تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (ولد الحمار:
ويقال للحمار: عير، ومسحل، وابن مقلاء، وللأنثى: أتان، وعيرة بالهاء، وقال الراجز:
يفيشها بفيشمة قليق = فيش الحمار عيرة بحوق).
[الفرق في اللغة: 99]
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (أسماء السرج وصفاتها
هو (السرج) والجميع: السروج.
و(الرحل) والجميع: الرحال، قال طفيل:
وشد العضاريط الرحال وأسلمت = إلى كل سعواء الضحى متلبب
و(الرحالة)، والجميع: الرحائل، وهي سروج كانت تتخذ من جلود للصبر على طول السير والركض. قال أبو ذؤيب:
تعدو به خوصاء يقصم جريها = حلق الرحالة فهو رخو تمزع).
[كتاب السلاح: 113]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
ألا ليت جيش العير لاقوا كتيبة = ثلاثين منا صرع ذات الحفائل
(العير) الحمار). [شرح أشعار الهذليين: 2/683]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وروي عن ابن سيرين: أن رجلا أتاه، فقال: رأيت كأني أؤذن؛ قال: تحج. وأتاه آخر، فقال: رأيت كأني أؤذن؛ قال: تقطع يدك. فقال له جلساؤه: كيف فرقت بينهما، والرؤيا واحدة؟ قال: رأيت للأول سيماء حسنة، فتأولت {وأذن في الناس بالحج}. ولم أر هيئة الثاني، فتأولت {ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون} ). [تعبير الرؤيا: 47] (م)
تفسير قوله تعالى: {قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ (71) }
تفسير قوله تعالى: {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( زعيم لمن قاذفته بأوابد = يغني بها الساري وتحدى الرواحل
الزعيم: الكفيل من قوله عز وجل: {وأنا به زعيم} أي: كفيل). [شرح المفضليات: 179]
تفسير قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73) }
تفسير قوله تعالى: {قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ (74) }
تفسير قوله تعالى: {قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75) }
تفسير قوله تعالى: {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( وأخفيت حرف من الأضداد؛ يقال: أخفيت الشيء، إذا سترته، وأخفيته إذا أظهرته، قال الله عز وجل: {إن الساعة آتية أكاد أخفيها}، فمعناه أكاد أسترها، وفي قراءة أبي: (أكاد أخفيها من نفسي
فكيف أطلعكم عليها)، فتأويل (من نفسي) (من قبلي) و(من غيبي)، كما قال: {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك}، ويقال: معنى الآية: إن الساعة آتية أكاد أظهرها. ويقال: خفيت الشيء، إذا أظهرته.
ولا يقع هذا –أعني الذي لا ألف فيه- على الستر والتغطية.
قال الفراء: حدثنا الكسائي، عن محمد بن سهل، عن وقاء، عن سعيد بن جبير أنه قرأ: (أكاد أَخْفيها) فمعنى (أخفيها) أظهرها. وقال عبدة بن الطبيب يذكر ثورا يحفر كناسا، ويستخرج ترابه فيظهره:
يخفي التراب بأظلاف ثمانية = في أربع مسهن الأرض تحليل
أراد يظهر التراب. وقال الكندي:
فإن تدفنوا الداء لا نخفه = وإن تبعثوا الحرب لا نقعد
أراد لا نظهره، وقال النابغة:
يخفي بأظلافه حتى إذا بلغت = يبس الكثيب تدانى الترب وانهدما
أراد يظهر.
قال أبو بكر: يجوز أن يكون معنى الآية: إن الساعة آتية أكاد آتي بها؛ فحذف (آتي) لبيان معناه، ثم
ابتدأ فقال: (أخفيها لتجزى كل نفس)، قال ضابئ البرجمي:
هممت ولم أفعل وكدت وليتني = تركت على عثمان تبكي حلائله
أراد: وكدت أقتله، فحذف ما حذف، إذ كان غير ملبس. ويجوز أن يكون المعنى: إن الساعة آتية أريد أخفيها، قال الله عز وجل: {كذلك كدنا ليوسف}، فيقال: معناه أردنا. وأنشدنا أبو علي العنزي للأفوه:
فإن تجمع أوتاد وأعمدة = وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا
معناه الذي أرادوا. وقال الآخر:
كادت وكدت وتلك خير إرادة = لو عاد من لهو الصبابة ما مضى
معناه أرادت وأردت). [كتاب الأضداد:95- 97] (م)
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (تفسير قوله تعالى: {غير مدينين} [الواقعة: 86] ومعنى الدين
وحدّثنا أبو بكر بن الأنباري، رحمه الله، في قوله تعالى: {فلولا إن كنتم غير مدينين} [الواقعة: 86] معناه غير مجزّيين، قال: وأنشدنا:
ولم يبق سوى العدوا = ن دناهم كما دانوا
أي جازيناهم كما جازوا، ومن ذلك قوله جل وعز: {مالك يوم الدّين} [الفاتحة: 4] ، قال قتادة: معناه مالك يومٍ يدان فيه العباد أي يجازون بأعمالهم، ويكون الدين أيضًا الحساب قال ابن عباس: معنى قوله {مالك يوم الدّين} [الفاتحة: 4] أي: يوم الحساب، ويكون الدّين أيضًا السّلطان، قال زهير:
لئن حللت بجوٍّ في بني أسدٍ = في دين عمروٍ وحالت بيننا فدك
معناه في سلطان، ويكون الدّين أيضًا الطاعة، من ذلك قوله جل وعز: {ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك} [يوسف: 76] معناه في طاعة الملك.
ويكون الدّين أيضًا العبودية والذّل، وجاء في الحديث الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت فمعناه استعبد نفسه وأذلّها لله عز وجل، قال الأعشى:
هو دان الرّباب إذ كرهوا = الدين دراكًا بغزوةٍ وصيال
ثم دانت بعد الرّباب وكانت = كعذابٍ عقوبة الأقوال
يعني أنه أذلهمّ فذلّوا، وقال القطامي:
رمت المقاتل من فؤادك بعدما = كانت نوار تدينك الأديانا
معناه تستعبدك بحبها، ويكون الدين أيضًا الملة، كقولك: نحن على دين إبراهيم، ويكون العادة، قال المثقب العبدي:
تقول إذا درأت لها وضينا = أهذا دينه أبدًا وديني
أكلّ الدهر حلٌّ وارتحالٌ = أما يبقى على وما يقيني
ويكون الدين أيضًا الحال، قال النضر بن شميل: سألت أعرابيًا عن شيء، فقال: لو لقيتني دينٍ غير هذه لأخبرتك، وروى أبو عبيدة قول امرئ القيس:
كدينك من أم الحويرث قبلها = وجارتها أمّ الرباب بمأسل
أي كعادتك.
والعرب تقول: ما زال هذا دينه ودأبه وديدنه وديدانه وديدبونه أي عادته). [الأمالي: 2/294-295] (م)
تفسير قوله تعالى: {قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (77) }
تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78) }
تفسير قوله تعالى: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ (79) }
تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80) }
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (وقال سحيم بن وثيل اليربوعي، وأدرك الإسلام:
...
ظلت نساؤهم والقوم أنجية = يعدى عليها كما يعدى على النعم
...
وواحد الأنجية نجي. كما ترى وهم جماعة يتناجون، كما قال تعالى: {خلصوا نجيا} والأنجية: جماعة النجي، كأنهم الجماعات. قال الراجز:
إني إذا ما القوم كانوا أنجيه
ومنه النجوى: أي الجماعة يتناجون، قال عز وجل: {وإذ هم نجوى} والنجوى أيضا: المناجاة. قال: {وأسروا النجوى} وقال: {فقدموا بين يدي نجواكم صدقة} وأما قوله تعالى: {ما يكون من نجوى ثلاثة} فيمكن أن يعني الجماعة، ويمكن المناجاة يحتمل المعنيين، أبو حاتم:
كما يعدى على الغنم). [النوادر في اللغة: 158-160]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (وقال حاتم طيء الجواد:
...
فقد علمت غوث بأنا سراتها = إذا علنت بعد النجي أمورها
«علنت»: ظهرت. و«النجي»: السرار). [النوادر في اللغة: 350] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فإن أردت قبل ما تعلم فحذفت المضاف إليه قلت: جئت قبل وبعد، وجئت من قبل ومن بعد. قال الله عز وجل: {لله الأمر من قبل ومن بعد} وقال: {ومن قبل ما فرطتم في يوسف}
وقال في الإضافة: {من بعد أن أظفركم عليهم} و{من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي} ). [المقتضب: 3/175] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فإن قال قائل: فالمضاف والنكرة مخاطبان، كما كان في المفرد المعرفة، وقد كان حقهما أن يخبر عنهما، ولا يخاطبا.
قيل له: قد علمنا أن المضاف معرفة بالمضاف إليه، كما كان قبل النداء والنكرة في حال النداء؛ كما كان قبل ذلك.
وزيد وما أشبهه في حال النداء معرفة بالإشارة منتقل عنه ما كان قبل ذلك فيه من التعريف.
ألا ترى أنك تقول إذا أردت المعرفة: يا رجل أقبل. فإنما تقديره: يا أيها الرجل أقبل، وليس على معنى معهود، ولكن حدثت فيه إشارة النداء، فلذلك لم تدخل فيه الألف واللام، وصار معرفة بما صارت به المبهمة معارف.
والمبهمة مثل: هذا، وذاك، وهذه، وتلك، وأولئك وذاك، وذاكن، وذلكن. إلا أنك إذا ناديته فهو معرفة بالإشارة؛ كما كانت هذه الأسماء، غير أنه مخاطب، وهي مخبر عنها. فهذا يوضح لك أمر الواحد المفرد.
ومع ذلك أن المضاف تمنعه الإضافة من البناء: كما كان ذلك في قبل، وبعد، وأمس، وما أشبههن.
تقول: ذهب أمس بما فيه، وقد ذهب أمسنا، وكذلك تقول: جئت من قبل، ومن بعد يا فتى.
فإن أردت قبل ما تعلم فحذفت المضاف إليه قلت: جئت قبل وبعد، وجئت من قبل ومن بعد. قال الله عز وجل: {لله الأمر من قبل ومن بعد} وقال: {ومن قبل ما فرطتم في يوسف}
وقال في الإضافة: {من بعد أن أظفركم عليهم} و {من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي} ). [المقتضب: 4/205-206] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
طاوعته بعدما طال النجي بنا
يريد المناجاة، فأخرجه على لفظ: "فعيل"، ونظيره من المصادر الصهيل، والنهيق، الشحيج، ويقال: شب الفرس شبيبًا، ولذلك كان "النجي" يقع على الواحد والجماعة نعتًا، كما تقول: امرأة عدلٌ ورجل عدلٌ وقوم عدلٌ: لأنه مصدر قال الله عز وجل: {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا}، أي مناجيًا، وقال للجماعة: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} أي متناجين). [الكامل: 1/369] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( حمال ألوية شهاد أندية = قوال محكمة جواب آفاق
...
وروي شهاد أنجية يعني المجالس، التي يتناجى فيها، أي يتسار، والمناجاة السرار ومنه {يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم} أي: تساررتم، ومنه الحديث: ((لا يتناج اثنان دون الثالث فإن ذلك يحزنه))، ومنه: {وما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم}، ومنه {خلصوا نجيًا} وأنجية جمع نجي). [شرح المفضليات: 14-15] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( ألا إن نجواك في ثادقٍ = سواء علي وإعلانها
النجوى: السر وقد ناجى فلان فلانًا إذا ساره يناجيه مناجاةً ونجاءً، ومنه قول الله تعالى: {فلما استيئسوا منه خلصوا نجيًا} أي: يتساورون فيما بينهم). [شرح المفضليات: 721]
تفسير قوله تعالى: {ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ (81) }