّجها، فيأبى أولياء المرأة أن يزوّجوها، فقال اللّه تعالى ذكره: {فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ إذا تراضوا بينهم بالمعروف}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن أصحابه، عن إبراهيم، في قوله: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ} قال: المرأة تكون عند الرّجل فيطلّقها، ثمّ يريد أن يعود إليها فلا يعضلها وليّها أن ينكحها إيّاه.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ قال: حدّثني اللّيث، عن يونس، عن ابن شهابٍ، قال اللّه تعالى ذكره: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ} الآية، فإذا طلّق الرّجل المرأة وهو وليّها، فانقضت عدّتها، فليس له أن يعضلها حتّى يرثها، ويمنعها أن تستعفّ بزوجٍ.
[جامع البيان: 4/192]
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ قال أخبرنا عبيد بن سلمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ} هو الرّجل يطلّق امرأته تطليقةً ثمّ يسكت عنها، فيكون خاطبًا من الخطّاب، فقال اللّه لأولياء المرأة: لا تعضلوهنّ، يقول: لا تمنعوهنّ أن يرجعن إلى أزواجهنّ بنكاحٍ جديدٍ إذا تراضوا بينهم بالمعروف إذا رضيت المرأة وأرادت أن تراجع زوجها بنكاحٍ جديدٍ.
والصّواب من القول في هذه الآية أن يقال: إنّ اللّه تعالى ذكره أنزلها دلالةً على تحريمه على أولياء النّساء مضارّة من كانوا له أولياءً من النّساء بعضلهنّ عمّن أردن نكاحه من أزواجٍ كانوا لهنّ، فبنّ منهم بما تبين به المرأة من زوجها من طلاقٍ أو فسخ نكاحٍ وقد يجوز أن تكون نزلت في أمر معقل بن يسارٍ، وأمر أخته أو في أمر جابر بن عبد اللّه، وأمر ابنة عمّه، وأيّ ذلك كان فالآية دالّةٌ على ما ذكرت.
ويعني بقوله تعالى: {فلا تعضلوهنّ} لا تضيّقوا عليهنّ بمنعكم إيّاهنّ أيّها الأولياء من مراجعة أزواجهنّ بنكاحٍ جديدٍ تبتغون بذلك مضارّتهنّ، يقال منه: عضل فلانٌ فلانة عن الأزواج يعضلها عضلاً وقد ذكر لنا أنّ حيًّا من أحياء العرب من لغتها: عضل يعضل، فمن كان من لغته عضل، فإنّه إن صار إلى يفعل، قال: يعضل بفتح الضّاد، والقراءة على ضمّ الضّاد دون كسرها، والضّمّ من لغة من قال عضل.
وأصل العضل: الضّيق، ومنه قول عمر رحمة اللّه عليه: وقد أعضل بي أهل العراق، لا يرضون عن والٍ، ولا يرضى عنهم والٍ
[جامع البيان: 4/193]
يعني بذلك حملوني على أمرٍ ضيّقٍ شديدٍ لا أطيق القيام به، ومنه أيضًا: الدّاء العضال، وهو الدّاء الّذي لا يطاق علاجه لضيقه عن العلاج، وتجاوزه حدّ الأدواء الّتي يكون لها علاجٌ، ومنه قول ذي الرّمّة:
ولم أقذف لمؤمنةٍ حصانٍ = بإذن اللّه موجبةً عضالاً
ومنه قيل: عضل الفضاء بالجيش لكثرتهم: إذا ضاق عنهم من كثرتهم وقيل: عضلت المرأة: إذا نشب الولد في رحمها فضاق عليه الخروج منها، ومنه قول أوس بن حجرٍ:
وليس أخوك الدّائم العهد بالّذي = يذمّك إن ولّى ويرضيك مقبلا.
ولكنّه النّائي إذا كنت آمنًا = وصاحبك الأدنى إذا الأمر أعضلا
و أن الّتي في قوله {أن ينكحن} في موضع نصب قوله: {تعضلوهنّ}.
ومعنى قوله: {إذا تراضوا بينهم بالمعروف} إذا تراضى الأزواج والنّساء بما يحلّ، ويجوز أن يكون عوضًا من أبضاعهنّ من المهور ونكاحٍ جديدٍ مستأنفٍ.
- كما حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان،
[جامع البيان: 4/194]
عن عمير بن عبد اللّه، عن عبد الملك بن المغيرة، عن عبد الرّحمن بن البيلمانيّ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أنكحوا الأيامى فقال رجلٌ يا رسول اللّه ما العلائق بينهم، قال: ما تراضى عليه أهلوهم.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن الحارث، قال: حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن بن البيلمانيّ، عن أبيه، عن ابن عمر، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بنحو منه.
وفي هذه الآية الدّلالة الواضحة على صحّة قول من قال: لا نكاح إلاّ بوليٍّ من العصبة وذلك أنّ اللّه تعالى ذكره منع الوليّ من عضل المرأة إن أرادت النّكاح، ونهاه عن ذلك، فلو كان للمرأة إنكاح نفسها بغير إنكاح وليّها إيّاها، أو كان لها تولية من أرادت توليته في إنكاحها لم يكن لنهي وليّها عن عضلها معنًى مفهومٌ، إذ كان لا سبيل له إلى عضلها، وذلك أنّها إن كانت متى أردات النّكاح جاز لها إنكاح نفسها أو إنكاح من توكّله إنكاحها، فلا عضل هنالك لها من أحدٍ، فينهى عاضلها عن عضلها.
وفي فساد القول بأن لا معنى لنهي اللّه عمّا نهى عنه صحّة القول بأنّ لوليّ المرأة في تزويجها حقًّا لا يصحّ عقده إلاّ به، وهو المعنى الّذي أمر اللّه به الوليّ من تزويجها إذا خطبها خاطبها ورضيت به، وكان رضًى عند أوليائها جائزًا في حكم المسلمين لمثلها أن تنكح مثله، ونهاه عن خلافه من عضلها، ومنعها عمّا أرادت من ذلك وتراضت هي والخاطب به). [جامع البيان: 4/195]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن باللّه واليوم الآخر}.
يعني تعالى ذكره بقوله ذلك ما ذكر في هذه الآية: من نهي أولياء المرأة عن عضلها عن النّكاح؛ يقول: فهذا الّذي نهيتكم عنه من عضلهنّ عن النّكاح عظةٌ منّي من كان منكم أيّها النّاس يؤمن باللّه واليوم الآخر، يعني يصدّق باللّه فيوحّده، ويقرّ بربوبيّته {واليوم الآخر} يقول: ومن يؤمن باليوم الآخر فيصدّق بالبعث للجزاء والثّواب والعقاب، ليتّقي اللّه في نفسه، فلا يظلمها بضرار وليّته، ومنعها من نكاح من رضيته لنفسها ممّن أذنت لها في نكاحه.
فإن قال لنا قائلٌ: وكيف قيل {ذلك يوعظ به} وهو خطابٌ للجميع، وقد قال من قبل: {فلا تعضلوهنّ} وإذ جاز أن يقال في خطاب الجميع ذلك أفيجوز أن تقول لجماعةٍ من النّاس وأنت تخاطبهم أيّها القوم: هذا غلامك وهذا خادمك، وأنت تريد: هذا خادمكم وهذا غلامكم؟
قيل: لا، إنّ ذلك غير جائزٍ مع الأسماء الموضوعات، لأنّ ما أضيف له الأسماء غيرها، فلا يفهم سامعٌ سمع قول قائلٍ لجماعةٍ أيّها القوم هذا غلامك، أنّه عنى بذلك: هذا غلامكم، إلاّ على استخطاء النّاطق في منطقه ذلك، فإن طلب لمنطقه ذلك وجهًا، فى الصّواب صرف كلامه ذلك إلى أنّه انصرف عن خطاب القوم بما أراد خطابهم به إلى خطاب رجلٍ واحدٍ منهم أو من غيرهم، وترك مجاورة القوم بما أراد محاورتهم به من الكلام،
[جامع البيان: 4/196]
وليس ذلك كذلك في ذلك لكثرة جري ذلك على ألسن العرب في منطقها وكلامها، حتّى صارت الكاف الّتي هي كنايةٌ اسم المخاطب فيها كهيئة حرفٍ من حروف الكلمة الّتي هي متّصلةٌ، وصارت الكلمة بها كقول القائل هذا، كأنّها ليس معها اسمٌ مخاطبٌ، فمن قال: {ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن باللّه واليوم الآخر} أقرّ الكاف من ذلك موحّدةً مفتوحةً في خطاب الواحدة من النّساء والواحد من الرّجال، والتّثنية والجمع، ومن قال: {ذلكم يوعظ به} كسر في خطاب الواحدة من النّساء، وفتح في خطاب الواحد من الرّجال، وقال في خطاب الاثنين منهم ذلكما، وفي خطاب الجمع ذلكم.
وقد قيل: إنّ قوله: {ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن باللّه} خطابٌ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ولذلك وحّد؛ ثمّ رجع إلى خطاب المؤمنين بقوله: {من كان منكم يؤمن باللّه} وإذا جاء التّأويل إلى هذا الوجه لم يكن فيه مؤنةٌ). [جامع البيان: 4/197]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلكم أزكى لكم وأطهر واللّه يعلم وأنتم لا تعلمون}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {ذلكم} نكاح أزواجهنّ لهنّ، ومراجعة أزواجهنّ إيّاهنّ بما أباح لهنّ من نكاحٍ، ومهرٍ جديدٍ، أزكى لكم أيّها الأولياء، والأزواج والزّوجات.
[جامع البيان: 4/197]
ويعني بقوله: {أزكى لكم} أفضل وخيرٌ عند اللّه من فرقتهنّ أزواجهنّ.
وقد دلّلنا فيما مضى على معنى الزّكاة، فأغنى ذلك عن إعادته.
وأمّا قوله {وأطهر} فإنّه يعني بذلك: أطهر لقلوبكم وقلوبهنّ وقلوب أزواجهنّ من الرّيبة، وذلك أنّهما إذا كان في نفس كلّ واحدٍ منهما أعني الزّوج والمرأة علاقة حبٍّ، لم يؤمن أن يتجاوزا ذلك إلى غير ما أحلّه اللّه لهما، ولم يؤمن من أوليائهما أن يسبق إلى قلوبهم منهما ما لعلّهما أن يكونا منه بريئين فأمر اللّه تعالى ذكره الأولياء إذا أراد الأزواج التّراجع بعد البينونة بنكاحٍ مستأنفٍ في الحال الّتي أذن اللّه لهما بالتّراجع أن لا يعضل وليّته عمّا أرادت من ذلك، وأن يزوّجها، لأنّ ذلك أفضل لجميعهم، وأطهر لقلوبهم ممّا يخاف سبوقه إليها من المعاني المكروهة.
ثمّ أخبر تعالى ذكره عباده أنّه يعلم من سرائرهم وخفّيات أمورهم، ما لا يعلمه بعضهم من بعضٍ، ودلّهم بقوله لهم ذلك في الموضع أنّه إنّما أمر أولياء النّساء بإنكاح من كانوا أولياءه من النّساء إذا تراضت المرأة والزّوج الخاطب بينهم بالمعروف، ونهاهم عن عضلهنّ عن ذلك لما علم ممّا في قلب الخاطب والمخطوب من غلبة الهوى، والميل من كلّ واحدٍ منهما إلى صاحبه بالمودّة والمحبّة، فقال لهم تعالى ذكره: افعلوا ما أمرتكم به إن كنتم تؤمنون بي وبثوابي وبعقابي في معادكم في الآخرة، فإنّي أعلم من قلب الخاطب والمخطوبة ما لا تعلمونه من الهوى والمحبّة، وفعلكم ذلك أفضل لكم عند اللّه ولهم، وأزكى وأطهر لقلوبكم وقلوبهنّ في العاجل). [جامع البيان: 4/198]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن باللّه واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر واللّه يعلم وأنتم لا تعلمون (232)
قوله تعالى: وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهن
- حدّثنا عبد اللّه بن أيّوب المخرّميّ ثنا نحيى بن أبي بكيرٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن يونس، عن الحسن عن معقل بن يسارٍ، أنّه زوّج أخته من رجلٍ فطلّقها، فبانت منه. فجاء يخطبها. فقال له معقلٌ: زوجتك وآثرتك فطلقتها. ثم جئت الآن
[تفسير القرآن العظيم: 2/426]
تخطبها، واللّه لا أزوّجكها، فأنزل اللّه تعالى وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ فقال: الآن أفعل يا ربّ، الآن أفعل يا ربّ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، أبنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: فلا تعضلوهنّ قال: يقول: فلا تمنعوهنّ:
تحبسوهنّ. قال: كان الرّجل في الجاهليّة إذا كانت له ذات قرابةٍ هو أدنى إليها في القرب، ألقى عليها ثوبه. فلم تزوّج غيره إلا بإذنه فيعضلها بذلك على النّكاح، فذلك العضل، وهو قول اللّه فلا تعضلوهنّ يقول: فلا تمنعوهنّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/427]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: إذا تراضوا بينهم بالمعروف
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه عن إسرائيل، عن السّدّيّ عن أبي مالكٍ إذا تراضوا بينهم بالمعروف قال: إذا رضيت الصّداق.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان، قوله: إذا تراضوا بينهم بالمعروف يعني: بمهرٍ، وبيّنةٍ ونكاحٍ مؤتنفٍ.
- حدّثنا أبي ثنا عبد العزيز بن منيبٍ، ثنا أبو معاذٍ، عن عبيدٍ عن ابن سليمان، عن الضّحّاك إذا تراضوا بينهم بالمعروف إذا رضيت المرأة وأرادت أن تراجع زوجها بنكاحٍ جديدٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/427]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن باللّه واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا موسى بن هارون الدّولابيّ، ثنا مروان عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: ذلكم أزكى لكم وأطهر أمر وليّ المرأة ألا يحبسها ولا يعضلها إذا أرادت مراجعة زوجها). [تفسير القرآن العظيم: 1/427]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: واللّه يعلم وأنتم لا تعلمون
- وبه عن الضّحّاك في قول اللّه: واللّه يعلم وأنتم لا تعلمون يعلم وجد كلّ واحدٍ بصاحبه، ما لا تعلمون). [تفسير القرآن العظيم: 1/427]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله فلا تعضلوهن نزلت في امرأة من مزينة طلقها زوجها تطليقة فعضلها أخوها معقل بن يسار أن تتزوجه). [تفسير مجاهد: 109]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أحمد بن جعفرٍ القطيعيّ، ثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، حدّثني أبي، أنبأ وكيعٌ، ثنا الفضل بن دلهمٍ، عن الحسن، عن معقل بن يسارٍ، أنّ أخته طلّقها زوجها، فأراد أن يراجعها، " فمنعها معقلٌ فأنزل اللّه تعالى: {وإذا طلّقتم النّساء، فبلغن أجلهنّ، فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ، إذا تراضوا بينهم بالمعروف} [البقرة: 232] «هذا حديثٌ صحيح الإسناد، ولم يخرّجاه» ). [المستدرك: 2/307]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ ت د) معقل بن يسار رضي الله عنه قال: كانت لي أختٌ تخطب إليّ، (وأمنعها من النّاس)، فأتاني ابن عمٍّ لي، فأنكحتها إيّاه (فاصطحبا ما شاء الله)، ثم طلّقها طلاقاً له رجعة، ثم تركها حتّى انقضت عدّتها، فلّما خطبت إليّ أتاني يخطبها (مع الخطّاب) فقلت له: (خطبت إليّ فمنعتها النّاس، وآثرتك بها، فزوّجتكها، ثم طلّقتها طلاقاً لك رجعةٌ، ثم تركتها حتى انقضت عدّتها، فلما خطبت إليّ أتيتني تخطبها مع الخطّاب) ؟! والله، لا أنكحتكها أبداً، قال: ففيّ نزلت هذه الآية: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ} الآية [البقرة: 232]، فكفّرت عن يميني، وأنكحتها إيّاه.
هذه رواية البخاري، وأخرجه الترمذي وأبو داود نحوه بمعناه.
[جامع الأصول: 2/47]
وفي أخرى للبخاري نحوه، وفيها: فحمي معقلٌ من ذلك أنفاً وقال: خلا عنها، وهو يقدر عليها، ثم يخطبها، فحال بينه وبينها، فأنزل الله هذه الآية، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه، فترك الحميّة، واستقاد لأمر الله عز وجل.
[شرح الغريب]
(تعضلوهنّ) أي تمنعونهن أن ينكحن من يجوز لهن نكاحه.
(فكفّرت) تكفير اليمين: إخراج الكفارة التي تلزم الحالف إذا حنث، كأنها تغطي الذنب الذي يوجبه الحنث، والتكفير: التغطية.
(فحمي) أي: أخذته الحميّة، وهي الأنفة والغيرة). [جامع الأصول: 2/48]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون
[الدر المنثور: 2/704]
أخرج وكيع والبخاري، وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجة، وابن جرير، وابن المنر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والحاكم والبيهقي من طرق عن معقل بن يسار قال: كانت لي أخت فأتاني ابن عم لي فأنكحتها إياه فكانت عنده ما كانت ثم طلقها تطليقة لم يراجعها حتى انقضت العدة فهويها وهويته ثم خطبها مع الخطاب فقلت له: يا لكع أكرمتك بها وزوجتكما فطلقتها ثم جئت تخطبها والله لا ترجع إليك أبدا وكان رجلا لابأس به وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إلى بعلها فأنزل الله تعالى {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن} قال: ففي نزلت هذه الآية، فكفرت عن يميني وأنكحتها إياه، وفي لفظ: فلما سمعها معقل قال: سمع لربي وطاعة ثم دعاه فقال: أزوجك وأكرمك.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في الرجل يطلق امرأته طلقة أو طلقتين فتقضي عدتها ثم يبدو له تزوجها وأن يراجعها وتريد المرأة ذلك فيمنعها أولياؤها من ذلك فنهى الله أن يمنعوها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فلا تعضلوهن} يقول:
[الدر المنثور: 2/705]
فلا تمنعوهن.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد قال: نزلت هذه الآية في امرأة من مزينة طلقها زوجها وأبينت منه فعضلها أخوها معقل بن يسار يضارها خيفة أن ترجع إلى زوجها الأول.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال: نزلت هذه الآية في معقل بن يسار وأخته جمل بنت يسار كانت تحت أبي البداح طلقها فانقضت عدتها فخطبها فعضلها معقل.
وأخرج ابن جرير عن أبي إسحاق الهمذاني، أن فاطمة بنت يسار طلقها
زوجها ثم بدا له فخطبها فأبى معقل فقال: زوجناك فطلقتها وفعلت، فأنزل الله {فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن}.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن السدي قال: نزلت هذه الآية في جابر بن عبد الله الأنصاري كانت له ابنة عم فطلقها زوجها تطليقة وانقضت عدتها فأراد مراجعتها فأبى جابر فقال: طلقت بنت عمنا ثم تريد أن تنكحها الثانية وكانت المرأة تريد زوجها فأنزل الله {وإذا طلقتم النساء} الآية
[الدر المنثور: 2/706]
وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف} قال: إذا رضيت الصداق، قال: طلق رجل امرأته فندم وندمت، فأراد أن يراجعها فأبى وليها فنزلت هذه الآية.
وأخرج ابن المنذر عن أبي جعفر قال: إن الولي في القرآن، يقول الله {فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {إذا تراضوا بينهم بالمعروف} يعني بمهر وبينة ونكاح مؤتنف.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن مردويه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انكحوا الأيامى، فقال رجل: يا رسول الله ما العلائق بينهم قال: ما تراضى عليه أهلوهن.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال {والله يعلم وأنتم لا تعلمون} قال: الله يعلم من حب كل واحد منهما لصاحبه ما لا تعلم أنت أيها الولي). [الدر المنثور: 2/707]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 07:15 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {ولا تمسكوهنّ ضراراً لّتعتدوا...}
كان الرجل منهم إذا طلّق امرأته فهو أحقّ برجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثانية. وكان إذا أراد أن يضرّ بها تركها حتى تحيض الحيضة الثالثة ثم يراجعها، ويفعل ذلك في التطليقة الثانية. فتطويله لرجعتها هو الضرار بها). [معاني القرآن: 1/148]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({ولا تمسكوهنّ ضراراً لتعتدوا}، كانوا إذا طلق أحدهم امرأته: فهو أحقّ برجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة، فإذا أراد أن يضر بامرأته: تركها حتى تحيض الحيضة الثالثة، ثم راجعها. ويفعل ذلك من التطليقة الثالثة. فتطويله عليها هو: الضّرار). [تفسير غريب القرآن: 88]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فأمسكوهنّ بمعروف أو سرّحوهنّ بمعروف ولا تمسكوهنّ ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوا واذكروا نعمت اللّه عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتّقوا اللّه واعلموا أنّ اللّه بكلّ شيء عليم}أي: وقت انقضاء عدتهن.
{فأمسكوهنّ بمعروف أو سرّحوهنّ بمعروف}أي: اتركوهن حتى ينقضي تمام أجلهن ويكن أملك بأنفسهن.
وقوله عزّ وجلّ: {ولا تمسكوهنّ ضرارا} أي: لا تمسكوهن وأنتم لا حاجة بكم إليهن، وقيل إنه كان الرجل يطلق المرأة ويتركها حتى يقرب انقضاء أجلها ثم يراجعها إضرارا بها، فنهاهم الله عن هذا الإضرار بهن.
وقوله عزّ وجلّ: {ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه}أي: عرّضها لعذاب اللّه عزّ وجلّ: لأن إتيان ما نهى اللّه عنه تعرض لعذابه، وأصل الظلم وضع الشيء - في غير موضعه وقد شرحنا ذلك.
وقوله عزّ وجلّ: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوا} أي: ما قد بينه لكم من دلالاته، وعلاماته في أمر الطلاق وغيره.
وقيل في هذا قولان:
1- قال بعضهم: كان الرجل يطلّق ويعتق ويقول: كنت لاعبا، فأعلم الله عز وجل أن فرائضه لا لعب فيها،
2- وقال قوم: معنى {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوا}أي: لا تتركوا العمل بما حدّد اللّه لكم فتكونوا مقصرين لاعبين كما تقول للرجل الذي لا يقوم بما يكلفه، - ويتوانى فيه: إنما أنت لاعب).
[معاني القرآن: 1/309-310]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف} أجلهن وقت انقضاء العدة
ومعنى {فبلغن أجلهن}: على قرب البلوغ كما تقول إذا بلغت مكة فاغتسل قبل أن تدخلها). [معاني القرآن: 1/208]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا}
روى أبو الضحاك عن مسروق ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا .
قال يطلقها حتى إذا كادت تنقضي عدتها راجعها أيضا ولا يريد إمساكها ويحبسها فذلك الذي يضار ويتخذ آيات الله هزوا .
وقال مجاهد وقتادة نحوه). [معاني القرآن: 1/209]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه}أي: عرضها لعذاب الله). [معاني القرآن: 1/210]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {ولا تتخذوا آيات الله هزوا}
يروى عن الحسن أن الرجل كان يطلق ثم يقول إنما كنت لاعبا فنزل هذا.
وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة جدهن جد وهزلهن جد الطلاق والعتاق والرجعة))
وقيل من طلق امرأته فوق ثلاثة فقد اتخذ آيات الله هزوا.
وروي عن عائشة أن الرجل كان يطلق امرأته ثم يقول: والله لا أورثك ولا أدعك وكيف ذاك وقال إذا كدت تقضين عدتك راجعتك فنزلت: {ولا تتخذوا آيات الله هزوا}
قال أبو جعفر: وهذا من أجود هذه الأقوال لمجيئها بالعلة التي أنزلت من أجلها الآية والأقوال كلها داخلة في معنى الآية لأنه يقال لمن سخر من آيات الله اتخذوها هزوا ويقال ذلك لمن كفر بها ويقال ذلك لمن اطرحها ولم يأخذ بها وعمل بغيرها فعلى هذا تدخل هذه الأقوال في الآية
وآيات الله دلائله وأمره ونهيه). [معاني القرآن: 1/210-212]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {فلا تعضلوهنّ...}
يقول: فلا تضيّقوا عليهنّ أن يراجعن أزواجهنّ بمهر جديد إذا بانت إحداهنّ من زوجها، وكانت هذه أخت معقل، أرادت أن تزوّج زوجها الأوّل بعدما انقضت عدّتها فقال معقل لها: وجهي من وجهك حرام إن راجعته، فأنزل الله عز وجل: {فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ}.
وقوله: {ذلك يوعظ به} ولم يقل: ذلكم، وكلاهما صواب. وإنما جاز أن يخاطب القوم "بذلك" لأنه حرف قد كثر في الكلام حتى توهّم بالكاف أنها (من الحرف) وليست بخطاب.
ومن قال "ذلك" جعل الكاف منصوبة وإن خاطب امرأة أو امرأتين أو نسوة.
ومن قال "ذلكم" أسقط التوهّم، فقال إذا خاطب الواحد: ما فعل ذلك الرجل، وذلك الرجلان، وأولئك الرجال. [و] يقاس على هذا ما ورد. ولا يجوز أن تقول في سائر الأسماء إذا خاطبت إلا بإخراج المخاطب في الاثنين والجميع والمؤنّث؛ كقولك للمرأة: غلامك فعل ذلك؛ لا يجوز نصب الكاف ولا توحيدها في الغلام؛ لأن الكاف ههنا لا يتوهّم أنها من الغلام. ويجوز أن تقول: غلامك فعل ذاك وذاك، على ما فسّرت لك: من الذهاب بالكاف إلى أنها من الاسم).
[معاني القرآن: 1/148-149]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فبلغن أجلهنّ}: منتهى كل قرءٍ أو شهر، فإذا فبلغن أجلهن {فلا تعضلوهنّ}في هذا الموضع: منتهى العدّة الوقت الذي وقّت الله؛ ثم قال: {تراضوا بينهم بالمعروف} أي تزويجاً صحيحاً؛ {لا تعضلوهنّ} أي لا تحبسوهن، ونرى أن أصله من التعضيل). [مجاز القرآن: 1/75]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن باللّه واليوم الآخر ذالكم أزكى لكم وأطهر واللّه يعلم وأنتم لا تعلمون}
قال: {فلا تعضلوهنّ} ينهى أزواجهن أن يمنعوهن من الأزواج.
وقال: {ذلك يوعظ به} و{ذالكم أزكى لكم وأطهر} لأنه خاطب رجالا،
وقال في موضع آخر "ذلكنّ الذي لمتنّني فيه" لأنه خاطب نساء، ولو ترك "ذلك " ولم يلحق فيها أسماء الذين خاطب كان جائزا. وقال:
{من يأت منكنّ بفاحشةٍ مّبيّنةٍ يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على اللّه يسيراً} ولم يقل {ذلكنّ}
وقال: {فاستبشروا ببيعكم الّذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم}.
وقال في المجادلة
{ذلك خيرٌ لّكم وأطهر} وليس بأبعد من قوله: {حتّى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم} فخاطب ثم حدّث عن غائب لأن الغائب هو الشاهد في ذا المكان.
وقال:
{هل أنبّئكم بشرٍّ مّن ذلك مثوبةً}).
[معاني القرآن: 1/142-143]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله {فلا تعضلوهن}، فقالوا في الفعل: عضل يعضل ويعضل، وحظل مثلها؛ أي منع وضيق.
وأنشد:
فلا ترى بعلا ولا حلائلاً دكها ولا كهن إلا حاظلا.
ومن هذا اللفظ أيضًا: أعضل هذا الأمر إعضالاً: اشتد وغلب، وعضلت الدجاجة والشاة، والدجاجة بيضتها تعضيلاً؛ إذا نشب ولم يخرج ولم يسهل مخرجه؛ ويقال للرجل الكثير العضل: إنه لعضلٌ؛ وقد عضل عضلاً، ويقال: فلان عضلة من العضل؛ إذا كان داهية منكرًا؛ ويقال للجرذ: العضل، والجماع عضلان). [معاني القرآن لقطرب: 366]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {ذلك يوعظ به} قال: {ذلك} ثم قال {ذلكم أزكى لكم}، وقال {أكفاركم خير من أولياكم} على الجمع.
وقال الطرماح:
أذاك على الأين أم ذاكم = إذا نامت الأكلب النابحه
فقال: أذاك؛ فجعله واحدًا، وقال: ذأكم؛ فجعله جميعًا.
فإذا قلت: ذاكم للجمع، قلت: ذاك للمرأة، فكسرت، وذاكما للاثنين؛ وإذا قلت: ذاك، وأنت تخاطب الجميع؛ كان القياس أن تدعها على فتحها في المؤنث والاثنين، ولا تثنهما كما لم تجمعها في ذاك.
وقوله عز وجل {فمتعوهن} فالتمتيع: الإعطاء والكسوة). [معاني القرآن لقطرب: 367]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({فلا تعضلوهن}أي: تمنعوهن من التزويج). [غريب القرآن وتفسيره: 94]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ} أي: لا تحبسوهن. يقال: عضل الرجل أيّمه، إذا منعها من التزويج. {إذا تراضوا بينهم بالمعروف} يعني: تزويجا صحيحا). [تفسير غريب القرآن: 88]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن باللّه واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر واللّه يعلم وأنتم لا تعلمون}
{فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ}
هذا مخاطبة للأولياء، وفي هذا دليل أن أمر الأولياء بين.
لأنّ المطلّقة التي تراجع إنما هي مالكة بضعها إلا أن الولي لا بد منه، ومعنى{تعضلوهنّ}: تمنعوهنّ وتحبسوهنّ، من أن ينكحن أزواجهنّ.
والأصل في هذا: فيما روي أن معقل بن يسار طلق أخته زوجها، فأبى معقل بن يسار أن يزوجها إيّاه، ومنعها بحقّ الولاية من ذلك، فلما نزلت هذه الآية تلاها عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال معقل: رغم أنفي لأمر اللّه.
وأصل العضل من قولهم: عضلت الدجاجة، فهي معضل، إذا احتبس بيضها ونشب فلم يخرج، ويقال عضلت الناقة أيضا، فهي معضل إذا احتبس ما في بطنها...
وقوله عزّ وجلّ: {ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن باللّه واليوم الآخر}أي: بأمر الله الذي تلا عليكم، {يوعظ به من كان منكم يؤمن باللّه واليوم الآخر}، أي: من صدق بأمر اللّه ووعيده والبعث وأطاع اللّه في هذه الحدود.
وقال {ذلك يوعظ به} وهو يخاطب جميعا، وقد شرحنا القول فيه فيما تقدم.
وقال بعض أهل اللغة: إنه توهّم أنّ ذا مع المعارف كلمة واحدة.
ولا أدري - من غير قائل هذا - بهذا التوهم. الله خاطب العرب بما يعقلونه وخاطبهم بأفصح اللغات، وليس في القرآن توهم، تعالى اللّه - عن هذا، وإنما حقيقة ذلك وذلكم مخاطبة الجميع، فالجميع لفظه لفظ واحد، فالمعنى ذلك أيها القبيل يوعظ به من كان منكم يؤمن باللّه، وقوله عزّ وجلّ بعد هذا.
{ذلكم أزكى لكم وأطهر}
يدل على أنّ " ذلك " - و " ذلكم " مخاطبة للجماعة.
ومعنى{واللّه يعلم وأنتم لا تعلمون} أي: الله يعلم ما لكم فيه الصلاح في العاجل والآجل، وأنتم غير عالمين إلا بما أعلمكم). [معاني القرآن: 1/310-311]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله تعالى: {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن}
روى سماك بن حرب عن ابن أخي معقل عن معقل بن سنان أو يسار وقال لي الطحاوي وهو معقل بن سنان أن أخته كانت عند رجل فطلقها ثم أراد أن يرجعها فأبى عليه معقل فنزلت هذه الآية: {فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف}.
قال أبو جعفر: ومعنى لا تعضلوهن في اللغة لا تحسبوهن.
وحكى الخليل دجاجة معضل، أي: قد احتبس بيضها .
وقد قيل في معنى هذه الآية أن انهي للأزواج لأن المخاطبة لهم مثل قوله: {ولا تمسكوهن ضرارا}
وقد يجوز أن يكون:للأولياء وخوطبوا بهذا لأنهم ممن يقع لهم هذا وقد تقدم أيضا نهي الأزواج.
والأجود: أن يكون لهما جميعا ويكون الخطاب عاما أي يا أيها الناس إذا طلقتم النساء فلا تعضلوهن.
قال أبو جعفر: وحقيقة فلا تعضلوهن فلا تضيقوا عليهن بمنعكم إياهن أيها الأولياء في مراجعة أزواجهن.
وتقول عضل يعضل وعضل يعضل ومنه الداء العضال الذي لا يطاق علاجه لضيقه عن العلاج
ومعنى والله يعلم أي ما لكم فيه الصلاح). [معاني القرآن: 1/212-214]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({تعضلوهن}أي: تحبسوهن عن التزويج). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 41]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({تَعْضُلُوهُـــنَّ}: تمنعوهـــن). [العمدة في غريب القرآن: 91]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 11:41 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]



تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث عمر رضي الله عنه حين قال: أعضل بي أهل الكوفة ما يرضون بأمير ولا يرضاهم أمير.

...
قال الأموي: قوله: أعضل بي، هو من العضال، وهو الأمر الشديد الذي لا يقوم له صاحبه، يقال: قد أعضل الأمر فهو معضل.
ويقال: قد عضلت المرأة تعضيلا - إذا نشب الولد فخرج بعضه ولم يخرج بعض فبقي معترضا.
وكان أبو عبيدة يحمل هذا على الإعضال في الأمر ويراه منه، فيقول:
أنزلوا بي أمرا معضلا لا أقوم به. قال ذو الرمة:



ولم أقذف لمؤمنة حصانبـأمــر الله مـوجـبـة عــضــالا

ويقال في غير هذا: عضل الرجل أخته وابنته يعضلها عضلا إذا منعها من التزويج، وكذلك عضل الرجل امرأته قال الله تبارك وتعالى: {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن} يقال في تفسيره: أنه أن يطلقها واحدة حتى إذا كادت تنقضي عدتها ارتجعها، ثم طلقها أخرى، ثم كذلك الثانية والثالثة يطول عليها العدة يضارها بذلك.
ويقال في قوله: {ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا} إنه من هذا أيضا). [غريب الحديث: 4/178-180]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232) }
قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ): (وقال التميمي: العضل أن يحبس الرجل المرة في البيت فلا يتركها تزوج ولا ينفق عليها، عضلها يعضل). [كتاب الجيم: 2/258]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 12:58 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 12:58 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 12:58 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 12:59 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وإذا طلّقتم النّساء} الآية خطاب للرجال لا يختص بحكمه إلا الأزواج، وذلك نهي للرجل أن يطول العدة على المرأة مضارّة منه لها، بأن يرتجع قرب انقضائها ثم يطلق بعد ذلك، قاله الضحاك وغيره، ولا خلاف فيه، ومعنى {بلغن أجلهن} قاربن، لأن المعنى يضطر إلى ذلك، لأنه بعد بلوغ الأجل لا خيار له في الإمساك، ومعنى {أمسكوهن} راجعوهن، و{بمعروفٍ} قيل هو الإشهاد، {ولا تمسكوهنّ} أي لا تراجعوهن ضرارا، وباقي الآية بيّن.
قوله عز وجل: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزواً واذكروا نعمت اللّه عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتّقوا اللّه واعلموا أنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ (231) وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن باللّه واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر واللّه يعلم وأنتم لا تعلمون (232)}
المراد آياته النازلة في الأوامر والنواهي، وقال الحسن: «نزلت هذه الآية فيمن طلق لاعبا أو هازلا أو راجع كذلك»، وقالته عائشة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد:النكاح والطلاق والرجعة».
ووقع هذا الحديث في المدونة من كلام ابن المسيب، النكاح والطلاق والعتق، ثم ذكر الله عباده بإنعامه عليهم بالقرآن والسنة، والحكمة هي السنة المبينة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم مراد الله فيما لم ينص عليه في الكتاب، والوصف ب عليمٌ يقتضيه ما تقدم من الأفعال التي ظاهرها خلاف النية فيها، كالمحلل والمرتجع مضارة). [المحرر الوجيز: 1/ 568-569]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ} الآية خطاب للمؤمنين الذين منهم الأزواج ومنهم الأولياء، لأنهم المراد في تعضلوهنّ، وبلوغ الأجل في هذا الموضع تناهيه، لأن المعنى يقتضي ذلك، وقد قال بعض الناس في هذا الموضع: إن المراد ب تعضلوهنّ، الأزواج، وذلك بأن يكون الارتجاع مضارة عضلا عن نكاح الغير، فقوله أزواجهنّ على هذا يعني به الرجال، إذ منهم الأزواج، وعلى أن المراد ب تعضلوهنّ الأولياء فالأزواج هم الذين كنّ في عصمتهم، والعضل المنع من الزواج، وهو من معنى التضييق والتعسير، كما يقال أعضلت الدجاجة إذا عسر بيضها، والداء العضال العسير البرء، وقيل: نزلت هذه الآية في معقل بن يسار وأخته، وقيل: في جابر بن عبد الله، وذلك أن رجلا طلق أخته، وقيل بنته، وتركها حتى تمت عدتها، ثم أراد ارتجاعها فغار جابر، وقال: «تركتها وأنت أملك بها، لا زوجتكها أبدا»، فنزلت الآية، وهذه الآية تقتضي ثبوت حق الولي في إنكاح وليته، وأن النكاح يفتقر إلى ولي، خلاف قول أبي حنيفة إن الولي ليس من شروط النكاح، وقوله: {بالمعروف} معناه المهر والإشهاد.
وقوله تعالى: {ذلك يوعظ به من كان منكم} خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم: ثم رجوع إلى خطاب الجماعة، والإشارة في ذلكم أزكى إلى ترك العضل، وأزكى وأطهر معناه أطيب للنفس وأطهر للعرض والدين، بسبب العلاقات التي تكون بين الأزواج، وربما لم يعلمها الولي فيؤدي العضل إلى الفساد والمخالطة على ما لا ينبغي، والله- تعالى- يعلم من ذلك ما لا يعلم البشر). [المحرر الوجيز: 1/ 569-570]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 12:59 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 12:59 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فأمسكوهنّ بمعروفٍ أو سرّحوهنّ بمعروفٍ ولا تمسكوهنّ ضرارًا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا واذكروا نعمة اللّه عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتّقوا اللّه واعلموا أنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ (231)}
هذا أمرٌ من اللّه عزّ وجلّ للرّجال إذا طلّق أحدهم المرأة طلاقًا له عليها فيه رجعةٌ، أن يحسن في أمرها إذا انقضت عدّتها، ولم يبق منها إلّا مقدار ما يمكنه فيه رجعتها، فإمّا أن يمسكها، أي: يرتجعها إلى عصمة نكاحه بمعروفٍ، وهو أن يشهد على رجعتها، وينوي عشرتها بالمعروف، أو يسرّحها، أي: يتركها حتّى تنقضي عدّتها، ويخرجها من منزله بالّتي هي أحسن، من غير شقاقٍ ولا مخاصمةٍ ولا تقابحٍ، قال اللّه تعالى: {ولا تمسكوهنّ ضرارًا لتعتدوا} قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، ومسروقٌ، والحسن، وقتادة، والضّحّاك، والرّبيع، ومقاتل بن حيّان وغير واحدٍ: «كان الرّجل يطلّق المرأة، فإذا قاربت انقضاء العدّة راجعها ضرارًا، لئلّا تذهب إلى غيره، ثمّ يطلّقها فتعتدّ، فإذا شارفت على انقضاء العدّة طلّق لتطول عليها العدّة، فنهاهم اللّه عن ذلك، وتوعّدهم عليه فقال: {ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه} أي: بمخالفته أمر اللّه تعالى».
وقوله: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا} قال ابن جريرٍ: عند هذه الآية: أخبرنا أبو كريب، أخبرنا إسحاق بن منصورٍ، عن عبد السّلام بن حربٍ، عن يزيد بن عبد الرّحمن، عن أبي العلاء الأوديّ، عن حميد بن عبد الرّحمن، عن أبي موسى: «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم غضب على الأشعريّين، فأتاه أبو موسى فقال: يا رسول اللّه، أغضبت على الأشعريّين؟! فقال: «يقول أحدكم: قد طلّقت، قد راجعت، ليس هذا طلاق المسلمين، طلّقوا المرأة في قبل عدّتها».
ثمّ رواه من وجهٍ آخر عن أبي خالدٍ الدّالانيّ، وهو يزيد بن عبد الرّحمن، وفيه كلامٌ.
وقال مسروقٌ: «هو الّذي يطلّق في غير كنهه، ويضارّ امرأته بطلاقها وارتجاعها، لتطول عليها العدّة».
وقال الحسن، وقتادة، وعطاءٌ الخراسانيّ، والرّبيع، ومقاتل بن حيّان: «هو الرّجل يطلّق ويقول: كنت لاعبًا أو يعتق أو ينكح ويقول: كنت لاعبًا. فأنزل اللّه: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا} فألزم اللّه بذلك».
وقال ابن مردويه: حدّثنا إبراهيم بن محمّدٍ، حدّثنا أبو أحمد الصّيرفيّ، حدّثني جعفر بن محمّدٍ السّمسار، عن إسماعيل بن يحيى، عن سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: «طلّق رجلٌ امرأته وهو يلعب، لا يريد الطّلاق؛ فأنزل اللّه: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا} فألزمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الطّلاق».
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عصام بن زوّاد، حدّثنا آدم، حدّثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن، هو البصريّ، قال: «كان الرّجل يطلّق ويقول: كنت لاعبًا أو يعتق ويقول: كنت لاعبًا وينكح ويقول: كنت لاعبًا فأنزل اللّه: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا} وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من طلّق أو أعتق أو نكح أو أنكح، جادًّا أو لاعبًا، فقد جاز عليه».
وكذا رواه ابن جريرٍ من طريق الزّهريّ، عن سليمان بن أرقم، عن الحسن، مثله. وهذا مرسلٌ. وقد رواه ابن مردويه من طريق عمرو بن عبيدٍ، عن الحسن، عن أبي الدّرداء، موقوفًا عليه.
وقال أيضًا: حدّثنا أحمد بن الحسن بن أيّوب، حدّثنا يعقوب بن أبي يعقوب، حدّثنا يحيى بن عبد الحميد، حدّثنا أبو معاوية، عن إسماعيل بن سلمة، عن الحسن، عن عبادة بن الصّامت، في قول اللّه تعالى: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا} قال: «كان الرّجل على عهد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول للرّجل زوّجتك ابنتي ثمّ يقول: كنت لاعبًا. ويقول: قد أعتقت، ويقول: كنت لاعبًا فأنزل اللّه: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا} فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ثلاث من قالهنّ لاعبًا أو غير لاعبٍ، فهنّ جائزات عليه: الطلاق، والعتاق، والنكاح».
والمشهور في هذا الحديث الّذي رواه أبو داود، والتّرمذيّ، وابن ماجه من طريق عبد الرّحمن بن حبيب بن أردك، عن عطاءٍ، عن ابن ماهك، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ثلاثٌ جدّهنّ جدٌّ، وهزلهنّ جدٌّ: النّكاح، والطّلاق، والرّجعة». وقال التّرمذيّ: حسنٌ غريبٌ.
وقوله: {واذكروا نعمة اللّه عليكم} أي: في إرساله الرّسول بالهدى والبيّنات إليكم {وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة} أي: السّنّة {يعظكم به} أي: يأمركم وينهاكم ويتوعّدكم على ارتكاب المحارم {واتّقوا اللّه} أي: فيما تأتون وفيما تذرون {واعلموا أنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ} أي: فلا يخفى عليه شيءٌ من أموركم السّرّيّة والجهريّة، وسيجازيكم على ذلك). [تفسير ابن كثير: 1/ 629-631]


تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن باللّه واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر واللّه يعلم وأنتم لا تعلمون (232)}
قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: «نزلت هذه الآية في الرّجل يطلّق امرأته طلقةً أو طلقتين، فتنقضي عدّتها، ثمّ يبدو له أن يتزوّجها وأن يراجعها، وتريد المرأة ذلك، فيمنعها أولياؤها من ذلك، فنهى اللّه أن يمنعوها». وكذا روى العوفيّ، عنه، وكذا قال مسروقٌ، وإبراهيم النّخعيّ، والزّهريّ والضّحّاك إنّها أنزلت في ذلك. وهذا الّذي قالوه ظاهرٌ من الآية، وفيها دلالةٌ على أنّ المرأة لا تملك أن تزوّج نفسها، وأنّه لا بدّ في تزويجها من وليٍّ، كما قاله التّرمذيّ وابن جريرٍ عند هذه الآية، كما جاء في الحديث: «لا تزوّج المرأة المرأة، ولا تزوّج المرأة نفسها، فإنّ الزّانية هي الّتي تزوّج نفسها». وفي الأثر الآخر: «لا نكاح إلّا بوليٍّ مرشدٍ، وشاهدي عدلٍ». وفي هذه المسألة نزاعٌ بين العلماء محرّرٌ في موضعه من كتب الفروع، وقد قرّرنا ذلك في كتاب "الأحكام"، وللّه الحمد والمنّة.
وقد روي أنّ هذه الآية نزلت في معقل بن يسارٍ المزنيّ وأخته، فقال البخاريّ، رحمه اللّه، في كتابه الصّحيح عند تفسير هذه الآية:
حدّثنا عبيد اللّه بن سعيدٍ، حدّثنا أبو عامرٍ العقديّ، حدّثنا عبّاد بن راشدٍ، حدّثنا الحسن قال: حدّثني معقل بن يسارٍ قال:كانت لي أختٌ تخطب إليّ -قال البخاريّ: وقال إبراهيم، عن يونس، عن الحسن: حدّثني معقل بن يسارٍ. وحدّثنا أبو معمر، حدّثنا عبد الوارث، حدّثنا يونس، عن الحسن: «أنّ أخت معقل بن يسارٍ طلّقها زوجها، فتركها حتّى انقضت عدّتها، فخطبها، فأبى معقل، فنزلت: {فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ}».
وهكذا رواه أبو داود، والتّرمذيّ، وابن ماجه، وابن أبي حاتمٍ، وابن جريرٍ، وابن مردويه من طرقٍ متعدّدةٍ، عن الحسن، عن معقل بن يسارٍ، به. وصحّحه التّرمذيّ أيضًا، ولفظه عن معقل ابن يسارٍ: «أنّه زوّج أخته رجلًا من المسلمين، على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فكانت عنده ما كانت، ثمّ طلّقها تطليقةً لم يراجعها حتّى انقضت العدّة، فهويها وهويته، ثمّ خطبها مع الخطّاب، فقال له: يا لكع أكرمتك بها وزوّجتكها، فطلّقتها! واللّه لا ترجع إليك أبدًا، آخر ما عليك قال: فعلم اللّه حاجته إليها وحاجتها إلى بعلها، فأنزل اللّه: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ} إلى قوله: {وأنتم لا تعلمون} فلمّا سمعها معقلٌ قال: سمعٌ لربّي وطاعةٌ ثمّ دعاه، فقال: أزوّجك وأكرمك»، زاد ابن مردويه: «وكفّرت عن يميني».
وروى ابن جريرٍ عن ابن جريجٍ قال: هي جمل بنت يسارٍ كانت تحت أبي البدّاح، وقال سفيان الثّوريّ، عن أبي إسحاق السّبيعيّ قال: «هي فاطمة بنت يسارٍ». وهكذا ذكر غير واحدٍ من السّلف: أنّ هذه الآية نزلت في معقل بن يسارٍ وأخته. وقال السّدّيّ: «نزلت في جابر بن عبد اللّه، وابنة عمٍّ له»، والصّحيح الأوّل، واللّه أعلم.
وقوله: {ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن باللّه واليوم الآخر} أي: هذا الّذي نهيناكم عنه من منع الولايا أن يتزوّجن أزواجهنّ إذا تراضوا بينهم بالمعروف، يأتمر به ويتّعظ به وينفعل له {من كان منكم} أيّها النّاس {يؤمنّ باللّه واليوم الآخر} أي: يؤمن بشرع اللّه، ويخاف وعيد اللّه وعذابه في الدّار الآخرة وما فيها من الجزاء {ذلكم أزكى لكم وأطهر} أي: اتّباعكم شرع اللّه في ردّ الموليات إلى أزواجهنّ، وترك الحميّة في ذلك، أزكى لكم وأطهر لقلوبكم {واللّه يعلم} أي: من المصالح فيما يأمر به وينهى عنه {وأنتم لا تعلمون} أي: الخيرة فيما تأتون ولا فيما تذرون). [تفسير ابن كثير: 1/ 631-632]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:31 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة