الوقف على الألف المبدلة من التنوين في حال الوقف
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): (اعلم أن المنصوب المنون يوقف عليه بالألف كقول الله تعالى: {ضرب الله مثلا عبدا} [النحل: 75] الوقف عليه (مثلاً) بالألف. وكذلك: {عبدا مملوكا} [النحل: 75]. وكذلك: {إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا} [البقرة: 26]، {ولما ضرب ابن مريم مثلا} [الزخرف: 57]، {وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا} [الزخرف: 17].
ومثله: {وكان الله غفورا رحيما} [النساء: 96] الوقف عليه (غفورًا رحيمًا) بألف، وكذلك: {جعل لكم الأرض فراشا} [البقرة: 22] الوقف عليه (فراشًا) بالألف.
ومثله: {إن لدينا أنكالا وجحيما} [المزمل: 12]، {إلا قيلا سلاما سلاما} [الواقعة: 26]، {ساء مثلا القوم} [الأعراف: 177]، {مثلا أصحاب القرية} [يس: 13]، {مثلا رجلين} [النحل: 76]، {مثلا رجلا فيه شركاء} [الزمر: 29] هذه كلها الوقف: «مثلا مثلا» بألف).[إيضاح الوقف والابتداء: 1/357- 358]
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): (وقوله: {ليسجنن وليكونا من الصاغرين} [يوسف: 32] الوقف عليه (ليكونا) بالألف، فالألف بدل من التنوين. وكذلك: {لنسفعا بالناصية} [العلق: 15] الوقف عليه (لنسفعا) بالألف، قال الأعشى:
وصل على حين العشنيات والضحى = ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا
أراد: فاعبدن، فأبدل الألف من النون. وأنشد الفراء:
فهما تشأ منه فزارة تعطكم = ومهما تشأ منه فزارة تمنعا
أراد: تمعن، فأبدل الألف من النون. وقال عمر بن أبي ربيعة المخزومي
وقمير بدا ابن خمس وعشرين له قالت الفتاتان قوما
أراد: قومن، فأبدل الألف من النون. وقال الآخر:
فإن لك الأيام رهن بضربة = إذا سبرت لم تدر من أين تسبرا
أراد: تسبرن، فأبدل [الألف من النون] وأنشد الفراء:
يحسبه الجاهل ما لم يعلما = شيخا على كرسيه معمما
أراد: ما لم يعلمن، فأبدل الألف من النون. وقال الفراء وغيره: الألف في «يعلما» صلة لفتحة الميم وإنما فتحت الميم حملا على فتحة اللام. وقد روي عن يحيى وإبراهيم أنهما قرأ: {ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم} [آل عمران: 142] ففتحا الميم اتباعًا لفتحة اللام. ومعنى (لنسفعا بالناصية)
لنأخذن بالناصية إلى النار. قال الشاعر:
قوم إذا فزعوا الصريخ رأيهم = من بين ملجم مهرة أو سافع
أراد: أو آخذ بناصية فرس. وقال آخرون: لنسفعا بالناصية معناه: لنسفعن الناصية بالسواد، أي لنسودن وجهه. فلما ذكرت الناصية اكتفى بها من سائر الوجه لأنها في مقدم الوجه، قال الشاعر حجة لهاذ القول:
وكنت إذا نفس الغوي نزت به = سفعت على العرنين منه بميسم
أراد: وسمت على العرنين).[إيضاح الوقف والابتداء: 1/358- 362]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): ( القول في الألفات التي تكون في الوقف خاصة - من ذلك الألف المبدلة من التنوين في حالة الوقف نحو {أمتا} و{ضنكا} و{عادا} و{ثمودا} و{لوطا} و{هودا} و{بيتا} و{ثجاجا} و{أشتاتا} و{نباتا} و{غفورا} و{رحيما} و{هنيئا}، {مريئا}، تبدل من التنوين ألفا في حال الوقف، وإنما فعلوا ذلك لأنهم استثقلوا الضمة والكسرة في حال الوقف فحذفوهما وأسقطوا التنوين ووقفوا على الإسكان، وكانت الفتحة خفيفة فأبقوها في حال الوقف ولزم بقاء التنوين معها، إلا أنهم التزموا مغايرة الوقف الابتداء فلم يمكن ذلك مع بقاء التنوين فأبدلوا منه ألفا في الوقف ليغايروا بين الحالين وليقفوا على ساكن، وإنما اختيرت الألف دون غيرها للتعويض من التنوين، لأن آخر الكلمة فتحة، والفتحة من الألف، فلو أتوا بغيرها لأتوا بما لا يجانسها، فأرادوا أن يكون العوض من وجه واحد). [جمال القراء:2/618]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (ومن المختص بالوقف من الألفات الألف التي في قوله عز وجل: {وليكونا من الصاغرين} الوقف على {وليكونا} بالألف، وكذلك {لنسفعا بالناصية} الوقف بالألف، والألف عوض من نون التوكيد الخفيفة كما عوضت من التنوين لأنها مثلها، ولذلك كتبت بالألف في المصحف، في الموضعين {وليكونا} و{لنسفعا}.
ومن ذلك {إذا} في نحو قوله: {قد ضللت إذا} وما كان مثله، لأن هذا ونون التوكيد والتنوين قد اتفق الجميع في لزوم الطرف والمخرج- وهو الخيشوم والسكون وانفتاح ما قبلها وموافقة الرسم، فإن (إذا) وجميع ذلك مرسوم بالألف). [جمال القراء:2/619]