نزول قوله تعالى: (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5) )
قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {ما قَطَعتُم مِّن لِّينَةٍ} الآية.
[أسباب النزول:442]
وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل ببني النضير وتحصنوا في حصونهم أمر بقطع نخيلهم وإحراقها فجزع أعداء الله عند ذلك وقالوا: زعمت يا محمد أنك تريد الصلاح أفمن الصلاح عقر الشجر المثمر وقطع النخيل وهل وجدت فيما زعمت أنه أنزل عليك الفساد في الأرض فشق؟ ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم فوجد المسلمون في أنفسهم من قولهم وخشوا أن يكون ذلك فسادًا واختلفوا في ذلك فقال بعضهم: لا تقطعوا فإنه مما أفاء الله علينا. وقال بعضهم: بل اقطعوا فأنزل الله تبارك وتعالى: {ما قَطَعتُم مِّن لِّينَةٍ} الآية. تصديقًا لمن نهى عن قطعه وتحليلاً لمن قطعه وأخبر أن قطعه وتركه بإذن الله تعالى.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المزكي أخبرنا والدي أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي حدثنا قتيبة حدثنا الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرق نخل النضير وقطع وهي البويرة فأنزل الله تعالى: {ما قَطَعتُم مِّن لِّينَةٍ أَو تَرَكتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصولُها فَبِإِذنِ اللهِ وَليُخزِيَ الفاسِقينَ} رواه البخاري ومسلم عن قتيبة.
أخبرنا أبو بكر بن الحارث أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر أخبرنا أبو يحيى
[أسباب النزول:443]
الرازي حدثنا سهل بن عثمان حدثنا عبد الله بن المبارك عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع نخل بني النضير وحرق وهي البويرة ولها يقول حسان:
وَهانَ عَلى سُراةِ بَني لُؤَيٍ = حَريقٌ بِالبُوَيرَةِ مُستَطيرُ
وفيها نزلت الآية: {ما قَطَعتُم مِّن لِّينَةٍ أَو تَرَكتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصولِها} الآية رواه مسلم عن سعيد بن منصور عن ابن المبارك
وأخبرنا أبو بكر أخبرنا عبد الله حدثنا سلم بن عصام حدثنا رسته حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا محمد بن ميمون التمار حدثنا جرموز عن حاتم النجار عن عكرمة عن ابن عباس قال: جاء يهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أنا أقوم فأصلي قال: ((قدر الله لك ذلك أن تصلي)) قال: أنا أقعد قال: ((قدر الله لك أن تقعد)) قال: أنا أقوم إلى هذه الشجرة فأقطعها قال: ((قدر الله لك أن تقطعها)) قال: فجاء
[أسباب النزول:444]
جبريل عليه السلام فقال: يا محمد لقنت حجتك كما لقنها إبراهيم عليه السلام على قومه فأنزل الله تعالى: {ما قَطَعتُم مِّن لِّينَةٍ أَو تَرَكتُموها قائِمَةٍ عَلى أُصولِها فَبِإِذنِ اللهِ وَليُخزي الفاسِقينَ} يعني اليهود). [أسباب النزول:445]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)}
وأخرج البخاري وغيره عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرق نخل بني النضير وقطع وهي البويرة، فأنزل الله: {ما قطعتم من لينة أو تركتموها} الآية.
وأخرج أبو يعلى بسند ضعيف قال: رخص لهم قطع النخل ثم شدد عليهم فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله هل علينا إثم فيما قطعناه أو تركناه، فأنزل الله: {ما قطعتم من لينة أو تركتموها} الآية.
(ك) وأخرج ابن إسحاق عن يزيد بن رومان قال: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ببني النضير تحصنوا منه في الحصون فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع النخل والتحريق فيها، فنادوه: يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه فما بال قطع النخل وتحريقها، فنزلت.
وأخرج ابن جرير عن قتادة ومجاهد مثله). [لباب النقول: 258]
قَالَ مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ (ت: 1423هـ): (قوله تعالى:{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} [الآية: 5]
[البخاري:8 /335]: حدثنا آدم حدثنا الليث بن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: حرق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نخل بني النضير, وقطع، وهي البويرة فنزلت: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ}.
الحديث ذكره أيضا في كتاب التفسير، وأخرجه [مسلم: 12/ص50 -51]، و[الترمذي: 2 /377،: 4 /195] وقال في الموضعين: هذا حديث حسن صحيح، و[أبو داود:2 /342-343]، و[أحمد: 2 /123 ،140]، و[ابن جرير: 28/34]، والبيهقي في [دلائل النبوة: 2 /452].
قال [الإمام الترمذي رحمه الله: 9 /195]: حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني نا عفان نا حفص بن غياث نا حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قول الله عز وجل: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا} قال: اللينة النخلة. {وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} قال: استنزلوهم من حصونهم، قال: وأمروا بقطع النخل فحك في صدروهم، فقال المسلمون: قد قطعنا بعضا وتركنا بعضا، فلنسألن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم هل لنا فيما قطعنا من أجر؟، وهل علينا فيما تركنا من وزر؟ فأنزل الله {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا} الآية.
هذا حديث حسن غريب وروى بعضهم هذا الحديث عن حفص بن غياث عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير مرسلا ولم يذكر فيه عن ابن عباس.
[الصحيح المسند في أسباب النزول: 239]
حدثني بذلك عبد الله بن عبد الرحمن عن مروان بن معاوية عن حفص بن غياث عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مرسلا.
قال أبو عيسى: سمع مني محمد بن إسماعيل هذا الحديث.
الحديث أخرجه [النسائي: 2 /227] من التفسير فقال رحمه الله: أنا الحسن بن محمد عن عفان نا حفص بن غياث به.
وقال في آخره كان عفان حدثنا بهذا الحديث عن عبد الواحد عن حبيب رجع فحدثناه عن حفص.
زاد المباركفوري في تحفة الأحوذي نسبة الحديث إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه). [الصحيح المسند في أسباب النزول: 240]
روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين