العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > الوقف والابتداء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 جمادى الآخرة 1434هـ/29-04-2013م, 11:40 AM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي مقدمات في الوقف والابتداء

مقدمات في الوقف والابتداء

عناصر الموضوع :
تعريف الوقف
... - الفرق بين الوقف والقطع والسكت

فضل علم الوقف والابتداء
اعتماد علم الوقف والابتداء على علوم متعددة

أصول علم الوقف والابتداء
- الرد على من زعم بدعية علم الوقف والابتداء

القراءة المفسّرة هي التي يحسن القارئ وقوفها

اتباع ما صحّ من الوقوف أولى من الاجتهاد
مراعاة الازدواج والمعادل والقرائن والنظائر في الوقف
من قال: لا يصل آية رحمة بآية عذاب، ولا آية عذاب بآية رحمة

ذمّ التعسف في الوقف والابتداء
منع الوقف في موضوع يقتضي منع الابتداء بما بعده
أسباب الاختلاف في الوقف والابتداء
أنواع مسائل الوقف والابتداء
علماء الوقف والابتداء

مذاهب القراء في الوقف والابتداء
المؤلفات في علم الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 ذو الحجة 1434هـ/3-11-2013م, 11:09 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

تعريف الوقف
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (وهو لغة الكف عن الفعل والقول واصطلاحًا قطع الصوت آخر الكلمة زمنًا ما أو هو قطع الكلمة عما بعدها).[منار الهدى: 8]

الفرق بين الوقف والقطع والسكت
قال محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدٍ ابنُ الجَزَرِيِّ (ت:833هـ) : (عاشرها: في الفرق بين الوقف، والقطع، والسكت.
هذه العبارات جرت عند كثير من المتقدمين مراداً بها الوقف غالباً ولا يريدون بها غير الوقف إلا مقيدة، وأما عند المتأخرين وغيرهم من المحققين فإن القطع عندهم عبارة عن قطع القراءة رأساً، فهو كالانتهاء فالقارئ به كالمعرض عن القراءة، والمنتقل منها إلى حالة أخرى سوى القراءة كالذي يقطع على حزب أو ورد أو عشر أو في ركعة ثم يركع ونحو ذلك مما يؤذن بانقضاء القراءة والانتقال منها إلى حالة أخرى ، وهو الذي يستعاذ بعده للقراءة المستأنفة ولا يكون إلا على رأس آية لأن رؤوس الآي في نفسها مقاطع.
- أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن الحسين الفيروزبادي في آخرين مشافهة عن أبي الحسن علي بن أحمد السعدي، أنا محمد بن أحمد الصيدلاني في كتابه عن الحسن بن أحمد الحداد، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الفضل أنا أبو الفضل محمد ابن جعفر الخزاعي، أخبرني أبي عمرو بن حيويه. حدثنا أبو الحسن بن المنادى. حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي: حدثنا الحسين بن محمد المروزي، حدثنا خلف عن أبي سنان هو ضرار بن مرة عن عبد الله بن أبي الهذيل أنه قال: ( إذا افتتح أحدكم آية يقرؤها فلا يقطعها حتى يتمها). وأخبرتنا به أم محمد بنت محمد السعدية إذناً. أخبرنا علي بن أحمد جدي. عن أبي سعد الصفار. حدثنا أبو القاسم ابن طاهر. أخبرنا أبو بكر الحافظ، أخبرنا أبو نصر بن قتادة. أخبرنا أبو منصور النضروي. حدثنا أحمد بن نجدة. حدثنا سعيد بن منصور. حدثنا خلف بن خليفة. حدثنا أبو سنان عن ابن أبي الهذيل قال: إذا قرأ أحدكم الآية فلا يقطعها حتى يتمها. قال الخزاعي في هذا دليل على أنه لا يجوز قراءة بعض الآية في الصلاة حتى يتمها فيركع حينئذٍ – قال- فأما جواز ذلك لغير المصلي فمجمع عليه. قلت كلام ابن الهذيل أعم من ذلك ودعوى الخزاعي الإجماع على الجواز لغير المصلي فيها نظر. إذ لا فرق بين الحالتين والله تعالى أعلم.
وقد أخبرتني به أسند من هذا الشيخة الصالحة أم محمد ست العرب ابنة محمد بن علي بن أحمد البخاري رحمهما الله فيما شافهتني به بمنزلها من الزاوية الأرموية بسفح قاسيون في سنة ست وستين وسبعمائة أخبرنا جدي أبو الحسن علي المذكور قراءة عليه وأنا حاضرة. أخبرنا أبو سعد عبد الله بن عمر بن الصفار في كتابه. أخبرنا أبو القاسم زار بن طاهر الشحامي. أنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحافظ. أنا أبو نصر بن قتادة. أخبرنا أبو منصور النضروي. حدثنا أحمد بن نجدة. أنا سعيد ابن منصور. حدثنا أبو الأحوص عن أبي سنان عن ابن أبي الهذيل قال:كانوا يكرهون أن يقرؤا بعض الآية ويدعوا بعضها. وهذا أعم من أن يكون في الصلاة أو خارجها، وعبد الله بن أبي الهذيل هذا تابعي كبير، وقوله كانوا: يدل على أن الصحابة كانوا يكرهون ذلك والله تعالى أعلم.
والوقف: عبارة عن قطع الصوت على الكلمة زمناً يتنفس فيه عادة بنية استئناف القراءة إما بما يلي الحرف الموقوف عليه أو بما قبله كما تقدم جوازه في أقسامه الثلاثة لا بنية الإعراض، وتنبغي البسملة معه في فواتح السور كما سيأتي ويأتي في رؤوس الآي وأوساطها ولا يأتي في وسط كلمة ولا فيما اتصل رسماً كما سيأتي. ولا بد من التنفس معه كما سنوضحه.
والسكت: هو عبارة عن قطع الصوت زمناً هو دون زمن الوقف عادة من غير تنفس وقد اختلفت ألفاظ أئمتنا في التأدية عنه بما يدل على طول السكت وقصره فقال أصحاب سليم عنه عن حمزة في السكت على الساكن قبل الهمز:سكتة يسيرة، وقال جعفر الوزان عن علي بن سليم عن خلاد: لم يكن يسكت على السواكن كثيراً. وقال الأشناني: سكتة قصيرة، وقال قتيبة عن الكسائي سكت سكته مختلسة من غير إشباع، وقال النقار عن الخياط يعني الشموني عن الأعشى تسكت حتى تظن أنك نسيت ما بعد الحرف. وقال أبو الحسن طاهر ابن غلبون: وقفة يسيرة، وقال مكي: وقفة خفيفة، وقال ابن شريح: وقيفة، وقال أبو العز: بسكتة يسيرة هي اكثر من سكت القاضي عن رويس وقال الحافظ أبو العلاء: يسكت حمزة والأعشى وابن ذكوان من طري العلوي والنهاوندي عن قتيبة من غير قطع نفس وأتمهم سكتة حمزة والأعشى وقال أبو محمد سبط الخياط حمزة وقتيبة يقفان وقفة يسيرة من غير مهلة وقال أبو القاسم الشاطبي سكتاً مقللاً، وقال الداني سكتة لطيفة من غير قطع وهذا لفظه أيضاً في السكت بين السورتين من جامع البيان قال فيه ابن شريح بسكتة خفيفة وقال ابن الفحام سكتة خفيفة وقال أبو العز مع سكتة يسيرة وقال أبو محمد في المبهج وقفة تؤذن بإسرارها أي بإسرار البسملة وهذا يدل على المهلة وقال الشاطبي وسكتهم المختار دون تنفس وقال أيضاً وسكتة حفص دون قطع لطيفة وقال الداني في ذلك بسكتة لطيفة من غير قطع وقال ابن شريح وقيفة وقال أبو العلاء وقيفة وقال ابن غلبون بوقفة خفيفة وكذا قال المهدوي.
وقال ابن الفحام: سكتة خفيفة.
وقال القلانسي في سكت أبي جعفر على حروف الهجاء: يفصل بين كل حرف منها بسكتة يسيرة، وكذا قال الهمذاني وقال أبو العز: ويقف على: ص~، و ق~، و ن~ وقفة يسيرة.
وقال الحافظ أبو عمرو في الجامع: واختياري فيمن ترك الفصل سوى حمزة أن يسكت القارئ على آخر السورة بسكتة خفيفة من غير قطع شديدة. فقد اجتمع ألفاظهم على أن السكت زمنه دون زمن الوقف عادة وهم في مقداره بحسب مذاهبهم في التحقيق والحدر والتوسط حسبما تحكم المشافهة، وأما تقييدهم بكونه دون تنفس فقد اختلف أيضاً في المراد به آراء بعض المتأخرين فقال الحافظ أبو شامة الإشارة بقولهم دون تنفس إلى عدم الإطالة المؤذنة بالإعراض عن القراءة.
وقال الجعبري: قطع الصوت زماناً قليلاً أقصر من زمن إخراج النفس لأنه إن طال صار وقفاً يوجب البسملة. وقال الأستاذ ابن بصخان أي دون مهلة وليس المراد بالتنفس هنا إخراج النفس بدليل أن القارئ إذا أخرج نفسه مع السكت بدون مهلة لم يمنع من ذلك فدل على أن التنفس هنا بمعنى المهلة. وقال ابن جبارة دون تنفس يحتمل معنيين أحدهما سكوت يقصد به الفصل بين السورتين لا السكوت الذي يقصد به القارئ التنفس ويحتمل أن يراد به سكوت دون السكوت لأجل التنفس أي أقصر منه أي دونه في المنزلة والقصر ولكن يحتاج إذا حمل الكلام على هذا المعنى أن يعلم مقدار السكوت لأجل التنفس حتى يجعل هذا دونه في القصر. قال ويعلم ذلك بالعادة وعرف القراء. (قلت) الصواب حمل دون من قولهم: دون تنفس أن تكون بمعنى غير كما دلت عليه نصوص المتقدمين وما أجمع عليه أهل الأداء من المحققين من أن السكت لا يكون إلا مع عدم التنفس سواء قل زمنه أو كثر وإن حمله على معنى أقل خطأ وإنما كان هذا صواباً لوجوه:
أحدها: ما تقدم من النص عن الأعشى تسكت حتى يظن أنك قد نسيت وهذا صريح في أن زمنه اكثر من زمن إخراج النفس وغيره.
وثانيها: قول صاحب المبهج: سكتة تؤذن بإسرارها. أي بإسرار البسملة. والزمن الذي يؤذن بإسرار البسملة اكثر من إحراج النفس بلا نظر.
ثالثها: أنه إذا جعل بمعنى أقل فلا بد من تقديره كما قدروه بقولهم أقل من زمان إخراج النفس ونحو ذلك وعدم التقدير أولى.
رابعها: أن تقدير ذلك على الوجه المذكور لا يصح لأن زمن إخراج النفس وإن قل لا يكون أقل من زمن قليل السكت والاختيار يبين ذلك
خامسها: أن التنفس على الساكن في نحو: الأرض، والآخرة، وقرآن. ومسؤولاً ممنوع اتفاقاً كما لا يجوز التنفس على الساكن في نحو: والبارئ، وفرقان، ومسحوراً، إذ التنفس في وسط الكلمة لا يجوز. ولا فرق بين أن يكون بين سكون وحركة أو بين حركتين وأما استدلال ابن بصخان بأن القارئ إذا أخرج نفسه مع السكت بدون مهلة لم يمنع من ذلك. فإن ذلك ليس على إطلاقه فإنه إذا أراد مطلق السكت فإنه يمنع من ذلك إجماعاً إذ لا يجوز التنفس في أثناء الكلم كما قدمنا، وإن أراد السكت بين السورتين من حيث أن كلامه فيه وإن ذلك جائز باعتبار أن أواخر السور في نفسها تمام يجوز القطع عليها والوقف. فلا محذور من التنفس عليها نعم لا يخرج وجه السكت مع التنفس فلو تنفس القارئ آخر سورة لصاحب السكت أو على (عوجاً، ومرقدنا) لحفص من غير مهلة. لم يكن ساكناً ولا واقفاً إذ الوقف يشترط فيه التنفس مع المهلة، والسكت لا يكون معه تنفس فاعلم ذلك وإن كان لا يفهم من كلام أبي شامة ومن تبعه.
خاتمة: الصحيح أن السكت مقيداً بالسماع والنقل فلا يجوز إلا فيما صحت الرواية به لمعنى مقصود بذاته. وذهب ابن سعدان فيما حكاه عن أبي عمرو، وأبو بكر بن مجاهد فيما حكاه عنه أبو الفضل الخزاعي إلى أنه جائز في رؤوس الآي مطلقاً حالة الوصل لقصد البيان وحمل بعضهم الحديث الوارد على ذلك وإذا صح حمل ذلك جاز. والله أعلم).
[النشر في القراءات العشر:؟؟]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (الثامن: الوقف والقطع والسكت عبارات يطلقها المتقدمون غالبا مرادا بها الوقف.
والمتأخرون فرقوا فقالوا: القطع: عبارة عن قطع القراءة رأسا فهو كالانتهاء فالقارئ به كالمعرض عن القراءة والمنتقل إلى حالة أخرى غيرها وهو الذي يستعاذ بعده للقراءة المستأنفة ولا يكون إلا على رأس آية لأن رؤوس الآي في نفسها مقاطع.
أخرج سعيد بن منصور في سننه حدثنا أبو الأحوص عن أبي سنان عن ابن أبي الهذيل، أنه قال: كانوا يكرهون أن يقرؤوا بعض الآية ويدعوا بعضها إسناده صحيح وعبد الله بن أبي الهذيل تابعي كبير وقوله كانوا يدل على أن الصحابة كانوا يكرهون ذلك.
والوقف: عبارة عن قطع الصوت عن الكلمة زمنا يتنفس فيه عادة بنية استئناف، القراءة لا بنية الإعراض ويكون في رؤوس الآي وأوساطها ولا يأتي في وسط الكلمة ولا فيما اتصل رسما.
والسكت: عبارة عن قطع الصوت زمنا هو دون زمن الوقف عادة من غير تنفس واختلاف ألفاظ الأئمة في التأدية عنه مما يدل على طوله وقصره.
فعن حمزة في السكت على الساكن قبل الهمزة سكتة يسيرة.
وقال الأشناني: قصيرة.
وعن الكسائي: سكتة مختلسة من غير إشباع.
وقال ابن غلبون: وقفة يسيرة.
وقال مكي: وقفة خفيفة.
وقال ابن شريح: وقيفة.
وعن قتيبة: من غير قطع نفس.
وقال الداني: سكتة لطيفة من غير قطع.
وقال الجعبري: قطع الصوت زمنا قليلا أقصر من زمن إخراج النفس؛ لأنه إن طال صار وقفا في عبارات أخر.
قال ابن الجزري: والصحيح أنه مقيد بالسماع والنقل ولا يجوز إلا فيما صحت الرواية به لمعنى مقصود بذاته.
وقيل: يجوز في رؤوس الآي مطلقا حالة الوصل لقصد البيان وحمل بعضهم الحديث الوارد على ذلك). [الإتقان في علوم القرآن: 2/؟؟]
قال المُلاّ عليُّ بنُ سلطان محمّد القاري الهرويُّ (ت:1014هـ ): (تعريـفُ الوقـفِ والسَّكْـتِ:
ثمَّ اعلمْ أنَّ الوقفَ: هو قطعُ الصوتِ عندَ آخرِ الكلمةِ مِقْدَارَ زمنِ التنفُّسِ، والسكتَ: قطعُ الصوتِ زمانًا أقصرَ مِن زمنِ التنفُّسِ).
[المنح الفكرية:1/57]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (والوقف والقطع والسكت بمعنى، وقيل القطع عبارة عن قطع القراءة رأسًا، والسكت عبارة عن قطع الصوت زمنًا ما دون زمن الوقف عادة من غير تنفس
).[منار الهدى: 8]
قال عبد الرَّازق بنُ عليِّ بنِ إبراهيمَ موسى (ت:1429هـ): (فاعلَمْ أنَّ الوقْفَ في اللغةِ الكفُّ عن القولِ والفعلِ.
وفي الاصطلاحِ: قطْعُ الصوتِ على آخِرِ الكلمةِ الوضعيَّةِ زمناً يُتنفَّسُ فيه عادةً بنيَّةِ استئنافِ القراءةِ، فقولُنا: قطْعُ الصوتِ: جنسٌ يَشملُ الوقفَ والسكْتَ والقطعَ وقولُنا على آخِرِ الكلمةِ الوضعيَّةِ نحوَ: {كُلَّمَا} فإن آخِرَها وضْعاً الألفُ وقولُنا زمناً يُتنفَّسُ فيه، فصلٌ آخَرُ أخرَجَ السكْتَ، فإنه قطْعُ الصوتِ زمناً من غيرِ تنفُّسٍ. وقولُنا بنيَّةِ استئنافِ القراءةِ خرَجَ به القطْعُ أي قطْعُ القراءةِ بدونِ الرجوعِ إليها. وقولُنا عادةً فصلٌ آخَرُ أخرَجَ القطْعَ أيضاً فإنه الإعراضُ عن القراءةِ بالكليَّةِ).
[الفوائد التجويدية:؟؟]
قال عبدُ الباسطِ بنُ حامدِ بنِ محمد هاشم:(والوقف لغة: هو الكف عن الشيء مطلقاً.
واصطلاحاً: قطع الصوت على الكلمة زمناً يتنفس فيه بنية استئناف التلاوة، ويأتي في رؤوس الآيات ووسطها مع النفس ولابد، وأما السكت فلا تنفس فيه.
والقطع لغة: هو الإبانة والازالة، واصطلاحاً: هو قطع صوت القارئ عن القراءة بنية الانتهاء منها، ولا يكون إلا على ما تم معناه. وهناك جم غفير من العلماء لايفرقون بين الوقف والقطع، ويقولون هو بمعنى واحد. ولسنا من هؤلاء إذ كيف يتفق قطع القراءة والوقف بنية استئنافها؟‍ لايستويان).
[شرح المقدمة الجزرية مفرغ]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 1 محرم 1435هـ/4-11-2013م, 06:24 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

اعتماد علم الوقف والابتداء على علوم متعددة

قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (وهذا الفن معرفته تحتاج إلى علوم كثيرة، قال أبو بكر بن مجاهد: لا يقوم بالتمام في الوقف إلا نحويٌّ، عالم بالقراءات، عالم بالتفسير، والقصص وتخليص بعضها من بعض، عالم باللغة التي نزل بها القرآن. وقال غيره وكذا علم الفقه.
ولهذا من لم يقبل شهادة القاذف وإن تاب وقف عند قوله: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً}.
فأما احتياجه إلى معرفة النحو وتقديراته فلأن من قال في قوله تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} إنه منصوب بمعنى كملّة أو أعمل فيها ما قبلها لم يقف على ما قبلها.
وكذا الوقف على قوله: {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا} ثم يبتدئ: {قَيِّماً} لئلا يتخيل كونه صفة له إذا العوج لا يكون قيما وقد حكاه ابن النحاس عن قتادة.
وهكذا الوقف على ما في آخره هاء فإنك في غير القرآن تثبت الهاء إذا وقفت وتحذفها إذا وصلت فتقول قه وعه وتقول ق زيدا وع كلامي فأما في القرآن من قوله تعالى: {كِتَابِيَهْ} و{حِسَابِيَهْ} و{سُلْطَانِيَهْ} و{مَا هِيَهْ} و{لَمْ يَتَسَنَّهْ} و{اقْتَدِهْ} وغير ذلك فالواجب أن يوقف عليه بالهاء لأنه مكتوب في المصحف بالهاء ولا يوصل لأنه يلزم في حكم العربية إسقاط الهاء في الوصل فإن أثبتها خالف العربية وإن حذفها خالف مراد المصحف ووافق كلام العرب وإذا هو وقف عليه خرج من الخلافين واتبع المصحف وكلام العرب.
فإن قيل: فقد جوزوا الوصل في ذلك
قلنا: أتوا به على نية الوقف غير أنهم قصروا زمن الفصل بين النطقين فظن من لا خيرة له أنهم وصلوا وصلا محضا وليس كذلك.
ومثله قراءة ابن عامر {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} بإثبات الألف في حال الوصل اتبعوا في إثباتها خط المصحف لأنهم أثبتوها فيه على نية الوقف فلهذا أثبتوها في حال الوصل وهم على نية الوقف
وأما احتياجه إلى معرفة التفسير فلأنه إذا وقف على: {فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً} كان المعنى محرمة عليهم هذه المدة وإذا وقف على: {فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ} كان المعنى محرمة عليهم أبدا وأن التيه أربعين فرجع في هذا إلى التفسير فيكون بحسب ذلك
وكذا يستحب الوقف على قوله: {مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} ثم يبتدئ فيقول: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ} لأنه قيل إنه من كلام الملائكة
وأما احتياجه إلى المعنى فكقوله: {قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} فيقف على: { قَالَ} وقفة لطيفة لئلا يتوهم كون الاسم الكريم فاعل: {قَالَ} وإنما الفاعل يعقوب عليه السلام
وكذا يجب الوقف على قوله: {وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} ثم يبتدئ: {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً}
وقوله: {فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآياتِنَا}
قال الشيخ عز الدين: الأحسن الوقف على: {إِلَيْكُمَا} لأن إضافة الغلبة إلى الآيات أولى من إضافة عدم الوصول إليها لأن المراد بالآيات العصا وصفاتها وقد غلبوا بها السحرة ولم تمنع عنهم فرعون.
وكذا يستحب الوقف على قوله: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا} والابتداء بقوله: {مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ} فإن ذلك يبين أنه رد لقول الكفار: {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} وقال الداني إنه وقف تام.
وكذا الوقف على قوله: {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} والابتداء بما بعده أي لأن يرحمهم فإن ابن عباس قال في تفسير الآية: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} يعنى اليهود والنصارى {إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} يعنى أهل الإسلام {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} أي لرحمته خلقهم
وكذلك الوقف على قوله: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} والابتداء بقوله: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ} فإن بذلك يتبين الفصل بين الأمرين لأن يوسف عليه السلام أمر بالأعراض وهو الصفح عن جهل من جهل قدره وأراد ضره والمرأة أمرت بالاستغفار لذنبها لأنها همت بما يجب الاستغفار منه ولذلك أمرت به ولم يهم بذلك يوسف عليه السلام ولذلك لم يؤمر بالاستغفار منه وإنما هم بدفعها عن نفسه لعصمته ولذلك أكد أيضا بعض العلماء الوقف على قوله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ} والابتداء بقوله: {وَهَمَّ بِهَا} وذلك للفصل بين الخبرين وقد قال الداني إنه كاف وقيل تام وذكر بعضهم أنه على حذف مضاف أي هم بدفعها وعلى هذا فالوقف على: {هَمَّتْ بِهِ} كالوقف على قوله تعالى: {لِنُبَيِّنَ لَكُمْ} والابتداء بقوله: {وَهَمَّ بِهَا} كالابتداء بقوله: {وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ}
ومثله الوقف مراعاة للتنزيه على قوله: {وَهُوَ اللَّهُ} وقد ذكر صاحب الاكتفا أنه تام وذلك ظاهر على قول ابن عباس أنه على التقديم والتأخير والمعنى وهو الله يعلم سركم وجهركم في السموات والأرض.
وكذلك حكى الزمخشري في كشافه القديم عن أبي حاتم السجستاني في قوله: {مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ} قال ليس: {مُسْتَهْزِئُونَ} بوقف صالح لا أحب استئناف {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ} ولا استئناف {وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} حتى أصله بما قبله قال وإنما لم يستحب ذلك لأنه إنما جاز إسناد الاستهزاء والمكر إلى الله تعالى على معنى الجزاء عليهما وذلك على سبيل المزاوجة فإذا استأنفت وقطعت الثاني من الأول أوهم أنك تسنده إلى الله مطلقا والحكم في صفاته سبحانه أن تصان عن الوهم
وكذلك قوله تعالى {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ} قال صاحب الاكتفا:
إنه تام على قول من زعم أن الراسخين لم يعلموا تأويله وقول الأكثرين ويصدقه قراءة عبد الله ويقول الراسخون في العلم آمنا به
وكذلك الوقف على: {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً} والابتداء بقوله: {سُبْحَانَهُ} وقد ذكر ابن نافع أنه تام في كتابه الذي تعقب فيه على صاحب الاكتفا واستدرك عليه فيه مواقف كثيرة وذلك أن الله أخبر عنهم بقولهم: {اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً} ثم رد قولهم ونزه نفسه بقوله: {سُبْحَانَهُ} فينبغي أن يفصل بين القولين.
ومثله الوقف على قوله تعالى: {الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ} والابتداء بقوله: {وَأَمْلَى لَهُمْ} قال صاحب الكافي {سَوَّلَ لَهُمْ} كاف سواء قرئ: {وَأُمْلِي لَهُمْ} على ما يسم فاعله أو {وَأُمْلِي لَهُمْ} على الإخبار لأن الإملاء في كلتا القراءتين مسند إلى الله تعالى لقوله: {فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ} فيحسن قطعه من التسويل الذي هو مسند إلى الشيطان وهو كما قال وإنما يحسن قطعه بالوقف ليفصل بين الحرفين ولقد نبه بعض من وصله على حسن هذا الوقف فاعتذر بأن الوصل هو الأصل.
ومثله الوقف على قوله: {رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا} والابتداء بقوله: {مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} وذلك للإعلام بأن الله تعالى جعل الرهبانية في قلوبهم أي خلق كما جعل الرأفة والرحمة في قلوبهم وإن كانوا قد ابتدعوها فالله تعالى خلقها بدليل قوله سبحانه: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} هذا مذهب أهل السنة، وقد نسب أبو علي الفارسي إلى مذهب الاعتزال بقوله في الإيضاح حين تكلم على هذه الآية فقال: ألا ترى أن الرهبانية لا يستقيم حملها على {جَعَلْنَا} مع وصفها بقوله: {ابْتَدَعُوهَا} لأن ما يجعله الله لا يبتدعونه فكذلك ينبغي أن يفصل بالوقف بين المذهبين.
ومثله الوقف على قوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ} والابتداء بقوله {وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} أي معينون له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتكون هذه الجملة مستأنفة.
وأما احتياجه إلى المعرفة بالقراءات فلأنه إذا قرأ {وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً} بفتح الحاء كان هذا التمام وإن ضم الحاء وهي قراءة الحسن فالوقف عند {حِجْراً} لأن العرب كان إذا نزل بالواحد منهم شدة قال حجرا فقيل له محجورا أي لا تعاذون كما كنتم تعاذون في الدنيا حجر الله ذلك عليهم يوم القيامة.
وإذا قرأ: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} إلى قوله: {قِصَاصٌ} فهو التام إذا نصب {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} ومن رفع فالوقف عند: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} وتكون {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} ابتداء حكم في المسلمين وما قبله في التوراة). [البرهان في علوم القرآن: 1/343 -349]

قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (الخامس: قال ابن مجاهد: لا يقوم بالتمام في الوقف إلا نحوي عالم بالقراءات عالم بالتفسير والقصص وتخليص بعضها من بعض عالم باللغة التي نزل بها القرآن.
قال غيره: وكذا علم الفقه ولهذا من لم يقبل شهادة القاذف وإن تاب يقف عند قوله: {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا} الآية [النور: 4].
وممن صرح بذلك النكزاوي فقال في كتاب "الوقف": لا بد للقارئ من معرفة بعض مذاهب الأئمة المشهورين في الفقه؛ لأن ذلك يعين على معرفة الوقف والابتداء؛ لأن في القرآن مواضع ينبغي الوقف على مذهب بعضهم ويمتنع على مذهب آخرين.
فأما احتياجه إلى علم النحو وتقديراته فلأن من جعل {ملة أبيكم إبراهيم} الآية [الحج: 78] منصوبا على الإغراء وقف على ما قبله أما إذا أعمل فيه ما قبله فلا.
وأما احتياجه إلى القراءات فلما تقدم من أن الوقف قد يكون تاما على قراءة غير تام على أخرى.
وأما احتياجه إلى التفسير؛ فلأنه إذا وقف على {فإنها محرمة عليهم أربعين سنة} الآية [المائدة: 26]، كان المعنى إنها محرمة عليهم هذه المدة وإذا وقف على {عليهم} كان المعنى إنها محرمة عليهم أبدا وأن التيه {أربعين} فرجع في هذا إلى التفسير وقد تقدم أيضا أن الوقف يكون تاما على تفسير وإعراب غير تام على تفسير وإعراب آخر.
وأما احتياجه إلى المعنى فضرورة؛ لأن معرفة مقاطع الكلام إنما تكون بعد معرفة معناه كقوله: {ولا يحزنك قولهم إن العزة لله} الآية [يونس: 65]، فقوله: {إن العزة} استئناف لا مقولهم وقوله: {فلا يصلون إليكما بآياتنا}، ويبتدئ {أنتما} الآية [القصص: 35].
وقال الشيخ عز الدين: الأحسن الوقف على {إليكما}؛ لأن إضافة الغلبة إلى الآيات أولى من إضافة عدم الوصول إليها؛ لأن المراد بالآيات العصا وصفاتها وقد غلبوا بها السحرة ولم تمنع عنهم فرعون.
وكذا الوقف على قوله: {ولقد همت به} ويبتدئ {وهم بها} الآية [يوسف: 24] على أن المعنى لولا أن رأى برهان ربه لهم بها فقدم جواب لولا ويكون همه منتفيا فعلم بذلك أن معرفة المعنى أصل في ذلك كبير). [الإتقان في علوم القرآن: 2/؟؟]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 محرم 1435هـ/4-11-2013م, 06:27 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

أصول علم الوقف والابتداء

قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): (بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، قال الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان المقرئ رضي الله عنه وأرضاه: حمدا لله المتفرد بالقدرة، المتوحد بالكبرياء والعظمة، الذي استوجب الحمد على خلقه، وجعله فرضًا لتأدية حقه، أحمده شاكرًا لما سلف من آلائه، وملتمسًا للمزيد من نعمائه، وأصلي على نبيه محمد خاتم رسله وأنبيائه، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا.
أما بعد، فهذا كتاب الوقف التام والوقف الكافي والحسن في كتاب الله، عز وجل، اقتضبته من أقاويل المفسرين، ومن كتب القراء والنحويين، واجتهدت في جمع متفرقه، وتمييز صحيحه، وإيضاح مشكله، وحذف حشوه، واختصار ألفاظه، وتقريب معانيه، وبينت ذلك كله وأوضحته، ودللت عليه، ورتبت جمعيه على السور نسقًا واحدًا إلى آخر القرآن على قدر طاقتي، وانتهاء معرفتي. ولم أخله مع ذلك في المواضع التي يحتاج إليها، من حديث مسند، وتفسير، وقراءة، ومعنى، وإعراب، من غير أن أستغرق في ذلك، أو أستقصي جميعه، إذ كان سلفنا، رحمهم الله، قد كفونا ذلك، وشفوا منه في كتبهم وتصنيفهم، ولأن غرضنا في هذا الكتاب القصد إلى الإيجاز، والاختصار دون الاحتفال والإكثار، لكي يخف متناوله، وتقرب فائدته، ويعم نفعه المبتدئ الطالب والمتناهي الثاقب، وبالله عز وجل أستعين على ما أملته وقصدته، وإياه أسأل التوفيق والإلهام للصواب من القول والعمل، وعليه أتوكل. وهو حسبي ونعم الوكيل).
[المكتفي : 129]
قال أبو الأصبغِ عبدُ العزيزِ بنُ عليٍّ ابنُ الطحَّان الإشبيليّ (ت:560هـ): (وقد نهج علماؤنا رحمة الله عليهم السبيل إلى معرفة الوقف وأقسامه بما نذكره مقتضبًا، إيتاءً على جميع أحكامه، بتوفيق الله وإنعامه.
فصل: روى أبي بن كعب رضي الله عنه قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إن الملك كان معي فقال: اقرأ القرآن، فعدّ حتى بلغ سبعة أحرف، فقال: ليس منها إلا شافٍ كافٍ ما لم تختم آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة).
قال علماؤنا، فهذا تعليم التمام من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام، إذ ظاهره دال على أنه ينبغي أن يقطع على الآية التي فيها ذكر النار والعقاب ويفصلها مما بعدها، إن كان بعدها ذكر الجنة أو الثواب، وبالضد ذلك لازم أيضًا، يقطع القارئ على قوله تعالى: {فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} ولا يصله بقوله: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات} ويقطع على {الصالحات} فإن فعل جعل الفريقين في جهة واحدة.
ومثله: {وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار} يقطع ويبتدئ: {الذين يحملون العرش...}. هذان مثالان يقاس عليهما ما كان بمعناهما، وما يُخْشَى فيه صرف جملتين إلى معنى إحداهما، أو قطع جملة عن حقها فيما بعدها، كما قال ميمون بن مهران: «إني لأقشعر من قراءة أقوام، يرى أحدهم فيما عليه ألا يقصر عن العشر، إنما كانت القرّاء تقرأ القصص، إن طالت أو قصرت، يقرأ أحدهم اليوم: {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون}. قال: ويقوم في الركعة الثانية فيقرأ: {ألا إنهم هم المفسدون}».
وروى ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقرأ علي. فقلت: له: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ فقال: إني أحب أن أسمعه من غيري. قال: فافتتحت سورة النساء، [فلما بلغت]: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا
بك على هؤلاء شهيدا}. قال: فرأيته وعيناه تذرفان، فقال لي: حسبك).
قالوا: وهذا دليل على جواز القطع على الكافي، لأن {شهيدًا} ليس بتامّ، وهو متعلق بما بعده معنى.
وروت أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يقطع قراءته آية آية. يقول: {بسم الله الرحمن الرحيم} ثم يقف، ثم يقول: {الحمد لله رب العالمين} ثم يقف، ثم يقول: {الرحمن الرحيم} [ثم يقف).
قالوا: وهذا دليل على القطع الحسن، غير أنه إن كان رأس آية فللقارئ الابتداء بما بعده أخذًا بهذا الحديث، وإن لم يكن رأس آية لم يبتدئ، لأن النظم يُطالب بالوصل، لانتصار ثلله مع الفصل.
فاغتنم آجرك الله أيها التالي كتاب الله، في انتحالك السرد الذي يقيم مفصلاته، ويظهر ما بطن من محكماته).
[نظام الأداء : 1/23-27]

قالَ عبدُ الرَّحمن بنُ عُمَرَ بنِ رَسْلانَ البُلقِينيُّ (ت: 824هـ): (النوع التاسع عشر والعشرون وهما من أنواع الأداء: الوقف والابتداء
هذان نوعان مهمان، وقد أفردهما العلماء بالتصنيف، ولأبي عمرو الداني، في ذلك كتاب لطيف، وذكر في "التيسير" الكلام على الوقوف على أواخر الكلم، وعلى الوقوف على مرسوم المصحف.
فقال في الأول: ثم إن القراء يقفون على أواخر الكلمات المتحركات في الوصل بالسكون لا غير لأنه الأصل، ووردت الرواية عن الكوفيين وأبي عمرو بالوقف على ذلك بالإشارة إلى الحركة، وسواء كان ذلك إعرابا أو بناء، والإشارة تكون روما وإشماما، والباقون لم يأت عنهم في ذلك شيء، واستحب أكثر شيوخنا من أهل الأداء أن يوقف في قراءتهم بالإشارة لما في ذلك من البيان. وحقيقة الروم والإشمام تتلقى من كتب القراءات.

والروم يكون في الرفع والضم والخفض والكسر، وأما النصب والفتح فلا يستعملونه لخفتهما.
وأما الإشمام ففي الرفع والضم لا غير.
وهذا في حركة الإعراب اللازمة وفي البناء، أما الحركة العارضة وحركة ميم الجمع فمن ضمهما عمل بالأصل، فلا تجوز الإشارة إليهما بروم ولا إشمام، لذهابهما عند الوقف أصلا. وكذلك هاء التأنيث لا ترام ولا تشم، لكونها ساكنة لا حظ لها في الحركة.
وقال في الثاني: إن جمهور القراء يقفون على مرسوم المصحف، وروى عن نافع وأبي عمرو والكوفيين. ولم يرد في ذلك شيء عن ابن كثير وابن عامر.
واختيار أئمة القراءة أن يوقف في مذهبهما على المرسوم موافقة لجمهور القراء، وورد الاختلاف عنهم في مواطن منها: أن كل هاء تأنيث رسمت في المصحف تاء على الأصل نحو {نعمت}، و{رحمت}، و{غيابت}، وشبهه، فمذهب أبي عمرو والكسائي الوقف عليها بالهاء، وتابعه البزي على {هيهات} فقط.
وكذا وقف ابن كثير وابن عامر على {يا أبت} حيث وقع، ووقف الباقون على هذه المواضع بالتاء.
ووقف الكسائي في رواية الدوري على الياء من {ويكأن الله}. وروي عن أبي عمرو أنه وقف على الكاف، والباقون على الكلمة بأسرها.
ووقفوا على لام نحو: {مال هذا الرسول} وعن الكسائي رواية على (ما) وعلى اللام، وعن أبي عمرو على (ما) فقط.
ووقف حمزة والكسائي على (أيا) في {أيا ما تدعوا}، والباقون على (ما).
ووقف أبو عمرو والكسائي بالألف في:
{أيه المؤمنون} {يا أيه الساحر}، {أيه الثقلان}، والباقون بلا ألف، والكسائي على {واد النمل} خاصة بالياء، والباقون بدونها.
وتفرد البزي بزيادة هاء السكت في الوقف على (ما) الاستفهامية مجرورة بحرف، وسكنها غيره. وللباب تتمات تعرف من كتب القراءات). [مواقع العلوم: 82-84]

من زعم ببدعية علم الوقف والابتداء

قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (السادس: حكى ابن برهان النحوي عن أبي يوسف القاضي صاحب أبي حنيفة: أنه ذهب إلى أن تقدير الموقوف عليه من القرآن بالتام والناقص والحسن والقبيح وتسميته بذلك: بدعة ومتعمد الوقوف على نحوه مبتدع قال: لأن القرآن معجز وهو كالقطعة الواحدة فكله قرآن وبعضه قرآن وكله تام حسن وبعضه تام حسن). [الإتقان في علوم القرآن: 2/؟؟]

الرد على من زعم بدعيته
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (وذهب أبو يوسف القاضي صاحب أبى حنيفة إلى أن تقدير الموقوف عليه من القرآن التام والناقص والحسن والقبيح وتسميته بذلك بدعة، ومتعمد الوقف على نحوه مبتدع.
قال: لأن القرآن معجز، وهو كالقطعة الواحدة؛ فكله قرآن، وبعضه قرآن، وكله تام حسن، وبعضه تام.
حكى ذلك أبو القاسم ابن برهان النحوي عنه).
[البرهان في علوم القرآن: 1/354]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (والأصل فيه: ما أخرج النحاس، قال: حدثنا محمد بن جعفرالأنباري حدثنا هلال بن العلاء بن أبي وعبد الله بن جعفر، قالا: حدثنا عبد الله بن عمر الزرقي عن زيد بن أبي أنيسة عن القاسم بن عوف البكري، قال: سمعت عبد الله ابن عمر، يقول: (لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فنتعلم حلالها وحرامها وما ينبغي أن يوقف عنده منها كما تتعلمون أنتم القرآن اليوم ولقد رأينا اليوم رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه)، قال النحاس: فهذا الحديث يدل على أنهم كانوا يتعلمون الأوقاف كما يتعلمون القرآن.
وقول ابن عمر: (لقد عشنا برهة من دهرنا) يدل على أن ذلك إجماع من الصحابة ثابت.
قلت: أخرج هذا الأثر البيهقي في سننه.
وعن علي في قوله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا} الآية [المزمل: 4]، قال: (الترتيل تجويد الحروف ومعرفة الوقوف)). [الإتقان في علوم القرآن: 2/؟؟]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (وما حكاه ابن برهان، عن أبي يوسف صاحب أبي حنيفة من أن تسمية الوقوف بالتام والحسن والقبيح بدعة ومتعمد الوقف على ذلك مبتدع، قال: لأن القرآن معجز، وهو كالقطعة الواحدة فكله قرآن وبعضه قرآن، فليس على ما ينبغي وضعف قوله غني عن البيان بما تقدم عن العلماء الأعلام، ويبعده قول أهل هذا الفن الوقف على رؤوس الآي سنة متبعة والخير كله في الإتباع والشر كله في الابتداع، ومما يبين ضعفه ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى الخطيب لما قال من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما ووقف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:(( بئس خطيب القوم أنت، قل ومن يعص الله ورسوله فقد غوى)) ففي الخبر دليل واضح على كراهة القطع فلا يجمع بين من أطاع ومن عصى، فكان ينبغي للخطيب أن يقف على قوله فقد رشد ثم يستأنف ومن يعصهما فقد غوى، وإذا كان مثل هذا مكروهًا مستقبحًا في الكلام الجاري بين الناس فهو في كلام الله أشد كراهة وقبحًا وتجنبه أولى وأحق). [منار الهدى: 6]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 1 محرم 1435هـ/4-11-2013م, 06:29 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

القراءة المفسّرة هي التي يحسن القارئ وقوفها

قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (حدثني الإمام أبو الفضل محمد بن يوسف الغزنوي رحمه الله، حدثني أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم، حدثني أبو عامر الأزدي وأبو نصر الترياقي وأبو بكر الفورجي، قالوا: حدثنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي، ثنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي عن أبي عيسى الترمذي، حدثنا علي بن حجر، ثنا يحيى بن سعيد الأموي عن ابن جريح عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته، يقرأ: {الحمد لله رب العالمين} ثم يقف {الرحمن الرحيم} ثم يقف).
- وحدثني أبو المظفر الجوهري، حدثني أبو الفضل بن ناصر، حدثني أبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر الأنباري، حدثني علي بن الحسين بن ميمون بن محمد بن عبد الغفار، حدثني أبو الحسن محمد بن عبد الله بن زكريا بن حيويه عن أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي، أخبرنا قتيبة بن سعيد، ثنا الليث بن سعد، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن يعلى بن مملك أنه "سأل أم سلمة عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلاته فقالت: ما لكم وصلاته، ثم نعتت قراءة مفسرة حرفا حرفا").
ومعنى قوله: (مفسرة حرفا حرفا) ما سبق في الحديث الأول من الوقف على رأس الآية.
- وحدثني الغزنوي رحمه الله بالإسناد المتقدم، قال أبو عيسى: ثنا أحمد بن منيع، ثنا الحسن بن موسى، قال: ثنا شيبان عن عاصم عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب قال: (لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل فقال: ((يا جبريل، إني بعثت إلى أمة أميين، منهم العجوز، والشيخ الكبير، والغلام، والجارية، والرجل الذي لم يقرأ كتابا قط. قال: يا محمد، إن القرآن أنزل على سبعة أحرف)).
قال أبو عيسى: وفي الباب عن عمر، وحذيفة بن اليمان، وأبي هريرة، وأم أيوب – وهي امرأة أبي أيوب الأنصاري-، وسمرة، وابن عباس، وأبي جهم بن الحارث ابن الصمة. ثم قال: هذا حديث حسن صحيح، قد روي عن أبي بن كعب من غير وجه.
وإنما ذكرت هذا الحديث في هذا الموضع لأني رويته عن شيخي أبي القاسم رحمه الله بزيادة تليق بهذا المكان، حدثني شيخنا أبو القاسم الشاطبي رحمه الله، ثنا أبو الحسن بن هذيل، ثنا أبو داود سليمان بن نجاح، ثنا أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني رحمه الله، ثنا فارس بن أحمد المقرئ، ثنا أحمد بن محمد وعبد الله بن محمد قالا: ثنا علي بن الحسين قال: ثنا يوسف بن موسى، ثنا هشام بن عبد الملك، حدثنا همام، ثنا قتادة عن يحيى بن يعمر عن سليمان بن صرد الخزاعي عن أبي بن كعب قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((إن الملك كان معي فقال: اقرأ القرآن، فعد حتى بلغ سبعة أحرف. فقال: ليس منها إلا شاف كاف ما لم تختم آية عذاب برحمة وتختم رحمة بعذاب)).
وقال أبو عمرو: حدثنا فارس بن أحمد بن موسى المقرئ، ثنا أحمد بن محمد وعبيد الله بن محمد قالا، ثنا علي بن الحسين القاضي قال: ثنا يوسف بن موسى القطان، ثنا عفان بن مسلم، ثنا حماد بن سلمة، وسمعته منه قال: أخبرنا علي بن زيد بن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على حرف، فقال ميكائيل: استزده، فقال: اقرأ على حرفين. قال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف كل كاف شاف ما لم تختم آية عذاب بآية رحمة أو آية رحمة بآية عذاب.
وقال أبو عمرو أيضا: حدثنا خلف بن أحمد القاضي، ثنا زياد بن عبد الرحمن، ثنا محمد بن يحيى بن حميد، ثنا محمد بن يحيى بن سلام عن أبيه عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، إلا أنه قال: (( ما لم تختم آية رحمة بعذاب، أو آية عذاب بمغفرة)).
قال أبو عمرو الداني رحمه الله عقيب هذا الحديث: فهذا تعليم التمام من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام، إذ ظاهره دال على أنه ينبغي أن يقطع على الآية التي فيها ذكر النار والعقاب وتفصل مما بعدها إذا كان بعدها ذكر الجنة والثواب، وكذلك يلزم أن يقطع على الآية التي فيها ذكر الجنة والثواب وتفصل مما بعدها أيضا إن كان بعدها ذكر النار والعقاب.
وليس الأمر كما ذكر أبو عمرو، بل الحديث يدل على أن القارئ يقف حيث شاء لقوله " كل كاف شاف" ولم يرد بالفصل وترك الوصل أن الكلام قد تم، وإنما أراد أن القارئ إذا وصل غير المعنى وقلبه، لأنه إذا قال: {تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين} الآية [الرعد: 35] غير المعنى، وصير الجنة عقبى الكافرين، ألا ترى أنه لو قرأ {يغفر لمن يشاء ويعذب} الآية [الفتح: 14] لم يكن في ذلك شيء وإن كان قد وصل المغفرة بالعذاب، وإنما الممنوع تغيير المعنى بسبب الوصل، ويدخل في هذا نحو قوله عز وجل: {ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا} الآية [يونس: 65] إذ في وصله ما يوهم أنهم قالوا: إن العزة لله جميعا، وأن قولهم ذلك قد أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس كل أحد يعلم المراد، فيقع اللبس على من لا علم له، لا سيما غير العرب، فيوقف على قوله عز وجل: {ولا يحزنك قولهم} ويبتدأ {إن العزة لله جميعا}.
وليس كل التمام على هذه الصفة فيكون هذا تعليم للتمام، إنما هذا تعليم للمعنى، ولهذا الحديث أجاز حمزة رحمه الله الوقف حيث ينقطع النفس إلا نحو قوله عز وجل: {وقالوا اتخذ الله ولدا} الآية [البقرة: 116] لا يقف على {قالوا}، وكذلك لا يقف على {اليهود} في قوله عز وجل: {وقالت اليهود عزير ابن الله} الآية [التوبة: 30] ولا على {اليهود} في قوله عز وجل: {وقالت اليهود يد الله...} الآية [المائدة: 64] ولا على {النصارى} في قوله عز وجل: {وقالت النصارى المسيح ابن الله}الآية [التوبة: 3]). [جمال القراء: 2/548-550]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 1 محرم 1435هـ/4-11-2013م, 06:35 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

اتباع ما صحّ من الوقوف أولى من الاجتهاد

قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (قال السخاوي: ينبغي للقارئ أن يتعلم وقف جبريل فإنه كان يقف في سورة آل عمران عند قوله: {قل صدق الله} ثم يبتدئ: {فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفًا} والنبي صلى الله عليه وسلم يتبعه،وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقف في سورة البقرة، والمائدة عند قوله تعالى: {فاستبقوا الخيرات}، وكان يقف على قوله: {سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق} وكان يقف {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله} ثم يبتدئ {على بصيرة أنا ومن اتبعني} وكان يقف {كذلك يضرب الله الأمثال} ثم يبتدئ {للذين استجابوا لربهم الحسنى} وكان يقف {والأنعام خلقها} ثم يبتدئ {لكم فيها دفء} وكان يقف {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا} ثم يبتدئ {لا يستوون} وكان يقف {ثم أدبر يسعى فحشر} ثم يبتدئ {فنادى فقال أنا ربكم الأعلى} وكان يقف {ليلة القدر خير من ألف شهر} ثم يبتدئ {تنزل الملائكة} فكان صلى الله عليه وسلم يتعمد الوقف على تلك الوقوف، وغالبها ليس رأس آية وما ذلك إلاَّ لعلم لدنيّ علمه من علمه وجهله من جهله فاتباعه سنة في جميع أقواله وأفعاله). [منار الهدى : 7]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 1 محرم 1435هـ/4-11-2013م, 06:47 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

مراعاة الازدواج والمعادل والقرائن والنظائر في الوقف


قال محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدٍ ابنُ الجَزَرِيِّ (ت:833هـ) : (سابعها: ربما يراعى في الوقف الازدواج فيوصل ما يوقف على نظيره مما يوجد التمام عليه وانقطع تعلقه بما بعده لفظاً وذلك من أجل ازدواجه نحو (لها ما كسبت- مع- ولكم ما كسبتم) ونحو (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه– مع- ومن تأخر فلا إثم عليه)ونحو (لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) ونحو (تولج الليل في النهار –مع- وتولج النهار في الليل، وتخرج الحي من الميت- مع- وتخرج الميت من الحي) ونحو (من عمل صالحاً فلنفسه- مع- ومن أساء فعليها) وهذا اختيار نصير بن محمد ومن تبعه من أئمة الوقف).[النشر في القراءات العشر:؟؟]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (وحدثني شيخنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي رحمه الله، وقرأه علي وسمعته من لفظه وقال لي: نقلته من كلام أبي الكرم المبارك بن فاخر النحوي البغدادي ومن خطه، وكتب به إلى شيخنا أبي محمد رحمه الله قال: الجملة التأليفية المركبة على الاستقلال المتساند بعضها إلى بعض من غير إخلال، إذا تعولم إجراؤها في محالها ومواضعها، وتعورف إركازها في مراكزها وأماكنها بكثرة الدور والكرور والطروق والمرور أهاب كل منها بما يليه فأجابه بما يقتضيه قبله أو بعده على حسب ما يقتضيه قصده، فاقتضى الموقوف عليه ما بدئ به بعده، والمبدوء به ما وقف عليه قبله اقتضاء اللاجئ من يلجأ إليه، والمحيل من يحيل عليه، فإذا ضرب المتكلم عن أيهما كان صفحا، وأضرب وذهب عن ذكره ونكب، قام ببيانه ما منه في النفس، وشهد بمكانه ما أدركه الحس، فكان في حكم المذكور وإن كان مطويا غير منشور، فاستوى فيه الناقص والتام والموفى النظام والنيف عن التمام، فجاز أن يوقف على كل منهن كما يبدأ به، ويبدأ به كما يوقف عليه، إلا أن الأحسن أن يوقف على الأتم وما يقدر به وما أناف عليه، ثم الأحسن، وأن لا يوقف على الناقص ولا ما يقدر به، ولا القبيح إلا على استكراه أو ضرورة، فإذا فرض ذلك في التنزيل – جل المتكلم به – اختلف الناس فيه، فذهب الجمهور إلى تقدير الوقف على ثمانية أضرب: تام، وشبيه به، وناقص، وشبيه به، وحسن، وشبيه به، وقبيح، وشبيه به. وصنفوا في ذلك كتبا مدونة، وذكروا فيها أصولا مجملة، وفروشا في الآي مفصلة، فمنها ما آثروه عن أئمة كل عصر، ومنها ما آثروه عن أئمة العربية من النحويين من كل مصر، ومنها ما استنبطوه على وفاق الأثر أو خلافه، ومنها ما اقتدوا فيه بالأثر فقط، كالوقف على أواخر الآي، وهو وقف النبي صلى الله عليه وسلم). وذهب أبو يوسف القاضي صاحب أبي حنيفة رحمهما الله إلى أن تقدير الموقوف عليه من القرآن بالتام أو الناقص أو الحسن أو القبيح، وتسميته بذلك – بدعة، ومسميه بذلك ومتعمد الوقف على نحوه مبتدع، قال: لأن القرآن معجز، وهو كالقطعة الواحدة، وكله قرآن وبعضه قرآن، وكله تام حسن وبعضه تام حسن).حدثنا بذلك شيخنا أبو القاسم بن برهان، قال شيخنا أبو اليمن رحمه الله نقلت هذا الفصل من تعليقة بخطه – يعني أبا الكرم المبارك بن فاخر.
وليس الأمر كما ذكر أبو يوسف؛ فإن الكلمة الواحدة ليست من الإعجاز في شيء، وإنما المعجز الرصف العجيب، والنظم الغريب، وليس ذلك لبعض الكلمات. وقوله: إن بعضه تام حسن كما أن كله تام حسن – يقال له: لو قال قارئ: (إذا جاء) ووقف، أهذا تام وقرآن؟
فإن قال نعم.
قيل: فما يحتمل أن يكون القائل أراد: إذا جاء الشتاء؟
وكذلك كل ما يفرده من كلمات القرآن موجود في كلام البشر، فإذا اجتمع وانتظم انحاز عن غيره وامتاز وظهر ما فيه من الإعجاز.

ففي معرفة الوقف والابتداء الذي دونه العلماء تبيين معاني القرآن العظيم، وتعريف مقاصده، وإظهار فوائده، وبه يتهيأ الغوص على درره وفرائده، فإن كان هذا بدعة فنعمت البدعة هذه
). [جمال القراء: 2 / 551 - 553]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): ((التنبيه السادس) ينبغي للقارئ أن يراعي في الوقف الازدواج والمعادل والقرائن والنظائر قال ابن نصير النحوي فلا يوقف على الأول حتى يأتي بالمعادل الثاني لأن به يوجد التمام وينقطع تعلقه بما بعده لفظًا نحو لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت فمن تعجل في يومين فلا أثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل من عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها والأولى الفصل والقطع بين الفريقين ولا يخلط أحدهما مع الآخر بل يقف على الأول ثم يبتدئ بالثاني ).[منار الهدى : 1/17-18]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 1 محرم 1435هـ/4-11-2013م, 06:50 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

من قال: لا يصل آية رحمة بآية عذاب، ولا آية عذاب بآية رحمة

قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (وينبغي للقارئ أن يقطع الآية التي فيها ذكر النار أو العقاب عما بعدها إذا كان بعدها ذكر الجنة، ويقطعها أيضًا عما بعدها إن كان بعدها ذكر النار نحو قوله: {وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار} هنا الوقف، ولا يوصل ذلك بقوله: {الذين يحملون العرش} ونحو {يُدخل من يشاء في رحمته} هنا الوقف ولا يوصله بما بعده، ونحو {واتقوا الله إن الله شديد العقاب} هنا الوقف، ولا يوصله بما بعده من قوله: {للفقراء} ونحو قوله في التوبة {والله لا يهدي القوم الظالمين} هنا الوقف، فلا يوصله بما بعده من قوله: {الذين آمنوا وهاجروا} وكذا كل ما هو خارج عن حكم الأول فإنه يقطع). [منار الهدى :7]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 1 محرم 1435هـ/4-11-2013م, 09:57 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

منع الوقف في موضوع يقتضي منع الابتداء بما بعده

قال محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدٍ ابنُ الجَزَرِيِّ (ت:833هـ) : (رابعها: قول أئمة الوقف لا يوقف على كذا معناه أن لا يبتدأ بما بعده إذ كل ما أجازوا الوقف عليه أجازوا الابتداء بما بعده. وقد اكثر السجاوندي من هذا القسم وبالغ في كتابه (لا) والمعنى عنده لا تقف. وكثير منه يجوز الابتداء بما بعده وأكثره يجوز الوقف عليه وقد توهم من لا معرفة له من مقلدي السجاوندي أن منعه من الوقف على ذلك يقتضي أن الوقف عليه قبيح أي لا يحسن الوقف عليه ولا الابتداء بما بعده وليس كذلك بل هو من الحسن يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده فصاروا إذا اضطرهم النفس يتركون الوقف الحسن الجائز ويتعمدون الوقف على القبيح الممنوع، فتراهم يقولون {صراط الذين أنعمت عليهم غير} ثم يقولون {غير المغضوب عليهم} ويقولون {هدى للمتقين الذين} ثم يبتدئون {الذين يؤمنون بالغيب} فيتركون الوقف على (عليهم، وعلى المتقين) الجائزين قطعاً ويقفون على (غير، والذين) اللذين تعمد الوقف عليهما قبيح بالإجماع، لأن الأول مضاف والثاني موصول وكلاهما ممنوع من تعمد الوقف عليه وحجتهم في ذلك قول السجاوندي (لا) فليت شعري إذ منع من الوقف عليه هل أجاز الوقف على: غير، أو: الذين؟فليعلم أن مراد السجاوندي بقوله: (لا) أي لا يوقف عليه على أن يبتدأ بما بعده كغيره من الأوقاف.
ومن المواضع التي منع السجاوندي الوقف عليها وهو من الكافي الذي يجوز الوقف عليه ويجوز الابتداء بما بعده قوله تعالى {هدى للمتقين} مع الوقف عليه. قال لأن الذين صفتهم، وقد تقدم جواز كونه تاماً وكافياً وحسناً، واختار كثير من أئمتنا كونه كافياً، وعلى كل تقدير فيجوز الوقف عليه والابتداء بما بعده فإنه وإن كان صفة للمتقين فإنه يكون من الحسن وسوغ ذلك كونه رأس آية وكذلك منع الوقف على {ينفقون} للعطف وجوازه كما تقدم ظاهر، وقد ذكرنا في (الاهتداء) رواية أبي الفضل الخزاعي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى الغداة فقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب وبـ {الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين} وفي الثانية بفاتحة الكتاب وبـ {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون} ثم سلم، وأي مقتدى به أعظم من ابن عباس ترجمان القرآن (ومن ذلك)- {في قلوبهم مرض} منع الوقف عليه لأن الفاء للجزاء فكان تأكيداً لما في قلوبهم، ولو عكس فجعله من الوقف اللازم لكان ظاهراً، وذلك على وجه أن تكون الجملة دعاء عليهم بزيادة المرض، وهو قول جماعة من المفسرين والمعربين، والقول الآخر أن الجملة خبر ولا يمتنع أن يكون الوقف على هذا كافياً للتعلق المعنوي فقط. فعلى كل تقدير لا يمتنع الوقف عليه، ولذلك قطع الحافظ أبو عمرو الداني بكونه كافياً ولم يحك غيره ومن ذلك {فهم لا يرجعون} منع الوقف عليه للعطف بأو. وهي للتخيير، قال ومعنى التخيير لا يبقى مع الفصل وقد جعله الداني وغيره كافياً أو تاماً.
قلت: وكونه كافياً أظهروا "أو" هنا ليست للتخيير كما قال السجاوندي لأن "أو" إنما تكون للتخيير في الأمر أمرا في معناه لا في الحبر بل هي للتفصيل أي من الناظرين من يشبههم بحال ذوي صيب والكاف من {كصيب} في موضع رفع لأنها خبر مبتدأ محذوف أي مثلهم كمثل صيب وفي الكلام حذف أي كأصحاب صيب ويجوز أن تكون معطوفة على ما موضعه رفع وهو {كمثل الذي} وكذا قوله {سريع الحساب} والابتداء بقوله {أو كظلمات} وقطع الداني بأنه تام (ومن ذلك) {لعلكم تتقون} منع الوقف عليه لأن "الذي" صفة الرب تعالى وليس بمتعين أن يكون صفة للرب كما ذكر بلي جوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هو الذي، وحسن القطع فيه لأنه صفة مدح، وجوز مكي أن يكون في موضع نصب بإضمار أعني وأجاز أيضاً نصبه مفعولاً بتتقون وكلاهما بعيد، ومن ذلك {إلا الفاسقين} منع الوقف عليه لأن "الذين" صفتهم وهو كـ {الذين يؤمنون بالغيب} سواء ومثل ذلك كثير في وقوف السجاوندي فلا يغتر بكل ما فيه بل يتبع فيه الأصوب ويختار منه الأقرب).
[النشر في القراءات العشر:؟؟]


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 1 محرم 1435هـ/4-11-2013م, 10:00 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

أسباب الاختلاف في الوقف والابتداء

قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (وقد يختلف الوقف باختلاف التأويل، من ذلك قوله عز وجل: {لا ريب فيه هدى للمتقين} إن كان {فيه هدى} مبتدأ وخبرا وقفت على {لا ريب}، وهذا الوقف يروى عن نافع وعاصم. وهو كقوله عز وجل: {لا ضير} ويكون التقدير: لا ريب فيه، ثم استأنف فقال: {فيه هدى}، ويقف على {لا ريب فيه} يجعل الجار والمجرور متعلقا بـ {لا ريب} ويبتدئ {هدى للمتقين} على معنى: هو هدى.
فعلى الأول: الوقف تام على قول أصحاب الوقف.
وعلى المعنى الثاني الوقف كاف، وقوله عز وجل: {للمتقين} وقف كاف، على أن {الذين} بعده مرفوع بإضمار مبتدأ، أو منصوب بإضمار أعني، وهو وقف حسن، على أن {الذين} بعده في موضع جر، صفة {للمتقين}، وهو في القرآن كثير.

- ومنه قوله عز وجل: {الخناس} في قوله: {الذي يوسوس} جميع هذه الوجوه. وزعم ابن الأنباري والسجستاني والأخفش وابن عبد الرزاق وغيرهم أنه لا وقف إلى آخر السورة.
وقال أبو عمرو الداني رحمه الله: {الخناس} كاف، وهو الصواب، قال: إلا أن يجعل {الذي} في موضع خفض نعتا لما قبله.
- وكذلك فواتح السور كلها تام، على أن الفاتحة اسم للسورة، أي: اقرأ {الم} و{الر} و{المر}، وعلى تقدير أن الفاتحة مبتدأ، وما بعدها الخبر لا يوقف عليها.
- ومن ذلك قوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} هو وقف كاف على أن {تلقون} مستأنف، وهو وقف حسن على أن {تلقون} في موضع نصب على الحال، وإلى الأول ذهب جماعة منهم محمد بن عيسى ونصير.

وقد يكون الوقف لبيان المعنى كقوله عز وجل: {يخرجون الرسول وإياكم} فهذا وقف حسن، إلا أنه يبتدأ بما بعده لبيان المعنى لئلا يتوهم أن {إياكم} بمعنى التحذير.
ومن هذا ما هو واجب كقوله عز وجل: {ولا يحزنك قولهم} لا يجوز وصله لئلا يتوهم فيه أنهم قالوا: {إن العزة لله جميعا} وأن ذلك مما يحزنه. ومثله {فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون} لأن القارئ يجوز له أن يتجاوز الوقف إلى الوقف الذي بعده إن قوي نفسه على ذلك إلا في مثل هذا لما ذكرته، على أن الاختيار عند القراء الوقف على ما هو وقف، لما في ذلك من معرفة انفصال الكلام بعضه من بعض، ومن تبيين المعنى. وقالوا: من تجاوز الوقف وقف في غير الوقف، أي أنه ينقطع نفسه في غير الوقف.

وقد يكون الموضع وقفا على معنى وغير وقف على معنى آخر، كقوله تعالى: {وله من في السموات والأرض ومن عنده} إن كان {ومن عنده} معطوفا على ما قبله لم يكن الوقف تاما ولم يجز الابتداء بما بعده، وهو وقف تام على أن {ومن عنده} مبتدأ، وعلى هذا الوجه كان الشيخ أبو الجود رحمه الله يعمل، ولا أشك في أنه نقله وتلقاه في حال قراءته.
وكذلك الوقف على {لاتخذناه من لدنا} على أن {إن كنا فاعلين} بمعنى: ما كنا فاعلين، وليس كذلك على أن {إن} شرط.

وقد يكون الوقف على قراءة تاما وعلى أخرى غير تام كقوله عز وجل: {الحميد * الله الذي له ما في السموات} هو وقف تام على قراءة نافع وابن عامر، وقراءتهما برفع اسم الله عز وجل، وقرأ الباقون بالخفض فلا يجوز الابتداء به على قراءتهم، ولهذا نظائر كثيرة.

ومن الاختلاف في الوقف لاختلاف المعنى قوله عز وجل: {وما يعلم تأويله إلا الله} هو وقف تام على أن ما بعده مبتدأ وخبر، وإلى هذا الوقف ذهب نافع والكسائي والفراء والأخفش وابن كيسان وأبو حاتم ويعقوب وابن إسحق والطبري، وإلى معناه ذهب مالك بن أنس رحمه الله. ومعنى {يقولون آمنا به} يسلمون ويصدقون في قول ابن عباس رحمه الله وعائشة رضي الله عنها وابن مسعود. وقال عروة بن الزبير: الراسخون في العلم لا يعلمون تأويله، ولكن يقولون: آمنا به، كل من عند ربنا، وعلى هذا أكثر المفسرين. واختلف الذاهبون إلى هذا في المتشابه ما هو ؟
فقال ابن عباس: وابتغاء تأويله: هو طلب الأجل من مدة محمد صلى الله عليه وسلم وأمته من قبل الحروف التي في أوائل السور، وذلك أنهم حسبوها على حروف الجمل بالعدد، فقالوا: هذه مدة محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، والمتشابه على هذه حروف الفواتح. {وما يعلم تأويله إلا الله} أي: وما يعلم متى تقوم الساعة وتنقضي مدة هذه الملة إلا الله تعالى على هذا، وهو عند أكثر هؤلاء قيام الساعة، وهو من المآل.
وقال آخرون: لا يوقف على قوله {إلا الله} لأن قوله {والراسخون في العلم} معطوف عليه، وعلى قول هؤلاء المتشابه ما احتمل التأويل فيتأوله أصحاب الزيغ على أهوائهم كالخوارج والرافضة.
قال قتادة: إن لم يكونوا الحرورية فما أدري من هم.
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رأيتم الذين يجادلون فيه فهم الذين عنوا بقوله: {فيتبعون ما تشابه منه})).
وقال السدي والربيع: {ابتغاء الفتنة} أي الشرك.
وقال مجاهد: ابتغاء الشبهات، فالراسخون في العلم يعلمون تأويل ذلك، فإن كان المتشابه ما قال الأولون، فالفريق الآخر لا ينكرون أن ذلك لا يعلمه إلا الله، وإن كان المتشابه ما قال الآخرون، فالفريق الآخر لا ينكرون أن {الراسخون في العلم} يعلمونه ولا يجهلونه على غير ما أراد الله به اتباعا للهوى.
وسأذكره إن شاء الله بأبسط من هذا في "روض القرآن" ). [جمال القراء:2/569-573]


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 1 محرم 1435هـ/4-11-2013م, 10:37 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

أنواع مسائل الوقف والابتداء


قال محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدٍ ابنُ الجَزَرِيِّ (ت:833هـ) : (وأما الوقوف والابتداء فلهما حالتان:
- الأولى: معرفة ما يوقف عليه وما يبتدأ به.
- والثانية: كيف يوقف وكيف يبتدأ، وهذه تتعلق بالقراءات، وسيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى في باب الوقف على أواخر الكلم ومرسوم الخط.
والكلام هنا على معرفة ما يوقف عليه ويبتدأ به، وقد ألف الأئمة فيها كتباً قديماً وحديثاً ومختصراً ومطولاً أتيت على ما وقفت عليه من ذلك، واستقصيته في كتاب (الاهتدا إلى معرفة الوقف والابتدا) وذكرت في أوله مقدمتين جمعت بهما أنواعاً من الفوائد. ثم استوعبت أوقاف القرآن سورة سورة. وهاأنا أشير إلى زبد ما في الكتب المذكور فأقول:
لما لم يمكن للقارئ أن يقرأ السورة أو القصة في نفس واحد ولم يجر التنفس بين كلمتين حالة الوصل بل ذلك كالتنفس في أثناء الكلمة وجب حينئذٍ اختيار وقف للتنفس والاستراحة وتعين ارتضاء ابتداء بعد التنفس والاستراحة، وتحتم أن لا يكون ذلك مما يخل بالمعنى ولا يخل بالفهم إذ بذلك يظهر الإعجاز ويحصل القصد، ولذلك حض الأئمة على تعلمه ومعرفته ما قدمنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله: الترتيل معرفة الوقوف وتجويد الحروف، وروينا عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على النبي صلى الله عليه وسلم فيتعلم حلالها وحرامها وأمرها وزاجرها وما ينبغي أن يوقف عنده منها. ففي كلام علي رضي الله عنه دليل على وجوب تعلمه ومعرفته وفي كلام ابن عمر برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة رضي الله عنهم. وصح بل تواتر عندنا تعلمه والاعتناء به من السلف الصالح كأبي جعفر يزيد بن القعقاع إمام أهل المدينة الذي هو من أعيان التابعين وصاحبه الإمام نافع بن أبي نعيم وأبي عمرو ابن العلاء يعقوب الحضرمي وعاصم بن أبي نجود وغيرهم من الأئمة. وكلامهم في ذلك معروف، ونصوصهم عليه مشهورة في الكتب، ومن ثم اشترط كثير من أئمة الخلف على المجيز أن لا يجيز أحداً إلا معرفته الوقف والابتداء. وكان أئمتنا يوقفوننا عند كل حرف ويشيرون إلينا فيه بالأصابع سنة أخذوها كذلك عن شيوخهم الأولين رحمة الله عليهم أجمعين وصح عندنا عن الشعبي وهو من أئمة التابعين علماً وفقهاً ومقتدى أنه قال: إذا قرأت (كل من عليها فان) فلا تسكت حتى تقرأ (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام).[النشر في القراءات العشر:؟؟]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (النوع الثلاثون والحادي والثلاثون: الابتداء والوقف
هذان نوعان مهمان، ولأئمة القراء فيهما تصانيف، والكلام في ذلك في أمرين:
- ما يوقف عليه ويبتدأ به.
- وكيفية الوقف.
والحاجة إلى الأمر الأول أهم من الثاني كما لا يخفى، وعجبت للبلقيني كيف تركه وتكلم في الثاني.

الأول: الأفضل الوقف عند رأس كل آية للحديث السابق في النوع الرابع والعشرين، وممن اختاره: أبو عمرو بن العلاء والبيهقي في الشعب وخلائق.
ثم الكلام إما أن يكون تاماً بأن لا يكون له تعلق بما بعده البتة لا معنىً ولا لفظاً، فالوقف عليه يسمى بالتام، ويبتدأ بما بعده وأكثره في رؤوس الآي وانقضاء القصص.
وقد يكون قبل انقضاء الآية نحو: {وجعلوا أعزة أهلها أذلة..} الآية [النمل: 34]، فيه انقضاء حكاية كلام بلقيس ثم قال تعالى: {وكذلك يفعلون} الآية [النمل: 34]، كذا قال ابن الجزري وفيه بحث.
وقد يكون وسط الآية نحو: {لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني} الآية [الفرقان: 29]، وبعد الآية بكلمة نحو: {من دونها ستراً كذلك} الآية [الكهف: 90-91].
وقد يكون تاماً على تفسير وإعراب، غير تام على آخر كآية: {وما يعلم تأويله إلا الله} الآية [آل عمران: 7].
وإن كان له تعلق به من جهة المعنى فقط فالوقف عليه يسمى بالكافي ويبتدأ بما بعده أيضاً أو من جهة اللفظ فقط فهو الحسن يوقف عليه ولا يجوز الابتداء بما بعده إلا أن يكون رأس آية.
وقد يكون كافياً وحسناً على تأويل وغيرهما على آخر نحو: {يعلمون الناس السحر} الآية [البقرة: 102]، كافٍ إن جعلت (ما) بعده نافية، وحسنٌ إن جعلت موصولة.
وإن لم يتم الكلام فهو الوقف القبيح وإنما يجوز ضرورة بانقطاع النفس، كالوقف على المضاف والمبتدأ والموصول والنعت دون متمماتها وبعضه أقبح من بعض، والمراد بالقبح: من جهة الأداء لا الشرع فليس بحرام ولا مكروه إلا أن قُصد تحريف المعنى عن مواضعه وخلاف ما أراد الله تعالى فإنه يحرم.
ومن الوقف ما يتأكد استحبابه، وهو ما لو وصل طرفاه لأوهم غير المراد.
وبعضهم عبَّر عنه بالواجب ومراده ما تقدم نحو: {ولا يحزنك قولهم} الآية [يونس: 65]، ويبتدئ: {إن العزة لله جميعاً} الآية [يونس: 65]، لئلا يوهم أن ذلك مقول القول.
وقد تحرى قوم الوقف على حرف وآخرون على آخر ويمتنع الجمع بينهما، كالوقف على: "لا ريب"، وعلى: "فيه" فإنه لا يجوز على أحدهما إلا بشرط وصل الآخر، ويغتفر مخالفة ما تقدم في طول الفواصل والقصص ونحوها وحالة جمع القراءات.
أما الابتداء فلا يكون إلا اختيارياً فلا يجوز إلا بمستقل، ويكون أيضاً تاماً وكافياً وحسناً وقبيحاً بحسب التمام وعدمه وفساد المعنى وإحالته.
وقد يكون الوقف قبيحاً والابتداء جيداً نحو: {من بعثنا من مرقدنا هذا} الآية [يس: 52]، فالوقف على الإشارة قبيح؛ لأنه مبتدأ ولإيهامه الإشارة إلى مرقد، والابتداء به مع ما بعده كافٍ أو تام.
والقراء مختلفون في الوقف والابتداء: فنافع كان يراعي محاسنهما بحسب المعنى، وابن كثير وحمزة: حيث ينقطع النفس، واستثنى ابن كثير: {وما يعلم تأويله إلا الله} الآية [آل عمران: 7]، {وما يشعركم} الآية [الأنعام: 109]، {إنما يعلمه بشر} الآية [النحل: 103] فتعمد الوقف عندها، وأبو عمر ويتعمد رؤوس الآي، وعاصم والكسائي، حيث تم الكلام والباقون راعوا أحسن الحالتين وقفاً وابتداءً.
الثاني: قسمان:
الأول: الوقف على أواخر الكلم، فالمتحرك يوقف عليه بالسكون وهو الأصل، ووردت الرواية عن الكوفيين وأبي عمرو بالإشارة إلى الحركة، ولم يأت عن الباقين شيء، واستحسنه أكثر أهل الأداء في قراءتهم أيضاً –والإشارة إما: روم وهي النطق ببعض الحركة وقيل: تضعيف الصوت بها حتى يذهب معظمها.
قال ابن الجزري: والقولان بمعنى واحد، ويكون في الضم والكسر، وإما إشمام وهو الإشارة إليها بلا تصويت بأن تجعل شفتيك على صورتها إذا لفظت بها وإنما يكون في الضم سواء فيهما حركة البناء والإعراب إذا كانت لازمة، أما العارضة وميم الجمع عند من ضم وهاء التأنيث فلا روم في ذلك ولا إشمام.
وقيد ابن الجزري هاء التأنيث بما وقف عليها بالهاء بخلاف ما يوقف عليها بالتاء للرسم، ووقف على: (إذن) والمنون المنصوب بالألف.
ثانيهما: الوقف على الرسم.
قال الداني: وقف الجمهور عليه، ولم يُروَ عن ابن كثير وابن عامر فيه شيء، واختار الأئمة الوقوف عليه في مذهبهما موافقةً للجمهور.
وقد اختلف عنهم في مواضع منها: الهاء المرسومة تاءً فوقف عليها أبو عمرو والكسائي وابن كثير في رواية البزي بالهاء وكذا الكسائي في: (مرضات – واللات – وذات بهجة – ولات حين - وهيهات) وتابعه البزي على هيهات فقط، وكذا وقف ابن كثير وابن عامر على: (يا أبتِ) حيث وقع، ووقع الباقون على هذه المواضع بالتاء، ووقف الكسائي في رواية الدوري على الياء من: (ويكأن الله).
وروى عن أبي عمرو أنه وقف على الكاف والباقون على الكلمة بأسرها، ووقفوا على لام نحو: (مال هذا الرسول) وعن الكسائي رواية على (ما) وعلى (اللام)، وعن أبي عمرو على (ما) فقط، ووقف حمزة والكسائي على: (أياً) في: {أياً ما تدعو} الآية [الكهف: 110]، والباقون على (ما)، ووقف أبو عمرو والكسائي بالألف في {أيه المؤمنون} الآية [النور: 31]، {يا أيه الساحر} الآية [الزخرف: 49]، {أيه الثقلان} الآية [الرحمن: 31]، والباقون بلا ألف، والكسائي على: {وادي النمل} الآية [النمل: 18] خاصة بالياء، والباقون بدونها، وتفرد البزي بزيادة هاء السكت في الوقف على (ما) الاستفهامية مجرورة بحرف، وسكنها غيره، وللباب تتمات تعرف من كتب القراءات. والله تعالى أعلم). [التحبير في علم التفسير: 174-180]


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 1 محرم 1435هـ/4-11-2013م, 01:05 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

فضل علم الوقف والابتداء

قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): (باب في الحض على تعليم التام
من ذلك ما حدثناه أبو الفتح فارس بن أحمد بن موسى المقرئ، قال: حدثنا أحمد بن محمد وعبيد الله بن محمد قالا: حدثنا علي بن الحسين القاضي قال: حدثنا يوسف بن موسى القطان قال: حدثنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد بن سلمة وسمعته منه قال: أخبرنا علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن

أبيه أن جبريل عليه السلام، أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (اقرأ القرآن على حرف. فقال ميكائيل: استزده، فقال: اقرأ القرآن على حرفين. فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف، كلها كاف شاف ما لم تختم آية عذاب بآية رحمة أو آية رحمة بآية عذاب).
وحدثنا خلف بن أحمد القاضي قال: حدثنا زياد بن عبد الرحمن قال: حدثنا محمد بن يحيى بن حميد قال: حدثنا محمد بن يحيى بن سلام عن أبيه عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله إلا أنه قال: (ما لم تختم آية رحمة بآية عذاب أو آية عذاب بمغفرة).
وحدثنا فارس بن أحمد المقرئ قال: حدثنا أحمد بن محمد وعبيد الله بن محمد قالا: حدثنا علي بن الحسين قال: حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: حدثنا همام قال: حدثنا قتادة عن يحيى بن يعمر عن سليمان بن صرد الخزاعي عن أبي بن كعب قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((إن الملك كان معي فقاللي: اقرأ القرآن، فعد حتى بلغ سبعة أحرف. فقال: ليس منها إلا شافٍ كافٍ ما لم تختم آية عذاب برحمة أو تختم رحمة بعذاب)).
قال الحافظ أبو عمرو: فهذا تعليم التام من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام، إذ ظاهره دال على أنه ينبغي أن يقطع على الآية التي فيها ذكر النار والعقاب، وتفصل مما بعدها إذا كان بعدها ذكر الجنة والثواب، وكذلك يلزم أن يقطع على الآية التي فيها ذكر الجنة والثواب، وتفصل مما بعدها أيضًا إن كان بعدها ذكر النار والعقاب وذلك نحو قوله: {فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} هنا الوقف، ولا يجوز أن يوصل ذلك بقوله: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات}، ويقطع على ذلك، وتختم به الآية.
ومثله: {يدخل من يشاء في رحمته} هنا الوقف. ولا يجوز أن يوصل بقوله: {والظالمين}، ويقطع على ذلك.
{وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار} ههنا التمام، ولا يجوز أن يوصل ذلك بقوله: {الذين يحملون العرش ومن حوله}، ويقطع عليه، ويجعل خاتمًا للآية وكذلك ما أشبهه.
ومما يبين ذلك ويوضحه ما رواه تميم الطائي عن عدي بن حاتم قال: جاء رجلان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتشهد أحدهما فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قم -أو اذهب-، بئس الخطيب أنت)).
وحدثنا عبد العزيز بن جعفر بن محمد الفارسي في الإجازة قال: حدثنا محمد بن عبد الرزاق قال: حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث
قال: حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن سفيان بن سعيد الثوري قال: حدثنا عبد العزيز بن رفيع عن تميم الطائي عن عدي بن حاتم، فذكره.
قال الحافظ أبو عمرو رحمه الله: ففي هذا الخبر إيذان بكراهة القطع على المستبشع من اللفظ، المتعلق بما يبين حقيقته، ويدل على المراد منه، لأنه عليه السلام، إنما أقام الخطيب لما قطع على ما يقبح إذ جمع بقطعه بين حال من أطاع ومن عصى، ولم يفصل بين ذلك، وإنما كان ينبغي له أن يقطع على قوله: (فقد رشد) ثم يستأنف ما بعد ذلك، ويصل كلامه إلى آخره، فيقول: (ومن يعصهما فقد غوى). وإذا كان مثل هذا مكروهًا مستبشعًا في الكلام الجاري بين المخلوقين فهو في كتاب الله، عز وجل، الذي هو كلام رب العالمين، أشد كراهة واستبشاعًا، وأحق وأولى أن يتجنب.
وقد جاء عن عبد الله بن عمر أنه قال: لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم، فيتعلم حلالها وحرامها وأمرها وزجرها، وما ينبغي أن يقف عنده منها.
ففي قول ابن عمر دليل على أن تعليم ذلك توقيفٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه إجماع من الصحابة، رضوان الله عليهم.
ومما يؤكد ذلك ويحققه ما حدثناه شيخنا أبو الفتح قال: حدثنا بشر بن عبد الله البغدادي قال: حدثنا أحمد بن موسى قال: حدثنا علي بن عبد الرحمن الرازي قال: حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي قال: حدثنا صالح الهاشمي قال: حدثنا أبو المليح، يعني الرقي، واسمه الحسن بن عمر عن ميمون بن مهران قال: إني لأقشعر من قراءة أقوام يرى أحدهم حتمًا عليه أن لا يقصر عن العشر. إنما كانت القراء تقرأ القصص إن طالت أو قصرت، يقرأ أحدهم اليوم {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون} قال: ويقوم في الركعة الثانية فيقرأ: {ألا إنهم هم المفسدون} قال أبو عمرو: فهذا يبين أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يتجنبون في قراءتهم القطع على الكلام الذي يتصل بعضه ببعض، ويتعلق آخره بأوله، لأن ميمون بن مهران إنما حكى ذلك عنهم، إذ هو من كبار التابعين. وقد لقي جماعة منهم، فدل جميع ما ذكرناه على وجوب استعمال القطع على التمام، وتجنب القطع على القبيح، وحض على تعليم ذلك ومعرفته.
فأما القطع على الكافي الذي هو دون التمام فمستعمل جائز. وقد وردت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، به، وثبت التوقيف عنه باستعماله. كما حدثنا محمد بن خليفة الإمام قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا الفريابي قال: حدثنا محمد بن الحسين البلخي قال: حدثنا عبد الله بن المبارك قال: حدثنا سفيان عن سليمان، يعني الأعمش، عن إبراهيم عن عبيدة عن ابن مسعود قال: قال لي رسول الله
صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي)) فقلت: له: أأقرأ عليك وعليك أنزل؟ فقال: ((إني أحب أن أسمعه من غيري)). قال: فافتتحت سورة النساء فلما بلغت: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا} قال: فرأيته وعيناه تذرفان دموعًا. فقال لي: ((حسبك)). ألا ترى أن القطع على قوله: (شهيدًا) كاف وليس بتام، لأن المعنى: فكيف يكون حالهم إذا كان هذا {يومئذ يود الذين كفروا} فما بعده متعلق بما قبله، والتمام: {ولا يكتمون الله حديثًا} لأنه انقضاء القصة، وهو في الآية الثانية. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله أن يقطع عليه دونه مع تقارب ما بينهما، فدل ذلك دلالة واضحة على جواز القطع على الكافي ووجوب استعماله، وبالله التوفيق). [المكتفي :1/130-137]
قال أبو الأصبغِ عبدُ العزيزِ بنُ عليٍّ ابنُ الطحَّان الإشبيليّ (ت:560هـ): (مقدمة في الوقف والابتداء
القارئ مأمور عند العلماء بإحسان الوقف والابتداء، حفظًا على النظم الذي أعجز البلغاء تسويره وتفصيله:
{بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله}،
فبإحسان الوقف تتبدى للسامع فوائده الوافرة، ومعانيه الفائقة، وتتجلى للمنتجع مقاصده الباهرة ومناحيه الرائقة، التي لم تستعن العرب على فهمها بمادة خارجة عنها، بل لهمته بفضل طباعها التي بها نزل، وعليها فصل. وأما غيرهم فإنما فهموه بالقوانين التي وضعت لفهم عربيتهم، ولقن لغتهم التي لا يسع القراء جهلها، ولا تكمل تلاوتهم إلا بها، فماذا تنفع القارئ الرواية، إذا قصرت به الدراية فهو لقصوره يواقع اللحن في كل حين، ولا عذر له في جهالته عند أنصار الدين.
وقد قال أبو مزاحم الخاقاني:
فأول علم الذكر إتقان حفظه = ومعرفة باللحن فيه إذا يجري
فكن عارفًا باللحن كيما تزيله = وما للذي لا يعرف اللحن من عذر

وإذا استقبح من القارئ اللحن في شعر ينشده، أو كلام يورده، فاستقباحه منه، واستفحاشه عليه في كتاب الله تعالى أولى، وهو بالتوبيخ فيه، والمقت عليه أحق وأحرى.
أليس من الخطأ العظيم أن يقرأ كتاب الله تعالى، فيقطع القطع يفسد به المعنى، فيتولى تغيير الذكر الحكيم، وبئس ما تولى.
فيتعين فرضًا على القارئ تحصيل ما يسدده إلى القطع السليم، ويهديه إلى الابتداء القويم، فيستظهره حفظًا وعلمًا، ويستنبطه فطنة وفهمًا، ويدارس به الأئمة النبلاء، والمشيخة الفهماء، حتى إذا قرأ وصل ما يجب وصله، وفصل ما يجب فصله، ويتعمد القطع لقارئ في موضع تعمد الوصل فيه لغيره، ويتحرى فيصل المنعوت بنعته، والفعل بفاعله، والفاعل بمفعوله، والمؤكد بمؤكده، والبدل بالمبدل منه، والمستثنى بالمستثنى منه، والمعطوف بالمعطوف عليه، والمضاف بالمضاف إليه، والمبتدآت بأخبارها، والأحوال بأصحابها، والأجوبة بطالبها، والمميزات بمميزاتها، وجميع المعمولات بعواملها، ولا يفصل شيئًا من هذه الجمل إلا في بعض أجزائها، إن كان رأس آية، فإن السنة أحكمت الفصل فيها، ويستذكر لازمه من ذلك حين دراسته، ويستثبته وقت إيراده ومباحثته، حتى يميز المقاطع التامة من المقاطع الكافية، من المقاطع الحسنة، من المقاطع القبيحة، وما لا يجوز الوقف عليه جملة). [نظام الأداء: 1/20-22]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (وقد اختار العلماء وأئمة القراء تبيين معاني كلام الله عز وجل وتكميل معانيه، وجعلوا الوقف منبها على المعنى، ومفصلا بعضه عن بعض، وبذلك تلذ التلاوة، ويحصل الفهم والدراية، ويتضح منهاج الهداية). [جمال القراء: 2 / 554]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ):
(النوع الرابع والعشرون: معرفة الوقف والابتداء

وهو فن جليل وبه يعرف كيف أداء القرآن ويترتب على ذلك فوائد كثيرة واستنباطات غزيرة وبه تتبين معاني الآيات ويؤمن الاحتراز عن الوقوع في المشكلات.
وقد صنف فيه الزجاج قديماً كتاب القطع والاستئناف وابن الأنباري وابن عباد والداني والعماني وغيرهم.
وقد جاء عن ابن عمر أنهم كانوا يعلمون ما ينبغي أن يوقف عنده كما يتعلمون القرآن.
وروي عن ابن عباس: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ} قال: فانقطع الكلام. واستأنس له ابن النحاس بقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للخطيب: (( بئس الخطيب أنت )) حين قال: من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما ووقف.
قال: (قد كان ينبغي أن يصل كلامه فيقول ومن يعصمها فقد غوى أو يقف على ورسوله فقد رشد؛ فإذا كان مثل هذا مكروها في الخطب ففي كلام الله أشد).

وفيما ذكره نزاع ليس هذا موضعه وقد سبق حديث أنزل القرآن على سبعة أحرف كل كاف شاف ما لم تختم آية عذاب بآية رحمة أو آية رحمة بآية عذاب.
وهذا تعليم للتمام فإنه ينبغي أن يوقف على الآية التي فيها ذكر العذاب والنار وتفصل عما بعدها، نحو: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ولا توصل بقوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} وكذا قوله: {حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} ولا توصل بقوله: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ} وكذا: {يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ} ولا يجوز أن يوصل بقوله: {وَالظَّالِمُونَ} وقس على هذا نظائره). [البرهان في علوم القرآن: 1/342 -344]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (قال ابن الأنباري: من تمام معرفة القرآن معرفة الوقف والابتداء فيه.
وقال النكزاوي: باب الوقف عظيم القدر جليل الخطر؛ لأنه لايتأتى لأحد معرفة معاني القرآن ولا استنباط الأدلة الشرعية منه إلا بمعرفة الفواصل.
وفي "النشر" لابن الجزري: لما لم يمكن القارئ أن يقرأ السورة أو القصة في نفس واحد ولم يجز التنفس بين كلمتين حالة الوصل بل ذلك كالتنفس في أثناء الكلمة وجب حينئذ اختيار وقف للتنفس والاستراحة وتعين ارتضاء ابتداء بعده وتحتم ألا يكون ذلك مما يحيل المعنى ولا يخل بالفهم إذ بذلك يظهر الإعجاز ويحصل القصد ولذلك حض الأئمة على تعلمه ومعرفته.
وفي كلام علي دليل على وجوب ذلك وفي كلام ابن عمر برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة.
وصح بل تواتر عندنا تعلمه والاعتناء به من السلف الصالح كأبي جعفر يزيد بن القعقاع أحد أعيان التابعين وصاحبه الإمام نافع وأبي عمرو ويعقوب وعاصم وغيرهم من الأئمة وكلامهم في ذلك معروف ونصوصهم عليه مشهورة في الكتب.
ومن ثم اشترط كثير من الخلف على المجيز ألا يجيز أحدا إلا بعد معرفته الوقف والابتداء.
وصح عن الشعبي أنه قال: إذا قرأت {كل من عليها فان} [الرحمن: 26]، فلا تسكت حتى تقرأ {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} [الرحمن: 27].
قلت: أخرجه ابن أبي حاتم). [الإتقان في علوم القرآن: 2/؟؟]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (الأولى في ذكر الأئمة الذين اشتهر عنهم هذا الفن، وهو فن جليل. (قال) عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما : (لقد عشنا برهة من دهرنا؛ وإن أحدنا ليؤتي الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فنتعلم حلالها وحرامها، وما ينبغي أن يوقف عنده منها كما تتعلمون أنتم اليوم القرآن، ولقد رأينا اليوم رجالاً يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان؛ فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجرة ولا ما ينبغي أن يوقف عنده، وكل حرف منه ينادي: أنا رسول الله إليك لتعمل بي وتتعظ بمواعظي). قال النحاس: فهذا يدل على أنهم كانوا يتعلمون الوقوف كما يتعلمون القرآن، حتى قال بعضهم إن معرفته تظهر مذهب أهل السنة من مذهب المعتزلة؛ كما لو وقف على قوله {وربك يخلق ما يشاء ويختار} فالوقف على يختار هو مذهب أهل السنة لنفي اختيار الخلق لاختيار الحق، فليس لأحد أن يختار بل الخيرة لله تعالى). أخرج هذا الأثر البيهقي في سننه
وقال علي كرم الله وجهه في قوله تعالى :{ورتل القرآن ترتيلاً} الترتيل: تجويد الحروف ومعرفة الوقوف،
وقال ابن الأنباري: من تمام معرفة القرآن معرفة الوقف والابتداء؛ إذ لا يتأتى لأحد معرفة معاني القرآن إلاَّ بمعرفة الفواصل فهذا أدل دليل على وجوب تعلمه وتعليمه، وحكي أن عبد الله بن عمر قد قام على حفظ سورة البقرة ثمان سنين وعند تمامها نحر بدنة. أخرجه مالك في الموطأ. وقول الصحابي كذا له حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أي: ولم يخالفه غيره ولم يكن للرأي فيه مجال، وهذا لا دخل للرأي فيه فلو خالفه غيره أو كان للرأي فيه مجال لا يكون قوله حجة
). [منار الهدى: 5-6]


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 1 محرم 1435هـ/4-11-2013م, 10:37 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

علماء الوقف والابتداء

قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): (بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين، الحمد لله المفتتح كلامه بحمده المجري الألسنة به لطفًا من عنده ، المستنطق مقاول النكر على حوائل نكره،
المستغرق حصائل الشكر في طوائل شكره،وشرائف صلواته على خير خلقه نبيه وعبده الوافي بعهدة عهده، الباذل نهاية جهده في بداية جهده وعلى آله القائمين على حده من بعده، نقلة القرآن، وحملة ودائع الدين، وشرائع الإيمان في مناهج اليقين على حد كنه الإمكان، والتابعين لهم بإحسان، من حراس مصاحف التنزيل على مراتب الترتيل عن التصحيف، وسواس مدارج الوقوف ومخارج الحروف عن التحريف بالتعليم والتصنيف، فممن اشتهر منهم بالبراعة في الصناعة وهو الشيخ أبو نصر منصور بن إبراهيم العراقي صاحب الإشارة في القراءات، والمقاطع والمبادئ في الوقوف، الإمام المقدم على أقرانه، السابق العنان التحرير، الفائق في البيان والتحرير، وصاحب المرشد الإمام المسلم له في زامنه الطائع الطبيعة في مباغلة التعبير، الرائع الصنيعة في معاودة التقرير، وكلاهما طيب الله ثراهما بالثناء عليه والدعاء له جدير، وقد سعيا في الكتابين سعي مجد مجيد، ورعيا ما بغيا رعي مبدئ ومعيد، غير أن الأول منهما كان مولعًا بالإطناب طلب التبصير، والثاني كان مبدعًا في كل واد بالذهاب حذر التقصير، فتجاوزا بطول الإمكان حد رغبة أهل الزمان، فدعاني صدق همة من هو واجدي في الثقة بي، وصائدي بالمقة لي، متعني الله به، إلى إملاء هذا الكتاب مع قلة الرغائب، وكثر المصائب من تتابع الحساد، وعود سوق الفضل إلى الكساد، وحكم الجهل على نظم الأمر بالفساد، فعملت إذ شرعت فيه عمل من طب لمن حب، وسعي من رب ما عليه أرب وذب عن حريم شرطه ما ذب من فضول ما أنصب عن ميعة).
[علل الوقوف:1/101-108]

قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): ((واشتهر هذا الفن ) عن جماعة من الخلف وهم: نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني القارئ، وعن صاحبه يعقوب بن إسحاق الحضرميّ البصريّ، وعن أبي حاتم السجستاني، وعن محمد بن عيسى، وعن أحمد بن موسى، وعن علي بن حمزة الكسائي وعن الفراء الكوفيين، وعن الأخفش سعيد، وعن أبي عبيدة معمر بن المثنى، وعن محمد بن يزيد، والقتبيّ، والدينوريّ، وعن أبي محمد الحسن بن علي العماني، وعن أبي عمرو عثمان الداني، وعن أبي جعفر محمد بن طيفور السجاوندي، وعن أبي جعفر يزيد بن القعقاع، أحد أعيان التابعين وغيرهم من الأئمة الأعلام والجهابذة العظام فكان أحدهم آخذًا بزمام التحقيق والتدقيق وتضرب إليه أكباد الإبل من كل مكان سحيق
أولئك آبائي فجئني بمثلهم = إذا جمعتنا يا جرير المجامع ). [منار الهدى:1/6]


رد مع اقتباس
  #14  
قديم 4 محرم 1435هـ/7-11-2013م, 02:48 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

مذاهب القراء في الوقف والابتداء

قال محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدٍ ابنُ الجَزَرِيِّ (ت:833هـ) : (تاسعها: لابد من معرفة أصول مذاهب الأئمة القراء في الوقف والابتداء ليعتمد في قراءة كل مذهبه، فنافع كان يراعي محاسن الوقف والابتداء بحسب المعنى كما ورد عنه النص بذلك. وابن كثير روينا عنه نصاً أنه كان يقول: إذا وقفت في القرآن على قوله تعالى: (وما يعلم تأويله إلا الله، على قوله: وما يشعركم، وعلى: إنما يعلمه بشر) لم أبال بعدها وقفت أم لم أقف. وهذا يدل أنه يقف حيث ينقطع نفسه، وروى عنه الإمام الصالح أبو الفضل الرازي: أنه كان يراعي الوقف على رؤوس الآي مطلقاً ولا يتعمد في أوساط الآي وقفاً سوى هذه الثلاثة المتقدمة، وأبو عمرو فروينا أنه كان يتعمد الوقف على رؤوس الآي ويقول هو أحب إلي. وذكر عنه الخزاعي أنه كان يطلب حسن الابتداء، وذكر عنه أبو الفضل الرازي: أنه يراعي حسن الوقف. وعاصم ذكر عنه أبو الفضل الرازي أنه كان يراعي حسن الابتداء، وذكر الخزاعي أن عاصماً والكسائي كانا يطلبان الوقف من حيث يتم الكلام، وحمزة اتفقت الرواة عنه أنه كان يقف بعد انقطاع النفس، فقيل لأن قراءته التحقيق والمد الطويل فلا يبلغ نفس القارئ إلى وقف التمام ولا إلى الكافي وعندي أن ذلك من أجل كون القرآن عنده كالسورة الواحدة فلم يكن يتعمد وقفاً معيناً، ولذلك آثر وصل السورة بالسورة فلو كان من أجل التحقيق لآثر القطع على آخر السورة، والباقون من القراء كانوا يراعون حسن الحالتين وقفاً وابتداءً، وكذا حكى عنهم غير واحد منهم الإمامان أبو الفضل الخزاعي، والرازي رحمهما الله تعالى).[النشر في القراءات العشر:؟؟]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (السابع: لأئمة القراء مذاهب في الوقف والابتداء.
فنافع كان يراعي محاسنهما بحسب المعنى.
وابن كثير وحمزة حيث ينقطع النفس واستثنى ابن كثير {وما يعلم تأويله إلا الله} الآية [آل عمران: 7]، {وما يشعركم} الآية [الأنعام: 109]، إنما يعلمه بشر فتعمد الوقف عليها.
وعاصم والكسائي حيث تم الكلام وأبو عمرو يتعمد رؤوس الآي ويقول هو أحب إلي فقد قال بعضهم إن الوقف عليه سنة.
وقال البيهقي في "الشعب": وآخرون الأفضل الوقف على رؤوس الآيات وإن تعلقت بما بعدها إتباعا لهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته.
روى أبو داود وغيره عن أم سلمة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ قطع قراءته آية آية يقول: {بسم الله الرحمن الرحيم} ثم يقف {الحمد لله رب العالمين} ثم يقف {الرحمن الرحيم} ثم يقف). الآية [الفاتحة: 1-3] ).[الإتقان في علوم القرآن: 2/؟؟]


رد مع اقتباس
  #15  
قديم 4 محرم 1435هـ/7-11-2013م, 02:48 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

المؤلفات في علم الوقف والابتداء

قالَ عبدُ الرَّحمن بنُ عُمَرَ بنِ رَسْلانَ البُلقِينيُّ (ت: 824هـ): ( النوع التاسع عشر والعشرون وهما من أنواع الأداء: الوقف والابتداء
هذان نوعان مهمان، وقد أفردهما العلماء بالتصنيف، ولأبي عمرو الداني، في ذلك كتاب لطيف، وذكر في "التيسير" الكلام على الوقوف على أواخر الكلم، وعلى الوقوف على مرسوم المصحف). ). [مواقع العلوم: 82]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (النوع الثامن والعشرون
في معرفة الوقف والابتداء أفرده بالتصنيف خلائق منهم أبو جعفر النحاس وابن الأنباري والزجاج والداني والعماني والسجاوندي وغيرهم.وهو فن جليل به يعرف كيف أداء القراءة).[الإتقان في علوم القرآن: 2/؟؟]


رد مع اقتباس
  #16  
قديم 1 محرم 1435هـ/4-11-2013م, 09:57 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

ذم التعسف في الوقف والابتداء


قال محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدٍ ابنُ الجَزَرِيِّ (ت:833هـ) : (ثانيها: ليس كل ما يتعسفه بعض المعربين أو يتكلفه بعض القراء أو يتأوله بعض أهل الأهواء مما يقتضي وقفاً وابتداء ينبغي أن يعتمد الوقف عليه بل ينبغي تحري المعنى الآثم والوقف الأوجه وذلك نحو الوقف على (وارحمنا أنت)والابتداء (مولانا فانصرنا) على معنى النداء نحو (ثم جاؤك يحلفون) ثم الابتداء (بالله إن أردنا) ونحو (وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك) ثم الابتداء بالله إن الشرك على معنى القسم ونحو (فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح) ونحو (فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقاً) ويبتدأ (عليه أن يطوف بهما، وعلينا نصر المؤمنين) بمعنى واجب أو لازم ونحو الوقف على (وهو الله) والابتداء (في السموات وفي الأرض) وأشد قبحاً من ذلك الوقف على (في السموات) والابتداء (وفي الأرض يعلم سركم) ونحو الوقف على (ما كان لهم الخيرة) مع وصله بقوله (ويختار) على أن "ماء" موصولة، ومن ذلك قول بعضهم في (عيناً فيها تسمى سلسبيلا) أن الوقف على (تسمى) أي عيناً مسماة معروفة. والابتداء (سل سبيلا) هذه جملة أمرية أي اسأل طريقاً موصلة إليها، وهذا مع ما فيه من التحريف يبطله إجماع المصاحف على أنه كلمة واحدة، ومن ذلك الوقف على (لا ريب) والابتداء (فيه هدى للمتقين) وهذا يرده قوله تعالى في سورة السجدة (لا ريب فيه من رب العالمين) ومن ذلك تعسف بعضهم إذ وقف على (وما تشاؤن إلا أن يشاء) ويبتدئ (الله رب العالمين) ويبقي "يشاء" بغير فاعل فإن ذلك وما أشبهه تمحل وتحريف للكلم عن مواضعه يعرف أكثره بالسباق والسياق).[النشر في القراءات العشر:؟؟]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (الثاني: قال ابن الجزري -أيضا-: ليس كلما يتعسفه بعض المعربين أو يتكلفه بعض القراء أو يتأوله بعض أهل الأهواء مما يقتضي وقفا أو ابتداء ينبغي أن يتعمد الوقف عليه بل ينبغي تحري المعنى الأتم والوقف الأوجه وذلك نحو الوقف على {وارحمنا أنت} والابتداء {مولانا فانصرنا} الآية [البقرة: 286] على معنى النداء.
ونحو: {ثم جاءوك يحلفون}، ويبتدئ {بالله إن أردنا} الآية [النساء: 62].
ونحو: {يا بني لا تشرك}، ويبتدئ {بالله إن الشرك} الآية [لقمان: 13] على معنى القسم.
ونحو: {وما تشاؤون إلا أن يشاء}، ويبتدئ {الله رب العالمين} الآية [التكوير: 29].
ونحو: {فلا جناح}، ويبتدئ {عليه أن يطوف بهما} الآية [البقرة: 158].
فكله تعسف وتمحل وتحريف للكلم عن مواضعه).[الإتقان في علوم القرآن: 2/؟؟]

قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): ((التنبيه الخامس) قال ابن الجزري ليس كل ما يتعسفه بعض القراء مما يقتضي وقفًا يوقف عليه كأن يقف على قوله أم لم تنذر ويبتدئ هم لا يؤمنون على أنها جملة من مبتدأ وخبر وهذا ينبغي أن يردّ ولا يلتفت إليه وإن كان قد نقله الهذلي في الوقف والابتداء وكأن يقف على قوله ثم جاؤك يحلفون ثم يبتدئ بالله إن أردنا ونحو وما تشاؤن إلاَّ أن يشاء ثم يبتدئ الله رب العالمين ونحو فلا جناح ثم يبتدئ عليه أن يطوف بهما ونحو سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي ثم يبتدئ بحق وهو خطأ من وجهين أحدهما أن حرف الجر لا يعمل فيما قبله قال بعضهم إن صح ذلك عن أحد كان معناه إن كنت قلته فقد علمته بحق الثاني أنه ليس موضع قسم وجواب آخر أنه إن كانت الباء غير متعلقة بشيء فذلك غير جائز وإن كانت للقسم لم يجز لأنه لا جواب ههنا وإن كان ينوي بها التأخير كان خطأ لأن التقديم والتأخير مجاز ولا يستعمل المجاز إلاَّ بتوقيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو حجة قاطعة ونحو ادع لنا ربك ثم يبتدئ بما عهد عندك وجعل الباء حرف قسم ونحو يا بنيّ لا تشرك ثم يبتدئ بالله إن الشرك لظلم عظيم وذلك خطأ لأن باء القسم لا يحذف معها الفعل بل متى ما ذكرت الباء تعين الإتيان بالفعل كقوله وأقسموا بالله
يحلفون بالله ولا تجد الباء مع حذف الفعل ونحو وإذا رأيت ثم، ثم يبتدئ رأيت نعيمًا وليس بشيء لأنَّ الجواب بعده وثم ظرف لا يتصرف فلا يقع فاعلاً ولا مفعولاً وغلط من أعربه مفعولاً لرأيت أو جعل الجواب محذوفًا والتقدير إذا رأيت الجنة رأيت فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ونحو كلا لو تعلمون ثم يبتدئ علم اليقين بنصب علم على إسقاط حرف القسم وبقاء عمله وهو ضعيف وذلك من خصائص الجلالة فلا يشركها فيه غيرها عند البصريين وجواب القسم لترون الجحيم أي والله لترون الجحيم كقول امرئ القيس:
فقالت يمين الله مالك حيلة = وما أن أرى عنك الغواية تنجلي
فهذا كله تعنت وتعسف لا فائدة فيه فينبغي تجنبه وتحريه لأنه محض تقليد وعلم العقل لا يعمل به إلاَّ إذا وافقه نقل وسقت هذا هنا ليجتنب فإني رأيت من يدّعي هذا الفن يقف على تلك الوقوف فيلقى في أسماع الناس شيئًا لا أصل له وأنا محذر من تقليده واتباعه وكذا مثله ممن يتشبه بأهل العلم وهم عنهم بمعزل اللهم أرنا الحق حقًا فنتبعه والباطل باطلاً فنجتنبه
).[منار الهدى : 1/17-18]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:33 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة