العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النحل

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 جمادى الأولى 1434هـ/3-04-2013م, 10:29 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة النحل [ من الآية (41) إلى الآية (44) ]

{وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23 جمادى الأولى 1434هـ/3-04-2013م, 10:31 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن جعفر بن سليمان عن داود بن هند قال نزلت والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا الآية نزلت في أبي جندل بن سهيل). [تفسير عبد الرزاق: 1/356]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {والّذين هاجروا في اللّه من بعد ما ظلموا لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنةً} يقول تعالى ذكره: والّذين فارقوا قومهم ودورهم وأوطانهم عداوةً لهم في اللّه على كفرهم إلى آخرين غيرهم {من بعد ما ظلموا} يقول: من بعد ما نيل منهم في أنفسهم بالمكاره في ذات اللّه {لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنةً} يقول: لنسكننّهم في الدّنيا مسكنًا يرضونه صالحًا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {والّذين هاجروا في اللّه من بعد ما ظلموا لنبوّئنّهم} قال: " هؤلاء أصحاب محمّدٍ، ظلمهم أهل مكّة، فأخرجوهم من ديارهم حتّى لحق طوائف منهم بالحبشة، ثمّ بوّأهم اللّه المدينة بعد ذلك فجعلها لهم دار هجرةٍ، وجعل لهم أنصارًا من المؤمنين "
- حدّثت عن القاسم بن سلاّمٍ، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن داود بن أبي هندٍ، عن الشّعبيّ: {لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنةً} قال: " المدينة "
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {والّذين هاجروا في اللّه من بعد ما ظلموا لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنةً} قال: " هم قومٌ هاجروا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من أهل مكّة بعد ظلمهم، وظلمهم المشركون ".
وقال آخرون: عنى بقوله: {لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنةً} لنرزقنّهم في الدّنيا رزقًا حسنًا
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحرث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: أخبرنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {لنبوّئنّهم} لنرزقنّهم في الدّنيا رزقًا حسنًا ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن العوّام، عمّن حدّثه أنّ عمر بن الخطّاب كان إذا أعطى الرّجل من المهاجرين عطاءه يقول: " خذ، بارك اللّه لك فيه، هذا ما وعدك اللّه في الدّنيا، وما ذخره لك في الآخرة أفضل " ثمّ تلا هذه الآية: {لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنةً، ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون} ".
وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى {لنبوّئنّهم} لنحلّنّهم ولنسكننّهم، لأنّ التّبوّأ في كلام العرب الحلول بالمكان والنّزول به، ومنه قول اللّه تعالى: {ولقد بوّأنا بني إسرائيل مبوّأ صدقٍ}.
وقيل: إنّ هذه الآية نزلت في أبي جندل بن سهيلٍ
ذكر من قال ذلك
- حدّثني المثنّى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: حدّثنا جعفر بن سليمان، عن داود بن أبي هندٍ، قال: " نزلت {والّذين هاجروا في اللّه من بعد ما ظلموا} إلى قوله: {وعلى ربّهم يتوكّلون} في أبي جندل بن سهيلٍ "
وقوله: {ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون} يقول: ولثواب اللّه إيّاهم على هجرتهم فيه في الآخرة أكبر، لأنّ ثوابه إيّاهم هنالك الجنّة الّتي يدوم نعيمها ولا يبيد. وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: قال اللّه: " {ولأجر الآخرة أكبر} أي واللّه لما يثيبهم اللّه عليه من جنّته أكبر {لو كانوا يعلمون} "). [جامع البيان: 14/223-225]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا} قال: إنهم قوم من أهل مكة هاجروا إلى رسول الله بعد ظلمهم ظلمهم المشركون). [الدر المنثور: 9/48]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن داود بن أبي هند قال: نزلت {والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا} إلى قوله: {وعلى ربهم يتوكلون} في أبي جندل بن سهيل). [الدر المنثور: 9/49]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا} قال: هؤلاء أصحاب محمد ظلمهم أهل مكة فأخرجوهم من ديارهم حتى لحق طوائف منهم بأرض الحبشة ثم بوأهم الله المدينة بعد ذلك فجعلها لهم دار هجرة وجعل لهم أنصارا من المؤمنين {ولأجر الآخرة أكبر} قال: أي والله لما يثيبهم عليه من جنته ونعمته {أكبر لو كانوا يعلمون} ). [الدر المنثور: 9/49]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن الشعبي في قوله: {لنبوئنهم في الدنيا حسنة} قال: المدينة). [الدر المنثور: 9/49]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {لنبوئنهم في الدنيا حسنة} قال: لنرزقنهم في الدنيا رزقا حسنا). [الدر المنثور: 9/49]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبان بن تغلب قال: كان الربيع بن خيثم يقرأ هذا الحرف في النحل {والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة} ويقرأ في العنكبوت (لنثوينهم من الجنة غرفا) (العنكبوت آية 58) ويقول: التنبؤ في الدنيا والثواء في الآخرة). [الدر المنثور: 9/49-50]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن عمر بن الخطاب: أنه كان إذا أعطى الرجل من المهاجرين عطاء يقول: خذ، بارك الله لك هذا ما وعدك الله في الدنيا وما ادخر لك في الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون). [الدر المنثور: 9/50]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {الّذين صبروا وعلى ربّهم يتوكّلون}.
يقول تعالى ذكره: هؤلاء الّذين وصفنا صفتهم، وآتيناهم الثّواب الّذي ذكرنا,هم، الّذين صبروا في اللّه على ما نابهم في الدّنيا {وعلى ربّهم يتوكّلون} يقول: وباللّه يثقون في أمورهم، وإليه يستندون في نوائب الأمور الّتي تنوبهم). [جامع البيان: 14/226]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً نوحي إليهم، فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وما أرسلنا من قبلك يا محمّد إلى أمّةٍ من الأمم، للدّعاء إلى توحيدنا والانتهاء إلى أمرنا ونهينا، إلاّ رجالاً من بني آدم نوحي إليهم وحينا، لا ملائكةً، يقول: فلم نرسل إلى قومك إلاّ مثل الّذي كنّا نرسل إلى من قبلهم من الأمم من جنسهم وعلى منهاجهم {فاسألوا أهل الذّكر} يقول لمشركي قريشٍ: وإن كنتم لا تعلمون أنّ الّذين كنّا نرسل إلى من قبلكم من الأمم رجالٌ من بني آدم مثل محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وقلتم هم ملائكةٌ، أو ظننتم أنّ اللّه كلّمهم قبلاً، {فاسألوا أهل الذّكر} وهم الّذين قد قرءوا الكتب من قبلهم: التّوراة والإنجيل، وغير ذلك من كتب اللّه الّتي أنزلها على عباده.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {فاسألوا أهل الذّكر} قال: " أهل التّوراة "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن سفيان، قال: سألت الأعمش عن قوله: {فاسألوا أهل الذّكر}، قال: " سمعنا أنّه من أسلم من أهل التّوراة والإنجيل "
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً نوحي إليهم فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون} قال: " هم أهل الكتاب "
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ: {فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون} قال: " قال لمشركي قريشٍ: إنّ محمّدًا في التّوراة والإنجيل "
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عثمان بن سعيدٍ، قال: حدّثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، قال: " لمّا بعث اللّه محمّدًا رسولاً، أنكرت العرب ذلك، أو من أنكر منهم، وقالوا: اللّه أعظم من أن يكون رسوله بشرًا مثل محمّدٍ، قال: فأنزل اللّه: {أكان للنّاس عجبًا أن أوحينا إلى رجلٍ منهم}، وقال: {وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً نوحي إليهم، فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون. بالبيّنات والزّبر} فاسألوا أهل الذّكر: يعني أهل الكتب الماضية، أبشرًا كانت الرّسل الّتي أتتكم أم ملائكةً؟ فإن كانوا ملائكةً أنكرتم، وإن كانوا بشرًا فلا تنكروا أن يكون محمّدٌ رسولاً، قال: ثمّ قال: {وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى}، أي ليسوا من أهل السّماء كما قلتم "
وقال آخرون في ذلك ما؛
- حدّثنا به ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن أبي جعفرٍ: {فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون} قال: " نحن أهل الذّكر "
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون} قال: " الذّكر: القرآن، وقرأ: {إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون}، وقرأ: {إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم} الآية "). [جامع البيان: 14/226-228]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 43 - 48.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لما بعث الله محمدا رسولا أنكرت العرب ذلك ومن أنكر منهم قالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا مثل محمد، فأنزل الله: (أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم) (يونس آية 2) وقال: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} يعني فاسألوا أهل الذكر والكتب الماضية: أبشر كانت الرسل الذين أتتهم أم ملائكة فإن كانوا ملائكة أتتكم وإن كانوا بشرا فلا تنكروا أن يكون رسولا، ثم قال: (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا يوحى إليهم من أهل القرى) (يوسف آية 109) أي ليسوا من أهل السماء كما قلتم). [الدر المنثور: 9/50-51]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا} قال: قالت العرب (لولا أنزل علينا الملائكة) (المائدة آية 73) قال الله: ما أرسلت الرسل إلا بشرا {فاسألوا} يا معشر العرب {أهل الذكر} وهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين جاءتهم قبلكم {إن كنتم لا تعلمون} أن الرسل الذين كانوا من قبل محمد كانوا بشرا مثله فإنهم سيخبرونكم أنهم كانوا بشرا مثله، وأخر الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس {فاسألوا أهل الذكر} يعني مشركي قريش أن محمدا رسول الله في التوراة والإنجيل). [الدر المنثور: 9/51]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {فاسألوا أهل الذكر} قال: نزلت في عبد الله بن سلام ونفر من أهل التوراة وكانوا أهل كتب يقول: فاسألوهم {إن كنتم لا تعلمون} أن الرجل ليصلي ويصوم ويحج ويعتمر وأنه لمنافق، قيل: يا رسول الله بماذا دخل عليه النفاق قال: يطعن على إمامه وإمامه من قال الله في كتابه: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} ). [الدر المنثور: 9/51-52]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، عن جابر قال: قال رسول الله: لا ينبغي للعالم أن يسكت عن علمه ولا ينبغي للجاهل أن يسكت عن جهله، وقد قال الله {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} فينبغي للمؤمن أن يعرف عمله على هدى أم على خلافه). [الدر المنثور: 9/52]

تفسير قوله تعالى: (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {بالبيّنات والزّبر، وأنزلنا إليك الذّكر لتبيّن للنّاس ما نزّل إليهم، ولعلّهم يتفكّرون}.
يقول تعالى ذكره: أرسلنا بالبيّنات والزّبر رجالاً نوحي إليهم.
فإن قال قائلٌ: وكيف قيل بالبيّنات والزّبر؟ وما الجالب لهذه الباء في قوله {بالبيّنات} فإن قلت: جالبها قوله {أرسلنا} وهي من صلته، فهل يجوز أن تكون صلة " ما " قبل " إلاّ " بعدها؟ وإن قلت: جالبها غير ذلك، فما هو؟ وأين الفعل الّذي جلبها؟
قيل: قد اختلف أهل العربيّة في ذلك، فقال بعضهم: الباء الّتي في قوله: " بالبيّنات " من صلة " أرسلنا "، قال: " إلاّ " في هذا الموضع، ومع الجحد والاستفهام في كلّ موضعٍ بمعنى " غير " وقال: معنى الكلام: وما أرسلنا من قبلك بالبيّنات والزّبر غير رجالٍ نوحي إليهم، ويقول على ذلك: ما ضرب إلاّ أخوك زيدًا، وهل كلّم إلاّ أخوك عمرًا، بمعنى: ما ضرب زيدًا غير أخيك، وهل كلّم عمرًا إلاّ أخوك؟ ويحتجّ في ذلك بقول أوس بن حجرٍ:
أبني لبينى لستم بيد إلاّ يدٍ = ليست لها عضد
ويقول: لو كانت " إلاّ " بغير معنًى غير لفسد الكلام، لأنّ الّذي خفض الباء قبل " إلاّ " لا يقدر على إعادته بعد " إلاّ " لخفض اليد الثّانية، ولكنّ معنى " إلاّ " معنى " غير " ويستشهد أيضًا بقول اللّه عزّ وجلّ: {لو كان فيهما آلهةٌ إلاّ اللّه}، ويقول: " إلاّ " بمعنى " غير " في هذا الموضع.
وكان غيره يقول: إنّما هذا على كلامين، يريد: وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً أرسلنا بالبيّنات والزّبر، قال: وكذلك قول القائل: ما ضرب إلاّ أخوك زيدًا معناه: ما ضرب إلاّ أخوك، ثمّ يبتدئ ضرب زيدًا، وكذلك ما مرّ إلاّ أخوك بزيدٍ ما مرّ إلاّ أخوك، ثمّ يقول: مرّ بزيدٍ، ويستشهد على ذلك ببيت الأعشى:
وليس مجيرًا إن أتى الحيّ خائفٌ = ولا قائلاً إلاّ هو المتعيّبا
ويقول: لو كان ذلك على كلمةٍ لكان خطأً، لأنّ " المتعيّبا " من صلة القائل، ولكن جاز ذلك على كلامين، وكذلك قول الآخر:
نبّئتهم عذّبوا بالنّار جارهم = وهل يعذّب إلاّ اللّه بالنّار
فتأويل الكلام إذن: وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً نوحي إليهم أرسلناهم بالبيّنات والزّبر وأنزلنا إليك الذّكر، والبيّنات: هي الأدلّة والحجج الّتي أعطاها اللّه رسله أدلّةً على نبوّتهم شاهدةً لهم على حقيقة ما أتوا به إليهم من عند اللّه.
والزّبر: هي الكتب، وهي جمع زبورٍ، من زبرت الكتاب وذبرته: إذا كتبته.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {بالبيّنات والزّبر} قال: " الزّبر: الكتب "
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحرث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {بالبيّنات والزّبر} قال: " الآيات، والزّبر: قال: الكتب "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: " الزّبر: الكتب "
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: " {والزّبر} يعني: بالكتب "
وقوله: {وأنزلنا إليك الذّكر} يقول: وأنزلنا إليك يا محمّد هذا القرآن تذكيرًا للنّاس وعظةً لهم {لتبيّن للنّاس} يقول: لتعرّفهم ما أنزل إليهم من ذلك {ولعلّهم يتفكّرون} يقول: وليتذكّروا فيه ويعتبروا بما أنزلنا إليك، وقد؛
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: حدّثنا الثّوريّ، قال: قال مجاهدٌ: {ولعلّهم يتفكّرون} قال: " يطيعون "). [جامع البيان: 14/229-232]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {بالبينات} قال: الآيات {والزبر} قال: الكتب). [الدر المنثور: 9/53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي عن أصحابه في قوله: {بالبينات والزبر} قال: {البينات} الحلال والحرام الذي كانت تجيء به الأنبياء {والزبر} كتب الأنبياء {وأنزلنا إليك الذكر} قال: هو القرآن). [الدر المنثور: 9/53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {لتبين للناس ما نزل إليهم} قال: ما أحل لهم وما حرم عليهم). [الدر المنثور: 9/53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {لتبين للناس ما نزل إليهم} قال: أرسله الله إليهم ليتخذ بذلك الحجة عليهم). [الدر المنثور: 9/53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله: {لعلهم يتفكرون} قال: يطيعون). [الدر المنثور: 9/53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن حذيفة قال: قام فينا رسول الله مقاما أخبرنا بما يكون إلى قيام الساعة عقله منا من عقله ونسيه من نسيه). [الدر المنثور: 9/53]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 جمادى الأولى 1434هـ/3-04-2013م, 10:38 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي


تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والّذين هاجروا في اللّه} إلى المدينة.
{من بعد ما ظلموا} من بعد ما ظلمهم المشركون وأخرجوهم من ديارهم من مكّة في تفسير الحسن قال: وهو قوله: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا}.
وقال السّدّيّ: {من بعد ما ظلموا} ، يعني: من بعد ما عذّبوا على الإيمان.
قال: {لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنةً} المدينة منزلا في تفسير قتادة.
وتفسير ابن مجاهدٍ عن أبيه: {لنبوّئنّهم} لنرزقهم {في الدّنيا حسنةً}.
وتفسير الحسن: لنعطينّهم في الدّنيا النّصر.
{ولأجر الآخرة} الجنّة.
{أكبر} من الدّنيا.
{لو كانوا يعلمون} لعلموا أنّ الجنّة خيرٌ من الدّنيا، أي: إنّ اللّه يعطي المؤمنين في الآخرة أفضل ممّا يعطي في الدّنيا.
سعيدٌ عن قتادة قال: هؤلاء أصحاب نبيّ اللّه، ظلمهم أهل مكّة فأخرجوهم من ديارهم، حتّى لحق طوائف منهم بالحبشة، ثمّ بوّأهم اللّه المدينة بعد ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/65]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والّذين هاجروا في اللّه من بعد ما ظلموا...}
ذكر أنها نزلت في عمّار وصهيب وبلال ونظرائهم الذين عذّبوا بمكّة {لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنةً}: نزول المدينة، ولنحلّلنّ لهم الغنيمة. و{الذين} موضعها رفع). [معاني القرآن: 2/100]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والّذين هاجروا في اللّه من بعد ما ظلموا لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون}
هؤلاء قوم كان المشركون يعذبونهم على اعتقادهم الإيمان منهم صهيب وبلال، وذلك أن صهيبا قال لأهل مكة: أنا رجل كبير، إن كنت معكم لم أنفعكم، وإن كنت عليكم لم أضركم، خذوا مالي ودعوني فأعطاهم ماله وهاجر إلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فقال له أبو بكر الصديق: ربح البيع يا صهيب، وقال عمر: نعم الرجل صهيب لو لم يخف الله لم يعصه، تأويله لو أنه أمن عذابه وعقابه لما ترك الطاعة ولا جنح إلى المعصية لأمنه العذاب.
ومعنى {لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنة}.
أي: لأنهم صاروا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ودخلوا في الإسلام وسمعوا ثناء اللّه عليهم). [معاني القرآن: 3/200-199]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا}
يقال إنه يراد به بلال وصهيب والذي يوجب جملة الكلام أن يكون عاما ويروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا دفع إلى المهاجرين أعطياتهم قال لهم هذا ما وعدكم الله في الدنيا وما ذخر لكم في الآخرة أكثر ثم يتلو والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر وروى هشيم عن داود ابن أبي هند عن الشعبي في قوله: {لنبوئنهم في الدنيا حسنة} قال المدينة وكذا قال الحسن وقال الضحاك يعني بالحسنة النصر والفتح ولأجر الآخرة أكبر الجنة وروى ابن جريج عن مجاهد لنبوئنهم في الدنيا حسنة قال لسان صدق). [معاني القرآن: 4/67-66]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {الّذين صبروا وعلى ربّهم يتوكّلون} قال الحسن: وهم الّذين {هاجروا في اللّه من بعد ما ظلموا} .
وتفسير الكلبيّ: أنّ هؤلاء صهيبٌ، وخبّاب بن الأرتّ، وبلالٌ، وعمّار بن ياسرٍ، وفلانٌ مولى ابن خلفٍ الجمحيّ، أخذوا بعدما خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من مكّة، فعذّبهم المشركون على أن يكفروا بنبيّ اللّه،
فعذّبوا حتّى بلغوا مجهودهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/65]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون}
يقول للمشركين.
قال الحسن: يعني أهل الكتابين.
وقال قتادة: يعني أهل التّوراة، هي مثل قوله: {فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون}.
وقال السّدّيّ: {فاسألوا أهل الذّكر} ، يعني: التّوراة، عبد اللّه بن سلامٍ وأصحابه الّذين أسلموا.
{وما جعلناهم جسدًا لا يأكلون الطّعام}، يقول: ولكن كانوا يأكلون الطّعام، {وما كانوا خالدين} ما كانوا لا يموتون). [تفسير القرآن العظيم: 1/66-65]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً...}
ثم قال {بالبيّنات والزّبر...}
بعد إلاّ وصلة ما قبل إلاّ لا تتأخّر بعد إلاّ. وذلك جائز على كلامين. فمن ذلك أن تقول: ما ضرب زيداً إلاّ أخوك، وما مرّ بزيد إلاّ أخوك. (فإن قلت ما ضرب [سقط في ا] إلاّ أخوك زيداً أو ما مرّ إلا أخوك بزيد) فإنه على كلامين تريد ما مرّ إلا أخوك ثم تقول: مرّ بزيد.
مثله قول الأعشى:
وليس مجيراً إن أتى الحيّ خائف = ولا قائلاً إلا هو المتعيّبا
فلو كان على كلمة واحدة كان خطأ؛ لأن المتعيّب من صلة القائل فأخّره ونوى كلامين فجاز ذلك.
وقال الآخر:
نبّئتهم عذّبوا بالنار جارتهم = وهل يعّذب إلاّ الله بالنار
ورأيت الكسائيّ يجعل (إلاّ) مع الجحد والاستفهام بمنزلة غير فينصب ما أشبه هذا على كلمة واحدة،
واحتجّ بقول الشاعر:
فلم يدر إلاّ الله ما هيّجت لنا = أهلّة أناء الديار وشامها
ولا حجّة له في ذلك لأنّ (ما) في موضع أي فلها فعل مضمر على كلامين. ولكنه حسن قوله، يقول الله عزّ وجل: {لو كان فيهما آلهةٌ إلاّ الله لفسدتا}
فقال: لا أجد المعنى إلاّ لو كان فيهما آلهة غير الله لفسدتا،
واحتجّ بقول الشاعر:
أبني لبيني لستم بيدٍ = إلاّ يدٍ ليست لها عضد
فقال لو كان المعنى إلاّ كان الكلام فاسداً في هذا؛ لأني لا أقدر في هذا البيت على إعادة خافض بضمير وقد ذهب ها هنا مذهباً). [معاني القرآن: 2/101-100]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وما أرسلنا من قبلك إلّا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون}
و {نوحي إليهم}، ويوحي إليهم. أما القراءتان الأوليان فجيدتان والثالثة ضعيفة لذكره أرسلنا. فأن يكون اللفظ على نوحي ويوحي أحسن، لأن نوحي يوافق اللفظ والمعنى، ويوحي إنما هو محمول على المعنى، لأن المعنى:
وما أرسل اللّه إلا رجالا يوحى إليهم.
وإنما تجيل لهم لأنهم قالوا لولا أنزل عليه ملك أو جاء مع نذير، فأعلم اللّه - جل وعز - أن الرسل بشر إلا أنهم يوحى إليهم). [معاني القرآن: 3/200]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم} قيل لهم هذا لأنهم قالوا: {أبعث الله بشرا رسولا} ).[معاني القرآن: 4/68]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} قيل يعني به أهل الكتاب لأنهم مقرون أن الرسل من بني آدم
وقال وكيع سألت سفيان عن قوله: {فاسألوا أهل الذكر} فقال سمعنا أنهم من أسلم من أهل التوراة والإنجيل ثم قال تعالى: {بالبينات والزبر} أي بالبراهين والكتب). [معاني القرآن: 4/68]

تفسير قوله تعالى: {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {بالبيّنات والزّبر} قال السّدّيّ: {بالبيّنات}، يعني: بالآيات الّتي كانت تجيء بها الأنبياء إلى قومهم.
قال: {والزّبر} ، يعني: وحديث الكتاب وما كان قبلهم من المواعظ.
قال يحيى: وفيها تقديمٌ: وما أرسلنا من قبلك بالبيّنات والزّبر، الكتب، إلا رجالا يوحى إليهم.
قال: {وأنزلنا إليك الذّكر} القرآن.
{لتبيّن للنّاس ما نزّل إليهم ولعلّهم يتفكّرون} ). [تفسير القرآن العظيم: 1/66]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {والزّبر} وهي الكتب واحدها: زبور، ويقال: زبرت وذبرت أي كتبت،
وقال أبو ذؤيب:
عرفت الدّيار كرقم الدّوا= ة كما زبر الكاتب الحميريّ
وكما ذبر في رواية). [مجاز القرآن: 1/359]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الزبر}: الكتب، يقال زبرت أي كتبت). [غريب القرآن وتفسيره: 206]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : {بالبيّنات والزّبر}: الكتب. جمع زبور). [تفسير غريب القرآن: 243]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلم كيف يستدل على صحة نبوتهم فقال:
{بالبيّنات والزّبر وأنزلنا إليك الذّكر لتبيّن للنّاس ما نزّل إليهم ولعلّهم يتفكّرون} أي بالآيات والحجج، والزبر الكتب، واحدها زبور، يقال زبرت الكتاب وذبرته بمعنى واحد،
قال أبو ذؤيب:
عرفت الدّيار كرقم الدّوا= ة يذبرها الكاتب الحميري
وقوله: {فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون}.
فيها قولان:
قيل فاسألوا أهل الكتب أهل التوراة والإنجيل وأهل جميع الكتب يعترفون أن الأنبياء كلهم بشر.
وقيل {فاسألوا أهل الذّكر} أي فاسألوا من آمن من أهل الكتاب.
ويجوز واللّه أعلم - أن يكون قيل لهم اسألوا كل من يذكر بعلم وافق أهل هذه الملة أو خالفهم.
والدليل على أن أهل الذكر أهل الكتب قوله تعالى: {وأنزلنا إليك الذّكر لتبيّن للنّاس ما نزّل إليهم}، وقوله: {وهذا ذكر مبارك أنزلناه} ). [معاني القرآن: 3/201-200]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الزُّبُر}: الكتب). [العمدة في غريب القرآن: 177]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23 جمادى الأولى 1434هـ/3-04-2013م, 10:45 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) }

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) }

تفسير قوله تعالى: {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 ذو القعدة 1439هـ/26-07-2018م, 11:18 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 ذو القعدة 1439هـ/26-07-2018م, 11:18 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 ذو القعدة 1439هـ/26-07-2018م, 11:21 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}
لما ذكر الله تعالى كفار مكة الذين أقسموا أن الله لا يبعث من يموت ورد عليهم قولهم ذكر مؤمني مكة المعاصرين لهم، وهم الذين هاجروا إلى أرض الحبشة، هذا قول الجمهور، وهو الصحيح في سبب هذه الآية، لأن هجرة المدينة لم تكن وقت نزول الآية، وقالت فرقة: سبب الآية أبو جندل بن سهيل بن عمرو، وهذا ضعيف، لأن أمر أبي جندل إنما كان والنبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وقالت فرقة: نزلت في عمار وصهيب وخباب وأصحابهم الذين أوذوا بمكة وخرجوا عنها، وعلى كل قول فالآية تتناول بالمعنى كل من هاجر أولا وآخرا.
وقرأ الجمهور "لنبوئنهم"، وقرأ ابن مسعود، ونعيم بن ميسرة، والربيع بن خثيم،
[المحرر الوجيز: 5/356]
وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "لنثوينهم"، وهاتان اللفظتان معناهما التقرير في موضع، فقالت فرقة: "الحسنة" عدة ببقعة شريفة كشف الغيب أنها كانت المدينة، وإليها كانت الإشارة بقوله: "حسنة"، وقالت فرقة: الحسنة لسان الصدق الباقي عليهم في غابر الدهر، وفي قوله: "لنبوئنهم" أو "لنثوينهم" على هذا التأويل في لسان الصدق تجوز كثير واستعارة بعيدة، وهذا على أن "الحسنة" هي الحياة والمثوى، وأن الفعل الظاهر عامل فيها، وقالأبو الفتح: نصبها على معنى: "نحسن إليهم في ذلك إحسانا"، وجعلت "حسنة" موضع "إحسانا"، وذهبت فرقة إلى أن الحسنة عامة في كل أمر مستحسن يناله ابن آدم، وتخفى الاستعارة المذكورة على هذا التأويل، وفي هذا القول يدخل ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يعطي المال وقت القسمة للرجل من المهاجرين ويقول له: خذ ما وعدك الله في الدنيا ولأجر الآخرة أكبر، ثم يتلو هذه الآية، ويدخل في هذا القول النصر على العدو وفتح البلاد وكل أمل بلغه المهاجرون، و"أجر الآخرة" هنا إشارة إلى الجنة، والضمير في "يعلمون" عائد إلى كفار قريش، وجواب "لو" مقدر محذوف، ومفعول "يعلمون" كذلك، وفي هذا نظر). [المحرر الوجيز: 5/357]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {الذين صبروا} من صفة المهاجرين الذين وعدهم الله، والصبر يجمع: عن الشهوات، وعلى المكاره في الله تعالى، والتوكل بتفاصيل مراتبه، فمطيل فيه وذلك مباح حسن، ما لم يغل حتى يسبب الهلاك، ومتوسط يسعى جميلا ويتوكل، وهذا مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: "قيدها وتوكل"، ومقصر لا نفع في تقصيره، وإنما له ما قدر له). [المحرر الوجيز: 5/357]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك} الآية، هذه رد على كفار قريش الذين
[المحرر الوجيز: 5/357]
استبعدوا أن يكون البشر رسولا من الله تعالى، فأعلمهم الله مخاطبا لمحمد صلى الله عليه وسلم أنه لم يرسل إلى الأمم إلا رجالا، ولم يرسل ملكا ولا غير ذلك، و"رجالا" منصوب بـ "أرسلنا"، و"إلا" إيجاب، وقرأ الجمهور: "يوحى" بضم الياء وفتح الحاء، وقرأت فرقة بضم الياء وكسر الحاء، وقرأ عاصم من طريق حفص وحده "نوحي" بالنون وكسر الحاء، وهي قراءة ابن مسعود، وطلحة بن مصرف، وأبي عبد الرحمن. ثم قال تعالى: "فسألوا؛ أي: قل لهم فاسألوا، و"أهل الذكر" هنا اليهود والنصارى، قاله ابن عباس، ومجاهد، والحسن. وقال الأعمش، وسفيان بن عيينة: المراد من أسلم منهم، وقال أبو جعفر، وابن زيد: "أهل الذكر": أهل القرآن، وهذان القولان فيهما ضعف; لأنه لا حجة على الكفار في إخبار المؤمنين بما ذكر، لأنهم يكذبون هذه الصنائف، وقال الزجاج: "أهل الذكر" عام في كل من يعزى إلى علم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والأظهر في هذا كله قول ابن عباس رضي الله عنهما أن يكون أهل الذكر هنا أحبار اليهود والنصارى الذين لم يسلموا، وهم في هذه النازلة خاصة إنما يخبرون بأن الرسل من البشر، وأخبارهم حجة على هؤلاء، فإنهم لم يزالوا مصدقين لهم، ولا يتهمون بشهادة لنا لأنهم مدافعون في صدر ملة محمد صلى الله عليه وسلم قاتلهم الله، وهذا هو كسر حجتهم من مذهبهم، لا أنا افتقرنا إلى شهادة هؤلاء، بل الحق واضح في نفسه، وقد أرسلت قريش إلى يهود يثرب يسألونهم ويستندون إليهم). [المحرر الوجيز: 5/358]


تفسير قوله تعالى: {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "بالبينات" متعلق بفعل مضمر تقديره: أرسلناهم بالبينات، وقالت فرقة: إنها متعلقة بـ "أرسلنا" في أول الآية، والتقدير -على هذا-: وما أرسلنا من قبلك بالبينات والزبر إلا رجالا، ففي الآية تقديم وتأخير، و"الزبر": الكتب المزبورة،
[المحرر الوجيز: 5/358]
تقول: "زبرت ودبرت" إذا كتبت، و"الذكر" في هذه الآية القرآن. وقوله: "لتبين" يحتمل أن يريد: لتبين بسردك نص القرآن ما نزل، ويحتمل أن يريد: لتبين بتفسيرك المجمل وبشرحك ما أشكل مما نزل، فيدخل في هذا ما بينته السنة من أمر الشريعة، وهذا قول مجاهد). [المحرر الوجيز: 5/359]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 25 ذو الحجة 1439هـ/5-09-2018م, 07:49 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 25 ذو الحجة 1439هـ/5-09-2018م, 07:53 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والّذين هاجروا في اللّه من بعد ما ظلموا لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنةً ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون (41) الّذين صبروا وعلى ربّهم يتوكّلون (42)}
يخبر تعالى عن جزائه للمهاجرين في سبيله ابتغاء مرضاته، الّذين فارقوا الدّار والإخوان والخلّان، رجاء ثواب اللّه وجزائه.
ويحتمل أن يكون سبب نزول هذه الآية الكريمة في مهاجرة الحبشة الذي اشتدّ أذى قومهم لهم بمكّة، حتّى خرجوا من بين أظهرهم إلى بلاد الحبشة، ليتمكّنوا من عبادة ربّهم، ومن أشرافهم: عثمان بن عفّان، ومعه زوجته رقيّة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وجعفر بن أبي طالبٍ، ابن عمّ الرّسول وأبو سلمة بن عبد الأسد في جماعةٍ قريبٍ من ثمانين، ما بين رجلٍ وامرأةٍ، صدّيقٍ وصدّيقةٍ، رضي اللّه عنهم وأرضاهم. وقد فعل فوعدهم تعالى بالمجازاة الحسنة في الدّنيا والآخرة فقال: {لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنةً} قال ابن عبّاسٍ والشّعبيّ، وقتادة: المدينة. وقيل: الرّزق الطّيّب، قاله مجاهدٌ.
ولا منافاة بين القولين، فإنّهم تركوا مساكنهم وأموالهم فعوّضهم اللّه خيرًا منها في الدّنيا، فإنّ من ترك شيئًا للّه عوّضه اللّه بما هو خيرٌ له منه وكذلك وقع فإنهم مكن الله لهم في البلاد وحكّمهم على رقاب العباد، فصاروا أمراء حكّامًا، وكلٌّ منهم للمتّقين إمامًا، وأخبر أنّ ثوابه للمهاجرين في الدّار الآخرة أعظم ممّا أعطاهم في الدّنيا، فقال: {ولأجر الآخرة أكبر} أي: ممّا أعطيناهم في الدّنيا {لو كانوا يعلمون} أي: لو كان المتخلّفون عن الهجرة معهم يعلمون ما ادّخر اللّه لمن أطاعه واتّبع رسوله؛ ولهذا قال هشيم، عن العوّام، عمّن حدّثه؛ أنّ عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، كان إذا أعطى الرّجل من المهاجرين عطاءه يقول: خذ بارك اللّه لك فيه، هذا ما وعدك اللّه في الدّنيا، وما ادّخر لك في الآخرة أفضل، ثمّ قرأ هذه الآية: {لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنةً ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 572-573]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ وصفهم تعالى فقال: {الّذين صبروا وعلى ربّهم يتوكّلون} أي: صبروا على أقلّ من آذاهم من قومهم، متوكّلين على اللّه الّذي أحسن لهم العاقبة في الدنيا والآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 573]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون (43) بالبيّنات والزّبر وأنزلنا إليك الذّكر لتبيّن للنّاس ما نزل إليهم ولعلّهم يتفكّرون (44)}
قال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: لمّا بعث اللّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم رسولًا أنكرت العرب ذلك، أو من أنكر منهم، وقالوا: اللّه أعظم من أن يكون رسوله بشرًا. فأنزل اللّه: {أكان للنّاس عجبًا أن أوحينا إلى رجلٍ منهم} [يونس: 2]، وقال {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون} يعني: أهل الكتب الماضية: أبشر كانت الرّسل الّتي أتتكم أم ملائكةً؟ فإن كانوا ملائكةً أنكرتم، وإن كانوا بشرًا فلا تنكروا أن يكون محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم رسولًا؟ [و] قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى} ليسوا من أهل السّماء كما قلتم.
وهكذا روي عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّ المراد بأهل الذّكر: أهل الكتاب. وقاله مجاهدٌ، والأعمش.
وقول عبد الرّحمن بن زيدٍ -الذّكر: القرآن واستشهد بقوله: {إنّا نحن نزلنا الذّكر وإنّا له لحافظون} [الحجر: 9]-صحيحٌ، [و] لكن ليس هو المراد هاهنا؛ لأنّ المخالف لا يرجع في إثباته بعد إنكاره إليه.
وكذا قول أبي جعفرٍ الباقر: "نحن أهل الذّكر" -ومراده أنّ هذه الأمّة أهل الذّكر- صحيحٌ، فإنّ هذه الأمّة أعلم من جميع الأمم السّالفة، وعلماء أهل بيت الرّسول، عليهم السلام والرحمة، من خير العلماء إذا كانوا على السّنّة المستقيمة، كعليٍّ، وابن عبّاسٍ، وبني عليٍّ: الحسن والحسين، ومحمّد بن الحنفيّة، وعليّ بن الحسين زين العابدين، وعليّ بن عبد اللّه بن عبّاسٍ، وأبي جعفرٍ الباقر -وهو محمّد بن عليّ بن الحسين- وجعفرٍ ابنه، وأمثالهم وأضرابهم وأشكالهم، ممّن هو متمسّكٌ بحبل اللّه المتين وصراطه المستقيم، وعرف لكل ذي حقٍّ حقّه، ونزل كلٌّ المنزل الّذي أعطاه اللّه ورسوله واجتمع إليه قلوب عباده المؤمنين.
والغرض أنّ هذه الآية الكريمة أخبرت أنّ الرّسل الماضين قبل محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم كانوا بشرًا كما هو بشرٌ، كما قال تعالى: {قل سبحان ربّي هل كنت إلا بشرًا رسولا وما منع النّاس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث اللّه بشرًا رسولا} [الإسراء: 93، 94] وقال تعالى: {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنّهم ليأكلون الطّعام ويمشون في الأسواق} [الفرقان: 20] وقال {وما جعلناهم جسدًا لا يأكلون الطّعام وما كانوا خالدين [ثمّ صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين]} [الأنبياء: 8، 9]، وقال: {قل ما كنت بدعًا من الرّسل} [الأحقاف: 9]، وقال تعالى: {قل إنّما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إليّ} [الكهف: 110].
ثمّ أرشد اللّه تعالى من شكّ في كون الرّسل كانوا بشرًا، إلى سؤال أصحاب الكتب المتقدّمة عن الأنبياء الّذين سلفوا: هل كان أنبياؤهم بشرًا أو ملائكةً؟). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 573-574]

تفسير قوله تعالى: {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ ذكر تعالى أنّه أرسلهم {بالبيّنات} أي: بالدّلالات والحجج، {والزّبر} وهي الكتب. قاله ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، والضّحّاك، وغيرهم.
والزّبر: جمع زبورٍ، تقول العرب: زبرت الكتاب إذا كتبته، وقال تعالى: {وكلّ شيءٍ فعلوه في الزّبر} [القمر: 52] وقال: {ولقد كتبنا في الزّبور من بعد الذّكر أنّ الأرض يرثها عبادي الصّالحون} [الأنبياء: 105].
ثمّ قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذّكر} يعني: القرآن، {لتبيّن للنّاس ما نزل إليهم} من ربّهم، أي: لعلمك بمعنى ما أنزل عليك، وحرصك عليه، واتّباعك له، ولعلمنا بأنّك أفضل الخلائق وسيّد ولد آدم، فتفصّل لهم ما أجمل، وتبيّن لهم ما أشكل: {ولعلّهم يتفكّرون} أي: ينظرون لأنفسهم فيهتدون، فيفوزون بالنّجاة في الدارين). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 574]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:21 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة