العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم اللغة > جمهرة معاني الحرف وأسماء الأفعال والضمائر والظروف > جمهرة معاني الحروف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #2  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 02:28 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجَّاجيُّ (ت: 340هـ): ("لو": يمتنع بها الشّيء لامتناع غيره، كقولك: "لو" جاء زيد لأكرمته، معناه: امتنعت الكرامة لامتناع المجيء). [حروف المعاني والصفات: 3]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 02:29 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال أبو الحسن علي بن عيسى بن علي بن عبد الله الرماني (ت: 388هـ): (الفرق بين "لو" و"إن"
الفرق بين "لو" و"إن"
إن "لو" لما مضى، و"إن" لما يستأنف، وكلاهما يجب بهما الثّاني لوجوب الأول، تقول: "لو" أتيتني لأكرمتك، يدل على أن الإكرام كان يجب بالإتيان، وتقول: "إن" أتيتني أكرمتك، فتدل على أن الإكرام يجب بالإتيان في المستأنف، كما دللت في "لو" على أنه كان يجب به في الماضي).[منازل الحروف: 60]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 02:31 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

باب "لو"
قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ): (باب "لو"
اعلم أن لـ "لو" في الكلام أربعة مواضع:
الموضع الأول: أن تكون حرف امتناعٍ لامتناع، كذا قال النحويون كلهم فيما أعلم، وأرى أن تفسير معناها بهذا إنما هو في الجمل الواجبة لأنها الأصل، والنفي داخل عليها، فلم يعتبره لأنه فرع، والذي ينبغي اعتبار الأصل، لأن
"لو" يختلف تفسير معناها بذلك.
فيقال فيها إذا: إنها تكون حرف امتناعٍ لامتناعٍ إذا دخلت على جملتين موجبتين نحو قولك: «
"لو" قام زيدٌ لأحسنت إليك»، وحرف وجوب لوجوبٍ إذا دخلت على جملتين منفيتين نحو قولك: «"لو" "لم" يقم زيدٌ "لم" يقم عمر»، [وحرف امتناع لوجوب إذا دخلت على جملةٍ موجبة ثم منفية، نحو قولك: «"لو" يقوم زيدٌ "لما" قام عمرو»] وحرف وجوب لامتناع إذا دخلت على جملةٍ منفيةٍ ثم موجبةٍ نحو قولك: «"لو" "لم" يقم زيد لقام عمرو»، وقال الله تعالى: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ} وقال الشاعر:
فلو كنت ضبيًا عرفت قرابتي ..... .... .... .... ....
وربما وليت في هذا المعنى "أن" المفتوحة على تقدير فعلٍ قبلها كقوله تعالى: {لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ}، تقديره: «و"لو" ثبت "أن"».
وربما حُذف جوابها للعلم به كقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى}، المعنى لكان هذا القرآن، وقال الشاعر في المعنى الثالث:
ولو أنني عُلقت يا أم مالكٍ ..... بعود ثُمامٍ ما تأود عودها
وقال النبي عليه السلام في المعنى الرابع: «لو لم تذنبوا لجاء الله بقومٍ يذنبون فيغفر لهم ويدخلهم الجنة»، وقال الشاعر:
فلو لم يكن في كفه غير نفسه ..... لجاد بها فليتق الله سائله
وأما قوله عليه السلام: «نعم العبدُ صهيبٌ لو لم يخف الله لم يعصه»، فليست "لو" من هذا الموضع، وإنما هي من موضع الشرط على ما يُذكر بعد.
و
"لو" هذه فيها معنى الشرط لا يفارقها، وإن لم يكن لفظها لذلك، ولا عملها، وتخلص الفعل أبدًا إلى الماضي بخلاف أدوات الشرط، وإن كان ما بعدها مضارعًا، وقد تقدّم الكلام على "اللام" الواقعة جوابًا لها في باب اللام.

الموضع الثاني: أن تكون حرف شرط بمنزلة "إن" إلا أنها لا يُجزم بها، كما يجزم بـ "إن" ولا يكون جوابها بعدها إلا محذوفًا غالبًا لدلالة الكلام عليه، كقولك: «أنا أكرمك "لو" قمت»، المعنى: "لو" قمت أكرمك، ومنه قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ}، وقال الشاعر:
قومٌ إذا حاربوا شدوا مآزرهم ..... دون النساء ولو باتت بأطهار
المعنى: وإن كنا صادقين، وإن باتت بأطهار، وعلى ذلك ينبغي أن يُحمل قوله عليه السلام: «نعم العبدُ صهيب لو لم يخف الله لم يعصه»، المعنى أنه لا يعصي الله وإن قُدر أنه لا يخافه، وحاشاه من ذلك، لأنه مطبوع على الطاعة بما اختصه الله به من الانقياد لطاعته والمعرفة له.
وتخالف
"لو" هذه "إن" بأنها أبدًا تلزمُ الدخول على الماضي لفظًا ومعنى، أو معنًى دون لفظٍ كما مُثل قبلُ.

الموضع الثالث: أن تكون تمنيًا بمنزلة "ليت" في المعنى لا في اللفظ والعمل، فتقول: «"لو" أني قمتُ فأكرمك»، ومنه قوله تعالى: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، أي: "ليت" لنا كرة، والمعنى التمني، [و] دخلت "الفاءُ" في الجواب، ومنه قول الشاعر:
تجاوزت أحراسا وأهوال معشرٍ ..... علي حراصٍ لو يشرون مقتلي
أي: "ليتهم" يظهرون قتلي، أي: يتمنون أن يُظهروا قتلي.

الموضع الرابع: أن تكون حرف تقليل بمنزلة "رُب" في المعنى نحو قولك: إعط المساكين و"لو" واحدًا، وصلِّ و"لو" الفريضة، ومنه قوله تعالى: {وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} وقوله عليه السلام: «لا تردوا السائل ولو بظلفٍ مُحرق»، و«لا تردوا السائل ولو بشق تمرة» فاعلمه).[رصف المباني:289 - 292]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 02:33 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي



امتناع لامتناع

قال إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ): (ومنها امتناع لامتناع:
وحرفه "لو"، وعبارة سيبويه فيها: حرفٌ لما كان سيقع لوقوع غيره، وهو المطّرد فيها). [التحفة الوفية: ؟؟]

حروف الشرط
قال إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ): (ومنها الشرط: وحروفه: "إن"، و"إذما"، و"أمّا"، وزاد بعضهم "لو"، و"لولا" ). [التحفة الوفية: ؟؟]

المصدر
قال إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ): (ومنها المصدر:
وحروفه: "أن"، و"أنّ"، و"كي" في أحد قسميها، و"ما" على أنّها حرفٌ، و"الذي"، و"لو"، وفي مصدريّتها خلافٌ). [التحفة الوفية: ؟؟]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 02:34 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال الحسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت: 749هـ): ("لو"
حرف، له أربعة أقسام:
الأول: "لو" الامتناعية. وعبارة أكثرهم: "لو" حرف امتناع لامتناع. أي: تدل على امتناع الثاني لامتناع الأول. وهذه عبارة ظاهرها أنها غير صحيحة، لأنها تقتضي كون جواب "لو" ممتنعاً غير ثابت، دائماً. وذلك غير لازم، لأن جوابها قد يكون ثابتاً، في بعض المواضع، كقولك لطائر: "لو" كان هذا إنساناً لكان حيواناً. فإنسانيته محكوم ربه لأعطاه. فترك السؤال محكوم بعدم حصوله، والعطاء محكوم بحصوله، على كل حال، والمعنى أن عطاءه حاصل، مع ترك السؤال. فكيف مع السؤال؟ وكذا قول عمر في صهيب، رضي الله عنهما "لو" "لم" يخف الله "لم" يعصه. فعدم المعصية محكوم بثبوته، لأنه إذا كان ثابتاً، على تقدير عدم الخوف، فالحكم بثبوته، على تقدير الخوف، أولى.
وكذلك قوله تعالى: {ولو أن ما في لأرض، من شجرة، أقلام، والبحر يمده سبعة أبحر، ما نفدت كلمات الله}. فعدم النفاد ثابت، على تقدير كون ما في الأرض من الشجر أقلاماً مدادها البحر، وسبعة أمثاله. فثبوت عدم النفاد، على تقدير عدم ذلك، أولى.
فهذه الأمثلة، ونحوها، تدل على فساد قولهم: "لو" حرف امتناع لامتناع. والتحقيق، في ذلك، أن "لو" حرف يدل على تعليق فعل بفعل، فيما مضى. فيلزم، من تقدير حصول شرطها، حصول جوابها. ويلزم كون شرطها محكوماً بامتناعه إذ لو قدر حصوله لكان الجواب كذلك، فتصير حرف وجوب لوجوب، وتخرج عن كونها للتعليق، في الماضي. وأما جوابها فلا يلزم كونه ممتنعاً، على كل تقدير، لأنه قد يكون ثابتاً مع امتناع الشرط، كما تقدم. ولكن الأكثر أن يكون ممتنعاً.
فقد اتضح بذلك أن لو تدل على أمرين:
أحدهما: امتناع شرطها، والآخر كونه مستلزماً لجوابها. ولا تدل على امتناع الجواب، في نفس الأمر، ولا ثبوته. فإذا قلت: "لو" قام زيد لقام عمرو، فقيام زيد محكوم بانتفائه فيما مضى، وبكونه مستلزماً ثبوته لثبوت قيام عمرو. وهل لعمرو قيام آخر غير اللازم عن قيام زيد، أو ليس له، لا تعرض في الكلام لذلك. ولكن الأكثر كون الأول والثاني غير واقعين.
وقد عبر ابن مالك، رحمه الله، عن معنى لو بثلاث عبارات، حسنة، وافية بالمراد.
الأولى: قوله في التسهيل: "لو" حرف شرط يقتضي نفي ما يلزم لثبوته ثبوت غيره.
والثانية: قوله في بعض نسخ التسهيل: "لو" حرف شرط يقتضي امتناع ما يليه واستلزامه لتاليه.
والثالثة: قوله في شرح الكافية: "لو" حرف يدل على امتناع تال، يلزم لثبوته ثبوت تاليه.
وقال ابنه، رحمهما الله، ولا شك أن ما قال - يعني أباه - في تفسير "لو" أحسن وأدل على معنى "لو". غير أن ما قالوه، عندي، تفسير صحيح، واف بشرح معنى "لو". وهو الذي قصد سيبويه، من قوله: "لو" لما كان سيقع لوقوع غيره. يعني أنها تقتضي فعلاً ماضياً، كان يتوقع ثبوته، لثبوت غيره، والمتوقع غير واقع. فكأنه قال: "لو" حرف يقتضي فعلاً، امتنع لامتناع ما كان يثبت لثبوته.
وهو نحو مما قاله غيره. فلنرجع إلى بيان صحته فنقول: قولهم: "لو": حرف يدل على امتناع الثاني، لامتناع الأول يستقيم على وجهين: الأول: أن يكون المراد أن يكون المراد أن جواب "لو" ممتنع، لامتناع الشرط، غير ثابت لثبوت غيره، بناء منهم على مفهوم الشرط، في حكم اللغة، لا في حكم العقل.
والثاني: أن يكون المراد أن جواب "لو" ممتنع، لامتناع شرطه، وقد يكون ثابتاً لثبوت غيره، لأنها إذا كانت تقتضي نفي تاليها، واستلزامه لتاليه، فقد دلت على امتناع الثاني، لامتناع الأول، لأنه متى انتفى شيء انتفى مساويه في اللزوم، مع احتمال أن يكون ثابتاً، لثبوت أمر آخر. فإذا قلت: "لو" كانت الشمس طالعة كان الضوء موجوداً، فلا بد من انتفاء القدر المساوي منه للشرط. فصح إذاً أن يقال: "لو" حرف، يدل على امتناع الثاني لامتناع الأول. انتهى كلامه مختصراً. وهذا الوجه الثاني هو الذي قرره في شرح الألفية. وهو كلام حسن.
وقال الشلوبين: "لو" ليست موضوعة للدلالة على الامتناع، بل موضوعها ما نص عليه سيبويه، من أنها تقتضي لزوم جوابها
لشرطها فقط. قلت: وفيها، مع ذلك، دلالة على امتناع شرطها. وذلك مفهوم من عبارة سيبويه، رحمه الله. فإنه نص على أنها للتعليق في الماضي بقوله لما كان. ومن ضرورة كونها للتعليق، في الماضي، أن يكون شرطها منفي الوقوع، لأنه لو كان ثابتاً لكان الجواب كذلك. فتكون حينئذ حرف إيجاب لإيجاب. وليس ذلك معناها.
وقال بعض النحويين: لو لها أربعة أحوال:
الأول: أن تكون حرف امتناع لامتناع. وذلك إذا دخلت على موجبين، نحو: "لو" قام زيد لقام عمرو.
والثاني: أن تكون حرف وجوب لوجوب. وذلك إذا دخلت على منفيين، نحو: "لو" "لم" يقم زيد "لم" يقم عمرو.
والثالث: أن تكون حرف وجوب لامتناع. وذلك إذا دخلت على موجب، وبعده منفي، نحو: "لو" قام زيد "لم" يقم عمرو.
والرابع: أن تكون حرف امتناع لوجوب. وذلك إذا دخلت على منفي، بعده موجب، نحو: "لو" "لم" يقم زيد قام عمرو.
وهذا لا تحقيق فيه. بل هي، في ذلك كله، حرف امتناع لامتناع. ففي المثال الأول، دلت على امتناع قيام عمرو، لامتناع قيام زيد. وفي الثاني، دلت على امتناع عدم قيام عمرو، لامتناع عدم قيام زيد. ويلزم، من امتناع عدم قيامهما، وجود قيامهما. وفي الثالث، دلت على امتناع قيام عمرة، لامتناع قيام زيد. وفي الرابع، دلت على امتناع قيام عمرو، لامتناع عدم قيام زيد. فتأمل ذلك.
وقد بسطت الكلام على معنى "لو" في غير هذا الكتاب. وأفردت له أورقاً. وفيما ذكرته هنا كفاية. ويتعلق ب "لو" الامتناعية مسائل، لابد هنا من الإشارة إليها:
الأولى: أنها مثل "إن" الشرطية، في الاختصاص بالفعل. فلا يليها إلا فعل، أو معمول فعل مضمر، يفسره ظاهر بعده، كقول همر: "لو" غيرك قالها، يا أبا عبيدة. وقال ابن عصفور: لا يليها فعل مضمر، إلا في الضرورة، كقول الشاعر:
أخلاء، لو غير الحمام أصابكم
أو نادر كلام، كقول حاتم: "لو" ذات سوار لطمتني. قلت: والظاهر أن ذلك لا يختص بالضرورة، والنادر. بل يكون في فصيح الكلام، كقوله تعالى: {قل: لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي}. حذف الفعل، فانفصل الضمير.
وانفردت "لو" بمباشرة "أن"، كقوله تعالى: {ولو أنهم صبروا}. وهو كثير. واختلف في موضع "أن" بعد "لو". فذهب سيبويه إلى أنها في موضع رفع بالابتداء. وشبه شذوذ ذلك بانتصاب غدوة بعد "لدن". وذهب الكوفيون، والمبرد، والزجاج، وكثير من النحويين، إلى أنها فاعل بفعل مقدر، تقديره: ولو ثبت أنهم. وهو أقيس، إبقاء للاختصاص. وقول ابن مالك، في شرح الكافية: وزعم الزمخشري أن بين "لو" و"أن": ثبت مقدراً، قد يوهم انفراده بذلك.
فإن قلت: إذا جعلت مبتدأ، على مذهب سيبويه، فما الخبر؟ قلت: قال ابن هشام الخضراوي: مذهب سيبويه، والبصريين، أن الخبر محذوف. وقال غيره: مذهب سيبويه أنها لا تحتاج إلى خبر، لانتظام المخبر عنه والخبر بعد "أن". وذكر ابن مالك أن "لو" قد يليها مبتدأ وخبر. كقول الشاعر:
لو بغير الماء حلقي شرق ... كنت كالغصان، بالماء اعتصاري.
قيل: وهو مذهب الكوفيين. ومنع ذلك غيرهم، وتأولوا ما ورد منه. فتأول ابن خروف البيت، على إضمار كان الشأنية وتأوله
الفارسي على أن حلقي فاعل فعل مقدر، يفسره شرق، وشرق خبر مبتدأ محذوف، أي: هو شرق. وفيه تكلف.
الثانية: ذكر الزمخشري أن خبر أن الواقعة بعد "لو" يلزم كونه فعلاً. ونقل بعضهم ذلك عن السيرافي. قال الشيخ أبو حيان: وهو وهم، وخطأ فاحش؛ قال الله تعالى: {ولو أن ما في الأرض، من شجرة، أقلام}. وقال الشاعر: و"لو" أنها عصفورة لحسبتها وقال ابن مالك: وقد حمل الزمخشري ادعاؤه إضمار ثبت بين "لو" و"أن" على التزام كون الخبر فعلاً، ومنعه أن يكون اسماً، و"لو" كان بمعنى فعل، نحو: "لو" أن زيداً حاضر. وما منعه شائع، ذائع في كلام العرب، كقوله تعالى: {ولو أن ما في الأرض، من شجرة، أقلام}، وكقول الراجز:
لو أن حياً مدرك الفلاح ... أدركه ملاعب الرماح
قلت: الذي ينبغي أن يحمل عليه الكلام الزمخشري أنه منع كون خبرها اسماً مشتقا، والتزم الفعل حينئذ، إمكان صوغه، قضاء لحق طلبها للفعل. وأما إذا كان الاسم جامداً فيجوز، لتعذر صوغ الفعل منه، كما فصل ابن الحاجب؛ ألا ترى قوله في المفصل: ولو قلت: "لو" أن زيداً حاضر لأكرمته، "لم" يجز. و"لم" يتعرض لغير المشتق. وإذا حمل على هذا لم يرد عليه قوله تعالى: {ولو أن ما في الأرض، من شجرة، أقلام}، و"لا" نحو و"لو" أنها عصفورة. وإنما يرد عليه: "لو" أن حياً مدرك الفلاح. وللمجيب عنه أن يقول: إن هذا البيت، ونحوه، من النادر، فلا يرد عليه.
الثالثة: "لو" الامتناعية تصرف المضارع إلى المضي، كقول الشاعر:
لو يسمعون كما سمعت، حديثها ... خروا، لعزة، ركعاً، وسجودا
فهي في ذلك عكس "إن" الشرطية، لأنها تصرف الماضي إلى الاستقبال. واختلف في عد "لو" من حروف الشرط. فقال الزمخشري، وابن مالك: "لو" حرف شرط. وأبي قوم تسميتها حرف شرط، لأن حقيقة الشرط إنما تكون في الاستقبال، و"لو" إنما هي للتعليق في المضي، فليست من أدوات الشرط.
الرابعة: لا يكون جواب "لو" إلا فعلاً ماضياً، مثبتاً، أو منفياً ب "ما"، أو مضارعاً مجزوماً ب "لم". والأكثر في الماضي المثبت اقترانه "باللام". وقد يحذف كقوله تعالى: {لو نشاء جعلناه أجاجاً}. وقل دخولها على المنفي ب "ما" كقول الشاعر:
كذبت، وبيت الله، لو كنت صادقاً ... لما سبقتني، بالبكاء، الحمائم
وإن ورد "ما" ظاهره خلاف ذلك جعل الجواب محذوفاً، كقوله تعالى: {ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة}. فالجواب محذوف، و"اللام" جواب قسم محذوف، أغنى عن جواب "لو"، خلافاً للزجاج. فإنه جعل لمثوبة جواب "لو"، قال: كأنه قيل: لأثيبوا.

القسم الثاني: "لو" الشرطية التي بمعنى "إن". فهذه مثل "إن" الشرطية، يليها المستقبل، وتصرف الماضي إلى الاستقبال. كقوله تعالى: {وما أنت بمؤمن لنا، ولو كنا صادقين}، وكقوله تعالى: {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم}، وقول الشاعر:
قوم، إذا حاربوا شدوا مآزرهم ... دون النساء، ولو باتت بأطهار
وقول الآخر:
لا يلفك الراجوك إلا مظهراً ... خلق الكرام، ولو تكون عديما
وكون "لو" بمعنى "إن" ذكره كثير من النحويين. وقال ابن الحاج، في نقده على ابن عصفور: هذا خطأ، والقاطع بذلك أنك لا تقول: "لو" يقوم زيد فعمرو منطلق، كما تقول: إلا يقم زيد فعمرو منطلق، وتأول قوله و"لو" باتت بأطهار. وقال بدر الدين بن مالك في شرح الألفية: وعندي أن "لولا" تكون لغير الشرط في الماضي، وما تمسكوا به، من نحو قوله تعالى: {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم}، وقول الشاعر:
ولو أن ليلى الأخيلية سلمت ... علي، ودوني جندل، وصفائح
لسلمت تسليم البشاشة، أوزقا ... إليها صدى، من جانب القبر، صائح
لا حجة فيه، لصحة حمله على المضي. انتهى.
وإذا دخلت "لو" على المستقبل فها تجزم أولا؟ زعم قوم أن الجزم بها لغة مطردة. وذهب قوم، منهم ابن الشجري، إلى أنه يجوز الجزم بها في الشعر. واستدلوا، بقول الشاعر:
لو يشأ طار، به، ذو ميعة ... لاحق الآطال، نهد، ذو خصل
وبقول الآخر:
تامت فؤادك، لو يحزنك ما صنعت ... إحدى نساء بني ذهل بن شيبانا
وتأول ابن مالك، في شرح الكافية هذين البيتين، وقال: لا حجة فيهما.

القسم الثالث: "لو" المصدرية. وعلامتها أن يصلح في موضعها "أن"، كقوله تعالى: {يود أحدهم لو يعمر}، ولا تحتاج إلى جواب. ولم يذكر الجمهور أن "لو" تكون مصدرية. وذكر ذلك الفراء، وأبو علي، والتبريزي، وأبو البقاء، وتبعهم ابن مالك. ومن أنكرها تأول الآية ونحوها، على حذف مفعول يود، وجواب "لو". أي: يود أحدهم طول العمر، "لو" يعمر ألف سنة لسر بذلك.
ولا تقع "لو" المصدرية غالباً، إلا بعد مفهم تمن، نحو: يود. وقل وقوعها بعد غير ذلك، كقول قتيلة بنت النضر:
ما كان ضرك لو مننت، وربما ... من الفتى، وهو المغيظ، المخنق

القسم الرابع: "لو" التي للتمني نحو: "لو" تأينا فتحدثنا، كما تقول: ليتك تأتينا فتحدثنا. ومن ذلك {فلو أن لنا كرة فنكون}. ولو هذه ك "ليت"، في نصب الفعل بعدها مقروناً "بالفاء".
واختلف فيها على ثلاثة أقوال:
الأول: أنها قسم برأسه، فلا تجاب كجواب الامتناعية. نص عليه ابن الضائع، وابن هشام الخضراوي.
الثاني: أنها الامتناعية، أشربت معنى التمني. قال بعضهم: وهو الصحيح، لأنها قد جاء جوابها "باللام"، بعد جوابها "بالفاء"، في قول الشاعر:
فلو نبش المقابر، عن كليب ... فتخبر بالذنائب أي زير
بيوم الشعثمين لقرعيناً ... وكيف لقاء من تحت القبور؟
الثالث: أنها المصدرية أغنت عن التمني، لكونها لا تقع غالباً إلا بعد مفهم تمن. وهو قول ابن مالك. ونص على أن "لو"، في قوله تعالى
{فلو أن لنا كرة} مصدرية. واعتذر عن الجمع بينها وبين "أن" المصدرية، بوجهين:
أحدهما: أن التقدير: "لو" ثبت "أن".
والثاني: أن ذلك من باب التوكيد.
وذكر بعضهم ل "لو" قسماً آخر. وهو أن تكون للتقليل. كقولك: أعط المساكين و"لو" واحداً. وصل و"لو" الفريضة. قال: ومنه قوله تعالى: {ولو على أنفسكم}. وهذا، عند التحقيق، ليس بخارج عما تقدم. والله أعلم). [الجنى الداني:272 - 290]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 02:36 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال عبد الله بن يوسف بن أحمد ابن هشام الأنصاري (ت: 761هـ): ("لو"
"لو": على خمسة أوجه:
أحدها: "لو" المستعملة، في نحو: "لو" جاءني لأكرمته، وهذه تفيد ثلاثة أمور:
أحدها: الشّرطيّة، أعني عقد السّببيّة والمسببية بين الجملتين بعدها.
والثّاني: تقييد الشّرطيّة بالزمن الماضي، وبهذا الوجه وما يذكر بعده فارقت "إن"، فإن تلك لعقد السّببيّة والمسببية في المستقبل، ولهذا قالوا الشّرط "بإن" سابق على الشّرط "بلو"؛ وذلك لأن الزّمن المستقبل سابق على الزّمن الماضي، عكس ما يتوهّم المبتدئون، ألا ترى أنّك تقول "إن" جئتني غدا أكرمتك، فإذا انقضى الغد ولم يجيء قلت: "لو" جئتني أمس أكرمتك.
الثّالث: الامتناع، وقد اختلف النّحاة في إفادتها له وكيفيّة إفادتها إيّاه على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنّها لا تفيده بوجه، وهو قول الشلوبين زعم أنّها لا تدل على امتناع الشّرط ولا على امتناع الجواب، بل على التّعليق في الماضي، كما دلّت "إن" على التّعليق في المستقبل، ولم تدل بالإجماع على امتناع ولا ثبوت، وتبعه على هذا القول ابن هشام الخضراوي،
وهذا الّذي قالاه كإنكار الضروريات إذ فهم الامتناع منها كالبديهي، فإن كل من سمع "لو" فعل فهم عدم وقوع الفعل من غير تردد، ولهذا يصح في كل موضع استعملت فيه أن تعقبه بحرف الاستدراك داخلا على فعل الشّرط منفيا لفظا أو معنى، تقول: "لو" جاءني أكرمته لكنه "لم" يجيء، ومنه قوله:
ولو أنما أسعى لأدنى معيشة ... كفاني ولم أطلب قليل من المال
ولكنما أسعى لمجد مؤثل ... وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي
وقوله:
فلو كان حمد يخلد النّاس لم تمت ... ولكن حمد النّاس ليس بمخلد
ومنه قوله تعالى: {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنّم}، أي: ولكن "لم" أشأ ذلك فحق القول مني، وقوله تعالى: {ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم}، أي: "فلم" يركموهم كذلك، وقول الحماسي:
لو كنت من مازن لم تستبح إبلي ... بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا
ثمّ قال:
لكن قومي وإن كانوا ذوي عدد ... ليسوا من الشّرّ في شيء وإن هانا
إذ المعنى لكنني لست من مازن، بل من قوم ليسوا في شيء من الشّرّ وإن هان وإن كانوا ذوي عدد، فهذه المواضع ونحوها بمنزلة قوله تعالى: {وما كفر سليمان ولكن الشّياطين كفروا}،{فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم}،{وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى}.
والثّاني: أنّها تفيد امتناع الشّرط وامتناع الجواب جميعًا، وهذا هو القول الجاري على ألسنة المعربين، ونصّ عليه جماعة من النحويين
وهو باطل بمواضع كثيرة منها قوله تعالى: {ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا}،{ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله}، وقول عمر رضي الله عنه: (نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه)، وبيانه أن كل شيء امتنع ثبت نقيضه، فإذا امتنع ما قام ثبت قام وبالعكس، وعلى هذا فيلزم على هذا القول في الآية الأولى ثبوت إيمانهم مع عدم نزول الملائكة، وتكليم الموتى لهم، وحشر كل شيء عليهم، وفي الثّانية نفاد الكلمات مع عدم كون كل ما في الأرض من شجرة أقلاما تكتب الكلمات، وكون البحر الأعظم بمنزلة الدواة، وكون السّبعة الأبحر مملوءة مدادا وهي تمد ذلك البحر، ويلزم في الأثر ثبوت المعصية مع ثبوت الخوف، وكل ذلك عكس المراد.
والثّالث: أنّها تفيد امتناع الشّرط خاصّة، ولا دلالة لها على امتناع الجواب ولا على ثبوته، ولكنه إن كان مساويا للشّرط في العموم كما في قولك: "لو" كانت الشّمس طالعة كان النّهار موجودا، لزم انتفاؤه؛ لأنّه يلزم من انتفاء السّبب المساوي انتفاء مسببه وإن كان أعم ،كما في قولك: "لو" كانت الشّمس طالعة كان الضّوء موجودا، فلا يلزم انتفاؤه، وإنّما يلزم انتفاء القدر المساوي منه للشّرط، وهذا قول المحقّقين.
ويتلخص على هذا أن يقال إن "لو" تدل على ثلاثة أمور: عقد السّببيّة والمسببية، وكونهما في الماضي، وامتناع السّبب، ثمّ تارة يعقل بين الجزأين ارتباط مناسب، وتارة لا يعقل.
فالنوع الأول على ثلاثة أقسام:
ما يوجب فيه الشّرع أو العقل انحصار مسببية الثّاني في سببيّة الأول، نحو: {ولو شئنا لرفعناه بها}، ونحو: "لو" كانت الشّمس طالعة كان النّهار موجودا، وهذا يلزم فيه من امتناع الأول امتناع الثّاني قطعا.
وما يوجب أحدهما فيه عدم الانحصار المذكور، نحو: "لو" نام لانتقض وضوؤه، ونحو: "لو" كانت الشّمس طالعة كان الضّوء موجودا، وهذا لا يلزم فيه من امتناع الأول امتناع الثّاني كما قدمنا.
وما يجوز فيه العقل، ذلك نحو: "لو" جاءني أكرمته، فإن العقل يجوز انحصار سبب الإكرام في المجيء، ويرجحه أن ذلك هو الظّاهر من ترتيب الثّاني على الأول، وأنه المتبادر إلى الذّهن واستصحاب الأصل.
وهذا النّوع يدل فيه العقل على انتفاء المسبّب المساوي لانتفاء السّبب، لا على الانتفاء مطلقًا، ويدل الاستعمال والعرف على الانتفاء المطلق.
والنّوع الثّاني قسمان:
أحدهما: ما يراد فيه تقرير الجواب وجد الشّرط أو فقد، ولكنه مع فقده أولى، وذلك كالأثر عن عمر فإنّه يدل على تقرير عدم العصيان على كل حال، وعلى أن انتفاء المعصية مع ثبوت الخوف أولى، وإنّما لم تدل على انتفاء الجواب لأمرين:
أحدهما: أن دلالتها على ذلك إنّما هو من باب مفهوم المخالفة، وفي هذا الأثر دلّ مفهوم الموافقة على عدم المعصية؛ لأنّه إذا انتفت المعصية عند عدم الخوف فعند الخوف أولى، وإذا تعارض هذان المفهومان قدم مفهوم الموافقة.
الثّاني: أنه لما فقدت المناسبة انتفت العلية، فلم يجعل عدم الخوف علّة عدم المعصية، فعلمنا أن عدم معلل بأمر آخر وهو الحياء والمهابة والإجلال والإعظام، وذلك مستمر مع الخوف، فيكون عدم المعصية عند عدم الخوف مستندا إلى ذلك السّبب وحده، وعند الخوف مستندا إليه فقط أو إليه وإلى الخوف معًا، وعلى ذلك تتخرج آية لقمان؛ لأن العقل يجزم بأن الكلمات إذا لم تنفذ مع كثرة هذه الأمور فلأن لا تنفذ مع قلتها وعدم بعضها أولى، وكذا {ولو سمعوا ما استجابوا لكم}، لأن عدم الاستجابة عند عدم السماع أولى، وكذا {ولو أسمعهم لتولوا}، فإن التولي عند عدم الإسماع أولى، وكذا {لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربّي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق}، فإن الإمساك عند عدم ذلك أولى.
والثّاني: أن يكون الجواب مقررا على كل حال من غير تعرض لأولوية، نحو: {ولو ردوا لعادوا}، فهذا وأمثاله يعرف ثبوته بعلة أخرى مستمرة على التّقديرين، والمقصود في هذا القسم تحقيق ثبوت الثّاني، وأما الامتناع في الأول فإنّه وإن كان حاصلا لكنه ليس المقصود.
وقد اتّضح أن أفسد تفسير لـ "لو" قول من قال حرف امتناع لامتناع، وأن العبارة الجيدة قول سيبويه رحمه الله حرف لما كان سيقع لوقوع غيره، وقول ابن مالك حرف يدل على انتفاء تال، ويلزم لثبوته ثبوت تاليه، ولكن قد يقال إن في عبارة سيبويه إشكالًا ونقصا، فأما الإشكال فإن "اللّام" من قوله لوقوع غيره في الظّاهر "لام" التّعليل، وذلك فاسد فإن عدم نفاد الكلمات ليس معللا بأن ما في الأرض من شجرة أقلام وما بعده، بل بأن صفاته سبحانه لا نهاية لها، والإمساك خشية الإنفاق ليس معللا بملكهم خزائن رحمة الله، بل بما طبعوا عليه من الشّح، وكذا التولي وعدم الاستجابة ليسا معللين بالسّماع، بل بما هم عليه من العتو والضلال، وعدم معصيّة صهيب ليست معللة بعدم الخوف بل بالمهابة.
والجواب أن تقدر "اللّام" للتوقيت مثلها في: {لا يجليها لوقتها إلّا هو}،أي: إن الثّاني يثبت عند ثبوت الأول، وأما النّقص فلأنّها لا تدل على أنّها دالّة على امتناع شرطها، والجواب أنه مفهوم من قوله: ما كان سيقع، فإنّه دليل على أنه لم يقع.
نعم في عبارة ابن مالك نقص، فإنّها لا تفيد أن اقتضاءها للامتناع في الماضي، فإذا قيل "لو" حرف يقتضي في الماضي امتناع ما يليه واستلزامه لتاليه كان ذلك أجود العبارات.

تنبيهان
الأول: اشتهر بين النّاس السّؤال عن معنى الأثر المرويّ عن عمر رضي الله عنه، وقد وقع مثله في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي كلام الصّديق رضي الله عنه، وقل من يتنبّه لهما، فالأول قوله عليه الصّلاة والسّلام في بنت أبي سلمة إنّها لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنّها لابنة أخي من الرضاعة، فإن حلها له عليه الصّلاة والسّلام منتفٍ من جهتين ،كونها ربيبته في حجرة، وكونها ابنة أخيه من الرضاعة كما أن معصيّة صهيب منتفية من جهتي المخافة والإجلال، والثّاني قوله رضي الله عنه لما طول في صلاة الصّبح وقيل له كادت الشّمس تطلع، "لو" طلعت ما وجدتنا غافلين لأن الواقع عدم غفلتهم، وعدم طلوعها، وكل منهما يقتضي أنّها لم تجدهم غافلين، أما الأول فواضح، وأما الثّاني فلأنّها إذا لم تطلع لم تجدهم البتّة لا غافلين ولا ذاكرين.
الثّاني: لهجت الطّلبة بالسؤال عن قوله تعالى:{ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون}، وتوجيهه أن الجملتين يتركب منهما قياس، وحينئذٍ فينتج "لو" علم الله فيهم خيرا لتولوا، وهذا مستحيل.
والجواب من ثلاثة أوجه: اثنان يرجعان إلى نفي كونه قياسا، وذلك بإثبات اختلاف الوسط.
أحدهما: أن التّقدير لأسمعهم إسماعا نافعًا، و"لو" أسمعهم إسماعا غير نافع لتولوا.
والثّاني: أن تقدر و"لو" أسمعهم على تقدير عدم علم الخير فيهم.
والثّالث: بتقدير كونه قياسا متحد الوسط صحيح الانتاج، والتّقدير: و"لو" علم الله فيهم خيرا وقتا ما لتولوا بعد ذلك الوقت.
الثّاني من أقسام "لو":
أن تكون حرف شرط في المستقبل إلّا أنّها لا تجزم.
كقوله:
ولو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا ... ومن دون رمسينا من الأرض سبسب
لظل صدى صوتي وإن كنت رمة ... لصوت صدى ليلى يهش ويطرب
وقول توبة:
ولو أن ليلى الأخيلية سلمت ... عليّ ودوني جندل وصفائح
لسلمت تسليم البشاشة أو زقا ... إليها صدى من جانب القبر صائح
وقوله:
لا يلفك الراجيك إلّا مظهرا ... خلق الكرام ولو تكون عديما
وقوله تعالى:{وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّة ضعافا خافوا عليهم}، أي: وليخش الّذين إن شارفوا وقاربوا أن يتركوا، وإنّما أولنا التّرك بمشارفة التّرك؛ لأن الخطاب للأوصياء، وإنّما يتوجّه إليهم قبل التّرك لأنهم بعده أموات، ومثله:{لا يؤمنون به حتّى يروا العذاب الأليم}، أي: حتّى يشارفوا رؤيته ويقاربوها لأن بعده {فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون}، وإذا رأوه ثمّ جاءهم لم يكن مجيئة لهم بغتة وهم لا يشعرون، ويحتمل أن تحمل الرّؤية على حقيقتها، وذلك على أن يكونوا يرونه فلا يظنّونه عذابا مثل:{وإن يروا كسفا من السّماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم}، أو يعتقدونه عذابا، ولا يظنّونه واقعا بهم، وعليهما فيكون أخذه لهم بغتة بعد رؤيته، ومن ذلك:{كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت}، أي: إذا قارب حضوره {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فأمسكوهن}؛ لأن بلوغ الأجل انقضاء العدة، وإنّما الامساك قبله.
وأنكر ابن الحاج في نقده على المقرب مجيء "لو" للتعليق في المستقبل، قال: ولهذا لا تقول: "لو" يقوم زيد فعمرو منطلق، كما تقول ذلك مع "إن".
وكذلك أنكره بدر الدّين ابن مالك، وزعم أن إنكار ذلك قول أكثر المحقّقين قال وغاية ما في أدلّة من أثبت ذلك أن ما جعل شرطا "للو" مستقبل في نفسه أو مقيّد بمستقبل، وذلك لا ينافي امتناعه فيما مضى لامتناع غيره، ولا يحوج إلى إخراج "لو" عمّا عهد فيها من المضيّ انتهى.
وفي كلامه نظر في مواضع:
أحدها: نقله عن أكثر المحقّقين فإنّا لا نعرف من كلامهم إنكار ذلك، بل كثير منهم ساكت عنه، وجماعة منهم أثبتوه.
والثّاني: أن قوله وذلك لا ينافي إلى آخره مقتضاه أن الشّرط يمتنع لامتناع الجواب، والّذي قرّره هو وغيره من مثبتي الامتناع فيهما أن الجواب هو الممتنع لامتناع الشّرط، ولم نر أحدا صرح بخلاف ذلك إلّا ابن الحاجب وابن الخباز.
فأما ابن الحاجب: فإنّه قال في أماليه ظاهر كلامهم أن الجواب امتنع لامتناع الشّرط؛ لأنهم يذكرونها مع "لولا"، فيقولون: "لولا" حرف امتناع لوجود، والممتنع مع "لولا" هو الثّاني قطعا، فكذا يكون قولهم في "لو" وغير هذا القول أولى؛ لأن انتفاء السّبب لا يدل على انتفاء مسببه، لجواز أن يكون ثمّ أسباب أخر، ويدل على هذا:{لو كان فيهما آلهة إلّا الله لفسدتا} فإنّها مسوقة لنفي التّعدّد في الآلهة بامتناع الفساد لا أن امتناع الفساد لامتناع الآلهة؛ لأنّه خلاف المفهوم من سياق أمثال هذه الآية، ولأنّه لا يلزم من انتفاء الآلهة انتفاء الفساد لجواز وقوع ذلك، وإن لم يكن تعدد في الآلهة؛ لأن المراد بالفساد فساد نظام العالم عن حالته، وذلك جائز أن يفعله الإله الواحد سبحانه انتهى.
وهذا الّذي قاله خلاف المتبادر في مثل: "لو" جئتني أكرمتك، وخلاف ما فسروا به عبارتهم إلّا بدر الدّين، فإن المعنى انقلب عليه لتصريحه أولا بخلافه، وإلّا ابن الخباز فإنّه من ابن الحاجب أخذ، وعلى كلامه اعتمد، وسيأتي البحث معه.
وقوله المقصود نفي التّعدّد لانتفاء الفساد مسلم، ولكن ذاك اعتراض على من قال إن "لو" حرف امتناع لامتناع، وقد بينا فساده.
فإن قال إنّه على تفسيري لا اعتراض عليهم، قلنا فما تصنع بـ "لو" جئتني لأكرمتك، و {ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم}؛ فإن المراد نفي الإكرام والإسماع لانتفاء المجيء، وعلم الخير فيهم لا العكس.
وأما ابن الخباز فإنّه قال في شرح الدرة، وقد تلا قوله تعالى:{ولو شئنا لرفعناه بها}، يقول النحويون إن التّقدير: لم نشأ فلم نرفعه. والصّواب: لم نرفعه فلم نشأ؛ لأن نفي اللّازم يوجب نفي الملزوم، ووجود الملزوم يوجب وجود اللّازم، فيلزم من وجود المشيئة وجود الرّفع، ومن نفي الرّفع نفي المشيئة انتهى.
والجواب أن الملزوم هنا مشيئة الرّفع لا مطلق المشيئة، وهي مساوية للرفع، أي: متى وجدت وجد، ومتى انتفت انتفى، وإذا كان اللّازم والملزوم بهذه الحيثيّة لزم من نفي كل منهما انتفاء الآخر.
الاعتراض الثّالث على كلام بدر الدّين أن ما قاله من التّأويل ممكن في بعض المواضع دون بعض، فمما أمكن فيه قوله تعالى:{وليخش الّذين لو تركوا} الآية، إذ لا يستحيل أن يقال: "لو" شارفت فيما مضى أنّك تخلف ذرّيّة ضعافا لخفت عليهم، لكنك لم تشارف ذلك فيما مضى، وممّا لا يمكن ذلك فيه قوله تعالى:{وما أنت بمؤمن لنا ولو كنّا صادقين}،ونحو ذلك.
وكون "لو" بمعنى "إن" قاله كثير من النّحويين في نحو:{وما أنت بمؤمن لنا ولو كنّا صادقين}،{ليظهره على الدّين كله ولو كره المشركون}،
{قل لا يستوي الخبيث والطّيب ولو أعجبك كثرة الخبيث}،{ولو أعجبتكم}،{ولو أعجبكم}،{ولو أعجبك حسنهنّ}، ونحو: أعطوا السّائل و"لو" جاء على فرس، وقوله:
قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم ... دون النّساء ولو باتت بأطهار
وأما نحو:{ولو ترى إذ وقفوا على النّار}،{أن لو نشاء أصبناهم}، وقول كعب رضي الله عنه:
... أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل
فمن القسم الأول لا من هذا القسم؛ لأن المضارع في ذلك مراد به المضيّ، وتقرير ذلك أن تعلم أن خاصية "لو" فرض ما ليس بواقع واقعا، ومن ثمّ انتفى شرطها في الماضي، والحال لما ثبت من كون متعلقها غير واقع، وخاصية إن تعليق أمر بأمر مستقبل محتمل، ولا دلالة لها على حكم شرطها في الماضي، والحال فعلى هذا قوله:
... ولو باتت بأطهار
يتعيّن فيه معنى "إن" لأنّه خبر عن أمر مستقبل محتمل، أما استقباله فلأن جوابه محذوف دلّ عليه شدوا، وشدوا مستقبل، لأنّه جواب "إذا"، وأما احتماله فظاهر، ولا يمكن جعلها امتناعية للاستقبال والاحتمال، ولأن المقصود تحقق ثبوت الطّهر لا امتناعه.
وأما قوله:
ولو تلتقي ... البيت
وقوله:
ولو أن ليلى ... البيت
فيحتمل أن "لو" فيهما بمعنى "إن"، على أن المراد مجرّد الإخبار بوجود ذلك عند وجود هذه الأمور في المستقبل، ويحتمل أنّها على بابها، وأن المقصود فرض هذه الأمور واقعة، والحكم عليها مع العلم بعدم وقوعها.
والحاصل أن الشّرط متى كان مستقبلا محتملا، وليس المقصود فرضه الآن أو فيما مضى، فهي بمعنى "إن"، ومتى كان ماضيا أو حالا أو مستقبلا، ولكن قصد فرضه الآن أو فيما مضى فهي الامتناعية.
والثّالث: أن تكون حرفا مصدريا بمنزلة "أن" إلّا أنّها لا تنصب، وأكثر وقوع هذه بعد ود أو يود، نحو:{ودوا لو تدهن}،{يود أحدهم لو يعمر}، ومن وقوعها بدونهما قول قتيلة:
ما كان ضرك لو مننت وربما ... من الفتى وهو المغيظ المحنق
وقول الأعشى:
وربما فات قوما جلّ أمرهم ... من التأني وكان الحزم لو عجلوا
وقول امرئ القيس:
تجاوزت أحراسا عليها ومعشرا ... عليّ حراصا لو يسرون مقتلي
وأكثرهم لم يثبت ورود "لو" مصدريّة، والّذي أثبته الفراء وأبو عليّ وأبو البقاء والتبريزي وابن مالك، ويقول المانعون في نحو: {يود أحدهم لو يعمر ألف سنة}، إنّها شرطيّة، وإن مفعول يود وجواب "لو" محذوفان، والتّقدير: يود أحدهم التّعمير "لو" يعمر ألف ستّة لسره ذلك، ولا خفاء بما في ذلك من التّكلّف.
ويشهد للمثبتين قراءة بعضهم:{ودوا لو تدهن فيدهنون} بحذف "النّون"، فعطف يدهنوا بالنّصب على تدهن لما كان معناه أن تدهن،
ويشكل عليهم دخولها على "أن"، في نحو:{وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا}.
وجوابه أن "لو" إنّما دخلت على فعل محذوف مقدّر بعد "لو"، تقديره: تود "لو" ثبت "أن" بينها.
وأورد ابن مالك السّؤال في:{فلو أن لنا كرة}، وأجاب بما ذكرنا، وبأن هذا من باب توكيد اللّفظ بمرادفه، نحو:{فجاجا سبلا}، والسّؤال في الآية مدفوع من أصله؛ لأن "لو" فيها ليست مصدريّة، وفي الجواب الثّاني نظر، لأن توكيد الموصول قبل مجيء صلته شاذ، كقراءة زيد بن عليّ:{والّذين من قبلكم}، بفتح "الميم".
والرّابع: أن تكون للتّمنّي، نحو: "لو" تأتيني فتحدثني، قيل ومنه:{لو أن لنا كرة}، أي: فليت لنا كرة، ولهذا نصب {فنكون} في جوابها ،كما انتصب{فأفوز} في جواب "ليت" في:{يا ليتني كنت معهم فأفوز}، ولا دليل على هذا لجواز أن يكون النصب في:{فنكون}، مثله في:{إلّا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا}، وقول ميسون:
ولبس عباءة وتقر عيني ... أحب إليّ من لبس الشفوف
واختلف في "لو" هذه، فقال ابن الضائع وابن هشام: هي قسم برأسها لا تحتاج إلى جواب كجواب الشّرط، ولكن قد يؤتى لها بجواب منصوب كجواب "ليت"، وقال بعضهم هي "لو" الشّرطيّة أشربت معنى التّمنّي، بدليل أنهم جمعوا لها بين جوابين: جواب منصوب بعد "الفاء"، وجواب "بالّلام" ،كقوله:
فلو نبش المقابر عن كليب ... فيخبر بالذنائب أي زير

بيوم الشعثمين لقر عينا ... وكيف لقاء من تحت القبور
وقال ابن مالك: هي "لو" المصدرية أغنت عن فعل التّمنّي، وذلك أنه أورد قول الزّمخشريّ، وقد تجيء "لو" في معنى التّمنّي في نحو: "لو" تأتيني فتحدثني، فقال إن أراد أن الأصل: وددت "لو" تأتيني فتحدثني، فحذف فعل التّمنّي لدلالة "لو" عليه فأشبهت "ليت" في الإشعار بمعنى التّمنّي، فكان لها جواب كجوابها فصحيح، أو أنّها حرف وضع للتّمنّي "كليت"، فممنوع لاستلزامه منع الجمع بينها وبين فعل التّمنّي، كما لا يجمع بينه وبين "ليت" انتهى.
الخامس: أن يكون للعرض، نحو: "لو" تنزل عندنا فتصيب خيرا ذكره في التسهيل.
وذكر ابن هشام اللّخميّ وغيره لها معنى آخر، وهو القليل، نحو: تصدقوا و"لو" بظلف محرق، وقوله تعالى:{ولو على أنفسكم}، وفيه نظر.
وهنا مسائل:
إحداها: أن "لو" خاصّة بالفعل، وقد يليها اسم مرفوع معمول لمحذوف يفسره ما بعده، أو اسم منصوب كذلك، أو خبر "لكان" محذوفة، أو اسم هو في الظّاهر مبتدأ وما بعده خبر.
فالأول: كقولهم "لو" ذات سوار لطمتني.
وقول عمر رضي الله عنه: "لو" غيرك قالها يا أبا عبيدة.
وقوله:
لو غيركم علق الزبير بحبله ... أدّى الجوار إلى بني العوام
والثّاني: نحو: "لو" رأيته أكرمته.
والثّالث: نحو: التمس و"لو" خاتمًا من حديد، واضرب و"لو" زيدا، وألا ماء و"لو" باردًا، وقوله:
لا يأمن الدّهر ذو بغي ولو ملكا ... جنوده ضاق عنها السهل والجبل
واختلف في:{قل لو أنتم تملكون}، فقيل من الأول، والأصل: "لو" تملكون تملكون، فحذف الفعل الأول، فانفصل الضّمير، وقيل من الثّالث، أي: "لو" كنتم تملكون، ورد بأن المعهود بعد "لو" حذف "كان" ومرفوعها معًا، فقيل الأصل: "لو" كنتم أنتم تملكون، فحذفا وفيه نظر للجمع بين الحذف والتوكيد.
والرّابع: نحو قوله:
لو بغير الماء حلقي شرق ... كنت كالغصان بالماء اعتصاري
وقوله:
لو في طهية أحلام لما عرضوا ... دون الّذي أنا أرميه ويرميني
واختلف فيه، فقيل محمول على ظاهره، وإن الجملة الاسمية، وليتها شذوذا كما قيل في قوله:
... فهلا نفس ليلى شفيعها
وقال الفارسي هو من النّوع الأول، والأصل: "لو" شرق حلقي هو شرق، فحذف الفعل أولا، والمبتدأ آخرا.
وقال المتنبي:
ولو قلم ألقيت في شقّ رأسه ... من السقم ما غيرت من خطّ كاتب
فقيل لحن؛ لأنّه لا يمكن أن يقدر، و"لو" ألقى قلم، وأقول روي بنصب قلم ورفعه، وهما صحيحان، والنّصب أوجه بتقدير، و"لو" لابست قلما، كما يقدر في نحو: زيدا حبست عليه، والرّفع بتقدير فعل دلّ عليه المعنى، أي: و"لو" حصل قلم، أي: و"لو" لوبس قلم، كما قالوا في قوله:
إذا ابن أبي موسى بلالًا بلغته ...
فيمن رفع ابنا إن التّقدير: إذا بلغ، وعلى الرّفع فيكون ألقيت صفة لقلم.
و"من" الأولى تعليلية على كل حال متعلقة بألقيت لا بغيرت لوقوعه في حيّز "ما" النافية، وقد تعلق بغيرت؛ لأن مثل ذلك يجوز في الشّعر
كقوله:
ونحن عن فضلك ما استغنينا
المسألة الثّانية: تقع "أن" بعدها كثيرا، نحو:{ولو أنهم آمنوا}،{ولو أنهم صبروا}،{ولو أنا كتبنا عليهم}،{ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به}. وقوله:
ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة ...
وموضعها عند الجميع رفع، فقال سيبويه بالابتداء، ولا تحتاج إلى خبر لاشتمال صلتها على المسند، والمسند إليه، واختصت من بين سائر ما يؤول بالاسم بالوقوع بعد "لو"، كما اختصّت غدوة بالنّصب بعد "لدن"، والحين بالنّصب بعد "لات".
وقيل على الابتداء، والخبر محذوف، ثمّ قيل يقدر مقدما، أي: و"لو" ثابت إيمانهم على حد {وآية لهم أنا حملنا}.
وقال ابن عصفور بل يقدر هنا مؤخرا، ويشهد له أنه يأتي مؤخرا بعد، أما كقوله:
عندي اصطبار وأما أنني جزع ... يوم النّوى فلوجد كاد يبريني
وذلك لأن "لعلّ" لا تقع هنا، فلا تشتبه "أن" المؤكّدة، إذا قدمت بالّتي بمعنى "لعلّ"، فالأولى حينئذٍ أن يقدر مؤخرا على الأصل، أي: و"لو" إيمانهم ثابت.
وذهب المبرد والزجاج والكوفيون إلى أنه على الفاعلية، والفعل مقدّر بعدها، أي: و"لو" ثبت أنهم آمنوا، ورجح بأن فيه إبقاء "لو" على الاختصاص بالفعل.
قال الزّمخشريّ: ويجب كون "أن" فعلا ليكون عوضا من الفعل المحذوف، ورده ابن الحاجب وغيره بقوله تعالى: {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام}.
وقالوا إنّما ذاك في الخبر المشتقّ لا الجامد كالّذي في الآية.
وفي قوله:
ما أطيب العيش لو أن الفتى حجر ... تنبو الحوادث عنه وهو ملموم
وقوله:
ولو أنّها عصفورة لحسبتها ... مسومة تدعو عبيدا وأزنما
ورد ابن مالك قول هؤلاء بأنّه قد جاء اسما مشتقا، كقوله:
لو أن حيا مدرك الفلاح ... أدركه ملاعب الرماح
وقد وجدت آية في التّنزيل وقع فيها الخبر مشتقا، ولم يتنبّه لها الزّمخشريّ كما لم يتنبّه لآية لقمان، ولا ابن الحاجب، وإلّا لما منع من ذلك، ولا ابن مالك، وإلّا لما استدلّ بالشعر، وهي قوله تعالى:{يودوا لو أنهم بادون في الأعراب}، ووجدت آية الخبر فيها ظرف لغو، وهي:{لو أن عندنا ذكرا من الأوّلين}.
المسألة الثّالثة: لغلبة دخول "لو" على الماضي لم تجزم، و"لو" أريد بها معنى "إن" الشّرطيّة، وزعم بعضهم أن الجزم بها مطرد على لغة، وأجازه جماعة في الشّعر منهم ابن الشجري، كقوله:
لو يشأ طار به ذو ميعة ... لاحق الآطال نهد ذو خصل
وقوله:
تامت فؤادك ولو يحزنك ما صنعت ... إحدى نساء بني ذهل بن شيبانا
وقد خرج هذا على أن ضمة الإعراب سكنت تخفيفًا كقراءة أبي عمرو: {ينصركم} و{يشعركم} و{ويأمركم}.
والأول على لغة من يقول شا يشا "بألف"، ثمّ أبدلت "همزة" ساكنة، كما قيل العألم والخأتم، وهو توجيه قراءة ابن ذكوان: منسأته} "بهمزة" ساكنة، فإن الأصل:{منسأته} "بهمزة" مفتوحة مفعلة من نسأه إذا أخّره، ثمّ أبدلت "الهمزة" "ألفا"، ثمّ "الألف" "همزة" ساكنة.
الرّابعة: جواب "لو" إمّا مضارع منفي "بلم"، نحو: "لو" "لم" يخف الله "لم" يعصه، أو ماض مثبت، أو منفي "بما"، والغالب على المثبت دخول "الّلام" عليه، نحو:{لو نشاء لجعلناه حطاما}، ومن تجرده منها:{لو نشاء جعلناه أجاجا}، والغالب على المنفيّ تجرده منها،
نحو:{ولو شاء ربك ما فعلوه}، ومن اقترانه بها قوله:
ولو نعطى الخيار لما افترقنا ... ولكن لا خيار مع اللّيالي
ونظيره في الشذوذ اقتران جواب القسم المنفيّ "بما" بها، كقوله:
أما والّذي لو شاء لم يخلق النّوى ... لئن غبت عن عيني لما غبت عن قلبي
وقد ورد جواب "لو" الماضي مقرونا "بقد"، وهو غريب كقول جرير:
لو شئت قد نقع الفؤاد بشربة ... تدع الحوائم لا يجدن غليلا
ونظيره في الشذوذ اقتران جواب "لولا" بها.
كقول جرير أيضا:
... لولا رجاؤك قد قتلت أولادي
قيل وقد يكون جواب "لو" جملة اسمية مقرونة "بالّلام"، أو "بالفاء"، كقوله تعالى:{ولو أنهم آمنوا واتّقوا لمثوبة من عند الله خير}، وقيل هي جواب لقسم مقدّر، وقول الشّاعر:
قالت سلامة لم يكن لك عادة ... أن تترك الأعداء حتّى تعذرا
لو كان قتل يا سلام فراحة ... لكن فررت مخافة أن أوسرا ).
[مغني اللبيب: 3 / 367 - 442]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 02:39 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

شرح علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ)

الباب الثاني: في الحروف الثنائية
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الباب الثاني: في الحروف الثنائية وهي التي كل واحدٍ منها على حرفين من حروف الهجاء بالوضع، واعلم أن جماعة لم تتعرض لها وهم أكثر النحاة ومنها طائفة لم يتعرضوا لها عند عدهم الحروف ونبهوا عليها في أماكن أخرى، ونحن نأتي إن شاء الله تعالى على عدّ جميعها ونذكر في كل واحد منها ما يليق ذكره بهذا التعليق، ونستمد من الله سبحانه حسن التوفيق، فنقول: إن جملة الحروف الثنائية التي اسقصينا حصرها ثلاثون حرفًا منها ما لم تجر عادتهم بذكره بين الحروف وهي ستة: "النون" الشديدة للتأكيد، و"الألف" و"النون" في نحو: يفعلان الزيدان، وتفعلان المرأتان، و"الواو" و"النون" في: يفعلون الزيدون إذا أسندت إلى الظاهر المرتفع بعدهما بالفاعلية على لغة أكلوني البراغيث، أي: قول من يجعل هذه العلامة للدلالة على نوعية الفاعل "كتاء" التأنيث الدالة على تأنيثه، ولفظة "نا"، و"كم"، و"ها"، الملحقة "بأيا" ضمير النصب المنفصل على رأي سيبويه في جعل المردفات حروفًا دالة على التفريع فإذا طرحنا هذه الستة بقي جميع الحروف المتداولة بين النحاة أربعة وعشرون حرفًا، وهي على حالتين كما قدمناه، فإنها إمَّا أن تكون حروفًا محضة، أي: تقع في جملة مواقعها وقاطبة استعمالاتها إلا حروفًا، وإمَّا أن تكون مشتركة بين الاسمية والحرفية، ولا يجوز أن يشارك الحرف الثنائي شيئَا من الأفعال لما تقدم من أنه لم يوضع فعل على أقل من ثلاثة أحرف أصول، فلذلك وضعنا هذا الباب أيضًا على نوعين: ملازم لمحض الحرفية، وغير ملازم، والله الموفق). [جواهر الأدب: 85]


النوع الأول: الحروف المحضة التي لا تشارك شيئًا من القسمين الآخرين
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (النوع الأول: الحروف المحضة التي لا تشارك شيئًا من القسمين الآخرين وهي ثمانية عشر حرفًا، وذكرها على مقتضى الترتيب الطبيعي والاصطلاحي هو هكذا "آ" "أو" "أم" و"إن" و"أن" و"أو" و"أي" و"إي" و"بل" و"في" و"كي" و"لا" و"لم" و"لن" و"لو" و"من" و"هل" و"وا" و"ما" ونحن نذكر كل واحدٍ من هذه الحرف في فصل مفرد على هذا الترتيب المذكور ونذكر في كل فصل منها ما نرى ذكره لائقًا بذلك الموضع مستمدين من الله سبحانه ولطفه حسن التوفيق ومتوكلين على كرمه في إصابة الحق بالتحقيق إن شاء الله تعالى). [جواهر الأدب: 85 - 86]

الفصل الرابع عشر: "لو"
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الفصل الرابع عشر: من النوع الأول من الحروف الثنائية المحضة هو كلمة "لو"، وهي من الحروف الهاملة لدخولها القبيلين الأسماء والأفعال، ولها ثلاثة مواقع.
الموقع الأول: أن تكون امتناعية، أي: دالة على امتناع شيء لامتناع آخر، وهذه هي المعدودة في أحرف الشرط، ولا تقع إلا صدرًا، قال ابن الحاجب في شرح المفصل، وكلما يدل على الإنشاء فله رتبة التقدم، ولم يستثن من ذلك "إلا"، نحو: زيدًا أكرم، وزيدًا لتضرب، وبكرًا لا تضرب، أما الأول: فأما لكثرته في الكلام جعلوا له في التقديم والتأخير سعة ليست لغيره وإمَّا لتجرده عن حرف الإنشاء.
قلت: فلا يصح الإطلاق حينئذٍ.
وأما الثاني: فلقلته، أو لكونه محمولًا على الأول لاشتراكهما في أصل المعنى.
وأما الثالث: فمعمول على الأمر؛ لأنهما اخوان في الكثرة والطلب، وأما قولهم: أنت طالق "إن" دخلت الدار، فالكوفيون على أنه هو الجزاء، قدم اتساعًا والبصريين على أنه جملة مستقلة دلت على الجزاء وإلا لزمها دخول "الفاء"، كما لو تأخرت ولا تستعمل لو الشرطية إلا في الماضي عند الأكثرين وخالفهم الفراء لاستعمالها في المضارع، كقوله عليه السلام: «اطلبوا العلم ولو بالصين»، وقوله عليه السلام: «فإني أباهي بكم الأمم» و"لو" بالسقط، لكن مثل هذا قليل، وإذا دخلت على المستقبل فزعم قوم أن الجزم بها لغة مطردة، وقيل: إنها تجزم في الشعر، قاله ابن الشجري، ولكونها للشرط لا يليها إلا فعل أو معموله، ولذلك فتحت "أن" حين وقعت بعدها لسكونها فاعلة للمحذوف، قيل: ولا يليها معمول فعل إلا في نادر من الكلام، كقول الشاعر:
أخلاي لو مر الحمام أصابكم ..... عتبتم ولكن ما على الشيب معتب
وقوله في المثل: "لو" ذات سوار لطمتني، والتزموا أن يكون خبر "أن" المفتوحة بعدها فعلًا صريحًا ليكون كالعوض عن المحذوف، فيقال: "لو" أنك انطلقت، ولا يجيزون منطلق فلو كان جامدًا ولا يمكن فعلًا، كقوله تعالى: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام}، لكان الاقتصار عليه واجبًا لعدم فعل بمعنى هذا، هذا هو المشهور، وقال السيرافي في قوله تعالى: {ولو أنهم صبروا} مذهب سيبويه أن "أن" ومعموليها في موضع رفع على الابتداء ولا تحتاج إلى خبر، وقيل: مذهب سيبويه والبصريين أن الخبر محذوف، ومذهب الكوفيين أنه يجوز وقوع الجملة الاسمية بعد "لو"، كقول الشاعر:
لو بغير الماء حلقي يشرق ..... كنت كالغصان بالماء اعتصاري
وتابعهم عليه بعض البصريين، وأما الباقون فإنهم يؤولون جميع ما ورد من ذلك، ويلتزمون بعدها الفعل إذا تقرر هذا، فاعلم أن "للو" هذه مع شرطها وجزائها أربعة أحوال.
أحدها: أن يقترن حرف النفي بهما معًا نحو: "لو" "لم" تسألني "لم" أعطك، ومعناه حصول الشيء وهو الجزاء لحصول غيره، وهو الشرط؛ لأنها لما أفادت النفي لكونها للامتناع، كان دخول حرف النفي نفيًا لذلك الامتناع الحاصل منها، ونفي النفي إثبات.
وثانيها: أن يقترن حرف النفي بالشرط دون الجزاء، نحو: "لو" "لم" تستنكف لأفدتك، ومعناه: عند القوم امتناع الجزاء لحصول الشرط؛ لأنه لما دخل عليه حرف النفي سلب عنه الامتناع فكان حاصلًا.
وثالثها: عكس هذا، وهو أن يقترن حرف النفي بالجزاء دون الشرط نحو: "لو" شتمتني "لم" أكرمك، ومعناه: حصول الجزاء لامتناع الشرط.
ورابعها: عكس الأول، وهو أن يتجرد الشرط والجزاء عن حرف النفي نحو: "لو" سألتني لأعطيتك، وهذه هي الدالة على امتناع الشيء لامتناع آخر، واختلفت آراء العلماء في: "لو" هذه هل هي لامتناع الثاني لامتناع الأول أم عكسه، فذهب الجمهور إلى أنها لامتناع الثاني لامتناع الأول، وخالفهم ابن الحاجب وتابعه عليه الاسفرائيني، وأكثر المتأخرين، وقال: بل هي لامتناع الأول لامتناع الثاني، قال: وذلك لأن الأول سبب وانتفاؤه يستلزم انتفاء كل مسبب دون العكس لجواز كونه أعم من السبب، ولذلك استدل في قوله تعالى: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} بامتناع الفساد على امتناع تعدد الآلهة، فإن الرضي، وفيه نظر؛ لأن الشرط عندهم ملزوم والجزاء لازمه سواء كان الشرط سببًا كما في قولك: "لو" كانت الشمس طالعة لكان النهار موجودًا أو شرطًا كما في قولك: "لو" كان لي مال لحججت أولًا شرطًا ولا سببًا، كقولك: "لو" كان زيد أبي لكنت ابنه، و"لو" كان النهار موجودًا لكانت الشمس طالعة، والصحيح أن يقال كما قال المصنف: هي موضوعة لامتناع الأول لامتناع الثاني، لكن لا للعلة التي ذكرها بل لأن "لو" موضوعة ليكون جزاؤها مقدر الوجود في الماضي والمقدر وجوده في الماضي يكون ممتنعًا فيه فيمتنع الشرط الذي هو ملزوم لأجل امتناع لازمه، أي: الجزاء؛ لأن الملزوم ينتفي بانتفاء لازمه، هذا نصه، والصحيح ما عليه الجمهور، وبه قال والدي رحمه الله تعالى: وبعض المتأخرين ويشهد بصحته الأمثال والأبيات والآيات، كقولهم: "لو" أكرمتني لازمتك، فإن الملازمة ممتنعة لامتناع الإكرام، وقولهم: "لو" أحسنت إلي مدحتك، فإن المدح ممتنع لامتناع الإحسان، وقول الحماسي:
ولو طار ذو حافر قبلها ..... لطارت ولكنه لم يطر
فإن عدم طيران المكنى عنه لامتناع طيران ذي الحافر، وقوله تعالى: (فلو شاء لهديكم أجمعين) فإن الهداية ممتنعة لامتناع المشيئة، وهكذا لو تأملت قاطبة ما ورد من هذا النحو لوجدت امتناع الثاني لامتناع الأول فيه، وإن كان امتناع الثاني يدل على امتناع الأول والعلم به يستلزم العلم به؛ إذ ليس ذلك ملحوظًا ولقد أجاد بعض المتأخرين أدام الله فضائله في بيان منشأ غلطهم وهو أنهم بعدم التأمل اعتقدوا أن مراد القوم من قولهم: "لو" لامتناع الثاني لامتناع الأول في الدلالة والعلية، فأوردوا عليه أن انتفاء السبب أو اللازم لا يستلزم انتفاء المسبب أو الملزوم، واعتقدوا عكس معتقدهم، وليس مرادهم ذلك، وإنما مرادهم أنها للدلالة على أن انتفاء الثاني في الخارج إنما هو بانتفاء الأول، ويؤيده قولهم: أن "لولا" لامتناع الثاني لوجود الأول نحو: "لولا" علي لهلك عمر، معناه: أن وجود علي سبب لعدم هلاك عمر؛ لا أن وجوده دليل على أن عمر لم يهلك، وما زعمه الرضي من أن "لو" موضوعة للدلاة على تقدير وجود الجزاء في الماضي، وما هو مقدر الوجود ممتنع الوجود ممتنع الوجود فيمتنع الشرط لامتناعه فعن الصواب بمعزل؛ لأن من البين أن "لو" ليست موضوعة لمجرد الدلالة على تقدير وجود الجواز في الماضي فقط، بل للدلالة على تقدير وجوده فيه بسبب تقدير وجود الشرط فيه، وحينئذٍ يثبت ما ادعيناه من أنها لامتناع الثاني لامتناع الأول.
وقوله تعالى: {لو كان فيهما آلهة} الآية، وإن أيد مختارهم لكن اختيار ما ينتقص بمثال أولى من اعتقاد ما لا يصح إلا في مثال واحد فتبين مما قررناه أن الحق ما ذهب إليه الجمهور والحق أحق أن يتبع.
تنبيه: لابد "للو" من جواب، ونجاب "باللام" نحو: "لو" جئتني لأكرمتك، وهذه "اللام" قد تدخل على الاسم، كقوله تعالى: {ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله}، وعلى الفعل الماضي، كقوله تعالى: {ولو علم الله فيهم خيرًا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون}، وأما الفعل الذي يلي "لو"، فلابد وأن يكون بلفظ الماضي والجواب منفي "بما"، نحو قوله تعالى: {ولو سمعوا ما استجابوا} ومثبت "بلام" نحو: "لو" حضرت لأكرمتك، وقل حذف "اللام" منه نحو: {لو شئت أهلكتهم}، وقل دخولها على "ما" النافية، نحو قوله:
لو أن بالعلم تعطى ما تعيش به ..... لما ظفرت من الدنيا بمقصود
وقد تكون "لام" الجواب مقدمة على الجواب أو مؤخرة عنه، نحو: "لو" جئتني إذن لأكرمتك، أو لإذن أكرمتك، وقد يحذف الجواب للتهويل، كقوله تعالى: {ولو ترى إذ وقفوا على النار}، أي: لرأيت شيئًا عظيمًا، وكقوله تعالى: {ولو أن قرآنًا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى}، أي: لكان هذا القرآن كذلك.
الموقع الثاني: أن تأتي لمجرد الشرط دون ملاحظة الامتناع فتكون بمعنى "أن"، وتنقل معنى الفعل إلى الاستقبال، كقوله تعالى: {ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم}، أي:و"إن" تعجبكم، وقول الشاعر:
لا يلفك الراجيك إلا مظهرًا ..... خلق الكرام ولو تكون عديمًا
أي: و"إن".
الموقع الثالث: أن تكون مصدرية، وهي التي تؤول هي والجملة التي بعد بالمصدر، وعلامتها أن يحسن تقديرها "بأن"، كقوله تعالى: {ودوا لو تدهن فيدهنون} ولا توصل إلا بفعل متصرف إمَّا ماضٍ أو مضارع.
وقال بعضهم: هي هنا حرف تمن بمعنى "ليت"، واختاره ابن الخباز والزمخشري، فكأنه قال: "ليت" كذا، أي: تمنوا إدهانك، واختاره أبو علي أيضًا، وجوز نصب الفعل بعد "الفاء" الداخلة على جواب "لو" كما ينصب ما يقع بعد "الفاء" في جواب "ليت"، كما ورد في الشاذ: (فيدهنوا).
قال صاحب التسهيل: وهذا كلام محمول على المعنى كما حمل قوله تعالى: {أولم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم}، أي: أوليس الذي خلق، وأنكر أن تكون للتمني؛ إذ "لو" كانت له لم يجمعوا بينها وبين فعل تمن، وهو {ودوا}، كما لم يجمعوا بينه وبين "ليت"، ولكنهم فهموا منها معنى "ليت"، فنصبوا جوابها مقرونًا "بالفاء" كجواب "ليت".
قلت: فيه نظر؛ إذ ليس مرادهم من أنها للتمني أنها يفهم منها معنى "ليت" فهو إقرار بما أنكره.
والجواب أن يقال: إنهم فهموا معنى التمني من لفظ الفعل، فتوهموا أن اللفظ الدال على معنى التمني هو لفظ "لو" فزعموا لذلك أن "لو" للتمني، وليس كما زعموه). [جواهر الأدب: 127 - 131]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 02:42 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي




(فصل) "لو" و"لولا" و"لوما"
قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): ((فصل) "لو" و"لولا" و"لوما"
أما "لو": فإنها حرف لما سيقع لوقوع غيره كما قال سيبويه، كقولك: "لو" جئتني أكرمتك.
وهي أداة شرط تفيد التعليق في الماضي وتختص به، كذا سماها الزمخشري وغيره حرف شرط، وقال بعض الفضلاء: إنما سميت حرف شرط مجازًا لشبهها بالشرط من جهة أن فيها ربط جملة بجملة كما في الشرط من جهة أن معنى الشرط: ربط توقع أمر مستقبل بأمر متوقع مستقبل، والواقع لا يتوقع ولا يتوقف دخوله في الوجود على دخول أمر آخر؛ لأنه قد دخل في الوجود، وقد اتفقوا على إفادتها الربط والتعليق في الماضي، واختلفوا في إفادتها الامتناع على ثلاثة أقوال:
أحدها: وهو قول الأكثرين أنها تفيد امتناع الشرط وامتناع الجواب جميعًا بطريق الاستلزام كما يمتنع المسبب لامتناع السبب، والمعلول لامتناع العلة.
قال ابن هشام: وهذا باطل بمواضع كثيرة منها قوله تعالى: {ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيءٍ قبلًا ما كانوا ليؤمنوا}.
وقوله تعالى: {ولو أن ما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمده من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات الله}، وقول عمر رضي الله تعالى عنه: «نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه» وبيانه: أن كل شيء امتنع ثبت نقيضه، فإذا امتنع «"ما" قام» ثبت «قام» وبالعكس، وعلى هذا فيلزم على هذا القول في الآية الأولى: ثبوت إيمانهم مع عدم نزول الملائكة، وتكليم الموتى، وحشر عليهم كل شيء قبلًا، وفي الثانية نفاد الكلمات وكون البحر الأعظم بمنزلة الدواة، وكون السبعة الأبحر مملؤة مدادًا، وهي تمد ذلك البحر، ويلزم في الأثر: ثبوت المعصية مع ثبوت الخوف وكل ذلك عكس المراد. انتهى.
وما ذكره من الإبطال باطل فإنه لا يلزم ما ذكره من ثبوت إيمانهم مع عدم نزول الملائكة، ولا يلزم نفاد الكلمات عن نفاد الأبحر، ولا يلزم ثبوت المعصية عند ثبوت الخوف فإن هذا هو مفهوم الموافقة الذي هو بطريق الأولى، لأنه إذا لم يؤمنوا مع نزول الملائكة، وإذا لم تنفد الكلمات مع نفاد الأبحر، وإذا لم يعص مع عدم الخوف، فعدم الإيمان مع عدم نزول الملائكة وتكليم الموتى، وعدم نفاد الكلمات مع عدم نفاد الأبحر لعجز الخلق، وعدم المعصية مع ثبوت الخوف أولى.
وقد اتفق على ذلك أهل العلم والنظر من الأصوليين وغيرهم حتى اختلفوا في هذا المفهوم هل فهم بطريق اللغة أو بطريق القياس؟ ويعزى الأخير إلى الشافعي رضي الله تعالى عنه.
وإنما يلزم ما ذكره لو كان من مفهوم المخالفة، ولو كان كما ذكر لوجب أن يقال في قوله تعالى: {فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما} أنه يفهم منه إباحة ضربهما ولا قائل بذلك لأنه مطبوع في غرائز العقلاء: أن من نهث عن تأفيفه فعن ضربه أولى، وأن من لم يعص مع عدم الخوف فعند وجود الخوف أولى، ومن لم يؤمن مع نزول الملائكة وتكليم الموتى فعند عدم ذلك أولى.
القول الثاني: أنها تفيد امتناع الشرط خاصة، ولا دلالة على امتناع الجواب ولا على ثبوته، وإنما يمتنع الجواب مع الشرط من جهة انتفاء المسبب لانتفاء سببه ونسبه ابن هشام إلى المحققين.
القول الثالث: أنها لا تفيد أكثر من الربط بين الشرط والجواب، والتعليق بالماضي كما دلت "إن" على التعليق في المستقبل ولم تدل على امتناع ولا ثبوت اتفاقًا، وهذا قول الشلوبين.
إذا تقرر هذا فقد ظهر لي بحث نفيس وهو أن لـ "لو" حقيقتين، حقيقة وضعية وحقيقة عرفية، فالحقيقة الوضعية هي: الربط بين السبب والمسبب في الماضي فقط، ولا تدل على امتناع من طريق اللفظ، ولو كانت دلالتها لفظية لما حسن الاستدراك بعدها في قولك: "لو" جاءني زيد لأكرمته لكنه لم يجيء، ولا يمتنع في الكلام: "لو" جاء زيد لأكرمته وقد جاء فأكرمته، ولكني لم أعلم وقوع مثله في كلامهم.
وأما الحقيقة العرفية فهي: الدلالة على الامتناع، وذلك أن العرب استعملوه في التعليق كالامتناع استعمالًا غالبًا حتى هجروا الجانب المحتمل لخلاف الامتناع، ولهذا كثر الاستدراك بعدها في لسانهم، قال الله تعالى: {ولو شئنا لآتينا كل نفسٍ هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم}، وقوله تعالى: {ولو أراكهم كثيرًا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم}، {ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض}، وقال امرؤ القيس:
ولو أنما أسعى لأدنى معيشةٍ ..... كفاني ولم أطلب قليلٌ من المال
ولكنما أسعى لمجدٍ مؤثلٍ ..... وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي
لأن الامتناع أخو النفي، وعبارة سيبويه، شاملة للحقيقتين الوضعية والعرفية.
وفي ظني أن الشلوبين نظر إلى الحقيقة الوضعية وأن ذلك مراده، وأما إفادتها الامتناع فمن العرف، ولا نظن به أنه يمنع فهم الامتناع بوجه من الوجوه فإن ذلك جحد للضرورات، ولم أقف على مقالته إلا بواسطة الناقلين كما قدمت.
ومن قال بالدلالة غلب الحقيقة العرفية ولم يلتفت إلى أصل الوضع، لكنه مهجور في لسانهم ثم افترق هؤلاء على مذهبين كما مضى، فقائل بالامتناع في الشرط والجواب معًا، وقائل بالامتناع في الشرط فقط.
وعندي أن حقيقة قولهما راجعة إلى أنها هل تدل على امتناع الجواب مطابقة أو التزامًا؟ فالأكثرون قائلون بالأول، والمحققون بالثاني.
واعلم أن "لو" إن جاءت رابطة بين ثبوتين صارا نفيين، أو بين نفيين صارا ثبوتين، أو على ثبوت ونفي، فالثابت نفي، والنفي ثبوت والعكس بالعكس.
فمثال الثبوتين: "لو" جاءني زيد أكرمته، فتدل على نفي المجيء والإكرام.
ومثال النفيين: "لو" لم يأتني زيد "لم" أكرمه، فتدل على ثبوت المجيء والإكرام.
ومثال الإثبات والنفي: "لو" جاءني زيد "لم" أعتبه، فتدل على نفي المجيء وحصول العتب.
ومثال النفي والإثبات: "لو" "لم" يأتني عتبته، فتدل على ثبوت المجيء ونفي العتب.
إذا تقررت هذه القاعدة فقد أشكل عليها عند كثير من الفضلاء الأثر المشهور: نعم العبد صهيب "لو" "لم" يخف الله "لم" يعصه؛ لأن "لو" دخلت على نفيين، فيجب حينئذٍ أن يكونا ثبوتين، وذلك يقتضي أنه خاف وعصى وذلك ذم، والكلام سيق للمدح وإبعاد طوره عن المعصية وتكلموا عليه نحو آيات ها أنا أذكرها وأبين ما عندي إن شاء الله تعالى.
قال ابن عصفور: "لو" ها هنا بمعنى "إن" و"إن" إذا دخلت على نفيين لا يكونان ثبوتين فلا يلزم المحذور المتقدم.
وقال الخسرو شاهي: أصل "لو": إنما هو للربط فقط، وانقلاب النفي للثبوت والثبوت للنفي إنما جاء من العرف والحديث جاء بقاعدة اللغة دون العرف.
وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمة الله عليه وعليهم: إن المسبب الواحد إذا كان له سبب واحد، لزم انتفاؤه عند انتفاء سببه وإذا كان له سببان لا يلزم من انتفاء أحد سببيه انتفاؤه لأنه يثبت مع السبب الآخر.
وغالب الناس طاعتهم لله للخوف فإذا لم يخافوا عصوا ولم يطيعوا، فأخبر أن صهيبًا اجتمع في حقه سببان: الخوف والإجلال لله تعالى: فإذا انتفى الخوف لم تصدر منه المعصية لأجل الإجلال، "فلو" لم يخف الله لم يعصه، وهذا غاية المدحة، كما تقول "لو" لم يمرض فلان لمات، أي: بالهرم، فإنه سبب آخر للموت وحيث يلزم من النفي الثبوت إذا كان للفعل سبب واحد وكلام النحاة محمول عليه.
قلت: وأضعف هذه الأجوبة قول ابن عصفور؛ لأن الكلام سيق لمدحه بما هو عليه من الحال الماضية والحاضرة، وأما ما يستقبل من الزمان فلم يمدح بها فلم يعلم منه حقيقة والشرط مختص بالمستقبل.
ثم يليه في الضعف قول الخسرو شاهي وهو تنزيله للكلام الفصيح على وضع مهجور فمثل هذا الأثر قد ورد في الكتاب والسنة كثيرًا كما ستراه إن شاء الله تعالى.
وأجودها قول الشيخ عز الدين بن عبد السلام لكنه علل بالقياس من جهة الأمر المدلول عليه، وهو أيضًا غير عام لقوله تعالى: {ولو أن ما في الأرض من شجرةٍ أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات الله}، فإن نفاد كلمات الله سبحانه وعدم نفادها غير معلل بالأسباب.
وقال أبو العباس القرافي: "لو" تستعمل أيضًا لقطع الربط فتكون جوابًا لسؤال محقق أو متوهم وقع فيه ربط، فتقطعه أنت لاعتقادك بطلان ذلك الربط، كما "لو" قال القائل: "لو" لم يكن زيد عالمًا لم يكرم.
فتقول أنت: "لو" لم يكن زيد عالمًا لأكرم، أي: لشجاعته، فتقطع ذلك الربط وليس مقصودك أن تربط بين عدم العلم والإكرام، لأن ذلك ليس بمناسب ولا من أغراض العقلاء ولا يتجه كلام إلا على عدم الربط، كذلك الحديث لما كان الغالب على الناس أن يرتبط عصيانهم بعدم خوفهم، وأن الغالب على الأوهام أن الشجرة كلها إذا صارت أقلامًا والبحر المالح مع غيره يكتب به، يقول الوهم: ما يكتب بهذا شيء إلا نفد، فقطع الله سبحانه هذا الربط وقال: ما نفدت كلمات الله.
قلت: وأجود من هذا أن يقال: إنما تدل "لو" مع النفيين على الثبوتين إذا كان ذلك من باب مفهوم المخالفة وذلك عند التقابل لأن "ما" نفي ثبت نقيضه وأما موافقة فلا يثبت وإنما يوافقه في النفي، وكذا يقول في عكسه، والأثر مفهومه موافق من باب الأولى، لأنه إذا لم يعص الله تعالى مع عدم الخوف فمع الخوف أولى، وهذا المفهوم الموافق يدل على أن ثم سببًا آخر يمنع من المعصية فحمل على ما يليق بالمناسبة بينه وبين ترك المعصية وهو الحياء والإجلال والمحبة، فالإمام ابن عبد السلام أجاب بمدلول المفهوم، والإجابة بالمفهوم أولى من الإجابة بمدلوله، وقد ورد مثل هذا الأثر كثيرًا في القرآن والسنة، فمن ذلك قول الله تعالى: {ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيءٍ قُبلًا ما كانوا ليؤمنوا}، وقوله تعالى: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات الله}، وقوله تعالى: {قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذًا لأمسكتم خشية الإنفاق}، وقوله تعالى: {ولو أسمعهم لتولوا وهو معرضون} فإن التولي عند عدم السماع أولى، وقوله صلى الله عليه وسلم في بنت أم سلمة: "لو" "لم" تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي، إنها ابنة أخي من الرضاعة، وقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه لما طول في صلاة الصبح وقيل له: كادت الشمس تطلع: «لو طلعت ما وجدتنا غافلين» وفي هذا الأثر دليل على أن الإشكال الذي أورده لا يختص بالنفيين، بل يقع مثله في الإثبات والنفي.
ولك أن تجيب عن الأثر من جهة المعنى والقياس بما أجاب به ابن هشام وهو: أنه إذا فقدت المناسبة بين الخوف والمعصية وأنه لا يليق أن تكون سببًا للعصيان، و"لو": إنما جاءت للشرط لربط المسببات بأسبابها وعلمنا انتفاء العلية بذلك، لذلك علمنا أن عدم المعصية معلل بأمر آخر وهو الحياء والمهابة والإجلال وهذا راجع إلى جواب ابن عبد السلام لكن هذا أحسن في صيغة القياس.
والجواب الذي ذكرته أحسن وأليق لكونه جوابًا بدال لا بالمدلول عليه والله أعلم.
وترد على خمسة أوجه:
أحدها: الامتناعية، وهي ما تقدم.
الثاني: الشرطية، وهي أن تكون حرف شرط للتعليق بالمستقبل كأختها "إن" ذكره الفراء إلا أنها لا تجزم، كقول الشاعر:
لا يُلفك الراجيك إلا مظهرًا ..... خلق الكرام ولو تكون عديمًا
وكقول الآخر:
ولو أن ليلى الأخيلية سلمت ..... علي ودوني جندلٌ وصفائح
لسلمت تسليم البشاشة أوزقا ..... إليها صدى من جانب القبر صائح
ومنه قوله تعالى: {وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين}، وقوله تعالى: {ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون}.
وأنكر ابن الحاجب وبدر الدين بن مالك كونها لتعليق المستقبل ويقدر أنها امتناعية فإذا وليها المستقبل أولاه بالماضي أو بالحال، فيقولون في البيت: المقصود فرض هذه الأمور واقعة والحكم عليها مع العلم بعدم وقوعها.
ورد ابن هشام قولهما وأطال في الرد، وحاصله: أن تقديرهم غير مستمر كما في قول الشاعر:
قومٌ إذا حاربوا شدوا مآزرهم ..... دون النساء ولو باتت بأطهار
لأن المقصود تحقيق ثبوت الطهر لا امتناعه، ثم خلاصة الأمر: أن الشرط متى كان مستقبلًا محتملًا، وليس المراد فرضه الآن أو فيما مضى فهي بمعنى "إن" ومتى كان ماضيًا أو حالًا أو مستقبلًا ولكن قصد فرضه الآن أو فيما مضى فهي الامتناعية.
الثالث: المصدرية: فتكون حرفًا مصدريًا بمنزلة "أن" إلا أنها لا تنصب، قاله الفراء، وأبو علي، واختاره ابن مالك.
وهذه إذا وليها الماضي بقي على مضيه، أو المضارع تخلص للاستقبال وأكثر وقوعها بعد: ود، ويود نحو: {ودوا لو تدهن فيدهنون}.
وقوله تعالى: {يود أحدهم لو يعمر ألف سنة}، وقد تقع بدونهما، ومنه قول بنت النضر بن الحارث:
ما كان ضرك لو مننت وربما ..... من الفتى وهو المغيظ المحنق
وقول الأعشى:
وربما فات قومًا جل أمرهم ..... مع التأني وكان الحزم لو عجلوا
وأكثرهم منعها وجعلها شرطية وقالوا: مفعول «يود» وجواب "لو" محذوفان والتقدير: يود أحدهم التعمير "لو" يعر ألف سنة لسره ذلك.
ويشهد للمثبتين قراءة بعضهم: {ودوا لو تدهن فيدهنوا} بحذف "النون" عطفًا على تدهن الذي معناه: "أن" تدهن.
الرابع: يكون معناها التمني، نحو: "لو" تأتيني فتحدثني بالرفع والنصب، قال الله تعالى: {ودوا لو تدهن فيدهنون} ففي بعض المصاحف {فيدهنوا} قيل: ومنه قوله تعالى: {فلو أن لنا كرة فنكون}، أي: فليت لنا كرة، ولهذا نصب «فنكون» في جوابها كما نصب في جواب "ليت".
واختلف في حقيقتها فقيل: هي "لو" الشرطية أشربت معنى التمني، وقال ابن مالك: هي المصدرية، فهمه عنه ابن هشام.
وقال قوم: هي قسم برأسها لا تحتاج إلى جواب كجواب الشرط، ولكن قد يؤتى لها بجواب منصوب كجواب "ليت".
الخامس: التقليل، ذكره ابن هشام اللخمي وغيره كقوله صلى الله عليه وسلم: «التمس ولو خاتمًا من حديد»، وقيل: ومنه قوله تعالى: {ولو على أنفسكم}).[مصابيح المغاني: 404 - 418]


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 02:43 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال عبد الله بن محمد بن إسماعيل الكردي البيتوشي (ت: 1211هـ): (
كليت لو جاءت وفي التسهيل ..... للعرض أيضًا قيل والتقليل
لو أن لي إلى حبيبي كرة
..... لو زارني فتحصل المسرة
عليَّ يا أهل الحمى والأبرق
..... تصدقوا ولو بظلفٍ مُحرق
والشرط ثُم قيل إن الجزما
..... مُطردٌ فيها وبعضٌ نظما
تام فؤادًا لك لو يحزنك ما
..... يصنع فيك بالنوى أهل الحمى
قيل وتأتي جُملُ الأسماء
..... جوابها باللام مثل الفاء
لو أنهم من بعد سُخطٍ أقبلوا
..... علي للصلح لقلبي جَذلُ
لو كان قتلُ ساعةٍ منهم لي ..... فراحةٌ لكن أسر ذل).
[كفاية المعاني: 265]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:28 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة