العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأنعام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 ربيع الثاني 1434هـ/26-02-2013م, 10:23 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير سورة الأنعام [ من الآية (141) إلى الآية (144) ]

{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141) وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (142) ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (143) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 10:07 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141)}

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن ابن طاوس، عن أبيه، ومعمر عن قتادة، في قوله تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده} قالا هو الزكاة). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 219]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده}، قال عند الزرع يعطي القبض وعند الصرام يعطي القبض ويتركهم يتبعون آثار الصرام.
عن معمر، عن عبد الكريم الجزري، عن مجاهد، قال: كانوا يعلقون العذق عند الصرام فيأكل منه الضيف ومن مر به). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 219]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن المغيرة عن إبراهيم في قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: نسختها العشر ونصف العشر .
سفيان [الثوري] عن منصورٍ عن مجاهدٍ قال: يخرج شيئًا من السّنبلة سوى زكاته ثمّ يخرج زكاته بعد). [تفسير الثوري: 109]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] قال لمّا نزلت: {وآتوا حقّه يوم حصاده} جعل ثابت بن قيس بن شماسٍ يعطي لا يجيء أحدٌ إلّا أعطاه فنزلت: {ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين} أبق لعيالك ). [تفسير الثوري: 109-110]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( قوله عزّ وجلّ: {وهو الّذي أنشأ جنّاتٍ معروشاتٍ... } إلى قوله تعالى: {كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقّه يوم حصاده}
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ - في قوله عزّ وجلّ: {وآتوا حقّه يوم حصاده} - قال: عند الزّرع يعطي القبص، وعند الحصاد يعطي القبض، ويتركهم يتبعون آثار الصرام .
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا جريرٌ بن عبد الحميد، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ - في قوله عزّ وجلّ: {وآتوا حقّه يوم حصاده} - قال: إذا حصدت فحضرك المساكين، فاطرح لهم من السّنبل، وإذا طيّبته وكدسته وحضرك المساكين، فاطرح لهم منه وإذا دسته وذريته وحضرك المساكين، فاطرح لهم منه، وإذا ذريته وجمعته وعرفت كيله، فاعزل زكاته، وإذا بلغ النّخل، فحضرك المساكين فاطرح لهم من الثّفاريق والبسر، وإذا جذذته فحضرك المساكين فاطرح لهم منه، وإذا جمعته وعرفت كيله، فاعزل زكاته.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا عبد العزيز بن محمّدٍ، عن جعفرٍ، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: نهى عن حصاد الليل وجداده .
- حدّثنا سعيدٌ؛ قال: نا جريرٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ - في قوله عزّ وجلّ: {وآتوا حقّه يوم حصاده} - قال: سوى الزكاة.
- حدّثنا سعيدٌ؛ قال: نا خالد بن عبد اللّه، عن بيان، عن الشّعبيّ، قال: إنّ في المال (لحقًّا) سوى الزكاة.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا جريرٌ، عن مغيرة، عن شباك، عن إبراهيم - في قوله عزّ وجلّ: {وآتوا حقّه يوم حصاده} - قال: نسختها الزّكاة العشر ونصف العشر.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو معاوية، عن الحجّاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عبّاسٍ - في قوله عزّ وجلّ: {وآتوا حقّه يوم حصاده} - قال: العشر ونصف العشر.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا إسماعيل بن عيّاشٍ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ - في قوله عزّ وجلّ: {وآتوا حقّه يوم حصاده} - قال: شيءٌ يسير سوى الزّكاة المفروضة، وكان سعيد بن المسيّب، يقول: هي الزكاة المفروضة.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: من أدّى زكاة ماله فلا جناح عليه أن لا يتصدّق.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو شهابٍ، عن أبي عبد اللّه الثّقفيّ، عن أبي جعفرٍ، عن محمد بن علي، أنه سمع عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه يقول: إنّ اللّه فرض على الأغنياء في أموالهم بقدر ما يكفي فقراءهم، فإن جاعوا، أو عرّوا، أو جهدوا فبمنع الأغنياء، وحقّ على اللّه عزّ وجلّ أن يحاسبهم يوم القيامة، ويعذّبهم عليه). [سنن سعيد بن منصور: 5/ 94-109]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال ابن عبّاسٍ: {ثمّ لم تكن فتنتهم} [الأنعام: 23] : «معذرتهم» {معروشاتٍ} [الأنعام: 141] : «ما يعرش من الكرم وغير ذلك» ). [صحيح البخاري: 6/ 55] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله: {معروشاتٍ} ما يعرّش من الكرم وغير ذلك كذا ثبت لغير أبي ذر وقد وصله بن أبي حاتم من طريق بن جريج عن عطاء عن بن عبّاسٍ في قوله: {وهو الّذي أنشأ جنّاتٍ معروشاتٍ} قال ما يعرّش من الكروم وغير معروشات ما لا يعرّش وقيل المعروش ما يقوم على ساقٍ وغير المعروش ما يبسط على وجه الأرض). [فتح الباري: 8/ 287]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (وقال ابن جرير ثنا القاسم ثنا الحسين حدثني حجاج عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عبّاس قوله: {وهو الّذي أنشأ جنّات معروشات}، قال ما يعرش من الكروم {وغير معروشات}قال ما لا يعرش من الكروم). [تغليق التعليق: 4/ 209]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (معروشاتٍ ما يعرش من الكرم وغير ذلك
لم يقع هذا في رواية أبي ذر وأشار به إلى قوله تعالى: {وهو الّذي أنشأ جنّات معروشات وغير معروشات} وفسّر معروشات بقوله: ما يعرش من الكرم، وغير ذلك، ووصله ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عبّاس في قوله تعالى: {وهو الّذي أنشأ جنّات معروشات} قال: ما يعرش من الكروم، وغير معروشات ما لا يعرش، وفي التّفسير، وقال عليّ ابن أبي طلحة عن ابن عبّاس: المعروشات ما عرش النّاس، وغير معروشات ما خرج في البر والجبال من الثمرات وعن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس: معروشات مسموكات، وقيل: معروشات ما يقوم على العراش، وفي (المغرب) : العرش السّقف في قوله: (وكان عرش المسجد من جريد النّخل) أي: من أفنانه وأغصانه، وعريش الكرم ما يهيأ ليرتفع عليه، والجمع عراش). [عمدة القاري: 18/ 219]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({معروشات}) [الأنعام: 141] أي (ما يعرش من الكرم وغير ذلك) وسقط هذا لأبي ذر). [إرشاد الساري: 7/ 115]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالدٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: هم المساكين يتّبعون الصّرّام فيعطونهم).[جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 47]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله تعالى: {معروشات}، قال: ما عرش والكروم وغير ذلك. وفي قوله: {وغير معروشاتٍ} قال: ما لم يعرش منها).[جزء تفسير عطاء الخراساني: 88]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله عزّ وجلّ: {حقّه يوم حصاده} قال: حقّه صدقته). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 88]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وهو الّذي أنشأ جنّاتٍ معروشاتٍ وغير معروشاتٍ}.
وهذا إعلامٌ من اللّه تعالى ذكره ما أنعم به عليهم من فضله، وتنبيهٌ منه لهم على موضع إحسانه، وتعريفٌ منه لهم ما أحلّ وحرّم وقسم في أموالهم من الحقوق لمن قسم له فيها حقًّا.
يقول تعالى ذكره: وربّكم أيّها النّاس {أنشأ} أي أحدث وابتدع خلقًا، لا الآلهة والأصنام، {جنّاتٍ} يعني: بساتين، {معروشاتٍ} وهي ما عرش النّاس من الكروم، {وغير معروشاتٍ}: غير مرفوعاتٍ مبنيّاتٍ، لا ينبته النّاس ولا يرفعونه، ولكنّ اللّه يرفعه وينبته وينمّيه.
- كما حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {معروشاتٍ} يقول: مسموكاتٌ.
- وبه عن ابن عبّاسٍ: {وهو الّذي أنشأ جنّاتٍ معروشاتٍ وغير معروشاتٍ} فالمعروشاتٌ: ما عرش النّاس، وغير معروشاتٍ: ما خرج في البرّ والجبال من الثّمرات.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: أمّا (جنّاتٍ) فالبساتين، وأمّا (المعروشات): فما عرّش كهيئة الكرم.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وهو الّذي أنشأ جنّاتٍ معروشاتٍ} قال: ما يعرش من الكروم. {وغير معروشاتٍ} قال: ما لا يعرش من الكرم). [جامع البيان: 9/ 593-594]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والنّخل والزّرع مختلفًا أكله والزّيتون والرّمّان متشابهًا وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر}.
يقول جلّ ثناؤه: {وأنشأ النّخل والزّرع مختلفًا أكله}، يعني بالأكل: الثّمر، يقول: وخلق النّخل والزّرع مختلفًا ما يخرج منه ممّا يؤكل من الثّمر والحبّ والزّيتون والرّمّان، متشابهًا وغير متشابهٍ في الطّعم، منه الحلو والحامض والمزّ.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {متشابهًا وغير متشابهٍ} قال: متشابهًا في المنظر، وغير متشابهٍ في الطّعم.
وأمّا قوله: {كلوا من ثمره إذا أثمر} فإنّه يقول: كلوا من رطبه ما كان رطبًا ثمره.
- كما حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو همّامٍ الأهوازيّ، قال: حدّثنا موسى بن عبيدة، عن محمّد بن كعبٍ، في قوله: {كلوا من ثمره إذا أثمر} قال: من رطبه وعنبه.
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا محمّد بن الزّبرقان، قال: حدّثنا موسى بن عبيدة، في قوله: {كلوا من ثمره إذا أثمر} قال: من رطبه وعنبه). [جامع البيان: 9/ 594-595]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وآتوا حقّه يوم حصاده}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: هذا أمرٌ من اللّه بإيتاء الصّدقة المفروضة من الثّمر والحبّ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا يونس، عن الحسن، في قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: الزّكاة.
- حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا عبد الصّمد، قال: حدّثنا يزيد بن درهمٍ، قال: سمعت أنس بن مالكٍ، يقول: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: الزّكاة المفروضة.
- حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا معلّى بن أسدٍ، قال: حدّثنا عبد الواحد بن زيادٍ، قال: حدّثنا الحجّاج بن أرطاة، عن الحكم، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: العشر ونصف العشر.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا هانئ بن سعيدٍ، عن حجّاجٍ، عن محمّد بن عبيد اللّه، عن عبد اللّه بن شدّادٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: العشر ونصف العشر.
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، وابن وكيعٍ، وابن بشّارٍ، قالوا: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا إبراهيم بن نافعٍ المكّيّ، عن ابن طاووسٍ، عن أبيه في قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: الزّكاة.
- حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا أبو هلالٍ، عن حيّان الأعرج، عن جابر بن زيدٍ: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: الزّكاة.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: أخبرنا يونس، عن الحسن، في قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: هي الصّدقة. قال: ثمّ سئل عنها مرّةً أخرى، فقال: هي الصّدقة من الحبّ والثّمار.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا محمّد بن بكرٍ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني أبو بكر بن عبد اللّه، عن عمرو بن سليمان، وغيره، عن سعيد بن المسيّب، أنّه قال: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: الصّدقة المفروضة.
- حدّثني يعقوب قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، في قوله:
{وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: هي الصّدقة من الحبّ والثّمار.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله:
{وآتوا حقّه يوم حصاده} يعني بحقّه: زكاته المفروضة، يوم يكال أو يعلم كيله.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده}: وذلك أنّ الرّجل كان إذا زرع فكان يوم حصاده، وهو أن يعلم ما كيله وحقّه، فيخرج من كلّ عشرةٍ واحدًا، وما يلتقط النّاس من سنبله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده}: وحقّه يوم حصاده: الصّدقة المفروضة، ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سنّ فيما سقت السّماء أو العين السّائحة، أو سقاه الطّلّ والطّلّ: النّدى أو كان بعلاً، العشر كاملاً، وإن سقي برشاءٍ: نصف العشر قال قتادة: وهذا فيما يكال من الثّمرة، وكان هذا إذا بلغت الثّمرة خمسة أوسقٍ، وذلك ثلاث مائة صاعٍ، فقد حقّ فيها الزّكاة، وكانوا يستحبّون أن يعطوا ممّا لا يكال من الثّمرة على قدر ذلك.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، وطاووسٍ: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قالا: هو الزّكاة.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن الحجّاج، عن سالمٍ المكّيّ، عن محمّد ابن الحنفيّة، قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: يوم كيله، يعطي العشر أو نصف العشر.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا الحمّانيّ قال: حدّثنا شريكٌ، عن سالمٍ المكّيّ، عن محمّد ابن الحنفيّة، قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: العشر، ونصف العشر.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويدٌ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن معمرٍ، عن ابن طاووسٍ، عن أبيه، وعن قتادة:
{وآتوا حقّه يوم حصاده} قالا: الزّكاة.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا إسحاق قال: حدّثنا أبو معاوية الضّرير، عن الحجّاج، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: العشر ونصف العشر.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا سويدٌ قال: أخبرنا ابن المبارك، عن شريكٍ، عن الحكم بن عتيبة، عن ابن عبّاسٍ، مثله.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده} يعني: يوم كيله ما كان من برٍّ أو تمرٍ أو زبيبٍ. وحقّه: زكاته.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: كل منه، وإذا حصدته فآت حقّه. وحقّه: عشوره.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن يونس بن عبيدٍ، عن الحسن أنّه قال في هذه الآية:
{وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: الزّكاة إذا كلته.
- حدّثنا عمرٌو قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي رجاءٍ قال: سألت الحسن عن قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: الزّكاة.
- حدّثني ابن البرقيّ، قال: حدّثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: سألت ابن زيد بن أسلم عن قول اللّه: {وآتوا حقّه يوم حصاده} فقلت له: هو العشور؟ قال: نعم فقلت له: عن أبيك؟ قال: عن أبي وغيره.
وقال آخرون: بل ذلك حقٌّ أوجبه اللّه في أموال أهل الأموال، غير الصّدقة المفروضة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا عبد الوهّاب قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، عن أبيه: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: شيئًا سوى الحقّ الواجب قال: وكان في كتابه: عن عليّ بن الحسين.
- حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا يحيى، قال: حدّثنا عبد الملك، عن عطاءٍ، في قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: القبضة من الطّعام.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا محمّد بن بكرٍ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: من النّخل والعنب والحبّ كلّه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا محمّد بن بكرٍ، عن ابن جريجٍ، قال: قلت لعطاءٍ: أرأيت ما حصدت من الفواكه؟ قال: ومنها أيضًا تؤتي، وقال: من كلّ شيءٍ حصدت تؤتي منه حقّه يوم حصاده، من نخلٍ أو عنبٍ أو حبٍّ أو فواكه أو خضرٍ أو قصبٍ، من كلّ شيءٍ من ذلك. قلت لعطاءٍ: أواجبٌ على النّاس ذلك كلّه؟ قال: نعم، ثمّ تلا: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: قلت لعطاءٍ: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، هل في ذلك شيءٌ مؤقّتٌ معلومٌ؟ قال: لا.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويدٌ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن عبد الملك، عن عطاءٍ، في قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: يعطي من حصاده يومئذٍ ما تيسّر، وليس بالزّكاة.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا عيسى بن يونس، عن عبد الملك، عن عطاءٍ: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: ليس بالزّكاة، ولكن يطعم من حضره ساعتئذ حصده.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن العلاء بن المسيّب، عن حمّادٍ: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: كانوا يعطون رطبًا.
- حدّثنا ابن حميدٍ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: إذا حضرك المساكين طرحت لهم منه، وإذا أنقيته وأخذت في كيله حثوت لهم منه، وإذا علمت كيله عزلت زكاته، وإذا أخذت في جداد النّخل طرحت لهم من الثّفاريق، وإذا أخذت في كيله حثوت لهم منه، وإذا علمت كيله عزلت زكاته.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: سوى الفريضة.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عمرٍو، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: يلقي إلى السّؤّال عند الحصاد من السّنبل، فإذا طبن أو طيّن الشّكّ من أبي جعفرٍ ألقى إليهم. فإذا حمله فأراد أن يجعله كدسًا ألقى إليهم، وإذا داس أطعم منه، وإذا فرغ وعلم كم كيله عزل زكاته. وقال: في النّخل عند الجداد يطعم من الثّمرة والشّماريخ، فإذا كان عند كيله أطعم من التّمر، فإذا فرغ عزل زكاته.
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، ومحمّد بن بشّارٍ، قالا: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: إذا حصد الزّرع ألقى من السّنبل، وإذا جدّ النّخل ألقى من الشّماريخ، فإذا كاله زكّاه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: عند الحصاد، وعند الدّياس، وعند الصّرام يقبض لهم منه، فإذا كاله عزل زكاته.
- وبه عن سفيان، عن مجاهدٍ مثله، إلاّ أنّه قال: سوى الزّكاة.
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: شيءٌ سوى الزّكاة في الحصاد والجداد، إذا حصدوا وإذا جدّوا.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، في قول اللّه: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: واجبٌ حين يصرم.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ أنّه قال: قال في هذه الآية: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: إذا حصد أطعم، وإذا أدخله البيدر، وإذا داسه أطعم منه.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن أشعث، عن ابن عمر، قال: يطعم المعترّ سوى ما يعطي من العشر ونصف العشر.
- وبه عن سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ قال: قبضةٌ عند الحصاد، وقبضةٌ عند الجداد.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حفصٌ، عن أشعث، عن ابن سيرين، قال: كانوا يعطون من اعترّ بهم الشّيء.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن حمّادٍ، عن إبراهيم، قال: الضّغث.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن سفيان، عن حمّادٍ، عن إبراهيم، قال: يعطي مثل الضّغث.
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن إبراهيم: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: مثل هذا من الضّغث ووضع يحيى إصبعه الإبهام على المفصل الثّاني من السّبّابة.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن حمّادٍ، عن إبراهيم قال: نحو الضّغث.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن أبي جعفرٍ، عن سفيان، عن حمّادٍ، عن إبراهيم قال: يعطي ضغثًا.
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا كثير بن هشامٍ، قال: حدّثنا جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصمّ، قال: كان النّخل إذا صرم يجيء الرّجل بالعذق من نخله فيعلّقه في جانب المسجد، فيجيء المسكين فيضربه بعصاه، فإذا تناثر أكل منه فدخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ومعه حسنٌ أو حسينٌ، فتناول تمرةً، فانتزعها من فيه، وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لا يأكل الصّدقة، ولا أهل بيته. فذلك قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا خالد بن حيّان، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، ويزيد بن الأصمّ، قالا: كان أهل المدينة إذا صرموا يجيئون بالعذق فيضعونه في المسجد، ثمّ يجيء السّائل فيضربه بعصاه، فيسقط منه، وهو قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده}.
- حدّثنا عليّ بن سهلٍ قال: حدّثنا زيد بن أبي الزّرقاء، عن جعفرٍ، عن يزيد وميمونٍ، في قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قالا: كان الرّجل إذا جدّ النّخل يجيء بالعذق فيعلّقه في جانب المسجد، فيأتيه المسكين فيضربه بعصاه، فيأكل ما يتناثر منه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: لقط السّنبل.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن عبد الكريم الجزريّ، عن مجاهدٍ، قال: كانوا يعلّقون العذق في المسجد عند الصّرام، فيأكل منه الضّعيف.
- وبه عن معمرٍ قال: قال مجاهدٌ: {وآتوا حقّه يوم حصاده} يطعم الشّيء عند صرامه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا شريكٌ، عن سالمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: الضّغث، وما يقع من السّنبل.
- وبه عن سالمٍ، عن سعيدٍ: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: العلف.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا سويدٌ قال: أخبرنا ابن المبارك، عن شريكٍ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ، في قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: كان هذا قبل الزّكاة للمساكين، القبضة والضّغث لعلف دابّته.
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا محمّد بن رفاعة، عن محمّد بن كعبٍ، في قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: ما قلّ منه أو كثر.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيحٍ: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: عند الزّرع يعطي القبض، وعند الصّرام يعطي القبض، ويتركهم فيتتبّعون آثار الصّرام.
وقال آخرون: كان هذا شيئًا أمر اللّه به المؤمنين قبل أن تفرض عليهم الصّدقة المؤقّتة، ثمّ نسخته الصّدقة المعلومة، فلا فرض في مالٍ كائنًا ما كان، زرعًا كان أو غرسًا، إلاّ الصّدقة الّتي فرضها اللّه فيه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن حجّاجٍ، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: نسخها العشر ونصف العشر.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حفصٌ، عن الحجّاج، عن الحكم، عن ابن عبّاسٍ، قال: نسخها العشر ونصف العشر.
- وبه عن حجّاجٍ، عن سالمٍ، عن ابن الحنفيّة، قال: نسخها العشر ونصف العشر.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن شريكٍ، عن سالمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: هذا قبل الزّكاة، فلمّا نزلت الزّكاة نسختها، فكانوا يعطون الضّغث.
- حدّثنا ابن حميدٍ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن شباكٍ، عن إبراهيم: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: كانوا يفعلون ذلك حتّى سنّ العشر ونصف العشر، فلمّا سنّ العشر ونصف العشر ترك.
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ قال: حدّثنا سفيان، عن مغيرة، عن شباكٍ، عن إبراهيم: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: هي منسوخةٌ، نسختها العشر ونصف العشر.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا يحيى، عن سفيان، عن المغيرة، عن إبراهيم: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: نسختها العشر ونصف العشر.
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن مغيرة، عن شباكٍ، عن إبراهيم قال: نسختها العشر ونصف العشر.
- وبه عن سفيان، عن يونس، عن الحسن، قال: نسختها الزّكاة.
- وبه عن سفيان، عن السّدّيّ، قال: نسختها الزّكاة: {وآتوا حقّه يوم حصاده}.
- حدّثني يعقوب قال: حدّثنا هشيمٌ قال: أخبرنا مغيرة، عن شباكٍ، عن إبراهيم، في قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: هذه السّورة مكّيّةٌ نسختها العشر ونصف العشر، قلت: عمّن؟ قال: عن العلماء.
- وبه عن سفيان، عن مغيرة، عن شباكٍ، عن إبراهيم قال: نسختها العشر ونصف العشر.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، أمّا: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، فكانوا إذا مرّ بهم أحدٌ يوم الحصاد أو الجداد أطعموه منه، فنسخها اللّه عنهم بالزّكاة، وكان فيما أنبتت الأرض العشر ونصف العشر.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، عن يونس، عن الحسن، قال: كانوا يرضخون لقرابتهم من المشركين.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، عن أبيه، عن عطيّة: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: نسخه العشر ونصف العشر، كانوا يعطون إذا حصدوا وإذا ذرّوا، فنسختها العشر ونصف العشر.
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصّواب، قول من قال: كان ذلك فرضًا فرضه اللّه على المؤمنين في طعامهم وثمارهم الّتي تخرجها زروعهم وغروسهم، ثمّ نسخه اللّه بالصّدقة المفروضة، والوظيفة المعلومة من العشر ونصف العشر، وذلك أنّ الجميع مجمعون لا خلاف بينهم أنّ صدقة الحرث لا تؤخذ إلاّ بعد الدّياس والتّنقية والتّذرية، وأنّ صدقة التّمر لا تؤخذ إلاّ بعد الجفاف.
فإذا كان ذلك كذلك، وكان قوله جلّ ثناؤه: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، ينبئ عن أنّه أمرٌ من اللّه جلّ ثناؤه بإيتاء حقّه يوم حصاده، وكان يوم حصاده هو يوم جدّه وقطعه، والحبّ لا شكّ أنّه في ذلك اليوم في سنبله، والثّمر وإن كان ثمر نخلٍ أو كرمٍ غير مستحكمٌ جفوفه ويبسه، وكانت الصّدقة من الحبّ إنّما تؤخذ بعد دياسه وتذريته وتنقيته كيلاً، والتّمر إنّما تؤخذ صدقته بعد استحكام يبسه وجفوفه كيلاً، علم أنّ ما يؤخذ صدقةً بعد حين حصده غير الّذي يجب إيتاؤه المساكين يوم حصاده.
فإن قال قائلٌ: وما تنكر أن يكون ذلك إيجابًا من اللّه في المال حقًّا سوى الصّدقة المفروضة؟
قيل: لأنّه لا يخلو أن يكون ذلك فرضًا واجبًا أو نفلاً.
فإن يكن فرضًا واجبًا فقد وجب أن يكون سبيله سبيل الصّدقات المفروضات الّتي من فرّط في أدائها إلى أهلها كان بربّه آثمًا ولأمره مخالفًا، وفي قيام الحجّة بأنّ لا فرض للّه في المال بعد الزّكاة يجب وجوب الزّكاة سوى ما يجب من النّفقة لمن يلزم المرء نفقته ما ينبئ عن أنّ ذلك ليس كذلك.
أو يكون ذلك نفلاً، فإن يكن ذلك كذلك فقد وجب أن يكون الخيار في إعطاء ذلك إلى ربّ الحرث والثّمر، وفي إيجاب القائلين بوجوب ذلك ما ينبئ عن أنّ ذلك ليس كذلك.
وإذا خرجت الآية من أن يكون مرادًا بها النّدب، وكان غير جائزٍ أن يكون لها مخرجٌ في وجوب الفرض بها في هذا الوقت، علم أنّها منسوخةٌ.
وممّا يؤيّد ما قلنا في ذلك من القول دليلٌ على صحّته، أنّه جلّ ثناؤه أتبع قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده} {ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين}، ومعلومٌ أنّ من حكم اللّه في عباده مذ فرض في أموالهم الصّدقة المفروضة المؤقّتة القدر، أنّ القائم بأخذ ذلك ساستهم ورعاتهم. وإذا كان ذلك كذلك، فما وجه نهي ربّ المال عن الإسراف في إيتاء ذلك، والآخذ مجبرٌ، وإنّما يأخذ الحقّ الّذي فرض اللّه فيه؟
فإن ظنّ ظانٌّ أنّ ذلك إنّما هو نهيٌ من اللّه القيّم بأخذ ذلك من الرّعاة عن التّعدّي في مال ربّ المال والتّجاوز إلى أخذ ما لم يبح له أخذه، فإنّ آخر الآية، وهو قوله: {ولا تسرفوا} معطوفٌ على أوّله وهو قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، فإن كان المنهيّ عن الإسراف القيّم بقبض ذلك، فقد يجب أن يكون المأمور بإتيانه المنهيّ عن الإسراف فيه، وهو السّلطان.
وذلك قولٌ إن قاله قائلٌ، كان خارجًا من قول جميع أهل التّأويل ومخالفًا المعهود من الخطاب، وكفى بذلك شاهدًا على خطئه.
فإن قال قائلٌ: وما تنكر أن يكون معنى قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده}: وآتوا حقّه يوم كيله، لا يوم قصله وقطعه، ولا يوم جداده وقطافه، فقد علمت من قال ذلك من أهل التّأويل؟.
- وذلك ما حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، في قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: يوم كيله.
- وحدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن الحجّاج، عن سالمٍ المكّيّ، عن محمّد ابن الحنفيّة، قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: يوم كيله يعطي العشر ونصف العشر.
مع آخرين، قد ذكرت الرّواية فيما مضى عنهم بذلك؟
قيل: لأنّ يوم كيله غير يوم حصاده. ولن يخلو معنى قائلي هذا القول من أحد أمرين: إمّا أن يكونوا وجّهوا معنى الحصاد إلى معنى الكيل، فذلك ما لا يعقل في كلام العرب، لأنّ الحصاد والحصد في كلامهم الجدّ والقطع، لا الكيل. أو يكونوا وجّهوا تأويل قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده} إلى وآتوا حقّه بعد يوم حصاده إذا كلتموه. فذلك خلاف ظاهر التّنزيل، وذلك أنّ الأمر في ظاهر التّنزيل بإيتاء الحقّ منه يوم حصاده لا بعد يوم حصاده. ولا فرق بين قائل: إنّما عنى اللّه بقوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده} بعد يوم حصاده، وآخر قال: عنى بذلك قبل يوم حصاده، لأنّهما جميعًا قائلان قولاً دليل ظاهر التّنزيل بخلافه). [جامع البيان: 9/ 595-613]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين}.
اختلف أهل التّأويل في الإسراف الّذي نهى اللّه عنه بهذه الآية، ومن المنهيّ عنه. فقال بعضهم: المنهيّ عنه: ربّ النّخل والزّرع والثّمر، والسّرف الّذي نهى اللّه عنه في هذه الآية، مجاوزة القدر في العطيّة إلى ما يجحف بربّ المال.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، قال: حدّثنا عاصمٌ، عن أبي العالية، في قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده ولا تسرفوا} الآية، قال: كانوا يعطون شيئًا سوى الزّكاة، ثمّ تسارفوا، فأنزل اللّه: {ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين}.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثنا معتمر بن سليمان، عن عاصمٍ الأحول، عن أبي العالية: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: كانوا يعطون يوم الحصاد شيئًا سوى الزّكاة، ثمّ تباروا فيه وأسرفوا، فقال اللّه: {ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين}.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثنا معتمر بن سليمان، عن عاصمٍ الأحول، عن أبي العالية: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: كانوا يعطون يوم الحصاد شيئًا، ثمّ تسارفوا، فقال اللّه: {ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: نزلت في ثابت بن قيس بن شمّاسٍ، جدّ نخلاً فقال: لا يأتينّ اليوم أحدٌ إلاّ أطعمته، فأطعم حتّى أمسى وليست له ثمرةٌ، فقال اللّه: {ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا محمّد بن بكرٍ، عن ابن جريجٍ، قال: قلت لعطاءٍ: {ولا تسرفوا} يقول: لا تسرفوا فيما يؤتى يوم الحصاد، أم في كلّ شيءٍ؟ قال: بلى في كلّ شيءٍ، ينهى عن السّرف. قال: ثمّ عاودته بعد حينٍ، فقلت: ما قوله: {ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين}؟ قال: ينهى عن السّرف في كلّ شيءٍ. ثمّ تلا: {لم يسرفوا ولم يقتروا}.
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا سفيان بن حسينٍ، عن أبي بشرٍ، قال: أطاف النّاس بإياس بن معاوية بالكوفة، فسألوه: ما السّرف؟ فقال: ما تجاوز أمر اللّه فهو سرفٌ.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ولا تسرفوا}: لا تعطوا أموالكم فتغدوا فقراء.
وقال آخرون: الإسراف الّذي نهى اللّه عنه في هذا الموضع: منع الصّدقة والحقّ الّذي أمر اللّه ربّ المال بإيتائه أهله، بقوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده}.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا محمّد بن بكرٍ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني أبو بكر بن عبد اللّه، عن عمرو بن سليمٍ، وغيره، عن سعيد بن المسيّب، في قوله: {ولا تسرفوا} قال: لا تمنعوا الصّدقة فتعصوا.
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا محمّد بن الزّبرقان، قال: حدّثنا محمّد بن عبيدة، عن محمّد بن كعبٍ: {ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين}، والسّرف: أن لا يعطي في حقٍّ.
وقال آخرون: إنّما خوطب بهذا السّلطان: نهي أن يأخذ من ربّ المال فوق الّذي ألزم اللّه ماله.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال ابن زيدٍ في قوله: {ولا تسرفوا}، قال: قال للسّلطان: لا تسرفوا، لا تأخذوا بغير حقٍّ، فكانت هذه الآية بين السّلطان وبين النّاس، يعني قوله: {كلوا من ثمره إذا أثمر} الآية.
والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنّ اللّه تعالى ذكره نهى بقوله: {ولا تسرفوا} عن جميع معاني الإسراف، ولم يخصّص منها معنًى دون معنًى.
وإذ كان ذلك كذلك، وكان الإسراف في كلام العرب: الإخطاء بإصابة الحقّ في العطيّة، إمّا بتجاوز حدّه في الزّيادة وإمّا بتقصيرٍ عن حدّه الواجب، كان معلومًا أنّ المفرّق ماله مباراةً، والباذله للنّاس حتّى أجحفت به عطيّته، مسرفٌ بتجاوزه حدّ اللّه إلى ما كيفته له، وكذلك المقصّر في بذله فيما ألزمه اللّه بذله فيه، وذلك كمنعه ما ألزمه إيتاءه منه أهل سهمان الصّدقة إذا وجبت فيه، أو منعه من ألزمه اللّه نفقته من أهله وعياله ما ألزمه منها، وكذلك السّلطان في أخذه من رعيّته ما لم يأذن اللّه بأخذه. كلّ هؤلاء فيما فعلوا من ذلك مسرفون، داخلون في معنى من أتى ما نهى اللّه عنه من الإسراف بقوله: {ولا تسرفوا} في عطيّتكم من أموالكم ما يجحف بكم، إذ كان ما قبله من الكلام أمرًا من اللّه بإيتاء الواجب فيه أهله يوم حصاده، فإنّ الآية قد كانت تنزل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بسببٍ خاصٍّ من الأمور والحكم بها على العامّ، بل عامّة آي القرآن كذلك، فكذلك قوله: {ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين}.
ومن الدّليل على صحّة ما قلنا من معنى الإسراف أنّه على ما قلنا، قول الشّاعر:
أعطوا هنيدة يحدوها ثمانيةٌ = ما في عطائهم منٌّ ولا سرف
يعني بالسّرف: الخطأ في العطيّة). [جامع البيان: 9/ 614-618]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وهو الّذي أنشأ جنّاتٍ معروشاتٍ وغير معروشاتٍ والنّخل والزّرع مختلفًا أكله والزّيتون والرّمّان متشابهًا وغير متشابهٍ كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقّه يوم حصاده ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين (141)}
قوله تعالى: {وهو الذي أنشأ جنات معروشات}
قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده})
- عن ابن سيرين، في قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: كانوا يعطون الشيء لمن اعتراضهم.
- حدّثنا الحسن بن عليّ بن عفّان ثنا يحيى بن آدم ثنا عبد الرّحيم وعليّ بن مسهرٍ عن عبد الملك عن عطاءٍ: قوله:{وآتوا حقّه يوم حصاده}قال: تعطي من حضرك فسألك يومئذٍ، تعطيه قبضاتٍ، وليس بالزكاة.
الوجه الأول:
من فسّرها على أن يعطي عند الدّراس وعند الحصاد، وإذا كاله عزل زكاته:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا وكيعٌ عن سفيان عن منصورٍ وابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ: وآتوا حقّه يوم حصاده قال: عند الدّراس وعند الحصاد، عند الصّرام يقبض لهم، فإذا كاله عزل زكاته. وروي عن سعيد بن جبيرٍ مثل ذلك.
الوجه الثاني:
من فسّرها على الزّكاة المفروضة وأنّ الزّكاة ناسخةٌ الدّفع منها يوم الحصاد:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا أبو معاوية عن حجّاجٌ عن الحكم عن مقسمٍ عن ابن عبّاسٍ: قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: العشر ونصف العشر.
- حدّثنا عمر بن شيبة، ثنا عبد الصّمد بن عبد الوارث ثنا يزيد بن درهمٍ عن أنس بن مالكٍ، في قوله: وآتوا حقّه يوم حصاده، قال: الزّكاة المفروضة.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا ابن إدريس عن أبيه عن عطيّة العوفيّ: وآتوا حقّه يوم حصاده، قال: كانوا إذا حصدوا، وإذا درس وإذا غربل، أعطوا منه شيئًا، فنسخها العشر ونصف العشر.
وروي عن سعيد بن المسيّب، وعكرمة، والنّخعيّ، وابن الحنفيّة، وطاوسٍ، وعطاءٍ الخراساني، والحسن، والضّحّاك، وجابر بن زيدٍ، والسّدّيّ، وقتادة، ومالك ابن أنسٍ، إنّهم قالوا: العشر ونصف العشر.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا وكيعٌ عن إسرائيل عن جابرٍ عن عكرمة قال: نسخت الزّكاة كل صدقة في القرآن.
الوجه الثالث:
من فسّرها على أن يرضخ منها قرابته الذّمّيّين
ذكر عن عفّان ثنا عبد الواحد بن زيادٍ ثنا يونس عن الحسن، في قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: قرابته من اليهود والنّصارى والمجوس يرضخ لهم.
- حدّثنا أبي ثنا يحيى بن المغيرة ثنا جريرٌ عن العلاء بن المسيّب عن حمّادٍ، في قوله:
{وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: كانوا يطعمون منه رطبًا.
قوله: {يوم حصاده}
- حدّثنا أبي ثنا طلحة عن ابن عبّاسٍ: قوله: وآتوا حقّه يوم حصاده يوم يكال ويعلم كيله. وروي عن الضّحّاك نحو ذلك.
قوله: {ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين}
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى ثنا محمّد بن ثورٍ عن معمرٍ عن ابن طاوسٍ عن أبيه عن ابن عبّاسٍ- يعني قوله:
{ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين}- قال: أحلّ اللّه الأكل والشّرب ما لم يكن سرفًا أو مخيلةً.
- حدّثنا أبي ثنا إبراهيم بن موسى أنا هشام بن يوسف عن ابن جريجٍ عن عطاءٍ عن ابن عبّاسٍ:
{ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين}، قال: في الطّعام والشّراب.
- حدّثنا أبي ثنا عمرو بن عليٍّ ثنا معتمر بن سليمان عن عاصمٍ الأحول عن أبي العالية: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: كانوا يعطون شيئًا سوى الزّكاة، ثمّ تسارفوا، فأنزل اللّه تعالى
{ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين}.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا أبو خالدٍ الأحمر عن عثمان بن الأسود عن مجاهد قال: لو أنفقت مثل أبي قبيسٍ ذهبًا في طاعة الله لم يكن إسرافا، ولوا أنفقت صاعًا في معصية اللّه تعالى كان إسرافًا.
- حدّثنا أبي ثنا عمرو بن عليٍّ ثنا محمّد بن الزّبرقان ثنا موسى بن عبيدة عن محمّد بن كعبٍ، في قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده ولا تسرفوا} والسّرف أن لا يعطى في حقٍّ.
- ذكر عن محمّد بن بشّارٍ ثنا محمّد بن بكرٍ البرسانيّ ثنا أبو معدان عن عون بن عبد اللّه، في قوله:
{ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين}، قال: الّذي يأكل مال غيره.
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ ابن جريجٍ أخبرني أبو بكر ابن عبد اللّه عن عمرو بن سليمٍ، وعن غيره قال: سمعت سعيد بن المسيّب، في قوله: {ولا تسرفوا}، قال: لا تمنعوا الصّدقة فتعصوا.
- قال ابن جريجٍ: جذّ معاذ بن جبلٍ رضي اللّه عنه نخله، فلم يزل يتصدّق من ثمره حتّى لم يبق منه شيءٌ، فنزلت: {ولا تسرفوا}.
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ:
{ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين}، أمّا: لا تسرفوا فلا تعطوا أموالكم وتقعدوا فقراء.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ قال: سمعت ابن زيد ابن أسلم، في قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: كان أبي يقول: عشوره. قال: وقال للولاة: لا تسرفوا لا تأخذوا ما ليس لكم بحقٍّ إنّه لا يحبّ المسرفين، فأمر هؤلاء أن يؤدّوا حقّه عشوره، وأمر الولاة أن لا يأخذوا إلا بالحقّ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1397-1400]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وآتوا حقه يوم حصاده قال نافلة واجبا حين يصرم سوى الزكاة).[تفسير مجاهد: 225]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وآتوا حقّه يوم حصاده}.
- عن ابن عمر في قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: كانوا يعطون من اعتراهم شيئًا سوى الصّدقة.
رواه الطّبرانيّ في الأوسط، ورجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/ 22]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله: {وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات}، قال: المعروشات ما عرش الناس {وغير معروشات} ما خرج في الجبال والبرية من الثمرات
- وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {معروشات}؛ قال: بالعيدان والقصب ،{وغير معروشات}؛ قال: الضاحي.
- وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس: {معروشات}، قال: الكرم خاصة.
- وأخرج من وجه آخر عن ابن عباس:{معروشات}: ما يعرش من الكرم وغير ذلك، {وغير معروشات}: ما لا يعرش منها.
- وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله: {متشابها}؛ قال: في المنظر، {وغير متشابه}، قال: في المطعم.
- وأخرج ابن المنذر والنحاس وأبو الشيخ، وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {وآتوا حقه يوم حصاده}، قال: ما سقط من السنبل.
- وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والنحاس والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس: {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: نسخها العشر ونصف العشر.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم عن عطية العوفي في قوله: {وآتوا حقه يوم حصاده}، قال: كانوا إذا حصدوا وإذا ديس وإذا غربل أعطوا منه شيئا فنسخها العشر ونصف العشر.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه، وابن المنذر عن سفيان قال: سألت السدي عن هذه الآية: {وآتوا حقه يوم حصاده}، قال: هي مكية نسخها العشر ونصف العشر، قلت له: عمن قال: عن العلماء.
- وأخرج النحاس وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير: {وآتوا حقه يوم حصاده}، قال: كان هذا قبل أن تنزل الزكاة الرجل يعطي من زرعه ويعلف الدابة ويعطي اليتامى والمساكين ويعطى الضغث
- وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: نسخت الزكاة كل صدقة في القرآن.
- وأخرج أبو عبيد، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن الضحاك قال: نسخت الزكاة كل صدقة في القرآن.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر والنحاس وأبو الشيخ والطبراني، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن ابن عمر: {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: كانوا يعطون من اعتربهم شيئا سوى الصدقة.
- وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي عن مجاهد في قوله: {وآتوا حقه يوم حصاده}، قال: إذا حصدت فحضرك المساكين فاطرح لهم من السنبل فإذا طيبته وكرسته فحضرك المساكين فاطرح لهم منه فإذا دسته وذريته فحضرك المساكين فاطرح لهم منه فإذا ذريته وجمعته وعرفت كيله فاعزل زكاته وإذا بلغ النخل فحضرك المساكين فاطرح لهم من التفاريق والبسر فإذا جددته فحضرك المساكين فاطرح لهم منه فإذا جمعته وعرفت كيله فاعزل زكاته.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر وأبو الشيخ عن ميمون بن مهران ويزيد بن الأصم قال: كان أهل المدينة إذا صرموا النخل يجيئون بالعذق فيضعونه في المسجد فيجيء السائل فيضربه بالعصا فيسقط منه، فهو قوله: {وآتوا حقه يوم حصاده}.
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن حماد بن أبي سليمان في قوله: {وآتوا حقه يوم حصاده}، قال: كانوا يطعمون منه رطبا
- وأخرج أبو عبيد وأبو داود في ناسخه، وابن المنذر عن الحسن في قوله: {وآتوا حقه يوم حصاده}، قال: هو الصدقة من الحب والثمار.
- وأخرج أبو عبيد، وابن المنذر عن أنس، أن رجلا من بني تميم قال: يا رسول الله أنا رجل ذو مال كثير وأهل وولد وحاضره فأخبرني كيف أنفق وكيف أصنع قال تخرج زكاة مالك فإنها طهرة تطهرك وتصل أقاربك وتعرف حق السائل والجار والمسكين.
- وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن الشعبي قال: إن في المال حقا سوى الزكاة.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي العالية في قوله: {وآتوا حقه يوم حصاده}، قال: كانوا يعطون شيئا سوى الزكاة ثم إنهم تباذروا وأسرفوا فأنزل الله: {ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن أبي جريج قال: نزلت في ثابت بن قيس بن شماس وجد نخلا فقال: لا يأتيني اليوم أحد إلا أطعمته فأطعم حتى أمسى وليست له ثمرة فأنزل الله: {ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر مولى غفرة قال: ليس شيء أنفقته في طاعة الله إسرافا.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: لو أنفقت مثل أبي قيس ذهبا في طاعة الله لم يكن إسرافا ولو أنفقت صاعا في معصية الله كان إسرافا.
- وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب في قوله: {ولا تسرفوا}، قال: لا تمنعوا الصدقة فتعصوا.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن عون بن عبد الله في قوله: {إنه لا يحب المسرفين}، قال: الذي يأكل مال غيره.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله: {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: عشورة، وقال للولاة {ولا تسرفوا} لا تأخذوا ما ليس لكم بحق {إنه لا يحب المسرفين} فأمر هؤلاء أن يؤدوا حقه وأمر الولاة أن لا يأخذوا إلا بالحق.
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: {ولا تسرفوا} قال: لا تعطوا أموالكم وتقعدوا فقراء.
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب في قوله: {كلوا من ثمره إذا أثمر}، قال: من رطبه وعنبه وما كان فإذا كان يوم الحصاد فأعطوا حقه يوم حصاده، {ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}، قال: السرف أن لا يعطى في حق.
- وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير عن أبي بشر قال: أطاف الناس باياس بن معاوية فقالوا: ما السرف قال: ما تجاوزت به أمر الله فهو سرف، قال سفيان ابن حسين: وما قصرت به عن أمر الله فهو سرف.
- وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {وآتوا حقه يوم حصاده}، قال: الصدقة التي فيه ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم سن فيما سقت السماء أو العين السائحة أو سقى النيل أو كان بعلا: العشر كاملا وفيما سقى بالرشا نصف العشر وهذا فيما يكال من الثمر، قال: وكان يقال: إذا بلغت الثمرة خمسة أوسق وهو ثلثمائة صاع فقد حقت فيه الزكاة، قال: وكانوا يستحبون أن يعطى مما لا يكال من الثمرة على نحو ما يكال منها.
- وأخرج ابن أبي حاتم والنحاس، وابن عدي والبيهقي في "سننه" عن أنس بن مالك: {وآتوا حقه يوم حصاده}، قال: الزكاة المفروضة
- وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس: {وآتوا حقه يوم حصاده} يعني الزكاة المفروضة يوم يكال ويعلم كيله.
- وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود في ناسخه والبيهقي، عن طاووس {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: الزكاة). [الدر المنثور: 6/ 220-229]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (142)}

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدّثني طلحة وسفيان الثّوريّ، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعودٍ في: {حمولةً وفرشاً}، الحمولة ما من الإبل، والفرش هي الصّغار). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 92]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن قتادة عن الحسن في قوله تعالى: {حمولة وفرشا}؛ قال الحمولة ما حمل عليه منها والفرش حواشيها يعني صغارها). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 219-220]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال قتادة وكان غير الحسن يقول الحمولة الإبل والبقر والفرش الغنم). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 220]

قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( قوله عزّ وجلّ: {ومن الأنعام حمولةً وفرشًا كلوا ممّا رزقكم الله}
- حدّثنا سعيدٌ؛ قال: نا هشيم، أنا مغيرة، عن إبراهيم - في قوله عزّ وجلّ: {حمولةً وفرشًا} - قال: الحمولة: ما يحمل عليها من الإبل، والفرش: الصّغار). [سنن سعيد بن منصور: 5/ 109-110]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال ابن عبّاسٍ: {ثمّ لم تكن فتنتهم} [الأنعام: 23] : «معذرتهم» {معروشاتٍ} [الأنعام: 141] : «ما يعرش من الكرم وغير ذلك» ، {حمولةً}[الأنعام: 142] : «ما يحمل عليها»). [صحيح البخاري: 6/ة55] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله: {حمولة}؛ ما يحمل عليها وصله بن أبي حاتمٍ أيضًا من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ في قوله حمولة وفرشا فأمّا الحمولة فالإبل والخيل والبغال والحمير وكلّ شيءٍ يحمل عليه وقال أبو عبيدة الفرش صغار الإبل الّتي لم تدرّ ولم يحمل عليها وقال معمر عن قتادة عن الحسن الحمولة ما حمل عليه منها والفرش حواشيها يعني صغارها قال قتادة وكان غير الحسن يقول الحمولة الإبل والبقر والفرش الغنم أحسبه ذكره عن عكرمة أخرجه عبد الرّزّاق وعن بن مسعودٍ الحمولة ما حمل من الإبل والفرش الصّغار أخرجه الطّبريّ وصحّحه الحاكم). [فتح الباري: 8/ 287]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله:{حمولة وفرشا} فأما الحمولة فالإبل والخيل والبغال والحمير وكل شيء يحمل عليه). [تغليق التعليق: 4/ 209]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ({حمولة}: ما يحمل عليها
أشار بهذا إلى قوله تعالى: {ومن الأنعام حمولة وفرشا} وفسّر الحمولة بقوله: ما يحمل عليها، وعن الثّوريّ عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله في قوله: {حمولة}؛ ما حمل من الإبل وفرشا. قال: الصغار من الإبل رواه الحاكم، وقال: صحيح ولم يخرجاه، وقال ابن عبّاس: الحمولة هي الكبار، والفرش الصغار من الإبل، وكذا قال مجاهد، وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس: الحمولة الإبل والخيل والبغال والحمير وكل شيء يحمل عليه، والفرش الغنم، واختاره ابن جرير، قال، وأحسبه إنّما سمى فرشا لدنوه من الأرض، وقال الرّبيع بن أنس والحسن والضّحّاك وقتادة، الحمولة الإبل والبقر، والفرش الغنم، وقال السّديّ: أما الحمولة فالإبل، وأما الفرش فالفصلان والعجاجيل والغنم وما حمل عليه فهو حمولة وقال عبد الرّحمن ابن زيد بن أسلم: الحمولة تركبون، والفرش ما تأكلون وتحلبون، الشّاة لا تحمل ويؤكل لحمها وتتخذون من صوفها لحافا وفرشا). [عمدة القاري: 18/ 219]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقال ابن عباس أيضًا فيما وصله ابن أبي حاتم في قوله تعالى: ({حمولة}) {وفرشًا} هي (ما يحمل عليها) كذا في اليونينية يحمل بالتحتية وسقطت في فرعها أي الأثقال). [إرشاد الساري: 7/ 115-116]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن الأنعام حمولةً وفرشًا}.
يقول تعالى ذكره: وأنشأ من الأنعام حمولةً وفرشًا، مع ما أنشأ من الجنّات المعروشات وغير المعروشات.
والحمولة: ما حمل عليه من الإبل وغيرها.
والفرش: صغار الإبل الّتي لم تدرك أن يحمل عليها.
واختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: الحمولة: ما حمل عليه من كبار الإبل ومسانّها، والفرش: صغارها الّتي لا يحمل عليها لصغرها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه، في قوله: {حمولةً وفرشًا}، قال: الحمولة: الكبار من الإبل، وفرشًا: الصّغار من الإبل.
- وقال: حدّثنا أبي، عن أبي بكرٍ الهذليّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: الحمولة هي الكبار، والفرش: الصّغار من الإبل.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قال: الحمولة: ما حمّل من الإبل، والفرش: ما لم يحمّل.
- وبه عن إسرائيل، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ: الحمولة: ما حمّل من الإبل، والفرش: ما لم يحمّل.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {وفرشًا} قال: صغار الإبل.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه، في قوله: {حمولةً وفرشًا} قال: الحمولة: الكبار، والفرش: الصّغار.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعودٍ في قوله: {حمولةً وفرشًا} الحمولة: ما حمّل من الإبل، والفرش: هنّ الصّغار.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه، أنّه قال في هذه الآية: {حمولةً وفرشًا} قال: الحمولة: ما حمل عليه من الإبل، والفرش: الصّغار.
قال ابن المثنّى: قال محمّدٌ: قال شعبة: إنّما كان حدّثني سفيان عن أبي إسحاق.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: قال الحسن: الحمولة من الإبل والبقر.
وقال بعضهم: الحمولة من الإبل، وما لم يكن من الحمولة فهو الفرش.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، عن الحسن: {حمولةً وفرشًا} قال: الحمولة: ما حمل عليه، والفرش: حواشيها، يعني صغارها.
- حدّثنا محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ومن الأنعام حمولةً وفرشًا}: فالحمولة ما حمّل من الإبل، والفرش: صغار الإبل، الفصيل وما دون ذلك ممّا لا يحمّل.
ويقال: الحمولة: من البقر والإبل، والفرش: الغنم.
وقال آخرون: الحمولة: ما حمل عليه من الإبل والخيل والبغال وغير ذلك، والفرش: الغنم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ومن الأنعام حمولةً وفرشًا}: فأمّا الحمولة: فالإبل والخيل والبغال والحمير، وكلّ شيءٍ يحمل عليه، وأمّا الفرش: فالغنم.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع بن أنسٍ: الحمولة من الإبل والبقر، وفرشًا: المعز والضّأن.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ومن الأنعام حمولةً وفرشًا} قال: أمّا الحمولة: فالإبل والبقر. قال: وأمّا الفرش: فالغنم.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة كان غير الحسن يقول: الحمولة: الإبل والبقر، والفرش: الغنم.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ومن الأنعام حمولةً وفرشًا} أمّا الحمولة: فالإبل. وأمّا الفرش: فالفصلان والعجاجيل والغنم، وما حمل عليه فهو حمولةٌ.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {حمولةً وفرشًا} الحمولة: الإبل، والفرش: الغنم.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن أبي بكرٍ الهذليّ، عن الحسن: {وفرشًا} قال: الفرش: الغنم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {حمولةً وفرشًا} قال: الحمولة: ما تركبون، والفرش: ما تأكلون وتحلبون، شاةٌ لا تحمّل، تأكلون لحمها، وتتّخذون من أصوافها لحافًا وفرشًا.
والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنّ الحمولة هي ما حمّل من الأنعام، لأنّ ذلك من صفتها إذا حمّلت، لا أنّه اسمٌ لها كالإبل والخيل والبغال، فإذا كانت إنّما سمّيت حمولةً لأنّها تحمّل، فالواجب أن يكون كلّ ما حمّل على ظهره من الأنعام حمولةً، وهي جمعٌ لا واحد لها من لفظها، كالرّكوبة والجزورة. وكذلك الفرش إنّما هو صفةٌ لما لطف فقرب من الأرض جسمه، فيقال له الفرش. وأحسبها سمّيت بذلك تمثيلاً لها في استواء أسنانها ولطفها بالفرش من الأرض، وهي الأرض المستوية الّتي يتوطّؤها النّاس.
فأمّا الحمولة بضمّ الحاء: فإنّها الأحمال، وهي الحمول أيضًا بضمّ الحاء). [جامع البيان: 9/ 618-622]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {كلوا ممّا رزقكم اللّه ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ}.
يقول جلّ ثناؤه: كلوا مم‍ّا رزقكم اللّه أيّها المؤمنون، فأحلّ لكم ثمرات حروثكم وغروسكم ولحوم أنعامكم، إذ حرّم بعض ذلك على أنفسهم المشركون باللّه، فجعلوا للّه ممّا ذرأ من الحرث والأنعام نصيبًا، وللشّيطان مثله، فقالوا: هذا للّه بزعمهم، وهذا لشركائنا. {ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان} كما اتّبعها باحرو البحيرة ومسيّبو السّوائب، فتحرّموا على أنفسكم من طيب رزق اللّه الّذي رزقكم ما حرّموه، فتطيعوا بذلك الشّيطان وتعصوا به الرّحمن.
- كما حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان}: لا تتّبعوا طاعته، هي ذنوبٌ لكم، وهي طاعةٌ للخبيث.
إنّ الشّيطان لكم عدوٌّ يبغي هلاككم وصدّكم عن سبيل ربّكم، {مبينٌ} قد أبان لكم عدوانه بمناصبته أباكم بالعداوة، حتّى أخرجه من الجنّة بكيده وخدعه، وحسدًا منه له وبغيًا عليه). [جامع البيان: 9/ 623]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({ومن الأنعام حمولةً وفرشًا كلوا ممّا رزقكم اللّه ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ (142)}
قوله تعالى: {ومن الأنعام}
- حدّثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حمّادٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ، قوله: {ومن الأنعام}، قال: الأنعام، الرّاعية.
قوله: {حمولةً وفرشًا}
الوجه الأول:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد اللّه: حمولةً ما حمل من الإبل.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ ثنا ابن مهديٍّ عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد اللّه: قوله: {حموله}، قال: الحمولة، الكبار: وروي عن الحسن مثله.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: قوله: {حمولةً وفرشًا}، فأمّا الحمولة، فالإبل والخيل والبغال والحمير وكلّ شيءٍ يحمل عليه.
الوجه الرّابع:
- حدّثنا محمّد بن عمّارٍ ثنا عبد الرّحمن الدّشتكيّ أنا أبو جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع عن الحسن، في قوله: {ومن الأنعام حمولةً وفرشًا}، قال: الحمولة، الإبل والبقر.
قوله: {وفرشا}
الوجه الأول:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا عبيد اللّه بن موسى أنبأ سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد اللّه قال: والفرش الصّغار.
- حدّثنا أبي ثنا عبد اللّه بن رجاءٍ أنبأ إسرائيل عن مسلمٍ عن مجاهدٍ عن ابن عبّاسٍ، في قوله:
{وفرشًا}، قال: الفرش صغار الإبل. وروي عن الحسن نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: قوله: {وفرشًا}، قال: والفرش الغنم. وروي عن أبي العالية والحسن وقتادة والضّحّاك والرّبيع نحو ذلك.
قوله تعالى: {كلوا ممّا رزقكم اللّه}
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ ثنا أبو داود ثنا أبو عامرٍ الخزّاز عن الحسن- يعني قول اللّه: ممّا رزقكم- أما إنّه لم يذكر أصفركم وأحمركم، ولكنّه أسفركم قال: تنتهون إلى حلاله. وروي عن مقاتلٍ بن حيّان نحو ذلك.
قوله تعالى: {ولا تتّبعوا خطوات الشيطان}
- حدّثنا عبد الرّحمن بن خلف بن عبد الرّحمن الحمصيّ ثنا محمّد بن شعيبٍ ثنا شيبان بن عبد الرّحمن ثنا منصور بن المعتمر عن أبي الضّحى عن مسروقٍ قال: أتي عبد اللّه بن مسعودٍ بضرعٍ وملحٍ فجعل يأكل، فاعتزل رجلٌ من القوم، فقال ابن مسعودٍ رضي اللّه عنه: ناولوا صاحبكم. فقال: لا أريده، قال: أصائمٌ أنت؟
قال: لا، قال: فما شأنك؟ قال: حرّمت أن آكل ضرعًا أبدًا. فقال ابن مسعودٍ: هذا من خطوات الشّيطان، فاطعم وكفّر عن يمينك.
- حدّثنا أبي قال: ذكر بعض الرّازيّين ثنا أبو زهيرٍ عن محمّد بن كريبٍ عن أبيه عن مجاهدٍ عن ابن عبّاسٍ: قوله: {ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان} قال: ما خالف فهو من خطوات الشّيطان.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ: قوله: {ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان}، خطاه، أو قال: خطاياه.
- حدّثنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ أنا حفص بن عمر العدنيّ ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة: خطوات الشّيطان قال: نزغات الشّيطان.
- حدّثنا أبي ثنا يحيى بن المغيرة أنبأ جرير عن سليمان اليتيمي عن أبي مجلزٍ، في قوله: {ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان}، قال: المنذور المعاصي.
- حدّثني أبي ثنا ثابت بن محمّدٍ الزّاهد ثنا حسينٌ الجعفيّ عن القاسم بن الوليد الهمدانيّ قال: سألت قتادة، قلت: أرأيت قوله: لا تتّبعوا خطوات الشّيطان؟
قال: كلّ معصيةٍ للّه فهو من خطوات الشّيطان. وروي عن السّدّيّ نحو قول قتادة.
- كتب إليّ أبو زيدٍ القراطيسيّ ثنا أصبغ عن ابن زيدٍ: قوله: {خطوات الشّيطان}، قال: لا تتّبعوا طاعته، هي ذنوبٌ لكم، وهي طاعةٌ للخبيث
قوله: {الشّيطان}
- حدّثنا أبي ثنا خالد بن خواشٍ المهلّبيّ ثنا حمّاد بن زيدٍ عن الزّبير بن الخرّيت عن عكرمة قال: إنّما سمّي الشّيطان لأنّه تشيطن). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1400-1402]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم ثنا آدم قال ثنا إسرائيل عن أبي إسحق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود في قوله: {ومن الأنعام حمولة وفرشا}، قال الحمولة ما قد حمل من الإبل والفرش صغار الإبل التي لم تحمل). [تفسير مجاهد: 225-226]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو بكرٍ الشّافعيّ، ثنا إسحاق بن الحسن، ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعودٍ رضي اللّه عنه، " {ومن الأنعام حمولةً وفرشًا}، قال: الحمولة ما حمل من الإبل والفرش الصّغار «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/ 347]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ومن الأنعام حمولةً وفرشًا}.
- عن ابن مسعودٍ في قوله: {ومن الأنعام حمولةً وفرشًا}. قال: الحمولة ما حمل من الإبل، والفرش الصّغار.
رواه الطّبرانيّ عن شيخه عبد اللّه بن محمّد بن سعيد بن أبي مريم، وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/ 22]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الفريابي، وعبد بن حميد وأبو عبيد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال: الحمولة ما حمل عليه من الإبل والفرش صغار الإبل التي لا تحمل.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: الحمولة الكبار من الإبل والفرش الصغار من الإبل
- وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {ومن الأنعام حمولة وفرشا} قال: الإبل خاصة والحمولة ما حمل عليه والفرش ما أكل منه.
- وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل: {حمولة وفرشا} قال: الفرش الصغار من الأنعام، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم: أما سمعت أمية بن أبي الصلت وهو يقول:
ليتني كنت قبل ما قد رآني ....... في قلال الجبال أرعى الحمولا.
- وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الحمولة الإبل والخيل والبغال والحمير وكل شيء يحمل عليه والفرش الغنم.
-وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية في قوله: {حمولة وفرشا}، قال: الحمولة الإبل والبقر والفرش الضان والمعز). [الدر المنثور: 6/ 229-230]

تفسير قوله تعالى: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (143)}

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن لهيعة بن عقبة أنه سمع أبان بن عثمان بن عفان يوم الجمعة على المنبر يقرأ سورة الأنعام: {من الضأن} اثنان). [الجامع في علوم القرآن: 3/ 45]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قال يقول سلهم آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أي أني لم أحرم عليهم شيئا من هذا قال نبئوني بعلم إن كنتم صدقين وذكر من الإبل والبقر نحو ذلك). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 220]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال ابن عبّاسٍ: {ثمّ لم تكن فتنتهم} [الأنعام: 23] : «معذرتهم» {معروشاتٍ} [الأنعام: 141] : «ما يعرش من الكرم وغير ذلك» ، {حمولةً} [الأنعام: 142] : «ما يحمل عليها»، {وللبسنا} [الأنعام: 9] : «لشبّهنا» ، {لأنذركم به} [الأنعام: 19] : «أهل مكّة» {ينأون}[الأنعام: 26] : «يتباعدون» . {تبسل} [الأنعام: 70] : «تفضح» . {أبسلوا} [الأنعام: 70] : «أفضحوا» ، {باسطو أيديهم} : «البسط الضّرب» ، وقوله: {استكثرتم من الإنس} [الأنعام: 128] : «أضللتم كثيرًا»، {ممّا ذرأ من الحرث} [الأنعام: 136] : «جعلوا للّه من ثمراتهم ومالهم نصيبًا، وللشّيطان والأوثان نصيبًا» ، {أكنّةً} [الأنعام: 25] : «واحدها كنانٌ» ، {أمّا اشتملت} [الأنعام: 143] : «يعني هل تشتمل إلّا على ذكرٍ أو أنثى، فلم تحرّمون بعضًا وتحلّون بعضًا؟»). [صحيح البخاري: 6/ 55-56] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله: {أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين}، يعني هل تشتمل إلّا على ذكرٍ أو أنثى فلم تحرّمون بعضًا وتحلّون بعضًا كذا وقع لأبي ذرٍّ هنا ولغيره في أوائل التّفاسير وهو أصوب وهو إردافه على تفاسير بن عبّاس فقد وصله بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ مثله ووقع عند كثيرٍ من الرّواة فلم تحرّموا ولم تحلّلوا بغير نونٍ فيهما وحذف النّون بغير ناصبٍ ولا جازمٍ لغةٌ وقال الفرّاء قوله قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين يقول أجاءكم التّحريم فيما حرّمتم من السّائبة والبحيرة والوصيلة والحام من قبل الذّكرين أم من الأنثيين فإن قالوا من قبل الذّكر لزم تحريم كلّ ذكر أو من قبل الأنثى فكذلك وإن قالوا من قبل ما اشتمل عليه الرّحم لزم تحريم الجميع لأنّ الرّحم لا يشتمل إلّا على ذكرٍ أو أنثى وقد تقدّم في أخبار الجاهليّة قول ابن عبّاسٍ إن سرّك أن تعلم جهل العرب فاقرأ الثّلاثين ومائةً من سورة الأنعام يعني الآيات المذكورة). [فتح الباري: 8/ 290]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (وبه عن ابن عبّاس قوله: {أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين}، يعني هل تشتمل الرّحم إلّا على ذكر أو أنثى فلم تحرمون بعضًا وتحلون بعضًا). [تغليق التعليق: 4/ 210]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ({أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين} يعني هل تشتمل إلاّ على ذكرٍ أو أنثى فلم تحرّمون بعضا وتحلون بعضا.
هذا وقع لغير أبي ذر، ولم أنظر نسخة إلاّ وهذه التفاسير فيها بعضها متقدم وبعضها متأخّر وبعضها غير موجود، وفي النّسخة الّتي اعتمادي عليها وقع هنا وأشار به إلى قوله تعالى: {قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين} [الأنعام: 144] ثمّ فسره قوله: يعني هل تشتمل يعني: الأرحام إلاّ على ذكر أو أنثى، وكان المشركون يحرمون أجناسا من النعم بعضها على الرّجال والنّساء وبعضها على النّساء دون الرّجال، فاحتج الله عليهم. قوله: {قال آلذاكرين من حرم أم الأنثيين} الآية.
فالّذي حرمتم بأمر معلوم من جهة الله يدل عليه أم فعلتم ذلك كذبا على الله تعالى؟ وقال الفراء: جاءكم التّحريم فيما حرمتم من السائبة والبحيرة والوصيلة والحام من قبل الذكرين أم الأنثيين؟ فإن قالوا: من قبل الذّكر لزم تحريم كل ذكر أم من قبل الأنثى، فكذلك وإن قالوا: من قبل ما اشتمل عليه الرّحم لزم تحريم الجميع لأن الرّحم لا يشتمل إلاّ على ذكر أو أنثى). [عمدة القاري: 18/ 220-221]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وفي قوله: ({أما}) بإدغام الميم في الأخرى وحذفها من الكتابة ولأبي ذر:
{أم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين} (يعني هل تشتمل إلا على ذكر أو أنثى فلم تحرمون بعضًا وتحلّون بعضًا) وهو رد عليهم في قولهم: ({ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا} ومحرم على أزواجنا). [إرشاد الساري: 7/ 116]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمانية أزواجٍ من الضّأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبّئوني بعلمٍ إن كنتم صادقين}.
وهذا تقريعٌ من اللّه جلّ ثناؤه العادلين به الأوثان من عبدة الأصنام الّذين بحروا البحائر وسيّبوا السّوائب ووصلوا الوصائل، وتعليمٌ منه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم والمؤمنين به الحجّة عليهم في تحريمهم ما حرّموا من ذلك، فقال للمؤمنين به وبرسوله: {وهو الّذي أنشأ جنّاتٍ معروشاتٍ وغير معروشاتٍ} ومن الأنعام أنشأ حمولةً وفرشًا. ثمّ بيّن جلّ ثناؤه الحمولة والفرش، فقال: {ثمانية أزواجٍ}.
وإنّما نصب الثّمانية، لأنّها ترجمةٌ عن الحمولة والفرش وبدلٌ منها، كأنّ معنى الكلام: ومن الأنعام أنشأ ثمانية أزواجٍ، فلمّا قدّم قبل الثّمانية الحمولة والفرش بيّن ذلك بعد، فقال: {ثمانية أزواجٍ} على ذلك المعنى.
{من الضّأن اثنين ومن المعز اثنين} فذلك أربعةٌ، لأنّ كلّ واحدٍ من الأنثيين من الضّأن زوجٌ، فالأنثى منه زوج الذّكر، والذّكر منه زوج الأنثى، وكذلك ذلك من المعز ومن سائر الحيوان، فلذلك قال جلّ ثناؤه: {ثمانية أزواجٍ} كما قال: {ومن كلّ شيءٍ خلقنا زوجين}، لأنّ الذّكر زوج الأنثى، والأنثى زوج الذّكر، فهما وإن كانا اثنين فهما زوجان، كما قال جلّ ثناؤه: {وجعل منها زوجها ليسكن إليها}، وكما قال: {أمسك عليك زوجك}.
- وكما حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {من الضّأن اثنين} ذكرٌ وأنثى، {ومن البقر اثنين} ذكرٌ وأنثى، {ومن الإبل اثنين} ذكرٌ وأنثى.
ويقال للاثنين: هما زوجٌ، كما قال لبيدٌ:
من كلّ محفوفٍ يظلّ عصيّه ....... زوجٌ عليه كلّةٌ وقرامها
ثمّ قال لهم: كلوا ممّا رزقكم اللّه من هذه الثّمار واللّحوم، واركبوا هذه الحمولة أيّها المؤمنون، فلا تتّبعوا خطوات الشّيطان في تحريم ما حرّم هؤلاء الجهلة بغير أمري إيّاهم بذلك. قل يا محمّد لهؤلاء الّذين حرّموا ما حرّموا من الحرث والأنعام، اتّباعًا للشّيطان من عبدة الأوثان والأصنام الّذين زعموا أنّ اللّه حرّم عليهم ما هم محرّمون من ذلك: {آلذّكرين حرّم} ربّكم أيّها الكذبة على اللّه من الضّأن والمعز، فإنّهم إن ادّعوا ذلك وأقرّوا به، كذّبوا أنفسهم وأبانوا جهلهم، لأنّهم إذا قالوا: يحرّم الذّكرين من ذلك، أوجبوا تحريم كلّ ذكرين من ولد الضّأن والمعز، وهم يستمتعون بلحوم الذّكران منها وظهورها، وفي ذلك فساد دعواهم وتكذيب قولهم. {أم الأنثيين} فإنّهم إن قالوا: حرّم ربّنا الأنثيين، أوجبوا تحريم لحوم كلّ أنثى من ولد الضّأن والمعز على أنفسهم وظهورها، وفي ذلك أيضًا تكذيبٌ لهم، ودحض دعواهم أنّ ربّهم حرّم ذلك عليهم، إذ كانوا يستمتعون بلحوم بعض ذلك وظهوره. {أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين} يقول: أم حرّم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين، يعني أرحام أنثى الضّأن وأنثى المعز، فلذلك قال: {أرحام الأنثيين}. وفي ذلك أيضًا لو أقرّوا به فقالوا: حرّم علينا ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين، بطول قولهم وبيان كذبهم، لأنّهم كانوا يقرّون بإقرارهم بذلك أنّ اللّه حرّم عليهم ذكور الضّأن والمعز وإناثها أن يأكلوا لحومها أو يركبوا ظهورها، وقد كانوا يستمتعون ببعض ذكورها وإناثها.
و(ما) الّتي في قوله: {أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين} نصب عطفًا بها على (الأنثيين).
{نبّئوني بعلمٍ} يقول: قل لهم: خبّروني بعلم ذلك على صحّته، أيّ ذلك حرّم ربّكم عليكم وكيف حرّم، {إن كنتم صادقين} فيما تنحلونه ربّكم من دعواكم وتضيفونه إليه من تحريمكم.
وإنّما هذا إعلامٌ من اللّه جلّ ثناؤه نبيّه أنّ كلّ ما قاله هؤلاء المشركون في ذلك وأضافوه إلى اللّه، فهو كذبٌ على اللّه، وأنّه لم يحرّم شيئًا من ذلك، وأنّهم إنّما اتّبعوا في ذلك خطوات الشّيطان، وخالفوا أمره.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ثمانية أزواجٍ من الضّأن} اثنين ومن المعز اثنين الآية، إنّ كلّ هذا لم أحرّم منه قليلاً ولا كثيرًا، ذكرًا ولا أنثى.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {من الضّأن} اثنين ومن المعز اثنين قال: سلهم {آلذّكرين حرّم أم الأنثيين أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين}؟ أي لم أحرّم من هذا شيئًا. {بعلمٍ إن كنتم صادقين} فذكر من الإبل والبقر نحو ذلك.
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {ثمانية أزواجٍ} في شأن ما نهى اللّه عنه من البحيرة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ثمانية أزواجٍ} قال: هذا في شأن ما نهى اللّه عنه من البحائر والسّيّب.
قال ابن جريجٍ: يقول: من أين حرّمت هذا من قبل الذّكرين أم من قبل الأنثيين، أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين؟ وإنّها لا تشتمل إلاّ على ذكرٍ أو أنثى، فمن أين جاء التّحريم؟ فأجابوا هم: وجدنا آباءنا كذلك يفعلون.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ثمانية أزواجٍ من الضّأن اثنين ومن المعز اثنين}، {ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين}، يقول: أنزلت لكم ثمانية أزواجٍ من هذا الّذي عددت ذكرًا وأنثى، فالذّكرين حرّمت عليكم أم الأنثيين أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين؟ يقول: أي ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين ما تشتمل إلاّ على ذكرٍ أو أنثى، فما حرّمت عليكم ذكرًا ولا أنثى من الثّمانية، إنّما ذكر هذا من أجل ما حرّموا من الأنعام.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن: {أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين} قال: ما حملت الرّحم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين} قال: هذا لقولهم: {ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا ومحرّمٌ على أزواجنا}، قال: وقال ابن زيدٍ في قوله: {ثمانية أزواجٍ من الضّأن} اثنين ومن المعز اثنين قال: الأنعام: هي الإبل والضّأن والمعز، هذه الأنعام الّتي قال اللّه: {ثمانية أزواجٍ}. قال: وقال في قوله: {هذه أنعامٌ وحرثٌ حجرٌ} نحتجرها على من نريد وعمّن نريد، وقوله: {وانعامٌ حرّمت ظهورها} قال: لا يركبها أحدٌ، {وأنعامٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها} فقال: {آلذّكرين حرّم أم الأنثيين} أيّ هذين حرّم على هؤلاء، أي أن تكون لهؤلاء حلًّا وعلى هؤلاء حرامًا.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ثمانية أزواجٍ من الضّأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين} يعني: هل تشتمل الرّحم إلاّ على ذكرٍ أو أنثى، فهم يحرّمون بعضًا ويحلّون بعضًا؟.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ثمانية أزواجٍ من الضّأن اثنين ومن المعز اثنين} فهذه أربعة أزواجٍ، {ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين} يقول: لم أحرّم شيئًا من ذلك. {نبّئوني بعلمٍ إن كنتم صادقين} يقول: كلّه حلالٌ.
والضّأن: جمعٌ لا واحد له من لفظه، وقد يجمع الضّأن: الضّئين والضّئين، مثل الشّعير والشّعير، كما يجمع العبد على عبيدٍ وعبيدٍ. وأمّا الواحد من ذكوره فضائنٌ، والأنثى ضائنةٌ، وجمع الضّائنة: ضوائن.
وكذلك المعز جمعٌ على غير واحدٍ، وكذلك المعزى، وأمّا الماعز، فجمعه مواعز). [جامع البيان: 9/ 623-629]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({ثمانية أزواجٍ من الضّأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبّئوني بعلمٍ إن كنتم صادقين (143) }
قوله: {ثمانية أزواجٍ من الضّأن اثنين ومن المعز اثنين}
- حدّثنا أبي ثنا ابن الأصبهانيّ أنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عطاءٍ قال: قال ابن عبّاسٍ: الأزواج الثّمانية، من الإبل والبقر والضّأن والمعز، على قدر الميسرة، وما عظمت فهو أفضل.
- حدّثنا جعفر بن النّضر بن حمّادٍ الواسطيّ ثنا إسحاق بن يوسف عن شريكٍ عن أبي إسحاق عن النّعمان بن مالكٍ عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: الأزواج الثّمانية، من الإبل والبقر والمعز والضّأن.
- أخبرنا أحمد بن عثمان الأوديّ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ: قوله: {ثمانية أزواجٍ من الضّأن اثنين ومن المعز اثنين}... {ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين} يقول: أنزلت لكم ثمانية أزواجٍ من هذا الّذي عددت ذكرًا وأنثى.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ: قوله: ثمانية أزواجٍ ما نهى اللّه عن البحيرة والسائبة.
- حدّثنا أبي ثنا عبد الرّحمن بن صالحٍ العتكيّ ثنا حميد بن عبد الرّحمن الرّؤاسيّ عن حسن بن صالحٍ عن ليث بن أبي سليمٍ قال الجاموس والبختيّ من الأزواج الثّمانية.
قوله تعالى: {قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين}
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ حدّثني أبي حدّثني عمّي عن أبيه عن عطيّة عن ابن عبّاسٍ: قوله: {قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين}، يقول: لم أحرّم شيئًا من ذلك.
- أخبرنا أحمد بن عثمان الأوديّ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ: قوله: {قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين فالذّكرين حرّمت عليكم أم الأنثيين}؟
قوله تعالى: {أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين}
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: قوله: {أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين} يعني: هل يشتمل الرّحم إلا على ذكرٍ أو أنثى؟ فلم تحرّمون بعضًا وتحلّون بعضًا؟
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا ابن عطيّة عن أبي رجاءٍ عن الحسن: {قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين} قال: ما حملت الرّحم.
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع أنا عبد الرّزّاق أنا معمرٌ عن قتادة في قوله: {قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين}، يقول: سلهم آلذّكرين حرّم أم الأنثيين أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين؟ أي: إنّي لم أحرّم شيئًا من هذا.
قوله: {نبّئوني بعلمٍ إن كنتم صادقين}
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي ثنا عمّي، عن أبيه عن عطيّة عن ابن عبّاسٍ: قوله: {نبّئوني بعلمٍ إن كنتم صادقين} يقول: كلّه حلالٌ، يعني ما تقدّم ذكره ممّا حرّمه أهل الجاهليّة.
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع أنا عبد الرّزّاق أنا معمرٌ عن قتادة، في قوله:
{نبّئوني بعلمٍ إن كنتم صادقين} ، وذكر من الإبل والبقر نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1402-1404]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ثمانية أزواج قال نهى الله عن البحيرة والسائبة). [تفسير مجاهد: 226]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" من طرق عن ابن عباس قال: الأزواج الثمانية من الإبل والبقر والضان والمعز.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ثمانية أزواج} الآية، يقول: أنزلت لكم ثمانية أزواج الآية من هذا الذي عددن ذكرا وأنثى.
- وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {ثمانية أزواج} قال: الذكر والأنثى زوجان.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {ثمانية أزواج} قال: في شأن ما نهى الله عنه عن البحيرة والسائبة.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ليث بن أبي سليم قال: الجاموس والبختي من الأزواج الثمانية
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله {ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين} قال: فهذه أربعة أزواج {قل آلذكرين حرم أم الأنثيين} يقول: لم أحرم شيئا من ذلك {أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين} يعني هل تشتمل الرحم إلا على ذكر أو أنثى فلم تحرمون بعضا وتحلون بعضا{نبئوني بعلم إن كنتم صادقين}يقول:كله حلال: يعني ما تقدم ذكره مما حرمه أهل الجاهلية). [الدر المنثور: 6/ 230-232]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصّاكم اللّه بهذا فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا ليضلّ النّاس بغير علمٍ إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين}.
وتأويل قوله: {ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين} نحو تأويل قوله: {من الضّأن اثنين ومن المعز اثنين}، وهذه أربعة أزواجٍ، على نحو ما بيّنّا من الأزواج الأربعة قبل من الضّأن والمعز، فذلك ثمانية أزواجٍ كما وصف جلّ ثناؤه.
وأمّا قوله: {أم كنتم شهداء إذ وصّاكم اللّه بهذا فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا ليضلّ النّاس بغير علمٍ} فإنّه أمرٌ من اللّه جلّ ثناؤه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقول لهؤلاء الجهلة من المشركين الّذين قصّ قصصهم في هذه الآيات الّتي مضت، يقول له عزّ ذكره: قل لهم يا محمّد، أيّ هذه سألتكم عن تحريمه حرّم ربّكم عليكم من هذه الأزواج الثّمانية؟ فإن أجابوك عن شيءٍ ممّا سألتهم عنه من ذلك، فقل لهم: أخبرًا قلتم إنّ اللّه حرّم هذا عليكم أخبركم به رسولٌ عن ربّكم، أم شهدتم ربّكم فرأيتموه فوصّاكم بهذا الّذي تقولون وتردّون على اللّه؟ فإنّ هذا الّذي تقولون من إخباركم عن اللّه أنّه حرامٌ بما تزعمون على ما تزعمون، لا يعلم إلاّ بوحي من عنده مع رسولٍ يرسله إلى خلقه، أو بسماعٍ منه، فبأيّ هذين الوجهين علمتم أنّ اللّه حرّم ذلك كذلك برسولٍ أرسله إليكم؟ فأنبئوني بعلمٍ إن كنتم صادقين، أم شهدتم ربّكم، فأوصاكم بذلك وقال لكم: حرّمت ذلك عليكم، فسمعتم تحريمه منه وعهده إليكم بذلك؟ فإنّه لم يكن واحدٌ من هذين الأمرين. يقول جلّ ثناؤه: {فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا} يقول: فمن أشدّ ظلمًا لنفسه، وأبعد عن الحقّ، ممّن تخرّص على اللّه قيل الكذب وأضاف إليه تحريم ما لم يحرّم وتحليل ما لم يحلّل. {ليضلّ النّاس بغير علمٍ} يقول: ليصدّهم عن سبيله: {إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين} يقول: لا يوفّق اللّه للرّشد من افترى على اللّه وقال عليه الزّور والكذب وأضاف إليه تحريم ما لم يحرّم كفرًا باللّه وجحودًا لنبوّة نبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- كالّذي حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {أم كنتم شهداء إذ وصّاكم اللّه بهذا} الّذي تقولون.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: كانوا يقولون يعني الّذين كانوا يتّخذون البحائر والسّوائب: إنّ اللّه أمر بهذا. فقال اللّه: {فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا ليضلّ النّاس بغير علمٍ}). [جامع البيان: 9/ 629-631]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصّاكم اللّه بهذا فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا ليضلّ النّاس بغير علمٍ إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين (144) }
قوله: {ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين}
تقدّم تفسيره.
قوله تعالى: {أم كنتم شهداء إذ وصّاكم اللّه بهذا}
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن الأسلم يقول في قوله: {قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين}، قال: هذا لقولهم: ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا ومحرّمٌ على أزواجنا وقولهم: هذه أنعامٌ وحرثٌ حجرٌ فحجرها على من نريد وعمّن نريد. وقالوا: أنعامٌ حرّمت ظهورها لا يركبها أحدٌ، وأنعامٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها، فقال اللّه عزّ وجلّ: آلذّكرين حرّم أم الأنثيين: أيّ هذين حرامٌ على هؤلاء؟ أن يكون لهؤلاء حلٌّ وعلى هؤلاء حرامٌ، أم كنتم شهداء إذ وصّاكم اللّه بهذا الّذي تقولون، فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا ليضلّ النّاس بغير علمٍ إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين.
قوله تعالى: {فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا}
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن المفضّل ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قال: وإنّما ذكر هذا من أجل ما حرّموا من الأنعام، وكانوا يقولون: اللّه أمرنا بهذا. فقال اللّه:{فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا ليضل الناس بغير علم}). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1404]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله {ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين} قال: فهذه أربعة أزواج {قل آلذكرين حرم أم الأنثيين} يقول: لم أحرم شيئا من ذلك {أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين} يعني هل تشتمل الرحم إلا على ذكر أو أنثى فلم تحرمون بعضا وتحلون بعضا {نبئوني بعلم إن كنتم صادقين} يقول: كله حلال: يعني ما تقدم ذكره مما حرمه أهل الجاهلية.
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله {أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين} قال: ما حملت الرحم.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {آلذكرين حرم} الآية، قال: إنما ذكر هذا من أجل ما حرموا من الأنعام وكانوا يقولون: الله أمرنا بهذا، فقال الله {فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم}). [الدر المنثور: 6/ 232]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 ربيع الثاني 1434هـ/6-03-2013م, 11:37 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141) وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (142) ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (143) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144)}


تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وهو الّذي أنشأ جنّاتٍ مّعروشاتٍ وغير معروشاتٍ...}
هذه الكروم، ثم قال: {والزّيتون والرّمّان متشابهاً} في لونه و{غير متشابهٍ} في طعمه، منه حلو ومنه حامض.
وقوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده} هذا لمن حضره من اليتامى والمساكين.
وقوله: {ولا تسرفوا} في أن تعطوا كله. وذلك أن ثابت بن قيس خلّى بين الناس وبين نخله، فذهب به كله ولم يبق لأهله منه شيء، فقال الله تبارك وتعالى: {ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين}). [معاني القرآن: 1/ 360]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({جنّاتٍ معروشاتٍ} قد عرش عنبها.
{وغير معروشاتٍ} من سائر الشجر الذي لا يعرش، ومن النخل.
{كلوا من ثمره إذا أثمر} جميع ثمرة، ومن قرأها: (من ثُمُره) فضمّها، فإنه يجعلها جميع ثمر). [مجاز القرآن: 1/ 207]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وهو الّذي أنشأ جنّاتٍ مّعروشاتٍ وغير معروشاتٍ والنّخل والزّرع مختلفاً أكله والزّيتون والرّمّان متشابهاً وغير متشابهٍ كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقّه يوم حصاده ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين}
[وقال] {جنّاتٍ} جر لأن تاء الجميع في موضع النصب مجرورة بالتنوين). [معاني القرآن: 1/ 250]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عمرو والحسن {يوم حصاده}.
الأعرج {يوم حصاده} وسنخبر عن نظائره في الغريب، إن شاء الله). [معاني القرآن لقطرب: 532]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {معروشات وغير معروشات} فقد ذكرنا معناه في البقرة مع ذكر العرش.
وقوله {يوم حصاده} وبعض العرب يكسر الحاء، وبعضهم يقول: يحصد، وبعضهم: يحصد لغة.
[وزاد محمد]:
[معاني القرآن لقطرب: 553]
{يوم حصاده} تميمية، {حصاده} بالكسر حجازية؛ ومثله في اللغة القطاف في العنف والقطاف، والجرام والجرام، والصرام والصرام، والإبار والأبار؛ من أبرت النخل لقحته؛ والقطاع والقطاع؛ والجزار والجزار؛ والجذاذ والجذاذ؛ لغتان وهو القطع.
[وزاد محمد]:
الجداد والجداد بالدال). [معاني القرآن لقطرب: 554]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({جنات معروشات}: ما عرش من العنب وغيره). [غريب القرآن وتفسيره: 143]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({مختلفاً أكله} أي: ثمرة سماه أكلا: لأنه يؤكل تصدّقوا منه، {ولا تسرفوا} في ذلك.
{وآتوا حقّه يوم حصاده} أي تصدّقوا منه، {ولا تسرفوا} في ذلك). [تفسير غريب القرآن: 162]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ثم احتج الله عليهم ونبّه على عظم ما أتوه في أن أقدموا على الكذب على اللّه وأقدموا على أن شرعوا من الدّين ما لم يأذن به اللّه فقال: {وهو الّذي أنشأ جنّات معروشات وغير معروشات والنّخل والزّرع مختلفا أكله والزّيتون والرّمّان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقّه يوم حصاده ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين}
فكأنه قال افتروا على اللّه وهو المحدث للأشياء الفاعل ما لا يقدر أحد على الإتيان بمثله، فقال عزّ وجل: {وهو الّذي أنشأ} أي: ابتدع جنات معروشات، والجنات البساتين.
{وغير معروشات} ومعنى المعروشات ههنا: الكروم.
{والنّخل والزّرع مختلفا أكله} في حال اختلاف أكله. وهذه مسألة شديدة في النحو إلا على من عرف حقيقتها، لأن للقائل أن يقول كيف أنشأه في حال اختلاف أكله وهو قد نشأ من قبل وقوع أكله. وأكله ثمره؟
فالجواب في ذلك أنه عز وجلّ قدّر إنشاءه بقوله: {هو خالق كلّ شيء}
فأعلم عزّ وجلّ إنّه المنشئ له في حال اختلاف أكله، ويجوز أنشأه ولا أكل فيه مختلفا أكله، لأن المعنى مقدّرا ذلك فيه، كما تقول.: لتدخلنّ منزل زيد آكلين شاربين، المعنى تدخلون مقدّرين ذلك.
وسيبويه دل على ذلك وبيّنه في قوله: مررت برجل معه صقر - صائدا به غدا، فنصب صائدا على الحال، والمعنى مقدّرا الصيد.
ومعنى {متشابها وغير متشابه} على ضربين:
فأحدهما: أن بعضه يشبه بعضا، وبعضه يخالف بعضا ويكون أن يكون متشابها وغير متشابه، أن تكون الثمار يشبه بعضها بعضا في النظر وتختلف في الطعوم.
وقوله: {كلوا من ثمره إذا أثمر}
"ثمر" جمع ثمرة، ويجوز من ثمره، ويكون الثمر جمع ثمار فيكون بمنزلة حمر جمع حمار. ويجوز من ثمره.. بإسكان الميم.
وقوله عزّ وجلّ: {وآتوا حقّه يوم حصاده}
يجوز الحصاد والحصاد، وتقرأ بهما جميعا، ومثله الجداد والجداد لصرام النّخل.
اختلف الناس في تأويل {وآتوا حقّه يوم حصاده} فقيل إن الآية مكيّة.
وروي أن ثابت بن قيس بن شماس صرم خمسمائة نخلة ففرّق ثمارها كلّه ولم يدخل منه شيئا إلى منزله، فأنزل اللّه - عزّ وجلّ -: {وآتوا حقّه يوم حصاده ولا تسرفوا}.
فيكون على هذا التأويل أن الإنسان إذا أعطى كل ماله ولم يوصل إلى عياله وأهله منه شيئا فقد أسرف، لأنه جاء في الخبر: ابدأ بمن تعول.
وقال قوم إنها مدنية، ومعنى {وآتوا حقّه يوم حصاده}: أدّوا ما افترض عليكم في صدقته، ولا اختلاف بين المسلمين في أمر الزكوات أن الثمار إذا حصدت وجب إخراج ما يجب فيها من الصدقة فيما فرض فيه الصدقة، فعلى هذا التأويل يكون: (ولا تسرفوا) أي لا تنفقوا أموالكم وصدقاتكم على غير الجهة التي افترضت عليكم، كما قال المشركون: " هذا ليس كائنا " وحرموا ما أحل اللّه، فلا يكون إسراف أبين من صرف الأموال فيما يسخط اللّه). [معاني القرآن: 2/ 296-298]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات} أنشأ خلق وابتدع والجنات البساتين.
وقيل المعروشات الكروم والنخل والزرع مختلفا أكله أي ثمره لأنه مما يؤكل والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه قيل مشتبه في المنظر ومختلف في المطعم فيه حلو وحامض وقيل يشبه بعضه بعضا في الطعم ومنه ما لا يشبه بعضه بعضا في الطعم). [معاني القرآن: 2/ 499-500]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين} في هذه الآية ثلاثة أقوال:
- فمذهب ابن عمر وأبي الدرداء وسعيد بن جبير وأبي العالية ومجاهد وعطاء أن عليه أن يصدق منه سوى الزكاة المفروضة.
- والقول الثاني أن الآية منسوخة، قال إبراهيم النخعي: نسخها العشر ونصف العشر. وروى عن الحسن قولان: روى سفيان عن يونس عن الحسن قال: نسختها الزكاة المفروضة.
- والقول الآخر، وهو القول الثالث في الآية رواه شعبة عن أبي الرجاء قال: سألت الحسن عن قوله جل وعز: {وآتوا حقه يوم حصاده} فقال: الزكاة المفروضة.
وكذلك قال ابن عباس، وأنس بن مالك، وابن الحنفية، وجابر بن زيد، وسعيد بن المسيب، وطاووس، وقتادة، والضحاك رواه ابن وهب عن مالك قال: هي الصدقة المفروضة.
والقول الأول أولاها؛ لأنه يبعد أن يعني به الزكاة المفروضة لأن الأنعام مكية والزكاة إنما فرضت بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. ويقوي القول الأول حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن جذاذ الليل. قال سفيان: كي يحضر المساكين.
قال سعيد بن المسيب: ومعنى {ولا تسرفوا} ولا تمتنعوا من الصدقة فتهلكوا.
وقال غيره: معنى {ولا تسرفوا}: لا تدفعوا كل ما لكم إلى الغرباء وتتركوا عيالكم كما روي ابدأ بمن تعول السرف في اللغة المجاوزة إلى ما لا يحل وهو اسم ذم أي لا تنفقوا في الوجوه المحرمة حتى لا يجد السائل شيئا.
وقيل معنى {ولا تسرفوا}: لا تنفقوا أموالكم فيما لا يحل لأنه قد أخبر عنهم أنهم قالوا وهذا لشركائنا). [معاني القرآن: 2/ 500-503]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَّعْرُوشَاتٍ}: ما عرش من الكرم). [العمدة في غريب القرآن: 131]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (142)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ومن الأنعام حمولةً وفرشاً...}
يقول: وأنشأ لكم من الأنعام حمولة، يريد ما أطاق الحمل والعمل: والفرش: الصغار). [معاني القرآن: 1/ 360]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ومن الأنعام حمولةً وفرشاً كلوا ممّا رزقكم اللّه ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان إنّه لكم عدوٌّ مّبينٌ}
ثم قال: {ومن الأنعام حمولةً وفرشاً} أي: وأنشأ من الأنعام حمولةً وفرشا). [معاني القرآن: 1/ 250-251]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {حمولة وفرشا} فالحمولة من الإبل والبقر: ما حمل عليها؛ والفرش: صغار الإبل؛ وهي الحاشية أيضًا؛ أي الصغار من الإبل.
وكان ابن عباس يقول: الفرش الغنم وصغار الإبل ما لم يستطع الحمل ولم يبلغ أن يحمل عليه.
وقالوا أيضًا: الفريش التي معها ولدها؛ يقال: فرش فريش؛ فهو مأخوذ من الفرش؛ والفرش أيضًا: الأرض المستوية، يقال: كنا في فرش من الأرض أي استواء). [معاني القرآن لقطرب: 554]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قوله في الأنعام {حمولة وفرشا} فالنصب يكون على: "وأنشأنا"). [معاني القرآن لقطرب: 558]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({حمولة وفرشا}: الحمولة ما حمل عليها وهي الكبار من الإبل. والفرش صغارها التي لم تدرك أن تحمل عليها وقال بعضهم الفرش الغنم). [غريب القرآن وتفسيره: 143]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(الحمولة): كبار الإبل التي يحمل عليها.
و(الفرش): صغارها التي لم تدرك. أي لم يحمل عليها وهي ما دون الحقاق والحقاق: هي التي صلح أن تركب. أي حق ذلك). [تفسير غريب القرآن: 162]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ}.
أراد: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ}، وأنشأ لكم {وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا} يعني: كبارا وصغارا {كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}، أي: لا تقفوا أثره فيما يحرّم عليكم مما لم يحرّمه الله، ويحلّه لكم مما حرّمه الله عليكم.
ثم قال: {ثمانية أزواجٍ}، أي: كلوا مما رزقكم الله ثمانية أزواج. وإن شئت جعلته منصوبا بالرّدّ إلى الحمولة الفرش تبيينا لها.
والثمانية الأزواج: الضأن، والمعز، والإبل، والبقر.
وإنما جعلها ثمانية وهي أربعة، لأنه أراد: ذكرا وأنثى من كل صنف، فالذكر زوج، والأنثى زوج، والزوج يقع على الواحد والاثنين. ألا ترى أنك تقول للرجل: زوج، وهو واحد، وللمرأة: زوج، وهي واحدة؟ قال الله تعالى: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى}.
وكانوا يقولون: ما في بطون الأنعام حلال لذكورنا ونسائنا، إن كان الجنين ذكرا، ومحرّم على إناثنا إن كان أنثى. ويحرّمون على الرجال والنساء الوصيلة وأخاها، ويزعمون أن الله حرّم ذلك عليهم. فقال الله سبحانه: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ}.
وقال يقايسهم في تحريم ما حرّموا: {قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ} من الضأن والمعز {حَرَّمَ} الله عليكم {أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ}؟، فإن كان التحريم من جهة الذكرين: فكل ذكر حرام عليكم، وإن كان التحريم من جهة الأنثيين: فكل أنثى حرام عليكم، أم حرّم عليكم {أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ} من الأجنّة؟.
فإن كان التحريم من جهة الاشتمال، فالأرحام تشتمل على الذكور، وتشتمل على الإناث، وتشتمل على الذكور والإناث، فكل جنين حرام.
أم كنتم شهداء إذ وصّاكم الله بهذا أي حين أمر الله بهذا فتكونون على يقين؟ أم تفترونه عليه وتختلقونه؟ توبيخ {كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ}). [تأويل مشكل القرآن: 339-341]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ومن الأنعام حمولة وفرشا كلوا ممّا رزقكم اللّه ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان إنّه لكم عدوّ مبين}
نسق على الجنات، المعنى وهو الذي أنشأ جنات، وأنشأ من الأنعام حمولة وفرشا و"الحمولة" الإبل التي تحمّل.
وأجمع أهل اللغة على أن "الفرش" صغارها.
وقال بعض المفسرين: الفرش صغار الإبل وإن البقر والغنم من الفرش الذي جاء في التفسير، يدل عليه قوله: {ثمانية أزواج من الضّأن اثنين ومن المعز اثنين}
وقوله: {ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين}
فلما جاء هذا بدلا من قوله {حمولة وفرشا} جعله للبقر والغنم مع الإبل.
وقوله: {كلوا مما رزقكم الله} أي لا تحرّموا ما حرمتم مما جرى ذكره.
{ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان} في "خطوات" ثلاثة أوجه: ضم الطاء وفتحها وإسكانها.
ومعنى {خطوات الشيطان}: طرق الشيطان، قال بعضهم: تخطي الشيطان الحلال إلى الحرام.
والذي تدل عليه اللغة أن المعنى لا تسلكوا الطريق الذي يسوّله لكم الشيطان). [معاني القرآن: 2/ 298]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ومن الأنعام حمولة وفرشا} وروى أبو الأحوص عن عبد الله بن مسعود أنه قال: "الحمولة": ما أطاق الحمل من الإبل، و"الفرش" ما لم يطق الحمل وكان صغيرا.
قال أبو جعفر: وهذا المعروف عند أكثر أهل اللغة.
وقال الضحاك: "الحمولة" من الإبل والبقر، و"الفرش" الغنم، واستشهد لصاحب هذا القول بقوله: {ثمانية أزواج} قال فثمانية بدل من قوله: {حمولة وفرشا}، قال الحسن: الحمولة الإبل والفرش الغنم). [معاني القرآن: 2/ 503-504]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {كلوا مما رزقكم الله} وهو أمر على الإباحة). [معاني القرآن: 2/ 504]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ولا تتبعوا خطوات الشيطان} يعني طرقه أي طريقه الذي يحسنه لكم وقيل تخطيه الحلال إلى الحرام وقيل يعني آثاره). [معاني القرآن: 2/ 504-505]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ({حمولة وفرشا}: الحمولة: القوية على الحمل، والفرش: الصغيرة الضعيفة عن الحمل
والفرش - أيضا: القوية على الحمل والسير الكثير، ولم تأت الحمولة بمعنى الصغار). [ياقوتة الصراط: 225]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((والحمولة) كبار الإبل: (والفرش) الصغار، ما دون الحِقاق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 80]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({حَمُولَةً}: الإبل التي يحمل عليها). [العمدة في غريب القرآن: 131]

تفسير قوله تعالى: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (143)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ثمانية أزواجٍ...}
فإن شئت جعلت الثمانية مردودة على الحمولة. وإن شئت أضمرت لها فعلا.
وقوله: {ثمانية أزواجٍ} الذكر زوج، والأنثى زوج، ولو رفعت اثنين واثنين لدخول (من) كان صوابا كما تقول: رأيت القوم منهم قاعد ومنهم قائم، وقاعد وقائما.
والمعنى في قوله: {قل آلذّكرين حرّم} يقول: أجاءكم التحريم فيما حرمتم من السائبة والبحيرة والوصيلة والحام من الذكرين أم من الأنثيين؟ فلو قالوا: من قبل الذكر حرم عليهم كل ذكر، ولو قالوا: من قبل الأنثى حرمت عليهم كل أنثى.
ثم قال: {أمّا اشتملت عليه} يقول أم حرّم عليكم اشتمال الرحم؟ فلو قالوا ذلك لحرّم عليهم الذكر والأنثى؛ لأن الرحم يشتمل على الذكر والأنثى. و(ما) في قوله: {أمّا اشتملت} في موضع نصب، نصبته بإتباعه الذكرين والأنثيين). [معاني القرآن: 1/ 360-361]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({حمولةً وفرشاً} أي ما حملوا عليها،
والفرش: صغار الإبل لم تدرك أن يحمل عليها). [مجاز القرآن: 1/ 207]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ثمانية أزواجٍ مّن الضّأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبّئوني بعلمٍ إن كنتم صادقين}
ثم قال: {ثمانية أزواجٍ} أي: أنشأ حمولةً وفرشاً ثمانية أزواجٍ. أي: أنّشأ ثمانية أزواجٍ، على البدل أو التبيان أو على الحال.
ثم قال: "أنشأ {من الضّأن اثنين ومن المعز اثنين} وإنما قال: {ثمانية أزواجٍ} لأنّ كلّ واحدٍ "زوجٌ". تقول للاثنين: "هذان زوجان" وقال الله عز وجل: {ومن كلّ شيءٍ خلقنا زوجين} وتقول للمرأة: "هي زوجٌ" و"هي زوجةٌ" و: "هو زوجها". وقال: {وجعل منها زوجها} يعني المرأة وقال: {أمسك عليك زوجك} وقال بعضهم "الزوجة" وقال الأخطل:
زوجة أشمط مرهوبٌ بوادره ....... قد صار في رأسه التخويص والنزع
وقد يقال للاثنين أيضاً: "هما زوجٌ" وقال لبيد:
من كلّ محفوفٍ يظلّ عصيّه ....... زوجٌ عليه كلّةٌ وقرامها
وأمّا {الضأن} فمهموز وهو جماع على غير واحد.
ويقال: (الضئين) مثل "الشعير" وهو جماعة "الضأن" والأنثى "ضائنة" والجماعة: "الضوائن".
و{المعز} جمع على غير واحد وكذلك "المعزى"، فأما "المواعز" فواحدتها "الماعز" و"الماعزة" والذكر الواحد "ضائن" فيكون "الضأن" جماعة "الضائن" مثل صاحب" و"صحب" و"تاجر" و"تجر" وكذلك "ماعز" و"معز". وقال بعضهم {ضأن} و{معز} جعله جماعة "الضائن" و"الماعز" مثل "خادم" و"خدم"، و"حافد" و"حفدة" مثله إلاّ أنّه ألحق فيه الهاء.
وأمّا قوله: {آلذّكرين حرّم أم الأنثيين} فانتصب بـ"حرّم"). [معاني القرآن: 1/ 251-252]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عمرو {ومن المعز اثنين} يحرك.
أهل المدينة، وأصحاب عبد الله بالإسكان وهما لغتان.
والفعل: قد معز معازة، وهو المعز والمعز، والمعيز والماعز والمعزا.
[عن محمد]:
و{من الضأن} وهو جميع، والواحد ضائن وضائنة، والضئين على فعيل؛ وقالوا ضئنت الغنم ضأنا؛ إذا أشبهت الضأن.
قال أبو علي: وحكى لنا بعض من لا نتهم أنه سمع: ضأنة لواحد الضأن.
[وروى محمد بن صالح]:
ضئنت العنز ضأنًا: إذا أشبهت الضأن؛ وقالوا: أضأنت ضأنك، ومعزت معزاك؛ إذا عزلتها). [معاني القرآن لقطرب: 532]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {ثمانية أزواج} فيجوز أن يكون النصب على: "وأنشأنا ثمانية أزواج"، ويجوز أن يكون على قوله {كلوا مما رزقكم الله} وكلوا {ثمانية أزواج} ). [معاني القرآن لقطرب: 558]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ثمانية أزواجٍ} أي ثمانية أفراد. والفرد يقال له: زوج.
والاثنان يقال لهما: زوجان وزوج. وقد بينت تأويل هذه الآية في كتاب «المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 162]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ثم قال: {ثمانية أزواجٍ}، أي: كلوا مما رزقكم الله ثمانية أزواج. وإن شئت جعلته منصوبا بالرّدّ إلى الحمولة الفرش تبيينا لها.
والثمانية الأزواج: الضأن، والمعز، والإبل، والبقر.
وإنما جعلها ثمانية وهي أربعة، لأنه أراد: ذكرا وأنثى من كل صنف، فالذكر زوج، والأنثى زوج، والزوج يقع على الواحد والاثنين. ألا ترى أنك تقول للرجل: زوج، وهو واحد، وللمرأة: زوج، وهي واحدة؟ قال الله تعالى: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى}.
وكانوا يقولون: ما في بطون الأنعام حلال لذكورنا ونسائنا، إن كان الجنين ذكرا، ومحرّم على إناثنا إن كان أنثى. ويحرّمون على الرجال والنساء الوصيلة وأخاها، ويزعمون أن الله حرّم ذلك عليهم. فقال الله سبحانه: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ}.
وقال يقايسهم في تحريم ما حرّموا: {قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ} من الضأن والمعز {حَرَّمَ} الله عليكم {أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ}؟، فإن كان التحريم من جهة الذكرين: فكل ذكر حرام عليكم، وإن كان التحريم من جهة الأنثيين: فكل أنثى حرام عليكم، أم حرّم عليكم {أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ} من الأجنّة؟.
فإن كان التحريم من جهة الاشتمال، فالأرحام تشتمل على الذكور، وتشتمل على الإناث، وتشتمل على الذكور والإناث، فكل جنين حرام.
أم كنتم شهداء إذ وصّاكم الله بهذا أي حين أمر الله بهذا فتكونون على يقين؟ أم تفترونه عليه وتختلقونه؟ توبيخ {كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ}). [تأويل مشكل القرآن: 339-341](م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الزوج: اثنان، وواحد، قال الله تعالى: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} فجعل كل واحد منهما زوجا.
وهو بمعنى: الصّنف، قال: {خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ} يعني: الأصناف.
وقال: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ} أي ثمانية أصناف). [تأويل مشكل القرآن: 498](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ثمانية أزواج من الضّأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبّئوني بعلم إن كنتم صادقين} بدل من {حمولة وفرشا}، والزوج في اللغة: الواحد الذي يكون معه آخر.
{من الضّأن اثنين}، و"الضّأن" جمع ضائن وضأن، مثل تاجر وتجر.
{ومن المعز اثنين قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين}
هذا احتجاج عليهم؛ بيّن اللّه عزّ وجلّ به فريتهم وكذبهم فيما ادّعوه من أن ما في بطون الأنعام حلال للذكور ومحرم على الإناث، وما حرموا من سائر ما وصفنا، فقيل لهم آلذّكرين حرّم فإن كان حرم من الغنم ذكورها فكل ذكورها حرام، وإن كان حرّم الأنثيين فكل الإناث حرام، وإن كان حرم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين فقد حرم الأولاد، وكلّها أولاد فكلّها حرام.
وكذلك الاحتجاج في قوله: {ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين}
فقيل لهم {نبّئوني بعلم} أي فسروا ما حرمتم بعلم، أي وأنتم لا علم لكم لأنكم لا تؤمنون بكتاب). [معاني القرآن: 2/ 299]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ثمانية أزواج} كل فرد يحتاج إلى آخر عند العرب زوج). [معاني القرآن: 2/ 505]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال تعالى: {من الضأن اثنين} وهو جمع ضائن كما يقال راكب وركب). [معاني القرآن: 2/ 505]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ومن المعز اثنين} وهذا احتجاج عليهم أي إن كان حرم الذكور فكل ذكر حرام وإن كان حرم الإناث فكل أنثى حرام واحتج عليهم بهذا لأنهم أحلوا ما ولد حيا ذكرا للذكور وحرموه على الإناث إن كان أنثى، قال قتادة: أمره الله جل وعز أن يقول لهم: {آلذكرين حرم أم الأنثيين أم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين} إن كان ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين حراما فكل مولود منها حرام وكلها مولود فكلها إذا حرام.
وان كان التحريم من جهة الذكور من الضأن والمعز فكل ذكر حرام عليكم وإن كان من جهة الإناث فكل أنثى حرام عليكم وكانوا يحرمون الوصيلة وأخاها على الرجال والنساء). [معاني القرآن: 2/ 505-506]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {نبئوني بعلم إن كنتم صادقين} أي ليس عندكم علم لأنهم لا يؤمنون بكتاب). [معاني القرآن: 2/ 506]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} أي ثمانية أفراد، والفرد يقال له زوج). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 81]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَفَرْشًا}: صغار الإبل وقيل الغنم). [العمدة في غريب القرآن: 131]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {أم كنتم شهداء...}
يقول: أوصّاكم الله بهذا معاينة؟). [معاني القرآن: 1/ 361]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصّاكم اللّه بهذا فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبا ليضلّ النّاس بغير علم إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين}
{أم كنتم شهداء إذ وصّاكم اللّه بهذا} أي هل شاهدتم الله قد حرم هذا إذ كنتم لا تؤمنون برسول.
ثم بين ظلمهم فقال: {فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبا ليضلّ النّاس بغير علم}.
وقد بيّن الاحتجاج أنهم لا يؤمنون بنبيّ ولا يدّعون أن نبيا خبّرهم عن الله أن هذا حرام، ولا أنهم شاهدوا اللّه قد حرّم ذلك). [معاني القرآن: 2/ 299]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا} أي لستم تؤمنون بكتاب فهل شهدتم الله عز وجل حرم هذا). [معاني القرآن: 2/ 506]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم بين ظلمهم فقال: {فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا}). [معاني القرآن: 2/ 506]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 11:18 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141) }


تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (142) }

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (أبو زيد ..... قال: والحمولة ما احتمل عليه الحي من بعير أو حمار أو غيره، إن كان عليها أحمال وإن لم تكن والحمولة التي عليها الأثقال خاصة. الكسائي في الحمولة مثله. قال: والحمولة الأحمال بأعيانها). [الغريب المصنف: 2/ 516]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (الأحمر: ..... غيره: الفرش صغار الإبل من قول الله تعالى: {حمولة وفرشا} ). [الغريب المصنف: 3/ 862]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والركوب ما يركب قال الله جل

ذكره: {فمنها ركوبهم} أي فمنها يركبون وكذلك ركوبتهم مثل حلوبتهم أي ما يحتلبون وحمولتهم ما يحملون عليه وقال الله جل وعز: {ومن الأنعام حمولة وفرشا} فالحمولة ما حمل الأثقال من كبار الإبل والفرش صغارها). [إصلاح المنطق: 334-335] (م)
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
ولله فتخاء الجناحين لقوة ....... توسد فرخيها لحوم الأرانب
.....
(توسد) تفرشهما إياها، أي تطعهما، وهو من قول الله عز وجل: {حمولة وفرشا} أي ما يذبح ويؤكل. ليس هذا بشيء، و(الفرش) صغار الإبل). [شرح أشعار الهذليين: 1/ 250-251]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فإن كان الاسم على فعلة ففيه ثلاثة أوجه: إن شئت قلت: فعلات، وأتبعت الضمة الضمة؛ كما أتبعت الفتحة الفتحة.
وإن شئت جمعته على فعلات، فأبدلت من الضمة الفتحة لخفتها.
وإن شئت أسكنت فقلت: فعلات؛ كما تقول في عضد: عضد؛ وفي رسل: رسل. قال الله عز وجل: {ولا تتبعوا خطوات الشيطان}. وواحدها خطوة. وقال الشاعر:
ولما رأونا بـادياً ركـبـاتـنـا ....... على موطنٍ لا نخلط الجد بالهزل
ينشدون: ركباتنا وركباتنا. وهذه الآية تقرأ على الأوجه الثلاثة. وذلك قوله: "في الظُلمات، والظلَمات، والظلْمات"). [المقتضب: 2/ 186-187]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (الحمولة من الأنعام: الكبار، والفرش: الصغار). [مجالس ثعلب: 425]

تفسير قوله تعالى: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (143) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (والنعم من الإبل:
وقالوا: النعم من الإبل والغنم والبقر والبراذين والسوام والخيل.
وقالوا في مثل ذلك من ذي الظلف:
قالوا في الشاء:
الصبة من المَعْز خاصة: ما بين العشر إلى الأربعين. وقالوا: المَعْز، والمَعَز.
وقرأ أبو عمرو: المَعَز فحرك، وأهل المدينة: سكنوا.
ويقال للماعز: المَعْز، والمعزى، والمعيز، وقد معز معازة.
والضأن للجميع، وحكى لنا بعضهم: واحد الضأن: ضأنه، وهي قليلة شاذة.
وقالوا: ضائنة، وضائن للجميع، والضئين –على مثال فعيل- مثل: المعيز.
ويقال: ضئنت الغنم ضأنا إذا أشبهت الضأن، كالصبة من المَعْز). [الفرق في اللغة:151- 152] (م)
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (و«الضأن» و«المعز» و«الإبل» مؤنثات).[المذكور والمؤنث: 79]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقال قطرب: الزوج من الأضداد؛ يقال: زوج للاثنين وزوج للواحد.

وهذا عندي خطأ، لا يهرف الزوج في كلام العرب لاثنين، إنما يقال للاثنين زوجان؛ بهذا نزل كتاب الله، وعليه أشعار العرب، قال الله عز وجل: {وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى}، أراد بالزوجين الفردين، إذا ترجم عنهما بذكر وأنثى. وقال عز ذكره: {ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين} {ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين}، فكان المعنى ثمانية أفراد، أنشأ من الضأن اثنين، وكذلك ما بعدهما، فالأزواج معناها الأفراد لا غير، والعرب تفرد الزوج في باب الحيوان، فيقولون: الرجل زوج المرأة، والمرأة زوج الرجل؛ ومنهم من يقول (زوجة)، قال عبدة بن الطبيب:
فبكى بناتي شجوهن وزوجتى ....... والأقربون إلي ثم تصدعوا
وأنشدنا أبو العباس، عن سلمة، عن الفراء:
وأن الذي يمشي يحرش زوجتى ....... كماش إلى أسد الشرى يستبيلها
وإذا عدلت العرب عن الناس إلى الحيوان، فقالوا: عندي زوجان من حمام، أرادوا: عندي الذكر والأنثى؛ فإذا احتاجوا
إلى إفراد أحدهما لم يقولوا للذكر زوج وللأنثى زوجة، ولكنهم قالوا للذكر فرد، وللأنثى فردة، والقياس زوج وزوجة؛ إلا أنهم تنكبوهما اكتفاء بالفرد والفردة. وكذلك يقال للشيئين المصطحبين: زوجات، كقولهم: عندي زوجان من الخفاف، يريدون اثنين، وكذلك زوجان من النعال. ويقال للأبيض والأسود زوجان، وللحلو والحامض زوجان، ولا يقال لأحدهما زوج، فمن ادعى أن الزوج يقع على الاثنين فقد خالف كتاب الله جل وعز وجميع كلام العرب، إذ لم يوجد فيهما شاهد له، ولا دليل على صحة تأويله). [كتاب الأضداد: 373-375] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (و«الضأن» و«المعز» و«الإبل» مؤنثات). [المذكور والمؤنث: 79] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( وقال قطرب: الزوج من الأضداد؛ يقال: زوج للاثنين وزوج للواحد.

وهذا عندي خطأ، لا يهرف الزوج في كلام العرب لاثنين، إنما يقال للاثنين زوجان؛ بهذا نزل كتاب الله، وعليه أشعار العرب، قال الله عز وجل: {وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى}، أراد بالزوجين الفردين، إذا ترجم عنهما بذكر وأنثى. وقال عز ذكره: {ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين} {ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين}، فكان المعنى ثمانية أفراد، أنشأ من الضأن اثنين، وكذلك ما بعدهما، فالأزواج معناها الأفراد لا غير، والعرب تفرد الزوج في باب الحيوان، فيقولون: الرجل زوج المرأة، والمرأة زوج الرجل؛ ومنهم من يقول (زوجة)، قال عبدة بن الطبيب:
فبكى بناتي شجوهن وزوجتى ....... والأقربون إلي ثم تصدعوا
وأنشدنا أبو العباس، عن سلمة، عن الفراء:
وأن الذي يمشي يحرش زوجتى ....... كماش إلى أسد الشرى يستبيلها
وإذا عدلت العرب عن الناس إلى الحيوان، فقالوا: عندي زوجان من حمام، أرادوا: عندي الذكر والأنثى؛ فإذا احتاجوا إلى إفراد أحدهما لم يقولوا للذكر زوج وللأنثى زوجة، ولكنهم قالوا للذكر فرد، وللأنثى فردة، والقياس زوج وزوجة؛ إلا أنهم تنكبوهما اكتفاء بالفرد والفردة. وكذلك يقال للشيئين المصطحبين: زوجات، كقولهم: عندي زوجان من الخفاف، يريدون اثنين، وكذلك زوجان من النعال. ويقال للأبيض والأسود زوجان، وللحلو والحامض زوجان، ولا يقال لأحدهما زوج، فمن ادعى أن الزوج يقع على الاثنين فقد خالف كتاب الله جل وعز وجميع كلام العرب، إذ لم يوجد فيهما شاهد له، ولا دليل على صحة تأويله). [كتاب الأضداد: 373-375] (م)


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 06:30 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 06:30 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 06:30 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 06:31 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وهو الّذي أنشأ جنّاتٍ معروشاتٍ ... الآية}، هذا تنبيه على مواضع الاعتبار وأنشأ معناه خلق واخترع و «الجنة»: مأخوذة من جن إذا ستر، ومعروشاتٍ قال ابن عباس: ذلك في ثمر العنب، ومنها ما عرش وسمك ومنها ما لم يعرش وقال السدي «المعروشات» ما عرش كهيئة الكرم، وغيره البساتين وقيل: المعروش هو ما يعترشه بنو آدم من أنواع الشجر وغير المعروش ما يحدث في الجبال والصحراء ونحو ذلك وقيل: المعروش ما خلق بحائط وغير المعروش ما لم يخلق، ومختلفاً: نصب على الحال على تقدير حصول الاختلاف في ثمرها لأنها حين الإنشاء لا ثمرة فيها فهي حال مقدرة تجيء بعد الإنشاء، ومتشابهاً يريد في المنظر، وغير متشابهٍ في المطعم قاله ابن جريج وغيره وقوله كلوا من ثمره نفس الإباحة وهو مضمن الإشارة إلى النعمة بذلك، ويقرأ «من ثمره» بضم الثاء وقد تقدم، وآتوا حقّه يوم حصاده فقالت طائفة من أهل العلم: هي في الزكاة المفروضة منهم ابن عباس وأنس بن مالك والحسن بن أبي الحسن وطاوس وجابر بن زيد وسعيد بن المسيب وقتادة ومحمد بن الحنفية والضحاك وزيد بن أسلم وابنه، وقاله مالك بن أنس.
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه: وهذا قول معترض بأن السورة مكية وهذه الآية على قول الجمهور غير مستثناة، وحكى الزجّاج أن هذه الآية قيل فيها إنها نزلت بالمدينة، ومعترض أيضا بأنه لا زكاة فيما ذكر من الرمان وجميع ما هو في معناه، وقال ابن الحنفية أيضا وعطاء ومجاهد وغيرهم من أهل العلم:
بل قوله وآتوا حقّه ندب إلى إعطاء حقوق من المال غير الزكاة، والسنة أن يعطي الرجل من زرعه عند الحصاد وعند الذرو وعند تكديسه في البيدر، فإذا صفا وكال أخرج من ذلك الزكاة، وقال الربيع بن أنس حقه إباحة لقط السنبل، وقالت طائفة كان هذا حكم صدقات المسلمين حتى نزلت الزكاة المفروضة فنسختها.
وروي هذا عن ابن عباس وابن الحنفية وإبراهيم والحسن، وقال السدي في هذه السورة مكية نسختها الزكاة فقال له سفيان عمن قال عن العلماء.
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه: والنسخ غير مترتب في هذه الآية، لأن هذه الآية وآية الزكاة لا تتعارض بل تنبني هذه على الندب وتلك على الفرض، وقرأ ابن كثير ونافع وحمزة والكسائي «حصاده»، وقرأ عاصم وأبو عمرو وابن عامر «حصاده» بفتح الحاء وهما لغتان في المصدر، وقوله تعالى: ولا تسرفوا الآية، من قال إن الآية في الزكاة المفروضة جعل هذا النهي عن الإسراف إما للناس عن التمنع عن أدائها لأن ذلك إسراف من الفعل وقاله سعيد بن المسيب، وإما للولاة عن التشطط على الناس والإذاية لهم فذلك إسراف من الفعل، وقاله ابن زيد، ومن جعل الآية على جهة الندب إلى حقوق غير الزكاة ترتب له النهي عن الإسراف في تلك الحقوق لما في ذلك من الإجحاف بالمال وإضاعته.
وروي أن الآية نزلت بسبب لأن ثابت بن قيس بن شماس حصد غلة له فقال والله لا جاءني اليوم أحد إلا أطعمته فأمسى وليس عنده ثمرة، فنزلت هذه الآية، وقال أبو العالية كانوا يعطون شيئا عند الحصاد ثم تباروا وأسرفوا فنزلت الآية، ومن قال إنها منسوخة ترتب له النهي في وقت حكم الآية). [المحرر الوجيز: 3/ 474-476]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (142) }

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ومن الأنعام حمولةً وفرشاً كلوا ممّا رزقكم اللّه ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ (142) ثمانية أزواجٍ من الضّأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبّئوني بعلمٍ إن كنتم صادقين (143)}
{حمولةً} عطف على {جنّاتٍ معروشاتٍ} التقدير وأنشأنا من الأنعام حمولة، والحمولة ما تحمل الأثقال من الإبل والبقر عند من عادته أن يحمل عليها والهاء في حمولةً للمبالغة، وقال الطبري هو اسم جمع لا واحد من لفظه، و «الفرش» ما لا يحمل ثقلا كالغنم وصغار البقر والإبل، هذا هو المروي عن ابن مسعود وابن عباس والحسن وغيرهم، يقال له الفرش والفريش، وذهب بعض الناس إلى أن تسميته فرشاً إنما هي لوطاءته وأنه مما يمتهن ويتوطأ ويتمكن من التصرف فيه إذ قرب جسمه من الأرض.
وروي عن ابن عباس أنه قال: «الحمولة» الإبل والخيل والبغال والحمير، ذكره الطبري.
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه: وهذا منه تفسير لنفس اللفظة لا من حيث هي في هذه الآية، ولا تدخل في الآية لغير الأنعام وإنما خصت بالذكر من جهة ما شرعت فيها العرب، وقوله ممّا رزقكم نص إباحة وإزالة ما سنه الكفار من البحيرة والسائبة وغير ذلك، ثم تابع النهي عن تلك السنن الآفكة بقوله ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان وهي جمع خطوة أي لا تمشوا في طرقه المضلّة، وقد تقدم في سورة البقرة اختلاف القراء في «خطوات»، ومن شاذها قراءة علي رضي الله عنه والأعرج وعمرو بن عبيد «خطؤات» بضم الخاء والطاء وبالهمزة، قال أبو الفتح وذلك جمع خطأة من الخطأ ومن الشاذ قراءة أبي السمال «خطوات» بالواو دون همزة وهو جمع خطوة وهي ذرع ما بين قدمي الماشي، ثم علل النهي عن ذلك بتقرير عداوة الشيطان لابن آدم). [المحرر الوجيز: 3/ 477-478]

تفسير قوله تعالى: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (143) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ثمانية} اختلف في نصبها فقال الأخفش علي بن سليمان بفعل مضمر تقديره كلوا لحم ثمانية أزواج فحذف الفعل والمضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وقيل نصب على البدل من ما في قوله كلوا ممّا رزقكم اللّه، وقيل نصبت على الحال، وقيل نصبت على البدل من قوله حمولةً وفرشاً، وهذا أصوب الأقوال وأجراها مع معنى الآية، وقال الكسائي نصبها أنشأ والزوج الذكر والزوج الأنثى كل واحد منهما زوج صاحبه، وهي أربعة أنواع فتجيء ثمانية أزواج، والضّأن جمع ضائنة وضائن، وقرأ طلحة بن مصرف وعيسى بن عمر والحسن من «الضأن» بفتح الهمزة، وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي «ومن المعز» بسكون العين وهو جمع ماعز وماعزة، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر «ومن المعز» بفتح العين فضأن ومعز كراكب وركب وتاجر وتجر وضان ومعز كخادم وخدم ونحوه، وقرأ أبان بن عثمان «من الضأن اثنان» على الابتداء والخبر المقدم، ويقال في جمع ماعز معز ومعز ومعيز وأمعوز وقوله تعالى: قل آلذّكرين هذا تقسيم على الكفار حتى يتبين كذبهم على الله، أي لا بد أن يكون حرم الذكرين فيلزمكم تحريم جميع الذكور أو الأنثيين فيلزمكم تحريم جميع الإناث، أم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين فيلزمكم تحريم الجميع وأنتم لم تلتزموا شيئا مما يوجبه هذا التقسيم، وفي هذه السؤالات تقرير وتوبيخ ثم اتبع تقريرهم وتوبيخهم بقوله نبّئوني أخبروني بعلمٍ أي من جهة نبوءة أو كتاب من كتب الله إن كنتم صادقين وإن شرط وجوابه في نبّئوني، وجاز تقديم جواب هذا الشرط لما كانت إن لا يظهر لها عمل في الماضي، ولو كانت ظاهرة العمل لما جاز تقدم الجواب). [المحرر الوجيز: 3/ 478-479]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصّاكم اللّه بهذا فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذباً ليضلّ النّاس بغير علمٍ إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين (144)}
القول في هذه الآية في المعنى وترتيب التقسيم كالقول المتقدم في قوله: {من الضّأن اثنين ومن المعز اثنين} وكأنه قال أنتم الذين تدعون أن الله حرم خصائص من هذه الأنعام لا يخلو تحريمه من أن يكون في آلذّكرين أو فيما اشتملت عليه أرحام الأنثيين لكنه لم يحرم لا هذا ولا هذا فلم يبق إلا أنه لم يقع تحريم.
وقوله تعالى: أم كنتم شهداء إذ وصّاكم اللّه بهذا الآية استفهام على جهة التوبيخ، إذ لم يبق لهم الادعاء المحال والتقوّل أنهم شاهدوا وصية الله لهم بهذا، وشهداء جمع شهيد، ثم تضمن قوله تعالى: فمن أظلم ذكر حال مفتري الكذب على الله وتقرير إفراط ظلمه، وقال السدي: كان الذين سيبوا وبحروا يقولون: الله أمرنا بهذا ثم بيّن تعالى سوء مقصدهم بالافتراء لأنه لو افترى أحد فرية على الله لغير معنى لكان ظلما عظيما فكيف إذا قصد بهما إضلال أمة. وقد يحتمل أن تكون اللام في ليضلّ لام صيرورة، ثم جزم الحكم لا رب غيره بأنه لا يهدي القوم الظّالمين، أي لا يرشدهم، وهذا عموم في الظاهر وقد تبين تخصيصه مما يقتضيه الشرع أن الله يهدي ظلمة كثيرة بالتوبة). [المحرر الوجيز: 3/ 479]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 06:31 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 06:31 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وهو الّذي أنشأ جنّاتٍ معروشاتٍ وغير معروشاتٍ والنّخل والزّرع مختلفًا أكله والزّيتون والرّمّان متشابهًا وغير متشابهٍ كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقّه يوم حصاده ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين (141) ومن الأنعام حمولةً وفرشًا كلوا ممّا رزقكم اللّه ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ (142)}
يقول تعالى بيانًا لأنّه الخالق لكلّ شيءٍ، من الزّروع والثّمار والأنعام الّتي تصرّف فيها المشركون بآرائهم الفاسدة وقسّموها وجزّءوها، فجعلوا منها حرامًا وحلالًا فقال: {وهو الّذي أنشأ جنّاتٍ معروشاتٍ وغير معروشاتٍ}
قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {معروشاتٍ} مسموكاتٍ. وفي روايةٍ: "المعروشات": معروشات ما عرّش النّاس، {وغير معروشاتٍ} ما خرج في البرّ والجبال من الثّمرات.
وقال عطاءٌ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ: {معروشاتٍ} ما عرّش من الكرم {وغير معروشاتٍ} ما لم يعرش من الكرم. وكذا قال السدي.
وقال ابن جريج: {متشابهًا وغير متشابهٍ} قال: متشابه في المنظر، وغير متشابهٍ في الطّعم.
وقال محمّد بن كعب: {كلوا من ثمره إذا أثمر} قال: من رطبه وعنبه.
وقوله تعالى: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال ابن جريرٍ: قال بعضهم: هي الزّكاة المفروضة.
حدّثنا عمرٌو، حدّثنا عبد الصّمد، حدّثنا يزيد بن درهمٍ قال: سمعت أنس بن مالكٍ يقول: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: الزّكاة المفروضة.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {وآتوا حقّه يوم حصاده} يعني: الزّكاة المفروضة، يوم يكال ويعلم كيله. وكذا قال سعيد بن المسيّب.
وقال العوفي، عن ابن عبّاسٍ: {وآتوا حقّه يوم حصاده} وذلك أنّ الرّجل كان إذا زرع فكان يوم حصاده، لم يخرج ممّا حصد شيئًا فقال اللّه: {وآتوا حقّه يوم حصاده} وذلك أن يعلم ما كيله وحقّه، من كلّ عشرةٍ واحدًا، ما يلقط النّاس من سنبله.
وقد روى الإمام أحمد وأبو داود في سننه من حديث محمّد بن إسحاق: حدّثني محمّد بن يحيى ابن حبّان، عن عمّه واسع بن حبّان، عن جابر بن عبد اللّه؛ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أمر من كل جادٍّ عشرة أوسق من التّمر، بقنو يعلّق في المسجد للمساكين وهذا إسناده جيّدٌ قويٌّ.
وقال طاوسٌ، وأبو الشّعثاء، وقتادة، والحسن، والضّحّاك، وابن جريج: هي الزّكاة.
وقال الحسن البصريّ: هي الصّدقة من الحبّ والثّمار، وكذا قال زيد بن أسلم.
وقال آخرون: هو حقٌّ آخر سوى الزّكاة.
وقال أشعث، عن محمّد بن سيرين، ونافعٌ، عن ابن عمر في قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: كانوا يعطون شيئًا سوى الزّكاة. رواه ابن مردويه. وروى عبد اللّه بن المبارك وغيره. عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباحٍ في قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده} قال: يعطي من حضره يومئذٍ ما تيسّر، وليس بالزّكاة.
وقال مجاهدٌ: إذا حضرك المساكين، طرحت لهم منه.
وقال عبد الرّزّاق، عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، قال: عند الزّرع يعطي القبض، وعند الصّرام يعطي القبض، ويتركهم فيتبعون آثار الصّرام.
وقال الثّوريّ، عن حمّادٍ، عن إبراهيم [النّخعيّ] قال: يعطي مثل الضّغث.
وقال ابن المبارك، عن شريكٍ، عن سالمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {وآتوا حقّه يوم حصاده} ،قال: كان هذا قبل الزّكاة: للمساكين، القبضة الضّغث لعلف دابّته.
وفي حديث ابن لهيعة، عن درّاج، عن أبي الهيثم، عن سعيدٍ مرفوعًا: {وآتوا حقّه يوم حصاده}
قال: ما سقط من السّنبل. رواه ابن مردويه.
وقال آخرون: هذا كلّه شيءٌ كان واجبًا، ثمّ نسخه اللّه بالعشر ونصف العشر. حكاه ابن جريرٍ عن ابن عبّاسٍ، ومحمّدٍ بن الحنفيّة، وإبراهيم النّخعيّ، والحسن، والسّدّيّ، وعطيّة العوفي. واختاره ابن جريرٍ، رحمه اللّه.
قلت: وفي تسمية هذا نسخًا نظرٌ؛ لأنّه قد كان شيئًا واجبًا في الأصل، ثمّ إنّه فصّل بيانه وبيّن مقدار المخرج وكمّيّته. قالوا: وكان هذا في السّنة الثّانية من الهجرة، فاللّه أعلم.
وقد ذمّ اللّه سبحانه الّذين يصومون ولا يتصدّقون، كما ذكر عن أصحاب الجنّة في سورة "ن": {إذ أقسموا ليصرمنّها مصبحين * ولا يستثنون * فطاف عليها طائفٌ من ربّك وهم نائمون * فأصبحت كالصّريم} أي: كاللّيل المدلهمّ سوداء محترقةً {فتنادوا مصبحين * أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين * فانطلقوا وهم يتخافتون * أن لا يدخلنّها اليوم عليكم مسكينٌ * وغدوا على حردٍ} أي: قوّةٍ وجلدٍ وهمّةٍ {قادرين * فلمّا رأوها قالوا إنّا لضالّون * بل نحن محرومون * قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبّحون * قالوا سبحان ربّنا إنّا كنّا ظالمين * فأقبل بعضهم على بعضٍ يتلاومون * قالوا يا ويلنا إنّا كنّا طاغين * عسى ربّنا أن يبدلنا خيرًا منها إنّا إلى ربّنا راغبون * كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون} [القلم: 17-33].
وقوله: {ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين} قيل: معناه: ولا تسرفوا في الإعطاء، فتعطوا فوق المعروف.
وقال أبو العالية: كانوا يعطون يوم الحصاد شيئًا، ثمّ تباروا فيه وأسرفوا، فأنزل اللّه: {ولا تسرفوا}
وقال ابن جريج نزلت في ثابت بن قيس بن شمّاس، جذّ نخلًا. فقال: لا يأتيني اليوم أحدٌ إلّا أطعمته. فأطعم حتّى أمسى وليست له ثمرةٌ، فأنزل اللّه: {ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين} رواه ابن جريرٍ، عنه.
وقال ابن جريجٍ، عن عطاءٍ: ينهى عن السّرف في كلّ شيءٍ.
وقال إياس بن معاوية: ما جاوزت به أمر اللّه فهو سرفٌ.
وقال السّدّيّ في قوله: {ولا تسرفوا} قال: لا تعطوا أموالكم، فتقعدوا فقراء.
وقال سعيد بن المسيّب ومحمّد بن كعبٍ، في قوله: {ولا تسرفوا} قال: لا تمنعوا الصدقة فتعصوا.
ثمّ اختار ابن جريرٍ قول عطاءٍ: إنّه نهيٌ عن الإسراف في كلّ شيءٍ. ولا شكّ أنّه صحيحٌ، لكنّ الظّاهر -واللّه أعلم -من سياق الآية حيث قال تعالى: {كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقّه يوم حصاده ولا تسرفوا [إنّه لا يحبّ المسرفين]} أن يكون عائدًا على الأكل، أي: ولا تسرفوا في الأكل لما فيه من مضرّة العقل والبدن، كما قال تعالى: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا [إنّه لا يحبّ المسرفين]} [الأعراف: 31]، وفي صحيح البخاريّ تعليقًا: "كلوا واشربوا، والبسوا وتصدّقوا، في غير إسرافٍ ولا مخيلةٍ" وهذا من هذا، واللّه أعلم.
[تفسير القرآن العظيم: 3/ 347-350]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (142) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ومن الأنعام حمولةً وفرشًا} أي: وأنشأ لكم من الأنعام ما هو حمولةٌ وما هو فرشٌ، قيل: المراد بالحمولة ما يحمل عليه من الإبل، والفرش الصّغار منها. كما قال الثّوريّ، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه في قوله: {حمولةً} ما حمل عليه من الإبل، {وفرشًا} وقال: الصّغار من الإبل.
رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرّجاه.
وقال ابن عبّاسٍ: الحمولة: الكبار، والفرش [هي] الصّغار من الإبل. وكذا قال مجاهدٌ.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {ومن الأنعام حمولةً وفرشًا} فأمّا الحمولة فالإبل والخيل والبغال والحمير وكلّ شيءٍ يحمل عليه، وأمّا الفرش فالغنم.
واختاره ابن جريرٍ، قال: وأحسبه إنّما سمّي فرشًا لدنوّه من الأرض.
وقال الرّبيع بن أنسٍ، والحسن، والضّحّاك، وقتادة: الحمولة: الإبل والبقر، والفرش: الغنم.
وقال السّدّيّ: أمّا الحمولة فالإبل، وأمّا الفرش فالفصلان والعجاجيل والغنم، وما حمل عليه فهو حمولةٌ.
قال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: الحمولة ما تركبون، والفرش ما تأكلون وتحلبون، شاةٌ لا تحمل، تأكلون لحمها وتتّخذون من صوفها لحافًا وفرشًا.
وهذا الّذي قاله عبد الرّحمن في تفسير هذه الآية الكريمة حسنٌ يشهد له قوله تعالى: {أولم يروا أنّا خلقنا لهم ممّا عملت أيدينا أنعامًا فهم لها مالكون * وذلّلناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون} [يس: 71، 72]، وقال تعالى: {وإنّ لكم في الأنعام لعبرةً نسقيكم ممّا في بطونه من بين فرثٍ ودمٍ لبنًا خالصًا سائغًا للشّاربين [ومن ثمرات النّخيل والأعناب]} إلى أن قال: {ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثًا ومتاعًا إلى حينٍ} [النّحل: 69 -80]، وقال تعالى: {اللّه الّذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون * ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها حاجةً في صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملون * ويريكم آياته فأيّ آيات اللّه تنكرون} [غافر: 79 -81].
وقوله تعالى: {كلوا ممّا رزقكم اللّه} أي: من الثّمار والزّروع والأنعام، فكلّها خلقها اللّه [تعالى] وجعلها رزقًا لكم، {ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان} أي: طرائقه وأوامره، كما اتّبعها المشركون الّذين حرّموا ما رزقهم اللّه، أي: من الثّمار والزّروع افتراءً على اللّه، {إنّه لكم} أي: إنّ الشّيطان -أيّها النّاس -لكم {عدوٌّ مبينٌ} أي: بيّن ظاهر العداوة، كما قال تعالى: {إنّ الشّيطان لكم عدوٌّ فاتّخذوه عدوًّا إنّما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السّعير} [فاطرٍ: 6]، وقال تعالى: {يا بني آدم لا يفتننّكم الشّيطان كما أخرج أبويكم من الجنّة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما} الآية، [الأعراف: 27]، وقال تعالى: {أفتتّخذونه وذرّيّته أولياء من دوني وهم لكم عدوٌّ بئس للظّالمين بدلا} [الكهف: 50]. والآيات في هذا كثيرة في القرآن). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 350-351]

تفسير قوله تعالى: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (143) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ثمانية أزواجٍ من الضّأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبّئوني بعلمٍ إن كنتم صادقين (143) ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصّاكم اللّه بهذا فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا ليضلّ النّاس بغير علمٍ إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين (144)}
وهذا بيانٌ لجهل العرب قبل الإسلام فيما كانوا حرّموا من الأنعام، وجعلوها أجزاءً وأنواعًا: بحيرةً، وسائبةً، ووصيلةً وحامًا، وغير ذلك من الأنواع الّتي ابتدعوها في الأنعام والزّروع والثّمار، فبيّن أنّه تعالى أنشأ جنّاتٍ معروشاتٍ وغير معروشاتٍ، وأنّه أنشأ من الأنعام حمولةً وفرشًا. ثمّ بيّن أصناف الأنعام إلى غنمٍ وهو بياضٌ وهو الضّأن، وسوادٌ وهو المعز، ذكره وأنثاه، وإلى إبلٍ ذكورها وإناثها، وبقرٍ كذلك. وأنّه تعالى لم يحرّم شيئًا من ذلك ولا شيئًا من أولاده. بل كلّها مخلوقةٌ لبني آدم، أكلًا وركوبًا، وحمولةً، وحلبًا، وغير ذلك من وجوه المنافع، كما قال [تعالى] :{وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواجٍ} الآية [الزّمر: 6].
وقوله: {أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين} ردٌ عليهم في قولهم: {ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا ومحرّمٌ على أزواجنا}
وقوله: {نبّئوني بعلمٍ إن كنتم صادقين} أي: أخبروني عن يقينٍ: كيف حرّم اللّه عليكم ما زعمتم تحريمه من البحيرة والسّائبة والوصيلة والحام ونحو ذلك؟
وقال العوفي عن ابن عبّاسٍ قوله: {ثمانية أزواجٍ من الضّأن اثنين ومن المعز اثنين} فهذه أربعة أزواجٍ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 351]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين} يقول: لم أحرّم شيئًا من ذلك {أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين}
يعني: هل يشمل الرّحم إلّا على ذكرٍ أو أنثى فلم تحرّمون بعضًا وتحلّون بعضًا؟ {نبّئوني بعلمٍ إن كنتم صادقين} يقول: كلّه حلالٌ.
وقوله: {أم كنتم شهداء إذ وصّاكم اللّه بهذا} تهكّمٌ بهم فيما ابتدعوه وافتروه على اللّه، من تحريم ما حرّموه من ذلك، {فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا ليضلّ النّاس بغير علمٍ} أي: لا أحد أظلم منه، {إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين}
وأوّل من دخل في هذه الآية: عمرو بن لحيّ بن قمعة، فإنّه أوّل من غيّر دين الأنبياء، وأوّل من سيّب السّوائب، ووصل الوصيلة، وحمى الحامي، كما ثبت ذلك في الصّحيح). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 351-352]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة