{الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (10) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (11) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13) وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18)}
تفسير قوله تعالى: {الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1)}
تفسير قوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله عزّ وجلّ: {رّبما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين...}
يقال: كيف دخلت (رب) على فعل لم يكن؛ لأن مودّة الذين كفروا إنما تكون في الآخرة؟ فيقال: إن القرآن نزل وعده ووعيده وما كان فيه، حقّا فإنه عيان، فجرى الكلام فيما لم يكن منه كمجراه في الكائن. ألا ترى قوله عز وجل: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربّهم} وقوله: {ولو ترى إذ فزعوا} كأنه ماض وهو منتظر لصدقه في المعنى، وأن القائل يقول إذا نهى أو أمر فعصاه المأمور: أما والله لربّ ندامة لك تذكر قولي فيها، لعلمه أنه سيندم ويقول: فقول الله عز وجل أصدق من قول المخلوقين). [معاني القرآن: 2/82]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {رّبما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين}
قال: {رّبما يودّ الّذين كفروا} وأدخل مع "ربّ" (ما) ليتكلم بالفعل بعدها. وإن شئت جعلت (ما) بمنزلة "شيءٍ" فكأنك قلت: "وربّ شيءٍ يودّ" أي: "ربّ ودٍّ يودّه الذين كفروا"). [معاني القرآن: 2/61]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين}
قرئت (ربّما) يود بتشديد الباء وتخفيفها، والعرب تقول: ربّ رجل جاءني، ويخففون فيقولون رب رجل،
قال الحادرة:
فسميّ ما يدريك أن رب فتية= باكرت لذّتهم بأدكن مترع
يريد سميّة، فرخّم.
ويسكنون في التخفيف فيقولون: رب رجل قد جاءني.
وأنشدوا بيت الهذلي:
أزهير إن يشب القذال فإنّني= رب هيضل لجب لففت بهيضل
ويقولون ربتّا رجل، وربّت رجل، ويقولون ربّ رجل، فيفتحون الراء وربما رجل جاءني - بفتح الراء، وربّتما رجل فيفتحون.
حكى ذلك قطرب.
فأما تفسير الآية ففيه غير قول، قيل إنه إذا كان يوم القيامة وعاين الكافر القيامة ودّ لو كان مسلما، وقيل إنه إذا عاين الموت ودّ لو أنه مسلم.
وقيل إذا كان يوم القيامة أخرج المسلمون من النار فودّ الذين كفروا لو كانوا مسلمين.
وقيل يعيّر أهل النار الكفرة المسلمين قائلين: ما نفعكم إيمانكم، فيغضب اللّه عزّ وجلّ لذلك، فيخرجهم من النّار فيود الذين كفروا لو كانوا مسلمين.
والذي أراه - واللّه أعلم - أن الكافر كلما رأى حالا من أحوال العذاب ورأى حالا عليها أحوال المسلم ودّ لو كان مسلما.
فهذه الأحوال كلها تحتملها الآية.
فإن قال قائل: فلم كانت، (ربّ) ههنا، وربّ للتقليل؟
فالجواب في هذا أن العرب خوطبت بما تعقله في التهدّد، والرجل يتهدّد الرجل فيقول له: لعلك ستندم على فعلك، وهو لا يشك في أنه يندم، وتقول له: ربما ندم الإنسان من مثل ما صنعت، وهو يعلم أن الإنسان يندم كثيرا، ولكن مجازه أن هذا أو كان مما يودّ في حال واحدة من أحوال العذاب، أو كان الإنسان يخاف أن يندم على الشيء لوجب عليه اجتنابه.
والدليل على أنه على معنى التهدّد). [معاني القرآن: 3/173-171]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( من ذلك قوله جل وعز: {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}
روى سفيان عن خصيف عن مجاهد عن حماد عن إبراهيم قال يدخل قوم من الموحدين النار فيقول لهم المشركون ما أغنى عنكم إسلامكم وإيمانكم وأنتم معنا في النار فيخرجهم الله جل وعز منها فعند ذلك يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال ذلك يوم القيامة
وروى عن ابن عباس قال يقول المشركون لمن أدخل النار من الموحدين ما نفعكم ما كنتم فيه وأنتم في النار فيغضب الله
جل وعز لهم فيخرجون إلى نهر يقال له نهر الحياة فينبتون فيه ثم تبقى على وجوههم علامة يعرفون بها يقال هؤلاء الجهنميون فيسألون الله جل وعز أن يزيل ذلك عنهم فيزيله عنهم ويدخلهم الجنة فيتمنى المشركون أن لو كانوا مسلمين
وقيل إذا عاين المشركون تمنوا الإسلام
فأما معنى رب ههنا فإنما هي في كلام العرب للتقليل وأن فيها معنى التهديد وهذا تستعمله العرب كثيرا لمن تتوعده وتتخدده يقول الرجل للآخر ربما ندمت على ما تفعل ويشكون في تندمه ولا يقصدون تقليله بل حقيقة المعنى أنه
يقول لو كان هذا مما يقل أو يكون مرة واحدة لكان ينبغي أن لا تفعله
وأما قول من قال أن رب تقع للتكثير فلا يعرف في كلام العرب
وقيل إن هذا إنما يكون يوم القيامة إذا أفاقوا من الأهوال التي هم فيها فإنما يكون في بعض المواطن
والقول الأول أصحها
والدليل على أنه وعيد وتهدد قوله بعد: {ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون} ). [معاني القرآن: 4/9-7]
تفسير قوله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {ذرهم يأكلوا ويتمتّعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون}
وجائز أن يكون - واللّه أعلم - أن أهوال يوم القيامة تسكرهم وتشغلهم عن التمني، فإذا أفاقوا من سكرة من سكرات العذاب ودوا لو كانوا مسلمين.
فأمّا من قال إن ربّ يعني بها الكثير فهذا ضدّ ما يعرفه أهل اللغة، لأن الحروف التي جاءت لمعنى تكون على ما وضعت العرب. فربّ موضوعة للتقليل، وكم موضوعة للتكثير، وإنما خوطبوا بما يعقلون ويستفيدون.
وإنما زيدت ما مع ربّ ليليها الفعل، تقول ربّ رجل جاءني وربما جاءني رجل). [معاني القرآن: 3/173]
تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما أهلكنا من قريةٍ إلاّ ولها كتابٌ مّعلومٌ...}
لو لم يكن فيه الواو كان صوابا كما قال في موضع آخر: {وما أهلكنا من قريةٍ إلاّ لها منذرون} وهو كما تقول في الكلام: ما رأيت أحداً إلاّ وعليه ثياب وإن شئت: إلاّ عليه ثياب. وكذلك كل اسم نكرة جاء خبره بعد إلاّ، والكلام في النكرة تامّ فافعل ذلك بصلتها بعد إلاّ. فإن كان الذي وقع على النكرة ناقصاً فلا يكون إلاّ بطرح الواو. ومن ذلك، ما أظن درهماً إلاّ كافيك ولا يجوز إلا وهو كافيك، لأن الظنّ يحتاج إلى شيئين، فلا تعترض بالواو فيصير الظنّ كالمكتفى من الأفعال باسم واحدٍ. وكذلك أخوات ظننت وكان وأشباهها وإنّ وأخواتها (وإنّ) إذا جاء الفعل بعد (إلاّ) لم يكن فيه الواو. فخطأ أن تقول: إن رجلاً وهو قائم، أو أظنّ رجلا وهو قائم، أو ما كان رجل إلاّ وهو قائم.
ويجوز في ليس خاصة أن تقول: ليس أحد إلاّ وهو هكذا، لأن الكلام قد يتوهّم تمامه بليس وبحرفٍ نكرة ألا ترى أنك تقول: ليس أحد، وما من أحدٍ فجاز ذلك فيها ولم يجز في أظنّ، ألا ترى أنك لا تقول ما أظنّ أحداً.
وقال الشاعر:
إذا ما ستور البيت أرخين لم يكن =سراج لنا إلاّ ووجهك أنور
فلو قيل: إلاّ وجهك أنور كان صواباً.
وقال آخر:
وما مسّ كفّى من يد طاب ريحها = من الناس إلاّ ريح كفّيك أطيب
فجاء بالواو وبغير الواو. ومثله قوله: {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنّهم ليأكلون الطّعام} فهذا الموضع لو كان فيه الواو صلح ذلك.
وإذا أدخلت في (كان) جحداً صلح ما بعد (إلاّ) فيها بالواو وبغير الواو. وإذا أدخلت الاستفهام وأنت تنوي به الجحد صلح فيها بعد (إلاّ) الواو وطرح الواو.
كقولك: وهل كان أحد إلاّ وله حرص على الدنيا، وإلاّ له حرص على الدنيا.
فأمّا أصبح وأمسى ورأيت فإنّ الواو فيهنّ أسهل، لأنهن توامّ (يعني تامّات) في حال، وكان وليس وأظن بنين على النقص. ويجوز أن تقول: ليس أحد
إلاّ وله معاش: وإن ألقيت الواو فصواب، لأنك تقول: ليس أحد فتقف فيكون كلاماً. وكذلك لا في التبرئة وغيرها. تقول: لا رجل ولا من رجل يجوز فيما يعود بذكره بعد إلاّ الواو وغير الواو في التمام ولا يجوز ذلك في أظنّ من قبل أن الظنّ خلقته الإلغاء: ألا ترى أنك تقول: زيد قائم أظنّ، فدخول (أظن) للشك فكأنه مستغنىً عنه، وليس بنفي ولا يكون عن النفي مستغنياً لأنك إنما تخبر بالخبر على أنه كائن أو غير كائن، فلا يقال للجحد: إنه فضل من الكلام كما يقال للظنّ). [معاني القرآن: 2/84-83]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إلاّ ولها كتابٌ معلومٌ} أي أجل ومدّة، معلوم: موقّت معروف). [مجاز القرآن: 1/346]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إلّا ولها كتابٌ معلومٌ} أي أجل مؤقت). [تفسير غريب القرآن: 235]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وما أهلكنا من قرية إلّا ولها كتاب معلوم}
أي إلا ولها أجل لا تتقدمه ولا تتأخر عنه). [معاني القرآن: 3/173]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم} أي لا يتقدمه ولا يتأخره وقوله جل وعز: {لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين}
معنى لو ما ولولا وهلا واحد وأنشد أهل اللغة:
تعدون عقر النيب أفضل مجدكم = بنى ضوطرى لولا الكمي المقنعا
أي هلا تعدون الكمي المقنعا
وروى حجاج عن ابن جريج قال في هذا تقديم وتأخير يذهب إلى أن جوابه قوله تعالى: {ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون} يذهب إلى أن هذا متصل
بقوله تعالى: {لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين} ). [معاني القرآن: 4/10-9]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {كتاب معلوم} أي موقت إلى أجل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 125]
تفسير قوله تعالى: {مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {مّا تسبق من أمّةٍ أجلها وما يستأخرون...}
ولم يقل (تستأخر) لأن الأمّة لفظها لفظٌ مؤنّثٌ، فأخرج أوّل الكلام على تأنيثها، وآخره على معنى الرجال.
ومثلها {كلّما جاء أمةً رسولها كذّبوه} ولو قيل: كذّبته كان صوابا وهو كثير). [معاني القرآن: 2/84]
تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6)}
تفسير قوله تعالى: {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لّو ما تأتينا...}
ولولا ولوما لغتان في الخبر والاستفهام فأمّا الخبر فقوله: {لولا أنتم لكنّا مؤمنين}.
وقال الشاعر:
* لوما هوى عرس كميت لم أبل *
وهما ترفعان ما بعدهما.
وأما الاستفهام فقوله: {لّو ما تأتينا بالملائكة} وقوله: {لولا أخّرتني إلى أجلٍ قريبٍ} والمعنى - والله أعلم -: هلاّ أخّرتني.
وقد استعملت العرب (لولا) في الخبر وكثر بها الكلام حتى استجازوا أن يقولوا: لولاك ولولاي، والمعنى فيهما كالمعنى في قولك: لولا أنا ولولا أنت فقد توضع الكاف على أنها خفض والرفع فيها الصّواب. وذلك أنا لم نجد فيها حرفاً ظاهراً خفض، فلو كان ممّا يخفض لأوشكت أن ترى ذلك في الشعر؛ فإنه الذي يأتي بالمستجاز: وإنما دعاهم إلى أن يقولوا: لولاك في موضع الرفع لأنهم يجدون المكنّى يستوي لفظه في الخفض والنصب، فيقال: ضربتك ومررت بك ويجدونه يستوي أيضاً في الرفع والنصب والخفض، فيقال ضر بنا ومرّ بنا، فيكون الخفض والنصب بالنون ثم يقال قمنا ففعلنا فيكون الرفع بالنون. فلّما كان ذلك استجازوا أن يكون الكاف في موضع (أنت) رفعاً إذ كان إعراب المكنّى بالدلالات لا بالحركات.
قال الشاعر:
أيطمع فينا من أراق دماءنا =ولولاك لم يعرض لأحسابنا حسم
وقال آخر:
ومنزلةٍ لولاي طحت كما هوى =بأجرامه من قلّة النّيق منهوي).
[معاني القرآن: 2/85-84]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لوما تأتينا} مجازه: لوما فعلت كذا، وهلا ولولا وألا، معناهن واحد، هلا تأتينا، وقال الأشهب بن عبلة،
وقال في غير هذا الموضع: ابن رميلة:
تعدّون عقر النّيب أفضل مجدكم= بني ضوطرى لولا الكمي المقنّعا
أي هلاّ تعدون قتل الكماة لوما: مجازها ومجاز لولا واحد،
قال ابن مقبل:
لوما الحياء ولوما الدّين عبتكما= ببعض ما فيكما إذ عبتما عورى).
[مجاز القرآن: 1/346]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لو ما تأتينا}: أي هلا). [غريب القرآن وتفسيره: 199]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لو ما تأتينا بالملائكة} أي هلا تأتينا بالملائكة. «ولولا» مثلها أيضا: إذا لم يكن يحتاج [إلى جواب. وقد ذكرناها في المشكل] ). [تفسير غريب القرآن: 235]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ - {لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصّادقين} معناه هلّا تأتينا بالملائكة، روى ذلك.
قالوا للنبي عليه السلام: {لولا أنزل عليه ملك}.
فقال: {ما ننزّل الملائكة إلّا بالحقّ وما كانوا إذا منظرين}. [معاني القرآن: 3/173]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لوما تأتينا} أي هلا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 125]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَوْماَ}: هلا بمعنى الأمر). [العمدة في غريب القرآن: 172]
تفسير قوله تعالى: {مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ما ننزّل الملائكة إلّا بالحقّ وما كانوا إذا منظرين} أي إنما تنزل بآجال أو بوحي من اللّه.
{وما كانوا إذا منظرين} أي لو نزلت الملائكة لم ينظروا، وانقطعت التوبات، كما قال:
{ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثمّ لا ينظرون} وتقرأ {ما تنزل الملائكة إلا بالحقّ}، وما تنزّل الملائكة، وما تنزّل الملائكة، وما تنزل الملائكة). [معاني القرآن: 3/174-173]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال تعالى: {ما ننزل الملائكة إلا بالحق} قال مجاهد أي بالإرسال والعذاب). [معاني القرآن: 4/11]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال تعالى: {وما كانوا إذا منظرين} أي لو نزلت الملائكة ما أمهلوا ولا قبلت توبتهم
كما قال تعالى: {ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر} ). [معاني القرآن: 4/11]
تفسير قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون...}
يقال: إن الهاء التي في (له) يراد بها القرآن (حافظون) أي راعون: ويقال: إن الهاء لمحمد صلى الله عليه وسلم: وإنا لمحّمد لحافظون). [معاني القرآن: 2/85]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون}
أي نحفظه من أن يقع فيه زيادة أو نقصان، كما قال: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} ). [معاني القرآن: 3/174]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}
قال ثابت وقتادة حفظه الله من أن تزيد الشياطين فيه باطلا أو تبطل منه حقا وقال مجاهد هو عندنا). [معاني القرآن: 4/11]
تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (10)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {في شيع الأوّلين} في أمم الأولين واحدتها شيعة والأولياء أيضاً شيع). [مجاز القرآن: 1/347]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {في شيع الأوّلين} أي أصحابهم). [تفسير غريب القرآن: 235]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأوّلين } أي في فرق الأولين). [معاني القرآن: 3/174]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين} أي فرق الأولين). [معاني القرآن: 4/12]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {شيع الأولين} أي أصحابهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 125]
تفسير قوله تعالى: {وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (11)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما يأتيهم من رسول إلّا كانوا به يستهزءون}
فأعلم اللّه عزّ وجلّ أن سفهاء كل أمّة يستهزئون برسلها). [معاني القرآن: 3/174]
تفسير قوله تعالى: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {كذلك نسلكه في قلوب المجرمين...}
الهاء في {نسلكه} للتكذيب أي كذلك نسلك التكذيب. يقول: {نجعله في قلوبهم ألاّ يؤمنوا} ). [معاني القرآن: 2/85]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {كذلك نسلكه} يقال: سلكه، وأسلكه لغتان). [مجاز القرآن: 1/347]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {كذلك نسلكه في قلوب المجرمين}
وتقرأ نسلكه، أي كذلك نسلك الضلال في قلوب المجرمين، أي كما فعل بالمجرمين الذين استهزأوا بمن تقدّم من الرّسل كذلك نسلك الإضلال في قلوب المجرمين.
ثم بين ذلك فقال: {لا يؤمنون به وقد خلت سنّة الأوّلين} ). [معاني القرآن: 3/174]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {كذلك نسلكه في قلوب المجرمين} لا يؤمنون به
روى سفيان عن حميد عن الحسين قال كذلك نسلك الشرك
وقال أبو عبيد حدثنا حجاج عن أبن جريج عن مجاهد قال نسلك التكذيب
قال أبو جعفر وهذا القول هو الذي عليه أهل التفسير وأهل اللغة إلا من شذ منهم فإن بعضهم قال المعنى كذلك نسلك القرآن واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم لما تلا القرآن عليهم وأسمعهم إياه ووصل إلى قلوبهم وكان ذلك بأمر الله وقوته، كان الله عز وجل هو الذي يسلكه في قلوبهم على هذا المعنى
وقيل لما خلقهم خلقة يفهمون بها ما يأتيهم من الوحي فإذا خلقهم خلقه يفهمون بها ما يسلك ذلك في قلوبهم فكأنه سلكه). [معاني القرآن: 4/13-12]
تفسير قوله تعالى: {لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لا يؤمنون به وقد خلت سنّة الأوّلين} أي تقدمت سيرة الأولين في تكذيب الأنبياء). [تفسير غريب القرآن: 235]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {لا يؤمنون به وقد خلت سنّة الأوّلين} أي وقد مضت سنة الأولين بمثل ما فعله هؤلاء، فهم يقتفون آثارهم في الكفر، ثم أعلمهم تعالى أنهم إذا وردت عليهم الآية المعجزة
قالوا سحر وقالوا: {سكّرت أبصارنا} كما قالوا حين انشق القمر: {هذا سحر مستمر}،
فقال عزّ وجلّ: {ولو فتحنا عليهم بابا من السّماء فظلّوا فيه يعرجون} ). [معاني القرآن: 3/174]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وقد خلت سنة الأولين}
أي قد تقدمت سنتهم في التكذيب بالآيات والبراهين وكفرهم فهؤلاء يقتفون آثارهم). [معاني القرآن: 4/13]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وقد خلت سنة الأولين} أي في تكذيبهم الأنبياء. وقيل: سنتنا في إهلاك الأولين بكفرهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 125]
تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولو فتحنا عليهم باباً مّن السّماء فظلّوا...}
يعني الملائكة فظلّت تصعد من ذلك الباب وتنزل {لقالوا إنما سكّرت أبصارنا} ويقال {سكرت} ومعناهما متقارب. فأما سكّرت فحبست، العرب: تقول: قد سكرت الريح إذا سكنت وركدت.
ويقال: أغشيت، فالغشاء والحيس قريب من السّواء). [معاني القرآن: 2/86]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فيه يعرجون} أي يصعدون والمعارج الدّرج). [مجاز القرآن: 1/347]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({فيه يعرجون}: يصعدون، والمعارج الدرج). [غريب القرآن وتفسيره: 199]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فيه يعرجون} أي يصعدون. يقال: عرج إلى السماء، أي صعد. ومنه تقول العامة: عرج بروح فلان. والمعارج: الدّرج). [تفسير غريب القرآن: 235]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولو فتحنا عليهم بابا من السّماء فظلّوا فيه يعرجون }
ويقرأ يعرجون، أي يصعدون ويذهبون - ويجيئون ويصلح أن يكون {يعرجون} للملائكة والناس، وقد جاء بهما التفسير). [معاني القرآن: 3/175-174]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون}
قال عبد الله بن عباس أي فظلوا الملائكة فيه يعرجون أي يذهبون ويجيئون
قال أهل اللغة عرج يعرج إذا صعد وارتفع ومنه قول العامة عرج بروح فلان). [معاني القرآن: 4/13]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يعرجون} يصعدون. {والمعارج} الدرج). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 125]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَعْرُجُونَ}: يصعدون). [العمدة في غريب القرآن: 172]
تفسير قوله تعالى: {لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لقالوا إنّما سكّرت أبصارنا} أي غشيت سمادير، فذهبت وخبا نظرها،
قال:
جاء الشتاء واجثألّ القنبر= واستخفت الأفعى وكانت تظهر
وطلعت شمسٌ عليها مغفر= وجعلت عين الحرور تسكر
أي يذهب حرها ويخبو). [مجاز القرآن: 1/348-347]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {سكرت أبصارنا}: غشيت). [غريب القرآن وتفسيره: 199]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {سكّرت أبصارنا}: غشيت. ومنه يقال: سكر النهر، إذا سدّ. والسّكر: اسم ما سكرت [به].
وسكر الشّراب منه، إنما هو الغطاء على العقل والعين.
وقرأ الحسن: سكرت - بالتخفيف - وقال: سحرت. والعامة تقول في مثل هذا: فلان يأخذ بالعين). [تفسير غريب القرآن: 236-235]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {لقالوا إنّما سكّرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون}
وسكرت، ويجوز سكرت بفتح السين، ولا تقرأنّ بها إلا أن ثبتت بها رواية صحيحة.
وفسروا سكرت أغشيت، وسكرت تحيّرت وسكنت عن أن تنظر.
والعرب تقول: سكرت الريح تسكر إذا سكنت وكذلك سكر الحر يسكر،
قال الشاعر:
جاء الشّتاء واجثألّ القبّر= وجعلت عين الحرور تسكر).
[معاني القرآن: 3/175]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {لقالوا إنما سكرت أبصارنا} قال ابن عباس أخذت
قال أبو جعفر والمعروف من قراءة مجاهد والحسن سكرت بالتخفيف قال الحسن أي سحرت وحكى أبو عبيد عن أبي عبيدة أنه يقال سكرت أبصارهم إذا غشيها سمادير حتى لا يبصروا وقال الفراء من قرأ سكرت أخذه من سكون الريح قال أبو جعفر وهذه الأقوال متقاربه والأصل فيها ما قال أبو عمرو بن العلاء يرحمه الله قال هو من السكر في الشراب وهذا قول حسن أي غشيهم ما غطى أبصارهم كما غشي السكران ما غطى عقله
وسكور الريح سكونها وفتورها وهو يرجع إلى معنى التخيير). [معاني القرآن: 4/15-14]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {سكرت أبصارنا} ملئت، و{سكرت}: ملئت). [ياقوتة الصراط: 289]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سكرت} غشيت). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 125]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سُكِّرَتْ}: غشيت). [العمدة في غريب القرآن: 172]
تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولقد جعلنا في السّماء بروجاً} أي منازل للشمس والقمر). [مجاز القرآن: 1/348]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {في السماء بروجًا}: منازل للشمس والقمر). [غريب القرآن وتفسيره: 199]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {جعلنا في السّماء بروجاً} يقال: هي اثنا عشر برجا. وأصل البرج: القصر والحصن). [تفسير غريب القرآن: 236]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولقد جعلنا في السّماء بروجا وزيّنّاها للنّاظرين }
جاء في التفسير نجوما وكواكب، وقيل منازل الشمس والقمر.
وهذه البروج التي يسمّيها الحسّاب: الجمل، والثور، وما أشبهها، هي كواكب أيضا، صورها على صور أسماء أصحابها.
فالبروج نجوم كما جاء في التفسير). [معاني القرآن: 3/175]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين} قال مجاهد يعني الكواكب قال أبو جعفر ومن قال أنها اثنا عشر برجا فقوله يرجع إلى هذا لأنها كواكب عظام ومعروف في اللغة أن يقال برج يبرج إذا ظهر وارتفع فقيل لهذا الكواكب بروج لظهروها وثباتها وارتفاعها والبرج كبر العين). [معاني القرآن: 4/15]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بروجا} وهي الاثنا عشر برجا، وأصل البرج: القصر والحصن). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 126]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بُرُوجاً}: منازل). [العمدة في غريب القرآن: 172]
تفسير قوله تعالى: {وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {من كلّ شيطانٍ رجيمٍ} أي مرجوم بالنجوم، خرج مخرج قتيل في موضع مقتول). [مجاز القرآن: 1/348]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {رجيم}: مرجوم بالنجوم). [غريب القرآن وتفسيره: 200]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وحفظناها من كلّ شيطانٍ رجيمٍ إلّا من استرق السّمع} يقول: حفظناها من أن يصل إليها شيطان، أو يعلم من أمرها شيئا إلّا استراقا، ثم يتبعه {شهابٌ مبينٌ}
أي كوكب مضيء). [تفسير غريب القرآن: 236] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وحفظناها من كلّ شيطان}
معنى رجيم قيل ملعون، وجائز أن يكون رجم مرجوما بالكواكب، كما قال عزّ وجلّ: {ولقد زيّنّا السّماء الدّنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشّياطين} ). [معاني القرآن: 3/176-175]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {وحفظناها من كل شيطان رجيم} أي لا يصل إليها ولا يسمع شيئا من الوحي إلا مسارقة وكان هذا من علامة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ولا نعلم أحدا من الشعراء شبه شيئا بسرعة الكواكب إلا في الإسلام ولو كان هذا قبله لشبهوا به قال ابن جريج الرجيم الملعون قال الكسائي كل رجيم في القرآن فهو بمعنى الشتيم قيل رجيم بمعنى مرجوم أي يرجم بالكواكب). [معاني القرآن: 4/16]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رَجيمٍ}: مرجوم). [العمدة في غريب القرآن: 172]
تفسير قوله تعالى: {إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فأتبعه شهابٌ مّبينٌ...}
يقول: لا يخطفه، إمّا قتله وإمّا خبّله). [معاني القرآن: 2/86]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {إلاّ من استرق السّمع فأتبعه شهابٌ مّبينٌ}
وقال: {إلاّ من استرق السّمع} استثناء خارج كما قال "ما أشتكي إلاّ خيراً" يريد "أذكر خيراً"). [معاني القرآن: 2/62]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وحفظناها من كلّ شيطانٍ رجيمٍ إلّا من استرق السّمع} يقول: حفظناها من أن يصل إليها شيطان، أو يعلم من أمرها شيئا إلّا استراقا، ثم يتبعه {شهابٌ مبينٌ}
أي كوكب مضيء). [تفسير غريب القرآن: 236]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {إلّا من استرق السّمع فأتبعه شهاب مبين}
موضع " من " نصب، بمعنى لكن من استرق السمع، وجائز أن يكون في موضع خفض، على معنى {إلّا من استرق السّمع فأتبعه شهاب مبين}.
والشهب الكواكب المنقضة من آيات اللّه للنبي عليه السلام، والدليل على أنها كانت انقضّت بعد مولد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن شعراء العرب الذين كانوا يمثلون في السرعة بالبرق وبالسيل وبالأشياء المسرعة لم يوجد في أشعارها بيت واحد فيه ذكر الكواكب المنقضّة، فلما حدثت بعد مولد النبي عليه السلام استعملت الشعراء ذكرها
قال ذو الرمة.
كأنّه كوكب في إثر عفرية= مسوّم في سواد الليل منقضب).
[معاني القرآن: 3/176]