{وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)}
تفسير قوله تعالى: {وَالْعَصْرِ (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {والعصر...}.وهو الدهر أقسم به). [معاني القرآن: 3/289]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({العصر}: الدّهر، أقسم به). [تفسير غريب القرآن: 538]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({والعصر} قسم وجوابه {إنّ الإنسان لفي خسر}. وقال بعضهم: معناه وربّ العصر كما قال جل ثناؤه: {فوربّ السّماء والأرض}). [معاني القرآن: 5/360]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({والْعَصْرِ}: الدهر). [العمدة في غريب القرآن: 356]
تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {لفي خسرٍ...}.لفي عقوبة بذنوبه، وأن يخسر أهله، ومنزله في الجنة). [معاني القرآن: 3/289]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ("لفي خسرٍ" أي مهلكة ونقصان. وقوله {إنّ الإنسان لفي خسرٍ إلا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات} مجاز "إنّ الإنسان" في موضع "إن الأناسي" لأنه يستثنى الجميع من الواحد وإنما يستثنى الواحد من الجميع، ولا يقال: إن زيداً قادم إلى قومه؛ وفي آية أخرى {إنّ الإنسان خلق هلوعاً إذا مسّهُ الشّرّ جزوعاً وإذا مسّه الخير منوعاً إلاّ المصلّين} وإنما جاز هذا فيما أظهر لفظ الواحد منه لأن معناه على الجميع فمجازه مجاز أحد، يقع معناه على الجميع وعلى الواحد، في القرآن {ما منكم من أحدٍ عنه حاجزينَ}
وقال نابغة بني ذبيان:
وقفت فيها أصيلاً أسائلها = عيّت جواباً وما بالربع من أحد
إلا الأواريّ لأياً ما أبيّنها = ... ).
[مجاز القرآن: 2/310]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {إنّ الإنسان لفي خسرٍ} أي في نقص). [تفسير غريب القرآن: 538]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قوله سبحانه: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: 2]، والخسر: النقصان). [تأويل مشكل القرآن: 342](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله تعالى: {والعصر (1) إنّ الإنسان لفي خسر (2)} الإنسان ههنا في معنى الناس، كما تقول: قد كثر الدرهم والدينار في أيدي الناس، تريد قد كثر الدراهم.
وقوله: {لفي خسر} الخسر والخسران في معنى واحد، المعنى إن الناس الكفار والعاملين بغير طاعة الله لفي خسر). [معاني القرآن: 5/359]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لَفِي خُسْرٍ} أي نقص). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 306]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({إِنَّ الْإِنسَانَ}: الناس إلا النبيين {لَفِي خُسْرٍ}: هلاك). [العمدة في غريب القرآن: 356]
تفسير قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({إلّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات}: فإنهم غير منقوصين). [تفسير غريب القرآن: 538]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: 4-8].يريد: عدّلنا خلقه، وقوّمناه أحسن تعديل وتقويم.{ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}، والسّافلون: هم الضعفاء والزّمنى والأطفال، ومن لا يستطيع حيلة، ولا يجد سبيلا. وتقول: سفل يسفل فهو سافل، وهم سافلون. كما تقول: علا يعلو فهو عال وهم عالون. وهو مثل قوله سبحانه: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} [النحل: 70] وأراد: أنّ الهرم يخرف ويهتز وينقص خلقه، ويضعف بصره وسمعه، وتقلّ حيلته، ويعجز عن عمل الصالحات، فيكون أسفل من هؤلاء جميعا.
{إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الشعراء: 227] في وقت القوّة والقدرة، فإنّهم في حال الكبر غير منقوصين، لأنّا نعلم أنا لو لم نسلبهم القدرة والقوّة لم يكونوا ينقطعون عن عمل الصّالحات، فنحن نجري لهم أجر ذلك ولا نمنّه، أي لا نقطعه ولا ننقصه، وهو معنى قول المفسرين.
ومثله قوله سبحانه: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: 2]، والخسر: النقصان {إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 3] فإنهم غير منقوصين. ونحوه قول رسول الله، صلّى الله عليه وسلم: «يقول الله للكرام الكاتبين: إذا مرض عبدي فاكتبوا له ما كان يعمل في صحته، حتى أعاقبه أو أقبضه».
ثم قال: {فَمَا يُكَذِّبُكَ} أيها الإنسان {بِالدِّينِ}؟ أي: بمجازاتي إيّاك بعملك وأنا أحكم الحاكمين؟). [تأويل مشكل القرآن: 342-343](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({إلّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وتواصوا بالحقّ وتواصوا بالصّبر (3)} تواصوا بالإقامة على توحيد اللّه والإيمان بنبيه عليه السلام.
{وتواصوا بالصّبر} على طاعة اللّه والجهاد في سبيله والقيام بشرائع نبيه. والعصر هو الدهر، والعصران اليوم، والعصر الليلة.
قال الشاعر:
ولن يلبث العصران يوم وليلة = إذا طلبا أن يدركا ما تيمّما).
[معاني القرآن: 5/359]