{فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80) أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (87) فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96)}
تفسير قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم...}.
وحدثني أبو ليلى السجستاني , عن أبي جرير قاضي سجستان قال: قرأ عبد الله بن مسعود: {فلا أقسم بموقع النّجوم}, والقراء جميعاً على: مواقع.
- حدثني الفضيل بن عياض, عن منصور, عن المنهال بن عمرو رفعه إلى عبد الله فيما أعلم شك الفراء قال: { فلا أقسم بموقع النجوم}, قال: بمحكم القرآن، وكان ينزل على النبي صلى الله عليه نجوما). [معاني القرآن: 3/129]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فلا أقسم بمواقع النّجوم }: فأقسم بمواقع النجوم , ومواقعها مساقطها , ومغايبها). [مجاز القرآن: 2/252]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ( {فلا أقسم}: المعنى فأقسم.
{بمواقع النجوم}: مساقطها حيث تغيب). [غريب القرآن وتفسيره: 368-369]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فلا أقسم بمواقع النّجوم}: أراد: نجوم القرآن إذا نزل.
وقال أبو عبيدة: «أراد مساقط النجوم في المغرب»). [تفسير غريب القرآن: 451]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({فلا أقسم بمواقع النّجوم}: معناه أقسم، ودخلت (لا) توكيدا كما قال عزّ وجل:
{لئلّا يعلم أهل الكتاب}: معناه لأن يعلم أهل الكتاب.
ومواقع النجوم مساقطها، كما قال عزّ وجلّ : {فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب}
وقيل إن مواقع النجوم يعنى به نجوم القرآن، لأنه كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نجوما شيئا بعد شيء , ودليل هذا القول : {وإنّه لقسم لو تعلمون عظيم * إنّه لقرآن كريم}). [معاني القرآن: 5/115]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({بِمَوَاقِعِ}: حيث تغيب). [العمدة في غريب القرآن: 299]
تفسير قوله تعالى:{وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وإنّه لقسمٌ لّو تعلمون عظيمٌ...}: يدل على أنه القرآن.
ويقال: فلا أقسم بموقع النجوم، بمسقط النجوم إذا سقطن). [معاني القرآن: 3/129]
تفسير قوله تعالى: {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {في كتاب مكنون}: أي: مصون في السماء في اللوح المحفوظ). [معاني القرآن: 5/115]
تفسير قوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لاّ يمسّه إلاّ المطهّرون...}.
- حدثني حبّان, عن الكلبي, عن أبي صالح , عن ابن عباس قال: لا يمسّ ذلك اللوح المحفوظ إلا المطهرون يقول: الملائكة الذين طهروا من الشرك.
ويقال: لا يمسه: لا يجد طعمه ونفعه إلا المطهرون من آمن به). [معاني القرآن: 3/129-130]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لا يمسّه إلّا المطهّرون}
يعنى به الملائكة: لا يمسه في اللوح المحفوظ إلا الملائكة.
ويقرأ{المطهّرون}: وهي قليلة، ولها وجهان:
أحدهما: الذين طهّروا أنفسهم من الذنوب, والثاني: أن يكون الّذين يطهّرون غيرهم.). [معاني القرآن: 5/116]
تفسير قوله تعالى: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {تنزيل من ربّ العالمين}
صفة لقوله {كريم}، وإن شئت كان مرفوعا على قوله هو تنزيل من ربّ العالمين). [معاني القرآن: 5/116]
تفسير قوله تعالى:{أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أنتم مّدهنون...} مكذبون وكافرون، كلّ قد سمعته). [معاني القرآن: 3/130]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ أنتم مدهنون }: واحدها مدهن , وهو المداهن). [مجاز القرآن: 2/252]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({مدهنون}: أي مكذبون. مدهنون مكذبون وكافرون كل قد سمعته قد أدهن: قد كفر، واحدها مدهن، والمدهن والمداهن واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 369]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أنتم مدهنون}: أي مداهنون. يقال: أدهن في دينه، وداهن). [تفسير غريب القرآن: 451]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون}
أي: أفبالقرآن تكذبون، والمدهن المداهنّ والكذاب المنافق). [معاني القرآن: 5/116]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ({مدهنون}: أي: منافقون). [ياقوتة الصراط: 503]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (و{أَنتُم مُّدْهِنُونَ} أي مداهنون, وقيل: مدهنون: مكذّبون.
وقيل: منافقون, وقيل: أنتم تليّنون القول للمكذّبين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 259]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مُّدْهِنُونَ}: مكذبون). [العمدة في غريب القرآن: 300]
تفسير قوله تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون...}.
جاء في الأثر: تجعلون رزقكم: شكركم، وهو في العربية حسن أن تقول: جعلت زيارتي إياك أنك استخففت بي، فيكون المعنى: جعلت ثواب الزيارة ـ الجفاء. كذلك جعلتم شكر الرزق ـ التكذيب). [معاني القرآن: 3/130]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({وتجعلون رزقكم أنكم تكبون}: أي شكركم. يقال فعلت بك كذا وكذا فما رزقتني أي ما شكرتني).[غريب القرآن وتفسيره: 369]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وتجعلون رزقكم} : أي : شكركم، {أنّكم تكذّبون}: أي جعلتم شكر الرزق التكذيب.
قال عطاء: «كانوا يمطرون، فيقولون: مطرنا بنوء كذا»). [تفسير غريب القرآن: 452]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}
كانوا يقولون: مطرنا بنوء كذا، ولا ينسبون السقيا إلى اللّه عزّ وجلّ ,فقيل لهم: أتجعلون رزقكم أي شكركم بما رزقتم التكذيب.
وقرئت (وتجعلون شكركم أنكم أنّكم تكذّبون), ولا ينبغي أن يقرأ بها لخلاف المصحف.
وقد قالوا: إن تفسير رزقكم ههنا الشكر، ورووا أنه يقال "وتجعلون رزقي في معنى شكري" , وليس بصحيح.
إنما الكلام في قوله {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}: يدل على معنى {وتجعلون شكركم أنكم تكذبون }: أي تجعلون شكر رزقكم أن تقولوا: مطرنا بنوء كذا، فتكذبون في ذلك). [معاني القرآن: 5/116]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({رِزْقَكُمْ}: شكركم). [العمدة في غريب القرآن: 300]
تفسير قوله تعالى: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فلولا إذا بلغت الحلقوم...} يعني: النّفس عند الموت). [معاني القرآن: 3/130]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {فلولا إذا بلغت الحلقوم}: أي فهلا إذا بلغت النفس الحلقوم). [تفسير غريب القرآن: 452]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {فلولا إذا بلغت الحلقوم} يعنى : إذا بلغت الروح الحلقوم). [معاني القرآن: 5/116]
تفسير قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأنتم حينئذٍ تنظرون...} يعني: أهل الميت عنده ينظرون إليه.
والعرب تخاطب القوم بالفعل كأنهم أصحابه، وإنما يراد به بعضهم: غائباً كان أو شاهداً، فهذا من ذلك كقولك للقوم: أنت قتلتم فلاناً، وإنما قتله الواحد الغائب. ألا ترى أنك قد تقول لأهل المسجد لو آذوا رجلا بالازدحام: اتقوا الله، فإنكم تؤذون المسلمين، فيكون صوابا.
وإنما تعظ غير الفاعل في كثير من الكلام، ويقال: أين جواب (فلولا) الأولى، وجواب التي بعدها؟ والجواب في ذلك: أنهما أجيبا بجواب واحد وهو ترجعونها، وربما أعادت العرب الحرفين ومعناهما واحد. فهذا من ذلك، ومنه: {فإمّا يأتينّكم منّي هدًى فمن تبع هداي فلا خوفٌ عليهم}. أجيبا بجواب واحد وهما جزاءان، ومن ذلك قوله: {لا تحسبنّ الّذين يفرحون بما أتوا وّيحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنّهم}.
وقوله: {أيعدكم أنّكم إذا متّم وكنتم تراباً وعظاماً أنّكم مخرجون} , وقد فسّر في غير هذا الموضوع). [معاني القرآن: 3/130-131]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وأنتم حينئذ تنظرون} : أي: أنتم يا أهل الميّت في تلك الحال ترونه قد صار إلى أن تخرج نفسه). [معاني القرآن: 5/116]
تفسير قوله تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون}
جاء في التفسير أنه لا يموت أحد حتى يعلم أهو من أهل الجنّة أم من أهل النّار). [معاني القرآن: 5/116-117]
تفسير قوله تعالى: {فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {غير مدينين...} مملوكين، وسمعت: مجزيين). [معاني القرآن: 3/131]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ غير مدينين }: غير مجزيين، دنته، كما تدين تدان، والعبد مدينٌ، قال الأخطل:
ربت وربا في كرمها ابن مدينةٍ يظلّ على مسحاته يتركّل
ابن مدينة : ابن أمةٍ). [مجاز القرآن: 2/252-253]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فلولا إذا بلغت الحلقوم}
وقال: {فلولا إذا بلغت الحلقوم} , ثم قال: {فلولا إن كنتم غير مدينين} أي: غير مجزيّين مقهورين ترجعون تلك النفس وأنتم ترون كيف تخرج عند ذلك {إن كنتم صادقين}: أنكم تمتنعون من الموت). [معاني القرآن: 4/24-25]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({غير مدينين}: غير مجزيين بأعمالكم). [غريب القرآن وتفسيره: 369]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {فلولا إن كنتم غير مدينين}: أي غير مملوكين أذلاء. من قولك: دنت له بالطاعة, وقال أبو عبيدة: {مدينين}: مجزيين). [تفسير غريب القرآن: 452]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( "لولا" و"لوما"
لولا تكون في بعض الأحوال بمعنى: هلّا وذلك إذا رأيتها بغير جواب، تقول: لولا فعلت كذا تريد هلّا، فعلت كذا، قال الله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ}، {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ}، {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا}، {فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ}، أي فهلا. وقال: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ} .
وقال الشاعر:
تَعُدُّونَ عَقْرَ النِّيبِ أَفْضَلَ مَجْدِكُمْ = بَنِي ضَوْطَرَى لَوْلا الكَمِيَّ المقنَّعَا
أي: فهّلا تعدُّونَ الكميَّ.
وكذلك (لوما)، قال: {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ} أي هلّا تأتينا). [تأويل مشكل القرآن: 540-541](م)
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({غَيْرَ مَدِينِينَ} : أي غير مملوكين. وقيل: [غير] مجزيين بأعمالكم عند أنفسكم.
وقيل: غير مبعوثين، على قولكم. وقيل: غير محاسبين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 260]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَدِينِينَ}: مجزيين بأعمالهم). [العمدة في غريب القرآن: 300]
تفسير قوله تعالى: {تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (87)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فلولا إذا بلغت الحلقوم}
وقال: {فلولا إذا بلغت الحلقوم}, ثم قال: {فلولا إن كنتم غير مدينين} أي: غير مجزيّين مقهورين ترجعون تلك النفس , وأنتم ترون كيف تخرج عند ذلك {إن كنتم صادقين}: أنكم تمتنعون من الموت). [معاني القرآن: 4/24-25] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ترجعونها}: أي تردون النفس!). [تفسير غريب القرآن: 452]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ترجعونها إن كنتم صادقين (87)}: ومعناه: هلّا ترجعون الروح إن كنتم غير مدينين، أي غير مملوكين مدبّرين ليس لكم في الحياة والموت قدرة، فهلّا إن كنتم كما زعمتم ومثل قولكم الذي جاء في القرآن: {الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين}, كما قال :{أو كانوا غزّى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا}
فالمعنى: إن كنتم تقدرون أن تؤخروا أجلا فهلّا ترجعون الروح إذا بلغت الحلقوم، وهلّا تدرأون عن أنفسكم الموت). [معاني القرآن: 5/117]
تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فأمّا إن كان من المقرّبين...} من أهل جنة عدن). [معاني القرآن: 3/131]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): (ثم أخبرهم فقال: {فأمّا إن كان من المقرّبين}). [معاني القرآن: 4/25]
تفسير قوله تعالى: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): ({فروحٌ وريحانٌ...}...
- وحدثني شيخ , عن حماد بن سلمة , عن عبد الله بن شقيق, عن عائشة, عن النبي صلى الله عليه أنه قال: {فروح وريحان}, وقراءة الحسن كذلك، والأعمش, وعاصم والسّلمي, وأهل المدينة, وسائر القراء.
{فروحٌ} أي: فروح في القبر، ومن قرأ {فروحٌ}: يقول: حياة لا موت فيها، {وريحان}: رزق). [معاني القرآن: 3/131]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فروحٌ وريحانٌ }, فحياة , وبقاء ورزق , وروح أي: برد). [مجاز القرآن: 2/253]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فروحٌ وريحان}: أي: فله روحٌ وريحان). [معاني القرآن: 4/25]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ( {فروح}: برد "ومن قرأ فروح فهو الحياة والبقاء أي أحياه الله ورزقه الله".
{وريحان}: أي رزق). [غريب القرآن وتفسيره: 370]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فروحٌ} في القبر، أي طيب نسيم، {وريحانٌ}: رزق, ومن قرأ: {فروحٌ}، أراد: فحياة وبقاء). [تفسير غريب القرآن: 452]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن قرأ: (فرُوحٌ وريحانٌ) بضم الراء، أراد فرحمة ورزق.
والريحان: الرزق. قال النّمر بن تولب:
سلام الإله وريحانه = ورحمته وسماء درر
فجمع بين الرّزق والرحمة، كما قال الله تعالى: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ}، وهذا شاهد لتفسير المفسرين.
قال أبو عبيدة: فرُوحٌ، أراد: حياة وبقاء لا موت فيه.
ومن قرأ: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} بالفتح، أراد: الرّاحة وطيب النّسيم.
وقد تكون الرَّوح: الرحمة، قال الله تعالى: {وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ}، أي من رحمته. سمّاها روحا لأنّ الرّوح والرّاحة يكونان بها). [تأويل مشكل القرآن: 487-488] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فأمّا إن كان من المقرّبين * فروح وريحان وجنّت نعيم}
بفتح الراء في {روح}, ومعناه فاستراحة وبرد، {وريحان}: رزق قال الشاعر:
سلام الإله وريحانه ورحمته وسماء درر
ورويت {فروح} بضم الراء، وتفسيره فحياة دائمة لا موت بعدها (وريحان) رزق. وجائز أن يكون ريحان ههنا تحية لأهل الجنة، وأجمع النحويون أن أصل ريحان في اللغة (ريّحان) من ذوات الواو فالأصل " ريوحان " فقلبت الواو ياء وأدغمت فيها الأولى، فصارت ريحان، فخفف كما قالوا في " ميّت ميت، ولا يجوز في " ريحان " التشديد إلا على بعد لأنه قد زيد فيه ألف ونون فخفف بحذف الياء وألزم التخفيف.
ورفعه على معنى فأما إن كان المتوفى من المقربين فله روح وريحان). [معاني القرآن: 5/117-118]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فَرَوْح}: أي طيب نسيم من القبر. ومن قرأ: {فُروح}: أراد حياة وبقاء, {وَرَيْحَانٌ}: رزق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 260]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فرَوْحٌ}: الحياة , {ورَيْحَانٌ}: رزق). [العمدة في غريب القرآن: 300]
تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: { وأمّا إن كان من أصحاب اليمين * فسلام لك من أصحاب اليمين}
وقد بيّن ما لأصحاب اليمين في أول السورة). [معاني القرآن: 5/118]
تفسير قوله تعالى: {فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فسلامٌ لّك من أصحاب اليمين...}.
أي: فذلك مسلّم لك أنك من أصحاب اليمين، وألقيت أن , وهو معناها كما تقول: أنت مصدّق مسافر عن قليل إذا كان قد قال: إني مسافر عن قليل.
وكذلك تجد معناه: أنت مصدق أنك مسافر، ومعناه: فسلام لك أنت من أصحاب اليمين.
وقد يكون كالدعاء له، كقولك: فسقيا لك من الرجال، وإن رفعت السلام فهو دعاء.
والله أعلم بصوابه). [معاني القرآن: 3/131]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وأمّا إن كان من أصحاب اليمين * فسلامٌ لّك من أصحاب اليمين} أي: فيقال له "سلامٌ لك"). [معاني القرآن: 4/25]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ومعنى {فسلام لك من أصحاب اليمين}: أنك ترى فيهم ما تحب من السّلامة وقد علمت ما أعدّ لهم من الجزاء). [معاني القرآن: 5/118]
تفسير قوله تعالى: {فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وأمّا إن كان من المكذّبين الضّالّين * فنزل من حميم}
ويقرأ {فنزل} بالتخفيف والتثقيل.
فمعناه: فغذاء من حميم وتصلية جحيم) ). [معاني القرآن: 5/118]
تفسير قوله تعالى: {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وتصلية جحيم}: أي: إقامة في جحيم.
فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن الجحيم ههنا للمكذبين الضالين). [معاني القرآن: 5/118]
تفسير قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({لهو حقّ اليقين}: مضافاً إلى اليقين وقد يكون صفة له، كقولك: صلاة الأولى وصلاة العصر). [مجاز القرآن: 2/253]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({إنّ هذا لهو حقّ اليقين}
وقال: {حقّ اليقين} فأضاف إلى "اليقين" كما قال: {دين القيّمة} أي: ذلك دين الملّة القيّمة، وذلك حقّ الأمر اليقين. وأما "هذا رجل السوء" فلا يكون فيه: هذا الرجل السوء, كما يكون في "الحقّ اليقين" لأن "السّوء" ليس بـ"الرّجل" و"اليقين هو الحقّ"). [معاني القرآن: 4/25]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّ هذا لهو حقّ اليقين}
أي إن هذا الذي قصصنا عليك في هذه السورة من الأقاصيص وما أعد اللّه لأوليائه وأعدائه وما ذكر مما يدل على وحدانيته ليقين حق اليقين، كما تقول: " إن زيدا لعالم حق عالم، وإنه للعالم حق العالم " إذا بالغت في التوكيد). [معاني القرآن: 5/118]
تفسير قوله تعالى: { فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{فسبّح باسم ربّك العظيم}
أي فنزّه اللّه - عزّ وجلّ - عن السوء، لأن معنى سبحان اللّه تنزيه اللّه عن السوء. كذلك جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأهل اللغة كذلك يفسّرونه: براءة اللّه من السوء.
وأنشد سيبويه في هذا المعنى:
أقول لما جاء في فخره = سبحان من علقمة الفاجر
أي: أبرأ منه). [معاني القرآن: 5/118-119]