العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأنعام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 ربيع الثاني 1434هـ/26-02-2013م, 10:22 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير سورة الأنعام [ من الآية (138) إلى الآية (140) ]

{وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (138) وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139) قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (140)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 10:06 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (138)}

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى حرث حجر قال حرام). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 219]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( قوله عزّ وجلّ: {وقالوا هذه أنعامٌ وحرثٌ حجرٌ لا يطعمها إلّا من نشاء بزعمهم}
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن عبيد اللّه بن أبي يزيد، سمع ابن الزّبير يقرأ: {أنعام وحرث حرجٌ } ). [سنن سعيد بن منصور: 5/ 92-93]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن} [الأنعام: 151]
- حدّثنا حفص بن عمر، حدّثنا شعبة، عن عمرٍو، عن أبي وائلٍ، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، قال: «لا أحد أغير من اللّه، ولذلك حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا شيء أحبّ إليه المدح من اللّه، ولذلك مدح نفسه» قلت: سمعته من عبد اللّه؟ قال: نعم، قلت: ورفعه؟ قال: نعم {وكيلٌ} [الأنعام: 102] : «حفيظٌ ومحيطٌ به» . {قبلًا} [الأنعام: 111] : " جمع قبيلٍ، والمعنى: أنّه ضروبٌ للعذاب، كلّ ضربٍ منها قبيلٌ ". {زخرف القول} [الأنعام: 112] : «كلّ شيءٍ حسّنته ووشّيته، وهو باطلٌ فهو زخرفٌ» ، {وحرثٌ حجرٌ} [الأنعام: 138] : " حرامٌ، وكلّ ممنوعٍ فهو حجرٌ محجورٌ، والحجر كلّ بناءٍ بنيته ، ويقال للأنثى من الخيل: حجرٌ، ويقال للعقل: حجرٌ وحجًى، وأمّا الحجر فموضع ثمود، وما حجّرت عليه من الأرض فهو حجرٌ، ومنه سمّي حطيم البيت حجرًا، كأنّه مشتقٌّ من محطومٍ، مثل: قتيلٍ من مقتولٍ، وأمّا حجر اليمامة فهو منزلٌ "). [صحيح البخاري: 6/ 57-58] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله: {وحرثٌ حجرٌ حرامٌ ... إلخ} تقدّم الكلام عليه في قصّة ثمود من أحاديث الأنبياء مستوفًى وسقط هنا من رواية أبي ذرٍّ والنّسفيّ وهو أولى). [فتح الباري: 8/ 296]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ({وحرثٌ حجرٌ حرامٌ وكلّ ممنوعٍ فهو حجر محجورٌ}: والحجر كلّ بناءٍ بنيته ويقال للأنثى من الخيل حجرٌ ويقال للعقل حجرٌ وحجى: وأمّا الحجر فموضع ثمود وما حجّرت عليه من الأرض فهو حجرٌ ومنه سمّي حطيم كأنّه مشتقٌ من محطومٍ مثل قتيلٍ من مقتولٍ وأمّا حجر اليمامة فهو منزلٌ.
هذا مكرر بلا فائدة جديدة لأنّه ذكره في قصّة ثمود في: باب قول الله تعالى: {وإلى ثمود أخاهم صالحا} [الأعراف: 73] {كذب أصحاب الحجر} [الحجر: 80] الحجر موضع ثمود، وأما حرث حجر حرام إلى آخره مثل ما ذكره هنا ولهذا لم يذكره أبو ذر والنسفي هنا. وهذا أولى). [عمدة القاري: 18/ 229]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({وحرث حجرٌ}) [الأنعام: 138] أي (حرام) والإشارة إلى ما عينوا من الحرث والأنعام للأصنام أو البحيرة ونحوها (وكل ممنوع فهو حجر محجور)، بمعنى مفعول ويطلق على المذكر والمؤنث والواحد والجمع (والحجر: كل بناء بنينه، ويقال للأنثى من الخيل حجر) بغير هاء تأنيث (ويقال: للعقل حجر وحجى) بالحاء المكسورة والجيم (وأما الحجر فموضع ثمود وما حجرت عليه من الأرض فهو حجر، ومنه سمي حطيم البيت) الحرام (حجرًا كأنه مشتق من محطوم مثل قتيل من مقتول، وأما حجر اليمامة) بفتح الحاء (فهو منزل) وسقط قوله وحرث حجر إلى هنا لأبي ذر والنسفيّ. قال في الفتح: وهو أولى). [إرشاد الساري: 7/ 122]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقالوا هذه أنعامٌ وحرثٌ حجرٌ لا يطعمها إلاّ من نشاء بزعمهم}.
وهذا خبرٌ من اللّه تعالى ذكره عن هؤلاء الجهلة من المشركين أنّهم كانوا يحرّمون ويحلّلون من قبل أنفسهم من غير أن يكون اللّه أذن لهم بشيءٍ من ذلك.
يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء العادلون بربّهم من المشركين جهلاً منهم، لأنعامٍ لهم وحرثٍ: هذه أنعامٌ، وهذا حرثٌ حجرٌ، يعني بالأنعام والحرث ما كانوا جعلوه للّه ولآلهتهم الّتي قد مضى ذكرها في الآية قبل هذه.
وقيل: {إنّ الأنعام}: السّائبة والوصيلة والبحيرة الّتي سمّوا.
- حدّثني بذلك محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: الأنعام: السّائبة والبحيرة الّتي سمّوا.
والحجر في كلام العرب: الحرام، يقال: حجرت على فلانٍ كذا: أي حرّمت عليه، ومنه قول اللّه: {ويقولون حجرًا محجورًا}. ومنه قول المتلمّس:
حنّت إلى النّخلة القصوى فقلت لها ....... حجرٌ حرامٌ ألا ثمّ الدّهاريس
وقول رؤبة:
وجارة البيت لها حجريّ
يعني: المحرّم. ومنه قول الآخر:
فبتّ مرتفقًا والعين ساهرة ....... ٌ كأنّ نومي عليّ اللّيل محجور
أي حرامٌ.
يقال: حجرٌ وحجرٌ، بكسر الحاء وضمّها. وبضمّها كان يقرأ فيما ذكر الحسين وقتادة.
- حدّثني عبد الوارث بن عبد الصّمد، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن الحسين، عن قتادة، أنّه كان يقرؤها: (وحرثٌ حجرٌ) يقول: حرامٌ، مضمومة الحاء.
وأمّا القرّاء من الحجاز والعراق والشّام فعلى كسرها، وهي القراءة الّتي لا أستجيز خلافها لإجماع الحجّة من القرّاء عليها، وأنّها اللّغة الجودى من لغات العرب.
وروي عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يقرؤها: (وحرثٌ حرجٌ) بالرّاء قبل الجيم.
- حدّثني بذلك الحرث، قال: حدّثني عبد العزيز قال: حدّثنا ابن عيينة، عن عمرٍو، عن ابن عبّاسٍ، أنّه كان يقرؤها كذلك.
وهي لغةٌ ثالثةٌ معناها ومعنى الحجر واحدٌ، وهذا كما قالوا: جذب وجبذ، وناء ونأى.
ففي الحجر إذن لغاتٌ ثلاثٌ: (حجرٌ) بكسر الحاء والجيم قبل الرّاء، (وحجرٌ) بضمّ الحاء والجيم قبل الرّاء، و(حرجٌ) بكسر الحاء والرّاء قبل الجيم.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل الحجر قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عمران بن موسى القزّاز، قال: حدّثنا عبد الوارث، عن حميدٍ، عن مجاهدٍ، وأبي عمرٍو: {وحرثٌ حجرٌ}، يقول: حرامٌ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وحرثٌ حجرٌ} فالحجر ما حرّموا من الوصيلة، وتحريم ما حرّموا.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {وحرثٌ حجرٌ} قال: حرامٌ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {هذه أنعامٌ وحرثٌ حجرٌ} الآية، تحريمٌ كان عليهم من الشّياطين في أموالهم وتغليظٌ وتشديدٌ، وكان ذلك من الشّياطين ولم يكن من اللّه.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، أمّا قوله: {وقالوا هذه أنعامٌ وحرثٌ حجرٌ}، فيقولون: حرامٌ أن نطعم إلاّ من شئنا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {هذه أنعامٌ وحرثٌ حجرٌ} نحتجرها على من نريد وعمّن لا نريد، لا يطعمها إلاّ من نشاء بزعمهم، قال: إنّما احتجروا ذلك لآلهتهم، وقالوا: {لا يطعمها إلاّ من نشاء بزعمهم}، قالوا: نحتجرها عن النّساء، ونجعلها للرّجال.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله. {أنعامٌ وحرثٌ حجرٌ} أمّا حجرٌ يقول: محرّمٌ. وذلك أنّهم كانوا يصنعون في الجاهليّة أشياء لم يأمر اللّه بها، كانوا يحرّمون من أنعامهم أشياء لا يأكلونها، ويعزلون من حرثهم شيئًا معلومًا لآلهتهم، ويقولون: لا يحلّ لنا ما سمّينا لآلهتنا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {أنعامٌ وحرثٌ حجرٌ}: ما جعلوه للّه ولشركائهم.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله). [جامع البيان: 9/ 577-581]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأنعامٌ حرّمت ظهورها وأنعامٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها افتراءً عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون}.
يقول تعالى ذكره: وحرّم هؤلاء الجهلة من المشركين ظهور بعض أنعامهم، فلا يركبون ظهورها، وهم ينتفعون برسلها ونتاجها، وسائر الأشياء منها غير ظهورها للرّكوب. وحرّموا من أنعامهم أنعامًا أخر، فلا يحجّون عليها ولا يذكرون اسم اللّه عليها إن ركبوها بحالٍ، ولا إن حلبوها ولا إن حملوا عليها.
وبما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، عن عاصمٍ، قال: قال لي أبو وائلٍ: أتدري ما أنعامٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها؟ قال: قلت: لا، قال: أنعامٌ لا يحجّون عليها.
- حدّثنا محمّد بن عبّاد بن موسى قال: حدّثنا شاذان قال: حدّثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، عن عاصمٍ قال: قال لي أبو وائلٍ: أتدري ما قوله: {حرّمت ظهورها وأنعامٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها}؟ قال: قلت: لا، قال: هي البحيرة كانوا لا يحجّون عليها.
- حدّثنا أحمد بن عمرٍو البصريّ، قال: حدّثنا محمّد بن سعيدٍ الشّهيد، قال: حدّثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، عن عاصمٍ، عن أبي وائلٍ: {وأنعامٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها} قال: لا يحجّون عليها.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: أمّا: {أنعامٌ حرّمت ظهورها} فهي البحيرة والسّائبة والحام، وأمّا الأنعام الّتي لا يذكرون اسم اللّه عليها قال: إذا ولّدوها، ولا إن نحروها.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وأنعامٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها}، قال: كان من إبلهم طائفةٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها ولا في شيءٍ من شأنها، لا إن ركبوها، ولا إن حلبوا، ولا إن حملوا، ولا إن منحوا، ولا إن عملوا شيئًا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وأنعامٌ حرّمت ظهورها} قال: لا يركبها أحدٌ، {وأنعامٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها}.
وأمّا قوله: {افتراءً} على اللّه، فإنّه يقول: فعل هؤلاء المشركون ما فعلوا من تحريمهم ما حرّموا، وقالوا ما قالوا من ذلك، كذبًا على اللّه، وتخرّصًا الباطل عليه، لأنّهم أضافوا ما كانوا يحرّمون من ذلك على ما وصفه عنهم جلّ ثناؤه في كتابه إلى أنّ اللّه هو الّذي حرّمه، فنفى اللّه ذلك عن نفسه، وأكذبهم، وأخبر نبيّه والمؤمنين أنّهم كذبةٌ فيما يزعمون. ثمّ قال عزّ ذكره: {سيجزيهم}، يقول: سيثيبهم ربّهم، {بما كانوا يفترون} على اللّه الكذب ثوابهم، ويجزيهم بذلك جزاءهم). [جامع البيان: 9/ 581-583]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وقالوا هذه أنعامٌ وحرثٌ حجرٌ لا يطعمها إلّا من نشاء بزعمهم وأنعامٌ حرّمت ظهورها وأنعامٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها افتراءً عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون (138)}
قوله: {هذه أنعامٌ وحرثٌ حجرٌ}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: وقالوا هذه أنعامٌ وحرثٌ حجرٌ فالحجر: ما حرّموا من الوصيلة، وتحريم ما حرّموا.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ : قوله: {وقالوا هذه أنعامٌ وحرثٌ حجرٌ ممّا جعلوا لله وشركائهم}.
- أخبرنا أبو زيدٍ القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قوله: وقالوا هذه أنعامٌ وحرثٌ حجرٌ إنّما احتجروا ذلك الحرث لآلهتهم.
قوله: {لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم}
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيا كتب إليّ ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ: قوله: {لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم} فيقولون: حرامٌ أن يطعم إلّا من شئنا.
- أخبرنا أبو يزيد القرطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول في قوله: لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم قالوا: نحتجرها عن النّساء ونجعلها للرّجال.
قوله: {وأنعامٌ حرّمت ظهورها}
- أخبرنا أحمد بن عثمان فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ: قوله:
{وأنعامٌ حرّمت ظهورها}، قال: البحيرة والسّائبة والحام.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس ثنا يزيد ثنا سعيدٌ عن قتادة: قوله: وأنعام حرمت ظهورها كانت تحرم عليهم في أموالهم من الشّيطان، وتغليظٌ وتشديدٌ، وكان ذلك من الشّيطان ولم يكن ذلك من اللّه عزّ وجلّ.
قوله: {وأنعامٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها}
- حدّثنا أبي ثنا مقاتل بن محمّدٍ الرّازيّ ويحي الحمّانيّ قالا: ثنا أبو بكر بن عيّاشٍ عن عاصمٍ عن أبي وائلٍ: وأنعامٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها قال: لم يكن يحجّ عليها.
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ: قوله: وأنعامٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها فكانوا لا يذكرون اسم اللّه عليها إذا ولّدوها، ولا إن نحروها.
قوله: {افتراءً عليه، سيجزيهم بما كانوا يفترون}
- أخبرنا أبو وليدٍ يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: وقالوا: إن شئنا جعلنا للبنات فيه نصيبًا وإن شئنا لم نجعل، وهذا أمرٌ افتروه على اللّه سيجزيهم بما كانوا يفترون). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1393-1394]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد: {أنعام وحرث}، يعني ما جعلوا لله ولشركائهم).[تفسير مجاهد: 224]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله:{وقالوا هذه أنعام وحرث حجر}، قال: الحجر ما حرموا من الوصيلة وتحريم ما حرموا.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وقالوا هذه أنعام وحرث حجر} قال: ما جعلوا لله ولشركائهم.
- وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة: {وحرث حجر} قال: حرام.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {وقالوا هذه أنعام وحرث حجر}، قال: إنما احتجروا ذلك الحرث لآلهتهم، وفي قوله: {لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم} قالوا: يحتجرها عن النساء ويجعلها للرجال وقالوا: إن شئنا جعلنا للبنات فيه نصيبا وإن شئنا لم نجعل وهذا أمر افتروه على الله.
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: {وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم} يقولون: حرام أن نطعم إلا من شئنا {وأنعام حرمت ظهورها}، قال: البحيرة والسائبة والحامي {وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها} قال: لا يذكرون اسم الله عليها إذا ولدوها ولا إن نحروها.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي وائل في قوله: {وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها} قال: لم يكن يحج عليها وهي البحيرة.
- وأخرج أبو الشيخ عن أبان بن عثمان، أنه قرأها (هذه أنعام وحرث حجر)
- وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس، أنه كان يقرأها (وحرث حرج).
- وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن ابن الزبير أنه قرأ (أنعام وحرث حرج).
- وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ (بزعمهم) بنصب الزاي فيهما.
- وأخرج أبو عبيد، وابن الأنباري في المصاحف عن هرون قال: في قراءة عبد الله (هذه أنعام وحرث حرج).
- وأخرج ابن الأنباري عن الحسن أنه كان يقرأ (وحرث حجر) بضم الحاء). [الدر المنثور: 6/ 213-216]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا}، قال: ما في بطون البحائر يعني ألبانها وكانوا يجعلونه للرجال دون النساء). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 219]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا ومحرّمٌ على أزواجنا وإن يكن ميتةً فهم فيه شركاء}.
اختلف أهل التّأويل في المعنيّ بقوله: {ما في بطون هذه الأنعام}، فقال بعضهم: عنى بذلك اللّبن.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن عطيّة، قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد اللّه بن أبي الهذيل، عن ابن عبّاسٍ: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا}، قال: اللّبن.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا يحيى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن ابن أبي الهذيل، عن ابن عبّاسٍ مثله.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا ومحرّمٌ على أزواجنا}: ألبان البحائر كانت للذّكور دون النّساء، وإن كانت ميتةً اشترك فيها ذكورهم وإناثهم.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {خالصةٌ لذكورنا ومحرّمٌ على أزواجنا} قال: ما في بطون البحائر: يعني ألبانها، كانوا يجعلونه للرّجال دون النّساء.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا عيسى بن يونس، عن زكريّا، عن عامرٍ، قال: البحيرة لا يأكل من لبنها إلاّ الرّجال، وإن مات منها شيءٌ أكله الرّجال والنّساء.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا} الآية، فهو اللّبن كانوا يحرّمونه على إناثهم ويشربه ذكرانهم، وكانت الشّاة إذا ولدت ذكرًا ذبحوه وكان للرّجال دون النّساء، وإن كانت أنثى تركب فلم تذبح، وإن كانت ميتةً فهم فيه شركاء. فنهى اللّه عن ذلك.
وقال آخرون: بل عنى بذلك ما في بطون البحائر والسّوائب من الأجنّة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا ومحرّمٌ على أزواجنا وإن يكن ميتةً فهم فيه شركاء} فهذه الأنعام ما ولد منها من حيٍّ فهو خالصٌ للرّجال دون النّساء، وأمّا ما ولد من ميّتٍ فيأكله الرّجال والنّساء.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن ابن جريجٍ،، عن مجاهدٍ: {ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا}: السّائبة والبحيرة.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصّواب أن يقال: إنّ اللّه تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء الكفرة أنّهم قالوا في أنعامٍ بأعيانها: ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا دون إناثنا. واللّبن ممّا في بطونها، وكذلك أجنّتها، ولم يخصّص اللّه بالخبر عنهم أنّهم قالوا: بعض ذلك حرامٌ عليهنّ دون بعضٍ.
وإذ كان ذلك كذلك، فالواجب أن يقال: إنّهم قالوا ما في بطون تلك الأنعام من لبنٍ وجنينٍ حلٌّ لذكورهم خالصةٌ دون إناثهم، وإنّهم كانوا يؤثرون بذلك رجالهم، إلاّ أن يكون الّذي في بطونها من الأجنّة ميّتًا فيشترك حينئذٍ في أكله الرّجال والنّساء.
واختلف أهل العربيّة في المعنى الّذي من أجله أنّثت الخالصة، فقال بعض نحويّي البصرة وبعض الكوفيّين: أنّثت لتحقيق الخلوص، كأنّه لمّا حقّق لهم الخلوص أشبه الكثرة، فجرى مجرى راويةٍ ونسّابةٍ.
وقال بعض نحويّي الكوفة: أنّثت لتأنيث الأنعام، لأنّ ما في بطونها مثلها، فأنّثت لتأنيثها. ومن ذكّره فلتذكير (ما)، قال: وهي في قراءة عبد اللّه: (خالصٌ)، قال: وقد تكون الخالصة في تأنيثها مصدرًا، كما تقول: العافية والعاقبة، وهو مثل قوله: {إنّا أخلصناهم بخالصةٍ}.
والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال: أريد بذلك المبالغة في خلوص ما في بطون الأنعام الّتي كانوا حرّموا ما في بطونها على أزواجهم، لذكورهم دون إناثهم، كما فعل ذلك بالرّاوية والنّسّابة والعلاّمة، إذا أريد بها المبالغة في وصف من كان ذلك من صفته، كما يقال: فلانٌ خالصة فلانٍ وخلصانه.
وأمّا قوله: {ومحرّمٌ على أزواجنا}، فإنّ أهل التّأويل اختلفوا في المعنيّ بالأزواج، فقال بعضهم: عنى بها النّساء.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {ومحرّمٌ على أزواجنا}، قال: النّساء.
وقال آخرون: بل عنى بالأزواج البنات.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {ومحرّمٌ على أزواجنا} قال: الأزواج: البنات وقالوا: ليس للبنات منه شيءٌ.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ اللّه أخبر عن هؤلاء المشركين أنّهم كانوا يقولون لما في بطون هذه الأنعام، يعني أنعامهم: هذا محرّمٌ على أزواجنا. والأزواج إنّما هي نساؤهم في كلامهم، وهنّ لا شكّ بنات من هنّ أولاده، وحلائل من هنّ أزواجه.
وفي قول اللّه عزّ وجلّ: {ومحرّمٌ على أزواجنا} الدّليل الواضح على أنّ تأنيث (الخالصة) كان لما وصفت من المبالغة في وصف ما في بطون الأنعام بالخلوصة للذّكور، لأنّه لو كان لتأنيث الأنعام لقيل: ومحرّمةٌ على أزواجنا، ولكن لمّا كان التّأنيث في الخالصة لما ذكرت، ثمّ لم يقصد في المحرّم ما قصد في الخالصة من المبالغة، رجع فيها إلى تذكير (ما)، واستعمال ما هو أولى به من صفته.
وأمّا قوله: {وإن يكن ميتةً فهم فيه شركاء} فاختلفت القرّاء في قراءة ذلك.
فقرأه يزيد بن القعقاع وطلحة بن مصرّفٍ في آخرين: (وإن تكن ميتةٌ) بالتّاء في (تكن)، ورفع (ميتةٌ)، غير أنّ يزيد كان يشدّد الياء من ميتةٍ، ويخفّفها طلحة.
- حدّثني بذلك المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي حمّادٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن طلحة بن مصرّفٍ.
- وحدّثنا أحمد بن يوسف، عن القاسم، وإسماعيل بن جعفرٍ، عن يزيد.
وقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة والكوفة والبصرة: {وإن يكن ميتةً} بالياء، وميتةً بالنّصب وتخفيف الياء.
وكأنّ من قرأ: {وإن يكن} بالياء {ميتةً} بالنّصب، أرادوا إن يكن ما في بطون تلك الأنعام، فذكّر (يكن) لتذكير (ما)، ونصب (الميتة) لأنّه خبر (يكن).
وأمّا من قرأ: (وإن تكن ميتةٌ) فإنّه إن شاء اللّه أراد: وإن يكن ما في بطونها ميتةٌ، فأنّث (تكن) لتأنيث (ميتةٌ).
وقوله: {فهم فيه شركاء}، فإنّه يعني أنّ الرّجال وأزواجهم شركاء في أكله لا يحرّمونه على أحدٍ منهم، كما ذكرنا عمّن ذكرنا ذلك عنه قبل من أهل التّأويل.
وكان ابن زيدٍ يقول في ذلك ما:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {وإن يكن ميتةً فهم فيه شركاء} قال: تأكل النّساء مع الرّجال، إن كان الّذي يخرج من بطونها ميتةً فهم فيه شركاء، وقالوا: إن شئنا جعلنا للبنات فيه نصيبًا، وإن شئنا لم نجعل.
وظاهر التّلاوة بخلاف ما تأوّله ابن زيدٍ، لأنّ ظاهرها يدلّ على أنّهم قالوا: إن لم يكن ما في بطونها ميتةً فنحن فيه شركاء بغير شرط مشيئةٍ. وقد زعم ابن زيدٍ أنّهم جعلوا ذلك إلى مشيئتهم). [جامع البيان: 9/ 584-589]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {سيجزيهم وصفهم إنّه حكيمٌ عليمٌ}.
يقول جلّ ثناؤه: سيجزي: أي سيثيب ويكافئ هؤلاء المفترين عليه الكذب في تحريمهم ما لم يحرّمه اللّه، وتحليلهم ما لم يحلّله اللّه، وإضافتهم كذبهم في ذلك إلى اللّه.
وقوله: {وصفهم} يعني بوصفهم الكذب على اللّه، وذلك كما قال جلّ ثناؤه في موضعٍ آخر من كتابه: {وتصف ألسنتهم الكذب}.
والوصف والصّفة في كلام العرب واحدٌ، وهما مصدران مثل الوزن والزّنة.
وبنحو الّذي قلنا في معنى (الوصف) قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {سيجزيهم وصفهم} قال: قولهم الكذب في ذلك.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن نميرٍ، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية: {سيجزيهم وصفهم} أي كذبهم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {سيجزيهم وصفهم}: أي كذبهم.
وأمّا قوله: {حكيمٌ عليمٌ}، فإنّه يقول جلّ ثناؤه: إنّ اللّه في مجازاتهم على وصفهم الكذب وقيلهم الباطل عليه، {حكيمٌ} في سائر تدبيره في خلقه، {عليمٌ} بما يصلحهم وبغير ذلك من أمورهم). [جامع البيان: 9/ 589-590]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا ومحرّمٌ على أزواجنا وإن يكن ميتةً فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنّه حكيمٌ عليمٌ (139)}
قوله: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام}
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ حدّثني أبي حدّثني عمّي عن أبيه عن عطيّة عن ابن عبّاسٍ: قوله: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا}، يعني اللّبن، كانوا يحرّمونه على إناثهم ويشرّبونه ذكرانهم، كانت الشّاة إذا ولدت ذكرًا ذبحوه، فكان للرّجال دون النّساء. وإن كانت أنثى تركت فلم تذبح.
أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيا كتب إليّ ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ: قوله: وقالوا ما في بطون هذه الأنعام فهذه الأنعام، ما ولد منها حيّ.
قوله: {خالصةٌ}
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا المقدّميّ ثنا حصين بن نميرٍ ثنا سفيان بن حسينٍ: {قالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ}، قال: خالصةٌ لأزواجنا.
قوله: {لذكورنا}
- حدّثنا أبي ثنا عبد اللّه بن الصّبّاح ثنا أبو عليٍّ عبيد اللّه بن عبد المجيد الحنفيّ، ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد اللّه بن أبي الهذيل عن ابن عبّاسٍ، في قول اللّه: {ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا}، قال: اللّبن.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ: {هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا}، قال: السّائبة والبحيرة.
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ: قوله: خالصةٌ لذكورنا فهي خالصةٌ للرّجال دون النّساء.
قوله: {ومحرّمٌ على أزواجنا}
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ: قوله:
{ومحرّمٌ على أزواجنا} قال: النّساء. وروي عن السّدّيّ وقتادة نحو ذلك.
قوله: {وإن يكن ميتةً}
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ حدّثني أبي حدّثني عمّي عن أبيه عن عطيّة عن ابن عبّاسٍ: {وإن يكن ميتةً فهم فيه شركاء}، قال: كانت الشّاة إذا ولدت ذكرًا ذبحوه فكان للرّجال دون النّساء، وإن كانت أنثى تركت فلم تذبح، وإن كانت ميتةً فهم فيه شركاء، فنهاهم اللّه عن ذلك.
- أخبرنا أحمد بن عثمان الأوديّ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّي
قوله: {وإن يكن ميتةً فهم فيه شركاء}، قال: ما ولدت من ميتٍ فيأكله الرّجال والنّساء.
وروي عن عكرمة وقتادة وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم نحو ذلك.
قوله: {سيجزيهم وصفهم}
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ: قوله:
{سيجزيهم وصفهم}، قال: قولهم الكذب في ذلك. وروي عن أبي العالية وقتادة نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1395-1396]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد: {خالصة لذكورنا} يعنون السائبة والبحيرة ومحرم على أزواجنا يعنون النساء). [تفسير مجاهد: 224]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا إسرائيل عن أبي إسحق الهمذاني عن عبد الله بن أبي الهذيل عن ابن عباس في قوله: {ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا}، يعني اللبن). [تفسير مجاهد: 225]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد: {سيجزيهم وصفهم} يعني قولهم الكذب في ذلك). [تفسير مجاهد: 225]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( أخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا} قال: اللبن.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا} قال: السائبة والبحيرة {ومحرم على أزواجنا} قال: النساء {سيجزيهم وصفهم} قال: قولهم الكذب في ذلك.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا}، قال: ألبان البحائر كانت للذكور دون النساء وإن كانت ميتة اشترك فيها ذكرهم وأنثاهم {سيجزيهم وصفهم} أي كذبهم.
- وأخرج أبو الشيخ، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا}، قال: كانت الشاة إذا
ولدت ذكرا ذبحوه فكان للرجال دون النساء وإن كانت أنثى تركوها فلم تذبح وإن كانت ميتة كانوا فيه شركاء.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس: {وقالوا ما بطون هذه الأنعام ... الآية} قال: اللبن كانوا يحرمونه على إناثهم ويشربونه ذكرانهم كانت الشاة إذا ولدت ذكرا ذبحوه فكان للرجال دون النساء وإن كانت أنثى تركت فلم تذبح وإن كانت ميتة فهم شركاء.
- وأخرج عبد بن حميد عن عاصم، أنه قرأ (وإن تكن ميتة) بالتاء منصوبة منونة.
- وأخرج البخاري في تاريخه عن عائشة قالت: يعمد أحدكم إلى المال فيجعله للذكور من ولده إن هذا إلا كما قال الله: {خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا} ). [الدر المنثور: 6/ 216-218]

تفسير قوله تعالى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (140)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قد خسر الّذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علمٍ وحرّموا ما رزقهم اللّه افتراءً على اللّه قد ضلّوا وما كانوا مهتدين}.
يقول تعالى ذكره: قد هلك هؤلاء المفترون على ربّهم الكذب، العادلون به الأوثان والأصنام، الّذين زيّن لهم شركاؤهم قتل أولادهم، وتحريم ما أنعمت عليهم من أموالهم، فقتلوا طاعةً لها أولادهم، وحرّموا ما أحلّ اللّه لهم وجعله لهم رزقًا من أنعامهم سفهًا منهم، يقول: فعلوا ما فعلوا من ذلك جهالةً منهم بما لهم وعليهم، ونقص عقولٍ، وضعف أحلامٍ منهم، وقلّة فهمٍ بعاجل ضرّه وآجل مكروهه من عظيم عقاب اللّه عليه لهم. {افتراءً على اللّه} يقول: تكذيبًا على اللّه وتخرّصًا عليه الباطل. {قد ضلّوا} يقول: قد تركوا محجّة الحقّ في فعلهم ذلك، وزالوا عن سواء السّبيل. {وما كانوا مهتدين} يقول: ولم يكن فاعلو ذلك على هدًى واستقامةٍ في أفعالهم الّتي كانوا يفعلون قبل ذلك، {وما كانوا مهتدين} للصّواب فيها ولا موفّقين له.
ونزلت هذه الآية في الّذين ذكر اللّه خبرهم في هذه الآيات، من قوله: {وجعلوا للّه ممّا ذرأ من الحرث والأنعام نصيبًا} الّذين كانوا يبحرون البحائر، ويسيّبون السّوائب، ويئدون البنات.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال عكرمة: قوله: {الّذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علمٍ} قال: نزلت فيمن يئد البنات من ربيعة ومضر، كان الرّجل يشترط على امرأته أن تستحيي جاريةً وتئد أخرى، فإذا كانت الجارية الّتي توأد غدا الرّجل أو راح من عند امرأته وقال لها: أنت عليّ كظهر أمّي إن رجعت إليك ولم تئديها، فتخدّ لها في الأرض خدًّا، وترسل إلى نسائها فيجتمعن عندها، ثمّ يتداولنها، حتّى إذا أبصرته راجعًا دسّتها في حفرتها، ثمّ سوّت عليها التّراب.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، ثمّ ذكر ما صنعوا في أولادهم وأموالهم، فقال: {قد خسر الّذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علمٍ وحرّموا ما رزقهم اللّه}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {قد خسر الّذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علمٍ}، فقال: هذا صنيع أهل الجاهليّة، كان أحدهم يقتل ابنته مخافة السّباء والفاقة ويغذو كلبه. وقوله: {وحرّموا ما رزقهم اللّه} الآية، وهم أهل الجاهليّة جعلوا بحيرةً وسائبةً ووصيلةً وحاميًا، تحكّمًا من الشّياطين في أموالهم.
- حدّثني الحرث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: إذا سرّك أن تعلم جهل العرب، فاقرأ ما بعد المائة من سورة الأنعام، قوله: {قد خسر الّذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علمٍ} الآية.
وكان أبو رزينٍ يتأوّل قوله: {قد ضلّوا} أنّه معنيّ به قد ضلّوا قبل هؤلاء الأفعال من قتل الأولاد وتحريم الرّزق الّذي رزقهم اللّه بأمورٍ غير ذلك.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي رزينٍ، في قوله: {قد خسر الّذين قتلوا أولادهم} إلى قوله: {قد ضلّوا}، قال: قد ضلّوا قبل ذلك). [جامع البيان: 9/ 590-592]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قد خسر الّذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علمٍ وحرّموا ما رزقهم اللّه افتراءً على اللّه قد ضلّوا وما كانوا مهتدين (140)}
قوله: {قد خسر الّذين قتلوا}
- حدّثنا أبي ثنا أبو بكر بن بشّارٍ العبديّ ثنا يحيى بن سعيدٍ عن سفيان عن الأعمش عن أبي رزينٍ، في قوله: {قد خسر الّذين قتلوا أولادهم} قال: قد ضلّوا قبل ذلك.
قوله تعالى: {قتلوا أولادهم سفهًا بغير علمٍ}
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس ثنا بن زريعٍ، أنبأ سعيدٌ عن قتادة: قوله: قد خسر الّذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علمٍ وهذا صنع أهل الجاهليّة، كان أحدهم يقتل ابنته مخافة السّباء والفاقة، ويغذو كلبه.
قوله: {وحرّموا ما رزقهم اللّه}
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن المفضّل أنبأ أسباطٌ عن السّدّيّ قال: ثمّ ذكر ما صنعوا في أموالهم وأولادهم فقال: {وحرّموا ما رزقهم اللّه افتراءً على الله}.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنا العبّاس بن الوليد ثنا يزيد بن زريعٍ ثنا سعيدٌ عن قتادة: قوله:
{وحرّموا ما رزقهم اللّه افتراءً على الله}، قال: هم أهل الجاهليّة، جعلوا بحيرةً وسائبةً ووصيلةً وحاميًا، تحكّمًا من الشّيطان في أموالهم.
قوله عزّ وجلّ: {افتراءً على اللّه}
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ ثنا الحسين بن محمّدٍ المروزيّ ثنا شيبان عن قتادة: قوله: {وحرّموا ما رزقهم اللّه افتراءً على اللّه}، قد ضلّوا وما كانوا مهتدين، قال: هم أهل الجاهليّة، جعلوا بحيرةً وسائبةً ووصيلةً وحاميًا تحريمًا من الشّيطان، وحرّموا من مواشيهم وحرثهم، فكان ذلك من الشّيطان افتراءً على اللّه.
قوله تعالى: {قد ضلّوا}
- ذكر عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي رزينٍ: قوله: {قد ضلّوا}، قال: ضلّوا بقتل أولادهم.
قوله: {وما كانوا مهتدين}
- وبه عن أبي رزينٍ: قوله: {قد ضلّوا وما كانوا مهتدين}، قال: لم يكونوا مهتدين بقتل أولادهم). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1396-1397]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: إذا سرّك أن تعلم جهل العرب، فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة من سورة الأنعام: {قد خسر الذي قتلوا أولادهم سفهاً بغير علم وحرّموا ما رزقهم اللّه افتراءً على اللّه قد ضلّوا وما كانوا مهتدين}. أخرجه البخاري). [جامع الأصول: 2/ 136-137]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( أخرج البخاري، وعبد بن حميد وأبو الشيخ، وابن مردويه عن ابن عباس قال: إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة من سورة الأنعام: {قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها} إلى قوله: {وما كانوا مهتدين}.
- وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة في قوله: {قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم}، قال: نزلت فيمن كان يئد البنات من مضر وربيعة كان الرجل يشترط على امرأته أنك تئدين جارية وتستحبين أخرى فإذا كانت الجارية التي توأد غدا من عند أهله أو راح وقال: أنت علي كأمي إن رجعت إليك ولم تئديها فترسل إلى نسوتها فيحفرن لها حفرة فيتداولنها بينهن فإذا بصرن به مقبلا دسسنها في حفرتها وسوين عليها التراب
- وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم}، قال: هذا صنع أهل الجاهلية كان أحدهم يقتل ابنته مخافة السباء والفاقة ويغذوا كلبه، وفي قوله: {وحرموا ما رزقهم الله}، قال: جعلوا بحيرة وسائبة ووصيلة وحاميا تحكما من الشيطان في أموالهم وجزؤا من مواشيهم وحروثهم فكان ذلك من الشيطان افتراء على الله.
- وأخرج أبو الشيخ عن أبي رزين أنه قرأ (قد ضلوا قبل ذلك وما كانوا مهتدين) ). [الدر المنثور: 6/ 219-220]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 ربيع الثاني 1434هـ/6-03-2013م, 11:25 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (138) وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139) قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (140)}

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (138)}

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({حجرٌ} أي حرام، قال المتلمّس:
حنّت إلى النّخلة القصوى فقلت لها ........ حجرٌ حرامٌ ألا ثمّ الدّهاريس
الدهاريس: الدواهي). [مجاز القرآن: 1/ 207]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وقالوا هذه أنعامٌ وحرثٌ حجرٌ لاّ يطعمها إلاّ من نّشاء بزعمهم وأنعامٌ حرّمت ظهورها وأنعامٌ لاّ يذكرون اسم اللّه عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون}
وقال: {حجرٌ لاّ يطعمها} و"الحجر" "الحرام" وقد قرئت بالضم {حجرٌ}، وكذلك قرئت (حجراً محجورا) بضم الحاء و{حجراً} في معنى واحد. وقد يكون "الحجر": العقل، قال الله تعالى: {هل في ذلك قسمٌ لّذي حجرٍ} أي ذي عقل. وقال بعضهم: "لا يكون في قوله: {وحرثٌ حجرٌ} إلا الكسر. وليس ذا بشيء لأنه حرام. وأما "حجر المرأة" ففيه الفتح والكسر و"حجر اليمامة" بالفتح و"الحجر" ما حجرته وهو قول أصحاب الحجر). [معاني القرآن: 1/ 249-250]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو "وحرث حجر".
الأعرج {حجر}.
[وروى محمد بن صالح]
أبو عمرو والأعرج {حجر} وسنخبر عما فيها). [معاني القرآن لقطرب: 530]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {وحرث حجر} قالوا: الحجر والحجر لغتان، وقد حجرته عليه؛ أي حرمته، وهو المحجر؛ وحكي في التفسير: الحجر المحجور: أي المحرم الحرام.
وقال الراجز:
وجارة البتي لها حجري
فكسر؛ أي حرمة.
ومحرمات هتكها بجري
أي داهية أمر عظيم.
وقال رجل من ذبيان:
فبت مرتفقا والعين ساهرة = كأن نومي على الليل محجور
أي محرم.
وكذلك يقولون في كلامهم: حجرا محجورا؛ أي حراما محرما). [معاني القرآن لقطرب: 553]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): (و(الحجر): الحرام وقد قرئت حجرا بالضم والمعنى واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 143]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: {وحرثٌ حجرٌ} أي زرع حرام. وإنما قيل للحرام: حجر، لأنه حجر على الناس أن يصيبوه يقال: حجرت على فلان كذا حجرا. ولما حجرته وحرّمته: حجرا.
{وأنعامٌ حرّمت ظهورها} يعني «الحامي».
{وأنعامٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها} يعني «البحيرة»: لأنها لا تركب ولا يحمل عليها شيء، ولا يذكر اسم اللّه عليها). [تفسير غريب القرآن: 161]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلّا من نشاء بزعمهم وأنعام حرّمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم اللّه عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون}
والحامي الذي حمى ظهره أن يركب، {وأنعام لا يذكرون اسم اللّه عليها}.
فأعلم الله عزّ وجلّ أن ذلك افتراء، أي يفعلون ذلك افتراء عليه، وهو منصوب بقوله: {لا يذكرون اسم اللّه}.
وهذا يسميه سيبويه مفعول له.
وحقيقته أن قوله: {لا يذكرون} بمعنى يفترون، فكأنه قال يفترون افتراء). [معاني القرآن: 2/ 294]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله عز وجل: {وقالوا هذه أنعام وحرث حجر} قال قتادة: الحجر الحرام.
وقيل هذه أشياء كانوا يجعلونها لأصنامهم لا يأكل منها إلا من يشاؤهم خدم الأصنام والحرث هو الذي يجعلونه لنفقة أوثانهم ويحرمونها على الناس إلا خدمها). [معاني القرآن: 2/ 495-496]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وأنعام حرمت ظهورها}

قال قتادة: يعني السائبة والوصيلة). [معاني القرآن: 2/ 496]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها} أي يذبحونها لآلهتهم ولا يذكرون عليها اسم الله فأعلم الله جل وعز أنه لم يأمرهم بهذا ولا جاءهم به نبي فقال تعالى: {افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون} وقيل معنى وأنعام حرمت ظهورها هو الحامي الذي ذكره الله جل وعز في قوله: {ولا وصيلة ولا حام}
وقيل معنى وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها السائبة لأنها لا تركب فيذكر اسم الله عليها وقيل يذبحونها لأصنامهم فلا يذكرون اسم الله عليها والمحرمة ظهورها السائبة والحامي والبحيرة وأصحها ما بدأنا به). [معاني القرآن: 2/ 496-497]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَحَرْثٌ حِجْرٌ} أي زرع حرام.
{وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا} يعني الحامي.
{وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللّهِ عَلَيْها} يعني البحيرة، كانوا لا يحملون عليها شيئا ولا يذكرون اسم الله عليها، ولا تُركب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 80]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الحِجْرٌ): الحرام). [العمدة في غريب القرآن: 131]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لّذكورنا...}
وفي قراءة عبد الله "خالص لذكورنا" وتأنيثه لتأنيث الأنعام؛ لأن ما في بطونها مثلها فأنث لتأنيثها. ومن ذكّره فلتذكير (ما) وقد قرأ بعضهم "خالصه لذكورنا" يضيفه إلى الهاء وتكون الهاء لما. ولو نصبت الخالص والخالصة على القطع وجعلت خبر ما في اللام التي في قوله (لذكورنا) كأنك قلت: ما في بطون هذه الأنعام لذكورنا خالصا وخالصةً كما قال: {وله الدّين واصباً} والنصب في هذا الموضع قليل؛ لا يكادون يقولون: عبد الله قائما فيها، ولكنه قياس.
وقوله: {وإن يكن مّيتةً فهم فيه شركاء} إن شئت رفعت الميتة، وإن شئت نصبتها فقلت (ميتةً) ولك أن تقول تكن ويكن بالتاء والياء.
وقد تكون الخالصة مصدرا لتأنيثها كما تقول: العاقبة والعافية. وهو مثل قوله: {إنّا أخلصناهم بخالصةٍ ذكرى الدّار}). [معاني القرآن: 1/ 359-360]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لّذكورنا ومحرّمٌ على أزواجنا وإن يكن مّيتةً فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنّه حكيمٌ عليمٌ}
وقوله عز وجل: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لّذكورنا ومحرّمٌ على أزواجنا وإن يكن مّيتةً فهم فيه شركاء} رفعٌ أي: وإن تكن في بطونها ميتةٌ. وقد يجوز الرفع إذا قلت (يكن) لأن المؤنّث قد يذكر فعله.
و{خالصةٌ} أنثت لتحقيق الخلوص كأنه لما حقق لهم الخلوص أشبه الكثرة فجرى مجرى "راوية" و"نسّابة"). [معاني القرآن: 1/ 250]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عمرو والحسن وأهل المدينة {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا}.
الزهري "خالصة لذكورنا" بهاء الإضافة.
عبد الله "خالص لذكورنا" بغير هاء.
وأما {خالصة} فيكون على وجهين:
إذ كانوا يقولون: أنت خالصتي للذكر، وخلصاني أيضًا.
والوجه الآخر: أن يكون أنث "ما"، كأنه قال: التي في بطون هذه الأنعام، ثم قال ومحرم على لفظ "ما"، والتأنيث على معناها.
كقول الأسود بن يعفر:
إن المنية والحتوف كلاهما = يوفي المخارم يرقبان سوادي
[معاني القرآن لقطرب: 530]
صير "كلا" واحدًا على لفظه، لما قال: "يوفي"، ثم صيره اثنين في قوله "يرقبان" على المعنى.
ومثله أيضًا قول الله عز وجل {ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا} صيره مذكرًا على اللفظ، ثم رجع إلى المعنى فأنثه.
ومثل ذلك قول أبي النجم:
لسنا كمن تشمها برد السحر = ولا خسيف الماء في الليل القرر
الخسيف: الجليد، وهو الملاح؛ فأنث "من" على المعنى.
وكذلك قول الفرزدق:
تعال فإن عاهدتين لا تخونني = نكن مثل من يا ذئب يصطحبان
حمله على المعنى فثناه، مثل: رأيت من يفعلان ذلك؛ يريد اللذين؛ قال الله عز وجل {ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا ندخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا} فجعله واحدًا على اللفظ، وجمعًا على المعنى، ثم واحدًا على اللفظ؛ وقد أتينا على ذلك في سورة البقرة.
أبو جعفر {وإن تكن ميتة} يرفع ويثقل، ويقول {تكن} بالتاء، ويقول {إلا أن تكون ميتة} فيرفع.
أبو عمرو {تكن ميتة}.
الحسن {تكن ميتة} ). [معاني القرآن لقطرب: 531]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا} يعني «الوصيلة» من الغنم، و«البحيرة» من الإبل.
{ومحرّمٌ على أزواجنا} يعني الإناث.
{سيجزيهم وصفهم} أي بكذبهم). [تفسير غريب القرآن: 161-162]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرّم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنّه حكيم عليم}
وكأنّه إذا جعلوا لأصنامهم مما في بطون الأنعام شيئا جعلوه ما يكون ذكرا مولودا حيا يأكله الذكران خاصة.
ولا يجيزون أن يأكل النساء شيئا.
فإن كان ذكرا ميتا اشترك فيه الرجال والنساء وهو قوله عزّ وجلّ: (وإن يكن ميتة فهم فيه شركا).
ثم قال: {خالصة لذكورنا} فهو على ضربين:
- أجودهما: أن يكون أنث الخبر، وجعل معنى "ما" التأنيث لأنها في معنى الجماعة، كأنّهم قالوا جماعة ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا، ويردّ (ومحرّم) على لفظ ما.
- وقال بعضهم: أنثه لتأنيث الأنعام، والذي في بطون الأنعام ليس بمنزلة بعض الشيء، لأن قولك: سقطت بعض أصابعه "بعض أصابع" إصبع وهي واحدة منها، والذي في بطون الأنعام: ما في بطن كل واحد غيرها.
ومن قال يجوز على أن الجملة أنعام فكأنه قال: وقالوا الأنعام التي في بطون الأنعام خالصة لذكورنا.
والقول الأول الذي شرحنا أبين، لقوله (ومحرّم)، لأنه دليل على الحمل المعنى في "ما" على اللفظ.
وقرأ بعضهم (خالصةً لذكورنا)، فهو عندي - واللّه أعلم - ما خلص حيا.
ويجوز (وإن يكن ميتة) بالياء والتاءات، ونصب (ميتة).
المعنى وإن تكن تلك الحمول التي في البطون ميتة، ومن قرأ وإن يكن فعلى لفظ ما، المعنى إن يكن ما في البطن ميتة، ويجوز "وإن تكن ميتة" بالتاء ورفع الميتة، ويكون "تكن" بمعنى الحدوث والوقوع كأنّه وإن تقع ميتة وإن تحدث ميتة.
وقوله: {سيجزيهم وصفهم} المعنى -واللّه أعلم- سيجزيهم جزاء وصفهم الذي هو كذب). [معاني القرآن: 2/ 294-295]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا}
قال مجاهد: يعني البحيرة والسائبة.
قال غيره: كانوا إذا جعلوا لأصنامهم شيئا مما في بطون الأنعام فولدت مولودا حيا ذكرا كان للذكران دون الإناث، وإذا ولدت ميتا ذكرا اشترك فيه الذكران والإناث فذلك قوله تعالى: {وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء}
وقال قطرب: إذا أتأمت عشرا فما ولدت بعد ذلك فهو للذكور إلا أن يموت فيشترك فيه أكله الذكر والأنثى.
وقرأ الأعمش (وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالص لذكورنا).
قال الكسائي معنى "خالص" و"خالصة" واحد إلا أن الهاء للمبالغة، كما يقال رجل داهية وعلامة.
وقال الفراء: الخاء لتأنيث الأنعام لأن ما في بطون الأنعام مثلها.
وقرئ (خالصه لذكورنا) والمعنى على هذه القراءة: ما خلص منه حيا لذكورنا ومحرم على أزواجنا أي الإناث.
قال مجاهد: معنى {سيجزيهم وصفهم} أي سيجزيهم كذبهم.
والتقدير عند النحويين سيجزيهم جزاء وصفهم الذي هو كذب). [معاني القرآن: 2/ 498-499]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَقَالُوا ْمَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا} يعني الوصيلة من الغنم، والبحيرة من الإبل، {وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا} يعني الإناث). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 80]

تفسير قوله تعالى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (140)}
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن {قد خسر الذين قتلوا أولادهم} يثقل.
أبو عمرو {قتلوا} يخفف). [معاني القرآن لقطرب: 532]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({قتلوا أولادهم سفهاً} أي جهلا). [تفسير غريب القرآن: 162]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {قد خسر الّذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرّموا ما رزقهم اللّه افتراء على اللّه قد ضلّوا وما كانوا مهتدين}
(سفها) منصوب على معنى اللام أي للسفه، مثل فعلت ذلك حذر الشر.
ويجوز أن يكون منصوبا على تأويل المصدر، لأن قتلهم أولادهم قد سفهوا فيه، فكأنّه قال: سفهوا سفها، فقال عز وجل: {قد خسر الّذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرّموا ما رزقهم اللّه افتراء على اللّه}.
وقد فسرنا نصب (افتراء).
ومعنى الافتراء ههنا الكذب). [معاني القرآن: 2/ 295-296]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم} يعني قتلهم البنات جهلا). [معاني القرآن: 2/ 499]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين} قال أبو رزين: ولم يكونوا مهتدين قبل ذلك). [معاني القرآن: 2/ 499]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 11:16 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (138) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله تعالى: {وَحَرْثٌ حِجْرٌ} قال: حرام لا يركبها إنسان. والحرث: الزرع والإبل والغنم، وكل ما كان من هذا). [مجالس ثعلب: 261]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {حَرْثٌ حِجْر} قال: محرم). [مجالس ثعلب: 582-583]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (قال الشاعر في عثمان رضي الله تعالى عنه:
ضحوا به تضحية الكبش الجذع ....... فاحتلبوا عرق دمٍ آني القلع
أراد العلق وهو الدم، وكما قال الآخر في عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه:
بحرك عذب الماء ما أعقه ....... ربك والمحروم من لم يسقه
أراد ما أقعه من قولك ماء قعاع إذا كان ملحًا ومنه والله تعالى أعلم قراءة ابن مسعود: (وحرث حِرج) والقراء والمصاحف على (حجر) وهي القراءة: وهذا كثير). [شرح المفضليات: 684] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139) }


تفسير قوله تعالى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (140) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 06:18 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 06:18 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 06:18 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 06:18 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (138) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقالوا هذه أنعامٌ وحرثٌ حجرٌ لا يطعمها إلاّ من نشاء بزعمهم وأنعامٌ حرّمت ظهورها وأنعامٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها افتراءً عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون (138)}
هذه الآية تتضمن تعديد ما شرعوه لأنفسهم والتزموه على جهة القربة كذبا منهم على الله وافتراء عليه، فوصف تعالى أنهم عمدوا إلى بعض أنعامهم وهي الإبل والبقر والغنم أو الإبل بانفرادها، وما غيرها إذا انفرد فلا يقال له أنعام، وإلى بعض زروعهم وثمارهم، وسمي ذلك «حرثا» إذ عن الحرث يكون، وقالوا هذه حجر أي حرام، وقرأ جمهور الناس «حجر» بكسر الحاء وسكون الجيم، وقرأ قتادة والحسن والأعرج «حجر» بضم الحاء وسكون الجيم، وقرأ ابن عباس وأبيّ وابن مسعود وابن الزبير والأعمش وعكرمة وعمرو بن دينار «حرج» بكسر الحاء وتقديم الراء على الجيم وسكونها، فالأولى والثانية بمعنى التحجير وهو المنع والتحريم، والأخيرة من الحرج وهو التضييق والتحريم، وكانت هذه الأنعام على ما قال ابن زيد محللة للرجال محرمة على النساء، وقيل كانت وقفا لمطعم سدنة بيوت الأصنام وخدمتها، حكاه المهدوي، فذلك المراد بقوله: {من نشاء}، وقوله: {بزعمهم} أي بتقولهم الذي هو أقرب إلى الباطل منه إلى الحق، و «زعمهم» هنا هو في قولهم «حجر» وتحريمهم بذلك ما لم يحرم الله تعالى، وقرأ ابن أبي عبلة «بزعمهم» بفتح الزاي والعين، وكذلك في الذي تقدم، وأنعامٌ حرّمت ظهورها كانت للعرب سنن، إذا فعلت الناقة كذا من جودة النسل والمواصلة بين الإناث ونحوه حرم ظهورها فلم تركب وإذا فعل الفحل كذا وكذا حرم فعدد الله ذلك على جهة الرد عليهم إذ شرعوا ذلك برأيهم وكذبهم، وأنعامٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها قيل كانت لهم سنة في أنعام ما أن لا يحج عليها فكانت تركب في كل وجه إلا في الحج، فذلك قوله وأنعامٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها هذا قول جماعة من المفسرين.
ويروى ذلك عن أبي وائل، وقالت فرقة: بل ذلك في الذبائح يريد أنهم جعلوا لآلهتهم منها نصيبا لا يذكرون الله على ذبحها، وقوله: {افتراءً} مصدر نصب على المفعول من أجله أو على إضمار فعل تقديره يفترون ذلك، وسيجزيهم وعيد بمجازاة الآخرة، والضمير في عليه عائد على اسم الله، ويفترون أي يكذبون ويختلفون). [المحرر الوجيز: 3/ 470-471]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا ومحرّمٌ على أزواجنا وإن يكن ميتةً فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنّه حكيمٌ عليمٌ (139)}
هذه الآية تتضمن تعديد مذاهبهم الفاسدة، وكانت سنتهم في بعض الأنعام أن يحرموا ما ولدت على نسائهم ويخصصونه لذكورهم، والهاء في خالصةٌ قيل هي للمبالغة كما هي في رواية وغيرها، وهذا كما تقول فلان خالصتي وإن كان باب هاء المبالغة أن يلحق بناء مبالغة كعلامة ونسابة وبصيرة ونحوه، وقيل هي لتأنيث الأنعام إذ ما في بطونها أنعام أيضا، وقيل هي على تأنيث لفظ ما لأن ما واقعة في هذا الموضع موقع قولك جماعة وجملة، وقرأ جمهور القراء والناس «خالصة» بالرفع، وقرأ عبد الله بن مسعود وابن جبير وابن أبي عبلة والأعمش «خالص» دون هاء ورفع هاتين القراءتين على خبر الابتداء.
وقرأ ابن عباس بخلاف والأعرج وقتادة وسفيان بن حسين «خالصة» بالنصب، وقرأ سعيد بن جبير فيما ذكر أبو الفتح «خالصا»، ونصب هاتين القراءتين على أن الحال من الضمير الذي في قوله في بطون، وذلك أن تقدير الكلام: وقالوا ما استقر هو في بطون هذه الأنعام فحذف الفعل وحمل المجرور الضمير، والحال من الضمير والعامل فيها معنى الاستقرار، قال أبو الفتح ويصح أن يكون حالا من ما على مذهب أبي الحسن في إجازته تقديم الحال على العامل فيها، وقرأ ابن عباس أيضا وأبو حيوة والزهري «خالصه» بإضافة «خالص» إلى ضمير يعود على ما، ومعناه ما خلص وخرج حيا، والخبر على قراءة من نصب «خالصة» في قوله: {لذكورنا} والمعنى المراد بما في قوله ما في بطون قال السدي: هي الأجنة، وقال ابن عباس وقتادة والشعبي: هو اللبن، قال الطبري واللفظ يعمهما، وقوله ومحرّمٌ يدل على أن الهاء في خالصةٌ للمبالغة، ولو كانت لتأنيث لقال ومحرمة، وأزواجنا يريد به جماعة النساء التي هي معدة أن تكون أزواجا، قال مجاهد، وحكى الطبري عن ابن زيد أن المراد ب أزواجنا البنات.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا يبعد تحليقه على المعنى، وقوله: {وإن يكن ميتةً} كان من سنتهم أن ما خرج من الأجنة ميتا من تلك الأنعام الموقوفة فهو حلال للرجال والنساء جميعا وكذلك ما مات من الأنعام الموقوفة نفسها، وقرأ ابن كثير «وإن يكن» بالياء «ميتة» بالرفع فلم يلحق الفعل علامة التأنيث لما كان تأنيث الفاعل المسند إليه غير حقيقي، والمعنى وإن وقع ميتة أو حدث ميتة، وقرأ ابن عامر «وإن تكن» بالتاء «ميتة» بالرفع فألحق الفعل علامة التأنيث لما كان الفاعل في اللفظ مؤنثا، وأسند الفعل إلى الميتة كما فعل ابن كثير، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر عنه «تكن» بالتاء «ميتة» بالنصب فأنث وإن كان المتقدم مذكرا لأنه حمله على المعنى.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فالتقدير وإن تكن النسمة أو نحوها ميتة، وقرأ نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص «يكن» بالياء «ميتة» بالنصب، فذكروا الفعل لأنهم أسندوه إلى ضمير ما تقدم من قوله ما في بطون هذه الأنعام وهو مذكر، وانتصبت الميتة على الخبر، قال أبو عمرو بن العلاء ويقوي هذه القراءة قوله فهم فيه ولم يقل فيها، وقرأ يزيد بن القعقاع «وإن تكن ميّتة» بالتشديد، وقرأ عبد الله بن مسعود «فهم فيه سواء»، ثم أعقب تعالى بوعيدهم على ما وصفوا أنه من القربات إلى الله تعالى وشرعوه من الباطل والإفك إنّه حكيمٌ أي في عذابهم على ذلك عليمٌ بقليل ما تقوّلوه من ذلك وكثيره). [المحرر الوجيز: 3/ 471-473]

تفسير قوله تعالى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (140) }

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قد خسر الّذين قتلوا أولادهم سفهاً بغير علمٍ وحرّموا ما رزقهم اللّه افتراءً على اللّه قد ضلّوا وما كانوا مهتدين (140) وهو الّذي أنشأ جنّاتٍ معروشاتٍ وغير معروشاتٍ والنّخل والزّرع مختلفاً أكله والزّيتون والرّمّان متشابهاً وغير متشابهٍ كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقّه يوم حصاده ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين (141)}
هذا لفظ يتضمن التشنيع بقبح فعلهم والتعجب من سوء حالهم في وأدهم البنات وحجرهم الأنعام والحرث، قال عكرمة: وكان الوأد في ربيعة ومضر.
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه:
وكان جمهور العرب لا يفعله، ثم إن فاعليه كان منهم من يفعله خوف العيلة والإقتار وكان منهم من يفعله غيرة مخافة السباء وقرأ ابن عامر وابن كثير: «قتّلوا» بتشديد
التاء على المبالغة وقرأ الباقون: «قتلوا» بتخفيفها وما رزقهم اللّه: هي تلك الأنعام والغلات التي توقف بغير شرع ولا مثوبة في معاد بل بالافتراء على الله والكذب وقد ضلّوا إخبارا عنهم بالحيرة وهو من التعجيب بمنزلة قوله قد خسر، وما كانوا يريد في هذه الفعلة ويحتمل أن يريد: وما كانوا قبل ضلالهم بهذه الفعلة مهتدين ولكنهم زادوا بهذه الفعلة ضلالا). [المحرر الوجيز: 3/ 474]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 06:18 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 06:19 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (138) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وقالوا هذه أنعامٌ وحرثٌ حجرٌ لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم وأنعامٌ حرّمت ظهورها وأنعامٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها افتراءً عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون (138)}
قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: "الحجر": الحرام، ممّا حرّموا الوصيلة، وتحريم ما حرّموا.
وكذلك قال مجاهدٌ، والضّحّاك، والسّدّي، وقتادة، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم.
وقال قتادة: {وقالوا هذه أنعامٌ وحرثٌ حجرٌ} الآية: تحريمٌ كان عليهم من الشّياطين في أموالهم، وتغليظٌ وتشديدٌ، وكان ذلك من الشّياطين، ولم يكن من اللّه تعالى.
وقال ابن زيد بن أسلم: {حجرٌ} إنّما احتجزوها لآلهتهم.
وقال السّدّيّ: {لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم} يقولون: حرامٌ أن نطعم إلّا من شئنا.
وهذه الآية الكريمة كقوله تعالى: {قل أرأيتم ما أنزل اللّه لكم من رزقٍ فجعلتم منه حرامًا وحلالا قل آللّه أذن لكم أم على اللّه تفترون} [يونس: 59]، وكقوله تعالى: {ما جعل اللّه من بحيرةٍ ولا سائبةٍ ولا وصيلةٍ ولا حامٍ ولكنّ الّذين كفروا يفترون على اللّه الكذب وأكثرهم لا يعقلون} [المائدة: 103].
وقال السّدّيّ: أمّا {وأنعامٌ حرّمت ظهورها} فهي البحيرة والسّائبة والحام، وأمّا الأنعام الّتي لا يذكرون اسم اللّه عليها قال: إذا أولدوها، ولا إن نحروها.
وقال أبو بكر بن عيّاش، عن عاصم بن أبي النّجود قال لي أبو وائلٍ: تدري ما في قوله: {وأنعامٌ حرّمت ظهورها وأنعامٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها}؟ قلت: لا. قال: هي البحيرة، كانوا لا يحجّون عليها.
وقال مجاهدٌ: كان من إبلهم طائفةٌ لا يذكرون اسم اللّه عليها [ولا] في شيءٍ من شأنها، لا إن ركبوا، ولا إن حلبوا، ولا إن حملوا، ولا إن سحبوا ولا إن عملوا شيئًا.
{افتراءً عليه} أي: على اللّه، وكذبًا منهم في إسنادهم ذلك إلى دين اللّه وشرعه؛ فإنّه لم يأذن لهم في ذلك ولا رضيه منهم {سيجزيهم بما كانوا يفترون} أي: عليه، ويسندون إليه). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 345-346]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا ومحرّمٌ على أزواجنا وإن يكن ميتةً فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنّه حكيمٌ عليمٌ (139)}
قال أبو إسحاق السّبيعيّ، عن عبد اللّه بن أبي الهذيل، عن ابن عبّاسٍ: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا ...} الآية، قال: اللّبن.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا...} الآية: فهو اللّبن، كانوا يحرّمونه على إناثهم، ويشربه ذكرانهم. وكانت الشّاة إذا ولدت ذكرًا ذبحوه، وكان للرّجال دون النّساء. وإن كانت أنثى تركت فلم تذبح، وإن كانت ميتةً فهم فيه شركاء. فنهى اللّه عن ذلك. وكذا قال السّدّي.
وقال الشّعبيّ: "البحيرة" لا يأكل من لبنها إلّا الرّجال، وإن مات منها شيءٌ أكله الرّجال والنّساء، وكذا قال عكرمة، وقتادة، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم.
وقال مجاهدٌ في قوله: {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا ومحرّمٌ على أزواجنا} قال: هي السّائبة والبحيرة.
وقال أبو العالية، ومجاهدٌ، وقتادة [في قولٍ] {سيجزيهم وصفهم} أي: قولهم الكذب في ذلك، يعني قوله تعالى: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرامٌ لتفتروا على اللّه الكذب إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون * متاعٌ} الآية [النّحل: 116، 117].
إنّه {حكيمٌ} أي: في أفعاله وأقواله وشرعه وقدره، {عليمٌ} بأعمال عباده من خيرٍ وشرٍّ، وسيجزيهم على ذلك أتم الجزاء). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 346]

تفسير قوله تعالى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (140) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {قد خسر الّذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علمٍ وحرّموا ما رزقهم اللّه افتراءً على اللّه قد ضلّوا وما كانوا مهتدين (140)}
يقول تعالى: قد خسر الّذين فعلوا هذه الأفعال في الدّنيا والآخرة، أمّا في الدّنيا فخسروا أولادهم بقتلهم، وضيّقوا عليهم في أموالهم، فحرّموا أشياء ابتدعوها من تلقاء أنفسهم، وأمّا في الآخرة فيصيرون إلى شرّ المنازل بكذبهم على اللّه وافترائهم، كما قال تعالى: {إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون. متاعٌ في الدّنيا ثمّ إلينا مرجعهم ثمّ نذيقهم العذاب الشّديد بما كانوا يكفرون} [يونس: 69، 70].
وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسير هذه الآية: حدّثنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم، حدّثنا محمّد بن أيّوب، حدّثنا عبد الرّحمن بن المبارك، حدّثنا أبو عوانة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما قال: إذا سرّك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثّلاثين والمائة من سورة الأنعام، {قد خسر الّذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علمٍ وحرّموا ما رزقهم اللّه افتراءً على اللّه قد ضلّوا وما كانوا مهتدين}
وهكذا رواه البخاريّ منفردًا في كتاب "مناقب قريشٍ" من صحيحه، عن أبي النّعمان محمّد بن الفضل عارمٍ، عن أبي عوانة -واسمه الوضّاح بن عبد اللّه اليشكري -عن أبي بشرٍ -واسمه جعفر بن أبي وحشيّة بن إياسٍ، به). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 347]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:31 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة