التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّني براء مّمّا تعبدون...}.
العرب تقول: نحن منك البراء والخلا، والواحد والاثنان , والجميع من المؤنث والمذكر يقال فيه: براء؛ لأنه مصدر، ولو قال: (بريء) : لقيل في الاثنين: بريئان، وفي القوم: بريئون وبرءاء، وهي في قراءة عبد الله: {إنّني برئٌ مّمّا تعبدون}, ولو قرأها قارئ كان صوابا موافقا لقراءتنا؛ لأن العرب تكتب: يستهزئ , يستهزأ , فيجعلون الهمزة مكتوبة بالألف في كل حالاتها.
يكتبون شيء شيئا , ومثله كثير في مصاحف عبد الله، وفي مصحفنا: ويهيئ لكم، ويهيأ بالألف). [معاني القرآن: 3/30]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وإذ قال إبراهيم} معناها: وقال إبراهيم.
{إنّني براءٌ}: مجازها بلغة علوية يجعلون الواحد, والاثنين, والثلاثة من الذكر والأنثى على لفظ واحد , وأهل نجد يقولون: أنا بريء , وهي بريئة , ونحن براء للجميع). [مجاز القرآن: 2/203]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنّني براء مّمّا تعبدون}
وقال: {إنّني براء مّمّا تعبدون}: تقول العرب "أنا براءٌ منك"). [معاني القرآن: 4/13]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({إنني براء}: البراء والخلاء لا يجمعان ولا يؤنثان لأنهما مصدران بلغة العلوية يجعلون الواحد والاثنين والثلاثة من الذكر والأنثى على لفظ واحد، وأهل نجد يقولون أنا بريء وهي بريئة ونحن براء من الجميع).[غريب القرآن وتفسيره: 333]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنّني براء ممّا تعبدون * إلّا الّذي فطرني فإنّه سيهدين}
{براء}: بمعنى بريء ممّا تعبدون، والعرب تقول للواحد منها: أنا البراء منك، وكذلك الاثنان والجماعة , والذكر والأنثى يقولون: نحن البراء منك والخلاء منك، ولا يقولون: نحن البراءان منك ولا البراءون.
وإنما المعنى: إنا ذوو البراء منك, ونحن ذوو البراء منك كما تقول: رجل عدل, وامرأة عدل, وقوم عدل، والمعنى: ذوو عدل, وذوات عدل). [معاني القرآن: 4/408-409]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون}
وفي قراءة: (إنني بريء) .
وحكى الفراء: أن قوما يكتبون الهمزة في كل موضع ألفا, فعلى هذا يقرأ بريء, وإن كان في السواد بالألف, ومن قرأ براء قال: في الاثنين, والجميع براء أيضا, بمعنى ذوي براء). [معاني القرآن: 6/348]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({بَرَاء}: المباراة). [العمدة في غريب القرآن: 268]
تفسير قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {إلّا الّذي فطرني فإنّه سيهدين}
المعنى إنا نتبرأ مما تعبدون إلا من الله عزّ وجلّ، ويجوز أن يكون "إلا" بمعنى لكن فيكون المعنى: لكن الذي فطرني, فإنه سيهدين). [معاني القرآن: 4/409]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {إلا الذي فطرني فإنه سيهدين}
قال قتادة: أي خلقني.
قال أبو جعفر: يجوز أن يكون استثناء من الأول, ويجوز أن يكون {إلا} بمعنى لكن). [معاني القرآن: 6/349]
تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وجعلها كلمةً باقيةً في عقبه...}.
اسم الإسلام، يقول لازمة لمن اتبعه، وكان من ولده، لعل أهل مكة يتبعون هذا الدين؛ إذا كانوا من ولد إبراهيم صلى الله عليه وسلم , فذلك قوله: {لعلّهم يرجعون} إلى دينك, ودين إبراهيم صلى الله عليهما وسلم). [معاني القرآن: 3/31]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وجعلها كلمةً باقيةً في عقبه} يعني: «لا إله إلا اللّه»). [تفسير غريب القرآن: 397]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلّهم يرجعون}
يعني بها كلمة التوحيد: وهي لا إله إلا اللّه , باقية في عقب إبراهيم، لا يزال من ولده من يوحد اللّه عزّ وجلّ). [معاني القرآن: 4/409]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وجعلها كلمة باقية في عقبة لعلهم يرجعون}
قال مجاهد: كلمة باقية: {لا إله إلا الله}
وقال قتادة: التوحيد , والإخلاص في عقبه.
وقال مجاهد: في ولده.
قال قتادة: لا يزال من ولد إبراهيم من يعبد الله جل وعز إلى يوم القيامة.
وقوله جل وعز: {لعلهم يرجعون} إلى دينك, ودين إبراهيم صلى الله عليهما إذ كانوا من ولده). [معاني القرآن: 6/349-350]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ}: يعني لا إله إلا الله). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 222]