{خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (16) رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (18) مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (23) وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآَتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (24) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (25) كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (28) يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (30) سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ (31) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (32) }
تفسير قوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {خلق الإنسان من صلصالٍ كالفخّار...}.
وهو طين خلط برمل، فصلصل كما يصلصل الفخار، ويقال: من صلصال منتن يريدون به: صلّ، فيقال: صلصال كما يقال: صرّ الباب عند الإغلاق، وصرصر، والعرب تردد اللام في التضعيف فيقال: كركرت الرجل يريدون: كررته وكبكبته، يريدون: كببته.
وسمعت بعض العرب يقول: أتيت فلانا فبشبش بي من البشاشة، وإنما فعلوا ذلك كراهية اجتماع ثلاثة أحرف من جنس واحد). [معاني القرآن: 3/114]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({من صلصال} , أي طين يابس, لم يطبخ , له صوت إذا نقر، فهو من يبسه: {كالفخّار} :الفخار ما طبخ بالنار). [مجاز القرآن: 2/243]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({صلصالٍ}: طين يابس يصلصل، أي يصوت من يبسه كما يصوت الفخار، وهو: ما طبخ.
ويقال: «الصلصال»: المنتن، مأخوذ من «صلّ الشيء»: إذا أنتن مكانه فكأنه أراد: «صلّالا»، ثم قلب إحدى الأمين.
وقد قرئ : {أئذا صللنا في الأرض} ، أي أنتنا). [تفسير غريب القرآن: 437]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {خلق الإنسان من صلصال كالفخّار}
وقال في موضع آخر : {إنا خلقناهم من طين لازب}
وقال: {من حمإ مسنون}
وقال: {إنّ مثل عيسى عند اللّه كمثل آدم خلقه من تراب}
وهذه الألفاظ التي قال الله عزّ وجلّ إنه خلق الإنسان منها مختلفة اللفظ , وهي في المعنى راجعة إلى أصل واحد.
فأصل الطين التراب.
فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أنه خلق آدم من تراب جعل طينا , ثم انتقل فصار كالحمأ , ثم انتقل فصار صلصالا كالفخار، والصلصال اليابس، فهذا كله أصله التراب , وليس فيه شيء ينقض بعضه بعضاء , وإنما شرحنا هذا لأن قوما من الملحدين يسألون عن مثل هذا ليلبسوا على الضعفة، فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - من أي شيء خلق أبا الإنس جميعا آدم عليه السلام). [معاني القرآن: 5/98-99]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الصَّلْصَال}, طين يابس، وقيل: منتن, والصاد الثاني على هذا التفسير بدل من لام، كأنه قال: صَلّال، مأخوذ من: صَلّ اللحم إذا أنتن). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 254]
تفسير قوله تعالى: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {من مّارجٍ مّن نّارٍ...}.
والمارج: نار دون الحجاب ـ فيما ذكر الكلبي ـ منها هذه الصواعق، ويرى جلد السماء منها). [معاني القرآن: 3/115]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): {من مّارجٍ من نّار}: من خلطٍ من النار). [مجاز القرآن: 2/243]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( و(المارج) هاهنا: لهب النار، من قولك: مرج الشيء، إذا اضطرب ولم يستقر.
قال أبو عبيدة: {من مارجٍ}: من خلط من النار). [تفسير غريب القرآن: 437-438]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وأعلم من أي شي: خلق أصل الجنّ فقال:{وخلق الجانّ من مارج من نار}, و المارج : اللهب المختلط بسواد النّار. ). [معاني القرآن: 5/99]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مِن مَّارِج} , أي من لهب النار.
قال أبو عبيدة: {مِن مَّارِجٍ مِّن نَّار} , من خلط من النار، يقال: مرجَ الشيءُ: إذا لم يستقر). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 254]
تفسير قوله تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ربّ المشرقين وربّ المغربين...}.
اجتمع القراء على رفعه، ولو خفض يعني في الإعراب على قوله: فبأي آلاء ربكما، ربّ المشرقين , كان صوابا.
والمشرقان: مشرق الشتاء، ومشرق الصيف، وكذلك المغربان). [معاني القرآن: 3/115]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ ربّ المشرقين وربّ المغربين }: أي مشرق الشتاء ومشرق الصيف، فإذا قال { المشارق والمغارب }, فمشرق كل يوم ومغرب كل يوم). [مجاز القرآن: 2/243]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ربّ المشرقين وربّ المغربين}: يعنى به : مشرقي الشمس , وكذلك القمر، ومغربي الشمس والقمر، فأحد المشرقين مشرق الشتاء والآخر مشرق الصيف، وكذلك المغربان). [معاني القرآن: 5/99]
تفسير قوله تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {مرج البحرين...}, يقول: أرسلهما ثم يلتقيان بعد). [معاني القرآن: 3/115]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({مرج البحرين يلتقيان} مجازها مجاز قولك: مرجت دابتك، خليت عنها وتركتها). [مجاز القرآن: 2/243]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({مرج البحرين}: خلّاهما. تقول: مرجت دابتي، إذا خلّيتها ومرج السلطان الناس: إذا أهملهم, وأمرجت الدابة: رعيتها). [تفسير غريب القرآن: 438]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} :أي خلّاهما، يعني بحر السماء وبحر الأرض، فهما يلتقيان في كل عام, وقيل : هما بحر فارس والروم, وقيل: إنهما لم يلتقيا لقوله تعالى: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخ} أي : حاجز). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 254]
تفسير قوله تعالى: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {بينهما برزخٌ...}: حاجز لا يبغيان: لا يبغي العذب على الملح فيكونا عذبا، ولا يبغي الملح على العذب فيكونا ملحا). [معاني القرآن: 3/115]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({بينهما برزخٌ لا يبغيان}: ما بين كل شيئين برزخ, وما بين الدنيا والآخرة برزخ). [مجاز القرآن: 2/243]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({بينهما برزخ} , أي حاجز : لئلا يحمل أحدهما على الآخر، فيختلطان). [تفسير غريب القرآن: 438]
تفسير قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21)}
تفسير قوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَان (22)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يخرج منهما الّلؤلؤ والمرجان...}: وإنما يخرج من الملح دون العذب. واللؤلؤ: العظام، والمرجان: ما صغر من اللؤلؤ). [معاني القرآن: 3/115]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({يخرج منهما اللّؤلؤ والمرجان}: المرجان صغار اللؤلؤ, واحدتها مرجانة, وإنما يخرج اللؤلؤ من أحدهما فخرج مخرج: أكلت خبزاً ولبناً). [مجاز القرآن: 2/244]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({المرجان}: واحدها مرجانة وهو صغار اللؤلؤ). [غريب القرآن وتفسيره: 361]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( و{اللّؤلؤ}: كبار الحب. والمرجان: صغاره). [تفسير غريب القرآن: 438]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يجتمع شيئان ولأحدهما فعل فيجعل الفعل لهما:
[تأويل مشكل القرآن: 286]
كقوله سبحانه: {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا}.
روي في التفسير: أن النّاسي كان يوشع بن نون ويدلّك قوله لموسى، صلّى الله عليه وسلم: {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ}.
وقوله: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ} والرسل من الإنس دون الجن.
وقوله: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} ثم قال: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} واللؤلؤ والمرجان إنما يخرجان من الماء الملح لا من العذب.
وكذلك قوله: {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} .
وقد غلط في هذا المعنى أبو ذؤيب الهذليّ ولا أدري أمن جهة هذه الآيات غلط؟ أم من غيرها؟ قال يذكر الدّرّة:
فجاء بها ما شئت من لطميّة = يدوم الفرات فوقها ويموج
والفرات لا يدوم فوقها وإنما يدوم الأجاج). [تأويل مشكل القرآن: 288] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {يخرج منهما اللّؤلؤ والمرجان}
(المرجان) صغار اللؤلؤ، واللؤلؤ اسم جامع للحبّ الذي يخرج من البحر.
وقال : (يخرج منهما) : وإنما يخرج من البحر الملح لأنه قد ذكرهما وجمعهما، فإذا خرج من أحدهما فقد خرج منهما، ومثل ذلك قوله عزّ وجلّ: {ألم تروا كيف خلق اللّه سبع سماوات طباقا * وجعل القمر فيهنّ نورا وجعل الشّمس سراجا}.
والشمس في السماء الدنيا إلّا أنه لما أجمل ذكر السبع كان ما في إحداهن فيهن، ويقرأ: (يخرج منهما) بضم الياء). [معاني القرآن: 5/100]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الْمَرْجَانُ) : صغار اللؤلؤ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 254]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الْمَرْجَانُ): صغار اللؤلؤ). [العمدة في غريب القرآن: 292]
تفسير قوله تعالى: {وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآَتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (24)}قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاء (ت: 207هـ): (وقوله: {وله الجوار المنشئات...}: قرأ عاصم ويحيى بن وثاب: (المنشئات) بكسر الشين، يجعلن اللاتي يقبلن ويدبرن في قراءة عبد الله بن مسعود (المنشآت)، وكذلك قرأها الحسن وأهل الحجاز يفتح الشين يجعلونهن مفعولاً بهن أقبل بهن وأدبر.
وقوله: {كالأعلام...}: كالجبال شبه السفينة بالجبل، وكل جبل إذا طال فهو علم). [معاني القرآن: 3/115]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ الجوار المنشآت }: المجريات المرفوعات.
{كالأعلام }: كالجبال , قال جرير يصف الإبل:
إذا قطن علماً بدا علم). [مجاز القرآن: 2/244]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({الجوار المنشآت}: السفن لأنها أنشئت وأجريت). [غريب القرآن وتفسيره: 361]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( (الجواري): السفن و(المنشآت): اللواتي أنشئن، أي ابتدئ بهن (في البحر).
ومن قرأ: المنشئات: جعلهن: اللواتي ابتدأن. يقال: أنشأت السحابة تمطر، أي ابتدأت. وأنشأ الشاعر يقول.
و(الأعلام): الجبال. واحدها: «علم»). [تفسير غريب القرآن: 438]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وله الجوار المنشئات في البحر كالأعلام} : الجواري الوقف عليها بالياء، وإنما سقطت الياء في اللفظ لسكون اللام.
والاختيار وصلها، وإن وقف عليها واقف بغير ياء فذلك جائز على بعد.
ولكن يروم الكسر في الراء ليدل على حذف الياء.
ويقرأ (المنشآت) -بكسر الشين- والفتح أجود في الشين.
ومعنى المنشئات: المرفوعات الشّرع, والمنشئات على معنى الحاملات الرافعات الشرع، ومعنى كالأعلام كالجبال، قال الشاعر:
إذا قطعن علما بدا علم والجواري السفن) [معاني القرآن: 5/100-101]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {كَالْأَعْلَام} كالجبال). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 254]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْجَوَاري}: السفن). [العمدة في غريب القرآن: 292]
تفسير قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {كلّ من عليها فان}: معناه على الأرض). [معاني القرآن: 5/99]
تفسير قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ويبقى وجه ربّك ذو الجلال...}: هذه، والتي في آخرها ذي ـ كلتاهما في قراءة عبد الله ـ ذي ـ تخفضان في الإعراب؛ لأنهما من صفة ربك تبارك وتعالى، وهي في قراءتنا: {ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام}
ذو: تكون من صفة وجه ربنا ـ تبارك وتعالى). [معاني القرآن: 3/116]
تفسير قوله تعالى: {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): {كلّ يومٍ هو في شأنٍ...} , غير مهموز.
قال: وسألت الفراء عن (شان), فقال: أهمزه في كل القرآن إلاّ في سورة الرحمن، لأنه مع آيات غير مهموزات، وشانه في كل يوم أن يميت ميتاً، ويولد مولوداً، ويغني ذا، ويفقر ذا فيما لا يحصى من الفعل). [معاني القرآن: 3/116]
تفسير قوله تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ (31)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {سنفرغ لكم أيّه الثّقلان...}...
- حدثني أبو إسرائيل قال: سمعت طلحة بن مصرّف يقرأ: {سيفرغ لكم}, ويحيى بن وثاب كذلك والقراء بعد: {سنفرغ لكم}, وبعضهم يقرأ {سيفرغ لكم}.
وهذا من الله وعيد لأنه عز وجل لا يشغله شيء عن شيء، وأنت قائل للرجل الذي لا شغل له: قد فرغت لي، قد فرغت لشتمي. أي: قد أخذت فيه، وأقبلت عليه). [معاني القرآن: 3/116]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): {سنفرغ لكم أيّها الثّقلان}: سنحاسبكم، لم يشغله شيء تبارك وتعالى.). [مجاز القرآن: 2/244]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأصل الاستراحة: أن تكون في معاناة شيء ينصبك ويتعبك، فتستريح.
ثم ينتقل ذلك فتصير الاستراحة بمعنى: الفراغ. تقول في الكلام: استرحنا من حاجتك وأمرنا بها. تريد فرغنا، والفراغ، أيضا يكون من الناس بعد شغل.
ثم قد ينتقل ذلك فيصير في معنى القصد للشيء، تقول: لئن فرغت لك، أي قصدت قصدك.
وقال الله تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ}. والله تبارك وتعالى لا يشغله شأن عن شأن. ومجازه: سنقصد لكم بعد طول التّرك والإمهال.
وقال قتادة: قد دنا من الله فراغ لخلقه. يريد: أن الساعة قد أزفت وجاء أشراطها). [تأويل مشكل القرآن: 104-105]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (قوله:{سنفرغ لكم أيّه الثّقلان}: يعني بالثقلين الإنس والجن, ويجوز (سنفرغ لكم) بفتح الراء.
ويجوز (سيفرغ) - بفتح الياء - ويجوز (سيفرغ لكم) - بضم الياء وفتح الراء - ومعناه سنقصد لحسابكم، واللّه لا يشغله شأن عن شأن.
والفراغ في اللغة على ضربين:
أحدهما: الفراغ من شغل.
والآخر: القصد للشيء، تقول: قد فرغت مما كنت فيه.
أي قد زال شغلي به، وتقول: سأتفرغ لفلان، أي سأجعل قصدي له). [معاني القرآن: 5/99]قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ({سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّه الثَّقَلان}, أي: سنقصد لكم, (أَيُّه الثَّقَلان): يعني بالثقلين: الإنس والجن). [ياقوتة الصراط: 497]
تفسير قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (32) }