العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء قد سمع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 07:57 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة الحشر [ من الآية (7) إلى الآية (10) ]

{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 08:05 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن أيوب عن عكرمة بن خالد عن مالك عن أوس ابن الحدثان أن عمر بن الخطاب قال إنما الصدقات للفقراء والمسكين حتى عليم حكيم قال هذه لهؤلاء ثم قرأ واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسة وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ثم قال هذه لهؤلاء ثم قرأ ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى حتى بلغ والذين جاءوا من بعدهم ثم قال هذه استوعبت المسلمين عامة فلئن عشت ليأتين الراعي وهو بسرو حمير نصيبه منها لم يعرق فيها جبينه). [تفسير عبد الرزاق: 2/283-284] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر في قوله تعالى ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى قال بلغني أنها الجزية والخراج خراج أهل القرى يعني القرى التي تؤدي الخراج). [تفسير عبد الرزاق: 2/284]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {ما أفاء اللّه على رسوله} [الحشر: 7]
- حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، حدّثنا سفيان، غير مرّةٍ عن عمرٍو، عن الزّهريّ، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر رضي اللّه عنه، قال: «كانت أموال بني النّضير ممّا أفاء اللّه على رسوله صلّى الله عليه وسلّم، ممّا لم يوجف المسلمون عليه بخيلٍ ولا ركابٍ، فكانت لرسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم خاصّةً، ينفق على أهله منها نفقة سنته، ثمّ يجعل ما بقي في السّلاح والكراع، عدّةً في سبيل اللّه»). [صحيح البخاري: 6/147]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب قوله ما أفاه الله على رسوله)
تقدّم في تفسير الفيء والفرق بينه وبين الغنيمة في أواخر الجهاد
- قوله عن عمرٍو هو بن دينارٍ قوله عن الزّهريّ ووقع في رواية مسلم من رواية بن ماهان عن عمرو بن دينارٍ عن مالك بن أوسٍ بغير ذكر الزّهريّ وهو خطأٌ من النّاسخ وثبت لباقي الرّواة بذكر الزّهريّ وقد تقدّم الكلام على حديث الباب مبسوطًا في فرض الخمس). [فتح الباري: 8/630]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ قوله: {ما أفاء الله على رسوله} (الحشر: 6)
أي: هذا باب في قوله عز وجل: {ما أفاء الله} أي: ما رد الله ورجع إليه منهم أي من بني النّضير من الأموال.
- حدّثنا عليّ بن عبد الله حدّثنا سفيان غير مرّةٍ عن عمروٍ عن الزهريّ عن مالك ابن أوسٍ بن الحدثان عن عمر رضي الله عنه قال كانت أموال بني النّضير ممّا أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ممّا لم يوجف المسلمون عليه بخيلٍ ولا ركابٍ فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصّةً ينفق على أهله منها نفقة سنته ثمّ يجعل ما بقي في السّلاح والكراع عدّةً في سبيل الله..

مطابقته للتّرجمة ظاهرة. وعلي بن عبد الله هو المدينيّ، وسفيان هو ابن عيينة، وعمرو هو ابن دينار، والزهريّ محمّد بن مسلم ابن شهاب، ووقع في (صحيح مسلم) عمرو بن دينار عن مالك بن أوس، ولعلّ ذلك من بعض النقلة لأنّه قال في الإسناد بعد عن الزّهريّ: بهذا الإسناد، فدلّ على أنه مذكور عنده في السّند الأول. وقال الجياني: سقط ذكر ابن شهاب من نسخة ابن ماهان والحديث محفوظ لعمرو عن الزّهريّ عن مالك بن أوس.

والحديث مضى في المغازي مطولا في: باب حديث بني النّضير وفي الجهاد أيضا والخمس مطولا ومختصرا.
قوله: (ممّا لو يوجف) من الإيجاف من الوجيف وهو السّير السّريع. قوله: (بخيل) أراد به الفرسان وأراد بالركاب الإبل الّتي يسار عليها. قوله: (في السّلاح) ، وهو ما أعد للحرب من آلة الحديد ممّا يقاتل به والسيف وحده ليس سلاحا. قوله: (والكراع) بضم الكاف. قال ابن دريد هو: من ذوات الظلف خاصّة ثمّ كثر ذلك حتّى سميت به الخيل. وفي (المجرّد) الكراع اسم لجميع الخيل إذا قلت السّلاح، والكراع، وقال القرطبيّ: فيه حجّة لمالك على أن الفيء لا يقسم وإنّما هو موكول إلى اجتهاد الإمام، وكذلك الخمس عنده، وأبو حنيفة يقسمه أثلاثًا والشّافعيّ أخماسًا، وقال ابن المنذر: لا نعلم أحدا قبل الشّافعي قال بالخمس من الفيء، وفيه جواز إدخار قوت سنة إذا كان من غلّته إمّا إذا اشتراه من السّوق؟ قال أبو العبّاس: فأجازه قوم ومنعه آخرون إذا أضرّ بالنّاس، وجواز الإدخار لا يقدح التّوكّل). [عمدة القاري: 19/224]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {ما أفاء اللّه على رسوله}
هذا (باب) بالتنوين أي في قوله: ({ما أفاء الله على رسوله}) [الحشر: 7] قال الزمخشري: لم يدخل العاطف على هذه الجملة لأنها بيان للأولى وسقط باب لغير أبي ذر.
- حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، حدّثنا سفيان غير مرّةٍ عن عمرٍو عن الزّهريّ، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر -رضي الله عنه- قال: كانت أموال بني النّضير ممّا أفاء اللّه على رسوله -صلّى اللّه عليه وسلّم- ممّا لم يوجف المسلمون عليه بخيلٍ ولا ركابٍ، فكانت لرسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- خاصّةً، ينفق على أهله منها نفقة سنته، ثمّ يجعل ما بقى في السّلاح والكراع عدّةً في سبيل اللّه.
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (غير مرة عن عمرو) هو ابن دينار (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن مالك بن أوس بن الحدثان) بفتح الحاء والدال المهملتين والمثلثة (عن عمر) بن الخطاب (-رضي الله عنه-) أنه (قال: كانت أموال بني النضير) الحاصلة منهم للمسلمين من غير مشقة (مما أفاء الله على رسوله -صلّى اللّه عليه وسلّم-) مما أعاده عليه بمعنى صيّره له أو ردّه عليه فإنه كان حقيقًا بأن يكون له لأنه تعالى خلق الإنسان لعبادته وخلق ما خلق لهم ليتوسلوا به إلى طاعته فهو جدير بأن يكون للمطيعين (مما لم يوجف المسلمون) بكسر الجيم مما لم يسرع المسلمون المسير ولم يقاتلوا (عليه) الأعداء (بخيل) بفرسان (ولا ركاب) بكسر الراء بل يسار عليها إنما خرجوا إليهم من المدينة مشاة لم يركب إلا رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- ونزل الأعداء من حصونهم من الرعب الواقع في قلوبهم من هيبته -صلّى اللّه عليه وسلّم- (فكانت) أموالهم أي معظمها (لرسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- خاصة) في حياته ومن ذكر معه في قوله: فللّه وللرسول ولذي القربى أي من بني هاشم وبني المطلب واليتامى وهم أطفال المسلمين الذين هلك آباؤهم وهم فقراء والمساكين وهم ذوو الحاجات من المسلمين وابن السبيل وهو المنقطع في سفره من المسلمين على ما كان يقسمه عليه الصلاة والسلام من أن لكلٍّ منهم خمس الخمس وله عليه الصلاة والسلام الباقي وهو أربعة أخماس وخمس الخمس فهي أحد وعشرون سهمًا يفعل فيها ما يشاء (ينفق على أهله منها نفقة سنته) تطييبًا لقلوبهم وتشريعًا للأمة ولا يعارضه حديث أنه -صلّى اللّه عليه وسلّم- كان لا يدّخر شيئًا لغد لأنه كان قبل السعة أو لا يدّخر لنفسه بخصوصها (ثم يجعل ما بقي) بعد (في السلاح) ما يقاتل به الكفار كالسيف وغيره من آلات الحديد (والكراع) بضم الكاف الخيل (عدة) بضم العين يستعان بها (في سبيل الله) وأما بعده -صلّى اللّه عليه وسلّم- فيصرف ما كان له من خمس الخمس لمصالحنا كسدّ ثغور وقضاة وعلماء والأخماس الأربعة للمرتزقة وهم المرصدون للجهاد بتعيين الإمام لهم، وقال المالكية: لا يخمس الفيء بل هو موكول إلى اجتهاد الإمام، واستدلوا بهذا الحديث، واستدلّ الشافعية بآية: {ما أفاء الله على رسوله} [الحشر: 7] الآية
وهي وإن لم يكن فيها تخميس فإنه مذكور في آية الغنيمة فحمل المطلق على المقيد.
وهذا الحديث ذكره في الجهاد والخمس والمغازي). [إرشاد الساري: 7/375-376]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {وما آتاكم الرّسول فخذوه} [الحشر: 7]
- حدّثنا محمّد بن يوسف، حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه، قال: «لعن اللّه الواشمات والموتشمات، والمتنمّصات والمتفلّجات، للحسن المغيّرات خلق اللّه» فبلغ ذلك امرأةً من بني أسدٍ يقال لها أمّ يعقوب، فجاءت فقالت: إنّه بلغني عنك أنّك لعنت كيت وكيت، فقال: وما لي ألعن من لعن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، ومن هو في كتاب اللّه، فقالت: لقد قرأت ما بين اللّوحين، فما وجدت فيه ما تقول، قال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، أما قرأت: {وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر: 7]؟ قالت: بلى، قال: فإنّه قد نهى عنه، قالت: فإنّي أرى أهلك يفعلونه، قال: فاذهبي فانظري، فذهبت فنظرت، فلم تر من حاجتها شيئًا، فقال: لو كانت كذلك ما جامعتها
- حدّثنا عليٌّ، حدّثنا عبد الرّحمن، عن سفيان، قال: ذكرت لعبد الرّحمن بن عابسٍ، حديث منصورٍ، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، قال: «لعن اللّه الواصلة» ، فقال: سمعته من امرأةٍ يقال لها أمّ يعقوب، عن عبد اللّه مثل حديث منصورٍ). [صحيح البخاري: 6/147-148]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب وما آتاكم الرّسول فخذوه)
أي وما أمركم به فافعلوه لأنّه قابله بقوله وما نهاكم عنه فانتهوا
- قوله عن عبد الله هو بن مسعودٍ قال لعن اللّه الواشمات سيأتي شرحه في كتاب اللّباس قوله فبلغ ذلك امرأةٍ من بني أسدٍ يقال لها أمّ يعقوب لا يعرف اسمها وقد أدركها عبد الرّحمن بن عابس كما في الطّريق الّتي بعده قوله أما قرأت وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا قالت بلى قال فإنّه أي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قد نهى بفتح الهاء وإنّما ضبطت هذا خشية أن يقرأ بضمّ النّونٍ وكسر الهاء على البناء للمجهول على أنّ الهاء في إنّه ضمير الشّأن لكنّ السّياق يرشد إلى ما قرّرته وفي هذا الجواب نظرٌ لأنّها استشكلت اللّعن ولا يلزم من مجرّد النّهي لعن من لم يمتثل لكن يحمل على أنّ المراد في الآية وجوب امتثال قول الرّسول وقد نهى عن هذا الفعل فمن فعله فهو ظالمٌ وفي القرآن لعن الظّالمين ويحتمل أن يكون بن مسعودٍ سمع اللّعن من النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كما في بعض طرقه قوله أهلك يفعلونه هي زينب بنت عبد اللّه الثّقفيّة قوله فلم تر من حاجتها شيئًا أي من الّذي ظنت أن زوج بن مسعودٍ تفعله وقيل كانت المرأة رأت ذلك حقيقة وإنّما بن مسعودٍ أنكر عليها فأزالته فلهذا لمّا دخلت المرأة لم تر ما كانت رأت قبل ذلك قوله ما جامعتها يحتمل أن يكون المراد بالجماع الوطء أو الاجتماع وهو أبلغ ويؤيّده قوله في رواية الكشميهنيّ ما جامعتنا وللإسماعيليّ ما جامعتني واستدلّ بالحديث على جواز لعن من اتّصف بصفةٍ لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من اتّصف بها لأنّه لا يطلق ذلك إلّا على من يستحقّه وأمّا الحديث الّذي أخرجه مسلمٌ فإنّه قيّد فيه بقوله ليس بأهلٍ أي عندك لأنّه إنّما لعنه لمّا ظهر له من استحقاقه وقد يكون عند اللّه بخلاف ذلك فعلى الأوّل يحمل قوله فاجعلها له زكاةً ورحمةً وعلى الثّاني فيكون لعنه زيادةً في شقوته وفيه أنّ المعين على المعصية يشارك فاعلها في الإثم). [فتح الباري: 8/630-631]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ: {وما آتاكم الرّسول فخذوه} (الحشر: 7)

أي: هذا باب في قوله عز وجل: {وما آتاكم الرّسول فخذوه} أي: ما أمركم به الرّسول فافعلوه.

- حدّثنا محمّد بن يوسف حدّثنا سفيان عن منصورٍ عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال لعن الله الواشمات والموتشمات والمتنمّصات والمتفلّجات للحسن المغيّرات خلق الله فبلغ ذلك امرأةً من بني أسدٍ يقال لها أمّ يعقوب فجاءت فقالت إنّه بلغني أنّك لعنت كيت وكيت فقال ومالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن في كتاب الله فقالت لقد قرأت ما بين اللّوحين فما وجدت فيه ما تقول قال لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه أمّا قرأت وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا قالت بلى قال فإنّه قد نهى عنه قالت فإنّي أرى أهلك يفعلونه قال فاذهبي فانظري فذهبت فنظرت فلم تر من حاجتها شيئا فقال لو كانت كذلك ما جامعتنا.
مطابقته للتّرجمة في قوله: أما قرأت: {وما آتاكم الرّسول فخذوه} (الحشر: 7) وسفيان هو ابن عيينة. ومنصور هو ابن المعتمر، وإبراهيم هو النّخعيّ، وعلقمة هو ابن قيس، وعبد الله هو ابن مسعود.
والحديث أخرجه البخاريّ في اللباس عن محمّد بن المثنى وعن محمّد بن مقاتل وعن عثمان وعن إسحاق وعن محمّد بن بشار، وفي التّفسير أيضا عن عليّ بن عبد الله. وأخرجه مسلم في اللباس عن عثمان وغيره. وأخرجه أبو داود في التّرجّل عن محمّد بن عيسى وعثمان وأخرجه التّرمذيّ في الاستئذان عن أحمد بن منيع، وأخرجه النّسائيّ في الزّينة عن محمّد بن بشار وغيره وفي التّفسير عن محمّد بن رافع. وأخرجه ابن ماجه في النّكاح عن حفص بن عمر وغيره.
قوله: (الواشمات) ، جمع واشمة من الوشم وهو غرز إبرة أو مسلة ونحوهما: في ظهر الكفّ أو المعصم أو الشّفة وغير ذلك من بدن المرأة حتّى يسيل منه الدّم ثمّ يحشى ذلك الموضع بكحل أو نورة أو نيلة. ففاعل هذا واشم وواشمة والمفعول بها موشومة. فإن طلبت فعل ذلك فهي مستوشمة وهو حرام على الفاعل والمفعول بها باختيارها والطالبة له فإن فعل بطفلة فالإثم على الفاعلة لا على الطفلة لعدم تكليفها حينئذٍ. وقال النّوويّ: قال أصحابنا: الموضع الّذي وشم يصير نجسا فإن أمكن إزالته بالعلاج وجبت إزالته وإن لم يمكن إلاّ بجرح فإن خاف منه التّلف أو فوات عضو أو منفعة عضو أو شيئا فاحشا في عضو ظاهر لم تجب إزالته، وإذا تاب لم يبق عليه إثم وإن لم يخف شيئا من ذلك ونحوه لزمه إزالته ويعصى بتأخيره، وسواء في هذا كله الرجل والمرأة. قوله: (والمؤتشمات) ، جمع مؤتشمة، وهي الّتي يفعل فيها الوشم. قوله: (والمتنمّصات) ، جمع متتمصة من التنمص بتاء مثناة من فوق، ثمّ نون وصاد مهملة وهو إزالة الشّعر من الوجه مأخوذ من النماص بكسر الميم الأولى وهو المنقاش، والمنتمصة هي الطالبة إزالة شعر وجهها، والنامصة هي الفاعلة ذلك يعني المزيلة، وعن ابن الجوزيّ: بعضهم يقول: المنتمصة بتقديم النّون والّذي ضبطناه عن أشياخنا في كتاب أبي عبيدة تقديم التّاء مع التّشديد. قال النّوويّ: وهو حرام إلاّ إذا نبتت للمرأة لحية أو شوارب فلا يحرم بل يستحبّ عندنا. والنّهي إنّما هو في الحواجب وما في أطراف الوجه، وقال ابن حزم: لا يجوز حلق لحيتها ولا عنفقتها ولا شاربها ولا تغيير شيء من خلقها بزيادة ولا نقص. قوله: (المتلفجات) ، جمع متفلجة بالفاء والجيم من التفلج وهو برد الأسنان الثنايا والرباعيات مأخوذ من الفلج بفتح الفاء واللّام وهي فرجة بين الثنايا والرباعيات. قوله: (للحسن) ، يتعلّق بالمتفلجات أي: لأجل الحسن، قيد به لأن الحرام منه هو المفعول لطلب الحسن، أما إذا احتيج إليه لعلاج أو عيب في السن ونحوه فلا بأس به، وقال النّوويّ: يفعل ذلك العجوز وشبهها إظهارًا للصغر وحسن الأسنان، وهذا الفعل حرام على الفاعلة والمفعول بها. قوله: (المغيرات خلق الله) ، يشمل ما ذكر قبله ولذلك قال: المغيرات بدون الواو: لأن ذلك كله تغيير لخلق الله تعالى وتزوير وتدليس، وقيل: هذا صفة لازمه للتفلج. قوله: (أم يعقوب) لم أقف على اسمها. قوله: (من لعن) مفعول (لا العن) فيه دليل على جواز الاقتداء به في إطلاق اللّعن معينا كان أو غير معين لأن الأصل أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يلعن إلاّ من يستحق ذلك عنده. فإن قلت: يعارضه قوله: اللّهمّ ما من مسلم سبيته أو لعنته وليس لذلك بأهل فاجعل له ذلك كفّارة وطهورًا. قلت: لا يعارضه لأنّه عنده مستحقّ لذلك، وأما عند الله عز وجل فالأمر موكول إليه يفهم من قوله وليس لذلك بأهل، يعني: في علمك لا في علمي، أما أن يتوب ممّا صدر منه أو يقلع عنه، وإن علم الله منه خلاف ذلك كان دعاؤه صلى الله عليه وسلم عليه زيادة في شقوته. قوله: (ومن هو في كتاب الله) معطوف على من (لعن) وتقديره: ما لي لا العن من هو في كتاب الله ملعون، قيل: أين في القرآن لعنتهن؟ أجيب: بأن فيه وجوب الانتهاء عمّا نهاه الرّسول لقوله تعالى: {وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} (الحشر: 7) وقد نهى عنه. ففاعله ظالم، وقال الله تعالى: {إلّا لعنة الله على الظّالمين} (هود: 81) قوله: (قرأت ما بين اللّوحين) أي: القرآن أو أرادت باللوحين الّذي يسمى بالرجل ويوضع المصحف عليه فهو كناية أيضا عن القرآن وقال إسماعيل القاضي: وكانت قارئة للقرآن. قوله: (إن كنت قرأتيه) ويروى: قرأته، وهو الأصل، ووجه الأول أن فيه إشباع الكسرة بالياء. قوله: (فإنّي أرى أهلك يفعلونه) أرادت بها زينب بنت عبد الله الثقفية. قوله: (فلم تر من حاجتها شيئا) أي: فلم تر أم يعقوب من الّذي ظننت أن زوج ابن مسعود كانت تفعله. قوله: (فقال: لو كانت كذلك) أي: فقال ابن مسعود: لو كانت زوجي تفعل ذلك كما ذكرته. قوله: (ما جامعتنا) جواب: لو. أي: ما صاحبتنا بل كنّا نطلقها ونفارقها. وفي رواية الإسماعيليّ: ما جامعتني، وفي رواية الكشميهني: ما جامعتها من الجماع، كناية عن إيقاع الطّلاق.

- حدّثنا عليٌّ حدّثنا عبد الرّحمان عن سفيان قال ذكرت لعبد الرّحمان بن عابسٍ حديث منصورٍ عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة فقال سمعته من امرأةٍ يقال لها أمّ يعقوب عن عبد الله مثل حديث منصورٍ..
عليّ هو ابن عبد الله بن المدينيّ، وعبد الرّحمن هو ابن المهدي البصريّ، وسفيان هو الثّوريّ، وعبد الرّحمن بن عابس بالمهملتين وبالياء الموحدة الكوفي.
قوله: (الواصلة) هي الّتي تصل شعرها بشعر آخر تكثره به، وهي الفاعلة، والمستوصلة هي الطالبة. قال القرطبيّ: هو نص في تحريم ذلك، وهو قول مالك وجماعة من العلماء، ومنعوا الوصل بكل شيء من الصّوف أو الخرق وغيرها لأن ذلك كله في معنى الوصل بالشعر ولعموم النّهي وسد الذريعة، وشذ اللّيث بن سعد فأجاز وصله بالصوف وما ليس بشعر، وهو محجوج بما تقدم، وأباح آخرون وضع الشّعر على الرّأس، وقالوا: إنّما نهى عن الوصل خاصّة وهي ظاهرية محضة وإعراض عن المعنى، وشذ قوم فأجازوا الوصل مطلقًا وتأولوا الحديث على غير وصل الشّعر، وهو قول باطل، وقد روي عن عائشة، رضي الله تعالى عنها، ولم يصح عنها ولا يدخل في هذا النّهي ما يربط من الشّعر بخيوط الشّعر الملونة ونحوها ممّا لا يشبه الشّعر لأنّه ليس منهيّا عنه. إذ ليس هو بوصل إنّما هو للتجمل والتحسن. وقال النّوويّ: فصله أصحابنا إن وصلته بشعر الآدميّ فهو حرام بلا خلاف سواء كان من رجل أو امرأة لعموم الأحاديث، ولأنّه يحرم الانتفاع بشعر الآدميّ وسائر أجزائه لكرامته بل يدفن شعره وظفره وسائر أجزائه، وإن وصلته بشعر غير الآدميّ فإن كان نجسا من ميتة أو شعر ما لا يؤكل لحمه إذا انفصل في حياته فهو حرام أيضا، ولأنّها حاملة نجاسة في صلاتها وغيرها عمدا، وسواء في هذين النّوعين المزوجة وغيرها من النّساء والرّجال، وأما الشّعر الطّاهر فإن لم يكن لها زوج ولا سيد فهو حرام أيضا وإن كان فثلاثة أوجه: أحدها: لا يجوز لظاهر الحديث. الثّاني: يجوز، وأصحها عندهم إن فعلته بإذن السّيّد أو الزّوج جاز، وإلاّ فهو حرام). [عمدة القاري: 19/224-226]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {وما آتاكم الرّسول فخذوه}
هذا (باب) بالتنوين أي في قوله تعالى: ({وما آتاكم الرسول}) وما أعطاكم من الفيء أو أمر ({فخذوه}) [الحشر: 7] لأنه حلال لكم أو فتمسكوا به لأنه واجب الطاعة وسقط لفظ باب لغير أبي ذر.
- حدّثنا محمّد بن يوسف، حدّثنا سفيان عن منصورٍ عن إبراهيم عن علقمة، عن عبد اللّه قال: لعن اللّه الواشمات والموتشمات والمتنمّصات والمتفلّجات للحسن، المغيّرات خلق اللّه. فبلغ ذلك امرأةً من بني أسدٍ يقال لها أمّ يعقوب فجاءت فقالت: إنّه بلغني أنّك لعنت كيت وكيت، فقال: وما لي لا ألعن من لعن رسول اللّه، ومن هو في كتاب اللّه، فقالت: لقد قرأت ما بين اللّوحين، فما وجدت فيه ما تقول. فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه: أما قرأت: {وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} قالت: بلى: قال: فإنّه قد نهى عنه. قالت: فإنّي أرى أهلك يفعلونه، قال: فاذهبي فانظري، فذهبت فنظرت فلم تر من حاجتها شيئًا. فقال: لو كانت كذلك ما جامعتنا. [الحديث 4886 - أطرافه في: 4887، 5931، 5939، 5943، 5948].
وبه قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) البيكندي قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن إبراهيم) النخعي (عن علقمة) بن قيس (عن عبد الله) بن مسعود -رضي الله عنه- أنه (قال: لعن الله الواشمات) بالشين المعجمة جمع واشمة فاعلة الوشم وهو أن يغرز عضو من الإنسان بنحو الإبرة حتى يسيل الدم ثم يحشى بنحو كحل فيصير أخضر (والموتشمات) جمع موتشمة التي يفعل بها ذلك وهذا الفعل حرام على الفاعل والمفعول به اختيارًا ويصير موضعه نجسًا تجب إزالته إن أمكن بالعلاج فإن لم يكن إلا بجرح يخاف منه التلف أو فوات عضو أو منفعة أو شين فاحش في عضو ظاهر فلا ولا يصح الاقتداء به ما دام الوضم باقيًا وكان الوشم متعديًا أو أمكنه إزالته من غير ضرر، وقال الحنفية: تصح القدوة به وإن كان متمكّنًا من إزالته (و) لعن (المتنمصات) بضم الميم الأولى وكسر الثانية مشددة بينهما فوقية فنون والصاد مهملة جمع متنمصة الطالبة إزالة شعر وجهها بالنتف ونحوه وهو حرام إلا ما ينبت بلحية المرأة أو أشار بها فلا بل يستحب (والمتفلجات) بالفاء والجيم جمع متفلجة وهي التي تفرق ما بين ثناياها بالمبرد إظهارًا للصغر وهي عجوز لأن ذلك يكون للصغار غالبًا وذلك حرام (للحسن) أي لأجل التحسين لما فيه من التزوير فلو احتاجت إليه لعلاج أو عيب في السن فلا، ويجوز أن تتعلق اللام بالأفعال المذكورة والأظهر تعلقها بالأخير (المغيرات خلق الله) كالتعليل لوجوب اللعن وهو صفة لازمة لمن تصنع الوشم والنمص والفلج (فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب). قال الحافظ ابن حجر: لا يحرف اسمها وقد أدركها عبد الرحمن بن عباس كما في الطريق التي بعد (فجاءت) إلى ابن مسعود (فقالت) له: (أنه بلغني أنك) ولأبي ذر: عنك أنك (لعنت كيت وكيت) تعني الواشمات الخ. (فقال) ابن مسعود لها: (وما لي لا ألعن من لعن رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- ومن هو في كتاب الله) عطف على من لعن أي ما لي لا ألعن من هو في كتاب الله ملعون لأن فيه وجوب الانتهاء عما نهاه الرسول لقوله: {وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر: 7] ففاعل ذلك ظالم، وقد قال الله تعالى: {ألا لعنة الله على الظالمين} [هود: 18]. (فقالت) أم يعقوب: (لقد قرأت ما بين اللوحين) دفّتي المصحف وكانت قارئة للقرآن (فما وجدت فيه ما تقول) من اللعن (فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه) فيه وإثبات الباء في قرأتيه ووجدتيه لغة، والأفصح حذفها في خطاب المؤنث في الماضي لكنها تولدت من إشباع كسر التاء واللام في لئن موطئة للقسم والثانية لجوابه الذي سدّ مسدّ جواب الشرط (أما قرأت) بتخفيف الميم قوله تعالى: ({وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} قالت: بلى) قرأته (قال) ابن مسعود (فإنه) -صلّى اللّه عليه وسلّم- (قد نهى عنه) بفتح الهاء وهذه الآية وإن كان سبب نزولها أموال الفيء فلفظها عام يتناول كل ما أمر به الشارع عليه الصلاة والسلام أو نهى عنه. ولذا استنبط ابن مسعود منها ذلك، ويحتمل أن يكون سمع اللعن من النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- كما في بعض طرق الحديث.
(قالت) أم يعقوب لابن مسعود: (فإني أرى أهلك) زينب بنت عبد الله الثقفية (يفعلونه) ولمسلم فقالت: إني أرى شيئًا من هذا على امرأتك (قال) ابن مسعود لها: (فاذهبي) إلى أهلي (فانظري فذهبت) إليها (فنظرت فلم تر) بها (من حاجتها) التي ظنت أن زوج ابن مسعود كانت تفعله (شيئًا) فعادت إليه وأخبرته (فقال: لو كانت) أي زينب (كذلك) تفعل الذي ظننته (ما جامعتنا) بفتح الميم والعين وسكون الفوقية ما صاحبتنا، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ما جامعتها
أي ما وطئتها وكلاهما كناية عن الطلاق.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في اللباس.
- حدّثنا عليٌّ، حدّثنا عبد الرّحمن عن سفيان، قال: ذكرت لعبد الرّحمن بن عابسٍ حديث منصورٍ عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللّه -رضي الله عنه- قال: لعن رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- الواصلة، فقال: سمعته من امرأةٍ، يقال لها أمّ يعقوب عن عبد اللّه مثل حديث منصورٍ.
وبه قال: (حدّثنا علي) هو ابن عبد الله المديني قال: (حدّثنا عبد الرحمن) بن مهدي البصري (عن سفيان) الثوري أنه (قال: ذكرت لعبد الرحمن بن عابس) بعين مهملة فألف فموحدة مكسورة فسين مهملة الكوفي (حديث منصور) هو ابن المعتمر (عن إبراهيم) النخعي (عن علقمة) بن قيس (عن عبد الله) بن مسعود (-رضي الله عنه-) أنه (قال: لعن رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-) ولأبي ذر: لعن الله بدل رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- (الواصلة) التي تصل شعرها بآخر تكثره به فإن كان الذي يتصل به شعر آدمي فحرام اتفاقًا لحرمة الانتفاع به كسائر أجزائه لكرامته بل يدفن وإن كان من غيره فإن كان نجسًا من ميتة أو انفصل حيًّا مما لا يؤكل فحرام لنجاسته وإن كان طاهرًا وأذن الزوج فيه جاز وإلاّ فلا.
(فقال): أي عبد الرحمن بن عابس (سمعته من امرأة يقال لها أم يعقوب عن عبد الله) بن مسعود (مثل حديث منصور) أي ابن المعتمر السابق). [إرشاد الساري: 7/376-377]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (الواصلة) هي التي تصل شعرها بآخر). [حاشية السندي على البخاري: 3/73]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (ذي القربى
- أخبرنا عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا جرير بن حازمٍ، عن قيس بن سعدٍ، عن يزيد بن هرمز، قال: كتب نجدة إلى ابن عبّاسٍ يسأله عن أشياء، فشهدت ابن عبّاسٍ حين قرأ كتابه، وحين كتب إليه: «إنّك سألت عن سهم ذي القربى الّذي ذكره الله، من هم؟، وإنّا كنّا نرى أنّ قرابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هم نحن»، فأبى ذلك علينا قومنا). [السنن الكبرى للنسائي: 10/292]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {وما آتاكم الرّسول فخذوه}
- أخبرنا أحمد بن سعيدٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: أخبرنا منصور بن حيّان، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عمر، وابن عبّاسٍ، أنّهما شهدا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه نهى عن الدّبّاء، والحنتم، والنّقير، والمزفّت، ثمّ تلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية {وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر: 7]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/293]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {وما نهاكم عنه فانتهوا}
- أخبرنا محمّد بن رافعٍ، ومحمّد بن عبد الله بن المبارك، عن يحيى بن آدم، قال: حدّثنا المفضّل بن مهلهلٍ، عن منصورٍ، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: «لعن الله الواشمات، والموشومات، والمتنمّصات، والمتفلّجات للحسن، المغيّرات خلق الله»، فبلغت امرأةً من بني أسدٍ يقال لها أمّ يعقوب، فأتته فقالت: بلغني أنّك لعنت كيت وكيت؟، قال: «ألا ألعن من لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو في كتاب الله»، قالت: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف، فما وجدته؟، قال: " لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، أما وجدت {وما آتاكم الرّسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر: 7] ؟ "، قالت: بلى، وإنّي أظنّ أهلك يفعلون بعض ذلك، فقال: «ادخلي فانظري»، فدخلت ثمّ خرجت، قالت: ما رأيت شيئًا، قال: «لو فعلته لم تجامعنا»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/293]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فللّه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل كي لا يكون دولةً بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتّقوا اللّه إنّ اللّه شديد العقاب}.
يعني بقوله جلّ ثناؤه: ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى الّذي ردّ اللّه عزّ وجلّ على رسوله من أموال مشركي القرى.
واختلف أهل العلم في الّذي عنى بهذه الآية من الأموال، فقال بعضهم: عني بذلك الجزية والخراج.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن أيّوب، عن عكرمة بن خالدٍ، عن مالك بن أوس بن الحدثان، قال: قرأ عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه: {إنّما الصّدقات للفقراء والمساكين} حتّى بلغ {عليمٌ حكيمٌ} ثمّ قال: هذه لهؤلاء، ثمّ قال: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول ولذي القربى}. الآية، ثمّ قال: هذه الآية لهؤلاء، ثمّ قرأ: {ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى} حتّى بلغ {للفقراء} {والّذين تبوّءوا الدّار} {والّذين جاءوا من بعدهم} ثمّ قال: استوعبت هذه الآية المسلمين عامّةً، فليس أحدٌ إلاّ له فيها حقٌّ، ثمّ قال: لئن عشت ليأتينّ الرّاعي وهو بسروحمير نصيبه، لم يعرق فيها جبينه.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، قال: حدّثنا معمرٌ، في قوله: {ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى}. قال: بلغني إنّها الجزية، والخراج: خراج أهل القرى.
وقال آخرون: عنى بذلك الغنيمة الّتي يصيبها المسلمون من عدوّهم من أهل الحرب بالقتال عنوةً.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن يزيد بن رومان، {ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فللّه وللرّسول}. ما يوجف عليه المسلمون بالخيل والرّكاب، وفتح بالحرب عنوةً {فللّه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل كي لا يكون دولةً بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}. قال: هذا قسمٌ آخر فيما أصيب بالحرب بين المسلمين على ما وضعه اللّه عليه.
وقال آخرون: عنى بذلك الغنيمة الّتي أوجف عليها المسلمون بالخيل والرّكاب، وأخذت بالغلبة، وقالوا: كانت الغنائم في بدوّ الإسلام لهؤلاء الّذين سمّاهم اللّه في هذه الآيات دون المرجفين عليها، ثمّ نسخ ذلك بالآية الّتي في سورة الأنفال.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فللّه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل}. قال: كان الفيء في هؤلاء، ثمّ نسخ ذلك في سورة الأنفال، فقال: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل}. فنسخت هذه ما كان قبلها في سورة الحشر، وجعل الخمس لمن كان له الفيء في سورة الحشر، وكانت الغنيمة تقسم خمسة أخماسٍ، فأربعة أخماسٍ لمن قاتل عليها، ويقسم الخمس الباقي على خمسة أخماسٍ، فخمسٌ للّه وللرّسول، وخمسٌ لقرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في حياته، وخمسٌ لليتامى، وخمسٌ للمساكين، وخمسٌ لابن السّبيل؛ فلمّا قضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وجّه أبو بكرٍ وعمر رضي اللّه عنهما هذين السّهمين: سهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وسهم قرابته، فحملا عليه في سبيل اللّه صدقةً عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال آخرون: عنى بذلك: ما صالح عليه أهل الحرب المسلمين من أموالهم، وقالوا قوله: {ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فللّه وللرّسول} الآيات، بيان قسم المال الّذي ذكره اللّه في الآية الّتي قبل هذه الآية، وذلك قوله: {وما أفاء اللّه على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولا ركابٍ} وهذا قولٌ كان يقوله بعض المتفقّهة من المتأخّرين.
والصّواب من القول في ذلك عندي أنّ هذه الآية حكمها غير حكم الآية الّتي قبلها، وذلك أنّ الآية الّتي قبلها مالٌ جعله اللّه عزّ وجلّ لرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم خاصّةً دون غيره، لم يجعل فيه لأحدٍ نصيبًا، وبذلك جاء الأثر عن عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الزّهريّ، عن مالك بن أوس بن الحدثان، قال: أرسل إليّ عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه، فدخلت عليه، فقال: إنّه قد حضر أهل أبياتٍ من قومك وإنّا قد أمرنا لهم برضخٍ، فاقسمه بينهم، فقلت: يا أمير المؤمنين مر بذلك غيري، قال: اقبضه أيّها المرء؛ فبينا أنا كذلك، إذ جاء يرفأ مولاه، فقال: عبد الرّحمن بن عوفٍ، والزّبير، وعثمان، وسعدٌ يستأذنون، فقال: ائذن لهم؛ ثمّ مكث ساعةً، ثمّ جاء فقال: هذا عليٌّ والعبّاس يستأذنان، فقال: ائذن لهما؛ فلمّا دخل العبّاس قال: يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا الغادر الخائن الفاجر، وهما جاءا يختصمان فيما أفاء اللّه على رسوله من أعمال بني النّضير، فقال القوم: اقض بينهما يا أمير المؤمنين، وأرح كلّ واحدٍ منهما من صاحبه، فقد طالت خصومتهما، فقال: أنشدكم اللّه الّذي بإذنه تقوم السّموات والأرض، أتعلمون أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لا نورث ما تركناه صدقةٌ قالوا: قد قال ذلك؛ ثمّ قال لهما: أتعلمان أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال ذلك؟ قالا: نعم؛ قال: فسأخبركم بهذا الفيء؛ إنّ اللّه خصّ نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم بشيءٍ لم يعطه غيره، فقال: {وما أفاء اللّه على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولا ركابٍ} فكانت هذه لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خاصّةً، فواللّه ما احتازها دونكم، ولا استأثر بها دونكم، ولقد قسمها عليكم حتّى بقي منها هذا المال، فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ينفق على أهله منه سنتهم، ثمّ يجعل ما بقي في مال اللّه.
فإذا كانت هذه الآية الّتي قبلها مضت، وذكر المال الّذي خصّ اللّه به رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، ولم يجعل لأحدٍ معه شيئًا، وكانت هذه الآية خبرًا عن المال الّذي جعله اللّه لأصنافٍ شتّى، كان معلومًا بذلك أنّ المال الّذي جعله لأصنافٍ من خلقه غير المال الّذي جعله للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم خاصّةً، ولم يجعل له شريكًا.
وقوله: {ولذي القربى} يقول: ولذي قرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من بني هاشمٍ وبني المطّلب. {واليتامى} وهم أهل الحاجة من أطفال المسلمين الّذين لا مال لهم. {والمساكين}: وهم الجامعون فاقةً وذلّ المسألة {وابن السّبيل}: وهم المنقطع بهم من المسافرين في غير معصية اللّه عزّ وجلّ.
وقد ذكرنا الرّواية الّتي جاءت عن أهل التّأويل بتأويل ذلك فيما مضى من كتابنا.
وقوله: {كي لا يكون دولةً بين الأغنياء منكم}. يقول جلّ ثناؤه: وجعلنا ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى لهذه الأصناف، كيلا يكون ذلك الفيء دولةً يتداوله الأغنياء منكم بينهم، يصرفه هذا مرّةً في حاجات نفسه، وهذا مرّةً في أبواب البرّ وسبل الخير، فيجعلون ذلك حيث شاءوا، ولكنّنا سننّا فيه سنّةً لا تغيّر ولا تبدّل.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الأمصار سوى أبي جعفرٍ القارئ: {كي لا يكون دولةً} نصبًا على ما وصفت من المعنى، أنّ في يكون ذكر الفيء. وقوله: {دولةً} نصب خبر يكون، وقرأ ذلك أبو جعفرٍ القارئ: (كي لا يكون دولةٌ) على رفع الدّولة مرفوعةً بيكون، والخبر قوله: {بين الأغنياء منكم} وبضمّ الدّال من {دولةً} قرأ جميع قرّاء الأمصار، غير أنّه حكي عن أبي عبد الرّحمن الفتح فيها.
وقد اختلف أهل المعرفة بكلام العرب في معنى ذلك، إذا ضمّت الدّال أو فتحت، فقال بعض الكوفيّين: معنى ذلك: إذا فتحت الدّولة وتكون للجيشين يهزم هذا هذا، ثمّ يهزم الهازم، فيقال: قد رجعت الدّولة على هؤلاء؛ قال: والدّولة برفع الدّال في الملك والسّنين الّتي تغيّر وتبدّل على الدّهر، فتلك الدّولة والدّول.
وقال بعضهم: فرق ما بين الضّمّ والفتح أنّ الدّولة: هي اسم الشّيء الّذي يتداول بعينه، والدّولة الفعل.
والقراءة الّتي لا أستجيز غيرها في ذلك: {كي لا يكون} بالياء {دولةً} بضمّ الدّال ونصب الدّولة على المعنى الّذي ذكرت في ذلك لإجماع الحجّة عليه، والفرق بين الدّولة والدّولة بضمّ الدّال وفتحها ما ذكرت عن الكوفيّ في ذلك.
وقوله: {وما آتاكم الرّسول فخذوه}. يقول تعالى ذكره: وما أعطاكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ممّا أفاء عليه من أهل القرى فخذوه وما نهاكم عنه من الغلول وغيره من الأمور فانتهوا. وكان بعض أهل العلم يقول نحو قولنا في ذلك غير أنّه كان يوجّه معنى قوله: {وما آتاكم الرّسول فخذوه} إلى ما آتاكم من الغنائم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن عوفٍ، عن الحسن، في قوله: {وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} قال: يؤتيهم الغنائم ويمنعهم الغلول.
وقوله: {واتّقوا اللّه} يقول: وخافوا اللّه، واحذروا عقابه في خلافكم على رسوله بالتّقدّم على ما نهاكم عنه، ومعصيتكم إيّاه. {إنّ اللّه شديد العقاب}. يقول: إنّ اللّه شديدٌ عقابه لمن عاقبه من أهل معصيته لرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم). [جامع البيان: 22/515-522]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوبيّ، ثنا سعيد بن مسعودٍ، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ منصور بن حيّان، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عمر، وابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهم، أنّهما شهدا على رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، أنّه " نهى عن الدّبّاء والنّقير والحنتم والمزفّت، ثمّ تلا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم {ما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر: 7] «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه بهذه الزّيادة»). [المستدرك: 2/525]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (د) عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: قال: إنّ أموال بني النّضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة - قرى: عرينة، وفدك وكذا وكذا - ينفق على أهله منها نفقة سنتهم، ثمّ يجعل ما بقي في السّلاح، والكراع عدّة في سبيل الله، وتلا {ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فللّه وللرسول... } الآية، [الحشر: 7] وقال: استوعبت هذه هؤلاء، وللفقراء الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم، والذين تبوّءوا الدار والإيمان من قبلهم، والذين جاءوا من بعدهم، فاستوعبت هذه النّاس، فلم يبق أحدٌ من المسلمين، إلا له فيها حّظٌ وحقٌّ، إلا بعض من تملكون من أرقّائكم. أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
(أرقائكم) الأرقاء: العبيد والإماء، وقوله: «إلا بعض من تملكون من أرقائكم» أراد به: أرقاء مخصوصين، وذلك «أن عمر رضي الله عنه كان يعطي ثلاثة مماليك لبني غفار شهدوا بدراً، لكل واحد منهم في كل سنة ثلاثة آلاف درهم». قال أبو عبيد: أحسبه إنما أراد بهذا الاستثناء: هؤلاء المماليك الثلاثة حيث شهدوا بدراً.
وقيل: أراد: جميع المماليك، وإنما استثنى من جملة المسلمين بعضاً من كل، فكان ذلك منصرفاً إلى جنس المماليك، وقد يوضع البعض موضع الكل، حتى قيل: إنه من الأضداد). [جامع الأصول: 2/383-384]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب}
قال: أمر الله رسوله بالسير إلى قريظة والنضير وليس للمؤمنين يومئذ كثير خيل ولا ركاب فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكم فيه ما أراد ولم يكن يومئذ خيل ولا ركاب يوجف بها، قال: والإيجاف أن يوضعوا السير وهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكان من ذلك خيبر وفدك وقرى عربية وأمر الله رسوله أن يعد لينبع فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتواها كلها فقال أناس: هلا قسمها فأنزل الله عذره فقال: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول} إلى قوله: {شديد العقاب}). [الدر المنثور: 14/354-355] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى} قال: من قريظة جعله الله لمهاجرة قريش خصوا به). [الدر المنثور: 14/355]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر عن الزهري في قوله: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى} قال: بلغني أنها الجزية والخراج). [الدر المنثور: 14/355]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: كان ما أفاء الله على رسوله من خيبر نصف لله ورسوله والنصف الآخر للمسلمين فكان الذي لله ورسوله من ذلك الكتيبة والوطيخ وسلالة ووجدة وكان الذي للمسلمين الشق والشق ثلاثة عشر سهما ونطاه خمسة أسهم ولم يقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر لأحد من المسلمين إلا لمن شهد الحديبية ولم يأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد تخلف عنه عند مخرجه الحديبية أن يشهد معه خيبر إلا جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام الأنصاري). [الدر المنثور: 14/355-356]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود، وابن مردويه عن عمر بن الخطاب قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم صفايا بني النضير وخيبر وفدك فأما بنو النضير فكانت حبسا لنوائبه وأما فدك فكانت لابن السبيل وأما خيبر فجزأها ثلاثة أجزاء فقسم منها جزأين بين المسلمين وحبس جزءا لنفسه ولنفقة أهله فما فضل عن نفقة أهله رده على فقراء المهاجرين). [الدر المنثور: 14/356]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن النباري في المصاحف عن الأعمش قال: ليس بين مصحف عبد الله وزيد بن ثابت خلاف في حلال وحرام إلا في حرفين في سورة الأنفال (واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسة وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين، وابن السبيل) (سورة الأنفال الأية 41) وفي سورة الحشر {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين، وابن السبيل} والمهاجرين في سبيل الله). [الدر المنثور: 14/356-357]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين، وابن السبيل} قال: كان الفيء بين هؤلاء فنسختها الآية التي: في الأنفال فقال: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول والذي القربى واليتامى والمساكين، وابن السبيل) (الأنفال 41) فنسخت هذه الآية ما كان قبلها في سورة الحشر فجعل الخمس لمن كان له الفيء وصار ما بقي من الغنيمة لسائر الناس لمن قاتل عليها). [الدر المنثور: 14/357]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد في كتاب الأموال، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وأبو عوانة، وابن حبان، وابن مردويه عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: بعث إلي عمر بن الخطاب في الهاجرة فجئته فدخلت عليه فإذا هو جالس على سرير ليس بينه وبين رمل السرير فراش متكى ء على وسادة من أدم فقال: يا مالك إنه قدم علينا أهل أبيات من قومك وإني قد أمرت فيهم برضخ فخذه فأقسمه بينهم، فقلت: يا أمير المؤمنين أنهم قومي وأنا أكره أن أدخل بهذا عليهم فمر به غيري، فإني لا راجعه [ لأراجعه ] في ذلك إذ جاءه يرفا [ يرفأ ] غلامه فقال: هذا عثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله والزبير وعبد الرحمن بن عوف فأذن لهم فدخلوا ثم جاءه يرفا [ يرفأ ] فقال: هذا علي وعباس قال: ائذن لهما في الدخول فدخلا، فقال عباس: ألا تعديني على هذا فقال القوم: يا أمير المؤمنين اقض بين هذين وأرح كل واحد منهما من صاحبه فإن في ذلك راحة لك ولهما، فجلس عمر ثم قال: اتئدوا، وحسر عن ذراعيه ثم قال: أنشدكم بالله أيها الرهط هل سمعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنا لا نورث ما تركنا صدقة إن الأنبياء لا تورث فقال القوم: نعم قد سمعنا ذاك، ثم أقبل على علي وعباس فقال: أنشدكما بالله هل سمعتما رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذاك قالا: نعم، فقال عمر: ألا أحدثكم عن هذا الأمر إن الله خص نبيه من هذا الفيء بشيء لم يعطه غيره يريد أموال بني النضير كانت نفلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لأحد فيها حق معه فوالله ما احتواها دونكم ولا استأثر بها عليكم لقد قسمها فيكم حتى كان منها هذا المال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخر منه قوت أهله لسنتهم ويجعل ما بقي في سبيل المال حتى توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم فقام أبو بكر فقال: أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم أعمل بما كان يعمل وأسير بسيرته في حياته فكان يدخر من هذا المال قنية أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم لسنتهم ويجعل ما بقي في سبل المال كما كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوليها أبو بكر حياته حتى توفي أبو بكر قلت: أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي أبي بكر أعمل بما كانا يعملان به في هذا المال فقبضتها فلما أقبلتما علي وأدبرتما وبدا لي أن أدفعها إليكما أخذت عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به فيها وأبو بكر وأنا حتى دفعتها إليكما، أنشدكم الله أيها الرهط هل دفعتها إليهما بذلك قالوا: اللهم نعمز ثم أقبل عليهما فقال: أنشدكما بالله هل دفعتها إليكما بذلك قالا: نعم قال: فقضاء غير ذلك تلتمسان مني فلا والله لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة فإن كنتما عجزتما عنها فأدياها إلي ثم قال عمر: إن الله قال: {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير} فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى} إلى آخر الآية {واتقوا الله إن الله شديد العقاب} ثم قال: والله ما أعطاها هؤلاء وحدهم حتى قال: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون} ثم والله ما جعلها لهؤلاء وحدهم حتى قال: {والذين تبوؤوا الدار والإيمان} إلى {المفلحون} ثم والله ما أعطاها لهؤلاء وحدهم حتى قال: {والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا} إلى قوله: {رحيم} فقسمها هذا القسم على هؤلاء الذين ذكر، قال عمر: لئن بقيت ليأتين الرويعي بصنعاء حقه ودمه في وجهه). [الدر المنثور: 14/357-360]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيدة، وابن زنجويه معا في الأموال، وعبد بن حميد وأبو داود وفي ناسخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: قرأ عمر بن الخطاب {إنما الصدقات للفقراء والمساكين} حتى بلغ {عليم حكيم} ثم قال: هذه لهؤلاء ثم قرأ {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى} حتى بلغ {للفقراء المهاجرين} إلى آخر الآية فقال: هذه للمهاجرين ثم تلا {والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم} إلى آخر الآية فقال: هذه للأنصار ثم قرأ {والذين جاؤوا من بعدهم} إلى آخر الآية ثم قال: استوعبت هذه المسلمين عامة وليس أحد إلا له في هذا المال حق ألا ما تملكون من وصيتكم ثم قال: لئن عشت ليأتين الراعي وهو يسير حمره (هكذا في الأصل) نصيبه منها لم يعرق فيه جبينه). [الدر المنثور: 14/360-361]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن مردويه والبيهقي عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: اجتمعوا لهذا المال فأنظروا لمن ترونه ثم قال لهم: إني أمرتكم أن تجتمعوا لهذا المال فتنظروا لمن ترونه وإني قرأت آيات من كتاب الله فكفيتني سمعت الله يقول: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول} إلى قوله: {أولئك هم الصادقون} والله ما هو لهؤلاء وحدهم {والذين تبوؤوا الدار والإيمان} إلى قوله: {المفلحون} والله ما هو لهؤلاء وحدهم {والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا} إلى قوله: {رحيم} والله ما أحد من المسلمين إلا له حق في هذا المال أعطي منه أو منع عنه حتى راع بعدن). [الدر المنثور: 14/361]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن سعد، وابن أبي شيبة، وابن زنجويه في الأموال، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ما على وجه الأرض مسلم إلا وله في هذا المال حق إلا ما ملكت أيمانكم). [الدر المنثور: 14/362]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد والبيهقي في "سننه" عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال: قسم عمر ذات يوم قسما من المال فجعلوا يثنون عليه فقال: ما أحمقكم لو كان لي ما أعطيتكم منه درهما). [الدر المنثور: 14/362]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن أبي نجيح رضي الله عنه قال: المال ثلاثة: مغنم أو فيء أو صدقة، فليس منه درهم إلا بين الله موضعه). [الدر المنثور: 14/362]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوشك أن يملأ الله أيديكم من العجم ثم يجعلهم أسدا لا يفرون فيقتلون مقاتلتكم ويأكلون فيئكم). [الدر المنثور: 14/362]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن السائب بن يزيد سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: والذي لا إليه إلا هو ثلاثا ما من الناس أحد إلا له حق في هذا المال أعطيه أو منعه وما أحد أحق به من أحد إلى عبد مملوك وما أنا فيه إلا كأحدكم ولكنا على منازلنا من كتاب الله وقسمنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فالرجل وبلاؤه في الإسلام والرجل وقدمه في الإسلام والرجل غناه في الإسلام والرجل وحاجته في الإسلام والله لئن بقيت ليأتين الراعي بجبل صنعاء حظه من هذا المال وهو مكانه). [الدر المنثور: 14/363]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن الحسن رضي الله عنه قال: كتب عمر إلى حذيفة أن أعط الناس أعطيتهم وأرزاقهم فكتب إليه أنا قد فعلنا وبقي شيء كثير فكتب إليه عمر: إن فيأهم الذي أفاء الله عليهم ليس هو لعمر ولا لآل عمر اقسمه بينهم). [الدر المنثور: 14/363]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه} الآية.
أخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} قال: كان يؤتيهم الغنائم وينهاهم عن الغلول). [الدر المنثور: 14/364]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {وما آتاكم الرسول فخذوه} قال: من الفيء {وما نهاكم عنه فانتهوا} قال: من الفيء). [الدر المنثور: 14/364]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي اله عنه {وما آتاكم الرسول} من طاعتي وأمري {فخذوه وما نهاكم عنه} من معصيتي فانتهوا). [الدر المنثور: 14/364]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد والنسائي، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ألم يقل الله {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} قالوا: بلى قال: ألم يقل الله: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) (سورة الأحزاب الآية 36) الآية قال: فإني أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت). [الدر المنثور: 14/364]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه سمع ابن عمر، وابن عباس يشهدان على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}). [الدر المنثور: 14/365]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم، وابن المنذر، وابن مردويه عن علقمة رضي الله عنه قال: قال عبد الله بن مسعود: لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله، فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب فجاءت إليه فقالت: إنه بلغني أنك لعنت كيت وكيت قال: ومالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله، قالت: لقد قرأت ما بين الدفتين فما وجدت فيه شيئا من هذا قال: لئن كنت قرأته لقد وجدته أما قرأت {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} قالت: بلى قال: فإنه قد نهى عنه والله أعلم). [الدر المنثور: 14/365]

تفسير قوله تعالى: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) )
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (المهاجرون
- أخبرنا الحسين بن منصورٍ، قال: حدّثنا مبشّر بن عبد الله، قال: حدّثنا سفيان بن حسينٍ، عن يعلى بن مسلمٍ، عن جابر بن زيدٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمكّة، وإنّ أبا بكرٍ وعمر، وأصحاب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كانوا من المهاجرين، لأنّهم هجروا المشركين، وكان من الأنصار مهاجرون، لأنّ المدينة كانت دار شركٍ، فجاءوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلة العقبة»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/294]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {للفقراء المهاجرين الّذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من اللّه ورضوانًا وينصرون اللّه ورسوله أولئك هم الصّادقون}.
يقول تعالى ذكره: كيلا يكون ما أفاء اللّه على رسوله دولةً بين الأغنياء منكم، ولكن يكون للفقراء المهاجرين.
وقيل: عني بالمهاجرين: مهاجرة قريشٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {ما أفاء اللّه على رسوله}. من قريظة جعلها لمهاجرة قريشٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ وسعيد بن عبد الرّحمن بن أبزى، قالا: كان ناسٌ من المهاجرين لأحدهم الدّار والزّوجة والعبد والنّاقة يحجّ عليها ويغزو، فنسبهم اللّه إلى أنّهم فقراء، وجعل لهم سهمًا في الزّكاة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {للفقراء المهاجرين الّذين أخرجوا من ديارهم}. إلى قوله: {أولئك هم الصّادقون}. قال: هؤلاء المهاجرون تركوا الدّيار والأموال والأهلين والعشائر، خرجوا حبًّا للّه ولرسوله، واختاروا الإسلام على ما فيه من الشّدّة، حتّى لقد ذكر لنا أنّ الرّجل كان يعصب الحجر على بطنه ليقيم به صلبه من الجوع، وكان الرّجل يتّخذ الحفيرة في الشّتاء ما له دثارٌ غيرها.
وقوله: {الّذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم} وقوله: {يبتغون فضلاً من اللّه ورضوانًا}. موضع يبتغون نصبٌ، لأنّه في موضع الحال.
وقوله: {وينصرون اللّه ورسوله}. يقول: وينصرون دين اللّه الّذي بعث به رسوله محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقوله: {أولئك هم الصّادقون}. يقول: هؤلاء الّذين وصف صفتهم من الفقراء المهاجرين هم الصّادقون فيما يقولون). [جامع البيان: 22/522-524]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الصّفّار، ثنا أحمد بن يونس الضّبّيّ، ثنا أبو بدرٍ شجاع بن الوليد، ثنا عبد اللّه بن زبيدٍ، عن طلحة بن مصرّفٍ، عن مصعب بن سعدٍ، عن سعد بن أبي وقّاصٍ رضي اللّه عنه، قال: " النّاس على ثلاث منازل فمضت منهم اثنتان وبقيت واحدةٌ، فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة الّتي بقيت، ثمّ قرأ {للفقراء المهاجرين الّذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم} [الحشر: 8] الآية، ثمّ قال: هؤلاء المهاجرون وهذه منزلةٌ وقد مضت، ثمّ قرأ {والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبلهم} الآية، ثمّ قال: هؤلاء الأنصار وهذه منزلةٌ وقد مضت، ثمّ قرأ {والّذين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان} الآية، قال: فقد مضت هاتان المنزلتان وبقيت هذه المنزلة فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة الّتي بقيت «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/526]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال: وجدت المال قسم بين هذه الثلاثة الأصناف: المهاجرين والأنصار والذين جاؤوا من بعدهم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه مثل ذلك). [الدر المنثور: 14/363]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 8 - 9.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا} الآية قال: هؤلاء المهاجرون تركوا الديار والأموال والأهلين والعشائر وخرجوا حبا لله ولرسوله واختاروا الإسلام على ما كان فيه من شدة حتى لقد ذكر لنا أن الرجل كان يعصب الحجر على بطنه ليقيم به صلبه من الجوع وإن كان الرجل ليتخذ الحفر في الشتاء ما له دثار غيرها، قوله تعالى: {والذين تبوؤوا الدار والإيمان}). [الدر المنثور: 14/365-366]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وكان ابن عباس يقول في هذه الآية: {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا}، هم الأنصار، ذكر الذين قسم لهم من الخير ونعت سفاطة أنفسهم عند ما زوى عنهم فيء النضير وآثرتهم المهاجرين على أنفسهم، فجعل فيء النضير لقريش لم يشركهم فيه أحدٌ من الأنصار إلا رجلان: أبو دجانة الساعدي وسهل بن حنيف). [الجامع في علوم القرآن: 1/86]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسمعت الليث قال: {الشح}: ترك الفرائض وانتهاك المحارم، [وا = ... .. ] المال). [الجامع في علوم القرآن: 2/158] (م)
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا وكيعٌ، عن فضيل بن غزوان، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة، أنّ رجلاً من الأنصار آذنه ضيفٌ، فلم يكن عنده إلاّ قوته وقوت صبيانه، فقال لامرأته: نوّمي الصّبية وأطفئي السّراج، قال: فنزلت هذه الآية {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون}). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 220]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان}
- حدّثنا أحمد بن يونس، حدّثنا أبو بكرٍ يعني ابن عيّاشٍ، عن حصينٍ، عن عمرو بن ميمونٍ، قال: قال عمر رضي اللّه عنه: " أوصي الخليفة بالمهاجرين الأوّلين: أن يعرف لهم حقّهم، وأوصي الخليفة بالأنصار الّذين تبوّءوا الدّار والإيمان، من قبل أن يهاجر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أن يقبل من محسنهم، ويعفو عن مسيئهم "). [صحيح البخاري: 6/148]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان)
أي استوطنوا المدينة وقيل نزلوا فعلى الأوّل يختصّ بالأنصار وهو ظاهر قول عمر وعلى الثّاني يشملهم ويشمل المهاجرين السّابقين ذكر فيه طرفًا من قصّة عمر عند مقتله وقد تقدّم في المناقب). [فتح الباري: 8/631]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ: {والّذين تبوّؤوا الدّار والإيمان من قبلهم} (الحشر: 9)

أي: هذا باب في قوله عز وجل: {والّذين تبوؤا الدّار} أي: الّذين اتّخذوا المدينة دار الإيمان والهجرة وهم الأنصار أسلموا في ديارهم وابتنوا المساجد قبل قدومهم بسنتين، فأحسن الله تعالى الثّناء عليهم. قوله: {من قبلهم} أي: من قبل قدوم المهاجرين عليهم، وقد آمنوا {يحبون من هاجر إليهم} من المهاجرين.

- حدّثنا أحمد بن يونس حدّثنا أبو بكرٍ عن حصينٍ عن عمروٍ بن ميمونٍ قال: قال عمر رضي الله عنه أوصي الخليفة بالمهاجرين الأوّلين أن يعرف لهم حقهم وأوصي الخليفة بالأنصار {الّذين تبوّؤا الدّار والإيمان} من قبل أن يهاجر النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يقبل من محسنهم ويعفو عن مسيئهم.
مطابقته للتّرجمة في قوله: {الّذين تبوؤا الدّار والأيمان} (الحشر: 9) وأحمد بن يونس هو أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي الكوفي، وأبو بكر هو ابن عيّاش، على وزن فعال بتشديد الياء آخر الحروف وبالشين المعجمة المقري، وحصين بضم الحاء المهملة وفتح الصّاد المهملة وبالنون ابن عبد الرّحمن السّلميّ.
والحديث طرف من حديث طويل قد مضى في كتاب الجنائز في: باب قبر النّبي صلى الله عليه وسلم، فإنّه أخرجه هناك عن قتيبة عن جرير بن عبد الحميد عن حصين عن عمرو بن ميمون. الحديث.
قوله: (بالمهاجرين الأوّلين) هم الّذين صلوا إلى القبلتين. قاله أبو موسى الأشعريّ وابن المسيب، وقيل: هم الّذين أدركوا بيعة الرضوان. قاله الشّعبيّ وابن سيرين، فعلى القول الأول: هم الّذين هاجروا قبل تحويل القبلة سنة اثنتين من الهجرة، وعلى الثّاني: هم الّذين هاجروا قبل الحديبية. وقيل: هم الّذين شهدوا بدرًا. قوله: (الّذين تبوؤا الدّار والإيمان) ، هو مثل: علفتها تبنا وماء باردًا). [عمدة القاري: 19/226-227]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان}
هذا (باب) بالتنوين أي في قوله عز وجل: ({والّذين تبوّءوا الدّار}) المدينة ({والإيمان}) [الحشر: 9] أي ألفوه وهم الأنصار وسقط باب لغير أبي ذر.
- حدّثنا أحمد بن يونس، حدّثنا أبو بكرٍ يعني ابن عيّاشٍ عن حصينٍ، عن عمرو بن ميمونٍ قال: قال عمر رضي الله عنه أوصى الخليفة بالمهاجرين الأوّلين، أن يعرف لهم حقّهم. وأوصى الخليفة بالأنصار الّذين تبوّأوا الدّار والإيمان من قبل أن يهاجر النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- أن يقبل من محسنهم ويعفو عن مسيئهم.
وبه قال: (حدّثنا أحمد بن يونس) اليربوعي الكوفي ونسبه لجده لشهرته به واسم أبيه عبد الله قال: (حدّثنا أبو بكر يعني ابن عياش) المقرئ راوي عاصم، وسقط يعني ابن عياش لغير أبي ذر (عن حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين ابن عبد الرحمن السلمي الكوفي (عن عمرو بن ميمون) بفتح العين الأودي الكوفي أبي يحيى أنه (قال: قال عمر) بن الخطاب (رضي الله عنه) بعد أن طعنه أبو لؤلؤة العلج الطعنة التي مات منها (أوصي) أنا (الخليفة) من بعدي (بالمهاجرين الأوّلين) الذين هاجروا قبل بيعة الرضوان أو الذين صلوا إلى القبلتين أو الذين شهدوا بدرًا (أن يعرف لهم حقهم) بفتح همزة أن (وأوصي الخليفة) أيضًا (بالأنصار الذين تبوأوا الدار والإيمان) صفة للأنصار وضمن تبوأوا معنى لزموا فيصح عطف الإيمان عليه إذ الإيمان لا يتبوّأ أو هو نصب بمقدّر أي واعتقدوا أو تجوز في الإيمان، فجعل لاختلاطه بهم وثباتهم عليه كالمكان المحيط بهم وكأنهم نزلوه، وحينئذ فيكون فيه الجمع بين الحقيقة والمجاز في كلمة واحدة وفيه خلاف أو سمى المدينة لأنها دار الهجرة ومكان ظهور الإيمان بالإيمان أو نصب على المفعول معه أي مع الإيمان (من قبل أن يهاجر النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم-) إليهم بسنتين (أن يقبل من محسنهم ويعفو عن مسيئهم) ما دون الحدود وحقوق العباد). [إرشاد الساري: 7/377]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (باب {والذين تبوؤا الدار والإيمان}
قوله: (والذين تبوّءوا الدار والإيمان) أي: لزموهما، والمراد بالدار: المدينة النبوية.
قوله: (ويعفو عن مسيئهم) أي: ما عدا الحدود، وحقوق العباد). [حاشية السندي على البخاري: 3/73]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {ويؤثرون على أنفسهم} [الحشر: 9] الآية "
الخصاصة: الفاقة، {المفلحون} [الحشر: 9] : الفائزون بالخلود، والفلاح: البقاء، حيّ على الفلاح: عجّل " وقال الحسن: {حاجةً} [الحشر: 9] : «حسدًا»
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم بن كثيرٍ، حدّثنا أبو أسامة، حدّثنا فضيل بن غزوان، حدّثنا أبو حازمٍ الأشجعيّ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: أتى رجلٌ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا رسول اللّه، أصابني الجهد، فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهنّ شيئًا، فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «ألا رجلٌ يضيّفه هذه اللّيلة، يرحمه اللّه؟» فقام رجلٌ من الأنصار فقال: أنا يا رسول اللّه، فذهب إلى أهله، فقال لامرأته: ضيف رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم لا تدّخريه شيئًا، قالت: واللّه ما عندي إلّا قوت الصّبية، قال: فإذا أراد الصّبية العشاء فنوّميهم، وتعالي فأطفئي السّراج ونطوي بطوننا اللّيلة، ففعلت، ثمّ غدا الرّجل على رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فقال: «لقد عجب اللّه عزّ وجلّ - أو ضحك - من فلانٍ وفلانة» فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ} [الحشر: 9] ). [صحيح البخاري: 6/148-149]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله باب قوله ويؤثرون على أنفسهم الآية الخصاصة فاقة ولغير أبي ذرٍّ الفاقة وهو قول مقاتل بن حيّان أخرجه بن أبي حاتمٍ من طريقه قوله المفلحون الفائزون بالخلود والفلاح البقاء هو قول الفرّاء قال لبيدٌ نحلّ بلادًا كلّها حلّ قبلنا ونرجو فلاحًا بعد عادٍ وحمير وهو أيضًا بمعنى إدراك الطّلب قال لبيدٌ أيضًا ولقد أفلح من كان عقل أي أدرك ما طلب قوله حيّ على الفلاح عجّل هو تفسير حيّ أي معنى حيّ على الفلاح أي عجل إلى الفلاح قال بن التّين لم يذكره أحدٌ من أهل اللّغة وإنّما قالوا معناه هلمّ وأقبل قلت وهو كما قال لكن فيه إشعارٌ بطلب الإعجال فالمعنى أقبل مسرعًا قوله وقال الحسن حاجةً حسدًا وصله عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة عنه بهذا ورويناه في الجزء الثّامن من أمالي المحامليّ بعلوٍّ من طريق أبي رجاءٍ عن الحسن في قوله ولا يجدون في صدورهم حاجة قال الحسد

- قوله حدّثنا يعقوب بن إبراهيم بن كثيرٍ هو الدّورقيّ قوله أتى رجلٌ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هذا الرّجل هو أبو هريرة وقع مفسّرًا في رواية الطّبرانيّ وقد نسبته في المناقب إلى تخريج أبي البختريّ الطّائيّ في صفة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وأبو البختريّ لا يوثق به قوله ألا رجلٌ يضيّفه هذه اللّيلة يرحمه اللّه في رواية الكشميهنيّ يضيّف هذا رحمةً بالتّنوين قوله فقام رجلٌ من الأنصار تقدّم شرح هذا الحديث في مناقب الأنصار أنّه أبو طلحة وتردّد الخطيب هل هو زيد بن سهلٍ المشهور أو صحابيٌّ آخر يكنّى أبا طلحة وتقدّم أيضًا قول من قال إنّه ثابت بن قيسٍ ولكن أردت التّنبيه هنا على شيءٍ وقع للقرطبيّ المفسّر ولمحمّد بن عليّ بن عسكرٍ في ذيله على تعريف السّهيليّ فإنّهما نقلا عن النّحّاس والمهدويّ أنّ هذه الآية نزلت في أبي المتوكل زاد بن عسكرٍ النّاجيّ وأنّ الضّيف ثابت بن قيسٍ وقيل إنّ فاعلها ثابت بن قيسٍ حكاه يحيى بن سلّامٍ انتهى وهو غلطٌ بيّنٌ فإنّ أبا المتوكّل النّاجيّ تابعيٌّ مشهورٌ وليس له في القصّة ذكرٌ إلّا أنّه رواها مرسلةً أخرجها من طريق إسماعيل القاضي كما تقدم هناك وكذا بن أبي الدّنيا في كتاب قرى الضّيف وبن المنذر في تفسير هذه السّورة كلّهم من طريق إسماعيل بن مسلمٍ عن أبي المتوكّل أنّ رجلًا من المسلمين مكث ثلاثة أيّامٍ لا يجد شيئًا يفطر عليه حتّى فطن له رجلٌ من الأنصار يقال له ثابت بن قيس الحديث وقد تبع بن عسكرٍ جماعةٌ من الشّارحين ساكتين عن وهمه فلهذا نبهت عليه وتفطن شيخنا بن الملقن لقول بن عسكرٍ إنّه أبو المتوكّل النّاجيّ فقال هذا وهمٌ لأنّ أبا المتوكّل النّاجيّ تابعيٌّ إجماعًا انتهى فكأنّه جوّز أنّه صحابيٌّ يكنّى أبا المتوكّل وليس كذلك قوله ونطوي بطوننا اللّيلة في حديث أنس عند بن أبي الدّنيا فجعل يتلمّظ وتتلمّظ هي حتّى رأى الضّيف أنّهما يأكلان قوله ثمّ غدا الرّجل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في حديث أنسٍ فصلّى معه الصّبح قوله لقد عجب اللّه عزّ وجلّ أو ضحك كذا هنا بالشّكّ وذكره مسلمٌ من طريق جريرٍ عن فضيل بن غزوان بلفظ عجب بغير شكّ وعند بن أبي الدّنيا في حديث أنسٍ ضحك بغير شكٍّ وقال الخطّابيّ إطلاق العجب على اللّه محالٌ ومعناه الرّضا فكأنّه قال إنّ ذلك الصّنيع حلّ من الرّضا عند اللّه حلول العجب عندكم قال وقد يكون المراد بالعجب هنا أنّ اللّه يعجب ملائكته من صنيعهما لندور ما وقع منهما في العادة قال وقال أبو عبد اللّه معنى الضّحك هنا الرّحمة قلت ولم أر ذلك في النّسخ الّتي وقعت لنا من البخاريّ قال الخطّابيّ وتأويل الضّحك بالرّضا أقرب من تأويله بالرّحمة لأنّ الضّحك من الكرام يدلّ على الرّضا فإنّهم يوصفون بالبشر عند السّؤال قلت الرّضا من اللّه يستلزم الرّحمة وهو لازمه واللّه أعلم وقد تقدّم سائر شرح هذا الحديث في مناقب الأنصار). [فتح الباري: 8/631-633]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال الحسن حاجة حسدا
قال عبد في تفسيره ثنا عبد الرّزّاق ثنا معمر عن قتادة عن الحسن بهذا
- أخبرنا به أبو الفرج بن الغزّي أنا عمر بن حسين أنا عبد الوهّاب بن ظافر أنا السلفي أنا أبو الخطاب بن البطر أنا أبو محمّد بن البيع أنا الحسين بن إسماعيل المحاملي ثنا أحمد بن محمّد بن يحيى بن سعيد ثنا محمّد بن بشر ثنا شعبة عن أبي رجاء قال سألت الحسن عن قوله الحشر {ولا يجدون في صدورهم حاجة ممّا أوتوا} قال الحسد
رواه أبو بكر في مصنفه عن غندر عن شعبة نحوه). [تغليق التعليق: 4/337]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ قوله: {ويؤثرون على أنفسهم} (الحشر: 9) الآية)

أي: هذا باب في قوله عز وجل في مدح الأنصار فإنّهم قاسموا المهاجرين ديارهم وأموالهم.
الخصاصة الفاقة

أشار به إلى قوله تعالى: {ولو كان بهم خصاصة} وفسرها بالفاقة وهي الفقر والاحتياج، وفي رواية أبي ذر، فاقة، بدون الألف واللّام، وهذا قول مقاتل بن حيّان.
المفلحون: الفائزون بالخلود. والفلاح: البقاء

أشار به إلى قوله تعالى: {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} (الحشر: 9) وفسّر: المفلحون بالفائزين بالخلود، وبه فسر الفراء. قوله: (والفلاح البقاء) يعني: يأتي بمعنى البقاء. قال الشّاعر:
(ولكن ليس للدنيا فلاح)

أي بقاء، وفي (المغرب) : الفلاح الفوز بالمطلوب، ومدار التّركيب على الشق والقطع.
حيّ على الفلاح: عجّل

مراده معنى الفلاح هنا ومعنى حيّ: عجل: أي على الفوز بالمطلوب، وقال بعضهم: حيّ على الفلاح أي: عجل، هو تفسير حيّ: أي: معنى حيّ على الفلاح، عجل قلت: ليس مراد البخاريّ ما ذكره، وإنّما مراده معنى: ما ذكرنا لأنّه في صدد تفسير الفلاح وليس في صدد تفسير معنى حيّ وتفسير حيّ وقع استطرادًا. وقال ابن التّين: لم يذكره أحد من أهل اللّغة إنّما قالوا: معناه هلمّ وأقبل: قلت: يعني: لم يذكر أحد من أهل اللّغة أن معناه عجل، بل الّذي ذكروه هلمّ وأقبل ولا يتوجّه ما ذكره لأنّه ليس في صدد تفسير حيّ. كما ذكرناه، وإنّما وقع استطراد وقال بعضهم: هو كما قال ولكن فيه إشعار بطلب الإعجال، فالمعنى: أقبل مسرعا. قلت: الحال بالحال لأن اعتذاره عنه إنّما يجدي أن لو كان هو في صدد تفسير: حيّ، كما ذكرنا.
وقال الحسن: حاجةً حسدا

أي: قال الحسن البصريّ في قوله تعالى: {ولا يجدون في صدورهم حاجة ممّا أوتوا} (الحشر: 9) وفسّر: (حاجة) بقوله: (حسدا) ورواه عبد الرّزّاق عن معمر عن سعيد عن قتادة عن الحسن.

- حدّثنا يعقوب بن إبراهيم بن كثيرٍ حدّثنا أبو أسامة حدّثنا فضيل بن غزوان حدّثنا أبو حازمٍ الأشجعيّ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أتى رجلٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أصابني الجهد فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهنّ شيئا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا رجلٌ يضيّف هاذا اللّيلة يرحمه الله فقام رجلٌ من الأنصار فقال أنا يا رسول الله فذهب إلى أهله فقال لامرأته ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدّخريه شيئا قالت والله ما عندي إلاّ قوت الصّبية قال فإذا أراد الصّبية العشاء فنومهم وتعالى فأطفئي السّراج ونطوى بطوننا اللّيلة ففعلت ثمّ غدا الرّجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لقد عجب الله عزّ وجلّ أو ضحك من فلانٍ وفلانة فأنزل الله عزّ وجلّ: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ} (الحشر: 9) .
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. ويعقوب بن إبراهيم بن كثير ضد القليل. الدّورقي وأبو أسامة حمّاد بن أسامة، وأبو حازم سلمان الأشجعيّ.
والحديث قد مر في فضل الأنصار في: باب {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} فإنّه أخرجه هناك عن مسدّد عن عبد الله بن داود عن فضيل بن غزوان إلى آخره، ومضى الكلام فيه هناك.
قوله: (أتى رجل) ذكر الواحدي أنه من أهل الصّفة وفي (الأوسط) للطبراني: أنه أبو هريرة. قوله: (الجهد) ، أي: المشقّة والجوع. قوله: (الأرجل) كلمة: لا للتحضيض والحث على شيء يفعله الرجل. قوله: (يضيف) بضم الياء من الإضافة. قوله: (فقام رجل من الأنصار) قال الخطيب: وأبو طلحة الأنصاريّ. وقال ابن بشكوال: هو زدي بن سهل وأنكره النّوويّ: وقيل: عبد الله بن رواحة وقال المهدويّ والنحاس. نزلت في أبي المتوكل وأن الضّيف ثابت بن قيس. قولهما: نزلت في أبي المتوكل وأن الضّيف ثابت بن قيس. قولهما: نزلت في أبي المتوكل: وهم فاحش لأن أبا المتوكل النّاجي تابعيّ إجماعًا قوله: (هذا اللّيلة) هذا إشارة إلى الرجل في قوله: أنّي رجل (واللّيلة) نصب على الظّرف، ويروى: هذه اللّيلة فالإشارة فيه إلى اللّيلة قوله: (يرحمه الله) ، وفي رواية الكشميهني: يضيف هذا رحمة: بالتّنوين قوله: (ضيف رسول الله) أي: هذا ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (لا تدخر به شيئا) أي: لا تمسكي عنه شيئا. قوله: (الصبية) بكسر الصّاد جمع صبي. قوله: (العشاء) بفتح العين. قوله: (فنوميهم) أي: الصبية حتّى لا يأكلوا شيئا وهذا يحمل على أن الصّبيان لم يكونوا محتاجين إلى الأكل وإنّما تطلبه أنفسهم على عادة الصّبيان من غير جوع مضر، فإنّهم لو كانوا على حاجة بحيث يضرهم ترك الأكل لكان إطعامهم واجبا يجب تقديمه على الضّيافة، وقال الكرماني: لعلّ ذلك كان فاضلا عن ضرورتهم. قلت: فيه نظر لأنّها صرحت بقولها: والله ما عندي إلاّ قوت الصبية والأحسن أن يقال: إنّها كانت علمت صبرهم عن عشائهم تلك اللّيلة لأن الإنسان قد يصبر عن الأكل ساعة لا يتضرّر به. قوله: (ونطوي بطوننا اللّيلة) ، أي: نجمعها فإذا جاع الرجل انطوى جلد بطنه. قوله: (عجب الله أو ضحك) ، المراد من العجب والضحك ونحوها في حق الله عز وجل لوازمها وغاياتها لأن التّعجّب حالة تحصل عند إدراك أمر غريب، والضحك ظهور الأسنان عند أمر عجيب وكلاهما محالان على الله تعالى، وقال الخطابيّ: إطلاق العجب لا يجوز على الله، وإنّما معناه الرّضا، وحقيقته أن ذلك الصّنيع منهما حل من الرّضا عند الله والقبول به ومضاعفة الثّواب عليه محل العجب عندكم في الشّيء التافه إذا رفع فوق قدره وأعظى به الأضعاف من قيمته، قال: وقد يكون المراد بالعجب هنا أن الله تعالى يعجب ملائكته من صنيعهما لندور ما وقع منهما في العادة. قال: وقال أبو عبد الله يعني البخاريّ: الضحك هنا الرّحمة، وتأويل الضحك بالرّضا أقرب من تأويله بالرّحمة لأن الضحك من الكرام يدل على الرّضا فإنّهم يوصفون بالبشر عند السّؤال. انتهى، وليس في النّسخ الّتي في أيدي النّاس ما نسبه الخطابيّ إلى البخاريّ باللّفظ المذكور، والله أعلم). [عمدة القاري: 19/227-228]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب قوله: {ويؤثرون على أنفسهم} الآية
الخصاصة: الفاقة. {المفلحون}: الفائزون بالخلود. الفلاح: البقاء. حيّ على الفلاح: عجّل. وقال الحسن {حاجةً}: حسدًا.
هذا (باب) بالتنوين (قوله) تعالى: ({ويؤثرون على أنفسهم} الآية) وسقط باب لغير أبي ذر.
(الخصاصة) في قوله تعالى: {ولو كان بهم خصاصة} [الحشر: 9].
(الفاقة) ولأبي ذر: فاقة وقيل حاجة إلى ما يؤثرون به.
({المفلحون}) هم (الفائزون بالخلود) قاله الفراء.
(الفلاح) ولأبي ذر: والفلاح (البقاء) قال لبيد:
نحلّ بلادًا كلها حل قبلنا = ونرجو فلاحًا بعد عاد وحمير
(حي على الفلاح) أي (عجل) أي أقبل مسرعًا، وقال ابن التين: لم يقله أحد من أهل اللغة إنما قالوا معناه هلم وأقبل.
(وقال الحسن) البصري وسقطت الواو لأبي ذر ({حاجة}) في قولى: {ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا} [الحشر: 9] أي (حسدّا) وصله عبد الرزاق عنه. وسقط لفظ باب لغير أبي ذر.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم بن كثيرٍ، حدّثنا أبو أسامة، حدّثنا فضيل بن غزوان، حدّثنا أبو حازمٍ الأشجعيّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أتى رجلٌ رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقال: يا رسول اللّه أصابني الجهد. فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهنّ شيئًا، فقال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: «ألا رجلٌ يضيّف هذه اللّيلة يرحمه اللّه»؟ فقام رجلٌ من الأنصار فقال: أنا يا رسول اللّه، فذهب إلى أهله فقال لامرأته ضيف رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- لا تدّخريه شيئًا، قالت: واللّه ما عندي إلاّ قوت الصّبية. قال: فإذا أراد الصّبية العشاء فنوّميهم، وتعالي فأطفئي السّراج ونطوي بطوننا اللّيلة. ففعلت: ثمّ غدا الرّجل على رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقال: «لقد عجب اللّه عزّ وجلّ أو ضحك من فلانٍ وفلانة. فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ}.
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر: حدّثنا (يعقوب بن إبراهيم بن كثير) الدورقي قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة قال: (حدّثنا فضيل بن غزوان) بضم الفاء وفتح المعجمة مصغرًا وغزوان بغين مفتوحة فزاي ساكنة معجمتين قال: (حدّثنا أبو حازم) بالحاء المهملة والزاي سلمان (الأشجعي) بالمعجمة والجيم (عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه (قال: أتى رجل) هو أبو هريرة كما وقع مفسرًا في رواية الطبري (رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقال: يا رسول الله أصابني الجهد) المشقّة والجوع
(فأرسل) عليه الصلاة والسلام (إلى نسائه) أمهات المؤمنين يطلب منهن ما يضيفه به (فلم يجد عندهن شيئًا فقال رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-):
(ألا) بتخفيف اللام للتحضيض (رجل يضيف) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي يضيفه بزيادة الضمير والتحتية مضمومة والضاد المعجمة مفتوحة بعدها تحتية مشددة فيهما (هذه الليلة يرحمه الله) بصيغة المضارع، ولأبي ذر عن الكشميهني رحمه الله (فقام رجل من الأنصار) هو أبو طلحة وتردد الخطيب هل هو زيد بن سهل المشهور أو صحابي آخر يكنى أبا طلحة وليس هو أبا المتوكل الناجي لأنه تابعي إجماعًا (فقال: أنا يا رسول الله) أضيفه (فذهب إلى أهله فقال لامرأته) أم سليم: هذا (ضيف رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- لا تدّخريه) بتشديد الدال المهملة أي لا تمسكي عنه (شيئًا) من الطعام (قالت: والله ما عندي إلا قوت الصبية) بكسر الصاد جمع صبي أنس وإخوته (قال: فإذا أراد الصبية العشاء) بفتح العين (فنوّميهم) حتى لا يأكلوا، وقول البرماوي كالكرماني وهذا القدر كان فاضلًا عن قدر ضرورتهم وإلا فنفقة الأطفال واجبة والضيافة سنّة فيه نظر لأنها صرّحت بقولها: والله ما عندي إلا قوت الصبية فلعلها علمت صبرهم لقلة جوعهم وهيأت لهم ذلك ليأكلوه على عادة الصبيان للطلب من غير جوع يضر (وتعالي) بفتح اللام وسكون الياء (فأطفئي السراج) بهمزة قطع (ونطوي بطوننا الليلة) أي نجمعها لأن الجوع يطوي جلد البطن (ففعلت) زوجته ذلك (ثم غدا الرجل على رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقال) عليه الصلاة والسلام: (لقد عجب الله عز وجل أو ضحك) بالشك من الراوي أي رضي وقبل (من فلان وفلانة) أبي طلحة وأم سليم أو غيرهما على الخلاف (فأنزل الله عز وجل: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}) [الحشر: 9].
وهذا الحديث ذكره في باب قول الله تعالى: {ويؤثرون على أنفسهم} من مناقب الأنصار). [إرشاد الساري: 7/377-378]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (باب {ويؤثرون على أنفسهم}
قوله: (حي على الفلاح) عجل ذكره لمناسبة المفلحون. قوله: (لا تدخريه شيئاً) أي: لا تمسكي عنه شيئاً من الطعام اهـ شيخ الإسلام). [حاشية السندي على البخاري: 3/73]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن فضيل بن غزوان، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة: أنّ رجلاً من الأنصار بات به ضيفٌ فلم يكن عنده إلاّ قوته وقوت صبيانه، فقال لامرأته: نوّمي الصّبية، وأطفئي السّراج، وقرّبي للضّيف ما عندك، فنزلت هذه الآية: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ}.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5/263]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا مما تحبون} سمعت مجاهدًا يقول: كتب عمر بن الخطّاب إلى أبي موسى الأشعري أن ابتاع لي جاريةً من سبي جلولاء، ثمّ افتتح سعدٌ مدائن كسرى. قال: فدعاها عمر قال: إنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} وأعتقها عمر وهي مثل قوله: {ويطعمون الطّعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً} ومثل قوله عزّ وجلّ: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 76-77] (م)
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان}
- أخبرنا محمّد بن منصورٍ، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا حصين بن عبد الرّحمن، قال: سمعت عمرو بن ميمونٍ، يقول: أوصى عمر بن الخطّاب فقال: " أوصي الخليفة من بعدي بتقوى الله، وأوصيه بالمهاجرين الأوّلين {الّذين أخرجوا من ديارهم} [الحج: 40] الآية، أن يعرف لهم هجرتهم، ويعرف لهم فضلهم، وأوصيه بالأنصار {والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبلهم} الآية، أن يعرف لهم فضلهم، وأن يقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم، وأوصيه بأهل ذمّة محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم، أن يوفي لهم بعهدهم، وألّا يحمل عليهم فوق طاقتهم، وأن يقاتل عدوّهم من ورائهم "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/294]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {ويؤثرون على أنفسهم}
- أخبرنا هنّاد بن السّريّ، عن وكيعٍ، عن فضيل بن غزوان، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة، " أنّ رجلًا، من الأنصار بات به ضيفٌ، فلم يكن عنده إلّا قوت صبيانه، فقال لامرأته: نوّمي الصّبية وأطفئي السّراج، وقرّبي للضّيف ما عندك، فنزلت {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ} [الحشر: 9]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/295]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {ومن يوق شحّ نفسه}
- أخبرنا عبدة بن عبد الله، قال: أخبرنا حسينٌ يعني ابن عليٍّ الجعفيّ، عن فضيلٍ، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن عبد الله بن الحارث، عن زهير بن الأقمر، عن عبد الله بن عمرٍو، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اتّقوا الظّلم، فإنّه الظّلمات يوم القيامة، واتّقوا الفحش، فإنّ الله لا يحبّ الفحش والتّفحّش، وإيّاكم والشّحّ، فإنّه أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالظّلم فظلموا، وأمرهم بالفجور ففجروا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/295]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم وهم الأنصار من قبلهم من قبل المهاجرين ثم نعت سخاوة أنفسهم عند ما زوى عنهم ذلك الفيء وإيثارهم المهاجرين بذلك الفيء ولم يصب الأنصار من ذلك الفيء شيئا). [تفسير مجاهد: 2/664]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبلهم يحبّون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجةً ممّا أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون}.
يقول تعالى ذكره: {والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان} يقول: اتّخذوا المدينة مدينة الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم فابتنوها منازل، والإيمان باللّه ورسوله من قبلهم يعني: من قبل المهاجرين، يحبّون من هاجر إليهم: يحبّون من ترك منزله، وانتقل إليهم من غيرهم، وعني بذلك الأنصار يحبّون المهاجرين.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبلهم}. قال: الأنصار نعتٌ. قال محمّد بن عمرٍو: سفاطة أنفسهم. وقال الحارث: سخاوة أنفسهم عندما زوي عنهم من ذلك، وإيثارهم إيّاهم ولم يصب الأنصار من ذلك الفيء شيءٌ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبلهم يحبّون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجةً ممّا أوتوا}. يقول: ممّا أعطوا إخوانهم هذا الحيّ من الأنصار، أسلموا في ديارهم، فابتنوا المساجد، قبل قدوم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأحسن اللّه عليهم الثّناء في ذلك وهاتان الطّائفتان الأوليان من هذه الآية أخذتا بفضلهما، ومضتا على مهلهما، وأثبت اللّه حظّهما في الفيء.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبلهم يحبّون}. قال: هؤلاء الأنصار يحبّون من هاجر إليهم من المهاجرين.
وقوله: {ولا يجدون في صدورهم حاجةً ممّا أوتوا}. يقول جلّ ثناؤه: ولا يجد الّذين تبوّءوا الدّار من قبلهم، وهم الأنصار {في صدورهم حاجةً}. يعني حسدًا {ممّا أوتوا} يعني ممّا أوتي المهاجرين من الفيء، وذلك لما ذكر لنا من أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قسم أموال بني النّضير بين المهاجرين الأوّلين دون الأنصار، إلاّ رجلين من الأنصار، أعطاهما لفقرهما، وإنّما فعل ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خاصّةً.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني محمّد بن إسحاق، عن عبد اللّه بن أبي بكرٍ، أنّه حدّث أنّ بني النّضير خلّوا الأموال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فكانت النّضير لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خاصّةً يضعها حيث يشاء، فقسمها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على المهاجرين الأوّلين دون الأنصار، إلاّ أنّ سهل بن حنيفٍ وأبا دجانة سماك بن خرشة ذكرا فقرًا، فأعطاهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولا يجدون في صدورهم حاجةً ممّا أوتوا}. المهاجرون، قال: وتكلّم في ذلك، يعني أموال بني النّضير، بعض من تكلّم من الأنصار، فعاتبهم اللّه عزّ وجلّ في ذلك فقال: {وما أفاء اللّه على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولا ركابٍ ولكنّ اللّه يسلّط رسله على من يشاء واللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}. قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لهم: إنّ إخوانكم قد تركوا الأموال والأولاد وخرجوا إليكم فقالوا: أموالنا بينهم قطائعٌ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أو غير ذلك؟ قالوا: وما ذلك يا رسول اللّه؟ قال: هم قومٌ لا يعرفون العمل فتكفونهم وتقاسمونهم الثّمر فقالوا: نعم يا رسول اللّه.
وبنحو الّذي قلنا في قوله: {ولا يجدون في صدورهم حاجةً ممّا أوتوا}. قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا سليمان أبو داود، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، في قوله: {ولا يجدون في صدورهم حاجةً ممّا أوتوا}. قال: الحسد.
- قال: حدّثنا عبد الصّمد، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن {في صدورهم حاجةً} قال: حسدًا في صدورهم.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: أخبرنا أبو رجاءٍ، عن الحسن، مثله.
وقوله: {ويؤثرون على أنفسهم}. يقول تعالى ذكره: وهو يصف الأنصار {والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان}. من قبل المهاجرين: {ويؤثرون على أنفسهم}. يقول: ويعطون المهاجرين أموالهم إيثارًا لهم بها على أنفسهم {ولو كان بهم خصاصةٌ}. يقول: ولو كان بهم حاجةٌ وفاقةٌ إلى ما آثروا به من أموالهم على أنفسهم.
والخصاصة مصدرٌ، وهي أيضًا اسمٌ، وهو كلّ ما تخلّلته ببصرك كالكوّة والفرجة في الحائط، تجمع خصاصاتٍ وخصاصٌ، كما قال الرّاجز:
قد علم المقاتلات كفحا
والنّاظرات من خصاصٍ لمحا
لأروينّها دلجا أو متحًا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن فضيلٍ، عن أبيه، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة، قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ليضيفه، فلم يكن عنده ما يضيّفه، فقال: ألا رجلٌ يضيف هذا رحمه اللّه؟ فقام رجلٌ من الأنصار يقال له أبو طلحة، فانطلق به إلى رحله، فقال لامرأته: أكرمي ضيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نوّمي الصّبية، وأطفئي المصباح وأريه بأنّك تأكلين معه، واتركيه لضيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ففعلت فنزلت {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ}.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن فضيلٍ بن غزوان، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة، أنّ رجلاً من الأنصار بات به ضيفٌ، فلم يكن عنده إلاّ قوته وقوت صبيانه، فقال لامرأته: نوّمي الصّبية وأطفئي المصباح، وقرّبي للضّيف ما عندك، قال: فنزلت هذه الآية: {ومن يوق شحّ نفسه}. يقول تعالى ذكره: من وقاه اللّه شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون المخلّدون في الجنّة. والشّحّ في كلام العرب: البخل، ومنع الفضل من المال؛ ومنه قول عمرو بن كلثومٍ:
ترى اللّحز الشّحيح إذا أمرّت عليه لماله فيها مهينًا.
يعني بالشّحيح: البخيل، يقال: إنّه لشحيحٌ بيّن الشّحّ والشّحّ، وفيه شحّةٌ شديدةٌ وشحاحةٌ.
وأمّا العلماء فإنّهم يرون أنّ الشّحّ في هذا الموضع إنّما هو: أكل أموال النّاس بغير حقٍّ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا المسعوديّ، عن أشعث بن أبي الشّعثاء، عن أبيه، قال: أتى رجلٌ ابن مسعودٍ فقال: إنّي أخاف أن أكون قد هلكت. قال: وما ذاك؟ قال: أسمع اللّه يقول: {ومن يوق شحّ نفسه} وأنا رجلٌ شحيحٌ لا يكاد يخرج من يدي شيءٌ، قال: ليس ذاك بالشّحّ الّذي ذكر اللّه في القرآن، الشّحّ أن تأكل مال أخيك ظلمًا، ذلك البخل، وبئس الشّيء البخل.
- حدّثني يحيى بن إبراهيم، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن جامعٍ، عن الأسود بن هلالٍ، قال: جاء رجلٌ إلى عبد اللّه بن مسعودٍ، فقال: يا أبا عبد الرّحمن، إنّي أخشى أن تكون أصابتني هذه الآية: {ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون} واللّه ما أعطي شيئًا أستطيع منعه، قال: ليس ذلك بالشّحّ، إنّما الشّحّ أن تأكل مال أخيك بغير حقّه، ولكن ذلك البخل.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى وعبد الرّحمن، قالا: حدّثنا سفيان، عن طارق بن عبد الرّحمن، عن سعيد بن جبيرٍ، عن أبي الهيّاج الأسديّ، قال: كنت أطوف بالبيت، فرأيت رجلاً يقول: اللّهمّ قني شحّ نفسي. لا يزيد على ذلك، فقلت له، فقال: إنّي إذا وقيت شحّ نفسي لم أسرق، ولم أزن، ولم أفعل شيئًا، وإذا الرّجل عبد الرّحمن بن عوفٍ.
- حدّثني محمّد بن إسحاق، قال: حدّثنا سليمان بن عبد الرّحمن الدّمشقيّ، قال: حدّثنا إسماعيل بن عيّاشٍ، قال: حدّثنا مجمّع بن جارية الأنصاريّ، عن عمّه يزيد بن جارية الأنصاريّ، عن أنس بن مالكٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: برئ من الشّحّ من أدّى الزّكاة، وقرى الضّيف، وأعطى في النّائبة.
- حدّثني محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، قال: حدّثنا زياد بن يونس أبو سلامة، عن نافع بن عمر المكّيّ، عن ابن أبي مليكة، عن عبد اللّه بن عمرٍو، قال: إن نجوت من ثلاثٍ طمعت أن أنجو. قال عبد اللّه بن صفوان: ما هنّ أنبيك فيهنّ. قال: أخرج المال العظيم، فأحرزه صررًا، ثمّ أقول: أقرض ربّي هذا اللّيلة، ثمّ تعود نفسي فيه حتّى أعيده من حيث أخرجته، وإن نجوت من شأن عثمان، قال ابن صفوان: أمّا عثمان فقتل يوم قتل، وأنت تحبّ قتله وترضاه، فأنت ممّن قتله؛ وأمّا أنت فرجلٌ لم يقك اللّه شحّ نفسك. قال: صدقت.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {ومن يوق شحّ نفسه}. قال: من وقي شحّ نفسه؛ فلم يأخذ من الحرام شيئًا، ولم يقربه، ولم يدعه الشّحّ أن يحبس من الحلال شيئًا، فهو من المفلحين، كما قال اللّه عزّ وجلّ.
- وحدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ومن يوق شحّ نفسه} قال: من لم يأخذ شيئًا لشيءٍ نهاه اللّه عزّ وجلّ عنه، ولم يدعه الشّحّ على أن يمنع شيئًا من شيءٍ أمره اللّه به، فقد وقاه اللّه شحّ نفسه، فهو من المفلحين). [جامع البيان: 22/524-531]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا المبارك بن فضالة عن الحسن ولو كان بهم خصاصة يعني فاقة). [تفسير مجاهد: 664]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا عليّ بن حمشاذ العدل، ثنا محمّد بن المغيرة السّكّريّ، بهمدان، ثنا القاسم بن الحكم العرنيّ، ثنا عبيد اللّه بن الوليد، عن محارب بن دثارٍ، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما، قال: أهدي لرجلٍ من أصحاب رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم رأس شاةٍ، فقال: «إنّ أخي فلانًا وعياله أحوج إلى هذا منّا» قال: فبعث إليه فلم يزل يبعث إليه واحدًا إلى آخر حتّى تداولها سبعة أبياتٍ حتّى رجعت إلى الأوّل فنزلت {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ} [الحشر: 9] إلى آخر الآية «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/526]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الصّفّار، ثنا أحمد بن يونس الضّبّيّ، ثنا أبو بدرٍ شجاع بن الوليد، ثنا عبد اللّه بن زبيدٍ، عن طلحة بن مصرّفٍ، عن مصعب بن سعدٍ، عن سعد بن أبي وقّاصٍ رضي اللّه عنه، قال: " النّاس على ثلاث منازل فمضت منهم اثنتان وبقيت واحدةٌ، فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة الّتي بقيت، ثمّ قرأ {للفقراء المهاجرين الّذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم} [الحشر: 8] الآية، ثمّ قال: هؤلاء المهاجرون وهذه منزلةٌ وقد مضت، ثمّ قرأ {والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبلهم} الآية، ثمّ قال: هؤلاء الأنصار وهذه منزلةٌ وقد مضت، ثمّ قرأ {والّذين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان} الآية، قال: فقد مضت هاتان المنزلتان وبقيت هذه المنزلة فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة الّتي بقيت «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/526] (م)
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أن رجلاً من الأنصار بات به ضيفٌ، ولم يكن عنده إلا قوته وقوت صبيانه، فقال لامرأته: نوّمي الصّبية، وأطفئي السّراج، وقرّبي للضّيف ما عندك، فنزلت هذه الآية: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ}. أخرجه الترمذي.
وهو طرف من حديث طويل، أخرجه البخاري، ومسلم، والرجل: هو أبو طلحة الأنصاري، والحديث مذكور في كتاب الفضائل من حرف الفاء، في فضائل أبي طلحة). [جامع الأصول: 2/384]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون} [الحشر: 9].
- عن الأسود بن هلالٍ قال: جاء رجلٌ إلى عبد اللّه بن مسعودٍ، فسأله عن هذه الآية {ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون} [الحشر: 9] وإنّي امرؤٌ ما قدرت على أن يخرج منّي شيءٌ، وقد خشيت أن أكون أصابتني هذه الآية؟ فقال ابن مسعودٍ: ذكرت البخل وبئس الشّيء البخل، وأمّا ما ذكر اللّه - عزّ وجلّ - في القرآن فليس ما قلت، ذاك أن تعمد إلى مال غيرك - أو قال: أخيك - فتأكله.
رواه الطّبرانيّ عن شيخه عبد اللّه بن محمّد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/122-123]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مسدّدٌ: حدثنا يحيى، ثنا إسماعيل بن مسلمٍ، ثنا أبو المتوكّل النّاجيّ. قال: إنّ رجلًا من المسلمين عبر صائمًا ثلاثة أيّامٍ، يمشي فلا يجد ما يفطر عليه، فيصبح صائمًا، حتّى فطن له رجلٌ من الأنصار يقال له: ثابت بن قيسٍ رضي الله عنه، فقال لأهله: إنّي أجيء اللّيلة بضيفٍ لي، فإذا وضعتم طعامكم فليقم بعضكم إلى السّراج كأنّه يصلحه فليطفه.. ثمّ اضربوا بأيديكم إلى الطّعام كأنّكم تأكلون، فلا تأكلوا حتّى يشبع ضيفنا. فلمّا أمسى ذهب به، فوضعوا طعامهم، فقامت امرأته إلى السّراج كأنّها تصلحه فأطفأته. ثمّ جعلوا يضربون بأيديهم في الطّعام كأنّهم يأكلون ولا يأكلون حتّى شبع ضيفهم، وإنّما كان طعامهم ذلك خبزةً هي قوتهم، فلمّا أصبح ثابتٌ رضي الله عنه غدا إلى رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم. فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: يا ثابت، لقد عجب الله تعالى البارحة منكم. ومن صنيعكم. قال: فنزلت فيه هذه الآية: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ}). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/330]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {والذين تبوؤوا الدار والإيمان} إلى آخر الآية قال: هم هذا الحي من الأنصار أسلموا في ديارهم وأبتنوا المساجد قبل قدوم النّبيّ صلى الله عليه وسلم بسنتين وأحسن الله عليهم الثناء في ذلك وهاتان الطائفتان الأولتان من هذه الآية أخذتا بفضلهما ومضنا على مهلهما وأثبت الله حظهما في هذا الفيء ثم ذكر الطائفة الثالثة فقال: {والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا} إلى آخر الآية، قال: إنما أمروا أن يستغفروا لأصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم ولم يؤمروا بسبهم). [الدر المنثور: 14/366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد {والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم}
قال: الأنصار نعت سخاوة أنفسهم عندما رأى من ذلك وإيثارهم إياهم ولم يصب الأنصار من ذلك الفيء شيء). [الدر المنثور: 14/366-367]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن يزيد بن الأصم أن الأنصار قالوا: يا رسول الله أقسم بيننا وبين إخواننا المهاجرين الأرض نصفين قال: لا ولكن يكفونكم المؤنة وتقاسمونهم الثمرة والأرض أرضكم قالوا: رضينا فأنزل الله {والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم} إلى آخر الآية). [الدر المنثور: 14/367]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن الحسن قال: فضل المهاجرين على الأنصار فلم يجدوا في صدورهم حاجة قال: الحسد). [الدر المنثور: 14/367]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري، وابن مردويه عن عمر أنه قال: أوصي الخليفة بعدي بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم ويحفظ لهم حرمتهم وأوصيه بالأنصار الذين تبوؤا الدار والإيمان من قبل أن يهاجر النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يقبل من محسنهم ويعفو عن مسيئهم). [الدر المنثور: 14/367]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن زيد بن أسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: للمدينة عشرة أسماء هي المدينة وهي طيبة وطابة ومسكينة وجابرة ومجبورة وتبدد ويثرب والدار، قوله تعالى: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}). [الدر المنثور: 14/368]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر والحاكم، وابن مردويه البيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أصابني الجهد فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهن شيئا فقال: ألا رجل يضيف هذا الليلة رحمه الله تعالى فقال رجل من الأنصار وفي رواية فقال أبو طلحة الأنصاري: أنا يا رسول الله فذهب به إلى أهله فقال لامرأته: اكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدخرين شيئا، قالت: والله ما عندي إلا قوت الصبية، قال: فإذا أراد الصبية العشاء فنوميهم وتعالي فأطفئي السراج ونطوي بطوننا الليلة لضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعلت ثم غدا الضيف على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: لقد عجب الله من فلان وفلانة وأنزل الله فيهما {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}). [الدر المنثور: 14/368]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مسدد في مسنده، وابن أبي الدنيا في كتاب قري الضيف، وابن المنذر عن أبي المتوكل الناجي رضي الله عنه أن رجلا من المسلمين مكث صائما ثلاثة أيام يمسي فلا يجد ما يفطر فيصبح صائما حتى فطن له رجل من الأنصار يقال له ثابت بن قيس رضي الله عنه فقال لأهله: إني سأجيء الليلة بضيف لي فإذا وضعتم طعامكم فليقم بعضكم إلى كأنه يصلحه فليطفئه ثم أضربوا بأيدكم إلى الطعام كأنكم تأكلون فلا تأكلوا حتى يشبع ضيفنا فلما أمسى ذهب به فوضعوا طعامهم فقامت امرأته إلى السراج كأنها تصلحه فأطفأته ثم جعلوا يضربون أيديهم في الطعام كأنهم يأكلون ولا يأكلون حتى شبع ضيفهم وإنما كان طعامهم ذلك خبزة هي قوتهم فلما أصبح ثابت غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا ثابت لقد عجب الله البارحة منكم ومن ضيفكم فنزلت فيه هذه الآية {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}). [الدر المنثور: 14/369]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنه قال: أهدي لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس شاة فقال: إن أخي فلانا وعياله أحوج إلى هذا منا فبعث به إليهم فلم يزل يبعث به واحدا إلى آخر حتى تداولها أهل سبعة أبيات حتى رجعت إلى الأول فنزلت: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}). [الدر المنثور: 14/369-370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه في قوله: {ولو كان بهم خصاصة} قال: فاقة، قوله تعالى: {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}). [الدر المنثور: 14/370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الفريابي وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلا قال له: إني أخاف أن أكون قد هلكت قال: وما ذاك قال: إني سمعت الله يقول: {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} وأنا رجل شحيح لا يكاد يخرج مني شيء فقال له ابن مسعود رضي الله عنه: ليس ذاك بالشح ولكنه البخل ولا خير في البخل وإن الشح الذي ذكره الله في القرآن أن تأكل مال أخيك ظلما). [الدر المنثور: 14/370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنه في قوله: {ومن يوق شح نفسه} قال: ليس الشحيح أن يمنع الرجل ماله ولكنه البخل وإنه لشر إنما الشح أن تطمح عين الرجل إلى ما ليس له). [الدر المنثور: 14/370-371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه قال: النظر إلى المرأة لا يملكها من الشح). [الدر المنثور: 14/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن طاووس رضي الله عنه قال: البخلان يبخل الإنسان بما في يديه والشح أن يشح على ما في أيدي الناس). [الدر المنثور: 14/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن عساكر عن عبد الرحمن بن عوف أنه كان يطوف بالبيت يقول: اللهم قني شح نفسي، لا يزيد على ذلك فقيل له فقال: إذا وقيت شح نفسي لا أسرق ولا أزني ولم أفعل شيئا). [الدر المنثور: 14/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله: {ومن يوق شح نفسه} قال: إدخال الحرام ومنع الزكاة). [الدر المنثور: 14/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن االمنذر عن علي بن أبي طالب قال: من أدى زكاة ماله فقد وقي شح نفسه). [الدر المنثور: 14/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخرائطي في مساوئ الأخلاق عن ابن عمرو قال: الشح أشد من البخل لان الشحيح يشح على ما في يديه فيحبسه ويشح على ما في أيدي الناس حتى يأخذه وإن البخيل إنما يبخل على ما في يديه). [الدر المنثور: 14/371-372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب ذم البخل عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلق الله جنة عدن ثم قال لها: انطقي فقالت: (قد أفلح المؤمنون) (سورة المؤمنون الآية) فقال الله: وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}). [الدر المنثور: 14/372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ثلاث من كن فيه فقد برئ من الشح من أدى زكاة ماله وقرى الضيف وأعطى في النوائب). [الدر المنثور: 14/372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى، وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما محق الإسلام محق الشح شيء قط). [الدر المنثور: 14/372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي زرعة قالك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان الفقر في قلبه فلا يغنيه ما أكثر له في الدنيا وإنما يضر نفسه شحها). [الدر المنثور: 14/372-373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجمع بن يحيى بن جارية قال: حدثني عمي خالد بن يزيد بن جارية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: برئ من الشح من أدى الزكاة وقرى الضيف وأدى في النائبة). [الدر المنثور: 14/373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف عبد أبدا ولا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبدا). [الدر المنثور: 14/373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الترمذي والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خصلتان لا يجتمعان في جوف مسلم البخل وسوء الظن). [الدر المنثور: 14/373-374]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود، وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: شر ما في رجل شح هالع وجبن خالع.
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب ومسلم والبيهقي، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم). [الدر المنثور: 14/374]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والشح والبخل فإنه دعا من قبلكم إلى أن يقطعوا أرحامهم فقطعوها ودعاهم إلى أن يستحلوا محارمهم فاستحلوها ودعاهم إلى أن يسفكوا دماءهم فسفكوها). [الدر المنثور: 14/374-375]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الترمذي والبيهقي عن أنس رضي الله عنه أن رجلا توفي فقالوا: ابشر بالجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو لا تدرون فلعله قد تكلم بما لا يعنيه أو بخل بما لا ينفعه). [الدر المنثور: 14/375]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي من وجه آخر عن أنس رضي الله عنه قال: أصيب رجل يوم أحد فجاءت امرأة فقالت: يا بني لتهنك الشهادة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما يدريك لعله كان يتكلم بما لا يعنيه ويبخل بما لا يغنيه). [الدر المنثور: 14/375]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن ابن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلقان يحبهما الله وخلقان يبغضهما الله، فأما اللذان يحبها الله فالسخاء والسماحة وأما اللذان يبغضهما الله فسوء الخلق والبخل فإذا أراد الله بعبد خيرا استعمله على قضاء حوائج الناس). [الدر المنثور: 14/375]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه والبيهقي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: برئ من الشح من أدى الزكاة وقرى الضيف وأدى في النائبة). [الدر المنثور: 14/376]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي وضعفه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يذهب السخاء على الله السخي قريب من الله فإذا لقيه يوم القيامة أخذ بيده فأقله عثرته). [الدر المنثور: 14/376]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاح أول هذه الأمة بالزهد والتقوى وهلاك آخرها بالبخل والفجور). [الدر المنثور: 14/376]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي وضعفه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السخي قريب من الله قريب من الجنة بعيد من النار والبخيل بعيد من الله بعيد من الجنة قريب من النار والجاهل السخي أحب إلى الله من العابد البخيل). [الدر المنثور: 14/376]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السخي قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس بعيد من النار والبخيل بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من النار ولجاهل سخي أحب إلى الله من عابد بخيل). [الدر المنثور: 14/377]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عدي في الكامل والبيهقي وضعفه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السخي قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس بعيد من النار والبخيل بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من النار ولفاجر سخي أحب إلى الله من عابد بخيل وأي داء أدوأ من البخل). [الدر المنثور: 14/377]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بني سلمة من سيدكم اليوم قالوا: الجد بن قيس ولكنا نبخله قال: وأي داء أدوأ من البخل ولكن سيدكم عمرو بن الجموح). [الدر المنثور: 14/377]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي، عن جابر رضي الله عنه قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا بني سلمة من سيدكم قالوا: الجد بن قيس وإنا لنبخله، قال: وأي داء أدوأ من البخل بل سيدكم الخير الأبيض عمرو بن الجموح قال: وكان على أضيافهم في الجاهلية قال: وكان يولم على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تزوج). [الدر المنثور: 14/378]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي من طريق الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك رضي الله عنه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: من سيدكم يا بني سلمة قالوا: الجد بن قيس قال: وبم تسودونه قالوا: بأنه أكثرنا مالا وأنا على ذلك لنزنه بالبخل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأي داء أدوأ من البخل ليس ذاك سيدكم، قالوا: فمن سيدنا يا رسول الله قال: سيدكم البراء بن معرور قال البيهقي مرسل). [الدر المنثور: 14/378]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سيدكم يا بني عبيد قالوا: الجد بن قيس على أن فيه بخلا قال: وأي داء أدوأ من البخل بل سيدكم، وابن سيدكم بشر بن البراء بن معرور). [الدر المنثور: 14/378]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة بخيل ولا خب ولا خائن ولا سيء الملكة وأول من يقرع باب الجنة المملوكون وإذا أحسنوا فيما بينهم وبين الله وبين مواليهم). [الدر المنثور: 14/379]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن أبي سهل الواسطي رفع الحديث قال: إن الله اصطنع هذا الدين لنفسه وإنما صلاح هذا الدين بالسخاء وحسن الخلق فاكرموه بهما). [الدر المنثور: 14/379]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي من طرق وضعفه، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال لي جبريل: قال الله تعالى: إن هذا الدين ارتضيته لنفسي ولا يصلحه إلا السخاء وحسن الخلق فأكرموه بهما ما صحبتموه). [الدر المنثور: 14/379]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي وضعفه عن عبد الله بن جراد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا ابتغيتم المعروف فابتغوه في حسان الوجوه فوالله لا يلج النار إلا بخيل ولا يلج الجنة شحيح إن السخاء شجرة في الجنة تسمى السخاء وإن الشح شجرة في النار تسمى الشح). [الدر المنثور: 14/380]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي وضعفه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السخاء من شجر الجنة أغصانها متدليات في الدنيا من أخذ بغصن منها قاده ذلك الغصن إلى الجنة والبخل شجرة من شجر النار أغصانها متدليات في الدنيا من أخذ بغصن منها قاده ذلك الغصن إلى النار). [الدر المنثور: 14/380]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السخاء شجرة في الجنة فمن كان سخيا أخذ بغصن منها فلم يتركه الغصن حتى يدخله الجنة والشح شجرة في النار فمن كان شحيحا أخذ بغصن منها فلم يتركه الغصن حتى يدخله النار). [الدر المنثور: 14/380]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي وضعفه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت قاعدا مع النبي صلى الله عليه وسلم فجاء ثلاثة عشر رجلا عليهم ثياب السفر فسلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قالوا: من السيد من الرجال يا رسول الله قال: ذاك يوسف بن يعقوب بن أسحق بن إبراهيم، قالوا: ما في أمتك سيد قال: بلى رجل أعطي مالا حلالا ورزق سماحة فأدنى الفقير فقلت شكايته في الناس). [الدر المنثور: 14/381]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة قال: ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد قد اضطرت أيديهما إلى ثديهما وتراقيهما فجعل كلما تصدق بصدقة انبسطت عنه حتى تغشى أنامله وتعفو أثره وجعل البخيل كلما هم بصدقة قلصت وأخذت كل حلقة مكانها فهو يوسعها ولا تتسع). [الدر المنثور: 14/381]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن عبد الله بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال: قدم خالد بن الوليد من ناحية أرض الروم على النبي صلى الله عليه وسلم بأسرى فعرض عليهم الإسلام فأبوا فأمر أن تضرب أعناقهم حتى إذا جاء إلى آخرهم قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: يا خالد كف عن الرجل قال: يا رسول الله ما كان في القوم أشد علي منه، قال: هذا جبريل يخبرني عن الله أنه كان سخيا في قومه فكف عنه وأسلم الرومي). [الدر المنثور: 14/381-382]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني سعد بن عبد اللّه المعافري عن أبي معشر عن [القرظي .. .. {السابقون الأوّلون] من المهاجرين والأنصار والّذين اتّبعوهم [بإحسانٍ رضي الله عنهم ورضوا] عنه}، وأخذ [عمر بيده فقال]: من أقرأك بها، قال: أبيّ بن كعبٍ، قال: لا تفارقني حتّى أذهب بك إليه، قال: لمّا جاءه قال عمر: [أنت أقرأت] هذه الآية، قال: نعم، قال: أنت [سمعتها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: نعم، قد] كنت أظنّ أنّا قد رفعنا رفعةً لا يبلغه أحدٌ بعدنا؛ قال: بلى، [تصديق هذه الآية في أوّل سورة الجمعة وأوسط] سورة الحشر، وآخر سورة الأنفال؛ في سورة الجمعة و [ .. = .. ] {والّذين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين [سبقونا بالإيمان}، وفي سورة الأنفال: {والّذين آمنوا] من بعد وهاجروا وجاهدوا [معكم فأولئك منكم}). [الجامع في علوم القرآن: 2/1-2] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلًّا للّذين آمنوا ربّنا إنّك رءوفٌ رحيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: والّذين جاءوا من بعد الّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبل المهاجرين الأوّلين {يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان}. من الأنصار، وعني بالّذين جاءوا من بعدهم المهاجرون أنّهم يستغفرون لإخوانهم من الأنصار.
وقوله: {ولا تجعل في قلوبنا غلًّا للّذين آمنوا}. يعني: غمرًا وضغنًا.
وقيل: عني بالّذين جاءوا من بعدهم: الّذين أسلموا من بعد الّذين تبوّءوا الدّار.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {والّذين جاءوا من بعدهم}. قال: الّذين أسلموا نعتوا أيضًا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: ثمّ ذكر اللّه الطّائفة الثّالثة، فقال: {والّذين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا}.
حتّى بلغ {إنّك رءوفٌ رحيمٌ}. إنّما أمروا أن يستغفروا لأصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ولم يؤمروا بسبّهم. وذكر لنا أنّ غلامًا لحاطب بن أبي بلتعة جاء نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا نبيّ اللّه، ليدخلنّ حاطبٌ في حرّ النّار. قال: كذبت، إنّه شهد بدرًا والحديبية. وذكر لنا أنّ عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه أغلظ لرجلٍ من أهل بدرٍ، فقال نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: وما يدريك يا عمر لعلّه قد شهد مشهدًا اطّلع اللّه فيه إلى أهله فأشهد ملائكته إنّي قد رضيت عن عبادي هؤلاء، فليعملوا ما شاءوا فما زال بعدها منقبضًا من أهل بدرٍ، هائبًا لهم. وكان عمر رضي اللّه عنه يقول: وإلى أهل بدرٍ تهالك المتهالكون، وهذا الحيّ من الأنصار، أحسن اللّه عليهم الثّناء.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه: {ولا تجعل في قلوبنا غلًّا للّذين آمنوا}. قال: لا تورث قلوبنا غلًّا لأحدٍ من أهل دينك.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن قيس بن مسلمٍ، عن ابن أبي ليلى، قال: كان النّاس على ثلاثة منازل: المهاجرون الأوّلون والّذين اتّبعوهم بإحسانٍ {والّذين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلًّا للّذين آمنوا ربّنا إنّك رءوفٌ رحيمٌ}.وأحسن ما يكون أن نكون بهذه المنزلة.
قوله: {للّذين آمنوا ربّنا إنّك رءوفٌ رحيمٌ}. يقول جلّ ثناؤه مخبرًا عن قيل الّذين جاءوا من بعد الّذين تبوّءوا الدّار والإيمان أنّهم قالوا: لا تجعل في قلوبنا غلًّا لأحدٍ من أهل الإيمان بك يا ربّنا.
قوله: {إنّك رءوفٌ رحيمٌ}. يقول: إنّك ذو رأفةٍ بخلقك، وذو رحمةٍ بمن تاب واستغفر من ذنوبه). [جامع البيان: 22/532-534]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد والذين جاؤوا من بعدهم قال هم الذين أسلموا نعتوا أيضا منهم عبد الله بن نبتل وأوس بن قيظي). [تفسير مجاهد: 664]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الصّفّار، ثنا أحمد بن يونس الضّبّيّ، ثنا أبو بدرٍ شجاع بن الوليد، ثنا عبد اللّه بن زبيدٍ، عن طلحة بن مصرّفٍ، عن مصعب بن سعدٍ، عن سعد بن أبي وقّاصٍ رضي اللّه عنه، قال: " النّاس على ثلاث منازل فمضت منهم اثنتان وبقيت واحدةٌ، فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة الّتي بقيت، ثمّ قرأ {للفقراء المهاجرين الّذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم} [الحشر: 8] الآية، ثمّ قال: هؤلاء المهاجرون وهذه منزلةٌ وقد مضت، ثمّ قرأ {والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبلهم} الآية، ثمّ قال: هؤلاء الأنصار وهذه منزلةٌ وقد مضت، ثمّ قرأ {والّذين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان} الآية، قال: فقد مضت هاتان المنزلتان وبقيت هذه المنزلة فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة الّتي بقيت «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/526] (م)
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال الحارث: حدثنا يحيى بن عبد الحميد، ثنا قيسٌ - هو ابن الرّبيع - عن عثمان بن أبي زرعة، عن مولاةٍ لأبي موسى، عن أبي موسى رضي الله عنه. في قوله تبارك وتعالى: {والسابقون الأوّلون من المهاجرين} قال: من صلّى القبلتين مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/332]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 10 - 14
أخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه {والذين جاؤوا من بعدهم} قال: الذين أسلموا فعنوا أيضا عبد الله بن نبتل وأوس بن قيظي). [الدر المنثور: 14/382]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه، وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص قال: الناس على ثلاثة منازل قد مضت منزلتان وبقيت منزلة فأحسن ما أنتم كائنون عليه إن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت ثم قرأ {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم} الآية ثم قال: هؤلاء المهاجرون وهذه منزلة وقد مضت ثم قرأ {والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم} الآية ثم قال: هؤلاء الأنصار وهذه منزلة وقد مضت ثم قرأ {والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} فقد مضت هاتان المنزلتان وبقيت هذه المنزلة فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة). [الدر المنثور: 14/382]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه {والذين جاؤوا من بعدهم} الآية قال: أمروا بالاستغفار لهم وقد علم ما أحدثوا). [الدر المنثور: 14/383]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في المصاحف، وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت: أمروا أن يستغفروا لأصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم فسبوهم ثم قرأت هذه الآية {والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان}). [الدر المنثور: 14/383]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر أنه سمع رجلا وهو يتناول بعض المهاجرين فقرأ عليه {للفقراء المهاجرين} الآية ثم قال: هؤلاء المهاجرون فمنهم أنت قال: لا ثم قرأ عليه {والذين تبوؤوا الدار والإيمان} الآية ثم قال: هؤلاء الأنصار أفأنت منهم قال: لا ثم قرأ عليه {والذين جاؤوا من بعدهم} الآية ثم قال: أفمن هؤلاء أنت قال: أرجو قال: لا ليس من هؤلاء من يسب هؤلاء). [الدر المنثور: 14/383]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن ابن عمر أنه بلغه أن رجلا نال من عثمان فدعاه فأقعده بين يديه فقرأ عليه {للفقراء المهاجرين} الآية قال: من هؤلاء أنت قال: لا، ثم قرأ {والذين جاؤوا من بعدهم} الآية قال: من هؤلاء أنت قال: أرجوا أن أكون منهم، قال: لا والله ما يكون منهم من يتناولهم وكان في قلبه الغل عليهم). [الدر المنثور: 14/383]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش أنه قرأ (ربنا لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا) ). [الدر المنثور: 14/384]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي النسائي عن أنس رضي الله عنه قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يطلع الآن رجل من أهل الجنة فأطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته ماء من وضوئه معلق نعليه في يده الشمال فلما كان من الغد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فاطلع ذلك الرجل على مثل مرتبته الأولى فلما كان من الغد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك فأطلع ذلك الرجل فلما قام الرجل أتبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال: إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تحل يميني فعلت، قال: نعم قال أنس: فكان عبد بن عمرو يحدث أنه بات معه ليلة فلم يره يقوم من الليل شيئا غير أنه كان إذا تقلب على فراشه ذكر الله وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر فيسبغ الوضوء غير أني لا أسمعه يقول إلا خيرا فلما مضت الليالي الثلاث وكدت احتقر عمله قلت: يا عبد الله إنه لم يكن بيني وبين والدي غضب ولا هجرة ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرات في ثلاث مجالس يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فأطلعت أنت تلك المرات الثلاث فأردت أن آوي إليك فأنظر ما عملك فإذا ما هو إلا ما رأيت فانصرفت عنه فلما وليت دعاني فقال: ما هو إلا ما قد رأيت غير أني لا أجد في نفسي غلا لأحد من المسلمين ولا أحسده على خير أعطاه الله إياه فقال له عبد الله بن عمرو: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق). [الدر المنثور: 14/384-385]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي عن عبد العزيز بن أبي رواد قال: بلغنا أن رجلا صلى مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم فلما انصرف قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: هذا الرجل من أهل الجنة، قال عبد الله بن عمروا: فأتيته فقلت: يا عماه الضيافة قال نعم فإذا له خيمة وشاة ونخل فلما أمسى خرج من خيمته فاحتلب العنز واجتنى لي رطبا ثم وضعه فأكلت معه فبات نائما وبت قائما وأصبح مفطرا وأصبحت صائما ففعل ذلك ثلاث ليال فقلت له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيك: إنك من أهل الجنة فأخبرني ما عملك فائت الذي أخبرك حتى يخبرك بعملي فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ائته فمره أن يخبرك فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تخبرني، قال: أما الآن فنعم فقال: لو كانت الدنيا لي فأخذت مني لم أحزن عليها ولو أعطيتها لم أفرح بها وأبيت وليس في قلبي غل على أحد قال عبد الله: لكني والله أقوم الليل وأصوم النهار ولو وهبت لي شاة لفرحت بها ولو ذهبت لحزنت عليها والله لقد فضلك الله علينا فضلا بينا). [الدر المنثور: 14/385-386]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 08:07 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (ثم قال: {مّا أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى...} هذه الثلاث، فهو لله وللرسول خالص). [معاني القرآن: 3/144]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (ثم قال: {ولذي القربى...}.لقرابة رسول الله صلى الله عليه {واليتامى}. يتامى المسلمين عامة، وفيها يتامى بني عبد المطلب {والمساكين} مساكين المسلمين ليس فيها مساكين بني عبد المطلب). [معاني القرآن: 3/144]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (ثم قال: كي لا يكون ذلك الفيء دولة بين الأغنياء ـ الرؤساء ـ يعمل به كما كان يعمل في الجاهلية، ونزل في الرؤساء: {وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا...} فرضوا. والدّولة: قرأها الناس برفع الدال إلا السّلميّ -فيما أعلم- فإنه قرأ: (دولة) بالفتح، وليس هذا للدّولة بموضع إنما الدّولة في الجيشين يهزم هذا هذا، ثم يهزم الهازم، فتقول: قد رجعت الدولة على هؤلاء، كأنها المرة، والدّولة في الملك والسنن التي تغيّر وتبدّل على الدهر، فتلك الدّولة.
وقد قرأ بعض العرب: (دولةٌ)، وأكثرهم نصبها وبعضهم: يكون، وبعضهم: تكون). [معاني القرآن: 3/145]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({كي لا يكون دولةً بين الأغنياءٍ منكم} مضمومة ومفتوحة). [مجاز القرآن: 2/256]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({مّا أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فللّه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل كي لا يكون دولةً بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتّقوا اللّه إنّ اللّه شديد العقاب}
وقال: {كي لا يكون دولةً} و"الدّولة" في هذا المعنى أن يكون ذلك المال مرة لهذا ومرة لهذا وتقول: "كانت لنا عليهم الدولة". وأما انتصابها فعلى "كيلا يكون الفيء دولةً" و"كيلا تكون دولةً" أي: "لا تكون الغنيمة دولةً" [و] يزعمون أنّ "الدولة" أيضا في المال لغةٌ للعرب، ولا تكاد تعرف "الدولةٌ في المال"). [معاني القرآن: 4/28]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ((الدولة): الملك يكون في أيدي قوم ثم ينتقل إلى غيرهم فيقال الملك دولة ودول). [غريب القرآن وتفسيره: 374]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({كي لا يكون دولةً}... من «التداول»، أي يتداوله الأغنياء بينهم). [تفسير غريب القرآن: 460]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فللّه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتّقوا اللّه إنّ اللّه شديد العقاب}
معنى {فللّه} أي له أن يأمركم فيه بما أحبّ.
{وللرسول ولذي القربى} يعني ذوي قرابات النبي -صلى الله عليه وسلم- لأنهم قد منعوا الصدقة فجعل لهم حق في الفيء.
{واليتامى والمساكين وابن السّبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم}). [معاني القرآن: 5/145]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم} يقرأ بضم الدال وفتحها - فالدّولة اسم الشيء الذي يتداول. و"الدّولة" الفعل والانتقال من حال إلى حال.
وقرئت أيضا (دولة) -بالرفع- فمن قرأ " كيلا يكون دولة " فعلى أن يكون على مذهب التمام.
ويجوز أن يكون (دولة) اسم يكون وخبرها "بين الأغنياء". والأكثر {كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم} على معنى كيلا يكون الفيء دولة، أي متداولا.
وقوله: {وما آتاكم الرسول فخذوه} أي من الفيء. {وما نهاكم عنه} أي عن أخذه {فانتهوا}). [معاني القرآن: 5/146]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الدولة}: الملك). [العمدة في غريب القرآن: 303]

تفسير قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {للفقراء المهاجرين الّذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من اللّه ورضوانا وينصرون اللّه ورسوله أولئك هم الصّادقون} بيّن من المساكين الذين لهم الحق فقال: {الّذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم}). [معاني القرآن: 5/145]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبلهم...} يعني: الأنصار، يحبون من هاجر إليهم لما أعطي المهاجرون ما قسم لهم النبي صلى الله عليه من فيء بني النضير لم يأمن على غيرهم أن يحسدهم إذا لم يقسم لهم. فقال النبي صلى الله عليه للأنصار: إن شئتم قسمتم لهم من دوركم وأموالكم، وقسمت لكم كما قسمت لهم، وإما أن يكون لهم القسم، ولكم دياركم وأموالكم، فقالوا: لا، بل تقسم لهم من ديارنا وأموالنا ولا نشاركهم في القسم، فأنزل الله جل وعز هذه الآيات ثناء على الأنصار، فقال: {يحبّون من هاجر إليهم...} يعني المهاجرين: {ولا يجدون في صدورهم...} الآية. وفي قراءة عبد الله {والّذين جاءوا من بعدهم...} يعني المهاجرين: يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين تبوءوا الإيمان من قبل، وألّف بين قلوبنا، ولا تجعل فيها غمرا للذين آمنوا). [معاني القرآن: 3/145]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبلهم يحبّون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجةً مّمّا أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون}وقال: {ولا يجدون في صدورهم حاجةً مّمّا أوتوا} أي: ممّا أعطوا). [معاني القرآن: 4/29]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبلهم يحبّون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة ممّا أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون} يعني الأنصار.
{والإيمان من قبلهم} يعني المهاجرين.
{يحبّون من هاجر إليهم} أي يحب الأنصار المؤمنين.
{ولا يجدون في صدورهم حاجة ممّا أوتوا} أي لا يجد الأنصار في صدورهم حاجة مما يعطى المهاجرون.
وقوله: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} قال أبو إسحاق: ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى نحو خيبر. وما أشبهها، فالأمر عند أهل الحجاز في قسمة الفيء أنه يفرّق في هذه الأصناف المسمّاة على قدر ما يراه الإمام على التحري للصلاح في ذلك إن رأى الإمام ذلك، وإن رأى أنّ صنفا من الأصناف يحتاج فيه إلى جميع الفيء صرف فيه أو في هذه الأصناف على قدر ما يرى). [معاني القرآن: 5/145-146]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ) : ({خصاصة} أي: حاجة). [ياقوتة الصراط: 509]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({تبوؤا}: نزلوا. {خصاصة}: فقر). [العمدة في غريب القرآن: 303]


تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وفي قراءة عبد الله {والّذين جاءوا من بعدهم...} يعني المهاجرين: يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين تبوءوا الإيمان من قبل، وألّف بين قلوبنا، ولا تجعل فيها غمرا للذين آمنوا). [معاني القرآن: 3/145](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله {والّذين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلّا للّذين آمنوا ربّنا إنّك رءوف رحيم} أي ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فلله ولرسوله ولهؤلاء المسلمين وللذين يجيئون من بعدهم إلى يوم القيامة، ما أقاموا على محبة - أصحاب رسول الله عليه السلام. ودليل ذلك قوله: {والّذين جاءوا من بعدهم} في حال قولهم: {ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان..} الآية، فمن يترحم على أصحاب رسول اللّه ولم يكن في قلبه غل لهم أجمعين فله حظّ في فيء المسلمين، ومن شتمهم ولم يترحم عليهم أو كان في قلبه غلّ لهم فما جعل الله له حقّا في شيء من فيء المسلمين. فهذا نصّ الكتاب بيّن). [معاني القرآن: 5/146-147]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((الغل): الحقد). [العمدة في غريب القرآن: 303]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 08:10 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) }
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (وتقول: أفأت عليهم فيئا [إفاءة] إذا أدرت لهم فيئا [فيئا] أخذ منهم أو أخذت لهم سلب قوم آخرين فجئتهم به. وقال الله عز وجل: {ما أفاء الله على رسوله} ). [كتاب الهمز: 22] (م)
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل: أي الصوم أفضل بعد شهر رمضان؟ فقال: ((شهر الله المحرم)).
قال: حدثناه هشيم عن منصور عن الحسن يرفع الحديث.
قوله: شهر الله المحرم، أراه قد نسبه إلى الله تبارك وتعالى وقد علمنا أن الشهور كلها لله جل ثناؤه ولكنه إنما ينسب إليه تبارك وتعالى كل شيء يعظم
ويشرف.
وكان سفيان بن عيينة يقول: إن قول الله تبارك وتعالى: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه}.
وقوله عز وجل: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول}، فنسب المغنم والفيء إلى نفسه، وذلك أنهما أشرف الكسب، إنما هما بمجاهدة العدو.
ولم يذكر ذلك عند الصدقة في قوله: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين}، ولم يقل: لله وللفقراء، لأن الصدقة أوساخ الناس، واكتسابها مكروه إلا للمضطر إليها.
فكذلك عندي قوله: ((شهر الله المحرم))، إنما هو على جهة التعظيم له، وذلك لأنه جعله حراما لا يحل فيه قتال ولا سفك دم). [غريب الحديث: 2/209-212] (م)
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (قال أبو يوسف أخبرني محمد بن سلام الجمحي قال سألت يونس عن قول الله جل وعز: {كي لا يكون دولة} فقال: قال أبو عمرو بن العلاء: الدولة في المال والدولة في الحرب قال وقال عيسى بن عمر: كلتاهما تكون في الحرب والمال سواء قال: وقال: أما أنا فوالله ما أدري ما بينهما). [إصلاح المنطق: 115]


تفسير قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) }

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) }

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 2 ذو الحجة 1435هـ/26-09-2014م, 08:15 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 2 ذو الحجة 1435هـ/26-09-2014م, 08:15 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 2 ذو الحجة 1435هـ/26-09-2014م, 08:16 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 2 ذو الحجة 1435هـ/26-09-2014م, 08:16 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فللّه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل كي لا يكون دولةً بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتّقوا اللّه إنّ اللّه شديد العقاب (7) للفقراء المهاجرين الّذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من اللّه ورضواناً وينصرون اللّه ورسوله أولئك هم الصّادقون (8)
أهل القرى المذكورون في هذه الآية هم أهل الصفراء والينبوع ووادي القرى، وما هنالك من قرى العرب التي تسمى قرى عربية، وحكمها مخالف لبني النضير، ولم يحبس من هذه رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه شيئا بل أمضاها لغيره، وذلك أنها في ذلك الوقت فتحت، واختلف الناس في صفة فتحها فقيل: عن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبعث بعثا إلى كل مكان فطاع وأعطاه أهله فكان مما لم يوجف عليه، وكان حكمه حكم خمس الغنائم، وليس في الآية نسخ على هذا التأويل، وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم جميع ذلك للمهاجرين ولم يعط الأنصار منها شيئا. وقال قتادة وزيد بن رومان:
كانت هذه القرى قد أوجف عليها، ولكن هذا حكم ما يوجف عليه، ثم نسخ الله تعالى هذا الحكم بآية الأنفال فجعل فيها الخمس لهذه الأصناف وبقيت الأربعة الأخماس للمقاتلة، وآية هذه السورة لم يكن فيها للمقاتلة شيء، وهذا القول يضعف، لأن آية الأنفال نزلت إثر بدر وقبل بني النضير وقبل أمر هذه القرى بسنة ونيف. والقربى في هذه الآية قرابة النبي صلى الله عليه وسلم منعوا الصدقة وعوضوا من الفيء.
وقوله تعالى: كي لا يكون دولةً بين الأغنياء منكم مخاطبة للأنصار لأنه لم يكن في المهاجرين في ذلك الوقت غني، وقرأ جمهور الناس «يكون» بالياء، وقرأ ابن مسعود وأبو جعفر وهشام عن ابن عامر: بالتاء وهي كان التامة. وقرأ جمهور الناس: «دولة» بضم الدال ونصب الهاء. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي: «دولة» بفتح الدال ونصب الهاء. وقرأ أبو جعفر بن القعقاع وهشام عن ابن عامر: «دولة» بضم الدال والهاء. وقال عيسى بن عمرهما بمعنى واحد. وقال الكسائي وحذاق النظرة الفتح في الملك: بضم الميم لأنها الفعلة في الدهر والضم في الملك بكسر الميم. والمعنى أنها كالعواري فيتداول ذلك المال الأغنياء بتصرفاتهم ويبقى المساكين بلا شيء ولا حظ في شيء من هذه الأموال ليتيم غني ولا لابن سبيل حاضر المال، وقد مضى القول في الغنائم في سورة الأنفال، وروي: أن قوما من الأنصار تكلموا في هذه القرى المفتتحة وقالوا: لنا منها سهمنا فنزل قوله تعالى: وما آتاكم الرّسول فخذوه الآية، مؤدبا في ذلك وزاجرا ثم اطرد بعد معنى الآية في أوامر النبي صلى الله عليه وسلم ونواهيه حتى قال قوم إن الخمر محرمة في كتاب الله بهذه الآية، وانتزع منها ابن مسعود: لعنة الواشمة والمستوشمة الحديث. ورأى محرما في ثيابه المخيطة. فقال له: اطرح هذا عنك، فقال له الرجل: أتقرأ علي بذلك آية من كتاب الله تعالى فقال ابن مسعود: نعم، وتلا هذه الآية). [المحرر الوجيز: 8/ 264-265]

تفسير قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): (وقوله تعالى: للفقراء المهاجرين بيان لقوله: والمساكين وابن السّبيل فكرر لام الجر لما كانت الأولى مجرورة باللام ليبين أن البدل إنما هو منها، ثم وصفهم تعالى بالصفة التي تقتضي فقرهم وتوجب الإشفاق عليهم وهي إخراجهم من ديارهم وأموالهم، وجميع المهاجرين إما أخرجهم الكفار وإما أحوال الكفار وظهورهم، وفرض الهجرة في ذلك الوقت، ووصفهم بالفقر وإن كان لهم بعض أحوال وهي حال للفقر في اللغة، وقد مضى بيان هذا في سورة الكهف. وقوله يبتغون في موضع الحال، و «الفضل والرضوان» يراد به الآخرة والجنة، و «نصر الله» تعالى هو نصر شرعه ونبيه، والصّادقون في هذه الآية يجمع صدق اللسان وصدق الأفعال، لأن أفعالهم في أمر هجرتهم إنما كانت وفق أقوالهم). [المحرر الوجيز: 8/ 265-266]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: والّذين تبوّؤا الدّار والإيمان من قبلهم يحبّون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجةً ممّا أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون (9) والّذين جاؤ من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ للّذين آمنوا ربّنا إنّك رؤفٌ رحيمٌ (10)
الّذين تبوّؤا هم الأنصار، والضمير في قبلهم للمهاجرين، و «الدار» هي المدينة، والمعنى: تبوءوا الدار مع الإيمان معا، وبهذا الاقتران يصح معنى قوله: من قبلهم فتأمله، والإيمان لا يتبوأ لأنه ليس مكانا ولكن هذا من بليغ الكلام ويتخرج على وجوه كلها جميل حسن.
وأثنى الله تعالى في هذه الآية على الأنصار بأنهم يحبّون المهاجرين، وبأنهم يؤثرون على أنفسهم وبأنهم قد وقوا شح أنفسهم لأن مقتضى قوله: ومن يوق شحّ نفسه الآية. أن هؤلاء الممدوحين قد وقوا الشح، والحاجة: الحسد في هذا الموضع، قاله الحسن وتعم بعد جميع الوجوه التي هي بخلاف ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في إعطاء المهاجرين أموال بني النضير والقرى، وأوتوا معناه: أعطوا، والضمير المرفوع بأن لم يسم فاعله هو للمهاجرين، وقوله تعالى: ويؤثرون الآية، صفة للأنصار. وقد روي من غير ما طريق، أنها نزلت بسبب رجل من الأنصار، قال أبو المتوكل: هو ثابت بن قيس، وقال أبي هريرة في كتاب مكي: كنية هذا الرجل أبو طلحة، وخلط المهدوي في ذكر هذا الرجل ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: والله ما عندنا إلا قوت الصبية، فقال: نومي صبيتك وأطفئي السراج وقدمي ما عندك للضيف ونوهمه نحن أنا نأكل، ففعلا ذلك فلما غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عجب الله من فعلكما البارحة، ونزلت الآية في ذلك، والإيثار على النفس أكرم خلق، وقال حذيفة العدوي:طلبت يوم اليرموك ابن عم لي في الجرحى ومعي شيء من ماء، فوجدته، فقلت: أسقيك؟ فأشار أن نعم، فإذا رجل يصيح آه، فأشار ابن عمي أن انطلق إليه فجئته فإذا هو هشام بن العاصي، فقلت: اشرب فإذا آخر يقول: آه، فأشار هشام أن انطلق إليه، فجئته، فإذا به قد فاضت نفسه، فرجعت إلى هشام، فإذا هو قد مات، فرجعت إلى ابن عمي فإذا هو قد مات، فعجبت من إيثارهم رحمهم الله وقال أبو زيد البسطامي:قدم علينا شاب من بلخ حاجا فقال: ما حد الزهد عندكم؟ فقلت: إذا وجدنا أكلنا وإذا فقدنا صبرنا، فقال: هكذا عندنا كلاب بلخ، فقلت له: فما هو عندكم، فقال: إذا فقدنا صبرنا وإذا وجدنا آثرنا وروي: أن سبب هذه الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قسم هذه القرى في المهاجرين قال للأنصار: «إن شئتم قسمتم للمهاجرين من أموالكم ودياركم وشاركتموهم في هذه الغنيمة، وإن شئتم أمسكتم أموالكم وتركتم لهم هذه»، فقالوا: بل نقسم لهم من أموالنا ونترك لهم هذه الغنيمة، فنزلت هذه الآية.
والخصاصة: الفاقة والحاجة، وهو مأخوذ من خصائص البيت وهو ما يبقى بين عيدانه من الفرج والفتوح فكأن حال الفقير هي كذلك يتخللها النقص والاحتياج، و «شح النفس» هو كثرة منعها وضبطها على المال والرغبة فيه وامتداد الأمل هذا جماع شح النفس وهو داعية كل خلق سوء، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أدى الزكاة المفروضة وقرى الضيف وأعطى في النائبة فقد برئ من الشح»، واختلف الناس بعد هذا الذي قلنا، فذهب الجمهور والعارفون بالكلام إلى هذا وعلى هذا التأويل، كان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يطوف ويقول: اللهم قني شح نفسي، لا يزيد على ذلك، فقيل له في ذلك فقال إذا وقيته لم أفعل سوءا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «شح النفس» فقر لا يذهبه غنى المال بل يزيده وينصب به، وقال ابن زيد وابن جبير وجماعة: من لم يأخذ شيئا نهاه الله تعالى عنه ولم يمنع الزكاة المفروضة فقد برئ من شح النفس. وقال ابن مسعود رحمه الله «شح النفس»: هو أكل مال الغير بالباطل، وأما منع الإنسان ماله فهو بخل وهو قبيح، ولكنه ليس بالشح. وقرأ عبد الله بن عمر: «شح» بكسر السين، ويوقى وزنه: يفعل من وقى يقي مثل وزن يزن. وقرأ أبو حيوة: «يوقّ» بفتح الواو وشد القاف والمفلحون: الفائزون ببغيتهم). [المحرر الوجيز: 8/ 266-268]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف الناس في قوله تعالى: والّذين جاؤ من بعدهم فقال الفراء: أراد الفرقة الثالثة من الصحابة وهي من آمن أو كبر في آخر مدة النبي صلى الله عليه وسلم. وقال جمهور العلماء: أراد من يجيء من التابعين وغيرهم إلى يوم القيامة، فوصف الله تعالى القول الذي ينبغي أن يلتزمه كل من لم يكن من الصدر الأول وإعراب الّذين رفع عطفا على هم أو على الّذين أو رفع بالابتداء. وقوله تعالى: يقولون حال فيها الفائدة والمراد: والذين جاؤوا قائلون كذا أو يكون يقولون صفة، ولهذه الآية قال مالك وغيره: إنه من كان له في أحد من الصحابة قول سوء أو بغض فلا حظ له في الغنيمة أدبا له، وجاء عراقيون إلى علي بن الحسين فسبوا أبا بكر وعمر وعثمان فقال لهم: أمن المهاجرين الأولين أنتم؟ فقالوا:لا، أفمن الّذين تبوّؤا الدّار والإيمان؟ قالوا: لا، قال فقد تبرأتم من هذين الفريقين، وأنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله تعالى فيهم: والّذين جاؤ من بعدهم الآية. قوموا فعل الله بكم وفعل، وقال الحسن أدركت ثلاثمائة من الصحابة منهم سبعون بدريا كلهم يحدثني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه. فالجماعة أن لا تسبوا الصحابة ولا تماروا في دين الله ولا تكفروا أحدا من أهل التوحيد بذنب». والغل: الحقد والاعتقاد الرديء، وقرأ الأعمش: «في قلوبنا غمرا للذين» والغمر: الحقد، وقد تقدم الاختلاف في قراءة رؤفٌ). [المحرر الوجيز: 8/ 268-269]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 2 ذو الحجة 1435هـ/26-09-2014م, 08:16 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 2 ذو الحجة 1435هـ/26-09-2014م, 08:16 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما أفاء اللّه على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولا ركابٍ ولكنّ اللّه يسلّط رسله على من يشاء واللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ (6) ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فللّه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل كي لا يكون دولةً بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتّقوا اللّه إنّ اللّه شديد العقاب (7)}
يقول تعالى مبينًا لما الفيء وما صفته؟ وما حكمه؟ فالفيء: فكلّ مالٍ أخذ من الكفّار بغير قتالٍ ولا إيجاف خيلٍ ولا ركابٍ، كأموال بني النّضير هذه، فإنّها ممّا لم يوجف المسلمون عليه بخيلٍ ولا ركابٍ، أي: لم يقاتلوا الأعداء فيها بالمبارزة والمصاولة، بل نزل أولئك من الرّعب الّذي ألقى اللّه في قلوبهم من هيبة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأفاءه اللّه على رسوله؛ ولهذا تصرّف فيه كما شاء، فردّه على المسلمين في وجوه البرّ والمصالح الّتي ذكرها اللّه، عزّ وجلّ، في هذه الآيات، فقال: {وما أفاء اللّه على رسوله منهم} أي: من بني النّضير {فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولا ركابٍ} يعني: الإبل، {ولكنّ اللّه يسلّط رسله على من يشاء واللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} أي: هو قديرٌ لا يغالب ولا يمانع، بل هو القاهر لكلّ شيءٍ.
ثمّ قال: {ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى} أي: جميع البلدان الّتي تفتح هكذا، فحكمها حكم أموال بني النّضير؛ ولهذا قال: {فللّه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين} إلى آخرها والّتي بعدها. فهذه مصارف أموال الفيء ووجوهه.
قال الإمام أحمد: حدّثنا سفيان، عن عمرٍو ومعمر، عن الزّهريّ، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر، رضي اللّه عنه، قال: كانت أموال بني النّضير ممّا أفاء اللّه إلى رسوله ممّا لم يوجف المسلمون عليه بخيلٍ ولا ركابٍ، فكانت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خالصةً فكان ينفق على أهله منها نفقة سنته -وقال مرّة: قوت سنته- وما بقي جعله في الكراع والسّلاح في سبيل اللّه، عزّ وجلّ.
هكذا أخرجه أحمد هاهنا مختصرًا، وقد أخرجه الجماعة في كتبهم -إلّا ابن ماجه-من حديث سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، عن الزّهريّ، به وقد رويناه مطوّلًا فقال أبو داود، رحمه اللّه:حدّثنا الحسن بن عليٍّ ومحمّد بن يحيى بن فارسٍ -المعنى واحدٌ-قالا حدّثنا بشر بن عمر الزّهرانيّ، حدّثني مالك بن أنسٍ، عن ابن شهابٍ، عن مالك بن أوسٍ قال: أرسل إلىّ عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، حين تعالى النّهار، فجئته فوجدته جالسًا على سريرٍ مفضيًا إلى رماله، فقال حين دخلت عليه: يا مال، إنّه قد دفّ أهل أبياتٍ من قومك، وقد أمرت فيهم بشيءٍ، فاقسم فيهم. قلت: لو أمرت غيري بذلك؟ فقال: خذه. فجاءه يرفا، فقال: يا أميرالمؤمنين، هل لك في عثمان بن عفّان، وعبد الرّحمن بن عوفٍ، والزّبير بن العوّام، وسعد بن أبي وقّاصٍ؟ فقال: نعم. فأذن لهم فدخلوا، ثمّ جاءه يرفا فقال: يا أمير المؤمنين، هل لك في العبّاس وعليٍّ؟ قال: نعم. فأذن لهم فدخلوا، فقال العبّاس: يا أمير المؤمنين، اقض بيني وبين هذا -يعني: عليًّا- فقال بعضهم: أجل يا أمير المؤمنين، اقض بينهما وأرحهما. قال مالك بن أوسٍ: خيّل إليّ أنّهما قدّما أولئك النّفر لذلك. فقال عمر، رضي اللّه عنه: اتّئدا. ثمّ أقبل على أولئك الرّهط فقال: أنشدكم باللّه الّذي بإذنه تقوم السّماء والأرض، هل تعلمون أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لا نورث، ما تركنا صدقةٌ". قالوا: نعم. ثمّ أقبل على عليٍّ والعبّاس فقال: أنشدكما باللّه الّذي بإذنه تقوم السّماء والأرض، هل تعلمان أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لا نورث، ما تركنا صدقةٌ". فقالا نعم. فقال: فإنّ اللّه خصّ رسوله بخاصّةٍ لم يخصّ بها أحدًا من النّاس، فقال: {وما أفاء اللّه على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولا ركابٍ ولكنّ اللّه يسلّط رسله على من يشاء واللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} فكان اللّه أفاء إلى رسوله أموال بني النّضير، فواللّه ما استأثر بها عليكم ولا أحرزها دونكم، فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يأخذ منها نفقة سنةٍ -أو: نفقته ونفقة أهله سنةً- ويجعل ما بقي أسوة المال. ثمّ أقبل عليّ أولئك الرّهط فقال: أنشدكم باللّه الّذي بإذنه تقوم السّماء والأرض: هل تعلمون ذلك؟ قالوا: نعم. ثمّ أقبل على عليٍّ والعبّاس فقال: أنشدكما باللّه الّذي بإذنه تقوم السّماء والأرض: هل تعلمان ذلك؟ قالا نعم. فلمّا توفي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال أبو بكرٍ: "أنا وليّ رسول اللّه"، فجئت أنت وهذا إلى أبي بكرٍ، تطلب أنت ميراثك عن ابن أخيك، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها، فقال أبو بكرٍ، رضي اللّه عنه: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا نورث، ما تركنا صدقةٌ". واللّه يعلم إنّه لصادقٌ بارٌّ راشدٌ تابعٌ للحقّ. فوليها أبو بكرٍ، فلمّا توفّي قلت: أنا وليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ووليّ أبي بكرٍ، فوليتها ما شاء اللّه أن أليها، فجئت أنت وهذا، وأنتما جميع وأمركما واحدٌ، فسألتمانيها، فقلت: إن شئتما فأنا أدفعها إليكما على أنّ عليكما عهد اللّه أن تلياها بالّذي كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يليها، فأخذتماها منّي على ذلك، ثمّ جئتماني لأقضي بينكما بغير ذلك. واللّه لا أقضي بينكما بغير ذلك حتّى تقوم السّاعة، فإن عجزتما عنها فردّاها إليّ.
أخرجوه من حديث الزّهريّ، به. وقال الإمام أحمد:حدّثنا عارمٌ وعفّان قالا حدّثنا معتمرٌ، سمعت أبي يقول: حدّثنا أنس بن مالكٍ، عن نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إنّ الرّجل كان يجعل له من ماله النّخلات، أو كما شاء اللّه، حتّى فتحت عليه قريظة والنّضير. قال: فجعل يردّ بعد ذلك، قال: وإنّ أهلي أمروني أن آتي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأسأله الّذي كان أهله أعطوه أو بعضه، وكان نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد أعطاه أمّ أيمن، أو كما شاء اللّه، قال: فسألت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأعطانيهنّ، فجاءت أمّ أيمن فجعلت الثوب في عنقي وجعلت تقول: كلّا واللّه الّذي لا إله إلّا هو لا يعطيكهنّ وقد أعطانيهنّ، أو كما قالت، فقال نبيّ اللّه: "لك كذا وكذا". قال: وتقول:كلّا واللّه. قال ويقول: "لك كذا وكذا". قال: وتقول: كلّا واللّه. قال: "ويقول: لك كذا وكذا". قال: حتّى أعطاها، حسبت أنّه قال: عشرة أمثالٍ أو قال قريبًا من عشرة أمثاله، أو كما قال.
رواه البخاريّ ومسلمٌ من طرق عن معتمرٍ، به.
وهذه المصارف المذكورة في هذه الآية هي المصارف المذكورة في خمس الغنيمة. وقد قدّمنا الكلام عليها في سورة "الأنفال" بما أغنى عن إعادته هاهنا، وللّه الحمد.
وقوله: {كي لا يكون دولةً بين الأغنياء منكم} أي: جعلنا هذه المصارف لمال الفيء لئلّا يبقى مأكلةً يتغلّب عليها الأغنياء ويتصرّفون فيها، بمحض الشّهوات والآراء، ولا يصرفون منه شيئًا إلى الفقراء.
وقوله: {وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} أي: مهما أمركم به فافعلوه، ومهما نهاكم عنه فاجتنبوه، فإنّه إنّما يأمر بخيرٍ وإنّما ينهى عن شرٍّ.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا يحيى بن أبي طالبٍ، حدّثنا عبد الوهّاب، حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن العوفيّ، عن يحيى بن الجزّار، عن مسروقٍ قال: جاءت امرأةٌ إلى ابن مسعودٍ فقالت: بلغني أنّك تنهى عن الواشمة والواصلة، أشيءٌ وجدته في كتاب اللّه أو عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ قال: بلى، شيءٌ وجدته في كتاب اللّه وعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. قالت: واللّه لقد تصفّحت ما بين دفّتي المصحف فما وجدت فيه الّذي تقول!. قال: فما وجدت فيه: {وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}؟ قالت: بلى. قال: فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ينهى عن الواصلة والواشمة والنّامصة. قالت: فلعلّه في بعض أهلك. قال: فادخلي فانظري. فدخلت فنظرت ثمّ خرجت، قالت: ما رأيت بأسًا. فقال لها: أما حفظت وصيّة العبد الصّالح: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه}
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّحمن، حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، [عن إبراهيم] عن علقمة، عن عبد اللّه -هو ابن مسعودٍ-قال: لعن اللّه الواشمات والمستوشمات، والمتنمّصات، والمتفلجات للحسن، المغيّرات خلق اللّه، عزّ وجلّ. قال: فبلغ امرأةً في البيت يقال لها: "أمّ يعقوب"، فجاءت إليه فقالت: بلغني أنّك قلت كيت وكيت. قال: ما لي لا ألعن من لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وفي كتاب اللّه. فقالت: إنّي لأقرأ ما بين لوحيه فما وجدته. فقال: إن كنت قرأتيه فقد وجدتيه. أما قرأت: {وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}؟ قالت: بلى. قال: فإنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم نهى عنه. قالت: [إنّي] لأظنّ أهلك يفعلونه. قال: اذهبي فانظري.فذهبت فلم تر من حاجتها شيئًا، فجاءت فقالت: ما رأيت شيئًا. قال: لو كانت كذلك لم تجامعنا.
أخرجاه في الصّحيحين، من حديث سفيان الثّوريّ.
وقد ثبت في الصّحيحين أيضًا عن أبي هريرة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إذا أمرتكم بأمرٍ فائتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه"..
وقال النّسائيّ: أخبرنا أحمد بن سعيدٍ، حدّثنا يزيد، حدّثنا منصور بن حيّان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر وابن عبّاسٍ: أنّهما شهدا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أنّه نهى عن الدّباء والحنتم والنّقير والمزفّت، ثمّ تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}.
وقوله: {واتّقوا اللّه إنّ اللّه شديد العقاب} أي: اتّقوه في امتثال أوامره وترك زواجره؛ فإنّه شديد العقاب لمن عصاه وخالف أمره وأباه، وارتكب ما عنه زجره ونهاه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 65-68]

تفسير قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({للفقراء المهاجرين الّذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلًا من اللّه ورضوانًا وينصرون اللّه ورسوله أولئك هم الصّادقون (8) والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبلهم يحبّون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجةً ممّا أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون (9) والّذين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلًّا للّذين آمنوا ربّنا إنّك رءوفٌ رحيمٌ (10)}
يقول تعالى مبيّنًا حال الفقراء المستحقّين لمال الفيء أنّهم {الّذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من اللّه ورضوانًا} أي: خرجوا من ديارهم وخالفوا قومهم ابتغاء مرضاة اللّه ورضوانه {وينصرون اللّه ورسوله أولئك هم الصّادقون} أي: هؤلاء الّذين صدقوا قولهم بفعلهم، وهؤلاء هم سادات المهاجرين). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 68]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى مادحًا للأنصار، ومبيّنًا فضلهم وشرفهم وكرمهم وعدم حسدهم، وإيثارهم مع الحاجة، فقال: {والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبلهم} أي: سكنوا دار الهجرة من قبل المهاجرين وآمنوا قبل كثيرٍ منهم.
قال عمر: وأوصي الخليفة [من] بعدي بالمهاجرين الأوّلين أن يعرف لهم حقّهم، ويحفظ لهم كرامتهم. وأوصيه بالأنصار خيرًا الّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبل، أن يقبل من محسنهم،وأن يعفو عن مسيئهم. رواه البخاري هاهنا أيضًا.
وقوله: {يحبّون من هاجر إليهم} أي: من كرمهم وشرف أنفسهم، يحبّون المهاجرين ويواسونهم بأموالهم.
قال الإمام أحمد: حدّثنا يزيد، حدّثنا حميدٌ، عن أنسٍ قال: قال المهاجرون: يا رسول اللّه، ما رأينا مثل قومٍ قدمنا عليهم أحسن مواساةً في قليلٍ ولا أحسن بذلًا في كثيرٍ، لقد كفونا المؤنة، وأشركونا في المهنّإ، حتّى لقد خشينا أن يذهبوا بالأجر كلّه! قال: "لا ما أثنيتم عليهم ودعوتم اللّه لهم".
لم أره في الكتب من هذا الوجه.
وقال البخاريّ: حدّثنا عبد اللّه بن محمّدٍ، حدّثنا سفيان، عن يحيى بن سعيدٍ، سمع أنس بن مالكٍ حين خرج معه إلى الوليد قال: دعا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الأنصار أن يقطع لهم البحرين، قالوا: لا إلّا أن تقطع لإخواننا من المهاجرين مثلها. قال: "إمّا لا فاصبروا حتّى تلقوني، فإنّه سيصيبكم [بعدي] أثرةٌ".
تفرّد به البخاريّ من هذا الوجه
قال البخاريّ: حدّثنا الحكم بن نافعٍ، أخبرنا شعيبٌ، حدّثنا أبو الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قالت الأنصار: اقسم بيننا وبين إخواننا النّخيل. قال: لا. فقالوا: تكفونا المؤنة ونشرككم في الثّمرة؟ قالوا: سمعنا وأطعنا. تفرّد به دون مسلمٍ.
{ولا يجدون في صدورهم حاجةً ممّا أوتوا} أي: ولا يجدون في أنفسهم حسدًا للمهاجرين فيما فضّلهم اللّه به من المنزلة والشّرف، والتّقديم في الذّكر والرّتبة.
قال: الحسن البصريّ: {ولا يجدون في صدورهم حاجةً} يعني: الحسد.
{ممّا أوتوا} قال قتادة: يعني فيما أعطى إخوانهم. وكذا قال ابن زيدٍ. وممّا يستدلّ به على هذا المعنى ما رواه الإمام أحمد حيث قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، حدّثنا معمر، عن الزّهريّ، عن أنسٍ قال: كنّا جلوسًا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: "يطّلع عليكم الآن رجلٌ من أهل الجنّة". فطلع رجلٌ من الأنصار تنظف لحيته من وضوئه، قد تعلّق نعليه بيده الشّمال، فلمّا كان الغد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مثل ذلك، فطلع ذلك الرّجل مثل المرّة الأولى. فلمّا كان اليوم الثّالث قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مثل مقالته أيضًا، فطلعذلك الرّجل على مثل حالته الأولى فلمّا قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تبعه عبد اللّه بن عمرو بن العاص، فقال: إنّي لاحيت أبي فأقسمت ألّا أدخل عليه ثلاثًا، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتّى تمضي فعلت. قال: نعم. قال أنسٌ: فكان عبد اللّه يحدّث أنّه بات معه تلك الثّلاث اللّيالي فلم يره يقوم من اللّيل شيئًا، غير أنّه إذا تعارّ تقلّب على فراشه، ذكر اللّه وكبّر، حتّى يقوم لصلاة الفجر. قال عبد اللّه: غير أنّي لم أسمعه يقول إلّا خيرًا، فلمّا مضت الثّلاث ليالٍ وكدت أن أحتقر عمله، قلت: يا عبد اللّه، لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر ولكن سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول لك ثلاث مرار يطلع عليكم الآن رجلٌ من أهل الجنّة". فطلعت أنت الثّلاث المرار فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي به، فلم أرك تعمل كثير عملٍ، فما الّذي بلغ بك ما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ قال: ما هو إلّا ما رأيت. فلمّا ولّيت دعاني فقال: ما هو إلّا ما رأيت، غير أنّي لا أجد في نفسي لأحدٍ من المسلمين غشّا، ولا أحسد أحدًا على خيرٍ أعطاه اللّه إيّاه. قال عبد اللّه: هذه الّتي بلغت بك، وهي الّتي لا تطاق.
ورواه النّسائيّ في اليوم واللّيلة، عن سويد بن نصرٍ، عن ابن المبارك، عن معمرٍ به وهذا إسنادٌ صحيحٌ على شرط الصّحيحين، لكن رواه عقيلٌ وغيره عن الزّهريّ، عن رجلٍ، عن أنسٍ. فاللّه أعلم.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قوله: {ولا يجدون في صدورهم حاجةً ممّا أوتوا} يعني {ممّا أوتوا} المهاجرون. قال: وتكلّم في أموال بني النّضير بعض من تكلّم من الأنصار، فعاتبهم اللّه في ذلك، فقال: {وما أفاء اللّه على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولا ركابٍ ولكنّ اللّه يسلّط رسله على من يشاء واللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} قال: وقال رسول اللّه: "إنّ إخوانكم قد تركوا الأموال والأولاد وخرجوا إليكم". فقالوا: أموالنا بيننا قطائع. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أو غير ذلك؟ ". قالوا: وما ذاك يا رسول اللّه؟ قال: "هم قومٌ لا يعرفون العمل، فتكفونهم وتقاسمونهم الثّمر". فقالوا: نعم يا رسول اللّه
وقوله: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ} يعني: حاجةً، أي: يقدّمون المحاويج على حاجة أنفسهم، ويبدءون بالنّاس قبلهم في حال احتياجهم إلى ذلك.
وقد ثبت في الصّحيح عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم أنه قال: " أفضل الصّدقة جهد المقلّ". وهذا المقامأعلى من حال الّذين وصف الله بقوله: {ويطعمون الطّعام على حبّه} [الإنسان: 8]. وقوله: {وآتى المال على حبّه} [البقرة: 177].
فإنّ هؤلاء يتصدّقون وهم يحبّون ما تصدّقوا به، وقد لا يكون لهم حاجةٌ إليه ولا ضرورة به، وهؤلاء آثروا على أنفسهم مع خصاصتهم وحاجتهم إلى ما أنفقوه. ومن هذا المقام تصدّق الصّدّيق، رضي اللّه عنه، بجميع ماله، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما أبقيت لأهلك؟ ". فقال: أبقيت لهم اللّه ورسوله. وهذا الماء الّذي عرض على عكرمة وأصحابه يوم اليرموك، فكلٌّ منهم يأمر بدفعه إلى صاحبه، وهو جريحٌ مثقلٌ أحوج ما يكون إلى الماء، فرده الآخر إلى الثلث، فما وصل إلى الثّالث حتّى ماتوا عن آخرهم ولم يشربه أحدٌ منهم، رضي اللّه عنهم وأرضاهم.
وقال البخاريّ: حدّثنا يعقوب بن إبراهيم بن كثيرٍ، حدّثنا أبو أسامة، حدّثنا فضيل بن غزوان، حدّثنا أبو حازمٍ الأشجعيّ، عن أبي هريرة قال: أتى رجلٌ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه، أصابني الجهد، فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهنّ شيئًا، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "ألا رجلٌ يضيّف هذا اللّيلة، رحمه اللّه؟ ". فقام رجلٌ من الأنصار فقال: أنا يا رسول اللّه. فذهب إلى أهله فقال لامرأته: ضيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لا تدّخريه شيئًا. فقالت: واللّه ما عندي إلّا قوت الصّبية. قال: فإذا أراد الصبية العشاء فنوّميهم وتعالي فأطفئي السّراج ونطوي بطوننا اللّيلة. ففعلت، ثمّ غدا الرّجل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: "لقد عجب اللّه، عزّ وجلّ -أو: ضحك- من فلانٍ وفلانةٍ". وأنزل اللّه عزّ وجلّ: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ}.
وكذا رواه البخاريّ في موضعٍ آخر، ومسلمٌ والتّرمذيّ والنّسائيّ من طرقٍ، عن فضيل بن غزوان، به نحوه. وفي روايةٍ لمسلمٍ تسمية هذا الأنصاريّ بأبي طلحة، رضي اللّه عنه.
وقوله: {ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون} أي: من سلم من الشّحّ فقد أفلح وأنجح.
قال أحمد: حدّثنا عبد الرّزّاق، أخبرنا داود بن قيسٍ الفرّاء، عن عبيد اللّه بن مقسم، عن جابر بن عبد اللّه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إيّاكم والظّلم، فإنّ الظّلم ظلماتٌ يوم القيامة، واتّقوا الشحّ، فإنّ الشّحّ أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلّوا محارمهم".
انفرد بإخراجه مسلمٌ، فرواه عن القعنبيّ، عن داود بن قيسٍ، به.
وقال الأعمش وشعبة، عن عمرو بن مرّة، عن عبد اللّه بن الحارث، عن زهير بن الأقمر، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "اتّقوا الظّلم؛ فإنّ الظّلم ظلماتٌ يوم القيامة، واتّقوا الفحش، فإنّ اللّه لا يحبّ الفحش ولا التّفحّش، وإيّاكم والشّحّ؛ فإنّه أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالظّلم فظلموا، وأمرهم بالفجور ففجروا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا".
ورواه أحمد وأبو داود من طريق شعبة، والنّسائيّ من طريق الأعمش، كلاهما عن عمرو بن مرّة، به.
وقال اللّيث، عن يزيد [بن الهاد] عن سهيل بن أبي صالحٍ، عن صفوان بن أبي يزيد، عن القعقاع بن اللّجلاج عن أبي هريرة، أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول: "لا يجتمع غبارٌ في سبيل اللّه ودخان جهنّم في جوف عبدٍ أبدًا، ولا يجتمع الشّحّ والإيمان في قلب عبدٍ أبدًا".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عبدة بن سليمان، أخبرنا ابن المبارك، حدّثنا المسعوديّ، عن جامع بن شدّادٍ، عن الأسود بن هلالٍ قال: جاء رجلٌ إلى عبد اللّه فقال: يا أبا عبد الرّحمن، إنّي أخاف أن أكون قد هلكت فقال له عبد اللّه: وما ذاك؟ قال: سمعت اللّه يقول: {ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون} وأنا رجلٌ شحيحٌ، لا أكاد أن أخرج من يدي شيئًا! فقال عبد اللّه: ليس ذلك بالشّحّ الّذي ذكر اللّه في القرآن، إنّما الشّحّ الّذي ذكر اللّه في القرآن أن تأكل مال أخيك ظلمًا، ولكنّ ذلك البخل، وبئس الشّيء البخل"
وقال سفيان الثّوريّ، عن طارق بن عبد الرّحمن، عن سعيد بن جبيرٍ، عن أبي الهيّاج الأسديّ قال: كنت أطوف بالبيت، فرأيت رجلًا يقول: اللّهمّ قني شحّ نفسي". لا يزيد على ذلك، فقلت له، فقال: إنّي إذا وقيت شحّ نفسي لم أسرق ولم أزن ولم أفعل"، وإذا الرّجل عبد الرّحمن بن عوفٍ، رضي اللّه عنه، رواه ابن جريرٍ
وقال ابن جريرٍ: حدّثني محمّد بن إسحاق، حدّثنا سليمان بن عبد الرّحمن الدّمشقيّ، حدّثنا إسماعيل ابن عيّاش، حدّثنا مجمع بن جارية الأنصاريّ، عن عمّه يزيد بن جارية، عن أنس بن مالكٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "بريء من الشّحّ من أدّى الزّكاة، وقرى الضّيف، وأعطى في النّائبة"). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 68-72]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {والّذين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للّذين آمنوا ربّنا إنّك رءوفٌ رحيمٌ} هؤلاء هم القسم الثّالث ممّن يستحقّ فقراؤهم من مال الفيء، وهم المهاجرون ثمّ الأنصار، ثمّ التّابعون بإحسانٍ، كما قال في آية براءةٌ: {والسّابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار والّذين اتّبعوهم بإحسانٍ رضي اللّه عنهم} [التوبة: 100] فالتابعون لهم بإحسانهم: المتّبعون لآثارهم الحسنة وأوصافهم الجميلة، الدّاعون لهم في السّرّ والعلانية؛ ولهذا قال في هذه الآية الكريم: {والّذين جاءوا من بعدهم يقولون} أي: قائلين: {ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا} أي: بغضًا وحسدًا {للّذين آمنوا ربّنا إنّك رءوفٌ رحيمٌ} وما أحسن ما استنبط الإمام مالكٌ من هذه الآية الكريمة: أنّ الرّافضيّ الّذي يسبّ الصّحابة ليس له في مال الفيء نصيبٌ لعدم اتّصافه بما مدح اللّه به هؤلاء في قولهم: {ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للّذين آمنوا ربّنا إنّك رءوفٌ رحيمٌ}.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا موسى بن عبد الرّحمن المسروقيّ، حدّثنا محمّد بن بشرٍ، حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجرٍ، عن أبيه، عن عائشة أنّها قالت: أمروا أن يستغفروا لهم، فسبّوهم! ثمّ قرأت هذه الآية: {والّذين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان} الآية.
وقال إسماعيل بن علية، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن مسروقٍ، عن عائشة قالت: أمرتم بالاستغفار لأصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، فسببتموهم. سمعت نبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "لا تذهب هذه الأمّة حتّى يلعن آخرها أوّلها". رواه البغويّ..
وقال أبو داود: حدّثنا مسدّد، حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدّثنا أيّوب، عن الزّهريّ قال: قال عمر، رضي اللّه عنه: {وما أفاء اللّه على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولا ركابٍ} قال الزّهريّ: قال عمر: هذه لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خاصّةً، قرى [عربيّةٌ: فدك وكذا] وكذا، فما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فللّه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل وللفقراء الّذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم، {والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبلهم} {والّذين جاءوا من بعدهم} فاستوعبت هذه الآية النّاس، فلم يبق أحدٌ من المسلمين إلّا له فيها حقٌّ -قال أيّوب: أو قال: حظٌّ- إلّا بعض من تملكون من أرقّائكم. كذا رواه أبو داود، وفيه انقطاعٌ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن عبد الأعلى، حدّثنا ابن ثور، عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة ابن خالدٍ، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: قرأ عمر بن الخطّاب: {إنّما الصّدقات للفقراء والمساكين} حتّى بلغ {عليمٌ حكيمٌ} [التّوبة: 60]، ثمّ قال هذه لهؤلاء، ثمّ قرأ: {واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول ولذي القربى [واليتامى والمساكين]} [الأنفال: 41]، ثمّ قال: هذه لهؤلاء، ثمّ قرأ: {ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى} حتّى بلغ للفقراء {والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان} {والّذين جاءوا من بعدهم} ثمّ قال: استوعبت هذه الآية المسلمين عامة،وليس أحدٌ إلّا له فيها حقٌّ، ثمّ قال: لئن عشت ليأتينّ الرّاعي -وهو بسرو حمير-نصيبه فيها، لم يعرق فيها جبينه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 72-74]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:42 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة