سورة غافر
[ من الآية (13) إلى الآية (17) ]
{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آَيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14) رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15) يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17)}
قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آَيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13)}
قوله تعالى: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14)}
قوله تعالى: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لتنذر يوم التّلاق)
قرأ الحضرمي "وحده (لتنذر يوم التّلاق) بالتاء.
وقرأ الباقون بالياء.
وأثبت ابن كثيرٍ الياء " التلاقي " في الوصل والوقف.
وكذلك كان يقف على قوله (من راقي)، و(من هادي) بياء.
وروى أحمد بن صالح عن ورش، وقالون عن نافع (يوم التلاقي) و(يوم التنادي) بالياء في الوصل.
[معاني القراءات وعللها: 2/343]
قال أبو منصور: من قرأ (لتنذر يوم التّلاق) فالخطاب للنبي صلى اللّه عليه، أي: لتنذرهم عذاب يوم البعث حين يتلاقى الخلق أجمعين إذا بعثوا.
ومن قرأ (لينذر) فهو على وجهين: أحدهما: لينذر الله عباده يوم البعث للحساب، ويكون: لينذر من يلقى الله إليه الوحي). [معاني القراءات وعللها: 2/344]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- وقوله تعالى: {يوم التلاق ... والتناد} [15، 32].
كان ابن كثير يثبت الياء فيهما وصل أو وقف على الأصل، لأنه من لقيت وناديت.
وكان نافع يثبتها وصلاً، ويحذفها وقفًا، لأنه تبع المصحف في الوقف، والأصل في الدرج.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/262]
والباقون يحذفون وصلوا أو وقفوا اجتزاء بالكسرة، واتباعًا للمصحف، ولأنها رأس آية.
وفي {التناد} قراءة رابعة: حدثني أحمد بن عبدان عن على عن أبي عبيد قال: أخبرني هشيم عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس {يوم التناد} بتشديد الدال. قال تند كما تند الإبل، وشاهده قوله: {يوم يفر المرء من أخيه}.
وحدثني ابن مجاهد عن السمري عن الفراء قال: حدثنا حبان عن الأجلح عن الضحاك بن مزاحم أنه قال: تنزل الملائكة من السموات فتحيط بأقطار الأرض ويجاء بجهنم، فإذا رأوها هالتهم فندوا في الأرض كما تند الإبل فلا يتوجهون قط إلا رأوا ملائكة فيرجعون من حيث جاءوا وذلك قوله: {يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات} وذلك قوله: {يوم تشقق السماء بالغمم ونزل الملئكة تنزيلاً}.
وقال الأجلح: وقرأ الضحاك {يوم التناد} مشددًا قال الشاعر:- في التنادي بإثبات الياء، والتخفيف-:
منع النوم ذكر يوم التنادي = وإلى الله مرجعي ومعادي
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/263]
يوم زادت أضعافها الأرض مدا = ثم صارت قرار كل العباد
يريد قوله تعالى: {وإذا الأرض مدت} وهو بتبديلها {يومن تبدل الأرض غير الأرض} {يوم التناد} [32]. {برزون له} وفي حرف ابن مسعود: {لا يخفى عليه منهم شيء} فأما تفسير: {يوم التلاق} فهو يوم القيامة. يلتقي أهل السماء، وأهل الأرض، وذلك قوله: {يلقي الروح من أمره} [15] فقيل: الروح القرآن، وقيل: النبوة وقيل: أمر النبوة، لن الله تعالى أحيا بالقرآن وبالرسول أفئدة صدئة، وأحيا بهما قلوبا ميته؛ لأن الله تعالى سمي الكافر ميتًا، والمؤمن حيًا، وذلك حيث يقول: {أو من كان ميتًا} بكفره {فأحيينه} بالإيمان. وقوله: {على من يشاء من عباده} أي: على من يصطفيه لرسالته {لينذر يوم التلاق} أي: لينذر النبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: {وأنذرهم يوم الحسرة}.
وقال آخرون: لينذر الله، ومن قرأ بالتاء فإنه أراد خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: لتنذر أنت يا محمد وهي قراءة الحسن). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/264] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: واختلفوا في إثبات الياء وحذفها من قوله: يوم التلاق [المؤمن/ 15] والتنادي [المؤمن/ 32]. فقال أحمد بن صالح عن ورش وقالون وأبي بكر بن أبي أويس عن نافع: التلاقي يثبت الياء في الوصل وكذلك قال ورش وقالون: يوم التنادي بياء، وقال عن أبي بكر بن أبي أويس بغير ياء في وصل ولا وقف التناد، وقال إبراهيم القورسي عن أبي بكر بن أبي أويس عن نافع: بغير ياء التلاق، وقال أبو قرة عن نافع: التنادي بمدّ الياء.
[الحجة للقراء السبعة: 6/103]
ابن كثير: يوم التنادي، والتلاقي، يثبت الياء وصل أو وقف، وكذلك: من واق [الرعد/ 34] ومن هاد [الرعد/ 33] يصلون بالتنوين، ويقفون بالياء.
وقال ابن جماز وإسماعيل والمسيبي وأبو خليد بغير ياء في وصل ولا وقف، التلاق، والتناد.
وقرأ عاصم وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي: التلاق والتناد بغير ياء. وعباس عن أبي عمرو: ويوم التنادي يثبت الياء.
قال أبو علي: المعنى أي: أخاف عليكم عذاب يوم التلاقي، وعذاب يوم التنادي، فإذا كان كذلك كان انتصاب يوم انتصاب المفعول به لا انتصاب الظرف لأنّ إعرابه إعراب المضاف المحذوف، وقيل في يوم التناد أنّه يوم ينادي أهل الجنّة أهل النار، وأهل النّار أهل الجنّة، فينادي أهل الجنّة أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا [الأعراف/ 44] وينادي أهل النّار أهل الجنّة: أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله [الأعراف/ 50] وقد قرئ يوم التناد بالتشديد من ندّ البعير إذا فرّ هاربا على وجهه، ويدلّ على هذا قوله: يوم يفر المرء من أخيه [عبس/ 34] وقد يجوز إذا أراد هذا المعنى في الشعر أن يخفّف ويطلق كقول عمران:
قد كنت جارك حولا لا تروّعني فيه روائع من إنس ولا جان وقد تكون الفواصل كالقوافي في أشياء، وقد قيل في يوم
[الحجة للقراء السبعة: 6/104]
التلاقي، أنّه يوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض، ويوم يلتقي فيه الظالم والمظلوم، فأمّا إثبات الياء وحذفها، فإنّه إذا كان فاصلة حسن الحذف كما حسن في القافية من نحو:
وبعض القوم يخلق، ثمّ لا يفر في الوصل والوقف. وما كان كلاما تامّا، ولم يكن فاصلة، فإنّه يشبّه بها، وكذلك إذا كان ما قبلها كسرة، والآخر ياء، والإثبات حسن كما كان الحذف كذلك، وكذلك هو في القوافي.
فأمّا اسم الفاعل إذا لم يكن فيه ألف ولام نحو: من هاد [الرعد/ 33] ومن واق [الرعد/ 34] فإذا وقفت على شيء من هذا منه أسكنته، والوقوف فيه على الياء لغة حكاها سيبويه، وقد ذكرناها وذكرنا وجهها فيما تقدّم). [الحجة للقراء السبعة: 6/105] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لينذر يوم التلاق} {إنّي أخاف عليكم يوم التناد} 15 و32
قرأ ابن كثير وورش (لتنذر يوم التلاقي) و(التنادي) بإثبات الياء في الوصل وابن كثير أثبتهما في الوقف وحذفهما الباقون في الحالين المعنى إنّي أخاف عليكم عذاب يوم التناد
من قرأ (التلاقي) و(التنادي) بالياء في الوصل والوقف فعلى
[حجة القراءات: 627]
الأصل لأنّه من لقيت وناديت فهو على الأصل وليس ما فيه الألف واللّام من هذا كما لا ألف ولام فيه من هذا النّحو مثل قاض قال سيبويهٍ إذا لم يكن في موضع تنوين يعني اسم الفاعل فإن الثّبات أجود وكذلك قولك هذا القاضي لأنّها ثابتة في الوصل يريد أن الياء مع الألف واللّام تثبت ولا تحذف كما تحذف في اسم الفاعل إذا لم تكن فيه الألف واللّام نحو هذا قاض فاعلم فالياء مع غير الألف واللّام تحذف في الوصل فإذا أدخلت الألف واللّام تثبت في اللّغة الّتي هي أكثر عند سيبويهٍ
وكان ورش يثبتهما وصلا ويحذفهما وقفا لأنّه تبع المصحف في الوقف والأصل الدرج
ومن حذف الياء في الحالين فإن سيبويهٍ زعم أن من العرب من يحذف هذا في الوقف شبهوه بما ليس فيه ألف ولام إذ كانت تذهب الياء في الوصل مع التّنوين لو لم يكن ألف ولام وأخرى أن خطّ المصحف بغير ياء وأن العرب تجتزئ بالكسر عن الياء). [حجة القراءات: 628] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ} [آية/ 15] بالتاء من: ينذر:-
رواها –يس- عن يعقوب في رواية ابن حبشان.
وقرأ الباقون ويعقوب في غير رواية ابن حبشان {لِيُنْذِرَ} بالياء.
والوجه في الياء أن المراد: لينذر الله يوم التلاقي، أو لينذر من أوحى الله إليه، يقال أنذرته بالشيء وأنذرته الشيء.
والوجه في التاء أن المعنى لتنذر يا محمد يوم التلاقي، فهو على الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم.
وأثبت الياء في {التَّلَاقِ} ابن كثير ويعقوب في الوصل والوقف.
وروى –ش- عن نافع بإثبات الياء في الوصل دون الوقف.
وحذفها الباقون في الحالين.
والوجه في إثبات هذه الياء وحذفها قد تقدم في مواضع، وذكرنا أن الإثبات أصل، والحذف تخفيف واكتفاء بالكسرة، وأن الوقف موضع حذف وتغيير). [الموضح: 1121]
قوله تعالى: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16)}
قوله تعالى: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17)}
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين